-
في ترجمة الإمام أبي مظفر السمعاني في طبقات الشافعية الكبرى 5/336:
خرج إلى الحجاز على غير الطريق المعتاد ـ فإن الطريق كان قد انقطع بسبب استيلاء العرب ـ فقطع عليه وعلى رفقته الطريق ، وأسروا واستمر أبو المظفر مأسورا في أيدي عرب البادية صابرا إلى أن خلصه الله تعالى فحكي أنه لما دخل البادية وأخذته العرب كان يخرج مع جمالها إلى الرعي ، قال: ولم أقل لهم إني أعرف شيئا من العلم ، فاتفق أن مقدم العرب أراد أن يتزوج ، فقالوا: نخرج إلى بعض البلاد ليعقد هذا العقد بعض الفقهاء ، فقال أحد الأسراء : هذا الرجل الذي يخرج مع جمالكم إلى الصحراء فقيه خراسان!
فاستدعوني وسألوني عن أشياء فأجبتهم ، وكلمتهم بالعربية ، فخجلوا واعتذروا ، وعقدت لهم العقد ففرحوا وسألوني أن أقبل منهم شيئا ، فامتنعت وسألتهم فحملوني إلى مكة في وسط السنة ، وبقيت بها مجاورا ، وصحبت في تلك المدة سعدا الزنجاني .
قلت: في هذه القصة بيان عملي لمكانة العلماء عند العامة بل حتى عند اللصوص و الفساق.
-
قال أبو نعيم في حلية الأولياء 5/53 :
حدثنا سليمان بن أحمد ثنا أحمد بن القاسم ثنا مساور ثنا الوليد بن الفضل العتري ثنا مندل بن علي قال: خرج الأعمش ذات يوم من منزله بسحر ، فمر بمسجد بني أسد ، وقد أقام المؤذن الصلاة ، فدخل يصلي ، فافتتح إمامهم البقرة في الركعة الأولى ، ثم قرأ في الثانية آل عمران ، فلما انصرف ، قال له الأعمش: أما تتقي الله أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" من أم الناس فليخفف فإن خلفه الكبير والضعيف وذا الحاجة " ؟
فقال : الإمام قال الله تعالى { وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين} !
فقال الأعمش: فأنا رسول الخاشعين إليك أنك ثقيل!
-
في كتاب الأغاني لأبي الفرج 3/135:
وكان بشار [ بن برد ]يقول : هجوت جريرا ، فأعرض عني واستصغرني * ، ولو أجابني = لكنت أشعر الناس.
قلت: قد أحسن جرير في الإعراض عنه، وهكذا ينبغي للكبار الإعراض عن الصغار، والسفلة ، وعدم الالتفات لتهويشهم = فهو أنفع دواء لهم .
* توفي جرير عام 110هـ و ولد بشار عام 95هـ .
وانظر: العمدة لابن رشيق 1/171، فعنده باب: من رغب من الشعراء عن ملاحاة غير الأكفاء، وذكر عددا من الأخبار.
-
قال العلامة أبو منصور الأزهري في تهذيب اللغة 1/30:
كنت أمتحنت بالأسار سنة عارضت القرامطة الحاج بالهبير ، وكان القوم الذين وقعت في سهمهم عربًا عامتهم من هوازن ، وأختلط بهم أصرام من تميم ، وأسد بالهبير نشئوا في البادية يتتبعون مساقط الغيث أيام النجع ، ويرجعون إلى أعداد المياه ، ويرعون النعم ، ويعيشون بألبانها ، ويتكلمون بطبائعهم البدوية ، وقرائحهم التي اعتادوها ، ولا يكاد يقع في منطقهم لحن أو خطأ فاحش فبقيت في أسارهم دهرا طويلا وكنا نتشتى الدهناء ، ونتربع الصمان ، ونتقيظ الستارين ، واستفدت من مخاطبتهم ومحاورة بعضهم بعضا ألفاظا جمة ، ونوادر كثيرة أوقعت أكثرها في مواقعها من الكتاب اهـ.
قلت: رب ضارة نافعة ، فقد كان علماء اللغة يطلبونها عند الأعراب ، وربما مكثوا سنين طويلة .
وهذا من توفيق له الله أن جعل في محنته منحة .
وقد وقع نحو هذا لكثير الفضلاء الذي ابتلوا بالسجن ؛ فوفقوا للحفظ، وقراءة كثير من الكتب المطولة التي ما كان يخطر لهم على بال أن يتمكنوا من قراءتها .
-
قال أبو نعيم في الحلية 9/138:
حدثنا محمد بن إبراهيم ثنا محمد بن عبدالله النسائي ثنا الربيع قال: سمعت الشافعي يقول: وقف أعرابي على ربيعة، وهو يسجع في كلامه، فأعجب ربيعة كلام نفسه، فقال: يا أعرابي ما تعدون البلاغة فيكم ؟
فقال: خلاف ما كنت فيه منذ اليوم !
-
وقال الإمام المروذي في أخبار الشيوخ ص53 : سمعت عبد الوهاب بن عبد الحكم يذكر عن جامع ختن إبراهيم بن أبي نعيم عن الوليد قال : وسمعت الأوزاعي يقول: من حضر سلطانا، فأمر بأمر ليس بحق، ولا يتخوف فيه الفوت، فلا يكلمه فيه عند تلك الحال، ليخل به، وإذا رأيته يأمر بأمر يخاف فيه الفوت = فلا بد لك من كلامه أصابك منه ما أصابك .
قلت : ما أعظم هذا الفقه .
-
وقال الإمام المروذي في أخبار الشيوخ ص112: سمعت نوح بن حبيب القُومسي يقول: سمعت وكيعا يقول: لما مات أبو يوسف القاضي بعث إلينا هارون ، قال: فجئت أنا وابن إدريس وحفص ، فقعدنا في سفينة إلى بغداد ، فلما دخلنا على هارون كان بابن إدريس ارْتِعاش ، قال : فازداد ابن إدريس على بابه ، فجعل ينفض يديه ، قال: وإذا هارون قعد على سرير ومعه تركي عريض الوجه ، عظيم البطن ، أو قال : كبير البطن .
قال : قلت: لم يجد أحد يقعد معه إلا هذا التركي ؟!
قال: فتكلم هارون ، فلما رأى ما بابن إدريس ، قال: ليس في ابن إدريس حيلة ، أو ليس ينتفع به .
قال : ثم أقبل على حفص فأراد أن يصيره قاضي القضاة ، فأبى عليه حفص ،وجعل يراده ويكلمه ، وحفص يأبى ، قال: فأرادونا فأبينا عليه ، وجهدوا فأبينا ، فتكلم التركي وإذا هو من أفصح قريش لسانا ، ثم قال: لو ولّى أمير المؤمنين عليكم مثل أبي السرايا ،وأبي الرعد وحمادا البربري ، وذكر غير واحد = لقلتم إن أمير المؤمنين ظالم ، ولى علينا من لا ينبغي ، وإذا دعاكم إلى أن يصيركم أبيتم عليه ، قال: فلم يزل بحفص حتى قال له : إن كان ولا بد فكن على الكوفة ، واقعد في بيتك .
قال وكيع: سألت عن التركي ، فقالوا : ذاك عيسى بن جعفر [بن أبي حعفر المنصور].
قلت: كلام عيسى صحيح ، فقد كان امتناع بعض الصالحين من تولي بعض المناصب سببا لدخول من لا يحمد في دين ولا عقل ولا مروءة = فنتج عنه ضررٌ عامٌ بسببِ ظنِ مصلحةٍ خاصةٍ .
-
قال أبو نعيم في حلية الأولياء 4/229: حدثنا عبدالله بن محمد ثنا عبدالرحمن بن محمد ثنا هناد ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم قال: إن الرجل ليتكلم بالكلام على كلامه المقت ينوي به الخير =فيُلقي الله له العذر في قلوب الناس حتى يقولوا: ما أراد بكلامه إلا الخير .
وإن الرجل ليتكم الكلام الحسن لا يريد به الخير= فيُلقي الله في قلوب الناس حتى يقولوا: ما أراد بكلامه الخير .
-
قال أبو نعيم في حلية الأولياء 2/264:
حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا عباس بن الفضل الأسقاطي قال ثنا سليمان بن حرب قال ثنا حصن بن أبي بكر الباهلي .
وحدثنا سليمان بن أحمد قال: ثنا عثمان بن عمر الضبي قال ثنا القاسم بن أمية الحذاء قال ثنا الحكم بن سنان كلاهما عن يحيى بن عتيق قال: قلت: لمحمد بن سيرين الرجل يتبع الجنازة لا يتبعها حِسبة ، يتبعها حياء من أهلها له في ذلك أجر ؟
قال: أجر واحد ؟! بل له أجران: أجر لصلاته على أخيه ، وأجر لصلته الحي.
-
قال الحافظ أبو زرعة الدمشقي في تاريخه 1/335:
حدثني هشام قال الحافظ أبو زرعة الدمشقي حدثني هشام قال: حدثنا مغيرة بن مغيرة عن رجاء بن أبي سلمة عن خالد بن دريك قال: كانت في ابن محيريز خصلتان ، ما كانتا في أحد ممن أدركت من هذه الأمة: كان أبعد الناس أن يسكت عن حق بعد أن يتبين له [حتى يـ]ـتكلم فيه ، غضب فيه من غضب ، ورضي من رضي ، وكان من أحرص الناس أن يكتم من نفسه أحسن ما عنده.
وهو في الحلية 5/144 والتصويب منه .
-
قال الحافظ أبو نعيم في الحلية 5/19:
حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد ثنا احمد بن العباس ثنا إسماعيل بن سعيد ثنا حسين بن علي عن موسى الجهني قال: كان طلحة [بن مصرف] إذا ذكر عنده الاختلاف ، قال: لا تقولوا: الاختلاف ، ولكن قولوا: السعة .
وفي ترجمة إسحاق بن بهلول الأنباري في طبقات الحنابلة 1/297:
وكان إسحاق بن بهلول قد سمى كتابه "كتاب الاختلاف" فقال له أحمد: سمه كتاب "السعة" .
-
قال الحافظ أبو نعيم في الحلية 9/170:
حدثنا سليمان قال: سمعت عبدالله بن أحمد يقول: سمعت أبي يقول: قال لي محمد بن إدريس الشافعي: يا أبا عبدالله أنت أعلم بالأخبار الصحاح منا ، فإذا كان خبر صحيح فأعلمني حتى أذهب إليه كوفيا كان أو بصريا أو شاميا .
قال عبدالله: جميع ما حدث به الشافعي في كتابه فقال: حدثني الثقة ، أو أخبرني الثقة = فهو أبي ـ رحمه الله ـ .
قال عبدالله: وكتابه الذي صنفه ببغداد هو أعدل من كتابه الذي صنفه بمصر ، وذلك أنه حيث كان هاهنا يسأل .
ورأي الإمام عبد الله بن الإمام أحمد في كتب الشافعي مخالف لرأي أبيه !
قال ابن أبي حاتم في كتاب "آداب الشافعي مناقبه " ص59-60:
ثنا محمد بن مسلم بن واره الرازي .. قلت لأحمد : فما ترى في كتب الشافعي التي عند العراقيين أحب إليك أو التي بمصر ؟
قال : عليك بالكتب التي وضعها بمصر ، فإنه وضع هذه الكتب بالعراق ولم يحكمها ، ثم رجع إلى مصر فأحكم تلك .
-
قال الحافظ أبو نعيم في الحلية 9/261:
حدثنا أحمد وعبدالله قالا: ثنا إبراهيم ثنا أحمد قال: سمعت أبا سليمان [الداراني] يقول: إذا قال الرجل لأخيه: بيني وبينك الصراط ؛ فإنه ليس يعرف الصراط لو عرف الصراط لأحب أن لا يتعلق بأحد ، ولا يتعلق به أحد .
-
- قال أبو نعيم في الحلية 3/6:
حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا أحمد بن عبد العزيز الجوهري قال ثنا زكريا بن يحيى المنقري قال ثنا الأصمعي قال ثنا حماد بن زيد قال: كان أيوب صديقا ليزيد بن الوليد ، فلما ولي الخلافة ، قال: اللهم أنسه ذكري .اهـ
قلت: الآن لا تسل عن فرحة من تولى بعض معارفه شيئا من الولايات !
-
قال أبو نعيم في الحلية 7/41:
حدثنا محمد بن علي ثنا عبدالله بن أحمد بن عيسى ثنا الحسين بن معاذ الحجبي ثنا أبو هشام ثنا داود عن أبيه قال: كنت مع سفيان الثوري فمررنا بشرطي نائم ، وقد حان وقت الصلاة ، فذهبت أحركه ، فصاح سفيان: مه !
فقلت: يا أبا عبدالله يصلي ، فقال: دعه لا صلى الله عليه ، فما استراح الناس حتى نام هذا .
نحوه :
قال ابن القيم في إعلام الموقعين 3/16:
وسمعت شيخ الإسلام ـ قدّس الله روحه ، ونوَّر ضريحه ـ يقول: مررت أنا وبعض أصحابي في زمن التتار بقوم منهم يشربون الخمر ، فأنكر عليهم من كان معي ؛ فأنكرتُ عليه ، وقلت له: إنما حرم الله الخمر ؛ لأنها تصد عن ذكر الله وعن الصلاة ، وهؤلاء يصدهم الخمر عن قتل النفوس ، وسبي الذرية ، وأخذ الأموال ، فدعهم .
-
قال أبو نعيم في الحلية 6/367:
حدثنا سليمان بن أحمد ثنا محمد بن عبدالله الحضرمي ح وحدثنا أحمد بن إسحاق ثنا أبو بكر بن أبي عاصم قالا: ثنا الحسن بن علي ثنا أبو أسامة قال: سمعت سفيان الثوري يقول: إنما العلم عندنا الرخصة عن الثقة ، فأما التشديد فكل إنسان يحسنه .
وقال ابن عبد البر في التمهيد 8/147: روينا عن محمد بن يحيى بن سلام عن أبيه قال: ينبغي للعالم أن يحمل الناس على الرخصة والسعة ما لم يخف المأثم .
وأخبرنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا سعيد بن أحمد بن عبد ربه وأحمد بن مطرف قالا: حدثنا سعيد بن عثمان قال حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال حدثنا سفيان بن عيينة عن معمر قال: إنما العلم أن تسمع بالرخصة من ثقة فأما التشديد فيحسنه كل واحد .
وانظر: الاستذكار 8/275.
-
في توالي التأسيس ص136:
قال الإمام الشافعي : « الوقارُ في النزهة سُخفٌ ».
وفي معجم الأدباء لياقوت 2/39:
... ومن تاريخ ابن بشران: قال: وذُكر عن ابن مجاهد: أنه حضر وجماعة من أهل العلم في بستان، وداعب وقال ـ وقد لاحظه بعضهم ـ التعاقل في البستان، كالتخالع في المسجد .
قلت: ما أجمل ما قالا ، وقد خرجنا مرة في رحلة ، وكان بصحبتنا رجل لبس الوقار طول الرحلة ! حتى شق علينا ، وظننا أن به بأسا !
-
في ثمرات الأوراق لابن حجة ص33 :
ومن لطائف المنقول ما حكي عن الشيخ مجد الدين ابن دقيق والعيد والد قاضي القضاة
تقي الدين تغمدهما الله برحمته ورضوانه وهو: أن الشيخ مجد الدين المشار إليه كان كثير
الإحسان إلى أصحابه يسعى لهم على قدر استحقاقهم فيمن يصلح للحكم ، وفيمن يصلح
للعدالة ، فجاءه بعض طلبته وشكا إليه رقة الحال ، وكثرة الضرورة ، فقال له: أكتب قصتك وأنا أتحدث مع الولد ، فكتب ذلك الطالب: المملوك فلان يقبل الأرض وينهي أنه فقير ومظرور (بالظاء القائمة) وقليل الحض (بالضاد) وناولها للشيخ ، فلما قرأها تبسم وقال: يا فقير سبحان الله ضرك قائم ، وحظك ساقط .
-
في ثمرات الأوراق لابن حجة ص38 :
ومن اللطائف ما حكاه الأصمعي قال: مررت بكناس يكنس كنيفا ، وهو يغني ويقول:
أضاعوني وأي فتىً أضاعوا * ليوم كريهةٍ وسداد ثغر
فقلت له: أما سداد الثغر فلا علم لنا كيف أنت فيه، وأما سداد الكُنُف فمعلوم.
قال الأصمعي: وكنت حديث السن فأردت العبث به فأعرض عني مليا ، ثم أقبل عليّ وأنشد:
وأكرمُ نفسي إنني إن أهنتها * وحقك لم تُكرمْ على أحدٍ بعدي
فقلت: وأي كرامة حصلت لها منك ، وما يكون من الهوان أكثر مما أهنتها به ؟!
فقال: لا والله بل من الهوان ما هو أكثر وأعظم مما أنا فيه ، فقلت له: وما هو ؟
فقال: الحاجة إليك وإلى أمثالك . قال: فانصرفت وأنا أخزى الناس .
-
في ثمرات الأوراق لابن حجة ص56:
نظر طفيلي إلى قوم ذاهبين فلم يشك أنهم في دعوة ذاهبون إلى وليمة، فقام وتبعهم فإذا هم شعراء قد قصدوا السلطان بمدائح لهم ، فلما أنشد كل واحد شعره وأخذ جائزته لم يبق إلى الطفيلي ، وهو جالس ساكت .
فقال له: أنشد شعرك .
فقال: لست بشاعر !
قيل: فمن أنت ؟
قال: من الغاوين الذين قال الله تعالى في حقهم "والشعراء يتبعهم الغاوون" فضحك
السلطان وأمر له بجائزة الشعراء.
-
في الأغاني لأبي الفرج 8/37:
أخبرني محمد بن خلف وكيع قال حدثنا محمد بن إسحاق بن عبد الرحمن قال حدثني إسحاق بن إبراهيم الموصلي قال حدثني أبو عبيدة قال : التقى جرير والفرزدق بمنى ـ وهما حاجان ـ فقال: الفرزدق لجرير :
فإنك لاقٍ بالمنازل من مِنىً * فَخَارا فخبِّرْنِي بمن أنت فاخرُ
فقال له جرير: لبيك اللهم لبيك .
قال إسحاق: فكان أصحابنا يستحسنون هذا الجواب من جرير ويعجبون منه .
-
في ثمرات الأوراق لابن حجة ص75:
ومن لطائف المنقول:
أن بثينة وعزة دخلتا على عبد الملك بن مروان ، فانحرف إلى عزة وقال:
أنت عزة كُثيّر؟
قالت: لست لكثير بعزة ، لكنني أم بكر .
قال: أتروين قول كُثير:
وقد زعمت أني تغيرت بعدها * ومن ذا الذي يا عَزّ لا يتغيرُ ؟(1)
قالت: لست أروي هذا ، ولكنني أروي قوله:
كأني أنادي أو أكلم صخرةً * من الصم لو تمشي بها العصم زلت
ثم انحرف إلى بثينة ، فقال: أنت بثية جميل ؟
قالت: نعم يا أمير المؤمنين .
قال: ما الذي رأى فيك جميل حتى لهج بذكرك من بين نساء العالمين ؟!
قالت: الذي رأى الناس فيك فجعلوك خليفتهم !
قال: فضحك حتى بدا له ضرس أسود ، ولم ير قبل ذلك ! وفضل بثينة على عزة في الجائزة ، ثم أمرهما أن يدخلا على عاتكة بنت يزيد ، فدخلتا عليها فقالت لعزة : أخبريني عن قول كثير:
قضي كل ذي دينٍ فوفىّ غريمه * وعزة ممطولٌ معنى غريمها
ما كان دينه ؟ وما كنت وعدته ؟
قالت: كنت وعدته قبلة ، ثم تأثمت منها .
قالت: عاتكة وددت أنك فعلت وأنا كنت تحملت أثمها عنك !!
ثم ندمت عاتكة ، واستغفرت الله تعالى ، وأعتقت عن هذه الكلمة أربعين رقبة .
------------
(1) ومما يستظرف في هذا البيت أن محققين حققا أحد كتب العز بن عبد السلام، وكان الإمام العز ذكر عجز البيت (ومن ذاالذي يا عز لا يتغير) فضبطوها بكسر العين على أن المراد هو !
-
في سير أعلام النبلاء 10/248:
محمد بن الحسن بن علي بن بحر حدثنا الفلاس قال: رأيت يحيى [القطان] يوما حدث بحديث ، فقال له عفان [بن مسلم] : ليس هو هكذا ، فلما كان من الغد أتيت يحيى ، فقال: هو كما قال عفان ، ولقد سألت الله أن لا يكون عندي على خلاف ما قال عفان .
قلت: هكذا كان العلماء فانظر يا مسكين كيف أنت عنهم بمعزل ! اهـ
وفي 11/487:
ويروى عنه [حاتم الأصم] قال: أفرح إذا أصاب من ناظرني ، وأحزن إذا أخطأ .
وفي الحلية لأبي نعيم 9/118: حدثنا الحسن بن سعيد ثنا زكريا الساجي حدثني أحمد بن العباس الساجي قال سمعت أحمد بن خالد الخلال يقول: سمعت محمد بن إدريس الشافعي يقول: ما ناظرت أحدا قط إلا على النصيحة .
وسمعت أبا الوليد موسى بن أبي الجارود يقول: سمعت الشافعي يقول: ما ناظرت أحدا قط إلا أحببت أن يوفق ، ويسدد ، ويعان ، ويكون عليه رعاية من الله وحفظ ، وما ناظرت أحدا إلا ولم أبال بيّن الله الحق على لساني أو لسانه
-
نقل الذهبي في ترجمة المعافى بن عمران في كتابه سير أعلام النبلاء (9/84) :
قال بشر الحافي: كان المعافى صاحب دنيا واسعة وضياع كثيرة، قال مرة رجل: ما أشد البرد اليوم، فالتفت إليه المعافى، وقال: أستدفأت الآن ؟ لو سكت، لكان خيرا لك.
قلت (القائل هو الذهبي) : قول مثل هذا جائز، لكنهم كانوا يكرهون فضول الكلام، واختلف العلماء في الكلام المباح، هل يكتبه الملكان، أم لا يكتبان إلا المستحب الذي فيه أجر، والمذموم الذي فيه تبعة ؟ والصحيح كتابة الجميع لعموم النص في قوله تعالى: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) [ ق: 18 ] ثم ليس إلى الملكين اطلاع على النيات، والاخلاص، بل يكتبان النطق، وأما السرائر الباعثة للنطق، فالله يتولاها.
-
وفي ترجمة هشام بن عمرو الفُوَطي المعتزلي (10/547) :
قال المبرد: قال رجل لهشام الفوطي: كم تعد من السنين ؟ قال: من واحد إلى أكثر من ألف.
قال: لم أرد هذا، كم لك من السن ؟ قال: اثنان وثلاثون سنا.
قال: كم لك من السنين ؟ قال: ما هي لي، كلها لله.
قال: فما سنك ؟ قال: عظم.
قال: فابن كم أنت ؟ قال: ابن أم وأب.
قال: فكم أتى عليك ؟ قال: لو أتى علي شئ، لقتلني، قال: ويحك،
فكيف أقول ؟ قال: قل: كم مضى من عمرك.
قلت (القائل هو الذهبي): هذا غاية ما عند هؤلاء المتقعرين من العلم، عبارات وشقاشق لا يعبأ الله بها، يحرفون بها الكلم عن مواضعه قديما وحديثا، فنعوذ بالله من الكلام وأهله.
-
قال الإمام محمد بن الحسين الآجري في كتابه العظيم أخلاق العلماء ص54:
ذكر صفة مناظرة هذا العالم إذا احتاج إلى مناظرة
اعلموا رحمكم الله ، ووفقنا وإياكم للرشاد ، أن من صفة هذا العالم العاقل الذي فقهه الله في الدين ، ونفعه بالعلم ، أن لا يجادل ، ولا يماري ، ولا يغالب بالعلم إلا من يستحق أن يغلبه بالعلم الشافي ، وذلك يحتاج في وقت من الأوقات إلى مناظرة أحد من أهل الزيغ ، ليدفع بحقه باطل من خالف الحق ، وخرج عن جماعة المسلمين ، فتكون غلبته لأهل الزيغ تعود بركة على المسلمين ، على الاضطرار إلى المناظرة ، لا على الاختيار لأن من صفة العالم العاقل أن لا يجالس أهل الأهواء ، ولا يجادلهم ، فأما في العلم والفقه وسائر الأحكام فلا .
فإن قال قائل : فإن احتاج إلى علم مسألة قد أشكل عليه معرفتها ، لاختلاف العلماء فيها ، لابد له أن يجالس العلماء ويناظرهم حتى يعرف القول فيها على صحته ، وإن لم يناظر لم تقو معرفته ؟
قيل له : بهذه الحجة يدخل العدو على النفس المتبعة للهوى ، فيقول : إن لم تناظر وتجادل لم تفقه ، فيجعل هذا سببا للجدال والمراء المنهي عنه ، الذي يخاف منه سوء عاقبته ، الذي حذرناه النبي صلى الله عليه وسلم ، وحذرناه العلماء من أئمة المسلمين ، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من ترك المراء وهو صادق ، بنى الله له بيتا في وسط الجنة " وعن مسلم بن يسار ، أنه كان يقول : " إياكم والمراء ، فإنها ساعة جهل العالم ، وبها يبتغي الشيطان زلته " وعن الحسن قال : " ما رأينا فقيها يماري " وعن الحسن ، أيضا قال : " المؤمن يداري ، ولا يماري ، ينشر حكمة الله ، فإن قبلت حمد الله ، وإن ردت حمد الله " وروي عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه قال : " إذا أحببت أخا فلا تماره ، ولا تشاره ، ولا تمازحه ".
وعند الحكماء : أن المراء أكثره يغير قلوب الإخوان ، ويورث التفرقة بعد الألفة ، والوحشة بعد الأنس ، وعن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل » .
فالمؤمن العالم العاقل يخاف على دينه من الجدل والمرا ء .
فإن قال قائل : فما يصنع في علم قد أشكل عليه ؟
قيل له : إذا كان كذلك ، وأراد أن يستنبط علم ما أشكل عليه ، قصد إلى عالم ممن يعلم أنه يريد بعلمه الله ، ممن يرتضى علمه وفهمه وعقله ، فذاكره مذاكرة من يطلب الفائدة وأعلمه أن مناظرتي إياك مناظرة من يطلب الحق ، وليست مناظرة مغالب ، ثم ألزم نفسه الإنصاف له في مناظرته ، وذلك أنه واجب عليه أن يحب صواب مناظره ، ويكره خطأه ، كما يحب ذلك لنفسه ، ويكره له ما يكره لنفسه .
ويعلمه أيضا : إن كان مرادك في مناظرتي أن أخطئ الحق ، وتكون أنت المصيب ، ويكون أنا مرادي أن تخطئ الحق وأكون أنا المصيب = فإن هذا حرام علينا فعله ؛ لأن هذا خلق لا يرضاه الله منا ، وواجب علينا أن نتوب من هذا .
فإن قال : فكيف نتناظر ؟
قيل له : مناصحة .
فإن قال : كيف المناصحة ؟
أقول له : لما كانت مسألة فيما بيننا أقول أنا : إنها حلال ، وتقول أنت : إنها حرام ، فحكمنا جميعا أن نتكلم فيها كلام من يطلب السلامة ، مرادي أن ينكشف لي على لسانك الحق = فأصير إلى قولك ، أو ينكشف لك على لساني الحق = فتصير إلى قولي مما يوافق الكتاب والسنة والإجماع ، فإن كان هذا مرادنا = رجوت أن تحمد عواقب هذه المناظرة ، ونوفق للصواب ، ولا يكون للشيطان فيما نحن فيه نصيب .
ومن صفة هذا العالم العاقل إذا عارضه في مجلس العلم والمناظرة بعض من يعلم أنه يريد مناظرته للجدل ، والمراء والمغالبة ، لم يسعه مناظرته ؛ لأنه قد علم أنه إنما يريد أن يدفع قوله ، وينصر مذهبه ، ولو أتاه بكل حجة مثلها يجب أن يقبلها ، لم يقبل ذلك ، ونصر قوله .
ومن كان هذا مراده لم تؤمن فتنته ، ولم تحمد عواقبه .
ويقال لمن مراده في المناظرة المغالبة والجدل : أخبرني ، إذا كنت أنا حجازيا ، وأنت عراقيا ، وبيننا مسألة على مذهبي ، أقول : إنها حلال ، وعلى مذهبك إنها حرام ، فسألتني المناظرة لك عليها ، وليس في مناظرتك الرجوع عن قولك ، والحق عندك أن أقول فيها قولك ، وكان عندي أنا أن أقول ، وليس مرادي في مناظرتي الرجوع عما هو عندي ، وإنما مرادي أن أرد قولك ، ومرادك أن ترد قولي ، فلا وجه لمناظرتنا ، فالأحسن بنا السكوت على ما تعرف من قولك ، وعلى ما أعرف من قولي ، وهو أسلم لنا ، وأقرب إلى الحق الذي ينبغي أن نستعمله. فإن قال : وكيف ذلك ؟
قيل : لأنك تريد أن أخطئ الحق ، وأنت على الباطل ، ولا أوفق للصواب ، ثم تسر بذلك ، وتبتهج به ، ويكون مرادي فيك كذلك ، فإذا كنا كذلك ، فنحن قوم سوء ، لم نوفق للرشاد ، وكان العلم علينا حجة ، وكان الجاهل أعذر منا .
وأعظم من هذا كله أنه ربما احتج أحدهما بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على خصمه ، فيردها عليه بغير تمييز ، كل ذلك يخشى أن تنكسر حجته ، حتى إنه لعله أن يقول بسنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثابتة ، فيقول : هذا باطل ، وهذا لا أقول به ، فيرد سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم برأيه بغير تمييز .
ومنهم من يحتج في مسألة بقول صحابي ، فيرد عليه خصمه ذلك ، ولا يلتفت إلى ما يحتج عليه ، كل ذلك نصرة منه لقوله ، لا يبالي أن يرد السنن والآثار .
من صفة الجاهل: الجدل ، والمراء ، والمغالبة ، نعوذ بالله ممن هذا مراده ومن صفة العالم العقل والمناصحة في مناظرته ، وطلب الفائدة لنفسه ولغيره ، كثر الله في العلماء مثل هذا ، ونفعه بالعلم ، وزينه بالحلم .اهـ
وانظر نحوه في الإبانة لابن بطة ـ الإيمان ـ 2/ 545 وما قبلها .
-
في الكليات لأبي البقاء الكفوي ص1051:
الإضافة في لغة الأعاجم مقلوبة ، كما قالوا : سيبويه .
و(السيب) : التفاح ، و(ويه) رائحة .
أي رائحة التفاح .
-
في جمع الجواهر في الملح والنوادر للحصري ص10:
قال رجل للحسن البصري ـ رحمه الله ـ ما تقول في رجل مات ، وترك أبيه وأخيه ؟
فقال : أغيلمة إن فهمناهم لم يفهموا ، وإن علمناهم لم يعلموا ، قل: ترك أباه وأخاه ، فقال له : فما لأباه وأخاه ؟
فقال الحسن : قل لأبيه وأخيه ، قال : أرى كلما تابعتك خالفتني !
-
في الأدب الصغير لابن المقفع [ضمن آثاره] ص284
من أخذ كلاما حسنا من غيره فتكلم به في موضعه على وجهه = فلا يرين عليه في ذلك ضؤولة ؛ فإنه من أعين على حفظ قول المصيبين ، وهدي للاقتداء بالصالحين ، ووفق للأخذ عن الحكماء = فلا عليه ألا يزداد ، فقد بلغ الغاية ، وليس بناقصه في رأيه ، ولا بغائضه من حقه ألا يكون هو استحدث ذلك ، وسَبق إليه.
-
في الأدب الصغير لابن المقفع [ضمن آثاره] ص287:
على العاقل أن يحصي على نفسه مساويها في الدين وفي الرأي وفي الأخلاق وفي الآداب فيجمع ذلك كله في صدره أو في كتاب ثم يكثر من عرضه على نفسه ويكلفها إصلاحه ويوظف ذلك عليها توظيفا من إصلاح الخلة أو الخلتين في اليوم أو الجمعة أو الشهر ، فكلما أصلح شيئا محاه ، وكلما نظر إلى ثابت اكتأب .
وعلى العاقل أن يتفقد محاسن الناس ويحفظها ويحصيها ، ويصنع في توظيفها لنفسه ، وتعهدها بذلك مثل الذي وصفنا في إصلاح المساوي.
-
في الأدب الصغير لابن المقفع [ضمن آثاره] ص289:
على العاقل أن يجبن عن الرأي الذي لا يجد عليه موافقا ، وإن ظن أنه على اليقين .
وعلى العاقل أن يعرف أن الرأي والهوى متعاديان ، وأن من شأن الناس تسويف الرأي وإسعاف الهوى فيخالف ذلك ، ويلتمس ألا يزال هواه مسوفا ، ورأيه مسعفا .
وعلى العاقل إذا اشتبه عليه أمران فلم يدر أيهما الصواب أن ينظر أهواهما عنده = فيحذره .
-
في الأدب الصغير لابن المقفع [ضمن آثاره] ص301:
من أشد عيوب الإنسان خفاء عيوبه عليه ، فإنه إن خفي عليه عيبه = خفيت عليه محاسن غيره ، ومن خفي عليه عيب نفسه ، ومحاسن غيره = لم يقلع عن عيبه الذي لا يعرف ، ولن ينال محاسن غيره التي لا يبصرها أبدا .
-
- في الدرة اليتيمة لابن المقفع [ضمن آثاره] ص329:
المرء ناظر بإحدى عيون ثلاث ، وهما الغاشتان والصادقة ، وهي التي لا تكاد توجد .
عين مودة تريه القبيح حسنا .
وعين شنآن تريه الحسن قبيحا .
وعين العدل تريه حسنها حسنا ، وقبيحها قبيحا .
-
في معجم الأدباء لياقوت 5/634:
أبو محمد الأرزني إمام في العربية مليح الخط سريع الكتابة ، كان يخرج في وقت العصر إلى سوق الكتب ببغداد ، فلا يقوم من مجلسه حتى يكتب "الفصيح" لثعلب ، ويبيعه بنصف دينار ، ويشتري نبيذا ولحما ، وفاكهة ، ولا يبيت حتى ينفق ما معه منه .
-
في سير أعلام النبلاء 11/177:
قال علي بن جعفر أخبرنا إسماعيل بن بنت السدي قال: كنت في مجلس مالك فسئل عن فريضة ، فأجاب بقول زيد .
فقلت: ما قال فيها علي وابن مسعود رضي الله عنهما ؟
فأومأ إلى الحجبة فلما هموا بي عدوت ، وأعجزتهم !
فقالوا : ما نصنع بكتبه ومحبرته ؟
فقال: اطلبوه برفق ، فجاؤوا إلي فجئت معهم ، فقال مالك: من أين أنت ؟
قلت: من الكوفة .
قال: فأين خلفت الأدب ؟
فقلت: إنما ذاكرتك لأستفيد .
فقال: إن عليا وعبد الله لا ينكر فضلهما ، وأهل بلدنا على قول زيد بن ثابت ، وإذا كنت بين قوم فلا تبدأهم بما لا يعرفون = فيبدأك منهم ما تكره .
-
معجم الأدباء لياقوت 3/302:
وروي أنه [الخليل بن أحمد] كان يقطع بيتا من الشعر ، فدخل عليه ولده في تلك الحالة ، فخرج إلى الناس ، وقال: إن أبي قد جن ، فدخل الناس عليه ، وهو يقطع البيت ، فأخبروه بما قال ابنه ، فقال له :
لو كنتَ تعلم ما أقولُ عذرتني ** أو كنتَ تعلم ما تقولُ عذلتكا
لكن جهلتَ مقالتي فعذلتني ** وعلمتُ أنك جاهل فعذرتكا
-
في الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة للحافظ ابن حجر 4 /152 في ترجمة :علي بن مرزوق بن أبي الحسن الربعي ..
ذكر عن جمال الدين إبراهيم بن محمد الطيبي: أن بعض أمراء المغل تنصر ، فحضر عنده جماعة من كبار النصارى والمغل ، فجعل واحد منهم ينتقص النبي صلى الله عليه وسلم ، وهناك كلب صيد مربوط ، فلما أكثر من ذلك ، وثب عليه الكلب ، فخمشه فخلصوه منه .
وقال بعض من حضر: هذا بكلامك في محمد صلى الله عليه وسلم .
فقال: كلا بل هذا الكلب عزيز النفس ، رآني أشير بيدي فظن أني أريد أن أضربه !
ثم عاد إلى ما كان فيه فأطال ، فوثب الكلب مرة أخرى فقبض على زردمته فقلعها ، فمات من حينه ، فأسلم بسبب ذلك نحو أربعين ألفا من المغل .
-
في بدائع الفوائد لابن القيم 4/1406
ومن مسائل الفضل بن زياد :
قال: سمعت أبا عبد الله قيل له: ما تقول في التزويج في هذا الزمان ؟
فقال: مثل هذا الزمان ينبغي للرجل أن يتزوج ، ليت أن الرجل إذا تزوج اليوم ثنتين يُفْلِت ، ما يأمن أحدكم أن ينظر النظرة = فيحبط عمله !
قلت له: كيف يصنع ؟ من أين يطعمهم ؟
فقال: أرزاقهم عليك ؟! أرزاقهم على الله عز وجل اهـ.
قلت: كيف لو رأى فتن هذا الزمان ؟!
-
في بدائع الفوائد لابن القيم 4/1429[في معرض سرد بعض أسئلة الفضل بن زياد للإمام أحمد]
قلت: رجل يقرئ رجلا مائتي آية ، ويقرئ آخر مائة آية ؟
قال: ينبغي له أن ينصف بين الناس .
قلت: إنه يأخذ على هذا مائتي آية ؛ لأنه يرجو أن يكون عاملا به ، ويأخذ على هذا أقل ؛ لأنه لم يبلغ مبلغ هذا في العمل .
قال: ما أحسن الإنصاف في كل شيء .
-
قال ابن القيم: زاد المعاد ج: 1 /51 [معنى تضعيف السيئات في الحرم]
ومن هذا تضاعف مقادير السيئات فيه لا كمياتها فإن السيئة جزاؤها سيئة لكن سيئة كبيرة وجزاؤها مثلها ، وصغيرة جزاؤها مثلها ، فالسيئة في حرم الله وبلده ، وعلى بساطه آكد وأعظم منها في طرف من أطراف الأرض ، ولهذا ليس من عصى الملك على بساط ملكه كمن عصاه في الموضع البعيد من داره وبساطه ، فهذا فصل النزاع في تضعيف السيئات ، والله أعلم .
-
قال ابن القيم في زاد المعاد 1/182:
وكان جل ضحكه التبسم بل كله التبسم فكان نهاية ضحكه أن تبدو نواجذه، وكان يضحك مما يضحك منه وهو مما يتعجب من مثله ويستغرب وقوعه ويستندر ، وللضحك أسباب عديدة هذا أحدها.
والثاني: ضحك الفرح ، وهو: أن يرى ما يسره أو يباشره .
والثالث: ضحك الغضب ، وهو كثيرا ما يعتري الغضبان إذا اشتد غضبه ، وسببه تعجب الغضبان مما أورد عليه الغضب ، وشعور نفسه بالقدرة على خصمه ، وأنه في قبضته وقد يكون ضحكه لملكه نفسه عند الغضب ، وإعراضه عمن أغضبه ، وعدم اكتراثه به .
-
قال ابن القيم في زاد المعاد 1/183:
وأما بكاؤه، فكان من جنس ضحكه لم يكن بشهيق ، ورفع صوت كما لم يكن ضحكه بقهقهة ، ولكن كانت تدمع عيناه حتى تهملا ، ويسمع لصدره أزيز ، وكان بكاؤه تارة رحمة للميت ، وتارة خوفا على أمته وشفقه عليها ، وتارة من خشية الله ، وتارة عند سماع القرآن ، وهو: بكاء اشتياق ومحبة وإجلال مصاحب للخوف والخشية ، ولما مات ابنه إبراهيم دمعت عيناه وبكى رحمة له وقال: "تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون " ، وبكى لما شاهد إحدى بناته ونفسها تفيض ، وبكى لما قرأ عليه ابن مسعود سورة النساء ، وانتهى فيها إلى قوله تعالى (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا) ، وبكى لما مات عثمان بن مظعون ، وبكى لما كسفت الشمس وصلى صلاة الكسوف ، وجعل يبكي في صلاته وجعل ينفخ ويقول: "رب ألم تعدني ألا تعذبهم وأنا فيهم وهم يستغفرون ونحن نستغفرك " ، وبكى لما جلس على قبر إحدى بناته ، وكان يبكي أحيانا في صلاة الليل.
والبكاء أنواع: أحدها: بكاء الرحمة والرقة.
والثاني: بكاء الخوف والخشية،.
والثالث: بكاء المحبة والشوق.
والرابع: بكاء الفرح والسرور.
والخامس: بكاء الجزع من ورود المؤلم وعدم احتماله.
والسادس: بكاء الحزن .
والفرق بينه وبين بكاء الخوف: أن بكاء الحزن يكون على ما مضى من حصول مكروه أو فوات محبوب ، وبكاء الخوف يكون لما يتوقع في المستقبل من ذلك .
والفرق بين بكاء السرور والفرح ، وبكاء الحزن أن دمعة السرور باردة والقلب فرحان ، ودمعة الحزن حارة والقلب حزين ، ولهذا يقال لما يفرح به: هو قرة عين ، وأقر الله به عينه ، ولما يحزن: سخينة العين ، وأسخن الله عينه به .
والسابع: بكاء الخور والضعف.
والثامن: بكاء النفاق ، وهو: أن تدمع العين ، والقلب قاس ، فيظهر صاحبه الخشوع ، وهو من أقسى الناس قلبا.
والتاسع: البكاء المستعار والمستأجر عليه كبكاء النائحة بالأجرة فإنها كما قال عمر بن الخطاب: تبيع عبرتها وتبكي شجو غيرها .
والعاشر: بكاء الموافقة ، وهو: أن يرى الرجل الناس يبكون لأمر ورد عليهم فيبكي معهم ، ولا يدري لأي شيء يبكون ، ولكن يراهم يبكون فيبكي.
وما كان من ذلك دمعا بلا صوت فهو بكى مقصور ، وما كان معه صوت فهو بكاء ممدود على بناء الأصوات ، وقال الشاعر:
بكت عيني وحق لها بكاها * * وما يغني البكاء ولا العويل
وما كان منه مستدعى متكلفا فهو التباكي ، وهو نوعان:
محمود ومذموم ، فالمحمود: أن يستجلب لرقة القلب ، ولخشية الله لا للرياء والسمعة.
والمذموم: أن يجتلب لأجل الخلق ، وقد قال عمر بن الخطاب: للنبي صلى الله عليه وسلم ـ وقد رآه يبكي هو وأبو بكر في شأن أسارى بدر ـ أخبرني ما يبكيك يا رسول الله ؟ فإن وجدتُ بكاء بكيت ، وإن لم أجد تباكيت لبكائكما . ولم ينكر عليه ، وقد قال بعض السلف: ابكوا من خشية الله فإن لم تبكوا فتباكوا.
-
قال ابن القيم في زاد المعاد 1/257:
وأما الدعاء بعد السلام من الصلاة مستقبل القبلة أو المأمومين فلم يكن ذلك من هديه أصلا ، ولا روي عنه بإسناد صحيح ولا حسن ، وأما تخصيص ذلك بصلاتي الفجر والعصر فلم يفعل ذلك هو ولا أحد من خلفائه ، ولا أرشد إليه أمته ، وإنما هو استحسان رآه من رآه عوضا من السنة بعدهما والله أعلم.
وعامة الأدعية المتعلقة بالصلاة إنما فعلها فيها ، وأمر بها فيها ، وهذا هو اللائق بحال المصلي فإنه مقبل على ربه يناجيه ما دام في الصلاة ، فإذا سلم منها انقطعت تلك المناجاة ، وزال ذلك الموقف بين يديه والقرب منه ، فكيف يترك سؤاله في حال مناجاته والقرب منه والإقبال عليه ثم يسأله إذا انصرف عنه ؟!
ولا ريب أن عكس هذا الحال هو الأولى بالمصلي إلا أن ها هنا نكتة لطيفة وهو: أن المصلي إذا فرغ من صلاته وذكر الله وهلله وسبحه وحمده وكبره بالأذكار المشروعة عقيب الصلاة = استحب له أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك ويدعو بما شاء ، ويكون دعاؤه عقيب هذه العبادة الثانية لا لكونه دبر الصلاة.
-
قال ابن القيم في زاد المعاد 1/294:
فهذه الأحاديث ، وغيرها يستفاد من مجموعها العلم بأنه لم يكن يغمض عينيه في الصلاة ، وقد اختلف الفقهاء في كراهته ، فكرهه الإمام أحمد وغيره ، وقالوا: هو فعل اليهود . وأباحه جماعة ولم يكرهوه ، وقالوا: قد يكون أقرب إلى تحصيل الخشوع الذي هو روح الصلاة وسرها ومقصودها .
والصواب أن يقال: إن كان تفتيح العين لا يخل بالخشوع = فهو أفضل ، وإن كان يحول بينه وبين الخشوع لما في قبلته من الزخرفة والتزويق أو غيره مما يشوش عليه قلبه ، فهنالك لا يكره التغميض قطعا ، والقول باستحبابه في هذا الحال = أقرب إلى أصول الشرع ومقاصده من القول بالكراهة ، والله أعلم.
-
"الأقربون أولى بالمعروف" يظنُ بعضُ الناس أنّ هذا حديثا ، وليس بحديث خلافا لمن ظنه ، لكن معناه صحيح ، والدليل قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْ نِ وَالأَقْرَبِينَ } الآية [215 البقرة] ، وقصة صدقة أبي طلحة ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم له: " أرى أن تجعلها في الأقربين ". رواه البخاري (1392) ، ومسلم (998).
-
رد: طرف ، وملح ، وفوائد
قال العلامة ابن القيم في إعلام الموقعين 2/47 نقلا عن شيخه الإمام ابن تيمية :
وما عرفت حديثا صحيحا إلا ويمكن تخريجه على الأصول الثابتة ، وقد تدبرت ما أمكنني من أدلة الشرع فما رأيت قياسا صحيحا يخالف حديثا صحيحا ، كما أن المعقول الصحيح لا يخالف المنقول الصحيح ، بل متى رأيت قياسا يخالف أثرا فلا بد من ضعف أحدهما ، لكن التمييز بين صحيح القياس وفاسده مما يخفي كثير منه على أفاضل العلماء ، فضلا عمن هو دونهم فإن إدراك الصفة المؤثرة في الأحكام على وجهها ، ومعرفة المعاني التي علقت بها الأحكام من أشرف العلوم ، فمنه الجلي الذي يعرفه أكثر الناس ، ومنه الدقيق الذي لا يعرفه إلا خواصهم ، فلهذا صارت أقيسة كثير من العلماء تجيء مخالفة للنصوص لخفاء القياس الصحيح كما يخفى على كثير من الناس ما في النصوص من الدلائل الدقيقة التي تدل على الأحكام.
-
رد: طرف ، وملح ، وفوائد
قال الحافظ ابن حجر في الفتح 9/246:
وقد تقرر أن الحديث الواحد إذا تعددت ألفاظه وأمكن حمل بعضها على بعض = تعين ذلك.
-
رد: طرف ، وملح ، وفوائد
كلام ابن القيم في ابن جني وشيخه أبي علي الفارسي
نقل ابن القيم ـ رحمه الله ـ عن ابن جني في مواضع عديدة من كتبه كالبدائع وغيره ، وأفاد منه .. ورد عليه في الصواعق وبيّن زيغه وشيخه الفارسي ، فقال رحمه الله :
أحدها : أن تعلم أن هذا الرجل ـ ابن جني ـ وشيخه أبا علي من كبار أهل البدع والاعتزال المنكرين لكلام الله تعالى وتكليمه [..وذكر بعض طوامه .. إلى أن قال ]: فمن كان هذا خطؤه وضلاله في أصل دينه ومعتقده في ربه وإلهه فما الظن بخطئه وضلاله في ألفاظ القرآن ، ولغة العرب ؛ فحقيق بمن هذا مبلغ علمه ، ونهاية فهمه =أن يدعي أن أكثر اللغة مجاز ، ويأتي بهذا الهذيان ، ولكن سنة الله جارية أن يفضح من استهزاء بحزبه وجنده ، وكان الرجل وشيخه في زمن قوة شوكة المعتزلة ، وكان الدولة دولة رفض ، واعتزال وكان السلطان عضد الدولة ابن بويه ، وله صنف أبو علي "الإيضاح" ، وكان الوزير إسماعيل بن عباد معتزليا ، وقاضي القضاة عبد الجبار بن أحمد معتزليا ، وأول من عرف منه تقسيم الكلام إلى حقيقة ومجاز هم المعتزلة والجهمية ..
مختصر الصواعق المرسلة 2/821 ، ط: أضواء السلف.
قلت: ولم يكن هذا مانعا من الاستفادة مما أحسن فيه ، ومما استجاده منه ابن القيم ، وعرضه على شيخ الإسلام ما جاء في بدائع الفوائد 1/166:
.. وقد قدمنا أن الألفاظ مشاكلة للمعاني التي أرواحها يتفرس الفطن فيها حقيقة المعنى بطبعه وحسه كما يتعرف الصادق الفراسة صفات الأرواح في الأجساد من قوالبها بفطنته .
وقلت يوما لشيخنا أبي العباس بن تيمية ـ قدس الله روحه ـ : قال ابن جني :
مكثت برهة إذا ورد علي لفظ آخذ معناه من نفس حروفه وصفاتها وجرسه ، وكيفية تركيبه ، ثم أكشفه فإذا هو كما ظننته أو قريبا منه ؟
فقال لي ـ رحمه الله ـ : وهذا كثيرا ما يقع لي ، وتأمل حرف ( لا) كيف تجدها لاما بعدها ألف يمتد بها الصوت ما لم يقطعه ضيق النفس ، فآذن امتداد لفظها بامتداد معناها .
ولن بعكس ذلك فتأمله فإنه معنى بديع .
وانظر كيف جاء في أفصح الكلام كلام الله ، (ولا يتمنونه أبدا ) بحرف لا في الموضع الذي اقترن به حرف الشرط بالفعل= فصار من صيغ العموم ؛ فانسحب على جميع الأزمنة ، وهو قوله عز وجل (إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت) كأنه يقول: متى زعموا ذلك لوقت من الأوقات ، أو زمن من الأزمان ، وقيل لهم: تمنوا الموت = فلا يتمنونه أبدا ، وحرف الشرط دل على هذا المعنى ، وحرف لا في الجواب بإزاء صيغة العموم لاتساع معنى النفي فيها..
[بقيته هناك] بدائع الفوائد . ، وأطول منه في جلاء الأفهام ص147.
-
رد: طرف ، وملح ، وفوائد
قال أبو نعيم في حلية الأولياء 8/238:
حدثنا أبو يعلى الحسين بن محمد ثنا محمد بن المسيب ثنا عبدالله بن خبيق قال: قال يوسف بن أسباط: والله لقد أدركت أقواما فساقا كانوا أشد إبقاء على مروءاتهم من قراء أهل هذا الزمان على أديانهم !
وقال لي يوسف : إياك أن تكون من قراء السوء .
-
رد: طرف ، وملح ، وفوائد
- في طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى 2/103:
قرأت في كتاب عمر العُكبري ـ بخطه ـ حدثنا دعلج بن أحمد حدثنا محمد بن نعيم حدثنا عبدالصمد بن سليمان بن أبي مطر قال: بت عند أحمد بن حنبل فوضع لي صاخِرَة ماء ، قال: فلما أصبحت وجدني لم أستعمله ، فقال: صاحب حديث لا يكون له ورد بالليل ؟ قال: قلت مسافر ، قال: وإن كنت مسافرا ، حج مسروق فما نام إلا ساجدا .
-
رد: طرف ، وملح ، وفوائد
في الآداب الشرعية 2/47:
ونقل المروذي عن أحمد : أنه قيل له من نسأل بعدك ؟
فقال: عبد الوهاب ـ يعني الوراق ـ فقيل: إنه ضيق العلم ، فقال: رجل صالح مثله يوفق لإصابة الحق.
ونحوه في تاريخ بغداد 11/27.
-
رد: طرف ، وملح ، وفوائد
قال الإمام الدارمي في سننه 1/152: أخبرنا عفان ثنا حماد بن سلمة أنا عاصم الأحول عن عامر الشعبي قال: زين العلم حلم أهله .
-
رد: طرف ، وملح ، وفوائد
في الآداب الشرعية 2/47:
قال ابن عقيل في الفنون: لا ينبغي الخروج من عادات الناس إلا في الحرام ؛ فإن الرسول الله ترك الكعبة ، وقال: لولا حدثان قومك بالجاهلية" أخرجه البخاري ومسلم والترمذي وابن حبان .
وقال عمر : لولا أن يقال: عمر زاد في القرآن لكتبت آية الرجم .
وترك أحمد الركعتين قبل المغرب لإنكار الناس لهما .
وذكر في الفصول عن الركعتين قبل المغرب وفعل ذلك إمامنا أحمد ثم تركه واعتذر بتركه بأن قال: رأيت الناس لا يعرفونه .
وفي الشرح الممتع للعلامة ابن عثيمين 5/74:
ومراعاة الناس في أمر ليس بحرام مما جاءت به الشريعة ، فقد راعى النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه في الصوم والفطر في رمضان ، وراعاهم عليه الصلاة والسلام في بناء الكعبة فترك بناءها على قواعد إبراهيم ، وهذه القاعدة معروفة في الشرع .
-
رد: طرف ، وملح ، وفوائد
في الشرح الممتع للعلامة ابن عثيمين 5/54:
وهذه المسألة التي ذكرها العلماء - رحمهم الله - تدلنا على أن الإنسان ينبغي أن يكون واسع الأفق ، فالعلماء أسقطوا الجمعة من أجل الخلاف، وأوجبوها من أجل الخلاف، فالمسائل الخلافية التي يسوغ فيها الاجتهاد لا ينبغي للإنسان أن يكون فيها عنيفاً بحيث يضلل غيره، فمن رحمة الله عزّ وجلّ أنه لا يؤاخذ بالخلاف إذا كان صادراً عن اجتهاد، فمن أصاب فله أجران، ومن أخطأ فله أجر واحد، وأهل السنة والجماعة من هديهم وطريقتهم ألا يضللوا غيرهم ما دامت المسألة يسوغ فيها الاجتهاد ..
-
رد: طرف ، وملح ، وفوائد
في الشرح الممتع للعلامة ابن عثيمين 5/213:
وما يفعله بعض المسلمين من عيد لميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم ، وما يفعله بعض المسلمين من عيد للمعراج ليلة سبع وعشرين من رجب = كل هذا لا أصل له ، بل بعضه ليس له أصل حتى من الناحية التاريخية ، فإن المعراج ليس في ليلة سبع وعشرين من رجب ، بل إنه في ربيع الأول قبل الهجرة بنحو سنة أو سنتين أو ثلاث حسب الاختلاف بين العلماء ، والميلاد أيضا ليس في يوم الثاني عشر من ربيع الأول ، بل حقّق الفلكيون المتأخرون بأنه يوم التاسع من ربيع الأول.
-
رد: طرف ، وملح ، وفوائد
جزاك الله خير الجزاء على تقديم هذه الحديقة الغناء
أما وإنني لم أقرأمنها سوى صفحتين وسأواصل القراءة بإذن الله تعالى
-
رد: طرف ، وملح ، وفوائد
بارك الله فيك
في تحفة المودود للإمام ابن القيم ص239:
قال الحاكم أبو عبد الله في تاريخ نيسابور: أخبرني أبو محمد بن زياد قال: سمعت أبا العباس الأزهري قالك: سمعت علي بن سلمة يقول: كان إسحاق عند عبد الله بن طاهر ، وعنده إبراهيم بن صالح ، فسأل عبدُ الله بن طاهر إسحاقَ عن مسألة ، فقال إسحاق: السنة فيها كذا وكذا ، وأما النعمان وأصحابه فيقولون بخلاف هذا . فقال إبراهيم: لم يقل النعمان بخلاف هذا . فقال إسحاق: حفظته من كتاب جدك وأنا وهو في كتاب واحد . فقال إبراهيم للأمير: أصلحك الله كذب إسحاق على جدي . فقال إسحاق: ليبعث الأمير إلى جزء كذا وكذا من الجامع فليحضره ، فأتى بالكتاب فجعل الأمير يقلب الكتاب فقال إسحاق: عدّ من أول الكتاب إحدى وعشرين ورقة ثم عدّ تسعة أسطر ففعل فإذا المسألة على ما قال إسحاق ! فقال عبد الله بن طاهر: ليس العجب من حفظك إنما العجب بمثل هذه المشاهدة . فقال إسحاق: ليوم مثل هذا لكي يخزي الله على يدي عدوا للسنة مثل هذا . وقال له عبد الله بن طاهر : قيل لي إنك تحفظ مائة ألف حديث ؟ فقال له : مائة ألف لا أدري ما هو ، ولكني ما سمعت شيئا قط إلا حفظته ، ولا حفظت شيئا قط فنسيته .
-
رد: طرف ، وملح ، وفوائد
في سير أعلام النبلاء 8/68:
أبو يوسف أحمد بن محمد الصيدلاني سمعت محمد بن الحسن الشيباني يقول: كنت عند مالك ، فنظر إلى أصحابه ، فقال: انظروا أهل المشرق ، فأنزلوهم بمنزلة أهل الكتاب إذا حدثوكم ، فلا تصدقوهم ، ولا تكذبوهم ، ثم التفت ، فرآني ، فكأنه استحيى ، فقال: يا أبا عبد الله أكره أن تكون غيبة ، هكذا أدركت أصحابنا يقولون.
قلت: [الذهبي] هذا القول من الإمام قاله لأنه لم يكن له اعتناء بأحوال بعض أهل القوم ، ولا خبر تراجمهم ، وهذا هو الورع ألا تراه لما خبر حال أيوب السختياني العراقي كيف احتج به ، وكذلك حميد الطويل ، وغير واحد ممن روى عنهم . وأهل العراق كغيرهم فيهم الثقة الحجة ، والصدوق ، والفقيه ، والمقرئ ، والعابد ، وفيهم الضعيف ، والمتروك ، والمتهم ، وفي الصحيحين شيء كثير جدا من رواية العراقيين رحمهم الله .
وفيهم من التابعين كمثل علقمة ، ومسروق ، وعَبيدة ، والحسن ، وابن سيرين ، والشعبي ، وإبراهيم ، ثم الحكم ، وقتادة ، ومنصور ، وأبي إسحاق ، وابن عون ، ثم مسعر ، وشعبة ، وسفيان ، والحمَّادَيْن ، وخلائق أضعافهم رحم الله الجميع .
وهذه الحكاية رواها الحاكم عن النجاد عن هلال بن العلاء عن الصيدلاني .
-
رد: طرف ، وملح ، وفوائد
قال الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق 32/444:
أخبرنا أبو سعيد محمد بن إبراهيم بن أحمد أنا محمد بن إسماعيل أنا أبو عبد الرحمن قال: سمعت أحمد بن سعيد المعداني يقول: سمعت أحمد بن علي يحكي عن ابن المبارك قال:
من استخف بالعلماء ذهبت آخرته ، ومن استخف بالأمراء ذهبت دنياه ، ومن استخف بالإخوان ذهبت مروءته .
-
رد: طرف ، وملح ، وفوائد
في إعلام الموقعين 4/166:
وَسُئِلَ [الإمام أحمد]: أَيُؤْجَرُ الرَّجُلُ عَلَى بُغْضِ مَنْ خَالَفَ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟
فَقَالَ : إي وَاَللَّهِ .
-
رد: طرف ، وملح ، وفوائد
في الكليات لأبي البقاء الكفوي ص675:
نظم بعض الأدباء في تعيين الفرسخ والميل والبريد :
إن البريد من الفراسخ أربعٌ * ولفرسخ فثلاث أميال ضَعوا
والميلُ ألفٌ أي من الباعات قلْ * والباع أربع أذرع فتتبعوا
ثم الذراع من الأصابع أربع * من بعدها العشرون ثم الإصبع
ستُّ شعيراتٍ فبطن شعيرة * منها إلى ظهرٍ لأخرى يوضع
ثم الشعيرةُ ستُ شعراتٍ غدت * من شعرِ بَغْلٍ ليس هذا يدفع .
-
رد: طرف ، وملح ، وفوائد
في إعلام الموقعين 3/296.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ : كُنْتُ بِالْكُوفَةِ فَنَاظَرُونِي فِي النَّبِيذِ الْمُخْتَلِفِ فِيهِ ، فَقُلْتُ لَهُمْ : تَعَالَوْا فَلْيَحْتَجَّ الْمُحْتَجُّ مِنْكُمْ عَمَّنْ شَاءَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالرُّخْصَةِ ، فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الرَّدَّ عَلَيْهِ عَنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ بِسَنَدٍ صَحَّتْ عَنْهُ ، فَاحْتَجُّوا فَمَا جَاءُوا عَنْ أَحَدٍ بِرُخْصَةٍ إلَّا جِئْنَاهُمْ بِسَنَدٍ ، فَلَمَّا لَمْ يَبْقَ فِي يَدِ أَحَدٍ مِنْهُمْ إلَّا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ ، وَلَيْسَ احْتِجَاجُهُمْ عَنْهُ فِي شِدَّةِ النَّبِيذِ بِشَيْءٍ يَصِحُّ عَنْهُ ، إنَّمَا يَصِحُّ عَنْهُ أَنَّهُ لَمْ يَنْتَبِذْ لَهُ فِي الْجَرِّ الْأَخْضَرِ .
قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ : فَقُلْتُ لِلْمُحْتَجِّ عَنْهُ فِي الرُّخْصَةِ : يَا أَحْمَقُ ، عُدْ إنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ لَوْ كَانَ هَاهُنَا جَالِسًا فَقَالَ : هُوَ لَكَ حَلَالٌ ، وَمَا وَصَفْنَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ فِي الشِّدَّةِ كَانَ يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَحْذَرَ وَتَخْشَى .
فَقَالَ قَائِلٌ : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَالنَّخَعِيُّ وَالشَّعْبِيُّ - وَسَمَّى عِدَّةً مَعَهُمَا - كَانُوا يَشْرَبُونَ الْحَرَامَ ؟
فَقُلْتُ لَهُمْ : دَعُوا عِنْدَ الْمُنَاظَرَةِ تَسْمِيَةَ الرِّجَالِ ، فَرُبَّ رَجُلٍ فِي الْإِسْلَامِ مَنَاقِبُهُ كَذَا وَكَذَا ، وَعَسَى أَنْ تَكُونَ مِنْهُ زَلَّةٌ ، أَفَيَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْتَجَّ بِهَا ؟ فَإِنْ أَبَيْتُمْ فَمَا قَوْلُكُمْ فِي عَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعِكْرِمَةَ ؟ قَالُوا : كَانُوا خِيَارًا ، قُلْتُ : فَمَا قَوْلُكُمْ فِي الدِّرْهَمِ بِالدِّرْهَمَيْ نِ يَدًا بِيَدٍ ؟ قَالُوا : حَرَامٌ ، فَقُلْتُ : إنَّ هَؤُلَاءِ رَأَوْهُ حَلَالًا ، أَفَمَاتُوا وَهُمْ يَأْكُلُونَ الْحَرَامَ ؟ فَبُهِتُوا وَانْقَطَعَتْ حُجَّتُهُمْ .
وهذه الحكاية في بيان الدليل لشيخ الإسلام ص 154 ومنه نقل ابن القيم رحمه الله ، وذكرها الشاطبي في الموافقات 4/171.
-
رد: طرف ، وملح ، وفوائد
قال البيهقي في السنن الكبرى 8/298:
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أنبأ الإمام أبو بكر أحمد بن إسحاق أنبأ الحسن بن علي بن زياد ثنا محمد بن إسماعيل البخاري قال: قال زكريا بن عدي: لما قدم ابن المبارك الكوفة كانت به علة ، فأتاه وكيع وأصحابنا ، والكوفيون فتذاكروا عنده حتى بلغوا الشراب فجعل ابن المبارك يحتج بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والمهاجرين والأنصار من أهل المدينة .
قالوا: لا ولكن من حديثنا .
فقال : ابن المبارك أنبأ الحسن بن عمرو الفقيمي عن فضيل بن عمرو عن إبراهيم قال: كانوا يقولون: إذا سكر من شراب لم يحل له أن يعود فيه أبدا .
فنكسوا رؤوسهم !
فقال ابن المبارك للذي يليه: رأيت أعجب من هؤلاء أحدثهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعن أصحابه والتابعين ؛ فلم يعبأوا به ، وأذكر عن إبراهيم فنكسوا رؤوسهم !
-
رد: طرف ، وملح ، وفوائد
قال الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد 9/11:
أخبرني الحسن بن علي الجوهري أخبرنا علي بن محمد بن أحمد الوراق حدثنا محمد بن سويد الزيات حدثني أبو يحيى الناقد حدثني محمد بن خلف التيمي قال سمعت أبا بكر بن عياش يقول كنا نسمي الأعمش سيد المحدثين ، وكنا نجيء إليه إذا فرغنا من الدوران ... وكان يخرج إلينا شيئا فنأكله ، قال: فقلنا يوما لا يخرج إليكم الأعمش شيئا إلا أكلتموه قال: فأخرج إلينا فأكلنا ، وأخرج فأكلنا ، فدخل فأخرج فتيتا فشربنا ، فدخل فأخرج إجانة صغيرة وقتا ! فقال: فعل الله بكم وفعل ! أكلتم قوتي وقوت امرأتي ، وشربتم فتيتها ، كلوا هذا علف الشاة !
قال فمكثنا ثلاثين يوما لا نكتب فزعا منه حتى كلمنا إنسانا عطارا كان يجلس إليه حتى كلمه لنا .
-
رد: طرف ، وملح ، وفوائد
في وفيات الأعيان 1/285:
قال أبو القاسم الكوكني: حدثني العنزي قال: أنشد رجل أبا عثمان المازني شعراً له وقال: كيف تراه ؟ قال: أراك قد عملت عملاً بإخراج هذا من صدرك لأنك لو تركته لأورثك السل.
-
رد: طرف ، وملح ، وفوائد
قال الإمام ابن رجب الحنبلي في [شرح حديث "ما ذئبان جائعان" ص88 مجموع رسائله]:
وها هنا نكتة دقيقة وهي : أن الإنسان قد يذم نفسه بين الناس يريد بذلك أن يري أنه متواضع عند نفسه ، فيرتفع بذلك عندهم ، ويمدحونه به ، وهذا من دقائق أبواب الرياء ، وقد نبه عليه السلف الصالح .
قال مطرف بن عبد الله بن الشخير : كفى بالنفس إطراء أن تذمها على الملأ ، كأنك تريد بذمها زينتها ، وذلك عند الله [شينها] .
-
رد: طرف ، وملح ، وفوائد
في ترتيب المدارك للقاضي عياض 1/77 :
وسأله [الإمام مالك] رجل عمّن قال لآخر: يا حمار ؟
قال: يجلد.
قال: فإن قال له يا فرس ؟!
قال: تجلد أنت!
ثم قال: يا ضعيف وهل سمعت أحداً يقول لآخر يا فرس؟!
-
رد: طرف ، وملح ، وفوائد
قال الإمام الدارمي في سننه1/77: أخبرنا الحسن بن بشر ثنا أبي عن إسماعيل عن عامر[الشعبي] أنه كان يقول: ما أبغض إلي أرأيت أرأيت ، يسأل الرجل صاحبه ، فيقول: أرأيت . وكان لا يقايس .
... أخبرنا صدقة بن الفضل أنا بن عيينة عن إسماعيل عن الشعبي قال: لو أن هؤلاء كانوا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم = لنزل عامة القرآن يسألونك يسألونك !
-
رد: طرف ، وملح ، وفوائد
وقال ابن القيم: حدثني شيخنا [ابن تيمية] قال: ابتدأني مرض فقال لي الطبيب: إن مطالعتك ، وكلامك في العلم يزيد المرض ! ، فقلت له: لا أصبر على ذلك ، وأنا أحاكمك إلى علمك ! أليست النفس إذا فرحت ، وسرت قويت الطبيعة = فدفعت المرض ؟
فقال: بلى .
فقلت له: فإن نفسي تسر بالعلم ؛ فتقوى به الطبيعة ، فأجد راحة .
فقال : هذا خارج عن علاجنا ، أو كما قال.
روضة المحبين ص70 ، ومفتاح دار السعادة 1/250.
-
رد: طرف ، وملح ، وفوائد
قال العلامة ابن القيم في كتب الروح ص53 :
قال عبد الحق الأشبيلي حدثني الفقيه أبو الحكم برخان ـ وكان من أهل العلم والعمل ـ : أنهم دفنوا ميتا بقريتهم في شرف أشبيلية ، فلما فرغوا من دفنه قعدوا ناحية يتحدثون ، ودابة ترعى قريبا منهم ، فإذا بالدابة قد أقبلت مسرعة إلى القبر ، فجعلت أذنها عليه كأنها تسمع ، ثم ولت فارة ، ثم عادت إلى القبر ، فجعلت أذنها عليه كأنها تسمع ، ثم ولت فارة ، فعلت ذلك مرة بعد أخرى .
قال أبو الحكم : فذكرت عذاب القبر ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم " أنهم ليعذبون عذابا تسمعه البهائم ".
ذكر لنا هذه الحكاية ونحن نسمع عليه كتاب مسلم لما انتهى القارئ إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم : "أنهم يعذبون عذابا تسمعه البهائم ".
-
رد: طرف ، وملح ، وفوائد
قال الإمام الدارمي في سننه 1/100: أخبرنا سعيد بن سليمان عن أبي أسامة عن مسعر قال: سمعت عبد الأعلى التيمي يقول: من أوتي من العلم مالا يبكيه = لخليق أن لا يكون أوتي علما ينفعه ؛ لأن الله تعالى نعت العلماء ثم قرأ القرآن { إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ ـ إلى قوله ـ يَبْكُونَ }.
-
رد: طرف ، وملح ، وفوائد
قال الصفدي في الوافي 2/82:
أخبرني من لفظه الشيخ فتح الدين محمد ابن سيد الناس اليعمري قال : ترافق القرطبي المفسر ، والشيخ شهاب الدين القرافي في السفر إلى الفيوم ـ وكل منهما شيخ فنه في عصره القرطبي في التفسير والحديث ، والقرافي في المعقولات ـ فلما دخلاها أرتادا مكانا ينزلان فيه فدلا على مكان ، فلما أتياه قال لهما أنسان: يا مولانا بالله لا تدخلاه فإنه معمور بالجان !
فقال الشيخ شهاب الدين للغلمان : أدخلوا ودعونا من هذا الهذيان ، ثم أنهما توجها إلى جامع البلد إلى أن يفرش الغلمان المكان ، ثم عادا ، فلما استقرا بالمكان سمعا صوت تَيْسٍ من المعز يصيح من داخل الخرستان ! وكرر ذلك الصياح !!
فأمتقع لون القرافي وخارت قواه وبهت !
ثم أن الباب فتح !
وخرج منه رأس تيس !
وجعل يصيح !
فذاب القرافي خوفا ، وأما القرطبي فإنه قام إلى الرأس وأمسك بقرنيه ، وجعل يتعوذ ويبسمل ويقرأ {آللّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللّهِ تَفْتَرُونَ} ، ولم يزل كذلك حتى دخل الغلام ومعه حبل وسكين ، وقال: يا سيدي تنح عنه ، وجاء إليه فأخرجه وانكاه وذبحه !
فقالا له: ما هذا ؟!
فقال: لما توجهتما رأيته مع واحد ، فاسترخصته ، واشتريته لنذبحه ، ونأكله وأودعته في هذا الخرستان !
فأفاق القرافي من حاله ، وقال: يا أخي لا جزاك الله خيرا ما كنتَ قلتَ لنا ، وإلا طارت عقولنا . أو كما قال .
-
رد: طرف ، وملح ، وفوائد
قال الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ في صحيحه رقم (3849) : باب القسامة في الجاهلية
حدثنا نعيم بن حماد حدثنا هشيم عن حصين عن عمرو بن ميمون قال: رأيت في الجاهلية قردة اجتمع عليها قردة قد زنت فرجموها فرجمتها معهم.
قال ابن حجر 7/156 : .. ثبت عند أكثر الرواة عن الفربري هنا ترجمة "القسامة في الجاهلية" ولم يقع عند النسفي، وهو أوجه؛ لأن الجميع من ترجمة أيام الجاهلية، ويظهر ذلك من الأحاديث التي أوردها تلو هذا الحديث.
و قال ابن حجر 7/160 :
وقد ساق الإسماعيلي هذه القصة من وجه آخر مطولة من طريق عيسى بن حطان عن عمرو بن ميمون قال: " كنت في اليمن في غنم لأهلي ، وأنا على شرف فجاء قرد مع قردة فتوسد يدها فجاء قرد أصغر منه فغمزها فسلت يدها من تحت رأس القرد الأول سلا رقيقا ، وتبعته فوقع عليها وأنا أنظر ، ثم رجعت فجعلت تدخل يدها تحت خد الأول برفق ، فاستيقظ فزعا فشمها فصاح فاجتمعت القرود ، فجعل يصيح ويومئ إليها بيده ، فذهب القرود يمنة ويسرة فجاءوا بذلك القرد أعرفه ، فحفروا لهما حفرة فرجموهما ، فلقد رأيت الرجم في غير بني آدم.
وانظر القصة في : تاريخ دمشق 46 / 415 -416 وتهذيب الكمال 22/256 وسير أعلام النبلاء 4/159.
ويشبه هذه القصة ما حكاه الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى 15/147:
وَقَدْ حَدَّثَنِي بَعْضُ الشُّيُوخِ الصَّادِقِينَ أَنَّهُ رَأَى فِي جَامِعٍ نَوْعًا مِنْ الطَّيْرِ قَدْ بَاضَ فَأَخَذَ النَّاسُ بَيْضَه وَجَاءَ بِبَيْضِ جِنْسٍ آخَرَ مِنْ الطَّيْرِ فَلَمَّا انْفَقَسَ الْبَيْضُ خَرَجَتْ الْفِرَاخُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ فَجَعَلَ الذَّكَرُ يَطْلُبُ جِنْسَهُ حَتَّى اجْتَمَعَ مِنْهُنَّ عَدَدٌ فَمَا زَالُوا بِالْأُنْثَى حَتَّى قَتَلُوهَا وَمِثْلُ هَذَا مَعْرُوفٌ فِي عَادَةِ الْبَهَائِمِ .
وأشار إليها في 11/545 .
ويصحح من الموضع الأول إسناده القصة لأبي رجاء العطاردي ، ومن الثاني لأبي عمران ، والصواب في الموضعين : عمرو بن ميمون .
-
رد: طرف ، وملح ، وفوائد
قال ابن القيم في إعلام الموقعين 1/89:
وَقَدْ رَأَيْت فِي بَعْضِ التَّوَارِيخِ الْقَدِيمَةِ :
أَنَّ أَحَدَ قُضَاةِ الْعَدْلِ فِي بَنْيِ إسْرَائِيلَ أَوْصَاهُمْ إذَا دَفَنُوهُ أَنْ يَنْبُشُوا قَبْرَهُ بَعْدَ مُدَّةٍ فَيَنْظُرُوا هَلْ تَغَيَّرَ مِنْهُ شَيْءٌ أَمْ لا !
وَقَالَ : « إنِّي لَمْ أجر قَطُّ فِي حُكْمٍ ، وَلَمْ أُحَابِ فِيهِ ، غَيْرَ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَيَّ خَصْمَانِ كَانَ أَحَدُهُمَا صِدِّيقًا لِي فَجَعَلْت أُصْغِي إلَيْهِ بِأُذُنِي أَكْثَرَ مِنْ إصْغَائِي إلَى الْآخَرِ ، فَفَعَلُوا مَا أَوْصَاهُمْ بِهِ ، فَرَأَوْا أُذُنَهُ قَدْ أَكَلَهَا التُّرَابُ ، وَلَمْ يَتَغَيَّرْ جَسَدُهُ » .
وَفِي تَخْصِيصِ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ بِمَجْلِسٍ أَوْ إقْبَالٍ أَوْ إكْرَامٍ مَفْسَدَتَانِ :
إحْدَاهُمَا : طَمَعُهُ فِي أَنْ تَكُونَ الْحُكُومَةُ لَهُ = فَيَقْوَى قَلْبُهُ وَجِنَانُهُ .
وَالثَّانِيَةُ : أَنَّ الآخَرَ يَيْأَسُ مِنْ عَدْلِهِ ، وَيَضْعُفُ قَلْبُهُ ، وَتَنْكَسِرُ حُجَّتُهُ .
-
رد: طرف ، وملح ، وفوائد
قال ابن القيم في إعلام الموقعين 1/99:
وَقَدْ احْتَجَّ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ وَالْفُقَهَاءُ قَاطِبَةً بصْحِيفَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ ، وَلَا يُعْرَفُ فِي أَئِمَّةِ الْفَتْوَى إلَّا مَنْ احْتَاجَ إلَيْهَا وَاحْتَجَّ بِهَا ، وَإِنَّمَا طَعَنَ فِيهَا مَنْ لَمْ يَتَحَمَّلْ أَعْبَاءَ الْفِقْهِ وَالْفَتْوَى كَأَبِي حَاتِمٍ الْبُسْتِيِّ وَابْنِ حَزْمٍ وَغَيْرِهِمَا .