-
رد: الاختيارات الفقهية
كتاب الحج
151 - المشهور أن عرنة ليست من عرفة فهي أمام عرفة وليست منها على الراجح . (17 / 267)
152 - الطائفة التي تقف في الحج بعد المسلمين مبتدعة مخالفة لشرع الله ولما درج عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام وأتباعهم بإحسان، ولا حج لهم؛ لأن الحج عرفة، فمن لم يقف بعرفة يوم التاسع ولا ليلة النحر – وهي الليلة العاشرة – فلا حج له . (17 / 269)
153 –الدعاء الجماعي لا أعلم له أصلاً والأحوط تركه؛ لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه رضي الله عنهم فيما علمت، لكن لو دعا إنسان في جماعة وأمنوا على دعائه فلا بأس في ذلك، كما في دعاء القنوت ودعاء ختم القرآن الكريم ودعاء الاستسقاء ونحو ذلك (17 / 274)
154 - التجمع في يوم عرفة – في عرفة - أو في غير عرفة لا أصل له عن النبي صلى الله عليه وسلم (17 / 274)
155 - المبيت بمزدلفة واجب على الصحيح، وقال بعضهم إنه ركن، وقال بعضهم مستحب، والصواب من أقوال أهل العلم أنه واجب من تركه فعليه دم، والسنة أن لا ينصرف منها إلا بعد صلاة الفجر وبعد الإسفار يصلي فيها الفجر، فإذا أسفر توجه إلى منى ملبياً، والسنة أن يذكر الله بعد الصلاة، ويدعو فإذا أسفر توجه إلى منى ملبياً . ويجوز للضعفة من النساء والرجال والشيوخ الانصراف من مزدلفة في النصف الأخير من الليل رخص لهم النبي عليه الصلاة والسلام، أما الأقوياء فالسنة لهم أن يبقوا حتى يصلوا الفجر وحتى يذكروا الله كثيراً بعد الصلاة ثم ينصرفوا قبل أن تطلع الشمس، ويسن رفع اليدين مع الدعاء في مزدلفة مستقبلاً القبلة كما فعل في عرفة، ومزدلفة كلها موقف(17 / 277)
156 - السنة أن يصلي ركعتين قبل صلاة الفجر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك في مزدلفة، وهكذا في أسفاره كلها . أما سنة الظهر والعصر وسنة المغرب والعشاء فالسنة تركها أيام منى وفي عرفة ومزدلفة وفي جميع الأسفار؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ترك ذلك وقال: "خذوا عني مناسككم"[1] وقد قال الله عز وجل: "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة"[2]، أما الوتر فالسنة المحافظة عليه في الحضر والسفر وفي ليلة مزدلفة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر في السفر والحضر عليه الصلاة والسلام، وأما قول جابر إنه اضطجع بعد العشاء . فليس فيه نص واضح على أنه لم يوتر عليه الصلاة والسلام، وقد يكون ترك ذلك بسبب التعب أو النوم عليه الصلاة والسلام . والوتر نافلة، فإذا تركه بسبب التعب أو النوم أو شغل آخر فلا حرج عليه، ولكن يشرع له أن يقضيه من النهار شفعاً؛ لقول عائشة رضي الله عنها: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا شغله عن قيام الليل نوم أو مرض صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة"[3] متفق على صحته (17 / 282)
157 - يجوز للحاج الخروج من مزدلفة في النصف الأخير؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للنساء والضعفة ومن معهم في ذلك، أما الرجال الأقوياء الذين ليس معهم عوائل فالأفضل لهم عدم التعجل وان يصلوا الفجر في مزدلفة ويقفوا بها حتى يسفروا ويكثروا من ذكر الله والدعاء(17 / 284)
158 - إذا كان لا يجد مكاناً في مزدلفة أو منعه الجنود من النزول بها فلا شيء عليه؛ لقول الله سبحانه: "فاتقوا الله ما استطعتم"[4]، وإن كان ذلك عن تساهل منه فعليه دم مع التوبة (17 / 287)
159 - يشرع للواقف عند المشعر الحرام وعلى الصفا والمروة رفع اليدين في الدعاء سواء كان واقفاً أو جالساً فالأمر واسع والحمد لله، وهكذا في عرفات يشرع رفع اليدين في الدعاء. (17 / 289)
160 - يرمى أول الجمار يوم العيد وهي الجمرة التي تلي مكة ويقال لها: جمرة العقبة يرميها يوم العيد، وإن رماها في النصف الأخير من ليلة النحر كفى ذلك، ولكن الأفضل أن يرميها ضحى، ويستمر إلى غروب الشمس، فإن فاته الرمي رماها بعد غروب الشمس ليلاً عن يوم العيد يرميها واحدة بعد واحدة ويكبر مع كل حصاة، أما في أيام التشريق فيرميها بعد زوال الشمس يرمي الأولى التي تلي مسجد الخيف بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة ثم الوسطى بسبع حصيات ثم الأخيرة بسبع حصيات في اليوم الحادي عشر والثاني عشر، وهكذا الثالث عشر لمن لم يتعجل والسنة أن يقف بعد الأولى وبعد الثانية، بعدما يرمي الأولى يقف مستقبلاً القبلة ويجعلها عن يساره ويدعو ربه طويلاً، وبعد الثانية يقف ويجعلها عن يمينه مستقبلاً القبلة ويدعو ربه طويلاً في اليوم الحادي عشر والثاني عشر وفي اليوم الثالث عشر لمن لم يتعجل، أما الجمرة الأخيرة التي تلي مكة فهذه يرميها ولا يقف عندها؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم رماها ولم يقف عندها عليه الصلاة والسلام . (17 / 292)
[1]- رواه بنحوه مسلم في (الحج) باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكباً برقم 1297
[2]- سورة الأحزاب، الآية 21
[3]- رواه مسلم في (صلاة المسافرين وقصرها) باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض برقم 746
[4]- سورة التغابن، الآية 16
-
رد: الاختيارات الفقهية
كتاب الحج
161 - يؤخذ الحصى من منى، وإذا أخذ حصى يوم العيد من المزدلفة فلا بأس، وهي سبع يرمي بها يوم العيد جمرة العقبة، ولا يشرع غسلها بل يأخذها من منى أو المزدلفة ويرمي بها أو من بقية الحرم يجزئ ذلك ولا حرج فيه، وأيام التشريق يلقطها من منى كل يوم واحد وعشرين حصاة، إن تعجل اثنين وأربعين لليوم الحادي عشر والثاني عشر، وإن لم يتعجل فثلاث وستون، وهي من حصى الخذف تشبه بعر الغنم المتوسط فوق الحمص ودون البندق، كما قال الفقهاء، وتسمى حصى الخذف كما تقدم أقل من بعر الغنم قليلاً (17 / 293)
162 - لا بأس في رمي الجمرة ليلة النحر بعد نصف الليل للمشقة التي ذكرتم؛ ولهذا رخص النبي صلى الله عليه وسلم للضعفة أن يدفعوا من مزدلفة قبل الفجر ورخص لهم في رمي الجمار قبل الفجر . أما الأقوياء فالأفضل لهم أن يرموا بعد طلوع الشمس؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رمى جمرة العقبة يوم النحر ضحى، ولأنه روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس " ولكن في سنده ضعف، والصواب أن رمي الجمرة بعد نصف الليل من ليلة النحر يجزئ عن الجميع من أجل المشقة العظيمة على الجميع، ولكن تأخير ذلك إلى بعد طلوع الشمس في حق الأقوياء أفضل وأحوط؛ جمعاً بين الأدلة، ومن كان معه نساء أو ضعفة فهو مثلهم (17 / 294)
163 - من دفع مع الضعفة والنساء فحكمه حكمهم، ومن دفع معهم من الأقوياء من محارم ومن سائقين ومن غيرهم من الأقوياء، فحكمه حكمهم يجزئه أن يرمي في آخر الليل مع النساء . (17 / 296)
164- ما يفعله بعض العامة من لقط حصى الجمار من حين وصولهم إلى مزدلفة قبل الصلاة، واعتقاد كثير منهم أن ذلك مشروع فهو غلط لا أصل له، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر أن يلتقط له الحصى إلا بعد انصرافه من المشعر إلى منى، ومن أي موضع لقط الحصى أجزأه ذلك ولا يتعين لقطه من مزدلفة، بل يجوز لقطه من منى (16 / 75)
165 - لا يُستحب غسل الحصى، بل يرمى به من غير غسيل؛ لأن ذلك لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ولا يرمى بحصى قد رمي به (16 / 76)
166 - رمي الجمرة قبل نصف الليل لا يجوز فإن أول وقت لرمي الجمرة بعد نصف ليلة النحر عند جمع من أهل العلم، فلا يجوز رميها قبل ذلك وطوافه إن كان قبل نصف الليل فكذلك لا يصح . (17 / 296)
167 - إذا وقع - الحصى - في المرمى كفى والحمد لله ولو تدحرج وسقط لا يضر (17 / 298)
168 - إذا رمين يوم العيد بعد العصر فلا باس؛ لأن يوم العيد يجوز الرمي فيه كله، ويجوز أيضاً الرمي في الليل بعد غروب الشمس من ليلة إحدى عشرة عن يوم العيد لجمرة العقبة لمن لم يرمها في النهار في أصح قولي العلماء، وهكذا يجوز الرمي في اليوم الحادي عشر واليوم الثاني عشر في الليل لمن لم يتيسر له الرمي في النهار بعد الزوال، أما اليوم الثالث عشر فإن الرمي فيه ينتهي بغروب الشمس، ولا يجوز الرمي في الأيام الثلاثة قبل الزوال ليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر عند أكثر أهل العلم وهو الحق الذي لا شك فيه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما رمى بعد الزوال في الأيام الثلاثة المذكورة، وهكذا أصحابه رضي الله عنهم وقد قال صلى الله عليه وسلم: "خذوا عني مناسككم"[1] (17 / 299)
169 - لا بأس بالتوكيل عن المريض والمرأة العاجزة كالحبلى والثقيلة والضعيفة التي لا تستطيع رمي الجمار فلا بأس بالتوكيل عنهم، أما القوية النشيطة فإنها ترمي بنفسها، ومن عجز عنه نهاراً بعد الزوال رمى في الليل، ومن عجز يوم العيد رمى ليلة إحدى عشرة عن يوم العيد، ومن عجز يوم الحادي عشر رمى ليلة اثنتي عشرة عن اليوم الحادي عشر، ومن عجز في اليوم الثاني عشر أو فاته الرمي بعد الزوال رمي في الليلة الثالثة عشرة عن يوم الثاني عشر، وينتهي الرمي بطلوع الفجر أما في النهار فلا يرمي إلا بعد الزوال في أيام التشريق (17 / 301)
170 - رمي الجمرات كغيره من النسك يجب على القادر أن يفعله بنفسه؛ لقول الله تعالى: "وأتموا الحج والعمرة لله"[2] فلا يحل لأحد التهاون في ذلك كما يفعل البعض حيث نجدهم يوكلون من يرمي عنهم لا عن عجز عن الرمي ولكن اتقاء للزحام، وهذا خطا عظيم، ولكن إذا كان الإنسان عاجزاً كمريض أو امرأة حامل أو ما أشبه ذلك فلا بأس، وهذه المرأة – الحامل - لا حرج عليها إن شاء الله .(17 / 304)
[1]- رواه بنحوه مسلم في (الحج) باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكباً برقم 1297
[2]- سورة البقرة، الآية 196
-
رد: الاختيارات الفقهية
كتاب الحج
171 - الوكالة لا تجوز إلا من علة شرعية مثل كبير السن والمريض ومثل الحبلى التي يخشى عليها، وما أشبه ذلك، أما التوكيل من غير عذر شرعي فهذا لا يجوز والرمي باق عليه حتى ولو كان حجه نافلة على الصحيح؛ لأنه لما دخل في الحج والعمرة وجب عليه إكمالهما وإن كان نافلة؛ لقوله سبحانه وتعالى: "وأتموا الحج والعمرة لله"[1] فهذا يعم حج النافلة وحج الفرض كما يعم عمرة الفرض وعمرة النافلة، لكن إذا كان معذوراً لمرض أو كبر سن فلا بأس . والنائب يرمي عنه وعن موكله في موقف واحد الجمرات كلها هذا هو الصواب (17 / 306)
172 - لا يجوز لأحد أن يستنيب ويسافر قبل إتمام الرمي، بل يجب عليه أن ينتظر فإن كان قادراً رمى بنفسه وإن كان عاجزاً انتظر ووكل من ينوب عنه، ولا يسافر الإنسان حتى ينتهي وكيله من رمي الجمار ثم يودع البيت هذا الموكل وبعد ذلك له السفر . أما إن كان صحيحاً فليس له التوكيل بل يجب عليه أن يرمي بنفسه (17 / 307)
173 - إذا ناب المرء عن أمه وأبيه في الرمي لعجزهما أو مرضهما فإنه يرمي عن نفسه ثم يرمي عن والديه، وإذا بدأ بالأم فهو أفضل لأن حقها أكبر، ولو عكس فبدأ بالأب فلا حرج، أما هو فيبدأ بنفسه ولاسيما إذا كان مفترضاً . أما إذا كان متنفلاً فلا يضره سواء بدأ بنفسه أو بهما، لكن إذا بدأ بنفسه فهو الأفضل والأحسن ثم يرمي عن أمه ثم عن أبيه في موقف واحد في يوم العيد (17 / 309)
174 - من شك- في عدد الحصى - فعليه التكميل، يأخذ من الحصى الذي عنده في منى من الأرض ويكمل بها (17 / 309)
175 - هل يجوز للحاج أن يرمي من الحصى الذي حول الجمار ؟
يجوز له ذلك؛ لأن الأصل أنه لم يحصل به الرمي، أما الذي في الحوض فلا يرمى شيء منه . (17/ 310)
176 - لا يشترط بقاء الحصى في المرمى وإنما المشترط وقوعه فيه، فلو وقعت الحصاة في المرمى ثم خرجت منه أجزأت في ظاهر كلام أهل العلم، وممن صرح بذلك: النووي رحمه الله في (شرح المهذب) (16 / 77)
177 - يجوز لولي الصبي العاجز عن مباشرة الرمي أن يرمي عنه جمرة العقبة وسائر الجمار بعد أن يرمي عن نفسه، وهكذا البنت الصغيرة العاجزة عن الرمي يرمي عنها وليها؛ لحديث جابر رضي الله عنه، قال: " حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعنا النساء والصبيان، فلبينا عن الصبيان ورمينا عنهم " . أخرجه ابن ماجة (16 / 85)
178 - يجوز للعاجز عن الرمي لمرض أو كبر سن أو حمل أن يوكل من يرمي عنه؛ لقول الله تعالى: "فاتقوا الله ما استطعتم"[2]، وهؤلاء لا يستطيعون مزاحمة الناس عند الجمرات وزمن الرمي يفوت ولا يُشرع قضاؤه، فجاز لهم أن يوكلوا بخلاف غيره من المناسك فلا ينبغي للمحرم أن يستنيب من يؤديه عنه ولو كان حجه نافلة؛ لأن من أحرم بالحج أو العمرة – ولو كانا نفلين – لزمه إتمامهما، لقول الله تعالى: " وأتموا الحج والعمرة لله"[3]، وزمن الطواف والسعي لا يفوت بخلاف زمن الرمي . وأما الوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة ومنى، فلاشك أن زمنها يفوت، ولكن حصول العاجز في هذه المواضع ممكن ولو مع المشقة، بخلاف مباشرته للرمي، ولأن الرمي قد وردت الاستنابة فيه عن السلف الصالح في حق المعذور بخلاف غيره والعبادات توقيفية ليس لأحد أن يُشرع منها شيئاً إلا بحجة، ويجوز للنائب أن يرمي عن نفسه ثم عن مستنيبه كل جمرة من الجمار الثلاث، وهو في موقف واحد، ولا يجب عليه أن يكمل رمي الجمار الثلاث عن نفسه ثم يرجع فيرمي عن مستنيبه في أصح قولي العلماء؛ لعدم الدليل الموجب لذلك ولما في ذلك من المشقة والحرج ولأن ذلك لم ينقل عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رموا عن صبيانهم والعاجز منهم، ولو فعلوا ذلك لنقل؛ لأنه مما تتوافر الهمم على نقله (16 / 85)
179 - وقت رمي الجمار أيام التشريق من زوال الشمس إلى غروبها، لما رواه مسلم في صحيحه أن جابراً رضي الله عنه قال: "رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر ضحى ورمى بعد ذلك بعد الزوال"[4]، وما رواه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سئل عن ذلك فقال: "كنا نتحين، فإذا زالت الشمس رمينا"[5]. وعليه جمهور العلماء، ولكن إذا اضطر إلى الرمي ليلاً فلا بأس بذلك، ولكن الأحوط الرمي قبل الغروب لمن قدر على ذلك، أخذاً بالسنة وخروجاً من الخلاف، وأما الحديث الصحيح الذي رواه البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل يوم النحر بمنى فيقول: "لا حرج " فسأله رجل حلقت قبل أن أذبح قال: "اذبح ولا حرج" فقال: رميت بعدما أمسيت، فقال: "لا حرج"[6]. فهذا ليس دليلاً على الرمي بالليل؛ لأن السائل سأل النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر فقوله: "بعدما أمسيت" أي بعد الزوال، ولكن يستدل على الرمي بالليل بأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم نص صريح يدل على عدم جواز الرمي بالليل، والأصل جوازه، لكنه في النهار أفضل وأحوط، ومتى دعت الحاجة إليه ليلاً فلا بأس به في رمي اليوم الذي غابت شمسه إلى آخر الليل . أما اليوم المستقبل فلا يرمى عنه في الليلة السابقة له ما عدا ليلة النحر في حق الضعفة في النصف الأخير، أما الأقوياء فالسنة لهم أن يكون رميهم جمرة العقبة بعد طلوع الشمس، كما تقدم في الأحاديث الواردة في ذلك. (17 / 367)
180 - من بقي في منى حتى أدركه الليل في الليلة الثالثة عشرة لزمه المبيت، وأن يرمي بعد الزوال، ولا يجوز له الرمي قبل الزوال كاليومين السابقين، ليس له الرمي فيهما إلا بعد الزوال؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم بقي في منى اليوم الثالث عشر ولم يرم إلا بعد الزوال (17 / 370)
[1]- سورة البقرة، الآية 196
[2]- سورة التغابن، الآية 16
[3]- سورة البقرة، الآية 196
[4]- رواه البخاري معلقا في (الحج) باب رمي الجمار، ومسلم في (الحج) باب بيان وقت استحباب الرمي برقم 1299
[5]- رواه البخاري في (الحج) باب رمي الجمار برقم 1746
[6]- رواه البخاري في (العلم) باب الفتيا وهو واقف على الدابة وغيرها برقم 83، ومسلم في (الحج) باب من حلق قبل النحر أو نحر قبل الرمي برقم 1306
-
رد: الاختيارات الفقهية
كتاب الحج
181 - إذا غابت الشمس لم يبق رمي في اليوم الثالث عشر، فإن كان مقيماً حتى جاء اليوم الثالث عشر في منى فعليه الرمي، فإذا غابت الشمس ولم يرم فعليه دم؛ لأن الرمي ينتهي بغروب الشمس يوم الثالث عشر (17 / 371)
182 - لا يجوز الرجم قبل الزوال؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رمى بعد الزوال في جميع أيام التشريق (17 / 372)
183 - لو أخر الحاج رمي الحادي عشر والثاني عشر ورماها في اليوم الثالث عشر مرتبة بعد الزوال، أجزأه ذلك، ولكنه يعتبر مخالفاً للسنة، وعليه أن يرتبها فيبدأ برمي الحادي عشر في جميع الجمرات الثلاث مرتبة، ثم يعود برميها عن اليوم الثاني عشر، ثم يعود ويرميها عن الثالث عشر كما نص على ذلك كثير من أهل العلم (17 / 375)
184 - رجل حج العام الماضي، وفي آخر يوم رجم الكبير قبل الصغير، فماذا عليه ؟
نرجو ألا يكون عليه شيء لأجل الجهل أو النسيان؛ لأنه قد حصل المقصود وهو رمي الجمرات الثلاث، لكنه نسي أو جهل الترتيب، وقد قال الله سبحانه وتعالى: "ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا"[1] وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله قال: "قد فعلت"[2] والمعنى أن الله قد أجاب دعوة المؤمنين . ولكن من نسيه أو ذكر قبل فوات الوقت لزمه رمي الثانية ثم جمرة العقبة حتى يحصل بذلك الترتيب(17 / 377)
185 - لا بد أن يعلم الحاج أن الحصى سقط في الحوض أو يغلب على ظنه ذلك، أما إذا كان لا يعلم ولا يغلب على ظنه فإن عليه الإعادة في وقت الرمي، وإذا مضى وقت الرمي ولم يُعِد فعليه دم يذبحه في مكة للفقراء؛ لأنه في حكم التارك للرمي ولابد أن يتحقق وجود الحصى في الحوض، أما الشاخص فلا يرمى وإنما الرمي في الحوض فقط، وإذا لم يغلب على ظنه أنه وقع في الحوض فعليه دم إذا لم يكن أعاده، أما إذا كان في وقت الرمي فيعيد ولا شيء عليه .والدم ذبيحة تذبح في مكة للفقراء مع التوبة والاستغفار، والرمي إذا فات وقته لا يقضى بعد نهاية غروب شمس الثالث عشر .(17 / 379)
186 - يبدأ الحاج بالنفير من منى إذا رمى الجمرات يوم الثاني عشر بعد الزوال فله الرخصة أن ينزل من منى . وإن تأخر حتى يرمي الجمرات في اليوم الثالث عشر بعد الزوال فهو أفضل(17 / 387)
187 - إذا كان الغروب أدركهم وقد ارتحلوا فليس عليهم مبيت وهم في حكم النافرين قبل الغروب، أما إن أدركهم الغروب قبل أن يرتحلوا، فالواجب عليهم أن يبيتوا تلك الليلة، أعني ليلة ثلاث عشرة، وأن يرموا الجمار بعد الزوال في اليوم الثالث عشر، ثم بعد ذلك ينفرون متى شاءوا؛ لأن الرمي الواجب قد انتهى في اليوم الثالث عشر وليس عليهم حرج في المبيت في منى أو مكة (17 / 387)
188 - التحلل الأول يحصل برمي جمرة العقبة عند جمع من أهل العلم وهو قول قوي وإنما الأحوط، هو تأخير التحلل الأول حتى يحلق المحرم أو يقصر، أو يطوف طواف الإفاضة ويسعى إن كان عليه سعي بعد رمي جمرة العقبة . ومتى فعل الثلاثة المذكورة حل التحلل كله .(17 / 315)
189 - السنة في يوم النحر أن يرمي الجمرات، يبدأ برمي جمرة العقبة وهي التي تلي مكة، ويرميها بسبع حصيات كل حصاة على حدة يكبر مع كل حصاة، ثم ينحر هديه إن كان عنده هدي، ثم يحلق رأسه أو يقصره، والحلق أفضل . ثم يطوف ويسعى إن كان عليه سعي هذا هو الأفضل، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه رمى ثم نحر ثم حلق ثم ذهب إلى مكة فطاف عليه الصلاة والسلام . هذا الترتيب هو الأفضل الرمي ثم النحر ثم الحلق أو التقصير ثم الطواف والسعي إن كان عليه سعي . فإن قدم بعضها على بعض فلا حرج، أو نحر قبل أن يرمي، أو أفاض قبل أن يرمي، أو حلق قبل أن يرمي، أو حلق قبل أن يذبح كل هذا لا حرج فيه . النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن من قدم أو أخر فقال: "لا حرج لا حرج"[3]. (17 / 347)
190 - يقصد بالتحلل الأول إذا فعل اثنين من ثلاثة، إذا رمى وحلق أو قصر، أو رمى وطاف وسعى إن كان عليه سعي، أو طاف وسعى وحلق أو قصر، فهذا هو التحلل الأول . وإذا فعل الثلاثة: الرمي، والطواف، والسعي إن كان عليه سعي، والحلق أو التقصير، فهذا هو التحلل الثاني . فإذا فعل اثنين فقط لبس المخيط وتطيب وحل له كل ما حرم عليه بالإحرام ما عدا الجماع، فإذا جاء بالثالث حل له الجماع .
وذهب بعض العلماء إلى أنه إذا رمى الجمرة يوم العيد يحصل له التحلل الأول وهو قول جيد ولو فعله إنسان فلا حرج عليه إن شاء الله، لكن الأولى والأحوط ألا يعجل حتى يفعل معه ثانياً بعده الحلق أو التقصير أو يضيف إليه الطواف والسعي إن كان عليه سعي؛ لحديث عائشة – وإن كان في إسناده نظر – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا رميتم وحلقتم فقد حل لكم الطيب وكل شيء إلا النساء " ولأحاديث أخرى جاءت في الباب، ولأنه صلى الله عليه وسلم لما رمى الجمرة يوم العيد ونحر هديه وحلق، طيبته عائشة . وظاهر النص أنه لم يتطيب إلا بعد أن رمى ونحر وحلق . فالأفضل والأحوط أن لا يتحلل التحلل الأول إلا بعد أن يرمي وحتى يحلق أو يقصر، وإن تيسر أيضاً أن ينحر الهدي بعد الرمي وقبل الحلق فهو أفضل وفيه جمع بين الأحاديث . (17 / 354)
[1]- سورة البقرة، الآية 286
[2]- رواه مسلم في (الإيمان) باب بيان أن الله سبحانه لم يكلف إلا ما يطاق برقم 126
[3]- رواه البخاري في (العلم) باب الفتيا وهو واقف على الدابة وغيرها برقم 83، ومسلم في (الحج) باب من حلق قبل النحر أو نحر قبل الرمي برقم 1306.
-
رد: الاختيارات الفقهية
كتاب الحج
191 - الأفضل للحاج أن يرتب هذه الأمور الأربعة يوم النحر كما ذكر: فيبدأ أولا برمي جمرة العقبة، ثم النحر، ثم الحلق أو التقصير، ثم الطواف بالبيت والسعي بعده للمتمتع، وكذلك للمفرد والقارن إذا لم يسعيا مع طواف القدوم . فإن قدم بعض هذه الأمور على بعض أجزأه ذلك؛ لثبوت الرخصة عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، ويدخل في ذلك تقديم السعي على الطواف؛ لأنه من الأمور التي تُفعل يوم النحر، فدخل في قول الصحابي: فما سُئل يومئذ عن شيء قُدِّم أو أُخِّر إلا قال: " افعل ولا حرج"[1]، ولأن ذلك مما يقع فيه النسيان والجهل فوجب دخوله في هذا العموم؛ لما في ذلك من التيسير والتسهيل، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عمن سعى قبل أن يطوف، فقال: "لا حرج"[2] أخرجه أبو داود، من حديث أسامة بن شريك بإسناد صحيح، فاتضح بذلك دخوله في العموم من غير شك. (16 / 82)
192 - القارن بين الحج والعمرة ليس عليه إلا سعي واحد، كما دل عليه حديث جابر المذكور وغيره من الأحاديث الصحيحة . وهكذا من أفرد الحج وبقي على إحرامه إلى يوم النحر ليس عليه إلا سعي واحد (16 / 81)
193 - إذا حاضت المرأة قبل طواف الحج أو نفست فإنه يبقى عليها الطواف حتى تطهر، فإذا طهرت تغتسل وتطوف لحجها ولو بعد الحج بأيام ولو في المحرم ولو في صفر حسب التيسير وليس له وقت محدود، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يجوز تأخيره عن ذي الحجة، ولكنه قول لا دليل عليه، بل الصواب جواز تأخيره، ولكن المبادرة به أولى مع القدرة، فإن أخره عن ذي الحجة أجزأه ولا دم عليه. والحائض والنفساء معذورتان فلا حرج عليهما؛ لأنه لا حيلة لهما في ذلك، فإذا طهرتا طافتا سواء كان ذلك في ذي الحجة أو في المحرم . (17 / 329)
194 - لو أن إنساناً أخر طواف الإفاضة فلما عزم على السفر طاف عند سفره بعدما رمى الجمار وانتهى من كل شيء، فإن طواف الإفاضة يجزئه عن طواف الوداع، وإن طافهما – طواف الإفاضة وطواف الوداع – فهذا خير إلى خير، ولكن متى اكتفى بواحد ونوى طواف الحج أجزأه ذلك . (17 / 332)
195 - من أتم أعمال الحج ما عدا طواف الإفاضة ثم مات قبل ذلك لا يطاف عنه؛ لقول ابن عباس رضي الله عنهما: "بينما رجل واقف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ وقع عن راحلته فوقصته فمات فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: "اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه ولا تحنطوه ولا تخمروا رأسه فإن الله تعالى يبعثه يوم القيامة ملبياً"[3] رواه البخاري ومسلم وأصحاب السنن، فلم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالطواف عنه بل أخبر بأن الله يبعثه يوم القيامة ملبياً لبقائه على إحرامه بحيث لم يطف ولم يطف عنه. (17 / 333)
196 - السعي ركن من أركان الحج والعمرة؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: "خذوا عني مناسككم"[4] وفعله يفسر قوله وقد سعى في حجته وعمرته عليه الصلاة والسلام (17 / 335)
197 - الذي حج مفرداً وهكذا لو حج قارناً بالحج والعمرة جميعاً، ثم قدم مكة وطاف وسعى وبقي على إحرامه لكونه مفرداً أو قارناً ولم يتحلل فإنه يجزئه السعي ولا يلزمه سعي آخر، فإذا طاف يوم العيد أو بعده كفاه طواف الإفاضة إذا لم يتحلل من إحرامه حتى يوم النحر، والسعي الذي سعاه أولاً مجزئ سواء كان معه هدي أو ليس معه هدي إن كان لم يتحلل إلا بعد ما نزل من عرفة يوم العيد، فإن سعيه الأول يكفيه ولا يحتاج إلى سعي ثان إذا كان قارناً بالحج والعمرة أو كان مفرداً للحج، وإنما السعي الثاني على المتمتع الذي أحرم بالعمرة وطاف وسعى لها وتحلل ثم أحرم بالحج، فهذا عليه سعي ثان للحج غير سعي العمرة (17 / 336)
198 - السنة أن يكون الطواف أولاً ثم السعي بعده فإن سعى قبل الطواف جهلاً منه فلا حرج في ذلك، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه سأله رجل فقال: سعيت قبل أن أطوف قال: "لا حرج"[5] فدل ذلك على أنه إن قدم السعي أجزأه، لكن السنة أن يطوف ثم يسعى هذا هو السنة في العمرة والحج جميعاً(17 / 337)
199 - ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان في حجه وَعُمَرِهِ يسعى بعد الطواف، ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم فيما نعلم أنه سعى قبل الطواف في حج أو عمرة، كما أنه لم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه سعى بعد طواف ليس بنسك، وإنما كان سعيه بعد طواف القدوم في حجة الوداع، وهو نسك . وسعى في عُمَرِهِ بعد الطواف وهو نسك، بل من أركان العمرة .
وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى ج26 ما يدل على أن فعل السعي بعد طواف النسك محل إجماع . ولكن قد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال في حجة الوداع لما سئل عن أعمال يوم النحر من الرمي، والنحر، والحلق أو التقصير، والطواف والسعي، والتقديم والتأخير قال: "لا حرج"[6] وهذا الجواب المطلق يدخل فيه تقديم السعي على الطواف في الحج والعمرة، وبه قال جماعة من العلماء . ويدل عليه ما رواه أبو داود بإسناد صحيح عن أسامة بن شريك، أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عمن قدم السعي على الطواف . فقال: "لا حرج" . وهذا الجواب يعم سعي الحج والعمرة، وليس في الأدلة الصحيحة الصريحة ما يمنع ذلك . فإذا جاز قبل الطواف الذي هو نسك، فجوازه بعد طواف ليس بنسك من باب أولى . لكن يشرع أن يعيده بعد طواف النسك؛ احتياطاً، وخروجاً من خلاف العلماء، وعملاً بما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في حجه وعمره . ويحمل ما ذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله من كون السعي بعد الطواف محل وفاق على أن ذلك هو الأفضل . أما الجواز ففيه الخلاف الذي أشرنا إليه . وممن صرح بذلك صاحب المغني ج3 ص 390 حيث نقل رحمه الله تعالى الجواز عن عطاء مطلقاً وعن إحدى الروايتين عن أحمد في حق الناسي .(17 / 338- 339 - 340)
200 - أنا من سكان مكة حججت العام الماضي وطفت ولكن لم اسع فما الحكم ؟
عليك السعي، وهذا غلط منك، ولابد من السعي سواء كنت من أهل مكة أو من غيرهم، لابد من السعي بعد الطواف بعد النزول من عرفات تطوف وتسعى، فالذي ترك السعي يسعى الآن، وإذا كان أتى زوجته عليه ذبيحة يذبحها في مكة للفقراء؛ لأنه لن يحصل له التحلل الثاني إلا بالسعي فعليه أن يسعى الآن بنية الحج السابق وعليه دم إن كان قد أتى زوجته (17 / 341)
[1]- رواه البخاري في (العلم) باب الفتيا وهو واقف على الدابة وغيرها برقم 83، ومسلم في (الحج) باب من حلق قبل النحر أو نحر قبل الرمي برقم 1306
[2]- رواه أبو داود في (المناسك) باب فيمن قدم شيئاً قبل شيء في حجه برقم 2015
[3]- رواه البخاري في (الجنائز) باب الكفن في ثوبين برقم 1265، مسلم في (الحج) باب ما يفعل بالمحرم إذا مات برقم 1206
[4]- رواه بنحوه مسلم في (الحج) باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكباً برقم 1297
[5]- رواه أبو داود في (المناسك) باب فيمن قدم شيئاً قبل شيء في حجه برقم 2015
[6]- سبق قبله
-
رد: الاختيارات الفقهية
كتاب الحج
201 - لا حرج في الفصل بين السعي والطواف عند أهل العلم، فلو سعى بعد الطواف بزمن أو في يوم آخر فلا بأس بذلك ولا حرج فيه، ولكن الأفضل أن يتوالى السعي مع الطواف، فإذا طاف بعمرته سعى بعد ذلك من دون فصل، وهكذا في حجه ولو فصل فلا حرج في ذلك؛ لأن السعي عبادة مستقلة، فإذا فصل بينهما بشيء فلا يضر، ولهذا لو قدم الحاج أو القارن وطاف فقط وأجل السعي إلى ما بعد نزوله من عرفات فلا حرج في ذلك، وإن قدمه فلا حرج في ذلك (17 / 342)
202 - إنسان سعى خمسة أشواط أو ستة ناسياً أو جاهلاً ثم قصر ولبس ثيابه فما الحكم ؟
عليه أن يخلع ثيابه ويلبس الإزار والرداء ويتم ما بقي عليه إن كان الفاصل قليلاً ويحلق رأسه أو يقصر ثم يلبس ثيابه، ولا شيء عليه غير ذلك . أما إن كان الفاصل طويلاً فعليه أن يعيد السعي ثم يحلق أو يقصر، ولا شيء عليه من أجل الجهل أو النسيان؛ لقول الله سبحانه: "ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا .."[1] (17 / 344)
203 - يجوز تقديم الطواف والسعي للحج قبل الرمي، لكن لا يجزئ طواف الحج قبل عرفات ولا قبل نصف الليل من ليلة النحر، بل إذا انصرف منها ونزل من مزدلفة ليلة العيد يجوز له أن يطوف ويسعى في النصف الأخير من ليلة النحر وفي يوم النحر قبل أن يرمي (17 / 352)
204 - المبيت في منى واجب على الصحيح ليلة إحدى عشر، وليلة اثنتي عشرة، هذا هو الذي رجحه المحققون من أهل العلم على الرجال والنساء من الحجاج، فإن لم يجدوا مكاناً سقط عنهم ولا شيء عليهم ومن تركه بلا عذر فعليه دم (17 / 359)
205 - المبيت بمنى أيام التشريق من واجبات الحج في أصح قولي أهل العلم، ومن تركه بدون عذر شرعي فعليه دم؛ لما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: "من ترك نسكاً أو نسيه فليهرق دماً"[2] ويكفيه دم واحد عن ترك المبيت أيام التشريق (17 / 361)
206 - من جلس في مكة في نهار يوم العيد أو في أيام التشريق في بيته، أو عند بعض أصحابه فلا حرج عليه في ذلك، وإنما الأفضل البقاء في منى إذا تيسر ذلك؛ تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، فإذا لم يتيسر له ذلك أو شق عليه ودخل مكة وأقام بها في النهار ثم رجع في الليل لمنى وبات فيها فلا بأس بهذا ولا حرج . أما الرمي في أيام التشريق فيكون بعد الزوال ولا يجوز قبله، ومن رمى في الليل فلا بأس في اليوم الذي غابت شمسه لا عن اليوم المستقبل إذا لم يتيسر له الرمي بعد الزوال، فإن تيسر قبل الغروب فهو أفضل (17 / 365)
207 - إذا كان الغروب أدركهم وقد ارتحلوا فليس عليهم مبيت وهم في حكم النافرين قبل الغروب، أما إن أدركهم الغروب قبل أن يرتحلوا، فالواجب عليهم أن يبيتوا تلك الليلة، أعني ليلة ثلاث عشرة، وأن يرموا الجمار بعد الزوال في اليوم الثالث عشر، ثم بعد ذلك ينفرون متى شاءوا؛ لأن الرمي الواجب قد انتهى في اليوم الثالث عشر وليس عليهم حرج في المبيت في منى أو مكة (17 / 387)
208 - طواف الوداع في وجوبه خلاف بين العلماء، والصحيح أنه واجب في حق الحاج ومستحب في حق المعتمر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم للناس في حجة الوداع: "لا ينفرن أحد منكم حتى يكون آخر عهده بالبيت"[3] رواه مسلم، وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: "أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض"[4] وبذلك تعلم حكم طواف الوداع من هذين الحديثين الشريفين والعمرة تشبه الحج؛ لأنها حج أصغر. والحائض لا وداع عليها وهكذا النفساء؛ لأنها مثله في الحكم .(17 / 389)
209 - يجوز لك الذهاب إلى جدة لإحضار أهلك إلى مكة قبل طواف الإفاضة والسعي في أيام منى، وليس عليك طواف وداع، حتى ترمي الجمار يوم الثاني عشر بعد الزوال، فإذا أردت الخروج إلى جدة أو غيرها فعليك أن تطوف للوداع إذا كنت قد طفت طواف الإفاضة والسعي .أما إذا كنت لم تطف الإفاضة ولم تسع، فلا حرج أن تذهب إلى جدة لإحضار زوجتك إلى مكة، وليس عليك طواف وداع؛ لأنك والحال ما ذكر لم تكمل الحج، وطواف الوداع إنما يجب بعد إتمام مناسك الحج إذا أراد الحاج السفر إلى بلده أو إلى غيره؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا ينفرن أحد منكم حتى يكون آخر عهده بالبيت"[5] أخرجه مسلم في صحيحه، ولقول ابن عباس رضي الله عنهما: "أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض"[6] متفق على صحته . والنفساء مثل الحائض ليس عليهما طواف وداع . (17 / 392)
210 - من ترك طواف الوداع عليه التوبة والاستغفار، وعليه دم يذبح في مكة المكرمة ويطعم فقراءها مع التوبة والاستغفار، وليس له التوكيل، وان يطوف بنفسه (17 / 393)
[1]- سورة البقرة، الآية 286
[2]- رواه مالك في (الموطأ) في (الحج) باب التقصير برقم 905، وفي باب ما يفعل من نسي من نسكه شيئاً برقم 957
[3]- رواه مسلم في (الحج) باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض برقم 1327
[4]- رواه البخاري في (الحج) باب طواف الوداع برقم 1755، ومسلم في (الحج) باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض برقم 1328
[5]- رواه مسلم في (الحج) باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض برقم 1327
[6]- رواه البخاري في (الحج) باب طواف الوداع برقم 1755، ومسلم في (الحج) باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض برقم 1328
-
رد: الاختيارات الفقهية
كتاب الحج
211 - الواجب على جميع أهل البلدان –سواء في جدة أو الطائف وغيرهم- أن يودعوا البيت، وقد تسامح بعض العلماء في هذا بالنسبة لمن منزله دون مسافة قصر كأهل بحرة وأشباههم، وقالوا إنه لا وداع عليه، والأحوط لكل من كان خارج الحرم أن يودع إذا انتهى حجه، وأهل جدة بعيدون، وهكذا أهل الطائف، فالواجب عليهم أن يودعوا قبل أن يخرجوا؛ لأنهم يشملهم الحديث، وعليهم دم يذبح في مكة عن كل واحد منهم ترك طواف الوداع توزع على الفقراء شاة أو سبع بدنة، أو سبع بقرة(17 / 394)
212 - الخروج بعد الحج إلى جدة بدون وداع فيه تفصيل:
أما من كان من سكان جدة فليس لهم الخروج إلا بوداع بدون شك؛ لعموم الحديث الصحيح، وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ينفرن أحد منكم حتى يكون آخر عهده بالبيت"[1] رواه مسلم، وقول ابن عباس رضي الله عنهما: "أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض"[2] متفق عليه .
وأما من خرج إليها لحاجة وقصده الرجوع إلى مكة؛ لأنها محل إقامته أيام الحج، فهذا فيه نظر وشبهة، والأقرب أنه لا ينبغي له الخروج إلا بوداع عملاً بعموم الحديث المذكور، ويكفيه هذا الوداع عن وداع آخر إذا أراد الخروج إليها مرة أخرى؛ لكونه قد أتى بالوداع المأمور به، لكن إذا أراد الخروج إلى بلاده فالأحوط له أن يودع مرة أخرى للشك في إجزاء الوداع الأول .
أما من ترك الوداع ففيه تفصيل:
فإن كان من النوع الأول، فالأقرب أن عليه دماً؛ لكونه ترك نسكاً واجباً، وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما: "من ترك نسكاً أو نسيه فليهرق دماً"[3] فهذا الأثر هو عمدة من أوجب الدم في سائر واجبات الحج، وهو أثر صحيح، وقد روي مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن الموقوف أصح، والأقرب أنه في حكم الرفع؛ لأن مثل هذا الحكم يبعد أن يقوله ابن عباس من جهة رأيه، والله سبحانه وتعالى أعلم .
وأما إن كان من النوع الثاني: وهو الذي خرج إلى جدة أو الطائف أو نحوهما لحاجة وليسا بلده وإنما خرج إليهما لحاجة عارضة ونيته الرجوع إلى مكة ثم الوداع إذا أراد الخروج إلى بلده، فهذا لا يظهر لي لزوم الدم له، فإن فدى على سبيل الاحتياط فلا بأس، والله أعلم . (17 / 396)
213 - من سافر قبل الوداع فإن عليه دماً؛ لكونه ترك واجباً، وقيل في ذلك أقوال أخرى، ولكن هذا هو الصواب عند أهل العلم في هذه المسألة . وقال بعض أهل العلم لو رجع بنية طواف الوداع أجزأه ذلك وسقط عنه الدم، ولكن هذا فيه نظر، والأحوط للمؤمن ما دام سافر مسافة قصر ولم يودع البيت فإن عليه دماً يجبر به حجه. (17 / 395)
214 - إن خرج ولم يودع البيت فعليه دم عند جمهور أهل العلم يذبح في مكة ويوزع على الفقراء والمساكين، وحجه صحيح، هذا هو الذي عليه جمهور أهل العلم، فالحاصل أن طواف الوداع نسك واجب في أصح أقوال أهل العلم، وقد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: "من ترك نسكاً أو نسيه فليهرق دماً"[4] وهذا نسك تركه الإنسان عمداً، فعليه أن يريق دماً يذبحه في مكة للفقراء والمساكين، وكونه يرجع بعد ذلك لا يسقطه عنه، هذا هو المختار، وهذا هو الأرجح عندي. (17 / 398)
215 - ليس على الحائض والنفساء وداع؛ لما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض"[5]، متفق عليه، والنفساء في حكمها عند أهل العلم (17 / 400)
216 - لا يجوز للحاج أن يخرج من مكة إلا بعد طواف الوداع إذا أراد السفر إلى بلده، أو إلى بلاد أخرى، وإذا ودع قبل الغروب ثم جلس بعد المغرب لحاجة أو لسماع الدرس أو ليصلي العشاء فلا حرج في ذلك، فالمدة يسيرة يعفى عنها . وقد طاف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع طواف الوداع في آخر الليل، ثم صلى بالناس الفجر ثم سافر بعد ذلك عليه الصلاة والسلام . فالتخلف اليسير يعفى عنه في الوداع، وإذا كنت سافرت بعد العشاء فلا حرج في ذلك، أما إن كنت أقمت إقامة طويلة فينبغي لك أن تعيد طواف الوداع، وإن كنت لم تعد طواف الوداع فلا حرج عليك إن شاء الله؛ لأن المدة وإن كان فيها بعض الطول إلا أنها مغتفرة إن شاء الله من أجل الجهل بواجب المبادرة والمسارعة إلى الخروج بعد طواف الوداع . (17 / 402)
217 - القيام بالمسيرات والمظاهرات في موسم الحج في مكة المكرمة أو غيرها لإعلان البراءة من المشركين، فذلك بدعة لا أصل لها ويترتب عليه فساد كبير وشر عظيم، فالواجب على كل من كان يفعله تركه، والواجب على الدولة وفقها الله منعه؛ لكونه بدعة لا أساس لها في الشرع المطهر، ولما يترتب على ذلك من أنواع الفساد والشر والأذى للحجيج (17 / 157)
218 - الأدلة الشرعية دلت على أن الحسنات تضاعف في الزمان الفاضل مثل رمضان وعشر ذي الحجة، والمكان الفاضل كالحرمين، فإن الحسنات تضاعف في مكة مضاعفة كبيرة . وقد جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في مسجدي هذا"[6] فدل ذلك على أن الصلاة بالمسجد الحرام تضاعف بمائة ألف صلاة فيما سوى المسجد النبوي، وفي مسجد النبي صلى الله عليه وسلم خير من ألف صلاة فيما سواه سوى المسجد الحرام، وبقية الأعمال الصالحة تضاعف، ولكن لم يرد فيها حد محدود إنما جاء الحد والبيان في الصلاة، أما بقية الأعمال كالصوم والأذكار وقراءة القرآن والصدقات فلا أعلم فيها نصاً ثابتاً يدل على تضعيف محدد، وإنما فيها في الجملة ما يدل على مضاعفة الأجر وليس فيها حد محدود . والحديث الذي فيه: "من صام رمضان في مكة كتب له مائة ألف رمضان " حديث ضعيف عند أهل العلم . والحاصل: أن المضاعفة في الحرم الشريف بمكة لا شك فيها (أعني مضاعفة الحسنات) ولكن ليس في النص فيما نعلم حداً محدوداً ما عدا الصلاة فإن فيها نصاً يدل على أنها مضاعفة بمائة ألف كما سبق . أما السيئات فالذي عليه المحققون من أهل العلم أنها لا تضاعف من جهة العدد، ولكن تضاعف من جهة الكيفية، أما العدد فلا؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول "من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها"[7]. فالسيئات لا تضاعف من جهة العدد لا في رمضان ولا في الحرم ولا في غيرهما، بل السيئة بواحدة دائماً وهذا من فضله سبحانه وتعالى وإحسانه .
ولكن سيئة الحرم وسيئة رمضان وسيئة عشر ذي الحجة أعظم في الإثم من حيث الكيفية لا من جهة العدد، فسيئة في مكة أعظم وأكبر وأشد إثما من سيئة في جدة والطائف مثلاً، وسيئة في رمضان وسيئة في عشر ذي الحجة أشد وأعظم من سيئة في رجب أو شعبان ونحو ذلك، فهي تضاعف من جهة الكيفية لا من جهة العدد. (17 / 197)
219 - شجر عرفة ليس بمحرم فقطع غصن منها لا يضر؛ لأن عرفة حلال وليست من الحرم فإذا قطع شيء منها فلا يضر (17 / 200)
220 - لقد ذهبت والدتي إلى الحج وخلال الإحرام نسيت فاقتلعت بعض الشجيرات هل يجوز حجها وماذا يجب عليها الآن أن تفعل ؟
هذه المسألة فيها تفصيل: فإذا كان إحرامها من الميقات فالشجر الذي قلعته لا يضر؛ لأنه ليس بحرم مثل ميقات أهل المدينة وميقات أهل الطائف (وادي محرم) وهكذا ميقات اليمن وهكذا ميقات أهل الشام ومصر والعراق كلها ليست بحرم، فما قلع منها من شجر أو نبات فلا يضر وليس فيه شيء، أما إن كانت اقتلعت أثناء إحرامها بالحرم وسط الحرم بمكة فهذا خطأ وليس عليها فيه شيء سوى التوبة إلى الله من ذلك؛ أولاً لجهلها، وثانياً: لأنه ليس هناك نص واضح في إيجاب قيمة ما يقلع من الشجر أو النبات الأخضر. (17 / 201)
[1]- رواه مسلم في (الحج) باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض برقم 1327
[2]- رواه البخاري في (الحج) باب طواف الوداع برقم 1755، ومسلم في (الحج) باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض برقم 1328
[3]- رواه مالك في الموطأ في (الحج) باب التقصير برقم 905 وفي باب ما يفعل من نسي من نسكه شيئاً برقم 957
[4]- سبق في التعليق قبله
[5]- رواه البخاري في (الحج) باب طواف الوداع برقم 1755، ومسلم في (الحج) باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض برقم 1328
[6]- رواه الإمام أحمد في (أول مسند المدنيين) حديث عبد الله بن الزبير بن العوام برقم 15685
[7]- سورة الأنعام، الآية 160
-
رد: الاختيارات الفقهية من الفتاوى البازية
كتاب الحج
221 - غرس بني آدم غير داخل في النهي، وإنما النهي عن قطع شجرها النابت بغير إنبات الآدمي، أما ما كان إنباته من نخل وغيره فمتى شاء قطعه (17 / 202)
222 - ليست هناك خصوصية لحمام مكة ولا لحمام المدينة سوى أنه لا يصاد ولا ينفر مادام في حدود الحرم لعموم حديث: "إن الله حرَّم مكة فلم تحل لأحد قبلي ولا تحل لأحد بعدي، وإنما أحلت لي ساعة من نهار، لا يختلى خلاها ولا يعضد شجرها ولا ينفر صيدها"[1]، والحديث رواه البخاري، وقوله صلى الله عليه وسلم: "إن إبراهيم حرم مكة وإني حرمت المدينة ما بين لابتيها لا يقطع عضاها ولا يصاد صيدها"[2] رواه مسلم. (17 / 202)
223 - إذا قتل الجراد بغير سبب فإنه يفدي بقيمته في حق المحرم وهكذا من قتله في الحرم . (17 / 203)
224 - تلزم الفدية من تعمد قتل الصيد وهو محرم أو قتله في الحرم لقول الله سبحانه: " يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمداً فجزاء مثل ما قتل من النعم"[3] الآية . والجمهور من أهل العلم ألحقوا المخطئ بالمتعمد؛ لأن الإتلاف عندهم يستوي فيه المتعمد وغيره . لكن صريح القرآن يدل على أن الفدية لا تلزم إلا المتعمد، وهذا هو الأظهر، ولأن المحرم قد يبتلى بذلك من غير قصد ولاسيما بعد وجود السيارات وقد قال الله سبحانه: "يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر"[4] (17 / 203)
225 - ليس لدخول مسجده صلى الله عليه وسلم ذكر مخصوص، ثم يصلي ركعتين فيدعو الله فيهما بما أحب من خيري الدنيا والآخرة، وإن صلاهما في الروضة الشريفة فهو أفضل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: " ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة"[5]، ثم بعد الصلاة يزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وقبري صاحبيه: أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فيقف تجاه قبر النبي صلى الله عليه وسلم بأدب وخفض صوت، ثم يسلم عليه – عليه الصلاة والسلام – قائلاً: " السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته "؛ لما في سنن أبي داود بإسناد حسن، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من أحد يسلم عليَّ إلا ردَّ الله عليَّ روحي حتى أرُدَّ عليه السلام"[6]، وإن قال الزائر في سلامه: " السلام عليك يا نبي الله، السلام عليك يا خيرة الله من خلقه، السلام عليك يا سيد المرسلين وإمام المتقين، أشهد أنك قد بلغت الرسالة وأديت الأمانة ونصحت الأمة وجاهدت في الله حق جهاده " فلا بأس بذلك (16 / 100)
226 - السنة لمن زار المدينة أن يقصد المسجد ويصلي فيه ركعتين أو أكثر، ويكثر من الصلاة فيه، ويكثر من ذكر الله وقراءة القرآن وحضور حلقات العلم . وإذا تيسر له أن يعتكف ما شاء الله فهذا حسن، ويسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى صاحبيه . هذا ما يشرع لزائر المدينة، وإذا أقام بها أوقاتاً يصلي بالمسجد النبوي فذلك خير عظيم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام"[7]. فالصلاة في مسجده صلى الله عليه وسلم مضاعفة . أما ما شاع بين الناس من أن الزائر يقيم ثمانية أيام حتى يصلي أربعين صلاة فهذا وإن كان قد روي في بعض الأحاديث: "إن من صلى فيه أربعين صلاة كتب الله له براءة من النار، وبراءة من النفاق"[8] إلا أنه حديث ضعيف عند أهل التحقيق لا تقوم به الحجة؛ لأنه قد انفرد به إنسان لا يعرف بالحديث والرواية، ووثقه من لا يعتمد على توثيقه إذا انفرد . فالحاصل أن الحديث الذي فيه فضل أربعين صلاة في المسجد النبوي حديث ضعيف لا يعتمد عليه . والزيارة ليس لها حد محدود، وإذا زارها ساعة أو ساعتين، أو يوماً أو يومين، أو أكثر من ذلك فلا بأس . ويستحب للزائر أن يزور البقيع ويسلم على أهله ويدعو لهم بالمغفرة والرحمة . ويستحب له أن يزور الشهداء ويدعو لهم بالمغفرة والرحمة . ويستحب له أن يتطهر في بيته ويحسن الطهور ثم يزور مسجد قباء ويصلي فيه ركعتين كما كان النبي يزوره عليه الصلاة والسلام (17 / 405)
227 - يسن لمن زار المدينة أن يزور المسجد النبوي ويصلي فيه، وإذا تيسر له أن يصلي في الروضة كان أفضل، ثم يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى صاحبيه رضي الله عنهما، والسنة أن يستقبل الزائر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه رضي الله عنهما حين السلام ويقول: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله عليك وبركاته . وإن دعا له صلى الله عليه وسلم كأن يقول: جزاك الله عن أمتك خيراً، وضاعف لك الحسنات، وأحسن إليك كما أحسنت إلى الأمة . فلا حرج في ذلك . وهكذا لو قال: أشهد أنك قد بلغت الرسالة، وأديت الأمانة، ونصحت الأمة، وجاهدت في الله حق الجهاد . فلا حرج في ذلك؛ لأن هذا كله حق، ثم يسلم على صاحبيه رضي الله عنهما، ويدعو لهما بالدعوات المناسبة . أما إذا أراد الدعاء لنفسه، فإنه يتحول لمكان آخر ويستقبل القبلة ويدعو كما نص على ذلك أهل العلم (17 / 408)
228 - الزيارة خاصة بالرجال أما النساء فلا تجوز لهن زيارة القبور؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لعن زائرات القبور، ويدخل في ذلك قبره صلى الله عليه وسلم وغيره، لكن يشرع للرجال والنساء جميعاً الإكثار من الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل مكان لعموم قول الله سبحانه: "إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما"[9]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشراً"[10]. والأحاديث في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كثيرة . ولا حرج على النساء في الصلاة في مسجده صلى الله عليه وسلم وغيره من المساجد، لكن بيوتهن خير لهن وأفضل لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وبيوتهن خير لهن"[11]، ولأن ذلك أستر لهن وأبعد عن الفتنة منهن وبهن (17 / 412)
229 - المساجد السبعة ومسجد القبلتين وغيرها من المواضع التي يذكر بعض المؤلفين في المناسك زيارتها فلا أصل لذلك ولا دليل عليه . والمشروع للمؤمن دائماً هو الاتباع دون الابتداع . (17 / 17 - 415)
230 - المساجد الموجودة بالمدينة المعروفة حالياً فكلها حادثة ما عدا مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ومسجد قباء وليس لهذه المساجد غير المسجدين المذكورين خصوصية من صلاة أو دعاء أو غيرهما بل هي كسائر المساجد من أدركته الصلاة فيها صلى مع أهلها، أما قصدها للصلاة فيها والدعاء والقراءة أو نحو ذلك لاعتقاده خصوصية فيها فليس لذلك أصل بل هو من البدع التي يجب إنكارها لقوله صلى الله عليه وسلم: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد"[12]، أخرجه مسلم في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها (17 / 423)
[1]- رواه البخاري في (الجزية) باب إثم الغادر للبر والفاجر برقم 3189، ومسلم في (الحج) باب تحريم مكة وصيدها برقم 1353
[2]- رواه مسلم في (الحج) باب فضل المدينة برقم 1362
[3]- سورة المائدة، الآية 95
[4]- سورة البقرة، الآية 185
[5]- رواه البخاري في (الجمعة) باب فضل ما بين القبر والمنبر برقم 1195، ومسلم في (الحج) باب ما بين القبر والمنبر روضة من رياض الجنة برقم 1390
[6]- رواه الإمام أحمد في (مسند المكثرين من الصحابة) باقي مسند أبي هريرة برقم 10434، وأبو داود في (المناسك) باب زيارة القبور برقم 2041
[7]- رواه البخاري في (الجمعة) باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة برقم 1190، ومسلم في (الحج) باب فضل الصلاة في مسجدي مكة والمدينة برقم 1394
[8]- رواه الإمام أحمد في (مسند المكثرين من الصحابة) مسند أنس بن مالك برقم 12173
[9]- سورة الأحزاب، الآية 56
[10]- رواه مسلم في (الصلاة) باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد برقم 408
[11]- رواه البخاري في (الجمعة) باب هل على من لم يشهد الجمعة غسل برقم 900، ومسلم في (الصلاة) باب خروج النساء إلى المساجد برقم 442
[12]- رواه البخاري معلقاً في النجش، ومسلم في (الأقضية) باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور برقم 1718
-
رد: الاختيارات الفقهية من الفتاوى البازية
كتاب الحج
231 - الزيارة للمسجد النبوي سنة وليست واجبة وليس لها تعلق بالحج، بل السنة أن يزار المسجد النبوي في جميع السنة، ولا يختص ذلك بوقت الحج لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى) متفق عليه، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام) متفق عليه.
وإذا زار المسجد النبوي شرع له أن يصلي في الروضة ركعتين ثم يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى صاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، كما يشرع زيارة البقيع والشهداء للسلام على المدفونين هناك من الصحابة وغيرهم والدعاء لهم والترحم عليهم كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يزورهم، وكان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: (السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون نسأل الله لنا ولكم العافية) وفي رواية عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول إذ زار البقيع: (يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد) ويشرع أيضا لمن زار المسجد النبوي أن يزور مسجد قباء ويصلي فيه ركعتين، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يزوره كل سبت ويصلي فيه ركعتين وقال عليه الصلاة والسلام: (من تطهر في بيته فأحسن الطهور ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه كان كعمرة)
هذه هي المواضع التي تزار في المدينة المنورة، أما المساجد السبعة ومسجد القبلتين وغيرها من المواضع التي يذكر بعض المؤلفين في المناسك زيارتها فلا أصل لذلك ولا دليل عليه والمشروع للمؤمن دائما هو الاتباع دون الابتداع . (6 / 409)
232 - الزيادات التي في المسجد الحرام والمسجد النبوي لها حكم المزيد، وتضاعف فيها الصلاة كما تضاعف في المسجد الأصلي فضلا من الله وإحسانا (12 / 231)
233 - لا يجوز للمسلم تتبع آثار الأنبياء ليصلي فيها أو ليبني عليها مساجد؛ لأن ذلك من وسائل الشرك، ولهذا كان عمر رضي الله عنه ينهى الناس عن ذلك ويقول: "إنما هلك من كان قبلكم بتتبعهم آثار أنبيائهم"، وقطع رضي الله عنه الشجرة التي في الحديبية التي بويع النبي صلى الله عليه وسلم تحتها؛ لما رأى بعض الناس يذهبون إليها ويصلون تحتها؛ حسماً لوسائل الشرك، وتحذيراً للأمة من البدع، وكان رضي الله عنه حكيماً في أعماله وسيرته، حريصاً على سد ذرائع الشرك وحسم أسبابه، فجزاه الله عن أمة محمد خيراً، ولهذا لم يبن الصحابة رضي الله عنهم على آثاره صلى الله عليه وسلم في طريق مكة وتبوك وغيرهما مساجد؛ لعلمهم بأن ذلك يخالف شريعته، ويسبب الوقوع في الشرك الأكبر، ولأنه من البدع التي حذر الرسول منها عليه الصلاة والسلام، بقوله صلى الله عليه وسلم: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"[1] متفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها (17 / 421)
234 - لا يجوز لأحد أن يتمسح بالحجرة أو يُقَبِّلها أو يطوف بها؛ لأن ذلك لم ينقل عن السلف الصالح، بل هو بدعة منكرة .(16 / 104)
235 - ما يفعله بعض الزوار عند السلام عليه صلى الله عليه وسلم من وضع يمينه على شماله فوق صدره أو تحته كهيئة المصلي فهذه الهيئة لا تجوز عند السلام عليه صلى الله عليه وسلم، ولا عند السلام على غيره من الملوك والزعماء وغيرهم؛ لأنها هيئة ذل وخضوع وعبادة لا تصلح إلا لله، كما حكى ذلك الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح عن العلماء، والأمر في ذلك جلي واضح لمن تأمل المقام وكان هدفه اتباع هدي السلف الصالح . (16 / 110)
236 - ليست زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم واجبة ولا شرطاً في الحج كما يظنه بعض العامة وأشباههم، بل هي مستحبة في حق من زار مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم أو كان قريباً منه .(16 / 111)
237 - الصواب،أن الإحصار يكون بالعدو، ويكون بغير العدو؛ كالمرض . (18 / 7)
238 - الذي أحرم بالحج أو العمرة ثم حبسه حابس عن الطواف والسعي،يبقى على إحرامه،إذا كان يرجو زوال هذا الحابس قريباً؛ كأن يكون المانع سيلاً، أو عدواً يمكن التفاوض معه في الدخول وأداء الطواف والسعي . ولا يعجل في التحلل، كما حدث للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه (حيث مكنوا مدة) يوم الحديبية للمفاوضة مع أهل مكة،لعلهم يسمحون لهم بالدخول لأداء العمرة بدون قتال، فلما لم يتيسر ذلك،وصمموا على المنع إلا بالحرب، وتم الصلح بينه وبينهم على أن يرجع للمدينة،ويعتمر في العام القادم، نحر النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه هديهم،وحلقوا وتحللوا .وهذا هو المشروع للمحصر، يتمهل، فإن تيسر فك الحصار استمر على إحرامه،وأدى مناسكه، وإن لم يتيسر ذلك وشق عليه المقام،تحلل من هذه العمرة أو الحج - إن كان حاجاً - ولا شيء عليه سوى التحلل بإهراق دم يجزئ في الأضحية، ثم الحلق أو التقصير كما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم – ولا أصحابه يوم الحديبية، وبذلك يتحلل، كما قال - جل وعلا-:(فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله)[2]، فالحلق يكون بعد الذبح،ويقوم مقامه التقصير، فينحر أولاً، ثم يحلق أو يقصر، ثم يتحلل ويعود إلى بلاده، فمن لم يجد هدياً صام عشرة أيام،ثم يحلق أو يقصر،ثم يحل (18 / 8)
239 - إذا كان المحصر قد قال في إحرامه: فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، حل ولم يكن عليه شيء - لا هدي ولا غيره -؛ لما ثبت في الصحيحين عن عائشة - رضي الله عنها - أن ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب قالت: يا رسول الله:إني أريد الحج وأنا شاكية، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: "حجي واشترطي:أن محلي حيث حبستني"[3] (18 / 10)
240 - المحصر ينحر الهدي في محله، سواء كان في الحرم أو في الحل (18 / 12)
[1]- رواه البخاري في (الصلح) باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697، ومسلم في (الأقضية) باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور برقم 1718
[2]- سورة البقرة، الآية 196 .
[3]- رواه البخاري في (النكاح)،باب (الأكفاء في الدين) برقم 5089، ومسلم في (الحج)،باب (جواز اشتراط المحرم التحلل بعذر المرض ونحوه) برقم 1207
-
رد: الاختيارات الفقهية من الفتاوى البازية
باب الهدي والأضحية والعقيقة
1 - إذا أحرم الإنسان بالعمرة في أيام الحج متمتعاً بها إلى الحج، أو بالحج والعمرة جميعاً قارناً، فإنه يلزمه دم، وهو:رأس من الغنم؛ثني من المعز أو جذع من الضأن، أو سُبع بدنة أو،سبع بقرة، يذبحها في أيام النحر بمكة أو منى،فيعطيها الفقراء والمساكين،ويأكل منها ويهدي . هذا هو الواجب عليه. فإذا عجز عن ذلك؛ لذهاب نفقته، أو لفقره وعسره وقلة النفقة، فإنه يصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله،كما أمره الله بذلك . ويجوز أن يصوم عن الثلاثة اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر، وذلك مستثنى من النهي عن صيامها لجميع الناس،إلا من فقد الهدي فإنه يصوم هذه الأيام الثلاثة؛ لما روى البخاري في صحيحه عن عائشة وابن عمر - رضي الله عنهما - قالا: "لم يرخص في أيام التشريق أن يُصَمْنَ إلا لمن لم يجد الهدي"[1]. وإن صامها قبل يوم عرفة فهو أفضل،إذا كان فقد النفقة متقدماً،ويصوم السبعة عند أهله . (18 / 21)
2 - إذا تيسر له القيمة التي يشتري بها الهدي - ولو بعد أيام الحج - فهو مخير بين ذبحها،ولا حاجة إلى صيام السبعة الأيام عند أهله، أو صيام السبعة الأيام الباقية؛ لأنه قد شرع في الصيام وسقط عنه الهدي، لكن متى ذبح سقط عنه بقية الأيام . مع العلم بأن الواجب ذبحه في الأيام الأربعة،وهي:يوم العيد وأيام التشريق الثلاثة - مع القدرة - ويصير ذبحه بعده قضاء . (18 / 22)
3 - ليس على المفرد هدي - سواء كان حجه فرضاً أو نفلاً - وإن أهدى فهو أفضل (18 / 23)
4 - من أعطى قيمة الهدي شركة الراجحي أو البنك الإسلامي فلا بأس؛ لأنه لا مانع من دفع ثمن الضحية والهدي إليهم، فهم وكلاء مجتهدون وموثوقون . ونرجو أن ينفع الله بهم ويعينهم، ولكن من تولى الذبح بيده ووزعه على الفقراء بنفسه،فهو أفضل وأحوط؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ذبح الضحية بنفسه،وهكذا الهدي،ووكل في بقيته (18 / 28)
5 - الصوم للعاجز عن الهدي أفضل من سؤال الملوك وغيرهم هدياً يذبحه عن نفسه ومن أُعطي هدياً أو غيره من غير مسألة ولا إشراف نفس فلا بأس به، ولو كان حاجاً عن غيره، أي إذا لم يشترط عليه أهل النيابة شراء الهدي من المال المدفوع له، وأما ما يفعله بعض الناس من سؤال الحكومة أو غيرهم شيئاً من الهدي باسم أشخاص يذكرهم وهو كاذب، فهذا لاشك في تحريمه؛ لأنه من التأكل بالكذب، عافانا الله والمسلمين من ذلك. (16 / 89)
6 - من ذبح قبل يوم العيد دم التمتع فإنه لا يجزئه؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم- وأصحابه لم يذبحوا إلا في أيام النحر، وقد قدموا وهم متمتعون في اليوم الرابع من ذي الحجة، وبقيت الأغنام والإبل التي معهم موقوفة حتى جاء يوم النحر . فلو كان ذبحها جائزاً قبل ذلك،لبادر النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه إليه في الأيام الأربعة التي أقاموها قبل خروجهم على عرفات؛ لأن الناس بحاجة إلى اللحوم في ذلك الوقت . فلما لم يذبح النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا أصحابه حتى جاء يوم النحر،دل ذلك على عدم الإجزاء، وأن الذي ذبح قبل يوم النحر قد خالف السنة،وأتى بشرع جديد فلا يجزئ؛ كمن صلى أو صام قبل الوقت (18 / 29)
[1]- رواه البخاري في (الصوم)،باب (صيام أيام التشريق) برقم 1998 .
-
رد: الاختيارات الفقهية من الفتاوى البازية
باب الهدي والأضحية والعقيقة
7 - يجوز ذبح الهدي يوم النحر وفي الأيام الثلاثة بعده، لكن ذبحه يوم النحر أفضل - إن تيسر ذلك - ولا حرج في ذبحه في منى أو في مكة . والسنة في توزيعه – أعني هدي التمتع أو القران – أن يأكل منه،ويتصدق،ويهدي إلى من شاء من أصحابه وإخوانه . (18 / 30)
8 - هدي التمتع والقران لا يجوز ذبحه إلا في الحرم، فإذا ذبحه في غير الحرم؛كعرفات وجدة وغيرهما،فإنه لا يجزئه، ولو وزع لحمه في الحرم . وعليه هدي آخر يذبحه في الحرم - سواء كان جاهلاً أو عالماً -؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحر هديه في الحرم، وقال: "خذوا عني مناسككم"[1]، وهكذا أصحابه - رضي الله عنهم - إنما نحروا هديهم في الحرم؛تأسياً به - صلى الله عليه وسلم (18 / 31)
9 - إذا ذبحه - الهدي - في الحرم وتركه للفقراء ليأخذوه فلا حرج، ولكن ينبغي له أن يتحرى الفقراء،ويجتهد في إيصاله إليهم؛حتى تبرأ ذمته بيقين . أما إذا ذبحه وتركه للفقراء يأخذونه،فإنه يجزئ،والفقير بإمكانه أن يسلخه وينتفع بلحمه وجلده، ولكن من التمام والكمال أن يعنى بسلخه وتوزيعه بين الفقراء،وإيصاله إليهم ولو في بيوتهم، وقد جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نحر بدنات وتركها للفقراء، ولكن هذا محمول على أنه تركه لفقراء موجودين،يأخذونه ويستفيدون منه، أما أن يترك في محل ليس فيه فقراء،فهذا في إجزائه نظر، ولا يبعد أن يقال: إنه لا يجزئ؛ لأنه ما وصل إلى مستحقه . (18 / 33)
10 - إذا كان مستوطناً مكة،فحكمه حكم أهل مكة؛ ليس عليه هدي ولا صيام، أما إن كان إنما أقام لحاجة ونيته العود إلى بلده،فهذا حكمه حكم الآفاقيين . فإذا اعتمر من الحل بعد رمضان ثم حج في ذلك العام،فإنه يكون متمتعاً بالعمرة إلى الحج، وعليه هدي التمتع . فإن لم يجد صام عشرة أيام ثلاثة في الحج وسبعة بعد الفراغ من الحج،أو بعد الرجوع إلى أهله إن سافر إلى أهله .(18 / 34)
11 - حكم الضحية أنها سنة مع اليسار وليست واجبة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يضحي بكبشين أملحين، وكان الصحابة يضحون في حياته - صلى الله عليه وسلم- وبعد وفاته، وهكذا المسلمون بعدهم، ولم يرد في الأدلة الشرعية ما يدل على وجوبها، والقول بالوجوب قول ضعيف. (18 / 36)
12 - وقتها – الأضحية - يوم النحر وأيام التشريق في كل سنة، والسنة للمضحي أن يأكل منها، ويهدي لأقاربه وجيرانه ويتصدق منها . ولا يجوز لمن أراد أن يضحي أن يأخذ من شعره ولا من أظفاره ولا من بشرته شيئاً، بعد دخول شهر ذي الحجة حتى يضحي؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا دخل شهر ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي، فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره ولا من بشرته شيئاً حتى يضحي"[2]. رواه الإمام مسلم في صحيحه، عن أم سلمة - رضي الله عنها أما الوكيل على الضحية، أو على الوقف الذي فيه أضاحي، فإنه لا يلزمه ترك شعره ولا ظفره ولا بشرته؛ لأنه ليس بمضح، وإنما هذا على المضحي الذي وكله في ذلك، وهكذا الواقف هو المضحي . والناظر على الوقف وكيل منفذ وليس بمضحٍ .(18 / 38 - 46)
[1]- رواه بنحوه مسلم في (الحج)،باب (استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكباً) برقم 1297 .
[2]- رواه بنحوه مسلم في (الأضاحي)،باب (نهي من دخل عليه عشر ذي الحجة) برقم 1977 .
-
رد: الاختيارات الفقهية من الفتاوى البازية
باب الهدي والأضحية والعقيقة
13 - إذا كنت في بيت مستقل فإنه يشرع لك أن تضحي عنك وعن أهل بيتك، ولا تكفي عنك أضحية والدك عنه وعن أهل بيته؛ لأنك لست معهم في البيت، بل أنت في بيت مستقل. ولا حرج أن يستدين المسلم ليضحي،إذا كان عنده قدرة على الوفاء . (18 / 37)
14 - أما الأضحية عن الميت،فإن كان أوصى بها في ثلث ماله مثلاً، أو جعلها في وقف له،وجب على القائم على الوقف أو الوصية تنفيذها، وإن لم يكن أوصى بها،ولا جعل لها وقفا،وأحب إنسان أن يضحي عن أبيه أو أمه أو غيرهما،فهو حسن، ويعتبر هذا من أنواع الصدقة عن الميت، والصدقة عنه مشروعة في قول أهل السنة والجماعة . وأما الصدقة بثمن الأضحية؛بناء على أنه أفضل من ذبحها، فإن كانت الأضحية منصوصاً عليها في الوقف أو الوصية،لم يجز للوكيل العدول عن ذلك إلى الصدقة بثمنها، أما إن كانت تطوعاً عن غيره،فالأمر في ذلك واسع . وأما الأضحية عن نفس المسلم الحي وعن أهل بيته،فسنة مؤكدة للقادر عليها، وذبحها أفضل من الصدقة بثمنها (18 / 40)
15 - الأضحية من الغنم أفضل، وإذا ضحى بالبقر أو بالإبل فلا حرج , والرسول _صلى الله عليه وسلم _ كان يضحي بكبشين، وأهدى يوم حجة الوداع مائة من الإبل . والمقصود أن من ضحى بالغنم فهي أفضل , ومن ضحى بالبقر أو بالإبل – الناقة عن سبعة , والبقرة عن سبعة – فكله طيب ولا حرج (18 / 43)
16 - قد دلت السنة الصحيحة عن النبي _ صلى الله عليه وسلم _ أن الرأس الواحد من الإبل والبقر والغنم يجزئ عن الرجل وأهل بيته _ وإن كثروا _ أما السبع من البدنة والبقرة , ففي إجزائه عن الرجل وأهل بيته تردد وخلاف بين أهل العلم، والأرجح أنه يجزئ عن الرجل وأهل بيته؛ لأن الرجل وأهل بيته كالشخص الواحد، ولكن الرأس من الغنم أفضل . والله _ سبحانه وتعالى _ أعلم (18 / 44)
17 - الكافر الذي ليس بيننا وبينه حرب؛كالمستأمن أو المعاهد،يعطى من الأضحية ومن الصدقة . (18 / 48)
18 - العقيقة سنة مؤكدة وليست واجبة، عن الذكر شاتان وعن الأنثى واحدة . والسنة أن تذبح في اليوم السابع،ولو سقط ميتاً، والسنة أن يسمى - أيضاً - ويحلق رأسه في اليوم السابع، وإن سمي في اليوم الأول فلا بأس؛ لأن الأحاديث الصحيحة وردت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك . فقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه سمى ابنه إبراهيم يوم ولد، وسمى عبد الله بن أبي طلحة الأنصاري يوم ولد، وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - من حديث سمرة بن جندب - رضي الله عنه - أنه قال: "كل غلام مرتهن بعقيقة تذبح عنه يوم سابعه،ويحلق،ويسمى"[1]. أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن الأربع بإسناد صحيح، وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - من حديث عائشة وأم كرز الكعبية - رضي الله عنهما - أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر أن يعقّ عن الغلام شاتان متكافئتان، وعن الأنثى شاة، وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - من حديث عمرو بن شعيب،عن أبيه،عن جده،عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من ولد له ولد فأحب أن ينسك عنه،فلينسك عن الغلام شاتان متكافئتان،وعن الجارية شاة"[2]. وهذه الأحاديث تعم السقط وغيره،إذا كان قد نفخت فيه الروح،وهو الذي ولد في الشهر الخامس وما بعده . والمشروع أن يغسَّل ويكفن ويصلى عليه إذا سقط ميتاً، ويشرع أيضاً أن يسمى ويعق عنه؛ لعموم الأحاديث المذكورة . والله ولي التوفيق . (18 / 48)
[1]- رواه الإمام أحمد في (مسند البصريين)،حديث سمرة بن جندب برقم 19681، وابن ماجة في (الذبائح)،باب (العقيقة) برقم 3165.
[2]- رواه الإمام أحمد في (مسند المكثرين من الصحابة)،مسند عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - برقم 6674، وأبو داود في (الضحايا،باب (في العقيقة) برقم 2842.
-
رد: الاختيارات الفقهية من الفتاوى البازية
باب الهدي والأضحية والعقيقة
19 - الواجب التغيير،مثل من سمى نفسه عبد الحسين أو عبد النبي أو عبد الكعبة، ثم علم أن التعبيد لا يجوز لغير الله،وليس لأحد أن يعبد لغير الله،بل العبادة لله - عز وجل - مثل: عبد الله، عبد الرحمن، عبد الملك، وعليه أن يغير الاسم مثل عبد النبي أو عبد الكعبة،إلى عبد الله أو عبد الرحمن أو محمد أو أحمد أو صالح،أو نحو ذلك من الأسماء الشرعية . هذا هو الواجب،والنبي - صلى الله عليه وسلم - غير أسماء كثيرة .أما إذا كان الاسم للأب،فإذا كان الأب حياً فيعلم حتى يغير اسمه، أما إن كان ميتاً،فلا حاجة إلى التغيير ويبقى كما هو؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يغير اسم عبد المطلب،ولا غيَّر أسماء الآخرين المعبدة لغير الله؛كعبد مناف؛لأنهم عُرفوا بها. (18 / 51)
20 - لا يلزمه تغيير اسمه إلا إذا كان معبداً لغير الله، ولكن تحسينه مشروع . فكونه يحسن اسمه من أسماء أعجمية إلى أسماء إسلامية هذا طيب،أما الواجب فلا فإذا كان اسمه:عبد المسيح وأشباهه يغير، أما إذا كان لم يعبد لغير الله مثل:جورج وبولس وغيرهما،فلا يلزمه تغييره؛ لأن هذه أسماء مشتركة تكون للنصارى وتكون لغيرهم . وبالله التوفيق (18 / 55)
21 - - هذه الأسماء: هدى، ورحمة وبركة وإيمان - لا حرج فيها؛مثل عامر، صالح، سعيد،كلها أسماء جائزة،فلا حرج فيها - إن شاء الله - (18 / 53)
22 - التسمية بـ (ريناد) أو (رناد)، فلا أعلم به بأساً، لكن اختيار بعض الأسماء المعروفة الطيبة أولى منها . (24 / 58)
23 - ليس طه وياسين من أسماء النبي - صلى الله عليه وسلم - في أصح قولي العلماء، بل هما من الحروف المقطعة في أوائل السور؛مثل: (ص) و (ق) و (ن) ونحوها (18 / 54)
24 - لا بأس بالتصغير في الأسماء المعبدة وغيرها،ولا أعلم أن أحداً من أهل العلم منعه، وهو كثير في الأحاديث والآثار؛كأنيس وحميد وعبيد وأشباه ذلك . لكن إذا فعل ذلك مع من يكرهه،فالأظهر تحريم ذلك؛ لأنه حينئذ من جنس التنابز بالألقاب،الذي نهى الله عنه في كتابه الكريم، إلا أن يكون لا يُعرف إلا بذلك،فلا بأس،كما صرح به أئمة الحديث في رجال؛كالأعمش، والأعرج ونحوهما (18 / 54)
25 - حفلات الميلاد من البدع التي بينها أهل العلم،وهي داخلة في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"[1]. متفق عليه من حديث عائشة- رضي الله عنها -، وقال - صلى الله عليه وسلم - أيضاً: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد"[2]. أخرجه الإمام مسلم في صحيحه. (18 / 57)
[1]- رواه البخاري في (الصلح) باب (إذا اصطلحوا على صلح جور) برقم 2697، ومسلم في (الأقضية) باب (نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور) برقم 1718 .
[2]- رواه البخاري معلقاً في باب (النجش)، ومسلم في (الأقضية)،باب (نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور) برقم 1718.
-
رد: الاختيارات الفقهية من الفتاوى البازية
كتاب الجهاد
1 - انتشار الإسلام بالدعوة كان هو الأساس وهو الأصل، وأما الجهاد بالسيف فكان منفذا للحق وقامعاً للفساد عند وجود المعارضين الواقفين في طريق الدعوة. وبالجهاد والدعوة فتحت الفتوحات بسبب أن أكثر الخلق لا يقبل الدعوة بمجردها لمخالفتها لهواه، ولما في نفسه من حب للشهوات المحرمة ورياسته الفاسدة الظالمة فجاء الجهاد يقمع هؤلاء ويزيحهم عن مناصبهم التي كانوا فيها عقبة كأداء في طريق الدعوة، فالجهاد مناصر للدعوة ومحقق لمقاصدها ومعين للدعاة على أداء واجبهم (3 / 122) (6 / 287)
2 - أما قول من قال بأن القتال للدفاع فقط، فهذا القول ما علمته لأحد من العلماء القدامى، أن الجهاد شرع في الإسلام بعد آية السيف للدفاع فقط، وأن الكفار لا يبدءون بالقتال وإنما يشرع للدفاع فقط. وقد كتب بعض إخواننا رسالة في الرد على هذا القول وفي الرد على رسالة افتراها بعض الناس على شيخ الإسلام ابن تيمية، زعم فيها أنه يرى أن الجهاد للدفاع فقط. وهذا الكاتب هو فضيلة العلامة: الشيخ سليمان بن حمدان رسالة ذكر فيها أن هذا القول منقول عن بعض أهل الكوفة، وإنما اشتهر بين الكتاب مؤخراً.. وأما العلماء فلم يشتهر بينهم، وإنما المعروف بين العلماء أن الرسول صلى الله عليه وسلم بعدما هاجر أذن له في القتال مطلقاً، ثم فرض عليه الجهاد وأمر بأن يقاتل من قاتل، ويكف عمن كف، ثم بعد ذلك أنزل الله عليه الآيات الآمرة بالجهاد مطلقاً، وعدم الكف عن أحد حتى يدخل في دين الله، أو يؤدي الجزية إن كان من أهلها كما تقدم. وهذا هو المعروف في كلام أهل العلم. وقد تقدم ذكر قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الجمع بين النصوص وأنه هو الأقرب ولا نسخ، وإنما تختلف الأحوال بقوة المسلمين وضعفهم: فإذا ضعف المسلمون جاهدوا بحسب حالهم، وإذا عجزوا عن ذلك اكتفوا بالدعوة، وإذا قووا بعض القوة قاتلوا من بدأهم ومن قرب منهم، وكفوا عمن كف عنهم، وإذا قووا وصار لهم السلطان والغلبة، قاتلوا الجميع وجاهدوا الجميع حتى يسلموا، أو يؤدوا الجزية، إلا من لا تؤخذ منهم كالعرب عند جمع من أهل العلم. (3 / 196)
3 - لا ريب أن مكافحة المسكرات والمخدرات من أعظم الجهاد في سبيل الله، ومن أهم الواجبات التعاون بين أفراد المجتمع في مكافحة ذلك؛ لأن مكافحتها في مصلحة الجميع؛ ولأن فشوها ورواجها مضرة على الجميع ومن قتل في سبيل مكافحة هذا الشر وهو حسن النية فهو من الشهداء، ومن أعان على فضح هذه الأوكار وبيانها للمسئولين فهو مأجور وبذلك يعتبر مجاهدا في سبيل الحق وفي مصلحة المسلمين وحماية مجتمعهم مما يضر بهم (4 / 410)(18 / 425)
4 - بينا أكثر من مرة أن الجهاد فرض كفاية، لا فرض عين، وعلى جميع المسلمين أن يجاهدوا في نصر إخوانهم بالنفس والمال، والسلاح، والدعوة والمشورة، فإذا خرج منهم من يكفي سلم الجميع من الإثم، وإذا تركوه كلهم أثموا جميعا، فعلى المسلمين في المملكة، وإفريقيا، والمغرب، وغيرها أن يبذلوا طاقتهم والأقرب فالأقرب، فإذا حصلت الكفاية من دولة أو دولتين أو ثلاث أو أكثر سقط عن الباقين، وهم مستحقون للنصر والتأييد، والواجب مساعدتهم ضد عدوهم؛ لأنهم مظلومون، والله أمر بالجهاد للجميع، وعليهم أن يجاهدوا ضد أعداء الله حتى ينصروا إخوانهم، وإذا تركوا ذلك أثموا وإذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين (7 / 338)
-
رد: الاختيارات الفقهية من الفتاوى البازية
كتاب الجهاد
5 - الجهاد جهادان: جهاد طلب، وجهاد دفاع . والمقصود منهما جميعاً،هو تبليغ دين الله،ودعوة الناس إليه،وإخراجهم من الظلمات إلى النور، وإعلاء دين الله في أرضه،وأن يكون الدين كله لله وحده (18 / 70)
6- ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أخذ الجزية من مجوس هجر، فهؤلاء الأصناف الثلاثة من الكفار،وهم:اليهود والنصارى والمجوس،ثبت بالنص أخذ الجزية منهم،فالواجب أن يجاهدوا ويقاتلوا - مع القدرة - حتى يدخلوا في الإسلام،أو يؤدوا الجزية عن يد وهم صاغرون، أما غيرهم فالواجب قتالهم حتى يسلموا - في أصح قولي العلماء - لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قاتل العرب حتى دخلوا في دين الله أفواجاً، ولم يطلب منهم الجزية، ولو كان أخذها منهم جائزاً تُحقن به دماؤهم وأموالهم لبينه لهم، ولو وقع ذلك لنقل . وذهب بعض أهل العلم إلى جواز أخذها من جميع الكفار؛ لحديث بريدة المشهور في ذلك المخرج في صحيح مسلم، والكلام في هذه المسألة،وتحرير الخلاف فيها وبيان الأدلة مبسوط في كتب أهل العلم،من أراده وجده . ويستثنى من الكفار في القتال:النساء،والصبيان،والشيخ الهرم،ونحوهم ممن ليس من أهل القتال،ما لم يشاركوا فيه،فإن شاركوا فيه وساعدوا عليه بالرأي والمكيدة قوتلوا،كما هو معلوم من الأدلة الشرعية (18 / 72)
7 - قد كان الجهاد في الإسلام على أطوار ثلاثة:الطور الأول: الإذن للمسلمين في ذلك من غير إلزام لهم،كما في قوله - سبحانه -: (أُذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير)[1].
الطور الثاني: "الأمر بقتال من قاتل المسلمين،والكف عمن كف عنهم، وفي هذا النوع نزل قوله - تعالى -:(لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي)[2]، وقوله - تعالى:(وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)[3]، وقوله - تعالى:(وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين)[4]،في قول جماعة من أهل العلم، وقوله - تعالى - في سورة النساء: (ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في سبيل الله فإن تولوا فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم ولا تتخذوا منهم ولياً ولا نصيراً)[5]،والآية بعدها.
الطور الثالث: جهاد المشركين مطلقاً،وغزوهم في بلادهم،حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله؛ ليعم الخير أهل الأرض، وتتسع رقعة الإسلام، ويزول من طريق الدعوة دعاة الكفر والإلحاد، وينعم العباد بحكم الشريعة العادل، وتعاليمها السمحة، وليخرجوا بهذا الدين القويم من ضيق الدنيا إلى سعة الإسلام، ومن عبادة الخلق إلى عبادة الخالق - سبحانه - ومن ظلم الجبابرة إلى عدل الشريعة وأحكامها الرشيدة . وهذا هو الذي استقر عليه أمر الإسلام، وتوفي عليه نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وأنزل الله فيه قوله - عز وجل - في سورة براءة – وهي من آخر ما نزل -: (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم)[6]، وقوله - سبحانه - في سورة الأنفال: (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله)[7]، والأحاديث السابقة كلها تدل على هذا القول،وتشهد له بالصحة . وقد ذهب بعض أهل العلم،إلى أن الطور الثاني؛وهو القتال لمن قاتل المسلمين والكف عمن كف عنهم،قد نسخ؛ لأنه كان في حال ضعف المسلمين، فلما قواهم الله وكثر عددهم وعدتهم،أمروا بقتال من قاتلهم ومن لم يقاتلهم، حتى يكون الدين كله لله وحده،أو يؤدوا الجزية إن كانوا من أهلها .
وذهب آخرون من أهل العلم،إلى أن الطور الثاني لم ينسخ،بل هو باق يعمل به عند الحاجة إليه، فإذا قوي المسلمون واستطاعوا بدء عدوهم بالقتال وجهاده في سبيل الله،فعلوا ذلك؛عملاً بآية التوبة وما جاء في معناها، أما إذا لم يستطيعوا ذلك فإنهم يقاتلون من قاتلهم واعتدى عليهم، ويكفون عمن كف عنهم؛عملاً بآية النساء وما ورد في معناها .وهذا القول أصح وأولى من القول بالنسخ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - . (18 / 73) (128)
8 - الرباط:هو الإقامة في الثغور،وهي الأماكن التي يخاف على أهلها من أعداء الإسلام، والمرابط هو المقيم فيها، المعد نفسه للجهاد في سبيل الله،والدفاع عن دينه وإخوانه المسلمين . (18 / 81)
[1]- سورة الحج، الآية 39 .
[2]- سورة البقرة، الآية 256 .
[3]- سورة الكهف، الآية 29 .
[4]- سورة البقرة، الآية 190 .
[5]- سورة النساء، الآية 89 .
[6]- سورة التوبة، الآية 5 .
[7]- سورة الأنفال، الآية 39 .
-
رد: الاختيارات الفقهية من الفتاوى البازية
كتاب الجهاد
9 - الجهاد أقسام: بالنفس، والمال، والدعاء، والتوجيه والإرشاد، والإعانة على الخير من أي طريق . وأعظم الجهاد: الجهاد بالنفس، ثم الجهاد بالمال،والجهاد بالرأي والتوجيه . والدعوة كذلك من الجهاد، فالجهاد بالنفس أعلاها . (18 / 419)
10 - كل من سماه - صلى الله عليه وسلم - شهيداً،فإنه يسمى شهيداً؛ كالمطعون،والمبطون،وصاحب الهدم،والغرق،والقتيل في سبيل الله،والقتيل دون دينه،أو دون ماله،أو دون أهله،أو دون دمه، لكنهم كلهم يغسلون ويصلى عليهم،ما عدا الشهيد في المعركة، فإنه لا يغسل ولا يصلى عليه إذا مات في المعركة؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يغسل شهداء أحد الذين ماتوا في المعركة،ولم يصل عليهم،كما رواه البخاري في صحيحه عن جابر - رضي الله عنه - (18 / 423)
11 - لابد من جهاد النفس في لزوم الحق،والثبات على التوبة؛ لأن النفس تحتاج إلى جهاد، يقول الله - عز وجل -: (ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه)[1]، ويقول - عز وجل -: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين)[2]. (18 / 427)
12 - تجوز الهدنة مع الأعداء مطلقة ومؤقتة، إذا رأى ولي الأمر المصلحة في ذلك؛ لقول الله - سبحانه -: (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم)[3]، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعلهما جميعاً،كما صالح أهل مكة على ترك الحرب عشر سنين، يأمن فيها الناس، ويكف بعضهم عن بعض، وصالح كثيرا من قبائل العرب صلحاً مطلقاً، فلما فتح الله عليه مكة، نبذ إليهم عهودهم، وأجل من لا عهد له أربعة أشهر، كما في قوله - سبحانه -: (براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين . فسيحوا في الأرض أربعة أشهر) الآية[4]. وبعث - صلى الله عليه وسلم - المنادين بذلك عام تسع من الهجرة بعد الفتح مع الصديق،لما حج - رضي الله عنه - ولأن الحاجة والمصلحة الإسلامية قد تدعو إلى الهدنة المطلقة، ثم قطعها عند زوال الحاجة، كما فعل ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -وقد بسط العلامة ابن القيم - رحمه الله - القول في ذلك في كتابه (أحكام أهل الذمة)، واختار ذلك شيخه،شيخ الإسلامابن تيمية،وجماعة من أهل العلم . (18 / 439)
[1]- سورة العنكبوت، الآية 6 .
[2]- سورة العنكبوت، الآية 69 .
[3]- سورة الأنفال، الآية 61 .
[4]- سورة التوبة، الآيتان 1، 2
-
رد: الاختيارات الفقهية من الفتاوى البازية
كتاب الأطعمة والصيد والذكاة
1 - التبذير هو: صرف الأموال في غير وجهها، إما في المعاصي، وإما في غير فائدة لعبا وتساهلا بالأموال . أما الإسراف فهو: الزيادة التي لا وجه لها، يزيد في الطعام والشراب بلا حاجة، يكفيه مثلا كيلو من الطعام أو كيلو من اللحم، أو ما شابه ذلك فيزيد طعاما ولحوما لا حاجة لها، تلقى في التراب وفي القمائم، هذا يسمى إسرافا . وأما إتلاف الأموال بغير حق وصرفها في غير حق فيسمى تبذيرا، وبين سبحانه أن المبذرين إخوان الشياطين . لأنهم شابهوهم في اللعب والإضاعة والمعاصي (4 / 113)
2 - الشبع الذي لا يضر لا بأس به . فالناس كانوا يأكلون ويشبعون في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وفي غيره، ولكن يخشى من الشبع الظاهر الزائد، وكان النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأحيان يدعى إلى ولائم، ويضيف الناس ويأمرهم بالأكل فيأكلون ويشبعون، ثم يأكل بعد ذلك عليه الصلاة والسلام ومن بقي من الصحابة . وفي عهده يروى أن جابر بن عبد الله الأنصاري دعا النبي صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب يوم غزوة الخندق إلى طعام على ذبيحة صغيرة - سخلة - وعلى شيء من شعير فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقطع الخبز واللحم وجعل يدعو عشرة عشرة فيأكلون ويشبعون ثم يخرجون ويأتي عشرة آخرون وهكذا فبارك الله في الشعير وفي السخلة وأكل منها جمع غفير وبقي منها بقية عظيمة حتى صرفوها للجيران والنبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم أيضا سقى أهل الصفة لبنا قال أبو هريرة فسقيتهم حتى رووا ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم " اشرب يا أبا هريرة " قال شربت ثم قال " اشرب " فشربت ثم قال " اشرب " فشربت ثم قلت والذي بعثك بالحق لا أجد له مسلكا ثم أخذ النبي صلى الله عليه وسلم ما بقي وشرب عليه الصلاة والسلام وهذا يدل على جواز الشبع وجواز الري، لكن من غير مضرة (4 / 123)
3 - ذبائح أهل الكتاب - حكمها الحل والإباحة بالإجماع ما لم يعلم أنها ذبحت على غير الوجه الشرعي كالخنق ونحوه؛ لقول الله سبحانه: ﴿الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ﴾[1] الآية من سورة المائدة (4 / 268) (23 / 16)
4 - هذه الحشرات - كالنمل والصراصير والبعوض ونحوها - إذا حصل منها الأذى تقتل لكن بغير النار من أنواع المبيدات . لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "خمس من الدواب كلهن فواسق يقتلن في الحل والحرم الغراب والحدأة والفأرة والعقرب والكلب العقور" وجاء في الحديث الآخر الصحيح ذكر الحية . وهذا الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم يدل على شرعية قتل هذه الأشياء المذكورة وما في معناها من المؤذيات كالنمل والصراصير والبعوض والذباب والسباع دفعا لأذاها، أما إذا كان النمل لا يؤذي فإنه لا يقتل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل النملة والنحلة والهدهد والصرد، وذلك إذا لم يؤذ شيء منها . أما إذا حصل منه أذى فإنه يلحق بالخمس المذكورة في الحديث . والله ولي التوفيق . (5 / 301) (7 / 149)
5 - الذي عليه الأئمة الأربعة وعامة أهل العلم هو: تحريم شحمه - الخنزير - تبعاً للحمه، وحكاه الإمام القرطبي والعلامة الشوكاني؛ لأنه إذا نص على تحريم الأشرف، فالأدنى أولى بالتحريم؛ ولأن الشحم تابع للحم عند الإطلاق؛ فيعمه النهي والتحريم؛ ولأنه متصل به اتصال خلقة؛ فيحصل به من الضرر ما يحصل بملاصقه، وهو اللحم؛ ولأنه قد ورد في الأحاديث الصحيحة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يدل على تحريم الخنزير بجميع أجزائه، والسنة تفسر القرآن، وتوضح معناه، ولم يخالف في هذا أحد فيما نعلم، ولو فرضنا وجود خلاف لبعض الناس، فهو خلاف شاذ مخالف للأدلة والإجماع الذي قبله، فلا يلتفت إليه . (23 / 11)
[1] - سورة المائدة الآية 5.
-
رد: الاختيارات الفقهية من الفتاوى البازية
كتاب الأطعمة والصيد والذكاة
6 - قد أجمع علماء الإسلام على تحريم ذبائح المشركين من عُباد الأوثان، ومنكري الأديان، ونحوهم من جميع أصناف الكفار غير اليهود والنصارى والمجوس، وأجمعوا على إباحة ذبيحة أهل الكتاب من اليهود والنصارى . واختلفوا في ذبيحة المجوس – عباد النار – فذهب الأئمة الأربعة والأكثرون إلى تحريمها؛ إلحاقاً للمجوس بعباد الأوثان، وسائر صنوف الكفار من غير أهل الكتاب، وذهب بعض أهل العلم إلى حل ذبيحتهم؛ إلحاقاً لهم بأهل الكتاب . وهذا قول ضعيف جداً، بل باطل، والصواب ما عليه جمهور أهل العلم؛ من تحريم ذبيحة المجوس كذبيحة سائر المشركين؛ لأنهم من جنسهم، فيما عدا الجزية، وإنما شابه المجوس أهل الكتاب في أخذ الجزية منهم فقط، والحجة في ذلك قول الله - سبحانه - في كتابه الكريم في سورة (المائدة): {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ { أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ}[1]. فصرح - سبحانه - أن طعام أهل الكتاب حل لنا، وطعامهم: ذبائحهم، كما قاله ابن عباس وغيره من أهل العلم _ ومفهوم الآية: أن طعام غير أهل الكتاب من الكفار حرام علينا، وبذلك قال أهل العلم قاطبة، إلا ما عرفت من الخلاف الشاذ الضعيف في ذبيحة المجوس . (4 / 435) (23 / 13)
7 - إذا كانت اللحوم المذكورة مستوردة من بلاد أهل الكتاب حل أكلها، ما لم تعلم ما يدل على حرمتها؛ لقول الله - سبحانه وتعالى -: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ}[2] الآية . وكون بعض المجازر في بعض بلاد أهل الكتاب تذبح ذبحاً غير شرعي، لا يوجب ذلك تحريم الذبائح المستوردة من بلاد أهل الكتاب، حتى تعلم أن تلك الذبيحة المعينة من المجزرة التي تذبح ذبحاً غير شرعي؛ لأن الأصل الحل والسلامة حتى تعلم ما يقتضي خلاف ذلك . (23 / 18)
8 - إذا كانت المنطقة التي فيها اللحوم المذكورة ليس فيها إلا أهل الكتاب من اليهود والنصارى، فذبيحتهم حلال، ولو لم تعلم كيف ذبحوها؛ لأن الأصل حل ذبائحهم؛ لقول الله - عز وجل -: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ}[3] الآية . فإن كان في المنطقة غيرهم من الكفار فلا تأكل؛ لاشتباه الحلال بالحرام، وهكذا إن علمت أن الذين يبيعون هذه اللحوم يذبحون على غير الوجه الشرعي؛ كالخنق والصعق، فلا تأكل - سواء كان الذابح مسلماً أو كافراً -؛ لقول الله - عز وجل -: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَ ةُ وَالْمَوْقُوذَة ُ وَالْمُتَرَدِّي َةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ}[4]. الآية (23 / 20)
9 - الأصل الحل من الأجبان الموجودة بين المسلمين، حتى يعلم أن فيها شيئاً نجساً، وإلا فالأصل حلها فيما يجلب من بلادنا، فالأصل فيه الحل، إلا أن يعلم يقيناً أن فيه ما يحرمه. (23 / 21)
10 - النبي - صلى الله عليه وسلم – قال -في الضبع- : ((إنها صيد))[5]، فالضبع صيدٌ بنص الحديث الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولله فيها حكم، فالذين يعرفون لحمها وجربوه، يقولون فيه فوائد كثيرة لأمراض كثيرة، والمقصود أنها حِلّ، وإذا ذبحها ونظفها، وألقى ما في بطنها وطبخها، فإنها حل كسائر أنواع الصيد (23 / 34)
[1]- سورة المائدة، الآية 5.
[2]- سورة المائدة، الآية 5 .
[3]- سورة المائدة، الآية 5 .
[4]- سورة المائدة، الآية 3 .
[5]- أخرجه الترمذي برقم: 1713 (كتاب الأطعمة)، باب (ما جاء في أكل الضبع)، وأبو داود برقم: 1860 (كتاب المناسك)، باب (ما جاء في جزاء الضبع)، والنسائي برقم: 4249 (كتاب الصيد والذبائح)، باب (الضبع) .
-
رد: الاختيارات الفقهية من الفتاوى البازية
كتاب الأطعمة والصيد والذكاة
11 - قد اختلف العلماء – رحمهم الله – في حكمه - النيص -، فمنهم من أحله ومنهم من حرمه، وأصح القولين أنه حلال؛ لأن الأصل في الحيوانات الحل،فلا يحرم منها إلا ما حرمه الشرع، ولم يرد في الشرع ما يدل على تحريم هذا الحيوان، وهو يتغذى بالنبات كالأرنب والغزال، وليس من ذوات الناب المفترسة، فلم يبق وجه لتحريمه . والحيوان المذكور نوع من القنافذ، ويسمى الدلدل، ويعلو جلده شوك طويل، وقد سئل ابن عمر - رضي الله عنهما – عن القنفذ، فقرأ قوله - تعالى -: {قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِير}[1]. الآية، فقال شيخ عنده: إن أبا هريرة روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((إنه خبيث من الخبائث))، فقال ابن عمر: إن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك، فهو كما قاله[2]. فاتضح من كلامه - رضي الله عنه – أنه لا يعلم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال في شأن القنفذ شيئاً، كما اتضح من كلامه - أيضاً - عدم تصديقه الشيخ المذكور، والحديث المذكور ضعفه البيهقي وغيره من أهل العلم؛ بجهالة الشيخ المذكور . فعلم مما ذكرنا صحة القول بحله، وضعف القول بتحريمه (23 / 35)
12 - ليس الأكل مع الكافر حراماً، إذا دعت الحاجة إلى ذلك أو لمصلحة شرعية، لكن لا تتخذهم أصحاباً، فتأكل معهم من غير سبب شرعي أو مصلحة شرعية، ولا تؤانسهم، وتضحك معهم، ولكن إذا دعت إلى ذلك حاجة؛ كالأكل مع الضيف، أو ليدعوهم إلى الله ويرشدهم إلى الحق، أو لأسباب أخرى شرعية، فلا بأس . وإباحة طعام أهل الكتاب لنا، لا تقتضي اتخاذهم أصحاباً وجلساء، ولا تقتضي مشاركتهم في الأكل والشرب من دون حاجة، ولا مصلحة شرعية . (10 / 154) (23 / 38)
13 - لا حرج في جعل بيارة لغسل الأواني والأيدي من الطعام مع الفضولات الأخرى؛ لأن الدسم في الأيدي والأواني ليس بطعام . أما الخبز واللحوم وأنواع الأطعمة، فلا يجوز طرحها في البيارات، بل يجب دفعها إلى من يحتاج إليها، أو وضعها في مكان بارز لا يمتهن، رجاء أن يأخذها من يحتاجها إلى دوابه، أو يأكلها بعض الدواب والطيور، ولا يجوز وضعها في القمامة، ولا في المواضع القذرة، ولا في الطريق، لما في ذلك من الامتهان لها، ولما في وضعها في الطريق من الامتهان، وإيذاء من يسلك الطريق . (23 / 39)
14 - لا يجوز استعمال الجرائد سفرة للأكل عليها، ولا جعلها ملفاً للحوائج، ولا امتهانها بسائر أنواع الامتهان، إذا كان فيها شيء من الآيات القرآنية أو من ذكر الله - عز وجل - والواجب - إذا كان الحال ما ذكرنا - حفظها في محل مناسب، أو إحراقها، أو دفنها في أرض طيبة.(23 / 40)
15 - دلت الأدلة الشرعية على أن شرب الدخان من الأمور المحرمة شرعاً، وذلك لما اشتمل عليه من الخبث والأضرار الكثيرة . والله - سبحانه - لم يبح لعباده من المطاعم والمشارب إلا ما كان طيباً نافعاً، أما ما كان ضاراً لهم في دينهم أو دنياهم أو مغيراً لعقولهم، فإن الله - سبحانه - قد حرمه عليهم، وهو - عز وجل - أرحم بهم من أنفسهم، وهو الحكيم العليم في أقواله وأفعاله وشرعه وقدره؛ فلا يحرم شيئاً عبثاً، ولا يخلق شيئاً باطلاً، ولا يأمر بشيء ليس للعباد فيه فائدة؛ لأنه - سبحانه - أحكم الحاكمين وأرحم الراحمين، وهو العالم بما يصلح العباد، وينفعهم في العاجل والآجل، كما قال - سبحانه - {إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ}[3]، وقال - عز وجل -: {إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيما حَكِيمًا}[4]. (23 / 44 – 51)
[1]- سورة الأنعام، الآية 145 .
[2]- أخرجه أحمد برقم: 8597 (باقي مسند المكثرين) .
[3]- سورة الأنعام، الآية 128 .
[4]- سورة النساء، الآية 11 .
-
رد: الاختيارات الفقهية من الفتاوى البازية
كتاب الأطعمة والصيد والذكاة
16 - لا ريب في تحريم القات والدخان؛ لمضارهما الكثيرة، وتخديرهما في بعض الأحيان، وإسكارهما في بعض الأحيان - كما صرح بذلك الثقات العارفون بهما - وقد ألف العلماء في تحريمهما مؤلفات كثيرة، ومنهم شيخنا العلامة الشيخ / محمد بن إبراهيم آل الشيخ - مفتي البلاد السعودية سابقاً – رحمه الله - (23 / 53)
17 - لا أعلم ما يدل على نجاسته - القات -؛ لكونه شجرة معروفة، والأصل في الشجر وأنواع النبات الطهارة، ولكن استعماله محرم - في أصح قولي العلماء - لما فيه من المضار الكثيرة. (23 / 55)
18 - يقول البعض: إن الشاي هو من الخمور؛ لأن تحضيره يتم عن طريق تخمير أوراق نبات الشاي الأخضر لتصبح سوداء ؟
لا أصل لهذا القول فيما نعلم (23 / 58)
19 - إذا كانت البيرة سليمة مما يسكر فلا بأس، أما إذا كانت مشتملة على شيء من مادة السُّكْر فلا يجوز شربها، وهكذا بقية المسكرات - سواء كانت مشروبة أو مأكولة - يجب الحذر منها، ولا يجوز شرب شيء منها ولا أكله؛ لقول الله - عزوجل -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ}[1]. ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام))[2]. خرجه الإمام مسلم في صحيحه . (23 / 58)
20 - لا يجوز الجلوس مع قوم يشربون الخمر إلا أن تنكر عليهم، فإن قبلوا وإلا فارقتهم؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يدار عليها الخمر))[3]. خرجه الإمام أحمد والترمذي بإسناد حسن ولأن الجلوس معهم وسيلة إلى مشاركتهم في عملهم السيئ، أو الرضا به (23 / 61)
[1]- سورة المائدة، الآيتان 90، 91 .
[2]- أخرجه مسلم برقم: 3733 (كتاب الأشربة)، باب (بيان أن كل مسكر خمر، وأن كل خمر حرام) .
[3]- أخرجه الترمذي برقم: 2725 (كتاب الأدب)، باب (ما جاء في دخول الحمام)، وأحمد برقم: 120 (مسند العشرة المبشرين بالجنة)
-
رد: الاختيارات الفقهية من الفتاوى البازية
كتاب الأطعمة والصيد والذكاة
21 - مما يتعلق بالذكاة لمباح الأكل بوجه تفصيلي خاص، نسوق طائفة مما يتعلق بجانب الإحسان إليه عند تذكيته، ومنه: المستحبات الآتية:
1-عرض الماء على ما يراد ذبحه؛ للحديث السابق: ((إن الله كتب الإحسان على كل شيء)) . الحديث .
2 -أن تكون آله الذبح حادة وجيدة، وأن يمرها الذابح على محل الذكاة بقوة وسرعة، ومحله اللبة من الإبل، والحلق من غيرها من المقدور على تذكيته .
3-أن تنحر الإبل قائمة معقولة يدها اليسرى - إن تيسر - موجهة إلى القبلة .
4-وذبح غير الإبل مضجعة على جنبها الأيسر - إن كان أيسر للذابح - ويضع رجله على صفحة عنقها، غير مشدودة الأيدي أو الأرجل، وبدون ليِّ شيء منها أو كسره قبل زهوق روحها وسكون حركتها، ويكره خلع رقبتها كذلك، أو أن تذبح وأخرى تنظر . هذه المذكورات مما يستحب عند التذكية للحيوان؛ رحمة به، وإحساناً إليه . ويكره خلافها مما لا إحسان فيه؛ كجره برجله، فقد روى عبد الرازق موقوفاً: أن ابن عمر رأى رجلا يجر شاة برجلها ليذبحها، فقال له: ((ويلك، قدها إلى الموت قوداً جميلاً)) . أو أن يحد الشفرة والحيوان يبصره وقت الذبح؛ لما ثبت في مسند الإمام أحمد عن ابن عمر - رضي الله عنهما -: ((أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تحد الشفار وأن توارى عن البهائم))[1]، وما ثبت في معجمي الطبراني الكبير والأوسط، ورجاله رجال الصحيح، عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما – قال: مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على رجل واضع رجله على صفحة شاة وهو يحد شفرته، وهي تلحظ إليه ببصرها، قال: ((أفلا قبل هذا ؟ أتريد أن تميتها موتتين))[2].
أما غير المقدور على تذكيته؛ كالصيد الوحشي أو المتوحش، وكالبعير يند فلم يقدر عليه، فيجوز رميه بسهم أو نحوه، بعد التسمية عليه، مما يسيل الدم غير عظم وظفر، ومتى قتله السهم جاز أكله؛ لأن قتله بذلك في حكم تذكية المقدور عليه تذكية شرعية، ما لم يحتمل موته بغير السهم أو معه . (23 / 73)
22 - كل من كان يدين بالإسلام ويسلك مذهب أهل السنة، ذبيحته حلال، ومن قال: إن ذبيحتك ليست حلالاً فقد أخطأ وغلط، ما دمت - بحمد الله - تسير على مذهب أهل السنة في الإخلاص لله، واتباع شريعته . (23 / 76)
23 - إذا كان مسلماً يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ولا يعرف عنه ما يقتضي كفره، فإن ذبيحته تكون حلالاً إلا إذا عُرف عنه أنه قد أتى بشيء من الشرك؛ كدعاء الجن أو دعاء الأموات أو الاستغاثة بهم، فهذا نوع من الشرك الأكبر، ومثل هذا لا تؤكل ذبيحته . ومن أمثلة دعاء الجن أن يقول: افعلوا كذا أو افعلوا كذا، أو أعطوني كذا، أو افعلوا بفلان كذا، وهكذا من يدعو أصحاب القبور، أو يدعو الملائكة ويستغيث بهم، أو ينذر لهم، فهذا كله من الشرك الأكبر . نسأل الله السلامة والعافية . أما المعاصي فهي لا تمنع من أكل ذبيحة من يتعاطى شيئاً منها - إذا لم يستحلها - بل هي حلال إذا ذبحها على الوجه الشرعي، أما من يستحل المعاصي فهذا يعتبر كافراً؛ كأن يستحل الزنا أو الخمر أو الربا أو عقوق الوالدين أو شهادة الزور، ونحو ذلك من المحرمات المجمع عليها بين المسلمين . (23 / 77)
24 - التذكية الشرعية للإبل والغنم والبقر، أن يقطع الذابح الحلقوم والمريء والودجين (وهما العرقان المحيطان بالعنق) . وهذا هو أكمل الذبح وأحسنه؛ فالحلقوم مجرى النفس، والمريء مجرى الطعام والشراب، والودجان عرقان يحيطان بالعنق، إذا قطعهما الذابح صار الدم أكثر خروجاً، فإذا قطعت هذه الأربعة، فالذبح حلال عند جميع العلماء .
الحالة الثانية: أن يقطع الحلقوم والمريء وأحد الودجين، وهذا أيضاً حلال صحيح، وطيب، وإن كان دون الأول .
والحالة الثالثة: أن يقطع الحلقوم والمريء فقط دون الودجين، وهو أيضاً صحيح، وقال به جمع من أهل العلم، ودليلهم: قوله - عليه الصلاة والسلام -: ((ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا، ليس السن والظفر))[3]. وهذا هو المختار في هذه المسألة.
والسنة: نحر الإبل قائمة على ثلاث، معقولة يدها اليسرى، وذلك بطعنها في اللبة التي بين العنق والصدر .
أما البقر والغنم، فالسنة أن تذبح وهي على جنبها الأيسر، كما أن السنة عند الذبح والنحر توجيه الحيوان إلى القبلة، وليس ذلك واجباً بل هو سنة فقط، فلو ذبح أو نحر لغير القبلة حلت الذبيحة، وهكذا لو نحر ما يذبح، أو ذبح ما ينحر، حلت، لكن ذلك خلاف السنة . (18 / 26) (23 / 78)
25 - توجيه الذبائح - سواء كانت من بهيمة الأنعام، أو من الطيور - إلى القبلة عند الذبح هو سنة وليس بواجب (16 / 78) (23 / 80)
[1]- أخرجه أحمد برقم: 5598 (مسند المكثرين من الصحابة)، وابن ماجة برقم: 3163 (كتاب الذبائح)، باب (إذا ذبحتم فأحسنوا الذبح) .
[2]- انظر: (مجمع الزوائد)، باب (إحداد الشفرة)، ج4 /33 .
[3]- أخرجه البخاري برقم: 2308 (كتاب الشركة)، باب (قسمة الغنم)، ومسلم برقم: 3638 (كتاب الأضاحي)، باب (جواز الذبح بكل ما أنهر الدم إلا السن).
-
رد: الاختيارات الفقهية من الفتاوى البازية
كتاب الأطعمة والصيد والذكاة
26 - الرقبة كلها محل للذبح والنحر - أعلاها وأسفلها - لكن في الإبل، السنة نحرها في اللبة، أما البقر والغنم، فالسنة ذبحها في أعلى العنق؛ حتى يقطع بذلك الحلقوم والمريء والودجين . (23 / 81)
27- يجوز للمرأة أن تذبح الذبيحة كالرجل، كما صحت بذلك السنة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويجوز الأكل من ذبيحتها إذا كانت مسلمة أو كتابية، وذبحت الذبح الشرعي، ولو وجد رجل يقوم مقامها في ذلك، فليس من شرط حل ذبيحتها عدم وجود الرجل . (23 / 82)
28- كل ذبح من مسلم أو كتابي، يجعل الذبيحة في حكم المنخنقة أو الموقوذة أو المتردية أو النطيحة، فهو ذبح يحرّم البهيمة، ويجعلها في عداد الميتات (23 / 83)
29 - الواجب ذكر اسم الله عند الرمي، ولا يكفي ذكر ذلك عند إدخال الطلقة في البندقية؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((وإن رميت سهمك فاذكر اسم الله))[1]. متفق على صحته، من حديث عدي بن حاتم - رضي الله عنه - واللفظ لمسلم (23 / 91)
30 - إذا نسي المسلم التسمية عند الذبح، أو عند رمي الصيد، أو إرسال الكلب المعلم للصيد، فإن الذبيحة حلال، وهكذا الصيد إذا أدركه ميتاً؛ لقول الله - عز وجل -: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا }[2]، وقد صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((قال الله: قد فعلت))[3]. أخرجه مسلم في صحيحه، ولما روي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((إن الله - عز وجل - عفا لهذه الأمة عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه))[4]؛ ولأدلة أخرى (23 / 92)
[1]- أخرجه البخاري برقم: 5062 (كتاب الذبائح والصيد)، باب (الصيد إذا غاب عنه يومين أو ثلاثة)، ومسلم برقم: 3566 (كتاب الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان)، باب (الصيد بالكلاب المعلمة) .
[2]- سورة البقرة، الآية 286 .
[3]- أخرجه مسلم برقم: 180 (كتاب الإيمان) .
[4]- أخرجه الطبراني في (الأوسط)، برقم: 2137 ج2 / 331 .
-
رد: الاختيارات الفقهية من الفتاوى البازية
جزاك الله خيرا وبارك الله فيك ونفع بك وتقبل منك
-
رد: الاختيارات الفقهية من الفتاوى البازية
الأخ الكريم قيس بن سعد : بارك الله فيك على حضورك ونفع بك ورفع قدرك وأعلى منزلتك .
-
رد: الاختيارات الفقهية من الفتاوى البازية
كتاب البيوع:
1 - في مدينتنا جمعية تعاونية قامت بعرض سيارة أمام مدخلها بحيث من يشتري منها بضائع بالسعر العادي بمائة درهم فأكثر تصرف له مجانا قسيمة مرقمة مطبوعا فيها " قيمتها عشرة دراهم " ويتم فيما بعد سحب يفوز فيه صاحب الحظ السعيد - كما يقولون- بتلك السيارة المعروضة . وسؤالي هو:
1- ما حكم الاشتراك في هذا السحب بتلك القسيمة المصروفة بدون مقابل ولا يخسر المشترك شيئا في حالة عدم الفوز ؟
2- ما حكم الشراء من تلك الجمعية بغرض الحصول على القسيمة المذكورة للتمكن من الاشتراك في القرعة ؟ وبما أن الناس هنا بما فيهم المثقفون مترددون ومحتارون قبل هذا الأمر، أرجو من سماحتكم الإجابة على السؤالين المرفقين بما تيسر من الدليل ليكون المسلمون على بينة في دينهم .
الجواب: هذه المعاملة تعتبر من القمار وهو الميسر الذي حرمه الله والمذكور في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾[1] فالواجب على ولاة الأمر وأهل العلم في الفجيرة وغيرها إنكار هذه المعاملة والتحذير منها، لما في ذلك من مخالفة كتاب الله العزيز وأكل أموال الناس بالباطل، رزق الله الجميع الهداية والاستقامة على الحق (4 / 203) (19 / 401)
2 - العمل في البنوك التي تتعامل بالربا غير جائز . لأن ذلك إعانة لهم على الإثم والعدوان، وقد قال الله سبحانه: ﴿وَتَعَاوَنُ ا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾[2] وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لعن أكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال: " هم سواء " أخرجه مسلم في صحيحه .أما وضع المال في البنوك بالفائدة الشهرية أو السنوية فذلك من الربا المحرم بإجماع العلماء، أما وضعه بدون فائدة فالأحوط تركه إلا عند الضرورة إذا كان البنك يعامل بالربا لأن وضع المال عنده ولو بدون فائدة فيه إعانة له على أعماله الربوية فيخشى على صاحبه أن يكون من جملة المعينين على الإثم والعدوان وإن لم يرد ذلك، فالواجب الحذر مما حرم الله والتماس الطرق السليمة لحفظ الأموال وتصريفها (4 / 310) (19 / 150)
3 - بيع الخمر وسائر المحرمات من المنكرات العظيمة، وهكذا العمل في مصانع الخمر من المحرمات والمنكرات لقول الله عز وجل: ﴿وَتَعَاوَنُ ا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾[3] ولا شك أن بيع الخمر والمخدرات والدخان من التعاون على الإثم والعدوان، وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لعن الخمر وشاربها وساقيها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وبائعها ومشتريها وآكل ثمنها . (4 / 433)
4 - في هذه المسألة - بيع ريالات الفضة بريالات الورق متفاضلا - إشكال وقد جزم بعض علماء العصر بجواز ذلك؛ لأن الورق غير الفضة، وقال آخرون بتحريم ذلك، لأن الورق عملة دارجة بين الناس وقد أقيمت مقام الفضة فألحقت بها في الحكم، أما أنا فإلى حين التاريخ لم يطمئن قلبي إلى واحد من القولين وأرى أن الأحوط ترك ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) وقوله عليه الصلاة والسلام: (من اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه) وقال عليه الصلاة والسلام: (البر حسن الخلق والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس) وعليه فالأحوط في مثل هذا أن يبيع الفضة بجنس آخر كالذهب أو غيره ثم يشتري بذلك الورق، وإن كان الذي بيده الورق يريد الفضة باع الورق بذهب أو غيره ثم اشترى بذلك الفضة المطلوبة . (6 / 503) (19 / 166 – 168)
5- أخذ الرواتب بواسطة البنوك لا يضر لأن الموظف لم يجعلها للربا، وإنما جعلت بواسطة ولاة الأمر لحفظها هناك حتى تؤخذ، وهكذا ما يُحَوَّل عن طريق البنوك من بلد إلى بلد، أو من دولة إلى دولة هذا لا بأس به لِدُعاء الحاجة إليه، فالمحذور كونه يستعمل الربا أو يعين عليه، أما كونه يحفظ ماله في البنك للضرورة لعدم وجود مكان يحفظه فيه، أو لأسباب أخرى وبدون ربا، أو يحوله بواسطة البنك فلا بأس بذلك إن شاء الله ولا حرج فيه، لكن لو جعلت الدولة الرواتب في غير البنوك لكان أسلم وأحسن. (7 / 295) (19 / 251)
6 - وضع المال في البنوك الربوية لا يجوز؛ لما في ذلك من إعانتها على الإثم والعدوان، وإن دعت الضرورة القصوى إلى ذلك جاز،لكن بدون فائدة . أما الفائدة المذكورة التي توجد عند البنك باسمك من غير اشتراط منك، فالأرجح جواز أخذها وصرفها في جهة بر؛كفقراء محتاجين أو تأمين دورة مياه، وأشباه ذلك من المشاريع النافعة للمسلمين، وذلك أولى من تركها لمن يصرفها في غير وجه بر،وفي أعمال غير شرعية، وقد أحسنت في سحب مالك من البنك . زادنا الله وإياك هدىً وتوفيقاً . (14 / 130)
7 - يحرم التعامل بالربا مع البنوك وغيرها، وجميع الفوائد الناتجة عن الربا كلها محرمة، وليست مالاً لصاحبها، بل يجب صرفها في وجوه الخير، إذا كان قبضها وهو يعلم حكم الله في ذلك، أما إن كان لم يقبضها فليس له إلا رأس ماله؛ لقول الله عز وجل { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ . فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ}[4]. أما إن كان قبضها قبل أن يعرف حكم الله في ذلك فهي له، ولا يجب عليه إخراجها من ماله؛ لقول الله - عز وجل: { وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}[5]. وعليه زكاة أمواله التي ليست من أرباح الربا؛ كسائر أمواله التي يجب فيها الزكاة، ويدخل في ذلك ما دخل عليه من أرباح الربا قبل العلم، فإنها من جملة ماله؛ للآية المذكورة. (14 / 154)(19 / 135)
8 - الزيادة التي تبذل لدائن بعد حلول الأجل؛ليمهل المدين وينظره،هذه الزيادة هي التي كان يفعلها أهل الجاهلية،ويقولون للمدين قولهم المشهور: إما أن تقضي وإما أن تُربي، فمنع الإسلام ذلك،وأنزل الله فيه قوله - سبحانه -: {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ }[6]. وأجمع العلماء على تحريم هذه الزيادة، وعلى تحريم كل معاملة يتوصل بها إلى تحليل هذه الزيادة، مثل أن يقول الدائن للمدين:اشتر مني سلعة - من سكر أو غيره - إلى أجل،ثم بعها بالنقد،وأوفني حقي الأول،فإن هذه المعاملة حيلة ظاهرة على استحلال الزيادة الربوية التي يتعاطاها أهل الجاهلية، لكن بطريق آخر غير طريقهم (19 /53)
9 - من المعلوم عند أهل العلم بالشريعة الإسلامية،أن استثمار الأموال في البنوك بفوائد ربوية محرم شرعاً،وكبيرة من الكبائر،ومحاربة لله - عز وجل - ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - كما قال الله - عز وجل -: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ. يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ}[7]. (19 / 131)
10 - لا يجوز الإيداع في البنوك للفائدة، ولا القرض بالفائدة؛ لأن كل ذلك من الربا الصريح (19 / 135)
[1] - سورة المائده الآيتان 90-91.
[2] - سورة المائدة الآية 2.
[3] -سورة المائدة الآية 2.
[4]- سورة البقرة، الآيتان 278، 279 .
[5]- سورة البقرة، الآية 275 .
[6]- سورة البقرة، الآية 280 .
[7]- سورة البقرة، الآيتان 275، 276
-
رد: الاختيارات الفقهية من الفتاوى البازية
كتاب البيوع
11 - من المعلوم من الدين بالأدلة الشرعية من الكتاب والسنة:أن الفوائد المعينة التي يأخذها أرباب الأموال مقابل مساهمتهم أو إيداعهم في البنوك الربوية،حرام سحت، وهي من الربا الذي حرمه الله ورسوله، ومن كبائر الذنوب، ومما يمحق البركة ويغضب الرب - عز وجل - (19 / 138)
12 - لا تجوز المساهمة في هذا البنك ولا غيره من البنوك الربوية، ولا المساعدة في ذلك بإعطاء الأسماء؛ لأن ذلك كله من التعاون على الإثم والعدوان، وقد نهى الله - سبحانه - عن ذلك في قوله - عز وجل -: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}[1]. وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: " أنه لعن آكل الربا،وموكله،وكاتبه، وشاهديه، وقال: هم سواء"[2]. خرجه الإمام مسلم في صحيحه . (19 / 144)
13 - لا يجوز بيع أسهم البنوك ولا شراؤها؛ لكونها بيع نقود بنقود بغير اشتراط التساوي والتقابض، ولأنها مؤسسات ربوية لا يجوز التعاون معها ببيع ولا شراء (19 / 145)
14 - التحويل عن طريقها - البنوك الربوية - من الضرورات العامة في هذا العصر، وهكذا الإيداع فيها للضرورة،بدون اشتراط الفائدة، فإن دفعت إليه الفائدة من دون شرط ولا اتفاق،فلا بأس بأخذه لصرفها في المشاريع الخيرية - كمساعدة الفقراء والغرماء ونحو ذلك - لا ليمتلكها، أو ينتفع بها، بل هي في حكم المال الذي يضر تركه للكفار بالمسلمين،مع كونه من مكسب غير جائز؛فصرفه فيما ينفع المسلمين أولى من تركه للكفار؛يستعينون به على ما حرم الله فإن أمكن التحويل عن طريق البنوك الإسلامية أو من طرق مباحة، لم يجز التحويل عن طريق البنوك الربوية، وهكذا الإيداع،إذا تيسر في بنوك إسلامية أو متاجر إسلامية،لم يجز الإيداع في البنوك الربوية؛لزوال الضرورة، ولا يجوز للمسلم أن يعامل الكفار ولا غيرهم معاملة ربوية،ولو أراد عدم تملك الفائدة،بل أراد صرفها في مشاريع خيرية؛ لأن التعامل بالربا محرم بالنص والإجماع،فلا يجوز فعله ولو قصد عدم الانتفاع بالفائدة لنفسه . (19 / 194)
15 - الواجب عليكم ترك ما ثبت لديكم أنه اكتسب من طريق الربا،ولا مانع من قبضه وصرفه في بعض أعمال البر؛كمواساة الفقراء،ومساعدة المجاهدين وأمثالهم؛للتخلص منه وبراءة للذمة . (19 / 238)
16 - إذا كان في الورثة فقراء،فلا مانع من مساعدتهم من الزيادة الربوية من دون إخبارهم بذلك؛ لأن الفقراء من المصارف الشرعية للأموال التي ليس لها مالك شرعي،أو جهل مالكها . (19 / 266)
17 - ما أعطاك البنك من الربح،فلا ترده على البنك ولا تأكله، بل اصرفه في وجوه البر؛ كالصدقة على الفقراء، وإصلاح دورات المياه، ومساعدة الغرماء العاجزين عن قضاء ديونهم، وعليك التوبة من ذلك (19 / 268)
18 - لا حرج عليك في أخذ المال الذي وضع لأبيك في البنك، وهو بينك وبين بقية الورثة، إلا أن يكون لدى الدولة تعليمات في ذلك؛فعليكم اتباعها أما الربا فيصرف في وجوه البر؛ كالصدقة على الفقراء، ونحو ذلك من أعمال الخير،وليس لك ولا للورثة أكله . (19 / 271)
19 - إذا كان دخل عليك شيء من الربا وأنت تعلم، فالواجب إخراجه، والتخلص منه للفقراء والمساكين، أو في بعض المشاريع الخيرية؛ كالحمامات،وإصلاح الطرقات، وتسوير المقابر، وما أشبه ذلك مما يحتاجه الناس، ولا تأكل منه شيئاً (19 / 274)
20 - إذا كان يعرف أن ماله حرام لا يعامله، أما إذا كان مخلوطاً،فله أن يعامله؛مثل ما عامل النبي - صلى الله عليه وسلم - اليهود، واليهود أموالهم مخلوطة؛عندهم الربا،وعندهم العقود الباطلة، والنبي - صلى الله عليه وسلم - عاملهم؛ اشترى منهم، وأكل طعامهم وأباح الله لنا طعامهم وعندهم ما عندهم، كما قال - تعالى -: {فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللّهِ كَثِيرًا.وَأَخْ ِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ}[3]، فعندهم بيوع جائزة،وعندهم بيوع محرمة، وعندهم أكساب مباحة وأكساب محرمة فالذي ماله مخلوط لا بأس أن يعامل، أما إذا علمت أن هذا المال محرم،فلا تشتر منه ولا تبع عليه في هذا المال المحرم (19 / 196)
[1]- سورة المائدة، الآية 2 .
[2]- رواه مسلم في (المساقاة)،باب (لعن آكل الربا وموكله)، برقم:1598 .
[3]- سورة النساء، الآيتان 160، 161
-
رد: الاختيارات الفقهية من الفتاوى البازية
كتاب البيوع
21 - هل يجوز صرف شيك الراتب للموظفين قبل تاريخ صرفه لدى بنوك أخرى مقابل عشرين ريالاً لقاء الصرف؟
لا يجوز صرف هذا الشيك على هذا الوجه؛ لما في ذلك من الربا. (19 / 202)
22 - دراسة الاقتصاد الربوي؛إذا كان المقصود منه معرفة أعمال الربا، وبيان حكم الله في ذلك فلا بأس، أما إن كانت الدراسة لغير ذلك فإنها لا تجوز (19 / 239)
23 - الشركة التي تستعمل أموالاً بالربا يجب أن تجتنب، وأن لا يُتعاون معها في هذا الشيء، وإذا عرف الإنسان مقدار الربا الذي دخل عليه،فليخرج ما يقابله للفقراء عشرة في المائة أو عشرين في المائة أو أقل أو أكثر؛حتى يسلم من شر الربا (19 / 249)
24 - إذا ملكت الشركة السيارة وصارت في حوزتها،وقبضتها بالشراء، فلها أن تبيعها على الراغبين بالسعر الذي يحصل عليه اتفاق،مع الزيادة التي تراها، سواء كانت كلها مؤجلة، أو بعضها مؤجل وبعضها نقد،لا حرج في ذلك؛ لأن الله - سبحانه - قال: {وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}[1]. (19 / 7)
25 - شراء الشقة من البنك بالتقسيط لا مانع منه،بشرط أن لا يتم التعاقد مع البنك على شراء الشقة،إلا بعد أن يشتريها البنك من مالكها الأول، فإذا اشتراها وأصبحت ملكاً له،جاز شراؤها منه نقداً أو مؤجلاً . (19 / 11)
26 - لا حرج في ذلك - البيع بالتقسيط -، فقد باع أصحاب بريرة - رضي الله عنها - بريرة نفسها، باعوها إياها على أقساط؛في كل عام أوقية - وهي أربعون درهماً - تسعة أقساط،في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم ينكر ذلك النبي- صلى الله عليه وسلم - فالتقسيط إذا كان معلوم الكمية والصفة والأجل،فلا بأس به؛ للحديث المذكور، ولعموم الأدلة،مثل قوله - سبحانه -: {وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا }[2]. فإذا اشتريت سيارة بأربعين ألفاً، أو ثلاثين ألفاً،أو أقل أو أكثر،إلى أجل معلوم؛كل سنة خمسة آلاف، أو كل سنة ثمانية آلاف، أو كل شهر ألف، فلا شيء في ذلك (19/12)
27 - إذا اشترى الإنسان شيئاً مؤجلاً بأقساط،ثم باعه نقداً على من اشتراه منه،فهذا يسمى بيع العينة، وهو لا يجوز، لكن إذا باعه على غيره فلا بأس؛ كأن يشتري سيارة بالتقسيط ثم يبيعها على آخر نقداً؛ ليتزوج، أو ليوفي دينه، أو لشراء سكن، فلا بأس في ذلك . أما كونه يشتري السيارة أو غيرها بالتقسيط،ثم يبيعها بالنقد على صاحبها، فهذا يسمى العينة؛ لأنها حيلة لأخذ دراهم نقدا بدراهم أكثر منها مؤجلة .(19 / 13)
28 - البيع إلى أجل معلوم جائز إذا اشتمل البيع على الشروط المعتبرة، وهكذا التقسيط في الثمن،لا حرج فيه إذا كانت الأقساط معروفة،والآجال معلومة؛ لقول الله - سبحانه -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ}[3]، ولقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " من أسلف في شيء،فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم، إلى أجل معلوم "[4]، ولقصة بريرة الثابتة في الصحيحين،فإنها اشترت نفسها من سادتها بتسع أواق،في كل عام أوقية، وهذا هو بيع التقسيط، ولم ينكر ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - بل أقره ولم ينه عنه . ولا فرق في ذلك بين كون الثمن مماثلاً لما تباع به السلعة نقداً،أو زائداً على ذلك بسبب الأجل (19 /14)
29 - لا يجوز للمسلم أن يبيع سلعة ليست في ملكه،ثم يذهب فيشتريها، بل الواجب تأخير بيعها حتى يشتريها ويحوزها إلى ملكه، ويتضح - أيضاً - أن ما يفعله كثير من الناس؛من بيع السلع وهي في محل البائع قبل نقلها إلى حوزة المشتري أمر لا يجوز؛لما فيه من مخالفة سنة الرسول -صلى الله عليه وسلم - ولما فيه من التلاعب بالمعاملات، وعدم التقيد فيها بالشرع المطهر، وفي ذلك من الفساد والشرور، والعواقب الوخيمة ما لا يحصى . (19 / 17)
30 - إذا كان بيع السيارة ونحوها على راغب الشراء بعدما ملكها البائع،وقيدت باسمه وحازها فلا بأس، أما قبل ذلك فلا يجوز؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لحكيم بن حزام: " لا تبع ما ليس عندك "[5] (19 / 21)
[1]- سورة البقرة، الآية 275 .
[2]- سورة البقرة، الآية 275 .
[3]- سورة البقرة، الآية 282 .
[4]- رواه البخاري في (السلم)،باب (السلم في وزن معلوم)، برقم:1064 .
[5]- رواه الإمام أحمد في (مسند المكيين)، (مسند حكيم بن حزام)، برقم:14887، والترمذي في (البيوع)،باب (ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك)، برقم:1232، وابن ماجة في (التجارات) باب (النهي عن بيع ما ليس عندك)، برقم:
-
رد: الاختيارات الفقهية من الفتاوى البازية
كتاب البيوع
31 - المشتري بالأقساط، له أن يستعملها وله أن يبيعها،ولكن ليس له أن يبيعها على من اشتراها منه بأقل مما اشتراها منه نقداً؛ لأن هذه المعاملة هي العينة المحرمة . (19 / 23)
32 - إذا كان - كسب الرجل من الحرام - عن جهالة فله ما سلف،وأمره إلى الله،قال الله جل وعلا: {وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ}[1]. فإذا كان جاهلاً فله ما سلف،أما إذا كان عالماً ويتساهل فليتصدق بالكسب الحرام. إذا كان نصف أمواله أو ثلثها أو ربعها كسب حرام،يتصدق به على الفقراء والمساكين، أما إذا كان جاهلاً لا يعلم ثم علم وتاب إلى الله،فله ما سلف. (19 / 29)
33 - لا بأس بالدلالة – السعي – على البائع أو على المشتري وشرط الدلالة لا بأس به (19/31)
34 - رجل يعمل بشهادة علمية،وقد غش في امتحانات هذه الشهادة، وهو الآن يحسن العمل بهذه بشهادة مرؤسيه،فما حكم راتبه،هل هو حلال أم حرام ؟
لا حرج إن شاء الله، عليه التوبة إلى الله مما جرى من الغش، وهو إذا كان قائماً بالعمل كما ينبغي،فلا حرج عليه من جهة كسبه؛ لكنه أخطأ في الغش السابق،وعليه التوبة إلى الله من ذلك .(19 / 31)
35 - هذا يسأل ويقول:إذا اشترى سبع قطع من القماش ثم وجدها ثمانياً،فماذا يفعل ؟ ومثل من اشترى سبع أوانٍ،فلما عدها،فإذا هي ثمان أوانٍ،فماذا يفعل بالزائد، هل يرده إلى ربه ؟
نعم يرده إلى صاحبه،ويبحث عنه ويعطيه الزائد،فإن لم يجده تصدق به على الفقراء بالنية عن صاحبه، لكن بعدما يحفظه مدة؛لعله يجده،فإن لم يجده يتصدق به؛ يعطيه بعض الفقراء بالنية عن صاحبه،ويجد أجره يوم القيامة (19 / 32)
36 - نرجو منكم أن تتفضلوا بتوضيح الرأي في ظاهرة منتشرة،وهي:أن مندوبي المشتروات الموكلين من قبل شركاتهم أو مؤسساتهم لشراء الأغراض،يحصلون على مبلغ من المال لأنفسهم من خلال عملية الشراء،وتحدث هذه العملية غالباً في صورتين:
الصورة الأولى: أن يطلب مندوب المشتروات من البائع وضع سعر مرتفع عن السعر الحقيقي للسلعة على الفاتورة،ويقوم مندوب المشتروات بأخذ هذا الفرق في السعر لنفسه .
الصورة الثانية: أن مندوب المشتروات يطلب من البائع أن يكتب له فاتورة بنفس سعر السلعة الحقيقي في السوق، ثم يطلب من البائع مبلغاً من المال لنفسه يتناسب مع كمية السلع المشتراة، ويكون ذلك نظير تشجيعه مندوب المشتروات لكي يقصد هذا المحل دائماً . نرجو أن تتفضلوا بالتوجيه،وجزاكم الله خيراً ؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: هاتان الصورتان اللتان سأل عنهما صاحب السؤال كلتاهما محرمة، وكلتاهما خيانة - سواءً كان اتفق مع صاحب السلعة على زيادة الثمن عن السعر المعروف في السوق؛حتى يأخذ الزيادة، أو أعطاه شيئاً فيما بينه وبينه،ولم يجعل في الفاتورة إلا السعر المعروف - كل ذلك محرم، وكل ذلك خيانة .وكل هذا من أسباب أن يختار الوكيل من الباعة من يناسبه،ولا يبالي بالسعر الذي ينفع الشركة، ويبرئ الذمة، وإنما يهتم بالشيء الذي يحصل به مطلوبه من البائعين،ولا يبالي بعد ذلك بالحرص على مصلحة الشركة، وأن يتطلب السعر المناسب المنخفض من أجل النصح لها،وأداء الأمانة،فهذا كله لا يجوز؛ لأنه خيانة . (19 / 33)
37 - الكتابة أمر الله بها،إذا كان البيع مداينة،ولأجل في الذمة، والإشهاد على ذلك عن النسيان، كما قال - سبحانه - في آية الدّينفي آخر سورة البقرة: { وَلاَ تَسْأَمُوْاْ أَن تَكْتُبُوْهُ صَغِيرًا أَو كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللّهِ وَأَقْومُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلاَّ تَرْتَابُواْ}[2].يعني:كتب الشهادة أقرب إلى العدل،وأقوم وأضبط،وأبعد عن الريبة والشك؛ إذا دعت الحاجة أحضروا الكتاب،ووجدوا كل شيء مكتوباً،فالكتابة فيها ضبط للحقوق.أما التجارة الحاضرة التي يصرفونها حالاً ويتفرقون عنها،وليس فيها دين ولا فيها أجل، لا بأس بها .مثل سيارة اشتراها وأعطى ثمنها ومشى، عباءة اشتراها وأعطى ثمنها ومشى، إناء اشتراه وأعطى ثمنه ومشى، كل هذا لا يحتاج كتابة . أما تجارة في الذمة هذه تحتاج إلى كتابة؛حتى لا ينسوا، ولهذا قال - عز وجل -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ}[3]. الآية، فالكتابة فيها حفظ الحقوق . (19 / 34)
38 - إذا كان البنك يشتري السيارة من مالكها ثم يبيعها عليك،بعدما يشتريها ويقبضها،فإنه لا حرج في ذلك،ولو كان بأكثر مما اشتراها به . أما إذا كان الذي يبيعها عليك مالكها الأول،والبنك يقوم بدفع القيمة له،ويقوم البنك بأخذ الربح مقابل ذلك،فإنه لا يجوز؛ لأنه بيع الدراهم بدراهم،وهو محرم (19 / 36)
39 - يجوز - في أصح قولي العلماء - بيع الحيوان المعين الحاضر بحيوان واحد أو أكثر إلى أجل معلوم - قريب أو بعيد أو مقسط - إذا ضبط الثمن بالصفات التي تميزه، سواء كان ذلك الحيوان من جنس المبيع أو غيره؛ لأنه ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أنه اشترى البعير بالبعيرين إلى إبل الصدقة"[4]. رواه الحاكم والبيهقي ورجاله ثقات. (19 / 39)
40 - لا نعلم حرجاً في بيع الحيوان المباح بيعه - كالإبل والبقر والغنم - ونحوها بالوزن، سواء كانت حية أو مذبوحة؛لعموم قوله - سبحانه -: { وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}[5]، ولقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لما سئل: أي الكسب أطيب ؟ قال: "عمل الرجل بيده،وكل بيع مبرور"[6]،ولأن ذلك ليس فيه جهالة ولا غرر . (19 / 39)
[1]- سورة البقرة، الآية 275 .
[2]- سورة البقرة، الآية 282 .
[3]- سورة البقرة، الآية 282 .
[4]- رواه الإمام أحمد في (مسند المكثرين من الصحابة)، (مسند عبد الله بن عمرو بن العاص)، برقم:6557، وأبو داود في (البيوع)،باب (في الرخصة في ذلك)، برقم:3357 .
[5]- سورة البقرة، الآية 275 .
[6]- رواه الإمام أحمد في (مسند الشاميين)، (حديث رافع بن خديج)، برقم:16814 .
-
رد: الاختيارات الفقهية من الفتاوى البازية
كتاب البيوع
41 - ثمن الكلب ماذا يعمل به يا شيخ ؟
يرد على صاحبه؛ البيع باطل (19 / 39)
42 - إذا أعطاني شخص كلباً،وأعطيته عطية إكرامية،فما حكمها ؟
لا بأس بالكرامة، فقد جاء في بعض الأحاديث أنه لا بأس بالكرامة،ولكن لا يكون بالبيع والشراء . (19 / 40)
43 - السباع من باب أولى أنها لا تباع؛لشرها وخبثها،وعدم الفائدة؛منها:الأسد والنمر والفهد والذئب،كلها لا تباع . بيعها باطل من باب أولى . (19 / 40)
44 - ما حكم اقتناء الطيور التي لا تؤكل ؟
إذا كان ينتفع بها؛مثل الصقر والشاهين إذا اشتريتها للصيد،ظاهر كلام أهل العلم أنه لا بأس بها،مثل ما يقتنى؛ ككلب الصيد يقتنى للصيد فلا بأس، مثل الصقر،فإن له مخلب ولكن فيه فائدة للصيد، يجاز، وهكذا العقاب لو ربي،أو الباز أو الشاهين. المقصود:الذي يمكن أن يربى ويستفاد منه . (19 / 40)
45 - اقتناء الطيور والحيوانات المحنطة - سواء ما يحرم اقتناؤه حياً أو ما جاز اقتناؤه حياً - فيه إضاعة للمال،وإسراف وتبذير في نفقات التحنيط، وقد نهى الله عن الإسراف والتبذير، ونهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن إضاعة المال؛ ولأن ذلك وسيلة إلى الاعتقاد فيها،وإلى تصوير الطيور وغيرها من ذوات الأرواح، وتعليقها ونصبها في البيوت أو المكاتب وغيرها وذلك محرم؛فلا يجوز بيعها ولا اقتناؤها . وعلى المحتسب أن يبين للناس أنها محرمة،وأن يمنع ظاهرة تداولها في الأسواق . (19 / 41)
46 - بيع الكالئ بالكالئ هو:بيع الدين بالدين،والحديث في ذلك ضعيف، كما أوضح ذلك الحافظ ابن حجر - رحمه الله - في بلوغ المرام، ولكن معناه صحيح، كما أوضح ذلك العلامة ابن القيم - رحمه الله - في كتابه (إعلام الموقعين)، وكما ذكر ذلك غيره من أهل العلم . وصفة ذلك: أن يكون للشخص دين - عند زيد مثلاً - فيبيعه على شخص آخر بالدين، أو يبيعه على من هو عليه بالدين؛ لما في ذلك من الغرر،وعدم التقابض . لكن إذا كان المبيع والثمن من أموال الربا،جاز أخذ أحد العوضين عن الآخر، بشرط التقابض في المجلس،مع التماثل إذا كانا من جنس واحد .
أما إذا كانا من جنسين،جاز التفاضل،بشرط التقابض في المجلس؛ لما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سأله بعض الصحابة، فقال: يا رسول الله: إننا نبيع بالدراهم ونأخذ عنها الدنانير، ونبيع بالدنانير ونأخذ عنها الدراهم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تفترقا وبينكما شيء"[1]. رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجة وأبو داود والنسائي، بإسناد صحيح عن ابن عمر - رضي الله عنهما - وصححه الحاكم، ولأدلة أخرى في الموضوع . (19 / 42)
47 - الأظهر عدم بيعها - الكلونيا - إذا كانت تستعمل شراباً وفيها ما يسكر فالأظهر تحريم بيعها،والواجب منعها سداً لباب الشر .لكن لو قدر أنه ربح فيها - كما هو موجود الآن - وباعها الإنسان؛لا يدري عن مشتريها هل يفعل كذا،أو يفعل كذا،فليس عليه شيء وليس عليه حرج، أما إذا كان يعرف أن هذا الشاب أو هذا الشخص يستعملها للسكر،ليس له بيعها عليه؛ لأنه حينئذ يعلم أنه يعينه على الإثم والعدوان،فلا يجوز له ذلك .وإذا علم أن شخصاً ييبعها على هؤلاء الجنس،فلولي الأمر أن يعاقبه على بيعها على من يعرف أنه يستعملها للشر،ويخبر بأنه إنما سمح له ببيعها على من يستعملها للطيب،مع أنه لا ينبغي استعمالها أبداً . الذي يظهر لنا:أن لا ينبغي استعمالها أبداً ما دامت مما يسكر،ومما يكون فيها أسبيرتو - المعروف بإسكاره وضرره - فلا يجوز استعمالها،بل ينبغي الحذر منها . (19 / 44)
48 - لا يجوز بيعها - الأصنام -، لكن إذا كسرها صاحبها فلا بأس ببيع الصنم مكسراً،أما أن يبيعه على حاله فلا يجوز، لكن إذا كسره،فإنه تحول من كونه صنماً؛فيجوز . والواجب تكسيره ولا يقر على حاله،بل يجب أن يكسر،ثم يبيع كسره . (19 / 46)
49 - ما رأيكم في الذين يأخذون منح الأراضي؛يأخذون رقمها،ويبيعونها قبل استلامها ؟
هذا لا يجوز، هذا غرر، ما يجوز حتى يحوزها؛ يعرفها ويتم ملكه عليها (19 / 46)
50 - ثبت في صحيح البخاري - رحمة الله عليه - عن أبي جحيفة - رضي الله عنه -: "أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ثمن الدم"[2].فلا يجوز للمسلم أن يأخذ عن الدم – المتبرع به - عوضاً؛ لهذا الحديث الصحيح،فإن كان قد أخذ فليتصدق بذلك على بعض الفقراء . (19 / 47)
[1]- رواه الإمام أحمد في (مسند المكثرين من الصحابة)،باقي (مسند عبد الله بن عمر)، برقم:6203، والنسائي في (البيوع)،باب (بيع الفضة بالذهب وبيع الذهب بالفضة)، برقم:4582 .
[2]- رواه البخاري في (البيوع)،باب (موكل الربا)، برقم:2086
-
رد: الاختيارات الفقهية من الفتاوى البازية
كتاب البيوع
51 – ما حكم بيع كيس السكر ونحوه بمبلغ مائة وخمسين ريالاً إلى أجل،وهو يساوي مبلغ مائة ريال نقداً ؟
هذه المعاملة لا بأس بها؛ لأن بيع النقد غير بيع التأجيل، ولم يزل المسلمون يستعملون مثل هذه المعاملة، وهو كالإجماع منهم على جوازها . وقد شذ بعض أهل العلم،فمنع الزيادة لأجل الأجل، وظن ذلك من الربا . وهو قول لا وجه له، وليس من الربا في شيء؛ لأن التاجر حين باع السلعة إلى أجل،إنما وافق على التأجيل من أجل انتفاعه بالزيادة، والمشتري إنما رضي بالزيادة من أجل المهلة،وعجزه عن تسليم الثمن نقداً، فكلاهما منتفع بهذه المعاملة . وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يدل على جواز ذلك؛ وذلك أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - أن يجهز جيشاً، فكان يشتري البعير بالبعيرين إلى أجل . ثم هذه المعاملة تدخل في عموم قول الله - سبحانه -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ}[1] الآية (19 / 48)
52 - مسألة (التورق)،ويسميها بعض العامة (الوعدة) قد اختلف العلماء في جوازها على قولين: أحدهما: أنها ممنوعة أو مكروهة؛ لأن المقصود منها شراء دراهم بدراهم،وإنما السلعة المبيعة واسطة غير مقصودة.
والقول الثاني للعلماء:جواز هذه المعاملة لمسيس الحاجة إليها؛ لأنه ليس كل أحد اشتدت حاجته إلى النقد يجد من يقرضه بدون ربا؛ لدخولها في عموم قوله - سبحانه -: {وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ}[2]، وقوله - تعالى -:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ}[3]،ولأن الأصل في الشرع حل جميع المعاملات، إلا ما قام الدليل على منعه، ولا نعلم حجة شرعية تمنع هذه المعاملة .وأما تعليل من منعها أو كرهها؛بكون المقصود منها هو النقد، فليس ذلك موجباً لتحريمها ولا لكراهتها؛ لأن مقصود التجار غالباً في المعاملات،هو تحصيل نقود أكثر بنقود أقل،والسلع المبيعة هي الواسطة في ذلك،وإنما يمنع مثل هذا العقد،إذا كان البيع والشراء من شخص واحد - كمسألة العينة -؛ فإن ذلك يتخذ حيلة على الربا، وصورة ذلك:أن يشتري شخص سلعة من آخر بثمن في الذمة، ثم يبيعها عليه بثمن أقل ينقده إياه .فهذا ممنوع شرعاً؛ لما فيه من الحيلة على الربا،وتسمى هذه المسألة (مسألة العينة)، وقد ورد فيها من حديث عائشة وابن عمر - رضي الله عنهما - ما يدل على منعها .(19/50،96،97،103،245)
53 - إذا بيعت الصبرة من الطعام كل صاع بريال،وزيادة على جميع الصبرة عشرة أريل مثلاً،والصبرة مجهولة،فإن البيع صحيح وليس من بيع المجهول الذي لا يجوز؛ لأن المبيع معلوم بالمشاهدة، والثمن في حكم المعلوم . ويدل لذلك:أن علياً - رضي الله عنه - أجر نفسه من امرأة،على أن يمتح لها من بئر كل ذنوب بتمرة،فمتح ست عشرة ذنوباً،فعدت له ست عشرة تمرة، فجاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره،فأكل منها[4]. والحديث أخرجه أحمد، وقال فيه الشوكاني في نيل الأوطار "جوّد الحافظ – يعني ابن حجر – إسناده، وأخرجه ابن ماجة بسند صححه ابن السكن"وبجواز بيع الصبرة؛كل قفيز بدرهم،قال الأئمة:أحمد ومالك والشافعي،وأبو يوسف ومحمد - صاحبا أبي حنيفة - رحمهم الله - ولأن الأصل في المعاملات الصحة،فلا يبطل منها إلا ما قام الدليل على بطلانه،وهذه المعاملة ليس فيها غرر ولا ما يقتضي بطلانها،فوجب أن تكون صحيحة (19 / 56)
54 - انتشر في بعض المحلات التجارية والمستوصفات الأهلية،إصدار بطاقة تعطى لمن يرغب الاشتراك فيها،مقابل مبلغ مالي يدفع سنوياً، ويحصل حاملها على بعض الفحوصات المجانية خلال السنة، وبعض الخصومات المالية على بعض الفحوصات المعملية الأخرى . وسؤالي: هل يجوز إصدار تلك البطاقات،أو التعامل بها ؟
هذا العمل لا يجوز؛ لما فيه من الجهالة والمقامرة، والغرر الكثير، فالواجب تركه.(19 / 57)
55 - توجد في الأسواق لعب على صور فتيات أو أطفال أو حيوانات،وهي مخصصة للعب الأطفال، فما حكم بيع هذه التماثيل وشرائها وإدخالها المنزل ؟
الأحوط عدم شرائها، وعدم إدخالها البيت، ولو كانت لعباً؛ لعموم الأحاديث الدالة على تحريم اتخاذ الصور في البيت (19/58)
56 - عمليات " اليانصيب " عنوان لعب القمار، وهو الميسر، وهو محرم بالكتاب والسنة والإجماع، كما قال الله - عز وجل -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ}[5]. ولا يحل لجميع المسلمين اللعب بالقمار مطلقاً - سواء كان ذلك المال الذي يحصل بالقمار يصرف في جهات بر أو في غير ذلك -؛ لكونه خبيثاً محرماً لعموم الأدلة، ولأن الكسب الحاصل بالقمار من الكسب المحرم الذي يجب تركه، والحذر منه (19 / 59)
57 - إذا اشترى دولارات أو أي عملة أخرى وحفظها عنده، ثم باعها بعد ذلك إذا ارتفع سعرها، فلا بأس، لكن يشتريها يداً بيد لا نسيئة؛ يشتري دولارات بريالات سعودية أو بدنانير عراقية يداً بيد، العملة لابد أن تكون يداً بيد مثل الذهب مع الفضة يداً بيد (19 / 59)
58 - النبي - صلى الله عليه وسلم - مات ودرعه مرهون عند يهودي، والمحرم الموالاة، أما البيع والشراء فما فيه شيء، اشترى - صلى الله عليه وسلم - من وثني أغناماً،ووزعها على أصحابه - صلى الله عليه وسلم - وإنما المحرم موالاتهم ومحبتهم،ونصرهم على المسلمين، أما كون المسلم يشتري منهم ويبيع عليهم،أو يضع عندهم حاجة،فما في ذلك بأس، حتى النبي - صلى الله عليه وسلم - أكل طعام اليهود،وطعامهم حل لنا، كما قال - سبحانه -: { وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ}[6]. (19 / 60)
59 - اشتريت قطعة أرض،وتم تسليمي سند قبض بالمبلغ من البائع، حتى يتم إصدار صك ملكية الأرض لي،فهل يجوز بيعها قبل صدور الصك ؟ أم أن ذلك داخل في بيع ما لا أملك ؟
ج: إذا تم البيع بينكما جاز لك التصرف،ولو تأخر إصدار الصك .(19 / 61)
60 - لا حرج في أخذ العربون – في أصح قولي العلماء - إذا اتفق البائع والمشتري على ذلك، ولم يتم البيع (19 / 63)
[1]- سورة البقرة، الآية 282 .
[2]- سورة البقرة، الآية 275 .
[3]- سورة البقرة، الآية 282 .
[4]- رواه الإمام أحمد في (مسند العشرة المبشرين بالجنة)، (مسند علي بن أبي طالب)، برقم:1138 .
[5]- سورة المائدة، الآيتان 90، 91 .
[6]- سورة المائدة، الآية 5.
-
رد: الاختيارات الفقهية من الفتاوى البازية
كتاب البيوع
61 - الوعد بالشراء ليس شراء، ولكنه وعد بذلك،فإذا أراد إنسان شراء حاجة، وطلب من أخيه أن يشتريها ثم يبيعها عليه،فلا حرج في ذلك إذا تم الشراء وحصل القبض،ثم باعها بعد ذلك على الراغب في شرائها؛ لما جاء في الحديث الصحيح عن حكيم بن حزام - رضي الله عنه - أنه قال: يا رسول الله يأتيني الرجل يريد السلعة، وليس عندي،أفأبيعها عليه، ثم أذهب فأشتريها، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -:"لا تبع ما ليس عندك"[1]. فدل ذلك على أنه إذا باعها على أخيه بعدما ملكها وصارت عنده،فإنه لا حرج في ذلك (19 / 64)
62 - يجوز بيع الساعات والخواتم من الذهب والفضة للرجال والنساء جميعاً،ولكن ليس للرجل أن يلبس ساعة الذهب ولا خاتم الذهب ولا المموه بذلك، وهكذا ساعة الفضة، وإنما ذلك للنساء. أما خاتم الفضة فهو جائز للرجال والنساء، وأما الأقلام من الذهب والفضة فلا يجوز استعمالها للرجال والنساء جميعاً؛ لأنها ليست من الحلية،وإنما هي أشبه بأواني الذهب والفضة، والأواني من الذهب والفضة محرمة على الجميع؛لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " لا تشربوا في آنية الذهب والفضة،ولا تأكلوا في صحافها؛فإنها لهم في الدنيا - يعني الكفرة - ولكم في الآخرة"[2]. متفق على صحته (19 / 72)
63 - هذه الأشرطة - أشرطة الفيديو، التي أقل ما فيها أن تظهر النساء سافرات، وتمثل فيها قصص الغرام والهيام - يحرم بيعها،واقتناؤها،وسماع ما فيها والنظر إليها؛ لكونها تدعو إلى الفتنة والفساد، والواجب إتلافها والإنكار على من تعاطاها؛حسماً لمادة الفساد،وصيانة المسلمين من أسباب الفتنة . (19 / 74)
64 - لا يجوز إصدار المجلات التي تشتمل على نشر الصور النسائية،أو الدعاية إلى الزنا والفواحش،أو اللواط أو شرب المسكرات،أو نحو ذلك مما يدعو إلى الباطل ويعين عليه، ولا يجوز العمل في مثل هذه المجلات؛لا بالكتابة ولا بالترويج؛ لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان، ونشر الفساد في الأرض، والدعوة إلى إفساد المجتمع، ونشر الرذائل .(19 / 75)
65 - نوصيك بعدم فتح محل للتصوير،وعليك أن تلتمس كسباً حلالاً،والله - سبحانه - يقول: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}[3](19/78)
66 - الاستوديو يصور الجائز والممنوع، فإذا صور فيه ما هو جائز من السيارات والطائرات والجبال وغيرها مما ليس فيه روح،فلا بأس أن يبيع ذلك،ويصور هذه الأشياء التي قد يحتاج إليها الناس وليس فيها روح .أما تصوير ذوات الأرواح - من بني الإنسان أو الدواب والطيور - فلا يجوز إلا للضرورة، كما لو صور شيئاً مما يضطر إليه الناس،كالتابعية التي يحتاجها الناس،وتسمى (حفيظة النفوس)،فلا بأس، وهكذا جواز السفر،والشهادة العلمية التي لا تحصل إلا بالصورة، وهكذا تصوير المجرمين؛ليعرفوا ويتحرز من شرهم، وهكذا أشباه ذلك مما تدعو إليه الضرورة؛ لقول الله - عز وجل - في كتابه الكريم: ِ {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ}[4]. والمقصود:أنه لا يستعمل فيه إلا الشيء الجائز،وإذا باعه على الناس فلا بأس ببيعه؛ لأنه يستخدم في الطيب والخبيث، مثل بيع الإنسان السيف والسكين،وأشباههما مما يستعمل في الخير والشر، والإثم على من استعملها في الشر،لكن من علم أن المشتري للسكين أو السيف أو نحوهما يستعملها في الشر حرم بيعها عليه.(19 / 81)
67 - الدخان بأنواعه كلها ليس من الطيبات،بل هو من الخبائث، وهكذا جميع المسكرات كلها من الخبائث، والدخان لا يجوز شربه ولا بيعه ولا التجارة فيه؛ لما في ذلك من المضار العظيمة،والعواقب الوخيمة . والواجب على من كان يشرب أو يتجر فيه،البدار بالتوبة والإنابة إلى الله - سبحانه وتعالى - والندم على ما مضى، والعزم على ألا يعود في ذلك (19 / 83)
68 - من المعاملة الداخلة في القمار وفي بيع الغرر،ما حدث في هذا العصر من وضع بعض الشركات والتجار جوائز خفية في بعض السلع التي يراد بيعها؛طمعاً في استنزاف ثروات المسلمين،وترغيباً لهم في شراء السلع المشتملة على الجوائز بأغلى من ثمنها المعتاد،والاستكثار من تلك السلع؛ رجاء الظفر بتلك الجوائز .ولا ريب أن هذه المعاملات من الميسر، ومن بيع الغرر؛ لأن المشتري يبذل ماله الكثير رجاء مال مجهول،لا يدري هل يظفر به أم لا، وهذا من الميسر وبيع الغرر الذي حذر الله ورسوله منه . وهكذا بيع البطاقات ذوات الأرقام؛ليفوز مشتريها ببعض الجوائز إذا حصل على الرقم المطلوب، ولا شك أن هذا العمل من الميسر الذي حرمه الله؛لما فيه من المخاطرة،وأكل الأموال بالباطل (19 / 87)
69 - لوحظ قيام بعض المؤسسات والمحلات التجارية بنشر إعلانات في الصحف وغيرها، عن تقديم جوائز لمن يشتري من بضائعهم المعروضة؛ مما يغري بعض الناس على الشراء من هذا المحل دون غيره، أو يشتري سلعاً ليس له فيها حاجة؛ طمعاً في الحصول على إحدى هذه الجوائز وحيث إن هذا نوع من القمار المحرم شرعاً، والمؤدي إلى أكل الناس بالباطل، ولما فيه من الإغراء، والتسبب في ترويج سلعته وإكساد سلع الآخرين المماثلة ممن لم يقامر مثل مقامرته، لذلك أحببت تنبيه القراء على أن هذا العمل محرم، والجائزة التي تحصل من طريقه محرمة؛ لكونها من الميسر المحرم شرعاً؛ وهو القمار فالواجب على أصحاب التجارة الحذر من هذه المقامرة، وليسعهم ما يسع الناس. (19 / 398)
70 - من علم أن المبيع مسروق حرم عليه شراؤه،ووجب عليه الإنكار على من فعل ذلك،وأن ينصحه برده إلى صاحبه،وأن يستعين على ذلك بأولي الأمر إن لم تنفع النصيحة .(19/91)
[1]- رواه الإمام أحمد في (مسند المكيين)، (مسند حكيم بن حزام)، برقم:14887، والترمذي في (البيوع)، باب (ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك)، برقم:1232، وابن ماجة في (التجارات)،باب (النهي عن بيع ما ليس عندك)، برقم:2187.
[2]- رواه البخاري في (الأطعمة)،باب (الأكل في إناء مفضض)، برقم:5426، ومسلم في (اللباس والزينة)،باب (تحريم استعمال إناء الذهب والفضة على الرجال)، برقم:2067 .
[3]- سورة الطلاق، الآيتان 2، 3.
[4]- سورة الأنعام، الآية 119
-
رد: الاختيارات الفقهية من الفتاوى البازية
كتاب البيوع
71 - لا حرج على المشتري أن يبيع على الأول الذي باعه عليك،بعد قبضه إياها،ونقله من محله إلى محل آخر من السوق أو البيت إذا لم يكن هناك تواطؤ بينك وبين البائع الأول (19/94)
72 - الربا إنما جاءت به الشريعة في أحوال مخصوصة ومعاملات مخصوصة،فلا يجوز أن يلحق بها غيرها إلا بنص خاص،وليس من معاملة الربا ولا من أحوال الربا أن نبيع السلعة من السيارات والدواب أو الملابس أو الأواني أو الطعام بنقد معلوم إلى أجل بأكثر من السعر الحالي،فيما نعلمه من الشرع المطهر، ولا فيما قرره أهل العلم .وإنما اشتبه الأمر في هذا على بعض الناس من المتأخرين،فظن أن هذه المعاملة من ربا النسيئة، وليس الأمر كذلك،وإنما ربا النسيئة: بيع الربوي بالربوي إلى أجل، أو من غير قبض، وإن لم يكن هناك ربح، كبيع النقود بالنقود من غير قبض، وكبيع الطعام بالطعام من غير قبض، وما أشبه ذلك من أحوال الربا (19 / 102)
73 - بيع السلعة إلى أجل ثم شراؤها بأقل من ذلك نقداً،هذه (مسألة العينة)،والصحيح الذي عليه الجمهور تحريمها . وذلك مثل:أن تبيع سلعة بمائة إلى أجل معلوم،ثم تشتريها من مشتريها منك بثمانين نقداً؛ لأن هذا في الحقيقة بيع ثمانين حاضرة بمائة إلى أجل، والسلعة حيلة بينهما،وهذا عين الربا. (19 / 103)
74 - الواجب ألا تزيد في قيمة السلعة عما تساويه في السوق، وكونك تخفض لبعض الزبائن عما تساويه في السوق لا بأس به، إنما الممنوع أن تزيد على بعض الزبائن بثمن أغلى من قيمة السلعة في السوق، خصوصاً إذا كان المشتري يجهل أقيام السلع،أو كان غرًّا لا يحسن البيع والشراء والمماكسة؛فلا يجوز استغلال جهله وغرته والزيادة عليه عن القيمة المعروفة في السوق (19 / 109)
75 - إذا اشترى شخص من آخر طعاماً أو سلعة أخرى بثمن حال أو مؤجل،فلا يجوز له بيعه قبل أن يقبضه؛وذلك بحيازته إلى منزله أو متجره أو غير ذلك،ولا يكفي في القبض عدها وإبقاؤها في محلها دون حيازتها على أن السلع - أياً كانت - لا يجوز بيعها قبل حيازتها، ومثله في إفادة العموم حديث حكيم بن حزام عند البيهقي بسند جيد(قلت: يا رسول الله إني أبتاع هذه البيوع،فما يحل لي منها وما يحرم ؟ قال: " يا ابن أخي لا تبع شيئاً حتى تقبضه"[1]. ومما يدل على أن الحكم عام في الطعام وغيره،حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - في الصحيحين وغيرهما،أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يستوفيه"[2]، قال ابن عباسhttp://majles.alukah.net/images/nasser2/frown.gifولا أحسب كل شيء إلا مثله)وقد حكى الخطابي في (معالم السنن)،وابن المنذر - كما عزاه إليه ابن القيم في (تهذيب السنن) – الإجماع على عدم جواز بيع الطعام قبل قبضه . أما غير الطعام،فقد حكى الخطابي وكذا ابن القيم للعلماء فيه أربعة أقوال . رجح ابن القيم منها:القول بتعميم حكم المنع في الطعام وغيره؛ لحديث حكيم بن حزام، وزيد بن ثابت الدالين على ذلك، وقال: [ إن النهي معلل بعدم تمام الاستيلاء، وعدم انقطاع علاقة البائع عنه؛ فإنه يطمع في الفسخ والامتناع من الإقباض إذا رأى المشتري قد ربح فيه، ويغره الربح، وتضيق عينه منه، وربما أفضى إلى التحيل على الفسخ ولو ظلماً،وإلى الخصام والمعاداة،والواقع شاهد بهذا فمن محاسن الشريعة الكاملة الحكيمة:منع المشتري من التصرف فيه حتى يتم استيلاؤه عليه ... ] إلى آخر كلامه - رحمه الله -(19/112)
76 - قد اختلف أهل العلم في جواز البيع بشرط الخيار إلى أجل معلوم،إذا كانت المدة أكثر من ثلاثة أيام؛ فأجازه قوم ومنعه آخرون .والأصح جوازه؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " المسلمون على شروطهم،إلا شرطاً حرم حلالاً أو أحل حراماً"[3] في أدلة أخرى لكن ذكر جمع من أهل العلم القائلين بالجواز:أن ذلك يتقيد بما إذا كان القصد من البيع هو رغبة البائع في البيع،والمشتري في الشراء، ولكن جرى شرط الخيار لريبة في المبيع، أو الثمن، أو لمقصد آخر حسن .أما إذا كان المقصود من عقد البيع هو انتفاع المشتري بغلة المبيع، وانتفاع البائع بالثمن، وفي عزمهما فسخ البيع عند إيسار البائع بالثمن،فليس ذلك بجائز، بل هو من الربا؛ لأنه في معنى القرض، وكل قرض شرط فيه النفع فهو محرم بالإجماع ولا ريب أن مقصود المشتري في مثل هذا استغلال المبيع حتى يرد إليه الثمن؛لئلا يفوت عليه نفع ماله الذي قبضه البائع،وكل حيلة يستحل بها الربا فهي باطلة؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود؛فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل"[4]. أخرجه أبو عبد الله بن بطة بإسناد حسن،وفي معناه ما ثبت في الصحيحين عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "قاتل الله اليهود لما حرم الله عليهم الشحوم؛جملوها ثم باعوها فأكلوا ثمنها"[5]. وقد صرح جماعة من أهل العلم بهذه المسألة وبينوا تحريمها، ومنهم الشيخ العلامة / عبد الرحمن بن أبي عمر الحنبلي - صاحب (الشرح الكبير)ومنه يعلم،أن البيع إذا خلا عن مقصد القرض لم يكن به بأس ومن علامات الحيلة:أن يبيعه العقار ونحوه بأقل من قيمته التي يباع بها لو كان المقصود البيع حقيقة؛كأن يبيع ما يساوي مائة بخمسين؛وما ذاك إلا لأنه واثق بأنه ليس ببيع، وإنما هو قرض في صورة البيع(19 / 125- 128)
77 - اختلفوا فيه - المقدار الذي يكون فيه الغبن -؛بعضهم قال: الثلث . وبعضهم قال:أقل من ذلك .ولكن أحسن ما قيل في هذا:أنه ما يعده الناس غبناً بالعرف، ما يعده أهل البيع والشراء غبناً؛حيث يعتبر ضاراً للمشتري . (19 / 125)
78 - لا يجوز بيع الذهب بالذهب مطلقاً،إلا مثلاً بمثل،وزناً بوزن،يداً بيد،وهكذا الفضة. أما بيع الذهب بالفضة والفضة بالذهب فلا حرج في ذلك متفاضلاً؛ لأن الذهب أنفس من الفضة وأغلى، لكن لابد أن يكون ذلك يداً بيد،في المجلس قبل التفرق . أما إذا باع الذهب بمال آخر غير الذهب والفضة - كالطعام والأواني والملابس والأراضي وغير ذلك - فلا بأس بالتفرق قبل القبض لأحدهما،إذا كان المبيع والثمن معلوماً وليس في الذمة .أما إذا كان المبيع في الذمة،فلابد من قبض الثمن في المجلس، وإن كان البيع مؤجلاً،فلابد أن يكون الأجل معلوماً مع قبض الثمن في المجلس كبيع السلم؛حتى لا يكون البيع ديناً بدين (19 / 156)
79 - إن أراد إنسان أن يبيع ذهباً على صائغ بذهب آخر أو على غيره،فلابد أن يكون الذهب متماثلاً؛متساوياً وزناً بوزن؛مثلاً بمثل، فيبيع عليه ذهبه بثمن مستقل ويقبضه منه، ثم بعد هذا يشتري ذهباً آخر . أما أن يبيعه ذهباً بذهب وزيادة من النقود فلا يجوز، ولكن الطريق الشرعي أن يبيع الذهب الذي عنده الرديء أو الطيب، ثم يقبض الثمن عنه، ثم بعد ذلك يشتري منه ما شاء من الذهب الآخر بقيمته من نقود، من ورق أو فضة يداً بيد .لا يتفرقان حتى يتسلم كل واحد حقه؛ البائع يسلم الذهب، والمشتري يسلم النقود من الفضة، أو من الورق، أو العملة المعروفة دولاراً أو ريالاً سعودياً أو غير ذلك . (19 / 161)
80 - لا حرج في بيع الذهب بالذهب،إذا كان مثلاً بمثل، وزناً بوزن سواءً بسواء، يداً بيد، سواء كان الذهب جديداً أم عتيقاً، أم كان أحدهما جديداً، والآخر عتيقاً كما أنه لا حرج في بيع الذهب بالفضة أو بالعملة الورقية،إذا كان يداً بيد (19 / 165)
[1]- رواه البيهقي في (البيوع)،باب (النهي عن بيع ما لم يقبض)، برقم:10731.
[2]- رواه البخاري في (البيوع)،باب (الكيل على البائع والمعطي)، برقم:2126، ومسلم في (البيوع)،باب (بطلان بيع المبيع قبل القبض)، برقم:1526 .
[3]- رواه الترمذي في (الحكام)،باب (ما ذكر عن رسول الله - صلى الله علي وسلم - في الصلح)، برقم:1352
[4]- أخرجه ابن بطة في جزء في الخلع وإبطال الحيل .
[5]- رواه البخاري في (تفسير القرآن)،باب (قوله - تعالى -: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ } برقم:4633، ومسلم في (المساقاة)،باب (تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام)، برقم:1582
-
رد: الاختيارات الفقهية من الفتاوى البازية
كتاب البيوع
81 - المعاملة بالبيع والشراء بالعُمَل جائزة، لكن بشرط التقابض يداً بيد إذا كان العُمَل مختلفة، فإذا باع عملة ليبية بعملة أمريكية أو مصرية أو غيرهما يداً بيد فلا بأس؛ كأن يشتري دولارات بعملة ليبية يداً بيد،فيقبض منه ويُقبضه في المجلس، أو اشترى عملة مصرية أو إنجليزية، أو غيرهما بعملة ليبية أو غيرها يداً بيد فلا بأس أما إذا كانت إلى أجل فلا يجوز، وهكذا إذا لم يحصل التقابض في المجلس فلا يجوز؛ لأنه والحال ما ذكر،يعتبر نوعاً من المعاملات الربوية، فلابد من التقابض في المجلس يداً بيد إذا كانت العُمَل مختلفة .أما إذا كانت من نوع واحد،فلابد من شرطين: التماثل والتقابض في المجلس؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح مثلاً بمثل، سواءً بسواء، يداً بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف،فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد"[1]. أخرجه مسلم في صحيحه .والعُمَل حكمها حكم ما ذكر؛إن كانت مختلفة جاز التفاضل مع التقابض في المجلس، وإذا كانت نوعاً واحداً؛مثل دولارات بدولارات أو دنانير بدنانير، فلابد من التقابض في المجلس والتماثل (19 / 171)
82 - أي سلعة اشتراها الإنسان ورصدها للبيع،ثم باعها إذا زاد السعر،فلا بأس بذلك إذا لم يكن في ذلك ضرر على المسلمين وذلك بأن يشتري الجنيه الإسترليني أو المصري، أو الدينار العراقي، أو الدينار الأردني،أو الجنيه السعودي، ثم يحفظه عنده، فإذا غلا باعه،فليس في ذلك شيء، بشرط التقابض في المجلس، وهكذا ما يسمى بالاحتكار،إذا لم يكن فيه ضرر على المسلمين في الطعام وغيره . (19 / 173)
83 - المعاملات الورقية لها حكم المعاملات بالذهب والفضة؛ لأنها حلت محلها في قيم المقومات وثمن المبيعات؛ فلا يجوز بيع عملة منها بعملة أخرى نسيئة،ولا اقتراض شيء منها بفائدة - من جنسها ولا من غير جنسها - إلا يداً بيد،مثلاً بمثل إذا كانت عملة واحدة، فإن اختلفت العُمل - كالدولار بالجنيه الإسترليني - فلابد من التقابض في المجلس، ولا يشترط التماثل لاختلاف الجنس وقد أجمع العلماء:على أن كل قرض شرطت فيه فائدة،أو اتفق الطرفان فيه على فائدة فهو ربا. (19/192)(19/169)
84 - بلادنا تنتج الحب، والعملة عندنا بالحبوب لقلة النقود، فإذا جاء وقت البذر اشترينا من التجار الصاع بريال، فإذا جاء وقت الحصاد وصفيت الحبوب،سلمنا للتجار عن كل ريال صاعين مثلاً؛ لأن السعر في وقت الحصاد أرخص منه في وقت البذر، فهل تجوز هذه المعاملة ؟
هذه المعاملة فيها خلاف بين العلماء، وقد رأى كثير منهم أنها لا تجوز؛ لأنها وسيلة إلى بيع الحنطة ونحوها بجنسها متفاضلاً ونسيئة، وذلك عين الربا من جهتين: جهة التفاضل،وجهة التأجيل .
وذهب جماعة آخرون من أهل العلم إلى أن ذلك جائز،إذا كان البائع والمشتري لم يتواطآ على تسليم الحنطة بدل النقود، ولم يشترطا ذلك عند العقد . هذا هو كلام أهل العلم في هذه المسألة ومعاملتكم هذه يظهر منها التواطؤ على تسليم حب أكثر بدل حب أقل؛ لأن النقود قليلة، وذلك لا يجوز . فالواجب على الزراع في مثل هذه الحالة،أن يبيعوا الحبوب على غير التجار الذين اشتروا منهم البذر، ثم يوفوهم حقهم نقداً هذا هو طريق السلامة والاحتياط والبعد عن الربا . فإن وقع البيع بين التجار، وبين الزراع بالنقود، ثم حصل الوفاء من الزراع بالحبوب من غير تواطؤ ولا شرط، فالأقرب صحة ذلك - كما قاله جماعة من العلماء - ولا سيما إذا كان الزارع فقيراً،ويخشى التاجر أنه إن لم يأخذ منه حباً بالسعر بدل النقود التي في ذمته، فات حقه ولم يحصل له شيء؛ لأن الزارع سوف يوفي به غيره ويتركه، أو يصرفه – أي الحب – في حاجات أخرى، وهذا يقع كثيراً من الزراع الفقراء، ويضيع حق التجار .أما إذا كان التجار والزراع تواطئوا على تسليم الحب بعد الحصاد بدلاً من النقود؛ فإن البيع الأول لا يصح من أجل التواطؤ المذكور، وليس للتاجر إلا مثل الحب الذي سلم للزارع من غير زيادة، تنزيلاً له منزلة القرض؛لعدم صحة البيع مع التواطؤ على أخذ حب أكثر (19/ 25،252، 253)
85 - هل يجوز بيع غير الطعام بالطعام نسيئة؛كبيع الثياب بالقمح مثلاً .. إلخ؟؟.
يجوز ذلك في أصح أقوال أهل العلم .والأدلة عليه كثيرة: منها: عموم الأدلة في حل البيع والمداينة ومنها: ما ثبت في الصحيحين عن عائشة - رضي الله عنها-: " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اشترى من يهودي طعاماً نسيئة،ورهنه درعاً من حديد"[2] (19 / 253)
86 - سألني غير واحد عن معاملة يتعاطاها كثير من الناس،وهي: أن بعضهم يدفع إلى البنك أو غيره مالاً معلوماً على سبيل الأمانة، أو ليتَّجر به القابض، على أن يدفع القابض إلى الدافع ربحاً معلوماً كل شهر أو كل سنة مثال ذلك: أن يدفع شخص إلى البنك أو غيره عشرة آلاف ريال أو أقل أو أكثر،على أن يدفع إليه القابض مائة ريال أو أكثر أو أقل كل شهر أو كل سنة. وهذه المعاملة لا شك أنها من مسائل الربا المحرم بالنص والإجماع، وقد دلت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية على أن أكل الربا من كبائر الذنوب،ومن الجرائم المتوعد عليها بالنار واللعنة (19 / 255)
87 - إذا كان الموديل المشار إليه - للسيارة - غير معروف، ولم ينزل في الأسواق، فلا يجوز؛ لأن شرط بيع السلم:أن يكون المسلم فيه معلوم الصفات،غالب الوجود عند حلول الأجل، والسيارة المذكورة ليست كذلك (19 / 276)
88 - ما هو دين الذمة في الشيء المعلوم والأجل المعلوم ؟
هذا يسمى (السلم)،إذا كان في الذمة ليس فيه بأس،إلى أجل معلوم؛شيء معلوم وأجل معلوم،هذا (سلم) .أما إذا قال: أبيعك ما في بطن هذه الناقة،أو ناقتي الفلانية ما في بطنها اليوم،أو ما في بطنها العام الآتي الذي تحمل به في العام الآتي، هذا الذي ما يجوز أما ما في ذمته،فيأتي به من أي جهة، هذا سلم؛ مثل لو قال: أبيعك في ذمتي مائة صاع،أو مائة وزنة من كذا وكذا، هذا لا بأس به، لكن لو قال: أبيعك ثمرة هذا النخل ما صح (19 / 277)
89 – اقترضت من أحد الإخوة مبلغ مائة دينار أردني؛لأرسلها لأهلي في مصر،واشتريت من هذا المبلغ مائتا دولار، وبقي معي من المبلغ ستة دنانير وأربعمائة فلس تقريباً .وبعد أن أرسلت المبلغ إلى أهلي ارتفع سعر الدولار،فصار سعر الدولار (650) فلساً بدلا من (465) فلساً وقت اقتراض المبلغ، فلما شعر الأخ بالارتفاع المستمر في سعر صرف الدولار،قال لي: لن آخذ منك سوى (200) دولار، ولم يقبل المبلغ بالدينار كما أخذته منه، علماً بأنه لم يشترط علي ذلك عند اقتراض المبلغ، فقلت له: سندخل في معاملة ربوية، وفي عمل يصل بنا إلى الوقوع في معصية الله - تعالى - ولكنه لم يستمع لهذا الكلام،محتماً أنه لو قام بتصريف المبلغ وقتها لحصل على (200) دولار.؟
عليك رد الدنانير كما اقترضتها؛لا صرفها بجنيهات مصرية أو دولارات،ما دام تسديد القرض بالدنانير ممكناً،والتعامل به قائماً لكن لو اتفقت مع صاحبك على إعطائه عملة أخرى بسعر الدنانير وقت الدفع فلا حرج في ذلك؛لما ثبت من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - قال:قلت(يا رسول الله:إني أبيع الإبل بالبقيع؛فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم،وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير؛آخذ هذا من هذا،وأعطي هذا من هذا،فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا بأس أن تأخذها بسعر يومها،ما لم تفترقا وبينكما شيء"[3]. رواه الخمسة،وصححه الحاكم (19 / 282)
90 - هل يجوز أن أستلف من شخص تجارته معروفة بالحرام،وأنه يتعاطى الحرام؟
لا ينبغي لك - يا أخي - أن تقترض من هذا أو أن تتعامل معه،ما دامت معاملاته بالحرام، ومعروف بالمعاملات المحرمة الربوية أو غيرها،فليس لك أن تعامله، ولا أن تقترض منه،بل يجب عليك التنزه عن ذلك والبعد عنه لكن لو كان يتعامل بالحرام وبغير الحرام؛ يعني معاملته مخلوطة فيها الطيب والخبيث، فلا بأس، لكن تركه أفضل؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك"[4] (19 / 286)
[1]- رواه مسلم في (المساقاة)،باب (الصرف وبيع الذهب بالورق نقداً)، برقم:1587 .
[2]- رواه البخاري في (السلم)،باب (الكفيل في السلم)، برقم:2251، ومسلم في (المساقاة)،باب (الرهن وجوازه في الحضر كالسفر)، برقم:1603 .
[3]- رواه الإمام أحمد في (مسند المكثرين من الصحابة)،باقي (مسند عبد الله بن عمر)، برقم:6203، والنسائي في (البيوع)،باب (بيع الفضة بالذهب وبيع الذهب بالفضة)، برقم:4582 .
[4]- رواه الترمذي في (صفة القيامة)،باب منه (ما جاء في صفة أواني الحوض)، برقم:2518، والنسائي في (الأشربة)،باب (الحث على ترك الشبهات)، برقم:5711
-
رد: الاختيارات الفقهية من الفتاوى البازية
كتاب البيوع
91 - إذا لم يعلم عناوينهم - الدائنون - فإنه يتصدق بحقوقهم عنهم بالنية،ومتى حضروا أو عرف عنواينهم؛ إن أمضوا الصدقة فالأجر لهم، وإذا لم يمضوا الصدقة،أعطاهم حقوقهم،ويكون أجر الصدقة له (19 / 288)
92 - الواجب على الزوج إذا كان عنده مال لزوجته أن يكتب ذلك،وأن يوضح ذلك في وثيقة ثابتة؛حتى تُسلم لها بعد موته، ويجب أن يوضح ذلك في صحته؛حتى تبرأ ذمته . وإذا مات ولم يبين ذلك،وجب على الورثة أن يؤدوا حقها من رأس التركة؛كسائر أهل الدين - إذا ثبت ذلك بالبينة،أو سمحوا لها بذلك وصدقوها إذا كانوا مرشدين مكلفين -. ولا يجوز للزوج ولا غيره إذا كان في ذمته دين لأحد،أن يسكت وأن يغفل عن ذلك؛فتضيع الحقوق، فإن هذا خطر عظيم،وظلم عظيم يجب الحذر منه؛ فالواجب على كل إنسان عنده حق للغير - سواء كان زوجاً أو غير زوج،أو زوجة أو غير ذلك - أن يبين ذلك ويكتب الدين في وثيقة شرعية عند المحكمة،أو عند كاتب معروف يعتمد قلمه؛حتى يؤدى الحق إلى صاحبه لو قدر الله الموت قبل التسديد .وهذه المرأة يجب على الورثة أن يعطوها حقهاإذا ثبت لديهم ذلك، فإن لم يثبت فليس عليهم شيء،والله يعوضها عن ذلك . (19 / 290)
93 - ما حكم الإقراض لشخص على أن يرد ذلك القرض في مدة معينة،ويقرضني مثل هذا المبلغ لنفس المدة الأولى، وهل يدخل هذا تحت حديث: " كل قرض جر نفعاً فهو رباً "،علماً بأن طلب الزيادة لم يشترط ؟
لا يجوز هذا القرض؛لكونه يتضمن اشتراط قرض مثله للمقرض،وذلك يتضمن عقداً في عقد؛فهو في حكم بيعتين في بيعة، ولأنه يشترط فيه منفعة زائدة على مجرد القرض؛وهي أن يقرضه مثله، وقد أجمع العلماء:على أن كل قرض يتضمن شرط منفعة زائدة أو تواطؤاً عليها فهو رباً أما حديث: " كل قرض جر منفعة فهو رباً "،فهو ضعيف، ولكن ورد عن جماعة من الصحابة - رضي الله عنهم - ما يدل على معناه،إذا كان ذلك النفع مشترطاً أو في حكم المشترط أو الدين (19 / 293)
94 - إذا شرط الدلال على صاحب المزرعة في قرضه له:ألا يبيع إنتاجه إلا عنده،فهذا القرض يعتبر من قروض الربا؛لكونه قرضاً جر منفعة، فالواجب تركه والتوبة إلى الله - سبحانه(19 / 295)
95 - أقرضني أخي في الله (حسن) ألفي دينار تونسي،وكتبنا عقداً بذلك،ذكرنا فيه قيمة المبلغ بالنقد الألماني، وبعد مرور مدة القرض - وهي سنة - ارتفع ثمن النقد الألماني، فأصبح إذا سلمته ما هو في العقد أكون أعطيته ثلاثمائة دينار تونسي زيادة على ما اقترضته فهل يجوز للمقرض أن يأخذ الزيادة، أم تعتبر رباً ؟ لاسيما وأنه يرغب فبي السداد بالنقد الألماني؛ليتمكن من شراء سيارة من ألمانيا ؟
ليس للمقرض سوى المبلغ الذي أقرضك - وهو ألفا دينار تونسي - إلا أن تسمح بالزيادة فلا بأس؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " إن خيار الناس أحسنهم قضاء " . رواه مسلم في صحيحه، وأخرجه البخاري بلفظ: " إن من خيار الناس أحسنهم قضاء"[1]. أما العقد المذكور فلا عمل عليه،ولا يلزم به شيء؛ لكونه عقداً غير شرعي، وقد دلت النصوص الشرعية على أنه لا يجوز بيع النقد بالنقد إلا بسعر المثل وقت التقاضي،وأن لا يفترقا وبينهما شيء (19 / 297)
96 - إذا كان لإنسان على آخر مطلب دراهم عربية،ثمناً لعقار أو مكيل أو نحوه من مدة طويلة - كعشر سنوات - وقت ما كان الثمن الدارج فضة،وطلب صاحب الحق من غريمه أن يعطيه مطلبه فضة؛إذ إن البيع والشراء قبل خروج الورق، فقال الغريم: سوف أعطيك مطلبك ورقاً – العملة المتداولة اليوم – فلم يقبل صاحب المطلب إلا دراهم عربية فضة، فهل يلزم المدين أن يسلم فضة لصاحب الحق أو لا يلزمه ذلك،بل هو مخير بين أن يسلم له ورقاً أو فضة ؟
قد تأملت هذه المسألة في كلام أهل العلم وظهر لي أن الصواب في ذلك إلزام المدين بتسليم ما عليه من الحق في وقت المعاملة - وهو النقد الفضي - وليس هناك ما يقتضي العدول عنه ولا يخفى على مثلكم أن المسلمين على شروطهم،وأن على اليد ما أخذت حتى تؤديه،وأن الشرط العرفي كالنطقي، ولا أعلم ما يوجب ترك هذه الأصول والنقد الفضي موجود - بحمد الله - وارتفاع سعره لا يمنع من تسليمه كما لو كان هو العملة الرائجة،أما إن تعسر تحصيله،فالواجب قيمته وقت إعوازه من الذهب أو غيره مما لا يجري بينه وبينه ربا الفضل .أما أخذ الورق عنه مع الزيادة،فعندي فيه شك،والأحوط تركه؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك"[2]ولحديث النعمان في ترك الشبهات[3] وأخذ الورق على الفضة متفاضلاً فيه شبهة - فيما أعلم – (19 / 300)
97 - بعض المدارس يكتب لولي الأمر قبل بداية الدراسة أنه إذا سدد القسطين معاً قبل بداية الدراسة،فإنه يحصل على خصم قدره كذا وكذا في المائة . فهل مثل هذا جائز في شرعنا المطهر ؟
لا حرج في ذلك - في أصح قولي العلماء -؛ لما في ذلك من المصلحة الظاهرة للطرفين . (19 / 301)
98 - إذا مات الإنسان وعليه دين مؤجل،فإنه يبقى على أجله إذا التزم الورثة بتسديده،واقتنع بهم صاحب الدين، أو قدموا ضميناً مليئاً أو رهناً يفي بالدين، وبذلك يسلم الميت من التبعة . (19 / 305)
99 - جماعة من المدرسين يقومون في نهاية كل شهر بجمع مبلغ من المال من رواتبهم،ويعطى لشخص معين منهم،وفي نهاية الشهر الثاني يعطى لشخص آخر وهكذا حتى يأخذ الجميع نصيبهم،وتُسمى عند البعض (الجمعية)فما حكم الشرع في ذلك ؟
ليس في ذلك بأس، وهو قرض ليس فيه اشتراط نفع زائد لأحد، وقد نظر في ذلك مجلس هيئة كبار العلماء،فقرر بالأكثرية جواز ذلك؛ لما فيه من المصلحة للجميع بدون مضرة. (19 / 307)
100 - هل يجوز اقتراض مبلغ من المال بالريال ورده بما يساويه من الدولار ؟
إن كان مشارطة فهذا لا يجوز، هذا بيع،والبيع نقداً بنقد نسيئة لا يجوز،أما إن كان أقرضه دراهم سعودية أو أقرضه جنيهات مصرية أو جنيهات إسترلينية،ثم عند الوفاء أعطاه دولارات بالتراخي بينهما،يداً بيد،فلا بأس؛مثل ما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنه لما اشتكى إليه بعض الناس،قيل: " يبيعون بالدنانير ويأخذون الدراهم،ويبيعون الدراهم بالدنانير . قال: " لا بأس أن تأخذوها بسعر يومها،ما لم تفترقا وبينكما شيء"[4]. فإذا اقترض إنسان - مثلاً - ألف ريال قرضة،ثم عند الوفاء اتفق الشخصان على أنه يعطيه عن الألف ريال دولارات، أو دنانير كويتية، أو أردنية، أو جنيه إسترليني، أو ما أشبه ذلك،لا بأس إذا اتفقا عليه،وتقابضا في الحال،يداً بيد (19 / 308)
[1]- رواه البخاري في (الاستقراض وقضاء الديون)،باب (هل يعطي أكبر من سنه)، برقم:2392، ومسلم في (المساقاة)،باب (من استسلف شيئاً وقضى خيراً منه)، برقم:1600 .
[2]- رواه الترمذي في (صفة القيامة)،باب منه (ما جاء في صفة أواني الحوض)، برقم:2518، والنسائي في (الأشربة)،باب (الحث على ترك الشبهات)، برقم:5711 .
[3]- رواه البخاري في (الإيمان)،باب (فضل من استبرأ لدينه)، برقم:52، ومسلم في (المساقاة)،باب (أخذ الحلال وترك الشبهات)، برقم:1599.
[4]- رواه الإمام أحمد في (مسند المكثرين من الصحابة)،باقي (مسند عبد الله بن عمر)، برقم:6203، والنسائي في (البيوع)،باب (بيع الفضة بالذهب وبيع الذهب بالفضة)، برقم:4582
-
رد: الاختيارات الفقهية من الفتاوى البازية
كتاب البيوع
101 - لا بأس برهن المال المثمر؛كالنخل والعنب والثمر يكون للمالك - وهو الراهن - وليس للمرتهن أن يأخذه إلا أن يحسبه من الدين، أما أخذه الثمرة وبقاء الدين بحاله فهو من الربا المحرم،وهكذا لو رهنه أرضاً،لا يجوز للمرتهن أن يأخذ أجرتها إلا أن يحسبها من الدين وقد ورد عن جماعة من أصحاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - التحذير من أخذ صاحب الدين من المدين شيئاً من المال من أجل إنظاره وإمهاله في الدين،فجعلوا ذلك من الربا، أما إذا زاده شيئاً حين الوفاء أو بعده فلا بأس؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن خيار الناس أحسنهم قضاء"[1] (19 / 310)
102 - التأمين على الحياة والممتلكات محرم؛لا يجوز لما فيه من الغرر والربا . (19 / 314)
103 - التأمين محرم، هذا هو الأصل؛ لأنه رباً وغرر فالمؤمِّن يعطي مالاً قليلاً ويأخذ مالاً كثيراً، وقد لا يأخذ شيئاً، وقد تخسر الشركة أموالاً عظيمة؛ لكن لا تقل آخذ من ذا ومن ذا ومن ذا، فيحصل الربح من جهة،لكن من جهة أخرى قد يعطي شركة التأمين عشرة آلاف وتخسر عليه عشرات الآلاف،ومن هنا يأتي الغرر(19 / 315)
104 - إني في أحد اللجان الخيرية،فأنا مسئول عن جمع مال اللجنة؛ فربما يكون نقص في بعض الأحيان من شدة الضغط علينا في بعض المواسم،فلا أدري من أين هذا النقص؛فربما لا نأخذها من المتبرع نفسه،أو من الآخرين الذين يجمعون التبرعات في نفس عملنا،أو من الأسواق، فهل نحن ملزمين بدفع النقص الذي ليس لي به ذنب مثلاً ؟
أما النقص الذي أشرتم إليه، فلا يلزمكم غرمه - إذا لم يكن منكم تفريط - ولا تعدٍّ. (19 / 315)
105 - ما هو القول الراجح فيما يتعلق بالأغصان والعروق التي تمتد من ملك شخص إلى ملك جاره،وما يترتب على ذلك من الضرر، وما هي درجة الحديث الذي ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في قلع نخلة الشخص الذي أبى أن يقبل المعاوضة؛لما كان فيها من ضرر على أخيه صاحب البستان ؟
قد تأملت المسألة المذكورة،ورأيت صاحب الإنصاف ذكر فيها وجهين، وذكر غيره قولين في المسألة: أحدهما: أن المالك لا يجبر على إزالتها .
والثاني: يجبر،فإن امتنع ضَمِن ما ترتب عليها من الضرر واتضح لي أن القول الثاني أرجح من وجوه:
الأول: أن ذلك هو مقتضى الأدلة الشرعية،مثل قوله صلى الله عليه وسلم: " لا ضرر ولا ضرار"[2]، وما جاء في معناه . الثاني: قوله - صلى الله عليه وسلم -:"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره"[3]، ولاشك أن العروق والأغصان المضرة بالجار،داخلة في الأذى المنهي عنه؛ فالواجب منع الجار من ذلك الثالث: أن عدم الإجبار يفضي إلى استمرار النزاع والخصومة، وربما أفضى إلى ما هو أشد من ذلك من المضاربة وما هو أشد منها . فالواجب حسم ذلك والقضاء عليه، وقد دلت الأدلة الشرعية - التي يتعذر أو يتعسر إحصاؤها - على وجوب سد الذرايع المفضية إلى الفساد والنزاع والخصومة،أو ما هو أشد من ذلك.أما حديث صاحب النخلة،فقد خرجه أبو داود،من حديث محمد بن علي بن الحسين، عن سمرة بن جندب، وفي إسناده نظر؛ لأن محمد بن علي لا يعلم سماعه من سمرة،بل الظاهر أنه لم يسمع منه - كما نبه على ذلك الحافظ المنذري في (مختصر السنن)- لكن ذكر الحافظ ابن رجب في (شرح الأربعين)- في الكلام على الحديث الثاني والثلاثين - شواهد لهذا الحديث.
وهي كلها مع الحديث الذي ذكرنا في الوجه الأول؛تدل على ترجيح القول الذي ذكرنا،وهو إلزام المالك بإزالة ما حصل به الضرر من عروق أو أغصان،فإن لم يزل الضرر إلا بقلع الشجرة،قلعت جبراً عليه؛حسماً لمادة الضرر والنزاع،ورعاية لحق الجوار (19 / 317) (25 / 374)
106 - أنا شخص مطالب بمبلغ من المال نهاية شهر عشرة،ولا أستطيع الوفاء به في موعده كاملاً، ويوجد لدي مبلغ من المال أنا وكيل عليه وكالة شرعية، ووالدي له جزء من هذا المبلغ .سؤالي: هل يجوز لي اقتطاع جزء من زكاة هذا المال لأسدد به ديني ؟
ليس لك ذلك، وإنما يكون إخراج الزكاة من مالك المال، إلا إذا وكلك أبوك وشريكه في إخراج الزكاة وصرفها في غرمائك،فلا بأس إذا كنت عاجزاً عن تسديد حق الغرماء.(19 / 321)
107 - ليس لك امتلاك ما فضل من المال الذي سلمه لك والدك لشراء بعض الحاجات، بل يجب رده إلى والدك؛ لأن ذلك من أداء الأمانة (19 / 322)
108 - تعيين الربح بمبلغ معلوم في المضاربة أو غيرها من أنواع الشركات لا يجوز،بل يبطل به العقد؛ لأن ذلك يفضي إلى أن يربح أحد الشريكين أو الشركاء ويخسر الآخر، وإنما يكون الربح مشاعاً؛كالنصف أو أقل أو أكثر بإجماع أهل العلم (19 / 324)
109 - الذي قرره العلماء في باب المساقاة:أن الأرض لا تتبع الغراس،وأنها تبقى لصاحبها،فإذا باد الشجر رجعت إلى مالكها،وهذا هو المعروف عند الأئمة الأربعة وغيرهم . لكن ذكر بعض العلماء:أن المالك والغارس إذا اتفقا على أن الأرض تابعة للغراس فلا بأس، واختار هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -. فإذا كان الجد:عبد العزيز،والجد:عبد الله - رحمة الله عليهما - قد ذكرا في عقد المغارسة أن الأرض تابعة للغراس،فالشرط صحيح - على الراجح الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - عملاً بالحديث المشهور: " المسلمون على شروطهم"[4] - ويكون للجد عبد الله من الأرض بقدر الذي له من الغراس،حسب الشرط الذي بينهما . أما إن كانا لم يذكرا في عقد المغارسة أن الأرض تابعة للغراس،فليس للوالد عبد الله إلا الشجر، فإذا فني الشجر رجعت الأرض إلى مالكها،وهو الجد:عبد العزيز - رحمه الله-. هذا هو الذي أعلمه في هذه المسألة،(19 / 329)
110 - يجوز تأجيرها – الأرض - بشيء معلوم من الدراهم أوغيرها؛ كما قال رافع بن خديج - رضي الله عنه - لما أخبر بنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن تأجير الأرض بأنواع من الأجرة المجهولة،قالhttp://majles.alukah.net/images/nasser2/frown.gifفأما شيء معلوم مضمون فلا بأس به)[5] ويجوز - أيضاً - تأجير الأرض بجزء مشاع معلوم مما يخرج منها؛كالربع أو الثلث ونحوهما (19 / 331)
[1]- رواه البخاري في (الاستقراض وأداء الديون)،باب (هل يعطي أكبر من سنه)، برقم:2392، ومسلم في (المساقاة)، باب (من استسلف شيئاً وقضى خيراً منه)، برقم:1600 .
[2]- رواه الإمام أحمد في (مسند بني هاشم)،بداية (مسند عبد الله بن عباس)، برقم:2862، وابن ماجة في (الأحكام)،باب (من بنى في حقه ما يضر بجاره)، برقم:2341 .
[3]- رواه البخاري في (الأدب) باب من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره برقم 6018
[4]- رواه الترمذي في (الأحكام)،باب (ما ذكر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصلح)، برقم:1352 .
[5]- رواه مسلم في (البيوع)،باب (كراء الأرض بالذهب والورق)، برقم:1547 .
-
رد: الاختيارات الفقهية من الفتاوى البازية
كتاب البيوع
111 - يجوز تقديم الأجرة وتأخيرها على حسب ما يتفق عليه المؤجر والمستأجر؛ لقول الله - سبحانه -: " يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود"[1]، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " المسلمون على شروطهم ..."[2]. الحديث (19 / 334)
112 - حلق اللحى وقصها محرم ومنكر ظاهر، لا يجوز للمسلم فعله،ولا الإعانة عليه، وأخذ الأجرة على ذلك حرام وسحت (19/ 337)
113 - لا حرج في أخذ الأجرة على رقية المريض؛ لما ثبت في الصحيحين أن جماعة من الصحابة - رضي الله عنهم - وفدوا على حي من العرب فلم يُقروهم،ولُدغ سيدهم وفعلوا كل شيء؛ لا ينفعه،فأتوا الوفد من الصحابة - رضي الله عنهم - فقالوا لهم: هل فيكم من راق؛فإن سيدنا قد لدغ ؟ فقالوا: نعم، ولكنكم لم تُقرونا؛فلا نرقيه إلا بجعل، فاتفقوا معهم على قطيع من الغنم، فرقاه أحد الصحابة بفاتحة الكتاب فشفي،فأعطوهم ما جُعل لهم، فقال الصحابة فيما بينهم: لن نفعل شيئاً حتى نخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما قدموا المدينة أخبروه - صلى الله عليه وسلم - بذلك،فقال: " "قد أصبتم"[3] ولا حرج في القراءة في الماء والزيت في علاج المريض والمسحور والمجنون، ولكن القراءة على المريض بالنفث عليه أولى وأفضل وأكمل، وقد خرج أبو داود - رحمه الله - بإسناد حسن:(أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ لثابت بن قيس بن شماس في ماء،وصبه عليه). وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لا بأس بالرقى ما لم تكن شركاً)[4]، وهذا الحديث الصحيح يعم الرقية للمريض على نفسه،وفي الماء والزيت ونحوهما (19 / 339)
114 - دفعت بعض المال لشخص وعدني بالقيام بإجراءات الدخول إلى الدولة،وقد كان، وبعد دخولي تعاقدت مع أحد الدوائر الحكومية للعمل في مجال تخصصي بعقد شرعي، لكن أحد الزملاء أبلغني:أن ما أتقاضاه من أجر حرام؛بحجة أن ما بني على حرام فهو حرام - قاصداً بذلك ما دفعته في سبيل الحصول على تأشيرة الزيارة - فهل هذا الكلام صحيح أو لا ؟
هذا فيه تفصيل: إذا كان وكيلك قد فعل الأسباب الشرعية؛ بأن تعب في مراجعة المسئولين من أجل أن يسمحوا لك من غير كذب ولا خيانة ولا رشوة،فلا حرج في ذلك؛ لأن هذا الذي دفعته من المال في مقابل تعبه لك،ومراجعاته للمسئولين،والتماس الإذن لك في الدخول .أما إذا كان عمله من طريق الرشوة والخيانة والكذب،فلا يجوز لك ولا له، وليس لك أن تعينه على الباطل، وأن ترضى بالباطل وليس له أن يستعمل الرشوة والكذب (19 / 341)
115 - ليس له أن يستعمل سيارة الشركة ولا سيارة الحكومة إلا بالإذن،إلا فيما جعل له من أعماله التي تتعلق بالشركة أو أعمال الدولة .(19 / 342)
116 - انتدبت أنا وزميلي إلى إحدى المناطق لمدة أربعة أيام،إلا أنني لم أذهب مع زميلي،وبقيت على رأس عملي،وبعد فترة استلمت ذلك الانتداب، فهل يجوز لي استهلاكه أم لا ؟
الواجب عليك رده؛ لأنك لا تستحقه لعدم قيامك بالانتداب، فإن لم يتيسر ذلك، وجب صرفه في بعض جهات الخير؛كالصدقة على الفقراء،والمساهمة به في بعض المشاريع الخيرية،مع التوبة والاستغفار،والحذر من العودة إلى مثل ذلك (19 / 343)
117 - لا نعلم حرجاً في هذه الحرف - الطباخة والحلاقة وصناعة الأحذية والعمل في النظافة وغيرها - وأشباهها من الحرف المباحة،إذا اتقى صاحبها ربه،ونصح،ولم يغش معامليه؛لعموم الأدلة الشرعية في ذلك؛ مثل قوله - صلى الله عليه وسلم - لما سئل أي الكسب أطيب ؟ قال: " عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور"[5] رواه البزار وصححه الحاكم (19 / 350)
118 - إني شاب لم أحصل على حفيظة نفوس،وأنا مؤذن مسجد،فقال لي إمام المسجد:أريد أن أكتبك في الأوقاف لكي تستلم راتباً،فنكتب الأذان باسم شخص ثان،والأذان لك أنت مع استلام الراتب . هل يجوز أخذ الراتب والأذان بغير اسمي ؟
هذا منكر وزور ولا يجوز، وعليك رد المال إلى الأوقاف، فإن لم يتيسر ذلك فتصدق به على الفقراء ونحوهم؛ لأنه مال أخذ بغير حق،ولم يتيسر صرفه إلى أهله؛فوجب صرفه في جهة بر؛كالفقراء، وإصلاح دورات المياه،ونحو ذلك (19 / 351)
119 - الواجب على كل مسلم أداء الأمانة والحذر من الخيانة في العمل، وفي الحضور والغياب، وفي كل شيء، والواجب عليه أن يسجل الوقت الذي دخل فيه، والوقت الذي خرج فيه؛ حتى يبرئ ذمته والواجب على المسئول عنهم أن ينصحهم، ويوجههم إلى الخير، ويحذرهم من الخيانة . والله ولي التوفيق (19 / 356)
120 - لا يجوز لك التدليس أو الغش في العين أو في غير العين، كأن تستعمل أحداً ينوب عنك في الاختبار، وعليك بإخبار الجهة عن ذلك، وإن كنت قمت بالواجب، فالحمد لله عما مضى، ولكن عليك أن لا تعود إلى مثل هذا، وأن تستغفر الله عما حصل من الغش (19 / 357)
[1]- سورة المائدة، الآية 1 .
[2]- رواه الترمذي في (الأحكام)،باب (ما ذكر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصلح)، برقم:1352 .
[3]- رواه البخاري في (الإجارة)،باب (ما يعطى في الرقية على أحياء العرب)، برقم:2276، ومسلم في (السلام)،باب (جواز أخذ الأجرة على الرقية بالقرآن)، برقم:2201 .
[4]- رواه مسلم في (السلام)، باب (لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك)، برقم: 2200، وأبو داود في (الطب)، باب (ما جاء في الرقى)، برقم: 3886، واللفظ له .
[5]- رواه الإمام أحمد في (مسند الشاميين)، (حديث رافع بن خديج)، برقم:16814 .
-
رد: الاختيارات الفقهية من الفتاوى البازية
كتاب البيوع
121 - لا حرج في ذلك - أخذ السعي -، فهذه أجرة وتسمى السعي، وعليك أن تجتهد في التماس المحل المناسب الذي يريد الشخص أن يستأجره، فإذا ساعدته في ذلك، والتمست له المكان المناسب وساعدته في الاتفاق مع المالك على الأجرة، فكل هذا لا بأس به - إن شاء الله (19 / 358)
122 - لا يجوز لرئيس الدائرة أو مديرها أو من يقوم مقامهما، أن يوافق على شيء يعتقد عدم صحته، بل عليه أن يتحرى إن كان هناك ضرورة في الاستئذان لحاجة ماسة، والاستئذان لا يضر العمل فلا بأس به أما الأعذار التي يعرف أنها باطلة، أو يغلب على ظنه أنها باطلة، فإن على رئيسه أن لا يأذن له ولا يوافق عليه؛ لأن ذلك خيانة للأمانة، وعدم نصح لمن ائتمنه وللمسلمين (19 / 361)
123 - أنا موظف بريد عندما أسلم مظروف البريد أو الحوالة لصاحبها يعطيني بعض النقود، فهل تعتبر هذه هدية يحق لي أخذها ؟ أم تعتبر رشوة ؟
لا أعلم حرجا في ذلك؛ لأن هذا العمل داخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من صنع إليكم معروفا فكافئوه)) [1] الحديث، وقوله صلى الله عليه وسلم ((كل معروف صدقة)) [2] رواه البخاري في الصحيح . ولا شك أن هذه المساعدة تشجع موظف البريد على إيصال المعاملات إلى أهلها في أسرع وقت ممكن . (9 / 408)
124 - الأشرطة التي تشتمل على فساد - كما وصفت - لا يجوز شراؤها ولا بيعها ولا تأجيرها، وكسبها حرام، وأما الأفلام الطيبة الخالية من المنكرات والمساعدة عليها، فكسبها حلال (19 / 362)
125 - لا يحل أخذ مال امرئ مسلم بأي وجه من الوجوه إلا بحق شرعي . ومعلوم من قواعد الشرع المطهر لكل ذي علم وبصيرة: أن تقييد حرية العقار بأجرة معينة أو نسبة معينة يعتبر ظلماً لمالكه، وأخذاً لماله بغير حق، ومصادمة للنصوص الشرعية، ومخالفة لأمر الله ورسوله، وحكماً بغير ما أنزل الله، واجتهاداً في غير محله فإطلاق حرية العقار هو الأمر المتعين شرعاً، وهو الموافق للمصلحة العامة والسياسة الحكيمة (19 / 370)
126 - لا يجوز التأجير على البنك العربي الوطني ولا غيره من البنوك الربوية؛ لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان (19 / 376)
127 - لا يجوز تأجير الدكان على من يستعمله في بيع ما حرم الله؛ من آلات الملاهي أو الخمر أو الدخان أو نحو ذلك؛ لأن ذلك إعانة لهم على ما حرم الله (19 / 378)
128 - لا تجوز هاتان اللعبتان – البلوت والشطرنج - وما أشبههما؛ لكونهما من آلات اللهو، ولما فيهما من الصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وإضاعة الأوقات في غير حق، ولما قد تفضي إليه من الشحناء والعداء، هذا إذا كانت هذه اللعبة ليس فيها عوض . أما إن كان فيها عوض مالي، فإن التحريم يكون أشد؛ لأنها بذلك تكون من أنواع القمار الذي لا شك في تحريمه، ولا خلاف فيه . (19 / 391 – 392)
129 - تطرح بعض المجلات والجرائد الإسلامية وغير الإسلامية مسابقات هادفة، تتضمن أسئلة متنوعة، وتتطلب إجابات صحيحة عنها من قبل القُرَّاء، وتُرَتِّبُ عليها جوائز ومكافآت للمشاركين الفائزين فيها بالقرعة لكنها تشترط لذلك إرفاق الإجابات مع كوبون أو قسيمة خاصة تقتطع من المجلة أو الجريدة نفسها، مما يدفع المشارك ويضطره ويُلجئه إلى شراء المجلة للحصول على هذا الكوبون أو القسيمة، وقد يفوز بالجائزة أو يخسر فما هو الحكم الشرعي في المشاركة في مثل هذه المسابقات ؟
هذه المعاملة من الميسر؛ وهو القمار؛ لأن المشارك فيها قد يخسر ولا يفوز، وقد قال الله - عز وجل -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ}[3]. (19 / 400)
130 - أنا من بلد لا أستطيع أن أدخل معي كتباً وأشرطة إلا عن طريق التهريب، ودفع المال عن ذلك الْمُهَرّب، ما حكم ذلك، مع العلم أننا في حاجة ماسة إلى الكتب والأشرطة ؟ وأيضاً يوجد في هذا البلد الإسلامي مساكن تابعة للدولة؛ ولحاجة الناس للسكن، اضطر الناس للسكن فيها بدون إذن من الدولة وهي لم تكتمل، فما حكم السكن فيها وحكم بيعها، وهم الآن مستقرون فيها بدون أي مضايقة من الحكومة ؟
أما الأشرطة والكتب النافعة، فلا بأس من إدخالها إذا كانت طيبة وسليمة إلى المسلمين لينتفعوا بها، ويستفيدوا منها، هذا لا بأس به، ولو بإعطاء الموظف ما يسمح به إذا كانت كتب طيبة وأشرطة طيبة على طريقة أهل السنة والجماعة،وأما البيوت التي أعدتها الدولة للسكن فلا يسكنها إلا بإذن الدولة، ولا يسكنها بالرشوة لا يجوز إذا كانت الدولة أعدت مساكن لأناس معينيين بشروط معينة، فلا يسكنها إلا إذا توفرت فيه الشروط، ولا يتساهل في خيانة الموظفين . (19 / 403)
[1]- رواه النسائي في الزكاة برقم 2520، وأبو داود في الزكاة برقم 1424 واللفظ له، وأحمد في مسند المكثرين برقم 5110.
[2]- رواه البخاري في الأدب برقم 5562، ومسلم في الزكاة برقم 1673، واللفظ متفق عليه، والترمذي في البر والصلة برقم 1893.
[3]- سورة المائدة، الآيتان 90، 91
-
رد: الاختيارات الفقهية من الفتاوى البازية
كتاب البيوع
131 - الشفعة تثبت بالشركة في المرافق الخاصة كالبئر والطريق والمسيل ونحوها، كما تثبت الشفعة فيما لم تمكن قسمته من العقار؛ كالبيت والحانوت الصغيرين ونحوهما؛ لعموم الأدلة في ذلك، ولدخول ذلك تحت مناط الأخذ بالشفعة، وهو دفع الضرر عن الشريك في المبيع وفي حق المبيع . ولأن النصوص الشرعية في مشروعية الشفعة تتناول ذلك، ومن ذلك ما رواه الترمذي بإسناده إلى ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الشريك شفيع، والشفعة في كل شيء "[1]. وفي رواية الطحاوي بإسناده إلى جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى بالشفعة في كل شيء قال الحافظ: حديث جابر لا بأس بروايته، ولما روى الإمام أحمد والأربعة بإسنادهم إلى جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " الجار أحق بشفعة جاره، ينتظر بها وإن كان غائباً إذا كان طريقهما واحداً"[2] ولما روى البخاري في صحيحه، وأبو داود والترمذي في سننهما بإسنادهم إلى جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: "قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالشفعة في كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود وصُرِّفَت الطرق فلا شفعة"[3] (19 / 406)
132 - لا يجوز لمن اؤتمن على أي مال لأي مشروع أن يتصرف فيه لنفسه، بل يجب أن يحفظه ويصونه حتى يصرف في مصرفه (19 / 410)
133 - إذا أودع عندك أحد وديعة، فليس لك التصرف فيها إلا بإذنه، وعليك أن تحفظها فيما يحفظ فيه مثلها، فإذا تصرفت فيها بغير إذنه فعليك أن تستسمحه، فإن سمح، وإلا فأعطه ربح ماله، أو اصطلح معه على النصف أو غيره، والصلح جائز بين المسلمين، إلا صلحاً حرم حلالاً أو أحل حراماً (19 / 412)
134 - قد بين الرسول - صلى الله عليه وسلم - حكم الأراضي الميتة، فقال - عليه الصلاة والسلام -: "من أحيا أرضاً ميتة فهي له"[4]، وقال: "من عمّر أرضاً ليست لأحد، فهو أحق بها"[5]. فالواجب على الحكومة في بلدكم وغيرها أن تحكم بين الناس بحكم الإسلام، وأن تمنع الرعية من تعدي الحدود الشرعية؛ فإذا كان هناك أراضٍ ميتة لم تحيا، وجب على ولاة الأمر تشجيع الرعية على عمارتها، وتوزيعها بينهم بالعدل - على حسب قدرتهم ورغبتهم - ومن استولى على أرض ميتة ولم يعمرها، وجب أن ينذر ويحدد له حد مناسب، فإن قام بعمارتها في المدة المحددة وإلا نزعت منه، وسلمت لمن يرغب في عمارتها ويقوى على ذلك . أما الأراضي المملوكة فليس للحكومة ولا لغيرها انتزاعها من أهلها إلا برضاهم، أو بالعقود الشرعية من بيع أو إجارة أو عارية، أو مزارعة، أو غير ذلك من العقود الشرعية (19 / 423)
135 - الواجب عليك وعلى غيرك ممن يجد لقطة ذات أهمية، تعريفها سنة كاملة في مجامع الناس، كل شهر مرتين أو ثلاثة، فإن عُرفَتْ سلمها لصاحبها، وإن لم تعرف فهي له بعد السنة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بذلك إلا أن تكون في الحرمين، فليس له تملكها، بل يجب تعريفها دائماً حتى يعرف ربها، أو يسلمها للجهات المسئولة في الحرمين، حتى تحفظها لمالكها؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في مكة: " لا تحل ساقطتها إلا لمعرف"[6]، ولقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إني حرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة"[7]. الحديث متفق على صحته. لكن إذا كانت اللقطة حقيرة لا يهتم بها صاحبها؛ كالحبل، وشسع النعل، والنقود القليلة، فإنه لا يجب تعريفها، ولواجدها أن ينتفع بها، أو يتصدق بها على صاحبها. ويستثنى من ذلك ضالة الإبل، ونحوها من الحيوانات التي تمتنع من صغار السباع كالذئب ونحوه، فإنه لا يجوز التقاطها؛ لقول لنبي - صلى الله عليه وسلم - لمن سأله عنها: "دعها؛ فإن معها حذاءها وسقاءها، تَرِدُ الماء وتأكل الشجر حتى يلقاها ربها"[8]. متفق عليه. (19 / 429)
136 - لا تفرط ولا تأخذ نعال الناس، مثل ما أنك ما تحب أن أحداً يأخذ نعالك لا تأخذ نعال الناس، وإذا اضطررت إلى الحر؛ البس بعض النعال الموجودة حتى تخرج من الحرارة، ثم البس نعال جديدة بعدما تشتريها، ثم رد النعال هذه إلى محلها، إذا كنت تظن أنها ليست لأحد؛ احتياطاً ردها لمحلها، حتى يجدها صاحبها، وإلا اصبر على الرمضاء، وأبشر بالخير - إن شاء الله - حتى تصل إلى محلك . (19 / 431)
137 - ليس له أن يأخذ شيئاً من نعال الناس، إلا إذا وجد نعلين من جنس نعليه لا يوجد معهما غيرهما، فالأقرب أنه يجوز له أخذهما؛ لأن الظاهر أن صاحبهما أخذ نعليه يظنهما نعليه من أجل التشابه (19 / 432)
138 - يعرفها - اللقطة - صاحبها بقوله: من له كذا حول المسجد، وليس بداخل المسجد، فيقول: من له نقود ؟ من له ذهب ؟ ... إلخ، أو يكتب ورقة ويعلقها خارج المسجد، أما داخل المسجد فلا (19 / 433)
139 - إنني منذ فترة طويلة كنت أرعى الغنم، وجاء بين غنمنا عناق فذبحتها أنا وراعٍ معي وأكلناها، ثم بحثنا عن صاحبها لنعطيه ثمنها فلم نجده – وثمنها في ذلك الوقت يصل إلى 25 جنيهاً سودانياً – فكيف توجهوننا الآن - جزاكم الله خيراً - ؟
عليك أن تتصدق أنت وصاحبك بقيمتها بالنية عن صاحبها، إذا كانت المدة طويلة، أما إذا كانت المدة قصيرة، فعليك تعريفها سنة كاملة؛ تقول: من له العناق ؟ من له العناق ؟ لعلها تعرف، فمتى عرفها أحد فأعطوه قيمتها، وإذا لم تعرف فلا شيء عليكم وأما إذا كانت المدة طويلة وقد فات وقت التعريف، وقد نسيها صاحبها، أو ذهب عن المكان، أو ما أشبه ذلك،، فالأحوط لك ولصاحبك أن تتصدقا بقيمتها بالنية عن صاحبها . أما إذا أمكن تعريفها سنة كاملة؛ لعل صاحبها يعرفها فتعرفها سنة كاملة في مجامع الناس، تقول: من له العناق ؟ من له العناق التي وجدت في محل كذا وكذا ؟ لعلها تعرف، فإن عرفت، فإنك تعطيه القيمة إن طلبها، وإن سمح فلا بأس، ولا شيء عليك وعلى صاحبك أما إذا كانت المدة طويلة وقد مضى دهر طويل، فالغالب أن صاحبها لا يكون موجوداً، ولا يلزم التعريف حينئذ؛ فتصدق بثمنها بالنية عن صاحبها، وإذا عرفتها احتياطاً لعله يعرف، هذا أيضاً أكمل وأطيب وأحوط (19 / 435)
140 - اللقطة الحقيرة لا قيمة لها، إن عرفها فلا بأس، وإن أكلها فلا بأس، وإن تصدق بها، فلا بأس؛ لأنها حقيرة ما تتحمل التعريف، العشرة والعشرين والثلاثين أو ما أشبه ذلك، هذه اللقطة اليوم ليس لها أهمية، فإن تصدق بها عن صاحبها فلا بأس، وإن استعملها فلا بأس، وإن تركها فلا بأس . والحذاء - كذلك - أمرها سهل، إذا كانت رميت في محلات لا يرغب فيها (19 / 441)
[1]- رواه الترمذي في (الأحكام)، باب (ما جاء في أن الشريك شفيع)، برقم: 1371 .
[2]- رواه الإمام أحمد في (مسند المكثرين من الصحابة)، (مسند جابر بن عبد الله - رضي الله عنه -) ن برقم: 13841، وأبو داود في (البيوع)، باب (في الشفعة)، برقم: 3518، وابن ماجة في (الأحكام)، باب (الشفعة بالجوار)، برقم: 2494 .
[3]- رواه البخاري في (الشفعة)، باب (الشفعة فيما لم يقسم)، برقم: 2257.
[4]- رواه الإمام أحمد في (مسند المكثرين من الصحابة)، (مسند جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما -)، برقم: 14226، وأبو داود في (الخراج والإمارة والفيئ)، باب (في إحياء الموات)، برقم: 3073.
[5]- رواه البخاري في (المزارعة)، باب (من أحياأرضاً مواتاً) برقم 2335.
[6]- رواه البخاري في (اللقطة)، باب (كيف تعرف لقطة أهل مكة بلفظ: " .... إلا لمنشد ")، ومسلم في (الحج)، باب (تحريم مكة وصيدها وخلاها وشجرها ولقطتها)، برقم: 1355 .
[7]- رواه مسلم في (الحج)، باب (فضل المدينة)، برقم: 1362 .
[8]- رواه أبو داود في (الطهارة)، باب (من يحدث في الصلاة)، برقم: 205، وفي (الصلاة)، باب (إذا أحدث في صلاته)، برقم: 1005
-
رد: الاختيارات الفقهية
كتاب الوقف والهبة والعطية والوصايا والفرائض
141 - الواجب عليك ردها – الكتب - إلى المكتبة لأنها في حكم الوقف على المكتبة، ولا يجوز لأحد أن يأخذ من المكتبات العامة ولا من المكتبات المدرسية شيئا إلا بإذن المسئول عنها على وجه العارية لمدة محدودة، وعليك مع ذلك التوبة إلى الله مما فعلت ونسأل الله أن يتوب عليك ويغفر لك إنه خير مسئول (5 / 353)
141 - تثويب القراءة أو الطواف لوالديه أو لغيرهما من المسلمين فهذا محل خلاف بين العلماء، والأفضل والأحوط تركه لعدم الدليل عليه، والعبادات توقيفية لا يفعل منها إلا ما جاء به الشرع، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) [1] متفق على صحته، وفي رواية أخرى: ((من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)) خرجه مسلم في الصحيح . (11 / 174)
142 - ليس لك التصرف في الوقف ولا نقله إلى غير ما عينه الواقف، وإذا تعطلت مصالحه جاز نقله في مثله، أو فيما يقوم مقامه؛ من أرض أو دكان أو نخل، تصرف غلته مصرف البيت المذكور، على أن يكون ذلك بواسطة المحكمة في بلد الوقف (20 / 7)
143 - إذا تعطلت منفعة الوقف - سواء كان مسجداً أو غيره - جاز بيعه - في أصح أقوال العلماء - وتصرف قيمته في وقف آخر بدل منه، مماثل للوقف الأول - حيث أمكن ذلك - وقد روي عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه – أنه أمر بنقل مسجد الكوفة إلى مكان آخر لمصلحة اقتضت ذلك فتعطل المنفعة أولى بجواز النقل، والمسألة فيها خلاف بين العلماء، ولكن القول المعتمد جواز ذلك؛ لأن الشريعة الإسلامية الكاملة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، وأمرت بحفظ الأموال ونهت عن إضاعتها، ولا ريب أن الوقف إذا تعطل لا مصلحة في بقائه، بل بقائه من إضاعة المال . فوجب أن يباع ويصرف ثمنه في مثله، إلا أن يكون بيع بعضه يكفي لإصلاحه، فإنه يباع بعضه، ويصرف ثمنه في إصلاح الباقي (20 / 10)
144 - الأولى والأحوط أن يصرف - الوقف - فيما خصصه له باذله – إذا كان الموضوع أمراً مشروعاً كدورة المياه أو أمراً مباحاً – لكن إذا رأت اللجنة القائمة على تعمير المسجد، أن الحاجة والضرورة تدعو إلى صرفه في تعمير المسجد، فلا حرج في ذلك - إن شاء الله - (20 / 13)
145 - إذا كان المسجد الأول الذي جمع له المال قد كمل واستغني عن المال، فإن الفاضل من المال يصرف لتعمير مساجد أخرى، مع ما يضاف إليها من مكتبات ودورات مياه ونحو ذلك - كما نص على ذلك أهل العلم في كتاب الوقف -؛ ولأنه من جنس المسجد الذي تُبرع له، ومعلوم أن المتبرعين إنما قصدوا المساهمة في تعمير بيت من بيوت الله، فما فضل عنه يصرف في مثله، فإن لم يوجد مسجد محتاج، صرف الفاضل في المصالح العامة للمسلمين، كالمساجد والأربطة والصدقات على الفقراء، ونحو ذلك (20 / 14)
146 - إذا كان المسجد الصغير مستغنياً عن بعض المصاحف التي فيه، فلا بأس بنقل ما لا تدعو الحاجة إليه في ذلك المسجد إلى مسجد آخر محتاج إلى ذلك، إذ المقصود من ذلك انتفاع المصلين بهذه المصاحف، والأحوط استئذان الإمام في ذلك؛ لأنه أعلم بحاجة المسجد (20 / 15)
147 - نرى أن يكون الوقف على المحتاج من الذرية – سواء كانوا من أولاد الذكور أو البنات - بطناً بعد بطن، ومن أغناه الله لا يشارك الفقير؛ فإن انقرضوا تصرف الغلة في وجوه الخير؛ من الصدقة على الفقراء، وتعمير المساجد، ونحو ذلك من وجوه الخير، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق لكل خير؛ إنه سميع قريب (2 / 17)
148 - الأقرب عندي عدم حرمان أولاد البنات من الوقف، ولكن عندي توقف في الحكم؛ لأن حرمانهم جنف وباطل؛ ولهذا أخرت الجواب رجاء أن أجد من كلام أهل العلم ما يزيل الإشكال؛ ولكن بسبب كثرة المشاغل وضيق الوقت على أخيكم،لم يتيسر لي المطالعة الكافية لكلام أهل العلم، ولم أجد ما يطمئن القلب للحكم ببطلان وقف من حرم أولاد البنات، وأسأل الله أن يمنحنا وإياكم وسائر المسلمين الفقه في دينه، وأن يعيذنا جميعاً من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا؛ إنه سميع قريب . (20 / 18)
149 - مال الوقف لا زكاة فيه (20 / 23)
150 - هل يجوز وقف العمائر التي بنيت بقرض من صندوق التنمية العقاري، وهي لا تزال مرهونة لدى الصندوق ؟
في هذه المسألة خلاف بين العلماء، مبنية على مسألة أخرى، وهي: هل يلزم الرهن بدون قبض أم لا ؟ فمن قال: لا يلزم إلا بالقبض، قال: يصح الوقف وغيره من التصرفات التي تنقل الملك؛ لكون الرهن لم يقبض ومن قال: إن الرهن يلزم ولو لم يقبض المرهون،لم يصح الوقف ولا غيره من التصرفات الناقلة للملك .وبذلك، يعلم أن الأحوط عدم وقفه حتى يسدد ما عليه للبنك؛ خروجاً من خلاف العلماء، وعملاً بالحديث الشريف: ((المسلمون على شروطهم))[2] ((20 / 24)
[1] - رواه البخاري في (الصلح)، باب (إذا اصطلحوا على صلح جور)، برقم: 2697، ومسلم في (الأقضية) باب (نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور)، برقم: 1718 .
[2]- رواه الترمذي في (الأحكام)، باب (ما ذكر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصلح، برقم: 1352 .
-
رد: الاختيارات الفقهية من الفتاوى البازية
كتاب الوقف والهبة والعطية والوصايا والفرائض
151 - لا حرج عليك في قبول هبة أختك لك نصيبها من البيت؛ مساعدة لك في الزواج، إذا كانت رشيدة؛ لأن الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة، قد دلت على جواز تبرع المرأة بشيء من مالها لأقاربها وغيرهم كما يشرع لها الصدقة إذا كانت رشيد (20 / 42)
152 - لا حرج عليك في أخذ راتب زوجتك برضاها - إذا كانت رشيدة - وهكذا كل شيء تدفعه إليك من باب المساعدة، لا حرج عليك في قبضه إذا طابت نفسها بذلك، وكانت رشيدة؛ لقول الله - عز وجل - في أول سورة (النساء):{ فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا }[1]. ولو كان ذلك بدون سند، لكن إذا أعطتك سنداً بذلك فهو أحوط، إذا كنت تخشى شيئاً من أهلها وقراباتها، أو تخشى رجوعها . (20 / 44)
153 - لا يجوز لك تخصيص الصغيرين بشيء إذا كانا ليسا متأهلين للزواج لصغرهما، فإذا كبرا واستحقا الزواج، وجب عليك أن تساعدهما إذا كانا عاجزين، كما ساعدت إخوتهما الأربعة(20 / 45)
154 - لا يجوز تفضيل بعض الأولاد على بعض في العطايا، أو تخصيص بعضهم بها؛ فكلهم ولده، وكلهم يرجى بره، فلا يجوز أن يخص بعضهم بالعطية دون بعض واختلف العلماء - رحمة الله عليهم – هل يسوى بينهم، ويكون الذكر كالأنثى، أم يفضل الذكر على الأنثى كالميراث ؟ على قولين لأهل العلم، والأرجح: أن العطية كالميراث، وأن التسوية تكون بجعل الذكر كالأنثيين، فإن هذا هو الذي جعل الله لهم في الميراث، وهو - سبحانه - الحكم العدل، فيكون المؤمن في عطيته لأولاده كذلك، كما لو خلفه لهم بعد موته للذكر مثل حظ الأنثيين . هذا هو العدل بالنسبة إليهم، وبالنسبة إلى أمهم وأبيهم، وهذا هو الواجب على الأب والأم: أن يعطوا الأولاد للذكر مثل حظ الأنثيين، وبذلك يحصل العدل والتسوية، كما جعل الله ذلك في الميراث، وهو عدل من أبيهم وأمهم (6 / 377) (20 / 48) (9 / 235 معناه)
155 - قد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم))[2]. متفق على صحته . فليس للوالد أن يخص بعض أولاده بشيء إلا برضا الباقين المكلفين المرشدين - في أصح قولي العلماء - لكن إذا أحب أن يجعل ما قبضه من رواتبه في المستقبل قرضاً عليه، أو أمانة عنده، فلا بأس، وعليه أن يوضح ذلك في وثيقة معتمدة، وبذلك يكون قد حفظ له حقه الذي دخل عليه أو بعضه، ولا يكون أعطاه شيئاً، وإنما هو ماله حفظه له (20 / 49)
156 - ليس لك أن تخصي أحد أولادك الذكور والإناث بشيء دون الآخر، بل الواجب العدل بينهم حسب الميراث، أو تركهم جميعاً؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم))[3]. متفق على صحته لكن إذا رضوا بتخصيص أحد منهم بشيء فلا بأس، إذا كان الراضون بالغين مرشدين، وهكذا إن كان في أولادك من هو مقصر عاجز عن الكسب؛ لمرض أو علة مانعة من الكسب، وليس له والد ولا أخ ينفق عليه، وليس له مرتب من الدولة يقوم بحاجته، فإنه يلزمك أن تنفق عليه قدر حاجته حتى يغنيه الله عن ذلك . (20 / 50 – 52 – 54)
157 - لابد من التسوية والعدل في العطية بين الرجال والنساء؛ للذكر مثل حظ الأنثيين كالإرث، ولا يوصى لهم أيضاً . لابد أن يكونوا سواء في العطية، لا يخص أحد دون أحد، ولو كان بعضهم أبرّ به أو فقيراً، فإنه يجزيه حقه الذي كتبه الله له من الإرث، لكن النفقة لا بأس إذا كان عنده عيال صغار ينفق عليهم، وكبار - مغنيهم الله من فضله - لا ينفق عليهم، النفقة واجبة عليه على الصغار الفقراء، أو على غيرهم من الفقراء، إذا كان أولاده بعضهم أغنياء وبعضهم فقراء، يجب أن ينفق على الفقراء حتى يغنيهم الله، ولا في هذا تعديل؛ لأن هؤلاء نفقتهم واجبة لفقرهم (20 / 57)
158 - لا يجوز أن توصي بشيء للبنين دون البنات، إلا إذا كن رشيدات ورضين بذلك، فلا حرج في ذلك والأحوط عدم الوصية للبنين، ولو رضيت البنات؛ لأنهن قد يرضين حياءً منك، وهنَّ في الحقيقة لا يرضين بذلك فالأحوط لك ألا تخصي البنين أبداً، حتى لو فرضنا أن البنات رضين بذلك؛ لأني أخشى أن يرضين بذلك مكرهات؛ حياءً منك، بل اجعلي ما خلفك للجميع على قسمة الله - سبحانه وتعالى - للذكر مثل حظ الأنثيين (20 / 54)
159 - إذا حكَّم شخصان ثالثاً بينهما في مالٍ، فأخذ منه شيئاً – بإذنهما وموافقتهما – فلا أعلم فيه بأساً، ولا يسمى ذلك اغتصاباً، بل هو هبة منهما له أما إن شرط عليهما أن لا يحكم بينهما إلا بجعل، فهذا في حله نظر وتفصيل (20 / 62)
160 - الواجب على المعلمة ترك قبول الهدايا؛ لأنها قد تجرها إلى الحيف، وعدم النصح في حق من لم يهد لها، والزيادة بحق المهدية والغش، فالواجب على المدرسة ألا تقبل الهدية من الطالبات بالكلية؛ لأن ذلك قد يفضي إلى ما لا تحمد عقباه، والمؤمن والمؤمنة عليهما أن يحتاطا لدينهما، ويبتعدا عن أسباب الريبة والخطر، أما بعد انتقالها من المدرسة إلى مدرسة أخرى فلا يضر ذلك؛ لأن الريبة قد انتهت حينئذ، والخطر مأمون، وهكذا بعد فصلها من العمل، أو تقاعدها، إذا أهدوا إليها شيئاً فلا بأس .(20 / 63)
[1]- سورة النساء، الآية 4 .
[2]- رواه البخاري في (الهبة وفضلها)، باب (الإشهاد في الهبة)، برقم: 2587، ومسلم في (الهبات)، باب (كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة)، برقم: 1623 .
[3]- رواه البخاري في (الهبة وفضلها)، باب (الإشهاد في الهبة)، برقم: 2587، ومسلم في (الهبات)، باب (كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة)، برقم: 1623
-
رد: الاختيارات الفقهية
كتاب الوقف والهبة والعطية والوصايا والفرائض
161 - إذا كانت الهدية بعد الفراغ من النظر في درجاتهم، وبعد الفراغ من الشهادات، وبعد الانتهاء من العمل في هذه الجمعية، فلا حرج في ذلك؛ لعموم الأدلة على شرعية قبول الهدية(20 / 64)
162 - ما حكم من يسلم أشياء ثمينة بدعوى أنها هدية، لمن يرأسه في العمل ؟
هذا خطأ، ووسيلة لشر كثير، والواجب على الرئيس ألا يقبل الهدايا، فقد تكون رشوة، ووسيلة إلى المداهنة والخيانة – إلا إذا أخذها للمستشفى ولمصلحة المستشفى، لا لنفسه، ويخبر صاحبها بذلك، فيقول له: هذه لمصلحة المستشفى، لا آخذها أنا،والأحوط ردها، ولا يقبلها له ولا للمستشفى؛ ذلك قد يجره إلى أخذها لنفسه، وقد يساء به الظن، وقد يكون للمهدي بسببها جرأة عليه، وتطلع لمعاملته أحسن من معاملة غيره؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لما بعث بعض الناس لجمع الزكاة، قال: هذا لكم وهذا أهدي إلي، فأنكر عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك، وخطب في الناس وقال: ((ما بال الرجل منكم نستعمله على أمر من أمر الله، فيقول: هذا لكم، وهذا أهدي إلي، ألا جلس في بيت أبيه أو بيت أمه، فينظر هل يهدى إليه ؟))[1] أخرجه مسلم في صحيحه . وهذا الحديث يدل على أن الواجب على الموظف – في أي عمل من أعمال الدولة – أن يؤدي ما وكل إليه، وليس له أن يأخذ هدايا فيما يتعلق بعمله، وإذا أخذها فليضعها في بيت المال، ولا يجوز له أخذها لنفسه؛ لهذا الحديث الصحيح، ولأنها وسيلة للشر والإخلال بالأمانة (20 / 65)
163 - عليك عدم العود فيها - الهبة -، ولو بالثمن؛ لما ثبت عن عمر - رضي الله عنه - أنه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فقال له - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تعد في صدقتك، ولو أعطاكه بدرهم))[2]، وقال - عليه الصلاة والسلام -: ((العائد في هبته كالكلب، يقيئ، ثم يعود في قيئه))[3]، وقال - عليه الصلاة والسلام -: ((لا يحل للرجل أن يعطي العطية ثم يرجع فيها، إلا الوالد فيما يعطي ولده))[4]. فهذه الأحاديث وما جاء في معناها، تدل على تحريم الرجوع في الصدقة والهبة، ولو بالثمن (20 / 66)
164 - يجوز ذلك - استعادة الوالد ما سبق وأعطاه لابنه - إذا رأى المصلحة في ذلك واستطاع الابن ردها على والده لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يحل لرجل مسلم أن يعطي العطية ثم يرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده))[5] رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة، وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم .(9 / 300) (20 / 68)
165 - لا بأس في ذلك – التبرع بالدم -، ولا حرج فيه عند الضرورة (20 / 71)
166 - الوصية مشروعة دائماً إذا كان للإنسان شيء يوصي فيه، وينبغي له البدار بها، وذلك لما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه يبيت ليلتين، إلا ووصيته مكتوبة عنده))[6]. رواه الشيخان: البخاري ومسلم في الصحيحين .فهذا يدل على أنه يشرع البدار بالوصية، إذا كان عنده شيء يحب أن يوصي فيه .وأكثر ما يجوز الثلث فقط، وإن أوصى بالربع أو بالخمس أو بأقل فلا بأس، لكن أكثر ما يجوز الثلث؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث سعد - رضي الله عنه-: ((الثلث، والثلث كثير))[7]، وقال ابن عباس - رضي الله عنهما -: ((لو أن الناس غضوا من الثلث إلا الربع))؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: ((الثلث، والثلث كثير))، وأوصى الصديق - رضي الله عنه – (بالخمس)، فإذا أوصى الإنسان بالربع أو بالخمس كان أفضل من الثلث – ولاسيما إذا كان المال كثيراً – وإن أوصى بالثلث فلا حرج (20/ 75)
167 - تكتب الوصية حسب الصيغة التالية: أنا الموصي أدناه، أوصي بأنني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وأن الجنة حق، والنار حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، أوصي من تركت من أهلي وذريتي، وسائر أقاربي بتقوى الله، وإصلاح ذات البين، وطاعة الله ورسوله، والتواصي بالحق، والصبر عليه، وأوصيهم بمثل ما أوصى به إبراهيم بنيه ويعقوب: { يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}[8] ثم يذكر ما يحب أن يوصي به من ثلث ماله، أو أقل من ذلك، أو مال معين لا يزيد عن الثلث، ويبين مصارفه الشرعية، ويذكر الوكيل على ذلك والوصية ليست واجبة، بل مستحبة إذا أحب أن يوصي بشيء؛ لما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه يبيت ليلتين، إلا ووصيته مكتوبة عنده))[9] لكن إذا كانت عليه ديون أو حقوق ليس عليها وثائق تثبتها لأهلها، وجب عليه أن يوصي بها؛ حتى لا تضيع حقوق الناس، وينبغي أن يشهد على وصيته شاهدين عدلين، وأن يحررها من يوثق بتحريره من أهل العلم؛ حتى يعتمد عليها، ولا ينبغي أن يكتفي بخطه فقط؛ لأنه قد يشتبه على المسؤولين، وقد لا يتيسر من يعرفه من الثقات (5 / 378) (20 / 76)
168 - وصية الجنف تفسر بأنواع؛ منها: أن يوصي بأكثر من الثلث، فيجوز للورثة عدم إنفاذ الزيادة على الثلث . ومنها: أن يوصي لبعض الورثة دون بعض، فلا تنفذ هذه الوصية إلا برضا بقية الورثة المكلفين المرشدين . ومنها: أن يوصي لبعض الورثة بأكثر من وصيته للوارث الآخر، وحكمها حكم التي قبلها، ومثل ذلك لو وقف في مرض الموت وقفاً يتضمن أكثر من الثلث، أو على بعض الورثة دون بعض - في أصح أقوال العلماء - .والحجة في ذلك على منع الزيادة على الثلث، ما ثبت في الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لسعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - لما أراد أن يتصدق بماله، أو نصفه في مرضه، قال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((الثلث والثلث كثير))[10]، والحجة على المسائل الأخيرة قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث)) (20 / 79)
169 - الثلث هو الحد الأعلى للوصية والصدقة في المرض، أما الوصية بأقل من ذلك فلا حد له، فيجوز للموصي أن يوصي بما يرى من ماله، بشرط أن لا يزيد عن الثلث، وإذا أوصى بأقل من الثلث؛ كالربع والخمس والسدس ونحو ذلك، فهو أفضل، ولا سيما إذا كان ماله كثيراً . والأفضل أن تكون الوصية في وجوه البر؛ كالفقراء والمساكين، وأبناء السبيل، والمجاهدين في سبيل الله، وتعمير المساجد والمدارس الإسلامية، والصدقة على الأقارب، ونحو ذلك من وجوه الخير، وإذا عين أضحية له ولمن شاء من أهل بيته في وصيته فلا بأس بذلك؛ لكونها من القربات الشرعية، ومن ذلك: الوصية بمساعدة المحتاجين للزواج، العاجزين عن مؤونته، والغارمين العاجزين عن قضاء ديونهم، وما أشبه ذلك (20 / 89)
170 - الوصية بإقامة الولائم بعد الموت بدعة، ومن عمل الجاهلية، وهكذا عمل أهل الميت للولائم المذكورة ولو بدون وصية منكر لا يجوز؛ لما ثبت عن جرير بن عبد الله البجلي - رضي الله عنه - قال: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت، وصنعة الطعام بعد الدفن من النياحة . خرجه الإمام أحمد بإسناد حسن؛ ولأن ذلك خلاف ما شرعه الله؛ من إسعاف أهل الميت بصنعة الطعام لهم؛ لكونهم مشغولين بالمصيبة، لما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لما بلغه استشهاد جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنه - في غزوة مؤتة، قال لأهله ((اصنعوا لآل جعفر طعاماً؛ فقد أتاهم ما يشغلهم))[11] (20 / 98)
[1]- رواه البخاري في (الهبة)، باب (من لم يقبل الهبة لِعلَّة)، برقم: 2597، و (الأيمان والنذور)، باب (كيف كانت يمين النبي - صلى الله عليه وسلم -)، برقم: 6636، ومسلم في (الإمارة)، باب (تحريم هدايا العمال) برقم: 1832، 1833 .
[2]- رواه البخاري في (الزكاة)، باب (هل يشتري الرجل صدقته)، برقم: 1490، ومسلم في (الهبات)، باب (كراهة شراء الإنسان ما تصدق به)، برقم: 1620 .
[3]- رواه البخاري في (الهبة)، باب (هبة الرجل لامرأته والمرأة لزوجها)، برقم: 2589، ومسلم في (الهبات)، باب (تحريم الرجوع في الصدقة والهبة بعد القبض)، برقم: 1622 .
[4]- رواه الإمام أحمد في (مسند المكثرين من الصحابة)، باقي مسند عبد الله بن عمر، برقم: 5469، والترمذي في (الولاء والهبة)، باب (ما جاء في كراهية الرجوع في الهبة)، برقم: 2132 .
[5] - رواه الإمام أحمد في (مسند المكثرين من الصحابة)، باقي مسند عبد الله بن عمر، برقم: 5469، والترمذي في (الولاء والهبة)، باب (ما جاء في كراهية الرجوع في الهبة)، برقم: 2132 .
[6]- رواه البخاري في (الوصايا)، باب (الوصايا)، برقم: 3827، ومسلم في (الوصايا) الباب الأول، برقم: 1627.
[7]- رواه البخاري في (الجنائز)، باب (رثاء النبي - صلى الله عليه وسلم - سعد بن خولة)، برقم: 1296، وفي (الوصايا)، باب (الوصية بالثلث)، برقم: 2743، 2744، ومسلم في (الوصية)، باب (الوصية بالثلث)، برقم: 1628، 1629 .
[8]- البقرة، الآية 132 .
[9]- رواه البخاري في (الوصايا)، باب (الوصايا)، برقم: 3827، ومسلم في (الوصايا) الباب الأول، برقم: 1627.
[10]- رواه البخاري في (الجنائز)، باب (رثاء النبي - صلى الله عليه وسلم - سعد بن خولة)، برقم: 1296، وفي (الوصايا)، باب (الوصية بالثلث)، برقم: 2743، 2744، ومسلم في (الوصية)، باب (الوصية بالثلث)، برقم: 1628، 1629 .
[11]- رواه الإمام أحمد في (مسند أهل البيت)، حديث جعفر بن عبد الله، برقم: 1754، وأبو داود في (الجنائز)، باب (صنعة الطعام لأهل الميت)، برقم: 3132، وابن ماجة في (ما جاء في الجنائز)، باب (ما جاء في الطعام يُبعث لأهل الميت)، برقم: 1610
-
رد: الاختيارات الفقهية
كتاب الوقف والهبة والعطية والوصايا والفرائض
171 - ترك والدي - رحمه الله - وصية، فحواها: أن يعقد قراني لابن عمتي، ولم يسألني والدي قبل مماته عن رأيي في هذا الشخص؛ إذ أن المرض ومن ثم الوفاة حالت دون معرفته رأيي سماحة الشيخ: هل أكون مخالفة للشرع ؟ أو هل من عقوق إذا لم أتزوج هذا الرجل ؟
لا يلزمك تنفيذ الوصية المذكورة؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تنكح البكر حتى تستأذن))[1]، وفي لفظ آخر: ((والبكر يستأذنها أبوها، وإذنها صماتها))[2].
ونوصيك باستخارة الله سبحانه ومشاورة من تطمئنين إليه؛ من أقاربك، أو غيرهم من العارفين بأحوال الشخصين (20 / 102)
172 - إذا كنت أنت الولي للصغار، وقد أوصى إليك المتوفى بذلك، فإن عليك أن تجتهد، وأن تعمل بالأصلح بحق القاصرين . إذا رأيت أنت وكبار المرشدين أنه أصلح، فلا مانع من أن تبقي الثروة مشتركة، وأن تعمل فيها ما تراه أصلح من البيع والشراء ونحو ذلك، وأن تحسم ما يكون لحصتك، وتعرف ذلك، وتضبطه بالكتابة . هذا لا بأس به، وإن رأيت القسمة أنت والكبار، قسمتم المال، وأخذ كل واحد حصته، وجعلتم حصة القاصرين فيما ينفعهم؛ من عقار، أو دفعتموها إلى من يتجر فيها، أو اتجرت فيها أنت ولكن لا تأخذ شيئاً من الربح إلا بالاتفاق مع محكمة البلاد على ما تراه لك المحكمة؛ لأن الإنسان لا يؤمن فيما يتعلق بحق نفسه، أن يزيد أو يتساهل، فاتصل بالمحكمة، واتفق معها على ما يبرئ ذمتك من جهة القاصرين . وهذا هو الذي ينبغي لك والحاصل أن هذا المقام مقام عظيم، فيه تفصيل - كما تقدم - وإذا اتصلت بالمحكمة وأخذت رأيها بما يشكل عليك، فهذا هو الذي تبرأ به الذمة – إن شاء الله – وهو الذي يجب عليك أن تعتني به (20 / 105)
173 - أول ما يؤخذ من التركة: مؤونة التجهير؛ كقيمة الكفن، وأجرة الغاسل، وحافر القبر، ونحو ذلك . ثم الديون التي فيها رهن، ثم الديون المطلقة التي ليس فيها رهن، ثم الوصية بالثلث فأقل لغير وارث، ثم الإرث . (20 / 213)
174 - الدية تعتبر جزءاً من التركة، يقضى منها دينه الذي لله والذي لعباده، وتنفذ منها وصاياه الثلث فأقل، وهكذا دية العبد، والباقي للورثة ولا أعلم في هذا خلافاً بين أهل العلم (20 / 219)
175 - الدية مثل التركة؛ تقسم بين الورثة جميعهم، إلا إذا كان أحدهم قاتلاً، فليس له شيء، لكن الورثة الذين ليس منهم القاتل تقسم بينهم التركة. الدية مثل التركة (20 / 220)
176 - لا يجوز لأحد من الناس أن يحرم المرأة من ميراثها، أو يتحيل في ذلك؛ لأن الله - سبحانه - قد أوجب لها الميراث في كتابه الكريم، وفي سنة رسوله الأمين - عليه الصلاة والسلام - وجميع علماء المسلمين على ذلك (20 / 221)
177 - يجب تسديد دين الميت من تركته، سواء كان هذا الدين للحكومة أو لسائر الناس؛ لما جاء في الحديث: "نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه"[3]. ولا يجوز لأولاده أو غيرهم من الورثة، أن يستغلوا ممتلكات الميت ويتركوا تسديد الدين الذي عليه؛ لأن الإرث لا يكون إلا بعد أداء الدين، لأن الله - سبحانه وتعالى – لما ذكر المواريث قال:{مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ}[4]، وقد قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالدين قبل الوصية، فأول شيء يبدأ به: قضاء الدين، ثم تنفيذ الوصية الشرعية، ثم الإرث. (20 / 225)
178 - القرض الذي للبنك العقاري ولغيره مثل غيره من الديون، يجب أن يسدد في وقته في حق الحي والميت، فإذا مات شخص وعليه دين للبنك وجب تسديده في أوقاته – إذا التزم به الورثة – فإن لم يلتزموا سدد في الحال من التركة؛ حتى يستريح الميت من تبعة الدين لكن إذا كان الدين مؤجلاً، والتزم الورثة أو بعضهم بأن يؤدى في وقته، فإنه يتأجل، ولا يحل ولا يضر الميت؛ لأنه مؤجل، فإن لم يلتزم به أحد في وقته، وجب أن يسدد من التركة؛ حتى يسلم الميت من تبعة ذلك (20 / 226)
179 - إذا كان مال المورث مكسوباً بطريق محرم؛ كالنهب والسرقة والحروب الجاهلية،لم يحل للوارث أكله، ولزمه رده إلى أهله، فإن لم يعرفهم تصدق به عنهم إذا كانوا مسلمين إلا أن يكون المورث كافراً حين كسبه الأموال، ثم أسلم وهي في يده، فإنها تكون لورثته المسلمين، إلا أن يعرف منها شيء بعينه لأحد من المسلمين، فإنه يُرد إلى مالكه المعين - في أصح قولي العلماء (20 / 255)
180 - إذا كان الطلاق رجعياً ومات زوجها قبل خروجها من العدة، فإنها ترث منه فرضها الشرعي، أما إن كانت قد خرجت من العدة فلا إرث لها، وهكذا إن كان الطلاق بائناً لا رجعة فيه - كالمطلقة على مال، والمطلقة آخر ثلاث، ونحوهما من البائنات - فليس لهن إرث من مطلقهن؛ لأنهن حين موته لسن بزوجات له لكن يستثنى من ذلك من طلقها زوجها في مرض موته متَّهماً؛ بقصد حرمانها من الإرث، فإنها ترث منه في العدة وبعدها ما لم تتزوج، ولو كان الطلاق بائناً - في أصح قولي العلماء - معاملة له بنقيض قصده (20 / 256)
181 - إذا توفيت المرأة وهي لم تخرج من عدة الطلاق الرجعي، فإن زوجها يرثها - بإجماع المسلمين -؛ لأنها في حكم الزوجات ما دامت في العدة، وهكذا لو مات فإنها ترثه أما إذا كان الطلاق غير رجعي - كالطلاق الواقع على مال بذلته المرأة للزوج ليطلقها وهكذا إذا خالعته على مال فخلعها على ذلك بغير لفظ الطلاق، وهكذا المرأة التي يفسخ الحاكم نكاحها من زوجها؛ لمسوغ شرعي يقتضي ذلك، وهكذا من طلقها زوجها الطلقة الأخيرة من الثلاث، ولم يكن متهماً بقصد حرمانها من الميراث - فإن هذه الفرقة في الصور الأربع فرقة بائنة، ليس فيها توارث بين الزوجين مطلقاً (20 / 257)
182 - إذا مات الرجل قبل الدخول بزوجته، فإن عليها الإحداد، ولها الإرث؛ لقول الله - تعالى -: { وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}[5]. فلم يفرق - سبحانه - بين المدخول بها وغير المدخول بها، بل أطلق الحكم في الآية فعمَّهن جميعاً .وصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من وجوه كثيرة أنه قال: ((لا تحد امرأة على ميت فوق ثلاثة أيام، إلا على زوج، فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشراً))[6]. ولم يفرق - صلى الله عليه وسلم بين المدخول بها وغير المدخول بها، وقال - تعالى -: { وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ }[7]. ولم يفرق - عز وجل - بين المدخول بها وغيرها، فدل ذلك على أن جميع الزوجات يرثن أزواجهن - سواء كنّ مدخولاً بهن أو غير مدخول بهن - ما لم يمنع مانع شرعي من ذلك؛ كالرق، والقتل، واختلاف الدين (20 / 258)
183 - لا يرث القاتل من المقتول، إذا كان قتله عمداً عدواناً فإنه لا يرث منه، وهكذا لو كان خطأ أوجب عليه الدية أو الكفارة، فإنه لا يرث منه؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((ليس للقاتل من الميراث شيء))[8]، وقد أجمع العلماء – رحمهم الله – على أن القاتل لا يرث من المقتول إذا كان قتله عدواناً لكن لو سمح الورثة الباقون أن يشركوه فلا حرج عليهم؛ إذا كانوا مكلفين مرشدين، وسمحوا بأن يرث معهم هذا القاتل؛ لأن الحق لهم وقد أسقطوه (20 / 261)
[1]- رواه البخاري في (النكاح)، باب (لا يُنْكِحُ الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاهما)، برقم: 5136، ومسلم في (النكاح)، باب (استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت)، برقم: 1419 .
[2]- رواه مسلم في (النكاح)، باب (استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت)، برقم: 1421 .
[3]- رواه الإمام أحمد في (باقي مسند المكثرين من الصحابة)، باقي مسند أبي هريرة، برقم: 10221، والترمذي في (الجنائز)، باب (ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه ")، برقم: 1078 .
[4]- سورة النساء، الآية 12 .
[5]- سورة البقرة، الآية 234 .
[6]- رواه مسلم في (الطلاق)، باب (وجوب الإحداد في عدة الوفاة)، برقم: 938 .
[7]- سورة النساء، الآية 12 .
[8]- رواه النسائي في (السنن الكبرى) 4/79، باب (توريث القاتل)، برقم: 6367، والدارقطني 4/96 برقم: 87.
-
رد: الاختيارات الفقهية من الفتاوى البازية