الرتبة البلاغية بين الأعمال الإسلامية
قال تعالى:"*إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ"*
تقوم اللغة على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، والإنسان يتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ليكون بعيدا عن اللبس والتناقض وهو غاية كل لغة من لغات العالم ،كما هو الحال في قوله تعالى :"*وَالْعَصْرِ*إِ نَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ*إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ* فالآية الكريمة الأخيرة مبنية على الاستثناء من الخسران وأسبابه ،ثم تأتي المباني وهي الأعمال الإسلامية التي يقومون بها،أو أسباب النجاة ،تأتي مرتبة بعد المبني عليه بحسب الأهمية المعنوية والفضل والشرف والزمن والطبع ، وأولى المباني بالتقديم نحو المبني عليه هو الإيمان بأركان الإيمان جميعها ،لأنه الأعظم والأهم والأفضل والأشرف والسابق زمنا ، ثم يتلوه العمل الصالح ،لأنه لا عمل لمن لا يؤمن ،ولا خير فيه ،ثم يتلوه التواصي بالحق وهو الطاعة والعمل بما في كتاب الله تعالى ،ويأتي أخير التواصي بالصبر على الطاعة وعلى العمل بكتاب الله تعالى ،وقد تأخر هذا المبني بسبب ضعف منزلة المعنى بينه وبين المبني عليه ، والمتقدم في المنزلة والمكانة متقدم في الموقع ، والمتأخر في المنزلة والمكانة متأخر في الموقع كذلك ،كما قال - سبحانه وتعالى - :"* لَفِى خُسْرٍ * فجاء بفي التي تفيد الظرفية والإحاطة بحسب الأهمية المعنوية كذلك من أجل الهدف المعنوي وهو الإِشعار بأن الإِنسان كأنه مغمور بالخسر ، وأن هذا الخسران قد أحاط به من كل جانب ، كما نكَّر لفظ " خسر " بحسب الأهمية المعنوية أيضا للتهويل ، أى : لفى خسر عظيم .
وبهذا يتضح أن اللغة تقوم على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، وأن الإنسان يتثقف لغويا ويتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ، وأن الإنسان يتحدث بحسب الأهمية المعنوية في الأصل وفي العدول عن الأصل ،وأن منزلة المعنى هي الضابط والمعيار في تمايز معنى التراكيب ونظمها وإعرابها ،وباختصار:الإنس ن يتحدث تحت رعاية الاهمية المعنوية وعلامات المنزلة والمكانة المانعة من اللبس.