-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (148)
صـ 475 إلى صـ 481
به؟ (1) أم لا يدخل لا في هذا ولا في هذا فلا يلزمه شيء بحال؟ (2) كما ينظر فيما وقعت فيه دم أو ميتة أو لحم خنزير من (3) الماء والمائعات ولم يتغير لونه ولا طعمه، بل استهلت النجاسات فيه واستحالت، أو رفعت منه واستحال فيه ما خالطه من أجزائها، فينظر في ذلك: هل يدخل في مسمى الماء المذكور في القرآن والسنة، أو في مسمى الميتة والدم ولحم الخنزير؟
وأما تنقيح المناط وتخريجه ففيهما نزاع. وهذا الإمامي لم يذكر أصلا حجة على بطلان الاجتهاد والرأي والقياس ليرد ذلك، بل ذكر أن طائفته لا تقول بذلك، وهذا يدل على جهلهم بالاستنباط والاستخراج، وعدم معرفتهم بما في الشريعة من الحكم والمعاني، وعدم معرفتهم بالجمع بين المتماثلين والفرق بين المختلفين، وهم بمعاني القرآن وأحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - جهال أيضا، فهم جهال بأصول الشرع: الكتاب والسنة والإجماع، بمنصوص ذلك ومستنبطه.
وإنما عمدتهم على نقل عمن يقلدونه، وهذا حال الجهال المقلدين لآحاد العلماء المستدلين، ثم من سواهم ممن يقلد العلماء - كمالك والشافعي وأحمد وأبي حنيفة وغيرهم - له معرفة بأقوال هؤلاء، وبطرق يميزون بها بين صحيح أقوالهم وضعيفها ومعرفة بأدلتهم ومآخذهم.
وأما الرافضة فلا يميزون بين ما يصح نقله عن أئمتهم وما لا يصح،
**_________
(1) ب، ا: بها، وبعدها في النسختين تكررت عبارة " أم لا " وهو سهو من النساخ.
(2) بعد كلمة: بحال " كلام ساقط من (أ) ، (ب) حتى كلمة " الرابع ".
(3) في الأصل (ع) : من في
****************************** *****
ولا يعرفون أدلتهم ومآخذهم، بل هم من أهل التقليد بما يقلدون فيه، وهم يعيبون هؤلاء الجمهور بالاختلاف، وفيما ينقلونه عمن يقلدونه من الاختلاف، وفيما لا ينقلونه عمن يقلدونه من الاختلاف ما لا يكاد يحصى] (1) .
الرابع: أن يقال: لا ريب أن ما ينقله الفقهاء عن مثل أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وغيرهم هو أصح مما ينقله الروافض عن [مثل] (2) العسكريين ومحمد بن علي الجواد وأمثالهم. ولا ريب أن هؤلاء أعلم بدين النبي - صلى الله عليه وسلم - من أولئك فمن عدل عن نقل الأصدق عن الأعلم إلى نقل الأكذب عن المرجوح كان مصابا في دينه أو عقله أو كليهما (3) .
فقد تبين أن ما حكاه عن الإمامية مفضلا لهم به ليس فيه (4) شيء من خصائصهم، إلا القول بعصمة الأئمة [وإنما شاركهم فيه (5) من هو شر منهم] (6) ، وما سواه حقا كان أو باطلا فغيرهم [من أهل السنة القائلين بخلافة الثلاثة] (7) يقول به، وما اختصت به الإمامية (8) من عصمة الأئمة فهو في غاية الفساد والبعد عن العقل والدين، وهو أفسد من اعتقاد كثير
**_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) وسقط أكثر هذا الكلام من (أ) ، (ب) كما بينت من قبل وفي (ن) ، (أ) ، (ب) بدلا منه توجد عبارة " ونحو ذلك ".
(2) مثل: ساقطة من (ن) .
(3) ع، م: في دينه وعقله أو كلاهما، وهو خطأ.
(4) ع: في.
(5) ب، ا: فإنما يشاركهم فيه.
(6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(8) ن، م: الأمة، وهو تحريف
****************************** ****
من النساك في شيوخهم أنهم محفوظون، وأضعف من اعتقاد كثير من قدماء (1) الشاميين [أتباع بني أمية] : (2) أن الإمام تجب طاعته في كل شيء، وأن الله إذا استخلف إماما تقبل منه الحسنات وتجاوز له عن السيئات، لأن الغلاة في الشيوخ، وإن غلوا في شيخ فلا يقصرون الهدى عليه، ولا يمنعون اتباع غيره، [ولا يكفرون من لم يقل بمشيخته] (3) ، ولا يقولون فيه من العصمة ما يقوله هؤلاء، اللهم إلا من خرج (4) عن الدين بالكلية، فذاك في الغلاة في الشيوخ: كالنصيرية والإسماعيلية والرافضة.
فبكل حال الشر فيهم أكثر [من غيرهم] (5) ، والغلو فيهم أعظم، وشر غيرهم جزء من شرهم.
وأما غالية الشاميين [أتباع بني أمية] (6) ، فكانوا يقولون (7) : [إن الله إذا استخلف خليفة تقبل منه الحسنات وتجاوز له عن السيئات، وربما قالوا: إنه لا يحاسبه. (8) .
**_________
(1) قدماء: ساقطة من (ع) .
(2) عبارة " أتباع بني أمية ": ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(4) ب، ا: من يخرج.
(5) من غيرهم: في (ع) فقط.
(6) أتباع بني أمية: ساقطة من (ن) ، (م) .
(7) الكلام بعد عبارة " فكانوا يقولون " حتى عبارة " فكانوا يقولون ": ساقط من (ن) ، (م) .
(8) نقل مستجي زاده كلام ابن تيمية الذي يبدأ بعبارة: " وأما غالية الشاميين " إلى هذا الموضع ثم علق قائلا: " قلت: وقد نبتت منهم فرقة يقال لهم: الناصبة ودينهم ونحلتهم بغض آل الرسول والقدح فيهم "
****************************** **********
ولهذا سأل الوليد بن عبد الملك عن ذلك بعض (1) العلماء، فقالوا له (2) : يا أمير المؤمنين، أنت أكرم على الله أم داود، وقد قال له: {ياداود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب} [سورة ص: 26] .
وكذلك سؤال سليمان بن عبد الملك عن ذلك لأبي حازم المدني (3) في موعظته المشهورة [له] (4) فذكر له هذه الآية.
ومع خطأ هؤلاء وضلالهم فكانوا يقولون (5) ] ذلك في طاعة إمام منصوب (6) قد أوجب الله طاعته في موارد الاجتهاد، كما يجب طاعة والي
**_________
(1) بعض: في (ع) فقط.
(2) ع: العلماء فقال، وهو خطأ.
(3) أبو حازم سلمة بن دينار الأعرج المخزومي المدني، مولى الأسود بن سفيان، من الثقات، روى له البخاري ومسلم، وقد اشتهر بالزهد والورع، وكانت وفاته سنة 140. انظر ترجمته في تذكرة الحفاظ 1/133 - 134 ; الجرح والتعديل، جـ[0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص [0 - 9] 59 ; تهذيب الأسماء واللغات، ق [0 - 9] 1 جـ[0 - 9] ص [0 - 9] 07 - 208 ; تهذيب التهذيب 4/143 - 144 ; المعارف لابن قتيبة (ط. دار الكتب) ، ص [0 - 9] 79 ; حلية الأولياء 3/229 - 259 ; تهذيب تاريخ ابن عساكر (ط. دمشق) ، 6/216 - 228 ; صفة الصفوة (ط. حيدر آباد، 1355) 2/88 - 94 ; الأعلام 3/171 - 172.
(4) له: في (ع) فقط. وقد ذكرت هذه الموعظة في أكثر من كتاب. انظر: سنن الدارمي (ط. دمشق، 1349) 1/155 - 158 ; حلية الأولياء 3/234 - 237 ; ابن عساكر 6/218 - 222 ; صفة الصفوة 2/89 - 90. ولم أجد في الموعظة الواردة في هذه المراجع ذكرا للآية 26 من سورة ص.
(5) هنا نهاية السقط في (ن) ، (م) .
(6) ب، ا: معصوم، وهو خلاف المقصود
****************************** ******
الحرب وقاضي الحكم: لا يجعلون أقواله (1) شرعا عاما يجب على كل أحد، ولا يجعلونه معصوما من الخطأ، ولا يقولون إنه يعرف جميع الدين، لكن غلط من غلط منهم من جهتين: من جهة أنهم كانوا يطيعون الولاة طاعة مطلقة، ويقولون إن الله أمرنا بطاعتهم، الثانية (2) : قول من قال منهم: إن الله إذا استخلف خليفة تقبل منه الحسنات وتجاوز له عن السيئات، وأين خطأ هؤلاء من ضلال الرافضة القائلين بعصمة الأئمة؟
ثم قد تبين مع ذلك أن ما انفردوا به عن جمهور أهل السنة كله خطأ، وما كان معهم (3) من صواب فهو قول جمهور أهل السنة أو بعضهم، ونحن لسنا نقول (4) : إن جميع طوائف أهل السنة مصيبون، بل فيهم المصيب والمخطئ، لكن صواب [كل طائفة منهم] (5) أكثر من صواب الشيعة، وخطأ (6) الشيعة أكثر.
[وأما ما انفردت به الشيعة عن جميع طوائف السنة فكله خطأ، وليس معهم صواب إلا وقد قاله بعض أهل السنة] (7) .
فهذا القدر في هذا المقام يبطل به ما ادعاه من رجحان قول الإمامية، فإنه (8) بهذا القدر يتبين أن مذهب أهل السنة أرجح، ولكل مقام مقال.
**_________
(1) أقواله: ساقطة من (أ) . وفي (ب) : لا يجعلونه شرعا. . إلخ.
(2) ع، أ، ن، م: الثاني. والذي في (ب) أكثر ملاءمة للسياق.
(3) ب، أ: منهم.
(4) ب: لا نقول ; أ: لنا نقول، وهو تحريف.
(5) ب، أ، ن، م: ولكن صوابهم.
(6) ن (فقط) : وجعلنا، وهو تحريف.
(7) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
(8) ب، أ: فإن ; ع: فإنهم
****************************** ******
وقد يقال: إن الإيمان أرجح من الكفر إذا احتيج إلى المفاضلة عند من يظن أن ذلك أرجح، [وكذلك يقال في الخير والشر] (1) .
قال تعالى (2) ] : {ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا واتخذ الله إبراهيم خليلا} [سورة النساء: 125] . وقال تعالى: {إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون} [سورة الجمعة: 9] وقال تعالى: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم} [سورة النور: 0] وقال: {لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم} [سورة النور: 27] ، بل قد يفضل الله سبحانه نفسه على ما عبد من دونه، كقوله: {آلله خير أم ما يشركون} [سورة النمل: 59] ، وقول المؤمنين للسحرة: {والله خير وأبقى} [سورة طه: 73]] (3) .
وكذلك قد تبين أن الكفار أكثر جرما إذا وقعت المفاضلة. قال تعالى: {يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير} [سورة البقرة: 217] ، [ثم قال] : (4) {وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل} [سورة البقرة: 217] ، وهذه الآية نزلت لما عير المشركون سرية (5) المسلمين بأنهم
**_________
(1) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
(2) الكلام بعد عبارة " قال تعالى " ساقط من (ن) ، (م) ، حتى الآية الكريمة (والله خير وأبقى) .
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(4) ثم قال: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) ع، أ، ن، م: لسرية
****************************** ***************
قتلوا رجلا في الشهر الحرام وهو ابن الحضرمي، فقال الله تعالى: {يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير} ، ثم بين أن ذنوب المشركين أعظم عند الله (1) .
(* وأما في (2) جانب التفضيل فقال تعالى: {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا - ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا - ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا واتخذ الله إبراهيم خليلا} [سورة النساء: 123 - 125] *) (3) . وقال تعالى: {قل ياأهل الكتاب هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل من قبل وأن أكثركم فاسقون - قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت أولئك شر مكانا وأضل عن سواء السبيل} [سورة المائدة: 59، 60] (4) .
**_________
(1) ع: ثم بين أن المشركين ذنوبهم أعظم عند الله ; أ، ب: ثم بين أن ذنوب المشركين أكبر عند الله. وقد أورد ابن تيمية من قبل (1/484) قصة سرية المسلمين التي قتلت عمرو بن الحضرمي في آخر يوم من رجب فعابهم المشركون بذلك فأنزل الله هذه الآية، وأشرت هناك (ت [0 - 9] ) إلى تفسير الطبري (ط. المعارف) لهذه الآية.
(2) ن، م: من.
(3) ما بين النجمتين ساقط ساقط من (ع) .
(4) هنا ينتهي رد ابن تيمية على القسم الأول من كلام ابن المطهر في الوجه الأول من الوجوه الدالة على وجوب تفضيل مذهب الإمامية، وقد ورد نص هذا القسم بأكمله في هذا الجزء ص 97 - 99
****************************** *********
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (149)
صـ 482 إلى صـ 488
**[الرد على سائر أقسام كلام ابن المطهر في الوجه الأول]
**[فصل كلام ابن المطهر على مذهب أهل السنة في الصفات والرد عليه]
(فصل) (1) ثم قال هذا الإمامي: (2) " أما باقي المسلمين فقد ذهبوا كل مذهب، فقال بعضهم - وهم جماعة الأشاعرة - إن القدماء كثيرون (3) مع الله تعالى: هي المعاني يثبتونها (4) موجودة في الخارج كالقدرة والعلم وغير ذلك، فجعلوه تعالى مفتقرا في كونه عالما إلى ثبوت معنى هو العلم، وفي كونه قادرا إلى ثبوت معنى هو القدرة وغير ذلك، ولم يجعلوه قادرا لذاته [ولا عالما لذاته] (5) ، ولا حيا لذاته (6) ، بل لمعان قديمة يفتقر في هذه الصفات إليها، فجعلوه محتاجا ناقصا في ذاته (7) ، كاملا بغيره، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا! [ولا (8) يقولون: هذه الصفات ذاتية (9) ] . واعترض شيخهم فخر الدين الرازي عليهم بأن قال: إن النصارى كفروا بأن قالوا (10) : القدماء ثلاثة، والأشاعرة أثبتوا قدماء تسعة ".
**_________
(1) فصل: ساقطة من (ع) .
(2) الكلام التالي في (ك) 1/83 (م) . وفي (ع) : الإمامي الرافضي.
(3) ن، م: كثيرة.
(4) ك: المعاني التي يثبتونها.
(5) ولا عالما لذاته: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) ك: ولا حيا لذاته ولا مدركا لذاته.
(7) ك: بذاته.
(8) ك: فلا.
(9) عبارة " ولا يقولون: هذه الصفات ذاتية ": في (ب) ، (ك) فقط.
(10) ك: لأنهم قالوا
**********************
فيقال: الكلام على هذا من وجوه:
أحدها: أن هذا كذب على الأشعرية: ليس فيهم من يقول: إن الله [ناقص بذاته] (1) كامل بغيره، ولا قال الرازي ما ذكرته (2) من الاعتراض عليهم، بل هذا الاعتراض ذكره الرازي عمن اعترض به، [واستهجن] (3) الرازي ذكره (4) .
**_________
(1) ناقص بذاته: في (ع) فقط.
(2) ب (فقط) : ما ذكره.
(3) واستهجن: ساقطة من (ن) ، (م) . وفي (أ) : واستهجر.
(4) أورد الرازي في كتابه " الأربعين في أصول الدين " ص 159 (ط. حيدر آباد، 3531) عند كلامه عن المسألة الخامسة عشر شبه المعتزلة في ردهم على مثبتة الصفات وقال: ". . . الشبهة السادسة: أن الله تعالى كفر النصارى في قوله تعالى: (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة) فلا يخلو إما أن يقال: إنه تعالى كفرهم لأنهم أثبتوا ذواتا ثلاثة قديمة قائمة بأنفسها. أو لأنهم أثبتوا ذاتا موصوفة بصفات متباينة. والأول باطل لأن النصارى لا يثبتون ذواتا ثلاثة قديمة قائمة بأنفسها، ولما لم يقولوا بذلك استحال أن يكفرهم الله بسبب ذلك، ولما بطل القسم الأول ثبت القسم الثاني، وهو أنه تعالى إنما كفرهم لأنهم أثبتوا ذاتا موصوفة بصفات متباينة، ولما كفر النصارى لأجل أنهم أثبتوا صفات ثلاثة، فمن أثبت الذات مع الصفات الثمانية فقد أثبت تسعة أشياء وكان كفره أعظم من كفر النصارى بثلاث مرات. فهذا مجموع شبه المعتزلة في نفي مطلق الصفات ". وقد رد الرازي على شبه المعتزلة بعد ذلك، ورد على هذه الشبهة السادسة، ص [0 - 9] 65 فقال: " والجواب عن شبهتهم السادسة: أن الله تعالى إنما كفر النصارى لأنهم أثبتوا صفات ثلاثة هي في الحقيقة ذوات، ألا ترى أنهم جوزوا انتقال أقنوم الكلمة من ذات الله إلى بدن عيسى عليه السلام، والشيء الذي يكون مستقلا بالانتقال من ذات إلى ذات أخرى يكون مستقلا بنفسه قائما بذاته. فهم وإن سموها صفات إلا أنهم قائلون في الحقيقة بكونها ذواتا، ومن أثبت كثرة في الذوات المستقلة بأنفسها فلا شك في كفره. فلم قلتم: إن من أثبت الكثرة في الصفات لزمه الكفر؟ ! "
******************************
وهو اعتراض قديم من اعتراضات نفاة الصفات، حتى ذكره الإمام أحمد (1) [في " الرد على الجهمية " فقال (2) : " قالت الجهمية لما وصفنا الله بهذه الصفات (3) : (4 إن زعمتم أن الله لم يزل ونوره، والله وقدرته، والله وعظمته، فقد قلتم بقول النصارى 4) (4) حين زعمتم أن الله لم يزل ونوره ولم يزل وقدرته.
قلنا: لا نقول إن الله لم يزل وقدرته ولم يزل ونوره (5) ، ولكن نقول: لم يزل الله بقدرته ونوره، لا متى قدر، ولا كيف قدر.
فقالوا (6) : لا تكونون موحدين أبدا حتى تقولوا: كان الله ولا شيء.
فقلنا: نحن نقول قد كان ولا شيء. ولكن إذا قلنا: إن الله لم يزل بصفاته كلها، أليس إنما نصف إلها واحدا بجميع صفاته.
وضربنا لهم في ذلك مثلا، فقلنا: أخبرونا عن هذه النخلة: أليس لها
**_________
(1) بعد عبارة " الإمام أحمد " يوجد سقط طويل في (ن) ، (م) سأشير إلى نهايته بإذن الله.
(2) الكلام التالي في رسالة " الرد على الجهمية والزنادقة فيما شكوا فيه من متشابه القرآن وتأولوه على غير تأويله " للإمام أحمد بن حنبل، وقد نشرت عدة مرات وسنقابل النص التالي على نشرة الشيخ محمد حامد الفقي في مجموعة " شذرات البلاتين من طيبات كلمات سلفنا الصالحين "، القاهرة 1375/1956، ويوجد هذا النص في ص [0 - 9] 2 من هذه الرسالة وسنرمز لها بكلمة (الرد) . وقد سقط هذا الكلام بأكمله من (ن) إذ جاء فيها: ". . . حتى ذكره الإمام أحمد. الثاني: أن يقال: هذا القول. . إلخ ".
(3) الرد: فقال الجهمي لنا لما وصفنا الله عن الله هذه الصفات.
(4) : (4 - 4) ساقط من (ع) .
(5) ع: إن الله لم يزل ونوره ولم يزل وقدرته.
(6) ب (فقط) : فقال، وهو تحريف
******************************
جذع وكرب وليف وسعف وخوص وجمار (1) واسمها اسم واحد (2) وسميت نخلة بجميع صفاتها؟ فكذلك الله - وله المثل الأعلى (3) - بجميع صفاته إله واحد. لا نقول: إنه كان في وقت من الأوقات ولا يقدر حتى خلق قدرة (4) والذي ليس له قدرة هو عاجز. ولا نقول: قد كان في وقت من الأوقات ولا يعلم حتى خلق لنفسه علما (5) والذي لا يعلم هو جاهل. ولكن نقول: لم يزل الله عالما قادرا مالكا لا متى ولا كيف. وقد سمى الله رجلا كافرا اسمه الوليد بن المغيرة المخزومي فقال: {ذرني ومن خلقت وحيدا} (6) [سورة المدثر: 11] وقد كان هذا الذي سماه وحيدا له عينان وأذنان، ولسان وشفتان، ويدان ورجلان، وجوارح كثيرة فقد سماه الله وحيدا بجميع صفاته، فكذلك الله - وله المثل الأعلى - هو (7) بجميع صفاته إله واحد ".
وهذا الذي ذكره الإمام أحمد يتضمن أسرار هذه المسائل، وبيان
**_________
(1) في اللسان: " وكرب النخل: أصول السعف. وفي المحكم: الكرب: أصول السعف الغلاظ العراض التي تيبس فتصير مثل الكتف، واحدتها كربة ". وفيه: " والجمار معروف: شحم النخل، واحدته جمارة. وجمارة النخل: شحمته التي في قمة رأسه تقطع قمته ثم تكشط عن جمارة في جوفها بيضاء كأنها قطعة سنام ضخمة، وهي رخصة تؤكل بالعسل ".
(2) ع: واسمها واحد ; الرد: واسمها اسم شيء واحد.
(3) ع: فكذلك لله المثل الأعلى.
(4) ع: ولا يقدر حتى يخلق لنفسه قدرة ; الرد: ولا قدرة له حتى خلق قدرة ; ب: لا يقدر. . إلخ.
(5) الرد: ولا يعلم حتى خلق العلم.
(6) الرد: وجعلت له مالا ممدودا.
(7) ب، ا: وهو
****************************** ***
الفرق بين ما جاءت به الرسل من الإثبات الموافق لصريح العقل، وبين ما تقوله الجهمية، وبين أن صفاته داخلة في مسمى أسمائه] .
الثاني أن يقال: هذا القول المذكور ليس هو قول الأشعري ولا جمهور موافقيه، إنما هو قول مثبتي الحال [منهم] (1) الذين يقولون إن العالمية حال (2) معللة بالعلم، فيجعلون العلم يوجبه حال آخر (3) ليس هو العلم بل هو (4) كونه عالما. وهذا قول القاضي أبي بكر بن الطيب والقاضي أبي يعلى وأول قول أبي المعالي (5) .
وأما جمهور مثبتة الصفات فيقولون (6) : إن العلم هو كونه عالما، ويقولون: لا يكون عالما إلا بعلم ولا قادرا إلا بقدرة، أي يمتنع أن يكون عالما من لا علم له، وأن يكون قادرا من لا قدرة له، وأن يكون حيا من لا حياة له.
[وعندهم علمه هو كونه عالما، وقدرته هو كونه قادرا، وحياته هو كونه حيا، وهذا في الحقيقة قول أبي الحسين البصري وغيره من حذاق المعتزلة] (7) .
ولا ريب أن هذا معلوم ضرورة، فإن وجود اسم الفاعل بدون مسمى
**_________
(1) منهم: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) حال: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(3) ع، ن، م: يوجب حالا آخر.
(4) هو: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(5) انظر ما سبق أن أورده ابن تيمية عن الأحوال في هذا الجزء، ص [0 - 9] 24، 125، وانظر التعليقات في هاتين الصفحتين.
(6) ن: وأما قول جمهور مثبتة الصفات فيقول ; ع: وأما جمهور مثبتي الصفات فيقولون.
(7) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط
****************************** ***
المصدر ممتنع، وهذا كما لو قيل: مصل بلا صلاة، وصائم بلا صيام، وناطق بلا نطق.
فإذا قيل: لا يكون ناطق إلا بنطق (1) ، ولا مصل إلا بصلاة، لم يكن المراد أن هنا شيئين (2) : أحدهما الصلاة، والثاني حال معلل بالصلاة، بل المصلي لا بد أن يكون له صلاة.
وهم أنكروا قول نفاة الصفات الذين يقولون: هو حي لا حياة له، وعالم لا علم له، وقادر لا قدرة له.
فمن قال: هو حي عليم قدير بذاته، وأراد بذلك أن ذاته مستلزمة لحياته وعلمه وقدرته لا يحتاج في ذلك إلى غيره، فهذا قول مثبتة الصفات، (3 وإن أراد بذلك أن ذاته مجردة ليس لها حياة ولا علم ولا قدرة فهذا هو القول 3) (3) المنكر من (4) أقوال نفاة الصفات.
وهذا الكلام الذي قاله هذا قد (5) سبقه إليه المعتزلة، وهذا اللفظ وجدته في كلام أبي الحسين (6) البصري، ومع هذا من تدبر كلام أبي الحسين (7) وأمثاله وجده مضطرا إلى إثبات الصفات، وأنه لا يمكنه أن يفرق بين قوله وبين قول المثبتين بفرق محقق، فإنه يثبت كونه حيا وكونه عالما وكونه قادرا، ولا يجعل هذا هو هذا، ولا هذا هو هذا، ولا هذه الأمور
**_________
(1) ع، ن، ا: لا يكون ناطقا إلا بنطق، والصواب ما في (ب) .
(2) ع، م: شيئان، وهو خطأ.
(3) (3 - 3) ساقط من (ب) ، (أ) .
(4) ب (فقط) : المنكرين.
(5) عبارة " هذا قد " ساقطة من (ب) ، (أ) .
(6) ع، ن، م: أبي الحسن، وهو خطأ.
(7) ع، ن، م: أبي الحسن، وهو خطأ
******************************
هي الذات (1) ، فقد أثبت هذه المعاني الزائدة على الذات المجردة، وقد بسطنا هذا في غير هذا الموضع.
الوجه الثالث: أن يقال: أصل هذا القول هو قول مثبتة الصفات، وهذا لا تختص به الأشعرية، بل هو قول جميع طوائف المسلمين إلا الجهمية كالمعتزلة (2) ومن وافقهم من الشيعة، وقد قدمنا أن هذا القول هو قول قدماء الإمامية، فإن كان خطأ فأئمة الإمامية أخطأوا، وإن كان صوابا فمتأخروهم أخطأوا (3) .
الوجه الرابع: أن يقال: قول القائل: إنهم أثبتوا قدماء كثيرين، لفظ مجمل موهم [القول] أنهم (4) أثبتوا آلهة غير الله في القدم، أو أثبتوا (5) موجودات منفصلة قديمة مع الله، [أم أثبتوا (6) لله صفات الكمال القائمة به كالحياة والعلم والقدرة.
فإن قلت: أثبتوا آلهة غير الله، أو موجودات قديمة منفصلة عن الله،]
**_________
(1) ولا يجعل هذا. . هي الذات: كذا في (ن) ; وفي (ب) ، (أ) : ولا يجعل هذا. . . ولا هذه هي الذات ; وفي (ع) ، (م) : ولا يجعل هذا هو هذا، ولا هذه الأمور هي الذات.
(2) ن، م: الجهمية والمعتزلة.
(3) كتب مستجي زاده تعليقا على هذا الكلام ما يلي: " قلت: وهذا الكلام من المصنف إلزام حسن للروافض إذ قدماؤهم مثل هشام بن الحكم وغيره كانوا من الصفاتية، فلما مالت الروافض إلى مذهب المعتزلة في عهد الديالمة كانوا مثل المعتزلة في نفي الصفات وقالوا بمقالتهم ".
(4) ب، ا: يوهم أنهم.
(5) ب، ا، ن، م: وأثبتوا.
(6) ب، ا: وأثبتوا. وفي (ن) سقط الكلام من أول هذه الكلمة حتى قوله: كان هذا بهتانا. . . إلخ
***************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (150)
صـ 489 إلى صـ 495
كان هذا بهتانا عليهم. والمشنع وإن لم يقصد هذا لكن لفظه فيه إبهام وإيهام (1) .
وإن قلت: أثبتوا له صفات قائمة به (2) قديمة بقدمه، وهي صفات الكمال كالحياة والعلم والقدرة، فهذا هو الحق، وهل ينكر هذا إلا مخذول مسفسط؟ (3) فمن أنكر هذه الصفات، وقال هو حي بلا حياة، وعالم بلا علم، وقادر بلا قدرة (4) كان قوله ظاهر البطلان. وكذلك إن قال: علمه هو قدرته وقدرته علمه، وإن قال مع ذلك: إنه هو العلم والقدرة، فجعل الموصوف هو الصفة وهذه الصفة هي الأخرى، كما يوجد مثل ذلك (5) في أقوال نفاة الصفات من الفلاسفة والمعتزلة، فنفس تصور قولهم على الحقيقة يبين فساده، والكلام عليهم وعلى شبههم (6) مبسوط في غير هذا الموضع (7) .
[الوجه] الخامس (8) : قولك: جعلوا قدماء مع الله عز وجل، ليس بصواب، فإن هذه المعاني ليست خارجة عن مسمى اسم الله عند مثبتة الصفات، بل قد يقولون: هي زائدة على الذات، أي على الذات
**_________
(1) ب، ا: فيه إيهام.
(2) به: ساقطة من (أ) ، (ع) .
(3) ب، ا: مسقط، وهو تحريف، وفي (ن) : متسفسط. وسقطت الكلمة من (م) .
(4) ع: أو قال: هو حي. . أو عالم. . إلخ.
(5) ب، ا: فكل ما يوجد مثل ذلك ; ن، م: فكما يوجد مثل ذلك ; ع: يوجد ذلك.
(6) ب، شبهتهم.
(7) م، ن: في موضعه.
(8) ب، ا: الخامس والسادس ; ن، م: السادس، وهو خطأ
****************************** ******
(* المجردة عن الصفات [التي يثبتها النفاة] (1) ، لا على الذات المتصفة بالصفات. واسم الله [سبحانه] (2) يتناول الذات *) (3) المتصفة بالصفات، ليس هو اسما للذات المجردة حتى يقولوا: نحن نثبت قدماء مع الله [تعالى] (4) . وكيف وهم لا يجوزون أن يقال: إن الصفة غير الموصوف، فكيف يقولون: هي مع الله؟ !
[بل طائفة من المثبتة كابن كلاب لا تقول (5) عن (6) الصفات وحدها إنها قديمة حتى لا تقول بتعدد القدماء لما منعت النفاة هذا الإطلاق، بل تقول (7) : الله بصفاته قديم] (8) .
[الوجه] السادس (9) : قولك: " فجعلوه مفتقرا في كونه عالما إلى ثبوت معنى هو العلم ".
[فيقال: أولا: هذا إنما يقال على قول مثبتة (10) الحال، وأما قول الجمهور فعندهم كونه عالما هو العلم. وبتقدير أن يقال: كونه عالما مفتقرا إلى العلم الذي هو لازم لذاته ليس في هذا إثبات فقر له (11) إلى غير
**_________
(1) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
(2) سبحانه: ليست في (ن) .
(3) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
(4) تعالى: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) تقول: في (ب) فقط، وهو الموافق لسياق الكلام، وفي (ع) ، (أ) : يقول. وسقط هذا الكلام من (ن) ، (م) .
(6) ب، ا: في.
(7) ع، ا: يقول.
(8) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(9) ب، ا، ن، م: السابع، وهو خطأ.
(10) ن، م:. . العلم. هذا قول مثبتة. .
(11) له: ساقطة من (ع)
*****************************
ذاته فإن ذاته مستلزمة للعلم، والعلم مستلزم لكونه عالما، فذاته (1) هي الموجبة لهذا ولهذا، [فإذا (2) قدر أنها أوجبت الاثنين كان أعظم من أن توجب أحدهما] (3) إذا لم يكن أحدهما نقصا. ومعلوم أن العلم كمال، وكونه عالما كمال، فإذا أوجبت ذاته هذا وهذا، كان كما لو أوجبت الحياة والقدرة.
السابع (4) : قوله: " جعلوه مفتقرا في كونه عالما إلى ثبوت معنى هو العلم "، عبارة ملبسة. فإن لفظ (5) " الافتقار " يشعر بأنه محتاج إلى من يجعله عالما يفيده العلم وهذا باطل، وإنما ثبوت هذا بطريق اللزوم لذاته، فذاته موجبة لعلمه ولكونه عالما، [ومعنى كونها موجبة لذلك أي مستلزمة له، بمعنى أنه لا تكون ذاته إلا عالمة، لا بمعنى أنها أبدعت العلم أو فعلته] (6) ، ومن أثبت المعنيين قال: لا يكون عالما حتى يكون له علم، وهو عالم قطعا فله علم، فهو يجعل ذلك من باب الاستدلال، ويستدل بكونه عالما على العلم، ويقول: إن ذاته أوجبت ذلك - لا أنه هنا شيء غير ذاته - جعلته عالما أو جعلت له علما، ولو قدر أنها أوجبته بواسطة فموجب الموجب موجب، كما أنها أوجبت كونه حيا وكونه عالما، والعلم مشروط بالحياة، فلا (7) يقال: إنه يفتقر في كونه عالما إلى غيره،
**_________
(1) ن، م: عالما بذاته، وهو تحريف.
(2) ب، ا: وإذا.
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(4) ب، ا، ن، م: الثامن، وهو خطأ.
(5) ب: فصل ; أ: فضل، وهو تحريف
(6) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
(7) ب، ا: ولا
****************************** *
فإن هذه الأمور المشروط بعضها ببعض كلها من لوازم ذاته، لا يفتقر ثبوتها إلى غيره.
[الوجه] الثامن (1) : قوله: ولم يجعلوه قادرا لذاته (2 ولا عالما لذاته 2) (2) بل لمعان قديمة، إن أراد بذلك أنهم [لا] (3) يجعلون ذاته علما وقدرة أو لا (4) يجعلونها عالمة قادرة (5) وليس لها علم ولا قدرة فهذا صحيح، وهو عين الحق، وإن أراد أنهم لا يجعلون ذاته [مستلزمة لكونه عالما قادرا ولا] (6) هي الموجبة لكونه عالما قادرا فهذا كذب عليهم، بل ذاته هي الموجبة لذلك، كما أنها هي الموجبة لكونه عالما، مع كونها موجبة لكونه (7) حيا: ولا يكون عالما حتى يكون حيا وكذلك يقول هؤلاء: لا يكون عالما حتى يكون له علم.
التاسع (8) : قوله: لم يجعلوه عالما لذاته [ولا] (9) قادرا لذاته: إن أراد أنهم لم يجعلوه (10) عالما قادرا لذات مجردة [عن العلم والقدرة - كما يقول نفاة الصفات: إنه ذات مجردة] (11) عن الصفات - فهذا صحيح [وهو عين
**_________
(1) ب، ا، ن، م: التاسع، وهو خطأ.
(2) : (2 - 2) ساقط من (ب) فقط.
(3) لا: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) ب، ا: ولا.
(5) ب: ولا يجعلونها عالمة وقادرة ; أ: ولا يجعلونها قدرة، وهو تحريف
(6) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
(7) ب، ا، ن، م: كونه.
(8) ب، ا، ن، م: العاشر، وهو خطأ.
(9) ولا: ساقطة من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
(10) ع (فقط) : لا يجعلوه، وهو خطأ.
(11) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م)
****************************** *************
الحق] (1) لأن الذات المجردة عن العلم والقدرة لا حقيقة لها في الخارج، ولا هي الله (2) ، ولا تستحق العبادة، وإن أراد أنهم لم يجعلوه عالما قادرا لذاته المستلزمة للعلم والقدرة فهذا غلط عليهم، بل نفس ذاته الموجبة لعلمه وقدرته هي التي أوجبت كونه عالما قادرا، وأوجبت علمه وقدرته، وجعلت العلم والقدرة توجب كونه عالما قادرا، فإن كل هذه الأمور متلازمة، وذاته المتصفة بهذه الصفات هي الموجبة لهذا كله، لا تفتقر (3) في ذلك إلى شيء مباين لها.
العاشر (4) : قوله: " المعاني القديمة يفتقر في هذه الصفات إليها "، ليس هو قولهم، فإن المعاني القديمة (5) هي الصفات عندهم، وأما الخبر عن ذلك فيقولون: هو الوصف، ولا ريب أنه لا يمكن وصف الموصوف بأنه عالم إلا أن يكون له علم، ولكن هو سبحانه الموجب لتلك المعاني القديمة القائمة به، فإذا كان لا يوصف بالعلم والقدرة والحياة إلا بها وهو الموجب (* لها لم يكن مفتقرا إلى غيره، كما أنه إذا لم يوصف بالعلم إلا إذا كان موصوفا بالحياة، وهو الموجب *) (6) للحياة، لم يكن مفتقرا إلى غيره، ولو قال: لمعان (7) قديمة (7 تستلزم هذه الصفات ثبوتها، وذاته 7) (8)
**_________
(1) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
(2) ن، م: ولا هو لازمة.
(3) ب، ا: كما لا تفتقر.
(4) ب، ا: الحادي عشر، وهو خطأ ; وسقطت من (ن) ، (م) .
(5) أ: القائمة به ; ع: القائمة.
(6) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
(7) ب، ا، ن: بمعان.
(8) : (7 - 7) ساقط من (ب) ، (أ)
****************************** ******
مستلزمة لهذه وهذه، وتلك المعاني مستلزمة لثبوت هذه الصفات كان كلاما صحيحا، فالتلازم حاصل من الجهات الثلاث.
الحادي عشر (1) : قوله: " فجعلوه محتاجا ناقصا في ذاته كاملا بغيره " كلام باطل، فإنه هو الذات الموصوفة بهذه الصفات، فليس هنا شيء يمكن تقدير حاجته إلى هذه الصفات (2 إلا الذات المجردة، وتلك لا وجود لها في الخارج، فليس في الخارج ذات مجردة عن هذه الصفات 2) (2) [حتى توصف بحاجة أو غنى، وذات الله مستلزمة لهذه الصفات] (3) ، والصفات الملزومة (4) لذات الموصوف التي لا يكون إلا بها ليس له تحقق دونها حتى يقال: إنه (5) محتاج ناقص، بل حقيقة الأمر أن الذات المجردة عن صفات الكمال (6 ناقصة بدونها محتاجة إلى صفات الكمال، فهذا حق 6) (6) ، لكن تلك الذات المجردة ليست هي الله، بل لا حقيقة لها في الخارج. وأيضا فهم لا يطلقون على الصفات لفظ الغير.
الثاني عشر (7) : إن قول القائل: " إن النصارى كفروا بأن قالوا: القدماء ثلاثة والأشاعرة أثبتوا قدماء تسعة " كلام باطل، فإن (8) الله لم يكفر النصارى بقولهم: القدماء ثلاثة، بل قال تعالى:
**_________
(1) ب، ا: الثاني عشر، وهو خطأ.
(2) : (2 - 2) ساقط من (ب) ، (أ) .
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(4) ن، م: اللازمة.
(5) ب، ا: حتى يقال له إنه.
(6) : (6 - 6) ساقط من (ب) ، (أ) .
(7) ب، ا: الثالث عشر، وهو خطأ.
(8) ع: لأن
*************************
{لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم - أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم - ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام} [سورة المائدة: 73 - 75] ، فقد بين سبحانه أنهم كفروا بقولهم: {إن الله ثالث ثلاثة} (1) ، لقوله: بعد ذلك: {وما من إله إلا إله واحد} ولم يقل: ما من قديم إلا قديم واحد، ثم أتبع ذلك بذكر حال المسيح وأمه لأنهما (2) هما الآخران اللذان (3) اتخذوهما إلهين، كما بين (4) ذلك في الآية (5) الأخرى بقوله: {وإذ قال الله ياعيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله} [سورة المائدة: 116] ، فهذه الآية موافقة لسياق تلك الآية، وفي ذلك بيان أن الذين قالوا: إن الله ثالث ثلاثة قالوا: إنه ثالث ثلاثة آلهة: هو، والمسيح، وأم المسيح، وليس في القرآن ذكر قدماء ثلاثة ولا صفات ثلاثة، بل ليس في الكتاب ولا في السنة ذكر القديم في أسماء الله تعالى، وإن كان [المعنى] (6) صحيحا، لكن المقصود [هنا] (7) بيان [أن] ما ذكروه لم يكفر [الله تعالى] النصارى [به] (8) .
**_________
(1) ب، ا، ن، م: إنه ثالث ثلاثة آلهة.
(2) هما: ساقطة من (ع) .
(3) ع، ا، ن، م: اللذين، وهو خطأ.
(4) ب، ا: وبين.
(5) ن، م: في السورة، وهو خطأ.
(6) المعنى: ساقطة من (ن) .
(7) هنا: في (ع) فقط.
(8) ن: بيان ما ذكروه لم يكفروا النصارى ; م: بيان أن ما ذكروه لم يكفر به النصارى
****************************** *
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (151)
صـ 496 إلى صـ 502
الثَّالِثَ عَشَرَ (1) : أَنَّهُ هَبْ (2) أَنَّ النَّصَارَى كَفَرُوا بِقَوْلِهِمْ: إِنَّهُ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ قُدَمَاءَ، فَالصِّفَاتِيَّ ةِ لَا تَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ (3) تَاسِعُ تِسْعَةِ قُدَمَاءَ، بَلِ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَهُمْ يَتَضَمَّنُ صِفَاتِهِ، فَلَيْسَتْ (4) صِفَاتُهُ خَارِجَةً عَنْ مُسَمَّى اسْمِهِ، بَلْ إِذَا قَالَ الْقَائِلُ: آمَنْتُ بِاللَّهِ أَوْ دَعَوْتُ اللَّهَ كَانَتْ صِفَاتُهُ دَاخِلَةً فِي مُسَمَّى اسْمِهِ، وَهُمْ لَا يُطْلِقُونَ عَلَيْهَا أَنَّهَا غَيْرُ اللَّهِ، فَكَيْفَ [يَقُولُونَ: إِنَّ] (5) اللَّهَ تَاسِعُ تِسْعَةٍ أَوْ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ؟ ! وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ أَشْرَكَ» " (6) ، [وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ الْحَلِفُ بِعِزَّةِ اللَّهِ (7) ] وَلَعَمْرُ اللَّهِ (8) ، فَعَلِمَ أَنَّ الْحَلِفَ بِذَلِكَ لَيْسَ حَلِفًا بِمَا يُقَالُ إِنَّهُ غَيْرُ اللَّهِ.
**_________
(1) ب، ا: الرَّابِعَ عَشَرَ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(2) ع: ذَهَبَ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(3) ب، ا: إِنَّهُ.
(4) ع: وَلَيْسَتْ.
(5) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَي ْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) . وَسَقَطَتْ " إِنَّ " مِنْ (ع) .
(6) فِي الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 1/298 (رَقْمُ 329) عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: لَا وَأَبِي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " مَهْ، إِنَّهُ مَنْ حَلَفَ بِشَيْءٍ دُونَ اللَّهِ فَقَدْ أَشْرَكَ " قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَد شَاكِر رَحِمَهُ اللَّهُ: رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيّ ُ وَالْحَاكِمُ وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ وَنَسَبُهُ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ لِابْنِ حِبَّانَ. وَجَاءَ الْحَدِيثُ بِمَعْنَاهُ فِي مُسْنَدِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: الْأَرْقَامُ: 4904، 5222، 5256، 5346، 5375، 5593، 6072. وَجَاءَ الْحَدِيثُ بِالنَّصِّ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ هُنَا فِي: سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 3/303 (كِتَابُ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ، بَابٌ فِي كَرَاهِيَةِ الْحَلِفِ بِالْآبَاءِ) ; سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 3/45 - 46 (كِتَابُ النُّذُورِ وَالْأَيْمَانِ، بَابٌ فِي كَرَاهِيَةِ الْحَلِفِ بِغَيْرِ اللَّهِ) وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: " هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ " ; الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) رَقْمُ 6073.
(7) أَوْرَدَ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَدَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ أَحَادِيثَ جَاءَ فِيهَا الْحَلِفُ بِعِزَّةِ اللَّهِ 8/134 - 135 (كِتَابُ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ، بَابُ الْحَلِفِ بِعِزَّةِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ وَكَلِمَاتِهِ) .
(8) ب: وَبِعَمْرِ اللَّهِ ; وَنَعَمْ وَاللَّهِ. وَفِي نَفْسِ الْكِتَابِ السَّابِقِ فِي الْبُخَارِيِّ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ 8/135 (بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ لَعَمْرُ اللَّهِ) حَدِيثٌ قَالَ فِيهِ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: " لَعَمْرُ اللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ ". وَأَوْرَدَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مَسْنَدِهِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 4/13 - 14 عَنْ أَبِي رَزِينٍ لَقِيطِ بْنِ عَامِرٍ الْمُنْتَفِقِ الْعُقَيْلِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَدِيثًا مُطَوَّلًا عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَلَفَ فِيهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ فَقَالَ: " لَعَمْرُ إِلَهِكَ " " وَلَعَمْرُ اللَّهِ "
=========================
الرَّابِعَ عَشَرَ (1) : إِنَّ (2) حَصْرَ الصِّفَاتِ فِي ثَمَانِيَةٍ، وَإِنْ كَانَ يَقُولُهُ (3) : بَعْضُ الْمُثْبِتِينَ [مِنَ الْأَشْعَرِيَّة ِ وَنَحْوِهِمْ، فَالصَّوَابُ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْمُثْبِتَةِ] (4) وَأَئِمَّةِ الْأَشْعَرِيَّة ِ أَنَّ الصِّفَاتِ لَا تَنْحَصِرُ فِي ثَمَانِيَةٍ، بَلْ وَلَا يَحْصُرُهَا الْعِبَادُ فِي عَدَدٍ، وَحِينَئِذٍ فَنَقْلُ النَّاقِلِ عَنْهُمْ: أَنَّهُ تَاسِعُ تِسْعَةٍ بَاطِلٌ، لَوْ كَانَ هَذَا مِمَّا يُقَالُ.
الْخَامِسَ عَشَرَ (5) : أَنَّ النَّصَارَى أَثْبَتُوا أَقَانِيمَ وَقَالُوا: إِنَّهَا ثَلَاثَةُ (6) جَوَاهِرَ يَجْمَعُهَا جَوْهَرٌ وَاحِدٌ، وَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ إِلَهٌ (7) يَخْلُقُ وَيَرْزُقُ، وَالْمُتَّحِدُ بِالْمَسِيحِ هُوَ أُقْنُومُ الْكَلِمَةِ وَالْعِلْمِ وَهُوَ الِابْنُ. وَهَذَا الْقَوْلُ مُتَنَاقِضٌ فِي نَفْسِهِ، فَإِنَّ الْمُتَّحِدَ إِنْ كَانَ صِفَةً فَالصِّفَةُ لَا تَخْلُقُ وَلَا تَرْزُقُ، وَهِيَ أَيْضًا لَا تُفَارِقُ الْمَوْصُوفَ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمَوْصُوفُ فَهُوَ الْجَوْهَرُ الْوَاحِدُ وَهُوَ الْأَبُ (8) فَيَكُونُ الْمَسِيحُ هُوَ الْأَبُ، وَلَيْسَ هَذَا قَوْلَهُمْ،
**_________
(1) ب، ا: الْخَامِسَ عَشَرَ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(2) ب، ا: إِنَّهُ.
(3) ب، ا: يَقُولُ بِهِ.
(4) ع: جَمَاهِيرِ الْمُثْبِتِينَ. وَسَقَطَ مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَي ْنِ مِنْ (ن) ، (م) .
(5) ب، ا: السَّادِسَ عَشَرَ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(6) ب، ا: أَثْبَتُوا ثَلَاثَةَ أَقَانِيمَ قَالُوا إِنَّهَا ثَلَاثَةٌ.
(7) ب: وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا لَهُ ; أ: وَإِنْ كَانَ وَاحِدٌ إِلَهٌ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(8) أ: فَهُوَ جَوْهَرُ الْوَاحِدِ وَهُوَ الْأَبُ ; ن، م: وَهُوَ الْجَوْهَرُ الْوَاحِدُ وَهُوَ الْأَبُ ; ع: فَهُوَ الْجَوْهَرُ وَهُوَ الِابْنُ
===========================
فَأَيْنَ (1) هَذَا مِمَّنْ يَقُولُ: الْإِلَهُ (2) وَاحِدٌ وَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى الدَّالَّةُ عَلَى صِفَاتِهِ الْعُلَى (3) وَلَا يَخْلُقُ غَيْرُهُ وَلَا يُعْبَدُ سِوَاهُ؟ ! فَبَيْنَ الْمَذْهَبَيْنِ مِنَ الْفَرْقِ أَعْظَمُ مِمَّا بَيْنَ (4) الْقَدَمِ وَالْفَرْقِ.
وَمِمَّا افْتَرَتْهُ الْجَهْمِيَّةُ عَلَى الْمُثْبِتَةِ أَنَّ ابْنَ كُلَّابٍ لَمَّا كَانَ مِنَ الْمُثْبِتِينَ لِلصِّفَاتِ وَصَنَّفَ الْكُتُبَ فِي الرَّدِّ عَلَى النُّفَاةِ وَضَعُوا عَلَى أُخْتِهِ حِكَايَةً أَنَّهَا كَانَتْ (5) نَصْرَانِيَّةً وَأَنَّهُ لَمَّا أَسْلَمَ هَجَرَتْهُ، فَقَالَ لَهَا: يَا أُخْتِي إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُفْسِدَ دِينَ الْمُسْلِمِينَ، فَرَضِيَتْ عَنْهُ لِذَلِكَ (6) .
وَمَقْصُودُ الْمُفْتَرِي بِهَذِهِ (7) الْحِكَايَةِ أَنْ يَجْعَلَ قَوْلَهُ بِإِثْبَاتِ الصِّفَاتِ هُوَ قَوْلُ النَّصَارَى، وَأَخَذَ هَذِهِ الْحِكَايَةَ [بَعْضُ السَّالِمِيَّةِ وَ] (8) بَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالسُّنَّةِ يَذُمُّ بِهَا ابْنَ كُلَّابٍ لِمَا أَحْدَثَهُ (9) مِنَ الْقَوْلِ فِي مَسْأَلَةِ الْقُرْآنِ، وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الَّذِينَ عَابُوهُ بِهَا (10) هُمْ أَبْعَدُ عَنِ الْحَقِّ فِي مَسْأَلَةِ الْقُرْآنِ وَغَيْرِهَا مِنْهُ، وَأَنَّهُمْ عَابُوهُ بِمَا تَمْدَحُ أَنْتَ قَائِلَهُ (11) . وَعَيْبُ ابْنِ
**_________
(1) ب، ا: أَيْنَ.
(2) ع: إِلَهٌ.
(3) ع: وَلَهُ الْأَسْمَاءُ الدَّالَّةُ عَلَى صِفَاتِهِ الْعُلْيَا.
(4) ن، م: مِنَ الْفَرْقِ كَمَا بَيْنَ.
(5) كَانَتْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) ، (أ) .
(6) ب، ا، ن، م: بِذَلِكَ. وَكَتَبَ مُسْتَجِي زَادَهْ فِي هَامِشِ (ع) مَا يَلِي: " وَكَانَ ابْنُ كُلَّابٍ مِنَ الْقُدَمَاءِ حَتَّى أَنَّ الْإِمَامَ أَبَا الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيَّ لَمَّا رَجَعَ عَنِ الِاعْتِزَالِ اتَّبَعَهُ وَحَذَا حَذْوَهُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْمَقَالَاتِ، وَمِنْ جُمْلَتِهَا إِثْبَاتُ الصِّفَاتِ الزَّائِدَةِ عَلَى الذَّاتِ، وَمِنْ جُمْلَتِهَا نَفْيُ الْعِلَلِ وَالْأَغْرَاضِ فِي أَفْعَالِ اللَّهِ، وَمِنْ جُمْلَتِهَا الْقَوْلُ بِقِدَمِ الْكَلَامِ النَّفْسِيِّ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَقَالَاتِ
(7) ع: لِهَذِهِ.
(8) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَي ْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(9) ب، ا: أَحْدَثَ.
(10) ب، ا، ن، م: أَنَّ الَّذِي عَابَهُ بِهَا.
(11) ن، م: فِيمَا يَقْدَحُ فِيمَا أَنْتَ قَائِلُهُ
============================
كُلَّابٍ عِنْدَكَ كَوْنُهُ لَمْ يُكْمِلِ الْقَوْلَ بِهِ (1) ، بَلْ بَقِيَتْ عَلَيْهِ [بَقِيَّةٌ] (2) مِنْ كَلَامِهِمْ.
وَهَذَا نَظِيرُ مَا عَمِلَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي مَسْأَلَةِ الْقُرْآنِ، فَإِنَّهُ أَخَذَ كَلَامَ الْمُعْتَزِلَةِ الَّذِي طَعَنُوا بِهِ عَلَى الْأَشْعَرِيَّة ِ فِي كَوْنِهِمْ يَقُولُونَ: هَذَا الْقُرْآنُ لَيْسَ كَلَامَ اللَّهِ بَلْ عِبَارَةٌ عَنْهُ، فَطَعَنَ بِهِ هُوَ (3) عَلَى الْأَشْعَرِيَّة ِ. [وَمَقْصُودُ الْمُعْتَزِلَةِ بِذَلِكَ إِثْبَاتُ أَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ، وَالْأَشْعَرِيّ َةُ] (4) خَيْرٌ مِنْهُمْ (5) فِي نَفْيِ الْخَلْقِ عَنِ الْقُرْآنِ، وَلَكِنَّ عَيْبَهُمْ [فِي] تَقْصِيرِهِمْ فِي إِكْمَالِ السُّنَّةِ (6) .
[وَكَذَلِكَ بَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ السَّالِمِيَّةِ الْمُصَنِّفِينَ فِي مَثَالِبِ ابْنِ كُلَّابٍ وَالْأَشْعَرِيّ ِ وَابْنِ كَرَّامٍ ذَكَرُوا حِكَايَاتٍ بَعْضُهَا كَذِبٌ قَطْعًا، وَهِيَ مِمَّا وَضَعَتْهُ الْمُعْتَزِلَةُ أَعْدَاءُ هَؤُلَاءِ عَلَيْهِمْ، لِكَوْنِهِمْ يُثْبِتُونَ الصِّفَاتِ وَالْقَدَرَ، فَجَاءَ هَؤُلَاءِ فَذَكَرُوا تِلْكَ الْحِكَايَاتِ، وَمَقْصُودُهُمُ التَّنْفِيرُ عَمَّا اعْتَقَدُوا فِي أَقْوَالِهِمْ مِنَ الْخَطَاءِ، وَتِلْكَ الْحِكَايَاتُ وَضَعَهَا مَنْ هُوَ أَبْعَدُ عَنِ السُّنَّةِ مِنْهُمْ. وَكَذَلِكَ السَّالِمِيَّةُ أَتْبَاعُ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ سَالِمٍ هُمْ فِي غَالِبِ أُصُولِهِمْ عَلَى قَوْلِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، لَكِنْ لَمَّا وَقَعَ فِي بَعْضِ أَقْوَالِهِمْ مِنَ الْخَطَاءِ زَادَ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ مَنْ صَنَّفَ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ، حَتَّى رَدَّ عَلَيْهِمْ قِطْعَةً مِمَّا قَالُوهُ مِنَ الْحَقِّ] (7) .
**_________
(1) بِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) فَقَطْ.
(2) بَقِيَّةٌ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(3) ع، ن، م: فَطَعَنَ هُوَ بِهِ.
(4) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَي ْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
(5) ب، ا: مِنْهُ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(6) ب، ا: وَلَكِنَّ عَيْبَهُمْ تَقْصِيرُهُمْ فِي كَمَالِ السُّنَّةِ ; ن: وَلَكِنَّ عَيْبَهُمْ تَقْصِيرٌ فِي إِكْمَالِ السُّنَّةِ ; م: وَلَكِنَّ عَيْبَهُمْ تَقْصِيرُهُمْ فِي إِكْمَالِ السُّنَّةِ.
(7) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَي ْنِ فِي (ع) فَقَطْ
=========================
**[عرض ابن المطهر لمقالة الحشوية والمشبهة ورد ابن تيمية من وجوه]
(فَصْلٌ) (1) قَالَ الرَّافِضِيُّ الْمُصَنِّفُ (2) : وَقَالَتْ جَمَاعَةُ (3) الْحَشْوِيَّةِ [وَالْمُشَبِّهَة ِ] (4) : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جِسْمٌ لَهُ طُولٌ وَعَرْضٌ وَعُمْقٌ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ عَلَيْهِ (5) الْمُصَافَحَةُ، وَأَنَّ الصَّالِحِينَ (6) مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُعَانِقُونَهُ (7) فِي الدُّنْيَا، وَحَكَى الْكَعْبِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ كَانَ يُجَوِّزُ رُؤْيَتَهُ فِي الدُّنْيَا وَأَنَّهُ يَزُورُهُمْ وَيَزُورُونَهُ، وَحُكِيَ عَنْ دَاوُدَ الطَّائِيِّ (8) أَنَّهُ قَالَ: أَعْفُونِي عَنِ الْفَرْجِ وَاللِّحْيَةِ، وَاسْأَلُونِي عَمَّا وَرَاءَ ذَلِكَ، وَقَالَ: إِنَّ مَعْبُودِي (9) جِسْمٌ وَلَحْمٌ وَدَمٌ، وَلَهُ جَوَارِحُ وَأَعْضَاءٌ كَيَدٍ (10) وَرِجْلٍ وَلِسَانٍ وَعَيْنَيْنِ وَأُذُنَيْنِ (11) ، وَحُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ (12) : هُوَ أَجْوَفُ مِنْ أَعْلَاهُ إِلَى صَدْرِهِ، مُصْمَتٌ مَا
**_________
(1) ع (فَقَطْ) : الْفَصْلُ الثَّانِي.
(2) ع: قَالَ الرَّافِضِيُّ. وَالْكَلَامُ التَّالِي وَرَدَ فِي (ك) 1/84 (م) .
(3) جَمَاعَةُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ع) .
(4) وَالْمُشَبِّهَة ِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(5) عَلَيْهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ك) .
(6) ع: الْمُصْلِحِينَ ; ك: الْمُخْلِصِينَ.
(7) يُعَانِقُونَهُ: كَذَا فِي (ك) ، (ب) . وَفِي (ع) ، (ن) ، (م) : يُعَايِنُونَهُ. وَفِي (أ) : يُعَايِنُوهُ
(8) ب، ك: دَاوُدَ الظَّاهِرِيِّ. وَالْمُثْبَتُ عَنْ (ع) ، (ن) ، (م) ، (أ) . وَسَيَتَكَلَّمُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ عَنْ ذَلِكَ فِيمَا بَعْدُ 1/259 (ب) .
(9) ك: مَعْبُودَهُ.
(10) ب، ا: وَكَبِدٍ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(11) ب (فَقَطْ) : وَعَيْنَانِ وَأُذُنَانِ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(12) ك، ن: وَحُكِيَ أَنَّهُ قَالَ
=============================
سِوَى ذَلِكَ، وَلَهُ شَعْرُ قِطَطٍ، حَتَّى قَالُوا: اشْتَكَتْ (1) عَيْنَاهُ فَعَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ، وَبَكَى (2) عَلَى طُوفَانِ نُوحٍ حَتَّى رَمَدَتْ عَيْنَاهُ، وَأَنَّهُ يَفْضُلُ مِنَ الْعَرْشِ (3) مِنْ كُلِّ جَانِبٍ أَرْبَعَ أَصَابِعَ ".
فَيُقَالُ: الْكَلَامُ عَلَى هَذَا مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنْ يُقَالَ: هَذَا اللَّفْظُ بِعَيْنِهِ أَنَّ: اللَّهَ جِسْمٌ لَهُ طُولٌ وَعَرْضٌ وَعُمْقٌ أَوَّلُ مَنْ عُرِفَ أَنَّهُ قَالَهُ فِي الْإِسْلَامِ شُيُوخُ الْإِمَامِيَّةِ كَهِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ وَهِشَامِ بْنِ سَالِمٍ كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ (4) ، وَهَذَا مِمَّا اتَّفَقَ عَلَيْهِ نَقْلُ النَّاقِلِينَ لِلْمَقَالَاتِ (5) فِي الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ مِنْ جَمِيعِ الطَّوَائِفِ مِثْلِ أَبِي عِيسَى الْوَرَّاقِ (6)
**_________
(1) ع: اشْتَكَى.
(2) ع: فَبَكَى.
(3) ع: يَفْضُلُ عَنِ الْعَرْشِ ; ب، ا: يَفْضُلُ الْعَرْشُ عَنْهُ ; ن، م: يَفْصِلُ الْعَرْشَ عَنْهُ. وَالْمُثْبَتُ عَنْ (ك) .
(4) انْظُرْ مَا سَبَقَ 104، 219 - 222.
(5) لِلْمَقَالَاتِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(6) أَبُو عِيسَى مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ الْوَرَّاقُ، كَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُعْتَزِلَةِ ثُمَّ أَصْبَحَ رَافِضِيًّا، وَكَانَ يُبْطِنُ الزَّنْدَقَةَ وَالْقَوْلَ بِالتَّثْنِيَةِ ، وَقَالَ الْخَيَّاطُ إِنَّهُ كَانَ أُسْتَاذَ ابْنِ الرَّوَانْدِيِّ فِي ذَلِكَ، وَتُوُفِّيَ أَبُو عِيسَى الْوَرَّاقُ بِبَغْدَادَ سَنَةَ 247. وَذَكَرَ الْعَامِلِيُّ فِي " أَعْيَانِ الشِّيعَةِ " مُصَنَّفَاتَهُ وَمِنْهَا: " كِتَابُ اخْتِلَافِ الشِّيعَةِ وَالْمَقَالَاتِ " ثُمَّ قَالَ: " وَكِتَابُ الْمَقَالَاتِ هُوَ أَشْهَرُ كُتُبِ الْوَرَّاقِ يَذْكُرُ فِيهِ تَارِيخَ الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ وَشَرْحِ آرَاءِ وَعَقَائِدِ الْفِرَقِ الْمُخْتَلِفَةِ ، وَهُوَ مِنْ أَشْهَرِ الْكُتُبِ الْقَدِيمَةِ وَأَكْثَرِهَا اعْتِبَارًا فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ، يَنْقُلُ عَنْهُ الْمَسْعُودِيُّ وَأَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ وَأَبُو الرَّيْحَانِ الْبَيْرُونِيُّ وَالشَّهْرَسْتَ انِيُّ وَعَبْدُ الْقَاهِرِ الْبَغْدَادِيُّ وَابْنُ أَبِي الْحَدِيدِ ". وَانْظُرْ تَرْجَمَةَ الْوَرَّاقِ وَمَا ذُكِرَ عَنْهُ فِي: لِسَانِ الْمِيزَانِ 5/204 ; أَعْيَانِ الشِّيعَةِ 47/105 - 107 ; الرِّجَالِ لِلنَّجَاشِيِّ، ص [0 - 9] 08 ; الِانْتِصَارِ لِلْخَيَّاطِ، ص [0 - 9] 3، 108، 110، 111 ; الْفِهْرِسْتِ لِابْنِ النَّدِيمِ، ص [0 - 9] 73 ; مُرُوجِ الذَّهَبِ 4/104 - 105 ; الْفِهْرِسْتِ لِلطُّوسِيِّ، ص [0 - 9] 1 ; مَعَالِمِ الْعُلَمَاءِ لِابْنِ شَهْرَاشوب، ص [0 - 9] 37 ; الْأَعْلَامِ 7/351
===========================
وَزَرْقَانَ (1) ، وَابْنِ النُّوبَخْتِيِّ (2) ، (3) . وَأَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ وَابْنِ حَزْمٍ (4) وَالشَّهْرَسْتَ انِيِّ (5) وَغَيْرِ هَؤُلَاءِ، وَنَقْلُ ذَلِكَ عَنْهُمْ مَوْجُودٌ فِي كُتُبِ الْمُعْتَزِلَةِ وَالشِّيعَةِ وَالْكَرَّامِيّ َةِ وَالْأَشْعَرِيّ َةِ وَأَهْلِ الْحَدِيثِ وَسَائِرِ الطَّوَائِفِ. وَقَالُوا: أَوَّلُ مَنْ قَالَ إِنَّ اللَّهَ جِسْمٌ هِشَامُ بْنُ الْحَكَمِ.
وَنَقَلَ النَّاسُ عَنِ الرَّافِضَةِ هَذِهِ الْمَقَالَاتِ وَمَا هُوَ أَقْبَحُ مِنْهَا، فَنَقَلُوا مَا ذَكَرَهُ الْأَشْعَرِيُّ وَغَيْرُهُ فِي كُتُبِ الْمَقَالَاتِ عَنْ بَيَانِ بْنِ سَمْعَانَ التَّمِيمِيِّ الَّذِي تَنْتَسِبُ (6) إِلَيْهِ الْبَيَانِيَّةُ مِنْ غَالِيَةِ الشِّيعَةِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ عَلَى صُورَةِ الْإِنْسَانِ وَإِنَّهُ يَهْلِكُ كُلُّهُ إِلَّا وَجْهَهُ، وَادَّعَى بَيَانٌ أَنَّهُ يَدْعُو الزُّهَرَةَ فَتُجِيبُهُ، وَأَنَّهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ بِالِاسْمِ الْأَعْظَمِ، فَقَتَلَهُ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
**_________
(1) ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُرْتَضَى فِي " الْمُنْيَةِ وَالْأَمَلِ " فِي الطَّبَقَةِ السَّابِعَةِ ضِمْنَ أَصْحَابِ النَّظَّامِ فَسَمَّاهُ: زَرْقَانُ مُحَمَّدُ بْنُ شَدَّادِ بْنِ عِيسَى الْمِسْمَعِيُّ، أَبُو يَعْلَى، وَقَالَ إِنَّ لَهُ كِتَابَ " الْمَقَالَاتِ " ثُمَّ قَالَ عَنْهُ: " قَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ الْخَيَّاطُ، حَدَّثَنِي الْآدَمِيُّ قَالَ: أَحْضَرَ الْوَاثِقُ يَحْيَى بْنَ كَامِلٍ وَأَمَرَ زَرْقَانَ أَنْ يُنَاظِرَهُ فِي الْإِرَادَةِ حَتَّى أَلْزَمَهُ الْحُجَّةَ، ثُمَّ نَاظَرَهُ الْوَاثِقُ بِنَفْسِهِ فَأَلْزَمَهُ الْحُجَّةَ، فَقَالَ الْآدَمِيُّ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَامَتْ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا فَاضْرِبْ عُنُقَهُ ". وَذَكَرَ ابْنُ حَجَرٍ (لِسَانَ الْمِيزَانِ 5/199) أَنَّهُ رَوَى عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ رَوَى أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَلَكِنَّهُ نَقَلَ عَنِ الدَّارَقُطْنِي ِّ: لَا يَكْتُبُ حَدِيثَهُ ; وَحَدَّدَ ابْنُ حَجَرٍ سَنَةَ وَفَاةِ زَرْقَانَ بِأَنَّهَا 278. وَأَمَّا ابْنُ الْأَثِيرِ (اللُّبَابُ 3/139) فَذَكَرَ أَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ 298 أَوْ 299.
(2) هُوَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ النُّوبَخْتِيُّ أَوِ ابْنُ النُّوبَخْتِيِّ ، وَسَبَقَ الْكَلَامُ عَنْهُ بِإِيجَازٍ 1
(3) وَأَشَرْتُ هُنَاكَ إِلَى كِتَابِهِ " الْآرَاءِ وَالدِّيَانَاتِ " وَتَكَلَّمْتُ عَنْهُ أَيْضًا فِيمَا سَبَقَ 2/106. وَانْظُرْ عَنِ النُّوبَخْتِيِّ أَيْضًا: لِسَانَ الْمِيزَانِ 2/258 ; الْفِهْرِسْتَ لِلطُّوسِيِّ، ص [0 - 9] 1 ; مَعَالِمَ الْعُلَمَاءِ لِابْنِ شَهْرَاشوب، ص [0 - 9] 2 - 33 ; الْأَعْلَامَ 2/239
(4) عَلَّقَ مُسْتَجِي زَادَهْ فِي الْهَامِشِ بِقَوْلِهِ: " وَقَدْ كَانَ لِابْنِ حَزْمٍ الْأَنْدَلُسِيّ ِ كِتَابٌ فِي الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ رَأَيْتُهُ فِي جِلْدَيْنِ وَفِيهِ فَوَائِدُ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ لَهُ قَدَمًا وَسَهْمًا فِي الْإِحَاطَةِ ".
(5) ب، ا: وَابْنِ الشَّهْرَسْتَان ِيِّ.
(6) ع: نُسِبَتْ ; ن، م: يُنْسَبُ
===========================
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (152)
صـ 503 إلى صـ 509
الْقَسْرِيُّ. وَحُكِيَ عَنْهُمْ أَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ يُثْبِتُ نُبُوَّةَ بَيَانِ بْنِ سَمْعَانَ، (1 ثُمَّ يَزْعُمُ كَثِيرٌ مِنْهُمْ أَنَّ أَبَا هَاشِمٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ نَصَّ عَلَى نُبُوَّةِ بَيَانِ بْنِ سَمْعَانَ 1) (1) وَجَعَلَهُ إِمَامًا (2)
وَنَقَلُوا عَنِ الْمُغِيرِيَّةِ أَصْحَابِ الْمُغِيرَةِ بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِنَّهُ نَبِيٌّ وَأَنَّهُ يَعْلَمُ اسْمَ اللَّهِ الْأَكْبَرَ (3) وَأَنَّ مَعْبُودَهُمْ رَجُلٌ مِنْ نُورٍ عَلَى رَأْسِهِ تَاجٌ، وَلَهُ مِنَ الْأَعْضَاءِ وَالْخَلْقِ مِثْلُ مَا لِلرَّجُلِ، وَلَهُ جَوْفٌ وَقَلْبٌ تَنْبُعُ مِنْهُ الْحِكْمَةُ، وَأَنَّ حُرُوفَ " أَبِي جَادٍ " عَلَى عَدَدِ أَعْضَائِهِ، قَالُوا: وَالْأَلْفُ مَوْضِعُ قَدَمِهِ (4) لِاعْوِجَاجِهَا ، وَذَكَرَ الْهَاءَ فَقَالَ: لَوْ رَأَيْتُمْ مَوْضِعَهَا مِنْهُ [لَرَأَيْتُمْ] أَمْرًا عَظِيمًا (5) ، يَعْرِضُ لَهُمْ
**_________
(1) : (1 - 1) سَاقِطٌ مِنْ (ع) .
(2) الْكَلَامُ الْمَذْكُورُ هُنَا عَنِ الْبَيَانِيَّةِ هُوَ الَّذِي أَوْرَدَهُ الْأَشْعَرِيُّ فِي الْمَقَالَاتِ 1/66 - 67 مَعَ اخْتِلَافٍ يَسِيرٍ فِي الْأَلْفَاظِ. وَقَدْ ظَهَرَ بَيَانُ بْنُ سَمْعَانَ النَّهْدِيُّ التَّمِيمِيُّ بِالْعِرَاقِ بَعْدَ الْمِائَةِ، وَقَتَلَهُ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ حَرْقًا بِالنَّارِ سَنَةَ 119. انْظُرْ عَنْهُ وَعَنْ فِرْقَتِهِ: لِسَانَ الْمِيزَانِ 2 ; تَارِيخَ الطَّبَرِيِّ 5/456 - 457 ; الْمَقَالَاتِ لِلْأَشْعَرِيِّ 1/95 ; الْمِلَلَ وَالنِّحَلَ 1/136 ; الْفَرْقَ بَيْنَ الْفِرَقِ، ص [0 - 9] 7، 138، 145 - 146، 163 ; التَّبْصِيرَ فِي الدِّينِ، ص [0 - 9] 9، 70، 72 ; أُصُولَ الدِّينِ، ص [0 - 9] 3 - 74، 331 ; الْفِصَلَ لِابْنِ حَزْمٍ 5/44 ; الْخِطَطَ لِلْمَقْرِيزِيّ ِ 2/349، 352 - 353 ; فِرَقَ الشِّيعَةِ لِلنُّوبَخْتِيّ ِ، ص [0 - 9] 9، 50، 55 ; أَعْيَانَ الشِّيعَةِ 14/173 - 174 ; الْبَدْءَ وَالتَّارِيخَ لِمُطَهَّرِ بْنِ طَاهِرٍ الْمَقْدِسِيِّ 5/130، ط. بَارِيسَ، 1916. وَانْظُرِ التَّعْلِيقَ الْآتِي عَنِ الْبَزِيغِيَّةِ (ص [0 - 9] 03.
(3) ن: الْأَعْظَمَ.
(4) ع: قَدَمَيْهِ. وَفِي (ن) الْكَلَامُ نَاقِصٌ وَمُضْطَرِبٌ.
(5) ب، ا: لَوْ رَأَيْتُمْ مَوْضِعَهَا لَرَأَيْتُمْ مِنْهُ أَمْرًا عَظِيمًا. وَالْمُثْبَتُ هُوَ الَّذِي فِي (ع) ، " الْمَقَالَاتِ " 1. وَفِي (ن) ، (م) سَقْطُ كَلِمَةِ " لَرَأَيْتُمْ "
==========================
بِالْعَوْرَةِ وَبِأَنَّهُ (1) قَدْ رَآهُ، لَعَنَهُ اللَّهُ [وَأَخْزَاهُ] (2) .
وَزَعَمَ أَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى بِاسْمِ اللَّهِ الْأَعْظَمِ، وَأَرَاهُمْ أَشْيَاءَ مِنَ النِّيرَنْجِيَّ اتِ وَالْمَخَارِيقِ (3) ، وَذِكَرَ لَهُمْ كَيْفَ ابْتَدَأَ اللَّهُ الْخَلْقَ فَزَعَمَ (4) أَنَّ اللَّهَ كَانَ وَحْدَهُ وَلَا شَيْءَ مَعَهُ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْلُقَ الْأَشْيَاءَ تَكَلَّمَ بِاسْمِهِ الْأَعْظَمِ، فَطَارَ فَوَقَعَ فَوْقَ رَأْسِهِ [عَلَى] التَّاجِ (5) قَالَ: وَذَلِكَ قَوْلُهُ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [سُورَةُ الْأَعْلَى: 1] وَذَكَرُوا عَنْهُ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ أَشْيَاءَ (6) يَطُولُ وَصْفُهَا، وَقَتَلَهُ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ (7)
وَذَكَرُوا عَنِ الْمَنْصُورِيَّ ةِ أَصْحَابِ أَبِي مَنْصُورٍ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ عَنْهُ أَنَّهُ
**_________
(1) ب، ا: يَعْرِضُ لَهُمْ بِأَنَّهُ.
(2) وَأَخْزَاهُ: زِيَادَةٌ فِي (ع) فَقَطْ.
(3) ب، ا: الْأَشْيَاءَ مِنَ النَّرَنْجَاتِ وَالْمَخَارِقِ ; ن، م: شَيْئًا مِنَ النِّيرَنْجِيَّ اتِ وَالْمَخَارِيقِ ; الْمَقَالَاتِ: أَشْيَاءَ مِنَ النِّيرَنْجَاتِ وَالْمَخَارِيقِ . وَفِي الْقَامُوسِ: النِّيرَنْجُ بِالْكَسْرِ أَخْذٌ كَالسِّحْرِ وَلَيْسَ بِهِ.
(4) ب، ا: كَيْفَ ابْتِدَاءُ اللَّهِ وَزَعَمَ. . إِلَخْ ; ن، م: كَيْفَ ابْتَدَأَ اللَّهُ الْخَالِقُ فَزَعَمَ.
(5) ب، ا: فَوَقَعَ عَلَى رَأْسِهِ التَّاجُ ; ن، م: فَطَارَ فَوْقَ رَأْسِهِ التَّاجُ ; الْمَقَالَاتِ: فَوَقَعَ فَوْقَ رَأْسِهِ التَّاجُ. وَفِي الْفِصَلِ 5/43: فَوَقَعَ عَلَى تَاجِهِ ; الْفَرْقِ بَيْنَ الْفِرَقِ (ص [0 - 9] 47) : فَطَارَ ذَلِكَ الِاسْمُ وَوَقَعَ تَاجًا عَلَى رَأْسِهِ ; الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ 1/157: فَطَارَ فَوَقَعَ عَلَى رَأْسِهِ تَاجًا.
(6) ع: وَذُكِرَ عَنْهُ أَشْيَاءُ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ.
(7) ن، م: الْقُشَيْرِيُّ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. وَالْكَلَامُ الْمَرْوِيُّ عَنِ الْمُغِيرَةِ وَفِرْقَتِهِ هُنَا هُوَ الْمَذْكُورُ فِي مَقَالَاتِ الْأَشْعَرِيِّ 1/68 - 72 مَعَ اخْتِلَافٍ يَسِيرٍ وَسَبَقَ الْكَلَامُ عَنْهُ وَعَنْ فِرْقَتِهِ 1/63. وَانْظُرْ أَيْضًا: لِسَانَ الْمِيزَانِ 6 - 78 ; تَارِيخَ الطَّبَرِيِّ 5/456 - 457 ; الْمَقَالَاتِ 1/95 - 96 ; الْفَرْقَ بَيْنَ الْفِرَقِ، ص [0 - 9] 46 - 148 ; التَّبْصِيرَ فِي الدِّينِ، ص [0 - 9] 1 - 22، 73 ; الْفِصَلَ لِابْنِ حَزْمٍ 5/43 - 44 ; الْخِطَطَ لِلْمَقْرِيزِيّ ِ 4/349، 353 ; أُصُولَ الدِّينِ، ص [0 - 9] 4، 331 ; التَّنْبِيهَ لِلْمَلْطِيِّ، ص [0 - 9] 52 - 154 ; فِرَقَ الشِّيعَةِ، ص [0 - 9] 2، 83 - 84 ; الْبَدْءَ وَالتَّارِيخَ 5/130. وَانْظُرِ التَّعْلِيقَ الْآتِيَ عَنِ الْبَزِيغِيَّةِ
==========================
قَالَ: إِنَّ آلَ مُحَمَّدٍ هُمُ السَّمَاءُ وَالشِّيعَةَ هُمُ (1) الْأَرْضُ، وَأَنَّهُ هُوَ الْكِسْفُ السَّاقِطُ فِي بَنِي هَاشِمٍ (2) وَأَنَّهُ عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ فَمَسَحَ مَعْبُودُهُ رَأْسَهُ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: أَيْ بُنَيَّ، اذْهَبْ فَبَلِّغْ عَنِّي، ثُمَّ نَزَلَ بِهِ (3) إِلَى الْأَرْضِ، وَيَمِينُ أَصْحَابِهِ إِذَا حَلَفُوا: لَا وَالْكَلِمَةِ (4) . وَزَعَمَ أَنَّ عِيسَى [ابْنَ مَرْيَمَ] (5) أَوَّلُ مَنْ خَلَقَ اللَّهُ مِنْ خَلْقِهِ، ثُمَّ عَلِيٌّ، وَأَنَّ رُسُلَ اللَّهِ لَا تَنْقَطِعُ أَبَدًا، وَكَفَرَ بِالْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَزَعَمَ أَنَّ الْجَنَّةَ رَجُلٌ وَأَنَّ النَّارَ رَجُلٌ، وَاسْتَحَلَّ النِّسَاءَ وَالْمَحَارِمَ وَأَحَلَّ ذَلِكَ (6) لِأَصْحَابِهِ. وَزَعَمَ أَنَّ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَالْخَمْرَ وَالْمَيْسِرَ حَلَالٌ، قَالَ: لَمْ يُحَرِّمِ اللَّهُ ذَلِكَ عَلَيْنَا وَلَا حَرَّمَ شَيْئًا تَقْوَى (7) بِهِ [أَنْفُسُنَا] ، (8) وَإِنَّمَا هَذِهِ الْأَسْمَاءُ أَسْمَاءُ رِجَالٍ حَرَّمَ اللَّهُ وِلَايَتَهُمْ، وَتَأَوَّلَ فِي ذَلِكَ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} [سُورَةُ الْمَائِدَةِ: 93] ، وَأَسْقَطَ الْفَرَائِضَ وَقَالَ: هِيَ أَسْمَاءُ رِجَالٍ أَوْجَبَ اللَّهُ وِلَايَتَهُمْ، فَأَخَذَهُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ وَالِي الْعِرَاقِ (9) فِي أَيَّامِ بَنِي أُمَيَّةَ
**_________
(1) ع: هِيَ.
(2) ب، ا: لِبَنِي هَاشِمٍ ; الْمَقَالَاتِ 1: مِنْ بَنِي هَاشِمٍ.
(3) ع: فَنَزَلَ بِهِ.
(4) أ، ب: أَلَا وَالْكَلِمَةِ.
(5) ابْنَ مَرْيَمَ: زِيَادَةٌ فِي (ع) .
(6) ب، ا: وَأَصْلُ ذَلِكَ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(7) ب، ا: تَتَقَوَّى.
(8) أَنْفُسُنَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(9) ب، ا، م: فَأَخَذَهُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ إِلَى الْعِرَاقِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. وَيُوسُفُ بْنُ عُمَرَ الثَّقَفِيُّ، أَبُو يَعْقُوبَ، مِنْ وُلَاةِ الْأُمَوِيِّينَ مِنْ أَيَّامِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ إِلَى عَهْدِ يَزِيدَ بْنِ وَلِيدٍ الَّذِي عَزَلَهُ وَأَوْدَعَهُ السِّجْنَ، حَيْثُ أَرْسَلَ إِلَيْهِ يَزِيدُ بْنُ خَالِدٍ الْقَسْرِيُّ مَنْ قَتْلَهُ أَخْذًا بِثَأْرِ أَبِيهِ، وَذَلِكَ سَنَةَ 127. انْظُرْ: وَفَيَاتِ الْأَعْيَانِ 6/98 - 110 ; الْأَعْلَامَ 9/320
==========================
فَقَتَلَهُ (1) وَالنُّصَيْرِيّ َةُ الْمَوْجُودُونَ (2) فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ يُشْبِهُونَ هَؤُلَاءِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْوُجُوهِ.
وَذَكَرُوا عَنِ الْخَطَّابِيَّة ِ أَصْحَابِ أَبِي الْخَطَّابِ بْنِ أَبِي زَيْنَبَ (3) أَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ الْأَئِمَّةَ أَنْبِيَاءُ مُحَدَّثُونَ وَرُسُلُ اللَّهِ وَحُجَجُهُ عَلَى خَلْقِهِ، لَا يَزَالُ مِنْهُمْ رَسُولَانِ: وَاحِدٌ نَاطِقٌ، وَالْآخَرُ (4) صَامِتٌ، فَالنَّاطِقُ مُحَمَّدٌ وَالصَّامِتُ عَلِيٌّ، فَهُمْ فِي الْأَرْضِ الْيَوْمَ طَاعَتُهُمْ مُفْتَرَضَةٌ عَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ، يَعْلَمُونَ مَا كَانَ وَمَا هُوَ كَائِنٌ، وَزَعَمُوا أَنَّ أَبَا الْخَطَّابِ [نَبِيٌّ، وَأَنَّ أُولَئِكَ الرُّسُلَ فَرَضُوا طَاعَةَ أَبِي الْخَطَّابِ، وَقَالُوا: الْأَئِمَّةُ آلِهَةٌ، وَقَالُوا:] (5) فِي أَنْفُسِهِمْ مِثْلَ ذَلِكَ، وَقَالُوا: وَلَدُ الْحُسَيْنِ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ، ثُمَّ قَالُوا ذَلِكَ فِي أَنْفُسِهِمْ، وَتَأَوَّلُوا قَوْلَ اللَّهِ: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} [سُورَةُ الْحِجْرِ: 29] ، قَالُوا: فَهُوَ آدَمُ وَنَحْنُ وَلَدُهُ، وَعَبَدُوا أَبَا الْخَطَّابِ، وَزَعَمُوا أَنَّهُ إِلَهٌ. وَخَرَجَ أَبُو الْخَطَّابِ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ فَقَتَلَهُ عِيسَى بْنُ مُوسَى فِي سَبْخَةِ [الْكُوفَةِ، وَهُمْ] (6) يَتَدَيَّنُونَ بِشَهَادَةِ الزُّورِ لِمُوَافِقِيهِم ْ (7) .
**_________
(1) انْظُرْ عَنْ أَبِي مَنْصُورٍ الْعِجْلِيِّ وَالْمَنْصُورِي َّةِ: الْمَقَالَاتِ لِلْأَشْعَرِيِّ 1 - 75 ; الْمِلَلَ وَالنِّحَلَ 1/158 - 159 ; أُصُولَ الدِّينِ، ص [0 - 9] 33، 331 ; الْفَرْقَ بَيْنَ الْفِرَقِ، ص [0 - 9] 38، 149 ; التَّبْصِيرَ فِي الدِّينِ، ص [0 - 9] 3 ; الْفِصَلَ لِابْنِ حَزْمٍ 5/45 ; الْخِطَطَ لِلْمَقْرِيزِيّ ِ 2/253 ; فِرَقَ الشِّيعَةِ، ص [0 - 9] 9 - 60 ; الْبَدْءَ وَالتَّارِيخَ 5/131 \ 131.
(2) ن، م: الْمُوَحِّدَةُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(3) ب، ا: أَبِي الْخَطَّابِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ بْنِ أَبِي ذِئْبٍ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(4) ع، م، ن: وَآخَرُ.
(5) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَي ْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(6) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَي ْنِ مِنْ (ن) ، (م) .
(7) أَبُو الْخَطَّابِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي زَيْنَبَ مِقْلَاصٌ الْأَسَدِيُّ الْكُوفِيُّ الْأَجْدَعُ سَبَقَ الْكَلَامُ عَنْهُ وَعَنْ فِرْقَتِهِ 1/64 ت [0 - 9] . وَالَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ عَنْهُ وَعَنِ الْخَطَّابِيَّة ِ هُنَا هُوَ تَقْرِيبًا مَا فِي مَقَالَاتِ الْأَشْعَرِيِّ 1 - 77. وَانْظُرْ أَيْضًا: أُصُولَ الدِّينِ، ص [0 - 9] 98، 331 ; التَّبْصِيرَ فِي الدِّينِ، ص [0 - 9] 3 - 74 ; الْفِصَلَ لِابْنِ حَزْمٍ 5/48 ; الْخِطَطَ لِلْمَقْرِيزِيّ ِ 2/352 ; التَّنَبُّهَ لِلْمَلْطِيِّ، ص [0 - 9] 54 ; فِرَقَ الشِّيعَةِ، ص [0 - 9] 3 - 64 ; الْبَدْءَ وَالتَّارِيخَ 5/131 ; الرِّجَالَ لِلْكَشِّيِّ (ط. الْأَعْلَمِيِّ، النَّجَفَ) ، ص [0 - 9] 46 - 260. وَانْظُرِ التَّعْلِيقَ الْآتِي عَنِ الْبَزِيغِيَّةِ . وَفِي هَامِشِ (ع) كَتَبَ مُسْتَجِي زَادَه التَّعْلِيقَ التَّالِيَ: " وَالْحَاصِلُ أَنَّ الطَّائِفَةَ الْمَنْسُوبَةَ إِلَى بَيَانِ بْنِ سَمْعَانَ الَّتِي يُقَالُ لَهُمُ الْبَيَانِيَّةُ ، وَالطَّائِفَةَ الْمَنْسُوبَةَ إِلَى أَبِي مَنْصُورٍ الَّتِي يُقَالُ لَهُمُ الْمَنْصُورِيَّ ةُ، وَالطَّائِفَةَ الْمَنْسُوبَةَ إِلَى أَبِي الْخَطَّابِ الَّتِي يُقَالُ لَهُمُ الْخَطَّابِيَّة ُ: كُلُّهُمْ مِنْ غُلَاةِ الرَّوَافِضِ، وَأَنَّهُمْ يَسْتَحِلُّونَ الْمَحَارِمَ، وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ بِعَدَمِ انْقِطَاعِ النُّبُوَّةِ وَبِارْتِفَاعِ التَّكَالِيفِ، وَأَنَّهُمْ أَقْدَمُ الْبَاطِنِيَّةِ ، وَالْبَيَانِيَّ ةُ أَقْدَمُ أَلْوَانِ (؟) الدُّرُوزِ، وَالنُّصَيْرِيّ َةُ مِنْ شِيعَتِهِمْ، وَالْحَمْزَوِيّ َةُ مِنْ أَتْبَاعِهِمْ. وَالْمَقَالَاتُ الْمَنْسُوبَةُ إِلَى بَيَانِ بْنِ سَمْعَانَ أَخَذَ بِهَا بَعْدَهُ طَائِفَةٌ يُقَالُ لَهُمُ الْبَاطِنِيَّةُ وَالْإِسْمَاعِي لِيَّةُ، وَمِمَّنِ اشْتُهِرَ مِنْهُمْ حَسَنُ بْنُ الصَّبَاحِ الَّذِي جَاءَ فِي عَصْرِ مَلِكْشَاه السَّلْجُوقِيِّ ، وَأَلَّفَ كُتُبًا كَثِيرَةً يُبَيِّنُ مَقَالَاتِ الْبَاطِنِيَّةِ وَيَنْصُرُهُمْ وَيُنَافِحُ عَنْهُمْ، وَاسْتَوْلَى عَلَى الْقِلَاعِ فِي فَارِسَ وَجُبَيْلٍ (؟) وَتَسَلْطَنَ هُنَاكَ حَتَّى يُقَالَ لَهُ: صَاحِبُ الْقِلَاعِ، وَقَدْ حَاوَلَ الرَّدَّ وَإِبْطَالَ كَلَامِهِ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَمِنْهُمُ الْإِمَامُ الْغَزَالِيُّ الطُّوسِيُّ: أَلَّفَ فِي إِبْطَالِ كَلَامِهِ كُتُبًا كَثِيرَةً، وَالنُّصَيْرِيّ َةُ وَالدُّرُوزُ الَّذِينَ كَانُوا فِي نَوَاحِي الشَّامِ وَمِنْهُمْ بَنُو الْعُبَيْدِ وَيُقَالُ لَهُمُ الْفَاطِمِيُّون َ أَيْضًا، اسْتَوْلَوْا عَلَى بِلَادِ الْمَغْرِبِ أَوَّلًا، ثُمَّ عَلَى بِلَادِ. . . وَمِصْرَ، وَمِنْهُمْ طَائِفَةٌ مِنَ الرُّومِ يُقَالُ لَهُمُ الْحَمْزَوِيَّة ُ وَالْبَيْرَامِي َّةُ كَانُوا عَلَى مَسْلَكِ هَؤُلَاءِ الْبَاطِنِيَّةِ . وَالْجَمِيعُ فِرْقَةٌ مِنْ فِرَقَ الرَّوَافِضِ الْغَالِيَةِ الَّذِينَ قَالُوا بِقِدَمِ الْعَالَمِ وَعَدَمِ الْحَشْرِ وَالنَّشْرِ وَبِالتَّجْسِيم ِ وَالتَّنَاسُخِ وَالْحُلُولِ "
===========================
وَذَكَرُوا عَنِ الْبَزِيغِيَّةِ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ (1) : إِنَّ جَعْفَرَ [بْنَ] مُحَمَّدٍ هُوَ اللَّهُ (2) ، وَأَنَّهُ لَيْسَ بِالَّذِي يُرَى، وَأَنَّهُ يُشَبَّهُ لِلنَّاسِ (3) فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَزَعَمُوا أَنَّ
**_________
(1) أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: سَاقِطٌ مِنْ (ب) ، (أ) . وَفِي (ب) فَقَطِ: الْبَزْهِيَّةُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. وَفِي (ن) ، (م) : الرَّبْعِيَّةُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ أَيْضًا.
(2) ن، م: يَقُولُونَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدٌ هُوَ اللَّهُ.
(3) ع: يُشْبِهُ النَّاسَ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. وَفِي (ن) ، الْمَقَالَاتِ 1/78: تَشَبَّهَ لِلنَّاسِ. وَفِي الْخِطَطِ لِلْمَقْرِيزِيّ ِ 2/352: تَشَبَّهَ عَلَى النَّاسِ
===================
كُلَّ مُحَدِّثٍ (1) فِي قُلُوبِهِمْ وَحْيٌ، وَأَنَّ كُلَّ مُؤْمِنٍ يُوحَى إِلَيْهِ (2) .
وَقَالَ الْأَشْعَرِيُّ (3) : " وَقَدْ قَالَ قَائِلُونَ (4) بِإِلَهِيَّةِ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ ".
قَالَ: (5) " وَفِي النُّسَّاكِ مِنَ الصُّوفِيَّةِ مَنْ يَقُولُ بِالْحُلُولِ، وَأَنَّ الْبَارِئَ يَحِلُّ فِي الْأَشْخَاصِ، (6 وَأَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يَحِلَّ فِي إِنْسَانٍ وَسَبُعٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَشْخَاصِ 6) (6) ، وَأَصْحَابُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ إِذَا رَأَوْا شَيْئًا يَسْتَحْسِنُونَ هُ قَالُوا: لَا
**_________
(1) الْمَقَالَاتِ: كُلَّ مَا يَحْدُثُ.
(2) الْبَزِيغِيَّةُ أَصْحَابُ بَزِيغِ بْنِ مُوسَى الْحَائِكِ وَهُوَ مِنْ أَتْبَاعِ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ، وَقَدْ نَقَلَتْ كُتُبُ رِجَالِ الشِّيعَةِ عَنْ " الْكَشِّيِّ " خَبَرًا يَلْعَنُهُ فِيهِ مَعَ آخَرِينَ جَاءَ فِيهِ (الرِّجَالِ لِلْكَشِّيِّ، ص [0 - 9] 57 - 258) : عَنِ ابْنِ سِنَانٍ قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدُ اللَّهِ (ع) : إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ صَادِقُونَ لَا نَخْلُو مِنْ كَذَّابٍ يَكْذِبُ عَلَيْنَا. . كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَصْدَقَ الْبَرِيَّةِ لَهْجَةً وَكَانَ مُسَيْلِمَةُ يَكْذِبُ عَلَيْهِ. . ثُمَّ ذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَارِثَ الشَّامِيَّ وَبَنَانَ فَقَالَ: كَانَ يَكْذِبَانِ عَلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (ع) ثُمَّ ذَكَرَ الْمُغِيرَةَ بْنَ سَعِيدٍ وَبَزِيعًا وَالسَّرِيَّ وَأَبَا الْخَطَّابِ وَمَعْمَرًا وَبَشَّارًا الْأَشْعَرِيَّ وَحَمْزَةَ الْيَزِيدِيَّ وَصَائِدًا النَّهْدِيَّ وَقَالَ: لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَإِنَّا لَا نَخْلُو مِنْ كَذَّابٍ يَكْذِبُ عَلَيْنَا. . إِلَخْ " وَقَدْ نَقَلَ هَذَا الْخَبَرَ الْعَامِلِيُّ فِي " أَعْيَانِ الشِّيعَةِ " 13/231 - 232 وَسَمَّاهُ مِثْلَهُ: " بَزِيعًا " كَمَا نَقَلَ عَنْهُ خَبَرًا آخَرَ جَاءَ فِيهِ (ص [0 - 9] 58) : عَنِ ابْنِ أَبِي يَعْفُورَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع) فَقَالَ: مَا فَعَلَ بَزِيعٌ؟ فَقُلْتُ لَهُ: قُتِلَ. فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ لِهَؤُلَاءِ الْمُغِيرِيَّةِ شَيْءٌ خَيْرٌ مِنَ الْقَتْلِ لِأَنَّهُمْ لَا يَتُوبُونَ أَبَدًا ". وَأَنْكَرَ الْعَامِلِيُّ أَنْ يَكُونَ بَزِيعًا هَذَا هُوَ بَزِيعٌ الْمُؤَذِّنُ أَوْ بَزِيعٌ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ وَقَدْ ذَكَرَهُمَا الطُّوسِيُّ ضِمْنَ رِجَالِ الصَّادِقِ (انْظُرْ رِجَالَ الطُّوسِيِّ، ص [0 - 9] 59) . وَانْظُرْ عَنْ بِزَيْغٍ وَالْبَزِيغِيَّ ةِ أَيْضًا: الْمَقَالَاتِ 1/77 - 78 ; الْمِلَلَ وَالنِّحَلَ 1/160 ; أُصُولَ الدِّينِ، ص [0 - 9] 95 ; الْفَرْقَ بَيْنَ الْفِرَقِ، ص [0 - 9] 51 ; التَّبْصِيرَ فِي الدِّينِ، ص [0 - 9] 4 ; الْخِطَطَ لِلْمَقْرِيزِيّ ِ 2/352 ; فِرَقَ الشِّيعَةِ، ص [0 - 9] 4 (وَجَاءَ فِي التَّعْلِيقِ: وَبَعْضُهُمْ ضَبَطَهُ " بَزِيغٌ " بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالصَّحِيحُ بِالْمُهْمَلَةِ ) ; الْبَدْءَ وَالتَّارِيخَ 5/130 130 - 131.
(3) فِي الْمَقَالَاتِ 1/79 \ 79.
(4) الْمَقَالَاتِ: وَقَدْ قَالَ فِي عَصْرِنَا هَذَا قَائِلُونَ. .
(5) فِي " الْمَقَالَاتِ " 1/80 - 81.
(6) : (6 - 6) سَاقِطٌ مِنْ (ب) ، (أ)
===========================
نَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ حَالٌّ فِيهِ، وَمَالُوا إِلَى اطِّرَاحِ الشَّرَائِعِ، وَزَعَمُوا أَنَّ الْإِنْسَانَ لَيْسَ عَلَيْهِ فَرْضٌ وَلَا يَلْزَمُهُ عِبَادَةٌ إِذَا وَصَلَ إِلَى مَعْبُودِهِ ".
قَالَ (1) : " وَمِنَ الْغَالِيَةِ مَنْ يَزْعُمُ (2) أَنَّ رُوحَ الْقُدُسِ هُوَ اللَّهُ: كَانَتْ (3) فِي النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثُمَّ فِي عَلِيٍّ، ثُمَّ فِي الْحَسَنِ، ثُمَّ فِي الْحُسَيْنِ، ثُمَّ فِي عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، ثُمَّ فِي مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، ثُمَّ فِي جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ فِي مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، ثُمَّ فِي عَلِيِّ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، (4 ثُمَّ فِي مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى 4) (4) ، [ثُمَّ فِي عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى] (5) ثُمَّ فِي الْحَسَنِ بْنِ [عَلِيِّ] (6) بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، ثُمَّ فِي مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ ".
قَالَ: " وَهَؤُلَاءِ آلِهَةٌ (7) عِنْدَهُمْ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إِلَهٌ عَلَى التَّنَاسُخِ، وَالْإِلَهُ عِنْدَهُمْ يَدْخُلُ فِي الْهَيَاكِلِ " وَهَؤُلَاءِ هُمْ مِنَ الْإِمَامِيَّةِ الِاثْنَيْ عَشْرِيَّةِ (8) .
قَالَ (9) : " وَمِنَ الْغَالِيَةِ صِنْفٌ (10) يَزْعُمُونَ أَنَّ عَلِيًّا هُوَ اللَّهُ، وَيُكَذِّبُونَ
**_________
(1) فِي " الْمَقَالَاتِ " 1/81 - 82.
(2) الْمَقَالَاتِ: وَالصِّنْفُ الْحَادِي عَشَرَ مِنْ أَصْنَافِ الْغَالِيَةِ يَزْعُمُونَ. . . وَفِي (ع) : وَمِنَ الْعَالَمِيَّةِ مَنْ يَزْعُمُ: وَهُوَ تَحْرِيفٌ. وَفِي (ن) ، (م) : مَنْ زَعَمَ.
(3) ع: كَانَ.
(4) : (4 - 4) سَاقِطٌ مِنْ (ع) .
(5) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَي ْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ب) ، (أ) ، (ن) ، وَالْكَلَامُ فِي (م) فِي هَذِهِ الْأَسْطُرِ نَاقِصٌ وَمُضْطَرِبٌ.
(6) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَي ْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ب) ، (أ) ، (ن) ، وَالْكَلَامُ فِي (م) فِي هَذِهِ الْأَسْطُرِ نَاقِصٌ وَمُضْطَرِبٌ.
(7) ب، ا: الْآلِهَةُ.
(8) ع، م: الِاثْنَيْ عَشَرَ.
(9) فِي " الْمَقَالَاتِ " 1/82.
(10) الْمَقَالَاتِ: وَالصِّنْفُ الثَّانِي مِنْ أَصْنَافِ الْغَالِيَةِ
============================
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (153)
صـ 510 إلى صـ 516
النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَشْتُمُونَهُ ، وَيَقُولُونَ: إِنْ عَلِيًّا وَجَّهَ بِهِ لِيُبَيِّنَ أَمْرَهُ، فَادَّعَى الْأَمْرَ لِنَفْسِهِ ".
قَالَ: (1) " وَمِنْهُمْ صِنْفٌ (2) يَزْعُمُونَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فِي (3) خَمْسَةِ أَشْخَاصٍ: فِي النَّبِيِّ، وَعَلِيٍّ، وَالْحَسَنِ، وَالْحُسَيْنِ، وَفَاطِمَةَ فَهَؤُلَاءِ آلِهَةٌ (4) [عِنْدَهُمْ] " (5) .
(6 وَلَهُمْ خَمْسَةُ أَضْدَادٍ: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَمُعَاوِيَةُ وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، ثُمَّ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إِنَّ هَذِهِ الْأَضْدَادَ مَحْمُودَةٌ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ فَضْلُ الْأَشْخَاصِ الْخَمْسَةِ إِلَّا بِأَضْدَادِهَا، فَهِيَ مَحْمُودَةٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: بَلْ هِيَ مَذْمُومَةٌ لَا تُحْمَدُ بِحَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ 6) (6) .
قَالَ (7) : " وَمِنْهُمْ صِنْفٌ يُقَالُ لَهُمُ السَّبَئِيَّةُ (8) أَصْحَابُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَبَأٍ يَزْعُمُونَ أَنَّ عَلِيًّا لَمْ يَمُتْ وَأَنَّهُ يَرْجِعُ إِلَى الدُّنْيَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَيَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا، وَذَكَرُوا عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لِعَلِيٍّ: أَنْتَ أَنْتَ.
وَالسَّبَئِيَّة ُ يَقُولُونَ بِالرَّجْعَةِ وَأَنَّ الْأَمْوَاتَ يَرْجِعُونَ إِلَى الدُّنْيَا، وَكَانَ السَّيِّدُ
**_________
(1) فِي " الْمَقَالَاتِ " 1/82 - 83.
(2) الْمَقَالَاتِ: وَالصِّنْفُ الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ أَصْنَافِ الْغَالِيَةِ هُمْ أَصْحَابُ الشَّرِيعِيِّ.
(3) تَعَالَى فِي: سَاقِطٌ مِنْ (ب) ، (أ) . وَفِي (ن) ، (م) : أَنَّ اللَّهَ فِي. وَفِي " الْمَقَالَاتِ ": أَنَّ اللَّهَ حَلَّ فِي خَمْسَةِ أَشْخَاصٍ. . . إِلَخْ.
(4) آلِهَةٌ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) ، (أ) .
(5) عِنْدَهُمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(6) (6 - 6) : هَذَا الْكَلَامُ تَلْخِيصٌ لِمَا فِي " الْمَقَالَاتِ " 1/84 - 85.
(7) قَالَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) ، (أ) . وَالْكَلَامُ التَّالِي فِي " الْمَقَالَاتِ " 1/85 - 86.
(8) الْمَقَالَاتِ 1/85: وَالصِّنْفُ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْ أَصْنَافِ الْغَالِيَةِ وَهُمُ السَّبَئِيَّةُ. . . وَسَبَقَ الْكَلَامُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَبَأٍ وَالسَّبَئِيَّة ِ 1/25 (ت [0 - 9] ) . وَفِي (ع) السَّبَائِيَّةُ
============================
الْحِمْيَرِيُّ (1) يَقُولُ بِرَجْعَةِ الْأَمْوَاتِ، وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ:
إِلَى يَوْمٍ يَئُوبُ النَّاسُ فِيهِ (2)
إِلَى دُنْيَاهُمْ قَبْلَ الْحِسَابِ (3) قَالَ (4) : " وَمِنْهُمْ صِنْفٌ (5) يَزْعُمُونَ أَنَّ اللَّهَ وَكَلَ الْأُمُورَ وَفَوَّضَهَا إِلَى مُحَمَّدٍ [- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -] (6) ، وَأَنَّهُ أَقْدَرَهُ عَلَى خَلْقِ الدُّنْيَا فَخَلَقَهَا وَدَبَّرَهَا، وَأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَخْلُقْ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، وَيَقُولُ ذَلِكَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ فِي عَلِيٍّ، وَيَزْعُمُونَ أَنَّ الْأَئِمَّةَ يَنْسَخُونَ الشَّرَائِعَ، وَتَهْبِطُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ، وَتَظْهَرُ عَلَيْهِمْ أَعْلَامُ الْمُعْجِزَاتِ وَيُوحَى إِلَيْهِمْ.
وَمِنْهُمْ مَنْ يُسَلِّمُ عَلَى السَّحَابِ، وَيَقُولُ إِذَا مَرَّتْ سَحَابَةٌ: إِنَّ عَلِيًّا فِيهَا (7) . [وَفِيهِمْ يَقُولُ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ] (8) :
بَرِئْتُ مِنَ الْخَوَارِجِ لَسْتُ مِنْهُمْ ... مِنَ الْغَزَّالِ مِنْهُمْ وَابْنِ بَابِ (9)
**_________
(1) ب، ا: السَّيِّدُ الْحَمْرِيُّ ; ن: السَّيِّدُ الْخَمْرِيُّ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. وَهُوَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ مُفَرِّغٍ الْحِمْيَرِيُّ مِنْ شُعَرَاءِ الرَّافِضَةِ الْمُتَقَدِّمِي نَ، وُلِدَ سَنَةَ 105 وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 173. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي: لِسَانِ الْمِيزَانِ 1/436 - 438 ; فَوَاتِ الْوَفَيَاتِ 1/32 - 36 ; أَعْيَانِ الشِّيعَةِ 12/85 - 165 ; رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ، ص [0 - 9] 9 - 31 ; تَارِيخِ الْأَدَبِ الْعَرَبِيِّ لِبُرُوكِلْمَان ْ 2/68 - 69 ; الْأَعْلَامِ 1/320 - 321.
(2) ب، أ: إِلَى يَوْمٍ يَؤُمُّ النَّاسَ فِيهِمْ، وَهُوَ خَطَأٌ. وَالْمُثْبَتُ عَنْ (ع) ، (ن) ، الْمَقَالَاتِ 1/86
(3) ع: قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ.
(4) قَالَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) ، (أ) . وَالْكَلَامُ التَّالِي فِي " الْمَقَالَاتِ " 1/86 - 87.
(5) الْمَقَالَاتِ 1/86: وَالصِّنْفُ الْخَامِسُ مِنْ أَصْنَافِ الْغَالِيَةِ.
(6) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (ع) .
(7) ع: وَمِنْهُمْ مَنْ يُسَلِّمُ عَلَى السَّحَابِ إِذَا مَرَّتْ عَلَيْهِ سَحَابَةٌ، يَرَى أَنَّ عَلِيًّا فِيهَا.
(8) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَي ْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) وَسَقَطَ بَعْضُهُ مِنْ (م) .
(9) ن: لَا يُوجَدُ مِنَ الْبَيْتِ إِلَّا ثَلَاثُ كَلِمَاتٍ مُحَرَّفَةٍ ; ب، أ، ع،: مِنَ الْعُزَّالِ مِنْهُمْ وَابْنِ دَابِ، وَالصَّوَابُ مِنَ: الْمَقَالَاتِ 1/87 ; الْفَرْقِ بَيْنَ الْفِرَقِ، ص [0 - 9] 1، 144. وَالْغَزَّالُ هُوَ وَاصِلُ بْنُ عَطَاءٍ، وَابْنُ بَابٍ هُوَ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدِ بْنِ بَابٍ
==========================
وَمِنْ قَوْمٍ إِذَا ذَكَرُوا عَلِيًّا يَرُدُّونَ السَّلَامَ عَلَى السَّحَابِ (1) فَهَذَا بَعْضُ مَا نَقَلَهُ (2) الْأَشْعَرِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْهُمْ، وَهُوَ بَعْضُ مَا فِيهِمْ مِنْ هَذَا الْبَابِ، فَإِنَّ الْإِسْمَاعِيلِ يَّةَ وَالنُّصَيْرِيّ َةَ لَمْ يَكُونُوا حَدَّثُوا إِذْ ذَاكَ (3) وَالنُّصَيْرِيّ َةُ (4) مِنْ نَوْعِ الْغُلَاةِ، وَالْإِسْمَاعِي لِيَّةُ مَلَاحِدَةٌ أَكْفَرُ مِنَ النُّصَيْرِيَّة ِ.
وَمِنْ [شِيعَةِ] (5) النُّصَيْرِيَّة ِ [مَنْ يَقُولُ:] (6)
أَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا ... حَيْدَرَةُ الْأَنْزَعُ (7) الْبَطِينُ (8
وَلَا حِجَابٌ عَلَيْهِ إِلَّا ... مُحَمَّدُ الصَّادِقُ الْأَمِينُ
وَلَا طَرِيقٌ إِلَيْهِ 8) (8) إِلَّا
سَلْمَانُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (9)
**_________
(1) الْبَيْتَانِ فِي " الْمَقَالَاتِ " وَفِي " الْفَرْقِ بَيْنَ الْفِرَقِ " فِي الْمَوْضِعَيْنِ السَّابِقَيْنِ، وَنَسَبَهُمَا ابْنُ طَاهِرٍ الْبَغْدَادِيُّ إِلَى إِسْحَاقَ بْنِ سُوَيْدٍ الْعَدَوِيِّ، وَهُوَ مِنْ ثِقَاتِ الْمُحَدِّثِينَ ، رَوَى عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 131 (انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي: طَبَقَاتِ ابْنِ سَعْدٍ 7/243 ; تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ 1/226) . أَمَّا الْمُبَرِّدُ فَقَدْ أَوْرَدَ الْبَيْتَيْنِ مَعَ آخَرَيْنَ بَعْدَهُمَا فِي كِتَابِهِ " الْكَامِلِ " 2/123 (ط. التِّجَارِيَّةِ ، 1365) نَقْلًا عَنِ الْأَصْمَعِيِّ، وَلَكِنَّهُ أَنْكَرَ نِسْبَتَهُمَا إِلَى إِسْحَاقَ بْنِ سُوَيْدٍ الْعَدَوِيِّ.
(2) ع: ذَكَرَهُ.
(3) ن، م: أَحْدَثُوا ذَلِكَ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(4) ب، أ: النُّصَيْرِيَّة ُ. وَسَبَقَ الْكَلَامُ عَنِ النُّصَيْرِيَّة ِ 1/12. وَانْظُرْ تَعْلِيقَ الْأُسْتَاذِ مُحِبِّ الدِّينِ الْخَطِيبِ فِي الْمُنْتَقَى مِنْ مِنْهَاجِ الِاعْتِدَالِ ص 97 - 99، 101.
(5) ب، ا: شَرَعَ ; ن، م: شِعْرِ.
(6) مَنْ يَقُولُ: فِي (ع) فَقَطْ.
(7) ن: الْأَمْرَعُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(8) (8 - 8) فِي (ع) ، (ن) ، (م) . وَفِي (أ) :. . . الْبَطِينُ إِلَيْهِ إِلَّا سَلْمَانُ. وَفِي (ب) : الْبَطِينُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا سَلْمَانُ. . إِلَخْ.
(9) أَوْرَدَ هَذِهِ الْأَبْيَاتِ شِهَابُ الدِّينِ أَحْمَدُ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ مُرِّيٍّ الشَّافِعِيُّ فِي اسْتِفْتَائِهِ ابْنَ تَيْمِيَّةَ عَنِ النُّصَيْرِيَّة ِ ذَاكِرًا أَنَّهَا مِنْ إِنْشَادِ بَعْضِ أَكَابِرِ رُؤَسَاءِ النُّصَيْرِيَّة ِ فِي سَنَةِ 700. انْظُرْ رِسَالَةَ الرَّدِّ عَلَى النُّصَيْرِيَّة ِ، ص [0 - 9] 5، مَجْمُوعَ الرَّسَائِلِ، نَشْرَ الْخَانْجِيِّ، 1323. وَقَدْ نَبَّهَنِي إِلَى ذَلِكَ الْأُسْتَاذُ مُحِبُّ الدِّينِ الْخَطِيبُ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى " الْمُنْتَقَى "، ص [0 - 9] 02
=========================
وَيَقُولُونَ: إِنَّ شَهْرَ رَمَضَانَ أَسْمَاءُ ثَلَاثِينَ رَجُلًا، [وَالثَّلَاثُونَ (1) أَسْمَاءُ ثَلَاثِينَ امْرَأَةً، وَأَنَّ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ عِبَارَةٌ عَنْ خَمْسَةِ أَسْمَاءٍ، وَهِيَ: عَلِيٌّ وَحَسَنٌ وَحُسَيْنٌ وَمُحْسِنٌ وَفَاطِمَةُ] (2) ، إِلَى أَنْوَاعٍ مِنَ الْكُفْرِ الشَّنِيعِ الَّذِي (3) يَطُولُ وَصْفُهُ (4) .
وَهَذَا أَمْرٌ مَعْلُومٌ، فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْمَقَالَاتِ الْغَالِيَةَ فِي وَصْفِ الرَّبِّ بِالْعُيُوبِ وَالنَّقَائِصِ الْمُتَضَمِّنَة َ تَشْبِيهِ الْخَالِقِ بِالْمَخْلُوقِ فِي (5 صِفَاتِ النَّقْصِ وَتَشْبِيهِ الْمَخْلُوقِ بِالْخَالِقِ فِي 5) (5) خَصَائِصِ الْإِلَهِيَّةِ هِيَ أَكْثَرُ مَا يَكُونُ فِي الشِّيعَةِ بِاتِّفَاقِ النَّاسِ، فَلَا يُوجَدُ فِي طَوَائِفِ الْأُمَّةِ أَشْنَعُ فِي الْحُلُولِ وَالتَّمْثِيلِ وَالتَّعْطِيلِ مِمَّا يُوجَدُ فِيهِمْ.
وَلِهَذَا صَارَتِ الْمَلَاحِدَةُ وَالْغَالِيَةُ عَلَمَيْنِ عَلَى بَعْضِ مَنْ يَنْتَسِبُ (6) إِلَيْهِمْ، فَالْمَلَاحِدَة ُ عَلَمٌ عَلَى الْإِسْمَاعِيلِ يَّةِ، وَالْغَالِيَةُ عَلَمٌ عَلَى الْقَائِلِينَ بِالْإِلَهِيَّة ِ فِي الْبَشَرِ (7) (8 كَالنُّصَيْرِيّ َةِ، وَالْمَشْهُورُ بِالْغُلُوِّ وَادِّعَاءِ الْإِلَهِيَّةِ فِي الْبَشَرِ 8) (8)
**_________
(1) فِي (ع) : وَالثَّلَاثِينَ ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(2) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَي ْنِ فِي (ع) فَقَطْ.
(3) الَّذِي: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) ، (أ) .
(4) ب، ا: وَصْفُهَا ; ن: قَطْعُهَا، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(5) : (5 - 5) سَاقِطٌ مِنْ (ع) .
(6) ب، ا، ن، م: يُنْسَبُ.
(7) ب، ا: فِي الشُّرَكَاءِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(8) (8 - 8) : سَاقِطَةٌ مِنْ (ع)
============================== ===
[هُمُ] النَّصَارَى وَالْغَالِيَةُ مِنَ الشِّيعَةِ (1) ، وَقَدْ يُوجَدُ بَعْضُ الْإِلْحَادِ وَالْغُلُوِّ فِي غَيْرِهِمْ مِنَ النُّسَّاكِ وَغَيْرِهِمْ، لَكِنِ الَّذِي فِيهِمْ [أَكْثَرُ وَ] أَقْبَحُ (2) .
وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، كَانَ الَّذِي يَطْعَنُ عَلَى أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ بِأَنَّ فِيهِمْ تَجْسِيمًا [وَحُلُولًا] (3) وَيُثْنِي عَلَى طَائِفَةِ الْإِمَامِيَّةِ : إِمَّا مِنْ أَجْهَلِ النَّاسِ بِمَقَالَاتِ شِيعَتِهِ، وَإِمَّا مَنْ أَعْظَمِ النَّاسِ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا وَعُدُولًا (4) عَنِ الْعَدْلِ وَالْإِنْصَافِ فِي الْمُقَابَلَةِ وَالْمُوَازَنَة ِ (5) .
ثُمَّ أَهْلُ السُّنَّةِ يَطْلُبُونَ مِنَ الْإِمَامِيَّةِ الْمُتَأَخِّرِي نَ (6) أَنْ يَقْطَعُوا سَلَفَهُمْ بِالْحُجَجِ الْعَقْلِيَّةِ أَوِ الشَّرْعِيَّةِ، (7) وَهُمْ عَاجِزُونَ عَنْ ذَلِكَ، كَمَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ.
وَهَؤُلَاءِ الْمُجَسِّمُونَ [مِنَ الشِّيعَةِ مِنْهُمْ] (8) مِنْ أَكَابِرِ أَهْلِ الْكَلَامِ
**_________
(1) ب: وَادِّعَاءِ الْإِلَهِيَّةِ فِي الشَّرْعِ النَّصَارَى وَالْغَالِيَةُ فِي الشِّيعَةِ ; أ، ن، م: وَادِّعَاءِ الْإِلَهِيَّةِ فِي الشَّرِّ النَّصَارَى وَالْغَالِيَةُ فِي الشِّيعَةِ.
(2) ن، م: الَّذِي فِيهِمْ أَقْبَحُ.
(3) وَحُلُولًا: فِي (ع) فَقَطْ.
(4) وَعُدْوَانًا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ع) ; وَعُدُولًا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) ، (أ) .
(5) عَلَّقَ مُسْتَجِي زَادَهْ فِي هَامِشِ (ع) بِقَوْلِهِ: " قُلْتُ: وَقَدْ كَانَ نَصِيرُ الدِّينِ الطُّوسِيُّ وَتِلْمِيذُهُ الَّذِي هُوَ مُصَنِّفُ هَذَا الْكِتَابِ - وَيُقَالُ لَهُ ابْنُ مُطَهِّرٍ الْحِلِّيُّ - كِلَاهُمَا أَجْهَلُ الْخَلْقِ فِي الْمَنْقُولَاتِ وَالرِّوَايَاتِ ، سِيَّمَا فِي أَحَادِيثِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَآثَارِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ ، لِغُلُوِّهِمُ التَّامِّ فِي أَنْوَاعِ الْفَلْسَفَةِ وَأَبْوَابِهَا وَتَعَمُّقِهِمْ فِيهَا، فَذُهِلُوا عَنِ الْوُقُوفِ عَلَى أَحْوَالِ قُدَمَائِهِمُ الَّذِينَ بِهِمْ يَقْتَدُونَ فِي الرَّفْضِ وَالتَّشَيُّعِ، وَلَهُمُ اتَّبَعُوا فِي قَوْلِهِمْ بِإِمَامَةِ الْأَئِمَّةِ الِاثْنَيْ عَشْرِيَّةِ، وَأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ مَعْرِفَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا مَعْرِفَةُ الشَّرَائِعِ الْإِسْلَامِيَّ ةِ لِأَحَدٍ مِنْ آحَادِ الْمُسْلِمِينَ غَيْرِ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ الِاثْنَيْ عَشَرَ ".
(6) ع: الْمُسْتَأْخِرِ ينَ.
(7) ب، ا، ن، م: وَالشَّرْعِيَّة ِ.
(8) ب، ا: هُمْ. وَسَقَطَتْ مِنْ (ن) ، (م) عِبَارَةُ " مِنَ الشِّيعَةِ مِنْهُمْ "
=========================
الْمُتَكَلِّمِي نَ فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِهِ: فِي الْجَلِيلِ وَالدَّقِيقِ، وَلَهُمْ كُتُبٌ مُصَنَّفَةٌ.
قَالَ الْأَشْعَرِيُّ (1) : " وَرِجَالُ (2) الرَّافِضَةِ وَمُؤَلِّفُو كُتُبِهِمْ (3) هِشَامُ بْنُ الْحَكَمِ وَهُوَ قَطْعِيٌّ (4) وَعَلِيُّ بْنُ مَنْصُورٍ (5) وَيُونُسُ (6) بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُمِّيِّ وَالسَّكَّاكُ (7)
**_________
(1) فِي الْمَقَالَاتِ 1/127.
(2) الْمَقَالَاتِ (ط. مُحْيِي الدِّينِ عَبْدِ الْحَمِيدِ) : رِجَالُ ; الْمَقَالَاتِ (ط. رُيْتَرَ) 1/63: وَرِجَالُ.
(3) ن، م: الرَّافِضَةِ وَمَوَالِيهِمْ. . .
(4) قَالَ الْأَشْعَرِيُّ فِي الْمَقَالَاتِ 1/88 - 89: " فَالْفِرْقَةُ الْأُولَى مِنْهُمُ (الرَّافِضَةُ) وَهُمُ الْقَطْعِيَّةُ، وَإِنَّمَا سُمُّوا قَطْعِيَّةً لِأَنَّهُمْ قَطَعُوا عَلَى مَوْتِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَهُمْ جُمْهُورُ الشِّيعَةِ ". وَنَقَلَ الشَّيْخُ مُحَمَّد مُحْيِي الدِّينِ عَبْد الْحَمِيدِ فِي تَعْلِيقِهِ عَنْ نَشْوَانَ الْحِمْيَرِيِّ فِي كِتَابِهِ " الْحُورِ الْعِينِ " ص [0 - 9] 84 أَنَّ مِنَ الْقَطْعِيَّةِ هِشَامَ بْنَ الْحَكَمِ. وَظَنَّ الشَّيْخُ مُحْيِي الدِّينِ أَنَّ ابْنَ طَاهِرٍ الْبَغْدَادِيَّ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ الْقَطْعِيَّةَ غَيْرُ الِاثْنَيْ عَشْرِيَّةِ وَغَيْرُ الْهَاشِمِيَّةِ ، وَلَكِنَّ ابْنَ طَاهِرٍ يَنُصُّ عَلَى عَكْسِ ذَلِكَ فَيَقُولُ عَنِ الْقَطْعِيَّةِ (الْفَرْقُ بَيْنَ الْفِرَقِ، ص [0 - 9] 0) : " وَيُقَالُ لَهُمُ الِاثْنَا عَشْرِيَّةُ أَيْضًا لِدَعْوَاهُمْ أَنَّ الْإِمَامَ الْمُنْتَظَرَ هُوَ الثَّانِي عَشَرَ " وَيَقُولُ عَنِ الْهَاشِمِيَّةِ (ص [0 - 9] 0 - 41) : " وَكِلْتَا الْفِرْقَتَيْنِ (أَتْبَاعُ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ وَهِشَامِ بْنِ سَالِمٍ الْجَوَالِيقِيّ ِ) قَدْ ضَمَّتْ إِلَى حَيْرَتِهِ فِي الْإِمَامِيَّةِ ضَلَالَتَهَا فِي التَّجْسِيمِ وَبِدْعَتَهَا فِي التَّشْبِيهِ ". وَانْظُرْ أَيْضًا: الْمِلَلَ وَالنِّحَلَ 1/150 ; التَّبْصِيرَ فِي الدِّينِ، ص 23 ; الْخِطَطَ لِلْمَقْرِيزِيّ ِ 2/351 ; فِرَقَ الشِّيعَةِ لِابْنِ النُّوبَخْتِيِّ ، ص [0 - 9] 01 ; الْبَدْءَ وَالتَّارِيخَ 5/128. وَقَارِنْ ذَلِكَ بِمَا ذُكِرَ فِي: التَّنَبُّهِ لِلْمَلْطِيِّ، ص [0 - 9] 8 ; اعْتِقَادَاتِ فِرَقِ الْمُسْلِمِينَ لِلرَّازِيِّ، ص [0 - 9] 4.
(5) ذَكَرَهُ النَّجَاشِيُّ فِي رِجَالِهِ (ص [0 - 9] 89) فَقَالَ: " عَلِيُّ بْنُ مَنْصُورٍ، أَبُو الْحَسَنِ، كُوفِيٌّ سَكَنَ بَغْدَادَ، مُتَكَلِّمٌ مِنْ أَصْحَابِ هِشَامٍ، لَهُ كُتُبٌ مِنْهَا كِتَابُ التَّدْبِيرِ فِي التَّوْحِيدِ وَالْإِمَامَةِ ".
(6) ب، ا: وَيُوَفِّرُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(7) ن، م: الشَّكَّالُ. وَكَذَا سَمَّاهُ ابْنُ النَّدِيمِ (الْفِهْرِسْتِ، ص [0 - 9] 76) وَالشَّهْرَسْتَ انِيُّ (الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ 1/170) وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الْخَلِيلِ، أَبُو جَعْفَرٍ السَّكَّاكُ. قَالَ النَّجَاشِيُّ (الرِّجَالِ ص [0 - 9] 52) : " بَغْدَادِيٌّ يَعْمَلُ السِّكَاكَ، صَاحِبُ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ وَتِلْمِيذُهُ أَخَذَ عَنْهُ، لَهُ كُتُبٌ مِنْهَا كِتَابُ فِي الْإِمَامَةِ، وَكِتَابٌ سَمَّاهُ التَّوْحِيدَ - وَهُوَ تَشْبِيهٌ - وَقَدْ نُقِضَ عَلَيْهِ " وَزَادَ الطُّوسِيُّ فِي أ (ص [0 - 9] 58) كَلَامًا أَكْثَرُهُ مَنْقُولٌ عَنِ ابْنِ النَّدِيمِ فَقَالَ: " وَكَانَ مُتَكَلِّمًا وَخَالَفَ هِشَامًا فِي أَشْيَاءَ إِلَّا فِي أَصْلِ الْإِمَامَةِ، لَهُ كُتُبٌ مِنْهَا كِتَابُ الْمَعْرِفَةِ، وَكِتَابُ الِاسْتِطَاعَةِ وَكِتَابُ الْإِمَامَةِ، وَكِتَابُ الرَّدِّ عَلَى مَنْ أَبَى وُجُوبَ الْإِمَامَةِ بِالنَّصِّ ". وَنَقَلَ كَلَامَ الطُّوسِيِّ ابْنُ (شَهْرَاشوب) (مَعَالِمَ الْعُلَمَاءِ، ص [0 - 9] 5) وَالْعَامِلِيُّ (أَعْيَانَ الشِّيعَةِ 44/323) وَلَكِنَّ الْعَالَمِيَّ سَمَّاهُ " السَّكَّاكِيَّ "
============================== =
وَأَبُو الْأَخْوَصِ دَاوُدُ بْنُ أَسَدٍ الْبَصْرِيُّ (1) " قَالَ: " وَقَدِ انْتَحَلَهُمْ أَبُو عِيسَى الْوَرَّاقُ وَابْنُ الرَّاوَنْدِيِّ وَأَلَّفَ لَهُمْ (2) كُتُبًا فِي الْإِمَامَةِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يُقَالَ: هَذِهِ الْمَقَالَاتُ الَّتِي نَقَلَهَا لَا تُعْرَفُ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الْمَعْرُوفِينَ بِمَذْهَبِ [أَهْلِ] (3) السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ: [لَا] (4) مِنْ أَئِمَّةِ (5)
**_________
(1) ب، ا: وَأَبُو الْأَخْوَصِ دَاوُدُ بْنُ رَاشِدٍ الْبَصْرِيُّ ; ع: وَأَبُو الْأَخْوَصِ دَاوُدُ بْنُ رَاشِدٍ الْبَصْرِيُّ ; ن، م: وَأَبُو الْأَحْوَصِ دَاوُدُ بْنُ أَسَدٍ الْبَصْرِيُّ ; الْمَقَالَاتِ: أَبُو الْأَحْوَصِ دَاوُدُ بْنُ رَاشِدٍ الْبَصْرِيُّ. وَقَدِ اخْتَلَفَتْ كُتُبُ رِجَالِ الشِّيعَةِ فِي اسْمِهِ وَكُنْيَتِهِ وَلَقَبِهِ، فَقَالَ النَّجَاشِيُّ (الرِّجَالَ، ص [0 - 9] 20) : " دَاوُدُ بْنُ أَسَدِ بْنِ أَعْفُرَ، أَبُو الْأَخْوَصِ الْبَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ، شَيْخٌ جَلِيلٌ فَقِيهٌ مُتَكَلِّمٌ، مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ، ثِقَةٌ ثِقَةٌ ". وَنَقَلَ ابْنُ الْمُطَهَّرِ الْحِلِّيُّ فِي رِجَالِهِ (ص [0 - 9] 9) كَلَامَ النَّجَاشِيِّ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: " دَاوُدُ: أَسَدُ بْنُ عُفَيْرٍ - بِضَمِّ الْعَيْنِ - أَبُو الْأَحْوَصِ الْبَصْرِيُّ ". وَقَالَ الطُّوسِيُّ فِي الْفِهْرِسْتِ (ص [0 - 9] 21) : " أَبُو الْأَحْوَصِ الْمِصْرِيُّ، مِنْ جِلَّةِ مُتَكَلِّمِي الْإِمَامِيَّةِ ، لَقِيَهُ الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى النُّوبَخْتِيُّ وَأَخَذَ عَنْهُ " وَأَمَّا ابْنُ ذ فَقَالَ فِي مَعَالِمِ الْعُلَمَاءِ (ص [0 - 9] 39) : " أَبُو الْأَحْوَصِ الْبَصْرِيُّ، مُتَكَلِّمٌ، لَقِيَ الْحَسَنَ النُّوبَخْتِيَّ وَأَخَذَ عَنْهُ، لَهُ كِتَابُ الرَّدِّ عَلَى الْعُثْمَانِيَّ ةِ ". وَذَكَرَ الْعَامِلِيُّ فِي: أَعْيَانِ الشِّيعَةِ 6/92 بَعْضَ هَذَا الْخِلَافِ فَقَالَ: " أَبُو الْأَحْوَصِ الْمِصْرِيُّ أَوِ الْبَصْرِيُّ، اسْمُهُ دَاوُدُ بْنُ أَسَدِ بْنِ عُفَيْرٍ أَوْ أَعْفُرَ " وَانْظُرْ تَعْلِيقَ رِتِير عَلَى الْمَقَالَاتِ 1/63.
(2) ع: وَأَلْغَا لَهُمْ ; ن، م: وَأَلْقَى إِلَيْهِمْ.
(3) أَهْلِ: فِي (ع) فَقَطْ.
(4) لَا: فِي (ع) فَقَطْ.
(5) ب، ا: وَمِنْ أَئِمَّةِ
===========================
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (154)
صـ 517 إلى صـ 523
أصحاب أبي حنيفة ولا مالك ولا الشافعي ولا أحمد بن حنبل: لا من أهل الحديث ولا من أهل الرأي، فلا يعرف في هؤلاء (1) من قال: إن الله جسم طويل عريض عميق، وأنه يجوز عليه المصافحة، وأن الصالحين من المسلمين (2) يعاينونه في الدنيا (3) ، فإن (4) كان مقصوده بجماعة الحشوية والمشبهة بعض هؤلاء فهو (5) كذب ظاهر عليهم، وهذه كتب هذه الطوائف، ورجالهم الأحياء والأموات لا يعرف عن (6) أحد منهم شيء من ذلك، بل أئمة هؤلاء الطوائف المعروفون بالعلم فيهم متفقون على أن الله لا يرى في الدنيا بالعيون وإنما يرى في الآخرة، كما ثبت في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " «واعلموا أن أحدا منكم لن يرى ربه حتى يموت» " (7) ". .
والمذهب الشائع الظاهر فيهم مذهب أهل السنة والجماعة: أن الله
**_________
(1) ع: ولا يعرف هؤلاء ; ب، ا: فلا يعرف من هؤلاء.
(2) ع: المصلحين من المؤمنين.
(3) في الدنيا: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(4) ع: وإن.
(5) ن، م: فهذا.
(6) ب (فقط) : من.
(7) الحديث رواه مسلم 4/2245 (كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب ذكر ابن صياد) ونصه: " قال ابن شهاب: وأخبرني عمر بن ثابت الأنصاري أنه أخبره بعض أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال يوم حذر الناس الدجال أنه مكتوب بين عينيه كافر يقرؤه من كره عمله أو يقرؤه كل مؤمن ". وقال: تعلموا أنه لن يرى أحد منكم ربه عز وجل حتى يموت ". وجاء الحديث في سنن الترمذي 3/345 (كتاب الفتن باب ما جاء في الدجال) . وفيه: " تعلمون أنه لن يرى. . " الحديث. وروى الدارمي الحديث في كتابه " الرد على الجهمية " ص [0 - 9] 1 وفيه: وقال: " تعلمون أنه لن يرى أحدكم ربه حتى يموت ". ووردت هذه العبارة بمعناها في حديث آخر طويل عن أمامة الباهلي رضي الله عنه جاء فيه (سنن ابن ماجه 2/36 كتاب الفتن، باب فتنة الدجال) : " أنه يبدأ فيقول: أنا نبي ولا نبي بعدي ثم يثني فيقول: أنا ربكم، ولا ترون ربكم حتى تموتوا. . . الحديث
============================== =======
تعالى يرى في الآخرة بالأبصار، ومن أنكر ذلك كان مبتدعا عندهم، وإن كان في المنتسبين إليهم من يقول ذلك فليس هو قول أئمتهم ولا الذين يفتى بقولهم، ومن أراد أن ينقل مقالة عن طائفة فليسم القائل والناقل، وإلا فكل أحد يقدر على الكذب، فقد تبين كذبه فيما نقله عن أهل السنة، كما تبين أن تلك الأقوال وما هو أشنع منها من (1) أقوال سلف (2) الإمامية.
الوجه الثالث: أن يقال: إن الطائفة إنما تتميز (3) باسم رجالها أو بنعت أحوالها، فالأول كما يقال: النجدات (4) .
**_________
(1) من: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(2) ن، م: سلفه.
(3) أ: ينتمي ; تسمى ; م: تميز.
(4) النجدات - ويقال لهم النجدية - أتباع نجدة بن عامر - أو عويمر الحنفي، وهو من بني حنيفة، كان من أتباع نافع بن الأزرق ثم فارقه وخرج مستقلا باليمامة سنة 66 أيام عبد الله بن الزبير واستولى على البحرين وعمان وما حولهما وتسمى بأمير المؤمنين، ثم نقم عليه بعض أتباعه فقتلوه سنة 69. وخالف النجدات سائر الخوارج في أمور: منها: عدم قولهم بأن كل كبيرة كفر، وبأن أصحاب الكبائر يعذبون عذابا دائما، وحكي عنهم أنهم قالوا بعدم الحاجة إلى إمام وأن عليهم أن يحكموا كتاب الله فيما بينهم. ويذكر عنهم ابن تيمية فيما بعد 3/62 (ب) أن الصحابة لم يكفروهم وأن ابن عمر رضي الله عنه وغيره من الصحابة كانوا يصلون خلف نجدة، وأن ابن عباس رضي الله عنهما أجابه عن مسائل سأله عنها وجاء حديثه في البخاري (وقارن لسان الميزان 6/168 وفيه أن الجوزجاني ذكره في الضعفاء) . وانظر أيضا عن نجدة والنجدات: تاريخ اليعقوبي 2/263، 272، 273 ; الأخبار الطوال للدينوري، ص [0 - 9] 07 ; العبر للذهبي 1، 77 ; شرح نهج البلاغة (ط. المعارف) 4/132 - 134 - 135 - 141 ; رغبة الآمل شرح كتاب الكامل للمبرد 7/102 (ط. صبيح 1348/1929) ; مقالات الإسلاميين 1/157، 162، 164، 189، 190 ; الملل والنحل 1/110 - 112 ; الفرق بين الفرق، ص [0 - 9] 2 - 54 ; التبصير في الدين، ص [0 - 9] 0 - 31 ; الخطط للمقريزي 2/354 ; الفصل لابن حزم 5/53، التنبيه للملطي، ص [0 - 9] 5 ; الأعلام 8/324 - 325
============================== =======
والأزارقة (1) . والجهمية (2) والنجارية (3) والضرارية (4) (5 ونحو ذلك. والثاني 5) (5)
**_________
(1) أتباع أبي راشد نافع بن الأزرق بن قيس الحنفي البكري الوائلي، من أهل البصرة، صحب في أول أمره عبد الله بن عباس، وكان من الثائرين على عثمان، ثم من الخارجين على علي في حروراء، وخرج بعد ذلك على عبد الله بن الزبير، وقاتله المهلب بن أبي صفرة إلى أن قتل سنة 65. وعرفت الأزارقة بتطرفها يكفرون كل من خالفهم وكل أصحاب الكبائر ويستبيحون قتل مخالفيهم حتى الأطفال منهم. ويتكلم ابن تيمية عن نافع فيما بعد 3/62 (ب) . وانظر عن نافع بن الأزرق وعن الأزارقة: تاريخ الطبري 4/476 - 482 ; تاريخ اليعقوبي 2/265 ; 272 ; الأخبار الطوال، ص [0 - 9] 69 - 277 ; رغبة الآمل 7 وما بعدها ; شرح نهج البلاغة (ط. المعارف) 4/136 - 141، 141 - 203 ; دائرة المعارف الإسلامية، مادة " الأزارقة " ومادة " الخوارج " ; لسان الميزان 6/144 - 145 ; الأعلام 8/315 - 316 ; مقالات الإسلاميين 1/157 - 162، 169، 190 ; الملل والنحل 1/106، 109 - 110 ; الفرق بين الفرق، ص [0 - 9] 0 - 52 ; التبصير في الدين، ص [0 - 9] 9 - 30 ; الخطط للمقريزي 2/354 ; الفصل لابن حزم 5/52 - 53 ; التنبيه للملطي، ص [0 - 9] 4 - 55 ; التعريفات للجرجاني، مادة " الأزارقة "
(2) سبق الكلام عنهم 1/9 (ت [0 - 9] ) .
(3) انظر ما ذكرناه عنهم من قبل 2/100. وانظر عنهم أيضا: التعريفات للجرجاني. مادة " النجارية ".
(4) انظر ما ذكرناه عنهم من قبل 2/100.
(5) : (5 - 5) ساقط من (ب) ، (أ)
============================== =========
كما يقال: الرافضة والشيعة والقدرية (1) والمرجئة (2) والخوارج ونحو ذلك.
**[الكلام على لفظ الحشوية]
فأما لفظ " الحشوية " (3) فليس فيه (4) ما يدل على شخص معين ولا مقالة معينة، فلا يدرى من هم هؤلاء. وقد قيل: [إن] (5) أول من تكلم بهذا اللفظ عمرو بن عبيد (6) \ 252. فقال: كان عبد الله بن عمر حشويا (7) . . وكان هذا
**_________
(1) انظر عنهم ما سبق 1/11.
(2) انظر عنهم ما سبق 1/65.
(3) قال التهانوي في " كشاف اصطلاحات الفنون ": " الحشوية بسكون الشين وفتحها، وهم قوم تمسكوا بالظواهر فذهبوا إلى التجسيم وغيره، وهم من الفرق الضالة. قال السبكي في " شرح أصول ابن الحاجب ": الحشوية طائفة ضلوا عن سواء السبيل يجرون آيات الله على ظاهرها ويعتقدون أنه المراد، سموا بذلك لأنهم كانوا في حلقة الحسن البصري فوجدهم يتكلمون كلاما، فقال: ردوا هؤلاء إلى حشاء الحلقة، فنسبوا إلى حشاء فهم حشوية بفتح الشين. وقيل: سموا بذلك لأن منهم المجسمة، أو هم هم، والجسم حشو فعلى هذا القياس فيه بسكون الشين نسبة إلى الحشو. وقيل: المراد بالحشوية طائفة لا يرون البحث في آيات الصفات التي يتعذر إجراؤها على ظاهرها، بل يؤمنون بما أراده الله مع جزمهم بأن الظاهر غير مراد ويفوضون التأويل إلى الله، وعلى هذا إطلاق الحشوية عليهم غير مستحسن؛ لأنه مذهب السلف ". وانظر أيضا: مادة " الحشوية ". بدائرة المعارف الإسلامية ; ما ذكره الشهرستاني عن " مشبهة الحشوية " في الملل والنحل 1/96 - 99، ونقله عنه الإيجي في " المواقف "، ص [0 - 9] 29، ط. القاهرة، 1356
(4) ب، ا: فيها.
(5) إن: زيادة في (أ) ، (ب) .
(6) سبقت ترجمته 1. وانظر عنه أيضا: تاريخ بغداد 12/166 - 188 ; مروج الذهب للمسعودي 3/314 ; الأعلام 5
(7) ذكر مقالة عمرو هذه عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ابن العماد الحنبلي في: شذرات الذهب 1/211. وكتب مستجي زاده في هامش (ع) تعليقا على ذلك: " قلت: فانظر إلى جسارة عمرو بن عبيد حتى يطعن على مثل عبد الله بن عمر في عقيدته لكون عقيدته الباطلة مخالفة لعقيدته الحقة "
============================== ======
اللفظ في اصطلاح من قاله يريد [به] (1) العامة الذين هم حشو، كما تقول الرافضة عن مذهب أهل السنة مذهب الجمهور.
فإن كان مراده بالحشوية طائفة من أصحاب الأئمة الأربعة دون غيرهم، كأصحاب [أحمد] أو الشافعي أو مالك (2) .، فمن المعلوم أن هذه المقالات لا توجد فيهم أصلا، بل هم يكفرون من يقولها، ولو قدر أن بعضها وجد في بعضهم فليس ذلك من خصائصهم، بل كما يوجد مثل (3) ذلك في سائر الطوائف.
وإن كان مراده بالحشوية أهل الحديث على الإطلاق: سواء كانوا من أصحاب هذا أو هذا، فاعتقاد أهل الحديث هو السنة المحضة؛ لأنه هو الاعتقاد الثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وليس في اعتقاد أحد من أهل الحديث شيء من هذا، والكتب شاهدة بذلك.
وإن كان مراده بالحشوية عموم أهل السنة والجماعة مطلقا، فهذه الأقوال لا تعرف في عموم المسلمين وأهل السنة، وجمهور المسلمين لا يظنون أن أحدا قال هذا (4) ، وإذا كان في بعض جهال العامة من يقول هذا أو أكثر من هذا، لم يجز أن يجعل هذا اعتقادا لأهل السنة
**_________
(1) به: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) ب، أ: كأصحاب أحمد والشافعي ومالك، وسقطت كلمة " أحمد " من (ن)
(3) مثل: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) ب، أ: وجمهور الناس ما يظنون أحدا قال هذا ; ن، م: وجمهور الناس ما يظنون أن أحدا قال هذا
============================== ======
والجماعة (1) يعابون به (2) ، وإنما العيب فيما قالته رجال (3) الطائفة وعلماؤها، كما ذكرناه عن أئمة الشيعة، فإن أئمة الشيعة هم القائلون للمقالات الشنيعة، كما قد علم.
**[لفظ المشبهة]
وأما لفظ " المشبهة " (4) فلا ريب أن أهل السنة والجماعة والحديث من أصحاب مالك والشافعي وأبي حنيفة وأحمد وغيرهم متفقون على تنزيه الله تعالى عن مماثلة الخلق، و [على] ذم (5) المشبهة الذين يشبهون صفاته بصفات خلقه (6) ، ومتفقون على أن الله ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا [في] أفعاله (7) .
**_________
(1) ب، أ: أن يجعل هذا الاعتقاد لأهل السنة والجماعة.
(2) ن: يعابون بهذا. وكتب مستجي زاده في هامش (ع) ما يلي: " أقول: وفي غير موضع من تفسير الكشاف أنه يستعمل لفظ " الحشوية " في أهل السنة، وكذا في تفسير البيضاوي يذكر الحشوية في مواضع، وفهمت أنا من كلمات هؤلاء - أعني الشيعة والزمخشري والبيضاوي - أن كل من يقول بمقالات السلف في الاعتقاديات، ويحملون النصوص على ظواهرها، ولا يصرفونها عن ظواهرها بآرائهم، مثل الجهمية ومن اتبعوهم من المعتزلة والروافض ومتأخري (بالأصل: ومتأخرو) الحنفية والشافعية، فهم عندهم حشوية. فالحنابلة كلهم عندهم حشوية، وكذا أهل الحديث مثل البخاري ومسلم وإسحاق بن راهويه وسفيان الثوري وسفيان بن عيينة وحماد بن. . . ومن يحذو حذوهم من أئمة الحديث، فهؤلاء كلهم حشوية عندهم ".
(3) رجال: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) يقول التهانوي في " كشاف اصطلاحات الفنون ": " المشبهة على صيغة اسم الفاعل من التشبيه، وهو يطلق على فرقة من كبار الفرق الإسلامية شبهوا الله بالمخلوقات ومثلوه بالحادثات، ولأجل ذلك جعلناهم فرقة واحدة قائلة بالتشبيه وإن اختلفوا في طريقه ". وانظر عن المشبهة أيضا ما ورد في الملل والنحل 1/95 - 99 ; دائرة المعارف الإسلامية، مادة " التشبيه " ; وانظر أيضا ما سبق 2/102.
(5) ب، أ: وذم ; ن، م: وأنتم، وهو تحريف.
(6) ب، أ، ن، م: الذين يمثلون صفاته به بصفات الخلق.
(7) ن، م: ولا أفعاله
============================== =========
**[طريقة السلف في الصفات]
وطريقة سلف الأمة وأئمتها: أنهم يصفون الله بما وصف به نفسه وبما وصفه (1) به رسوله: من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف ولا تمثيل: إثبات بلا تمثيل، وتنزيه بلا تعطيل، إثبات الصفات، ونفي مماثلة المخلوقات، قال تعالى: {ليس كمثله شيء} فهذا رد على الممثلة {وهو السميع البصير} [سورة الشورى: 11] رد على المعطلة.
[فقولهم في الصفات مبني على أصلين: أحدهما: أن الله سبحانه وتعالى منزه عن صفات النقص مطلقا كالسنة والنوم والعجز والجهل وغير ذلك.
والثاني: أنه متصف بصفات الكمال التي لا نقص فيها على وجه الاختصاص بما له من الصفات، فلا يماثله شيء] (2) من (3 المخلوقات في شيء من الصفات. 3) (3) ولكن نفاة الصفات يسمون كل من أثبت شيئا من الصفات مشبها، بل المعطلة المحضة الباطنية نفاة الأسماء يسمون من سمى الله بأسمائه الحسنى مشبها، فيقولون: إذا قلنا حي عليم فقد شبهناه بغيره من الأحياء العالمين، وكذلك إذا قلنا: (4) هو سميع بصير فقد شبهناه بالإنسان السميع البصير (5) ، وإذا قلنا: هو رءوف رحيم فقد شبهناه بالنبي (6) الرءوف
**_________
(1) ن، م: وبما وصف.
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(3) (3 - 3) : في (ع) .
(4) إذا قلنا: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(5) ع: فقد شبهناه بالسميع البصير.
(6) ب، أ: بالشيء، وهو تحريف
============================== ====
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (155)
صـ 524 إلى صـ 530
الرحيم، بل قالوا: إذا قلنا: إنه موجود فقد شبهناه بسائر الموجودات (1 لاشتراكهما في مسمى الوجود. 1) (1) فقيل لهؤلاء: (2) فقولوا ليس بموجود ولا حي.
فقالوا: أو من قال منهم -: إذا قلنا ذلك فقد شبهناه بالمعدوم.
وبعضهم قال: ليس بموجود ولا معدوم ولا حي ولا ميت. (3) فقيل لهم: فقد شبهتموه بالممتنع، بل جعلتموه نفسه ممتنعا، فإنه كما يمتنع اجتماع النقيضين يمتنع ارتفاع النقيضين، فمن قال: إنه موجود معدوم فقد جمع بين النقيضين، [ومن قال: ليس بموجود ولا معدوم فقد (4) رفع النقيضين] (5) وكلاهما ممتنع، فكيف يكون الواجب الوجود ممتنع الوجود؟ ! .
والذين قالوا: لا نقول هذا ولا هذا.
قيل لهم: عدم علمكم وقولكم لا يبطل الحقائق في أنفسها، بل هذا نوع من السفسطة (6) .
**_________
(1) (1 - 1) : ساقطة من (ع) .
(2) ع: لهم.
(3) ولا حي ولا ميت: ساقطة من (ع) .
(4) فقد: في (ع) فقط.
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(6) يقول الفارابي في كتابه " إحصاء العلوم "، ص 24، تحقيق: الأستاذ الدكتور عثمان أمين، ط. الخانجي، 1350/1931 وهذا الاسم - أعني السوفسطائية - اسم المهنة التي بها يقدر الإنسان على المغالطة والتمويه والتلبيس بالقول والإيهام. . . وهو مركب في اليونانية من " سوفيا " وهي الحكمة، ومن " أسطس " وهي المموهة، فمعناه: حكمة مموهة وانظر في الكتاب، ص 24، 26، وانظر تعليقات الأستاذ المحقق. وانظر أيضا: التعريفات للجرجاني، مادة " السفسطة " ; دستور العلماء للقاضي عبد النبي بن عبد الرسول الأحمد نكري (ط. حيدر آباد) مادة " السفسطة " ; مفاتيح العلوم للخوارزمي (ط. المنيرية، 1342) ، ص [0 - 9] 1 ; وانظر كتاب السفسطة (ج [0 - 9] من منطق الشفاء) لابن سينا (وخاصة ص [0 - 9] ) وانظر تصدير الدكتور إبراهيم مدكور ومقدمة الدكتور أحمد فؤاد الأهواني
============================== ====
فإن السفسطة ثلاثة أنواع: نوع هو جحد الحقائق والعلم بها. وأعظم من هذا قول من يقول عن الموجود الواجب القديم الخالق: إنه لا موجود ولا معدوم، وهؤلاء متناقضون، فإنهم جزموا بعدم الجزم.
ونوع هو قول المتجاهلة اللاأدرية الواقفة الذين يقولون: لا ندري هل ثم حقيقة (1) وعلم أم لا. وأعظم من هذا قول من يقول: لا أعلم ولا أقول: هو موجود أو معدوم أو حي أو ميت.
ونوع ثالث قول من يجعل الحقائق تتبع العقائد.
فالأول ناف لها، والثاني واقف فيها، والثالث يجعلها تابعة لظنون (2) الناس.
وقد ذكر صنف رابع: وهو الذي يقول: إن العالم في سيلان فلا يثبت له حقيقة. وهؤلاء من الأول لكن هذا يوجبه قولهم (3) .
والمقصود هنا أن إمساك الإنسان عن النقيضين لا يقتضي رفعهما.
**_________
(1) ع: هل له حقيقة.
(2) ن، م: لطرق.
(3) ن، م: توجيه قولهم. وقال ابن حزم (الفصل 1/9) عند كلامه عن السوفسطائية: " ذكر من سلف من المتكلمين أنهم ثلاث أصناف: فصنف منهم نفى الحقائق جملة، وصنف شكوا فيها، وصنف منهم قالوا هي حق عند من عنده حق وهي باطل عند من هي عنده باطل ". ويقسمهم الجرجاني (شرح المواقف للإيجي 1/117 - 118) إلى: اللاأدرية القائلين بالتوقف، والعنادية وهم الذين يعاندون ويدعون بأنهم جازمون بأن لا موجود أصلا، والعندية وهم القائلون بأن حقائق الأشياء تابعة للاعتقادات "
=============================
وحاصل هذا القول منع القلوب والألسنة والجوارح عن معرفة الله وذكره وعبادته، فهو تعطيل وكفر بطريق الوقف والإمساك، لا بطريق النفي والإنكار.
وأصل ضلال هؤلاء أن لفظ " التشبيه " لفظ فيه إجمال، فما من شيئين إلا وبينهما قدر مشترك يتفق فيه الشيئان (1) . ولكن ذلك المشترك المتفق عليه لا يكون في الخارج بل في الذهن، ولا يجب تماثلهما فيه، بل الغالب تفاضل الأشياء في ذلك القدر [المشترك] (2) ، فأنت إذا قلت عن المخلوقين (3) : حي وحي، وعليم وعليم، وقدير وقدير، لم يلزم (4 تماثل الشيئين في الحياة والعلم والقدرة، ولا يلزم 4) (4) أن تكون حياة أحدهما وعلمه وقدرته نفس حياة الآخر وعلمه وقدرته، ولا أن يكونا مشتركين في موجود (5) في الخارج عن الذهن.
ومن هنا ضل (6) هؤلاء الجهال بمسمى التشبيه الذي يجب نفيه عن الله، وجعلوا ذلك ذريعة إلى التعطيل المحض. والتعطيل شر من التجسيم، والمشبه يعبد صنما، والمعطل يعبد عدما، والممثل أعشى، والمعطل أعمى.
ولهذا كان جهم إمام هؤلاء وأمثاله يقولون: إن الله ليس بشيء (7) ،
**_________
(1) ب (فقط) : شيئان.
(2) المشترك: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) ب، أ: عن المخلوقات. وسقطت العبارة من (ع) .
(4) : (4 - 4) ساقط من (ب) ، (أ) . وسقطت كلمة " الحياة " من (ن) ، (م) .
(5) ن، م: مشتركين موجودين.
(6) ع: ظن، وهو تحريف.
(7) يقول الأشعري عن الجهم (المقالات 1/312) : " ويحكى عنه أنه كان يقول: لا أقول إن الله سبحانه شيء لأن ذلك تشبيه له بالأشياء ". ويقول أيضا (2/180) : " إن البارئ لا يقال إنه شيء لأن الشيء عنده هو المخلوق الذي له مثل "
============================== ==
وروي عنه أنه قال: لا يسمى باسم يسمى به الخالق، فلم يسمه (1) إلا بالخالق القادر لأنه كان جبريا يرى أن العبد لا قدرة له (2) ، وربما قالوا: ليس بشيء كالأشياء. (3) ولا ريب أن الله تعالى ليس كمثله شيء، ولكن ليس مقصودهم إلا أن حقيقة التشبيه منتفية عنه حتى (4) لا يثبتون أمرا متفقا عليه. (5) * وتحقيق هذا الموضع بالكلام في معنى التشبيه والتمثيل. أما " التمثيل " فقد نطق الكتاب بنفيه عن الله في غير موضع، كقوله تعالى: {ليس كمثله شيء} [سورة الشورى: 11] ، وقوله: {هل تعلم له سميا} [سورة مريم: 65] وقوله: {ولم يكن له كفوا أحد} ، وقوله: {فلا تجعلوا لله أندادا} [سورة البقرة: 22] ، وقوله: {فلا تضربوا لله الأمثال} [سورة النحل: 74] . ولكن وقع في لفظ " التشبيه " إجمال كما سنبينه إن شاء الله تعالى.
وأما لفظ " الجسم " و " الجوهر " و " المتحيز " (6) و " الجهة " ونحو ذلك
**_________
(1) ب: فلا يسميه، وهو تحريف.
(2) ع: أن غير الله لا قدرة له، ويقول الشهرستاني عن آراء الجهم (الملل والنحل 1/79) : " منها قوله: لا يجوز أن يوصف الباري تعالى بصفة يوصف بها خلقه، لأن ذلك يقتضي تشبيها، فنفى كونه حيا عالما وأثبت كونه قادرا فاعلا خالقا، لأنه لا يوصف شيء من خلقه بالقدرة والفعل والخلق ". وانظر أيضا: الفرق بين الفرق، ص 128 ; التبصير في الدين، ص 64. وانظر عن قوله بالجبرة المقالات 1/312 ; الملل والنحل 1/80 ; الفرق بين الفرق، ص [0 - 9] 18 ; التبصير في الدين، ص [0 - 9] 3.
(3) انظر المقالات 2/181. وفي (ن) ، (م) : ليس بشيء من الأشياء.
(4) حتى: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(5) (*) عند هذا الموضع يوجد سقط كبير في نسختي (ن) ، (م) . يستمر حتى ص 580.
(6) ب (فقط) : التحيز
==========================
فلم ينطق كتاب ولا سنة بذلك (1) في حق الله لا نفيا ولا إثباتا، وكذلك لم ينطق بذلك أحد من الصحابة والتابعين لهم بإحسان وسائر أئمة المسلمين من أهل البيت وغير أهل البيت، فلم ينطق أحد منهم بذلك في حق الله لا نفيا ولا إثباتا.
وأول من عرف عنه التكلم بذلك (2) نفيا وإثباتا أهل الكلام المحدث من النفاة: كالجهمية والمعتزلة، ومن المثبتة: كالمجسمة من الرافضة وغير الرافضة.
فالنفاة نفوا هذه الأسماء، وأدخلوا في النفي ما أثبته الله ورسوله من صفات كعلمه وقدرته ومشيئته ومحبته ورضاه وغضبه وعلوه، وقالوا: إنه لا يرى، ولا يتكلم بالقرآن ولا غيره، ولكن معنى كونه متكلما أنه خلق كلاما في جسم من الأجسام غيره (3) ، ونحو ذلك.
والمثبتة أدخلوا في ذلك من الأمور ما نفاه الله ورسوله، حتى قالوا: إنه يرى في الدنيا بالأبصار (4) ، ويصافح، ويعانق، وينزل إلى الأرض،
**_________
(1) ع: فلم ينطق في ذلك كتاب ; أ: فلم ينطق به كتاب ولا سنة بذلك.
(2) ب، أ: وأول من عرف أنه يتكلم بذلك.
(3) ب، أ: وغيره.
(4) في الدنيا: ساقطة من (ب) فقط ; وفي (أ) : يرى بالأبصار في الدنيا. وقد روى الشوكاني في كتابه " الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة " بعض الأحاديث التي يذكر أحدها أن الرسول رأى الله تعالى يوم الإسراء (ص 441) . وفي حديث آخر (ص 447) أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - رأى ربه في المنام في صورة شاب، ونقل الشوكاني أقوال الأئمة في بيان وضع الحديثين. وفي " اللآلئ المصنوعة " للسيوطي 1/12 - 13 و " الفوائد المجموعة " للشوكاني، ص 441 ; و " تنزيه الشريعة " لابن عراق 1/137 حديث موضوع نصه (كما في اللآلئ المصنوعة) : عن أنس مرفوعا. . ليلة أسري بي إلى السماء أسريت فرأيت ربي بيني وبينه حجاب بارز من نار، فرأيت كل شيء منه حتى رأيت تاجا مخوصا من اللؤلؤ "
============================== ===
وينزل عشية عرفة راكبا على جمل أورق (1) يعانق المشاة ويصافح الركبان (2) ، وقال بعضهم: إنه يندم ويبكي ويحزن، وعن بعضهم أنه لحم ودم، ونحو ذلك من المقالات التي تتضمن وصف الخالق جل جلاله بخصائص المخلوقين.
والله سبحانه منزه عن أن يوصف بشيء من الصفات المختصة بالمخلوقين، وكل ما اختص بالمخلوق فهو صفة نقص، والله تعالى منزه عن كل نقص ومستحق لغاية (3) الكمال، وليس له مثل في شيء من صفات الكمال، فهو منزه عن النقص مطلقا، ومنزه في الكمال أن يكون له مثل، كما قال تعالى: {قل هو الله أحد - الله الصمد - لم يلد ولم يولد - ولم يكن له كفوا أحد} [سورة الإخلاص: 1 - 4] ، فبين أنه أحد صمد، واسمه الأحد يتضمن نفي المثل، واسمه الصمد يتضمن جميع صفات
**_________
(1) ع: على حمار أورق.
(2) ورد الحديث بهذا النص: " رأيت ربي بمنى يوم النفر على جمل أورق عليه جبة صوف أمام الناس " في " تذكرة الموضوعات " لمحمد طاهر بن علي الهندي الفتني (ط. المنيرية، 1343) ، ص [0 - 9] 2 - 13، وفي " موضوعات القاري " (ط. استانبول) ، ص 44 ; وفي " كشف الخفاء " لإسماعيل بن محمد العجلوني (ط. القدسي، 1351) ، ص 436. واتفقت الكتب الثلاث على أن الحديث موضوع لا أصل له. وروى السيوطي حديثا آخر (اللآلئ المصنوعة 1/27، ط. الحسينية، 1352) نصه: " إذا كان عشية عرفة هبط الله إلى السماء الدنيا فيطلع على أهل الموقف. . إلخ. وحديثا ثالثا (1/28) : رأيت ربي يوم عرفة بعرفات على جمل أحمر عليه إزاران وهو يقول. . إلخ. ونقل السيوطي عن الأئمة ما يدل على وضع الحديثين. وانظر: الفوائد المجموعة للشوكاني، ص [0 - 9] 47 ; تنزيه الشريعة لابن عراق 1/138 - 139.
(3) ب (فقط) : لغايات
============================== ====
الكمال، كما قد بينا ذلك في الكتاب المصنف في تفسير قل هو الله أحد (1) .
**[عود إلى الكلام على لفظ الجسم]
وأما لفظ " الجسم " (2) فإن الجسم عند أهل اللغة كما ذكره الأصمعي وأبو زيد وغيرهما هو الجسد والبدن (3) ، وقال تعالى: {وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم} [سورة المنافقون: 4] ، وقال تعالى {وزاده بسطة في العلم والجسم} [سورة البقرة: 247] ، فهو يدل في اللغة على معنى الكثافة والغلظ كلفظ الجسد، ثم قد يراد به نفس الغليظ، وقد يراد به غلظه، فيقال: لهذا الثوب جسم أي غلظ وكثافة، ويقال: هذا أجسم من هذا أي أغلظ وأكثف. (4) ثم صار لفظ " الجسم " في اصطلاح أهل الكلام أعم من ذلك، فيسمون الهواء وغيره من الأمور اللطيفة (5) جسما، وإن كانت العرب لا تسمي هذا جسما، وبينهم نزاع فيما يسمى جسما: هل هو مركب من الجواهر المنفردة التي لا يتميز منها شيء عن شيء: إما جواهر متناهية (6 كما يقوله أكثر القائلين بالجوهر الفرد، وإما غير متناهية 6) (6) كما يقوله (7)
**_________
(1) ع: في تفسير (قل هو الله أحد الله الصمد) والمقصود هنا كتاب " تفسير سورة الإخلاص " وسبق الكلام عليه 2/140 (ت [0 - 9] ) .
(2) سبق كلام ابن تيمية عن معاني الجسم 2/134 وما بعدها، 2/198 وما بعدها.
(3) في " الصحاح " للجوهري: " قال أبو زيد: الجسم: الجسد، وكذلك الجسمان والجثمان. وقال الأصمعي: الجسم والجسمان الجسد والجثمان الشخص ".
(4) في اللسان: " ورجل جسماني وجثماني إذا كان ضخم الجثة. . وقد جسم الشيء أي عظم. . والأجسم الأضخم.
(5) ع: من الأمور اللفظية، وهو تحريف.
(6) : (6 - 6) ساقط من (ب) ، (أ) .
(7) ت، أ: كما يقول
============================== ===
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (156)
صـ 531 إلى صـ 537
النظام (1) ، والتزم الطفرة المعروفة بطفرة النظام (2) ، أو هو مركب من المادة والصورة كما يقوله من يقوله من المتفلسفة، أو ليس مركبا لا من هذا ولا من هذا كما يقوله أكثر الناس، وهو قول الهشامية والكلابية (3) والنجارية والضرارية وكثير من الكرامية على ثلاثة أقوال، وكثير من الكتب ليس فيها إلا القولان الأولان.
والصواب أنه ليس مركبا لا من هذا ولا من هذا، كما قد بسط في موضعه.
وينبني على هذا أن ما يحدثه الله من الحيوان (4) والنبات والمعادن فإنها أعيان يخلقها الله تعالى على قول نفاة الجوهر الفرد، وعلى قول
**_________
(1) سبق الكلام عن النظام 1/404. وتكلم ابن تيمية من قبل أكثر من مرة عن الجواهر الفردة أو الأجزاء التي لا تتجزأ وناقش أقوال مثبتيها ونفاتها. انظر مثلا: 1/414، 2/134 - 139، 208 - 209.
(2) أدى إنكار النظام للجواهر الفردة وقوله بأنها تتجزأ إلى ما لا نهاية إلى قوله بالطفرة، وذلك أن خصومه اعترضوا عليه بقولهم: إذا مشت نملة على صخرة من طرف إلى طرف فإنها تكون قد قطعت ما لا يتناهى، فكيف يقطع ما يتناهى ما لا يتناهى؟ فقال النظام إن النملة تقطع بعض الصخرة بالمشي وبعضها بالطفرة، أي إنها تنتقل من المكان الأول إلى الثاني سيرا ثم تطفر من المكان الثاني إلى الرابع أو الخامس. وانظر: المقالات للأشعري 2/18 - 19 ; الملل والنحل 1/57 - 58 ; الفرق بين الفرق، ص [0 - 9] 5 ; التبصير في الدين، ص 43، الدكتور محمد عبد الهادي أبو ريدة: إبراهيم بن سيار النظام ; ص 129 - 131.
(3) بعد كلمة " والكلابية " في (ع) : والنصرية، ورجحت أن تكون زيادة من الناسخ، وانظر ما سبق 2/137.
(4) ب، أ: الحيوانات
============================== =======
مثبتيه (1) إنما يحدث أعراضا وصفات (2) ، وإلا فالجواهر باقية ولكن اختلف تركيبها، وينبني على ذلك الاستحالة.
فمثبتة الجوهر الفرد يقولون: لا تستحيل حقيقة إلى حقيقة أخرى، ولا تنقلب الأجناس، بل الجواهر يغير الله عز وجل تركيبها وهي باقية، والأكثرون يقولون باستحالة بعض الأجسام إلى بعض، وانقلاب جنس إلى جنس، وحقيقة إلى حقيقة، كما تنقلب النطفة إلى علقة، والعلقة (إلى) (3) مضغة، والمضغة عظاما، وكما ينقلب الطين الذي خلق (الله) (4) منه آدم لحما ودما وعظاما، وكما تنقلب المادة التي تخلق منها الفاكهة ثمرا (5) ونحو ذلك، وهذا قول الفقهاء والأطباء وأكثر العقلاء.
وكذلك ينبني على هذا تماثل الأجسام، فأولئك يقولون: الأجسام مركبة من الجواهر، وهي متماثلة، فالأجسام متماثلة. والأكثرون يقولون: بل الأجسام مختلفة الحقائق، وليست حقيقة التراب حقيقة النار، ولا حقيقة النار حقيقة الهواء. وهذه المسائل مسائل عقلية لبسطها موضع آخر، والمقصود هنا بيان منشأ النزاع في مسمى الجسم.
والنظار كلهم متفقون (6) - فيما أعلم - على أن الجسم يشار إليه، وإن اختلفوا في كونه مركبا من الأجزاء المنفردة، أو من المادة والصورة، أو لا من هذا ولا من هذا.
**_________
(1) ب، أ: مثبتته.
(2) ع، أ: وصفاتا.
(3) ما بين القوسين في (ع) فقط.
(4) ما بين القوسين في (ع) فقط.
(5) ب، أ: تمرا.
(6) أ: يختلفون
============================
وقد تنازع العقلاء أيضا: هل يمكن وجود موجود قائم بنفسه لا يشار إليه ولا يمكن أن يرى، على ثلاثة أقوال؛ فقيل: لا يمكن ذلك بل هو ممتنع، وقيل: بل هو ممتنع في المحدثات الممكنة التي تقبل الوجود والعدم دون الواجب، وقيل: بل ذلك ممكن في الممكن والواجب، وهذا قول بعض الفلاسفة (1 ومن وافقهم من أهل الملل، 1) (1) (2 ما علمت به قائلا من أهل الملل إلا من أخذه عن هؤلاء الفلاسفة 2) . (2) ومثبتو ذلك يسمونها المجردات والمفارقات، وأكثر العقلاء يقولون: إنما وجود هذه في الأذهان لا في الأعيان، وإنما يثبت من ذلك وجود نفس الإنسان التي تفارق بدنه وتتجرد عنه.
وأما الملائكة التي أخبرت بها الرسل فالمتفلسفة المنتسبون إلى المسلمين يقولون: هي العقول والنفوس المجردات وهي الجواهر العقلية.
**[حقيقة الملائكة]
وأما أهل الملل ومن علم ما أخبر الله به من صفات الملائكة، فيعلمون قطعا أن الملائكة ليست هذه المجردات التي يثبتها هؤلاء، من وجوه كثيرة قد بسطت في غير هذا الموضع؛ فإن الملائكة مخلوقون من نور، كما أخبر بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح. (3)
**_________
(1) : (1 - 1) ساقط من (ع) .
(2) : (2 - 2) ساقط من (ب) ، (أ) .
(3) الإشارة هنا إلى الحديث الصحيح: خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم. وقد ذكرت مكانه في صحيح مسلم والمسند فيما سبق 1/366 (ت [0 - 9] )
============================== ====
وهم كما قال الله تعالى: {وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون - لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون - يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون - ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين} [سورة الأنبياء: 26 - 29] .
وقد أخبر الله عن الملائكة أنهم أتوا إبراهيم ولوطا في صورة البشر حتى قدم لهم إبراهيم العجل، وكان جبريل عليه السلام يأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - في صورة دحية الكلبي (1) . وأتاه (2) مرة في صورة أعرابي حتى رآه الصحابة (3) ، وقد رآه النبي - صلى الله عليه وسلم - في
**_________
(1) ، صحيح مسلم 4/1906 (كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أم سلمة) حديث عن أبي عثمان النهدي عن سلمان الفارسي رضي الله عنه. وفي جزء من هذا الحديث رواية عن أسامة بن زيد رضي الله عنه، وروى هذا الجزء البخاري في صحيحه 4 (كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام) ونصها - وهذه رواية البخاري -: " حدثنا أبو عثمان قال: أنبئت أن جبريل عليه السلام أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - وعنده أم سلمة، فجعل يحدث، ثم قام. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأم سلمة: من هذا؟ - أو كما قال - قال: قالت: هذا دحية. قالت أم سلمة: ايم الله ما حسبته إلا إياه حتى سمعت خطبة نبي الله - صلى الله عليه وسلم - بخبر جبريل - أو كما قال -. قال: فقلت لأبي عثمان: ممن سمعت هذا؟ قال: من أسامة بن زيد ". وانظر: جامع الأصول لابن الأثير 12/44 - 45. وفي المسند (ط. المعارف) 8/167 عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: وكان جبريل عليه السلام يأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - في صورة دحية. قال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله: إسناده صحيح - وانظر تعليقه. وانظر: الصفدية لابن تيمية 1/197
(2) ب، أ: وأتى.
(3) في صحيح البخاري 4/112 (كتاب بدء الخلق، باب ذكر الملائكة) عن عائشة رضي الله عنها أن الحارث بن هشام سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - كيف كان يأتيه الوحي. . . وفي الحديث: ". . يتمثل لي الملك أحيانا رجلا فيكلمني فأعي ما يقول ". وفي البخاري في موضعين آخرين 1
============================== ========
صورته التي خلق عليها مرتين (1) :: مرة بين السماء والأرض، ومرة في السماء عند سدرة المنتهى (2) .
**_________
(1) علق مستجي زاده في هامش (ع) عند هذا الموضع بقوله: " هذا أعدل شاهد لدعوى المصنف، وإبطال لقول من يقول من الإسلاميين إنهم مجردات، ويبطل قولهم أيضا أنه تعالى قال: جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع (سورة فاطر: 1) ، فيشعر أنه خلقهم الله في طباع الأجسام، ثبت لهم ما هو من خواص الأجسام وهو الأجنحة. ولا يقال هاهنا بالمثل، كما يقال في أكثر ما ذكره المصنف في الاستدلال، وهو ظاهر. ويبطله (في الأصل: يبطل) أيضا قول الشارع في حقهم: سكان السماوات، سكان الأرضين، سكان البيت المعمور، إلى غير ذلك. وبالجملة فالقول بتجريد الملائكة مأخوذ من الفلاسفة، يقول من يقول ذلك من المسلمين اتباعا للفلاسفة، وكلام الله وكلام رسوله يأبى عنه كل الإباء، حتى أن كون الملائكة ونفوس البشر التي هي أرواحها من مقولة الأجسام اللطيفة لا من المجردات يكاد يعد من الضرورات الدينية، غايتها أن رؤيتها مشروطة بإرادة الله ومتوقفة عليها، ومتى أراد سبحانه وتعالى رؤيتها رأينا، ومتى لم يرد ما رأينا "
(2) في البخاري 4/115 (كتاب بدء الخلق، باب إذا قال أحدكم آمين) حديث عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى جبريل له ستمائة جناح. وجاء هذا الحديث نفسه في البخاري مرتين في موضعين آخرين 6/141 (كتاب التفسير، سورة النجم، باب فكان قاب قوسين أو أدنى) ، 6/141 (كتاب التفسير، سورة النجم، باب فأوحى إلى عبده ما أوحى) . وفي نفس الموضع 6/140 - 141 (كتاب التفسير، سورة النجم) حديث عن عائشة رضي الله عنها سئلت فيه هل رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - ربه؟ قالت في آخر جوابها: ولكن رأى جبريل عليه السلام في صورته مرتين. وفي نفس الكتاب، باب (لقد رأى من آيات ربه الكبرى) 6/141 حديث عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: فرأى رفرفا أخضر سد الأفق. وفي المسند (ط. المعارف) عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: " رأيت جبريل على سدرة المنتهى وله ستمائة جناح. . الحديث. وانظر البخاري 4/151 - 116 وانظر الصفدية 21/201 - 202
============================== ===
والملائكة تنزل إلى الأرض ثم تصعد (1) إلى السماء، كما تواترت (2) بذلك النصوص. وقد أنزلها [الله] (3) يوم بدر ويوم حنين ويوم الخندق لنصر رسوله والمؤمنين (4) ، كما قال تعالى: {إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين} [سورة الأنفال: 9] ، وقال: {ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها} [سورة التوبة: 26] ، وقال: {فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها} [سورة الأحزاب: 9] ، وقال: {أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون} [سورة الزخرف: 80] ، وقال: {حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون} (5) [سورة الأنعام: 71] ، وقال الله تعالى: {ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم} [سورة الأنفال: 50] ، {ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم أخرجوا أنفسكم} [سورة الأنعام: 93] .
ومثل هذا في القرآن كثير يعلم ببعضه أن ما وصف (الله) به (6) الملائكة
**_________
(1) ع: وتصعد.
(2) ب، أ: نزلت.
(3) الله: في (ع) فقط.
(4) ب، أ: والنصر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين.
(5) في النسخ الثلاث: جاء أحدهم الموت، وهو خطأ.
(6) ب، أ: وصف به
============================== ========
يوجب العلم الضروري أنها ليست (1) ما يقوله: هؤلاء في العقول والنفوس، سواء قالوا: إن العقول عشرة والنفوس تسعة، كما هو المشهور عندهم، أو قالوا: غير ذلك. (2) وليست الملائكة أيضا القوى العالمة (3) التي في النفوس كما قد يقولونه، بل جبريل عليه السلام (4) ملك (5) منفصل عن الرسول يسمع كلام الله من الله وينزل به على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كما دل على ذلك النصوص والإجماع من المسلمين. (6) وهؤلاء يقولون: إن جبريل هو العقل الفعال، (7) أو هو ما يتخيل في (8) نفس النبي - صلى الله عليه وسلم - من الصور الخيالية، وكلام الله ما يوجد في نفسه كما يوجد في نفس النائم (9) .
**_________
(1) ب، أ: أنه ليس.
(2) يذكر الفلاسفة المسلمون في أكثر كتبهم ورسائلهم أن العقول السماوية إنما هي ملائكة. انظر مثلا: الفارابي: السياسات المدنية، ص [0 - 9] ، ط. حيدر آباد، 1345 ; ابن سينا: أقسام العلوم العقلية ص [0 - 9] 13، ضمن تسع رسائل في الحكمة والطبيعيات، القاهرة، 1326/1908 ; رسالة الزيارة والدعاء، ص 33، ضمن مجموعة جامع البدائع، القاهرة، 1330/1917.
(3) ب، أ: الصالحة.
(4) عليه السلام: زيادة في (ع) .
(5) ملك: ساقطة من (ع) .
(6) ع: إجماع المسلمين.
(7) انظر مثلا: السياسات المدنية للفارابي، ص [0 - 9] ; أقسام العلوم العقلية لابن سينا، ص [0 - 9] 14.
(8) ب، أ: وهو ما يتخيل من. . .
(9) انظر مثلا: الرسالة العرشية لابن سينا، ص 12، ضمن مجموع رسائل الشيخ الرئيس، ط. حيدر آباد، 1354
============================== =======
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (157)
صـ 538 إلى صـ 544
وهذا مما يعلم كل من له علم بما جاء به الرسول (1) أنه من أعظم الأمور تكذيبا للرسول، ويعلم أن هؤلاء أبعد عن متابعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من كفار اليهود والنصارى، وهذا مبسوط في مواضع. والمقصود هنا الكلام على مجامع ما يعرف به ما أشار إليه هذا من عقائد المسلمين واختلافهم.
فإذا عرف تنازع النظار في حقيقة الجسم، فلا ريب أن الله سبحانه ليس مركبا من الأجزاء المنفردة، ولا من المادة والصورة، ولا يقبل سبحانه التفريق والانفصال (2) ولا كان متفرقا فاجتمع، بل هو سبحانه أحد صمد لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد.
فهذه المعاني المعقولة من التركيب كلها منتفية عن الله تعالى، لكن المتفلسفة ومن وافقهم تزيد على ذلك وتقول: (3) إذا كان موصوفا بالصفات كان مركبا، وإذا كانت له حقيقة ليست هي مجرد الوجود كان مركبا.
فيقول لهم المسلمون المثبتون للصفات: النزاع ليس في لفظ " المركب "، فإن هذا اللفظ إنما يدل على مركب ركبه غيره، ومعلوم أن عاقلا لا يقول: (4) إن الله تعالى مركب بهذا الاعتبار.
وقد يقال: لفظ " المركب " على ما كانت أجزاؤه متفرقة فجمع: إما جمع
**_________
(1) ب، أ: كل من علم ما جاء به الرسول.
(2) ب، أ: والاتصال.
(3) ع: ويقولون.
(4) ب، أ: ومعلوم أن فلانا يقول، وهو تحريف
============================== =========
امتزاج، وإما غير امتزاج كتركيب الأطعمة والأشربة والأدوية والأبنية واللباس من أجزائها. ومعلوم نفي هذا التركيب عن الله، ولا نعلم عاقلا يقول إن الله تعالى مركب بهذا الاعتبار.
وكذلك التركيب بمعنى أنه مركب من الجواهر المنفردة، أو من المادة والصورة - وهو التركيب الجسمي عند من يقول به (1) - وهذا أيضا منتف عن الله تعالى. والذين قالوا: إن الله جسم، قد يقول بعضهم: إنه مركب هذا التركيب، وإن كان كثير منهم - بل أكثرهم - ينفون ذلك، ويقولون: إنما نعني بكونه جسما أنه موجود أو أنه (2) قائم بنفسه، أو أنه يشار إليه، أو نحو ذلك. لكن بالجملة هذا التركيب وهذا التجسيم يجب تنزيه الله تعالى (3) عنه.
وأما كونه سبحانه ذاتا (4) مستلزمة لصفات الكمال، له علم وقدرة وحياة فهذا لا يسمى مركبا (5) فيما يعرف من اللغات. وإذا سمى مسم (6) هذا مركبا (7) لم يكن النزاع معه في اللفظ، بل في المعنى العقلي. ومعلوم أنه لا دليل على نفي هذا، كما قد بسط في موضعه، بل الأدلة العقلية توجب إثباته.
**_________
(1) عبارة " عند من يقول به " في (ع) فقط.
(2) أنه ساقطة من (ب) ، (أ) .
(3) ب، أ: تنزيه الرب.
(4) ع، أ: ذات.
(5) ع: تركيبا.
(6) ع، أ: مسمى.
(7) ع: تركيبا
============================== =====
ولهذا كان جميع العقلاء مضطرين إلى إثبات معان متعددة لله تعالى، فالمعتزلي يسلم أنه حي عالم قادر، ومعلوم أن كونه جسما ليس هو معنى كونه عالما، ومعنى كونه عالما ليس معنى كونه قادرا.
والمتفلسف يقول إنه عاقل ومعقول وعقل، ولذيذ ومتلذذ ولذة، وعاشق ومعشوق وعشق (1) ، ومعلوم بصريح العقل أن كونه يحب ليس (هو) كونه يعلم، وكونه محبوبا معلوما ليس (هو) معنى كونه (محبا) عالما، (2) (والمتفلسف يقول: معنى " كونه " عالما) (3) هو معنى كونه قادرا مؤثرا فاعلا، وذلك هو نفس ذاته، فيجعل العلم هو القدرة وهو الفعل، ويجعل القدرة هي (4) القادر، والعلم هو العالم، والفعل هو الفاعل.
(وبعض متأخريهم - وهو الطوسي - ذكر في " شرح كتاب الإشارات " أن العلم هو المعلوم (5) ومعلوم
**_________
(1) انظر مثلا " النجاة " لابن سينا (3/243 - 245) حيث يعقد فصلا عنوانه " فصل في أن واجب الوجود بذاته عقل وعاقل ومعقول "، وفصلا آخر (3/245 - 246) بعنوان: " فصل في أنه بذاته معشوق وعاشق ولذيذ وملتذ وأن اللذة هي إدراك الخير الملائم ".
(2) أ: ومعلوم بصريح العقل أن كونه يحب ليس كونه يعلم، وكونه محبوبا معلوما ليس معنى كونه عالما ; ب: ومعلوم بصريح العقل أن كونه يحب ليس كونه محبوبا وكونه معلوما ليس معنى كونه عالما. والمثبت عن (ع) .
(3) ما بين القوسين ساقط من (ب) ، (أ) . وزدت (كونه) ليستقيم الكلام.
(4) ب، أ: هو.
(5) يقول نصير الدين الطوسي (شرح الإشارات المطبوع مع الإشارات والتنبيهات لابن سينا، تحقيق الدكتور سليمان دنيا، ق [0 - 9] ، 4، ص [0 - 9] 14 - 715) : " العاقل كما لا يحتاج في إدراك ذاته لذاته إلى صورة ذاته التي بها هو هو، فلا يحتاج أيضا في إدراك ما يصدر عن ذاته لذاته إلى صورة غير صورة ذلك الصادر التي بها هو هو. واعتبر من نفسك أنك تعقل شيئا بصورة تتصورها أو تستحضرها، فهي صادرة عنك، لا بانفرادك مطلقا، بل بمشاركة ما من غيرك، ومع ذلك فأنت لا تعقل تلك الصورة بغيرها، بل كما تعقل ذلك الشيء بها، كذلك تعقلها أيضا بنفسك من غير أن تتضاعف الصور فيك، بل ربما تتضاعف اعتباراتك المتعلقة بذاتك وبتلك الصورة فقط على سبيل التركيب. وإذا كان حالك مع ما يصدر عنك بمشاركة غيرك هذه الحال، فما ظنك بحال العاقل مع ما يصدر عنه لذاته من غير مداخلة غيره فيه؟ ولا تظن أن كونك محلا لتلك الصورة شرط في تعقلك إياها، فإنك تعقل ذاتك مع أنك لست بمحل لها، بل إنما كان كونك محلا لتلك الصورة شرطا في حصول تلك الصورة لك، الذي هو شرط في تعقلك إياها، فإن حصلت تلك الصورة لك بوجه آخر غير الحلول فيك، حصل التعقل من غير حلول فيك. ومعلوم أن حصول الشيء لفاعله في كونه حصولا لغيره ليس دون حصول الشيء لقابله. فإذن؛ المعلولات الذاتية للعاقل الفاعل لذاته حاصلة له من غير أن تحل فيه، فهو عاقل إياها من غير أن تكون هي حالة فيه ". وانظر مقدمة الدكتور سليمان دنيا للجزء الثاني من " الإشارات " ص [0 - 9] 15 - 116
============================
فساد) (1) هذه الأقوال بصريح العقل، ومجرد تصورها التام يكفي في العلم بفسادها.
**[عمدة النفاة دليل التركيب]
وهؤلاء فروا من معنى التركيب، (2) وليس لهم قط حجة على نفي مسمى التركيب بجميع هذه المعاني، بل عمدتهم أن المركب مفتقر إلى أجزائه، وأجزاؤه غيره، والمفتقر إلى غيره لا يكون واجبا بنفسه. (وربما قالوا: الصفة مفتقرة إلى محل، والمفتقر إلى محل لا يكون واجبا بنفسه 3) (3) بل يكون معلولا.
وهذا الحجة ألفاظها كلها مجملة (4) فلفظ " الواجب بنفسه " يراد به
**_________
(1) ما بين القوسين في (ع) فقط.
(2) ب، أ: وليس فرارهم إلا من معنى التركيب.
(3) (3 - 3) : في (ع) فقط.
(4) ع: وهذه الألفاظ كلها مجملة
============================== ====
الذي لا فاعل له فليس له علة فاعلة، ويراد به الذي لا يحتاج إلى شيء مباين له، ويراد به القائم بنفسه الذي لا يحتاج إلى مباين له.
وعلى الأول والثاني فالصفات واجبة الوجود، (1 وعلى الثالث فالذات الموصوفة بالصفات هي الواجبة، والصفة وحدها لا يقال: إنها واجبة الوجود.
ويراد به ما لا تعلق له بغيره، وهذا لا وجود له في الخارج 1) . (1) والبرهان إنما قام على أن الممكنات لها فاعل واجب الوجود قائم (2) بنفسه أي غني عما سواه، والصفة ليست هي الفاعل.
وقوله: " إذا كانت له ذات وصفات كان مركبا، والمركب مفتقر إلى أجزائه، وأجزاؤه غيره ".
فلفظ " الغير " مجمل، يراد بالغير المباين، فالغيران (3) ما جاز مفارقة أحدهما الآخر بزمان أو مكان أو وجود، وهذا اصطلاح الأشعرية ومن وافقهم من الفقهاء أتباع الأئمة الأربعة، ويراد بالغيرين (4) ما ليس أحدهما الآخر أو ما جاز (5) العلم بأحدهما مع الجهل بالآخر، وهذا اصطلاح طوائف من المعتزلة والكرامية وغيرهم.
وأما السلف كالإمام أحمد وغيره فلفظ " الغير " عندهم يراد به هذا ويراد به هذا، ولهذا لم يطلقوا القول بأنه علم الله غيره، ولا أطلقوا القول بأنه
**_________
(1) (1 - 1) : في (ع) فقط.
(2) قائم: ساقطة من (ع) .
(3) ع (فقط) : فالغير.
(4) ع، أ: بالغير.
(5) ع: وما جاز
============================== =====
ليس غيره، ولا يقولون (لا) هو هو ولا هو غيره، (1) بل يمتنعون عن إطلاق اللفظ (2) المجمل نفيا وإثباتا لما فيه من التلبيس، فإن الجهمية يقولون: ما سوى الله مخلوق وكلامه غيره فيكون مخلوقا، فقال أئمة السنة: إذا أريد بالغير والسوى ما هو مباين له، فلا يدخل علمه وكلامه في لفظ الغير والسوى، كما لم يدخل في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " «من حلف بغير الله فقد أشرك» ". وقد ثبت في السنة جواز الحلف بصفاته كعزته وعظمته، (3) فعلم أنها لا تدخل في مسمى الغير عند الإطلاق، وإذا أريد بالغير أنه ليس هو إياه فلا ريب أن العلم ليس هو العالم. والكلام ليس هو المتكلم.
وكذلك لفظ (الافتقار يراد به) افتقار المفعول إلى فاعله (4) ونحو ذلك، ويراد به التلازم بمعنى أنه لا يوجد أحدهما إلا مع الآخر، وإن لم يكن أحدهما مؤثرا في الآخر، كالأمور المتضايفة: مثل الأبوة والبنوة.
والمركب قد عرف ما فيه من الاشتراك، فإذا قال القائل: لو كان عالما لكان مركبا من ذات وعلم، فليس المراد به أن هذين كانا مفترقين فاجتمعا، ولا أنه يجوز مفارقة أحدهما الآخر، (5) بل المراد أنه إذا كان عالما فهناك ذات وعلم قائم بها.
وقوله: " والمركب مفتقر إلى أجزائه " فمعلوم أن افتقار المجموع إلى
**_________
(1) أ: ولا يقولون لا هو هو ولا غيره وسقطت (لا) من (ب) . والصواب ما أثبته عن (ع) .
(2) اللفظ: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(3) انظر ما سبق 2/495.
(4) أ: وكذلك لفظ الافتقار المفعول إلى فاعله، وسقط ما بين القوسين كله من (ب) .
(5) الآخر: ساقطة من (ب) ، (أ)
============================== ====
أبعاضه ليس بمعنى أن أبعاضه فعلته (1) أو وجدت دونه وأثرت فيه، بل بمعنى (2) أنه لا يوجد إلا بوجود المجموع، ومعلوم أن الشيء لا يوجد إلا بوجود نفسه.
وإذا قيل: هو مفتقر إلى نفسه بهذا المعنى لم يكن هذا (3) ممتنعا، بل هذا هو الحق، فإن نفس الواجب لا يستغني عن نفسه.
وإذا قيل: هو واجب بنفسه، فليس المراد أن نفسه (4) أبدعت وجوبه (5) ، بل المراد أن نفسه موجودة بنفسها لم تفتقر إلى غيره في ذلك، ووجوده واجب لا يقبل العدم بحال.
فإذا قيل مثلا: العشرة مفتقرة إلى العشرة (6) ، لم يكن في هذا افتقار لها إلى غيرها. وإذا قيل: هي مفتقرة إلى الواحد الذي هو جزؤها، لم يكن افتقارها إلى بعضها بأعظم (7) من افتقارها إلى المجموع التي هي هو.
وإذا لم يكن ذلك ممتنعا بل هو الحق، فإنه لا يوجد (8 المجموع إلا بالمجموع، فكيف يمتنع أن يقال: لا يوجد 8) (8) المجموع إلا بوجود جزئه.
**_________
(1) ب، أ: أن بعضه فعله.
(2) ب، أ: المعنى.
(3) هذا: زيادة في (ع) .
(4) عبارة " أن نفسه " ساقطة من (ب) ، (أ) .
(5) ب (فقط) : وجوده.
(6) أ، ب: العشر مفتقر إلى العشرة.
(7) ب، أ: أعظم.
(8) : (8 - 8) ساقط من (ع)
============================== ========
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (158)
صـ 545 إلى صـ 551
والدليل إنما دل على أن الممكنات لها مبدع واجب بنفسه خارج عنها، أما كون ذلك المبدع مستلزما لصفاته، أو لا يوجد إلا متصفا بصفات الكمال، فهذا لم تنفه حجة أصلا (1) ، ولا هذا التلازم - سواء سمي فقرا أو لم يسم - مما ينفي كون المجموع واجبا قديما أزليا لا يقبل العدم بحال.
وأيضا، فتسمية الصفات القائمة بالموصوف جزءا له ليس هو من اللغة المعروفة وإنما (2) هو اصطلاح لهم، كما سموا (3) الموصوف مركبا، (4 بخلاف تسمية الجزء صفة، فإن هذا موجود في كلام كثير من الأئمة والنظار كالإمام أحمد وابن كلاب وغيرهما 4) (4) ، وإلا فحقيقة الأمر أن الذات المستلزمة للصفة لا توجد إلا وهي متصفة بالصفة، وهذا حق. وإذا تنزل إلى اصطلاحهم المحدث وسمى هذا جزءا، فالمجموع لا يوجد إلا بوجود جزئه الذي هو بعضه.
وإذ قيل: هو مفتقر إلى بعضه، لم يكن هذا إلا دون قول القائل: هو مفتقر إلى نفسه الذي هو المجموع، وإذا كان لا محذور فيه فهذا أولى.
وإذا قيل: جزؤه (5) غيره، والواجب لا يفتقر إلى غيره.
قيل: إن أردت أن جزأه مباين له وأنه يجوز مفارقة أحدهما الآخر بوجه من الوجوه، فهذا باطل، فليس جزؤه غيره (6) بهذا التفسير، وإن أردت
**_________
(1) ب، أ: فهذا لم ينف حجة أصلا.
(2) ب، أ: إنما.
(3) ب: يسمون ; أ: يسموا، وهو تحريف.
(4) : (4 - 4) ساقط من (ب) ، (أ) .
(5) أ، ب: أجزاؤه.
(6) ع: غيرا له
============================== ==
أنه يمكن العلم بأحدهما دون العلم بالآخر، كما نعلم (1) أنه قادر قبل العلم بأنه عالم، ونعلم الذات قبل العلم بصفاتها، فهو غيره بهذا التفسير. وقد علم بصريح العقل أنه لا بد من إثبات معان هي أغيار (2) بهذا التفسير، وإلا فكونه قائما بنفسه ليس هو كونه عالما، وكونه عالما ليس هو (3) كونه حيا، وكونه حيا ليس هو (4) كونه قادرا، ومن جعل هذه الصفة هي الأخرى، وجعل الصفات كلها هي الموصوف، فقد انتهى في السفسطة إلى الغاية، وليس هذا إلا كمن قال: السواد هو البياض، والسواد والبياض هو الأسود والأبيض.
ثم هؤلاء الذين نفوا المعاني التي يتصف بها كلهم متناقضون يجمعون في قولهم بين النفي والإثبات، وقد جعلوا هذا أساس التعطيل والتكذيب بما علم بصريح المعقول وصحيح المنقول.
فالذين ينفون علمه بالأشياء يقولون: لئلا يلزم التكثر (5) . والذين ينفون علمه بالجزئيات يقولون: لئلا يلزم التغير، فيذكرون لفظ " التكثر " و " التغير " وهما لفظان مجملان: يتوهم السامع أنه تتكثر الآلهة، أو أن (6) الرب يتغير ويستحيل من حال إلى حال، كما يتغير الإنسان إما بمرض وإما بغيره، وكما تتغير الشمس إذا اصفر لونها، ولا يدري أنه عندهم (7)
**_________
(1) ع: يعلم.
(2) ب، أ: أعيان.
(3) هو: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(4) هو: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(5) ع: التكثير.
(6) ب، أ: وأن.
(7) عندهم: ساقطة من (ع)
============================== =======
إذا أحدث ما لم يكن محدثا سموه تغيرا، وإذا سمع دعاء عباده (1) سموه تغيرا، وإذا رأى ما خلقه سموه تغيرا، وإذا كلم موسى بن عمران سموه تغيرا، وإذا رضي عمن أطاعه وسخط على من عصاه سموه تغيرا، إلى أمثال (2) هذه الأمور.
ثم إنهم ينفون ذلك من غير دليل (3) أصلا، فإن الفلاسفة يجوزون أن يكون القديم محلا للحوادث، (لكن) من نفى منهم ما (نفاه) (4) فإنما هو لنفيه الصفات مطلقا، وكذلك المعتزلة. ولهذا كان الحاذق (5) من هؤلاء وهؤلاء كأبي الحسين البصري وأبي البركات صاحب " المعتبر " وغيرهما قد خالفوهم في ذلك، وبينوا أنه ليس لهم دليل عقلي ينفي ذلك، وأن الأدلة العقلية والشرعية توجب ثبوت ذلك، وهذا كله قد بسط في موضع آخر.
والمقصود هنا أن من نفى الجسم وأراد به نفي التركيب من الجواهر المفردة (6) أو من المادة والصورة فقد أصاب في المعنى، ولكن منازعوه يقولون: هذا الذي قلته ليس هو مسمى الجسم في اللغة، ولا هو أيضا حقيقة الجسم الاصطلاحي، (7 فإن الجسم ليس مركبا لا من هذا ولا من هذا، وهو يقول: هذا حقيقة الجسم الاصطلاحي 7) (7) .
**_________
(1) ع: عبده.
(2) ب، أ: مثل.
(3) ع: بغير دليل.
(4) أ: من نفى منهم من نفاه، وهو تحريف ; ب: ومن نفاه منهم.
(5) ب (فقط) : الحذاق.
(6) ب: الفردة.
(7) (7 - 7) : في (ع) فقط
==============================
وإذا كان منازعوه من (لا) ينفي (1) التركيب من هذا وهذا، فالفريقان متفقان على تنزيه الرب عن ذلك، لكن أحدهما يقول: نفي لفظ (2) الجسم لا يفيد هذا التنزيه، وإنما يفيده لفظ التركيب ونحوه (3) ، والآخر يقول: بل (نفي) (4) لفظ الجسم يفيد هذا التنزيه.
ومن قال: هو جسم، فالمشهور عن نظار الكرامية وغيرهم ممن يقول: هو جسم، أنه يفسر ذلك بأنه الموجود أو القائم بنفسه، لا بمعنى المركب.
وقد اتفق الناس على أن من قال: إنه جسم، وأراد هذا المعنى، فقد أصاب في المعنى، لكن إنما يخطئه من يخطئه في اللفظ.
أما من يقول: الجسم هو المركب، فيقول: أخطأت (حيث) (5) استعملت لفظ " الجسم " في القائم بنفسه أو الموجود.
وأما من (لا) (6) يقول بأن كل جسم مركب، فيقول: تسميتك لكل موجود أو قائم بنفسه جسما ليس هو موافقا للغة العرب المعروفة، ولا تكلم بهذا اللفظ أحد من السلف والأئمة، ولا قالوا (7) : إن الله جسم،
**_________
(1) ب، أ: ممن ينفي، والصواب ما في (ع) ، والمقصود هنا من أثبت الجواهر الفردة مثل الأشاعرة، أو المادة والصورة مثل الفلاسفة فإنهم جميعا متفقون على تنزيه الرب عن الجسمية.
(2) لفظ: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(3) ب، أ: وإنما يفيده لفظ هذا التركيب ونحوه ; ع: وإنما يفيد لفظ التركيب ونحوه. ورجحت أن يكون الصواب ما أثبته.
(4) ما بين القوسين ساقط من (ب) ، (أ) .
(5) ما بين القوسين ساقط من (ب) ، (أ) .
(6) ما بين القوسين ساقط من (ب) ، (أ) .
(7) ع: وقالوا
==============================
فأنت مخطئ في اللغة والشرع، وإن كان المعنى الذي أردته صحيحا.
فيقول: أنا تكلمت (1) بالاصطلاح الكلامي، فإن الجسم عند النظار من المتكلمين والفلاسفة هو ما يشار إليه، ثم ادعى طائفة منهم أن كل ما كان كذلك فهو مركب من الجواهر المنفردة أو من المادة والصورة، ونازعهم طائفة أخرى في هذا المعنى، وقالوا: ليس كل ما يشار إليه هو مركب لا (2) من هذا ولا من هذا، فإذا أقام صاحب هذا القول دليلا عقليا على نفي تركيب المشار إليه خصم منازعيه، إلا من يقول: إن أسماء الله تعالى توقيفية فيقول له: ليس لك أن تسميه بذلك.
وأما أهل السنة المتبعون للسلف فيقولون: كلكم مبتدعون في اللغة والشرع حيث سميتم كل ما يشار إليه جسما، فهذا اصطلاح لا يوافق اللغة، ولم يتكلم به أحد من سلف الأمة.
قال المدعون أن الجسم هو المركب: بل قولنا موافق للغة، والجسم في اللغة هو المؤلف المركب، والدليل (3) على ذلك أن العرب تقول: هذا أجسم من هذا عند زيادة الأجزاء، والتفضيل إنما يقع بعد الاشتراك في الأصل، فعلم أن لفظ الجسم عندهم هو المركب، وكلما (4) زاد التركيب قالوا: أجسم.
**[بطلان القول بأن العرب أطلقوا اسم الجنس على المركب من الأجزاء من وجوه]
فيقال: لهم أما كون العرب تقول لما كان أغلظ من غيره أجسم فهذا
**_________
(1) ع: فإن كان المعنى الذي أردته صحيحا، فنقول: إنما تكلمت. . إلخ.
(2) لا: في (ع) فقط.
(3) ب، أ: فالدليل.
(4) ب، أ: فكلما
============================== ==
صحيح، (مع أن بعض أهل اللغة أنكروا هذا) (1) . وأما دعواكم أنهم يقولون هذا (2) لأن الجسم مركب من الأجزاء المفردة، وكل ما يشار إليه فهو مركب فيسمونه جسما، فهذه دعوى باطلة عليهم من وجوه: أحدها: أنه قد علم (3) بنقل الثقات عنهم والاستعمال الموجود في كلامهم أنهم لا يسمون كل ما يشار إليه جسما، ولا يقولون للهواء اللطيف جسما، (4) وإنما يستعملون لفظ " الجسم " كما يستعملون لفظ الجسد، وهكذا نقل عنهم أهل العلم بلسانهم كالأصمعي وأبي زيد الأنصاري وغيرهما، كما (5) نقله الجوهري في " صحاحه " وغير الجوهري، (6) فلفظ " الجسم " عندهم يتضمن معنى الغلظ والكثافة، لا معنى كونه يشار إليه.
الوجه الثاني: أنهم لم يقصدوا بذلك كونه مركبا من الجواهر المفردة (7) أو من المادة والصورة، بل لم يخطر هذا بقلوبهم، بل إنما قصدوا معنى الكثافة والغلظ. وأما كون الكثافة والغلظ تكون بسبب كثرة الجواهر المفردة، (8) أو بسبب كون الشيء في نفسه غليظا كثيفا، كما يكون حارا وباردا وإن لم تكن حرارته وبرودته (9) بسبب كونه مركبا من
**_________
(1) ما بين القوسين في (ع) فقط.
(2) هذا: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(3) ب، أ: أنه قد علم من وجوه. . . إلخ.
(4) ب (فقط) : جسم، وهو خطأ.
(5) كما: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(6) انظر ما سبق 2/525 (ت 3، 4) .
(7) ب (فقط) : الفردة.
(8) ب (فقط) : الفردة.
(9) وبرودته: ساقطة من (أ) ، (ب)
============================== =====
الجواهر الفردة، فالجسم له قدر وصفات، وليست صفاته لأجل الجواهر، فكذلك قدره. فهذا ونحوه من البحوث العقلية الدقيقة لم تخطر ببال عامة من تكلم بلفظ " الجسم " من العرب وغيرهم.
الوجه الثالث: أنه من المعلوم أن اللفظ المشهور في اللغة الذي يتكلم به الخاص والعام ويقصدون معناه لا يجوز أن يكون معناه مما يخفى تصوره على أكثر الناس، ويقف (1) العلم بصحة ذلك المعنى (2) على أدلة دقيقة عقلية، ويتنازع فيها العقلاء، فإن الناطقين به جميعهم متفقون على إرادة المعنى الذي يدل اللفظ عليه في اللغة، (وما كان دقيقا لا يفهمه أكثر الناس لا يكون مراد الناطقين به وكذلك ما كان متنازعا فيه. ولهذا قال من قال من الأصوليين: اللفظ المشهور لا يجوز أن يكون موضوعا لمعنى خفي لا يعلمه إلا خواص الناس، كلفظ " الحركة " ونحوه. ومعلوم أن لفظ " الجسم " مشهور في لغة العرب) (3) ، مع عدم تصور أكثرهم للتركيب، وعدم علمهم بدليل التركيب، وإنكار كثير منهم للتركيب من الجواهر الفردة والمادة والصورة. وهذا مما يعلم به قطعا أنه ليس موضوعه في اللغة ما تنازع فيه النظار، ومعرفته تتوقف (4) على النظر والأدلة الخفية.
**_________
(1) ب (فقط) : ويتوقف.
(2) المعنى: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) ما بين القوسين في (ع) فقط.
(4) ع، أ: تقف
============================== ====
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (159)
صـ 552 إلى صـ 558
الوجه (1) الرابع: أنهم لو قصدوا التركيب (2) فإنما قصدوه فيما كان غليظا كثيفا، فدعوى المدعي عليهم أنهم يسمون كل ما يشار إليه جسما، ويقولون مع ذلك: إنه مركب دعوتان باطلتان.
وجمهور المسلمين الذين يقولون: ليس بجسم، يقولون: من قال: إنه جسم وأراد بذلك أنه موجود أو قائم بنفسه (أو نحو ذلك، أو قال: إنه جوهر وأراد بذلك أنه قائم بنفسه) (3) فهو مصيب في المعنى، لكن أخطأ في اللفظ.
وأما إذا أثبت (4) أنه مركب من الجواهر الفردة (5) ونحو ذلك فهو مخطئ في المعنى، وفي تكفيره نزاع بينهم.
ثم القائلون بأن الجسم مركب من الجواهر الفردة (6) قد تنازعوا في مسماه، فقيل: الجوهر الواحد بشرط انضمام غيره إليه يكون جسما وهو قول القاضي أبي بكر والقاضي أبي يعلى وغيرهما. (7) وقيل: بل الجوهران فصاعدا. وقيل: بل أربعة فصاعدا. وقيل: بل ستة فصاعدا. وقيل: بل ثمانية فصاعدا. وقيل: بل ستة عشر. وقيل: بل اثنان وثلاثون. وقد ذكر عامة هذه الأقوال الأشعري في كتاب " مقالات الإسلامين ن (8) واختلاف المصلين " (9) .
**_________
(1) الوجه في (ع) فقط.
(2) ب: أنهم لو قصدوه ; أ: أنهم قصدوا. والمثبت من (ع) .
(3) ما بين القوسين في (ع) فقط.
(4) ب، أ: ثبت، وهو تحريف.
(5) ع: المنفردة.
(6) ع: المنفردة.
(7) انظر: الباقلاني: التمهيد، ص [0 - 9] 7، 191، 195 ; الإنصاف، ص 15.
(8) أ، ب: المسلمين.
(9) في (ع) المضلين، وهو تحريف وانظر: المقالات 2/4 - 6
============================== =====
فقد تبين أن في هذا اللفظ من المنازعات اللفظية (1) اللغوية والاصطلاحية والعقلية والشرعية ما يبين أن الواجب على المسلمين الاعتصام بالكتاب والسنة، كما أمرهم الله تعالى بذلك في قوله: {واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا} [سورة آل عمران: 103] ، وقوله تعالى: {المص - كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه لتنذر به وذكرى للمؤمنين - اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون} [سورة الأعراف: 1 - 3] ، وقوله: {وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله} [سورة الأنعام: 153] ، وقوله: {كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم} [سورة البقرة: 213] ، وقوله: {ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا - ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا - وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا} [سورة
**_________
(1) اللفظية: زيادة في (ع)
=============================
النساء: 59 - 61] ، وقوله: {فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى - ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى - قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا - قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى} [سورة طه: 123 - 126] . قال ابن عباس رضي الله عنهما: تكفل الله لمن قرأ القرآن وعمل بما فيه أن لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة، ثم قرأ هذه الآية، ومثل هذا كثير من الكتاب والسنة، وهذا مما اتفق عليه سلف الأمة وأئمتها.
**[القاعدة الواجب اتباعها في مسألة الصفات]
فالواجب أن ينظر في هذا الباب، فما أثبته الله ورسوله أثبتناه، وما نفاه الله ورسوله نفيناه، والألفاظ التي ورد بها النص يعتصم بها في الإثبات والنفي، فنثبت ما أثبتته النصوص من الألفاظ والمعاني. وننفي ما نفته (1) النصوص من الألفاظ والمعاني. وأما الألفاظ التي تنازع فيها من ابتدعها من المتأخرين، مثل لفظ " الجسم " و " الجوهر " (2) و " المتحيز " و " الجهة " ونحو ذلك فلا تطلق نفيا ولا إثباتا حتى ينظر في مقصود قائلها، فإن كان قد أراد بالنفي والإثبات معنى صحيحا موافقا لما أخبر به الرسول صوب المعنى الذي قصده بلفظه، ولكن ينبغي أن يعبر عنه بألفاظ النصوص، لا يعدل (3) إلى هذه الألفاظ المبتدعة المجملة إلا عند الحاجة، مع قرائن تبين المراد بها، والحاجة مثل أن يكون الخطاب مع من لا يتم المقصود معه إن لم يخاطب بها، وأما إن أريد (4) بها معنى باطل نفي ذلك المعنى،
**_________
(1) ع: تنفيه.
(2) أ، ب: مثل لفظ الجوهر.
(3) ع: نعدل.
(4) ع: إن أراد
============================== ====
وإن جمع بين حق وباطل، أثبت الحق وأبطل الباطل.
وإذا اتفق شخصان على معنى وتنازعا هل يدل ذلك اللفظ عليه أم لا، عبر عنه بعبارة يتفقان على المراد بها، وكان أقربهما إلى الصواب من وافق اللغة المعروفة، كتنازعهم في لفظ " المركب " هل يدخل فيه الموصوف بصفات تقوم به، وفي لفظ " الجسم " هل مدلوله في اللغة المركب أو الجسد أو نحو ذلك.
وأما لفظ " المتحيز " فهو في اللغة اسم لما يتحيز إلى غيره، كما قال تعالى: {ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة} [سورة الأنفال: 16] ، وهذا لا بد أن يحيط به حيز وجودي، ولا بد أن ينتقل من حيز إلى حيز، ومعلوم أن الخالق جل جلاله لا يحيط به شيء من مخلوقاته، فلا يكون متحيزا بهذا المعنى اللغوي.
وأما أهل الكلام فاصطلاحهم في المتحيز أعم من هذا، فيجعلون كل جسم متحيزا، والجسم عندهم ما يشار إليه، فتكون السماوات والأرض وما بينهما (1) متحيزا على اصطلاحهم، وإن لم يسم ذلك متحيزا في اللغة.
والحيز تارة يريدون به معنى موجودا وتارة يريدون به معنى معدوما، ويفرقون بين مسمى الحيز ومسمى المكان، فيقولون: المكان أمر وجودي (2) ، والحيز تقدير مكان عندهم. فمجموع الأجسام ليست في شيء موجود، فلا تكون في مكان، وهي عندهم متحيزة. ومنهم من
**_________
(1) عبارة وما بينهما ": ساقطة من (ع) .
(2) ب، أ: موجود
============================== ======
يتناقض (1) فيجعل الحيز تارة موجودا وتارة معدوما، كالرازي (2) وغيره، كما (قد) (3) بسط الكلام على ذلك في غير هذا الموضع.
فمن تكلم باصطلاحهم وقال: إن الله متحيز بمعنى (أنه) (4) أحاط به شيء من الموجودات فهذا مخطئ، فهو سبحانه بائن من خلقه، وما ثم موجود إلا الخالق والمخلوق. وإذا كان الخالق بائنا عن المخلوق امتنع أن يكون الخالق في المخلوق، وامتنع أن يكون متحيزا بهذا الاعتبار. "
وإن أراد بالحيز أمرا عدميا فالأمر العدمي لا شيء، وهو سبحانه بائن عن (5) خلقه، فإذا سمى العدم الذي فوق العالم حيزا، وقال: يمتنع أن يكون فوق العالم لئلا يكون متحيزا، فهذا معنى باطل لأنه ليس هناك موجود غيره حتى يكون فيه وقد علم بالعقل والشرع أنه بائن عن (6) خلقه، كما قد بسط في غير هذا الموضوع.
وهما مما احتج به سلف الأمة وأئمتها على الجهمية - كما احتج به الإمام أحمد في رده على الجهمية - وعبد العزيز الكناني (7) وعبد الله بن
**_________
(1) ب، أ: يناقض.
(2) انظر ما سبق 2/351 وما بعدها، وقد أورد ابن تيمية نص كلام الرازي في كتابه " محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين " (ص [0 - 9] 5) وذكر تعليق الطوسي في تلخيص المحصل ثم علق على كلامهما.
(3) ما بين القوسين ساقط من (ب) ، (أ) .
(4) ما بين القوسين ساقط من (ب) ، (أ) .
(5) ع: من.
(6) ع: من.
(7) ع: الكتاني، وهو خطأ. وهو عبد العزيز بن يحيى بن عبد العزيز بن مسلم الكناني المكي، كان يلقب بالغول لدمامته، سمع من سفيان بن عيينة وكان من تلاميذ الشافعي، وناظر بشرا المريسي أمام المأمون وله كتاب الحيدة، وقد توفي سنة 240. انظر ترجمته في: تهذيب التهذيب 6/363 ; العبر للذهبي 1/334 ; الأعلام 4/154 - 155. وانظر كتاب " الحيدة " له، ص 27 - 28 ط. مطبعة الإمام بالقاهرة بدون تاريخ
============================== =====
سعيد بن كلاب والحارث المحاسبي وغيرهم، وبينوا (1) أنه سبحانه كان موجودا قبل أن يخلق السماوات والأرض، فلما خلقهما (2) فإما (3) أن يكون قد دخل فيهما (4) أو دخلت فيه، وكلاهما ممتنع، فتعين أنه بائن عنهما (5) وقرروا ذلك بأنه يجب أن يكون مباينا لخلقه أو مداخلا له.
والنفاة يدعون وجود موجود لا يكون مباينا لغيره (6) ولا مداخلا له، (7) وهذا ممتنع في بداية العقول، لكن يدعون أن القول بامتناع ذلك هو من حكم الوهم لا من حكم العقل. ثم إنهم تناقضوا فقالوا: لو كان فوق العرش لكان جسما، لأنه لا بد أن يتميز ما يلي هذا الجانب عما يلي هذا الجانب.
فقال لهم أهل الإثبات: معلوم بضرورة العقل أن إثبات موجود فوق العالم ليس بجسم، أقرب إلى العقل من إثبات موجود قائم بنفسه ليس بمباين للعالم ولا بمداخل له، فإن جاز إثبات الثاني فإثبات الأول أولى.
وإذا قلتم: نفي هذا الثاني من حكم الوهم الباطل؛ قيل لكم: (8) فنفي الأول أولى أن يكون من حكم الوهم الباطل.
**_________
(1) ع: ويثبتون.
(2) فلما خلقهما: في (ع) فقط.
(3) ب، أ: إما.
(4) ب، أ: فيها.
(5) ب، أ: عنها.
(6) ب: لا مباين لغيره ; أ: لا مباينا لغيره.
(7) ب (فقط) : ولا مداخل له.
(8) لكم: في (ع) فقط
==============================
وإن قلتم: إن نفي الأول من حكم العقل المقبول ; فنفي الثاني أولى أن يكون من حكم العقل المقبول.
وقد بسط الكلام على هذه الأمور في غير هذا الموضع، والمقصود هنا التنبيه.
وكذلك الكلام في لفظ " الجهة " فإن مسمى لفظ الجهة يراد به أمر وجودي (1) كالفلك الأعلى، ويراد به أمر عدمي كما وراء العالم.
فإذا أريد الثاني (أمكن) (2) أن يقال: كل جسم في جهة. وإذا أريد الأول امتنع أن يكون كل جسم في جسم آخر.
فمن قال: الباري في جهة، وأراد بالجهة أمرا موجودا، فكل ما سواه مخلوق له، (ومن قال: إنه) (3) في جهة بهذا التفسير فهو مخطئ.
وإن أراد بالجهة أمرا عدميا، وهو ما فوق العالم، وقال: إن الله فوق العالم، فقد أصاب. وليس فوق العالم موجود غيره، فلا يكون سبحانه في شيء من الموجودات.
وأما إذا فسرت (4) الجهة بالأمر العدمي، فالعدم (5) لا شيء.
وهذا ونحوه من الاستفسار، وبيان ما يراد باللفظ من معنى صحيح وباطل يزيل عامة الشبه.
فإذا قال نافي الرؤية: لو رؤي لكان في جهة، وهذا ممتنع، فالرؤية ممتنعة.
**_________
(1) ع: موجود.
(2) ما بين القوسين ساقط من (ب) ، (أ) .
(3) ما بين القوسين ساقط من (ب) ، (أ) .
(4) ع: وإذا فسرت. . إلخ.
(5) ب (فقط) : فالعدمي
============================== ============
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (160)
صـ 559 إلى صـ 565
قيل له: إن أردت بالجهة أمرا وجوديا، فالمقدمة الأولى ممنوعة، وإن أردت بها أمرا عدميا فالثانية ممنوعة، فيلزم بطلان إحدى المقدمتين على كل تقدير، فتكون الحجة باطلة.
وذلك أنه إن أراد بالجهة أمرا وجوديا، لم يلزم أن يكون كل مرئي في جهة وجودية، فإن سطح العالم الذي هو أعلاه ليس في جهة وجودية، ومع هذا تجوز رؤيته فإنه جسم من الأجسام. فبطل قولهم: كل مرئي لا بد أن يكون في جهة وجودية، (1 إن أراد بالجهة أمرا وجوديا 1) . (1) وإن أراد بالجهة أمرا عدميا منع المقدمة الثانية، فإنه إذا قال: الباري ليس في جهة عدمية، وقد علم أن العدم ليس بشيء، كان حقيقة قوله: إن الباري لا يكون موجودا قائما بنفسه، حيث لا موجود إلا هو، وهذا باطل.
وإن قال: هذا يستلزم (2) أن يكون جسما أو متحيزا، عاد الكلام معه في مسمى الجسم والمتحيز. (3) فإن قال: هذا يستلزم أن يكون مركبا من الجواهر المنفردة، أو من المادة والصورة، وغير ذلك من المعاني الممتنعة على الرب، لم يسلم له هذا التلازم.
وإن قال: يستلزم أن يكون الرب مشارا إليه ترفع الأيدي إليه في الدعاء (4) ، وتعرج الملائكة والروح إليه، وعرج بمحمد - صلى الله عليه
**_________
(1) : (1 - 1) ساقط من (ع) .
(2) ب، أ: وإذا قال أحد يستلزم. . إلخ، وهو تحريف.
(3) ب، أ: المتحيز.
(4) ب: أن يكون والرب يشار إليه برفع الأيدي في الدعاء ; أ: أن يكون الرب يشار إليه برفع الأيدي إليه في الدعاء
============================== ========
وسلم - إليه (1) ، وتنزل الملائكة من عنده، وينزل (2) منه القرآن، ونحو ذلك من اللوازم التي نطق بها الكتاب والسنة وما كان في معناها.
قيل له: لا نسلم انتفاء هذه اللوازم. (3) فإن قال: ما استلزم هذه اللوازم فهو جسم.
قيل: إن أردت أنه يسمى جسما في اللغة أو في الشرع (4) ، فهذا باطل.
وإن أردت أنه يكون جسما مركبا من المادة والصورة، أو من الجواهر المفردة (5) ، فهذا أيضا ممنوع في العقل، فإن ما هو جسم باتفاق العقلاء - كالأحجار (6) - لا نسلم أنه (7) مركب بهذا الاعتبار، كما قد بسط في موضعه، فما الظن بغير ذلك! ؟
وتمام ذلك بمعرفة البحث العقلي في تركيب الجسم الاصطلاحي من هذا وهذا، وقد بسط في غير هذا الموضع، وبين فيه (8) أن قول هؤلاء وهؤلاء باطل مخالف للأدلة العقلية القطعية، ولكن هذا الإمامي لم يذكر هنا من الأدلة ما يصل به إلى آخر البحث، وقد ذكر في كلامه ما يناسب
**_________
(1) ب، أ: ويعرج محمد - صلى الله عليه وسلم - إليه.
(2) ع: وتنزل.
(3) أ، ب: هذا اللازم.
(4) ب، أ: والشرع.
(5) أ، ب: الجواهر المركبة.
(6) ب، أ: كالأجسام، وهو تحريف.
(7) ع: لا نسلم فيه أنه.
(8) ب، أ: وتبين فيه
==============================
هذا الموضع، ومن شرع في تقرير ما ذكره بالمقدمات الممنوعة (1) ، شرع معه في نقضها وإبطالها بمثل ذلك، ولكل مقام مقال.
وقد بسط الكلام على هذه الأمور في موضع، وبين أن ما تنفيه نفاة الصفات التي نطق بها الكتاب والسنة في (2) علو الله سبحانه وتعالى على خلقه وغير ذلك، كما أنه لم ينطق بما ذكروه (3) كتاب الله ولا سنة رسوله (4) ، ولا قال بقولهم أحد من المرسلين ولا الصحابة والتابعين، ولم يدل (5) عليه أيضا دليل عقلي، بل الأدلة العقلية الصريحة موافقة للأدلة السمعية الصحيحة، ولكن هؤلاء ضلوا بألفاظ متشابهة ابتدعوها، ومعان عقلية لم يميزوا بين حقها وباطلها.
وجميع البدع: كبدع الخوارج والشيعة والمرجئة والقدرية، لها شبه في نصوص الأنبياء، بخلاف بدع (6) الجهمية النفاة، فإنه ليس معهم فيها دليل سمعي أصلا، ولهذا كانت آخر البدع حدوثا في الإسلام، ولما حدثت (أطلق) السلف والأئمة (7) القول بتكفير أهلها لعلمهم بأن حقيقة قولهم تعطيل الخالق، ولهذا يصير محققوهم إلى مثل قول. (8) فرعون مقدم المعطلة، بل وينتصرون له ويعظمونه
**_________
(1) ب، أ: المسوغة، وهو تحريف.
(2) ب (فقط) : من.
(3) ب: لم ينطق به ; أ: لم ينطق بها.
(4) ب، أ: كتاب ولا سنة.
(5) ب، أ: فلم يدل.
(6) ب، أ: بدعة.
(7) ب: ولما أحدثت السلف والأمة ; أ: ولما أحدثت السلف والأئمة.
(8) قول: ساقطة من (ب) ، (أ)
============================== ==
وهؤلاء المعطلة ينفون نفيا مفصلا، ويثبتون شيئا مجملا يجمعون فيه (1) بين النقيضين. وأما الرسل صلوات الله (وسلامه) (2) عليهم أجمعين فيثبتون إثباتا مفصلا وينفون نفيا مجملا: يثبتون (لله) (3) الصفات على (وجه) (4) التفصيل، وينفون عنه التمثيل.
وقد علم أن التوراة مملوءة بإثبات الصفات التي تسميها النفاة تجسيما، ومع هذا فلم ينكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه على اليهود شيئا من ذلك، ولا قالوا: أنتم مجسمون. (5) بل كان أحبار اليهود إذا ذكروا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئا من الصفات أقرهم الرسول على ذلك (6) وذكر ما يصدقه، كما في حديث الحبر الذي ذكر له إمساك الرب سبحانه وتعالى للسماوات والأرض المذكور في تفسير قوله تعالى: {وما قدروا الله حق قدره} الآية [سورة الزمر: 67] .
وقد ثبت ما يوافق حديث الحبر في الصحاح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير وجه من حديث ابن عمر وأبي هريرة وغيرهما. (7)
**_________
(1) ب، أ: ويجمعون فيه.
(2) ما بين القوسين في (ع) فقط.
(3) ما بين القوسين في (ع) فقط.
(4) ما بين القوسين في (ع) فقط.
(5) ب، أ: أنتم تجسمون.
(6) على ذلك: في (ع) فقط.
(7) روى البخاري 6/126 (كتاب التفسير، سورة الزمر) ومسلم 4/2147 - 2148 (أول كتاب صفة القيامة والجنة والنار) عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: جاء حبر الأحبار إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا محمد، إنا نجد أن الله يجعل السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والماء والثرى على إصبع، وسائر الخلائق على إصبع، فيقول: أنا الملك. فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت نواجذه تصديقا لقول الحبر، ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون) . والحديث عن ابن مسعود رضي الله عنه في: سنن الترمذي 5/48 - 49 (كتاب التفسير، سورة الزمر) ; المسند (ط. المعارف) الأرقام 3590، 4087، 4368، 4369 وهو مروي بمعناه عن عدد من الصحابة. وانظر مسلم 4/2147 - 2148 ; الدر المنثور 5/334 - 336 ; المسند (ط. المعارف) : الأحاديث رقم 2267، 2990
============================== =====
ولو قدر بأن النفي حق (1) ، فالرسل لم تخبر به ولم توجب على الناس اعتقاده، (فمن اعتقده وأوجبه) (2) فقد علم بالاضطرار (من دين الإسلام) أن دينه (3) مخالف لدين النبي - صلى الله عليه وسلم - (*) (4)
**[استطراد في مناقشة نفاة الصفات]
(فصل)
ومما يبين الأمر في ذلك (5) أن المسلمين متفقون على تنزيه الله تعالى عن العيوب والنقائص وأنه متصف بصفات الكمال، لكن قد ينازعون في بعض الأمور: هل النقص إثباتها أو نفيها؟ وفي طريق العلم بذلك.
فهذا المصنف الإمامي اعتمد على طريق المعتزلة ومن تابعهم من أن الاعتماد في تنزيه الرب عن النقائص على نفي كونه جسما، ومعلوم أن
**_________
(1) ب، أ: فلو قدر أن النفي حق.
(2) ما بين القوسين في (ع) فقط، وفي (ب) ، (أ) بدلا منه: وواجبه.
(3) ب: فقد علم بالاضطرار أن دينهم ; أ: فقد علم بالاضطرار أن دينه.
(4) الكلام الذي يلي عبارة: مخالف لدين النبي - صلى الله عليه وسلم - والذي يوجد بعد القوس كله ساقط من (ب) ، (أ) . وهو كذلك ساقط من (ن) ، (م) . مع ما سبق الإشارة إليه ص 526. ويستمر السقط حتى ص 562.
(5) في الأصل (ع) : ومما يبين أن الأمر في ذلك
============================== =
هذه الطريقة لم ينطق بها كتاب ولا سنة ولا هي مأثورة عن أحد من السلف، فقد علم أنه لا أصل لها في الشرع، وجمهور أصحابها يسلمون ذلك، لكن يدعون أنها معلومة من جهة العقل.
فقال لهم القادحون في طريقهم: هذا أيضا باطل، فإنه لا يمكن تنزيه الله تعالى عن شيء من النقائص والعيوب لاستلزام ذلك كونه جسما، فإنه ما من صفة يقول القائل: إنها تستلزم التجسيم (1) ، إلا والقول فيما أثبته كالقول فيما نفاه.
وهو لا بد أن يثبت شيئا، وإلا لزم أن ينفي الموجود القديم الواجب بنفسه، وحينئذ فأي صفة قال فيها: إنها لا تكون إلا لجسم، أمكن أن يقال له مثل ذلك فيما أثبته. وإن كانت تلك صفة نقص، فلو أراد أن ينزه الله تعالى عن الجهل والعجز والنوم وغير ذلك، فإن هذه الصفات لا تكون إلا للأجسام ; قيل له: وما تثبته أنت من الأسماء أو الأحكام أو الصفات لا تكون إلا للأجسام.
ولهذا كان من رد بهذه الطريق على الواصفين لله بالعيوب والنقائص كلامهم متناقض، ولهذا لم يعتمد الله ولا رسوله ولا أحد من سلف الأمة فيما ينكرونه على اليهود وغيرهم - ممن وصف الله تعالى بشيء من النقائص كالبخل والفقر واللغوب والصاحبة والولد والشريك - على هذه الطريق.
ثم إن كثيرا ممن يسلك هذه الطريق حتى من الصفاتية يقولون:
**_________
(1) في الأصل أنه يستلزم التجسيم
============================== ====
إن كون الرب منزها عن النقص متصفا بالكمال مما لا نعرفه بالعقل بل بالسمع، وهو الإجماع الذي استند إليه.
وهؤلاء لا يبقى عندهم طريق عقلي ينزهون الله تعالى به عن شيء من النقائص، والإجماع الذي اعتمدوا عليه إنما ينفع في الجمل دون التفاصيل التي هي (1) محل نزاع بين المسلمين، فإنه يمتنع أن يحتج بالإجماع في موارد النزاع، ثم الإجماع يستندون فيه إلى بعض النصوص، ودلالة النصوص على صفات الكمال أظهر وأكثر وأقطع من دلالة النصوص على كون الإجماع حجة.
وإذا عرف ضعف أصول النفاة للصفات فيما ينزهون عنه الرب، فهؤلاء الرافضة طافوا على أبواب المذاهب، وفازوا بأخس المطالب، فعمدتهم في العقليات على عقليات باطلة، وفي السمعيات على سمعيات باطلة. ولهذا كانوا من أضعف الناس حجة وأضيقهم محجة، وكان الأكابر من أئمتهم متهمين بالزندقة والانحلال، كما يتهم غير واحد من أكابرهم.
والمقصود هنا أن هذا الباب تكلم الناس فيه بألفاظ مجملة مثل التركيب والانقسام والتجزئة والتبعيض ونحو ذلك. والقائل إذا قال: إن الرب تعالى ليس بمنقسم ولا متجزئ ولا متبعض ولا مركب ونحو ذلك، فهذا إذا أريد به ما هو المعروف من معنى ذلك في اللغة، فلا نزاع بين المسلمين أن الله منزه عن ذلك، فلا يجوز أن يقال: إنه مركب من أجزاء متفرقة، سواء قيل: إنه مركب بنفسه أو ركبه غيره، ولا أنه مركب يقبل
**_________
(1) في الأصل: الذي هي. والكلام هنا عن الإجماع عند ابن المطهر وعند الإمامية والنفاة
==============================
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (161)
صـ 566 إلى صـ 572
التفريق والتجزئة والتبعيض، وإن لم يكن كان متفرقا فاجتمع، كما يقال ذلك في الأجسام، فإنه سبحانه وإن كان خلق الحيوان والنبات فأنشأه شيئا بعد شيء، لم تكن يد الإنسان ورجله ورأسه متفرقة فجمع بينها (1) ، بل خلق هذه الأعضاء جملة، لكن يمكن تفريق بعضها عن بعض، فيمتنع أن يقال: إن الله سبحانه وتعالى يقبل التفريق والتجزئة والتبعيض بهذا الاعتبار. فهذان معنيان متفق عليهما، لا أعلم مسلما له قول في الإسلام قال بخلاف ذلك.
وإن قال: إن المراد بالتركيب أنه مركب من الجواهر المنفردة أو من المادة والصورة، وبالانقسام والتجزئة أنه مشتمل على هذه الأجزاء، فجمهور العقلاء يقولون: إن هذه المخلوقات المشار إليها، كالشمس والقمر والأفلاك والهواء والنار والتراب، ليست مركبة (2) لا هذا التركيب ولا هذا التركيب، وكيف برب العالمين؟ !
فإنه من المعلوم بصريح العقل أن المخلوق المشار إليه، الذي هو عال على غيره كعلو السماء على الأرض، إذا كان جمهور العقلاء يقولون: إنه ليس مركبا من الأجزاء التي لا تتجزأ - وهي الجواهر المنفردة - عند القائلين بها، ولا من المادة والصورة، كان منعهم أن يكون رب العالمين مركبا من هذا وهذا أولى.
وأما من قال: إن هذه الأعيان المشار إليها مركبة من هذا وهذا، فكثير منهم - كالمعتزلة والأشعرية - ينفون عن الرب تعالى هذا التركيب. ولكن
**_________
(1) في الأصل: بينهما.
(2) في الأصل: ليس مركبا
============================== =====
كثير من شيوخ الكلام يقولون: إن الله تعالى جسم، فإذا كان من هؤلاء من يقول: إن الجسم مركب من الأجزاء المنفردة أو من المادة والصورة، فقد يقول: إنه مركب بهذا الاعتبار وبهذا.
وهذا القول باطل عند جماهير المسلمين، لكن جمهور العقلاء ينكرون هذا التركيب في المخلوقات، فهم في الخالق أشد إنكارا.
ومن قال: إن المشار إليه المخلوق مركب هذا التركيب، فهؤلاء يحتاجون في نفي ذلك عن الرب إلى برهان عقلي يبين امتناع مثل ذلك، فإن منازعيهم الذين يقولون بثبوت مثل هذا المعنى الذي جعلوه تركيبا، يقولون: إنه لا برهان لهم على نفيه، بل المقدمات التي وافقونا عليها من إثبات مثل هذا التركيب في الشاهد، يدل على ثبوته في الغائب، كما في نظائر ذلك مما يستدل به على الغائب بالشاهد.
وبين الطائفتين في هذا منازعات عقلية ولفظية ولغوية، قد بسطت في غير هذا الموضع.
وأما جمهور العقلاء، مع السلف والأئمة، فعندهم أن الطائفتين مخطئتان، وتنزيه الرب عن ذلك تبين بالعقل مع الشرع، كما بين من غير سلوك الشبهات الفاسدة.
وأما إذا قيل: المراد بالانقسام أو التركيب أن يتميز منه شيء عن شيء، مثل تميز علمه عن قدرته، أو تميز ذاته عن صفاته، أو تميز ما يرى منه عما لا يرى، كما قاله السلف في قوله تعالى: {لا تدركه الأبصار} [سورة الأنعام: 103] ، قالوا: لا تحيط به. وقيل لابن عباس رضي الله عنه: أليس الله تعالى يقول: {لا تدركه الأبصار} قال: ألست ترى
============================== =========
السماء؟ قال: بلى. قال: أفكلها ترى؟ قال: لا (1) ; فذكر أن الله يرى ولا يدرك، أي لا يحاط به، ونحو ذلك.
فهذا الامتياز على قسمين: أحدهما: امتياز في علم العالم منا بأن نعلم شيئا ولا نعلم الآخر، فهذا أيضا لا يمكن العاقل أن ينازع فيه بعد فهمه، وإن قدر أن فيه نزاعا، فإن الإنسان قد يعلم أنه موجود قبل أن يعلم أنه عالم، ويعلم أنه قادر قبل أن يعلم أنه (مريد) ، ونحو ذلك. (2) فما من أحد من الناس إلا وهو يعلم شيئا ولا يعلم الآخر، فالامتياز في علم الناس بين ما يعلم وما لا يعلم مما لا يمكن عاقلا المنازعة فيه، إلا أن يكون النزاع لفظيا، أو يتكلم الإنسان بما لا يتصور حقيقة قوله.
فهذا الوجه من الامتياز متفق على إثباته، كما أن الأول متفق على نفيه. وأما الامتياز في نفس الأمر من غير قبول تفرق وانفصال، كتميز العلم عن القدرة، وتميز الذات عن الصفة، وتميز السمع عن البصر، وتميز ما يرى منه عما لا يرى، ونحو ذلك، وثبوت صفات له وتنوعها، فهذا مما تنفيه الجهمية نفاة الصفات، وهو مما أنكر السلف والأئمة نفيهم له، كما ذكر ذلك أئمة المسلمين المصنفين في الرد على الجهمية، كالإمام أحمد رضي الله عنه في رده على الجهمية (3) ، وغيره من أئمة المسلمين. ولكن (ليس) (4) في أئمة المسلمين من قال: إن
**_________
(1) انظر ما سبق 2/316 - 320، وانظر ص 320 (ت [0 - 9] ) .
(2) في الأصل: قبل أن يعلم أنه ونحو ذلك. وأضفت كلمة (مريد) ليستقيم الكلام.
(3) انظر مثلا رسالة " الرد على الجهمية " للإمام أحمد بن حنبل، ص [0 - 9] 1 - 32.
(4) في الأصل: ولكن في أئمة المسلمين، وزيادة " ليس " يقتضيها السياق
============================== ===========
الرب مركب من الجواهر المنفردة ولا من المادة والصورة. وقد تنازع النظار في الأجسام المشهودة: هل هي مركبة من جواهر أو من أجزاء، أو لا من هذا ولا من هذا؟ على ثلاثة أقوال.
فمن قال: إن المخلوق ليس مركبا لا من هذا ولا هذا، فالخالق أولى أن لا يكون مركبا.
ومن قال: إن المخلوق مركب، فهو بين أمرين: إما أن ينفي التركيب عن الرب سبحانه، ويحتاج إلى دليل، وأدلتهم على ذلك ضعيفة. وإما أن يثبت تركيبه من هذا وهذا، وهو قول سخيف. فكلا القولين - النفي والإثبات - ضعيف لضعف الأصل الذي اشتركوا فيه.
وهذا الموضع من محارات كثير من العقلاء في صفات المخلوق والخالق. مثال ذلك الثمرة، كالتفاحة والأترجة (1) لها لون وطعم وريح، وهذه صفات قائمة بها، ولها أيضا حركة. فمن النظار من قال: صفاتها ليست أمورا زائدة على ذاتها، ويجعل لفظ " التفاحة " يتناول هذا كله. ومنهم من يقول: بل صفاتها زائدة على ذاتها.
وهذا في التحقيق نزاع لفظي، فإن عنى بذاتها ما يتصوره الذهن من الذات المجردة، فلا ريب أن صفاتها زائدة على هذه الذات. وإن عنى بذاتها الذات الموجودة في الخارج، فتلك متصفة بالصفات، لا تكون ذاتا موجودة في الخارج إلا إذا كانت متصفة بصفاتها اللازمة لها.
**_________
(1) في " المعجم الوسيط " (نشر مجمع اللغة العربية) : " الأترج شجر يعلو، ناعم الأغصان والورق والثمر، وثمره كالليمون الكبير، وهو ذهبي اللون، ذكي الرائحة، حامض الماء ". وفي اللسان: " واحدته ترنجة وأترجة. . وفي الحديث: نهى عن لبس القسي المترج، هو المصبوغ بالحمرة صبغا مشبعا "
============================== ===========
فتقديرها في الخارج منفكة عن الصفات - حتى يقال: هل الصفات زائدة عليها أو ليست زائدة - تقدير ممتنع، والتقدير الممتنع قد يلزمه حكم ممتنع.
وقد حكي عن طائفة من النظار كعبد الرحمن بن كيسان الأصم (1) وغيره أنهم أنكروا وجود الأعراض في الخارج، حتى أنكروا وجود الحركة. والأشبه - والله أعلم - أنه لم ينقل قولهم على وجهه، فإن هؤلاء أعقل من أن يقولوا ذلك (2) وعبد الرحمن الأصم - وإن كان معتزليا - فإنه من فضلاء الناس وعلمائهم، وله تفسير. ومن تلاميذه إبراهيم بن
**_________
(1) في لسان الميزان 3/427: " عبد الرحمن بن كيسان، أبو بكر الأصم المعتزلي، صاحب المقالات في الأصول. ذكره عبد الجبار الهمداني في طبقاتهم، وقال: كان من أفصح الناس وأورعهم وأفقههم وله تفسير عجيب. ومن تلامذته إبراهيم بن إسماعيل بن علية، قلت: وهو من طبقة أبي الهذيل العلاف وأقدم منه ". وذكر عنه الأشعري في المقالات 1/311 أنه يخالف إجماع المعتزلة في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع الإمكان والقدرة باللسان واليد والسيف، كما يذكر رأيه في الإنسان 2/25: بأنه " هو الذي يرى وهو شيء واحد لا روح له وهو جوهر واحد ونفى إلا ما كان محسوسا مدركا " وأنه كان يقول 2/28: " ليس أعقل إلا الجسد الطويل العريض العميق الذي أراه وأشاهده، وكان يقول: النفس هي هذا البدن بعينه لا غير، وإنما جرى عليها هذا الذكر على جهة البيان والتأكيد لحقيقة الشيء لا على أنها معنى غير البدن " وذكر عنه الشهرستاني (نهاية الإقدام، ص [0 - 9] 81) أنه يقول بأن الإمامة غير واجبة في الشرع بل هي مبنية على معاملات الناس. وانظر ترجمة أبي بكر الأصم وآراءه في: المنية والأمل في شرح كتاب الملل والنحل لابن المرتضي، ص 32 - 33 ; ط. حيدر آباد، 1316 ; فضل الاعتزال، ص [0 - 9] 67 - 268.
(2) قال الأشعري في المقالات 2 " واختلف الناس في الحركات والسكون والأفعال، فقال الأصم: لا أثبت إلا الجسم الطويل العريض العميق ولم يثبت حركة غير الجسم، ولا يثبت سكونا غيره، ولا فعلا غيره، ولا قياما غيره، ولا قعودا غيره، ولا افتراقا ولا اجتماعا، ولا حركة ولا سكونا، ولا لونا غيره، ولا صوتا ولا طعما غيره، ولا رائحة غيره. فأما بعض أهل النظر ممن يزعم أن الأصم قد علم الحركات والسكون والألوان ضرورة، وإن لم يعلم أنها غير الجسم، فإنه يحكى عنه أنه كان لا يثبت الحركة والسكون وسائر الأفعال غير الجسم، ولا يحكى عنه أنه كان لا يثبت حركة ولا سكونا ولا قياما ولا قعودا ولا فعلا. فأما من زعم أن الأصم كان لا يعلم الأعراض على وجه من الوجوه فإنه يحكى عنه أنه كان لا يثبت حركة ولا سكونا ولا قياما ولا قعودا ولا اجتماعا ولا افتراقا على وجه من الوجوه، وكذلك يقول في سائر الأعراض ". وفي أصول الدين لابن طاهر، ص 36 - 37: " الخلاف في إثبات الأعراض مع الأصم ومع طوائف من الدهرية والسمنية نفوها كلها وزعموا أن المتحرك متحرك لا بحركة، والأسود أسود لا لسواد يقوم به، ونفوا جميع الأعراض ". وانظر أيضا: الملل والنحل 1 ; فضائح الباطنية للغزالي (تحقيق د. عبد الرحمن بدوي) ، ص 170 - 171
============================== ========
إسماعيل بن علية، ولإبراهيم مناظرات في الفقه وأصوله مع الشافعي وغيره. (1) وفي الجملة فهؤلاء من أذكياء الناس وأحدهم أذهانا، وإذا ضلوا في مسألة لم يلزم أن يضلوا في الأمور الظاهرة التي لا تخفى على الصبيان.
وهذا كما أن الأطباء وأهل الهندسة من أذكياء الناس، ولهم علوم صحيحة طبية وحسابية، وإن كان ضل منهم طوائف في الأمور الإلهية، فذلك لا يستلزم أن يضلوا في الأمور الواضحة في الطب والحساب.
**_________
(1) في لسان الميزان 1 - 35: " إبراهيم بن إسماعيل بن علية جهمي هالك كان يناظر ويقول بخلق القرآن، مات سنة ثمان عشرة ومائتين. . وذكر البيهقي في مناقب الشافعي عن الشافعي أنه قال: أنا أخالف ابن علية في كل شيء حتى في قول: لا إله إلا الله فإني أقول لا إله إلا الله الذي كلم موسى، وهو يقول: لا إله إلا الله الذي خلق كلاما سمعه موسى. وله كتاب في الرد على مالك نقضه عليه أبو جعفر الأبهري. . وأرخ ابن الجوزي وفاته في " المنتظم " في سنة 18. قال: وهو ابن 67 سنة ". وانظر أيضا: النجوم الزاهرة 2/228. (حيث ذكر في وفيات سنة 218) . وقارن الفهرست لابن النديم، ص 201. وانظر فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة، ص 75، 80، 267، 316
============================== ============
فمن حكى عن مثل أرسطو أو جالينوس أو غيرهما قولا في الطبيعيات (1) ظاهر البطلان، علم أنه غلط في النقل عليه، وإن لم يكن تعمد الكذب عليه.
بل محمد بن زكريا الرازي مع إلحاده في الإلهيات والنبوات، ونصرته لقول ديمقراطيس والحرنانيين (2) القائلين بالقدماء الخمسة - مع أنه من أضعف أقوال العالم وفيه من التناقض والفساد ما هو مذكور في موضع آخر، كشرح الأصبهانية والكلام على معجزات الأنبياء والرد على من قال: إنها قوى نفسانية المسماة بالصفدية وغير ذلك - فالرجل من أعلم الناس بالطب (3) حتى قيل له: جالينوس الإسلام، فمن ذكر عنه في الطب قولا يظهر فساده لمبتدئ الأطباء، كان غالطا عليه.
**_________
(1) في الأصل: في الطبيعات.
(2) في الأصل: حرنانين.
(3) في هامش (ع) لخص مستجي زاده كلام ابن تيمية عن محمد بن زكريا الرازي حتى هذا الموضع، ثم كتب التعليق التالي: " قلت: وقد اطلعت على تأليف لابن الخطيب المشتهر بالإمام الرازي يقال له " المطالب العالية " أنه ذكر فيه أنه ليس في القرآن دليل يدل بصريحه على حدوث العالم، ثم أخذ يعدد من القرآن ما هو مظنة ذلك - أعني حدوث العالم - فركب على كل صعب وذلول على نفي الدلالة في تلك المظان، ثم قال: ليس في التوراة أيضا دليل يدل بصريحه على ذلك فذهب في ذلك كله على قول ديمقراطيس من إثبات الأجزاء القديمة وهي أجزاء العالم، فالعالم قديم بذواتها وحادث بصفاتها. ولا شك أن القول بقدم أجزاء العالم مخالف للضروريات الدينية لم يذهب إليه أحد من أهل الإسلام، من الفرق الثلاث والسبعين وإنما ذهب (إليه) طوائف ثلاث: الباطنية، ومن ينتمي إلى الإسلام من الفلاسفة المشائين، ومن ينتمي إلى الإسلام من ديمقراطيسية - وهم ليسوا من أهل القبلة. وقد كتبت في هذا الباب رسالة بينت فيها فساد قول ابن الخطيب وأنه مخالف لفرق أهل الإسلام. وقد كان المشهور بذلك ممن ينتمي إلى الإسلام زكريا الرازي، ثم اطلعت على أن ابن الخطيب أيضا ذهب إلى ذلك، حتى ادعى أن من نفى ذلك - أعني حدوث العالم - أو تردد وتذبذب فيه فهو معذور. ولعل الشارح ابن تيمية - قدس سره - لم يطلع (على) هذا القول من ابن الخطيب إذ الظاهر أنه لو اطلع لم يقصر (في الأصل: يقتصر) نصرة مذهب ديمقراطيس على محمد بن زكرياء الرازي، بل ذكر معه أيضا ابن الخطيب الذي اشتهر عند الناس بالإمام فخر الدين الرازي، وألف تفسيرا يقال له " التفسير الكبير " وفيه غير واحد من المواضع يخاف من الكفر، لكن قومه أهالي الري شديدو الاعتقاد فيه (لكن. . إلخ غير واضحة بالأصل) فحملوا كلامه في جميع المواضع كأن جبرئيل أوحى إليه لعظمة الرجل عندهم، مع أن الرجل بعيد عن صناعة الحديث وأصوله وقواعده، مع أن التفسير لا يصح إلا بالحديث، لا بالفلسفة. وقد غلب عليه الفلسفة والفلسفيات، فأراد تطبيق القرآن على قواعد الفلسفة، مع أن القرآن وعامة الكتب المنزلة من السماء لإبطال أصول الفلسفة - سيما فلسفة اليونانيين (الذين) يقال لهم المشاءون (فقولهم) مبني على إبطال حدوث العالم وإثبات قدمه، وقد خالف أكثر المتقدمين منهم في ذلك، إذ أصول غالبهم لا تأبى عن حدوث العالم "
============================== =====
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (162)
صـ 573 إلى صـ 579
وكذلك عبد الرحمن بن كيسان وأمثاله لا ينكر أن يكون للثمرة طعما ولونا وريحا، وهذا من المراد بالأعراض في اصطلاح النظار، فكيف يقال: إنهم أنكروا الأعراض؟
بل إذا قالوا: إن الأعراض ليست صفات (1) زائدة على الجسم بمعنى أن الجسم اسم للذات التي قامت بها الأعراض، فالعرض داخل في مسمى الجسم، وهذا مما يمكن أن يقوله هؤلاء وأمثالهم.
ثم رأيت أبا الحسين (2) البصري - وهو أحذق متأخري المعتزلة - قد ذكر (في) " تصفيح الأدلة والأجوبة " (3) هذا المعنى، وذكر أن مرادهم هو
**_________
(1) في الأصل: صفاتا، وهو خطأ.
(2) في الأصل: أبا الحسن.
(3) في الأصل: قد ذكر تصفيح الأدلة والأجوبة، وزدت (في) ليستقيم الكلام وسبقت ترجمة أبي الحسين البصري 1/397. وانظر فضل الاعتزال، ص 387 ; سزكين م [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 6 - 87. وذكر الكتاب ابن المرتضى في كتابه المنية والأمل في شرح كتاب الملل والنحل ص 70، د. حيدر آباد، 1316 ; معجم المؤلفين 11/20
============================== ======
هذا المعنى، وذكر من كلامهم ما يبين ذلك، فاختار هو هذا، وأثبت الأحوال التي يسميها (1) غيره أعراضا زائدة، وعاد جمهور النزاع إلى أمور لفظية.
وإذا كان كذلك فمن المعلوم أنا نحن نميز بين الطعم واللون والريح بحواسنا، فنجد الطعم بالفم، ونرى اللون بالعين، ونشم الرائحة بالأنف، كما نسمع الصوت بالأذن، فهنا الآلات التي تحس بها هذه الأعراض مختلفة فينا، يظهر اختلافها في أنفسها لاختلاف الآلات التي تدركها، بخلاف ما يقوم بأنفسنا من علم وإرادة وحب، فإنا لا نميز بين هذا وهذا بحواس مختلفة، وإن كان أدلة العلم بذلك مختلفة، فالأدلة قد تكون أمورا منفصلة عن المستدل.
فهذا مما يقع به الفرق بين الصفات المدركة بالحس والصفات المعلومة بالعقل، وإلا فمعلوم أن اتصاف الأترجة والتفاحة بصفاتها المتنوعة هو أمر ثابت في نفسه سواء وجدنا ذلك أو لم نجده. ومعلوم أن طعمها نفسه ليس هو لونها، ولونها ليس هو ريحها، وهذه كلها صفات قائمة بها متنوعة بحقائقها، وإن كان محلها الموصوف بها واحدا.
ثم الصفات نوعان: نوع لا يشترط فيه الحياة: كالطعم واللون والريح، ونوع يشترط فيه الحياة: كالعلم والإرادة والسمع والبصر.
فأما الأول فحكمه لا يتعدى محله، فلا يتصف باللون والريح والطعم إلا ما قام به ذلك.
**_________
(1) في الأصل: ينفيها، وصوبت في الهامش بكلمة لم يظهر منها إلا (ميها) ورجحت أن تكون كما أثبت
============================== ===
وأما هذا الثاني فقد تنازع فيه النظار لما رأوا أن الإنسان يوصف بأنه عالم قادر مريد، والعلم والإرادة لم تقم بعقبه ولا بظهره، وإنما هو قائم بقلبه.
فمنهم من قال: الأعراض المشروطة بالحياة يتعدى حكمها محلها، فإذا قامت بجزء من الجملة وصف بها سائر الجملة، كما يقول ذلك من يقوله من المعتزلة وغيرهم.
ومنهم من يقول: بل الموصوف بذلك جزء منفرد في القلب.
ومنهم من يقول: بل حكمها لا يتعدى محلها، وإنه بكل جزء من أجزاء البدن حياة وعلم وقدرة.
ومن هؤلاء من يقول: لا يشترط في قيام هذه الأعراض بالجوهر الفرد البنية المخصوصة، كما يقوله: الأشعري ومن اتبعه من أصحاب مالك والشافعي وأحمد وغيرهم، وهؤلاء بنوا هذا على ثبوت الجوهر الفرد، وهو أساس ضعيف، فإن القول به باطل، كما قد بسط في موضعه.
ثم من المتفلسفة المشائين من ادعى أن محل العلم من الإنسان ما لا ينقسم، ومعنى ذلك عندهم أن النفس الناطقة لا يتميز منها شيء عن شيء، ولا يتحرك ولا يسكن، ولا يصعد ولا ينزل، ولا يدخل في البدن ولا غيره من العالم ولا يخرج منه، ولا يقرب من شيء ولا يبعد منه.
ثم منهم من يدعي أنها لا تعلم الجزئيات وإنما تعلم الكليات، كما يذكر ذلك عن ابن سينا وغيره. وكان أعظم ما اعتمدوا عليه من المعلومات ما لا ينقسم، فالعلم به لا ينقسم، لأن العلم مطابق للمعلوم
============================== =======
فمحل العلم لا ينقسم، لأن ما ينقسم لا يحل في منقسم. (1) \ 1975. وقد بسط الكلام على هذا في غير هذا الموضع، وبين بعض ما في هذا الكلام من الغلط، مع أن هذا عندهم هو البرهان القاطع الذي لا يمكن نقضه. وقواهم على ذلك أن بعض من عارضهم كأبي حامد والرازي لم يجيبوا عنه بجواب شاف، بل أبو حامد قد يوافقهم على ذلك.
ومنشأ النزاع إثبات ما لا ينقسم بالمعنى الذي أرادوه في الوجود الخارجي.
فيقال لهم: لا نسلم أن في الوجود ما لا يتميز منه شيء عن شيء. فإذا قالوا: النقطة؟ قيل لهم: النقطة والخط والسطح الواحد والاثنان والثلاثة: قد يراد بها هذه المقادير مجردة عن موصوفاتها، وقد يراد بها ما اتصف بها (من) (2) المقدرات في الخارج.
فإذا أريد الأول فلا وجود لها إلا في الأذهان لا في الأعيان، فليس في الخارج عدد مجرد عن المعدود، ولا مقدار مجرد عن المقدر (3) : لا نقطة ولا خط ولا سطح ولا واحد ولا اثنان ولا ثلاثة بل الموجودات
**_________
(1) انظر كتاب الشفاء لابن سينا، الفن السادس من الطبيعيات 1 وما بعدها، ط براغ، تشيكوسلوفاكيا، 1956 ص [0 - 9] 87 وما بعدها، ط. الهيئة العامة للكتاب، تحقيق جورج قنواتي، سعيد زايد، القاهرة، 1395
(2) (من) : ليست في الأصل وزدتها ليستقيم الكلام.
(3) في الأصل: مقدرا مجردا عن المقدر، ولعل الصواب ما أثبته
============================== =========
المعدودات كالدرهم والحبة والإنسان، والمقدرات كالأرض التي لها طول وعرض وعمق، فما من سطح إلا وله حقيقة يتميز بها عن غيره من السطوح، كما يتميز التراب عن الماء، وكما يتميز سطوح كل جسم عن سطوح الآخر.
وإن قالوا: ما لا ينقسم هي العقول المجردة التي تثبتها الفلاسفة.
كان دون إثبات هذه خرط القتاد (1) ، فلا يتحقق منها إلا ما يقدر في الأذهان، لا ما يوجد في الأعيان.
والملائكة التي وصفتها الرسل وأمروا بالإيمان بها، بينها وبين هذه المجردات من أنواع الفرقان، ما لا يخفى إلا على العميان، كما قد بسط في غير هذا المكان.
وإن أرادوا بما لا ينقسم واجب الوجود، وقالوا: إنه واحد لا ينقسم ولا يتجزأ.
قيل: إن أردتم بذلك نفي صفاته، وأنه ليس لله حياة وعلم وقدرة تقوم به، فقد علم أن جمهور المسلمين وسائر أهل الملل، بل وسائر عقلاء بني آدم من جميع الطوائف يخالفونكم في هذا.
وهذا أول المسألة، وأنتم - وكل عاقل - قد يعلم بعض صفاته دون بعض، والمعلوم هو غير ما ليس بمعلوم، فكيف ينكر أن يكون له معان متعددة؟
وأدلة إثبات الصانع كثيرة، ليس هذا موضعها، فلم قلتم بإمكان وجود مثل هذا في الخارج، فضلا عن تحقيق وجوده؟
**_________
(1) في الأصل: حرظ العتاد
============================== ====
وقد عرف فساد حجتكم على نفي الصفات، وإن سميتم ذلك توحيدا، فحينئذ الواحد الذي لا يتميز منه شيء عن شيء لم يعلم ثبوته في الخارج حتى يحتج على أن العلم به كذلك، والعالم به كذلك.
وقد احتج بعضهم على وجود ما لا ينقسم - بالمعنى الذي أرادوه - بأن قالوا: الوجود في الخارج: إما بسيط وإما مركب، والمركب لا بد له من بسيط.
وهذا ممنوع، فلا نسلم أن في الوجود ما هو مركب من هذا البسيط الذي أثبتموه، وإنما الموجود الأجسام البسيطة، وهو ما يشبه بعضه بعضا، كالماء والنار والهواء ونحو ذلك.
وأما ما لا يتميز منه شيء عن شيء، فلا نسلم أن في الوجود ما هو مركب منه، بل لا موجود إلا ما يتميز منه شيء عن شيء.
وإذا قالوا: فذلك الشيء هو البسيط.
قيل لهم: وذلك إنما يكون بعضا من غيره، لا يعلم مفردا ألبتة، كما لا يوجد مفردا ألبتة.
ثم يقال: من المعلوم أن بدن الإنسان ينقسم بالمعنى الذي يذكرونه ويتميز منه شيء عن شيء، والحياة والحس سار في بدنه، فما المانع أن تقوم الحياة والعلم بالروح، كما قامت الحياة والحس بالبدن، وإن كان البدن منقسما عندكم؟
وإن قلتم: الحياة والحس منقسم عندكم؟
قيل: إن أردتم بذلك أنه يمكن كون البعض حيا حساسا مع مفارقة البعض
============================== =========
قيل: هذا لا يطرد، بل قد يذهب بعضه وتبقى الحياة والحس في بعضه، وقد تذهب الحياة والحس عن بعضه بذهاب ذلك عن البعض، كما في القلب.
وعلى التقديرين فالحياة والحس يتسع باتساع محله، والأرواح متنوعة، وما يقوم بها من العلم والإرادة وغير ذلك يتنوع بتنوعها، فما عظم من الموصوفات عظمت صفاتها، وما كان دونها كانت صفاته دونه.
وأيضا، فالوهم عندهم قوة جسمانية قائمة بالجسم، مع أنها تدرك في المحسوس ما ليس بمحسوس، كالصداقة والعداوة، وذلك المعنى مما لا ينقسم بانقسام محله عندهم.
وأيضا، فقوة الإبصار التي في العين قائمة بجسم ينقسم عندهم، مع أنها لا تنقسم بانقسام محلها، بل الاتصال شرط فيها، فلو فسد بعض محلها فسدت، ولا يبقى بعضها مع فساد أي بعض كان، فما كان المانع أن يكون قيام الحياة والعلم والقدرة والإرادة ببعض الروح - إذا قيل: يتميز بعضها عن بعض - مشروطا بقيامه بالبعض الآخر، بحيث يكون الاتصال شرطا في هذا الاتصاف؟ (1) كما يوجد ذلك في الحياة والحس في بعض البدن، لا تقوم به الحياة والحس إلا إذا كان متصلا نوعا من الاتصال.
وبسط الكلام في (كثير من) (2) هذه الأمور يتعلق بالكلام على روح الإنسان، التي تسمى النفس الناطقة، وعلى اتصافها بصفاتها، فبهذا
**_________
(1) في الأصل: في هذه الاتصاف.
(2) بعد حرف (في) توجد إشارة إلى الهامش، ولم تظهر الكلمات الساقطة في المصورة، ورجحت أن تكون هي ما أثبته
============================== ====
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (163)
صـ 580 إلى صـ 586
يستعين الإنسان على الكلام في الصفات الإلهية، وبذلك يستعين على ما يرد عليه من الشبهات، وقد تكلمنا على ذلك في مواضع.
والناس قد تنازعوا في روح الإنسان: هل هي جسم مركب من الجواهر المنفردة، أو من المادة والصورة، أو جوهر لا يقبل الصعود والنزول والقرب والبعد ونحو ذلك؟ وكلا القولين خطأ، كما ذكر في غير هذا الموضع؟ (1) وأضعف من ذلك قول من يجعلها عرضا من أعراض البدن كالحياة والعلم.
وقد دخل في الأول قول من قال: إن الإنسان ليس هو إلا هذه الجمل المشاهدة، وهي البدن، ومن قال: إنها الريح التي تتردد في مخاريق البدن ; ومن قال: إنها الدم، ومن قال: إنها البخار اللطيف الذي يجري في مجاري الدم، وهو المسمى بالروح عند الأطباء ; ومن قال غير ذلك.
والثاني: قول من يقول بذلك من المتفلسفة ومن وافقهم من النظار.
وقد ينظر الإنسان في كتب كثيرة من المصنفة في هذه الأمور، ويجد في المصنف أقوالا متعددة، والقول الصواب لا يجده فيها.
ومن تبحر في المعارف تبين له خلاصة الأمور، وتحقيقها: هو ما أخبر به الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، في جميع هذه الأمور، لكن إطالة القول في هذا الباب، لا يناسب هذا
**_________
(1) انظر رسالة في العقل والروح لابن تيمية، المنشورة في الجزء الثاني من مجموعة الرسائل المنيرية، ط. القاهرة، 1343. ونشرت بعد ذلك في مجموع فتاوى الرياض 4/216 - 231
============================== ====
الكتاب، وإنما المقصود التنبيه على أن ما تشنع به الرافضة على أهل السنة من ضعيف الأقوال هم به أخلق، والضلال بهم أعلق، ولكن لا بد من جمل يهتدى بها إلى الصواب.
وباب التوحيد والأسماء والصفات مما عظم فيه ضلال من عدل عما جاء به الرسول إلى ما يظنه من المعقول، وليست المعقولات الصريحة إلا بعض ما أخبر به الرسول، يعرف ذلك من خبر هذا وهذا.
**[تنازع الناس في الأسماء التي تسمى الله بها وتسمى بها عباده]
(فصل) ] (1) وهذا الموضع أشكل على كثير من الناس لفظا ومعنى. أما اللفظ فتنازعوا في الأسماء التي تسمى الله بها وتسمى بها (2) عباده كالموجود والحي والعليم والقدير، فقال بعضهم: (3) هي مقولة بالاشتراك اللفظي (4) حذرا من إثبات قدر مشترك بينهما، لأنهما إذا اشتركا في مسمى الوجود لزم أن يمتاز الواجب عن الممكن بشيء آخر فيكون مركبا. وهذا قول بعض المتأخرين كالشهرستاني والرازي في أحد قوليهما، وكالآمدي مع توقفه أحيانا (5) . وقد ذكر الرازي والآمدي ومن اتبعهما هذا القول عن الأشعري وأبي الحسين البصري وهو غلط عليهما، وإنما ذكروا (6) ذلك
**_________
(1) هنا ينتهي السقط الموجود في (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) وقد بدأ ص 566.
(2) ب، أ: ويسمي بها.
(3) ب، أ: وقال بعضهم ; ع: فقال (وسقطت: بعضهم) .
(4) اللفظي: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(5) أحيانا: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(6) ب: ذكرا ; أ: ذكر، وهو خطأ
============================== ======
لأنهما لا يقولان بالأحوال، ويقولان: وجود كل شيء عين حقيقته، فظنوا أن من قال: وجود كل شيء عين حقيقته يلزمه أن يقول: إن (1) لفظ الوجود يقال بالاشتراك اللفظي عليهما، لأنه لو كان متواطئا لكان بينهما قدر مشترك [فيمتاز أحدهما عن الآخر بخصوص حقيقته، والمشترك ليس هو المميز، فلا يكون الوجود المشترك] (2) هو الحقيقة المميزة. والرازي والآمدي ونحوهما ظنوا أنه ليس في المسألة إلا هذا القول وقول من يقول بأن اللفظ متواطئ (3 ويقول: وجوده زائد على حقيقته، كما هو قول أبي هاشم وأتباعه من المعتزلة والشيعة، أو قول ابن سينا بأنه متواطئ 3) (3) [أو مشكك] (4) مع أنه (5) الوجود المقيد [بسلب كل أمر ثبوتي عنه] (6) .
وذهب من ذهب من القرامطة الباطنية وغلاة الجهمية إلى أن هذه الأسماء حقيقة في العبد مجاز في الرب. [قالوا: هذا في اسم الحي] (7) ونحوه، [حتى في اسم الشيء كان الجهم وأتباعه لا يسمونه شيئا (8) ، وقيل عنه إنه لم يسمه إلا بالقادر الفاعل لأن العبد عنده ليس بقادر ولا
**_________
(1) إن: ساقطة من (ع) .
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(3) : (3 - 3) ساقط من (أ) ، (ب) .
(4) أ: ومشكل ; ب: ومشكك. وسقطت الكلمة من (ن) ، (م) . وانظر تعريف المتواطئ والمشكك في " التعريفات " للجرجاني.
(5) ب، أ: مع أن.
(6) ب، أ: يسلب كل أمر ثبوتي عنه وسقطت العبارة من (ن) ، (م) .
(7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(8) ذكر الأشعري (المقالات 1/312) ما تفرد به جهم من الأقوال، ومن ذلك " أنه كان يقول: لا أقول إن الله سبحانه شيء لأن ذلك تشبيه له بالأشياء "
============================== ==========
فاعل، فلا يسميه باسم يسمى به العبد (1) ] (2) . وذهب أبو العباس الناشئ (3) إلى ضد ذلك فقال: إنها حقيقة للرب مجاز للعبد (4) .
وزعم ابن حزم أن أسماء الله تعالى الحسنى لا تدل على المعاني، فلا يدل عليم على علم، ولا قدير على قدرة، بل هي أعلام
**_________
(1) قال الشهرستاني (الملل والنحل 1/79) عن الجهم: " وافق المعتزلة في نفي الصفات الأزلية وزاد عليهم بأشياء: منها قوله: لا يجوز أن يوصف الباري تعالى بصفة يوصف بها خلقه لأن ذلك يقتضي تشبيها، فنفى كونه حيا عالما، وأثبت كونه قادرا فاعلا خالقا، لأنه لا يوصف شيء من خلقه بالقدرة والفعل والخلق ".
(2) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
(3) أبو العباس عبد الله بن محمد بن عبد الله بن مالك الناشئ الأنباري، كان يقال له ابن شرشير، وتوفي سنة 293 قال ابن حجر (لسان الميزان 3/334) : " كان من أهل الأنبار ونزل بغداد ثم انتقل إلى مصر ومات بها، وكان متكلما شاعرا مترسلا وله قصيدة أربعة آلاف بيت في الكلام. قال ابن النديم: يقال إنه كان ثنويا فسقط من طبقة أصحابه المتكلمين. قلت: ولا تغتر بقول ابن النديم فإن هذا من كبار المسلمين، وكان سبب تلقيبه بالناشئ أنه دخل وهو فتى مجلسا فناظر على طريقة المعتزلة فقطع خصمه فقام شيخ فقبل رأسه وقال: لا أعدمنا الله مثل هذا الناشئ، فبقي علما عليه. وله رد على داود بن علي رده عليه ابنه محمد بن داود، وغير ذلك ". وأما ابن النديم فذكره ضمن رؤساء المنانية (نسبة إلى ماني) المتكلمين الذين يظهرون الإسلام ويبطنون الزندقة، فقال (338) : " وممن تشهر أخيرا أبو عيسى الوراق وأبو العباس الناشئ ". وانظر ترجمته في: وفيات الأعيان 2/277 - 279 ; إنباه الرواة 2/128 - 129 ; تاريخ بغداد 1/92 - 93 ; شذرات الذهب 2/214 - 215 ; العبر للذهبي 2/95 ; الأعلام 4/261. وانظر ما ذكره عنه ابن حزم في: التقريب لحد المنطق والمدخل إليه، ص 43، تحقيق د. إحسان عباس، بيروت 1959. وانظر مقدمة المحقق (ص ط) ; وانظر أيضا: المنية والأمل لابن المرتضى، ص 54، فضل الاعتزال، ص 299.
(4) ع: مجاز في العبد
============================== ==
محضة (1) . وهذا يشبه قول من يقول بأنها تقال بالاشتراك اللفظي (2) .
وأصل غلط هؤلاء شيئان: إما نفي الصفات والغلو في نفي التشبيه، وإما ظن ثبوت الكليات المشتركة في الخارج.
فالأول هو مأخذ الجهمية ومن وافقهم على نفي الصفات. قالوا: إذا قلنا عليم يدل على علم، وقدير يدل على قدرة لزم من إثبات الأسماء إثبات الصفات، وهذا مأخذ ابن حزم، فإنه من نفاة الصفات (3) مع تعظيمه للحديث والسنة والإمام أحمد، ودعواه أن الذي يقوله: في ذلك هو مذهب أحمد وغيره.
وغلطه في ذلك بسبب أنه أخذ أشياء (4) من أقوال الفلاسفة والمعتزلة عن بعض شيوخه، ولم يتفق له من يبين له خطأهم (5) ، ونقل المنطق بالإسناد عن متى الترجمان (6) . وكذلك قالوا: إذا قلنا: موجود وموجود، وحي وحي لزم التشبيه، فهذا أصل غلط هؤلاء.
**_________
(1) يقول ابن حزم (الفصل 2/296) : " إننا لا نفهم من قولنا قدير عالم - إذا أردنا بذلك الله تعالى - إلا ما نفهم من قولنا الله فقط، لأن كل ذلك أسماء أعلام لا مشتقة من صفة أصلا، لكن إذا قلنا: الله تعالى بكل شيء عليم، ويعلم الغيب، فإنما يفهم من كل ذلك أن هاهنا له تعالى معلومات، وأنه لا يخفى عليه شيء، ولا يفهم منه ألبتة أن له علما هو غيره، وهكذا نقول في: يقدر، وفي غير ذلك كله ".
(2) ب، أ: أنها تقال. . إلخ، والعبارة في (ع) مضطربة.
(3) انظر الفصل 2/283 وما بعدها.
(4) ب، أ، ن، م: شيئا.
(5) ب: ولم يتفق من بين له خطأهم ; أ، م: ولم يتفق من يبين له خطأهم ; ن: ولم يبين لهم من يبين لهم خطأهم ; ع: ولم يتفق له من يبين له خطاوهم.
(6) ب: ونقل المنطق الأستاذ عن متى الترجمان ; أ: ونقل المنطق الإسناد عن متى الترجمان ; ن، م: ونقل المنطق بالإسناد عن متى. ومتى الترجمان هو أبو بشر متى بن يونس (أو ابن يونان) المنطقي النصراني، نزل بغداد ومات بها سنة 328 وإليه انتهت رياسة المنطقيين في عصره. انظر ترجمته ومصنفاته في: تاريخ الحكماء لابن القفطي، ص [0 - 9] 23 ; تاريخ حكماء الإسلام لظهير الدين البيهقي، ص 28 - 29 ; طبقات الأطباء لابن أبي أصيبعة 2/227 ; الفهرست لابن النديم ص 263 - 264. وقد ذكر ابن تيمية في أكثر من موضع ما نسبه هنا إلى ابن حزم، انظر مثلا: الرد على المنطقيين، ص 131 - 132. ويقول الدكتور إحسان عباس (مقدمة التقريب لحد المنطق لابن حزم، ص ح - ط) إن عبارة ابن تيمية هذه هدته إلى بيان معنى ما يذكره ابن حزم في كتابه من قوله: " قال الشيخ: هذه عبارات المترجمين وفيها تخليط. . . إلخ " إذ جعله كلام ابن تيمية يعتقد أن كلمة " الشيخ " ربما كانت تشير إلى متى المنطقي نفسه، وإن كان ابن حزم لم يذكر شيئا عن متى في النسخة التي نشر عنها الكتاب
============================== ============
وأما الأصل الثاني فمنه غلط الرازي (1) ونحوه، فإنه ظن أنه إذا (2) كان هذا موجودا وهذا موجودا، والوجود شامل لهما، كان بينهما وجود مشترك كلي في الخارج، فلا بد من مميز يميز هذا عن هذا، والمميز إنما هو الحقيقة، فيجب أن يكون هناك وجود مشترك وحقيقة مميزة.
ثم إن (3) هؤلاء يتناقضون فيجعلون الوجود ينقسم (4) إلى واجب وممكن أو قديم (5) ومحدث، كما تنقسم سائر الأسماء العامة الكلية. لا كما تنقسم الألفاظ المشتركة كلفظ " سهيل " القول على [سهيل] (6) الكوكب وعلى سهيل بن عمرو، فإن تلك لا يقال فيها: إن هذا ينقسم إلى كذا
**_________
(1) ب، أ: الدين، وهو تحريف.
(2) ب (فقط) : إن.
(3) إن: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(4) ب، أ: منقسما ; ن: جسم، وهو تحريف.
(5) ب، أ: وقديم.
(6) سهيل: زيادة في (ع)
============================== =====
وكذا، ولكن يقال: إن هذا اللفظ يطلق على هذا المعنى وعلى هذا المعنى، وهذا أمر لغوي لا تقسيم عقلي.
وهناك تقسيم عقلي: تقسيم المعنى الذي هو مدلول اللفظ العام، مورد التقسيم مشترك بين الأقسام. وقد ظن بعض الناس أنه يخلص من هذا بأن يجعل (1) لفظ الوجود مشككا لكون (2) الوجود الواجب أكمل، كما يقال: في لفظ " السواد " و " البياض " المقول على سواد القار وسواد الحدقة وبياض الثلج وبياض العاج.
ولا ريب أن المعاني الكلية قد تكون متفاضلة في مواردها، بل أكثرها كذلك، وتخصيص هذا القسم بلفظ المشكك أمر اصطلاحي. ولهذا كان من الناس من قال: هو نوع من المتواطئ (3) لأن واضع اللغة لم يضع اللفظ العام بإزاء التفاوت الحاصل لأحدهما، بل بإزاء القدر المشترك.
وبالجملة فالنزاع في هذا لفظي، فالمتواطئة العامة تتناول المشككة، وأما المتواطئة التي تتساوى معانيها فهي قسيم المشككة، وإذ جعلت المتواطئة نوعين: متواطئا (4) عاما وخاصا، كما جعل الإمكان نوعين: عاما وخاصا، زال اللبس.
والمقصود هنا أن يعرف أن قول جمهور الطوائف من الأولين والآخرين
**_________
(1) ب، أ، ن، م: جعل.
(2) ب، أ: ككون.
(3) ع، ن: التواطي.
(4) ع، ن، م: تواطئا
============================== =
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (164)
صـ 587 إلى صـ 593
أن هذه الأسماء عامة كلية - (1 سواء سميت متواطئة أو مشككة 1) (1) - ليست ألفاظا (2) مشتركة اشتراكا لفظيا فقط. وهذا مذهب المعتزلة والشيعة والأشعرية والكرامية، وهو مذهب سائر المسلمين: أهل السنة والجماعة والحديث وغيرهم، إلا من شذ (3) .
وأما الشبه التي أوقعت هؤلاء (4) ، فجوابها من وجهين: تمثيل وتخييل (5) . أما التمثيل فأن يقال: القول في لفظ " الوجود " كالقول في لفظ " الحقيقة " و " الماهية " و " النفس " و " الذات "، وسائر الألفاظ التي تقال على الواجب والممكن، بل تقال على كل موجود.
فهم إذا قالوا: يشتركان في الوجود، ويمتاز أحدهما عن الآخر بحقيقته.
(6 قيل لهم: القول في لفظ " الحقيقة " كالقول في لفظ " الوجود "، فإن هذا له حقيقة وهذا له حقيقة، كما أن لهذا وجودا ولهذا وجودا، وأحدهما يمتاز عن الآخر بوجوده المختص به، كما هو ممتاز عنه بحقيقته 6) (6) التي تختص به فقول القائل: إنهما يشتركان (7) في مسمى الوجود، ويمتاز كل
**_________
(1) (1 - 1) سقطت " سميت " من (ب) ، (أ) . وفي (ن) : سواء كانت هذه الأسماء متواطئة أو كانت مشكلة.
(2) ألفاظا: ساقطة من (ع) .
(3) عبارة " إلا من شذ " ليست في (ع) .
(4) ب، أ: وأما الشبهة التي وقعت لهؤلاء ; ن، م: وأما الشبهة التي أوقعت هؤلاء.
(5) ب، أ، م: وتحليل.
(6) : (6 - 6) ساقط من (ب) ، (أ) ، وهو في (ع) ، (ن) ، (م) ولكن بعض كلماته في (ن) ، (م) محرفة.
(7) ن، م، أ: مشتركان
============================== ====
[واحد] (1) منهما بحقيقته التي تخصه (2) ، (* كما لو قيل: هما مشتركان في مسمى الحقيقة ويمتاز كل منهما *) (3) بوجوده الذي يخصه.
وإنما وقع الغلط لأنه أخذ الوجود مطلقا لا مختصا، وأخذت الحقيقة مختصة لا مطلقة، ومن المعلوم أن كلا منهما يمكن أن يوجد (4) مطلقا ويمكن أن يوجد (5) مختصا، فإذا أخذا مطلقين تساويا في العموم، وإذا أخذا مختصين تساويا في الخصوص، وأما (6) أخذ أحدهما عاما والآخر مختصا فليس هذا بأولى من العكس.
وأما حل الشبهة فهو أنهم توهموا (7) [أنه] (8) إذا قيل إنهما مشتركان في مسمى الوجود، يكون في الخارج وجود مشترك هو نفسه في هذا، وهو نفسه في هذا، فيكون نفس المشترك فيهما، والمشترك لا يميز، فلا بد له من مميز.
وهذا غلط فإن قول القائل: يشتركان في مسمى الوجود، أي يشتبهان في ذلك (9) ويتفقان فيه، فهذا (10) موجود وهذا موجود، ولم يشرك أحدهما الآخر في نفس وجوده ألبتة.
**_________
(1) واحد: في (ع) فقط.
(2) ب، أ: بحقيقة تخصه.
(3) ما بين النجمتين ساقط ساقط من (ب) ، (أ) .
(4) ب (فقط) : يؤخذ.
(5) ب (فقط) : يؤخذ.
(6) ب، أ، ن، م: أما.
(7) ع: فإنهم توهموا.
(8) أنه في (ع) فقط.
(9) ع: أي يشتبهان فيه.
(10) ع: وهذا
============================== =====
وإذا قيل: يشتركان في الوجود المطلق الكلي، فذاك المطلق الكلي لا يكون مطلقا كليا إلا في الذهن، فليس في الخارج مطلق كلي يشتركان فيه، بل هذا له حصة منه، وهذا له حصة منه، وكل من الحصتين (1) ممتازة عن الأخرى.
ومن قال: المطلق جزء من المعين، (* والموجود جزء من هذا الموجود (2) ، والإنسان جزء من هذا الإنسان: إن أراد به أن المعين *) (3) يوصف به، فيكون صفة له، ومع كونه صفة له، فما هو صفة له (4) لا توجد عينه لآخر (5) ، فهذا معنى صحيح، ولكن تسمية الصفة جزء الموصوف ليس هو المفهوم منها عند الإطلاق.
وإن أريد أن نفس ما في المعين من وجود أو إنسان هو في ذلك بعينه، فهذا مكابرة.
وإن قال: إنما أردت أن النوع في الآخر عاد الكلام في النوع، فإن النوع أيضا كلي (6) .
والكليات الخمسة: كليات الجنس، والنوع، والفصل، والخاصة، والعرض العام ; والقول فيها واحد، فليس فيها ما يوجد في الخارج كليا مطلقا، ولا تكون كلية مطلقة إلا في الأذهان لا في الأعيان.
**_________
(1) ب، أ: الحقيقتين.
(2) ب (فقط) : والوجود جزء من هذا الوجود.
(3) ما بين النجمتين ساقط ساقط من (م) فقط.
(4) له: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(5) ن، م: لا يوجد عنه الآخر.
(6) ب، أ: وإن قال: إنما أردت النوع الآخر عادم الكلام في النوع أيضا كلي، وفيه سقط وتحريف
============================== ====
وما يدعى فيها من عموم وكلية أو من تركيب كتركيب النوع من الجنس والفصل، هي أمور عقلية ذهنية لا وجود لها في الخارج، فليس في الخارج شيء يعم هذا وهذا، [ولا في الخارج إنسان مركب من هذا وهذا] (1) ، بل الإنسان موصوف بهذا وهذا [وهذا] (2) بصفة يوجد نظيرها في كل إنسان، وبصفة يوجد نظيرها في كل حيوان، وبصفة يوجد نظيرها في كل نام.
وأما نفس الصفة التي قامت به (3) ، ونفس الموصوف الذي قامت به الصفة، فلا اشتراك فيه أصلا ولا عموم، ولا هو (4) مركب من عام وخاص.
وهذا الموضع منشأ زلل كثير من المنطقيين في الكليات، وكثير من المتكلمين في مسألة الحال. وبسبب ذلك (5) غلط من غلط من هؤلاء وهؤلاء في الإلهيات (6) فيما يتعلق بهذا، (7 فإن المتكلمين أيضا رأوا أن الأشياء تتفق بصفات وتختلف بصفات 7) (7) ، والمشترك عين المميز (8) ، فصاروا حزبين: حزبا أثبت هذه الأمور في الخارج، لكنه قال: لا موجودة ولا معدومة، لأنها لو كانت موجودة لكانت أعيانا موجودة أو
**_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(2) وهذا: ساقطة من (ن) ، (م) ، (ع) .
(3) ن، م: بها.
(4) هو: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(5) ب، أ: وسبب ذلك، وهو خطأ.
(6) ب، أ: في الهيئات، وهو تحريف.
(7) (7 - 7) : الكلام في (ن) ، (م) في هذه العبارات ناقص ومضطرب.
(8) ب، أ: والمشترك غير المميز
============================== =====
صفات للأعيان، ولو كانت كذلك لم يكن فيها اشتراك وعموم، [فإن صفة الموصوف الموجودة لا يشركه فيها غيره.
وآخرون علموا أن كل موجود مختص بصفة فقالوا: لا عموم] (1) ولا اشتراك إلا في الألفاظ دون المعاني.
والتحقيق أن هذه الأمور العامة المشترك فيها هي ثابتة في الأذهان، وهي معاني الألفاظ العامة، فعمومها بمنزلة عموم الألفاظ، فالخط يطابق اللفظ، واللفظ يطابق المعنى، والمعنى عام، وعموم اللفظ يطابق عموم المعنى، وعموم الخط يطابق عموم اللفظ.
وقد اتفق الناس على أن العموم يكون من عوارض [الألفاظ، وتنازعوا هل يكون من عوارض المعاني؟ فقيل: يكون أيضا (2) من عوارض] (3) المعاني، كقولهم مطر عام، وعدل عام، وخصب عام.
وقيل: بل ذلك مجاز ; لأن المطر الذي حل بهذه البقعة ليس هو المطر الذي حل بهذه البقعة، وكذلك الخصب والعدل (4) .
والتحقيق أن معنى المطر القائم بقلب المتكلم عام كعموم (5) اللفظ سواء، بل اللفظ دليل على ذلك المعنى، فكيف يكون اللفظ عاما دون معناه الذي هو المقصود بالبيان؟ فأما (6) المعاني الخارجية (7) فليس فيها
**_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(2) ب، أ: أيضا يكون.
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(4) ب: وكذا العدل. وفي (أ) العبارة مضطربة هكذا: بهذه البقعة والعدل.
(5) ن، م: لعموم.
(6) ب، أ، ن، م: وأما.
(7) ب، أ: الخارجة
============================== =======
شيء بعينه عام، وإنما العموم للنوع: كعموم الحيوانية للحيوان، والإنسانية للإنسان.
فمسألة الكليات والأحوال وعروض العموم (1) لغير الألفاظ من جنس واحد ; ومن فهم الأمر على ما هو عليه، تبين له أنه ليس في الخارج شيء هو بعينه موجود في هذا وهذا.
وإذا قال: نوعه موجود، أو الكلي (2) الطبيعي موجود، أو الحقيقة موجودة، أو الإنسانية من حيث هي موجودة، ونحو هذه العبارات، فالمراد به (3) أنه وجد في هذا نظير ما وجد في هذا أو شبهه (4) ومثله ونحو ذلك.
والمتماثلان يجمعهما (5) نوع واحد، وذلك النوع هو الذي بعينه يعم هذا ويعم هذا، لا يكون عاما مطلقا كليا إلا في الذهن. وأنت إذا قلت: الإنسانية موجودة في الخارج، والكلي الطبيعي موجود في الخارج، كان صحيحا: بمعنى أن ما تصوره الذهن كليا يكون في الخارج، لكنه إذا كان في الخارج لا يكون كليا ; كما أنك إذا قلت: زيد في الخارج، فليس المراد هذا اللفظ ولا المعنى القائم في الذهن، بل المراد المقصود بهذا اللفظ موجود في الخارج.
**_________
(1) ن: وعموم العروض.
(2) ب، أ، ن: والكلي.
(3) به: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(4) ب، أ، ن، م: وشبهه.
(5) ن، م: والمتماثلات يجمعها
============================== ======
ومن هنا تنازع الناس في مسألة (1) الاسم والمسمى، ونزاعهم شبيه (2) بهذا النزاع، وأنت (3) إذا نظرت في [الماء أو] المرآة (4) فقلت: هذه الشمس أو هذا القمر فهو صحيح، وليس مرادك أن نفس ما في السماء حصل في الماء أو المرآة (5) ، ولكن ذلك شوهد في المرآة، وظهر في المرآة، وتجلى في المرآة.
فإذا قلت: الكليات في الخارج [فصحيح] (6) ، أو الإنسان من حيث هو في الخارج فصحيح، لكن لا يكون في الخارج إلا مقيدا مخصوصا لا يشركه في نفس [الأمر] (7) شيء من الموجودات الخارجية (8) .
وبهذا ينحل كثير من المواضع التي اشتبهت على [كثير من] (9) المنطقيين وغلطوا فيها، مثل زعمهم أن الماهية الموجودة في الخارج غير الوجود (10) ، فإنك تتصور المثلث قبل أن تعلم وجوده، وبنوا على ذلك الفرق بين الصفات الذاتية واللازمة العرضية، وغير ذلك من مسائلهم.
ولا ريب أن الفرق ثابت بين ما هو في الذهن وما هو في الخارج، فإذا
**_________
(1) مسألة: ساقطة من (أ) ، (ب) ، (ع) .
(2) أ: ونازعهم مثبتيه ; ب: ونازعهم مثبته، وهو تحريف.
(3) ب، أ: فأنت.
(4) ب، أ: في الماء والمرآة ; ن، م: في المرآة.
(5) ب، أ، ن، م: في الماء والمرآة.
(6) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
(7) الأمر: ساقطة من (ن) ، (م) .
(8) ن، م: الخارجة.
(9) كثير من: في (ع) فقط.
(10) ع: غير الموجودة، وهو خطأ
============================== ====
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (165)
صـ 594 إلى صـ 600
جعلت الماهية اسما لما في الذهن، والوجود اسما لما في الخارج (1 فالفرق ثابت، كما لو جعل الوجود اسما لما في الذهن والماهية اسما لما في الخارج 1) (1) .
لكن لما كان (2) لفظ الماهية مأخوذا من قول السائل: " ما هو؟ "، وجواب هذا هو المقول في جواب: " ما هو " (3) ، وذلك كلام يتصور معناه المجيب، عبر بالماهية (4) عن الصور الذهنية، وأما الوجود فهو تحقق (5) الشيء في الخارج.
لكن هؤلاء لم يقتصروا على هذا، بل زعموا أن ماهيات (6) الأشياء ثابتة في الخارج وأنها غير الأعيان الموجودة وهذا غلط بالضرورة، فإن المثلث الذي تعرفه قبل أن تعرف وجوده في الخارج، هو المثلث المتصور (7) في الذهن الذي لا وجود له في الخارج، وإلا فمن الممتنع أن تعلم حقيقة المثلث الموجود في الخارج قبل أن تعلم وجوده [في الخارج، فما في الخارج لا تعلم حقيقته حتى تعلم وجوده] (8) ، وما علمت (9) حقيقته قبل وجوده لم يكن له حقيقة بعد إلا في الذهن.
**_________
(1) : (1 - 1) ساقط من (ب) ، (أ) .
(2) لما: ساقطة من (ب) . وسقطت من (ع) عبارة " لما كان ". والكلام تام في (ن) ، (أ) ، (م) .
(3) ب، أ: وجواب هذا هو القول ما هو ; ن، م: وجواب هذا هو القول في جواب ما هو.
(4) ب، أ: غير الماهية، وهو تحريف.
(5) ن، م، ع: تحقيق.
(6) ن، م، ع: ماهية.
(7) المتصور: ساقطة من (ع) .
(8) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(9) أ: وعلمت ; ب: ولو علمت
============================== ===
ومن هذا الباب ظن من ظن من هؤلاء أن لنا عددا مجردا في الخارج، أو مقدارا (1) مجردا في الخارج، وكل هذا غلط، وهذا مبسوط في موضع آخر. وإنما نبهنا هنا على هذا؛ لأن كثيرا من أكابر أهل النظر والتصوف والفلسفة والكلام، ومن اتبعهم من الفقهاء والصوفية، ضلوا في مسألة وجود الخالق، التي هي رأس كل معرفة، والتبس الأمر في ذلك على من نظر في كلامهم لأجل هذه الشبهة. وقد كتبنا في مسألة " الكليات " كلاما مبسوطا مختصا بذلك (2) ، لعموم الحاجة وقوة المنفعة وإزالة الشبهة بذلك (3) .
وبهذا يتبين (4) غلط النفاة في لفظ التشبيه، فإنه يقال: الذي يجب نفيه عن الرب تعالى: اتصافه بشيء من خصائص المخلوقين، كما أن المخلوق لا يتصف بشيء من خصائص الخالق، أو أن (5) يثبت للعبد شيء يماثل فيه الرب، وأما إذا قيل حي وحي، وعالم وعالم، وقادر وقادر، أو قيل: لهذا قدرة ولهذا قدرة، ولهذا علم ولهذا علم، كان نفس علم الرب لم يشركه فيه العبد، ونفس علم العبد لا يتصف به الرب، تعالى عن ذلك، وكذلك في سائر الصفات، [بل ولا يماثل هذا هذا] (6) ،
**_________
(1) ب، أ، ن، م: مقدرا.
(2) ذكر ابن قيم الجوزية في رسالة " أسماء مؤلفات ابن تيمية " (تحقيق د. صلاح الدين المنجد) ، ص 24 أن لابن تيمية: " قاعدة في الكليات، مجلد لطيف "، وذكرها أيضا ابن عبد الهادي في " العقود الدرية "، ص 41.
(3) بذلك: ليست في (ع) .
(4) ب، أ: تبين.
(5) ب، أ، ن، م: وأن.
(6) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط
=============================
وإذا اتفق العلماء (1) في مسمى العلم، والعالمان في مسمى العالم (2) ، فمثل هذا التشبيه ليس هو المنفي (3) لا بشرع ولا بعقل، ولا يمكن نفي ذلك إلا بنفي وجود الصانع.
ثم الموجود والمعدوم قد يشتركان في أن هذا معلوم مذكور وهذا معلوم مذكور (4) ، وليس في إثبات هذا محذور، فإن المحذور إثبات شيء من خصائص أحدهما للآخر، وقولنا: إثبات الخصائص إنما يراد إثبات مثل تلك الخاصة، وإلا فإثبات عينها ممتنع مطلقا.
فالأسماء والصفات نوعان: نوع يختص به الرب، مثل الإله ورب العالمين ونحو ذلك، فهذا لا يثبت (5) للعبد بحال ; ومن هنا ضل المشركون الذين جعلوا لله أندادا.
والثاني: ما يوصف به العبد في الجملة، كالحي والعالم والقادر، فهذا لا يجوز أن يثبت للعبد مثل ما يثبت للرب أصلا، فإنه لو ثبت له مثل ما يثبت له (6) للزم أن يجوز على أحدهما ما يجوز على الآخر، ويجب له ما يجب له ويمتنع عليه ما يمتنع عليه، وذلك يستلزم اجتماع النقيضين، كما تقدم بيانه.
**_________
(1) ب، أ: العلمان، وهو خطأ.
(2) ع: العلم.
(3) ب، أ: المنع، وهو تحريف.
(4) ب: في هذا وهذا معلوم مذكور ; أ: في هذا معلوم مذكور وهذا معلوم مذكور ; ن، م: في أن هذا معلوم مكذوب وهذا معلوم مذكور.
(5) ع: لا يثبت فيه.
(6) ع: لو ثبت له مثل ما يثبت ; أ: لو ثبت ما ثبت له ; ب، ن: لو ثبت مثل ما ثبت له. والمثبت من (م)
=============================
وإذا قيل: فهذا يلزم (1) فيما اتفقا فيه، كالوجود والعلم والحياة.
قيل: هذه الأمور لها ثلاثة (2) اعتبارات: أحدها: ما يختص به الرب، فهذا ما يجب له ويجوز ويمتنع عليه، ليس للعبد فيه نصيب.
والثاني: ما يختص بالعبد، كعلم العبد وقدرته وحياته، فهذا إذا جاز عليه الحدوث والعدم (3) لم يتعلق ذلك بعلم الرب وقدرته وحياته، فإنه لا اشتراك فيه.
والثالث: المطلق الكلي، وهو مطلق الحياة والعلم والقدرة، فهذا المطلق ما كان واجبا له كان واجبا فيهما، وما كان جائزا عليه كان جائزا عليهما، وما كان ممتنعا عليه كان ممتنعا عليهما.
فالواجب أن [يقال] (4) : هذه صفة كمال حيث كانت، فالحياة والعلم (5) والقدرة صفة كمال لكل موصوف، والجائز عليهما اقترانهما (6) بصفة أخرى كالسمع والبصر والكلام. فهذه الصفات يجوز أن تقارن هذه في كل محل، اللهم إلا إذا كان هناك مانع من جهة المحل لا من جهة الصفة. وأما الممتنع عليهما (7) فيمتنع أن تقوم هذه الصفات إلا بموصوف
**_________
(1) ن، م: فهل لزم.
(2) في جميع الأصول: ثلاث.
(3) ب، أ: والقدم، وهو خطأ.
(4) يقال: في (ع) فقط.
(5) والعلم: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(6) ب، أ، ن، م: والجائز عليها اقترانها، والمقصود الله تعالى والإنسان.
(7) ب، ن، م: عليها ; والمثبت عن (ع) ، (أ)
============================
[قائم بنفسه، وهذا ممتنع عليها (1) في كل موضع، فلا يجوز أن تقوم صفات الله بأنفسها بل بموصوف] (2) ، وكذلك صفات العباد لا يجوز أن تقوم بأنفسها بل بموصوف.
**[عود إلى الكلام على لفظي المشبهة والحشوية]
وإذا تبين هذا فقول هذا المصنف وأشباهه: " قول المشبهة ": إن أراد بالمشبهة من أثبت من الأسماء ما يسمى به الرب والعبد فطائفته (3) وجميع الناس مشبهة.
وإن أراد به من جعل صفات الرب مثل صفات العبد: فهؤلاء مبطلون ضالون، وهم في الشيعة (4) أكثر منهم في غيرهم، وليس هؤلاء طائفة معينة من أهل السنة والجماعة.
وإن قال: أردت به من يثبت الصفات الخبرية (5) كالوجه واليدين والاستواء ونحو ذلك.
قيل له أولا: ليس في هؤلاء (6) من التشبيه ما امتازوا به عن غيرهم، فإن هؤلاء يصرحون بأن صفات الله ليست كصفات الخلق، وأنه منزه عما يختص بالمخلوقين من الحدوث والنقص وغير ذلك، فإن كان [هذا] تشبيها (7) لكون العباد لهم ما يسمى بهذه الأسماء، كان جميع الصفاتية
**_________
(1) ب، أ: يمتنع عليها، وسقطت هذه العبارة من (ن) ، (م) .
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(3) ب، أ: فطائفة، وهو تحريف.
(4) ب: وهم فيهم ; ع: وهؤلاء في الشيعة ; أ: وهم في (وسقطت كلمة الشيعة) .
(5) ب، أ: الجزئية، وهو تحريف.
(6) ن: ليس هذا في ; ع: ليس في هذا.
(7) ب، أ، ن، م: وإن كان تشبيها
============================== ====
مشبهة، بل (1) والمعتزلة والفلاسفة أيضا مشبهة لأنهم يقولون: حي عليم قدير، ويقولون: موجود وحقيقة وذات ونفس، والفلاسفة تقول: عاقل ومعقول وعقل، ولذيذ وملتذ (2) ولذة، وعاشق ومعشوق وعشق، وغير ذلك من الأسماء الموجودة في المخلوقات.
**[الرد على قول: سموا مشبهة لأنهم يقولون إنه جسم من وجوه]
وإن قال: سموا مشبهة لأنهم يقولون: إنه جسم، والأجسام متماثلة، بخلاف من أثبت الصفات، ولم يقل: هو جسم.
قيل أولا هذا باطل (3) لأنك ذكرت الكرامية قسما غيرهم والكرامية تقول إنه جسم وقيل لك ثانيا: لا يطلق لفظ الجسم (4) إلا أئمتك الإمامية ومن وافقهم.
وقيل لك ثالثا: فهذا مبني على تماثل الأجسام، وأكثر العقلاء يقولون (5) : إنها ليست متماثلة، والقائلون بتماثلها من المعتزلة ومن وافقهم من الأشعرية، وطائفة من الفقهاء الحنفية والمالكية والشافعية والحنبلية ليست لهم حجة على تماثلها أصلا، كما [قد] بسط ذلك في موضعه (6) .
**_________
(1) بل: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(2) ب، ا: ومتلذذ
(3) ن: هذا ممتنع. والكلام في (م) مضطرب.
(4) ع: لا ينطق بلفظ الجسم ; ن، م: لا يبطل لفظ الجسم، وهو تحريف.
(5) ب، أ، ن: تقول.
(6) ب: ليست لهم حجة على تماثلها كما مر بسط ذلك في موضعه ; أ: ليست لهم حجة على تماثلها كما أقر بسط ذلك في موضعه ; ن: ليست لهم حجة على تماثلها أصلا كما بسط ذلك في موضعه ; ع: ليست لهم حجة أصلا كما قد بسط ذلك في موضعه ; م: مثل (ن) ولكن لم تسقط " قد " منها
============================== ==
وقد اعترف بذلك فضلاؤهم، حتى الآمدي في [كتاب] " أبكار الأفكار " (1) اعترف بأنه (2) لا دليل لهم على تماثل الأجسام إلا تماثل الجواهر، ولا دليل لهم على تماثل الجواهر، والأشعري في " الإبانة " جعل هذا القول من أقوال المعتزلة التي أبطلها (3) .
وسواء كان تماثلها حقا أو باطلا فمن قال: إنه جسم كهشام [بن الحكم] (4) وابن كرام لا (5) يقول بتماثل الأجسام، فإنهم يقولون: إن حقيقة الله تعالى ليست مثل شيء (6) من الحقائق، فهم أيضا ينكرون التشبيه، فإذا وصفوا [به] (7) لاعتقاد الواصف أنه لازم لهم، أمكن كل طائفة أن يصفوا الأخرى بالتشبيه لاعتقادها أنه لازم لها، فالمعتزلة والشيعة توافقهم [على] أن أخص وصف الرب (8) هو القدم، وأن ما شاركه في القدم فهو مثله، فإذا أثبتنا (9) صفة قديمة لزم التشبيه، وكل من أثبت صفة قديمة فهو مشبه، وهم يسمون جميع من أثبت الصفات مشبها بناء على هذا.
**_________
(1) كتاب: في (ع) فقط. وعلي بن محمد بن سالم الثعلبي، سيف الدين الآمدي، سبقت ترجمته 1/250.
(2) ب، أ، ن، م: بأنهم.
(3) انظر " الإبانة "، ص [0 - 9] 7 - 38.
(4) بن الحكم: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) لا: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(6) ب: ليست كشيء ; أ: ليست شيء (وسقطت: مثل) .
(7) به: ساقطة من (ن) ، (م) .
(8) ب، أ: توافقهم أن أحصب والرب، وهو تحريف. وسقطت " على " من (ن) ، (م) .
(9) ب، أ: فإذا أثبتنا ; ن، م: وإذا أثبتنا
========================
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (166)
صـ 601 إلى صـ 608
فإن قال هذا (1) الإمامي: فأنا ألتزم هذا.
قيل له: تناقضت، لأنك أخرجت الأشعرية والكرامية عن المشبهة في اصطلاحك، فأنت تتكلم بألفاظ لا تفهم معناها (2) ولا موارد استعمالها، وإنما تقوم بنفسك صورة تبني [عليها] (3)
وكأنك - والله أعلم - عنيت بالحشوية المشبهة (4) من ببغداد والعراق من الحنبلية ونحوهم، أو الحنبلية دون غيرهم. وهذا من جهلك، فإنه ليس للحنبلية قول انفردوا به عن غيرهم من [طوائف] (5) أهل السنة والجماعة، بل كل ما يقولونه قد قاله غيرهم من طوائف أهل السنة، بل يوجد في غيرهم من زيادة الإثبات ما لا يوجد فيهم.
ومذهب (6) أهل السنة والجماعة مذهب قديم [معروف] (7) قبل أن يخلق الله أبا حنيفة ومالكا والشافعي وأحمد، فإنه مذهب الصحابة الذين تلقوه عن نبيهم، ومن خالف ذلك كان مبتدعا عند أهل السنة والجماعة، فإنهم متفقون على أن إجماع الصحابة حجة، ومتنازعون في إجماع من بعدهم.
**[أحمد بن حنبل ومحنة خلق القرآن]
وأحمد بن حنبل، وإن كان قد اشتهر بإمامة السنة (8) والصبر في
**_________
(1) هذا: ساقطة من (ب) ، (أ) ، (م) .
(2) ب، أ، ن، م: فإنك تتكلم بألفاظ لا يفهم (ن: لا تفهم) معانيها.
(3) عليها: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) ع: بالمشبهة الحشوية.
(5) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
(6) ب، أ: ومن، وهو تحريف.
(7) معروف: ساقطة من (ن) فقط.
(8) ب: بأمة السنة، وهو تحريف ; ن: بإمامة أهل السنة. والمثبت عن (أ) ، (م)
=========================
المحنة، فليس ذلك لأنه انفرد بقول أو ابتدع قولا، بل لأن السنة التي كانت موجودة معروفة قبله علمها ودعا إليها وصبر على من امتحنه ليفارقها (1) ، وكان الأئمة قبله (2) قد ماتوا قبل المحنة، فلما وقعت محنة الجهمية نفاة الصفات في أوائل المائة الثالثة (3) - على عهد المأمون وأخيه المعتصم ثم الواثق - ودعوا الناس إلى التجهم وإبطال صفات الله
**_________
(1) ب: على ما امتحن به ليفارقها ; أ: على ما امتحنه ليفارقها.
(2) ب، أ: قبل.
(3) ع: في أول المائة الثالثة. وفي (ع) فوق عبارة " في أول المائة الثالثة " إشارة إلى الهامش حيث كتب التعليق التالي: " قلت: والعجب أن الشارح ابن تيمية مع تبحره وتتبعه وإحاطته بأخبار الأولين أخطأ بهذا، إذ التجهم كان أقدم من هذا التاريخ بكثير. وكان من ولادة إمامنا أبي حنيفة سنة ثمانين ووفاته سنة خمسين ومائة، وقد اشتهر مذهب جهم بن صفوان الترمذي في عهد أبي حنيفة رضي الله عنه، وتصدى المناظرة مع الإمام بعض متبعي جهم والموافقة معه - رضي الله تعالى عنه - وظني أنه فشا هذا المذهب في أواخر المائة الأولى، فمذهب الخوارج والاعتزال ظهرا وبعض الصحابة في الحياة، مثل سيدنا علي وابن عباس وابن عمر، حتى تصدى لرد الخوارج علي كرم الله وجهه وابن عباس، وتصدى لرد الاعتزال عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما. فبعد مدة قليلة فشا هذا المذهب، لعل ذلك سنة ستين، إذ ظهر له أشياع وأتباع حتى تصدى المناظرة والموافقة مع الإمام بعض متبعيه، حتى ذكر في الطبقات أن واحدة من النسوة من شيعته تصدت لإلزام الإمام ادعاء الاستقامة لمذهب جهم وفساد مذهب أهل الحق، فأظهرت تشنيعات قبيحة على وجه الإمام، ونسبت إياه - رضي الله عنه - إلى العظائم. وغاية الكلام من طرف الشارح أن المعتزلة موافقة في نفي الصفات لهم، مع ما يخالفهم مخالفة بينة في الأفعال الاختيارية، وكذا يخالفهم في أن أفعاله تعالى معللة بالأغراض، إذ الجهمية على الجبر المحض وعلى نفي العلل والأغراض في أفعاله تعالى ". قلت: وابن تيمية يقول إن الجهمية حدثت في أواخر عصر التابعين وإن أول الجهمية الجعد بن درهم (المقتول نحو سنة 118) وإنما صار للجهمية ظهور وشوكة في أوائل المائة الثالثة. وانظر كلامه في " درء تعارض العقل والنقل " 5/244 - 245
============================== ==
تعالى، وهو المذهب الذي ذهب إليه متأخرو الرافضة، وكانوا قد أدخلوا معهم من أدخلوه من [ولاة الأمور (1) ، فلم يوافقهم أهل السنة والجماعة، حتى تهددوا (2) بعضهم بالقتل، وقيدوا بعضهم، وعاقبوهم (وأخذوهم) (3) بالرهبة والرغبة، وثبت] (4) الإمام أحمد بن حنبل (5) على ذلك [الأمر] (6) حتى حبسوه مدة، ثم طلبوا أصحابهم لمناظرته، فانقطعوا معه في المناظرة يوما بعد يوم، ولم يأتوا (7) بما يوجب موافقته لهم، [بل] بين خطأهم (8) فيما ذكروه (9) من الأدلة، وكانوا قد طلبوا له (10) أئمة الكلام من أهل البصرة وغيرهم، مثل أبي عيسى محمد بن عيسى برغوث صاحب حسين النجار (11) وأمثاله، ولم تكن المناظرة مع المعتزلة فقط، بل كانت
**_________
(1) ب، أ: الأمر.
(2) ب، أ: هددوا.
(3) وأخذوهم: في (ع) فقط.
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) إلا كلمات متفرقة هي: من ولي فلم يوافقهم.
(5) ب، أ: وثبت أحمد بن حنبل ; ع: وثبت الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه وأرضاه ; ن، م: الإمام أحمد بن حنبل.
(6) الأمر: ساقطة من (ع) ، (ن) ، (م) .
(7) ب، أ: ولما لم يأتوا ; ن: ولما يأتوا، م: ولما ولما يأتوا.
(8) ب، أ، ن، م: وبين خطأهم.
(9) ب، أ: فيما ذكروا ; ن: فيما ذكره، وهو خطأ.
(10) له: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(11) ن، م: أبي عيسى محمد بن عيسى بن برغوث. . إلخ وهو خطأ. ولم أجد فيما بين يدي من مراجع شيئا عن تاريخ مولده ووفاته، ولكن ذكرت كتب الفرق الكثير عن آرائه ومذهبه. فالأشعري يذكر آراءه (المقالات 1/316) ومنها أنه كان يزعم أن الأشياء المتولدة فعل الله بإيجاب الطبع، وأنه كان يقول في التوحيد بقول المعتزلة إلا في باب الإرادة والجود، وأنه كان يخالفهم في القدر ويقول بالإرجاء، وأنه كان يقول إن الله لم يزل متكلما بمعنى أنه لم يزل غير عاجز عن الكلام ولكن كلام الله محدث ومخلوق. وانظر عن آرائه ومذهبه أيضا: المقالات 2/198، 207 - 208 ; الملل والنحل 1/81 - 82 ; الفرق بين الفرق، ص 126 - 127 ; التبصير في الدين ص 62 ; الفصل لابن حزم 3/33 ; الانتصار للخياط، ص 98 ; دائرة المعارف الإسلامية مادة " البرغوثية " ; المنية والأمل لابن المرتضى، ص 27. watt (.) free will، pp -) 111، 110 128 - 129. London، 1948
============================== ====
مع جنس الجهمية من المعتزلة [والنجارية] (1) والضرارية وأنواع المرجئة، فكل معتزلي جهمي وليس كل جهمي معتزليا، [لكن جهم أشد تعطيلا؛ لأنه نفى الأسماء والصفات، والمعتزلة تنفي الصفات دون الأسماء] (2) .
وبشر المريسي كان من المرجئة، لم يكن من المعتزلة، بل كان من كبار (3) .
**_________
(1) والنجارية: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) دون الأسماء: في (ع) فقط. وسقط ما بين المعقوفتين من (ن) ، (م) .
(3) أبو عبد الرحمن بشر بن غياث بن أبي كريمة عبد الرحمن المريسي، العدوي بالولاء، كان جده مولى لزيد بن الخطاب رضي الله عنه، وقيل إن أباه كان يهوديا قصارا صباغا بالكوفة قال ابن حجر: " تفقه على أبي يوسف فبرع، وأتقن علم الكلام، ثم جرد القول بخلق القرآن وناظر عليه، ولم يدرك الجهم بن صفوان إنما أخذ مقالته واحتج لها ودعا إليها ". وهو رأس طائفة المريسية من المرجئة وكانت تقول إن الإيمان هو التصديق وأن التصديق يكون بالقلب واللسان جميعا، وقال الشهرستاني إن مذهب المريسي كان قريبا من مذهب النجار وبرغوث وأنهم أثبتوا كونه تعالى مريدا لم يزل لكل ما علم أنه سيحدث من خير وشر وإيمان وكفر وطاعة ومعصية. وقد توفي بشر سنة 218 وقيل: 219، واختلف في نسبته فقيل إنه ينسب إلى قرية مريس بصعيد مصر وقيل غير ذلك. انظر ترجمته ومذهبه في: لسان الميزان 2/29 - 31 ; وفيات الأعيان 1/251 - 252 ; تاريخ بغداد 7/56 - 67 ; الأعلام 2/27 - 28 ; الفرق بين الفرق، ص 124 ; التبصير في الدين، ص 61 ; الخطط للمقريزي 2/350 ; الفصل لابن حزم 3/33، 4/80 ; دائرة المعارف الإسلامية، مقالة كارادي فو عن " بشر بن غياث ". وانظر كتاب " الرد على بشر المريسي " للدارمي ; تاريخ الأدب العربي 4/27 - 28 ; سزكين م [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص 65 - 66 وكتب مستجي زاده في هامش (ع) : " وقد شاع عنه أنه (كان) يلعن المعتزلة لقولهم بخلق الأفعال "
============================== =====
وظهر للخليفة المعتصم أمرهم، وعزم على رفع المحنة، حتى ألح عليه ابن أبي دؤاد (1) يشير عليه: إنك إن لم تضربه [وإلا] انكسر (2) ناموس الخلافة، فضربه (3) ، فعظمت الشناعة من العامة والخاصة، فأطلقوه.
ثم صارت هذه الأمور سببا في البحث عن مسائل الصفات، وما فيها من النصوص والأدلة والشبهات من جانبي المثبتة والنفاة للصفات (4) ، وصنف (5) الناس في ذلك مصنفات.
وأحمد (6) وغيره من علماء أهل (7) السنة والحديث ما زالوا يعرفون فساد
**_________
(1) ن، م:. . داود، وهو أبو عبد الله أحمد بن أبي داود بن جرير بن مالك الإيادي القاضي، ولد سنة 160 وقدم به أبوه وهو حدث من بلدتهم قنسرين إلى دمشق فطلب العلم وصحب هياج بن العلاء السلمي من أصحاب واصل بن عطاء فصار إلى الاعتزال. اتصل بالمأمون والمعتصم والواثق وكان مقربا عندهم، وهو الذي حملهم على امتحان الناس بخلق القرآن، وتوفي ابن أبي دؤاد سنة 240 ببغداد مفلوجا. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 1/63 - 75 ; تاريخ بغداد 4/141 - 156 ; لسان الميزان 1/171 ; المنية والأمل لابن المرتضى، ص [0 - 9] 8 - 36 ; الأعلام 1/120.
(2) ن، م: بأنك إن لم تضربه انكسر.
(3) انظر خبر الإمام أحمد مع المعتصم في " مناقب الإمام أحمد بن حنبل " لابن الجوزي، الباب التاسع والستون " ص 397 - 420، وفيه (ص 405 - 406) أن المعتصم رق في أمر أحمد فقال له ابن أبي دؤاد: إن تركته قيل إنك تركت مذهب المأمون وسخطت قوله، فهاجه ذلك على ضربه.
(4) للصفات: زيادة في (م) . وفي (ن) : المثبتة والصفات، وهو تحريف.
(5) ب، أ: وصنفت.
(6) ع: وأحمد رضي الله عنه.
(7) أهل: ساقطة من (ع) ، (م)
============================== ======
مذهب الروافض والخوارج والقدرية والجهمية والمرجئة، ولكن بسبب المحنة كثر الكلام، ورفع الله قدر هذا الإمام، فصار إماما من أئمة السنة (1) ، وعلما من أعلامها، [لقيامه بإعلامها] (2) وإظهارها، واطلاعه على نصوصها وآثارها، وبيانه لخفي أسرارها (3) ، لا لأنه أحدث مقالة أو ابتدع رأيا (4) .
ولهذا قال بعض شيوخ المغرب (5) : المذهب لمالك والشافعي، والظهور لأحمد ; يعني أن مذاهب الأئمة في الأصول (6) مذهب واحد وهو كما قال فتخصيص (7) الكلام من أحمد وأصحابه في مسائل الإمامة والاعتزال، كتخصيصه (8) بالكلام معه في مسائل الخوارج الحرورية، بل في نبوة نبينا - صلى الله عليه وسلم - والرد على اليهود والنصارى.
والخطاب بتصديق الرسول فيما أخبر [به] (9) ، وطاعته فيما أمر [به] (10) ، قد شمل جميع العباد، ووجب على كل أحد، فأسعدهم أطوعهم لله وأتبعهم لرسول الله (11) ، وإذا قدر أن في الحنبلية - أو غيرهم من طوائف
**_________
(1) ب (فقط) : من أئمة أهل السلف.
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(3) ب، أ: وبيان خفي أسرارها ; ن، م: وبيان حسن أسرارها.
(4) ب، أ: لا أنه أحدث مقالة ولا ابتدع رأيا ; ن، م: لا لأنه أحدث مقالة ولا ابتدع رأيا.
(5) ب، أ: الغرب.
(6) علق مستجي زاده في هامش (ع) بقوله: " يعني في الأصول الدينية والاعتقادات ".
(7) ب، أ: فتخصيصه ; ن: فتخصص.
(8) ن: المتخصصة، وهو تحريف.
(9) به: في (ع) فقط.
(10) به: في (ع) فقط.
(11) ب، أ: على كل أحد فاسقهم وأطوعهم وأتبعهم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -
============================== =======
أهل السنة - من قال أقوالا باطلة، لم يبطل مذهب أهل السنة والجماعة ببطلان ذلك، بل يرد على من قال ذلك الباطل، وتنصر السنة بالدلائل (1) .
ولكن الرافضي أخذ ينكت (2) على كل طائفة بما يظن أنه يجرحها به في الأصول والفروع، ظانا أن طائفته هي السليمة من الجرح (3) .
وقد اتفق عقلاء (4) المسلمين على أنه ليس في [طائفة من] (5) طوائف أهل القبلة أكثر جهلا وضلالا وكذبا وبدعا، وأقرب إلى كل شر، وأبعد عن كل خير من طائفته. ولهذا لما صنف الأشعري كتابه في " المقالات " ذكر أولا مقالتهم، وختم بمقالة أهل السنة والحديث، وذكر أنه بكل ما ذكر من أقوال (6) أهل السنة [والحديث] (7) يقول، وإليه يذهب (8) .
وتسمية هذا الرافضي - وأمثاله من الجهمية معطلة الصفات - لأهل الإثبات مشبهة كتسميتهم لمن أثبت خلافة [الخلفاء] (9) الثلاثة ناصبيا (10) بناء على اعتقادهم، فإنهم لما اعتقدوا (11) أنه لا ولاية لعلي إلا بالبراءة من
**_________
(1) ن، م: بالدليل.
(2) ن، م: ينكر.
(3) ن، م: من الجروح.
(4) ن: علماء.
(5) طائفة من: في (ع) فقط.
(6) ن: من قول ; م: من أصول.
(7) والحديث: ساقطة من (ن) ، (م) .
(8) انظر المقالات 1/65 وما بعدها، 320 - 225.
(9) الخلفاء: ساقطة من (ن) ، (م) .
(10) انظر ما سبق في شرح معنى كلمة " ناصبية " 2/53 (ت 1) .
(11) ب، أ: بناء على أنهم لما اعتقدوا. . . إلخ
============================== ====
هؤلاء، جعلوا كل من لم يتبرأ من هؤلاء ناصبيا، كما أنهم لما اعتقدوا أن القدمين (1) متماثلان، أو أن الجسمين متماثلان، ونحو ذلك، قالوا: إن مثبتة الصفات مشبهة.
فيقال لمن قال هذا (2) : إن كان مرادك بالنصب والتشبيه بغض علي وأهل البيت، وجعل صفات الرب مثل صفات العبد (3) ، فأهل السنة ليسوا ناصبية ولا مشبهة.
وإن كنت تريد (4) بذلك أنهم يوالون الخلفاء (5) ، ويثبتون صفات الله تعالى فسم هذا بما شئت، إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان.
والمدح والذم إنما يتعلق بالأسماء إذا كان لها أصل في الشرع، كلفظ المؤمن والكافر والبر والفاجر والعالم والجاهل. ثم من أراد أن يمدح أو يذم، فعليه أن يبين دخول الممدوح والمذموم في تلك الأسماء التي علق الله ورسوله بها المدح والذم، فأما إذا كان الاسم ليس له أصل في الشرع ودخول الداخل فيه مما ينازع فيه المدخل، بطلت كل من المقدمتين وكان (6) هذا الكلام مما لا يعتمد عليه إلا من لا يدري ما يقول.
**_________
(1) ب، أ، ن، م: القديمين.
(2) ب: ذلك، وسقطت " هذا " من (أ) .
(3) ب، أ، ن، م: صفات العبد مثل صفات الرب.
(4) ن، م: وإن أنت تريد. .
(5) ن، م: الخلفاء الثلاثة.
(6) ب، أ، ن، م: فكان
===========================
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (167)
صـ 609 إلى صـ 616
والكتاب والسنة ليس فيه لفظ " ناصبية " (1) ولا " مشبهة " ولا " حشوية " ولا فيه أيضا لفظ " رافضة ". ونحن إذا قلنا " رافضة " نذكره للتعريف، لأن مسمى هذا الاسم يدخل فيه أنواع مذمومة بالكتاب والسنة: من الكذب على الله ورسوله، وتكذيب الحق الذي جاء به رسوله، ومعاداة أولياء الله - بل خيار أوليائه - وموالاة اليهود والنصارى والمشركين، كما تبين وجوه الذم.
وأهل السنة والجماعة لا يمكن أن يعمهم معنى مذموم في الكتاب والسنة بحال كما يعم الرافضة. نعم يوجد في بعضهم ما هو مذموم، ولكن هذا لا يلزم منه ذمهم، كما أن المسلمين إذا كان فيهم من هو مذموم لذنب ركبه، لم يستلزم ذلك (2) ذم الإسلام وأهله القائمين (3) بواجباته.
الوجه الرابع (4) أن يقال: أما القول بأنه جسم أو ليس بجسم، فهذا مما تنازع فيه أهل الكلام والنظر، وهي مسألة عقلية، وقد تقدم أن الناس فها على ثلاثة أقوال: نفي وإثبات، ووقف، وتفصيل (5) ، وهذا هو الصواب الذي عليه السلف والأئمة.
ولهذا لما ذكر أبو عيسى برغوث لأحمد هذا في مناظرته إياه، وأشار إلى أنه إذا قلت إن القرآن غير مخلوق، لزم أن يكون الله جسما ; لأن
**_________
(1) ب، أ: ناصبة.
(2) ذلك: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(3) ب، أ: القائلين، وهو تحريف.
(4) ب، أ: الثالث، وهو خطأ. وبدأ الوجه الثالث، ص 594.
(5) ن: وتفضيل، وهو تحريف
============================== ==
القرآن صفة وعرض، ولا يكون إلا بفعل، والصفات والأعراض والأفعال لا تقوم إلا بالأجسام، أجابه الإمام أحمد بأنا نقول: إن الله أحد صمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، وأن هذا الكلام لا يدرى مقصود صاحبه به، فلا نطلقه لا نفيا ولا إثباتا. أما (1) من جهة الشرع فلأن الله ورسوله (2) وسلف الأمة لم يتكلموا بذلك لا نفيا ولا إثباتا، فلا قالوا (3) : هو جسم، ولا قالوا: [هو] (4) ليس بجسم.
ولما سلك من سلك في الاستدلال على حدوث العالم بحدوث الأجسام، ودخلوا في هذا الكلام، ذم السلف (5) الكلام وأهله، حتى قال أبو يوسف: من طلب الدين بالكلام تزندق (6) ، وقال الشافعي: حكمي في أهل الكلام أن يضربوا بالجريد والنعال، ويطاف بهم في القبائل والعشائر، ويقال: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة وأقبل على الكلام (7) ، وقال: لقد اطلعت من أهل الكلام على شيء ما ظننت مسلما يقوله،
**_________
(1) ب، أ: إلا، وهو تحريف.
(2) ب، أ: فلأن رسول الله.
(3) ب: فما قالوا ; أ: فلما قالوا ; ن، م: ولا قالوا.
(4) هو: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) السلف: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(6) وردت هذه العبارة بنصها هذا في كتاب " ذم الكلام " للهروي الأنصاري ونقلها عنه السيوطي في كتابه " صون المنطق والكلام عن فن المنطق والكلام "، ص 60، وسبق ورود هذه العبارة من قبل 2/142. ولكن جاء فيها: من طلب العلم بالكلام تزندق، وانظر (ت 2) .
(7) سبق ورود هذه العبارة 2/142 وذكرت في (ت 3) مكانها في المرجع السابق. ووردت فيه أيضا، ص 35. وهي واردة كذلك في " تلبيس إبليس " لابن الجوزي، ص 82 - 83
============================== ======
ولأن يبتلى العبد بكل ما نهى الله عنه (1) ما خلا الشرك بالله خير له من أن يبتلى بالكلام (2) . وقد صنفت (3) في ذمهم مصنفات مثل كتاب أبي عبد الرحمن السلمي (4) ، وكتاب شيخ الإسلام الأنصاري (5) وغير ذلك.
وأما من جهة العقل فلأن هذا اللفظ مجمل يدخل فيه نافيه (6) معاني يجب إثباتها لله، ويدخل فيه مثبته (7) ما ينزه الله تعالى عنه، فإذا لم يدر مراد المتكلم [به لم ينف ولم يثبت، وإذا فسر] (8) مراده قبل الحق وعبر عنه بالعبارات الشرعية ورد الباطل، وإن تكلم بلفظ لم يرد عن الشارع
**_________
(1) م: ولأن يبتلي الله العبد بكل ما نهاه عنه.
(2) قال ابن عبد البر في كتابه " جامع بيان العلم وفضله "، 2/95: " وقال يونس بن عبد الأعلى، سمعت الشافعي يوم ناظره حفص الفرد قال لي: يا أبا موسى لأن يلقى الله عز وجل العبد بكل ذنب ما خلا الشرك خير من أن يلقاه بشيء من الكلام، لقد سمعت من حفص كلاما لا أقدر أن أحكيه ". ونقل هذه العبارات عنه السيوطي في المرجع السابق، ص [0 - 9] 36. كما نقل بعض هذا الكلام (ص [0 - 9] 6) عن الأنصاري الهروي في كتابه " ذم الكلام ". وورد جزء من عبارة الشافعي أيضا في تلبيس إبليس، ص 82.
(3) ب، أ، م: صنف. وفي (ن) : وهو صنف.
(4) أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين بن محمد السلمي النيسابوري، سبقت ترجمته 2/469 وذكر سزكين م [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 84 من كتبه كتاب " الرد على أهل الكلام " وقال إن نسخة خطية منه في الظاهرية بدمشق.
(5) هو أبو إسماعيل عبد الله بن محمد بن علي الهروي الأنصاري. وسبقت ترجمته 1/435. والكتاب الذي يقصده ابن تيمية هنا كتاب " ذم الكلام وأهله " وقد لخصه السيوطي في كتاب " صون المنطق. . . ص [0 - 9] 3 - 81 ". ومنه نسخة خطية في مكتبة الظاهرية رقم 337 حديث وصورت المخطوطة في معهد المخطوطات بالجامعة العربية (رقم 97 توحيد) .
(6) ب، أ، ن، م: ما فيه، وهو تحريف.
(7) ب، أ: مثبتته.
(8) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، وسقطت ولم ينف من (م)
============================== ====
للحاجة إلى إفهام المخاطب بلغته مع ظهور المعنى الصحيح لم يكن بذلك [بأس، فإنه يجوز] (1) ترجمة القرآن والحديث للحاجة إلى الإفهام، وكثير ممن قد تعود عبارة معينة إن لم يخاطب بها لم يفهم ولم يظهر له (2) صحة القول وفساده، وربما نسب المخاطب إلى أنه لا يفهم ما يقول.
وأكثر الخائضين في الكلام والفلسفة من هذا الضرب: ترى أحدهم يذكر له (3) المعاني الصحيحة بالنصوص الشرعية فلا يقبلونها لظنهم أن في عبارتهم من المعاني ما ليس في تلك، فإذا أخذ المعنى الذي دل عليه الشرع وصيغ (4) بلغتهم، وبين به (5) بطلان قولهم المناقض للمعنى الشرعي، خضعوا لذلك (6) وأذعنوا له، كالتركي والبربري [والرومي] (7) والفارسي الذي يخاطبه بالقرآن العربي ويفسره فلا يفهمه حتى يترجم له شيئا بلغته (8) فيعظم سروره وفرحه، ويقبل الحق ويرجع عن باطله، لأن المعاني التي جاء بها الرسول أكمل المعاني وأحسنها وأصحها، لكن هذا يحتاج إلى كمال المعرفة لهذا ولهذا، كالترجمان الذي [يريد أن] يكون حاذقا في فهم اللغتين (9) .
**_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(2) ولم يظهر له: سقطت العبارة كلها من (ب) وسقطت عبارة " ولم يظهر " من (أ) .
(3) له: ساقطة من (ع) .
(4) ب، أ: وسع ; ن: وضيع، وهو تحريف. والكلمة غير منقوطة في (م) .
(5) به: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(6) ع: خضعوا له.
(7) والرومي: ساقطة من (ن) ، (م) .
(8) ب: الذي تخاطبه بالقرآن العربي وتفسيره فلا يفهم حتى تترجم له شيئا بلغته ; أ: الذي يخاطبه بالقرآن العربي وتفسيره فلا يفهم حتى يترجم له شيئا بلغته ; ن، م: الذي يخاطبه بالقرآن العزيز وتفسيره ولا يفهمه حتى يترجم له شيئا بلغته.
(9) ن، م: الذي يكون حاذقا في فهم اللغتين
============================== =
وهذا الإمامي يناظر في ذلك أئمته كهشام [بن الحكم] (1) وأمثاله، ولا يمكنه أن يقطعهم بوجه من الوجوه، كما لا يمكنه أن يقطع الخوارج بوجه من الوجوه، وإن كان في قول الخوارج والمجسمة من الفساد ما فيه فلا يقدر أن يدفعه إلا أهل السنة.
ونحن نذكر مثالا (2) فنقول: أهل السنة متفقون على أن الله لا يرى في الدنيا ويرى في الآخرة، [لم يتنازع أهل السنة إلا في رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم -، مع أن أئمة السنة على أنه لم يره أحد بعينه في الدنيا مطلقا] (3) ] ، وقد ذكر عن طائفة أنهم يقولون: إن الله (4) يرى في الدنيا، وأهل السنة يردون على هذا بالكتاب والسنة مثل استدلالهم بأن موسى [عليه السلام] (5) منع منها، فمن هو دونه أولى، وبقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " «واعلموا أن أحدا منكم لن يرى ربه حتى يموت» " [رواه مسلم في صحيحه. وروي هذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجوه متعددة] (6) ، وبطرق عقلية: كبيانهم عجز الأبصار في الدنيا عن الرؤية ونحو ذلك.
**_________
(1) ابن الحكم: في (ع) فقط.
(2) عبارة " نذكر مثالا ": ساقطة من (ب) ، (أ) .
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(4) ب، أ: إنه.
(5) عليه السلام: في (ع) فقط.
(6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . وكلمة " متعددة ": في (ع) فقط. وسبق الكلام عن الحديث 2/520. وقد وجدته مرويا عن عبادة بن الصامت في المسند 5/324. ونصه: " حدثنا عبد الله، حدثني أبي، ثنا حيوة بن شريح ويزيد بن عبد ربه، قالا: ثنا بقية. . عن جنادة بن أبي أمية أنه حدثهم عن عبادة بن الصامت أنه قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قال: إني قد حدثتكم عن الدجال حتى خشيت أن لا تعقلوا، إن مسيح الدجال رجل قصير أفحج جعد أعور مطموس العين ليس بناتئة ولا حجراء، فإن ألبس عليكم - قال يزيد: ربكم - فاعلموا أن ربكم تبارك وتعالى ليس بأعور، وأنكم لن ترون ربكم تبارك وتعالى حتى تموتوا - قال يزيد: تروا ربكم حتى تموتوا ". والحديث مروي أيضا عن عبادة بن الصامت بألفاظ متقاربة في كتاب السنة لأحمد بن حنبل، ص 138 (ط. المطبعة السلفية، مكة، 1349) ومروي فيه (ص 138 - 139) عن أمامة الباهلي رضي الله عنه. وقد رواه ابن خزيمة عن أبي أمامة أيضا في كتابه " التوحيد " ص 121 - 122
============================== =========
وأما هذا وأمثاله فليست لهم على هؤلاء (1) حجة لا عقلية ولا شرعية، فإن عمدتهم في نفي الرؤية أنه لو رئي لكان في جهة ولكان جسما (2) ، وهؤلاء [يقولون: إنه يرى في الدنيا، بل] (3) يقولون: إنه في جهة (4) وهو جسم.
فإن أخذوا في الاستدلال على نفي الجهة ونفي الجسم، كان منتهاهم معهم إلى أنه لا تقوم به الصفات (5) ، وهؤلاء يقولون: تقوم به الصفات. فإن استدلوا على ذلك، كان منتهاهم معهم إلى أن الصفات أعراض، وما قامت به الأعراض محدث. وهؤلاء يقولون: تقوم به الأعراض، وهو قديم والأعراض عند هؤلاء تقوم بالقديم.
فإن قالوا: الجسم لا يخلو عن الحركة أو السكون (6) ، وما لا يخلو
**_________
(1) ن: على هذا.
(2) ب، أ، ن، م: أو لكان جسما.
(3) ع (فقط) : ولهؤلاء الذين يقولون: إنه يرى في الدنيا، بل يقولون. . . إلخ، وأرجو أن يكون ما أثبته أدل على المقصود.
(4) ب، أ، ن، م: هو في جهة.
(5) ب: إلى أنه تقوم به الصفات ; أ: إلى أن تقوم به الصفات، وهو خطأ ; ن، م: إلى أنه لا تقوم الصفات.
(6) ب، أ، ن، م: والسكون
============================== ====
عنهما فهو محدث لامتناع حوادث لا أول لها، فهذا منتهى ما عند المعتزلة وأتباعهم من الشيعة.
قال لهم أولئك: لا نسلم أن الجسم لا يخلوا عن الحركة والسكون [الوجوديين] (1) ، بل يجوز خلوه عن الحركة، لأن السكون عدم الحركة [مطلقا (2) ، وعدم الحركة] (3) عما من شأنه أن يقبلها، فيجوز ثبوت (4) جسم قديم ساكن لا يتحرك.
وقالوا لهم (5) : لا نسلم امتناع حوادث لا أول لها، وطعنوا في أدلة نفي ذلك بالمطاعن المعروفة، حتى حذاق المتأخرين (6) كالرازي وأبي الحسن الآمدي وأبي الثناء الأرموي (7) وغيرهم طعنوا في ذلك (* كله، وطعن الرازي في ذلك في مواضع وإن كان اعتمد عليه *) (8) في
**_________
(1) الوجوديين: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) ب، أ: عدم الحركة إما مطلقا.
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(4) ن، م: إثبات.
(5) ب، أ، ن، م: أو قالوا لهم.
(6) ب، أ: المسلمين.
(7) أبو الثناء سراج الدين محمود بن أبي بكر أحمد الأرموي، صاحب التحصيل مختصر المحصول في أصول الفقه واللباب مختصر الأربعين في أصول الدين والبيان والمطالع في المنطق وغير ذلك، وقيل: إنه شرح الوجيز في الفقه للرافعي، كان الأرموي شافعيا قرأ بالموصل على كمال الدين بن يونس، وولد الأرموي سنة 594 وتوفي بمدينة قونية سنة 682. انظر ترجمته في: طبقات الشافعية 8/371 ; مفتاح السعادة ومصباح السيادة لطاش كبرى زاده 1/245، ط. حيدر آباد ; الأعلام 8/41 - 42. وذكر ابن تيمية في كتابه درء تعارض العقل والنقل 1/323 أن الأرموي صاحب " لباب الأربعين " قد اعترض على إنكار الرازي للقول بحوادث لا أول لها. ومن كتاب " لباب الأربعين في أصول الدين " توجد مصورة في معهد المخطوطات بالجامعة العربية، رقم 201 توحيد.
(8) ما بين النجمتين ساقط ساقط من (ب) ، (أ)
============================== =
مواضع (1) . والآمدي طعن (2) في طرق الناس إلا طريقة ارتضاها (3) ، وهي (4) أضعف من غيرها طعن فيها غيره.
فهذان مقامان من المقامات العقلية لا يقدر هؤلاء أن يغلبوا فيها شيوخهم المتقدمين، فإذا كانوا لا ينفون (5) رؤيته في الدنيا (6) إلا بهذه الطريق، لم يكن لهم حجة إلا على من يقول (7) : إنه يرى ويصافح وأمثال
**_________
(1) سبق أن تعرض ابن تيمية بالتفصيل في الجزء الأول من هذا الكتاب (انظر ص 150 وما بعدها) للكلام عن إمكان القول بحوادث لا أول لها، وذكر (ص 178) أن القول بدوام الحوادث في الماضي والمستقبل هو قول أئمة أهل الحديث وأئمة الفلاسفة وغيرهم. كما تعرض ابن تيمية لهذه المشكلة في كتابه " درء تعارض العقل والنقل " 1/321 وما بعدها، وذكر فيه تناقض الرازي في هذه المسألة في كتبه المختلفة مثل " الأربعين في أصول الدين " و " المطالب العالية "، وقال (1/379) إن الأرموي استفاد معارضته للرازي من كلام الرازي نفسه في " المطالب العالية ".
(2) عبارة " والآمدي طعن ": ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) ذكر الأستاذ محمد خليل هراس في كتابه " ابن تيمية السلفي "، ص 141 (ط. طنطا 1372/1952) أن الآمدي في كتابه " أبكار الأفكار " 1/476، (مخطوط بدار الكتب رقم 1954 كلام) : " عارض الرازي فيما ادعاه من لزوم هذه المسألة لجميع الطوائف بأن المراد بالحادث الذي يقصد نفي قيامه بذاته تعالى هو الموجود بعد عدم، وأما ما لا يوصف بالوجود كالأعدام المتجددة والأحوال - عند القائلين بها - وكذلك النسب والإضافات فهذه لا يصدق عليها اسم الحادث وإن صدق عليها اسم المتجدد. وحينئذ فلا يلزم من تجدد الإضافات والأحوال في ذات الباري أن يكون محلا للحوادث ". وأشار الأستاذ هراس إلى أن ابن تيمية رد على كلام الآمدي في كتابه " الموافقة " (على هامش منهاج السنة 2/119 - 122) . انظر درء. . 2/232 - 251.
(4) ب، أ: هي.
(5) ن، م: لا يقدرون ينفون.
(6) ب، أ: في الصفات، وهو خطأ.
(7) ن، م: حجة على قول من يقول
============================== ==
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (168)
صـ 617 إلى صـ 624
ذلك من المقالات مع أن هذا [من] (1) أشنع المقالات عند أهل السنة والجماعة، ولا يعرف له (2) قائل [معدود] (3) من أهل السنة والحديث.
وبيان هذا: بالوجه الخامس (4) [وهو] (5) أن يقال: هذه الأقوال حكاها الناس عن شرذمة قليلة أكثرهم من الشيعة، وبعضهم من غلاة النساك، وداود الجواربي (6) . (* قال الأشعري في " المقالات " (7) : وقال داود الجواربي (8) *) (9) ومقاتل بن سليمان: إن الله جسم، وأنه جثة وأعضاء على صورة الإنسان (10) : لحم (11) ودم وشعر وعظم، له
**_________
(1) من: في (ع) فقط.
(2) ن، م: لها.
(3) معدود: ساقطة من (ن) فقط.
(4) ب، أ، ن، م: الرابع، وهو خطأ. وبدأ الكلام عن الوجه الرابع ص 612.
(5) وهو: ساقطة من (ن) .
(6) ب، أ: وداود الجواهري ; ن: وداود الحواري ; م: وداود الحواربي. وكذا في هذه النسخ فيما بعد. وقال ابن حجر (لسان الميزان 2/427) : " رأس في الرافضة والتجسيم من مرامي جهم. قال أبو بكر بن أبي عوف: سمعت يزيد بن هارون يقول: الحواربي والمريسي كافران ". وذكر ابن حجر أن داود لا تعلم له رواية لحديث. ونقل الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد في تعليقه على المقالات 1/258 عن السمعاني في " الأنساب " أنه قال بعد ذكر هشام بن سالم الجواليقي ما نصه: " وعنه أخذ داود الجواربي قوله إن معبوده له جميع أعضاء الإنسان إلى الفرج واللحية " ونقل نفس العبارة ابن الأثير في اللباب 2/291. وانظر عن داود الجواربي ومذهبه في التجسيم: الملل والنحل 1/167 ; الفرق بين الفرق، ص 140 ; التبصير في الدين، ص 71 ; الانتصار للخياط، ص 54 ; تلبيس إبليس لابن الجوزي، ص 87 ; أصول الدين لابن طاهر، ص 74.
(7) في " المقالات " 1/258 - 259، وسنقابل كلام ابن تيمية عليه.
(8) ن: الحواري، م: الحواربي.
(9) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
(10) ورد نص آخر مشابه في المقالات 1/214 فيه: " أن الله جسم وإن له جمة وأنه على صورة الإنسان ".
(11) ب (فقط) : له لحم
============================== ==
جوارح (1) وأعضاء من يد ورجل (2) ولسان (3) ورأس وعينين (4) وهو مع هذا (5) لا يشبه غيره ولا يشبهه غيره (6) . وحكي عن داود الجواربي (7) أنه كان يقول: إنه (8) أجوف من فيه إلى صدره ومصمت ما سوى ذلك ".
" وقال هشام بن سالم الجواليقي: إن الله على صورة [الإنسان] (9) ، وأنكر أن يكون لحما ودما، وإنه نور ساطع يتلألأ بياضا (10) ، وإنه ذو حواس خمس كحواس الإنسان: سمعه غير بصره (11) ، وكذلك سائر حواسه: له يد ورجل [وأذن] (12) وعين وأنف وفم، وإن له وفرة سوداء ".
قلت: أما داود الجواربي فقد عرف عنه القول المنكر الذي أنكره عليه أهل السنة. وأما مقاتل فالله أعلم بحقيقة حاله. والأشعري ينقل هذه المقالات من كتب المعتزلة، وفيهم انحراف على (13) مقاتل بن سليمان،
**_________
(1) ب، ن، م: وله جوارح.
(2) ورجل: ساقطة من (م) .
(3) ن، م: وأسنان.
(4) ع، ن، م: وعين.
(5) ب، أ: ومع هذا.
(6) عبارة " ولا يشبهه غيره " ساقطة من (ب) فقط. وفي " المقالات " 1/259: ولا يشبهه.
(7) ب، أ: داود الجواهري ; ن: داود الحواري ; ع: داود ; م: الحواربي.
(8) إنه: ليست في " المقالات ".
(9) الإنسان: ساقطة من (ن) ، (م) .
(10) بياضا: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(11) ب، أ: سمعه غيره وبصره، وهو خطأ.
(12) وأذن: ساقطة من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
(13) ب، أ، ن، م: عن
==============================
فلعلهم زادوا في النقل عنه، أو نقلوا عنه، أو نقلوا عن غير ثقة، وإلا فما أظنه يصل إلى هذا الحد (1) . وقد قال الشافعي: من أراد التفسير فهو عيال على مقاتل، ومن أراد الفقه فهو عيال على أبي حنيفة (2) .
ومقاتل بن سليمان، وإن لم يكن ممن يحتج به في الحديث - بخلاف مقاتل بن حيان (3) فإنه ثقة - لكن لا ريب (4) في علمه بالتفسير وغيره واطلاعه (5) ، كما أن أبا حنيفة وإن كان الناس خالفوه في أشياء
**_________
(1) علق مستجي زاده في هامش (ع) بقوله: " قلت: لكن الخطيب البغدادي ذكر عن أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه بإسناده: هذان رجلان خبيثان: أعني جهم بن صفوان ومقاتل بن سليمان، أفرط جهم في التنزيه فجعله تعالى لا من قبيل معنى من المعاني فوقع في التعطيل، وأفرط مقاتل في التشبيه حتى جعل له تعالى لحما ودما وشعرا وعظما، انتهى. فالذي ذكره الخطيب عن أبي حنيفة في شأن مقاتل هو الموافق لما نقله الإمام أبو الحسن الأشعري رضي الله عنه في شأن مقاتل ".
(2) في وفيات الأعيان 4/341 في ترجمة مقاتل بن سليمان: " حكي عن الإمام الشافعي رضي الله عنه أنه قال: الناس كلهم عيال على ثلاثة: على مقاتل بن سليمان في التفسير، وعلى زهير بن أبي سلمى في الشعر، وعلى أبي حنيفة في الكلام ".
(3) ب، أ: مقاتل بن حبان، وهو خطأ. وهو عالم خراسان الحافظ أبو بسطام - وقال ابن سعد: أبو معان - مقاتل بن حيان البلخي الخزاز. قال الذهبي: " كان إماما صادقا ناسكا خيرا كبير القدر صاحب سنة واتباع، هرب في أيام خروج أبي مسلم الخراساني إلى كابل ودعا خلقا إلى الإسلام فأسلموا. وثقه يحيى بن معين وأبو داود، وقال النسائي: ليس به بأس ". وانظر ترجمته في: تذكرة الحفاظ 1/174 ; طبقات ابن سعد 7/374 ; تهذيب الأسماء واللغات للنووي، ق [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 10 - 111 ; الجرح والتعديل، ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص [0 - 9] 53 - 354.
(4) ن، م: ثقة، ولا ريب.
(5) أبو الحسن بن مقاتل بن سليمان بن بشير، الأزدي بالولاء، البلخي، الخراساني، المروزي. أصله من بلخ، وانتقل إلى البصرة ودخل بغداد وحدث بها. ذكره الذهبي في آخر ترجمة ابن حيان (تذكرة الحفاظ 1/174) فقال: " فأما مقاتل بن سليمان المفسر فكان في هذا الوقت، وهو متروك الحديث، وقد لطخ بالتجسيم مع أنه كان من أوعية العلم بحرا من التفسير ". وقد توفي بالبصرة سنة 150. وانظر ترجمته في: الجرح والتعديل، ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص [0 - 9] 54 - 355 ; تهذيب الأسماء واللغات، ق [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 11، طبقات ابن سعد 7/373 ; تهذيب التهذيب 10/279 - 285 ; ميزان الاعتدال 3/196 - 197 ; تاريخ بغداد 13/160 - 169 ; وفيات الأعيان 4/341 - 343 ; الفهرست لابن النديم، ص [0 - 9] 79 (ذكره ضمن الزيدية فقال: من الزيدية والمحدثين والقراء) ; الأعلام 8 (ونقل عن مخطوطة " قبول الأخبار " للبلخي عن الكلبي أنه قال: كذب على مقاتل في التفسير) ; سزكين م [0 - 9] ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 5 - 87. وأما عن مذهبه في التجسيم والإرجاء فقد قال ابن حزم 5: " وقال مقاتل بن سليمان وكان من كبار المرجئة: لا يضر مع الإيمان سيئة جلت أو قلت أصلا، ولا ينفع مع الشرك حسنة أصلا. وكان مقاتل هذا مع جهم بخراسان في وقت واحد وكان يخالفه في التجسيم. . وكان مقاتل يقول: إن الله جسم ولحم ودم على صورة الإنسان. وانظر عن مذهبه أيضا: المقالات للأشعري 1/213 ; الملل والنحل 1/167 ; الانتصار للخياط، ص 54
============================== ===
وأنكروها عليه فلا يستريب أحد في فقهه وفهمه وعلمه، وقد نقلوا عنه أشياء يقصدون بها الشناعة عليه، وهي كذب عليه قطعا، مثل مسألة الخنزير البري ونحوها، وما يبعد (1) أن يكون النقل عن مقاتل من هذا الباب.
وهذا الإمامي (2) نقل النقل المذكور عن داود الطائي، وهذا جهل منه، أو من نقله [هو] (3) عنه، فإن داود الطائي كان رجلا صالحا زاهدا عابدا
**_________
(1) ب، أ، ن، م: وما أبعد.
(2) ع: وهذا الرافضي.
(3) هو: ساقطة من (ن)
============================== ====
فقيها من أهل الكوفة، في زمن أبي حنيفة والثوري وشريك وابن أبي ليلى (1) وكان قد تفقه ثم انقطع للعبادة، وأخباره وسيرته مشهورة عند (2) العلماء (3) ، ولم يقل الرجل شيئا من هذا الباطل، وإنما القائل لذلك داود الجواربي، فكأنه اشتبه عليه أو على شيوخه الجواربي بالطائي (4) ، إن لم يكن (5) الغلط في النسخة التي أحضرت [إلي] ، وداود الجواربي أظنه (6)
**_________
(1) سبقت ترجمة الثوري (2) وشريك بن أبي ليلى (2/471) . .
(2) ب، أ: عن، وهو تحريف.
(3) أبو سليمان بن نصير الطائي الكوفي الزاهد. قال الذهبي (العبر 1/238) " كان أحد من برع في الفقه ثم اعتزل. روى عن عبد الملك بن عمير وجماعة، وكان عديم النظير زهدا وصلاحا ". ورجح الذهبي أن تكون وفاته سنة 162 وأغلب المراجع تجعلها 160 أو 165. وانظر ترجمته في: طبقات ابن سعد 6/367 ; تاريخ بغداد 8/347 - 355 ; حلية الأولياء 7/335 - 367 ; وفيات الأعيان 2/29 - 31 ; تقريب التهذيب لابن حجر (ط. دار الكتاب العربي) ص 234، الطبقات الكبرى للشعراني 1/65 ; الأعلام 3/11.
(4) علق مستجي زاده على كلام ابن تيمية عن داود الطائي بقوله: " قلت: نقل عنه - يعني داود الطائي - أن الكافر الذي اجتهد وسعى في الوصول إلى الحق ولم يتيسر له ومات على الكفر فهو معذور عند الله يرجى له العفو، وهو خارق لإجماع أهل السنة والجماعة وقد مال إلى هذا القول الإمام الغزالي والقاضي بيضاوي في تفسيره وفي كتابه الموسوم بالطوالع، وممن (في الأصل: من) ذهب إلى هذا من قدماء المعتزلة قاضي بصرة المسمى بالعنبري مع مخالفة تلامذته له. ومما ذهب إليه داود الطائي أن دليل الشرع اثنان فقط: الكتاب والسنة، وكان ينكر القياس والإجماع أن يكونا حجة شرعية وهو (مخالف) لإجماع الأئمة الأربعة، وابن حزم الأندلسي ممن تبعه في إنكار القياس والإجماع. وأبو حيان صاحب " البحر " و " النهر " من الظاهرية أيضا من شيعة داود ". وظاهر من هذا الكلام أن مستجي زاده يخلط بين داود الطائي وداود الظاهري.
(5) ن، م: أو لم يكن. .
(6) أ: في النسخة التي أحضرت إلى داود الحواري وأظنه. . . إلخ ; ب: في النسخة التي أحضرت إلى داود الجواهري وأظنه. . إلخ ; ن: في النسخة التي أحضرت إلى داود الحواري وأظنه. . ; م: في النسخة التي أحضرت إلى داود الجواربي وأظنه
============================== =====
كان من أهل البصرة متأخرا عن هذا، وقصته معروفة (1) .
قال الأشعري (2) : " وفي الأمة (3) قوم ينتحلون النسك، يزعمون أنه جائز على الله تعالى (4) الحلول في الأجسام (5) ، وإذا رأوا شيئا يستحسنونه قالوا: لا ندري، لعله، ربما هو (6) .
ومنهم من يقول: إنه يرى الله في الدنيا على قدر الأعمال (7) ، فمن كان عمله أحسن رأى معبوده أحسن.
ومنهم من يجوز على الله تعالى المعانقة والملامسة والمجالسة في الدنيا (8) ، ومنهم من يزعم أن الله تعالى ذو أعضاء وجوارح وأبعاض: لحم ودم على صورة الإنسان، له ما للإنسان من الجوارح.
وكان من الصوفية رجل يعرف بأبي شعيب يزعم أن الله يسر ويفرح بطاعة أوليائه، ويغتم ويحزن إذا عصوه.
**_________
(1) م: مشهورة.
(2) في المقالات 1/319، وسنقابل النص التالي عليه.
(3) ب: في الإبانة، وهو خطأ ; أ: وفي الآية، وهو تحريف.
(4) المقالات: الله سبحانه ; ب، أ، م: الله ; ن: عن الله.
(5) م: الأجساد.
(6) لعله ربما هو: كذا في (ع) ، (أ) ، (ن) ، (م) ; وفي (ب) لعله ربنا هو ; وفي المقالات: لعله ربنا.
(7) ب: على حسب الأعمال ; أ: على الأعمال (بسقوط: قدر) ; ن، م: إنه يرى في الدنيا على قدر الأعمال.
(8) في " المقالات " بعد كلمة " الدنيا ": وجوزوا مع ذلك على الله - تعالى عن قولهم - أن نلمسه
==============================
وفي النساك قوم يزعمون أن العبادة تبلغ بهم إلى منزلة (1) تزول عنهم العبادات، وتكون الأشياء المحظورات على غيرهم - من الزنا وغيره - مباحات لهم.
وفيهم من يزعم أن العبادة تبلغ بهم إلى أن يروا الله (2) ، ويأكلوا (3) من ثمار الجنة، ويعانقوا (4) الحور العين في الدنيا ويحاربوا الشياطين.
ومنهم من يزعم أن العبادة تبلغ بهم [إلى] (5) أن يكونوا أفضل من النبيين والملائكة المقربين ".
[قلت: هذه المقالات التي (6) حكاها الأشعري - وذكروا أعظم منها - موجودة في الناس قبل هذا الزمان. وفي هذا الزمان منهم من يقول بحلوله في الصور الجميلة، ويقول إنه بمشاهدة الأمرد يشاهد معبوده أو صفات معبوده أو مظاهر جماله، ومن هؤلاء من يسجد للأمرد. ثم من هؤلاء من يقول بالحلول والاتحاد العام، لكنه يتعبد بمظاهر الجمال، لما في ذلك من اللذة له، فيتخذ إلهه هواه، وهذا موجود في كثير من المنتسبين إلى الفقر والتصوف. ومنهم من يقول إنه يرى الله مطلقا ولا يعين الصورة الجميلة. بل يقولون: إنهم يرونه في صور مختلفة. ومنهم من يقول: إن المواضع المخضرة خطا عليها، وإنما اخضرت من وطئه عليها، وفي
**_________
(1) ع، ن، م: منزل.
(2) المقالات: تبلغ بهم أن يروا الله سبحانه.
(3) ع: ويأكلون. وانظر المقالات (ط. ريتر) 1/289 (ت 4) .
(4) ع: ويعانقون.
(5) إلى: في (ع) ، " المقالات ".
(6) في الأصل (ع) : الذي
============================== ===
ذلك حكايات متعددة يطول وصفها، وأما القول بالإباحة وحل المحرمات - أو بعضها - للكاملين في العلم والعبادة فهذا أكثر من الأول، فإن هذا قول أئمة الباطنية القرامطة الإسماعيلية وغير الإسماعيلية وكثير من الفلاسفة، ولهذا يضرب بهم المثل فيقال: فلان يستحل دمي كاستحلال الفلاسفة محظورات الشرائع. وقول كثير ممن ينتسب إلى التصوف والكلام، وكذلك من يفضل نفسه أو متبوعه على الأنبياء، موجود كثير في الباطنية والفلاسفة وغلاة المتصوفة وغيرهم، وبسط الكلام على هذا له موضع آخر] (1) .
ففي الجملة هذه مقالات منكرة باتفاق علماء السنة والجماعة وهي وأشنع منها - موجودة (2) في الشيعة.
وكثير من النساك يظنون (3) أنهم يرون الله في الدنيا بأعينهم، وسبب ذلك أنه (4) يحصل لأحدهم في قلبه بسبب ذكر الله تعالى وعبادته من الأنوار (5) ما يغيب [به] (6) عن حسه الظاهر، حتى يظن أن ذلك [هو] شيء (7) يراه بعينه الظاهرة، وإنما هو موجود في قلبه.
ومن هؤلاء من تخاطبه تلك الصورة (8) التي يراها خطاب الربوبية
**_________
(1) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
(2) ب، أ: موجود.
(3) ب: يزعمون ويظنون ; أ: يزعمون يظنون.
(4) ب، أ: أن.
(5) ن، م: من الأمور.
(6) به: ساقطة من (ن) ، (م) .
(7) ب، أ: أن ذلك في شيء. وسقطت " هو " من (ن) ، (م) .
(8) ع: تلك الصور
============================== =
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (169)
صـ 625 إلى صـ 632
ويخاطبها أيضا بذلك، ويظن أن ذلك كله موجود في الخارج عنه، وإنما هو موجود في نفسه، كما يحصل للنائم إذا رأى ربه في صورة بحسب حاله. فهذه الأمور تقع كثيرا في زماننا وقبله، ويقع الغلط منهم حيث يظنون أن ذلك موجود في الخارج.
[وكثير من هؤلاء يتمثل له الشيطان، ويرى نورا أو عرشا أو نورا على العرش ويقول: أنا ربك. ومنهم من يقول: أنا نبيك، وهذا قد وقع لغير واحد. ومن هؤلاء من تخاطبه الهواتف بخطاب على لسان الإلهية أو غير ذلك، ويكون المخاطب له جنيا، كما قد وقع لغير واحد. لكن بسط (الكلام) (1) على ما يرى ويسمع وما هو في النفس والخارج، وتمييز حقه من باطله ليس هذا موضعه، وقد تكلمنا عليه في غير هذا الموضع] (2) .
وكثير من الجهال أهل الحال (3) وغيرهم يقولون: إنهم يرون الله عيانا في الدنيا، وأنه يخطوا خطوات (4) .
[وقد يقولون مع ذلك من المقالات ما هو أعظم من الكفر كقول بعضهم: كل رزق لا يرزقنيه الشيخ فلان لا أريده، وقول بعضهم: إن شيخهم هو شيخ الله ورسوله، وأمثال ذلك من مقالات الغلاة في الشيوخ، لكن يوجد في جنس المنتسبين إلى الشيعة من الإسماعيلية والغلاة من
**_________
(1) الكلام: ساقطة من الأصل (ع) ، وبزيادتها يستقيم الكلام.
(2) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
(3) ع: وكثير من الجهال أهل الخيال ; ن، م: وكثير من جهال أهل الحال.
(4) عبارة " وأنه يخطو خطوات " ساقطة من (ع)
============================== =
النصيرية وغيرهم ما هو أعظم غلوا وكفرا من هذه المقالات، فلا يكاد يوجد من المنتسبين إلى السنة مقالة خبيثة إلا وفي جنس الشيعة ما هو أخبث منها] (1) .
وأهل الوحدة (2) القائلون بوحدة الوجود، كأصحاب ابن عربي وابن سبعين (3) (4) يدعون أنهم يشاهدون الله دائما، فإن [عندهم] (5) مشاهدته في الدنيا والآخرة على وجه واحد، إذ كانت ذاته (6) الوجود المطلق الساري في الكائنات.
فهذه المقالات وأمثالها موجودة في الناس، ولكن المقالات الموجودة في الشيعة أشنع وأقبح، كما هو موجود في الغالية من النصيرية وأمثالهم، ولهذا كان النصيرية يعظمون القائلين بوحدة [الوجود] (7) . وكان التلمساني (8) شيخ القائلين بالوحدة [الذي شرح " مواقف "
**_________
(1) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
(2) ع (فقط) : وأهل الحلول والوحدة.
(3) سبقت ترجمتهما 1/378. وابن الفارض
(4) أبو حفص عمر بن مرشد بن علي، شرف الدين ابن الفارض، الحموي الأصل، المصري المولد والدار والوفاة، يلقب بسلطان العاشقين. ولد سنة 576 وتوفي سنة 632. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 3/126 - 127 ; ميزان الاعتدال 2/266 ; شذرات الذهب 5/149 - 153 ; لسان الميزان 4/317 - 319 ; الأعلام 5/216 - 217. وانظر للأستاذ محمد مصطفى حلمي كتاب " ابن الفارض والحب الإلهي "، القاهرة، 1364/1945، وكتاب " سلطان العاشقين "، سلسلة أعلام العرب، مارس 1963.
(5) عندهم: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) ب، أ: وإذا كانت ذاته، وهو خطأ.
(7) ع: القائلين بالوحدة ; ن، م: القائل بالوحدة.
(8) عفيف الدين سليمان بن عبد الله بن علي الكومي التلمساني سبقت ترجمته 1/378. وانظر في ترجمته أيضا: فوات الوفيات 1/363 - 366 (وفيه: " قال قطب الدين اليونيني: رأيت جماعة ينسبونه إلى رقة في الدين والميل إلى مذهب النصيرية) ; البداية والنهاية 13/326، النجوم الزاهرة 8/29 - 31 ; الأعلام 3/193 (وذكر من مؤلفاته " شرح مواقف النفزي " والصواب: النفري)
============================== =
النفري (1) . وصنف غير ذلك] (2) قد ذهب إلى النصيرية وصنف لهم كتابا وهم يعظمونه جدا، وحدثني نقيب الأشراف عنه (3) أنه قال: قلت له: أنت نصيري؟ قال: نصير جزء مني (4) ; والنصيرية يعظمونه غاية التعظيم.
**[التعليق على ما ذكره الرافضي من رمد الله وبكائه وغير ذلك]
وأما ما ذكره [هذا الإمامي] (5) من رمده وعيادة الملائكة له وبكائه على طوفان نوح [عليه السلام] ; (6) فهذا قد رأيناهم ينقلونه (7) عن بعض اليهود، ولم أجد هذا منقولا عمن أعرفه من المسلمين (8) ، فإن كان هذا قد قاله
**_________
(1) ع: النغزي، وهو خطأ. وهو أبو عبد الله محمد بن عبد الجبار بن الحسن النفري نسبة إلى بلدة النفر من أعمال الكوفة. ترجم له الشعراني في " الطبقات الكبرى " 1/174 - 175 فقال: " كان له رضي الله عنه كلام عال في طريق القوم، وهو صاحب " المواقف " نقل عنه الشيخ محيي الدين بن العربي وتوفي النفري سنة 354. انظر ترجمته في: المقدمة الإنجليزية لكتاب " المواقف " بقلم الأستاذ أربري، ط. دار الكتاب 1934 ; المشتبه للذهبي 2/64، ط. عيسى الحلبي، 1381/1962 ; الأعلام 7 - 56
(2) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
(3) ن، م: عنهم، وهو خطأ.
(4) ن، م: خير مني.
(5) ب، أ: ما ذكر، وسقطت عبارة " هذا الإمامي ": من (ن) ، (م) ، (أ) ، (ب) . وسبق ذكر الكلام التالي بمعناه في (ك) 1/84 (م) ، وهذا الكتاب 2/500.
(6) عليه السلام: في (ع) فقط.
(7) ن: يتلقونه.
(8) علق مستجي زاده هنا بقوله: " قلت تأييدا للمصنف: إن الشهرستاني صاحب " الملل " ذكر فيه أنه قول اليهود "
==============================
بعض أهل القبلة فلا ينكر وقوع مثل ذلك (1) ، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد قال: " «لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة (2) حتى لو دخلوا جحر ضب (3) لدخلتموه» " (4) . لكن مشابهة ب (فقط) : لمشابهة. الرافضة لليهود ووجود (5) مثل هذا فيهم أظهر من وجوده في المنتسبين إلى السنة [والجماعة] (6) .
**[التعليق على قول الرافضي: يفضل عنه العرش من كل جانب أربع أصابع]
وأما قوله (7) : إنه يفضل عنه العرش (8) من كل جانب أربع أصابع ;
**_________
(1) ع: فإن كان وقع مثل ذلك.
(2) ب، أ: النعل بالنعل. قال ابن الأثير (النهاية في غريب الحديث، مادة: قذذ) : " القذذ ريش السهم واحدتها قذة. ومنه الحديث: لتركبن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة، أي كما تقدر كل واحدة منهما على قدر صاحبتها وتقطع ".
(3) ب أ: جحر ضب خرب.
(4) الحديث - مع اختلاف في اللفظ - عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في: البخاري 4/169 (كتاب الأنبياء، باب ما ذكر عن بني إسرائيل) . والحديث بمعناه عن أبي سعيد الخدري في البخاري: 9 (كتاب الاعتصام، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: لتتبعن سنن من كان قبلكم) ; مسلم (كتاب العلم، باب اتباع سنن اليهود والنصارى) ; سنن ابن ماجه 2/1422 (كتاب الفتن، باب افتراق الأمم) ; المسند (ط. الحلبي) 3/84، 89، 94. والحديث بمعناه عن أبي هريرة في المسند (ط. الحلبي) ، 2/327، 450، 511، 527. ونص الحديث في البخاري: " لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم. قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: فمن "
(5) ب، أ: وجود، وهو تحريف.
(6) والجماعة: ليست في (ع) ، (ن) ، (م) .
(7) في (ك) 1/84 (م) ، وهذا الكتاب 2/400.
(8) ب، أ، ن، م: يفضل عنه من العرش، وسبق أن رجحت (2/500) ما جاء في ك: وأنه يفضل من العرش
============================== ======
(1 فهذا لا أعرف قائلا له ولا ناقلا، ولكن روي في 1) (1) حديث عبد الله بن خليفة (2) أنه: ما يفضل من العرش أربع أصابع، يروى بالنفي ويروى بالإثبات، والحديث قد طعن فيه غير واحد من المحدثين كالإسماعيلي وابن الجوزي، [ومن الناس من ذكر له شواهد وقواه (3) .
ولفظ النفي لا يرد عليه شيء، فإن مثل هذا اللفظ يرد (4) لعموم النفي كقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " «ما في السماء موضع أربع أصابع إلا وملك] (5) قائم أو قاعد أو راكع أو ساجد» (6) "، أي ما فيها موضع.
**_________
(1) (1 - 1) : هذه العبارات مضطربة في (ن) ، (م) .
(2) ذكرت كتب الرجال رجلين بهذا الاسم: الأول: عبد الله بن خليفة الطائي الكوفي الهمداني (انظر ترجمته في: طبقات ابن سعد 6/121 ; الجرح والتعديل ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص [0 - 9] 5 ; تقريب التهذيب، ص [0 - 9] 12 ; الخلاصة للخزرجي، ص [0 - 9] 66) ; والثاني: عبد الله بن خليفة أو عكسه (انظر ترجمته في: تقريب التهذيب، ص 412 ; الخلاصة ص 166) . ولم أعرف أيهما المقصود.
(3) لم أعرف مكان هذا الحديث.
(4) ع: يراد.
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(6) أورد السيوطي في " الدر المنثور " (5/292 - 296) في تفسير قوله تعالى: وما منا إلا له مقام معلوم وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون (سورة الصافات: 164 - 166) أحاديث متعددة متقاربة الألفاظ أخرجها الترمذي وابن ماجه وابن مردويه وابن أبي حاتم وغيرهم عن عدد من الصحابة وكلها تذكر امتلاء السماء بالملائكة المسبحين الساجدين. . والنص الذي أورده ابن تيمية فيه جمع بين هذه الروايات. والحديث الذي جاءت فيه عبارة " موضع أربع أصابع " هو المروي عن أبي ذر رضي الله عنه ونصه - واللفظ للترمذي - " وعن أبي ذر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إني أرى ما لا ترون وأسمع ما لا تسمعون. أطت السماء وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته لله ساجدا. . . الحديث ". قال السيوطي إن الترمذي أخرجه وحسنه كما أخرجه ابن ماجه وابن مردويه. وهو في سنن الترمذي 3/380 - 381 (كتاب الزهد، باب ما جاء في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: لو تعلمون ما أعلم. . إلخ) . وقال الترمذي: " وفي الباب عن عائشة وأبي هريرة وابن عباس وأنس. هذا حديث حسن غريب. . " ; المسند (ط. الحلبي) 5/173 ; سنن ابن ماجه 2/1402 (كتاب الزهد، باب الحزن والبكاء)
============================== ==
ومنه قول العرب: ما في السماء قدر كف سحابا، وذلك لأن الكف تقدر (1) بها الممسوحات كما يقدر بالذراع، وأصغر الممسوحات التي يقدرها الإنسان من أعضائه كفه (2) ، فصار هذا مثلا لأقل شيء.
فإذا قيل: إنه ما يفضل من العرش أربع أصابع، كان المعنى: ما يفضل منه شيء، والمقصود هنا بيان أن الله أعظم وأكبر من العرش.
ومن المعلوم أن الحديث إن لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم -[قد] (3) قاله فليس علينا منه، [وإن كان [قد] (4) قاله فلم يجمع بين النفي والإثبات] (5) ] ، وإن (6) كان قاله بالنفي لم يكن قاله بالإثبات ; [والذين قالوه بالإثبات] (7) ذكروا فيه ما يناسب أصولهم، كما قد بسط في غير هذا الموضع.
فهذا وأمثاله - سواء كان حقا أو باطلا - لا يقدح في مذهب أهل السنة ولا يضرهم، لأنه بتقدير أن يكون باطلا ليس هو قول جماعتهم، بل غايته
**_________
(1) ب، أ: يقدر به.
(2) ب، أ: وأصغر الممسوحات التي يقدر بها الإنسان من أعضائه كف.
(3) قد: في (ع) فقط.
(4) قد: في (ع) فقط.
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(6) ب، أ: فإن.
(7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م)
============================== ======
أنه [قد] (1) قالته طائفة ورواه بعض الناس، وما كان (2) باطلا رده جمهور أهل السنة كما يردون غير ذلك، فإن كثيرا من المسلمين يقول كثيرا من الباطل، فما يكون هذا ضار لدين المسلمين، وفي أقوال الإمامية من المنكرات ما يعرف مثل هذا فيه، لو كان قد قاله [بعض] (3) أهل السنة. (فصل)
قال الإمامي (4) : " وذهب بعضهم إلى أن الله ينزل كل ليلة جمعة بشكل أمرد (5) راكبا على حمار، حتى أن بعضهم ببغداد وضع على سطح داره معلفا يضع كل (6) ليلة جمعة فيه شعيرا وتبنا، لتجويز أن ينزل الله تعالى على حماره على ذلك السطح، فيشتغل الحمار بالأكل ويشتغل الرب بالنداء: هل من تائب؟ هل من مستغفر؟ (7) تعالى الله عن مثل هذه العقائد الردية في حقه تعالى (8) .
وحكي عن بعض المنقطعين المباركين (9) من شيوخ الحشوية أنه اجتاز عليه في بعض الأيام نفاط (10) ومعه أمرد حسن الصورة قطط
**_________
(1) قد: في (ع) فقط.
(2) ن، م: وإذا كان.
(3) بعض: ساقطة من (ن) .
(4) ع: الرافضي. والكلام التالي ورد من قبل في (ك) 1/84 (م) - 85 (م) .
(5) ك 1/84 (م) : إلى أنه تعالى ينزل في كل ليلة جمعة على شكل أمرد حسن الوجه.
(6) ن، م: يضع في كل. .
(7) ك:. . بالنداء وقال هل من تائب مستغفر يستغفر وأنا أتوب عليه وأغفر له؟ .
(8) ب: الرديئة في حقه تعالى ; ك: الردية في حق الله تعالى.
(9) ب: التاركين للدنيا ; أ: النازلين ; ك: التاركين.
(10) ع: اجتاز بعض الأيام بنفاط
==============================
الشعر على الصفات التي يصفون ربهم بها، فألح الشيخ بالنظر إليه وكرره وأكثر تصويبه إليه (1) فتوهم فيه النفاط فجاء إليه (2) ليلا وقال: أيها الشيخ رأيتك تلح بالنظر (3) إلى هذا الغلام وقد أتيتك به (4) ، فإن كان لك فيه نية فأنت الحاكم (5) . فحرد الشيخ عليه وقال: إنما كررت النظر إليه لأن مذهبي أن الله ينزل على صورته (6) فتوهمت أنه الله تعالى، فقال له النفاط: ما أنا عليه من [النفاطة] (7) أجود مما أنت عليه من الزهد مع هذه المقالة ".
فيقال: هذه الحكاية وأمثالها دائرة (8) بين أمرين: إما أن تكون كذبا محضا ممن افتراها على بعض شيوخ أهل بغداد (9) ، وإما أن تكون قد وقعت لجاهل مغمور (10) ليس بصاحب قول ولا مذهب، وأدنى العامة أعقل منه وأفقه.
وعلى التقديرين فلا يضر ذلك أهل السنة شيئا، لأنه من المعلوم لكل
**_________
(1) إليه: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(2) ك 1/85 (م) : وجاء إليه.
(3) ن، م: تلح النظر.
(4) ك: وقد أتيت به إليك ; م: وقد حبيتك به.
(5) ن، م: الحاكم فيه.
(6) ك، ب: على صورة هذا الغلام. وسقطت عبارة " على صورته " من (أ) .
(7) النفاطة: ساقطة من (ن) .
(8) ع: هي دائرة.
(9) ب، أ، ن، م: على أهل بغداد وبعض الشيوخ.
(10) ب: معذورا ; أ: معفور، وهو تحريف
=========================
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (170)
صـ 633 إلى صـ 640
ذي علم (1) أنه ليس من العلماء المعروفين بالسنة من يقول مثل هذا الهذيان، الذي لا ينطلي على صبي من الصبيان. ومن المعلوم أن العجائب المحكية عن شيوخ الرافضة أكثر وأعظم من هذا، مع أنها صحيحة واقعة.
وأما هذه الحكاية فحدثني طائفة من ثقات أهل بغداد (2) أنها كذب محض عليهم، وضعها إما (3) هذا المصنف، أو من حكاها له للشناعة، وهذا هو الأقرب، فإن أهل بغداد لهم من المعرفة والتمييز والذهن ما لا يروج عليهم معه (4) مثل هذا.
ومما يبين كذب ذلك عليهم أن هذا الحديث الذي ذكره لم يروه أحد لا بإسناد صحيح ولا ضعيف (5) ، ولا روى أحد [من أهل الحديث] (6) أن الله تعالى ينزل ليلة الجمعة، [ولا أنه ينزل ليلة الجمعة] (7) إلى الأرض (8) ، ولا أنه ينزل في شكل
**_________
(1) ب، أ: لذي علم.
(2) ع: فحدثني ثقات من أهل بغداد.
(3) إما: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(4) معه: زيادة في (ن) ، (م) .
(5) ولا ضعيف: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(6) من أهل الحديث: ساقطة من (ن) ، (م) .
(7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) .
(8) ذكر السيوطي في " اللآلئ المصنوعة " 1/26 - 27 والشوكاني في " الفوائد المجموعة "، ص 446 - 447 وابن عراق الكناني في " تنزيه الشريعة " 1/138 حديثا جاء فيه: " إن الله عز وجل ينزل كل ليلة جمعة إلى دار الدنيا في ستمائة ألف ملك فيجلس على كرسي من نور. . . إلخ ". قال الشوكاني: " رواه الجوزقاني عن ابن عباس مرفوعان وقال: كذب موضوع باطل مركب على الشيوخ، وضعه أبو السعادات أحمد بن منصور بن الحسن بن القاسم وهو كذاب كما قال ابن الجوزي، وقال في " الميزان ": إسناد مظلم ومتن مختلق ". وروى السيوطي في " ذيل اللآلئ المصنوعة " ص 2 (ط. حجر، الهند، 1303) حديثا آخر عن قتادة عن النبي مرفوعا: " إذا كان يوم الجمعة ينزل الله تعالى بين الأذان والإقامة عليه رداء مكتوب إني أنا الله لا إله إلا أنا، يقف في قبلة كل مؤمن مقبلا عليه إلى أن يفرغ من صلاته، لا يسأل الله عبد تلك الساعة شيئا إلا أعطاه، فإذا سلم الإمام من صلاته صعد السماء ". قال السيوطي: " أخرجه ابن عساكر في " تاريخه " وقال: كتب الخطيب هذا عن الأهوازي متعجبا من نكارته وهو باطل "
==============================
أمرد (1) بل لا يوجد في الآثار شيء من هذا الهذيان، بل ولا في [شيء
**_________
(1) أورد السيوطي في " اللآلئ المصنوعة ": 1/28 - 31 عدة أحاديث عن رؤية الله في صورة شاب أولها (1/28 - 29) عن أم الطفيل مرفوعا " رأيت ربي في المنام في أحسن صورة؛ شابا موقرا، رجلاه في خضرة، له نعلان من ذهب، على وجهه فراش من ذهب " وأورد هذا الحديث الشوكاني في " الفوائد " ص 447) ، وثانيها (1/29) عن ابن عباس " قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: رأيت ربي في صورة شاب له وفرة " وحديثا ثالثا (1: " عن عائشة قالت: رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - ربه على صورة شاب جالس على كرسي، رجله في خضرة من نور يتلألأ "، وحديثا رابعا (1 جاء فيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى ربه في صورة شاب عليه تاج. . إلخ، وحديثا خامسا " عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: رأيت ربي تعالى في صورة شاب أمرد عليه حلة خضراء "، وحديثا سادسا (1/31) : " عن ابن عباس أن محمدا رأى ربه في صورة شاب أمرد دونه ستر من لؤلؤ قدماه من خضرة " وأورد السيوطي أقوال العلماء في هذه الأحاديث، فمنهم من أنكرها وعدها من الموضوعات، ومنهم من حاول تأويلها على أن الرؤية هنا إنما كانت في المنام أو أن الرسول رأى ربه بفؤاده. وقال ابن الديبع الشيباني في كتابه " تمييز الطيب من الخبيث فيما يدور على ألسنة الناس من الحديث "، ص [0 - 9] 9 (ط. صبيح، 1347) : " حديث رأيت ربي في صورة شاب أمرد دائر على ألسنة عوام الصوفية وهو الموضوع مفترى على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كما قاله التاج السبكي وغيره، والله تعالى أعلم ". وانظر: تذكرة الموضوعات للفتني، ص [0 - 9] 2 ; موضوعات القاري، ص [0 - 9] 4 ; تنزيه الشريعة 1/145
==============================
من] (1) الأحاديث الصحيحة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إن الله ينزل إلى الأرض، وكل حديث روي فيه هذا فإنه موضوع كذب، مثل حديث الجمل الأورق، وأن [الله] ينزل (2) عشية عرفة فيعانق الركبان ويصافح المشاة (3) ، وحديث آخر أنه رأى ربه في الطواف، وحديث آخر أنه رأى ربه في بطحاء مكة، وأمثال ذلك، فإن هذه كلها أحاديث مكذوبة باتفاق أهل المعرفة بالحديث، والذين وضعوها منهم طائفة وضعوها على أهل الحديث ليقال: إنهم ينقلون مثل هذا، (* كما وضعوا [مثل] (4) حديث عرق الخيل عليهم (5) ، وطائفة من الجهال والضلال وضعوا مثل هذا *) (6) الكذب على النبي - صلى الله عليه وسلم - كما وضعت الروافض ما هو أعظم وأكثر من هذا الكذب، ولو لم يكن إلا ما ذكره هذا الإمامي في مصنفه هذا من الأحاديث، فإن فيها من الكذب الذي أجمع أهل العلم
**_________
(1) شيء من: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) ن، م: وأنه ينزل.
(3) سبق الكلام على هذه الأحاديث 2/528 (ت [0 - 9] ) . وانظر: تنزيه الشريعة 1/138 - 139.
(4) مثل: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) عليهم: في (ن) فقط. ونقل السيوطي في (اللآلئ) 1/3 هذا الحديث الموضوع عن الحاكم: " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل: يا رسول الله: مم ربنا؟ قال: من ماء مرور، لا من أرض ولا من سماء، خلق خيلا فأجراها فعرقت، فخلق نفسه من ذلك العرق ". ثم ذكر السيوطي قول الحاكم: " موضوع، اتهم به محمد بن شجاع ولا يضع مثل هذا مسلم " وأضاف السيوطي: " قلت: ولا عاقل "، ثم نقل كلام الذهبي عن أبي شجاع الثلجي (وانظر ما جاء في لسان الميزان 6/692 عن أبي شجاع) وذكر ابن عراق هذا الحديث في " تنزيه الشريعة " 1/134.
(6) ما بين النجمتين ساقط ساقط من (أ) ، (ب)
============================== ==
بالحديث (1) على كذبه، ومن الكذب (2) الذي لا يخفى أنه كذب إلا على مفرط في الجهل، ما قد ذكره في " منهاج الندامة ".
وقد قدمنا القول بأن أهل السنة متفقون على أن الله لا يراه أحد بعينه في الدنيا: لا نبي ولا غير نبي، ولم يتنازع الناس في ذلك إلا في نبينا [محمد] (3) - صلى الله عليه وسلم - خاصة (4) ، مع أن أحاديث المعراج المعروفة (5) ليس في شيء منها أنه رآه أصلا، وإنما روي ذلك بإسناد [ضعيف] (6) موضوع من طريق أبي عبيدة ذكره الخلال والقاضي أبو يعلى في كتاب " إبطال التأويل "، وأهل العلم بالحديث [متفقون] (7) على أنه حديث موضوع [كذب] (8) .
وقد ثبت في صحيح مسلم عن أبي ذر [رضي الله عنه] (9) قال: «قلت
**_________
(1) ع: أهل الحديث.
(2) الكذب: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) محمد: في (ع) فقط.
(4) انظر ما سبق 2/315 وما بعدها.
(5) ب، أ: مع أن الأحاديث المعروفة.
(6) ضعيف: ساقطة من (ن) ، (م) .
(7) متفقون: ساقطة من (ن) فقط.
(8) كذب: في (ع) فقط. ولم أجد الحديث الذي يشير إليه ابن تيمية، ولكني وجدت حديثا لم يذكر في إسناده أبو عبيدة أورده السيوطي في اللآلئ: (1/12 - 13) والشوكاني في الفوائد، ص 441 ونصه (كما في اللآلئ) : " عن أنس مرفوعا: ليلة أسري بي إلى السماء أسريت فرأيت ربي بينه وبيني حجاب بارز من نار، فرأيت كل شيء منه، حتى رأيت تاجا مخصوصا من اللؤلؤ ". ونقل السيوطي والشوكاني أقوال ابن الجوزي والذهبي وغيرهما عن الحديث، وكلها على أنه موضوع مكذوب. وذكره ابن عراق في: تنزيه الشريعة 1/137 وقال: " وفيه قاسم بن إبراهيم الملطي ".
(9) رضي الله عنه: ساقطة من (ن) ، (م)
============================== ====
يا رسول الله هل رأيت ربك؟ قال: " نور أنى أراه» (1) . ولم يثبت أن أحدا من الصحابة سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الرؤية إلا ما (2) في الحديث.
وما يرويه بعض العامة أن أبا بكر سأله، فقال: رأيته، وأن عائشة سألته فقال: لم أره، كذب باتفاق أهل العلم، لم يروه أحد من أهل العلم بإسناد صحيح ولا ضعيف ; ولهذا اعتمد الإمام أحمد على قول أبي ذر في الرؤية، (3) وكذلك عثمان بن سعيد الدارمي (4) .
وأما أحاديث النزول (5) إلى السماء الدنيا (6) كل ليلة فهي الأحاديث المعروفة الثابتة عند أهل العلم بالحديث (7) ، وكذلك حديث دنوه عشية
**_________
(1) الحديث في: مسلم 1/161 (كتاب الإيمان، باب في قوله عليه السلام: نور أنى أراه، وفي قوله: رأيت نورا) . وقال النووي (شرح مسلم 3/12) : " وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: نور أنى أراه، فهو بتنوين (نور) وبفتح الهمزة في (أنى) وتشديد النون وفتحها، و (أراه) بفتح الهمزة ; هكذا رواه جميع الرواة في جميع الأصول والروايات، ومعناه: حجابه نور فكيف أراه؟ ! قال الإمام أبو عبد الله المازري رحمه الله: الضمير في (أراه) عائد على الله سبحانه وتعالى، ومعناه أن النور منعني من الرؤية، كما جرت العادة بإغشاء الأنوار والأبصار ومنعها من إدراك ما حالت بين الرائي وبينه ". وانظر أيضا بقية الكلام: 12 - 13.
(2) ما: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(3) ن: في الرواية، وهو تحريف.
(4) ذكر حديث أبي ذر الدارمي في كتابه " الرد على بشر المريسي " (ط. الفقي) ، ص 57 - 58.
(5) ب، أ، ن، م: حديث النزول.
(6) ب، أ، ن، م: سماء الدنيا.
(7) سبق الكلام على أحاديث النزول 2/323 (ت 6)
============================== ==
عرفة " رواه مسلم في صحيحه (1) ، وأما النزول ليلة النصف من شعبان ففيه حديث اختلف في إسناده (2) .
ثم إن جمهور أهل السنة يقولون: إنه ينزل ولا يخلو منه العرش، كما نقل مثل ذلك عن إسحاق بن راهويه (3) وحماد بن زيد وغيرهما، ونقلوه
**_________
(1) روى مسلم في صحيحه 2/982 - 983 (كتاب الحج، باب في فضل الحج والعمرة ويوم عرفة) عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟ ". قال المنذري بعد أن أورد هذا الحديث (الترغيب والترهيب 2/327) : " رواه مسلم والنسائي وابن ماجه. وزاد في جامعه فيه: اشهدوا ملائكتي أني قد غفرت لهم ". وذكر المنذري (الترغيب والترهيب 2/323) حديثا آخر عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما من أيام عند الله أفضل من عشر ذي الحجة. قال: فقال رجل: يا رسول الله هن أفضل أم من عدتهن جهادا في سبيل الله؟ قال: هن أفضل من عدتهن جهادا في سبيل الله، وما من يوم أفضل عند الله تبارك وتعالى من يوم عرفة: ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء فيباهي بأهل الأرض من أهل السماء. . . الحديث " وقال المنذري: رواه أبو يعلى والبزار وابن خزيمة وابن حبان في صحيحه واللفظ له. وانظر أحاديث أخرى في النزول يوم عرفة في الترغيب والترهيب 2/327 - 328 ; الرد على الجهمية للدارمي، ص 35.
(2) روى الدارمي (الرد على الجهمية، ص [0 - 9] 4 - 35) وابن خزيمة (التوحيد، ص [0 - 9] ) - واللفظ له - " عن أبي بكر رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ينزل الله عز وجل ليلة النصف من شعبان إلى سماء الدنيا فيغفر لكل شيء إلا لإنسان في قلبه شحناء أو مشرك بالله " قال ابن خزيمة " ثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، قال: حدثني عمي، ثناه عمرو بن الحارث ". وانظر أحاديث أخرى في نزول ليلة النصف من شعبان في: سنن ابن ماجه 1/444 - 445 (كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء في ليلة النصف من شعبان) ; الترغيب والترهيب 2/241 - 243 ; المسند (ط المعارف) 10/166 - 167 (رقم 6642) وانظر تعليق المحقق رحمه الله.
(3) سبقت ترجمته 2/462
============================== =
عن أحمد بن حنبل في رسالته إلى مسدد (1) [يقول] (2) : " وهم متفقون على أن الله (3) ليس كمثله شيء، وأنه لا يعلم كيف ينزل، ولا تمثل صفاته بصفات خلقه ".
وقد تنازعوا في النزول هل هو [صفة] (4) فعل منفصل عن الرب في المخلوقات (5) أو فعل من يقوم به، على قولين معروفين لأهل السنة من أصحاب مالك والشافعي وأحمد (6) وأبي حنيفة وغيرهم من أهل الحديث والتصوف.
وكذلك تنازعهم في الاستواء على العرش هل هو فعل (7) منفصل عنه
**_________
(1) ب: أبي مدر ; أ: إلى مدر ; وهو تحريف. ونص ابن تيمية في رسالة " شرح حديث النزول "، ص [0 - 9] 4، على أنه مسدد بن مسرهد، وقال ص (49) إن بعض العلماء طعن في هذه الرسالة انظر: ص 49 وما بعدها، ط. مطبعة الإمام 1366/1947. ومسدد هذا هو أبو الحسن مسدد بن مسرهد بن مسربل الأسدي البصري. قال ابن حجر (تقريب التهذيب، ص [0 - 9] 42) : " ثقة حافظ، يقال إنه أول من صنف المسند بالبصرة. . . ويقال اسمه عبد الملك بن عبد العزيز ومسدد لقبه: وتوفي مسدد سنة 228. انظر ترجمته في: طبقات الحنابلة 1/341 - 345 (أورد ابن أبي يعلى في هذه الصفحات نص رسالة أحمد بن حنبل إليه) ; تذكرة الحفاظ 2/421 - 422 ; طبقات ابن سعد 7/307 ; الأعلام 8/108.
(2) يقول: في (ع) فقط. والعبارة التالية ليست في الرسالة في ترجمة مسدد في " طبقات الحنابلة ".
(3) ن: على أنه.
(4) صفة: في (ع) فقط.
(5) ب، أ: في المخلوق.
(6) وأحمد: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(7) ب، أ: يفعل
===========================
يفعله بالعرش كتقريبه إليه، أو فعل يقوم بذاته على قولين. والأول قول ابن كلاب والأشعري والقاضي أبي يعلى وأبي الحسن التميمي وأهل بيته (1) وأبي سليمان الخطابي (2) وأبي بكر البيهقي (3) وابن الزاغوني وابن عقيل (4) وغيرهم ممن يقول: إنه لا يقوم بذاته ما يتعلق بمشيئته وقدرته.
والثاني قول أئمة الحديث (5) وجمهورهم كابن المبارك وحماد بن زيد (6) والأوزاعي (7) والبخاري وحرب الكرماني (8) وابن خزيمة (9) ويحيى بن عمار السجستاني (10) وعثمان بن سعيد الدارمي (11) وابن حامد (12) وأبي بكر عبد العزيز (13) وأبي عبد الله بن منده (14) [وأبي] إسماعيل الأنصاري (15)
**_________
(1) سبق الكلام عن أبي الحسن عبد العزيز بن الحارث التميمي والتميميين 2/322.
(2) أبو سليمان أحمد بن إبراهيم البستي الخطابي سبقت ترجمته 1/313.
(3) سبقت ترجمته 2/365.
(4) سبقت ترجمة ابن عقيل وابن الزاغوني 1/142 - 143.
(5) ب، أ: أئمة أهل الحديث.
(6) سبقت ترجمتهما 2/143، 144.
(7) سبقت ترجمته 2/462.
(8) سبقت ترجمته 1/433.
(9) سبقت ترجمته 2/365.
(10) أبو زكريا يحيى بن عمار السجستاني، الواعظ نزيل هراة، كان بارعا في التفسير والسنة، توفي 422. انظر ترجمته في العبر للذهبي 3/151 ; شذرات الذهب 3/326.
(11) سبقت ترجمته 1/433، 2/364.
(12) سبقت ترجمته 1/433.
(13) سبقت ترجمته 1/434.
(14) سبقت ترجمته 1/435.
(15) ب، أ: وإسماعيل الأنصاري. وسبقت ترجمته 1/433، 2/610
============================== =
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (171)
صـ 641 إلى صـ 648
وغيرهم، وليس هذا موضعا لبسط الكلام في هذه المسائل، وإنما المقصود التنبيه على أن ما ذكره هذا مما يعلم العقلاء أنه لا يقوله أحد من علماء أهل السنة، ولا يعرف أنه قاله لا جاهل ولا عالم، بل الكذب عليه ظاهر.
**[قول ابن المطهر إن قول الكرامية بالجهة يعني الحدوث والاحتياج إلى جهة ورد ابن تيمية]
(فصل) قال الرافضي المصنف: (1) " وقالت الكرامية: إن الله (2) في جهة فوق ; ولم يعلموا أن كل ما هو في جهة (3) [فهو محدث] (4) ومحتاج إلى تلك الجهة ".
فيقال له أولا: لا الكرامية ولا غيرهم يقولون: إنه في جهة موجودة تحيط به (5) أو يحتاج إليها، بل كلهم متفقون على أن الله تعالى غني (6) عن كل ما سواه: سمي جهة أو لم يسم (7) .
نعم قد يقولون: " هو في جهة " ويعنون بذلك أنه فوق العالم، فهذا مذهب الكرامية وغيرهم (8) ، وهو أيضا مذهب أئمة الشيعة وقدمائهم (9) كما
**_________
(1) في (ك) منهاج الكرامة 1/85 (م) .
(2) ك: الله تعالى.
(3) ك (فقط) : كل ما هو في جهة فوق.
(4) فهو محدث: ساقطة من (ن) فقط.
(5) ب، أ: يحيط بها، وهو خطأ.
(6) ب، أ: على أن الله تعالى مستغن ; ن، م: على أنه غني.
(7) ب، أ: سمي جهة أو لم يسم جهة ; ن: سواء سمي جهة أو لم يسم.
(8) ب أ: يعنون بذلك أنه فوق، قيل له: هذا مذهب الكرامية وغيرهم.
(9) وقدمائهم: ساقطة من (ب) ، (أ)
============================== ======
تقدم ذكره، وأنت لم تذكر حجة على إبطاله، فمن شنع على الناس بمذاهبهم (1) ، فلا بد أن يشير إلى إبطاله (2) ، وجمهور الخلق (3) على أن الله فوق العالم، وإن كان أحدهم لا يلفظ بلفظ " الجهة " فهم يعتقدون بقلوبهم [ويقولون] (4) بألسنتهم أن (5) ربهم فوق، ويقولون إن هذا أمر فطروا عليه وجبلوا عليه، كما قال الشيخ أبو جعفر الهمذاني (6) لبعض
**_________
(1) ب: فمن شنع على مذهبهم ; أ: فمن شنع على مذاهبهم.
(2) ب، أ: إلى بطلانه.
(3) ب، أ: وجمهور الخلف.
(4) ويقولون: ساقطة من (ن) فقط.
(5) أن: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(6) ن، م: أبو الفضل الهمداني ; ب، أ: أبو جعفر الهمداني. وذكر الذهبي في " العبر " 4/85 في وفيات سنة 531: " أبا جعفر الهمذاني محمد بن أبي علي الحسن بن محمد الحافظ الصدوق. رحل وروى عن ابن النقور وأبي صالح المؤذن والفضل بن المحب وطبقتهم بخراسان والعراق والحجاز. قال ابن السمعاني: ما أعرف أن في عصره أحدا سمع أكثر منه. توفي في ذي القعدة " ونقل هذا الكلام ابن العماد في " شذرات الذهب " 4/97 وزاد بقوله: وقال ناصر الدين: كان حافظا من المكثرين "، كما نقل بعضه اليافعي في " مرآة الجنان " 3/259، ولكنهما جعلا نسبته: الهمداني، بالدال المهملة. وفي " المنتقى من منهاج الاعتدال " ذكر الذهبي العبارة كما يلي: " كما قال أبو جعفر الهمداني لأبي المعالي. . . إلخ ". وقد ورد في " طبقات الشافعية " للسبكي وفي ترجمة الجويني في كتاب " مختصر العلو للعلي الغفار " للذهبي (ط. المكتب الإسلامي، دمشق، 1/1401 \ 1981 (بتحقيق الألباني) ما يثبت أن الحوار التالي دار بين الجويني وبين أبي جعفر الهمذاني ; ففي " طبقات الشافعية "، 5/190: ". . . عن أبي العلاء الحافظ الهمذاني أخبره، قال: أخبرني أبو جعفر الهمذاني الحافظ، قال: سمعت أبا المعالي الجويني وقد سئل عن قوله تعالى: (الرحمن على العرش استوى) فقال: كان الله ولا عرش، وجعل يتخبط في الكلام، فقلت: قد علمنا ما أشرت إليه فهل عند الضرورات من حيلة؟ فقال: ما تريد بهذا القول وما تعني بهذه الإشارة؟ قلت: ما قال عارف قط يا رباه إلا قبل أن يتحرك لسانه قام من باطنه قصد لا يتلفت يمنة ولا يسرة يقصد الفوقية. فهل لهذا القصد الضروري عندك من حيلة؟ فبينها نتخلص من الفوق والتحت. وبكيت وبكى الخلق، فضرب بيده على السرير وصاح بالحيرة وخرق ما كان عليه، وصارت قيامة في المسجد فنزل ولم يجبني إلا بتأفيف الدهشة والحيرة، وسمعت بعد هذا من أصحابه يقولون: سمعناه يقول: حيرني الهمذاني، انتهى ". وانظر: مختصر العلو للعلي الغفار، ص 276 - 277
============================== =====
من أخذ ينكر الاستواء ويقولون (1) : لو استوى على العرش لقامت به الحوادث، فقال أبو جعفر (2) ما معناه: إن الاستواء علم بالسمع، ولو لم يرد به لم نعرفه، وأنت قد تتأوله، فدعنا من هذا وأخبرنا عن هذه الضرورة التي نجدها في قلوبنا، فإنه ما قال عارف قط: يا الله، إلا وقبل أن ينطق بلسانه (3) ، يجد في قلبه معنى يطلب العلو لا يلتفت يمنة ولا يسرة، فهل عندك من حيلة في دفع هذه الضرورة عن قلوبنا؟ فلطم المتكلم رأسه (4) وقال: حيرني الهمداني، [حيرني الهمداني، حيرني الهمداني] (5) .
ومضمون كلامه (6) أن دليلك على النفي لو صح فهو (7) نظري، ونحن نجد عندنا علما ضروريا بهذا (8) ، فنحن مضطرون إلى هذا العلم (9) وإلى
**_________
(1) ب، أ: ويقول.
(2) ع، ن، م: أبو الفضل.
(3) ب، أ، ن، م: ينطق لسانه.
(4) ب: رأيته، وهو خطأ. والكلمة في (أ) غير واضحة.
(5) ما بين المعقوفتين في (ع) .
(6) ب، أ: ومعنى كلامه.
(7) عبارة " لو صح فهو ": ساقطة من (ع) ، (أ) ، (ب) .
(8) ع: ونحن عندنا علم ضروري بهذا.
(9) ن: إلى العلم بالإثبات ; م: إلى هذا الإثبات
============================== ====
هذا القصد، فهل عندك [من] حيلة (1) في دفع هذا العلم الضروري والقصد الضروري الذي يلزمنا لزوما لا يمكننا دفعه عن أنفسنا ; ثم بعد ذلك قرر نقيضه.
وأما دفع الضروريات بالنظريات فغير ممكن، لأن النظريات (2) غايتها أن يحتج عليها بمقدمات ضرورية. فالضروريات أصل النظريات، فلو قدح في الضروريات بالنظريات لكان ذلك قدحا في أصل النظريات، فتبطل الضروريات والنظريات، (3 فيلزمنا بطلان قدحه على كل تقدير 3) (3) ، إذ كان قدح الفرع في أصله يقتضي فساده في نفسه، وإذا فسد بطل قدحه، (* فيكون قدحه باطلا على [تقدير] صحته (4) وعلى تقدير فساده *) (5) ، فإن صحته مستلزمة لصحة أصله، فإذا صح كان أصله صحيحا، وفساده لا يستلزم فساد أصله، إذ قد يكون الفساد منه، ولو قدح في أصله للزم فساده، وإذا كان فاسدا لم يقبل قدحه، فلا يقبل قدحه بحال.
(* وهذا [لأن] (6) الدليل النظري الموقوف على مقدمات وعلى تأليفها قد يكون فساده من فساد هذه المقدمة، ومن فساد الأخرى، ومن فساد النظم، فلا يلزم إذا كان باطلا أن يبطل كل واحد من المقدمات، بخلاف المقدمات، فإنه متى كان واحد منها باطلا بطل الدليل *) (7) .
**_________
(1) ع: فهل عندك علم ; ب، أ، ن، م: فهل عندك حيلة.
(2) ن: الضروريات.
(3) : (3 - 3) ساقط من (ب) ، (أ) .
(4) ن: على صحة.
(5) ما بين النجمتين ساقط من (ن) فقط.
(6) لأن: ساقطة من (ن) ، (م) .
(7) ما بين النجمتين ساقط ساقط من (ب) ، (أ)
============================== ==========
وأيضا، فإن هؤلاء قرروا ذلك (1) بأدلة عقلية، كقولهم: كل موجودين إما متباينان وإما متداخلان (2) ، وقالوا: إن العلم بذلك ضروري، وقالوا: إثبات موجود لا يشار إليه مكابرة للحس والعقل.
وأيضا، فمن المعلوم أن القرآن نطق (3) بالعلو في مواضع كثيرة [جدا] (4) ، حتى قد قيل (5) إنها نحو (6) ثلاثمائة موضع، والسنن متواترة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بمثل ذلك، وكلام السلف المنقول عنهم بالتواتر يقتضي اتفاقهم على ذلك وأنه لم يكن فيهم (7) من ينكره.
ومن يريد التشنيع على الناس، ودفع هذه الأدلة الشرعية والعقلية لا بد أن يذكر حجة. ولنفرض أنه لا يناظره إلا أئمة أصحابه (8) ، وهو لم يذكر دليلا إلا قوله: " ولم يعلموا أن كل ما هو في جهة فهو محدث ومحتاج إلى تلك الجهة ".
فيقال له: لم يعلموا ذلك ولم تذكر ما به يعلم ذلك (9) ، فإن قولك: ما هو محتاج إلى تلك الجهة، إنما يستقيم إذا كانت الجهة أمرا وجوديا وكانت لازمة له لا يستغني عنها، فلا ريب أن من قال: إن الباري لا يقوم
**_________
(1) ب، أ: قرروا في ذلك، وهو خطأ.
(2) ع، أ: إما متباينين وإما متداخلين ; ن، م: إما متباينين أو متداخلين.
(3) ب، أ، ن، م: ينطق.
(4) جدا: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) ع، م: حتى قيل.
(6) نحو: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(7) ب، أ: وإن لم يكن فيهم. وسقطت " يكن " من (ع) .
(8) أصحابه: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(9) ب: ما به يعلمون ذلك ; أ: ما به يعلموا ذلك
============================== ========
إلا بمحل يحل فيه لا يستغني عن ذلك وهي مستغنية عنه، فقد جعله محتاجا إلى غيره، وهذا لم يقله أحد.
وأيضا لم نعلم أحدا قال: إنه محتاج إلى شيء من مخلوقاته، فضلا عن أن يكون محتاجا إلى غير مخلوقاته. ولا يقول أحد: إن الله محتاج إلى العرش، مع أنه خالق العرش، والمخلوق مفتقر إلى الخالق، لا يفتقر الخالق إلى المخلوق، وبقدرته قام العرش وسائر المخلوقات، وهو الغني عن العرش، وكل ما سواه فقير إليه.
فمن فهم عن الكرامية وغيرهم من طوائف الإثبات أنهم يقولون: إن الله محتاج إلى العرش فقد افترى عليهم، كيف وهم يقولون: إنه كان موجودا قبل العرش؟ فإذا كان موجودا قائما بنفسه قبل العرش لا يكون إلا مستغنيا عن العرش.
وإذا كان الله فوق العرش لم يجب أن يكون محتاجا إليه، فإن الله قد خلق العالم بعضه فوق بعض، ولم يجعل عاليه محتاجا إلى سافله، فالهواء فوق الأرض وليس محتاجا إليها، وكذلك السحاب فوقها وليس محتاجا إليها، وكذلك السماوات فوق السحاب والهواء والأرض وليست محتاجة إلى ذلك، فكيف يكون العلي الأعلى خالق كل شيء محتاجا إلى مخلوقاته (1) لكونه فوقها عاليا عليها؟ !
**_________
(1) نقل مستجي زاده كلام ابن تيمية الذي يبدأ بقوله: فمن فهم عن الكرامية إلى هذا الموضع، ثم كتب التعليق التالي: " قلت أنا: ولا شك أن سلفنا الصالحين مثل الصحابة والتابعين ومتبعي التابعين أتقى الناس وأورعهم، وأشدهم اتباعا لرسول الله واقتداء به، وأعرفهم لمراد الله ورسوله، فهم عن آخرهم مجمعون على أنه تعالى على عرشه بذاته، وكذلك المجتهدون مثل إمامنا أبي حنيفة والإمام الشافعي والإمام مالك والإمام أحمد وغيرهم مجمعون ومتفقون على أنه تعالى فوق عرشه بذاته، وأن القول بالتأويل والاستيلاء إنما حدث بعد رجل خبيث جاء في عصر بني أمية، فشاعت فتنة الجهمية بعد هذا الخبيث في الناس، حتى ينقل عن هذا الخبيث أنه كان يقول: وددت أني لو محوت قوله تعالى: (الرحمن على العرش استوى) عن القرآن. فانظر إلى جسارة هذا الخبيث وغلوه في التنزيه! وقد ذكر الخطيب في تاريخه الكبير أن أبا يوسف يروي عن الإمام أبي حنيفة أنه قال: إن سليمان الأعمش أخلف رجلين خبيثين: أحدهما مقاتل بن سليمان حيث إنه يقول بأنه تعالى من قبيل الأجسام، والآخر جهم بن صفوان حيث جعله سبحانه وتعالى من قبيل لا شيء "
============================== =======
ونحن نعلم أن الله خالق كل شيء، وأنه لا حول ولا قوة إلا به، وأن القوة التي في العرش وفي حملة العرش هو خالقها، بل نقول: إنه خالق أفعال (1) الملائكة الحاملين للعرش (2) ; فإذا كان هو الخالق لهذا كله، ولا حول ولا قوة إلا به، امتنع أن يكون محتاجا إلى غيره.
ولو احتج عليه سلفه مثل يونس [بن عبد الرحمن] القمي (3) وأمثاله ممن يقول بأن العرش يحمله بمثل هذا، لم يكن له (4) عليهم حجة، فإنهم يقولون: لم نقل إنه محتاج إلى غيره، بل ما زال غنيا عن العرش وغيره، ولكن قلنا: إنه على كل شيء قدير، فإذا جعلناه قادرا على هذا، كان ذلك وصفا له بكمال الاقتدار، لا بالحاجة إلى الأغيار.
**_________
(1) ن، م: لأفعال.
(2) للعرش: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) في جميع النسخ: علي بن يونس القمي، وهو سهو من ابن تيمية أو من الناسخ. وسبقت ترجمة يونس بن عبد الرحمن القمي 1/71، 2/235 وفي هذا الموضع الأخير نقل ابن تيمية عن " المقالات " للأشعري كلامه عن حملة العرش.
(4) له: ساقطة من (ب) ، (أ)
============================== ==
وقد قدمنا فيما مضى أن لفظ " الجهة " يراد به أمر موجود وأمر معدوم ; فمن قال: إنه فوق العالم كله، لم يقل: إنه في جهة موجودة، إلا أن يراد (1) بالجهة (* العرش، ويراد بكونه فيها أنه عليها، كما قد (2) قيل في قوله: إنه في السماء، أي على السماء.
وعلى هذا التقدير فإذا كان فوق الموجودات كلها، وهو غني عنها، لم يكن عنده جهة وجودية يكن فيها، فضلا عن أن يحتاج إليها.
وإن أريد بالجهة *) (3) ما فوق العالم، فذاك ليس بشيء، ولا هو أمر موجود (4) حتى يقال: إنه محتاج إليه أو غير محتاج إليه. وهؤلاء أخذوا لفظ الجهة بالاشتراك وتوهموا وأوهموا أنه (5) إذا كان في جهة كان في [كل] (6) شيء غيره، كما يكون الإنسان في بيته [وكما يكون الشمس والقمر والكواكب في السماء] (7) ، ثم رتبوا على ذلك أنه يكون محتاجا إلى غيره، والله تعالى غني عن كل ما سواه، وهذه مقدمات كلها باطلة.
وكذلك قوله: " كل ما هو في جهة فهو محدث " لم يذكر عليه دليلا، وغايته (8) ما تقدم من أن [الله] (9) لو كان في جهة لكان جسما، وكل جسم
**_________
(1) ن، م: يريد.
(2) قد: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
(4) ب، أ: وجودي.
(5) أنه: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(6) كل: ساقطة من (ن) ، (م) .
(7) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
(8) ن، م، ع: وغايتهم.
(9) ن، م، أ، ب: من أنه
============================== =====
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثالث
الحلقة (172)
صـ 5 إلى صـ 10
محدث، لأن الجسم لا يخلو من الحوادث [وما لا يخلو من الحوادث] (1) فهو حادث.
وكل هذه المقدمات فيها نزاع: فمن الناس من يقول: قد يكون في الجهة ما ليس بجسم ; فإذا قيل له: هذا خلاف المعقول، قال: هذا أقرب إلى العقل من قول من يقول: إنه لا داخل العالم ولا خارجه، فإن قبل العقل ذاك قبل هذا بطريق الأولى، وإن رد هذا رد ذاك بطريق الأولى، وإذا رد ذاك تعين أن يكون في الجهة، [فثبت أنه في الجهة] (2) على التقديرين.
ومن الناس من لا يسلم أن كل جسم محدث، كسلفه من الشيعة والكرامية وغيرهم، والكلام معهم.
وهؤلاء لا يسلمون [له] (3) أن الجسم لا يخلو من الحوادث، بل يجوز عندهم خلو الجسم عن الحركة وكل حادث، كما يجوز منازعوهم خلو الصانع من الفعل إلى أن فعل (4) .
وكثير من أهل الحديث والكلام والفلسفة (5) ينازعهم (6) في قولهم: إن ما لا يخلو عن الحادث (7) فهو حادث.
**_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (ب) .
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(3) له: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) ن، م: إلى أن يفعل.
(5) ب، أ: من أهل الكلام والفلسفة.
(6) ب (فقط) : ينازعونهم.
(7) ن، م: الحوادث
============================== ====
وكل مقام من هذه المقامات تعجز شيوخ الرافضة [الموافقين] للمعتزلة (1) عن تقرير قولهم فيه على إخوانهم القدماء من [الرافضة] (2) فضلا، عن غيرهم من الطوائف.
تم الجزء الثاني بحمد الله ويليه الجزء الثالث إن شاء الله وأوله: (فصل) : قال الرافضي: وذهب آخرون إلى أن الله تعالى لا يقدر على مثل مقدور العبد.
**_________
(1) ب، أ، ن، م: شيوخ الرافضة والمعتزلة.
(2) من الرافضة: في (ع) فقط
=============================
**[فصل قول الرافضي إن الله تعالى لا يقدر على مثل مقدور العباد والرد عليه]
فصل.
قال الرافضي (1) : " وذهب آخرون إلى أن الله تعالى لا يقدر على مثل مقدور العباد " (2) .
فيقال له: هذه المسألة من دقيق الكلام، وليست من خصائص أهل السنة ولا القائلون (3) بخلافة الخلفاء متفقون عليها (4) [بل بعض القدرية يقول بذلك، وأما أهل السنة المثبتون للقدر فليس فيهم من يقول بذلك، وإنما يقوله من يقوله من شيوخ القدرية الذين هم شيوخ هؤلاء الإمامية المتأخرين في مسائل التوحيد والعدل (5) ، (فإن جميع ما يذكره هؤلاء الإمامية المتأخرون في مسائل التوحيد والعدل) (6) ، كابن النعمان والموسوي الملقب بالمرتضى وأبي جعفر الطوسي (7) وغيرهم، هو (8) مأخوذ من
**_________
(1) قال الرافضي: كذا في (ع) والكلام التالي في (ك) منهاج الكرامة، ص 85 (م)
(2) ب: العبد ; م: على مثل مقدورات العباد، وفي (أ) سقطت عبارة: لا يقدر على مثل مقدور العباد ; وفي (ك) في 85 (م) : على مثل مقدور العبد، وآخرون إلى أنه لا يقدر على عين مقدور العبد، وليست " تعالى " في ك.
(3) ع: ولا القائلين
(4) الكلام بعد عبارة (متفقون عليها) وإلى بداية الفصل التالي ساقط من (ن) وفي (م) عبارة واحدة بدلا من كل الكلام التالي وهي: بل منهم من يقول بذلك ومنهم من لا يقول به
(5) ع: العدل والتوحيد
(6) ما بين القوسين في (ع) فقط.
(7) ابن النعمان هو محمد بن محمد بن النعمان بن عبد السلام البغدادي الملقب بالشيخ المفيد. والمرتضى هو علي بن الحسين بن موسى بن محمد، والطوسي هو أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي شيخ الإمامية ورئيس الطائفة وسبقت ترجمة الثلاثة 1/58، 2/83
(8) هو: كذا في (أ) وفي (ب) : وهو ; و " هو " ساقطة من (ع)
==============================
كتب المعتزلة، بل كثير منه منقول نقل المسطرة وبعضه قد تصرفوا فيه.
وكذلك ما يذكرونه من (1) تفسير القرآن في آيات الصفات والقدر ونحو ذلك، هو منقول من تفاسير المعتزلة كالأصم (2) والجبائي (3) وعبد الجبار بن أحمد الهمذاني (4) والرماني (5) وأبي مسلم الأصبهاني (6) وغيرهم، لا ينقل عن قدماء الإمامية من هذا حرف واحد، لا في الأصول العقلية ولا في
**_________
(1) من: كذا في (ع) وفي (ب) ، (أ) : في.
(2) ب، أ: كالاسم، وهو تحريف، وهو أبو بكر عبد الرحمن بن كيسان الأصم، ذكره القاضي عبد الجبار ضمن الطبقة السادسة من طبقات المعتزلة في كتابه: (فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة) ص 267 - 268، تحقيق الأستاذ فؤاد سيد، طبعة الدار التونسية للنشر، تونس 1393 1974 وسبقت ترجمة الأصم والكلام على آرائه 2/569.
(3) يطلق اسم الجبائي على أبي علي محمد بن عبد الوهاب، والفرقة التي تنسب إليه هي الجبائية، سبق الكلام عليه 1/395، كما يطلق على ابنه أبي هاشم عبد السلام بن أبي علي محمد، والفرقة التي تنتسب إليه هي البهشمية، وسبق الكلام عليه 1/270، 2/124، وذكر القاضي عبد الجبار أبا علي ضمن الطبقة الثامنة في المرجع الذي سبق ذكره، ص 287 - 296، وذكر ابنه أبا هاشم في الطبقة التاسعة، ص 304 - 308.
(4) هو القاضي أبو الحسين عبد الجبار بن أحمد الهمذاني الأسدآبادي، المتوفى سنة 415، سبقت ترجمته 1/15، وانظر ترجمته أيضا في كتاب " فضل الاعتزال " ص 121 - 127، وانظر كتاب (قاضي القضاة عبد الجبار بن أحمد الهمذاني) تأليف الدكتور عبد الكريم عثمان (رحمه الله) ، ط. دار العربية، بيروت 1386 1967.
(5) أبو الحسن علي بن عيسى بن علي بن عبد الله الرماني، من مفسري المعتزلة، ومن كبار النحاة، ولد ببغداد سنة 296 وتوفي بها 384، انظر ترجمته في: المنية والأمل لابن المرتضى، ص 65 - 66، فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة، ص 333 ; بغية الوعاة للسيوطي، 344 - 345 ط الخانجي، 1326، وفيات الأعيان 2/461، تاريخ بغداد 12/16 - 17، الأعلام 5/134.
(6) هو أبو مسلم محمد بن بحر الأصفهاني، ذكره القاضي عبد الجبار في كتابه المشار إليه مرتين ص 299، 323: وذكره ابن المرتضى اليماني في ((المنية والأمل)) ص 53، وقال عنه: ((صاحب التفسير والعلم الكبير)) وقد ولد الأصفهاني عام 254 وتوفي سنة 322، وله شعر، وولي أصفهان وبلاد فارس للمقتدر العباسي، وانظر ترجمته في الأعلام 6/273، معجم المؤلفين 9/97 لسان الميزان 5/89 ; بغية الوعاة للسيوطي ص 23، وقد علق مستجى زاده عند هذا الموضع بقوله: ((وعندي تفسير يقال له تفسير (الكلمة غير واضحة) ينقل عن الأصم والجبائي، وقد كان الإمام الرازي ينقل في تفسيره الكبير عن أبي مسلم الأصفهاني أشياء ويستحسن أكثرها ويروجها ويؤيدها حتى إنه نقل عنه في تفسير قوله تعالى رب أرني كيف تحي الموتى كلمات هي خارجة عن إجماع المسلمين، بل عن إجماع اليهود والنصارى، واستحسنها الإمام وأيدها، وقد بينت فسادها وبطلانها وكونها خارقة لإجماع أهل التفسير في حاشيتي على تفسير القاضي))
============================== =========
تفسير القرآن، وقدماؤهم كانوا أكثر اجتماعا بالأئمة من متأخريهم، يجتمعون بجعفر الصادق وغيره، فإن كان هذا هو الحق فقدماؤهم كلهم ضلال، وإن كان ضلالا (1) فمتأخروهم هم الضلال] (2) .
**[فصل كلام الرافضي في القضاء والقدر أن الله عز وجل يفعل القبائح]
[فصل] قال الرافضي (3) : " وذهب الأكثر منهم إلى أن الله عز وجل (4) يفعل القبائح، وأن جميع أنواع المعاصي والكفر وأنواع الفساد واقعة بقضاء الله وقدره، وأن العبد لا تأثير له في ذلك، وأنه لا غرض لله في أفعاله، وأنه لا يفعل (5) لمصلحة العباد (6) شيئا،
**_________
(1) ع: وإن كانوا ضلالا.
(2) هنا ينتهي السقط في نسختي (ن) ، (م) .
(3) ن، م: الإمامي. والكلام التالي في (ك) ص [0 - 9] 5 (م) .
(4) عز وجل: في (ع) فقط، وفي (ك) : إلى أنه تعالى.
(5) ك: ولا يفعل.
(6) ن، م: العبد
============================== ===
وأنه تعالى يريد المعاصي من الكافر ولا يريد منه الطاعة وهذا يستلزم أشياء شنيعة ".
فيقال: الكلام على هذا من وجوه.
أحدها: أنه قد تقدم غير مرة أن مسائل القدر والتعديل والتجوير (1) ليست ملزومة (2) لمسائل الإمامة ولا لازمة، فإن كثيرا من الناس يقر بإمامة الخلفاء الثلاثة، ويقول (3) ما قاله في القدر، وكثير من الناس بالعكس، وليس أحد من الناس (4) مرتبطا بالآخر أصلا وقد تقدم النقل (5) عن الإمامية: هل أفعال العباد خلق الله [تعالى] ؟ على قولين (6) ، وكذلك الزيدية.
قال الأشعري (7) : " واختلفت الزيدية في [خلق] الأفعال (8) وهم فرقتان: فالفرقة الأولى منهم يزعمون أن أفعال (9) العباد مخلوقة لله، خلقها وأبدعها واخترعها بعد أن لم تكن، فهي (10) محدثة له مخترعة. والفرقة الثانية
**_________
(1) ب، أ، ع، م: والتجويز، وهو خطأ.
(2) ب، أ: مستلزمة.
(3) ب، أ: ويقولون.
(4) ع: وليس واحد من الناس، م: وليس أحد التأثير، وهو تحريف.
(5) النقل: ساقطة من (ب) ، (أ) ، وفي (م) : العقل وهو تحريف.
(6) ن، م: خلق لله على قولين.
(7) في مقالات الإسلاميين (ط ريتر، استانبول، 1929) 1/72.
(8) ن، م: في الأفعال ; المقالات: في خلق الأعمال.
(9) المقالات: أعمال.
(10) ع: وهي
============================== ==
منهم يزعمون أنها غير مخلوقة لله (1) ولا محدثة، وأنها كسب (2) للعباد (3) أحدثوها واخترعوها [وابتدعوها] (4) وفعلوها ".
قلت: بل غالب الشيعة الأولى كانوا مثبتين للقدر، وإنما ظهر إنكاره في متأخريهم كإنكار الصفات، فإن غالب متقدميهم كانوا يقرون بإثبات الصفات، والمنقول عن أهل البيت في إثبات الصفات والقدر لا يكاد يحصى، وأما المقرون بإمامة الخلفاء [الثلاثة] (5) مع كونهم قدرية فكثيرون في (6) المعتزلة وغير المعتزلة. (7) فعامة القدرية تقر بإمامة الخلفاء (8) ، ولا يعرف أحد من متقدمي القدرية كان ينكر خلافة الخلفاء، وإنما ظهر هذا لما صار بعض الناس رافضيا قدريا جهميا، فجمع أصول البدع كصاحب هذا الكتاب وأمثاله.
والزيدية المقرون (9) بخلافة الخلفاء الثلاثة هم (10) من الشيعة، وفيهم قدرية وغير قدرية، والزيدية خير من الإمامية، وأشبههم بالإمامية هم (11)
**_________
(1) لله: كذا في (ع) ، (أ) ، و ((المقالات)) وفي (ن) ، (م) : لله تعالى وفي (ب) : له.
(2) المقالات: ولا محدثة له مخترعة وإنما هي كسب.
(3) للعباد: كذا في (ع) ، (ن) ، (م) والمقالات: وفي: أ: العبد، ب: العبيد.
(4) وابتدعوها: ساقطة من (ن) . وفي المقالات: وأبدعوها. وفي (م) : أحدثوها واخترعوها وفعلوها وأبدعوها.
(5) الثلاثة: ساقطة من (ن) ، (م) ، (ع) .
(6) ب، أ: من.
(7) وغير المعتزلة: زيادة في (ن) ، وفي (م) : وغيرهم.
(8) ب، أ: يقرون بخلافة الخلفاء: م: مقرون بإمامة الخلفاء.
(9) ب (فقط) : مقرون.
(10) ب، أ: وهم.
(11) هم: ساقطة من (ع) ، (م)
============================== ==
الجارودية أتباع أبي الجارود (1)
الذين يزعمون (2) أن النبي صلى الله عليه وسلم نص على علي [بالوصف لا بالتسمية، فكان هو الإمام من بعده] (3) ، وأن الناس ضلوا وكفروا بتركهم الاقتداء به بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم الحسن هو الإمام، ثم الحسين.
ثم من هؤلاء من يقول: إن عليا نص على إمامة الحسن، والحسن نص على إمامة الحسين، ثم هي شورى في ولدهما، فمن خرج منهم يدعو إلى سبيل ربه، وكان عالما (4) فاضلا، فهو الإمام (5)
**_________
(1) ب، أ، ن، م: ابن الجارود ; ع: ابن أبي الجارود. والصواب ما أثبته، وهو أبو الجارود زياد بن أبي زياد المنذر الهمذاني الخراساني العبدي ويكنى أبا النجم ويقال له أحيانا النهدي والثقفي الكوفي توفي ما بين سنة 150، 160 هـ، وهو رأس فرقة الجارودية من الزيدية. ويذكر الشهرستاني أن جعفر الصادق سماه سرحوبا، وفسر الباقر ذلك بأن سرحوبا شيطان أعمى يسكن البحر، وكان أبو الجارود - كما يقول النوبختي - أعمى البصر أعمى القلب. ويزعم الجارودية أن النبي صلى الله عليه وسلم نص على علي بالوصف دون التسمية، فكان الإمام من بعده، وأن الناس ضلوا وكفروا بتركهم الاقتداء به بعد الرسول صلى الله عليه وسلم. والإمام بعد علي عندهم هو الحسن ثم الحسين، ثم إن الإمامة شورى في أولاد الحسن والحسين، وقال الجارودية بالمهدية، وقال بعضهم: إن علم أولاد الحسن والحسين كعلم النبي صلى الله عليه وسلم.
انظر عن الجارود والجارودية: فرق الشيعة للنوبختي (ط. الحيدرية، النجف، 1379/1959) ص 75 - 78؛ مقالات الإسلاميين 1/66 - 67؛ الملل والنحل 1/140 - 141؛ الفرق بين الفرق، ص 22 - 24؛ نشأة الفكر الفلسفي لعلي سامي النشار 2/177 - 181.
(2) ب، أ: الذين زعموا.
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(4) عالما: ساقطة من (ب) ، وفي (أ) : وكان فصلا، وهو تحريف.
(5) ب، أ: فهو إمام
============================== ====
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثالث
الحلقة (173)
صـ 11 إلى صـ 18
والفرقة الثانية (1) من الزيدية: السليمانية أصحاب (2) سليمان بن جرير، يزعمون أن الإمامة شورى، وأنها تصلح (3) بعقد رجلين من خيار المسلمين، وأنها قد تصلح في المفضول (4) ، وإن كان الفاضل أفضل في كل حال، ويثبتون إمامة الشيخين أبي بكر وعمر، وقد قيل إنها كانت خطأ لا يفسق صاحبها لأجل التأويل (5) .
والثالثة: (6) البترية أصحاب كثير النواء، قيل: (7) سموا بترية ; لأن كثيرا (8) كان يلقب بالأبتر. يزعمون أن عليا أفضل الناس (9) بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأولاهم بالإمامة، وأن بيعة أبي بكر وعمر ليست بخطأ ; لأن عليا ترك ذلك لهما، ويقفون في عثمان وقتله، ولا يقدمون عليه بإكفار، كما يحكى عن السليمانية. وهذه الطائفة أمثل الشيعة، [ويسمون
**_________
(1) م، ن: الثالثة.
(2) م فقط: هم السليمانية أتباع. . .
(3) م فقط: وأن الإمامة تصلح. . .
(4) ب، أ: للمفضول.
(5) السليمانية أو الجريرية أصحاب سليمان بن جرير الرقي، وقد ظهر في أيام المنصور، ومن آرائهم زيادة على ما ذكره ابن تيمية: أن سليمان طعن في عثمان رضي الله عنه للأحداث التي أحدثها وأكفره بذلك، وأكفر عائشة والزبير وطلحة رضي الله عنهم لإقدامهم على قتال علي رضي الله عنه، وطعن سليمان في الإمامية الرافضة في أمور. انظر عن سليمان والسليمانية أو الجريرية: فرق الشيعة للنوبختي، ص 30، 85 - 87، مقالات الإسلاميين 1/68، 70، 71 - 72، 73 ; الفرق بين الفرق، ص 24، الملل والنحل 1/141 - 142، نشأة الفكر الفلسفي 2/186 - 188.
(6) م فقط: والرابعة.
(7) ب، أ: الكثيرية أصحاب كثير التوصل ; ن، م: البترية: أصحاب النواقيل.
(8) ب (فقط) : سموا أبترية لأن كثيرا منهم وهو خطأ.
(9) ع فقط: أن عليا كان أفضل الناس
============================== =
أيضا الصالحية ; لأنهم ينسبون (1) إلى الحسن بن صالح بن حي الفقيه] (2) .
وهؤلاء الزيدية فيهم من هو في القدر على قول أهل السنة والجماعة وفيهم من هو على قول القدرية.
الوجه الثاني: أن يقال: نقله عن الأكثر أن العبد لا تأثير له في الكفر والمعاصي نقل باطل، بل جمهور أهل السنة المثبتة (3) للقدر من جميع الطوائف يقولون (4) : " إن العبد فاعل لفعله (5) حقيقة، وأن له قدرة حقيقية واستطاعة حقيقية، وهم لا ينكرون تأثير الأسباب الطبيعية، بل يقرون بما دل عليه الشرع والعقل (6) من أن الله يخلق السحاب بالرياح، وينزل الماء بالسحاب، وينبت النبات بالماء، ولا يقولون: إن القوى والطبائع (7) الموجودة في المخلوقات لا تأثير لها، بل يقرون أن لها تأثيرا (8) لفظا ومعنى، حتى جاء لفظ " الأثر " في (* مثل قوله تعالى {ونكتب ما قدموا وآثارهم}
**_________
(1) ع فقط: ينتسبون.
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) والبترية هم أصحاب كثير النواء الأبتر، ويتفقون مع الصالحية في مذهبهم، وانظر عن البترية والصالحية: فرق الشيعة ص 34 - 35، 77 - 78 مقالات الإسلاميين 1/68 - 69 الفرق بين الفرق، ص 24 - 25، الملل والنحل 1/142 - 143 نشأة الفكر الفلسفي 2/182 - 168.
(3) ع: المثبتون.
(4) ع: يقول، ن: تقول. وفي (م) الياء غير المعجمة.
(5) لفعله: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(6) أ: بما يدل عليه، والعقل: ب: بما يدل عليه العقل.
(7) ب: قوى الطبائع، أ: القوى الطبائع.
(8) م: بل يقولون إن لها أثرا، ن: بل يقرون إن لها أثرا
============================== =====
[سورة يس: 12] ، وإن كان التأثير هناك أعم منه في الآية، لكن يقولون: هذا التأثير هو تأثير الأسباب في مسبباتها، والله تعالى *) (1) خالق السبب والمسبب، ومع أنه خالق السبب فلا بد له من سبب آخر يشاركه، ولا بد له من معارض يمانعه، فلا يتم أثره مع خلق الله له إلا بأن يخلق الله (2) السبب الآخر ويزيل الموانع (3) .
ولكن هذا القول الذي حكاه هو قول بعض المثبتة للقدر كالأشعري، ومن وافقه من الفقهاء من أصحاب مالك والشافعي وأحمد، حيث لا يثبتون في المخلوقات قوى ولا طبائع (4) ، ويقولون إن الله فعل عندها لا بها، ويقولون: إن قدرة العبد لا تأثير لها في الفعل.
وأبلغ من ذلك قول الأشعري: إن الله فاعل فعل العبد، وإن عمل (5) العبد ليس فعلا للعبد بل كسبا له (6) ، وإنما هو فعل الله فقط (7) وجمهور
**_________
(1) ما بين النجمتين ساقط من (م) فقط.
(2) ب: فلا يتم أثره إلا مع خلق الله له لا به بأن يخلق الله تعالى ; أ: فلا يتم أثره إلا مع خلق الله له إلا به بأن يخلق الله تعالى ; ن: فلا يتم أثره إلا مع خلق الله له بأن يخلق الله ; م: فلا يتم الأثر إلا مع خلق الله له بأن يخلق الله.
(3) م فقط: المانع.
(4) ب، أ: قوى الطبائع.
(5) ن، م: فعل.
(6) ب: بل كسب له، م: بل ولا كسبا له.
(7) ن: فعل لله فقط، وقد لخص مستجى زاده كلام ابن تيمية الذي يبدأ بعبارة: ولكن هذا القول الذي حكاه هو قول بعض المثبتة للقدر، إلى هذا الموضع ثم علق بقوله: قلت والعجب أن المعتزلة مع أنهم يقولون إن قدرة العبد على الإيجاد والتأثير ليست من الله تعالى فبذلك ينسبهم أكثر أهل الحق إلى الإشراك بالله، حتى قالوا: إن المجوس إنما يثبتون شريكا واحدا فقط وهو أهرمان، وأما المعتزلة فهم يثبتون لله تعالى شركاء لا تحصى من الإنس والجن والحيوانات لقولهم بأن لهم إيجاد أفعالهم الاختيارية
=============================
الناس من أهل السنة من جميع الطوائف على خلاف ذلك، وعلى أن (1) العبد فاعل لفعله حقيقة (2) .
وأما ما نقله من (3) نفي الغرض الذي هو الحكمة، وكون الله لا يفعل لمصلحة العباد، فقد قدمنا أن هذا (4) هو قول قليل منهم، كالأشعري، وطائفة توافقه في موضع، ويتناقضون في قولهم في موضع آخر (5) .
وجمهور أهل السنة يثبتون الحكمة في أفعال الله تعالى، وأنه يفعل لنفع عباده ومصلحتهم، ولكن لا يقولون بما تقوله المعتزلة ومن وافقهم: [بأن ما حسن منه حسن من خلقه، وما قبح من خلقه قبح منه] (6) فلا هذا ولا هذا. [وأما لفظ " الغرض " فتطلقه المعتزلة وبعض المنتسبين لأهل السنة، (7) ويقولون: إنه يفعل لغرض أي حكمة، وكثير من أهل السنة يقولون: " يفعل " (8) لحكمة ولا يطلقون لفظ " الغرض "] (9) .
وأما قوله: " وأنه تعالى يريد المعاصي من الكافر، ولا يريد منه الطاعة " فهذا قول طائفة منهم، وهم الذين يوافقون القدرية، فيجعلون
**_________
(1) ب، أ: وأن.
(2) بعد كلمة: حقيقة. جاءت في (ب) ، (أ) عبارة: والله تعالى أعلم.
(3) ن، م: عن.
(4) م فقط: أن ذلك.
(5) ن، م: يوافقونه في موضع، ويناقضون قولهم في موضع آخر.
(6) أ: بأن ما حسن منه حسن من خلقه وما قبح من خلقه قبح من خلقه، ب: بأن ما حسن من خلقه حسن منه وما قبح من خلقه قبح منه، وسقطت هذه العبارات من (ن) ، (م) .
(7) ع: وبعض المنتسبين إلى السنة.
(8) يفعل: في (ع) فقط.
(9) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م)
==============================
المشيئة والإرادة والمحبة والرضا نوعا واحدا (1) ، ويجعلون المحبة والرضا والغضب بمعنى الإرادة، كما يقول ذلك الأشعري في المشهور عنه، وأكثر أصحابه، وطائفة ممن يوافقهم من الفقهاء من أصحاب مالك والشافعي وأحمد.
وأما جمهور أهل السنة من جميع الطوائف، وكثير من أصحاب الأشعري وغيرهم (2) ، فيفرقون بين الإرادة وبين المحبة والرضا، فيقولون: إنه وإن كان يريد المعاصي فهو لا يحبها ولا يرضاها، بل يبغضها ويسخطها وينهى عنها، وهؤلاء يفرقون بين مشيئة الله وبين محبته. وهذا قول السلف قاطبة.
وقد ذكر أبو المعالي الجويني أن هذا قول القدماء من أهل السنة وأن الأشعري خالفهم فجعل (3) الإرادة هي المحبة (4) ، فيقولون: ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، فكل ما شاء الله فقد خلقه. وأما المحبة فهي متعلقة بأمره (5) ، فما أمر به فهو يحبه ولهذا اتفق الفقهاء (6) على أن الحالف لو قال: (7)
**_________
(1) وهم الذين يوافقون القدرية. . . والمحبة والرضا نوعا واحدا: بدل هذه العبارات جاء في (ن) ، (م) : وهم الذين يجعلون الإرادة نوعا واحدا.
(2) وغيرهم: ساقط من (ب) ، (أ) ، (م) .
(3) م: وأن الأشعرية خلافهم فجعل، ن: وأن الأشعرية خالفتئهم فجعل.
(4) علق مستجى زاده على هذا الكلام بقوله: " وقد رأيت في كلام إمام الحرمين أن الله تعالى يحب الكفر ويرضاه، تعالى الله عن ذلك، وله - تجاوز الله [عنه]- آراء متباينة فيصرح في تأليف له بعقيدة وفي تأليف آخر بعقيدة متباينة لها فصرح في الإرشاد: أنا ندين الله تعالى بأن الأفعال الاختيارية للعبد ليس لقدرة العبد تأثير فيها، وإنما هي محض خلق الله تعالى وإيجاده وصرح في الرسالة النظامية بأن للعبد قدرة وتأثيرا فيها، حتى أن شارح " المقاصد " أنكر وقوع ذلك عن الإمام احتجاجا بكلامه في " الإرشاد " ولعله لم ير الرسالة النظامية
(5) ب، أ: فهي منفعلة من أمره، ن، م: فمتعلقة بأمره
(6) ب، أ، ن: العلماء.
(7) ب، أ: إذا قال
============================== ==
" والله لأفعلن كذا إن شاء الله " لم يحنث إذا لم يفعله (1) وإن كان واجبا أو مستحبا ولو قال (2) إن أحب الله حنث إذا كان واجبا أو مستحبا.
والمحققون من هؤلاء يقولون: الإرادة في كتاب الله تعالى نوعان: إرادة خلقية (3) قدرية كونية، وإرادة دينية [أمرية] شرعية (4) فالإرادة الشرعية الدينية هي المتضمنة للمحبة والرضا والكونية هي [المشيئة] (5) الشاملة لجميع الحوادث، كقول المسلمين: ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن. وهذا كقوله تعالى {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء} [سورة الأنعام: 125] وقوله عن نوح {ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم وإليه ترجعون} [سورة هود: 34] .
فهذه الإرادة (6) تعلقت بالإضلال والإغواء وهذه هي المشيئة فإن ما شاء الله كان.
[ومنها قوله: {ولكن الله يفعل ما يريد} [سورة البقرة: 253] أي ما شاء خلقه (7) لا ما يأمر به] (8) .
وقد يريد (9) بالإرادة المحبة، كما يقال لمن يفعل الفاحشة: هذا فعل (10) ما
**_________
(1) أ، ن: والله لأفعلن هذا كذا إن شاء الله وفعله لم يحنث.
(2) بدلا من " ولو قال " جاء في (م) : وإن كان.
(3) خلقية: ساقطة من (ب) ، (أ) ، (م) . وفي (ن) : نوعية، وهو تحريف.
(4) ن، م: وإرادة شرعية دينية.
(5) المشيئة: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) ب، أ، م: فهذه الآية خطأ.
(7) ع (فقط) : أي ما يشاء خلقه.
(8) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(9) ب (فقط) : وقد يراد ; ن، م: فقد يريد.
(10) ن: يفعل ; م: الفعل
============================== ====
لا يريده الله تعالى وقد يريد المشيئة كما يقولون لما لم يكن: [هذا لم] يرده الله (1) .
وأما الدينية فقول الله: {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} [سورة البقرة: 185] . وقوله: {يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم - والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما - يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا} [سورة النساء: 26، 28] . وقوله: {ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم} [سورة المائدة: 6] . وقوله {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا} [سورة الأحزاب: 33] . (2)
فهذه الإرادة في هذه الآيات ليست هي التي يجب مرادها (3) ، كما في قوله {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام} [سورة الأنعام: 120] وقول المسلمين: ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، بل هي المذكورة في مثل قول الناس لمن يفعل القبائح: هذا يفعل (4) ما لا يريده الله، أي لا يحبه ولا يرضاه ولا يأمر به.
وهذا التقسيم في الإرادة قد ذكره غير واحد من أهل السنة وذكروا أن
**_________
(1) ن: لم يكن يرده الله ; وسقطت كلمة الجلالة من (أ) ، (ب) .
(2) بعد هذه الآية في (ب) ، (أ) : " وقوله: (ولكن الله يفعل ما يريد) أي ما شاء خلقه ". أقحمه الناسخ سهوا. وقد نبه محقق نسخة (ب) على ذلك فقال: ولا محل لهذه الآية هنا فإنها ذكرت قبل في الإرادة الكونية فلعلها هنا مكررة من الناسخ
(3) ن: ليست هي بحيث يجب مرادها ; م: ليست هي بحسب مرادها.
(4) ب، أ: فعل
============================== =========
المحبة والرضا ليست هي الإرادة الشاملة لكل المخلوقات، كما ذكر ذلك من ذكره من أصحاب أبي حنيفة [ومالك والشافعي] وأحمد وغيرهم (1) كأبي بكر عبد العزيز وغيره، وإن كان طائفة أخرى يجعلون المحبة والرضا هي الإرادة والأول أصح.
وأيضا فالفرق ثابت بين إرادة المريد (2) أن يفعل، وبين إرادته من غيره أن يفعل (3) ، والأمر لا يستلزم الإرادة الثانية (4) دون الأولى ; فالله تعالى إذا أمر العباد بأمر (5) ، فقد يريد إعانة المأمور على ما أمره به (6) وقد لا يريد ذلك وإن كان مريدا منه فعله (7) .
وتحقيق هذا مما يبين فصل النزاع في أمر الله: هل هو مستلزم لإرادته أم لا؟ فلما زعمت المعتزلة أنه لا بد أن يشاء ما يأمر به فيريده، وزعموا أن ما نهى عنه ما شاء وجوده ولا أراده قابلهم كثير (8) من متأخري المثبتين للقدر (9) ممن اتبع أبا الحسن من المصنفين في أصول الفقه [وغيرهم (10) ] من أصحاب
**_________
(1) وأحمد: ساقطة من (ب) ، (أ) . وفي (ن) ، (م) : أحمد وأبي حنيفة وغيرهما ; وفي (ع) اختلف ترتيب الأسماء.
(2) ب، أ: بين الإرادة والمريد، وهو خطأ.
(3) ب، أ: من غير أن يفعل، وهو خطأ.
(4) ع، م: الثابتة.
(5) م (فقط) : إذا أقر العباد بأمر، وهو تحريف.
(6) ن: على فعل ما أمره به ; م: على فعل ما أمر به.
(7) ع: وإن كان مريدا فعله منه ; م: وإن كان مريدا منه لفعله.
(8) ب: ما شاء وجوده لإرادة ما قابله وكثير. . ; أ: ما شاء وجوده لإرادة قابلة وكثير. . . ; ن، م: فما شاء وجوده ولا إرادة قابلهم كثير.
(9) للقدر: ساقطة من (ب) فقط.
(10) ب، أ: وغيره. وهي ساقطة من (ن) ، (م)
============================== =======
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثالث
الحلقة (174)
صـ 19 إلى صـ 26
مالك والشافعي وأحمد، فقالوا: إن الله يأمر بما لا يريده (1) ، كالكفر والفسوق والعصيان.
واحتجوا على ذلك بما أنه لو حلف على واجب ليفعلنه (2) وقال: " إن شاء الله " [فإنه] لا يحنث (3) ، وبأن الله أمر إبراهيم بذبح ولده ولم يرده منه (4) ، بل نسخ ذلك قبل فعله، وكذلك الخمسون صلاة ليلة المعراج.
وحقيقته أنه يأمر بما لا يشاء أن يخلقه، لكن لا يأمر إلا بما يحبه ويرضاه فيريد من العبد أن يفعله، بمعنى أنه يحب ذلك ولا يريد (5) هو أن يخلقه فيعين العبد عليه، [وهذا كالكفر والفسوق والعصيان] (6) ، ولو حلف الحالف: " ليفعلن كذا إن شاء الله " لم يحنث وإن كان واجبا.
ولو قال: " إن أحب الله " (7) حنث، كما لو قال: [إن أمر الله، ولو قال] لأفعلنه إذا أراد الله (8) ، [فقد يريد بالإرادة المحبة، كما يقولون لمن يفعل القبائح: يفعل ما لا يريده الله (9) ، وقد يريد المشيئة كما يقولون لما لم يكن: هذا لم يرده الله تعالى (10) ، فإن أراد هذا حنث 0
**_________
(1) ب، أ: إن الله يأمر بما لا يريد، ن: إن الله لا يأمر بما لا يريده ; م: إن الله لا يأمر بما لا يريد.
(2) ب، أ: ليفعله.
(3) ب، أ: إن شاء الله لا يحنث ; ن: إن شاء الله لم يحنث ; م: إن شاء الله لم يجب.
(4) ن، م: وبأن الله أمر إبراهيم بذبح ابنه ولم يرده.
(5) ع، م: لا يريد.
(6) وهذا كالكفر والفسوق والعصيان: هذه الكلمات ساقطة من (ن) ، (م) .
(7) ع: وإن قال إن أحب الله ; م: ولو كان إن أحب الله.
(8) إن أمر الله ولو قال: ساقطة من (ن) ، (م) .
(9) ن، م: لا أفعله إن أراد الله. وبعد هذه العبارات يوجد سقط في (ن) ، (م) حتى كلمة " فصل " وتوجد عبارة قبل ذلك هي: " والكلام على هذا مبسوط في موضع آخر ".
(10) الله تعالى: في (ع) فقط
============================== ===
وأما أمر إبراهيم صلى الله عليه وسلم بذبح ابنه، فإنه كان الذي يحبه ويريده منه في نفس الأمر: أن قصد إبراهيم الامتثال وعزم (1) على الطاعة، فأظهر (2) الأمر امتحانا له وابتلاء، فلما أسلما وتله للجبين ناداه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين. وكذلك الأمر بالخمسين] (3) .
**[فصل كلام للرافضي في مسألة القدر يستلزم أشياء شنيعة منها أن يكون الله أظلم من كل ظالم والرد عليه]
[فصل]
قال المصنف (4) الرافضي (5) : " وهذا يستلزم أشياء شنيعة منها: أن يكون الله أظلم من كل ظالم، لأنه يعاقب الكافر على كفره وهو قدره عليه، ولم يخلق فيه قدرة على الإيمان، فكما أنه يلزم الظلم لو عذبه على لونه وطوله وقصره لأنه لا قدرة له فيها، كذا (6) يكون ظالما لو عذبه على المعصية التي فعلها فيه ".
فيقال: الظلم قد تقدم أن للجمهور المثبتين للقدر في تفسيره قولين: (7) أحدهما: أن الظلم ممتنع لذاته غير مقدور، كما يصرح بذلك الأشعري، والقاضي أبو بكر، وأبو المعالي، والقاضي أبو يعلى، وابن الزاغوني (8) ، وغير
**_________
(1) ع: وعزمه.
(2) ب، أ: وأظهر.
(3) وكذلك الأمر بالخمسين: في (ع) فقط. وما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(4) المصنف: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(5) ن، م: الإمامي. والعبارات التالية في (ك) 1/85 (م) - 86 (م) .
(6) ب، أ: كذلك.
(7) ع، أ: قولان، وهو خطأ.
(8) م (فقط) : وابن الزعفراني، وهو تحريف
============================== ====
هؤلاء: (1) يقولون: (2) إنه يمتنع أن يوصف بالقدرة على الكذب (3) والظلم وغيرهما من أنواع (4) القبائح، ولا يصح وصفه بشيء من ذلك.
قالوا: والدلالة على استحالة وقوع الظلم والقبيح (5) منه [أن الظلم والقبيح] (6) ما شرع الله وجوب ذم فاعله، وذم الفاعل لما ليس له فعله، ولن يكون كذلك حتى يكون متصرفا فيما غيره أملك به وبالتصرف فيه منه، فوجب استحالة ذلك في حقه من حيث [إنه] (7) لم يكن آمرا لنا (8) بذمه، ولا كان ممن يجوز دخول أفعاله تحت تكليف من نفسه لنفسه (9) ، ولا يكون فعله تصرفا في شيء غيره أملك به (10) ، فثبت [بذلك] (11) استحالة تصوره في حقه.
وحقيقة قول هؤلاء أن الذم إنما يكون لمن تصرف في ملك غيره ومن عصى الآمر (12) [الذي فوقه] (13) ، والله سبحانه وتعالى يمتنع أن يأمره أحد، ويمتنع أن يتصرف في ملك غيره، فإن له كل شيء.
**_________
(1) ب، أ: وغيرهم.
(2) ب، أ: ولا يقولون، وهو خطأ.
(3) ن، م: ويقولون إنه غير قادر على الكذب.
(4) أنواع: زيادة في (ن) ، (م) .
(5) ع: والقبح.
(6) والقبيح: في (ع) ، (م) فقط. وسقطت عبارة " أن الظلم والقبيح " من (ن) .
(7) إنه: في (ع) فقط.
(8) ب، أ: لم يكن أمر الناس ; ن، م: لم يكن لنا آمرا.
(9) لنفسه: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(10) ن: منه.
(11) بذلك: ساقطة من (ن) ، (م) .
(12) ب (فقط) : أمر.
(13) الذي فوقه: ساقطة من (ن) ، (م)
============================== ====
وهذا القول يروى عن (1) إياس بن معاوية (2) ، قال: ما خاصمت بعقلي كله إلا القدرية، قلت: لهم (3) أخبروني ما الظلم؟ قالوا: (4) أن يتصرف الإنسان في ما ليس له. قلت: فلله كل شيء.
وهم (5) لا يسلمون أنه لو عذبه بسبب لونه وطوله وقصره كان ظالما حتى يحتج عليهم بهذا القياس، بل يجوزون التعذيب لا بجرم (6) سابق ولا لغرض لاحق. وهذا المشنع لم يذكر دليلا على بطلانه، فلم يذكر دليلا على بطلان قولهم.
والقول الثاني: أن الظلم مقدور، والله تعالى منزه عنه. وهذا قول الجمهور [من المثبتين للقدر ونفاته، وهو قول كثير من النظار المثبتة للقدر، كالكرامية، وغيرهم، وكثير من أصحاب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وغيرهم، وهو قول القاضي أبي خازم (7) . (8) وغيره وهذا] (9) كتعذيب الإنسان بذنب غيره، كما قال تعالى: {ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما} [سورة طه 112] .
**_________
(1) ب، أ: يرد على، وهو تحريف.
(2) أبو واثلة إياس بن معاوية بن قرة المزني، سبقت ترجمته 2/304.
(3) لهم: زيادة في (ب) ، (أ) فقط.
(4) ع: قال، وهو خطأ.
(5) ن، م: وهؤلاء.
(6) ع: بلا ظلم ; م: بلا جرم.
(7) ب، أ، ع،: أبي حازم. وهو محمد بن محمد بن الحسين بن الفراء. سبقت ترجمته 1/143، 2/286
(8) بن القاضي أبي يعلى
(9) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م)
============================
وهؤلاء يقولون: الفرق بين تعذيب الإنسان على فعله الاختياري وغير فعله الاختياري مستقر في فطر العقول، فإن الإنسان لو كان له ابن (1) في جسمه مرض (2) أو عيب خلق فيه لم يحسن (3) ذمه ولا عقابه على ذلك، ولو ظلم ابنه أحدا لحسن (4) عقوبته على ذلك.
ويقولون: الاحتجاج بالقدر على الذنوب مما يعلم بطلانه بضرورة العقل، فإن الظالم لغيره لو احتج بالقدر لاحتج ظالمه بالقدر أيضا (5) ، فإن كان القدر حجة لهذا فهو حجة لهذا، وإلا فلا. (6)
والأولون أيضا يمنعون الاحتجاج بالقدر، فإن الاحتجاج به باطل باتفاق أهل الملل وذوي العقول، وإنما يحتج به على القبائح والمظالم من هو متناقض القول متبع لهواه، كما قال بعض العلماء: أنت عند الطاعة قدري، وعند المعصية جبري، أي مذهب وافق هواك تمذهبت به.
ولو كان القدر حجة لفاعل الفواحش والمظالم لم يحسن أن يلوم (7) أحد أحدا، ولا يعاقب أحد أحدا، فكان (8) للإنسان أن يفعل في دم غيره وماله وأهله ما يشتهيه (9) من المظالم والقبائح، ويحتج بأن ذلك مقدر عليه (10) .
**_________
(1) له ابن: ساقطة من (ب) ، (أ) . وفي (م) ، (ن) : له أثر، وهو تحريف.
(2) ب، أ: برص.
(3) ب، أ: يستحسن.
(4) ب، أ: يحسن.
(5) ب، أ: أيضا بالقدر.
(6) عبارة: " وإلا فلا " ساقطة من (ع) فقط.
(7) ن: أن يلزم ; م: أن يلزمه.
(8) ن، م، ب: وكان.
(9) م: ما شاء.
(10) ع، م: مقدر علي ; ن: مقدور علي
============================== =====
والمحتجون على المعاصي بالقدر أعظم بدعة وأنكر قولا وأقبح طريقا من المنكرين للقدر، فالمكذبون بالقدر من المعتزلة والشيعة وغيرهم المعظمون للأمر (1) والنهي والوعد والوعيد، خير من الذين يرون القدر حجة لمن ترك المأمور وفعل المحظور، كما يوجد ذلك (2) في كثير من المدعين للحقيقة (3) الذين يشهدون القدر (4) ، ويعرضون عن الأمر والنهي، من الفقراء والصوفية والعامة وغيرهم، فلا عذر لأحد في ترك مأمور ولا فعل محظور (5) بكون ذلك مقدرا (6) عليه، بل لله الحجة البالغة على خلقه.
والقدرية المحتجون بالقدر على المعاصي شر من القدرية المكذبين بالقدر، وهم أعداء الملل. وأكثر ما أوقع الناس في التكذيب بالقدر احتجاج هؤلاء به. ولهذا اتهم بمذهب القدر غير واحد ولم يكونوا قدرية، بل كانوا (7) لا يقبلون الاحتجاج على المعاصي بالقدر (8) ، كما قيل للإمام أحمد: كان ابن أبي ذئب قدريا، فقال: الناس (9) كل من شدد عليهم المعاصي، قالوا هذا قدري (10) وقد قيل إنه بهذا السبب (11) نسب إلى
**_________
(1) ن، م: المعطلون الأمر، ع: المعصمون للأمر، وهو تحريف.
(2) ذلك: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(3) للحقيقة: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(4) ب، أ: للقدر، وهو تحريف.
(5) ب، أ: في ترك المأمور ولا فعل المحظور.
(6) ب، أ، م: مقدورا.
(7) ن، م، ع: ولكن كانوا.
(8) ع: على المعاصي للمعاصي بالقدر.
(9) الناس: ساقطة من (ع) فقط.
(10) ن، م: هو قدري، وابن أبي ذئب من أهل المدينة، وهو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة ابن الحارث بن أبي ذئب القرشي العامري، توفي سنة 158، قال مالك بن أنس: لو برئ ابن أبي ذئب من القدر، ما كان على وجه الأرض خير منه، انظر ترجمته في فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة، ص [0 - 9] 8، 335، تهذيب التهذيب 9/303 - 307 الأعلام 7/61.
(11) ب، أ: وقد قيل لهذا السبب
============================== =
الحسن (1) القدر، لكونه كان شديد الإنكار للمعاصي ناهيا عنها، ولذلك نجد الواحد من هؤلاء ينكر على من ينكر المنكر، ويقول: هؤلاء قدر عليهم ما فعلوه (2) . فيقال لهذا (3) : وإنكار هذا المنكر أيضا بقدر الله، فنقضت قولك بقولك.
وهؤلاء يقول بعض مشايخهم: أنا كافر برب يعصى، ويقول: لو قتلت سبعين نبيا لم أكن مخطئا (4) ويقول بعض شعرائهم: أصبحت منفعلا لما يختاره مني ففعلي كله طاعات (5) .
ومن الناس من يظن أن احتجاج آدم على موسى بالقدر كان من هذا الباب، وهذا (6) جهل عظيم، فإن الأنبياء من أعظم الناس أمرا بما أمر الله به، ونهيا عما نهى الله عنه، وذما لمن ذمه الله، وإنما بعثوا بالأمر بالطاعة لله (7) ، والنهي عن معصية الله، فكيف يسوغ أحد منهم (8) أن يعصي عاص لله محتجا بالقدر؟ ولأن آدم عليه السلام كان قد تاب من الذنب، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، ولأنه لو كان القدر حجة لكان حجة لإبليس وفرعون وسائر الكفار، ولكن كان ملام موسى لآدم [عليهما السلام] (9) لأجل المصيبة (10)
**_________
(1) وهو الحسن البصري.
(2) ما فعلوه: زيادة في (ب) ، (أ) .
(3) أ: فيقال هذا المنكر، ب: فيقال لهذا المنكر.
(4) ن، م، ع: ما كنت مخطئا.
(5) ع فقط: طاعاتي.
(6) ب: وهو. وسقطت من (أ) .
(7) ن، م، ع: بطاعة الله.
(8) ب، أ: واحد منهم.
(9) عليهما السلام: زيادة في (ع) فقط.
(10) ب، أ: لأجل المعصية، م: بسبب المصيبة
============================== =====
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثالث
الحلقة (175)
صـ 27 إلى صـ 34
تعالى (1) ، بل عليه أن لا يفعلها، وإذا فعلها فعليه أن يتوب منها، كما فعل (2) آدم. ولهذا قال بعض الشيوخ: (3) اثنان أذنبا ذنبا: آدم وإبليس (4) فآدم تاب فتاب الله عليه [واجتباه وهداه] ، وإبليس (5) أصر واحتج بالقدر، فمن تاب من ذنبه أشبه أباه آدم، ومن أصر واحتج بالقدر أشبه إبليس.
وإذا كان الفرق بين الفاعل المختار (6) وبين غيره مستقرا في بدائه (7) العقول، حصل المقصود. وكذلك إذا كان مستقرا في بدائه (8) العقول أن الأفعال الاختيارية تكسب نفس الإنسان صفات محمودة وصفات مذمومة، بخلاف لونه وطوله وعرضه، فإنها لا تكسبه ذلك.
فالعلم النافع، والعمل الصالح، والصلاة الحسنة، وصدق الحديث، وإخلاص العمل لله، وأمثال ذلك: تورث القلب صفات محمودة. كما يروى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: إن للحسنة لنورا في القلب، وضياء في الوجه، وسعة في الرزق، وقوة في البدن، ومحبة في قلوب الخلق. وإن للسيئة لسوادا في الوجه، وظلمة (9) في القلب، ووهنا في البدن، ونقصا في الرزق، وبغضا في قلوب الخلق.
**_________
(1) بالقدر قدر الله تعالى.
(2) ع: فعله.
(3) ن، م:. . . آدم قال بعض السلف.
(4) ب، أ: إبليس وآدم.
(5) ن: تاب فتاب الله عليه وإبليس؛ م: تاب وإبليس؛ ب، أ: تاب فتاب الله عليه واختاره وهداه، وإبليس.
(6) ب، أ، ن: بين تعذيب الفاعل المختار.
(7) ب، أ، ن: بداية.
(8) ب، أ، ن: بداية.
(9) ع: وظلما
============================== ======
ففعل الحسنة له آثار محمودة موجودة (1) في النفس وفي الخارج، وكذلك فعل (2) السيئات. والله تعالى جعل الحسنات سببا لهذا، [والسيئات سببا لهذا، كما جعل أكل السم سببا للمرض والموت. وأسباب الشر لها أسباب تدفع بمقتضاها] (3) ، فالتوبة والأعمال الصالحة تمحى بها السيئات، والمصائب في الدنيا تكفر بها السيئات، كما أن السم تارة يدفع موجبه بالدواء، وتارة يورث مرضا يسيرا، ثم تحصل العافية.
وإذا قيل: خلق الفعل مع حصول العقوبة عليه (4) ظلم، كان بمنزلة أن يقال: خلق أكل (5) السم ثم حصول الموت به ظلم. والظلم وضع الشيء في غير موضعه، واستحقاق هذا الفاعل لأثر فعله الذي هو معصية الله، كاستحقاقه لأثره إذا ظلم العباد (6) .
وهذا الآن ينزع (7) إلى مسألة التحسين والتقبيح، فإن الناس متفقون على أن كون الفعل يكون سببا لمنفعة العبد وحصول ما يلائمه، وسببا لحصول مضرته، وحصول ما ينافيه، قد يعلم بالعقل، وكذلك كونه قد يكون صفة كمال وصفة نقص، وإنما تنازعوا في كونه [يكون] (8) سببا للعقاب والذم على قولين مشهورين.
**_________
(1) موجودة: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(2) فعل: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(3) ع: تدفع مقتضاها، والكلام بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(4) م: ثم العقوبة عليه.
(5) ن: آكل، م: كل، وسقطت الكلمة من (ب) ، (أ) .
(6) ن، م: العبد.
(7) ب، أ: وهذا إلا أن ينزع.
(8) يكون: زيادة في (م)
============================== ====
والنزاع في ذلك بين أصحاب أحمد، وبين أصحاب (1) مالك، وبين أصحاب (2) الشافعي وغيرهم. وأما أبو حنيفة وأصحابه فيقولون بالتحسين والتقبيح، وهو قول جمهور الطوائف من المسلمين وغيرهم، وفي الحقيقة فهذا النزاع (3) يرجع إلى الملاءمة والمنافرة (4) ، والمنفعة والمضرة، فإن الذم والعقاب مما يضر العبد ولا يلائمه، فلا يخرج الحسن (5) والقبح عن حصول المحبوب والمكروه، فالحسن ما حصل المحبوب المطلوب المراد لذاته (6) ، والقبيح ما حصل المكروه البغيض، فإذا كان الحسن يرجع إلى المحبوب، والقبيح يرجع إلى المكروه، بمنزلة النافع والضار، والطيب والخبيث، ولهذا يتنوع بتنوع الأحوال، فكما أن الشيء الواحد يكون نافعا إذا صادف حاجة، ويكون ضارا في موضع آخر، كذلك الفعل كأكل الميتة يكون قبيحا تارة ويكون حسنا أخرى.
وإذا كان كذلك فهذا الأمر لا يختلف، سواء كان العبد هو الفاعل (7) بغير أن يخلق الله له القدرة والإرادة، أو بأن يخلق الله له ذلك، كما في سائر ما هو نافع وضار ومحبوب ومكروه.
وقد دلت الدلائل اليقينية على أن كل حادث فالله خالقه، وفعل العبد من جملة الحوادث، وكل ممكن يقبل الوجود والعدم، فإن شاء الله كان وإن لم يشأ
**_________
(1) ب، أ: وأصحاب.
(2) ب، أ: وأصحاب.
(3) ن، م، ب، أ: النوع.
(4) ب، أ، ع: والمنافاة.
(5) ب، أ: للحسن.
(6) ع (فقط) : المراد له.
(7) ع (فقط) : سواء الفاعل العبد
============================== ===
لم يكن، وفعل العبد من جملة الممكنات ; وذلك لأن (1) العبد إذا فعل الفعل فنفس الفعل حادث بعد أن لم يكن، فلا بد له (2) من سبب.
وإذا قيل: حدث بالإرادة، فالإرادة أيضا حادثة، فلا بد لها من سبب. وإن شئت قلت (3) : الفعل ممكن فلا يترجح وجوده على عدمه إلا بمرجح. وعلى طريقة بعضهم (4) فلا (5) يترجح أحد طرفيه على الآخر إلا بمرجح. وكون العبد فاعلا له حادث ممكن، فلا بد له من محدث مرجح، ولا فرق في ذلك بين حادث وحادث. (* [والمرجح لوجود الممكن لا بد أن يكون تاما مستلزما (6) وجود الممكن، وإلا فلو كان مع وجود المرجح يمكن وجود الفعل تارة وعدمه أخرى، لكان ممكنا بعد حصول المرجح، يمكن وجوده وعدمه، وحينئذ فلا يترجح وجوده على عدمه إلا بمرجح، وهذا المرجح إما أن يكون تاما مستلزما وجود الفعل، (وإما أن يكون الفعل) (7) معه يمكن (8) وجوده وعدمه، فإن كان الثاني لزم أن لا يوجد الفعل بحال، ولزم التسلسل الباطل.
**_________
(1) ب، أ، م: أن.
(2) له: ساقطة من (ب) ، (أ) ، وفي (ن) : ولا بد له.
(3) ب، أ: وإن سبب قلب، وهو تصحيف.
(4) ب، أ: وعلى طريقة أحدهم، ن، م: وطريقة بعضهم.
(5) ع: لا.
(6) ع: يستلزم.
(7) ما بين القوسين في (ع) فقط.
(8) ب، أ: بل، وهو تحريف
============================== =
فعلم أن الفعل لا يوجد إلا إذا وجد مرجح تام يستلزم وجوده، وذلك المرجح التام هو الداعي التام (والقدرة) (1) وهذا مما سلمه طائفة من المعتزلة كأبي الحسين البصري وغيره؛ سلموا أنه إذا وجد الداعي التام والقدرة التامة لزم وجود الفعل، وأن الداعي والقدرة خلق لله عز وجل، وهذا حقيقة قول أهل السنة (2) الذين يقولون: (إن الله خالق أفعال العباد كما أن الله خالق كل شيء، فإن أئمة أهل السنة يقولونhttps://majles.alukah.net/image/gif;...NZheYuAgwIADs= (3) إن الله خالق الأشياء بالأسباب، وأنه خلق للعبد قدرة (4) يكون بها فعله، وأن (5) العبد فاعل لفعله حقيقة، فقولهم في خلق فعل العبد بإرادته وقدرته (6) كقولهم في خلق سائر الحوادث بأسبابها، ولكن ليس هذا قول من ينكر الأسباب والقوى التي في الأجسام وينكر تأثير القدرة (التي للعبد) (7) التي بها يكون الفعل، ويقول: إنه لا أثر لقدرة العبد أصلا في فعله (8) ، كما يقول ذلك جهم وأتباعه (9) ، والأشعري ومن وافقه.
وليس قول هؤلاء قول أئمة السنة ولا جمهورهم، بل أصل هذا القول هو قول الجهم بن صفوان، فإنه كان يثبت مشيئة الله تعالى، وينكر أن يكون له
**_________
(1) والقدرة: في (ع) فقط.
(2) ع: أئمة السنة.
(3) ما بين القوسين في (ع) فقط.
(4) ب، أ: والله خلق العبد وقدره. . . إلخ.
(5) ب، أ: فإن.
(6) ب، أ: بإرادة وقدرة.
(7) التي للعبد: في (ع) فقط.
(8) ع فقط: أصلا في فعله أصلا.
(9) ب، أ: كما يقول ذلك ما يقوله جهم وأتباعه
============================== =
حكمة أو رحمة، وينكر أن يكون للعبد فعل أو قدرة مؤثرة. وحكي عنه أنه كان يخرج إلى الجذمى ويقول: أرحم الراحمين يفعل (مثل) (1) هذا؟ إنكارا لأن تكون له رحمة يتصف بها، وزعما منه أنه ليس إلا مشيئة محضة لا اختصاص لها بحكمة، بل يرجح أحد المتماثلين بلا مرجح.
وهذا قول طائفة من المتأخرين، وهؤلاء يقولون: إنه لم يخلق لحكمة، ولم يأمر لحكمة، وأنه ليس في القرآن " لام " كي، لا في خلق الله ولا في أمر الله. (2) وهؤلاء الجهمية المجبرة هم والمعتزلة والقدرية في (3) طرفين متقابلين (4) .
وقول سلف الأمة وأئمة السنة وجمهورها ليس قول هؤلاء ولا قول هؤلاء، وإن كان كثير من المثبتين للقدر يقول بقول جهم، فالكلام (5) إنما هو في أهل السنة المثبتين لإمامة أبي بكر وعمر وعثمان والمثبتين للقدر. وهذا الاسم يدخل فيه الصحابة والتابعون لهم بإحسان، وأئمة التفسير والحديث والفقه
**_________
(1) مثل: زيادة في (ع) .
(2) ب، أ: ولا في أمره.
(3) ب، أ: من.
(4) كتب مستجى زاده في هامش (ع) : وهؤلاء الجهمية هم والمعتزلة القدرية في طرفين متقابلين، لأن عند المعتزلة أفعال العباد بقدرتهم وإيجادهم لا مدخل لقدرته وخلقه فيها، وعند المجبرة أنها بمحض قدرة الله تعالى وإيجاده وخلقه لا مدخل لقدر العبد وإيجاده فيها. قلت: إلا أنه فرق بين قول جهم وبين قول الأشعري بأنه وإن قال بقدرة غير مؤثرة في العبد إلا أن للعبد قدرة يخلق الله تعالى عندها، كالنار التي يخلق عندها الإحراق، كذلك القدرة المتحققة في العبد يترتب عليها الفعل الاختياري، فالنار والقدرة هما سببان ماديان لأثرهما من الإحراق والفعل، لا سببان حقيقيان لهما، والمؤثر الحقيقي والسبب الحقيقي هو الله تعالى.
(5) ب، أ: والكلام
============================== ====
والتصوف، وجمهور المسلمين، وجمهور طوائفهم، لا يخرج عن هذا إلا بعض الشيعة، وأئمة هؤلاء وجمهورهم على القول الوسط الذي ليس هو قول المعتزلة ولا قول جهم وأتباعه الجبرية، فمن قال إن شيئا من الحوادث أفعال الملائكة والجن والإنس لم يخلقها الله تعالى، فقد خالف الكتاب والسنة وإجماع السلف والأدلة العقلية] (1) *) (2) .
ولهذا قال بعض السلف من قال: إن كلام الآدميين أو أفعال (3) العباد غير مخلوقة، فهو بمنزلة من قال: إن سماء الله وأرضه غير مخلوقة.
والله تعالى يخلق ما يخلق (4) لحكمة كما تقدم، ومن جملة المخلوقات ما قد يحصل به (5) ضرر عارض لبعض الناس، كالأمراض والآلام وأسباب ذلك، فخلق الصفات والأفعال التي هي أسبابه (6) من جملة ذلك. فنحن نعلم أن لله في ذلك حكمة، (* وإذا كان قد فعل ذلك لحكمة خرج عن أن يكون سفها، وإذا كان العقاب على فعل العبد الاختياري لم يكن ظلما. فهذا الحادث بالنسبة إلى الرب له فيه حكمة *) (7) يحسن (8) لأجل تلك الحكمة وبالنسبة (9) إلى العبد عدل، لأنه عوقب على فعله، فما ظلمه الله ولكن هو ظلم نفسه.
**_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط (ن) ، (م) .
(2) ما بين النجمتين (والمرجح لوجود الممكن (ص [0 - 9] 0) . . . . . السلف والأدلة العقلية (ص 33) : ساقط من (ن) ، (م) .
(3) ن، م: وأفعال.
(4) ن، م، ب، أ: ما يخلقه.
(5) م (فقط) : ما يحصل منه.
(6) ب (فقط) : أسباب.
(7) ما بين النجمتين ساقط من (م) فقط.
(8) ب، أ، ن: تحسن، وفي (م) الكلمة غير معجمة.
(9) ب، أ: بالنسبة
============================== ==
واعتبر ذلك بأن يكون غير الله هو الذي عاقبه على ظلمه، لو (1) عاقبه ولي أمر على عدوانه على الناس فقطع (2) يد السارق، أليس ذلك عدلا (3) من هذا الوالي؟ وكون الوالي مأمورا بذلك يبين (4) أنه عادل.
لكن المقصود هنا أنه مستقر في فطر الناس وعقولهم أن ولي الأمر إذا أمر الغاصب برد المغصوب إلى مالكه، وضمن التالف بمثله، أنه يكون حاكما بالعدل، وما زال العدل معروفا في القلوب والعقول. ولو قال هذا المعاقب: أنا قد قدر علي هذا، لم يكن هذا (5) حجة له، ولا مانعا لحكم الوالي أن يكون عدلا.
فالله تعالى أعدل العادلين إذا اقتص (6) للمظلوم من ظالمه في الآخرة أحق بأن يكون ذلك عدلا منه، فإن (7) قال الظالم: هذا كان مقدرا علي، لم يكن هذا عذرا صحيحا ولا مسقطا لحق المظلوم، وإذا كان الله هو الخالق لكل شيء فذاك (8) لحكمة أخرى له في الفعل، فخلقه حسن بالنسبة إليه لما [له] (9) فيه من الحكمة، والفعل القبيح المخلوق قبيح من فاعله (10) ، لما عليه
**_________
(1) ب، أ: ولو.
(2) ن، م: فيقطع.
(3) ع: أليس في ذلك عدلا ; ن، م: أليس ذلك عدل.
(4) ن: يتبين، أ، ع: تبين.
(5) هذا: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(6) ب، أ: إذا اقتضى.
(7) ب، أ: فإذا.
(8) ب، أ: فذلك.
(9) له: في (ع) فقط.
(10) ن، م: والفعل القبيح من المخلوق هو قبيح من فاعله
============================== ===
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثالث
الحلقة (176)
صـ 35 إلى صـ 42
فيه من المضرة، كما أن أمر الوالي بعقوبة الظالم يسر الوالي لما فيه من الحكمة (1) ، وهو عدله وأمره بالعدل، وذلك يضر المعاقب لما عليه فيه من الألم.
ولو قدر أن هذا الوالي كان سببا في حصول ذلك الظلم، على وجه لا يلام عليه، لم يكن عذرا للظالم، مثل حاكم شهد عنده بينة (2) بمال لغريم (3) ، فأمر بحبسه أو عقوبته، حتى ألجأه ذلك إلى أخذ مال آخر بغير حق ليوفيه إياه، فإن الحاكم أيضا يعاقبه [فيه] (4) ، فإذا قال: أنت (5) حبستني وكنت عاجزا عن الوفاء، ولا (6) طريق لي إلى الخلاص إلا أخذ مال هذا، لكان حبسه الأول ضررا عليه، وعقوبته ثانيا على أخذ مال [الغير] (7) ضررا عليه والوالي يقول: أنا حكمت بشهادة العدول، فلا ذنب لي في ذلك، وغايتي أني أخطأت، والحاكم إذا أخطأ له أجر. وقد يفعل كل من الرجلين بالآخر (8) من الضرر ما يكون فيه (9) معذورا، والآخر معاقبا، بل (10) مظلوما لكن بتأويل.
**_________
(1) ن، م: لما له في ذلك من الحكمة.
(2) البينة هنا الشاهدان، قال الأصفهاني في غريب القرآن: والبينة الدلالة الواضحة عقلية كانت أو محسوسة، وسمي الشاهدان بينة لقوله عليه السلام: البينة على المدعي واليمين على من أنكر.
(3) ن، م: للغريم.
(4) فيه: في (ع) فقط.
(5) أنت: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(6) ع: لا، وسقطت من (أ) .
(7) ن، م، ع: على أخذ المال.
(8) بالآخر: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(9) ع: ما لا يكون فيه. أ، ب: ما يكون.
(10) بل: ساقطة من (ب) ، (أ)
============================== =
وهذه الأمثال ليست مثل فعل الله تعالى، فإن الله ليس كمثله شيء: لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، فإنه سبحانه يخلق الاختيار في المختار، والرضا في الراضي، والمحبة في المحب. وهذا لا يقدر عليه إلا الله.
ولهذا أنكر الأئمة على من قال: جبر الله العباد، كالثوري والأوزاعي والزبيدي وأحمد بن حنبل وغيرهم، وقالوا: الجبر لا يكون إلا من عاجز، كما يجبر الأب ابنته على خلاف مرادها.
والله خالق الإرادة والمراد، فيقال: جبل، كما جاءت به السنة، ولا يقال: جبر، فإن النبي صلى الله عليه وسلم [في الحديث الصحيح] (1) . (2) . (3) .
ومما يبين هذا أن الله سبحانه وتعالى جهة خلقه وتقديره غير جهة أمره وتشريعه، فإن أمره وتشريعه، مقصوده بيان ما ينفع العباد إذا فعلوه وما يضرهم، بمنزلة أمر الطبيب للمريض بما ينفعه، فأخبر الله على ألسن رسله بمصير السعداء والأشقياء، وأمر بما يوصل إلى السعادة، ونهى عما يوصل إلى الشقاوة.
**_________
(1) في الحديث الصحيح: زيادة (ع) فقط
(2) قال لأشج عبد القيس: " إن فيك لخلقين يحبهما الله: الحلم والأناة " فقال: أخلقين تخلقت بهما أم خلقين جبلت عليهما؟ قال: " بل خلقين جبلت عليهما " فقال: الحمد لله الذي جبلني على خلقين يحبهما الله
(3) الحديث عن ابن عباس وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنهم في مسلم 1/48 - 49 (كتاب الإيمان، باب الأمر بالإيمان بالله تعالى) ؛ سنن ابن ماجه 2/1401 (كتاب الزهد باب الحلم) المسند ط الحلبي 3/23، 4/206. سنن أبي داود 4/483 (كتاب الأدب باب في قبلة الرجل) . والحديث فيها عن أم أبان بنت زارع عن جدها زارع، سنن الترمذي 3/247 (كتاب البر والصلة، باب ما جاء في التأني والعجلة)
============================== =
وخلقه وتقديره يتعلق به وبجملة المخلوقات، فهو يفعل لما فيه حكمة متعلقة بعموم خلقه، (1) وإن كان في ضمن ذلك مضرة لبعض الناس، كما أنه ينزل المطر لما فيه من الرحمة والنعمة العامة والحكمة (2) وإن كان في ضمن ذلك تضرر (3) بعض الناس بسقوط منزله وانقطاعه عن (4) سفره وتعطيل معيشته وكذلك يرسل نبيه [محمدا] صلى (5) الله عليه وسلم لما في إرساله من الرحمة العامة، وإن كان في ضمن ذلك سقوط رياسة قوم وتألمهم بذلك. فإذا قدر على الكافر كفره، قدره الله لما له في ذلك من الحكمة والمصلحة العامة، وعاقبه لاستحقاقه ذلك بفعله الاختياري وإن كان مقدرا (6) ، ولما له في عقوبته من الحكمة والمصلحة العامة.
وقياس أفعال الله على أفعال العباد خطأ ظاهر، لأن السيد إذا أمر عبده بأمر أمره لحاجته إليه ولغرض السيد فإذا أثابه على ذلك كان من باب المعاوضة، وليس له حكمة يطلبها إلا حصول ذلك [المأمور به] (7) وليس هو الخالق لفعل المأمور. فإذا قدر أن السيد لم يعوض المأمور، أو لم (8) يقم بحق عبده الذي يقضي حوائجه كان ظالما كالذي يأخذ سلعة ولا يعطي (9) ثمنها، أو يستوفي منفعة الأجير ولم يوفه أجره.
**_________
(1) ساقطة من (ب) ، (أ) ، ومكانه فيها كلمة " كالمطر ".
(2) ساقطة من (ب) ، (أ) ، ومكانه فيها كلمة كالمطر.
(3) ن: يتضرر، م: ضرر.
(4) ن، م، ع: من.
(5) ن، م: يرسل نبيه صلى. . .، ب: رسالة نبيه صلى، أ: برسالة نبيه صلى. . .
(6) ب، أ، م: مقدورا.
(7) المأمور به: ساقطة من (ن) ، (م) .
(8) ب، أ: ولم.
(9) ب، أ: ولم يعط
============================== =
والله تعالى غني عن العباد، إنما أمرهم بما ينفعهم، ونهاهم عما يضرهم فهو محسن إلى عباده بالأمر لهم، محسن (1) لهم بإعانتهم على الطاعة ولو قدر أن عالما صالحا أمر الناس بما ينفعهم، ثم أعان بعض الناس (2) على فعل ما أمرهم به ولم يعن آخرين، لكان محسنا إلى هؤلاء إحسانا تاما، ولم يكن ظالما لمن لم يحسن إليه. وإذا قدر أنه عاقب المذنب (3) العقوبة التي يقتضيها عدله وحكمته (4) ، لكان [أيضا] محمودا على هذا وهذا، وأين هذا من حكمة [أحكم الحاكمين] ، وأرحم الراحمين (5) ؟ ! .
فأمره (6) لهم إرشاد وتعليم وتعريف (7) بالخير، فإن أعانهم على فعل المأمور كان قد أتم النعمة على المأمور، وهو مشكور على هذا وهذا، وإن لم يعنه وخذله حتى فعل الذنب كان له في ذلك حكمة أخرى، وإن كانت مستلزمة تألم هذا، فإنما تألم بأفعاله الاختيارية التي من شأنها أن تورثه نعيما أو ألما، وإن كان ذلك الإيراث بقضاء الله وقدره فلا منافاة بين هذا وهذا، فجعله المختار (8) مختارا من كمال قدرته وحكمته، وترتيب آثار الاختيار عليه من تمام حكمته وقدرته.
**_________
(1) أ، ع: محسنا، وفي (م) ، (ن) : بالأمر لهم وبإعانتهم. ن: وبإعانته.
(2) ن، م: ثم أعان بعضهم.
(3) ن، م: المذنبين.
(4) ب، أ: وحكمه.
(5) ن، م: لكان محمودا على فعل هذا وهذا، وأين هذا من حكمة أرحم الراحمين.
(6) ب، أ: وأمره.
(7) ب، أ: وتعريفهم.
(8) ب، أ: للمختار
============================== ====
لكن يبقى الكلام في نفس الحكمة الكلية (1) في هذه الحوادث، فهذه ليس على الناس معرفتها، ويكفيهم التسليم لما قد علموا أنه بكل شيء عليم، وعلى كل شيء قدير، وأنه أرحم بعباده من الوالدة بولدها.
ومن المعلوم (2) ما لو علمه كثير من الناس لضرهم علمه، ونعوذ بالله من علم لا ينفع. وليس اطلاع كثير من الناس بل أكثرهم على حكم (3) الله في كل شيء نافعا لهم بل قد يكون ضارا. قال تعالى: {لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم} [سورة المائدة: 101] .
وهذه المسألة (4) : مسألة غايات أفعال الله ونهاية حكمته مسألة عظيمة، لعلها أجل المسائل الإلهية، وقد بسط الكلام عليها في غير هذا الموضع، وكذلك بسط الكلام على مسائل القدر، وإنما نبهنا تنبيها لطيفا على امتناع أن يكون خلق الفعل (5) ظلما، سواء قيل: إن الظلم ممتنع من الله، أو قيل (6) : إنه مقدور، فإن الظلم الذي هو ظلم أن يعاقب الإنسان على عمل غيره، فأما عقوبته على فعله الاختياري، وإنصاف المظلومين من الظالمين، فهو من كمال عدل الله تعالى.
وهذا التفصيل في باب التعديل والتجوير (7) بين مذهب القدرية الذين
**_________
(1) ب، أ: الكمية وهو تحريف.
(2) ب (فقط) : العلوم.
(3) ب، أ: حكمة
(4) ب، أ: وفي هذه المسألة.
(5) الفعل: ساقطة من (ع) .
(6) قيل: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(7) ب، أ، ع: والتجويز، وهو خطأ
===========================
يقيسون الله بخلقه في عدلهم وظلمهم، وبين مذهب الجبرية الذين لا يجعلون لأفعال (1) الله حكمة (2) ، ولا ينزهونه عن ظلم يمكنه فعله، ولا فرق عندهم بالنسبة إليه بين ما يقال: هو عدل وإحسان، وبين ما يقال هو ظلم.
وقول هؤلاء من الأسباب التي قويت بها شناعات (3) القدرية، حتى غلوا في الناحية الأخرى، وخيار الأمور أوسطها، ودين الله عدل بين الغالي فيه والجافي عنه، وقد ظهر الفرق بين عقوبته على الكفر وغيره من المعاصي، وبين عقوبته على اللون والطول (4) ، كما يظهر الفرق بينهما إذا كان المعاقب بعض الناس، فإن الكفر وإن كان خلق فيه إرادته وقدرته عليه، فهو الذي فعله باختياره وقدرته، وإن كان كذلك كله (5) مخلوقا، كما يعاقبه (6) غيره عليه مع كون ذلك كله مخلوقا.
وأما قوله: " ولم يخلق فيه قدرة على الإيمان " فهذا قاله على قول من يقول من أهل الإثبات: إن القدرة لا تكون إلا مع الفعل، فكل (7) من لم يفعل شيئا لم يكن قادرا عليه، ولكن يكون (8) عاجزا عنه. وهؤلاء قد (9) يقولون لا يكلف
**_________
(1) ب، أ: أفعال.
(2) ب (فقط) : لحكمة.
(3) ب، أ: ساعات، وهو تحريف.
(4) ب، أ: اللون والقصر والطول.
(5) ب، أ، م: وإن كان كل ذلك.
(6) ب، أ: كما يعاقب.
(7) ع: وكل.
(8) ب، أ، ن، م: ولكن لا يكون، وهو خطأ.
(9) قد: ساقطة من (ب) ، (أ)
============================== ==
العبد (1) ما يعجز عنه، ولكن يكلف ما يقدر عليه (2) بناء على أن القدرة لا تكون إلا مع الفعل (3) .
وحقيقة قولهم أن كل من ترك واجبا لم يكن قادرا عليه. و [ليس] هذا (4) قول جمهور أهل السنة، بل جمهور أهل السنة (5) يثبتون للعبد قدرة هي مناط الأمر والنهي، وهذه قد تكون قبله لا يجب أن تكون معه، ويقولون أيضا: إن القدرة التي يكون بها الفعل لا بد أن تكون مع الفعل، لا يجوزون (6) أن يوجد الفعل بقدرة معدومة [ولا بإرادة معدومة] (7) ، كما لا يوجد بفاعل معدوم.
وأما القدرية فيزعمون أن القدرة لا تكون إلا قبل الفعل، ومن قابلهم من المثبتة يقولون: لا تكون إلا مع الفعل.
وقول [الأئمة] والجمهور (8) هو الوسط: أنها لا بد أن تكون معه، وقد تكون مع ذلك قبله (9) [كقدرة المأمور العاصي] (10) ، فإن تلك القدرة تكون متقدمة (11) على الفعل بحيث تكون لمن لم يطع (12) ، كما قال تعالى:
**_________
(1) العبد: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(2) ع: ولكن يكلف ما لا يقدر عليه، ن، م: ولكن لا يكلف ما لا يقدر عليه.
(3) م فقط: بناء على أن القدرة إنما تكون مع الفعل.
(4) ن، م: وهذا، وهو خطأ.
(5) عبارة ((بل جمهور أهل السنة)) ساقطة من (ب) ، (أ) .
(6) ن، م، ع: لا يجوز.
(7) ولا بإرادة معدومة: هذه العبارة ساقطة من (ن) ، (م) .
(8) ن، م: وقول الجمهور.
(9) ن، م: وقد تكون قبل ذلك.
(10) عبارة ((كقدرة المأمور العاصي)) ساقطة من (ن) ، (م) .
(11) ب، أ: مقدمة ; ن: مقدرة.
(12) ن، م: على الفعل تكون لمن يطيع
============================== ====
{ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا} [سورة آل عمران 97] فأوجب الحج على المستطيع، فلو لم يستطع إلا من حج لم يكن الحج قد وجب إلا على من حج، ولم يعاقب أحد (1) على ترك الحج. وهذا خلاف المعلوم بالاضطرار من دين الإسلام.
وكذلك قال تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم} [سورة التغابن 16] ، فأوجب التقوى بحسب الاستطاعة، فلو كان من لم يتق الله لم يستطع التقوى لم يكن قد أوجب التقوى إلا على من اتقى، ولا يعاقب من لم يتق (2) ، وهذا خلاف المعلوم بالاضطرار من دين الإسلام.
وهؤلاء إنما قالوا هذا لأن القدرية والمعتزلة (3) والشيعة وغيرهم قالوا: القدرة لا تكون إلا قبل الفعل، لتكون صالحة للضدين: الفعل والترك، وأما حين الفعل (4) [فلا يكون إلا الفعل، فزعموا أو من زعم منهم أنه حينئذ] (5) لا يكون قادرا ; لأن القادر لا بد أن (6) يقدر على الفعل والترك، وحين الفعل لا يكون قادرا على الترك فلا يكون قادرا.
وأما أهل السنة فإنهم يقولون: لا بد أن يكون قادرا حين الفعل، ثم أئمتهم قالوا: ويكون أيضا قادرا قبل الفعل. وقالت (7) طائفة منهم لا يكون
**_________
(1) ب، أ: ولم يعاقب أحدا.
(2) م فقط: ولم يعاقب الله من لم يتق.
(3) ن، م، ع: القدرية من المعتزلة.
(4) ب، أ: وأما من حين الفعل.
(5) ب، أ: وزعموا أن من زعم منهم، وسقطت العبارات بين المعقوفتين من (ن) ، (م) إلا كلمات قليلة في (م) .
(6) ع: لا بد وأن.
(7) ب، أ، ن: وقال
============================== ======
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثالث
الحلقة (177)
صـ 43 إلى صـ 50
قادرا إلا حين الفعل. وهؤلاء يقولون: إن القدرة لا تصلح للضدين عندهم (1) فإن القدرة المقارنة للفعل لا تصلح إلا لذلك الفعل، وهي مستلزمة له لا توجد بدونه، إذ لو صلحت للضدين على وجه البدل أمكن وجودها مع عدم (2) أحد الضدين، والمقارن للشيء مستلزم له (3) لا يوجد مع عدمه، فإن وجود (4) الملزوم بدون اللازم ممتنع، وما قالته القدرية [فهو] بناء على أصلهم (5) الفاسد، وهو أن إقدار الله المؤمن (6) والكافر والبر والفاجر سواء، فلا يقولون: إن الله خص المؤمن (7) المطيع بإعانة حصل بها الإيمان، بل يقولون: إن إعانته للمطيع (8) والعاصي سواء، ولكن هذا بنفسه رجح الطاعة ; وهذا بنفسه رجح المعصية. كالوالد الذي أعطى (9) كل واحد من ابنيه (10) سيفا، فهذا جاهد به في سبيل الله، وهذا قطع به الطريق، أو أعطاهما مالا، فهذا أنفقه في سبيل الله، وهذا أنفقه في سبيل الشيطان.
وهذا القول فاسد باتفاق أهل السنة والجماعة المثبتين للقدر، فإنهم متفقون على أن لله على عبده المطيع [المؤمن] (11) نعمة دينية خصه بها دون
**_________
(1) عندهم: زيادة في (ن) ، (م) .
(2) عدم: ساقطة من (ع) فقط.
(3) ب، أ: المستلزم له.
(4) م فقط: فإن وجد.
(5) ن: وهذا قالته القدرية بناء على أصلهم، م: وهذا قالته القدرية على أصلهم.
(6) ع: وهو إقدار الله للمؤمن.
(7) المؤمن: ساقطة من (ع) .
(8) ب، أ: إعانة المطيع.
(9) ب، أ: يعطي.
(10) م فقط: كلا من ولديه.
(11) المؤمن: زيادة في (ب) ، (أ)
============================== =====
الكافر، وأنه أعانه على الطاعة إعانة لم يعن بها الكافر، كما قال تعالى: {ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون} [سورة الحجرات: 7] ، فبين أنه حبب إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم.
فالقدرية تقول: (1) هذا التحبيب والتزيين عام في كل الخلق (2) ، أو هو (3) بمعنى البيان وإظهار دلائل الحق. والآية تقتضي أن هذا خاص بالمؤمنين، ولهذا قال: (أولئك هم الراشدون) ، والكفار ليسوا راشدين.
وقال تعالى: {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء} [سورة الأنعام: 125] .
وقال: {أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون} [سورة الأنعام: 122] .
وقال تعالى: {وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين} [سورة الأنعام: 53] .
وقال تعالى: {يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين} [سورة الحجرات: 17] .
**_________
(1) ب، أ، م: يقولون.
(2) ب، أ: والتزيين على كل الخلق.
(3) ن، م: إذ هو
==============================
وقد أمر الله عباده أن (1) يقولوا: {اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم} .
والدعاء إنما يكون لشيء مستقبل غير حاصل يكون (2) من فعل الله تعالى. وهذه الهداية المطلوبة غير الهدى الذي هو بيان الرسول صلى الله عليه وسلم وتبليغه.
وقال تعالى: {يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام} [سورة المائدة] .
وقال تعالى: {ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا ولكن الله يزكي من يشاء والله سميع عليم} [سورة النور: 21] .
وقال الخليل صلى الله عليه وسلم: {ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا} [سورة البقرة: 128] .
وقال تعالى: {وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون} [سورة السجدة: 24] .
وقال تعالى: {وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار} [سورة القصص: 41] .
ومثل هذا كثير في الكتاب والسنة يبين سبحانه وتعالى اختصاصه (3) عباده المؤمنين بالهدى والإيمان والعمل الصالح، والعقل يدل على ذلك، فإنه إذا (4) قدر أن جميع الأسباب الموجبة للفعل من الفاعل كما هي من التارك، كان
**_________
(1) ب: بأن وسقطت من (أ) .
(2) ب، أ: غير حاصل بل يكون.
(3) ب: يبين اختصاص، أ: يبين اختصاصه، ن: تبين تعالى اختصاص ; م: يبين الله اختصاص.
(4) ب، أ: فإذا
=============================
اختصاص الفاعل بالفعل ترجيحا لأحد (1) المثلين على الآخر بلا مرجح، وذلك معلوم الفساد بالضرورة. وهو الأصل الذي بنوا عليه إثبات الصانع، فإن قدحوا في ذلك انسد عليهم طريق إثبات الصانع.
وغايتهم أن قالوا: القادر المختار يرجح أحد مقدوريه على الآخر بلا مرجح، كالجائع والخائف. وهذا فاسد، فإنه مع استواء الأسباب (2) الموجبة من كل وجه يمتنع الرجحان.
وأيضا فقول القائل: يرجح بلا مرجح، إن كان لقوله " يرجح " معنى زائد على وجود الفعل (3) فذاك هو السبب المرجح، وإن لم يكن له معنى زائد، كان حال الفعل قبل وجود الفعل (4) كحاله (5) عند الفعل (6) ، ثم الفعل حصل في إحدى الحالتين دون الأخرى (7) بلا مرجح، وهذا (8) مكابرة للعقل.
فلما كان أصل قول القدرية أن فاعل الطاعات وتاركها كلاهما في الإعانة والإقدار سواء، امتنع على أصلهم (9) أن يكون مع الفعل قدرة تخصه (10) ;
**_________
(1) ب، أ: ترجيح أحد.
(2) ع، أ، ب: فإنه مع الأسباب.
(3) ع، أ، ب، فإنه مع الأسباب
(4) ساقط من (ب) ، (أ) ، والعبارة الأخيرة في (ع) فيها. . كان حال الفعل قبل وجود الفعل، وهو خطأ.
(5) ب، أ: لحاله.
(6) م فقط: كحاله بعد وجود الفعل.
(7) ب: أحد الحالين دون الآخر ; أ: إحدى الحالين دون الآخر ; م: أحد الحالين دون الأخرى، ع: إحدى الحالين دون الأخرى.
(8) ب، أ: فهذا.
(9) م فقط: امتنع عليهم.
(10) ب: أن تكون القدرة مع الفعل قدرة تخصه ; أ: أن يكون القدرة مع الفعل قدرة تخصه
============================== ====
لأن القدرة التي تخص الفعل لا تكون للتارك وإنما تكون للفاعل، والقدرة لا تكون إلا من الله، وما كان من الله لم يكن مختصا بحال وجود الفعل. ثم لما رأوا أن القدرة لا بد أن تكون قبل الفعل، قالوا: لا تكون مع الفعل، لأن القدرة هي التي يكون بها الفعل والترك، وحال وجود الفعل يمتنع الترك. فلهذا قالوا: القدرة لا تكون إلا قبل الفعل، وهذا باطل قطعا ; لأن (1) وجود الأثر مع عدم (2) بعض شروطه الوجودية ممتنع، بل لا بد أن يكون جميع ما يتوقف عليه الفعل من الأمور الوجودية موجودا عند الفعل، فنقيض قولهم حق، وهو أن الفعل (3) لا بد أن يكون معه قدرة، لكن صار أهل الإثبات هنا (4) حزبين؛ حزبا قالوا: لا تكون القدرة إلا معه، ظنا منهم أن القدرة نوع واحد [لا تصلح للضدين (5) ] ، وظنا من بعضهم (6) أن القدرة عرض فلا تبقى زمانين فيمتنع وجودها قبل الفعل.
والصواب الذي عليه أئمة الفقه والسنة أن القدرة نوعان: نوع مصحح للفعل يمكن معه الفعل والترك، وهذه هي التي يتعلق بها الأمر والنهي، فهذه تحصل (7) للمطيع والعاصي وتكون قبل الفعل، وهذه تبقى (8) إلى حين
**_________
(1) ن، م، ع: فإن.
(2) عدم ساقطة من (ع) .
(3) ساقط من (ب) فقط.
(4) هنا: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(5) لا تصلح للضدين: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) ع فقط: وظنا منهم.
(7) ب، أ: تصلح.
(8) ب، أ: وهذا يبقى
============================== ==========
الفعل: إما ببقائها (1) عند من يقول ببقاء الأعراض (2) ، وإما بتجدد أمثالها عند من يقول: إن الأعراض لا تبقى، وهذه قد تصلح (3) للضدين.
وأمر الله لعباده مشروط بهذه الطاقة، فلا يكلف الله من ليست معه هذه الطاقة، وضد هذه العجز، وهذه المذكورة في قول الله تعالى: {ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات} [سورة النساء: 25] ، وقوله تعالى: {وسيحلفون بالله لو استطعنا لخرجنا معكم يهلكون أنفسهم والله يعلم إنهم لكاذبون} [سورة التوبة: 42] ، وقوله في الكفارة: {فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا} [سورة المجادلة: 4] فإن هذا نفي لاستطاعة من لم يفعل، فلا يكون مع الفعل.
ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين: " «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا (4) ، فإن لم تستطع فعلى جنب» " (5) ، فإنما نفى استطاعة لا فعل معها.
**_________
(1) ب، م: إما بنفسها ; أ، ن: إما بنفيها، وهو خطأ.
(2) ن، م: عند من يقول إن الأعراض تبقى.
(3) ب، أ، م: وهذا قد يصلح.
(4) ن، م: فجالسا.
(5) الحديث عن عمران بن حصين رضي الله عنه في: البخاري 2/48
============================== =======
وأيضا فالاستطاعة المشروطة في الشرع أخص من الاستطاعة التي يمتنع (1) الفعل مع عدمها، فإن الاستطاعة الشرعية قد تكون مما يتصور الفعل مع عدمها وإن لم يعجز عنه (2) ، فالشارع ييسر (3) على عباده، ويريد بهم اليسر ولا يريد بهم العسر، وما جعل عليهم (4) في الدين من حرج.
والمريض قد يستطيع القيام مع زيادة مرضه وتأخر برئه، فهذا في الشرع غير مستطيع لأجل حصول الضرر عليه، وإن كان يسميه [بعض] الناس مستطيعا (5) .
فالشارع لا ينظر في الاستطاعة الشرعية إلى مجرد إمكان الفعل، بل ينظر إلى لوازم ذلك، فإذا كان الفعل ممكنا مع المفسدة الراجحة لم تكن هذه استطاعة شرعية، كالذي يقدر أن يحج مع ضرر يلحقه في بدنه أو ماله، أو يصلي قائما مع زيادة مرضه، أو يصوم الشهرين مع انقطاعه عن معيشته، ونحو ذلك (6) فإن كان الشارع قد اعتبر في المكنة عدم المفسدة الراجحة، فكيف يكلف مع العجز؟ ! .
ولكن هذه الاستطاعة مع بقائها إلى حين الفعل لا تكفي في وجود الفعل، ولو كانت كافية لكان التارك كالفاعل، بل لا بد من إحداث إعانة
**_________
(1) ن، م: تمنع.
(2) ب، أ: قد تكون ما يتصور بالعقل مع عدمها فإن لم يعجز عنه ; ع: قد تكون مما يتصور بالفعل مع عدمها وإن لم يعجز عنه ; ن، م: قد تكون ما يتصور الفعل مع عدمها وإن لم يعجز عنه. ولعل الصواب ما أثبته.
(3) ن، م: فإن الشارع ميسر.
(4) أ، ب، ع: عليكم.
(5) ن، م: وإن كان قد يسميه الناس مستطيعا ; ع: وإن كان يسميه بعض الناس مطيعا.
(6) ونحو ذلك: ساقطة من (ب) ، (أ)
============================== =========
أخرى تقارن هذه (1) ، مثل جعل الفاعل مريدا، فإن الفعل لا يتم (2) إلا بقدرة وإرادة.
والاستطاعة المقارنة للفعل تدخل فيها الإرادة الجازمة، بخلاف المشروطة في التكليف، فإنه لا يشترط فيها الإرادة، والله تعالى (3) يأمر بالفعل من لا يريده، لكن لا يأمر به من لو (4) أراده لعجز عنه (5) .
وهذا الفرقان هو فصل الخطاب في هذا الباب. وهكذا أمر الناس بعضهم لبعض، فإن الإنسان (6) يأمر عبده بما لا يريده العبد، لكن لا يأمره بما يعجز عنه العبد. وإذا اجتمعت الإرادة الجازمة والقوة التامة (7) لزم وجود الفعل، ولا بد أن يكون هذا المستلزم للفعل مقارنا له، لا يكفي تقدمه عليه إن لم يقارنه، فإنه العلة التامة للفعل، والعلة التامة تقارن المعلول، لا تتقدمه. ولأن القدرة شرط في وجود الفعل [وكون الفاعل قادرا] ، والشرط في وجود الشيء [الذي به القادر يكون قادرا] لا يكون [الشيء] مع عدمه بل مع وجوده (8) ، [وإلا فيكون الفاعل (9) فاعلا حين لا يكون قادرا، أو غير (10) القادر لا يكون قادرا] (11) .
**_________
(1) ب، أ: هذا.
(2) لا يتم: ساقطة من (ع) .
(3) ب، أ: فالله تعالى ; ن، م: والله سبحانه.
(4) لو ساقطة من (ب) ، (أ) .
(5) ب (فقط) : فعجز عنه.
(6) ب، أ: فالإنسان ; ن، م: والإنسان.
(7) م (فقط) : والإرادة التامة.
(8) ن، م: شرط في وجود الفعل، والشرط في وجود الشيء لا يكون مع عدمه بل مع وجوده.
(9) ب، أ: ولا يكون الفاعل.
(10) أ، ب: وغير.
(11) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م)
============================== =
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثالث
الحلقة (178)
صـ 51 إلى صـ 58
وهذا معنى قول أهل الإثبات، الذي يذكره مثل القاضي أبي بكر والقاضي أبي يعلى وغيرهما: لا خلاف بيننا وبين المعتزلة أن المصحح لكون الفاعل فاعلا هو كونه قادرا، ووجدنا كل مصحح لأمر من الأمور فإنه يستحيل ثبوت ذلك الأمر والحكم مع عدم المصحح له. (* ألا ترى أنه لما ثبت أن المصحح لكون القادر العالم كونه حيا، استحال كونه عالما قادرا مع [عدم] (1) كونه حيا وكذلك لما كان *) (2) المصحح لكون المتلون متلونا (3) وكونه متحركا كونه جوهرا، استحال كونه متلونا ومتحركا (4) وليس بجوهر.
وكذلك يستحيل كونه فاعلا في حال ليس هو فيها قادرا.
قالوا: وهذا من الأدلة المعتمدة. وهذا الدليل يقتضي أنه لا بد من وجود القدرة على الفعل، ولكن لا ينفى وجودها قبل الفعل (5) ، فإن المصحح يصح وجوده قبل وجود المشروط (6) وبدون ذلك، كما يصح وجود الحياة بدون العلم، والجوهر بدون الحركة.
وهذا مما يحتج به على الفلاسفة في مسألة (7) حدوث العالم، فإنهم إذا قالوا: العلة القديمة تحدث الدورة الثانية بشرط انقضاء الأولى.
قيل لهم: لا بد عند وجود المحدث من العلة التامة، وكون الفاعل قادرا (8)
**_________
(1) عدم: ساقط من (ن) .
(2) ما بين النجمتين ساقط من (م) فقط.
(3) ن، م: المتكون متكونا.
(4) ب: متحركا متلونا ; ن: متكونا ومتحركا ; م: مكونا ومتحركا.
(5) ب، أ، م، ن: قبل ذلك.
(6) ن، م: الشرط.
(7) ع: مسائل.
(8) ب: وكونه قادرا ; أ: وكون قادرا
============================== ===
تام القدرة مريدا تام الإرادة، فلا يكفي في الإحداث مجرد وجود شيء متقدم (1) على الإحداث، فكيف يكفي مجرد عدم شيء يتقدم عدمه على الإحداث؟ بل لا بد حين الإحداث من المؤثر التام، ثم كذلك عند حدوث المؤثر التام لا بد له من مؤثر تام، فإذا لم يكن إلا علة تامة أزلية يقارنها معلولها، لزم حدوث الحوادث بلا محدث أصلا.
وهذا يدل على أن الرب تعالى يتصف بما به يفعل الحوادث المخلوقة من الأقوال القائمة به الحاصلة بقدرته ومشيئته، (2) كما قد بسط في موضعه.
وهذا التفصيل في الإرادة والقدرة (3) ، وتقسيمها إلى نوعين، يزيل الاشتباه والاضطراب الحاصل في هذا الباب.
وعلى هذا ينبني تكليف ما لا يطاق، فإن (4) من قال: القدرة لا تكون إلا مع الفعل، يقول: كل كافر وفاسق قد كلف ما لا يطيق (5) . وليس هذا الإطلاق قول جمهور أهل السنة وأئمتهم، بل يقولون: إن الله تعالى قد أوجب الحج على المستطيع، حج أو لم يحج، وكذلك أوجب صيام الشهرين في الكفارة على المستطيع، كفر أو لم يكفر، وأوجب العبادات على القادرين دون العاجزين، فعلوا أو لم يفعلوا.
وما لا يطاق يفسر بشيئين: يفسر بما لا يطاق (6) للعجز عنه ; فهذا لم يكلفه
**_________
(1) ب، أ: مقدم.
(2) م (فقط) : من الأفعال القائمة بقدرته ومشيئته.
(3) ع: الإرادة والمشيئة.
(4) ب، أ: وأن.
(5) ع، ن، م: ما لا يطاق.
(6) ب، أ: يفسر بشيئين ما لا يطاق
==============================
الله أحدا. ويفسر بما لا يطاق (1) للاشتغال بضده ; فهذا هو الذي وقع فيه التكليف (2) كما في أمر العباد بعضهم بعضا، فإنهم يفرقون بين هذا وهذا، فلا يأمر السيد عبده الأعمى بنقط المصاحف، ويأمره إذا كان قاعدا أن يقوم، ويعلم الفرق بين هذا وهذا بالضرورة.
وهذه المسائل مبسوطة في غير هذا الموضع، وإنما نبهنا على نكتها بحسب ما يليق بهذا الموضع (3) .
وعلى هذا فقوله (4) : " لم يخلق فيه قدرة على الإيمان " (5) ليس [هو] (6) قول جمهور أهل السنة، بل يقولون خلق له (7) القدرة المشروطة في التكليف المصححة للأمر والنهي، كما في العباد (8) إذا أمر بعضهم بعضا، فما يوجد من (9) القدرة في ذلك الأمر، فهو موجود في أمر الله لعباده، بل تكليف الله أيسر، ورفعه (10) للحرج أعظم. والناس يكلف بعضهم بعضا أعظم مما أمرهم الله به ورسوله، ولا يقولون: إنه تكليف ما لا يطاق. ومن تأمل أحوال من يخدم الملوك والرؤساء ويسعى في طاعتهم، وجد عندهم من ذلك ما ليس عند المجتهدين في العبادة لله (11) .
**_________
(1) ب، أ: أحدا وما لا يطاق.
(2) ن: وقع بالتكليف ; م: وقع به التكليف.
(3) بهذا الموضع: ساقط من (ب) ، (أ) وفي (م) : عند الموضع، وهو تحريف.
(4) ب، أ: وعلى هذا قوله ; م: فعلى هذا قوله.
(5) على: ساقطة من (ب) ، (أ) . وفي (ن) ، (م) : للإيمان.
(6) هو: ساقطة من (ن) ، (م) .
(7) له: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(8) ع، م: العبادات.
(9) ن، م: كما يوجد في ; ع: فما يوجد في.
(10) ع، أ، ب: ودفعه.
(11) ب، أ: في عبادة الله سبحانه وتعالى
============================== =====
**[فصل كلام الرافضي على مقالة أهل السنة في القدر إفحام الأنبياء وانقطاع حجتهم والرد عليه]
(فصل) قال الرافضي (1) : " ومنها إفحام الأنبياء وانقطاع حجتهم، لأن النبي إذا قال للكافر: آمن بي وصدقني، يقول (2) قل للذي بعثك يخلق في الإيمان أو القدرة (3) المؤثرة فيه حتى أتمكن من الإيمان وأومن بك (4) ، وإلا فكيف تكلفني الإيمان ولا قدرة لي عليه؟ بل خلق في الكفر (5) ، وأنا لا أتمكن من مقاهرة (6) الله تعالى، فينقطع النبي ولا يتمكن من جوابه ".
فيقال: هذا مقام يكثر فيه خوض النفوس (7) ، فإن كثيرا من الناس إذا أمر بما يجب عليه تعلل بالقدر، وقال: حتى يقدر الله لي (8) ذلك، أو يقدرني الله (9) على ذلك، أو حتى يقضي الله ذلك (10) ، وكذلك إذا نهي عن فعل ما حرم الله قال: الله قضى (11) علي بذلك، أي حيلة لي في هذا؟ ونحو (12) هذا الكلام.
**_________
(1) م، ن: الإمامي. والعبارات التالية في ك 86 (م) .
(2) ب، أ، ن: يقول له.
(3) م: والقدرة.
(4) بك: ليست في (ك) .
(5) ك: بل خلق الله تعالى في الكفر.
(6) ن: ما أمكن من معارفة، وهو تحريف.
(7) ب، أ، ن، م: يكثر خوض النفوس فيه.
(8) لي: زيادة في (م) ، (ن) .
(9) لفظ الجلالة ليس في (م) .
(10) ن، م: أو حتى يقضي الله له ذلك.
(11) ن، م: قضى الله.
(12) ب، أ: أي خيلة لي ونحو
============================== =======
والاحتجاج بالقدر حجة باطلة داحضة (1) باتفاق كل ذي عقل ودين من جميع العالمين، والمحتج به لا يقبل من غيره مثل هذه الحجة إذا احتج بها في (2) ظلم ظلمه إياه، أو ترك (3) ما يجب عليه من حقوقه، بل يطلب منه (4) ما له عليه، ويعاقبه على عدوانه عليه، وإنما هو (5) من جنس شبه السوفسطائية التي تعرض في العلوم، فكما أنك تعلم فسادها بالضرورة، وإن كانت تعرض كثيرا لكثير من الناس (6) حتى قد يشك في وجود نفسه وغير ذلك من المعارف (7) الضرورية، فكذلك هذا يعرض في الأعمال حتى يظن أنها شبهة (8) في إسقاط الصدق والعدل الواجب وغير ذلك، وإباحة الكذب والظلم وغير ذلك، ولكن تعلم القلوب بالضرورة أن هذه شبهة باطلة، ولهذا لا يقبلها أحد من أحد (9) عند التحقيق، ولا يحتج بها أحد إلا مع عدم علمه بالحجة بما فعله، فإذا كان معه علم بأن ما فعله هو المصلحة، وهو المأمور به (10) وهو الذي ينبغي فعله، لم يحتج بالقدر، وكذلك إذا كان معه علم بأن الذي لم يفعله (11) ليس عليه أن يفعله، أو ليس بمصلحة أو ليس هو مأمورا به، لم يحتج بالقدر، بل إذا كان متبعا لهواه بغير علم احتج بالقدر.
**_________
(1) داحضة: ساقطة من (ع) .
(2) ن، م: على.
(3) ب، أ: وترك.
(4) منه: ساقطة من (ع) .
(5) هو: ساقطة من (ع) .
(6) ن: وإن كانت كثيرا تعرض لكثير من الناس. والعبارة محرفة في (م) .
(7) ب (فقط) : المعارض، وهو تحريف.
(8) ن، م: أن هذا شبهة.
(9) من أحد: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(10) به: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(11) ن: أن الذي لم يفعله ; م: أن الذي لا يفعله
============================== =====
ولهذا لما قال المشركون: {لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء} [سورة الأنعام: 148] ، قال الله تعالى: {قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون - قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين} [سورة الأنعام: 148، 149] ، فإن هؤلاء المشركين يعلمون بفطرتهم وعقولهم أن هذه الحجة داحضة باطلة (1) .
فإن أحدهم لو ظلم الآخر في ماله، أو فجر بامرأته (2) أو قتل ولده، أو كان مصرا على الظلم فنهاه الناس عن ذلك، فقال لو شاء الله لم أفعل هذا، لم يقبلوا منه هذه الحجة، ولا هو يقبلها من غيره، وإنما يحتج بها المحتج دفعا للوم بلا وجه، فقال الله لهم: هل (3) عندكم من علم فتخرجوه لنا بأن هذا الشرك والتحريم من أمر الله وأنه مصلحة (4) ينبغي فعله، إن تتبعون إلا الظن، فإنه لا علم عندكم، بذلك إن تظنون ذلك إلا ظنا، وإن أنتم إلا تخرصون: تحرزون (5) وتفترون، فعمدتكم في نفس الأمر ظنكم وخرصكم، ليس عمدتكم (6) في نفس الأمر كون الله شاء ذلك وقدره، فإن مجرد المشيئة والقدر لا يكون (7) عمدة لأحد في الفعل، ولا حجة لأحد على أحد، ولا
**_________
(1) ب، أ: وباطلة.
(2) ب، أ: لو ظلم الآخر أو حرج في ماله أو فرج امرأته، وهو تحريف.
(3) ن: قل هل. . . .
(4) مصلحة: ساقطة من (ع) .
(5) تحرزون: ساقطة من (ب) ، (أ) . وحرز الشيء يحرزه (بضم زاي المضارع وكسرها) : قدره بالحدس.
(6) ب، أ: ليس في عمدتكم.
(7) ب، أ: فإن مجرد المشيئة والقدرة لا تكون، م، ن: فإن مجرد القدر والمشيئة لا يكون
============================== ========
عذرا لأحد (1) ، إذ الناس كلهم مشتركون في القدر (2) ، فلو كان هذا حجة وعمدة، لم يحصل فرق بين العادل والظالم، والصادق والكاذب، والعالم والجاهل، والبر والفاجر، ولم يكن فرق بين ما يصلح الناس من الأعمال وما يفسدهم، وما ينفعهم وما يضرهم.
وهؤلاء المشركون المحتجون (3) بالقدر على ترك ما أرسل [الله] به رسله (4) من توحيده والإيمان به، لو (5) احتج به بعضهم على بعض في إسقاط (6) حقوقه ومخالفة أمره لم يقبله منه، بل كان هؤلاء المشركون يذم بعضهم بعضا، ويعادي بعضهم بعضا، [ويقاتل بعضهم بعضا] (7) على فعل ما يرونه (8) تركا لحقهم أو ظلما، فلما جاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوهم إلى حق الله على عباده وطاعة أمره احتجوا بالقدر، فصاروا يحتجون بالقدر على ترك حق ربهم ومخالفة أمره بما لا يقبلونه ممن ترك حقهم (9) وخالف أمرهم.
وفي الصحيحين عن معاذ [بن جبل رضي الله عنه] (10) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (11) «يا معاذ " أتدري (12) ما حق الله على عباده؟ حقه على
**_________
(1) م (فقط) : ولا عمدة لأحد.
(2) ع: إذا كان الناس كلهم مشتركين في القدر.
(3) ن، م: إنما يحتجون.
(4) ن: ما يرسل به رسله ; م: ما أرسل الله رسله.
(5) ن، م: ولو.
(6) ب، أ: سقوط.
(7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(8) ب: من يريد ; أ: ما يريد.
(9) م (فقط) : ممن ترك بعضهم.
(10) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(11) له: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(12) ب، أ: قال: يا معاذ بن جبل أتدري ; ن: قال له: أتدري
============================== ======
عباده (1) أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا. أتدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك؟ [حقهم عليه] أن لا يعذبهم» " (2) .
فالاحتجاج بالقدر حال أهل الجاهلية الذين لا علم عندهم بما يفعلون ويتركون، إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون. وهم إنما يحتجون به في ترك حق ربهم ومخالفة أمره، لا في ترك ما يرونه حقا لهم [ولا في مخالفة أمرهم] (3) .
ولهذا تجد [كثيرا من] (4) المحتجين به (5) والمستندين إليه من النساك والصوفية والفقراء، والعامة والجند والفقهاء وغيرهم، يفرون إليه عند اتباع الظن وما تهوى الأنفس، فلو كان معهم علم وهدى لم يحتجوا بالقدر أصلا، بل يعتمدون عليه لعدم الهدى والعلم (6) .
**_________
(1) ن، م: حقه عليهم.
(2) م، ن: إذا فعلوا ذلك ألا يعذبهم. والحديث عن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - في: البخاري 8/105 (كتاب الرقاق، باب من جاهد نفسه في طاعة الله) وأوله: بينما أنا رديف النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس بيني وبينه إلا آخرة الرحل فقال: " يا معاذ " قلت: لبيك يا رسول الله وسعديك. ثم سار ساعة ثم قال: " يا معاذ " قلت: لبيك رسول الله وسعديك. ثم سار ساعة، ثم قال: " يا معاذ بن جبل " قلت: لبيك رسول الله وسعديك. قال: " هل تدري ما حق الله على عباده. . . . الحديث. وهو أيضا في: البخاري 9/114 (كتاب التوحيد، باب ما جاء في دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته إلى توحيد الله تبارك وتعالى) ; مسلم 1/58 - 59 (كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعا) ; سنن الترمذي 4/135 - 136 (كتاب الإيمان، باب افتراق هذه الأمة) ; سنن ابن ماجه 2/1435 - 1436 (كتاب الزهد، باب ما يرجى من رحمة الله يوم القيامة) ; المسند (ط. الحلبي) 3/260 - 261 (عن أنس بن مالك) .
(3) ولا في مخالفة أمرهم: هذه العبارة ساقطة من (م) ، (ن) .
(4) كثيرا من: في (ع) فقط.
(5) به: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(6) ن، م: العلم والهدى
============================== ========
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثالث
الحلقة (179)
صـ 59 إلى صـ 66
وهذا أصل شريف من اعتنى به علم (1) منشأ الضلال والغي لكثير من الناس (2) . ولهذا تجد المشايخ والصالحين (3) المتبعين للأمر والنهي كثيرا ما يوصون أتباعهم باتباع العلم والشرع لأنه كثيرا (4) ما يعرض لهم إرادات في أشياء ومحبة لها، فيتبعون فيها أهواءهم ظانين أنها دين الله (5) ، وليس معهم إلا الظن والذوق والوجد (6) الذي يرجع إلى محبة النفس وإرادتها، فيحتجون تارة بالقدر (7) ، وتارة بالظن والخرص، وهم متبعون أهواءهم في الحقيقة، فإذا اتبعوا العلم، وهو ما جاء به الشارع صلى الله عليه وسلم، خرجوا عن الظن وما تهوى الأنفس، واتبعوا ما ما جاءهم من ربهم، وهو الهدى.
كما قال تعالى: {فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى} [سورة طه: 123] .
وقد ذكر الله تعالى هذا المعنى عن المشركين في سورة الأنعام والنحل والزخرف، كما قال تعالى: {وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون} [سورة الزخرف: 20] فبين (8) أنه لا علم لهم بذلك إن هم إلا يخرصون.
**_________
(1) ع، ن: من اعتنى به عرف، م: من اعتمد به عرف.
(2) ع: والغى بين الناس.
(3) ع: المشايخ الصالحين.
(4) ب: يوصون أتباعهم بالعلم بالشرع فإن كثيرا، أ: يوصون أتباعهم بالعلم بالشرع فإن كثيرا، م: يوصفون أتباعهم باتباع العلم والشرع لأنهم كثيرا، ن: يوصفون أتباعهم باتباع العلم والشرع لأنه كثيرا
(5) م فقط: أهواءهم ميراثهم دين الله، وهو تحريف.
(6) ب: والوجدان، أ: والواجد
(7) ن: بالقدرة.
(8) ب، أ: ن: فتبين
============================== ===========
وقال في سورة الأنعام: {قل فلله الحجة البالغة} [سورة الأنعام: 149]
[أي] (1) بإرسال الرسل وإنزال الكتب، كما قال تعالى: {لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل} [سورة النساء: 165] ، ثم أثبت القدر بقوله: {فلو شاء لهداكم أجمعين} [سورة الأنعام: 149] ، فأثبت الحجة الشرعية، وبين المشيئة القدرية، وكلاهما حق.
وقال في النحل: {وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء نحن ولا آباؤنا ولا حرمنا من دونه من شيء كذلك فعل الذين من قبلهم فهل على الرسل إلا البلاغ المبين} [سورة النحل: 35] ، بين (2) سبحانه أن هذا الكلام تكذيب للرسل فيما جاءوهم به ليس حجة لهم، فإن هذا لو كان حجة (3) لاحتج به على تكذيب كل صدق وفعل كل ظلم، ففي فطرة (4) بني آدم أنه ليس حجة صحيحة، بل من احتج به احتج لعدم العلم واتباع الظن (5) ، كفعل الذين كذبوا الرسل بهذه المدافعة، بل الحجة البالغة لله بإرسال الرسل وإنزال الكتب.
كما ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " «لا أحد أحب إليه العذر من الله، من أجل ذلك مدح نفسه، ولا أحد أغير
**_________
(1) أي ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) ب، أ: فبين.
(3) ب، أ: فيما جاءوهم به ليس حجة لهم فلو كان حجة، م، ن: فيما جاءوا به ليس حجة لهم فإن هذا لو كان حجة.
(4) م، ن: فطر.
(5) م، ن: بل من احتج به يحتج به لعدم العلم واتباع الحق، ع: بل من احتج به لعدم العلم واتباع الظن
============================== ======
من الله، من أجل ذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن» ". (1) . فبين أنه سبحانه يحب أن يمدح (2) وأن يعذر ويبغض الفواحش، فيحب أن يمدح بالعدل والإحسان، وأن لا يوصف بالظلم (3) .
ومن المعلوم أنه من تقدم (4) إلى أتباعه بأن افعلوا كذا ولا تفعلوا كذا (5) وبين لهم وأزاح علتهم، ثم تعدوا حدوده وأفسدوا أموره (6) كان له أن يعذبهم وينتقم منهم.
فإذا قالوا: أليس الله قدر علينا هذا؟ لو شاء الله ما فعلنا هذا.
قيل لهم: أنتم لا حجة لكم، ولا عندكم ما تعتذرون به، يبين (7) أن ما فعلتموه كان حسنا أو كنتم معذورين فيه، فهذا الكلام غير مقبول منكم، وقد قامت الحجة عليكم بما تقدم من البيان والإعذار.
**_________
(1) الحديث مع اختلاف في الألفاظ وفي أوله عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في البخاري 6/57 (كتاب التفسير؛ تفسير سورة الأنعام، باب ولا تقربوا الفواحش) 7/35 (كتاب النكاح باب الغيرة) 9/120 (كتاب التوحيد باب قول الله تعالى: ويحذركم الله نفسه) ، مسلم 4/2113 - 2114 (كتاب التوبة باب غيرة الله تعالى) ، سنن الترمذي 5/200 - 201 (كتاب الدعوات باب حدثنا محمد بن بشار) ، المسند ط المعارف 5/219 - 220، 6/56 - 57، 59 سنن الدارمي 2/149 (كتاب النكاح، باب في الغيرة) ، وسيرد هذا الحديث مرة أخرى في هذا الجزء، ص [0 - 9] 60.
(2) ب، أ: يحب المدح.
(3) ن، م: بالظلم ويبغض الفواحش، وهو خطأ.
(4) ب، أ: قدم.
(5) كذا: ساقطة من (ب) ، (أ) ، (م) .
(6) م: أمره ; ن: أوامره، ب، أ: أمورهم.
(7) ن: تبين
============================== ======
ولو أن ولي الأمر أعطى قوما مالا ليوصلوه إلى بلد (1) آخر (2) فسافروا به وتركوه في البرية ليس عنده أحد، وباتوا في مكان بعيد منه، وكان ولي الأمر قد أرسل جندا [له] (3) يغزون بعض الأعداء، فاجتازوا تلك، الطريق فرأوا ذلك المال فظنوه لقطة ليس له أحد فأخذوه وذهبوا، لكان يحسن منه أن يعاقب الأولين على تفريطهم (4) وتضييعهم حفظ ما أمرهم بحفظه (5) .
ولو قالوا له: أنت لم تعلمنا أنك تبعث خلفنا جندا حتى نحترز المال منهم. قال لهم (6) : هذا لا يجب علي، ولو فعلته لكان زيادة إعانة لكم، لكن كان عليكم أن تحفظوا ذلك، كما تحفظ (7) الودائع والأمانات. وكانت حجته عليهم قائمة، ولم يكن إن عاقبهم ظالما (8) وإن كان لم يعنهم بالإعلام بذلك الجند، لكن عمل المصلحة في إرسال الأولين والآخرين.
والله تعالى وله المثل الأعلى حكيم (9) عدل في [كل] ما يفعله (10) ، ولا
**_________
(1) م (فقط) محله.
(2) آخر: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(3) له: زيادة في (ع) فقط.
(4) ب، أ: لتفريطهم.
(5) ب، أ: ما أمرهم به.
(6) ع: ولو قالوا له لم تعلمنا أنك تبعث خلفنا جندا حتى نحترز، لقال لهم ; م، ن ولو قالوا له أنت، (م: إنك) ، لم تعلمنا أنك ترسل خلفنا جندا حتى نحترز لقال لهم ; ب، أ: ولو قالوا له: أنت لم تعلمنا أنك تبعث بعدنا جندا حتى نحترز، (ب: يحترز) ، المال منهم قال: ولعل الصواب ما أثبته.
(7) ب: كما تحفظون، أ: كما تحفظوا.
(8) ب: ولم يكن يدعى فيهم ظالما ; أ: ولم يكن إذ عافيهم ظالما، وهو تحريف.
(9) ب، أ: حكم.
(10) ب، أ: كل ما جعله ; ن، م: فيما يفعله
============================== ==
يخرج شيء عن مشيئته وقدرته. فإذا أمر الناس بحفظ الحدود وإقامة الفرائض لمصلحتهم، كان ذلك من إحسانه إليهم، وتعريفهم ما ينفعهم. وإذا خلق أمورا أخرى، فإذا فرطوا واعتدوا بسبب خلقه لأمور أخرى (1) أوجبت (2) الضرر الحاصل من تفريطهم وعدوانهم، وكان له في خلق المخلوق الثاني حكمة ومصلحة أخرى (3) ، كان عادلا حكيما (4) في خلق هذا وخلق هذا، والأمر بهذا والأمر بهذا. وإن كان لم يمد الأولين بزيادة يحترسون (5) بها من التفريط والعدوان، لا سيما مع علمه بأن تلك الزيادة لو خلقها للزم منها تفويت مصلحة أرجح منها (6) ، فإن الضدين لا يجتمعان.
والمقصود هنا أنه لا يحتج أحد بالقدر إلا حجة تعليل، لعدم اتباع الحق الذي بينه العلم (7) ، فإن الإنسان حي حساس متحرك بالإرادة.
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: " «أصدق الأسماء الحارث وهمام» " (8) فالحارث الكاسب العامل، والهمام الكثير الهم، والهم مبدأ
**_________
(1) ب، أ: الأمور الأخرى.
(2) ساقط من (ب) ، (أ) وفي (م) فقط: من تفريطهم وعداوتهم.
(3) ساقط من (ب) ، (أ) وفي (م) فقط: من تفريطهم وعداوتهم.
(4) ب، أ: حكما.
(5) م فقط: يحترزون.
(6) منها: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(7) م، ن: منه العلم.
(8) ع: والهمام. والحديث جزء من حديث مطول عن أبي وهب الجشمي رضي الله عنه في: سنن أبي داود 4/394 (كتاب الأدب، باب في تغيير الأسماء) ونصه فيه: تسموا بأسماء الأنبياء، وأحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن، وأصدقها حارث وهمام، وأقبحها حرب ومرة. والحديث عنه أيضا في المسند ط الحلبي 4/345
============================== ======
الإرادة [والقصد، فكل إنسان حارث همام، وهو المتحرك بالإرادة] (1) وذلك لا يكون إلا بعد الحس والشعور، فإن الإرادة مسبوقة بالشعور بالمراد، فلا يتصور إرادة ولا حب ولا شوق ولا اختيار ولا طلب إلا بعد الشعور، وما هو [من] جنسه (2) ، كالحس والعلم والسمع والبصر والشم والذوق واللمس ونحو هذه الأمور. فهذا الإدراك والشعور هو (3) مقدمة الإرادة والحب والطلب.
والحي مفطور على حب ما يلائمه وينفعه (4) ، وبغض ما يكرهه ويضره، فإذا تصور الشيء الملائم النافع أراده وأحبه (5) وإذا (6) تصور الشيء الضار أبغضه ونفر عنه، لكن ذلك التصور قد يكون علما، وقد يكون ظنا وخرصا، فإذا كان عالما بأن مراده هو النافع، وهو المصلحة، وهو الذي يلائمه، كان على الهدى والحق، وإذا لم يكن معه علم بذلك (7) ، كان متبعا للظن وما تهوى نفسه، فإذا جاءه العلم والبيان بأن هذا ليس مصلحة، أخذ يحتج بالقدر حجة لدد وتعريج (8) عن الحق (9) ، لا حجة اعتماد على الحق والعلم، فلا يحتج أحد في باطنه أو ظاهره بالقدر، إلا لعدم العلم بأن ما هو عليه هو الحق (10) .
**_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(2) ن: وما هو جنسه، م: وما هو حقه.
(3) أ، ع: هي، ن: وهي.
(4) م، ع، أ، ب: ما ينفعه ويلائمه.
(5) ع: أراده وحبه.
(6) ب، أ: وإن.
(7) ن: وإذا لم يكن معه بذاك علم.
(8) ب (فقط) : لدد وتفريج.
(9) عن الحق: ساقط من (ب) ، (أ) .
(10) ب، أ: لعدم العلم بما هو عليه الحق ; ن، م: لعدم علمه بأن ما هو عليه هو الحق
============================== ======
وإذا كان كذلك كان من احتج بالقدر على الرسل مقرا بأن ما هو عليه ليس معه به علم، [وإنما تكلم بغير علم] (1) ، ومن تكلم بغير علم كان مبطلا في كلامه، ومن احتج بغير علم كانت حجته داحضة، فإما أن يكون جاهلا فعليه أن يتبع العلم، وإما أن يكون قد عرف الحق واتبع هواه فعليه أن يتبع الحق ويدع هواه.
فتبين أن المحتج بالقدر متبع لهواه بغير علم، ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله.
وحينئذ فالجواب في هذا المقام من وجوه: أحدها: أن هذا إنما يكون انقطاعا لو كان الاحتجاج بالقدر سائغا (2) ، فأما إذا كان الاحتجاج بالقدر باطلا بطلانا ضروريا مستقرا (3) في [جميع] (4) الفطر والعقول، لم يكن هذا السؤال متوجها، وذلك (5) أنه (6) من المستقر في فطر الناس وعقولهم أنه من طلب منه فعل من الأفعال الاختيارية (7) لم يكن له أن يحتج بمثل هذا، ومن طلب دينا له (8) على آخر لم يكن له أن يقول: لا أعطيك (9) حتى يخلق الله في العطاء، ومن أمر عبده بأمر (10) لم يكن له أن يقول: لا أفعله حتى يخلق الله في فعله، ومن
**_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(2) ن، م: سابقا، وهو تحريف.
(3) ع: متقررا.
(4) جميع: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) ب (فقط) : ولذلك.
(6) ساقط من (أ) ، (ب) وفي هذه العبارات تحريف في (ن) ، (م) .
(7) ساقط من (أ) ، (ب) وفي هذه العبارات تحريف في (ن) ، (م) .
(8) له: ساقطة من (ع) .
(9) ب، أ: ما أعطيك.
(10) ب (فقط) : بشيء
============================== =====
ابتاع شيئا وطلب (1) منه الثمن، لم يكن له أن يقول: لا أقضيه حتى يخلق الله في القضاء أو القدرة (2) على هذا.
وهذا أمر جبل [الله] عليه الناس كلهم (3) ، مسلمهم وكافرهم، مقرهم بالقدر ومنكرهم له، ولا يخطر ببال أحد منهم الاعتراض بمثل هذا، مع اعترافهم بالقدر، فإذا كان هذا الاعتراض (4) معروف الفساد في بدائه (5) العقول، ولم يكن لأحد أن يحتج به على الرسول.
الثاني: أن الرسول (6) يقول له: أنا نذير لك إن فعلت ما أمرتك به نجوت وسعدت، وإن لم تفعله عوقبت. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما صعد على الصفا ونادى: " «يا صباحاه " (7) فأجابوه، فقال: " أرأيتم (8) لو أخبرتكم أن عدوا مصبحكم أكنتم مصدقي؟ " قالوا: ما جربنا عليك كذبا. قال: " فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد» " (9) وقال: " «أنا النذير العريان» " (10) .
**_________
(1) ن، م: فطلب.
(2) ع، م: والقدرة.
(3) ن، أ، ب: جبل عليه الناس كلهم. وجاءت نفس العبارة في (م) ولكن سقطت منها كلمة (كلهم) .
(4) م (فقط) الأمر.
(5) ن، م، أ، ب: بداية.
(6) ب، أ: الرسول صلى الله عليه وسلم.
(7) ع: يا صاحباه.
(8) م فقط: أرأيتكم.
(9) الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما مع اختلاف في الألفاظ في البخاري 6/111 (كتاب التفسير سورة الشعراء، 6/122 \ (كتاب التفسير سورة سبأ 6/179 - 180 (كتاب التفسير سورة تبت يدا أبي لهب وتب) ، سنن الترمذي 5/121 \ كتاب التفسير ومن سورة تبت) ، المسند ط المعارف 4/186 - 286.
(10) الحديث عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه في البخاري 8/101 - 102 (كتاب الرقاق، باب الانتهاء عن المعاصي) ، وأوله: مثلي ومثل ما بعثني الله كمثل رجل أتى قوما فقال: رأيت الجيش بعيني وإني أنا النذير العريان فالنجا النجاء. . . . . الحديث، وهو في البخاري 9/93 (كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله) ، مسلم 4/1788 - 1789 كتاب الفضائل، باب شفقة النبي صلى الله عليه وسلم على أمته
============================== =========
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثالث
الحلقة (180)
صـ 67 إلى صـ 74
ومن المعلوم أن من أنذر بعدو يقصده لم يقل لنذيره: قل لله يخلق في قدرة على الفرار حتى أفر، بل يجتهد في الفرار، والله هو الذي يعينه على الفرار.
فهذا الكلام لا يقوله إلا مكذب للرسل، إذ ليس في الفطرة مع تصديق النذير الاعتلال بمثل هذا. وإذا كان هذا تكذيبا حاق به ما حاق بالمكذبين.
الوجه الثالث: أن يقول له: أنا ليس لي أن أقول لربي [مثل] (1) هذا الكلام، بل علي أن أبلغ رسالاته، وإنما علي ما حملت وعليك ما حملت، وليس علي إلا البلاغ المبين، وقد قمت به (2) .
الرابع: أن يقول: ليس لي ولا لغيري أن يقول له: لم لم [تجعل] (3) في هذا كذا وفي هذا كذا، فإن الناس على قولين: من يقول (4) : إنه لا حكمة إلا محض المشيئة، يقول إنه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد. ومن يقول: [إن] له حكمة (5) ، يقول: لم يفعل شيئا إلا لحكمة، ولم يتركه (6) إلا لانتفاء الحكمة فيه.
**_________
(1) مثل: زيادة في (ع) فقط.
(2) أ، ب: وقد تمت به.
(3) تجعل: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) ب، أ: منهم من يقول، وهو خطأ.
(5) ب، أ: ومنهم من يقول أن له حكمة، ن، م: ومن يقول له حكمة.
(6) ن، م: ولا تركه
============================== =====
وإذا كان كذلك لم يكن للعبد أن يقول له (1) مثل ذلك. ولهذا قال تعالى: {لا يسأل عما يفعل وهم يسألون} [سورة الأنبياء: 23] .
الوجه الخامس: أن يقول: إعانتك على الفعل هو من أفعاله هو، فما فعله فلحكمة، وما لم يفعله فلانتفاء الحكمة، وأما نفس الطاعة فمن أفعالك التي تعود مصلحتها عليك (2) ، فإن أعانك كان فضلا [عليك] منه (3) وإن خذلك كان عدلا منه، فتكليفك ليس لحاجة (4) له إلى ذلك ليحتاج إلى إعانتك، كما يأمر السيد عبده بمصلحته.
فإذا كان العبد غير قادر أعانه حتى يحصل مراد الآمر الذي يعود إليه نفعه، بل التكليف إرشاد وهدى وتعريف للعباد بما (5) ينفعهم في المعاش والمعاد ومن عرف أن هذا الفعل ينفعه وهذا الفعل يضره، وأنه يحتاج (6) إلى ذلك الذي ينفعه، لم يمكنه أن يقول: لا أفعل الذي أنا محتاج إليه، وهو ينفعني (7) حتى يخلق في الفعل، بل مثل هذا يخضع ويذل لله حتى يعينه على فعل ما ينفعه، كما لو قيل: هذا العدو قد قصدك (8) ، أو هذا السبع، أو هذا السيل (9) المنحدر، فإنه لا يقول: لا أهرب وأتخلص
**_________
(1) له: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(2) ب، أ، ن: إليك.
(3) ن: كان ذلك فضلا منه. وعليك في (ع) فقط.
(4) ن، م: بحاجة.
(5) بما في (م) فقط. وفي سائر النسخ: ما.
(6) يحتاج في (ع) فقط، وفي سائر النسخ: محتاج.
(7) ب، أ: ينفعه.
(8) ع: هذا عدو وقد قصدك.
(9) ن، م: وهذا السبع، أو السيل
============================== =
[منه] (1) حتى يخلق [الله] (2) في الهرب، بل يحرص على الهرب ويسأل الله الإعانة على ذلك، ويفر منه إذا عجز. وكذلك إذا كان محتاجا إلى طعام أو شراب أو لباس (3) ، فإنه لا يقول: لا آكل ولا أشرب ولا ألبس حتى يخلق الله (4) في ذلك، بل يريد ذلك ويسعى فيه ويسأل الله تيسيره [عليه] (5) .
فالفطرة مجبولة على حب ما تحتاج إليه، ودفع ما يضرها، وأنها تستعين الله عز وجل على ذلك. هذا [هو] موجب الفطرة (6) التي فطر [الله] (7) عليها عباده، وإيجابها ذلك، ولهذا أمر الله العباد أن يسألوا الله أن يعينهم على فعل ما أمر.
الوجه السادس: أن يقال: مثل هذا الكلام إما أن يقوله من يريد الطاعة، ويعلم أنها تنفعه، أو من لا يريدها ولا يعلم أنها تنفعه، وكلاهما يمتنع [منه] (8) أن يقول مثل هذا الكلام. أما الأول فمن أراد الطاعة وعلم أنها تنفعه أطاع قطعا إذا (9) لم يكن عاجزا، فإن نفس الإرادة الجازمة
**_________
(1) منه: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) لفظ الجلالة ساقط من (ن) .
(3) ع، ن، م وشراب ولباس.
(4) لفظ الجلالة ساقط من (ع) ، (أ) ، (ب) .
(5) عليه: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) ب، أ: تستعين بالله على ذلك وهذا موجب الفطرة ; ن، م: تستعين بالله على ذلك. هذا موجب الفطرة. والمثبت من (ع) .
(7) لفظ الجلالة ساقط من (ن) ، (م) .
(8) منه: ساقطة من (ن) ، (م) .
(9) ع: فإذا
============================== ========
للطاعة مع القدرة (1) توجب الطاعة، [فإنها مع وجود القدرة والداعي التام توجب وجود المقدور] (2) فإذا كانت الطاعة بالتكلم (3) بالشهادتين، فمن أراد ذلك [إرادة جازمة] فعله قطعا [لوجود القدرة والداعي التام] ، ومن (4) لم يفعله علم أنه لم يرده، وإن كان (5) لا يريد الطاعة فيمتنع أن يطلب من الرسول (6) أن يخلقها الله فيه فإنه، إذا طلب من الرسول (7) أن يخلقها الله فيه كان مريدا لها (8) ، فلا يتصور أن يقول مثل ذلك إلا مريد، ولا يكون مريدا للطاعة المقدورة (9) إلا ويفعلها.
وهذا يظهر بالوجه السابع: (10) وهو أن يقال: أنت متمكن من الإيمان قادر عليه، فلو أردته فعلته، وإنما لم تؤمن لعدم إرادتك له، لا لعجزك وعدم قدرتك عليه. وقد بينا أن القدرة التي هي شرط في الأمر تكون موجودة قبل الفعل في المطيع والعاصي، [وتكون موجودة مع الأمر في المطيع] (11) بخلاف المختصة بالمطيع، فإنها لا توجد إلا مع الفعل.
**_________
(1) ن: فإن نفس الإرادة للطاعة مع القدرة ; م: فإن نفس الإرادة للطاعة مع القوة.
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (م) ، (ن) .
(3) ن، م: التكلم.
(4) ن، م: فمن أراد ذلك فعله ن: فعليه قطعا ومن.
(5) ب، أ: أنه لا يريده فإن كان إلخ.
(6) ب، أ: أن يكون بطلب من الرسول صلى الله عليه وسلم.
(7) ب، أ: من الرسول صلى الله عليه وسلم.
(8) لها: ليست في (ع) .
(9) ب، أ: المقدور وهو خطأ.
(10) ب، أ: وهذا يظهر. الوجه السابع ; ن: وهذا يظهر فالجواب السابع، م: وهذا يظهر بالجواب السابع.
(11) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م)
============================== =====
وقد بينا (1) أن من جعل القدرة نوعا واحدا: إما مقارنا للفعل (2) ، وإما سابقا عليه، فقد (3) أخطأ. هذا إذا عني بأحد النوعين مجموع ما يستلزم الفعل، كما هو اصطلاح كثير من النظار. وأما إذا لم يرد بالقدرة إلا المصحح فهي نوع واحد.
فإن للناس في القدرة: هل هي مع الفعل أو قبله؟ عدة أقوال (4) : أحدها: أنها لا تكون إلا مع الفعل، وهذا بناء على أنها المستلزمة للفعل، وتلك لا تكون إلا معه، وقد يبنونه على (5) أن القدرة عرض، والعرض لا يبقى زمانين.
والثاني: [أنها] (6) لا تكون إلا قبله، بناء على أنها المصححة فقط، وأنها لا تكون مقارنة.
الثالث: أنها تكون قبله ومعه، وهذا أصح الأقوال.
ثم من هؤلاء من يقول: القدرة نوعان: مصححة، ومستلزمة. فالمصححة قبله والمستلزمة معه.
ومنهم من يقول: بل القدرة هي المصححة فقط، وهي تكون معه وقبله. وأما الاستلزام فإنما يحصل بوجود الإرادة مع القدرة لا بنفس (7)
**_________
(1) ع: وقد ثبت.
(2) ع: للفاعل.
(3) فقد: زيادة في (م) فقط.
(4) ب: أقوالا، أ: قولان، وسقطت كلمة " عدة ".
(5) ب، أ: وقد سبق أيضا.
(6) أنها في (ع) فقط.
(7) ب، أ: نفس
============================== ======
ما يسمى قدرة والإرادة ليست جزءا من مسمى القدرة، وهذا القول [هو] الموافق للغة القرآن (1) ، بل ولغات سائر الأمم هو أصح الأقوال.
وحينئذ فنقول: أنت قادر متمكن خلق فيك القدرة على الإيمان، ولكن أنت لا تريد الإيمان، فإن قال [له:] قل (2) له يجعلني مريدا للإيمان. قال [له] : (3) إن كنت تطلب منه ذلك فأنت مريد للإيمان، وإن لم تطلب ذلك فأنت كاذب في قولك، قل له: يجعلني مريدا للإيمان. فإن قال: فكيف تأمرني (4) بما لم يجعلني مريدا له، لم يكن هذا طلبا للإرادة، بل [كان] (5) هذا مخاصمة، وهذا ليس على الرسول جوابه، [بل] ولا (6) في ترك جوابه انقطاع، فإن القدر ليس لأحد أن يحتج به (7) .
[الوجه الثامن: أن يقال: كل من دعاه غيره إلى فعل وأمره به، فلا يخلو أن يكون مقرا بأن الله خالق أفعال العباد وإرادتهم (8) وأنهم لا يفعلون إلا ما شاءه، (أو لا يكون مقرا بذلك، بل يقول: إنهم يفعلون ما لا يشاؤه) (9) ، وهم يحدثون إرادات أنفسهم بلا إرادته. (10)
**_________
(1) ب، أ: وهو القول الموافق للغة القرآن.
(2) له: في (ع) فقط.
(3) أ، ب: قل له ; ن، م: قال.
(4) أ، ب: يأمرني.
(5) كان: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) أ، ب: ليس على الرسول صلى الله عليه وسلم بل ولا ; ع، ن، م، ليس على الرسول جوابه، ولعل الصواب ما أثبته.
(7) بعد عبارة ((يحتج به)) يوجد سقط في نسختي (م) ، (ن) ، وسنشير إلى نهايته بإذن الله.
(8) ب، أ: وإرادتهم.
(9) ما بين القوسين في (ع) فقط.
(10) ب، أ: أو هم يجذبون إرادة أنفسهم بلا إرادته، وهو تحريف
============================== ===
فإن كان من القسم الأول فهو يقر بأن كل ظالم له أو لغيره (1) قد خلقت إرادته للظلم فظلمه (2) ، وهو لا يعذر الظالم في ذلك. فيقال له: أنت مقر بأن مثل هذا ليس بحجة (3) لمن خالف ما أمر به كائنا ما كان، فلا يسوغ لك الاحتجاج به وإن كان (4) منكرا للقدر امتنع أن يحتج بهذا، فثبت أن الاحتجاج بالقدر لإفحام الرسل لا يسوغ (5) لا (6) على قول هؤلاء ولا على قول هؤلاء.
فإن قال قائل: المدعي ليس له مذهب يعتقده بل هو ساذج.
قيل له: هب أن الأمر كذلك، ففي نفس الأمر إما أن يكون (الحق) (7) قول هؤلاء وإما أن يكون قول هؤلاء، وعلى التقديرين فالاحتجاج بالقدر باطل. فثبت بطلان الاحتجاج به باتفاق الطائفتين: المثبتة والنفاة.
الوجه التاسع: أن يقال مقصود الرسالة هو الإخبار بالعذاب لمن كذب وعصى، كما قال موسى وهارون عليهما السلام لفرعون: {إنا قد أوحي إلينا أن العذاب على من كذب وتولى} [سورة طه: 48] .
وحينئذ فإذا قال: هو خلق في الكفر ولم يخلق في إرادة الإيمان.
**_________
(1) ع: ولغيره.
(2) ب (فقط) : فظلم.
(3) ع: حجة.
(4) ب، أ: فلا يسوغ ذلك الاحتجاج وإن كان. . . إلخ.
(5) ب، أ: لا يجوز.
(6) لا: ساقطة من (ع) .
(7) الحق: في (ع) فقط
============================== =======
قيل له: هذا لا يناقض وقوع العذاب بمن كذب وتولى، فإن كان لم يخلق فيك الإيمان فأنت ممن يعاقبه، وإن جعلك مؤمنا فأنت ممن يسعده (1) ونحن رسل مبلغون لك منذرون لك، فقد حصل مقصود الرسول (2) وبلغ البلاغ المبين، وإنما المكلف يخاصم ربه حيث أمره بما لم يعنه عليه، وهذا لا يتعلق بالرسول ولا يضره (3) ، والله سبحانه وتعالى لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.
الوجه العاشر: أن يقال هذا السؤال وارد على (هذا) المصنف (4) وعلى غيره من محققي المعتزلة والرافضة الذين اتبعوا أبا الحسين البصري (5) حيث قال إنه مع وجود الداعي والقدرة يجب وجود المقدور، وذلك أن الله خلق الداعي في العبد. وقول أبي الحسين ومتبعيه في القدر (6) وهو قول محققي أهل السنة الذين يقولون: إن الله خلق قدرة العبد وإرادته، وذلك مستلزم لخلقه (7) فعل العبد، ويقولون: إن العبد فاعل لفعله حقيقة (ومحدث لفعله) (8) ، والله سبحانه جعله فاعلا له (9) محدثا له، وهذا قول جماهير
**_________
(1) ب، أ: أسعده.
(2) ب، أ: الرسالة.
(3) ع: ولا يضره شيئا.
(4) ب، أ: على المصنف.
(5) وهو أبو الحسين محمد بن علي الطيب البصري المتوفى سنة 436 هـ، سبق الكلام عنه 1/395، 2/125، 283.
(6) في القدر: ليست في (ع) .
(7) ب، أ: لحقيقة.
(8) ومحدث لفعله: في (ع) فقط.
(9) له: ساقطة من (ع)
============================== ====
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثالث
الحلقة (181)
صـ 75 إلى صـ 82
أهل السنة من جميع الطوائف، وهو قول كثير من أصحاب الأشعري كأبي إسحاق الإسفراييني وأبي المعالي والجويني الملقب بإمام الحرمين وغيرهما (1) .
وإذا كان هذا قول محققي المعتزلة والشيعة، وهو قول (2) جمهور أهل السنة وأئمتهم بقي الخلاف بين القدرية الذين يقولون: إن الداعي يحصل في قلب العبد بلا مشيئة من الله ولا قدرة، وبين الجهمية المجبرة الذين يقولون: إن قدرة العبد لا تأثير لها في فعله بوجه من الوجوه، وأن العبد ليس فاعلا لفعله، كما يقول ذلك الجهم بن صفوان إمام المجبرة ومن اتبعه (3) ، وإن أثبت أحدهم (4) كسبا لا يعقل، كما أثبته الأشعري ومن وافقه. وإذا كان (5) هذا النزاع في هذا الأصل بين القدرية النفاة لكون الله يعين المؤمنين على الطاعة ويجعل فيهم داعيا إليها ويختصهم (6) بذلك دون الكافرين، وبين المجبرة الغلاة الذين يقولون: إن العباد لا يفعلون (7) شيئا ولا قدرة لهم على شيء، أو لهم قدرة لا يفعلون بها شيئا ولا تأثير لها في شيء فكلا القولين باطل، مع أن كثيرا من الشيعة يقولون بقول المجبرة.
وأما السلف والأئمة القائلون بإمامة الخلفاء الثلاثة فلا يقولون لا بهذا
**_________
(1) ب، أ: وغيرهم.
(2) ع: وقول.
(3) ومن اتبعه: ليست في (ع) .
(4) ع: بعضهم.
(5) ب، أ: وإن كان.
(6) ب، أ: ويخصهم.
(7) ع: لم يفعلوا
=============================
ولا بهذا. فتبين أن قول أهل السنة القائلين بخلافة (1) الثلاثة هو الصواب، وأن من أخطأ من أتباعهم في شيء فخطأ الشيعة أعظم من خطئهم (2) .
وهذا السؤال إنما يتوجه على من يسوغ الاحتجاج بالقدر ويقيم عذر نفسه أو غيره إذا عصى بكون هذا مقدرا علي (3) ، ويرى أن شهود هذا هو شهود الحقيقة، أي الحقيقة الكونية. وهؤلاء كثيرون في الناس، وفيهم (4) من يدعي أنه من الخاصة العارفين أهل التوحيد الذين فنوا في [توحيد] (5) الربوبية، ويقول (6) إن العارف إذا فني (7) في شهود توحيد الربوبية لم يستحسن حسنة ولم يستقبح سيئة، ويقول بعضهم (8) : من شهد الإرادة سقط عنه الأمر، ويقول بعضهم: الخضر (9) إنما سقط عنه التكليف لأنه شهد الإرادة، وهذا الضرب كثير في متأخري الشيوخ والنساك (10) [والصوفية] (11) والفقراء، بل وفي (12) الفقهاء والأمراء والعامة.
ولا ريب أن هؤلاء شر من المعتزلة والشيعة الذين يقرون بالأمر والنهي
**_________
(1) ع: بإمامة.
(2) هنا ينتهي السقط في نسختي (ن) ، (م) ، وبدأ في ص 72.
(3) ب: بأن هذا مقدر علي، م: بأن هذا مقدرا علي، وهو خطأ.
(4) ن، م: ومنهم.
(5) توحيد: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) ب، أ: ويقولون.
(7) إذا فني: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(8) ن: وبعضهم يقول.
(9) ب، أ: الخضر عليه السلام.
(10) أ، ب: الشيوخ النساك.
(11) والصوفية: ساقطة من (ن) ، (م) .
(12) ب، أ، م، ن: بل في
============================== ======
وينكرون القدر، وبمثل هؤلاء طال لسان المعتزلة والشيعة في المنتسبين إلى السنة، فإن من أقر بالأمر والنهي والوعد والوعيد، وفعل الواجبات وترك المحرمات، ولم يقل: إن الله خلق أفعال العباد ولا يقدر على ذلك ولا شاء [المعاصي] هو قد قصد (1) تعظيم الأمر وتنزيه الله عن الظلم وإقامة حجة الله على نفسه، لكن ضاق عطنه فلم يحسن الجمع بين قدرة الله التامة ومشيئته (2) العامة وخلقه الشامل، وبين عدله وحكمته، وأمره ونهيه، ووعده ووعيده (3) ، فجعل لله الحمد ولم يجعل له تمام الملك.
والذين أثبتوا قدرته ومشيئته وخلقه وعارضوا بذلك أمره ونهيه ووعده ووعيده (4) ، شر من اليهود والنصارى كما قال هذا المصنف. فإن قولهم يقتضي إفحام الرسل، ونحن إنما نرد من أقوال هذا وغيره ما كان باطلا. وأما الحق فعلينا أن نقبله من كل قائل، وليس لأحد أن يرد بدعة ببدعة، ولا يقابل باطلا بباطل، والمنكرون للقدر وإن كانوا في بدعة فالمحتجون به على الأمر أعظم بدعة، وإن كان أولئك يشبهون المجوس فهؤلاء يشبهون المشركين المكذبين للرسل (5) الذين قالوا: لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من دونه من شيء.
وقد كان في أواخر عصر الصحابة [رضي الله عنهم أجمعين] (6) جماعة من هؤلاء القدرية، وأما المحتجون بالقدر على الأمر فلا تعرف لهم طائفة
**_________
(1) م، ن: وقد قصد.
(2) أ، ب، ع: وبين مشيئته.
(3) ساقط من (م) فقط
(4) ساقط من (م) فقط.
(5) المكذبين للرسل، ساقطة من (ع) .
(6) رضي الله عنهم أجمعين: ساقطة من (ن) ، (م)
============================== ========
من طوائف المسلمين معروفة، وإنما كثروا في المتأخرين، وسموا هذا حقيقة، وجعلوا الحقيقة تعارض الشريعة، ولم يميزوا بين الحقيقة الدينية الشرعية التي تتضمن تحقيق أحوال القلوب كالإخلاص والصبر والشكر والتوكل والمحبة لله، وبين الحقيقة الكونية القدرية التي يؤمن بها ولا يحتج بها على المعاصي لكن يسلم إليها عند المصائب.
فالعارف يشهد القدر في المصائب فيرضى ويسلم ويستغفر ويتوب من الذنوب والمعايب، كما قال تعالى: {فاصبر إن وعد الله حق واستغفر لذنبك} [سورة غافر: 55] ، فالعبد مأمور بأن يصبر على المصائب ويستغفر من المعايب.
**[حديث احتجاج آدم وموسى عليهما السلام]
ومن هذا الباب حديث احتجاج آدم وموسى عليهما السلام، قد أخرجاه في الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه، وروي بإسناد جيد عن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " «احتج آدم وموسى» " وفي لفظ «أن موسى قال: " يا رب أرني (1) آدم الذي أخرجنا من الجنة بخطيئته، فقال موسى: يا آدم (2) أنت أبو البشر خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه، وأسجد لك ملائكته، لماذا أخرجتنا ونفسك من الجنة؟ فقال له آدم (3) : أنت موسى الذي اصطفاك الله بكلامه، وكتب لك التوراة بيده، فبكم تجد فيها مكتوبا: " {وعصى آدم ربه فغوى} " قبل أن
**_________
(1) ع: أرنا.
(2) يا آدم: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(3) آدم: ساقطة من (ب) ، (أ)
============================== ====
أخلق؟ قال: بأربعين سنة (1) قال: فحج آدم موسى، فحج آدم موسى ".» (2) .
فهذا الحديث ظن فيه (3) طوائف أن آدم احتج بالقدر على الذنب، وأنه حج موسى بذلك، فطائفة من هؤلاء يدعون التحقيق والعرفان يحتجون بالقدر على الذنوب مستدلين بهذا الحديث، وطائفة يقولون: الاحتجاج بهذا سائغ (4) في الآخرة لا في الدنيا، [وطائفة يقولون: هو حجة للخاصة المشاهدين للقدر دون العامة] (5) ، وطائفة كذبت هذا الحديث (6) كالجبائي وغيره، وطائفة تأولته تأويلات فاسدة (7) مثل قول بعضهم: إنما حجه لأنه كان
**_________
(1) ب: فكم تجد فيها مكتوبا فعصى آدم ربه فغوى. قال قبل أن يخلقك بأربعين سنة، أ: فبكم تجد فيها مكتوبا فعصى آدم ربه فغوى قبل أن يخلقك بأربعين سنة ; ع: فبكم تجد فيها مكتوب وعصى آدم ربه فغوى قبل أن أخلق بأربعين سنة ; ن، م: فكم تجد فيها مكتوبا وعصى آدم ربه فغوى قبل أن أخلق. قال: بأربعين سنة، ولعل الصواب ما أثبته.
(2) الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه في: البخاري 9/148 (كتاب التوحيد باب وكلم الله موسى تكليما) مسلم 4/2042 - 2044 (كتاب القدر باب حجاج آدم وموسى) ، سنن ابن ماجه (المقدمة باب في القدر، 1/31 - 32 المسند ط المعارف 13، 177، 14/23، 56، 245، والحديث عن أبي هريرة وعن عمر رضي الله عنهما في سنن أبي داود 4/311، 312 (كتاب السنة باب في القدر) .
(3) فيه: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(4) ب: الاستدلال به سائغ، أ: الاستدلال به شائع ; ن: الاحتجاج به سائغ ; م: الاحتجاج سائغ.
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من (م) ، (ن) .
(6) م، ن: وطائفة كذبت به ; ع: وطائفة كذبت بهذا الحديث.
(7) ب، أ: تأويلا فاسدا، ونقل مستجى زاده في هامش (ع) ، كلام ابن تيمية الذي يبدأ بعبارة ((وطائفة كذبت بهذا الحديث)) وينتهي عند هذا الموضع ثم علق قائلا: قلت: وذلك دأب القدرية إذا ورد حديث يخالف قواعدهم التي اخترعوها يردون ذلك الحديث وينكرون وروده، وإن كان مما اتفق عليه الشيخان: البخاري ومسلم، أو يؤولونه. ومنشأ ذلك كله أن الأدلة العقلية متقدمة على الأدلة النقلية، فشكر الله تعالى سعي أهل الحق، وأيدهم ونصرهم حيث لا يردون حديثا ثبت عن صاحب الشرع لاستبعاد عقولهم، اللهم إلا ما شذ من الماتريدية، لكن الأشاعرة والحنابلة سداهم ولحمتهم قبول الأحاديث الواردة عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم مخبتين عن إنكارها وإن كانت مخالفة لعقولهم وقياساتهم
============================== ===
قد تاب (1) ، وقول آخر: كان أباه (2) والابن لا يلوم أباه، وقول بعضهم: كان الذنب في شريعة (3) واللوم في أخرى.
وهكذا كله تعريج عن مقصود الحديث، فإن الحديث إنما تضمن التسليم للقدر عند المصائب، فإن موسى لم يلم آدم لحق الله الذي في الذنب، وإنما (4) لامه لأجل ما لحق الذرية من المصيبة ; ولهذا قال أرنا آدم الذي أخرجنا ونفسه من الجنة. وقال: لماذا أخرجتنا ونفسك من الجنة؟ وهذا (5) روي في بعض طرق الحديث وإن لم يكن في جميعها.
وهو حق (6) ، فإن آدم كان قد تاب من الذنب، وموسى أعلم بالله من
**_________
(1) ن: إنها حجة لأنه كان تاب ; م: إنها حجة لأنه قد كان تاب ; ب، أ: إنها حجة لأنه كان قد تاب.
(2) ب، أ: والقول الآخر إنه كان أباه ; م: وقول آخر لأنه كان أباه.
(3) ب، أ: وقال الآخرون الذنب كان في شريعته، م: وقول آخر كان الذنب في شريعته، ن: وقول بعضهم كان الذنب في شريعته.
(4) م: لحق الله في الذنب إنما ; ن: بحق الله في الذنب إنما ; ع: لخلق الله الذي في الدنيا إنما. وفي رسالة الاحتجاج بالقدر (مجموعة الرسائل الكبرى 2/100، مجموعة فتاوى الرياض 8/262 - 272) يقول ابن تيمية: ((الصواب في قصة آدم وموسى أن موسى لم يلم آدم إلا من جهة المصيبة التي أصابته وذريته بما فعل، لا لأجل أن تارك الأمر مذنب عاصي)) .
(5) أ، ب: هكذا.
(6) ع: فهو حق
============================== ===
أن يلوم تائبا، وهو أيضا قد تاب حيث قال: {رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي} [سورة القصص: 16] وقال: {سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين} [سورة الأعراف: 143] ، وقال: {فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة إنا هدنا إليك} [سورة الأعراف: 155، 156] ، وأيضا فإن المذنبين من الآدميين كثير، فتخصيص (1) آدم باللون دون الناس لا وجه له.
وأيضا فآدم وموسى أعلم بالله من أن يحتج أحدهما على الذنب بالقدر ويقبله الآخر، فإن هذا لو كان مقبولا لكان لإبليس الحجة بذلك أيضا (2) ، ولقوم نوح وعاد وثمود وفرعون.
وإن كان من احتج على موسى بالقدر لركوب الذنب قد حجه، ففرعون أيضا يحجه بذلك (3) . وإن كان آدم إنما حج موسى لأنه رفع اللوم (4) عن المذنب (5) لأجل القدر فيحتج بذلك (6) عليه إبليس من امتناعه من السجود لآدم، وفي الحقيقة هذا إنما هو احتجاج على الله (7) ، وهؤلاء هم خصماء الله القدرية الذين يحشرون (8) يوم القيامة إلى النار حجتهم داحضة عند ربهم وعليهم غضب ولهم عذاب شديد.
**_________
(1) ن، م: فتخصص.
(2) أ، ب: وأيضا.
(3) بذلك: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) ب (فقط) : دفع اللوم.
(5) أ، ب: عن الذنب.
(6) بذلك: ساقطة من (ع) .
(7) أ، ب: وفي الحقيقة إنما احتج على الله، والعبارة في (م) غير مستقيمة.
(8) أ، ب: يجرون
============================== ===
والآثار المروية في ذم القدرية تتناول هؤلاء أعظم من تناولها المنكرين للقدر تعظيما للأمر وتنزيها عن الظلم، ولهذا يقرنون (1) القدرية بالمرجئة لأن المرجئة تضعف أمر الإيمان والوعيد (2) ، وكذلك هؤلاء القدرية تضعف أمر الله بالإيمان والتقوى ووعيده، ومن فعل هذا كان ملعونا في كل شريعة كما روي: لعنت القدرية والمرجئة على لسان سبعين نبيا.
والخائضون في القدر بالباطل (3) ثلاثة أصناف: المكذبون به، والدافعون للأمر والنهي [به] (4) ، والطاعنون على الرب عز وجل بجمعه بين الأمر والقدر، وهؤلاء شر الطوائف ويحكى (5) في ذلك مناظرة عن إبليس والدافعون به للأمر (6) بعدهم في الشر، والمكذبون به بعد هؤلاء.
وأنت إذا رأيت تغليظ السلف على المكذبين بالقدر فإنما ذاك لأن الدافعين للأمر لم يكونوا يتظاهرون بذلك، ولم يكونوا موجودين كثيرين، وإلا فهم شر منهم، كما أن الروافض شر من الخوارج في الاعتقاد، ولكن الخوارج أجرأ على السيف والقتال منهم، فلإظهار القول ومقاتلة المسلمين عليه (7) جاء فيهم ما لا يجيء فيمن هم (8) من جنس المنافقين الذين يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم.
**_________
(1) أ، ب: يقربون، وهو خطأ.
(2) أ، ب:. . . . . . . . بالمرجئة بضعف أمر الإيمان والوعيد.
(3) ع، أ: والخائضون بالقدر في الباطل.
(4) به: زيادة في (ع) .
(5) أ، ب: وحكى.
(6) أ، ب: والدافعون وللأمر به ; ن، م: فالدافعون به للأمر.
(7) عليه: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(8) أ، ب: فيمن هو، م: في غيرهم
==============================
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثالث
الحلقة (182)
صـ 83 إلى صـ 90
فتبين أن آدم احتج على موسى بالقدر من جهة المصيبة التي لحقته ولحقت الذرية، والمصيبة تورث نوعا من الجزع يقتضي لوم من كان سببها، فتبين له أن هذه المصيبة وسببها كان مقدورا مكتوبا، والعبد مأمور أن يصبر على قدر الله ويسلم لأمر الله (1) فإن هذا من جملة ما أمره (2) الله به، كما قال تعالى: {ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه} [سورة التغابن: 11] قالت (3) طائفة من السلف كابن مسعود: هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم.
[فهذا الكلام الذي قاله هذا المصنف وأمثال] هذا الكلام يقال لمن احتج بالقدر (4) على المعاصي، ثم يعلم أن هذه الحجة باطلة بصريح العقل عند كل أحد مع الإيمان بالقدر.
وبطلان هذه الحجة لا يقتضي التكذيب بالقدر، وذلك أن بني آدم مفطورون على احتياجهم إلى جلب (5) المنفعة ودفع المضرة، لا يعيشون ولا يصلح لهم دين ولا دنيا إلا بذلك، فلا بد أن يأتمروا (6) وإنما فيه تحصيل (7) منافعهم ودفع مضارهم، سواء بعث إليهم رسول أو لم يبعث، لكن علمهم بالمنافع والمضار بحسب عقولهم وقصودهم، والرسل (8) صلوات الله عليهم
**_________
(1) ع، ن، م: لأمره.
(2) ع، م: ما أمر.
(3) ع، ن، م: قال.
(4) ن، م: ويسلم، وهذا الكلام يقال لمن يحتج بالقدر.
(5) ن، م: طلب.
(6) ب: يتآمروا، م: يأمروا.
(7) أ، ب: محصل.
(8) أ، ب: وقصورهم فالرسل. . . إلخ
==========================
بعثوا بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها فأتباع الرسل أكمل الناس في ذلك، والمكذبون للرسل انعكس الأمر في حقهم، فصاروا يتبعون المفاسد ويعطلون المصالح، فهم شر الناس، ولا بد لهم مع ذلك من أمور يجتلبونها، وأمور يجتنبونها، وأن يتدافعوا جميعا ما يضرهم (1) من الظلم والفواحش ونحو ذلك. فلو ظلم بعضهم بعضا في دمه وماله وعرضه وحرمته (2) فطلب المظلوم الاقتصاص والعقوبة، لم يقبل أحد من ذوي العقول احتجاجه بالقدر. ولو قال: اعذروني فإن هذا كان مقدرا علي. لقالوا له (3) : وأنت لو فعل بك هذا (4) فاحتج عليك ظالمك بالقدر لم تقبل منه.
وقبول هذه الحجة يوجب الفساد الذي لا صلاح معه، وإذا كان الاحتجاج بالقدر مردودا في فطر جميع الناس وعقولهم، مع أن جماهير الناس مقرون بالقدر، علم أن الإقرار بالقدر لا ينافي دفع الاحتجاج به، بل لا بد من الإيمان به، ولا بد من رد الاحتجاج به.
ولما كان الجدل (5) ينقسم إلى حق وباطل، والكلام ينقسم إلى حق وباطل (6) ، وكان من لغة العرب أن الجنس إذا انقسم إلى نوعين أحدهما أشرف من الآخر، خصوا الأشرف باسمه الخاص (7) وعبروا عن الآخر
**_________
(1) ع: وإن تدافعوا جميعا ما يضرهم ; م، ن: وأن يتدافعوا ما يضرهم جميعا.
(2) ب: في دمه أو ماله أو حرمه ; أ: في دمه وماله وحرمته ; م: في ذمته وماله وعرضه وحرمته.
(3) له: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) أ، ب: ذلك.
(5) ن، م: الجدال.
(6) ساقط من (ع) .
(7) أ، ب: بالاسم الخاص
============================
بالاسم العام (1) ، كما في لفظ الجائز العام والخاص (2) ، والمباح العام والخاص، وذوي الأرحام العام والخاص ولفظ الحيوان (3) العام والخاص، فيطلقون (4) لفظ الحيوان على (5) غير الناطق لاختصاص الناطق باسم الإنسان.
وعملوا في لفظ الكلام والجدل كذلك، فيقولون (6) : فلان صاحب كلام ومتكلم (7) إذا كان قد يتكلم (8) بلا علم، ولهذا ذم السلف أهل الكلام. وكذلك الجدل إذا لم يكن (9) الكلام بحجة صحيحة لم يك إلا جدلا محضا.
والاحتجاج بالقدر من هذا الباب، كما في الصحيح عن علي رضي الله عنه، قال: " «طرقني رسول الله صلى الله عليه وسلم وفاطمة فقال: " ألا تقومان تصليان؟ " (10) فقلت: يا رسول الله إنما أنفسنا بيد الله إن شاء يبعثنا بعثنا. قال فولى وهو يقول: {وكان الإنسان أكثر شيء جدلا} » (11) [سورة الكهف: 54] فإنه لما أمرهم بقيام الليل فاعتل علي
**_________
(1) م فقط: باسمه العام.
(2) م فقط: كما في اسم الجائز الخاص والعام.
(3) أ، ب: ولفظ الجواز.
(4) أ، ب: ويطلقون.
(5) ن، م: عن.
(6) ب: غلبوا في لفظ الكلام والجدل فلذلك يقولون ; أ: علوا في لفظ الكلام والجدل فكذلك يقولون ; م، ن: وكذلك فعلوا في لفظ الكلام والجدل فيقولون.
(7) ع: ويتكلم.
(8) م (فقط) : قد تكلم.
(9) ب: أهل الكلام والجدل فإذا لم يكن. . . ; م: أهل الكلام وكذلك أهل الجدل إذا لم يكن. . .
(10) ن: فتصليان.
(11) الحديث عن علي رضي الله عنه في: البخاري 6/88 (كتاب التفسير، سورة الكهف، 2/50 (كتاب التهجد، باب تحريض النبي صلى الله عليه وسلم على صلاة الليل. . .) ، المسند (ط المعارف) 2/89، 172
============================== =====
[رضي الله عنه] (1) بالقدر، وأنه لو شاء الله لأيقظنا (2) . (3) ، فقال وكان الإنسان أكثر شيء جدلا.
**[فصل من كلام الرافضي على مقالة أهل السنة في القدر تجويز أن يعذب الله سيد المرسلين على طاعته]
(فصل) قال [الرافضي] (4) : " ومنها تجويز أن يعذب الله سيد المرسلين على طاعته (5) ، ويثيب إبليس على معصيته، لأنه يفعل لا لغرض، فيكون فاعل الطاعة سفيها لأنه يتعجل بالتعب في الاجتهاد في العبادة، وإخراج ماله في عمارة المساجد والربط والصدقات، من غير نفع يحصل له، لأنه قد يعاقبه على ذلك، ولو فعل عوض ذلك ما يلتذ به ويشتهيه من أنواع المعاصي قد يثيبه، فاختيار الأول يكون (6) سفها عند كل عاقل. والمصير إلى المذهب يؤدي إلى خراب العالم واضطراب أمور الشريعة (7) المحمدية وغيرها " (8) .
والجواب (9) من (10) وجوه: أحدها (11) : أن هذا الذي قاله باطل باتفاق
**_________
(1) رضي الله عنه: زيادة في (أ) ، (ب) .
(2) ن، م: وأن الله لو شاء لأيقظنا
(3) علم النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا ليس فيه إلا مجرد الجدل الذي ليس بحق
(4) الرافضي: في (ع) فقط، والكلام التالي في (ك) 1/86 (م) .
(5) في (ك) : ومنها تجويز أن يعذب الله تعالى الأنبياء عليهم السلام ويعاقب على طاعتهم ويعاقب سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم وآله على طاعته.
(6) م: فاختيار الأول قد يكون ; ن: واختيار الأول يكون.
(7) أ، ب: الأمور الشرعية.
(8) وغيرها: ليست في (ك) ، وفي (م) : وغيره.
(9) م: فيقال الجواب ; ن: فيقال والجواب.
(10) ساقط من (أ) ، (ب) .
(11) ساقط من (أ) ، (ب)
============================== =======
المسلمين، فلم يقل أحد منهم أن الله قد يعذب أنبياءه (1) ولا أنه قد يقع منه عذاب أنبيائه، بل هم متفقون على أنه يثيبهم لا محالة (2) [لا يقع منه غير ذلك] (3) ، لأنه وعد بذلك وأخبر به، وهو صادق الميعاد، وعلم ذلك بالضرورة.
ثم من (4) متكلمة أهل السنة المثبتين للقدر من يقول: إنما علم ذلك بمجرد خبره الصادق (5) ، وهي الدلالة السمعية المجردة.
ومنهم من يقول: بل قد يعلم ذلك بغير الخبر ويعلم بأدلة عقلية. وإن كان الشارع قد نبه عليها وأرشد إليها، كما إذا علمت حكمته ورحمته وعدله علم أن ذلك يستلزم إكرام من هو متصف بالصفات المناسبة لذلك، [كما] قالت: خديجة [رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وآله وسلم] قبل (6) أن تعلم أنه نبي: والله لا يخزيك الله أبدا (7) ، إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق (8) .
**_________
(1) أ، ب: فلم يقل أحد منهم: الله يعذب نبيا.
(2) أ، ب: على أن الله يثيبهم لا محالة ; ن: على أنه لا بد أن يثيبهم لا محالة، م: على أنه لا بد أن يثيبهم على محاله.
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(4) ب: بالضرورة إذ من. . . . إلخ، أ: بالضرورة من. . إلخ.
(5) ن، م: خبر الصادق.
(6) أ، ب: كما قالت خديجة رضي الله عنها قبل. . . . . . ; ن: قالت خديجة قبل أن تعلم ; م: قالت خديجة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل. . . . ; ع: كما قالت خديجة قبل. . . . .، ولعل الصواب ما أثبته.
(7) أبدا: في (ن) ، (م) فقط.
(8) هذا جزء من حديث طويل عن عائشة رضي الله عنها، وأوله وهذا لفظ البخاري: أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي. . . . .، الحديث. والحديث في: البخاري 1/3 - 4 (كتاب بدء الوحي، باب كيف كان بدء الوحي) ، وتكرر الحديث في البخاري في مواضع كثيرة، انظر فتح الباري ط السلفية: الأرقام: 3392، 4953، 4955، 4956، 4957، 6982، والحديث عن عائشة رضي الله عنها في مسلم 1/139 - 142 (كتاب الإيمان باب بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم) ، المسند ط الحلبي 6/223، 233
============================== ==
وقد قال الله تعالى: {أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون} [سورة الجاثية: 21] وهذا استفهام إنكار (1) يقتضي الإنكار على من يحسب (2) ذلك ويظنه، وإنما ينكر على من ظن أو حسب (3) ما هو خطأ باطل يعلم بطلانه، لا من ظن ظنا ما (4) ليس بخطأ ولا باطل.
فعلم أن التسوية بين أهل الطاعة [وبين] أهل (5) المعصية مما يعلم بطلانه، وأن ذلك من الحكم السيئ (6) الذي ينزه الله عنه.
ومثله قوله تعالى (7) : {أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار} [سورة ص: 28] ، وقوله تعالى (8) : {أفنجعل المسلمين كالمجرمين - ما لكم كيف تحكمون} [سورة القلم: 35، 36] ، وفي الجملة التسوية (9) بين الأبرار
**_________
(1) أ، ب: إنكاري.
(2) ن، م: على من يقول يحسب.
(3) أو حسب: في (ع) ، وفي سائر النسخ: وحسب.
(4) ما: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(5) ع، ن، م: وأهل.
(6) أ، ب: من أظلم الشيء، وهو تحريف.
(7) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
(8) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
(9) ن، م: وبالجملة فالتسوية
============================== ==
والفجار، والمحسنين والظالمين وأهل الطاعة، وأهل المعصية حكم باطل يجب تنزيه الله عنه، فإنه ينافي عدله وحكمته (1) وهو سبحانه كما ينكر التسوية بين المختلفات (2) فهو يسوي بين المتماثلات، كقوله سبحانه وتعالى: {أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزبر} [سورة القمر: 43] ، وقوله: {كدأب آل فرعون والذين من قبلهم} الآية [سورة آل عمران: 11] ، وقوله: {لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب} [سورة يوسف: 111] ، وقوله: {فاعتبروا ياأولي الأبصار} [سورة الحشر: 2] ، وقوله: {ولقد أنزلنا إليكم آيات مبينات ومثلا من الذين خلوا من قبلكم} [سورة النور: 43] ، وقوله: {وتلك الأمثال نضربها للناس} [سورة العنكبوت: 43] .
الوجه الثاني: أن قوله (3) : " ومنها تجويز تعذيب الأنبياء وإثابة الشياطين "، إن أراد به أنهم يقولون إن الله قادر على ذلك فهو لا ينازع في القدرة. وإن أراد أنا هل (4) نشك: هل يفعله (5) أو لا يفعله؟ فمعلوم أنا لا نشك في ذلك، بل نعلم انتفاءه، وعلمنا بانتفائه (6) مستلزم لانتفائه (7) .
**_________
(1) ع: وحكمه.
(2) أ، ب: المخلوقات.
(3) أن قوله: ساقطة من (ع) .
(4) هل: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(5) ن، م: فعله.
(6) أ، ب: انتفاءه، م: لانتفائه.
(7) في (أ) ، (ب) : بعد كلمة " لانتفائه "، توجد عبارة: " وأنه لو فعل ذلك لم يكن ظالما ". ومكان هذه الجلمة بعد سطر آخر، والظاهر أن الناسخ كتبها في هذا الموضع سهوا
============================== ==
وإن أراد أن من قال إنه يفعل لا لحكمة يلزمه تجويز وقوع ذلك [منه] (1) وإمكان وقوعه منه (2) وإنه لو فعل ذلك لم يكن ظالما، فلا ريب أن هذا قول هؤلاء. وهم يصرحون بذلك (3) ، لكن أكثر أهل السنة لا يقولون بذلك، بل عندهم أن الله منزه عن ذلك ومقدس عنه، ولكن على هذا لا يلزم (4) أن تكون الطاعة سفها، فإنها إنما تكون سفها إذا كان وجودها كعدمها، والمسلمون متفقون على أن وجودها نافع وعدمها مضر، وإن كانوا متنازعين: هل يجوز أن يفعل (5) الرب خلاف ذلك، فإن نزاعهم في الجواز لا في الوقوع.
الوجه الثالث: أن يقال: لو قدر أن ذلك جائز الوقوع لم تكن الطاعة سفها، فإن هؤلاء الإمامية مع أهل السنة والجماعة (6) يجوزون الغفران لأهل الكبائر، والمعتزلة مع أهل السنة يجوزون تكفير الصغائر باجتناب الكبائر، ومع هذا فلم يكن اجتناب الكبائر والصغائر سفها، بل هذا الاجتناب واجب بالاتفاق.
الوجه الرابع: أن يقال: فعل النوافل ليس سفها بالاتفاق، وإن جاز أن يثيب الله (7) العبد بدون ذلك لأسباب (8) أخر فالشيء الذي علم نفعه
**_________
(1) منه: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) عبارة وإمكان وقوعه منه، ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) أ، ب: وهم لا يصرحون بذلك ; ن: وهم يصرحون به ; م: وهم مصرحون به.
(4) أ، ب: لم يلزم.
(5) ن: يجعل.
(6) والجماعة: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(7) ن، م، ع: أن الله يثيب.
(8) ن: تلك لأسباب ; م: تلك الأسباب
==============================
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثالث
الحلقة (183)
صـ 91 إلى صـ 98
يكون فعله حكمة محمودة، وإن جوز المجوز أن يحصل النفع بدون ذلك: كاكتساب الأموال وغيرها من المطالب بالأسباب المقتضية لذلك في العادة، فإنه ليس سفها، وإن جاز أن يحصل المال بغير (1) سعي كالميراث.
الوجه الخامس: قوله: " لأنه يفعل لا لغرض " (2) قد تقدم جوابه، وبينا أن أكثر أهل السنة يقولون: (3) إنه يفعل لحكمة وهو مراد هذا بالغرض، [وبعض أهل السنة يصرح بأنه يفعل لغرض] (4) ، ومن قال من المثبتين للقدر: إنه يفعل لا لحكمة، فإنه يقول: وإن كان يفعل ما يشاء فقد يعلم ما يشاؤه (5) مما لا يشاؤه: إما باطراد العادة، وإما بإخبار الصادق، وإما بعلم ضروري يجعله في قلوبنا، وإما بغير ذلك.
**[فصل من كلام الرافضي على مقالة أهل السنة في القدر لا يتمكن أحد من تصديق أحد من الأنبياء]
(فصل) قال [الرافضي] (6) : " ومنها أنه لا يتمكن أحد من تصديق أحد من الأنبياء، لأن التوصل إلى ذلك والدليل عليه إنما يتم (7) بمقدمتين: إحداهما: أن الله [تعالى] فعل المعجز على يد النبي [صلى الله عليه وسلم] (8) لأجل التصديق. والثانية: أن
**_________
(1) بغير: ساقطة من (ع) .
(2) م فقط: لأنه لا يفعل إلا لغرض.
(3) أ، ب: أهل السنة أنهم يقولون. . . إلخ.
(4) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
(5) ع، ن، م: ما شاءه.
(6) الرافضي في (ع) فقط، والكلام التالي في (ك) 1/86 (م) 87 (م) .
(7) إنما يتم: ساقطة من (ع) ، (م) .
(8) الله تعالى. . . . . . . . النبي صلى الله عليه وسلم: كذا في (ع) ، (ك) إلا أنه في (ك) : النبي عليه السلام، وفي (ن) : أن الله فعل المعجزة على يد النبي، م، أ، ب: أن الله فعل المعجزة على يد النبي
==============================
كل من صدقه (1) الله فهو صادق، وكلتا (2) المقدمتين لا تتم على قولهم، لأنه إذا استحال أن يفعل لغرض (3) استحال أن يظهر المعجز (4) لأجل التصديق، وإذا كان فاعلا للقبيح ولأنواع الإضلال والمعاصي (5) والكذب وغير ذلك جاز أن يصدق الكذاب، فلا يصح الاستدلال على صدق أحد من الأنبياء ولا المنذرين بشيء من الشرائع والأديان ".
الجواب من وجوه.
[أحدها: أن يقال] (6) : إنه قد (7) تقدم أن أكثر (8) القائلين بخلافة الخلفاء الثلاثة يقولون: إن الله يفعل لحكمة، بل أكثر أهل السنة المثبتين للقدر يقولون بذلك أيضا.
وحينئذ فإن (9) كان هذا القول هو الصواب فهو من أقوال أهل السنة، وإن كان نفيه هو الصواب فهو من أقوال أهل السنة [أيضا] (10) ، فعلى
**_________
(1) ن، م: صدق.
(2) وكلتا: كذا في (ك) 1/87 (م) ، وفي سائر النسخ: وكلا وهو خطأ.
(3) ع: لا لغرض، وهو خطأ.
(4) أ، ب: أن يظهر المعجزة ; م: أن يفعل المعجزة.
(5) أ، ب، ع: الضلال والمعاصي ; ن، م: المعاصي والإضلال. والمثبت عن (ك) .
(6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(7) إنه: ساقطة من (ع) ، قد: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(8) أكثر: ساقطة من (ع) .
(9) ن، م: أحدها فإنه، وهو خطأ.
(10) أ، ب: كان من أقوال أهل السنة أيضا، وسقطت أيضا من (ن) ، (م)
============================
التقديرين [لا] (1) يخرج الحق عن قولهم، بل قد يوجد في كل مذهب من المذاهب الأربعة النزاع بين أصحابه في هذا الأصل، مع اتفاقهم على إثبات خلافة الخلفاء [الثلاثة] (2) ، وعلى إثبات القدر وأن الله خالق أفعال العباد، ونزاع أصحاب (3) أحمد في هذا الأصل معروف، وغير واحد من أصحاب أحمد وغيرهم كابن عقيل والقاضي أبي خازم (4) وغيرهما يثبتون المعجزات بأن الرب حكيم لا يجوز في حكمته (5) إظهار المعجزات على يد الكذاب، وكذلك قال أبو الخطاب (6) وغيره وكذلك أصحاب مالك والشافعي، ولعل أكثر أصحاب أبي حنيفة يقولون بإثبات الحكمة في أفعاله أيضا.
الوجه الثاني: أن يقال: لا نسلم (7) أن تصديق الرسول (8) لا يمكن إلا بطريق الاستدلال بالمعجزات، بل الطرق الدالة (9) على صدقه طرق (10) متعددة غير طريق المعجزات. كما [قد] (11) بسط في غير هذا الموضع. ومن
**_________
(1) لا: ساقطة من (ن) .
(2) الثلاثة: ساقطة من (ن) ، (م) ، (ع) .
(3) أصحاب: ساقطة من (ع) .
(4) في كل النسخ: أبي حازم. وسبقت ترجمة أبي خازم محمد بن محمد بن الحسين الفراء المتوفى سنة 527: 1/143، 2/286.
(5) أ، ب، م: في حكمه ; ن: في إظهار حكمته.
(6) وهو أبو الخطاب محفوظ بن أحمد بن الحسن بن أحمد الكلوذاني المتوفى سنة 510 وسبقت ترجمته 1/144.
(7) م فقط: لا يعلم.
(8) ن، م: النبي.
(9) ب: بل طريق الدلالة، أ: بل الطريق الدلالة.
(10) طرق: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(11) قد ساقطة من (ن) ، (م)
==============================
قال: إنه لا طريق إلا ذلك كان عليه الدليل، (1) فإن النافي عليه الدليل كما على المثبت الدليل، (2) وهو لم يذكر دليلا على النفي.
الوجه الثالث: أن يقال: لا نسلم أن دلالة المعجزة على الصدق موقوفة على أنه لا يجوز أن يفعل ما ذكر، بل دلالة المعجزة (3) على الصدق دلالة ضرورية لا تحتاج إلى نظر، فإن اقتران المعجزة (4) بدعوى النبوة يوجب علما ضروريا بأن الله أظهرها لصدقه، كما أن من قال لملك من الملوك: إن كنت أرسلتني إلى هؤلاء فانقض عادتك وقم واقعد ثلاث مرات، ففعل ذلك الملك علم بالضرورة أنه فعل ذلك لأجل تصديقه.
الوجه الرابع: قول من يقول (5) لو لم تدل المعجزة (6) على الصدق للزم عجز البارئ عن تصديق رسوله، والعجز ممتنع عليه لأنه لا طريق إلى التصديق إلا بالمعجزة. وهذه طريقة كثير من أصحاب الأشعري ومن وافقهم، وهي طريقة القاضي أبي بكر والقاضي أبي يعلى وغيرهما، والأولى طريقة كثير منهم أيضا، وهي طريقة أبي المعالي ومن اتبعه وكلاهما طريقة للأشعري (7) وعلى هذا فإظهار المعجزة (8) على يد الكذاب المدعي للنبوة: هل هو ممكن مقدور أم لا؟ على القولين.
الوجه الخامس: أن يقال: قوله: إنها موقوفة على أن كل من صدقه
**_________
(1) ساقط من (أ) ، (ب) .
(2) ساقط من (أ) ، (ب) .
(3) ع: المعجز.
(4) ع، م: المعجز.
(5) ن: أن قول من يقول ; م: أن قوله من يقول.
(6) ن، م: لو لم يدل المعجز.
(7) ع، ن، م: طريقة الأشعري.
(8) م فقط: المعجز
============================
الله (1) فهو صادق، إنما يصح أن لو كان المعجز (2) بمنزلة التصديق بالقول، وهذا فيه نزاع. فمن الناس من يقول: بل هي بمنزلة إنشاء الرسالة، والإنشاء لا يحتمل (3) التصديق والتكذيب، فقول القائل لغيره: أرسلتك أو وكلتك أو نحو (4) ذلك إنشاء، وإذا كانت دلالة المعجزة على إنشاء الرسالة (5) لم يكن ذلك موقوفا على أنه لا يفعل إلا لغرض، ولا على أنه لا يفعل القبائح، فإن الإنشاء كالأمر والنهي (6) ونحو ذلك.
الوجه السادس: أن يقال: قوله: لأنه إذا استحال أن يفعل لغرض استحال أن يظهر المعجز (7) لأجل التصديق، يجيب عنه من يقول: إنه لا يفعل شيئا لأجل شيء بأنه (8) قد يفعل المتلازمين كما يفعل سائر الأدلة المستلزمة لمدلولاتها، فيفعل (9) المخلوقات الدالة على وجوده وقدرته وعلمه ومشيئته (10) ، وهو قد أراد خلقها وأراد أن تكون مستلزمة لمدلولها دالة عليه لمن نظر فيها، كذلك خلق المعجزة هنا فأراد خلقها (11) وأراد أن تكون
**_________
(1) لفظ الجلالة ساقط من (ع) .
(2) ب: إنما يصح لو كانت المعجزة ; أ، م: إنما يصح لو كان المعجز.
(3) أ، ب: والإنسان لا يجهل، وهو تصحيف.
(4) ع، ن، م: ونحو.
(5) أ، ب: وإذا كانت دلالة المعجزة على الإنشاء للرسالة ; ن: فإذا كانت دلالة المعجزة على إنشاء إرساله ; م: فإذا كانت دلالة المعجزة على إنشاء رسالة.
(6) ب: كالإنشاء بالأمر والنهي ; أ: فإن الإنسان كالأمر والنهي.
(7) أ، ب: استحال أن يظهر المعجزة ; م: استحال أن يفعل المعجز.
(8) ن: يجيب عنه من يقول إنه لا يفعل شيئا لأجل آخر، فإنه م: يجب عند من يقول إنه لا يفعل شيئا لأجل آخر بأنه.
(9) أ، ب: لمدلولها ففعل.
(10) ع: ومشيئته وعلمه.
(11) أ، ب: كذلك هنا خلق المعجزة وأراد خلقها ; م: كذلك هنا خلق المعجزة قد أراد خلقها، ن: كذا هاهنا خلق المعجزة وأراد خلقها
=============================
مستلزمة لمدلولها الذي هو صدق الرسول، دالة على ذلك لمن نظر فيها (1) ، وإذا أراد خلقها وأراد هذا التلازم حصل المقصود من دلالتها على الصدق، وإن لم يجعل أحد المرادين (2) لأجل الآخر، إذ المقصود يحصل بإرادتهما (3) جميعا.
فإن قيل: المعجز لا يدل بنفسه وإنما يدل للعلم (4) بأن فاعله أراد به التصديق.
قيل: هذا موضع النزاع. ونحن ليس مقصودنا نصر قول من يقول إنه يفعل لا لحكمة، بل هذا القول مرجوح (5) عندنا، وإنما المقصود (6) أن نبين حجة القائلين بالقول الآخر، وأرباب هذا القول خير من المعتزلة والشيعة.
وأما قوله: " إذا كان فاعلا للقبيح جاز أن يصدق الكذاب "، هذه حجة ثانية (7) ، وجواب ذلك أن يقال: ليس في المسلمين من يقول إن الله يفعل ما هو قبيح منه، ومن قال إنه خالق أفعال العباد، يقول: إن ذلك الفعل قبيح (8) منهم لا منه كما أنه ضار لهم (9) لا له.
ثم منهم من يقول: إنه فاعل ذلك الفعل، والأكثرون يقولون:
**_________
(1) فيها: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) ن: وإن لم يحصل أحد المرادين ; م: وإن لم يحصل أحد الأمرين.
(3) م: إذا المقصود ويحصل بإزائهما.
(4) أ، ب: العلم.
(5) ع: بل هذا مرجوح ; ن: بل هذا القول مرجوع ; م: بل هذا القول بمرجوح.
(6) أ، ب: والمقصود.
(7) ب: هذه الحجة ثانية ; أ: هذه الحجة ثابتة ; ن: وهذه حجة ثابتة ; م: وهذه حجة ثانية.
(8) أ، ب: القبيح.
(9) أ، ب، ن، م: كما أنه صار لهم
============================== ====
[إن] (1) ذلك الفعل مفعول له وهو فعل للعبد (2) ، وأما نفس خرق العادة فليست فعلا للعباد (3) حتى يقال: إنها قبيحة منهم، فلو قدر (4) فعل ذلك لكان (5) قبيحا منه لا من العبد، والرب منزه عن فعل القبيح.
فمن قال: إذا خلق الله ما هو ضار للعباد جاز أن يفعل ما هو ضار (6) كان قوله باطلا. كذلك إذا جاز أن يخلق فعل العبد [الذي] (7) هو قبيح من العبد وليس (8) خلقه قبيحا منه، لم يستلزم أن يخلق ما هو قبيح منه لا فعل للعبد فيه.
وتصديق الكذاب إنما يكون بإخبار (9) أنه صادق، سواء كان ذلك بقول أو فعل (10) يجري مجرى القول، وذلك ممتنع منه لأنه صفة نقص، والله سبحانه منزه عن النقائص بالعقل (11) وباتفاق العقلاء.
ومن قال: إنه لا يتصور منه فعل قبيح، بل كل ما يمكن فعله فهو حسن إذا فعله، يقول: إن ما يستلزم سلب صفات الكمال وإثبات النقص له، فهو ممتنع عليه: كالعجز والجهل ونحو ذلك، والكذب صفة نقص
**_________
(1) إن: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) ن، م: وهو فعل العبد.
(3) ع، أ،: للعبد، م: لعباده.
(4) قدر: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(5) أ، ب: كان.
(6) ن: ما هو ضارا، م: ما هو ضار لهم.
(7) الذي ساقطة من (ن) ، (م) .
(8) أ، ب، ليس.
(9) ن، م: بإخباره.
(10) ن، م: سواء كان ذلك القول بقول أو عمل.
(11) أ، ب: بالنقل ; م: بالفعل
==============================
بالضرورة، والصدق صفة كمال، وتصديق (1) الكذاب (2) نوع من الكذب، [كما أن تكذيب الصادق نوع من الكذب] (3) ، وإذا كان الكذب صفة نقص امتنع من الله ما هو نقص.
وهذا المقام (4) له بسط مذكور في غير هذا الموضع (5) ، [ونحن لا نقصد تصويب قول كل (6) من انتسب إلى السنة بل نبين الحق، والحق أن أهل السنة لم يتفقوا قط على خطأ، ولم تنفرد الشيعة عنهم قط (7) بصواب، بل كل ما خالفت فيه الشيعة جميع أهل السنة فالشيعة فيه مخطئون، كما أن ما خالفت فيه اليهود والنصارى لجميع المسلمين فهم فيه ضالون، وإن كان كثير من المسلمين قد يخطئ. ومن وافق (8) جهم بن صفوان من المثبتين للقدر على أن الله لا يفعل شيئا لحكمة ولا لسبب، وأنه لا فرق بالنسبة إلى الله بين المأمور والمحظور، ولا يحب بعض الأفعال ويبغض بعضها، فقوله فاسد (9) مخالف للكتاب والسنة واتفاق السلف. وهؤلاء قد يعجزون عن بيان امتناع كثير من النقائص عليه، لا سيما إذا قال من قال منهم: إن تنزيهه عن النقص لا يعلم (10) بالعقل بل بالسمع.
**_________
(1) أ: والتصديق.
(2) ن، م، ب: الكاذب ; أ: للكاذب.
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(4) المقام: ساقط من (ع) .
(5) الكلام بعد كلمة الموضع ساقط من (ن) ، (م) وسأشير إلى نهايته في موضعه بإذن الله.
(6) كل: ساقطة من (ع) .
(7) قط: ساقطة من (ع) .
(8) أ: ومن وافقهم ; ب: وممن وافقهم.
(9) فاسد: ساقطة من (ع) .
(10) أ، ب: لم يعلم
=====================
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثالث
الحلقة (184)
صـ 99 إلى صـ 106
فإذا قيل لهم: لم قلتم إن الكذب ممتنع عليه؟ .
قالوا: لأنه نقص، والنقص عليه محال.
فيقال لهم: إن تنزيهه عندكم عن النقص (1) لم يعلم إلا بالإجماع، ومعلوم أن الإجماع منعقد على تنزيهه عن الكذب، فإن صح الاحتجاج على هذا بالإجماع فلا حاجة إلى هذا التطويل.
وأيضا فالكلام إنما هو في العبارة الدالة على المعنى، وهذا كما قاله بعضهم: إن الله لا يجوز (2) أن يتكلم بكلام ولا يعني به شيئا.
وقال: خلافا للحشوية.
ومعلوم أن هذا القول لم يقله أحد من المسلمين، وإنما النزاع: هل (3) يجوز أن ينزل كلاما لا يعلم العباد معناه، لا أنه هو في نفسه لا يعني به شيئا. ثم بتقدير أن يكون في هذا نزاع، فإنه احتج على ذلك بأن هذا عبث، والعبث (4) على الله تعالى ممتنع، وهذا المحتج يجوز على الله فعل كل شيء، لا ينزهه عن فعل، فهذا (5) وأمثاله من تناقض الموافقين لقول الجهمية الجبرية في القدر كثير، لكن ليس هذا قول أئمة السنة ولا جمهورهم] (6) ، [والله أعلم] (7) .
**_________
(1) أ، ب: عندكم أن تنزيهه عن النقص.
(2) أ، ب: كما قاله بعضهم إنه لا يجوز. . . . . .
(3) أ، ب: وإنما النزاع في هل.
(4) أ، ب: بأن هذا عيب، والعيب. . . إلخ، وهو تصحيف.
(5) أ، ب: عن فعل هذا.
(6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ، وأشرت إلى بداية السقط في موضعه من قبل.
(7) والله أعلم: زيادة في (ع) فقط
==============================
**[فصل من كلام الرافضي على مقالة أهل السنة في القدر لا يصح أن يوصف الله أنه غفور حليم عفو]
(فصل) قال [الرافضي] (1) : " ومنها أنه لا يصح أن يوصف الله أنه (2) . (3) (4) ; لأن الوصف بهذه (5) إنما يثبت لو كان الله مستحقا للعقاب في حق الفساق، بحيث إذا أسقطه (6) عنهم كان غفورا عفوا رحيما (7) . وإنما يستحق العقاب لو كان العصيان من العبد لا من الله تعالى " (8) .
فيقال: الجواب من وجوه:.
أحدها: أن كثيرا من أهل السنة يقولون (9) : لا نسلم أن الوصف بهذه (10) إنما يثبت لو كان مستحقا، بل الوصف بهذه (11) يثبت إذا كان قادرا على العقاب مع قطع النظر عن الاستحقاق، فإن تخصيص الاستحقاق بهذه الأمور يقتضي أنه يستحق شيئا دون شيء، وهذا ممنوع عند هؤلاء، بل له أن يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، فإذا (12) كان قادرا على أن يعذب العصاة وهو يفعل ما يشاء، صح منه مغفرته وحلمه وعفوه (13) .
**_________
(1) الرافضي: زيادة في (ع) فقط.
(2) ع: أن يوصف الرب أنه ; ك: أن يوصف الله تعالى بأنه
(3) غفور حليم عفو
(4) ك: بأنه غفور حليم عفو رحيم.
(5) ك: بهذه الصفات.
(6) ع: إذا سقط، ب: إذا أسقط.
(7) ن، م: حليما.
(8) تعالى: ليست في (أ) ، (ب) (ع) .
(9) ع، ن: يقول.
(10) أ، ب: بهذا.
(11) أ، ب: بهذا.
(12) ع، ن، م: وإذا.
(13) ع: مغفرته وعفوه وحلمه ; م: مغفرته وحكمته ورحمته وعقوبته ; ن: مغفرته وحكمته وعفوه
========================
الثاني: [أن يقال] (1) : إن قول القائل: " يستحق العقاب " يعني به أن عقابه للعصاة عدل منه، أو يعني به (2) أنه محتاج إلى ذلك. أما الأول فهو متفق عليه، فإن عقوبته للعصاة عدل منه باتفاق المسلمين. وإذا كان كذلك كان عفوه ومغفرته إحسانا منه وفضلا.
وهذا يقول به من يقول: إنه خالق أفعالهم والقائلون بأنها أفعال لهم مخلوقة له (3) ، والقائلون بأنها أفعال له كسب لهم متفقون (4) ، على أن العقاب عدل منه، [وإن عني به كونه محتاجا إليه فهذا باطل باتفاق المسلمين] (5) .
الثالث: أن يقال: المغفرة والرحمة والعفو إما أن يوصف بها وإن كان العقاب قبيحا على قول القائلين بذلك، وإما أن لا يوصف بها إلا إذا كان العقاب سائغا غير قبيح (6) . فإن كان الأول لزم أن لا يكون غفارا لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى، لأن عقاب هؤلاء قبيح، والمغفرة لهم واجبة عند أهل هذا القول، ويلزم أن لا يكون رحيما بمن (7) . يستحق الرحمة من الأنبياء والمؤمنين، ويلزم أن لا يكون غفورا رحيما لمن ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء. ولما كان قد ثبت بالقرآن (8) أنه غفار للتائبين (9) رحيم بالمؤمنين،
**_________
(1) أن يقال: ساقطة من (ن) ، (م) ، (ع) .
(2) به: ساقطة من (ب) .
(3) أ: والقائلون بأنها أفعال الله مخلوقة ; ب: فالقائلون بأنها أفعال لله مخلوقة.
(4) ن، م: فهم متفقون.
(5) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
(6) ن: سائغا عنده قبيح ; م: شائعا عنده (وسقطت كلمة: قبيح) .
(7) أ، ب: لمن
(8) ب: ولما كان القرآن قد أثبت، أ: ولما كان القرآن قد ثبت.
(9) ن، م: للتوابين
============================== ====
علم أنه موصوف بالمغفرة والرحمة، (1) وإن كان العقاب منه ممتنعا بتقدير (2) أن يكون مستحقا للعقاب، فلا يمتنع أن يوصف بالمغفرة والرحمة (3) كما في مغفرته ورحمته لمن لا يحسن عقابه عندهم.
الرابع: أن العصيان من العبد بمعنى أنه فاعله عند الجمهور، وبمعنى أنه كاسبه لا فاعله عند بعضهم، وبهذا القدر (4) يستحق الإنسان (5) أن يعاقب الظالم (6) أولى بذلك، وأما كونه خالقا لذلك فذاك أمر يعود إليه، وله في ذلك حكمة عند الجمهور القائلين بالحكمة، وذلك لم (7) يصدر إلا لمحض المشيئة عند من لا يعلل بالحكمة، [والله أعلم] والله أعلم: (8) .
**[فصل كلام الرافضي عن تكليف ما لا يطاق عند أهل السنة والرد عليه من وجوه]
(فصل) قال [الرافضي] (9) : " ومنها أنه يلزم (10) تكليف ما لا يطاق لأنه تكليف للكافر (11) بالإيمان ولا قدرة له عليه، وهو قبيح عقلا،
**_________
(1) ساقط من (ع) ، (م) .
(2) ن: فبتقدير.
(3) ساقط من (ع) ، (م) .
(4) ن، م: وبهذا القول.
(5) ن، م: الآدمي.
(6) أ، ب: عقاب الظالم ; ن، م: لعقاب الظالم.، فاستحقاق الله أن يعاقب الظالم أ، ب: عقاب الظالم ; ن، م: لعقاب الظالم.
(7) أ، ب: وذاك لا.
(8) زيادة في (ع) فقط.
(9) الرافضي: في (ع) فقط، والكلام التالي في (ك) 87 (م) .
(10) ك: يلزم منه.
(11) ب: لأنه كلف الكافر ; لأنه تكليف الكافر ; ك: لأنه يكلف الكافر
============================== ==
والسمع قد منع منه. وقال الله تعالى: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها} [سورة البقرة: 286] ".
والجواب عنه (1) من وجوه: أحدها: أن المثبتين للقدر لهم في قدرة العبد قولان: أحدهما أن قدرته لا تكون إلا مع الفعل، وعلى هذا فالكافر الذي سبق في علم الله أنه لا يؤمن لا يقدر على الإيمان أبدا، وما ذكره (2) وارد على هؤلاء.
والثاني: أن القدرة نوعان: فالقدرة المشروطة في التكليف تكون قبل الفعل وبدون الفعل، وقد تبقى (3) إلى حين الفعل. والقدرة المستلزمة للفعل لا بد أن تكون موجودة عند وجوده.
وأصل قولهم إن الله خص المؤمنين بنعمة يهتدون بها (4) لم يعطها الكافر، وأن العبد لا بد أن يكون قادرا حين الفعل، خلافا لمن زعم أنه لا يكون قادرا إلا قبل الفعل، وأن النعمة على الكافر والمؤمن سواء، وإذا كان لا بد من قدرته (5) . حال الفعل فإذا كان قادرا قبل الفعل وبقيت القدرة إلى حين الفعل لم ينقض (6) هذا أصلهم، لكن مجرد القدرة الصالحة للضدين (7) يشترك فيها المؤمن والكافر، فلا بد للمؤمن مما (8) يخصه الله به من الأسباب التي بها يكون
**_________
(1) عنه: ساقطة من (أ) ، (ب) ، وفي (ن) ، (م) : الجواب عنه.
(2) ع: وما ذكروه.
(3) ع: وتبقى.
(4) ن، م: يهتدى بها.
(5) أ، ب، م: قدرة
(6) أ، م، ن: لم ينقص ; ع: لم ينتقص
(7) م فقط: للعبدين.
(8) أ، ب: ما
==========================
مؤمنا، وهذا يدخل فيه إرادته للإيمان (1) ، وهذه الإرادة يدخلونها في جملة القدرة المقارنة للفعل، وهو نزاع لفظي، وقد بين هذا في غير هذا (2) الموضع كما تقدم.
وحينئذ فعلى قول الجمهور من أهل السنة الذين يقولون: إن الكافر يقدر على الإيمان يبطل هذا الإيراد، وعلى قول الآخرين (3) فإنهم يلتزمونه، وأي القولين كان هو الصواب فهو غير خارج عن أقوال أهل السنة (4) ولله الحمد.
الوجه الثاني (5) : أن يقال: تكليف ما لا يطاق ينقسم إلى قسمين أحدهما: (6) ما لا يطاق للعجز عنه، كتكليف الزمن المشي وتكليف الإنسان الطيران ونحو ذلك (7) فهذا غير واقع في الشريعة عند [جماهير] (8) أهل السنة المثبتين للقدر: وليس فيما ذكره ما يقتضي لزوم (9) وقوع هذا.
والثاني: ما لا يطاق للاشتغال بضده، كاشتغال الكافر بالكفر (10) ، فإنه هو الذي صده عن الإيمان، وكالقاعد في حال قعوده، فإن اشتغاله بالقعود (11)
**_________
(1) ن، م: وهذا يدخل في إرادته للإيمان، أ، ب: وهذا يدخل فيه إرادة الإيمان.
(2) أ، ب: وقد سبق هذا.
(3) ن (فقط) : الأكثرين.
(4) ن، م: فأي القولين كان هو الصواب، وهو خارج عن أقوال أهل السنة، وهو خطأ.
(5) ن، م: الثالث وهو خطأ.
(6) أ، ب: ما لا يطاق على وجهين الأول ; ن: ما لا يطاق في تقسيم قسمين أحدهما.
(7) ونحو ذلك: ساقطة من (ع) .
(8) جماهير: ساقطة من (ن) ، (م) .
(9) ع: وليس فيما مضى يقتضي لزوم ; م: وليس فيما ذكره لزوم ما يقتضي.
(10) ن، م: بكفره.
(11) ن، م: بقعوده
============================== ===
يمنعه أن يكون قائما. والإرادة الجازمة لأحد الضدين تنافي إرادة الضد (1) الآخر، وتكليف الكافر الإيمان من هذا الباب.
ومثل هذا ليس بقبيح عقلا [عند أحد من العقلاء] (2) ، بل العقلاء متفقون على أمر الإنسان ونهيه بما (3) لا يقدر عليه حال الأمر والنهي لاشتغاله بضده، إذا أمكن أن يترك ذلك الضد (4) ويفعل الضد المأمور به.
وإنما النزاع هل يسمى هذا تكليف ما لا يطاق لكونه تكليفا بما (5) انتفت فيه القدرة المقارنة للفعل، فمن المثبتين للقدر من يدخل هذا في تكليف ما لا يطاق، كما يقوله القاضي أبو بكر والقاضي أبو يعلى وغيرهما، ويقولون: ما لا يطاق على وجهين: منه ما لا يطاق للعجز عنه، وما لا يطاق (6) للاشتغال بضده.
ومنهم من يقول: هذا لا يدخل فيما لا يطاق، وهذا هو الأشبه بما في الكتاب والسنة وكلام السلف، فإنه لا يقال للمستطيع المأمور بالحج إذا لم يحج إنه كلف بما لا يطيق (7) ، ولا يقال لمن أمر بالطهارة والصلاة فترك ذلك كسلا أنه كلف (8) ما لا يطيق.
وقوله تعالى: {وكانوا لا يستطيعون سمعا} [سورة الكهف: 101] لم يرد
**_________
(1) ن: ضده.
(2) ن، م: ومثل هذا لا تسلم أنه قبيح عقلا، وسقطت عبارة " عند أحد من العقلاء ".
(3) ن: مما.
(4) ع: إذا أمكن أن يترك الضد ; ن، م: فإذا أمكن أن يترك ذلك الضد.
(5) ع، ن، م، أ: لما.
(6) ع: ومنه ما لا يطاق.
(7) أ، ب: كلف ما لا يطيق ; ن، م: بما لا يطيق.
(8) ن، م: يكلف
==============================
به هذا، فإن جميع الناس قبل الفعل ليس معهم القدرة الموجبة للفعل، فلا يختص بذلك العصاة، بل المراد أنهم يكرهون سماع الحق كراهة شديدة لا تستطيع أنفسهم [معها] سماعه (1) . لبغضهم لذلك (2) لا لعجزهم عنه، كما أن الحاسد لا يستطيع الإحسان إلى المحسود لبغضه لا لعجزه عنه (3) .
وعدم هذه الاستطاعة لا يمنع (4) الأمر والنهي فإن الله يأمر الإنسان بما يكرهه، وينهاه عما يحبه. كما قال تعالى: {كتب عليكم القتال وهو كره لكم} [سورة البقرة: 216] ، وقال: {وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى} [سورة النازعات: 40] ، وهو قادر على فعل ذلك إذا أراده (5) ، وعلى ترك ما نهى عنه، وليس من شرط المأمور به أن يكون (6) العبد مريدا له، ولا من شرط المنهي عنه أن يكون العبد كارها له، فإن الفعل يتوقف على القدرة والإرادة (7) ، والمشروط في التكليف أن يكون العبد قادرا على الفعل لا أن يكون مريدا له، لكنه لا يوجد إلا إذا كان مريدا له، فالإرادة (8) شرط في وجوده لا في وجوبه.
الوجه الثالث: (9) أن تكليف ما لا يطاق إذا فسر بأنه الفعل الذي ليس له
**_________
(1) أ، ب لا تستطيع أنفسهم سمعه ; ن: لا تستطيع أنفسهم لسماعها ; م: لا تستطيع أنفسهم معهم سماعا
(2) ن، ع: ذلك.
(3) أ، ب: لا يعجز عنه.
(4) أ، ب، ن، ع: لا تمنع. والكلمة غير منقوطة في (م) .
(5) أ، ب: إذا أراد.
(6) ن، م: وليس من شرط المأمور أنه يكون.
(7) ع: على الإرادة والقدرة.
(8) أ، ب: مريدا له والإرادة ; ع: مريدا فالإرادة.
(9) ن، م: الرابع، وهو خطأ
===========================
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثالث
الحلقة (185)
صـ 107 إلى صـ 114
قدرة عليه تقارن مقدورها كان دعوى (1) امتناعه بهذا التفسير مورد النزاع فيحتاج نفيه إلى دليل.
الوجه الرابع (2) : أن من أهل الإثبات للقدر (3) من يجوز تكليف ما لا يطاق للعجز عنه، بل من غاليتهم من يجوز تكليف الممتنع لذاته، وبعضهم يدعي أن ذلك واقع في الشريعة، كتكليف أبي لهب الإيمان مع تكليف تصديق خبر الله أنه لا يؤمن، وهذا القول وإن كان مرجوحا لكن (4) هذا القدري لم يذكر دليلا على إبطال ذلك ولا على جواب معارضته، بل اكتفى بمجرد قوله وهو قبيح عقلا.
وهؤلاء يقولون: لا مجال للعقل في تحسين ولا تقبيح، فإن لم يكمل البحث في هذه اللوازم (5) لم يكن ما ذكره حجة عليهم، فضلا عن أن يكون حجة على غيرهم من أهل الإثبات للقدر، أو على المثبتين لخلافة أبي بكر وعمر [رضي الله عنهما] . رضي الله عنهما: (6)
**[فصل كلام الرافضي على الأفعال الاختيارية عند أهل السنة والرد عليه]
(فصل) قال [الرافضي] (7) : " ومنها أنه يلزم أن تكون أفعالنا (8)
**_________
(1) أ، ب: معنى.
(2) ن، م: الخامس، وهو خطأ.
(3) للقدر، ساقطة من (ع) .
(4) ع: ليس، وهو تصحيف.
(5) م فقط: فيما ذكر في هذه اللوازم.
(6) زيادة في (أ) ، (ب) .
(7) الرافضي: زيادة في (ع) ، والكلام التالي في (ك) 87 (م) 88 (م) .
(8) ن، م: أفعاله، وهو تحريف
=========================
الاختيارية [الواقعة] (1) بحسب قصودنا (2) ودواعينا، مثل حركتنا يمنة ويسرة، وحركة البطش باليد والرجل (3) في الصنائع المطلوبة لنا، كالأفعال الاضطرارية مثل حركة النبض وحركة الواقع من شاهق (4) بإيقاع غيره، لكن الضرورة قاضية بالفرق بينهما، فإن كل عاقل يحكم بأنا [قادرون على الحركة الاختيارية] (5) وغير قادرين على الحركة إلى السماء [من الطيران وغير ذلك] (6) .
قال أبو الهذيل العلاف: حمار بشر أعقل من بشر ; لأن حمار بشر لو أتيت به إلى جدول صغير وضربته للعبور (7) فإنه يطفره (8) ولو أتيت به إلى جدول كبير لم يطفره (9) ; لأنه يفرق (10) بين ما يقدر على طفره (11) وما لا يقدر عليه (12) وبشر لا يفرق بين المقدور عليه وغير المقدور [عليه] (13)
**_________
(1) الواقعة: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) ك: تصورنا.
(3) ن، م: بالرجل واليد.
(4) أ، ب: النبض والوقوع من شاهق.
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ، (ع) .
(6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ، (ع) .
(7) ب (فقط) : لعبوره.
(8) ع، ن: يظفره، وهو تصحيف.
(9) ع، ن: يظفره، وهو تصحيف.
(10) ك: لأنه فرق.
(11) ع، ن: ظفره، وهو تصحيف.
(12) م فقط: وما لا يقدر على ظفره.
(13) عليه: زيادة في (ع) ، وفي (ك) : وغير المقدور، وعلق مستجى زاده في هامش (ع) على هذا الكلام بقوله: يفهم من هذا الكلام أن بشر المريسي لم يوافق المعتزلة في الأفعال الاختيارية للعباد بأنها بخلقهم وإيجادهم، بل بخلق الله تعالى وحده مثل قول الأشعري، إلا أنه يقول في القرآن مثل قول المعتزلة بأنه مخلوق، والشائع منه أنه ملتزم لأصول أهل السنة جميعا سوى هذا القول، ومثله ضرار الذي هو رئيس الضرارية أنه على أصول أهل الحق إلا أنه ينكر عذاب القبر مثل أكثر أهل الاعتزال، فنسب إلى الاعتزال بسبب هذا القول مثل بشر نسب إلى الاعتزال بسبب القول بخلق القرآن، مع أن رئيس أهل الاعتزال وهو أبو الهذيل يطعنه ويذمه لمخالفته مذهبه. "
============================== ==
والجواب: أن هذا إنما يلزم من يقول إن العبد لا قدرة له على أفعاله الاختيارية، وليس هذا قول إمام معروف ولا طائفة معروفة من طوائف أهل السنة (1) ، بل ولا من طوائف المثبتين للقدر، إلا ما يحكى (2) عن الجهم بن صفوان وغلاة المثبتة أنهم سلبوا العبد قدرته، وقالوا: إن حركته كحركة الأشجار بالرياح، إن صح النقل عنهم (3) .
وأشد الطوائف قربا من هؤلاء هو الأشعري ومن وافقه من الفقهاء من (4) أصحاب مالك والشافعي وأحمد وغيرهم، وهو مع هذا يثبت للعبد قدرة محدثة واختيارا، ويقول إن الفعل كسب للعبد، لكنه يقول: لا تأثير لقدرة العبد في إيجاد المقدور.
فلهذا قال من قال: إن هذا الكسب الذي أثبته الأشعري غير معقول. وجمهور أهل الإثبات على أن العبد فاعل لفعله حقيقة (5) ، وله قدرة واختيار، وقدرته مؤثرة في مقدورها، كما تؤثر القوى والطبائع (6) وغير ذلك من الشروط والأسباب.
**_________
(1) أ، ب: من الطوائف من أهل السنة.
(2) ن: ما حكي.
(3) عنهم: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) الفقهاء من: زيادة في (ن) .
(5) م فقط: جميعه.
(6) ب (فقط) : القوى الطبائع
==============================
فما ذكره لا يلزم جمهور أهل السنة، وقد قلنا غير مرة: نحن لا ننكر أن يكون في بعض أهل السنة من يقول الخطأ، لكن لا يتفقون على خطأ، كما تتفق الإمامية على خطأ، بل كل مسألة خالفت فيها الإمامية أهل (1) السنة فالصواب فيها مع أهل السنة. وأما ما تنازع فيه أهل السنة وتنازعت فيه الإمامية، فذاك لا اختصاص له بأهل السنة ولا بالإمامية.
وبالجملة فجمهور أهل السنة من السلف والخلف يقولون: إن العبد له قدرة وإرادة وفعل، وهو فاعل حقيقة، والله خالق ذلك كله كما هو خالق كل شيء، كما دل على ذلك الكتاب والسنة.
قال تعالى عن إبراهيم: {ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك} [سورة البقرة: 128] ، وقال [تعالى عن إبراهيم] (2) : {رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي} [سورة إبراهيم: 40] ، وقال [تعالى] (3) : {وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا} [سورة السجدة: 24] (4) وقال [تعالى] (5) : {وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين} [سورة الأنبياء: 73] وقال: {إن الإنسان خلق هلوعا - إذا مسه الشر جزوعا - وإذا مسه الخير منوعا} [سورة المعارج: 19، 21] فأخبر أن الله يجعل المسلم مسلما، والمقيم للصلاة مقيم الصلاة، والإمام الهادي إماما هاديا.
**_________
(1) ع، ن: لأهل.
(2) تعالى عن إبراهيم: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
(4) سقطت آية 24 من سورة السجدة من (ن) ، (م) .
(5) تعالى زيادة في (أ) ، (ب)
============================
وقال عن المسيح [صلى الله عليه وسلم] (1) : {وجعلني مباركا أين ما كنت} إلى قوله: {وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا} [سورة مريم: 31، 32] ، فبين أن الله هو الذي جعله برا بوالدته ولم يجعله جبارا شقيا. وهذا صريح قول أهل السنة في أن الله [عز وجل] (2) خالق أفعال العباد.
وقال تعالى عن فرعون وقومه: {وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار} [سورة القصص: 41] . وقد قال تعالى (3) : {لمن شاء منكم أن يستقيم - وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين} [سورة التكوير: 28، 29] ، وقال تعالى: {إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا - وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما} [سورة الإنسان: 29، 30] ، وقوله (4) : {كلا إنه تذكرة - فمن شاء ذكره} [سورة المدثر: 54، 55] فأثبت مشيئة العبد، وأخبر أنها لا تكون إلا بمشيئة الرب [تعالى] (5) . (6) . وهذا صريح قول أهل السنة في إثبات مشيئة العبد، وأنها لا تكون إلا بمشيئة الرب (7) .
وقد أخبر أن العباد يفعلون ويصنعون ويعملون ويؤمنون ويكفرون
**_________
(1) صلى الله عليه وسلم: زيادة في (أ) ، (ب) ، وفي (ن) : عليه السلام.
(2) عز وجل: زيادة في (ع) .
(3) أ، ب: وقال تعالى.
(4) أ، ب: وقال.
(5) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
(6) ساقط من (أ) ، (ب) .
(7) ساقط من (أ) ، (ب)
=============================
ويتقون ويفسقون ويصدقون ويكذبون ونحو ذلك في مواضع كثيرة (1) ، وأخبر أن لهم استطاعة وقوة في غير موضع.
وأئمة أهل السنة وجمهورهم يقولون إن الله خالق (2) هذا كله. والخلق عندهم ليس هو المخلوق، فيفرقون بين كون أفعال (3) العباد مخلوقة مفعولة للرب، وبين أن يكون (4) نفس فعله الذي هو مصدر فعل يفعل فعلا، فإنها فعل للعبد بمعنى المصدر، وليست فعلا للرب [تعالى] (5) بهذا الاعتبار، بل هي مفعولة له، والرب تعالى لا يتصف بمفعولاته.
ولكن هذه الشناعات لزمت من لا يفرق بين فعل الرب ومفعوله، ويقول مع ذلك إن أفعال العباد فعل لله (6) ، كما يقول ذلك الجهم [بن صفوان] (7) وموافقوه، والأشعري وأتباعه ومن وافقهم من أتباع الأئمة (8) ولهذا ضاق بهؤلاء (9) البحث في هذا الموضع، كما قد بسط في موضعه.
وكذلك أيضا لزمت من لا يثبت في المخلوقات (10) أسبابا وقوى وطبائع، ويقول (11) : إن الله يفعل عندها لا بها، فلزمه (12) أن لا يكون فرق بين القادر
**_________
(1) كثيرة: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) أ، ب: خلق.
(3) أفعال: ساقطة من (ع) .
(4) ب (فقط) : تكون.
(5) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
(6) ب (فقط) : فعل الله.
(7) بن صفوان: زيادة في (أ) ، (ب) .
(8) ع: ومن وافقه من الأئمة، ن، م: ومن وافقه من أتباع الأئمة.
(9) أ، ب: لهؤلاء.
(10) ع (فقط) : للمخلوقات.
(11) أ، ب: ويقولون.
(12) أ، ب: فلزم
==============================
والعاجز، وإن أثبت قدرة وقال إنها مقترنة بالكسب، قيل له (1) : لم تثبت فرقا معقولا بين ما تثبته من الكسب وتنفيه من الفعل (2) ، ولا بين القادر والعاجز، إذا كان مجرد الاقتران لا اختصاص له بالقدرة، فإن [فعل] (3) العبد يقارن حياته وعلمه (4) وإرادته وغير ذلك من صفاته، فإذا لم يكن للقدرة تأثير إلا مجرد الاقتران فلا فرق بين القدرة وغيرها.
وكذلك [قول] (5) من قال: إن (6) القدرة مؤثرة في صفة الفعل لا في أصله، كما يقول القاضي أبو بكر ومن وافقه، فإنه إن أثبت تأثيرا بدون خلق الرب، لزم (7) أن يكون بعض الحوادث لم يخلقه الله [تعالى] (8) ، وإن جعل ذلك معلقا بخلق الرب، فلا فرق بين الأصل والصفة.
وأما أئمة أهل (9) السنة وجمهورهم فيقولون بما دل عليه الشرع والعقل.
قال الله تعالى: {سقناه لبلد ميت فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل الثمرات} [سورة الأعراف: 57] (10) ، وقال: {وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها} [سورة البقرة: 164] ، وقال:
**_________
(1) له: ساقطة من (ع) .
(2) ع، ن، م: بين ما أثبته من الكسب ونفيته من الفعل.
(3) فعل: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) ع: وعمله.
(5) قول: ساقطة من (ن) ، (م) ، (ع) .
(6) إن: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(7) ب (فقط) : فإنه أثبت تأثيرا بدون خلق الرب فلزم. . . إلخ.
(8) ع (فقط) : لزم أن لا يكون بعض الحوادث لم يخلقه الله تعالى، وهو تحريف، وسقطت تعالى من (ن) .
(9) أهل: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(10) في جميع النسخ جاءت الآية محرفة هكذا: فسقناه إلى بلد ميت فأنزلنا. . . إلخ
============================== ===
{يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام} [سورة المائدة: 16] ، وقال: {يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا} [سورة البقرة: 26] ومثل هذا كثير في الكتاب والسنة يخبر الله تعالى أنه يحدث (1) الحوادث بالأسباب.
وكذلك [دل] الكتاب والسنة على إثبات القوى والطبائع (2) التي جعلها الله في الحيوان وغيره، كما قال تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم} [سورة التغابن: 16] ، وقال: {أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة} [سورة فصلت: 15] ، وقال: {الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء} [سورة الروم: 54] .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم «لأشج عبد القيس: " إن فيك لخصلتين (3) يحبهما الله: الحلم والأناة " فقال: أخلقين تخلقت بهما (4) أم خلقين جبلت عليهما؟ فقال: " بل خلقين جبلت عليهما " فقال: الحمد لله الذي جبلني على خلقين يحبهما الله» (5) . ومثل هذا كثير ليس هذا موضع بسطه.
وهؤلاء يثبتون للعبد قدرة (6) ويقولون: إن تأثيرها في مقدورها كتأثير
**_________
(1) ن، م: أحدث.
(2) ن، م: وكذلك دل (سقطت دل من (ن)) الكتاب والسنة على مثل إثبات القوى والطبائع.
(3) أ، ب: خصلتين.
(4) ع: فيهما، م: بهذا.
(5) سبق الكلام على هذا الحديث في هذا الجزء ص 36 وجاء فيه هناك: إن فيك لخلقين. . . إلخ.
(6) م فقط: القدرة
=============================
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثالث
الحلقة (186)
صـ 115 إلى صـ 120
[سائر] الأسباب في مسبباتها (1) . والسبب ليس مستقلا بالمسبب (2) بل يفتقر إلى ما يعاونه، فكذلك (3) قدرة العبد ليست مستقلة بالمقدور. وأيضا فالسبب له ما يمنعه ويعوقه، وكذلك قدرة العبد (4) والله تعالى خالق السبب وما يعينه وصارف عنه ما يعارضه ويعوقه، وكذلك قدرة العبد (5)
وحينئذ فما ذكره هذا الإمامي من الفرق الضروري (6) بين الأفعال الاختيارية الواقعة بحسب قصودنا (7) ودواعينا وبين الأفعال الاضطرارية، مثل حركة النبض وحركة الواقع من شاهق بإيقاع غيره حق (8) يقوله [جميع] (9) أهل السنة وجماعة أتباعهم، لم ينازع (10) في ذلك أحد من أئمة المسلمين الذين لهم في الأمة (11) لسان صدق من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، والفقهاء المشهورين كمالك وأبي حنيفة والثوري والأوزاعي والليث بن سعد والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه (12) وأمثال هؤلاء الذين هم أهل الاجتهاد في الدين وخلفاء المرسلين (13) .
**_________
(1) أ، ب: كتأثير سائر الأشياء في مسبباتها، ن، م: كتأثير الأسباب في مسبباتها.
(2) ن: للمسبب.
(3) ن، م، ع: وكذلك.
(4) ساقط من (م) فقط، وفي (ب) :. . . . . السبب وما يمنعه، (أ) : السبب وما يضعه، والصواب ما أثبته من (ن) ، (ع) .
(5) ساقط من (م) فقط، وفي (ب) :. . . . . السبب وما يمنعه، (أ) : السبب وما يضعه، والصواب ما أثبته من (ن) ، (ع) .
(6) ع: الصوري.
(7) أ، ب: تصورنا.
(8) ع (فقط) : حتى، وهو تصحيف.
(9) جميع: ساقطة من (ن) .
(10) ع: يقوله جميع أئمة السنة وجماهير أتباعهم لم يتنازع. . ن: يقوله أهل السنة وجماهيرهم وأتباعهم لم ينازع، م: يقوله جمع أهل السنة وجماهيرهم وأتباعهم لم ينازع.
(11) ع: في الإسلام.
(12) سقط من (أ) ، (ب) : " بن حنبل "، و " بن راهويه "، وتكرر في (ن) ، (م) اسم الشافعي مرتين.
(13) أ، ب: الذين لهم اجتهاد في الدين وخلف للمرسلين
============================== =
وإذا كان في المثبتين للقدر من يلزمه بطلان (1) الفرق كان قوله باطلا، ومع هذا فقول (2) نفاة القدر أبطل منه، فهذا (3) القدري رد باطلا بما هو أبطل منه، وأهل السنة (4) لا يوافقونه لا على هذا ولا على هذا، لكن يقولون الحق ويعلمون أن قوله أبطل (5) .
وذلك أن أفعال العباد حادثة كائنة بعد أن لم تكن، فحكمها حكم سائر الحوادث، وهي ممكنة من الممكنات فحكمها حكم سائر الممكنات فما من دليل يستدل به على أن بعض الحوادث والممكنات (6) مخلوقة لله إلا وهو يدل على أن أفعال العباد مخلوقة لله، فإنه قد علم أن المحدث لا بد له من محدث، وهذه المقدمة ضرورية عند جماهير العقلاء، وكذلك الممكن لا بد له من مرجح تام، فإذا كان فعل العبد (7) حادثا بعد أن لم يكن (8) فلا بد له من محدث (9) وإذا قيل (10) : المحدث هو العبد، فيكون العبد صار محدثا له بعد أن لم يكن، هو أيضا أمر حادث (11) فلا بد له من محدث، إذ لو كان العبد
**_________
(1) ن، م: إبطال.
(2) أ، ب: قول.
(3) ن، م: وهذا.
(4) أ، ب: وأهل الشيعة، وهو تحريف.
(5) أ، ب: باطل.
(6) ن: الحوادث ممكنة ; م: الحوادث (وسقطت كلمة: الممكنات) .
(7) العبد: ساقطة من (ع) .
(8) ساقطة من (أ) ، (ب) .
(9) ساقطة من (أ) ، (ب) .
(10) أ، ب، م: فإذا قيل.
(11) ع (فقط) :. . . هو العبد. فكون العبد محدثا له بعد أن لم يكن هو أيضا أمر حادث. وفي (أ) ، (ب) :. . . فهو أيضا أمر حادث
============================== =
لم يزل محدثا له لزم دوام ذلك الفعل الحادث، وإذا كان إحداثه (1) له حادثا فلا بد له من محدث.
وإذا قيل: المحدث إرادة العبد. قيل: فإرادته أيضا حادثة، فلا بد لها من محدث. وإن قيل: حدثت (2) بإرادة من العبد (3) . قيل: تلك الإرادة (* أيضا لا بد لها من محدث، فأي محدث فرضته في العبد (4) إن كان حادثا فالقول فيه كالقول في الحادث الأول *) (5) ، وإن جعلته قديما أزليا كان هذا ممتنعا، لأن ما يقوم بالعبد لا يكون قديما أزليا.
وإن قلت: هو وصف للعبد (6) وهي قدرته المخلوقة فيه مثلا، لم ينفعك (7) هذا لوجوه: أحدها: أن يقال: فإذا كانت (8) . [هذه] (9) القدرة المخلوقة فيه موجودة قبل حدوث الفعل وحين حدوثه، فلا بد (10) من سبب آخر حادث ينضم إليها (11) ، وإلا لزم ترجيح أحد المثلين على الآخر (12) بلا مرجح، وحدوث الحوادث بلا سبب حادث، وإلا فإذا كان (13) حال العبد قبل أن
**_________
(1) ب: إعادته، أ: إجادته، وهو تحريف.
(2) ن، م: حدث.
(3) ع: بإرادة العبد.
(4) ع: في العبد فرضته.
(5) ما بين النجمتين ساقط من (م) فقط.
(6) أ، ب: وصف العبد.
(7) ب: لم يتعقل، أ: لم ينفعل وهو تصحيف.
(8) أ، ب: إذا كانت
(9) هذه في (ع) فقط.
(10) أ، ب: فلا بد له.
(11) ن، م: يضم إليها.
(12) على الآخر: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(13) ب: فإنه إذا كان، أ: قال إذا كان، وهو تحريف
==============================
يفعل وحاله حين الفعل سواء لا مزية (1) لأحد الحالين على الآخر (2) ، وكان تخصيص هذه الحال بكونه فاعلا فيها دون الأخرى ترجيحا لأحد المتماثلين (3) بدون (4) مرجح.
وهكذا إذا قيل: فعله يمكن أن يكون وأن لا يكون، والممكن لا يترجح وجوده على عدمه إلا بمرجح تام، والمرجح إذا (5) . كان من العبد فالقول فيه كالقول في الفعل، فلا بد أن يكون المرجح التام من الله تعالى، وأن يستلزم وجوده وجود الفعل، وإلا لم يكن تاما.
ولأجل هذا اتفق أهل السنة المثبتون للقدر على أن الله خص المؤمنين بنعمة دون الكافرين (6) بأن هداهم للإيمان، ولو كانت نعمته على المؤمنين مثل نعمته على الكافرين لم يكن المؤمن مؤمنا.
كما قال تعالى: {ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون} [سورة الحجرات: 7] ، وقال تعالى: {يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين} [سورة الحجرات: 17] ، وقال تعالى: {فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم} [سورة البقرة: 212] ، وقال تعالى:
**_________
(1) ن: ولا مزية، م: أو لا مزية.
(2) ن، م: على الأخرى.
(3) ن، م: المثلين.
(4) م: بلا.
(5) ن، م، ع: إن
(6) ن، م، ع: الكفار
============================== ===
{أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه} [سورة المجادلة: 22] ، وقال تعالى: {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء} [سورة الأنعام: 125] .
والقدرية جعلوا نعمته الدينية (1) على الصنفين سواء، وقالوا: إن العبد أعطي (2) قدرة تصلح للإيمان والكفر، ثم إنه يصدر عنه أحدهما بدون سبب حادث يصلح للترجيح، وزعموا أن القادر المختار يرجح أحد طرفي مقدوره (3) على الآخر بلا مرجح وادعوا هذا في قدرة الرب وقدرة العبد.
وقد وافقهم على هذا في قدرة الرب (4) كثير من المثبتين للقدر القائلين بأن الرب لا يقوم به ما يتعلق بمشيئته وقدرته، [بل ووافقهم فيها كثير من المثبتين للقدر] (5) ، وصار الرازي (6) وأمثاله ممن يحتج على القدرية (7) بتلك الحجة يتناقضون، فإذا ناظروهم في مسألة خلق الأفعال احتجوا عليهم بتلك، وقالوا: إن الممكن لا يترجح وجوده على عدمه إلا بمرجح تام، سواء صدر عن قادر مختار أو غيره، (8) تكلموا في مسألة حدوث العالم، وقيل لهم: الحادث لا بد له من سبب حادث حادث: (9) أجابوا بجواب (10) القدرية، فقالوا:
**_________
(1) الدينية: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) أ، ب: يعطى.
(3) أ، ب: أحد مقدوريه.
(4) ع: العبد، وهو خطأ.
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(6) أ، ب: وصار الرافضي، وهو تحريف.
(7) أ (فقط) : على القدرة، وهو تحريف.
(8) وإذا ن: أو غيره إذا ; م: أو غيره فإذا.
(9) ساقطة من (ع) .
(10) أ، ب: جواب
============================== =
القادر المختار يرجح أحد طرفي مقدوره (1) بلا مرجح، وفرقوا بين القادر وغيره كما قالت القدرية، وقد يفرقون (2) بين فعل الرب وفعل العبد بأن الرب يرجح بمشيئته (3) القديمة التي هي من لوازم ذاته، بخلاف العبد فإن إرادته حادثة من غيره.
ولكن قال أكثر الناس: هؤلاء الذين يقولون إن الإرادة القديمة الأزلية هي المرجحة من غير تجدد شيء قولهم من جنس قولهم، فإن الإرادة نسبتها إلى جميع ما يقدر وقتا للحوادث نسبة واحدة، ونسبتها إلى جميع الممكنات نسبة واحدة، فترجح أحد المتماثلين على الآخر ترجيحا بلا مرجح، وإذا قدر حال الفاعل قبل الفعل وحين الفعل سواء، ثم قدر اختصاص أحد الحالين بالفعل لزم الترجيح بلا مرجح، وهذا منتهى نظر هؤلاء الطوائف.
ولهذا كان من لم يعرف كلامهم كالرازي وأمثاله مترددين (4) بين علة الدهرية وقادر القدرية ومريد الكلابية، (5) لا يجعلون الرب قادرا في الأزل على الفعل والكلام بمشيئته وقدرته (6) . ولما كانت الجهمية والقدرية بهذه الحال [لا يجعلون الرب قادرا في الأزل على الفعل والكلام بمشيئته] (7) جعلت (8) الفلاسفة الدهرية كابن سينا وأمثاله (9) هذا (10) عمدتهم في امتناع حدوث العالم
**_________
(1) أ، ب: أحد مقدوريه.
(2) أ، ب: القدرية وفرقوا.
(3) ن: مشيئته، وهو خطأ.
(4) ب: ولهذا كان من لم يعرف إلا كلام الرازي وأمثاله مترددا، ولهذا كان من لم يعرف إلا كلام الرازي وأمثاله متردد.
(5) ساقط من (ع) فقط.
(6) ساقط من (ع) فقط.
(7) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
(8) ع: جعلته.
(9) ع: وأمثالهم.
(10) أ، ب: هذه
============================== =====
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثالث
الحلقة (187)
صـ 121 إلى صـ 128
ووجوب قدمه، ولكن لا حجة لهم في ذلك (1) على مذهبهم، فإن غاية هذا أن يستلزم دوام فاعلية الرب تعالى، لا يدل (2) على قدم الفلك ولا غيره من أعيان العالم.
ولكن هؤلاء قالوا: هذا يستلزم التسلسل، [والتسلسل محال] (3) .
ومرادهم التسلسل في تمام التأثير كما تقدم، وأما التسلسل في الآثار فهو قولهم.
وقد ذكرنا أن التسلسل الممتنع (4) هنا هو من جنس الدور الممتنع (5) ، فإنه إذا قيل: لا يفعل (6) هذا الحادث حتى يحدث ما به به: (7) يصير فاعلا له ويكون ذلك حادثا مع حدوثه، وكذلك الثاني، صار هذا تسلسلا في تمام التأثير (8) وإذا قيل: لا يحدث شيئا حتى يحدث شيئا كان هذا دورا ممتنعا، فهو تسلسل إذا أطلق الكلام في الحوادث، ودور (9) إذا عين الحادث.
وهي (10) حجة إلزامية لأولئك المتكلمين من الجهمية والقدرية، ومن تبعهم من الأشعرية والمعتزلة والكرامية، ومن وافقهم من الفقهاء وغيرهم،
**_________
(1) ب (فقط) : على ذلك.
(2) ب (فقط) : ولا يدل.
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، وسقطت كلمة " محال " من (م) .
(4) ب (فقط) : ممتنع.
(5) ساقط من (أ) ، (ب) .
(6) ع: لا تفعل.
(7) ساقطة من (أ) ، (ب) .
(8) ع (فقط) : في دوام التأثير.
(9) ع: إذا أطلق الجواب ودور.
(10) ع: وهو
============================== =
[ودوامها عند من جعله لم يكن يمكنه أن يتكلم ولا يفعل بمشيئته وقدرته ثم صار ذلك ممكنا له] (1) يستلزم (2) الترجيح بلا مرجح، أو التسلسل [المتفق على امتناعه والدور الممتنع] (3) ، وكل ذلك ممتنع (4) والتسلسل المتفق على امتناعه هو التسلسل في المؤثرات [وفي تمام التأثير] (5) ، فأما التسلسل في الآثار فهو مورد النزاع.
وأولئك يبطلون القسمين بناء على أن ما لا يتناهى يمتنع فيه التفاوت.
وجماهير الفلاسفة مع أئمة أهل الملل (6) فإنهم لا ينكرون القسم الثاني.
وحينئذ فيقال لهؤلاء المتفلسفة: (7) إن كان التسلسل [في الآثار] (8) ممتنعا بطل قولكم، وإذا بطل القول بطلت حجته بالضرورة ; لأن القول الباطل لا تقوم عليه حجة صحيحة. وإن كان ممكنا بطلت حجتكم [لإمكان أن تكون كلماته لا نهاية لها، وأنه لم يزل متكلما بمشيئته أو فعالا بمشيئته، فعلا بعد فعل من غير قدم شيء بعينه من الأفعال والمفعولات] (9) ، فالحجة باطلة على التقديرين، فإنه إذا كان تسلسل (10) الآثار ممكنا أمكن حدوث الأفلاك بأسباب قبلها حادثة.
**_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ، وفي (أ) ، (ب) : من جعل أنه لم يكن يمكنه من أن يتكلم. . إلخ، وفي (ن) ، (م) بدل السقط: وإلا إذا قيل لكم قولكم. . . إلخ.
(2) ن، م: مستلزم.
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، م. وفي (ع) : أو التسلسل المتفقون. . . إلخ.
(4) ن، م: وكلاهما ممتنع.
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(6) ن، م: أهل الكلام.
(7) ن، م: الفلاسفة.
(8) في الآثار: في (ع) فقط.
(9) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
(10) ن، م: وأيضا فإذا كان تسلسل. . . إلخ
============================== ==
والرسل صلوات الله عليهم أجمعين أخبرت بأن (1) الله خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام، وأن عرشه كان على الماء قبل ذلك، وهذا مما علم (2) بالاضطرار والنقل المتواتر من دين الرسل (3) ، وأدلتكم ليس فيها ما يوجب قدم السماوات فقولكم بقدمها ليس فيه (4) حجة عقلية، فهو تكذيب للرسل بلا سبب.
وأيضا فالعقل الصريح يبطل قولكم، فإن الأفلاك وغيرها من العالم مستلزم (5) للحوادث، فلو كان قديما للزم أن يكون صادرا عن موجب له قديم، فحينئذ يكون الموجب مستلزما (6) لموجبه ومقتضاه لا يتأخر عنه، إذ لو جاز تأخر موجبه عنه [لم تكن (7) علة تامة لاستلزام العلة التامة معلولها وإذا لم تكن (8) علة تامة امتنع أن يقارنه موجبه لامتناع قدم المعلول بدون علة تامة. وأيضا فلو جاز تأخر موجبه] (9) مع جواز مقارنته له في الأزل لافتقر تخصيصه (10) بأحدهما إلى مرجح غير الموجب بذاته (11) ، وليس هناك مرجح غيره فامتنع
**_________
(1) ن، م: والرسل خبرت بأن، وفي (ب) : أخبرت أن.
(2) ع: مما يعلم.
(3) أ، ب: من دين الإسلام.
(4) ن، م، ع: ليس له.
(5) أ، ب، م: مستلزمة.
(6) ن: قديم فكون الموجب مستلزما، م: فيكون الرب مستلزما.
(7) أ، ب: لم يكن.
(8) أ، ب: لم يكن.
(9) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(10) بعد كلمة تخصيصه جاء سطران في نسختي (أ) ، (ب) كلماتهما هي نفس كلمات الجمل الساقطة من النسخ كلها والموجودة في نسخة (ع) والمشار إليها في تعليق سابق مع بعض الاختلاف اليسير، وقد جاءت هذه العبارات في غير مكانها الصحيح.
(11) أ، ب: غير الواجب بذاته
============================== =
وجود الأفلاك وغيرها، وهذا باطل فإنها موجودة مشهودة عيانا، وهم يسلمون هذا، ويقولون بأنها معلول علة قديمة، وهو موجب بالذات لا يتأخر عنه موجبه.
وإذا كان هذا معلوما بالعقل الصريح وهم يوافقون عليه، بل هو أصل قولهم، قيل لهم: فما يستلزم الحوادث يمتنع أن يصدر عن موجب بالذات ; لأن الحوادث تحدث شيئا بعد شيء (1) ، وما يحدث شيئا فشيئا لا تكون أجزاؤه قديمة أزلية، فلا تكون صادرة عن موجب بالذات، [فامتنع أن تكون الحوادث صادرة عن موجب بالذات] (2) ، وامتنع صدور شيء من العالم بدون الحوادث اللازمة له ; لأن وجود الملزوم بدون اللازم ممتنع. فتبين أنه يمتنع أن يكون الفلك قديما أزليا، ولا يمكن أن يقال: كان خاليا عن الحوادث في الأزل ثم حدثت فيه ; لأنه يقال حينئذ: فلا بد (3) لتلك الحوادث من سبب، فالقول فيها كالقول في غيرها، فإن جاز أن يحدث بدون سبب حادث، أمكن ذلك في الفلك، وبطلت حجتهم، ولزم من ذلك ترجيح أحد المتماثلين بلا مرجح، وإن كان لا بد لها من سبب لزم التسلسل ودوام الحوادث، وأن الفلك وكل ما سوى الله لم يزل مقارنا للحوادث (4) ، وكل ممكن قارن الحوادث امتنع أن يكون صادرا عن موجب بالذات، فامتنع أن يكون قديما.
**_________
(1) ع: لأن الحوادث لا تحدث إلا شيئا بعد شيء.
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ، (ع) .
(3) ن، ع: لأنه يقال: فحينئذ لا بد.
(4) ن، م، ع: للحادث
============================== ==
والناس قد تنازعوا فيما يستلزم الحوادث، وهو ما لا يخلو عن الحوادث (1) وما لا بد أن تقارنه الحوادث، هل يجب أن يكون حادثا أو لا يجب حدوثه بل يجوز قدمه، سواء كان هو الواجب الغني عما سواه، أو كان ممكنا، أو يفرق بين الواجب بنفسه الغني عما سواه وبين الممكن الفقير (2) إلى غيره؟ على ثلاثة أقوال: فالأول: قول من يقول من طوائف النظار وأهل الكلام بامتناع دوام فاعلية الرب (3) وامتناع فعل الرب وتكلمه بمشيئته وقدرته (4) في الأزل وأن (5) ذلك غير ممكن، وهؤلاء متنازعون في إمكان (6) دوام فاعليته في المستقبل على قولين.
و [القول] الثاني (7) : قول الفلاسفة الذين يقولون بقدم ما سوى الله: إما الأفلاك وإما العقول وإما غير ذلك، ويجعلون الرب [سبحانه] (8) موجبا بذاته، لا يمكنه إحداث شيء ولا تغيير شيء من العالم، بل حقيقة قولهم: إن الحوادث لم تصدر عنه، بل [صدرت] وحدثت (9) بلا محدث.
و [القول] الثالث: (10) قول أئمة أهل الملل الذين يقولون: إن الله خالق
**_________
(1) ن: وهؤلاء خلوا عن الحوادث، م: وهو لا يخلو عن الحوادث.
(2) ن: المتمكن المفتقر، م: الممكن المفتقر.
(3) م: دوام عليه الرب، أ، ب: دوامها عليه.
(4) ع (فقط) : بقدرته ومشيئته.
(5) ن، م: فإن.
(6) م: في إنكار.
(7) ن، م: والثاني.
(8) سبحانه: زيادة في (أ) ، (ب) .
(9) ن، م: بل حدثت.
(10) ن، م: والثالث
=============================
كل شيء، وكل ما سوى الله كائن بعد أن لم يكن، مع دوام قادرية الله، وأنه لم يزل متكلما إذا شاء، بل لم يزل فاعلا أفعالا تقوم بنفسه (1) .
وأقوال أئمة الفلاسفة (2) وأساطينهم الذين كانوا قبل أرسطو توافق (3) قول هؤلاء، بخلاف أرسطو (4) وأتباعه الذين قالوا بقدم الأفلاك (5) ، فإن قول هؤلاء معلوم الفساد بصحيح المنقول وصريح المعقول (6) .
وأيضا فإن كون المفعول المعين لازما للفعل قديما بقدمه دائما بدوامه (7) ممتنع لذاته، وإن قدر أن الفاعل غير مختار فكيف إذا ثبت أنه يفعل بمشيئته وقدرته؟ .
**_________
(1) ع: أفعالا لا تقوم بنفسه، م: فعالا بعد تقوم بنفسه.
(2) أ، ب: وأقوال أئمة أهل الفلاسفة، ن، م: وأقوال الأئمة الفلاسفة.
(3) ب، ع: يوافقون، ن: يوافق، أ: يوافقوا.
(4) ع: قبل أرسطو.
(5) ن، م، ع: الفلك.
(6) ن: وبصريح المعقول، وكتب مستجى زاده في هامش (ع) أمام هذا الموضع ما يلي: ((وقد نقل محمد الشهرستاني في كتابه في الكلام المسمى " بنهاية الإقدام " عن الحكماء الأقدمين قبل أرسطو أن العالم حادث أحدثه الله بعد أن لم يكن مثل أهل الملل والشرائع. وهؤلاء مثل سقراط وتاليث الملطي وأفلاطون وأندقيس وغيرهم من أساطين الحكمة. وذكر مثله سيف الدين الآمدي في " الأبكار "، وحكى الإمام في الأربعين عن سقراط سبب قيام القيامة الكبرى وانحلال السماوات والأرضين، وأن تمور السماوات مورا، وتسير الجبال سيرا. والحاصل أن أرسطو ومن تابعه من بين الحكماء له الغلو التام والمبالغة الأكيدة في إنكار حدوث العالم وإثبات قدمها مع زعمهم أنهم أثبتوا النبوات والشرائع، مع أنه أصعب من خرط القتاد مع ادعاء قدم العالم. وقد قال الشارح في أوائل الكتاب مخالفا لما قاله هاهنا، حيث قال هناك: إن أرسطو وأتباعه لم يقولوا بقدم العالم وإنما اخترع ذلك ابن سينا، وما قاله هناك غير واقع، وما قاله هاهنا هو الواقع)) . قلت: وكلام مستجى زاده عن الشارح (ويقصد به ابن تيمية) غير صحيح. فابن تيمية لا يقول إلا أن أرسطو وأتباعه يقولون بقدم العالم.
(7) أ، ب: كائنا بدوامه
============================== ==
وما (1) يذكرونه من تقدم العلة على المعلول بالذات دون الزمان لا يعقل ولا يوجد (2) إلا فيما يكون شرطا، فإن الشرط قد يقارن المشروط، أما العلة التي هي فعل فاعل للمعلول فهذه لا يعقل (3) فيها مقارنتها للمعلول في الزمان.
وهم يمثلون تقدم العلة على المعلول بالذات دون الزمان بتقدم حركة اليد على حركة الخاتم، وتقدم الحركة على الصوت (4) وغير ذلك، وجميع ما يمثلون به إما أن يكون شرطا لا فاعلا، وإما أن يكون متقدما بالزمان، وأما فاعل غير متقدم فلا يعقل قط (5) .
وليس هذا موضع بسط [هذه] (6) الأمور، فإنها أضل مقالات (7) أهل الأرض، وقد بسط الكلام عليها في غير هذا (8) .
والمقصود هنا التنبيه على أصل القدرية، فإن حقيقة قولهم أن أفعال الحيوان تحدث بلا فاعل، كما أن أصل قول الفلاسفة الدهرية (9) أن حركة الفلك وجميع الحوادث تحدث (10) بلا سبب حادث، وكذلك من وافق
**_________
(1) ن، م: ومما.
(2) أ، ب: دون الزمان لا يوجد.
(3) أ: فعل فاعل المعلول فهل لا يعقل، م: فعل فاعل المعلول فهذه لا يعقل، ب: فعل فاعل المعلول فهي لا يعقل.
(4) ع: وتقديم الحركة على الصوت ; أ، ب: وتقدم حركة الصوت ; ن، م: وتقدم الحركة على الصواب، وهو تحريف، وأرجو أن يكون ما أثبته هو الصواب.
(5) ن: ولا يفعل قط، وهو تحريف.
(6) هذه ساقطة من (ن) ، (م) .
(7) أ، ب، ن، م: أصول مقالات.
(8) الموضع ساقطة من (أ) ، (ب) . وفي (ع) : وقد بسطنا عليه الكلام. . . إلخ.
(9) أ، ب، ن: الدهرية الفلاسفة.
(10) ب: محدثة، أ: محدث
============================== ====
القدرية (1) من أهل الإثبات على أن الرب تعالى لا تقوم به الأفعال، وقالوا (2) : إن الفعل هو المفعول والخلق هو المخلوق، كما تقوله الأشعرية ومن وافقهم (3) فإنه يلزمه في فعل الرب (4) ما لزم القدرية.
ولهذا عامة شناعات هذا الرافضي (5) هي (6) على هؤلاء. وهؤلاء طائفة من طوائف (7) المثبتين لخلافة أبي بكر وعمر وعثمان (8) ، وقد وافقهم في ذلك كثير من الشيعة الزيدية والإمامية وغيرهم. وقولهم على كل حال (9) أقل خطأ (10) من قول القدرية، بل أصل خطئهم (11) موافقتهم للقدرية في بعض خطئهم (12) ، وأئمة أهل السنة لا يقولون بشيء من هذا الخطأ (13) ، وكذلك جماهير أهل السنة من أهل الحديث والفقه والتفسير والتصوف لا يقرون (14) بهذه الأقوال المتضمنة للخطأ (15) ، بل هم متفقون على أن الله خالق أفعال العباد، وعلى أن العبد قادر مختار يفعل بمشيئته وقدرته (16) ، والله خالق ذلك
**_________
(1) أ، ب: وكذلك قول من وافق القدرية.
(2) أ، ب، ن، م: وقال.
(3) أ، ب: كما يقوله الأشعري ومن وافقه، م: كما يقوله الأشعري ومن وافقهم.
(4) أ، ب: في فعل الذم، وهو تحريف.
(5) القدري أ، ب، ن، م: هذا القدري الرافضي.
(6) هي: ساقطة من (ع) .
(7) طوائف: ساقطة من (أ) ، (ب) وفي (ن) ، (م) : الطوائف.
(8) ع: لخلافة أبي بكر وعمر، أ، ب: لخلافة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.
(9) ن، م، ع: بكل حال.
(10) ع: خطاء.
(11) ع: خطايهم، أ، م، ن: خطأهم.
(12) ع: خطايهم.
(13) ع: الخطاء.
(14) ن، م: والصوفية والتفسير لا يقرون أ، ب: والتفسير والتصوف لا يقولون.
(15) ع: للخطاء.
(16) م: بقدرته ومشيئته
============================== =====
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثالث
الحلقة (188)
صـ 129 إلى صـ 136
كله، وعلى الفرق بين الأفعال الاختيارية والاضطرارية، وعلى أن الرب يفعل بمشيئته وقدرته، وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وأنه لم يزل قادرا على الأفعال موصوفا بصفات الكمال، متكلما إذا شاء، وأنه موصوف بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسول الله [صلى الله عليه وسلم] (1) من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، فيثبتون علمه المحيط، ومشيئته النافذة، وقدرته الكاملة، وخلقه لكل شيء.
ومن هداه الله إلى فهم قولهم، علم أنهم جمعوا محاسن الأقوال، وأنهم وصفوا الله بغاية الكمال، وأنهم هم المستمسكون (2) بصحيح المنقول وصريح المعقول، وأن قولهم هو القول السديد السليم من التناقض (3) الذي أرسل الله به رسله (4) وأنزل به كتبه.
**[فصل من كلام الرافضي على مقالة أهل السنة في القدر أنه لا فرق بين الإحسان والإساءة لأنهما صادران من الله والرد عليه]
(فصل) قال [الرافضي] (5) : " ومنها أنه يلزم أن لا يبقى (6) عندنا فرق بين من أحسن إلينا غاية الإحسان طول عمره، و [بين] من أساء (7) إلينا غاية الإساءة طول عمره، ولم يحسن منا
**_________
(1) ن، م، ع وبما وصفه به رسوله.
(2) ع، ن، م: المتمسكون.
(3) ن: والسليم من المتناقض.
(4) ن، م: رسوله.
(5) الرافضي: زيادة في (ع) . الإمامي القدري النص التالي في (ك) منهاج الكرامة ص [0 - 9] 8 (م) .
(6) أ، ب: ومنها أنه يلزم أنه لا يبقى ع: ومنها أنه لا يبقى، ك: ومنها يلزم أن لا يبقى.
(7) أ، ب، ن، م: ومن أساء
============================== ==
شكر الأول وذم الثاني، لأن الفعلين صادران من الله [تعالى] عندهم (1) ".
فيقال: هذا باطل، فإن اشتراك الفعلين في كون الرب خلقهما لا يستلزم اشتراكهما في سائر الأحكام، فإنه من المعلوم بصريح العقل (2) أن الأمور المختلفة تشترك في أمور كثيرة (3) لا سيما في مثل هذا المقام، فإن جميع ما سوى الله مشترك (4) في أن الله خلقه، وأنه ربه ومليكه.
ثم من المعلوم (5) أن المخلوقات بينها من الافتراق ما لا يحصيه إلا الخلاق، فالله تعالى جعل الظلمات والنور، [وقال] (6) : {وما يستوي الأعمى والبصير - ولا الظلمات ولا النور} [سورة فاطر: 19، 20] والله خالق الجنة والنار، ولا تستوي الجنة و [لا] النار (7) ، (8 والله خالق الظل والحرور، ولا يستوي الظل ولا الحرور (8 - 8) (8) 8) ، والله خالق الأعمى والبصير ولا يستوي الأعمى والبصير، والله خالق الحي والميت، والقادر والعاجز، والعالم والجاهل، ولا يستوي هذا وهذا، والله خالق ما ينفع وما يضر، وما يوجب اللذة وما يوجب الألم، ولا يستوي هذا وهذا، فإذا كان الله خالق الأطعمة
**_________
(1) أ، ب: صادران من الله، م: صادران من الله تعالى، ك: صادران من الله تعالى لا منهما عندهم.
(2) ن: تصريح المعقول ; م: بصريح (غير منقوطة) المعقول.
(3) أ، ب: يشترك فيها أمور كثيرة.
(4) ن، م: يشترك.
(5) ع: ومن المعلوم، م: ثم إن من المعلوم.
(6) وقال: زيادة في (أ) ، (ب) .
(7) أ، ب، م، ن: الجنة والنار.
(8) ساقط من (م)
============================== ==
الطيبة والخبيثة، ثم إن الطيب يحب ويشتهى، ويمدح ويبتغى، والخبيث يذم ويبغض (1) ويجتنب، والله خالق هذا وهذا، والله خالق الملائكة والأنبياء (2) ، وخالق [الشياطين و] الحيات والعقارب وغيرها (3) من الفواسق، فهذا (4) محمود معظم، وهذا فاسق يقتل في الحل والحرم، وهو سبحانه وتعالى خالق (5) في هذا طبيعة كريمة تقتضي الخير والإحسان، وفي هذا طبيعة خبيثة توجب الشر والعدوان، مع ما بينهما من الفرق في الحب والبغض، والمدح والذم ونحو ذلك (6) .
وإذا (7) كان الشرع والعقل متطابقين على أن ما جعل الله فيه منفعة للناس ومصلحة لهم يحب ويمدح [ويطلب] (8) ، وإن كان جمادا أو حيوانا بهيميا (9) ، فكيف لا يكون من جعله محسنا للناس يحصل لهم به منافع ومصالح أحق بأن يحب ويمدح ويثنى عليه، وكذلك في جانب الشر.
والقدري يقول: لا يكون العبد محمودا ومشكورا على إحسانه، ومذموما على إساءته، إلا بشرط أن لا يكون الله جعله محسنا إلينا ولا من به علينا إذا فعل الخير، ولا ابتلانا به إذا فعل الشر، وهذا حقيقة ما قاله هذا الرافضي القدري (10) .
**_________
(1) ن، م: يبغض ويذم.
(2) ن، م: الأنبياء والملائكة.
(3) ن، م: وخالق الحيات والعقارب وغيرها.
(4) ن، م، ع: وهذا.
(5) ع: وهو سبحانه خلق، ن، م: والله سبحانه خالق.
(6) ونحو ذلك: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(7) أ، ب: فإذا.
(8) ويطلب: ساقطة من (ن) ، (م) .
(9) ع: وإن كان حيوانا بهيما أ، ب: وإن كان حمارا أو حيوانا بهيما.
(10) ن، م: القدري الرافضي
============================== ==
ومعلوم فساد هذا القول شرعا وعقلا، فإن حقيقته أنه حيث يشكر العبد لا يشكر الرب وحيث يشكر الرب لا يشكر العبد.
وحقيقته أنه (1) لا يكون لله علينا منة في تعليم الرسول وتبليغه إلينا رسالات (2) ربه. وقد قال تعالى: {لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة} [سورة آل عمران: 164] وعلى قول القدري يكون إرسال الله [له] (3) من جنس إرسال مخلوق إلى مخلوق (4) ، فذاك تفضل بنفس الإرسال لا بأن جعل الرسل تتلوا وتعلم وتزكي، بل هذه الأفعال منتسبة (5) عندهم فيها للرسول (6) الذي خلقها [عندهم] دون المرسل الذي (7) لم يحدث شيئا منها.
والقدري يقول الرسول نطق بنفسه، لم ينطقه الله ولا أنطق الله شيئا، بل جعل فيه قدرة على أن ينطق وأن لا ينطق، وهو يحدث أحدهما مع استواء الحال قبل الإحداث وبعده، بدون معونة الله له على إحداث النطق وتيسيره له.
وعلى قول القدري لا يكون لله نعمة على عباده باستغفار الملائكة لهم،
**_________
(1) ن، م: أن.
(2) أ، ب: رسالة.
(3) له: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) ع: مخلوق لمخلوق، ن، م: المخلوق لمخلوق.
(5) ن، م: المثبتة، أ: المنتسبة، ع: المشبهة، وهو تحريف.
(6) ب: للمرسل، أ: للرسل، م: الرسول.
(7) ن، م: الذي خلقها دون الرسل التي
============================== =
وتعليم العلماء لهم، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، وعدل ولاة الأمور عليهم، ولا يكون الله مبتليا لهم إذا ظلمهم ولاة [الأمور] (1) .
وفي الأثر [المعروف] (2) : " «يقول الله [عز وجل] (3) : " أنا الله (4) مالك الملوك، قلوب الملوك ونواصيهم بيدي، من أطاعني جعلتهم عليه رحمة، ومن عصاني جعلتهم عليه نقمة، فلا تشتغلوا بسب الملوك وأطيعوني أعطف قلوبهم عليكم» (5) . وعند القدري لا يقدر الله أن يجعل الملوك لا (6) عادلين ولا جائرين، ولا محسنين ولا مسيئين، ولا يقدر أن يجعل أحدا محسنا إلى أحد، ولا مسيئا إلى أحد، ولا يقدر أن [ينعم] (7) على أحد بمن (8) يحسن إليه ويكرمه، ولا يقدر [على] (9) أن يبتليه بمن يعذبه ويهينه ".
وعلى قول القدري لم يبعث (الله) عبادا له أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار، فإنه لم يأمرهم بذلك ولا جعلهم فاعلين، بل أعطاهم قدرة، وكذلك عندهم لم يرسل الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا (10) .
**_________
(1) ب: ولاة المأمور، ع، ن، م: الولاة.
(2) المعروف زيادة في (ع) .
(3) عز وجل: ساقطة من (ن) ، (م) ، وفي (ع) الله تعالى.
(4) م: أنا الملك.
(5) أورد هذا الحديث القدسي الشيخ محمد المدني في كتابه الإتحافات السنية في الأحاديث القدسية ص [0 - 9] 6 - 77 ط حيدر آباد سنة 1358 هـ مع اختلاف في الألفاظ، وقال في آخره: رواه أبو نعيم في الحلية عن أبي الدرداء.
(6) لا: ساقطة من (م) ، (أ) (ب) .
(7) ينعم، ساقطة من (ن) ، وفي (م) يحسن.
(8) أ، ب، ن، م: ممن.
(9) على: ساقطة من (ن) ، (م) .
(10) ساقط من (أ) (ب) (ع) وفي (ن) : وعلى قول القدري لم يبعث عبادا له. . . إلخ
=============================
وقد قال بعضهم إنه على قول القدري (1) لا يستحق [الله] أن يشكر بحال (2) ، فإن الشكر إنما يكون على النعم، والنعم إما دينية وإما دنيوية وإما أخروية، فالنعم الدنيوية هي عنده واجبة على الله، وكذلك ما يقدر عليه من الدينية كالإرسال وخلق القدرة، وأما نفس الإيمان والعمل الصالح فهو عنده لا يقدر أن يجعل أحدا مؤمنا ولا مهتديا ولا صالحا ولا برا ولا تقيا، فلا يستحق أن يشكر على شيء من هذه الأمور التي لم يفعلها ولا يقدر عليها عنده (3) وأما النعم الأخروية فالجزاء واجب (4) [عليه] (5) عنده، كما يجب على المستأجر أن يوفي الأجير أجره (6) ، ومعلوم أن هذا عنده (7) من باب العدل المستحق لا من باب الفضل (8) والإحسان، بمنزلة من قضى دينا كان عليه فلا يستحق الشكر على فضل ولا إحسان.
ومن هذا حقيقة قوله كيف يعيب أهل الإيمان (9) الذين يشكرون الله على كل [حال و] نعمة (10) ، ويشكرون من أجرى الله الخير على يديه،
**_________
(1) أ، ب، ن: القدرية، م: القدر، وهو تحريف.
(2) ع: لا يستحق الله أن يشكر الله بحال ; ن: لا يستحق أن يشكر محال، م: يلزم أن لا يشكر لحال.
(3) أ، ب: ولم يقدر عليها عبيده، م: ولم يقدر عليها عنده.
(4) أ، ب: وجب.
(5) عليه ساقطة من (ن) .
(6) بعد كلمة أجره توجد في (أ) ، (ب) عبارة: فالجزاء واجب عليه وهي عبارة مكررة.
(7) أ، ب: ومعلوم عنده أن هذا.
(8) ن: التفضيل، م: التفضل.
(9) أ، ب: قوله يعيب أهل الإيمان، ع: قوله كيف يعذب أهل الإيمان.
(10) ن، م، ع: على كل نعمة
==========================
فإنه من لم يشكر الناس لم يشكر الله (1) ، ومن أساء إليهم يعتقدون جواز مقابلته بالعدل (2) ، وأن العفو عنه أفضل إذا لم يكن في عقوبته حق لله، ويرى أحدهم أن الله أنعم عليه بإحسان الأول (3) ليشكره عليه، وأنه ابتلاه بإساءة هذا إليه كما يبتليه بأنواع البلاء ليصبر ويستغفر من ذنوبه ويرضى بقضائه.
كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " «لا يقضي الله لمؤمن (4) قضاء إلا كان خيرا له، إن أصابته سراء فشكر كان خيرا له، وإن أصابته ضراء (5) فصبر كان خيرا له وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن» " (6)
**_________
(1) أ، ب: فإن من لا يشكر الناس لم يشكر الله، وفي (ع) سقطت عبارة لم يشكر الله، وفي (م) قاله من لم يشكر الناس. . .، وهو تحريف.
(2) ع: ومن أسيء إليهم يعتقدون جواز مقاتلته بالعدل، م: ومن أثنى عليهم يعتقدون جزاء ومقابلته بالعدل، وهو تحريف.
(3) ن، م: بالإحسان الأول.
(4) ع، ن: للمؤمن، م: المؤمن.
(5) ب: إن أصابه خير، أ: إن أصابته شرا، وهو تصحيف.
(6) أ، ب: إلا للمؤمنين، والحديث عن صهيب رضي الله عنه في مسلم 4/2295 كتاب الزهد، باب المؤمن أمره كله خير، ولفظه فيه: عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر. الحديث. وهو في المسند 4/332، 333، 6/15، 16، وأول الحديث في الموضعين الأولين، عجبت من أمر (لأمر) المؤمن، وفي الموضع الأخير: عجبت من قضاء الله للمؤمن. على أن القسم الأول من كلام ابن تيمية جاء في حديث آخر عن أنس رضي الله عنه في المسند ط الحلبي 3 117 ولفظه: عجبت للمؤمن، إن الله لم يقض قضاء إلا كان خيرا له، 3/184، ولفظه: عجبت للمؤمن، إن الله لا يقضي للمؤمن قضاء إلا كان خيرا له. وقال الألباني عن الحديث في سلسلة الأحاديث الصحيحة 4/28 إنه صحيح
============================== ===
وقد قال تعالى: {أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا} [سورة مريم: 83] (1) ، وقال تعالى: {فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا} [سورة الإسراء: 5] فإرساله الشياطين وبعثه لهؤلاء المعتدين على بني إسرائيل أهو (2) أمر شرعي أمرهم به، كما أرسل (3) رسله بالبينات والهدى، وكما بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم (4) ؟ أم هو تقدير وتسليط، وإن كان المسلط ظالما معتديا (5) عاصيا لدين الله وشرعه (6) .
ثم من المعلوم أن عامة أهل الأرض مقرون بالقدر، وهم مع هذا (7) يمدحون المحسن ويذمون المسيء فطروا على هذا وعلى هذا، فيقرون أن الله (تعالى) خالق كل شيء وربه، وأنه قدر ذلك كله وسلط هذا ويسر هذا، ويمدحون هذا ويذمون هذا، وأهل الإثبات المقرون بالقدر يمدحون المحسن ويذمون المسيء، (8) ، مع اتفاقهم على أن الله خالق الفعلين.
فقولهم: إنه يلزمهم (9) أن لا يفرقوا بين هذا وهذا - لزوم ما لا يلزم (10)
**_________
(1) هذه الآية ليست في (ن) ، (م) .
(2) ن، م: هو.
(3) أ، ب: أمر.
(4) ويزكيهم: ساقطة من (أ) ، (ب) ، وفي (ن) : ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة.
(5) ن، م: متعديا.
(6) ع: أو شرعه.
(7) أ، ب: ومع هذا.
(8) ساقط من (أ) ، (ب) تعالى زيادة في (ع) .
(9) ع: فقولهم إنهم يلزمهم، م: وقوله يلزمهم.
(10) ع: لزوما لا يلزم
===========================
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثالث
الحلقة (189)
صـ 137 إلى صـ 144
وغاية الأمر أن يكون يكون: (1) الله جعل هذا مستحقا للمدح والثواب، وهذا مستحقا للذم والعقاب فإذا كان قد جعل هذا مستحقا وهذا مستحقا، لم يمتنع أن يمدح هذا ويذم هذا (2) ، لكن خلقه لهذين الزوجين كخلقه لغير ذلك، وهذا يتعلق بالحكمة الكلية في خلق (3) المخلوقات، كما قد ذكر في غير هذا الموضع.
وعلى رأي القدري لا يستحق المدح والثناء والشكر إلا من لم يجعله الله محسنا، ولا يستحق الذم إلا من لم يجعله الله مسيئا (4) ، بل من لا يقدر [الله] أن (5) يجعله محسنا ولا مسيئا فعنده (6) لا مدح ولا ذم إلا بشرط عجز الله [تعالى] (7) وقصور مشيئته وخلقه، وحدوث الحوادث بدون محدث.
**[فصل من كلام الرافضي على مقالة أهل السنة في القدر المعصية إما من العبد أو من الله أو منهما]
(فصل) قال [الرافضي] (8) : " ومنها التقسيم الذي ذكره سيدنا ومولانا الإمام موسى بن جعفر الكاظم (9) ، وقد سأله أبو حنيفة وهو صبي، فقال: المعصية ممن؟ فقال الكاظم (10) : المعصية إما
**_________
(1) ساقطة من (ب) فقط.
(2) ع: لم يمنع أن يذم هذا ويمدح هذا.
(3) أ، ب: في حق.
(4) أ، ب: من لم يجعله مسيئا
(5) ن، م: من لا يقدر أن.
(6) أ، ب: فعندهم.
(7) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
(8) الرافضي: في (ع) فقط. والنص التالي في (ك) ص [0 - 9] 8 (م) .
(9) ك: مولانا وسيدنا موسى بن جعفر الكاظم عليهما السلام.
(10) ك: الكاظم عليه السلام
============================== ===============
من العبد أو من الله (1) أو منهما (2) ، فإن كانت من الله فهو أعدل وأنصف من أن يظلم عبده ويؤاخذه (3) بما لم يفعله، وإن كانت المعصية منهما فهو شريكه، والقوي أولى بإنصاف عبده الضعيف، وإن كانت المعصية من العبد (4) وحده فعليه وقع الأمر (5) وإليه توجه (6) المدح والذم. وهو أحق بالثواب والعقاب، ووجب له (7) الجنة أو النار (8) فقال أبو حنيفة: " {ذرية بعضها من بعض} ".
فيقال: أولا: هذه الحكاية لم يذكر لها إسنادا فلا تعرف صحتها، فإن المنقولات (9) إنما تعرف صحتها بالأسانيد الثابتة، لا سيما مع كثرة الكذب في هذا الباب، كيف والكذب عليها ظاهر، فإن أبا حنيفة (10) من المقرين بالقدر باتفاق أهل المعرفة به وبمذهبه، وكلامه في الرد على
**_________
(1) ك: أو من ربه ; ن، م: وإما من الله.
(2) ن، م: وإما منهما.
(3) ك: ويأخذه.
(4) ن، م: وقعت من العبد.
(5) ك: وقع الأمر والنهي.
(6) أ، ب، ع: وإليه يتوجه، ن: وعليه توجه.
(7) أ، ب، ع: ووجبت له، م: فوجبت له.
(8) ع، ن، م: والنار.
(9) أ، ب: فالمنقولات.
(10) ع: فإن أبا حنيفة رضي الله عنه
==============================
القدرية (1) معروف في الفقه الأكبر (2) وقد بسط (3) الحجج في الرد عليهم بما لم يبسطه على غيرهم في هذا الكتاب، وأتباعه متفقون على أن هذا هو (4) مذهبه، وهو مذهب الحنفية المتبعين له، ومن انتسب إليه في الفروع وخرج عن هذا (5) من المعتزلة ونحوهم فلا يمكنه (6) أن يحكي هذا القول عنه، بل هم عند أئمة الحنفية الذين يفتى بقولهم مذمومون معيبون من (7) أهل البدع والضلالة (8) ، فكيف يحكى عن أبي حنيفة أنه استصوب قول من يقول إن الله لم يخلق أفعال العباد؟
وأيضا فموسى بن جعفر وسائر علماء أهل البيت متفقون على إثبات القدر، والنقل بذلك عنهم (9) ظاهر معروف. وقدماء الشيعة كانوا متفقين على إثبات القدر والصفات، وإنما شاع فيهم رد (10) القدر من حين اتصلوا بالمعتزلة في دولة بني بويه (11) .
**_________
(1) ع: وبكلامه في القدرية.
(2) كتب مستجي زاده في هامش (ع) أمام هذا الموضع ما يلي: كتاب الفقه الأكبر قال بعض الناس إنه ليس بتأليف لأبي حنيفة، بل ألفه رجل يقال له أبو حنيفة غيره، وهو مخالف لما قاله العظماء الأقدمون مثل الأستاذ أبي منصور عبد القاهر البغدادي وفخر الإسلام علي البزدوي، وهذا ابن تيمية صاحب الإحاطة التامة، وهو مصرح بما صرح به هؤلاء الأقدمون مع أن الأستاذ من الشافعية وفخر الإسلام من الحنفية وابن تيمية من الحنابلة. وقال الأستاذ عبد القاهر البغدادي في كتاب التبصرة: إن أول من رد وأبطل قول أهل الاعتزال من الفقهاء الأقدمين هو أبو حنيفة النعمان إمام الحنفية.
(3) أ، ب، م: وبسط.
(4) هو: ساقطة من (أ) ، (ب) ، (م) .
(5) ب (فقط) : بهذا.
(6) ب فقط: فلا يمكن.
(7) ب معدودون من، أ: معيوبون من، م: متعبون من.
(8) أ، ب: والضلال.
(9) أ، ب: عنهم بذلك، ن: فذلك عنهم، وهو تحريف.
(10) ع: إنكار.
(11) علق مستجي زاده في هذا الموضع بقوله: وهذا المحل من المهمات، ولم أر من باحث مع الإمامية مثل ابن تيمية، شكر الله سعيه، حيث أحاط بمقالاتهم ومذاهبهم ومللهم ونحلهم وقدمائهم، ومتأخريهم إحاطة تامة، وبعض المتأخرين تصدر لرد الإمامية ردا عنيفا، إلا أنه أين من هذا البحر الحبر المحيط بمذاهبهم وفرقهم من الأولين والآخرين ولولا أنه كان راجلا في مذاهب الفلاسفة لكان هو في غاية من الإحاطة والإتقان إلا أن الكمال لله تعالى لكن مع ذلك أين مثله في التتبع والإحاطة
============================== ==
وأيضا، فهذا الكلام المحكي عن موسى بن جعفر يقوله أصاغر القدرية وصبيانهم، وهو معروف من حين حدثت القدرية قبل أن يولد موسى بن جعفر، فإن موسى بن جعفر ولد بالمدينة سنة ثمان أو تسع وعشرين ومائة قبل الدولة العباسية بنحو ثلاث سنين، وتوفي ببغداد سنة ثلاث وثمانين ومائة. قال أبو حاتم: ثقة صدوق إمام من أئمة المسلمين (1) والقدرية حدثوا قبل هذا التاريخ، بل حدثوا في أثناء المائة الأولى من زمن الزبير وعبد الملك (2) .
[وهذا مما يبين أن هذه الحكاية كذب، فإن أبا حنيفة إنما اجتمع بجعفر بن محمد، وأما موسى بن جعفر فلم يكن ممن سأله (3) أبو حنيفة ولا اجتمع به، وجعفر بن محمد هو من أقران أبي حنيفة، ولم يكن أبو حنيفة (ممن) (4) يأخذ عنه مع شهرته بالعلم، فكيف يتعلم من موسى بن جعفر] (5) ؟
**_________
(1) سبقت ترجمة موسى الكاظم 2/460.
(2) يقول ابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل 5/244: والمرجئة والقدرية حدثوا في أواخر عصر الصحابة، ويقول ابن طاهر البغدادي في الفرق بين الفرق، ص [0 - 9] 7: ثم حدث في زمان المتأخرين من الصحابة خلاف القدرية في القدر والاستطاعة من معبد الجهني وغيلان الدمشقي والجعد بن درهم. وقد خرج معبد الجهني مع ابن الأشعث وقتل بعد سنة ثمانين.
(3) ع: ممن يسأله.
(4) ممن: في (ع) فقط.
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) وهو في (ع) ، (أ) ، (ب) ، وفي آخر هذه العبارات في (أ) ، (ب) كلمة انتهى وهي ليست في (ع) ، وعلق مستجي زاده عند هذا الموضع في (ع) بتعليق جاء فيه فإن قلت: إن أبا نعيم صاحب الحلية ذكر فيه أن جعفر الصادق لما اجتمع بأبي حنيفة نهاه عن القياس، فقال: أول من قاس إبليس، فقال أبو حنيفة مثنيا عليه وقبولا لهذا الكلام: " ذرية بعضها من بعض "، مع أن أبا حنيفة ممن يقول بالقياس وصحة الاحتجاج به، وإن أبا نعيم ذكر هذه القصة بسندها المسرودة على جعفر، والجواب أن القياس الذي قال به أبو حنيفة هو في الأحكام والفروع التي تختلف باختلاف الملل والأديان فهو مذموم ومدار الفرق الضالة من الفرق الإسلامية من المعتزلة وغيرها على هذه المقالة الخبيثة، ومن ثم اتفق عظماء الأمة وكبراء الملة على ذم القياس في الأصول الدينية، والحكاية التي يشير إليها مستجي زاده في حلية الأولياء 3/196 - 197 وهي لا تدل على أن أبا حنيفة كان يتعلم من جعفر الصادق، ولا يمنع إن صحت الحكاية أن يكون قد استفاد منه بعض العلم. وانظر كتاب " الإمام الصادق " لمحمد أبي زهرة، ص \ 252 - 255 - 291 - 293 ط. دار الفكر العربي بدون تاريخ
============================== ====
وما ذكره (1) في هذه الحكاية من قول القائل: هو أعدل من أن يظلم عبده ويؤاخذه بما لم يفعله، هو أصل كلام القدرية الذي يعرفه عامتهم وخاصتهم، وهو أساس مذهبهم وشعاره (2) ; ولهذا سموا أنفسهم العدلية، فإضافة هذا إلى موسى بن جعفر لو كان حقا ليس فيه فضيلة [له] ولا مدح (3) ، إذا كان صبيان القدرية يعرفونه، فكيف إذا كان كذبا مختلقا عليه؟
ويقال: ثانيا: الجواب عن هذا التقسيم أن يقال: هذا التقسيم ليس بمنحصر (4) . وذلك أن قول القائل: " المعصية ممن؟ " لفظ
**_________
(1) ن، م: وما ذكر.
(2) أ، ب: وشعارهم.
(3) ن، م: ليس فيه فضيلة ولا مدح ; ع: ليس فيه مدح له ولا فضيلة.
(4) ن، م: بمختصر، وهو تصحيف
============================
مجمل، فإن المعصية والطاعة عمل وعرض قائم بغيره (1) ، فلا بد له من محل يقوم به، وهي قائمة بالعبد لا محالة، وليست قائمة بالله [تبارك وتعالى] (2) بلا ريب.
ومعلوم أن كل مخلوق يقال: هو من الله، بمعنى أنه خلقه بائنا عنه لا بمعنى أنه قام به واتصف به، كما في قوله [تعالى] (3) : {وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه} [سورة الجاثية: 13] (4) ، وقوله تعالى: {وما بكم من نعمة فمن الله} [سورة النحل: 53] .
والله تعالى وإن كان خالقا لكل شيء فإنه خلق الخير والشر لما له في ذلك من الحكمة التي باعتبارها كان فعله حسنا متقنا، كما قال: {الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين} [سورة السجدة: 7] وقال: {صنع الله الذي أتقن كل شيء} [سورة النمل: 88] فلهذا لا يضاف إليه الشر مفردا، بل إما أن يدخل في العموم، وإما أن يضاف إلى السبب، وإما أن يحذف فاعله.
فالأول: كقول [الله تعالى] (5) {الله خالق كل شيء} [سورة الزمر: 62] والثاني: كقوله: {قل أعوذ برب الفلق - من شر ما خلق} [سورة الفلق: 1، 2] والثالث كقوله فيما حكاه عن الجن: {وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا} [سورة الجن: 10] و [قد]
**_________
(1) أ، ب: بغير، وفي (ع) والطاعة عرض. . . إلخ.
(2) تبارك وتعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
(4) آية سورة الجاثية ليست في (ع) .
(5) ن، م، ع: كقوله
============================== =
قال ن، م: قال. في أم القرآن: {اهدنا الصراط المستقيم - صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين} [سورة الفاتحة: 6، 7] فذكر أنه فاعل النعمة، وحذف فاعل الغضب، وأضاف الضلال إليهم. وقال الخليل [عليه السلام] (1) {وإذا مرضت فهو يشفين} [سورة الشعراء: 80] ، ولهذا كان لله الأسماء الحسنى، فسمى (2) نفسه بالأسماء الحسنى المقتضية للخير.
وإنما يذكر الشر في المفعولات، كقوله: {اعلموا أن الله شديد العقاب وأن الله غفور رحيم} [سورة المائدة: 98] (3) ، وقوله في آخر سورة (4) الأنعام: {إن ربك سريع العقاب وإنه لغفور رحيم} [سورة الأنعام: 165] (* وقوله في الأعراف: (5) {إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم} [سورة الأعراف: 167] . *) (6) وقوله: {نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم - وأن عذابي هو العذاب الأليم} [سورة الحجر: 49، 50] وقوله: {حم - تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم - غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو} [سورة غافر: 13] .
وهذا لأن ما يخلقه من الأمور التي فيها شر (7) بالنسبة إلى بعض الناس
**_________
(1) عليه السلام: زيادة في (ع) .
(2) ع: فيسمى.
(3) ع: كقوله: اعلموا أن الله شديد العقاب، وقوله: إن الله غفور رحيم.
(4) سورة: ساقطة من (أ) ، (ب) ، (ع) .
(5) ن، م: وفي الأعراف.
(6) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
(7) ن، م: الشر
============================== ==
فله فيها (1) حكمة، هو بخلقه لها (2) حميد مجيد، له الملك وله الحمد، فليست بالإضافة إليه شرا ولا مذمومة، فلا يضاف إليه ما يشعر بنقيض ذلك، كما أنه سبحانه خالق (3) الأمراض والأوجاع والروائح الكريهة والصور المستقبحة والأجسام الخبيثة كالحيات والعذرات (4) لما له في ذلك من الحكمة البالغة.
فإذا قيل: هذه العذرة وهذه الروائح الخبيثة من الله، أوهم ذلك أنها خرجت منه، والله منزه عن ذلك. وكذلك إذا قيل: القبائح من الله [أو المعاصي من الله] (5) ، قد يوهم ذلك أنها خارجة من ذاته، كما تخرج من ذات العبد، وكما يخرج الكلام من المتكلم، والله منزه عن ذلك، أو يوهم [ذلك] أنها (6) منه قبيحة وسيئة، والله منزه عن ذلك.
بل جميع خلقه خلقه له حسن على قولي (7) التفويض والتعليل. وكذلك إذا قيل للطعوم والألوان والروائح ونحوها من الأعراض: هذا الطعم الحلو والمر من الله أو من هذا النبات، وهذه الروائح الطيبة أو الخبيثة من الله أو من هذه العين (8) ، وأمثال ذلك. وقد يوهم إذا قيل:
**_________
(1) أ، ب، م: له فيها.
(2) أ، ب: هو يخلقها لها، ن: هو يخلقه لها ; م: فهو يخلقه لها.
(3) ن، م: خلق.
(4) ن، م: والعذرة.
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من (أ) ، (ب) .
(6) ن: ويوهم أنها، م: وتوهم أنها.
(7) ع، م: بل جميع خلقه له حسن على قول. . . إلخ، وفي (ن) : بل جميع خلقه خلقه له حسن على قول. . . إلخ.
(8) ن: أو من هذا العين ; م: أو الغيرة
============================== ====
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثالث
الحلقة (190)
صـ 145 إلى صـ 152
إنها من الله أنه أمر بها، والله لا يأمر بالفحشاء، ولا يحب الفساد (1) ، ولا يرضى لعباده الكفر.
وهذا مثل قول (2) ابن مسعود لما سئل عن المفوضة: أقول (3) فيها برأيي، فإن يكن صوابا فمن الله، وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان، والله ورسوله بريئان منه. وكذلك قال أبو بكر (4) في الكلالة، وقال عمر نحو ذلك. ومرادهم أن الصواب قد أمر الله به وشرعه وأحبه (5) ورضيه، والخطأ لم يأمر به ولم يحبه ولم يشرعه، بل هو مما زينه الشيطان لنفسي ففعلته بأمر الشيطان، فهو مني ومن الشيطان.
وحينئذ فالجواب من وجوه:
أحدها: أن يقال: الأعمال والأقوال والطاعات والمعاصي من العبد، بمعنى أنها قائمة به وحاصلة بمشيئته وقدرته، وهو المتصف بها المتحرك بها، الذي يعود حكمها عليه (6) ، فإنه قد يقال لما اتصف به المحل وخرج منه (7) : هذا منه وإن لم يكن له اختيار، كما يقال: هذه الريح (8) من هذا الموضع، وهذه الثمرة من هذه الشجرة، وهذا الزرع من
**_________
(1) ن، م: ولا يحب الفحشاء.
(2) ع، م: وهذا كقول.
(3) ع: لما سئل أقول ; أ، ب: لما سئل عن الفريضة أقول، م: لما سئل عن المفوضة لما أقول.
(4) ع: أبو بكر الصديق رضي الله عنه.
(5) أ، ب: وأوجبه.
(6) ع: الذي حكمها يعود عليه.
(7) منه: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(8) أ، ب: هذا الريح، ن، م: هذه الروائح
============================== ==
هذه الأرض، فلأن يقال ما صدر من الحي (1) باختياره: هذا منه بطريق الأولى، وهي من الله، بمعنى أنه خلقها قائمة بغيره وجعلها عملا له وكسبا وصفة (2) ، وهو خلقها بمشيئة نفسه وقدرة نفسه بواسطة خلقه لمشيئة العبد وقدرته (3) ، كما يخلق المسببات بأسبابها، فيخلق السحاب بالريح، [والمطر بالسحاب] (4) ، والنبات بالمطر.
والحوادث تضاف إلى خالقها باعتبار، وإلى أسبابها باعتبار، فهي من الله مخلوقة له في غيره، كما أن جميع حركات المخلوقات وصفاتها منه، وهي من العبد صفة قائمة به، كما أن الحركة من المتحرك المتصف بها وإن كان جمادا، فكيف إذا كان حيوانا (5) ؟
وحينئذ فلا شركة بين الرب وبين العبد (6) لاختلاف جهة الإضافة، كما [أنا] (7) إذا قلنا: هذا الولد من هذه (8) المرأة بمعنى أنها ولدته، ومن الله بمعنى أنه خلقه (9) لم يكن بينهما تناقض. وإذا قلنا هذه الثمرة من (10) الشجرة، وهذا الزرع من الأرض، بمعنى أنه حدث فيها، ومن الله بمعنى أنه خلقه منها (11) ، لم يكن بينهما تناقض.
**_________
(1) أ: لما صدر منه من حي، ب: لما صدر من حي، ن، م: لما صدر من الحق.
(2) وصفة: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) أ، ب: بمشيئة العبد وقدرته، م: لقدرة العبد ومشيئته.
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(5) ع: فكيف بالحيوان ; ن: فكيف إذا كان حيوانيا.
(6) أ، ب: فلا شركة بين العبد وبين الرب ; ن: فلا نشركه بين الرب وبين العبد.
(7) أنا: ساقطة من (ن) .
(8) هذه ساقطة من (أ) ، (ب) ، (ع) .
(9) ع، ن، م: بمعنى أن الله خلقه.
(10) هذه هذه: ساقطة من (أ) ، (ب) ، (ع) .
(11) منها ساقطة من (أ) ، (ب)
============================== ======
وقد قال تعالى: {أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون} [سورة الطور: 35] فالمشهور: أم خلقوا من غير رب؟ وقيل أم خلقوا من غير عنصر؟
وكذلك قال موسى (1) . لما قتل القبطي: {هذا من عمل الشيطان} [سورة القصص: 15] .
وقال تعالى: {ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك} [سورة النساء: 79] مع قوله فيما تقدم: {قل كل من عند الله} [سورة النساء: 78] . فالحسنات والسيئات المراد بها هنا (2) النعم والمصائب ; ولهذا قال: ما أصابك، ولم يقل: ما أصبت.
كما في قوله: {إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها} [سورة آل عمران: 120] ، وقوله: {إن تصبك حسنة تسؤهم وإن تصبك مصيبة يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل ويتولوا وهم فرحون} [سورة التوبة: 50] فبين أن النعم والمصائب من عند الله، فالنعمة من الله ابتداء والمصيبة بسبب من نفس الإنسان، وهي معاصيه (3) .
كما قال في الآية الأخرى: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير} [سورة الشورى: 30] ، وقال في الآية] (4) الأخرى: (5)
**_________
(1) ن، م: لما قال موسى
(2) ن، م، ع: والحسنات والسيئات هنا المراد بها.
(3) أ، ب: وهي معاقبة وهو تصحيف.
(4) ما بين المعقوفتين ساقطة من (ن) ، (م) ، (أ) ، (ب) .
(5) الأخرى: ساقطة من (أ) ، (ب)
============================== =====
{أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم} [سورة آل عمران: 165] ، وهذا لأن الله محسن عدل، كل نعمة منه فضل وكل نقمة منه عدل، فهو محسن إلى العبد بلا سبب منه تفضلا وإحسانا، ولا يعاقبه إلا بذنبه، وإن كان قد خلق الأفعال كلها لحكمة له في ذلك، فإنه حكيم عادل يضع الأشياء مواضعها، ولا يظلم ربك أحدا.
وإذا كان غير الله يعاقب عبده (1) على ظلمه وإن كان (2) مقرا بأن الله خالق أفعال العباد، وليس ذلك ظلما منه، فالله أولى أن لا يكون ذلك ظلما منه، وإذا كان الإنسان قد (3) يفعل مصلحة اقتضتها حكمته، لا تحصل إلا بتعذيب حيوان، ولا يكون ذلك ظلما منه (4) ، فالله أولى أن لا يكون ذلك ظلما منه.
الوجه الثاني: أن يقال: هي من الله خلقا لها (5) في غيره وجعلا لها عملا لغيره، وهي من العبد فعلا [له] قائما به وكسبا يجر به منفعة إليه (6) أو يدفع به مضرة، وكون العبد هو الذي قام به الفعل، وإليه يعود حكمه الخاص انتفاعا به أو تضررا (7) ، جهة لا تصلح لله، فإن الله لا تقوم
**_________
(1) ع، ن، م: العبد.
(2) ن، م: فإن كان.
(3) ن، م: وإن كان الإنسان قد، أ، ب: وإذا كان الإنسان، وسقطت قد.
(4) منه: ساقطة من (أ) ، (ب) ، (م) .
(5) ن، م: خلقه لها.
(6) ع: وهي من العبد فعلا قام به وكسبا يجر إليه بعد منفعة، ن، م: وهي من العبد فعلا قام به وكسبا يجر به إليه منفعة.
(7) ن، م: من انتفاع به أو تضرر
============================== ==
به أفعال العباد، ولا يتصف بها، ولا تعود إليه أحكامها، التي تعود إلى موصوفاتها. وكون الرب هو الذي خلقها وجعلها عملا لغيره بخلق قدرة العبد ومشيئته (1) وفعله جهة لا تصلح للعبد، ولا يقدر على ذلك إلا الله، ولهذا قال أكثر المثبتين للقدر: إن أفعال العباد مخلوقة لله، وهي فعل العبد وإذا قيل هي فعل (2) الله فالمراد أنها (3) مفعولة له، [لا أنها] (4) هي الفعل الذي هو مسمى المصدر.
وهؤلاء هم الذين يفرقون بين الخلق والمخلوق، وهم أكثر الأئمة، وهو آخر قولي القاضي أبي يعلى وقول أكثر أصحاب [الإمام] (5) أحمد (6) وهو قول [ابنيه يعني ابني القاضي أبي يعلى] (7) : القاضي أبي حازم (8) و [القاضي] أبي الحسين (9) وغيرهما.
الوجه الثالث: أن قول القائل: الله أعدل من أن يظلم عبده ويؤاخذه بما لم يفعل، [فنحن] (10) نقول بموجبه، فإن الله لم يظلم عبده ولم يؤاخذه
**_________
(1) ن، م: يخلق مشيئة العبد وقدرته.
(2) ساقطة من (ع) .
(3) ع، أ: بها.
(4) لا أنها: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) الإمام: زيادة في (ع) .
(6) علق مستجي زاده في هذا الموضع بقوله: قلت كأنه احترز بقوله " وهم أكثر الأئمة " الأشعري ومن تابعه، فإنهم قالوا: التكوين عين المكون والخلق عين المخلوق.
(7) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط، وفي (ن) ، (م) : وهو قول ابني القاضي أبي حازم. . . إلخ.
(8) في جميع النسخ: القاضي أبي حازم، والصواب ما أثبته.
(9) ن، م: وأبي الحسين.
(10) فنحن: ساقطة من (ن) ، (م) ، (ع)
==============================
إلا بما فعله العبد باختياره وقوته (1) لا بفعل غيره من المخلوقين. وأما كون الرب خالق كل شيء فذلك لا يمنع كون العبد هو الملوم على ذلك، كما أن غيره من المخلوقين يلومه على ظلمه وعدوانه، مع إقراره بأن الله خالق أفعال العباد.
وجماهير الأمم مقرة بالقدر، وأن الله خالق كل شيء، وهم مع هذا يذمون الظالمين (2) ويعاقبونهم لدفع ظلمهم وعدوانهم، كما أنهم (3) يعتقدون أن الله خالق (4) الحيوانات المضرة والنباتات المضرة (5) وهم مع هذا يسعون في دفع ضررها وشرها. وهم أيضا متفقون على أن الكاذب والظالم مذموم بكذبه وظلمه، وأن ذلك وصف سيئ (6) فيه، وأن نفسه (7) المتصفة بذلك خبيثة ظالمة لا تستحق الإكرام الذي يناسب أهل الصدق والعدل، وإن كانوا مقرين بأن كل ذلك مخلوق.
وليس في [فطر] (8) الناس أن يجعلوا مقابلة الظالم على ظلمه ظلما له، وإن كانوا مقرين بالقدر، فالله أولى أن لا ينسب إلى الظلم لذلك (9) ، وهذا على طريقة أهل الحكمة والتعليل [من أهل السنة] (10) . وأما على
**_________
(1) ع: وقدرته.
(2) أ، ب: الظلمة ; ن: الظالم.
(3) أنهم: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) أ، ب: خلق.
(5) ع: الحيوانات والنباتات المضرة.
(6) أ، ب: مسيء، ن، م: شيء، وهو تصحيف.
(7) ع: وأن وصفه نفسه.
(8) فطر: ساقطة من (ن) .
(9) ن: بذلك.
(10) من أهل السنة، ساقطة من (ن) ، (م)
============================== =
طريقة أهل المشيئة والتفويض فالظلم ممتنع منه لذاته ; لأنه تصرف في ملك الغير، أو تعدى ما حد له، وكلاهما ممتنع في حق الله تعالى، وبكل حال (1) فالرب تعالى لا يمثل بالخلق (2) لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، بل له المثل الأعلى فما ثبت لغيره من الكمال فهو أحق به، وما تنزه عنه من النقص فهو أحق بتنزيهه، وما كان سائغا للقادر الغني فهو أولى أن يكون سائغا له، وليس كل ما قبح ممن يتضرر منه يكون قبيحا منه (3) ، فإن العباد لن يبلغوا ضره فيضروه ولن يبلغوا نفعه فينفعوه.
الوجه الرابع: أن يقال: لا نزاع بين المسلمين أن الله عادل ليس ظالما (4) ، لكن ليس كل ما كان ظلما من العبد يكون ظلما من الرب، ولا ما كان قبيحا من العبد يكون قبيحا من الرب، فإن الله ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله.
تحقيق (5) ذلك أنه لو كان الأمر كذلك كما يقوله من يقوله من القدرية للزم أن يقبح منه أمور فعلها فإن الواحد من العباد إذا أمر غيره بأمر لا ينتفع به الآمر وتوعده عليه بالعقاب وهو يعلم أن المأمور لا يفعله (6) بل يعصيه فيستحق (7) العقاب، كان (8) ذلك منه عبثا وقبيحا لعدم الفائدة في ذلك للآمر والمأمور.
**_________
(1) أ، ب: وهم ممتنعان في حق الله بكل حال.
(2) ع: بالمخلوق.
(3) ن: وليس كل ما قبح من من يتصور منه يكون قبيحا منه ; م: وليس كل ما قبح مما يتصور منه القبح يكون قبيحا منه.
(4) ن، م، ع: ليس بظالم.
(5) ن، م، ع: تحقق.
(6) ن، م: فإن الواحد من العباد إذا أمر غيره بأمره وتوعده عليه بالعقاب لا ينتفع به الآمر وهو يعلم أن المأمور لا يفعله.
(7) أ، ب: وأنه يستحق.
(8) ن، م: لكان
============================
وكذلك لو قال: مرادي (1) مصلحة المأمور، وهو يعلم أنه لا يترتب عليه مصلحة بل مفسدة، لكان ذلك قبيحا [منه] (2) . وكذلك إذا فعل فعلا لمراد وهو يعلم أن ذلك المراد لا يحصل، لكان (3) ذلك قبيحا منه.
والقدرية يقولون: إن [الله] خلق (4) الكفار لينفعهم ويكرمهم (5) وأراد ذلك بخلقهم، وأمرهم مع علمه بأنهم يتضررون لا ينتفعون، وكذلك الواحد من العباد لو رأى عبيده أو إماءه (6) يزنون ويظلمون، وهو قادر على منعهم، ولم يمنعهم، لكان مذموما مسيئا، والله منزه عن أن يكون مذموما مسيئا.
والقدري يقول: هو أراد بخلقه لهم أن يطيعوه ويثيبهم، فخلقهم للنفع، مع علمه أنهم (7) لا ينتفعون. ومعلوم أن مثل هذا قبيح من الخلق ولا يقبح من الخالق. ومن المعلوم أن المخلوق إذا كان قادرا على منع عبيده من القبائح، فمنعه لهم خير من أن يعرضهم للثواب مع علمه أنه لا يحصل لهم إلا العقاب، كالرجل الذي يعطي ولده أو غلامه مالا ليربح فيه (8) ، وهو يعلم أنه يشتري به سما يأكله (9) ، فمنعه له من المال خير من أن يعطيه إياه مع علمه أنه يتضرر به.
**_________
(1) ن: من مرادي.
(2) منه: زيادة في (ع) .
(3) أ، ب: كان.
(4) ع، ن: إنه خلق.
(5) ن: ويلزمهم، وهو تصحيف.
(6) ع، ن، م: وإماء.
(7) ع، ن: بأنهم.
(8) ب فقط: مالا يربح فيه.
(9) أ، ب: يشتري شيئا يأكله
============================== ==
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثالث
الحلقة (191)
صـ 153 إلى صـ 160
وكذلك إذا أعطى غيره سيفا ليقاتل به الكفار، وهو يعلم أنه لا يقاتل به إلا الأنبياء والمؤمنين، لكان ذلك قبيحا منه. وإن قال: قصدت تعريض هذا للثواب، والله لا يقبح ذلك منه (1) ، وهذا (2) حال قدرة العبد عند القدرية، والقدرية مشبهة الأفعال: قاسوا أفعال الله على أفعال خلقه، وعدله على عدلهم، وهو من أفسد القياس.
[الوجه] (3) الخامس: أن يقال المعصية من العبد كما أن الطاعة من العبد، ومعلوم أنه إذا كانت الطاعة منه بمعنى أنه فعلها بقدرته ومشيئته، لم يمتنع أن يكون الله هو الذي جعله فاعلا لها بقدرته ومشيئته، بل هذا هو الذي يدل عليه الشرع والعقل.
كما قال الخليل: {ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك} [سورة البقرة: 128] ، وقال: {رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي} [سورة إبراهيم: 40] ، وقال تعالى: {وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا} [سورة السجدة: 24] .
ولأن كونه فاعلا بعد أن لم يكن أمر حادث فلا بد له من محدث، والعبد يمتنع أن يكون هو الفاعل لكونه فاعلا ; لأن كونه فاعلا (4) إن كان حدث بنفس كونه فاعلا، لزم أن يكون الشيء حدث (5) بنفسه من غير إحداث، وهو ممتنع.
**_________
(1) أ، ب، م: والله لا يقبح منه ذلك.
(2) ع، ن، م: وهذه.
(3) الوجه: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) ع: لأن يكونه فاعلا.
(5) ع: يحدث
==============================
وإن كان بفاعلية أخرى، فإن كانت هذه حدثت بالأولى (1) لزم الدور القبلي، وإن كانت حدثت (2) بغيرها لزم التسلسل في الأمور المتناهية، وكلاهما باطل ; فعلم أن كون الطاعة والمعصية من العبد يستحق عليها المدح والذم والثواب والعقاب، لا يمنع أن يكون العبد فقيرا إلى الله في كل شيء، لا يستغني عن الله في شيء قط (3) ، وأن يكون الله خالق جميع أموره، وأن يكون نفس فعله من الحوادث والممكنات المستندة إلى قدرة الله ومشيئته.
**[فصل من كلام الرافضي على مقالة أهل السنة في القدر أن الكافر يكون مطيعا بكفره لأنه فعل مراد الله تعالى]
(فصل)
قال [الرافضي] (4) : " ومنها أنه يلزم أن يكون الكافر مطيعا بكفره ; لأنه قد فعل ما هو مراد الله تعالى لأنه أراد منه الكفر، وقد فعله ولم يفعل الإيمان الذي كرهه الله منه (5) فيكون قد أطاعه لأنه فعل مراده ولم يفعل ما كرهه (6) ، ويكون النبي عاصيا لأنه يأمره بالإيمان الذي يكرهه الله [منه] (7) وينهاه عن الكفر الذي يريده الله منه " (8) .
**_________
(1) ن، م: حدثت بالأول.
(2) ع، ن، م: وإن حدثت.
(3) ع: لا يستغني عن شيء قط.
(4) الرافضي في (ع) فقط. والنص التالي في (ك) ص [0 - 9] 8 (م) 189 (م) .
(5) ساقط من (ع) .
(6) ن، م: ما يكرهه.
(7) منه: ساقطة من (ن) ، (م) .
(8) م: يريده الله ; ك: يريده منه
============================== ===
الجواب [من وجوه: الأول] : أن هذا (1) مبني على أن الطاعة: هل هي موافقة الأمر؟ أو موافقة الإرادة؟ وهي مبنية على أن الأمر هل يستلزم الإرادة أم لا؟ وأن نفس الطلب والاستدعاء هل هو الإرادة أو مستلزم للإرادة أو ليس واحدا منهما؟
ومن المعلوم (2) أن كثيرا من نظار أهل الإثبات (3) للقدر يطلقون القول بأن الطاعة موافقة الأمر لا موافقة الإرادة، وأن الأمر لا يستلزم الإرادة، والكلام في ذلك مشهور. وإذا كان كذلك فهذا القدري لم يبين صحة قوله ولا فساد قول منازعيه، بل أخذ ذلك دعوى مجردة بناء على أن الطاعة موافقة الإرادة، فإذا قال له منازعوه: لا نسلم ذلك، كفى في هذا المقام لعدم الدليل.
الثاني: أنهم يستدلون على أن الأمر لا يستلزم الإرادة بما تقدم (4) من أن الله خالق أفعال العباد، وإنما يخلقها بإرادته، وهو لم يأمر بالكفر (5) والفسوق والعصيان، فعلم بأنه قد (6) يخلق بإرادته ما لم يأمر به.
وأيضا فقد ثبت بالكتاب والسنة (7) وإجماع العلماء أنه لو حلف ليقضينه (8) حقه في غد (9) إن شاء الله تعالى، فخرج الغد ولم يقضه، مع
**_________
(1) ن، م: الجواب أن هذا، ع: والجواب أن هذا.
(2) ع: ومعلوم.
(3) أ، ب: من نظار الإثبات ; ن، م: من النظار أهل الإثبات.
(4) أ، ب: بما قدم.
(5) م: لم يأمر بإرادة الكفر.
(6) قد ساقطة من (أ) ، (ب) .
(7) ن، م: ثبت بالسنة.
(8) أ، ب: لو حلف أنه ليقضيه.
(9) ن، م: حقه غدا
============================== ===
قدرته على القضاء من غير عذر، وطالبه المستحق له (1) ، لم يحنث، ولو كانت المشيئة بمعنى الأمر لحنث (2) لأنه مأمور بذلك، وكذلك سائر (3) الحلف على فعل مأمور إذا علقه بالمشيئة.
وأيضا فإنه قد قال تعالى: {ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا} [سورة يونس: 99] مع أنه قد أمرهم بالإيمان، فعلم أنه قد أمرهم بالإيمان ولم يشأه، وكذلك قوله: {ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا} [سورة الأنعام: 125] دليل على أنه أراد ضلاله (4) وهو لم يأمره (5) بالضلال.
الوجه الثالث: طريقة أئمة الفقهاء (6) وأهل الحديث وكثير من أهل النظر وغيرهم أن الإرادة في كتاب الله نوعان: إرادة (7) تتعلق بالأمر، وإرادة تتعلق بالخلق. فالإرادة المتعلقة بالأمر أن يريد من العبد فعل ما أمره به (8) وأما إرادة الخلق فأن يريد ما يفعله هو. فإرادة الأمر هي المتضمنة للمحبة والرضا وهي الإرادة الدينية. والثانية المتعلقة (9) بالخلق هي المشيئة وهي الإرادة الكونية القدرية.
**_________
(1) له: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) أ، ب: يحنث.
(3) سائر: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) ن، م: إضلاله.
(5) أ، ب، ع: لم يأمر.
(6) أ، ب: الأئمة الفقهاء.
(7) ع، ن، م: نوعان أحدهما إرادة.
(8) ع: ما أمر به ; أ، ب: ما أمره.
(9) ب فقط: والإرادة المتعلقة
============================
فالأولى كقوله تعالى {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} [سورة البقرة: 185] وقوله تعالى: {يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم} [سورة النساء: 26] إلى قوله: {يريد الله أن يخفف عنكم} [سورة النساء: 28] ، وقوله: {ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم} [سورة المائدة: 6] وقوله {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا} [سورة الأحزاب: 33] .
والثانية كقوله تعالى: {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا} [سورة الأنعام: 125] وقول نوح: {ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم} [سورة هود: 34] .
ومن هذا النوع قول المسلمين: ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، ومن النوع الأول قولهم لمن يفعل القبائح (1) : هذا يفعل ما لا يريده الله. وإذا (2) كان كذلك فالكفر والفسوق والعصيان ليس مرادا للرب بالاعتبار الأول، والطاعة موافقة تلك الإرادة أو موافقة للأمر (3) المستلزم لتلك الإرادة، فأما موافقة مجرد النوع الثاني فلا يكون به مطيعا، وحينئذ فالنبي يقول [له] (4) : بل الرب يبغض كفرك (5) ولا يحبه ولا يرضاه لك
**_________
(1) ن: قولهم: لن يفعل الله القبائح، وهو تحريف.
(2) أ، ب: فإذا.
(3) ب: موافقة لتلك الإرادة أو موافقة للأمر، أ: موافقة لتلك الإرادة أو موافقة الأمر.
(4) له ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) أ، ب: إن الله يبغض الكفر
============================== ======
أن تفعله ولا يريده بهذا الاعتبار، والنبي يأمره بالإيمان الذي يحبه الله ويرضاه له (1) ويريده بهذا الاعتبار.
الوجه الرابع: أن يقال هذه المسألة (2) مبنية على أصل: وهو (3) أن الحب والرضا هل هو الإرادة أو هو صفة مغايرة للإرادة؟ فكثير من أهل النظر من المعتزلة والأشعرية ومن اتبعهم من الفقهاء من أصحاب [الإمام] (4) أحمد والشافعي وغيرهما يجعلونهما (5) جنسا واحدا. ثم القدرية يقولون: بل هو لا يحب الكفر والفسوق والعصيان فلا يريده (6) ، والمثبتة يقولون: بل هو يريد ذلك فيكون قد أحبه ورضيه.
وأولئك يتأولون الآيات المثبتة لإرادة هذه الحوادث، كقوله تعالى: {ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا} [سورة الأنعام: 125] ، و [قوله] (7) : {إن كان الله يريد أن يغويكم} [سورة هود: 34] .
وهؤلاء يتأولون الآيات النافية لمحبة الله ورضاه بها (8) ، كقوله تعالى: {والله لا يحب الفساد} [سورة البقرة: 205] ، {ولا يرضى لعباده الكفر} [سورة الزمر: 7] ، وقوله (9) : {إذ يبيتون ما لا يرضى من القول} [سورة النساء: 108] .
**_________
(1) له: ساقطة من (ع) ، (م) .
(2) المسألة: ساقطة من (ع) .
(3) أ، ب، م: هو.
(4) الإمام: زيادة (أ) ، (ب) .
(5) ن، أ، ب: يجعلونها.
(6) ن، م: ولا يريده.
(7) قوله: زيادة في (أ) ، (ب) .
(8) أ، ب: ورضاه لها.
(9) وقوله: ساقطة من (ن) ، (م)
============================
وأما جماهير الناس من أهل الكلام والفقه والحديث والتصوف فيفرقون بين النوعين، وهو قول أئمة الفقهاء من أصحاب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وغيرهم، [وهو قول المثبتين للقدر قبل الأشعري، مثل ابن كلاب كما ذكره (1) أبو المعالي الجويني] ما (2) ، فإن النصوص (3) قد صرحت بأن الله لا يرضى الكفر والفسوق والعصيان ولا يحب ذلك، مع كون الحوادث كلها بمشيئة الله تعالى. وتأويل ذلك بمعنى (4) لا يرضاها من المؤمنين (5) أو لا يرضاها ولا يحبها (6) دينا بمعنى: لا يريدها - يقتضي أن يقال: لا يرضى الإيمان أي من الكافر (7) أو لا يريده غير دين.
والله تعالى قد أخبر أنه يكره المعاصي بقوله: {كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها} [سورة الإسراء: 38] ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " «إن الله تعالى كره لكم ثلاثا: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال» " (8) .
**_________
(1) أ، ب: المثبتين للقدر مثل الأشعري كما ذكره.
(2) بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(3) أ، ب: فالنصوص.
(4) بمعنى: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(5) ن، م: لا يرضاها للمؤمنين.
(6) ع: أو لا يحبها ولا يرضاها، ن: ولا يحبها ويرضاها، م: أو لا يحبها ويرضاها.
(7) ب: يقال يرضى الإيمان من الكافة، أ: يقال يرضى الإيمان أي من الكافر ; ع: يقال لا يرضى الإيمان من الكافر.
(8) الحديث مع اختلاف في الألفاظ عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه في: البخاري 2 124 كتاب الزكاة باب قول الله تعالى: لا يسألون الناس إلحافا 3 120 كتاب الاستقراض، باب ما ينهى عن إضاعة المال، مسلم 3 1341 كتاب الأقضية، باب النهي عن كثرة المسائل، المسند ط الحلبي 4 246، 249، 254، والحديث بمعناه عن أبي هريرة رضي الله عنه في: المسند ط المعارف، 16 144، رقم 8316. 16 292 - 293 رقم 7803، الموطأ 2 990 كتاب الكلام، باب ما جاء في إضاعة المال. وأوله في الموطأ: إن الله يرضى لكم ثلاثا. . . الحديث
============================== =
والأمة (1) متفقة على أن الله يكره المنهيات دون المأمورات، ويحب المأمورات، دون المنهيات، وأنه يحب المتقين والمحسنين والصابرين، ويحب التوابين ويحب المتطهرين، ويرضى عن الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وأنه يمقت الكافرين ويغضب عليهم.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " «ما أحد أحب إليه المدح من الله، وما أحد أحب إليه العذر من الله» ". (2) وقال: " «ما أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته» ". (3) ، وقال: " «إن الله وتر يحب الوتر» " (4) ،
**_________
(1) م: فالأمة ; ن: فالآية، وهو تصحيف.
(2) الحديث مع اختلاف في الألفاظ واختلاف في أوله، فجاء أحيانا بلفظ: لا أحد أحب، وأحيانا " ليس أحد أحب ". عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وسبق في هذا الجزء 60 - 61.
(3) أ، ب: أنه يرى عبده يزني بأمته، والحديث عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها في البخاري 7 35 كتاب النكاح باب الغيرة، ولفظه فيه: يا أمة محمد ما أحد أغير من الله أن يرى عبده أو أمته يزني، يا أمة محمد لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا. وجاء الحديث عنها مطولا وأوله: خسفت الشمس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنه: فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله. ثم قال: يا أمة محمد، والله ما من أحد أغير من الله. الحديث وهو مع اختلاف يسير في البخاري 2 34 كتاب الكسوف باب الصدقة في الكسوف مسلم 2 618 كتاب الكسوف باب صلاة الكسوف، سنن النسائي 3 108 كتاب الكسوف باب نوع آخر منه، المسند ط الحلبي 6 164.
(4) جاءت أحاديث عديدة بهذه الألفاظ عن عدد من الصحابة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لله تسعة وتسعون اسما، مائة إلا واحدا، لا يحفظها أحد إلا دخل الجنة، وإن الله وتر يحب الوتر. وهذا لفظ مسلم 4 2062 - 2063 كتاب الذكر والدعاء. باب في أسماء الله تعالى. وهو بألفاظ مقاربة في البخاري 8 87 كتاب الدعوات باب لله مائة اسم غير واحد، المسند ط المعارف 13 244 رقم 7493 وتكرر في أرقام: 7612، 8131، 9509، 10486، 10539، 10696، والحديث أيضا في سنن ابن ماجه 2 1269 كتاب الدعاء، باب أسماء الله عز وجل، وجاء حديث آخر عن علي رضي الله عنه في سنن أبي داود 2 83 كتاب الوتر باب استحباب الوتر، ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أهل القرآن أوتروا، فإن الله وتر يحب الوتر. وهو في سنن الترمذي 1 282 كتاب الوتر باب ما جاء في الوتر ليس بحتم. سنن النسائي 3 187، كتاب قيام الليل باب الأمر بالوتر، سنن ابن ماجه 1 370 كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء في الوتر. المسند ط المعارف 2 124، 164 وفي مواضع أخرى. وجاء حديث ثالث عن ابن عمر رضي الله عنه في المسند ط المعارف 8 177 بلفظ: وإن الله وتر يحب الوتر. وتكرر 9 216
============================== =====
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثالث
الحلقة (192)
صـ 161 إلى صـ 168
" « [إن] الله جميل يحب الجمال» " (1) ، وقال: " «إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته» " (2) .
وقال: " «إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي» " (3) ، " «إن الله يرضى لكم
**_________
(1) إن: ساقطة من (ن) ، (م) والحديث مع اختلاف في بعض الألفاظ عن عبد الله بن مسعود وغيره من الصحابة رضي الله عنهم في: مسلم 1 93 كتاب الإيمان باب تحريم الكبر وبيانه، وأوله: لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر. الحديث وهو في المسند ط الحلبي 4 133، 134، 151.
(2) أ، ب: كما تؤتى عزائمه. والحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما في المسند ط المعارف 8 170 وقال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله: إسناده صحيح. . والحديث في مجمع الزوائد 3 162 وقال الهيثمي: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، والبزار والطبراني في الأوسط، وإسناده حسن. وأورده الألباني في صحيح الجامع الصغير 2 146 وقال السيوطي: (حم) أحمد (حب) ابن حبان في صحيحه، (هب) البيهقي في شعب الإيمان، عن ابن عمر وصحح الألباني الحديث.
(3) مضى هذا الحديث من قبل 2 65 ت [0 - 9]
=============================
ثلاثا: أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم» " (1) .
وقال: " «لله أشد فرحا بتوبة عبده [المؤمن] (2) من رجل أضل راحلته بأرض دوية مهلكة عليها طعامه وشرابه فطلبها فلم يجدها، فاضطجع ينتظر الموت، فلما أفاق إذا أ، ب: فإذا. بدابته عليها طعامه وشرابه، فالله أشد فرحا بتوبة عبده من هذا [الرجل] (3) براحلته» " وهذا الحديث في الصحاح من وجوه متعددة، وهو مستفيض عن النبي صلى الله عليه وسلم متفق على صحته وثبوته (4) ، وكذلك أمثاله.
وإذا (5) كان كذلك فالطاعات يريدها من العباد الإرادة (* المتضمنة
**_________
(1) هذا الحديث هو الذي سبق التعليق عليه في ص 159 ونصه في الموطأ عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله يرضى لكم ثلاثا ويسخط لكم ثلاثا، يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم، ويسخط لكم قيل وقال، وإضاعة المال وكثرة السؤال. وذكرت فيما سبق أن الحديث جاء في المسند ط. المعارف 16 144، 292 - 293 وجاء القسم الأخير من الحديث بمعناه في حديث آخر عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه في البخاري ومسلم والمسند.
(2) المؤمن: ساقطة من (ن) ، (م) ، (ع) .
(3) الرجل: ساقطة من (ن) ، (م) ، (ع) .
(4) الحديث عن عبد الله بن مسعود وغيره من الصحابة رضي الله عنهم بألفاظ مختلفة في البخاري 8 68 كتاب الدعوات باب التوبة، مسلم 4 2102 - 2105 كتاب التوبة باب في الحض على التوبة والفرح بها، المسند ط. المعارف 5 225 ط. الحلبي 4 275 جامع الأصول لابن الأثير 3 65 - 67.
(5) م، ن: فإذا
============================== ==
لمحبته لها ورضاه بها إذا وقعت وإن لم يفعلها، والمعاصي يبغضها ويمقتها ويكره من العباد *) (1) أن يفعلوها وإن أراد (2) أن يخلقها هو لحكمة اقتضت ذلك (3) ولا يلزم إذا كرهها (4) للعبد لكونها تضر العبد [ويبغضها أيضا] (5) - أن يكره أن يخلقها هو لما له فيها (6) من الحكمة، فإن الفعل قد يحسن من أحد المخلوقين ويقبح من الآخر لاختلاف حال الفاعلين الفاعلين: (7) ، فكيف يلزم أنه ما قبح من العبد قبح (8) من الرب مع أنه لا نسبة للمخلوق مع الخالق (9) وإذا كان المخلوق قد (10) يريد ما لا يحبه، كإرادة المريض لشرب (11) الدواء الذي يبغضه (12) ، ويحب ما لا يريده كمحبة المريض الطعام الذي يضره، [ومحبة الصائم الطعام والشراب الذي لا يريد أن يأكله، ومحبة الإنسان للشهوات التي يكرهها بعقله ودينه] (13) .
فقد عقل ثبوت أحدهما دون الآخر، وأن أحدهما ليس بمستلزم
**_________
(1) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
(2) أ، ب: من يفعلها إن شاء.
(3) ن، م: ذلك بها.
(4) ن فقط: ولا يلزم ذلك إذا كرهها.
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ، وفي (ع) وأبغضها أيضا.
(6) أ، ب: لما له فيه، ع: لما فيها.
(7) ساقطة من (ع) .
(8) أ، ب: أن ما قبح من العبد يقبح.
(9) ن، م، ع: إلى الخالق وحرفت (نسبة) في (ن) إلى يشبه.
(10) قد: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(11) أ، ب: ليشرب.
(12) م: يكرهه ولا يريده.
(13) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ، وفي (أ) ، (ب) : الشهوات، وفي (ع) حرفت بعقله إلى بفعله
============================== =
للآخر في المخلوقات في المخلوقات: (1) . فكيف لا يمكن ثبوت أحدهما دون الآخر في حق الخالق تعالى؟
وقد يقال: كل هذه الأمور مرادة محبوبة (2) ، لكن فيها ما يراد لنفسه، فهو مراد بالذات محبوب لله (3) مرضي له، وفيها (4) ما يراد لغيره، وهو مراد بالعرض لكونه وسيلة إلى المراد المحبوب لذاته.
فالإنسان يريد العافية لنفسها (5) ويريد شرب الدواء لكونه وسيلة إليها، وهو (6) يريد ذلك من هذه الجهة وإن لم يكن محبوبا (7) في نفسه، وإذا كان المراد ينقسم إلى مراد لنفسه وهو المحبوب لنفسه، وإلى مراد لغيره لكونه وسيلة إلى غيره، وهذا قد لا يحب لنفسه، أمكن أن يجعل الفرق بين المحبة والإرادة (8) من هذا الباب.
والإرادة نوعان: فما كان محبوبا فهو مراد لنفسه، وما كان في نفسه غير محبوب فهو (9) مراد لغيره. وعلى هذا تنبني مسألة محبة الرب [عز وجل] (10) نفسه ومحبته لعباده، فإن الذين جعلوا المحبة والرضا هو
**_________
(1) ساقطة من (أ) ، (ب) ، وفي (ن) ، (ع) : في المخلوق.
(2) محبوبة: زيادة في (ن) ، (م) .
(3) م: للرب، ن: بالرب.
(4) ن، م: ومنها.
(5) ن، م: لنفسه، أ: بنفسها.
(6) ب فقط: فهو.
(7) ن، م: وإن لم تكن محبوبة.
(8) أ، ب، ع: والمشيئة.
(9) ن، م: فهذا.
(10) عز وجل: زيادة في (أ) ، (ب)
==============================
الإرادة (1) العامة، قالوا: إن الرب لا يحب في الحقيقة ولا يحب، وتأولوا محبته [تعالى] (2) لعباده بإرادته (3) ثوابهم ومحبتهم له بإرادة طاعتهم (4) له والتقرب إليه، و [منهم] طائفة (5) كثيرة قالوا: هو محبوب يستحق أن يحب، ولكن محبته لغيره بمعنى مشيئته.
وأما السلف والأئمة [وأئمة] أهل (6) الحديث [وأئمة] (7) التصوف، وكثير من أهل الكلام والنظر، فأقروا بأنه محبوب لذاته، بل لا يستحق أن يحب لذاته إلا هو.
وهذا (8) حقيقة الألوهية، وهو حقيقة ملة إبراهيم، ومن لم يقر بذلك لم يفرق بين الربوبية والإلهية (9) ولم يجعل الله معبودا لذاته، ولا أثبت التلذذ بالنظر إليه، ولا أنه أحب إلى أهل الجنة من كل شيء.
وهذا القول في الحقيقة هو من أقوال الخارجين عن ملة إبراهيم من المنكرين لكون الله هو المعبود دون ما سواه، ولهذا لما ظهر هذا القول في أوائل الإسلام قتل من أظهره، وهو الجعد بن درهم يوم الأضحى، قتله خالد بن عبد الله القسري برضا علماء الإسلام، وقال: " ضحوا أيها
**_________
(1) أ، ب، ع: المشيئة.
(2) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) أ، ب: بإرادة.
(4) ن، م، ع: طاعته.
(5) ن، م: وطائفة.
(6) وأئمة: ساقطة من (ن) ، (م) ، و " أهل " ساقطة من (أ) ، (ب) .
(7) وأئمة: ساقطة من (أ) ، (م) .
(8) ع: وهذه.
(9) ن، م: والألوهية
============================
الناس، تقبل الله ضحاياكم، فإني مضح بالجعد بن درهم، إنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا، ولم يكلم موسى تكليما، تعالى الله عما يقول الجعد علوا كبيرا " ثم نزل فذبحه.
وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " «إذا دخل أهل الجنة الجنة نادى مناد يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعدا يريد أن ينجزكموه، فيقولون: ما هو؟ ألم يبيض وجوهنا، ويثقل موازيننا ويدخلنا الجنة، ويجرنا من النار؟ قال: فيكشف الحجاب فينظرون إليه، فما أعطاهم شيئا أحب إليهم من النظر إليه، وهو الزيادة» ". (1) .
وقد روي في السنن من غير وجه (2) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول [في دعائه] (3) : " «وأسألك (4) لذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك» " (5) .
وروى [الإمام] أحمد والنسائي [وغيرهما] عن (6) عمار بن ياسر أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كان [يقول في] دعائه (7) : " «أسألك
**_________
(1) الحديث عن صهيب رضي الله عنه في مسلم: 1 163 كتاب الإيمان باب إثبات رؤية المؤمنين في الآخرة ربهم سبحانه وتعالى. الحديث رقم 298، سنن الترمذي 4 92 كتاب صفة الجنة، باب ما جاء في رؤية الرب تبارك وتعالى، 4 349 كتاب التفسير تفسير سورة يونس، سنن ابن ماجه 1 67 المقدمة باب فيما أنكرت الجهمية.
(2) ع: من وجوه متعددة.
(3) في دعائه: ساقطة من (ن) ، (م) ، وفي (ع) : في الدعاء.
(4) ن، م، ع: أسألك.
(5) انظر الكلام على هذا الحديث في تعليق \ 2 في الصفحة التالية.
(6) ن، م: وروى النسائي وأحمد عن.
(7) ن، م: كان يدعو، ع: كان يدعو ويقول في دعائه
=============================
لذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك، من ع، م: في. غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة» " (1) .
وأما الذين أثبتوا أنه محبوب، وأن محبته لغيره بمعنى (2) مشيئته، فهؤلاء ظنوا أن كل ما خلقه فقد أحبه. وهؤلاء قد يخرجون إلى مذاهب الإباحة (3) ، فيقولون: إنه يحب الكفر والفسوق والعصيان [ويرضى ذلك] (4) ، وأن العارف إذا شهد هذا المقام (5) لم يستحسن حسنة ولم يستقبح سيئة لشهوده القيومية العامة، وخلق الرب لكل شيء، وقد وقع في هذا [طائفة من الشيوخ الغالطين] (6) من شيوخ الصوفية والنظار (7) ، وهو غلط عظيم.
والكتاب والسنة و [اتفاق] سلف (8) الأمة يبين أن الله يحب أنبياءه
**_________
(1) هذا جزء من حديثين طويلين: الأول عن عمار بن ياسر رضي الله عنه في سنن النسائي 3 46 - 47 كتاب السهو، باب الدعاء بعد الذكر، نوع منه. وأول الحديث: اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق. الحديث، وهو في المسند ط. الحلبي 4 264 والحديث الثاني بمعنى الأول مع اختلاف الألفاظ عن زيد بن ثابت رضي الله عنه في: المسند ط الحلبي 5 191.
(2) ن، م: يعني.
(3) ن، م: الإباحية.
(4) ويرضى ذلك: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) ن، م: عند الحاكم، ع: هذا الحكم، أ: هذا الحاكم، وما أثبته عن (ب) هو الصواب.
(6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(7) ن، م، ع: والنظر.
(8) أ، ب: وسلف
============================== ====
وأولياءه، ويحب ما أمر به، ولا يحب الشياطين ولا ما نهى عنه، وإن [كان] (1) كل ذلك بمشيئته.
وهذه المسألة وقع النزاع فيها بين الجنيد [بن محمد] (2) وطائفة من أصحابه، فدعاهم إلى الفرق الثاني، وهو أن يفرقوا في المخلوقات بين ما يحبه وما لا يحبه، فأشكل هذا عليهم لما رأوا أن كل مخلوق فهو مخلوق بمشيئته، ولم يعرفوا أنه قد يكون فيما خلقه بمشيئته ما لا يحبه ولا يرضاه، وكان ما قاله الجنيد وأمثاله (3) هو الصواب.
الوجه الخامس: أن يقال: الإرادة نوعان: أحدهما [بمعنى المشيئة وهو] (4) أن يريد الفاعل أن يفعل فعلا، فهذه الإرادة المتعلقة بفعله. والثاني: أن يريد من غيره أن يفعل فعلا (5) فهذه إرادة (6) لفعل الغير.
وكلا النوعين معقول (7) في الناس، لكن الذين قالوا: [إن] (8) الأمر لا (9) يتضمن الإرادة، لم يثبتوا إلا النوع (10) الأول من الإرادة، والذين
**_________
(1) كان ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) بن محمد: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) ن، م: وأصحابه.
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(5) فعلا: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(6) أ، ب: فهذا الإرادة، ن، م: وهذه إرادة.
(7) أ، ب: مفعول.
(8) إن: زيادة في (أ) ، (ب) .
(9) لا: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(10) ن، م: الأنواع، وهو تحريف
==============================
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثالث
الحلقة (193)
صـ 169 إلى صـ 176
قالوا: إن الله لم يخلق أفعال العباد، لم يثبتوا إلا النوع الثاني.
وهؤلاء (1) القدرية يمتنع عندهم أن يريد الله خلق أفعال العباد بالمعنى الأول ; لأنه لا يخلقها عندهم وأولئك المقابلون لهم (2) يمتنع عندهم الإرادة من الله إلا بمعنى إرادة أن يخلق، فما لم يرد أن يخلقه لا يوصف بأنه مريد له، فعندهم هو مريد لكل ما خلق وإن كان كفرا، ولم يرد ما لم يخلقه (3) وإن كان إيمانا.
وهؤلاء، وإن كانوا أقرب إلى الحق، لكن التحقيق إثبات النوعين، كما أثبت ذلك السلف والأئمة ; ولهذا قال جعفر: " أراد بهم وأراد منهم "، فالواحد من الناس يأمر غيره وينهاه مريدا لنصحه، وبيانا لما ينفعه وإن كان مع ذلك لا يريد أن يعينه على ذلك الفعل، إذ ليس كل ما يكون مصلحتي في أن آمر به غيري وأنصحه يكون مصلحتي (4) في أن أعاونه [أنا] (5) عليه، بل تكون (6) مصلحتي إرادة ما يضاده.
كالرجل الذي يستشيره (7) غيره في خطبة امرأة، يأمره أن يتزوجها، لأن ذلك مصلحة المأمور، والآمر يرى (8) أن مصلحته في أن يتزوجها هو دونه، فجهة أمره لغيره نصحا - غير جهة فعله لنفسه.
**_________
(1) أ، ب، ع: فهؤلاء.
(2) أ، ب، ن: القائلون لهم، وهو تصحيف.
(3) أ، ب: ما لم يخلق.
(4) ن: وتكون مصلحتي، وهو تحريف.
(5) أنا: ساقطة من (ن) .
(6) ب فقط: بل قد تكون.
(7) يستشيره: كذا في (ع) فقط، وفي سائر النسخ: يستشير.
(8) أ: وإلا يرى، ب: وإلا فهو يرى
============================== =====
وإذا أمكن الفرق في حق المخلوقين فهو في حق الله أولى بالإمكان. فهو (1) سبحانه أمر الخلق على ألسن رسله بما ينفعهم، ونهاهم عما يضرهم، ولكن (2) منهم من أراد أن يخلق فعله، فأراد هو سبحانه أن يخلق ذلك الفعل ويجعله فاعلا له.
ومنهم من لم يرد أن يخلق فعله. فجهة خلقه سبحانه لأفعال العباد وغيرها من المخلوقات - غير جهة أمره للعبد على وجه البيان لما هو (3) مصلحة للعبد أو مفسدة.
وهو سبحانه إذا أمر فرعون وأبا لهب وغيرهما بالإيمان، كان قد بين (4) لهم ما ينفعهم ويصلحهم (5) إذا فعلوه ولا يلزم (6) إذا أمرهم أن يعينهم، بل قد يكون في خلقه لهم ذلك الفعل وإعانتهم عليه وجه مفسدة، من حيث هو فعل له، فإنه يخلق ما يخلق لحكمة له (7) ، ولا يلزم (8) إذا كان الفعل المأمور به مصلحة للمأمور إذا فعله، أن يكون مصلحة للآمر إذا فعله [هو] (9) ، أو جعل المأمور فاعلا له (10) ، فأين جهة الخلق من جهة الأمر؟
**_________
(1) ن، م: وهو.
(2) ن: وليكن، وهو تحريف.
(3) أ: على وجه البيان الظاهر، ب: وعلى وجه بيان ظاهر، وهو تصحيف.
(4) أ، ب، ن: تبين.
(5) ن: ما يصلحهم وينفعهم.
(6) ب فقط: ولا يلزمه.
(7) له: ساقطة من (ب) فقط.
(8) ن، م: فلا يلزم.
(9) هو: ساقطة من (ن) ، (م) .
(10) له: ساقطة من (أ) ، (ب) ، (ع)
============================== ======
والقدرية تضرب مثلا فيمن أمر غيره بأمر (1) ، فإنه لا بد (2) أن يفعل ما يكون المأمور أقرب إلى فعله، كالبشر والطلاقة وتهيئة المقاعد والمساند ونحو ذلك.
فيقال لهم: هذا يكون على وجهين: أحدهما: أن يكون الآمر أمر غيره (3) لمصلحة تعود إليه، كأمر الملك جنده (4) بما يؤيد ملكه، وأمر السيد (5) عبده بما يصلح ماله (6) ، وأمر الإنسان شريكه (7) بما يصلح الأمر المشترك بينهما، ونحو ذلك.
والثاني: أن يكون الآمر يرى الإعانة (8) للمأمور مصلحة [له] (9) ، كالأمر بالمعروف [إذا] (10) أعان المأمور على البر والتقوى، فإنه قد علم أن الله يثيبه على إعانته على الطاعة، وأن الله في عون (11) العبد ما كان العبد في عون أخيه، فأما إذا قدر أن الآمر (12) إنما أمر المأمور لمصلحة المأمور لا لنفع يعود عليه من فعله كالناصح المشير (13) وقدر أنه إذا (14) أعانه
**_________
(1) ن: أمر عبده بأمره، م: أمر عنده بأمره، ع: أمر غيره بأمره.
(2) أ: لا بد، ب: فلا بد.
(3) م: عبده.
(4) ن، م: عبده.
(5) ن، م: الآمر.
(6) ن، م، ع: ملكه.
(7) ن، م، ع: شركاءه.
(8) ن، م: إعانة.
(9) له: ساقطة من (ن) ، (م) .
(10) ع: وإذا.
(11) ع: وأنه في عون.
(12) أ، ب: فإذا كان الآمر.
(13) أ: كالناصح للمشير، ب: كالناصح للمستشير.
(14) إذا: ساقطة من (أ) ، (ب)
============================== ====
لم يكن ذلك مصلحة له (1) ، لأن في حصول مصلحة المأمور مضرة على الآمر] (2) كمن يأمر (3) مظلوما أن يهرب من ظالمه، وهو لو أعانه حصل بذلك ضرر لهما أو لأحدهما، مثل الذي جاء من أقصى المدينة يسعى وقال (4) لموسى: {إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين} [سورة القصص: 20] فهذا مصلحته في أن يأمر موسى بالخروج لا في أن يعينه على ذلك، إذ لو أعانه لضره قومه.
ومثل هذا كثير (5) كالذي يأمر غيره بتزويج امرأة يريد أن يتزوجها، أو شراء سلعة يريد شراءها أو استئجار مكان يريد استئجاره، أو مصالحة قوم ينتفع بهم وهم أعداء الآمر يتقوون بمصالحته، ونحو ذلك، فإنه في مثل هذه الأمور لا يفعل ما يعين المأمور، وإن (6) كان ناصحا له [بالأمر] (7) مريدا لذلك.
ففي الجملة أمر المأمور بالفعل لكون (8) الفعل مصلحة له - غير كون الآمر يعينه عليه إن (9) كان من أهل الإعانة [له] (10) .
**_________
(1) له: ساقطة من (ع) .
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ، ومكان هذه السطور عبارة (لمصلحة المأمور) .
(3) ن: أمر.
(4) أ، ب: قال، ن، م: فقال.
(5) بعد كلمة " كثير " توجد عبارات في (ن) ، (م) من الكلام السابق الذي سقط منهما.
(6) ن: فإن، وهو خطأ.
(7) له: ساقطة من (م) بالأمر: ساقطة من (ن) ، (م) .
(8) ع: كون.
(9) ع: وإن.
(10) له: ساقطة من (ن) ، (م) ، (ع)
=============================
فإذا (1) قيل: إن الله أمر العباد بما يصلحهم وأراد مصلحتهم عبارة (2) بالأمر، لم يلزم من ذلك أن يعينهم هو على ما أمرهم [به] (3) ، لا سيما وعند القدرية (4) لا يقدر أن يعين أحدا على ما به يصير فاعلا، فإنه إن (5) لم يعلل أفعاله بالحكمة، فإنه يفعل ما يشاء من غير تمييز مراد عن مراد، ويمتنع على هذا أن يكون لفعله لمية (6) ، فضلا عن أن يطلب الفرق.
وإن عللت أفعاله بالحكمة، وقيل إن اللمية (7) ثابتة في نفس الأمر وإن كنا نحن لا نعلمها فلا يلزم إذا كان في نفس الأمر له حكمة في الأمر، أن (8) يكون في الإعانة على المأمور [به] (9) حكمة، بل قد تكون الحكمة تقتضي أن لا يعينه على ذلك، فإنه إذا أمكن (10) في المخلوق أن يكون مقتضى الحكمة (11) والمصلحة أن يأمر غيره بأمر لمصلحة المأمور، وأن تكون الحكمة والمصلحة للآمر أن لا يعينه على ذلك، فإمكان (12) ذلك في حق الرب أولى وأحرى.
**_________
(1) ن، م: إذا، ع: وإذا.
(2) وأراد مصلحتهم: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) به: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) ن، م: لا سيما عند القدرية، ع: لا سيما وعند القدرة.
(5) ن، م، ع: إذا.
(6) ن، م: كمية وهو تحريف، والمعنى: لفعله سبب، أي: لم فعله.
(7) ن: الكمية ; م: الحكمة، وهو تحريف.
(8) ن، م، ع: بأن.
(9) به: زيادة في (ع) .
(10) ع: وأنه إذا أمكن ; م: فإذا أمكن.
(11) أ، ب: أن تكون الحكمة.
(12) ع: وإن كان، وهو تحريف
============================== =
فالله تعالى (1) أمر الكفار بما هو مصلحة لهم لو فعلوه، وهو لم يعنهم على ذلك، ولم يخلق ذلك، كما لم يخلق غيره من الأمور التي يكون من تمام الحكمة والمصلحة أن لا يخلقها.
والمخلوق إذا رأى أن مصلحة بعض رعيته أن يتعلم (2) الرمي وأسباب الملك لينال (3) الملك، ورأى هو أن مصلحة ولده أن لا يتقوى ذلك الشخص (4) لئلا يأخذ [ذلك] (5) الملك من ولده، أو يعدو (6) عليه، أمكن أن يأمر ذلك (7) [الشخص] (8) بما هو مصلحة له (9) ويفعل هو ما هو مصلحة ولده (10) ورعيته.
والمصالح والمفاسد بحسب ما يلائم النفوس وينافيها، فالملائم للمأمور ما (11) أمره به الناصح له، والملائم للآمر أن لا يحصل لذلك مراده، لما في ذلك من تفويت مصالح الآمر ومراداته.
وهذا نظر شريف، وإنما يحققه من علم جهة حكمة الله في خلقه
**_________
(1) ن، م، ع: والله تعالى.
(2) ن: أن يعلم.
(3) ن: لسان، م: لسار، وهو تحريف.
(4) ن: أن لا تقوى مصلحة ذلك الشخص، م، ع: أن لا يقوى ذلك الشخص.
(5) ذلك: زيادة في (ع) .
(6) م: أو يعد.
(7) أ، ب: عليه أمر ذلك.
(8) الشخص: ساقطة من (ن) ، (م) ، (ع) .
(9) أ: بما هو مصلحة، ب: بما هو مصلحته.
(10) ع: مصلحة له بحسب مصلحة ولده.
(11) ن: وما، وهو خطأ
============================== ====
[وأمره] (1) ، واتصافه سبحانه بالمحبة والفرح ببعض الأمور دون بعض، وأنه قد لا يمكن حصول المحبوب (2) ، إلا بدفع ضده ووجود لازمه، لامتناع اجتماع الضدين، وامتناع وجود الملزوم بدون اللازم.
ولهذا كان الله سبحانه محمودا على كل حال له الملك وله الحمد في الدنيا والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون.
فكل ما في الوجود (3) فهو محمود عليه، وكل ما يعلم ويذكر فهو محمود عليه، له الحمد على ما هو متصف به في ذاته من أسمائه وصفاته (4) ، وله (5) الحمد على خلقه وأمره، فكل ما خلقه فهو محمود عليه، وإن كان في ذلك نوع ضرر لبعض الناس لما له في (6) ذلك من الحكمة، وكل ما أمر به فله الحمد عليه، لما له في ذلك من الهداية والبيان.
ولهذا كان له الحمد ملء السماوات (7) وملء الأرض وملء ما بينهما، وملء ما شاء من (8) شيء بعد. فإن هذا كله مخلوق [له] (9) ، وكل ما يشاؤه بعد ذلك مخلوق [له] (10) ، له الحمد على كل ما خلقه.
**_________
(1) وأمره ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) ن، م: لا يكون حصول محبوب.
(3) ن، م: ما هو في الوجود.
(4) ساقط من (أ) ، (ب) ، (ع) .
(5) أ، ب، ع: له.
(6) ن: فقط لما فيه في، وهو تحريف.
(7) ن: السماء.
(8) ع: ما شاء الله من.
(9) له: ساقطة من (ن) ، (م) .
(10) ساقط من (أ) ، (ب) ، وسقطت له من (ن) ، (م)
============================
والأمثلة التي تذكر (1) في المخلوقين، وإن لم يكن ذكر نظيرها في حق الرب، فالمقصود [هنا] (2) أنه يمكن في حق المخلوق الحكيم أن يأمر غيره بأمر ولا يعينه [عليه] (3) ، فالخالق أولى بإمكان (4) ذلك في حقه مع حكمته، فمن أمره وأعانه على فعل المأمور كان ذلك المأمور به تعلق به خلقه وأمره، فشاءه خلقا ومحبة، فكان (5) مرادا لجهة الخلق ومرادا لجهة الأمر. ومن لم يعنه على فعل المأمور، كان ذلك المأمور قد تعلق به أمره ولم يتعلق به خلقه (6) ، لعدم الحكمة المقتضية لتعلق الخلق به، ولحصول الحكمة المتعلقة بخلق ضده.
وخلق أحد الضدين ينافي خلق الضد الآخر، فإن خلق المرض الذي يحصل به ذل العبد لربه، ودعاؤه لربه، وتوبته من ذنوبه، وتكفيره خطاياه، ويرق [به] (7) قلبه، ويذهب عنه الكبرياء والعظمة والعدوان، يضاد خلق الصحة التي لا يحصل معها هذه المصالح.
وكذلك خلق ظلم الظالم الذي يحصل به للمظلوم من جنس ما يحصل بالمرض، يضاد خلق عدله الذي لا يحصل به هذه المصالح، وإن كانت مصلحته [هو] في (8) أن يعدل.
**_________
(1) ن، م: ذكرت.
(2) هنا: ساقطة من (ن) ، (م) ، (ع) .
(3) عليه: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) أ، ب: لإمكان.
(5) فكان: كذا في (ب) فقط، وهو الصواب، وفي سائر النسخ: كان.
(6) أ: قد تعلق به خلقه، ب: قد تعلق به أمره دون خلقه.
(7) به: ساقطة من (ن) ، (م) .
(8) ع: وإن كانت مصلحته في، ن، م: وإن كان مصلحة في
=============================
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثالث
الحلقة (194)
صـ 177 إلى صـ 184
وتفصيل حكمة الله في خلقه وأمره يعجز عن معرفتها عقول البشر. والقدرية دخلوا في التعليل على طريقة فاسدة مثلوا الله فيها بخلقه، ولم يثبتوا (1) حكمة تعود إليه فسلبوه قدرته وحكمته (2) ومحبته وغير ذلك من صفات كماله، فقابلهم خصومهم [الجهمية المجبرة] (3) ببطلان التعليل في نفس الأمر.
كما تنازعوا في مسألة الحسن والقبح، فأولئك أثبتوه على طريقة سووا فيها بين الله وخلقه (4) ، وأثبتوا حسنا وقبحا لا يتضمن محبوبا ولا مكروها، وهذا لا حقيقة له، كما أثبتوا تعليلا لا يعود إلى الفاعل حكمه.
وخصومهم سووا بين [جميع] (5) الأفعال، ولم يثبتوا لله محبوبا ولا مكروها، وزعموا أن الحسن لو كان صفة ذاتية للفعل لم يختلف حاله. وغلطوا، فإن الصفة الذاتية للموصوف قد يراد بها اللازمة له (6) والمنطقيون يقسمون اللازم إلى ذاتي وعرضي، وإن كان هذا التقسيم خطأ. وقد يراد بالصفة الذاتية ما تكون ثبوتية قائمة بالموصوف، احترازا عن الأمور النسبية الإضافية.
ومن هذا الباب اضطربوا في الأحكام الشرعية، فزعم (7) نفاة الحسن
**_________
(1) ع: ولم يبينوا.
(2) ن فقط: فسلبوه حكمته وقدرته وحكمته.
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(4) ن: وبين خلقه.
(5) جميع ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) أ، ب: اللازم له.
(7) وزعموا، ب: وزعم، م: فوهم، وهو تحريف
============================== ======
والقبح العقليين أنها ليست صفة ثبوتية للأفعال ولا مستلزمة صفة ثبوتية للأفعال، بل هي من الصفات النسبية الإضافية، فالحسن هو المقول فيه: افعله أو لا بأس بفعله، والقبيح هو المقول فيه: لا تفعله (1) .
قالوا: وليس لمتعلق القول من القول صفة ثبوتية، وذكروا عن منازعيهم أنهم قالوا: الأحكام صفات ذاتية (2) للأفعال، ونقضوا ذلك بجواز تبدل أحكام الفعل مع كون الجنس (3) واحدا.
وتحقيق الأمر أن الأحكام للأفعال ليست من الصفات اللازمة، بل [هي] (4) من العارضة للأفعال بحسب ملاءمتها ومنافرتها، فالحسن والقبح بمعنى كون الشيء محبوبا ومكروها ونافعا وضارا، وملائما ومنافرا. وهذه صفة ثبوتية للموصوف، لكنها تتنوع بتنوع أحواله فليست لازمة له.
ومن قال: إن الأفعال ليس فيها صفات تقتضي الحسن والقبح، فهو بمنزلة قوله: ليس في الأجسام صفات تقتضي التسخين والتبريد والإشباع والإرواء، فسلب صفات الأعيان المقتضية للآثار، كسلب صفات الأفعال المقتضية للآثار.
وأما جمهور المسلمين الذين يثبتون طبائع الأعيان وصفاتها، فهكذا (5) ، يثبتون ما في الأفعال من حسن وقبح باعتبار ملاءمتها ومنافرتها، كما
**_________
(1) أ، ن: لا يفعله، م: لا تفعل.
(2) أ، ب: أزلية، وهو تحريف.
(3) ع: الحسن، وهو تحريف.
(4) هي ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) م: فكذلك، ب: فإنهم
============================== ==
قال تعالى: {يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث} [سورة الأعراف: 107] ، فدل ذلك على أن الفعل في نفسه معروف ومنكر، والمطعوم طيب وخبيث.
ولو كان لا صفة للأعيان والأفعال إلا بتعلق الأمر والنهي، لكان التقدير: يأمرهم بما يأمرهم وينهاهم عما ينهاهم، ويحل لهم ما يحل لهم ويحرم عليهم ما يحرم عليهم، والله منزه عن مثل هذا الكلام.
وكذلك قوله تعالى: {ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا} [سورة الإسراء: 32] وقال: {إن الله لا يأمر بالفحشاء} [سورة الأعراف: 28] ونظائر هذا كثيرة (1) .
**[فصل من كلام الرافضي على مقالة أهل السنة في القدر يلزم نسبة السفه إلى الله تعالى لأنه يأمر الكافر بالإيمان ولا يريده منه]
(فصل) .
قال [الرافضي] الإمامي (2) : " ومنها أنه يلزم نسبة السفه (3) إلى الله تعالى لأنه يأمر الكافر بالإيمان ولا يريده منه، وينهاه عن المعصية وقد أرادها منه (4) ، وكل عاقل ينسب من يأمر (5) بما لا يريد (6) وينهى عما يريد (7) إلى السفه، تعالى الله عن ذلك ".
**_________
(1) أ، ب: كثير.
(2) الرافضي: ساقطة من (ن) ، (م) ، وفي (ع) : قال الإمامي الرافضي، والكلام التالي في (ك) 89 (م) .
(3) ك: السفه والحمق.
(4) منه: ساقطة من (ك) .
(5) ع: يأمره.
(6) ع، ن، م: بما لا يريده.
(7) ع، ن، م: بما لا يريده
===========================
فيقال له: قد تقدم أن المحققين من أهل السنة يقولون: [إن] (1) الإرادة، نوعان: إرادة الخلق وإرادة الأمر (2) فإرادة الأمر أن يريد من المأمور (3) فعل ما أمر به، وإرادة الخلق أن يريد هو خلق ما يحدثه من أفعال العباد وغيرها. والأمر مستلزم للإرادة الأولى دون الثانية.
والله تعالى أمر الكافر بما أراده منه بهذا الاعتبار، وهو ما (4) يحبه ويرضاه، ونهاه عن المعصية التي لم يردها منه، [أي لم يحبها ولم يرضها بهذا الاعتبار] (5) ، فإنه لا يرضى لعباده الكفر ولا يحب الفساد. وقد قال تعالى: {إذ يبيتون ما لا يرضى من القول} [سورة النساء: 108] وإرادة (6) الخلق هي المشيئة المستلزمة لوقوع المراد، فهذه الإرادة لا تتعلق إلا بالموجود، فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن. وفرق بين أن يريد هو أن يفعل، فإن هذا يكون لا محالة لأنه قادر على ما يريده، فإذا (7) اجتمعت الإرادة والقدرة وجب وجود المراد، وبين أن يريد من غيره أن يفعل ذلك الغير فعلا (8) لنفسه، فإن هذا (9) لا يلزم أن يعينه عليه.
**_________
(1) إن: زيادة في (أ) ، (ب) .
(2) ن، م: الأمر كما تقدم.
(3) ن، م: من المأمور به.
(4) ن، م: مما.
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(6) ن، م، ع: فإرادة.
(7) أ، ب: ما يريد وإذا.
(8) ع: فلا، وهو تحريف.
(9) أ، ب: فهذا
============================
وأما طائفة من المثبتين للقدر فظنوا أن الإرادة نوع واحد، [وأنها (1) هي المشيئة] (2) فقالوا: يأمر بما لا يريده (3) .
ثم هؤلاء على قسمين: فقسم قالوا: يأمر بما يحبه ويرضاه وإن لم يرده، أي لم يشأ وجوده، وهذا مذهب جمهور القائلين بهذا القول من الفقهاء وغيرهم.
وقسم قالوا: بل المحبة والرضا هي الإرادة وهي المشيئة، فهو يأمر بما لم يرده ولم يحبه ولم يرضه، وما وقع من الكفر والفسوق عند (4) هؤلاء أحبه ورضيه (5) ، كما أراده وشاءه، ولكن يقولون (6) : لا يحبه ولا يرضاه دينا، كما لا يريده دينا [ولا يشاؤه دينا] (7) ، ولا يحبه ولا يرضاه ممن لم يقع منه، [كما لم يرده ممن لم يقع منه، ولم يشأه ممن لم يقع منه] (8) وهذا قول الأشعري وأكثر أصحابه، وحكاه هو عن طائفة من أهل الإثبات، وحكي عنه كالقول (9) الأول.
وأصحاب هذا القول هم القدرية (10) من المعتزلة والشيعة وغيرهم
**_________
(1) أ، ب: وإنما هو تصحيف.
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(3) ن، م: بما لا يريد.
(4) ن، م: فعند.
(5) أ، ب: يحبه ويرضاه.
(6) ن، م: ولكن لا يقولون.
(7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(8) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(9) م: مثل القول.
(10) ن، م: هم القدرية، وسقطت " هم " من (أ) ، (ب)
=============================
يجعلون الرضا والمحبة بمعنى الإرادة، ثم قالت القدرية النفاة: والكفر والفسوق والمعاصي لا يحبها ولا يرضاها (1) بالنص وإجماع الفقهاء، فلا يريدها ولا يشاؤها (2) .
وقال هؤلاء المثبتة: هو شاء ذلك بالنص وإجماع السلف، فيكون قد أحبه ورضيه وأراده. وأما جمهور الناس فيفرقون بين المشيئة والإرادة (3) وبين المحبة والرضا، كما يوجد الفرق بينهما في الناس، فإن الإنسان قد يريد شرب الدواء ونحوه من الأشياء الكريهة التي يبغضها ولا يحبها، ويحب أكل (4) الأشياء التي يشتهيها، كاشتهاء المريض لما حمي عنه (5) ، واشتهاء الصائم الماء البارد مع عطشه ولا يريد فعل ذلك (6) ، فقد تبين أنه يحب ما لا يريده ويريد ما لا يحبه (7) ، وذلك أن المراد قد يراد لغيره، فيريد الأشياء المكروهة لما في عاقبتها من الأشياء المحبوبة (8) ويكره فعل بعض ما يحبه (9) لأنه يفضي إلى ما يبغضه.
والله تعالى له الحكمة (10) فيما يخلقه، وهو سبحانه يحب المتقين
**_________
(1) ن، م، ع: لا يحبه ويرضاه.
(2) ن، م، ع: فلا يريده ولا يشاؤه.
(3) والإرادة ساقطة من (أ) ، (ب) ، (ع) .
(4) ن: كل، وسقطت الكلمة من (م) .
(5) أ، ب: المريض الماء إذا حمي عنه، ن، ع: المريض لما حمي منه.
(6) أ، ب: ولا يريد فعله.
(7) ن، م: ما لا يريد ويريد ما لا يحب.
(8) ن: كما في عاقبتها من الأمور المحبوبة، م: لما في عاقبتها المحمودة من الأمور المحبوبة.
(9) ن، م: ما لا يحبه، وهو خطأ.
(10) ن، م: حكمة
==============================
والمحسنين والتوابين، ويرضى عن الذين آمنوا وعملوا الصالحات، ويفرح بتوبة التائب أعظم من فرح الفاقد لراحلته التي عليها طعامه وشرابه في مهلكة إذا وجدها بعد الإياس (1) منها كما استفاضت بذلك الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين وغيرهما من غير وجه، كقوله: " «لله أشد فرحا بتوبة أحدكم من رجل أضل راحلته (2) بأرض دوية (3) مهلكة عليها طعامه وشرابه، فطلبها فلم يجدها، فنام ينتظر الموت، فلما استيقظ إذا بدابته عليها طعامه وشرابه، فالله أشد فرحا بتوبة عبده من هذا براحلته» " (4) .
والمتفلسفة (5) يعبرون بلفظ البهجة واللذة (6) والعشق ونحو ذلك عن الفرح والمحبة وما يتبع ذلك، وإذا كان كذلك فهو سبحانه يريد وجود [بعض] الأشياء (7) لإفضائها إلى ما يحبه ويرضاه، وهو سبحانه قد لا يفعل بعض ما يحبه لكونه يستلزم وجود ما يكرهه ويبغضه، فهو سبحانه قادر على أن يخلق من كل نطفة رجلا يجعله مؤمنا به (8) يحبه ويحب إيمانه، لكنه لم يفعل ذلك لما له في ذلك (9) من الحكمة، وقد يعلم أن ذلك يفضي إلى ما يبغضه ويكرهه.
**_________
(1) ن، م، ع: اليأس.
(2) ن، ع: دابته.
(3) دوية: ساقطة من (أ) ، (ب) ، وفي (م) : دونه، وهو تصحيف.
(4) مضى الحديث من قبل 2 430، 3 162.
(5) ع: والمتفلسفون.
(6) أ: بلفظ المحبة واللذة، ب: بلفظ اللذة.
(7) ع: يريد وجود الأشياء، ن: يريد وجود أشياء، م: يريد الأشياء.
(8) به: زيادة في (ن) .
(9) أ، ب، م: لما فيه
============================== ==
وإذا قيل: فهلا يفعل هذا ويمنع ما يبغضه.
قيل: من الأشياء ما يكون ممتنعا لذاته، ومنها ما يكون ممتنعا لغيره، واللذة (1) الحاصلة بالأكل لا تحصل هي ولا نوعها (2) بالشرب (3) والسماع والشم، وإنما تحصل لذة أخرى.
ووجود لذة الأكل في الفم تنافي حصول لذة الشرب في تلك الحال، وتلذذ العبد بسماع بعض (4) الأصوات يمنع تلذذه بسماع صوت آخر في تلك الحال، فليس كل ما هو محبوب للعبد ولذيذ له يمكن اجتماعه في آن (5) واحد، بل لا يمكن حصول (6) أحد الضدين إلا بتفويت الآخر، وما من شيء (7) مخلوق إلا له لوازم وأضداد، فلا يوجد إلا بوجود لوازمه ومع عدم أضداده (8) والرب تعالى إذا كان يحب من عبده أن يسافر للحج ويسافر للجهاد، فأيهما فعله (9) كان محبوبا له، لكن لا يمكن في حال واحدة (10) أن يسافر العبد إلى الشرق وإلى الغرب (11) ، بل لا يمكن (12) حصول هذين المحبوبين جميعا في وقت واحد، فلا يحصل
**_________
(1) أ، ب: فاللذة.
(2) أ، ب: هي وأنواعها.
(3) ع: بالشراب.
(4) ن: تلك.
(5) ن: لون، م: أوان.
(6) حصول: ساقطة من (أ) ، (ب) ، (ع) .
(7) شيء: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(8) ن: ومنع عدم أضداده، م: ومنع أضداده.
(9) أ، ب: فعل.
(10) م: في وقت واحد، أ: في واحدة، ب: في آن واحد.
(11) ع، ن: إلى الشرق والغرب.
(12) ن، م، ع: فلا يمكن، أ: بل يمكن، وهو خطأ
============================
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثالث
الحلقة (195)
صـ 185 إلى صـ 192
أحدهما إلا بتفويت الآخر، فإن كان الحج فرضا معينا، والجهاد تطوعا (1) ، كان الحج أحبهما إليه (2) ، وإن كان كلاهما تطوعا أو فرضا، فالجهاد أحبهما إليه، فهو [سبحانه] (3) يحب هذا المحبوب المتضمن تفويت ذلك المحبوب. وذلك [أنه] (4) لو قدر وجوده بدون تفويت هذا المحبوب (5) لكان أيضا محبوبا، ولو قدر وجوده بتفويت ما هو أحب إليه منه لكان محبوبا من وجه مكروها من وجه آخر (6) أعلى منه.
وهو سبحانه إذا لم يقدر طاعة بعض الناس كان له في ذلك حكمة، كما أنه إذا لم (7) يأمر هذا بأدنى (8) المحبوبين كان له في ذلك حكمة، والله تعالى على كل شيء قدير. لكن اجتماع الضدين لا يدخل في عموم الأشياء، فإنه محال لذاته.
وهذا بمنزلة أن يقال: هلا أقدر (9) هذا العبد أن يسافر في هذه الساعة إلى الغرب للحج وإلى (10) الشرق للجهاد؟
فيقال: لأن (11) كون الجسم الواحد في مكانين محال لذاته (12) ، فلا
**_________
(1) ن، م، ع: تطوع.
(2) أ، ب: أحب إليه تعالى.
(3) سبحانه زيادة في (أ) ، (ب) .
(4) أنه: زيادة في (ب) .
(5) المحبوب: ساقطة من (ع) .
(6) آخر: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(7) ن، م: لو لم.
(8) ب: بأحد، أ: بإحدى.
(9) أ: هل أقدر.
(10) ن: أو إلى، وهو خطأ.
(11) لأن: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(12) بعد كلمة " لذاته " وردت عبارات في غير مكانها في (أ) ، (ب) ، وستتكرر بعد قليل في موضعها الصحيح
=============================
يمكن هذان السفران (1) في آن (2) واحد، وليس هذا بشيء حتى يقال: إنه مقدر، بل هذا لا حقيقة له، وليس بشيء، بل هو أمر يتصوره (3) الذهن كتصوره (4) لنظيره في الخارج، ليحكم (5) عليه بالامتناع في الخارج، وإلا فما يمكن الذهن أن يتصور هذا [في] (6) الخارج، ولكن الذهن يتصور [اجتماع] (7) اللون والطعم في محل واحد، كالحلاوة البيضاء [والبياض] (8) ، ثم يقدر الذهن في نفسه (9) : هل يمكن أن يجتمع السواد والبياض في محل [واحد] (10) ، كاجتماع اللون والطعم (11) ، فيعلم أن هذا الاجتماع ممتنع في الخارج، ويعلم أنه يمكن أن زيدا قد يكون (12) في الشرق وعمرا في الغرب (13) ، ويقدر في ذهنه: هل يمكن أن يكون زيد نفسه في هذين المكانين، كما كان هو وعمرو؟ فيعلم أن هذا ممتنع.
فهذا (14) ونحوه كلام من جعل الإرادة نوعين ويفرق بين أحد نوعيها
**_________
(1) السفران: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) ن، م: أوان، وهو تحريف.
(3) ن، م: يتصور، ب: يقدره.
(4) أ، ب: لتصوره.
(5) أ، ب: فيحكم.
(6) في: ساقطة من (ن) ، (م) .
(7) اجتماع: ساقطة من (ن) ، (م) .
(8) والبياض: ساقطة من (ن) ، (م) .
(9) ن، م: في الذهن في نفسه.
(10) واحد: زيادة في (ع) .
(11) ن، م، ع: الطعم واللون.
(12) قد يكون: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(13) ع: في المشرق وعمرا في المغرب.
(14) ن، م: وهذا
============================== ===
وبين المحبة والرضا. وأما من يجعل الجميع نوعا واحدا فهو بين أمرين: إن جعل الحب والرضا من هذا النوع لزمته (1) تلك المحاذير الشنيعة، وإن جعل الحب والرضا نوعا لا يستلزم الإرادة، وقال (2) : إنه قد يحب ويرضى ما لا يريده بحال، وحينئذ فيكون مقصوده بقوله: " لا يريده " (3) أي لا يريد كونه ووجوده، وإلا فهو عنده يحبه ويرضاه.
فهذا يجعل الإرادة هي المشيئة لأن يخلق. وهذا، وإن كان اصطلاح طائفة من المنتسبين إلى السنة من الفقهاء من أصحاب مالك والشافعي وأحمد، فهو خلاف (4) استعمال الكتاب والسنة. وحينئذ فيكون النزاع معه لفظيا. وأحق الناس بالصواب في المنازعات اللفظية من كان لفظه موافقا للفظ القرآن.
وقد تبين أن القرآن (5) جعل هذا النوع مرادا، فلا حاجة إلى إطلاق (6) القول بأن الله يأمر بما لا يريده، ثم تبين (7) أن الإرادة نوعان، وأنه يأمر [بما يشاؤه (8) فيأمر] (9) بما لا يريد أن يخلقه هو، ولا يأمر إلا بما يحبه لعباده (10) ويرضاه لهم أن يفعلوه.
**_________
(1) أ، ب: لزمه
(2) ن، م: فيقال.
(3) ب فقط: بقوله ما لا يريد.
(4) ن، م: بخلاف.
(5) أ، ب: أن لفظ القرآن وعند كلمة القرآن يوجد نقص في أوراق مصورة (م) إذ فقدت ورقة منها، ولذلك ستتوقف المقابلة حتى أول الورقة التالية.
(6) أ، ب: لإطلاق.
(7) أ، ب: بل يبين.
(8) أ، ب: بما يشاء.
(9) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) .
(10) أ: لعبده ; ب: لعبيده
============================== =====
ولو قال رجل (1) : " والله لأفعلن ما أوجب الله علي أو ما يحبه [الله] لي (2) إن شاء الله " ولم يفعل، لم يحنث باتفاق الفقهاء. ولو قال: " والله لأفعلن ما أوجب (3) الله علي إن كان الله يحبه ويرضاه " حنث إن (4) لم يفعله بلا نزاع نعلمه (5) .
وعلى هذا فقد ظهر بطلان حجة المكذبين بالقدر، فإنه إذا قال: كل عاقل ينسب من يأمر بما لا يريد وينهى عما يريد إلى السفه. قيل له: إذا أمر غيره بأمر لم (6) يرد أن يفعله له: هل يكون سفيها (7) أم لا؟
ومن المعلوم باتفاق العقلاء أن من أمر غيره بأمر، ولم يرد أن يفعل هو ذلك الأمر (8) ولا يعينه عليه، لم يكن سفيها، بل أوامر الحكماء والعقلاء (9) كلها من هذا الباب.
والطبيب إذا أمر المريض بشرب الدواء، لم يكن عليه أن يعاونه على شربه، والمفتي إذا أمر المستفتي بما يجب عليه، لم يكن عليه أن يعاونه، والمشير إذا أمر المستشير بتجارة أو فلاحة [أو نكاح] (10) ، لم يكن عليه أن يفعل هو ذلك (11) .
**_________
(1) ع، ن: الرجل.
(2) ن: وما يحبه لي، أ، ب: أو ما يحبه لي
(3) ن: ما أوجبه.
(4) ن، ع: إذا.
(5) أ: هلا نزاع بعلمه، وهو تحريف، ن: بلا نزاع.
(6) أ، ب: ولم.
(7) ع: سفها.
(8) أ: ولم يرد أن يفعله هو ذلك الأمر ; ب: ولم يرد أن يفعل ذلك الأمر.
(9) ع، ن: العقلاء والحكماء.
(10) أو نكاح: ساقطة من (ن) .
(11) أ، ب: لم يكن عليه هو أن يفعل ذلك
============================== ===
ومن كان يحب من غيره أن يفعل أمرا فأمره به، والآمر لا يساعده عليه، لما في ذلك من المفسدة له، لم يكن سفيها (1) .
فظهر بطلان ما ذكره هذا وأمثاله من القدرية. وكذلك من نهى غيره عما يريد أن يفعله هو، لم يلزم أن يكون سفيها، فإنه [قد] (2) يكون مفسدة لذلك مصلحة للناهي. فالمريض الذي يشرب المسهلات إذا نهى ابنه (3) الصغير عن شربها لم يكن سفيها.
والحاوي (4) الذي يريد إمساك الحية إذا نهى ابنه عن إمساكها لم يكن سفيها، والسابح في البحر إذا نهى العاجز عن السباحة لم يكن سفيها، والملك الذي خرج لقتال عدوه إذا نهى نساءه عن الخروج معه لم يكن سفيها، ونظائر هذا لا تحصى (5) .
[ولو نهى الناهي غيره عن فعل ما يضره فعله نصحا له، إذ لو كان مصلحة الناهي (6) أن يفعله هو به؛ حمد على فعله، وحمد على نصحه، كما يوجد كثير من الناس ينهون من ينصحونه عن فعل أشياء، وقد يطلبون فعلها منهم لمصلحتهم.
**_________
(1) ن، ع: سفها.
(2) قد: ساقطة من (ن) .
(3) ابنه: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) ع: والحوى، أ، ب: والحواء، وفي لسان العرب، والحاوي: صاحب الحيات، وهو فاعل، ومن قال لصاحب الحيات حاي فهو فاعل من هذا البناء، ومن قال حواء فهو على بناء فعال.
(5) بعد عبارة لا تحصى يوجد سقط في (ن) سأشير إلى نهايته في موضعه بإذن الله.
(6) أ، ب: إذا كان مصلحة للناهي
============================== ===
لكن المثل المطابق لفعل الرب من كل وجه لا يمكن في حق المخلوق، فإن الله ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله. وقد سئل بعض الشيوخ عن مثل (1) هذه المسائل فأنشد:
ويقبح من سواك الفعل عندي ... فتفعله فيحسن منك ذاكا
لكن المقصود أنه يمكن في المخلوق أمر الإنسان بما لا يريد أن (2) يعين عليه المأمور، ونهيه عما يريد الناهي أن يفعله هو لمصلحته] (3) .
فتبين أن هذا القدري وأمثاله تكلموا بلفظ مجمل. فإذا قالوا: من أمر بما لا يريد كان سفيها، أوهموا الناس أنه أمر بما لا يريد للمأمور أن يفعله. والله لم يأمر العباد بما لم يرض لهم أن يفعلوه، [ولم يحب لهم أن يفعلوه] (4) ، ولم يرد لهم أن يفعلوه بهذا المعنى، وإنما أمر بعضهم بما لم يرد هو أن يخلقه لهم بمشيئته و [لم] يجعلهم فاعلين له (5) . ومن المعلوم أن الآمر ليس عليه أن يجعل المأمور فاعلا للمأمور به، بل هذا (6) ممتنع عند القدرية.
وعند غيرهم هو قادر عليه، لكن له أن يفعله وله ألا يفعله. فعلى قول من يثبت المشيئة دون الحكمة الغائية، يقول: هذا كسائر (7) الممكنات
**_________
(1) ع: نحو.
(2) أ، ب: وأن، وهو خطأ.
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) .
(4) ما بين المعقوفتين زيادة في (ع) فقط.
(5) ن، ع: ويجعلهم فاعلين له.
(6) أ، ب: هو.
(7) ن: فقول هؤلاء كسائر
============================== =====
إن شاء فعله وإن شاء لم يفعله، ومن أثبت الحكمة قال: له في أن لا يحدث هذا حكمة، كما له في سائر ما لم يحدثه، وقد يكون في إحداث هذا مفسدة لغير هذا المأمور أعظم من المصلحة الحاصلة له (1) ، وقد يكون في فعل هذا المأمور تفويت مصلحة أعظم من المصلحة الحاصلة له، والحكيم هو الذي يقدم أعلى (2) المصلحتين، ويدفع أعظم المفسدتين.
وليس على العباد أن يعلموا تفصيل حكمة الله تعالى، بل يكفيهم العلم العام والإيمان التام (3) .
ومن جعل الإرادة نوعا واحدا، وإن كان [قوله] (4) مرجوحا، فهو خير من قول نفاة القدر الذين يجعلون (5) الإرادة والمشيئة والمحبة شيئا واحدا، وزعموا أنه يكون ما لا يشاؤه (6) [ويشاء ما لا يكون] (7) ، وذلك لأنه يقول: السفه إنما يجوز على من يجوز عليه الأغراض، والأغراض (8) مستلزمة للحاجة إلى الغير وللنقص (9) بدونها، وذلك على الله ممتنع، وهي في حق الله مستلزمة للتسلسل وقيام الحوادث به، وهو ممتنع عند هذا الخصم.
فإذا كانت المعتزلة - والشيعة الموافقون لهم - يسلمون هذه الأصول
**_________
(1) ن: أعظم مما يحصل به من المصلحة له.
(2) ن: أغلى.
(3) أ: العلم التام والإيمان التام ; ع: العلم العام والإيمان العام.
(4) قوله: ساقطة من (ن) .
(5) ن، ع: الذين جعلوا.
(6) ن: أنه لا يكون ما لا يشاؤه، وهو خطأ.
(7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) .
(8) ن، ع، أ: الأعراض والأعراض، وهو تصحيف.
(9) ن، ع: والنقص
============================== ===
انقطعوا، وذلك ; لأنهم (1) إذا قالوا: يفعل لغرض. قيل لهم: نسبة وجود الغرض (2) وعدمه إليه على السواء، أو وجود الغرض (3) أولى به. فإن قالوا: هما على السواء، امتنع مع هذا أن يفعل لما وجوده وعدمه بالنسبة إليه سواء. وهذا معدود من السفهاء فينا، وهذا هو العبث فينا.
فإن قالوا: فعل لنفع العباد.
قيل: الواحد من الناس إنما ينفع غيره لما له في ذلك من المصلحة في الدين أو الدنيا. أما التذاذه بالإحسان إليه (4) ، كما يوجد في النفوس الكريمة (5) التي إنما تلتذ (6) وتبتهج بالإحسان إلى غيرها، وهذا مصلحة ومنفعة لها.
وأما دفع ألم الرقة (7) عن نفسه، فإن الواحد إذا رأى جائعا بردان تألم له فيعطيه، فيزول الألم عن نفسه. وزوال الألم منفعة [له] (8) ومصلحة، دع ما سوى هذا من رجاء المدح والثناء والمكافأة، أو الأجر من الله [تعالى] (9) فتلك مطالب منفصلة (10) ، ولكن هذان أمران موجودان في نفس الفاعل، فمن نفع غيره، وكان (11) وجود النفع وعدمه بالنسبة إليه سواء من
**_________
(1) ن: بأنهم أ، ب: أنهم.
(2) أ: العرض، وهو تصحيف.
(3) أ: العرض، وهو تصحيف.
(4) إليه: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(5) الكريمة: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(6) أ: اللهم إنما يلتذ، ع: له تلتذ، ن: أنها تلتذ.
(7) ن: الرقبة، وهو تحريف.
(8) له: ساقطة من (ن) .
(9) تعالى: ليست في (ن) .
(10) أ: متصلة، وهو خطأ.
(11) ن: ولو كان
=============================
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثالث
الحلقة (196)
صـ 193 إلى صـ 200
كل وجه، كان هذا من أسفه السفهاء لو وجد (1) ، فكيف إذا كان ممتنعا؟ فإنه يمتنع أن يفعل المختار شيئا حتى يترجح عنده، فيكون أن يفعله أحب إليه من أن لا يفعله، وترجيح الأحب لذة ومنفعة.
فهؤلاء القدرية الذين يعللون بالغرض (2) هم (3) الذين يذكرون ما يمتنع أن يكون غرضا (4) ، ولا يكون (5) إلا ممتنعا أو سفها، وإن أثبتوا (6) غرضا قائما به، لزم أن يكون محلا للحوادث، وهم يحيلون ذلك. ثم الغرض إن كان لغرض آخر لزم التسلسل، وهم يحيلونه في الماضي. ولهم في المستقبل قولان. وإن لم يكن لغرض آخر جاز أن يحدث لا لغرض. فهذه الأصول التي اتفقوا عليها - هم والمثبتون للقدر - هي حجة لأولئك عليهم (7) .
**[فصل من نفى قيام الأمور الاختيارية بذات الرب تعالى لا بد أن يقول أقوالا متناقضة فاسدة]
[ (فصل) (8)
وفي الجملة من نفى قيام الأمور الاختيارية بذات الرب تعالى لا بد أن يقول أقوالا متناقضة فاسدة. ولما (9) كانت الجهمية المجبرة والقدرية المعتزلة
**_________
(1) أ، ب: أسفه الناس إذا وجد.
(2) ن: يعللون بالقدر بالغرض.
(3) هم: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) أ: عرضا، وهو تحريف.
(5) ع: أو لا يكون.
(6) ب فقط: إن أثبتوا.
(7) أ، ب: عليهم، والله أعلم.
(8) عند كلمة " فصل " يوجد سقط طويل في نسخة (ن) سأشير إلى نهايته في موضعه إن شاء الله.
(9) ب فقط: ولذا
============================== ===
قد اشتركوا في أنه لا يقوم بذاته شيء من ذلك، ثم تنازعوا بعد ذلك في تعليل أفعاله وأحكامه (1) ، كان كل واحد من القولين يستلزم ما يبين فساده وتناقضه.
فمثبتة التعليل تقول: من فعل لغير حكمة كان سفيها. وهذا إنما يعلم فيمن (2) فعل لغير حكمة تعود إليه، وهم يزعمون أن البارئ فعل لا لحكمة تعود إليه، فإن كان من (3) فعل لا لحكمة سفيها (4) لزمه (5) إثبات السفه، وإن لم يكن سفيها تناقضوا، فإن ما أثبتوه من فعله لحكمة لا تعود إليه لا يعقل، فضلا عن أن يكون حكيما.
وهذا نظير قولهم في صفاته وكلامه، فإنهم قالوا: لا يتكلم إلا بمشيئته (6) وقدرته، ويمتنع أن يكون القرآن قديما، لما فيه من الأمور المنافية لقدمه. وقالوا: المتكلم لا يعقل (7) إلا من تكلم بمشيئته وقدرته، دون من يكون الكلام لازما لذاته لا يحصل بقدرته ومشيئته (8) .
فيقال لهم: وكذلك لا يعقل متكلم إلا من يقوم به الكلام. أما متكلم لا يقوم به الكلام، أو مريد لا تقوم به الإرادة، أو عالم لا يقوم به العلم فهذا لا يعقل، بل هو خلاف المعقول.
**_________
(1) أ: وأحرامه، ب: وآخر أمره.
(2) أ، ب: ممن.
(3) ب فقط: منه، وهو خطأ.
(4) سفيها ساقطة من (أ) ، (ب) .
(5) أ، ب: لزم.
(6) أفقط: قالوا إلا بمشيئته.
(7) ب: لا يعقل المتكلم ; وسقطت " لا يعقل " من (أ) .
(8) ع: بمشيئته وقدرته
============================== ====
بل قولهم في الكلام يتضمن أن من قام به الكلام لا يكون متكلما ; لأن المتكلم (1) هو الذي أحدث في غيره الكلام، وهذا خلاف المعقول. وكذلك قولهم في رضاه وغضبه ومحبته وإرادته وغير ذلك: أنها لا تقوم بذاته، وإنما هي أمور منفصلة عنه (2) ، فجعلوه موصوفا بأمور لا تقوم به، بل هي منفصلة عنه (3) ، وهذا خلاف المعقول، ثم هو تناقض، فإنه (4) يلزمهم أن يوصف بكل ما يحدثه من المخلوقات (5) ، حتى يوصف بكل كلام خلقه، فيكون ذلك كلامه. فإذا أنطق (6) ما ينطقه من مخلوقاته، كان ذلك كلامه لا كلام من ينطقه (7) وهذا مبسوط في موضعه.
والمقصود هنا أن كلامهم أنه يفعل لحكمة، يستلزم أن يكون وجود الحكمة أرجح عنده من عدمها، أو أنها (8) تقوم به، وغير ذلك من اللوازم التي لا يعقل من يفعل لحكمة إلا من يتصف بها. وإلا فإذا قدر أن نسبة جميع الحوادث إليه سواء، وامتنع (9) أن يكون بعضها أرجح عنده من بعض، امتنع (10) أن يفعل بعضها لأجل بعض.
ثم الجهمية المجبرة لما رأت فساد قول هؤلاء القدرية، وقد شاركوهم (11)
**_________
(1) أ، ب: والمتكلم.
(2) عنه: ساقطة من (ب) فقط.
(3) عنه: ساقطة من (ب) فقط.
(4) ب فقط: وإنه.
(5) ع: المحدثات.
(6) أ، ب: نطق، وهو تحريف.
(7) أ، ب: من ينطق.
(8) أ، ب: وأنها.
(9) أ، ب: امتنع.
(10) ب فقط: وامتنع.
(11) أفقط: شاركوا
============================== ====
في ذلك الأصل، قالوا: يمتنع أن يفعل شيئا لأجل شيء أصلا، ويمتنع أن يكون بعض الأشياء أحب إليه من بعض، ويمتنع أن يحب شيئا من مخلوقاته دون بعض، أو يريد منها شيئا دون شيء، بل كل ما حدث فهو مراد له محبوب مرضي، سواء كان كفرا أو إيمانا، أو حسنات أو سيئات، أو نبيا أو شيطانا. وكل ما لم يحدث فهو ليس (1) محبوبا له ولا مرضيا له ولا مرادا، كما أنه لم يشأه، فعندهم ما شاء الله كان وأحبه ورضيه وأراده، وما لم يشأه لم يكن ولا يحبه ولا يرضاه ولا يريده.
وأولئك القدرية يقولون: كل ما أمر به فهو يشاؤه ويريده، كما أنه يحبه ويرضاه، وما لم يأمر به لا يشاؤه (2) ولا يريده كما لا يحبه ولا يرضاه، بل يكون في ملكه ما لا يشاء، ويشاء ما لا يكون.
ثم إن الجهمية المجبرة (3) إذا تلي عليهم قوله تعالى: {والله لا يحب الفساد} [سورة البقرة: 205] ، {ولا يرضى لعباده الكفر} [سورة الزمر: 7] ، قالوا: معناه لا يحبه ولا يريده ولا يشاؤه ممن لم يوجد منه، أو لا يحبه ولا يشاؤه ولا يريده دينا، بمعنى أنه لا يشاء أن يثيب صاحبه.
وأما ما وقع من الكفر والفسوق والعصيان فعندهم أنه يحبه ويرضاه كما يشاؤه لكن لا يحب أن يثيب صاحبه، كما لا يشاء أن يثيبه، وعندهم يشاء تنعيم أقوام وتعذيب آخرين لا بسبب ولا لحكمة (4) ، وليس في بعض
**_________
(1) ع: فليس.
(2) ع: فإنه يشاؤه.
(3) ع: الجبرية.
(4) أ: كما لا يشاء أن يثيبه عندهم نفعا ينعم أقواما ويعذب آخرين لا بسبب ولا بحكمة، ب: لا يشاء أن يثيبه عندهم، بل ينعم أقواما ويعذب آخرين لا بسبب ولا بحكمة، والمثبت من (ع)
============================== =
المخلوقات قوى ولا طبائع كان بها الحادث، ولا فيها حكمة لأجلها كان الحادث، ولا أمر بشيء لمعنى، ولا نهى عنه لمعنى، ولا اصطفى أحدا من الملائكة والنبيين لمعنى فيه (1) ، ولا أباح الطيبات وحرم الخبائث لمعنى أوجب كون هذا طيبا وهذا خبيثا، ولا أمر بقطع يد السارق لحفظ (2) أموال الناس، ولا أمر بعقوبة قطاع الطريق المعتدين لدفع ظلم العباد بعضهم عن بعض، ولا أنزل المطر لشرب الحيوان ولإنبات (3) النبات.
وهكذا يقولون في سائر ما خلقه، لكن يقولون إنه إذا وجد مع شيء منفعة أو مضرة، فإنه خلق هذا مع هذا لا لأجله ولا به. وكذلك وجده (4) المأمور مقارنا لهذا لا به ولا لأجله. والاقتران أجرى به العادة من غير حكمة ولا سبب، ولهذا لم تكن الأعمال عندهم إلا مجرد علامات محضة وأمارات، لأجل ما جرت به العادة من الاقتران، لا لحكمة ولا لسبب (5) ، وفي كل من القولين من التناقض ما لا يكاد يحصى.
ولكن هذا الإمامي القدري لما أخذ يذكر تناقض أقوال أهل السنة مطلقا، بين له (6) أن القدرية كلهم يعجزون عن إقامة الحجة على (7) مقابليهم من المجبرة، كما تعجز الرافضة (8) عن إقامة الحجة على مقابليهم
**_________
(1) فيه: زيادة في (ع) .
(2) أ: بحفظ، وهو تحريف.
(3) ب فقط: وإنبات.
(4) أ، ب: وجد.
(5) ب فقط: ولا سبب.
(6) أ، ب: تبين له.
(7) ع: عن.
(8) أ، ب: كما يعجز الرافضي
=============================
من الخوارج والنواصب، فضلا عن أن يقيموا الحجة على أهل الاستقامة والاعتدال المتبعين للكتاب والسنة] (1) .
ولهذا نبهنا على [بعض] (2) ما في أقوالهم من التناقض والفساد (3) الذي لا يكاد ينضبط (4) . والأشعري وغيره من متكلمة أهل (5) الإثبات انتدبوا لبيان تناقضهم في أصولهم (6) وأوعبوا (7) في بيان تناقض أقوالهم (8) .
وحكاية الأشعري مع الجبائي في الإخوة الثلاثة مشهورة، فإنهم يوجبون على الله أن يفعل بكل عبد ما هو الأصلح له (9) في دينه. وأما في الدنيا فالبغداديون من المعتزلة يوجبونه أيضا، والبصريون لا يوجبونه.
فقال له: إذا خلق الله ثلاثة إخوة، فمات أحدهم صغيرا، وبلغ الآخران: أحدهما آمن، والآخر كفر، فأدخل المؤمن الجنة ورفع درجته، وأدخل الصغير الجنة وجعل منزلته تحته. قال له الصغير: يا رب ارفعني إلى درجة أخي. قال: إنك لست مثله ; إنه آمن وعمل الصالحات (10) ،
**_________
(1) والسنة، ساقطة من (ع) ، وهنا ينتهي السقط الطويل في نسخة (ن) .
(2) بعض: ساقطة من (ن) .
(3) أ، ب، ع: من الفساد.
(4) أ، ب: يضبط.
(5) أهل: زيادة في (ن) .
(6) أ، ب: أصلهم.
(7) أ: وأذعنوا، وهو تحريف، وفي لسان العرب: وعب الشيء وعبا وأوعبه واستوعبه، أخذه أجمع.
(8) أ، ب: الأقوال.
(9) له: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(10) أ، ب: وعمل صالحا
============================
وأنت صغير (1) لم تعمل عمله. قال: يا رب أنت (2) أمتني، فلو [كنت] أبقيتني كنت أعمل (3) مثل عمله (4) . فقال: عملت مصلحتك ; لأني علمت أنك لو بلغت لكفرت، فلهذا اخترمتك. فصاح الثالث من أطباق النار، وقال يا رب هلا اخترمتني (5) قبل البلوغ كما اخترمت أخي الصغير؟ فإن هذا كان مصلحة (6) في حقي أيضا.
فيقال (7) : إنه لما أورد عليه هذا انقطع (8) . وذلك أنهم يوجبون عليه العدل بين المتماثلين وأن يفعل بكل واحد منهما ما هو أصلح (9) ، وهنا (10) قد فعل [بأحدهما ما هو] (11) الأصلح عندهم دون الآخر. وليس هذا موضع بسط ذلك.
وإذا كان الأمر كذلك بطل تشبيههم لله بخلقه، وقال لهم هؤلاء:
**_________
(1) عبارة " وأنت صغير " ساقطة من (ع) .
(2) ن: فأنت.
(3) ن: فلو أبقيتني لكنت أعمل.
(4) أ، ب: أعمل مثله.
(5) أ: لم لا اخترمتني ; ب: لم ما اخترمتني.
(6) ن: لمصلحة.
(7) أ: فقال ; ب: يقال.
(8) روى هذه المناظرة السبكي في ترجمة الأشعري في طبقات الشافعية 3 356 وقال في آخرها: قلت: هذه مناظرة شهيرة، وقد حكاها شيخنا الذهبي، وانظر كتاب الأشعري للدكتور حمودة غرابة رحمه الله، ص [0 - 9] 5 - 66 ط، مطبعة الرسالة، القاهرة، 1953.
(9) ع: بكل منهم الأصلح أ، ب: لكل منهما الأصلح.
(10) ع: وهذا.
(11) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن)
============================== =======
نحن وأنتم قد اتفقنا على أن فعل الله لا يقاس (1) على فعل (2) خلقه، وإنا وإياكم نثبت فاعلا يفعل شيئا منفصلا عن نفسه، بدون شيء حادث في نفسه، وهذا غير معقول في الشاهد (3) ، (* ونثبت (4) فاعلا لم يزل غير فاعل حتى فعل من غير تجدد شيء، وهذا غير معقول في الشاهد *) (5) .
وأنتم تثبتون من الغرض ما ثبت فاعلا لم يزل غير فاعل حتى فعل من غير تجدد شيء، وهذا غير معقول في الشاهد. وأنتم تثبتون من الغرض ما لا يعقل في الشاهد، وتدعون بذلك أنكم (6) تنفون عنه (7) السفه وتجعلونه حكيما، والذي تذكرونه هو السفه (8) المعقول في الشاهد المخالف للحكمة.
وإذا كان كذلك فقولكم (9) : إن كل عاقل ينسب من يأمر بما لا يريده وينهى عما يريده - إلى السفه، تعالى الله عن ذلك.
فيقال لكم (10) : إن كان هذا الفاعل من المخلوقين، فلم قلتم: إن الخالق كذلك، مع ما اتفقنا عليه من الفرق بينهما؟ والمخلوق محتاج إلى
**_________
(1) أ، ب: لا ينقاس.
(2) أ، ب، ن: بفعل.
(3) أ، ب: في المشاهدة.
(4) ع، ن: ويثبت وهو تحريف.
(5) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
(6) ن: أنكم بذلك.
(7) عنه: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(8) ساقط من (أ) ، (ب) .
(9) ب فقط: كذلك وقلتم.
(10) أ، ب: قيل لكم، ع: يقال لكم
=========================
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثالث
الحلقة (197)
صـ 201 إلى صـ 208
جلب المنفعة ودفع المضرة، والله تعالى [منزه] (1) عن ذلك، والعبد مأمور منهي، والله منزه عن ذلك.
فهذه (2) القضية إن أخذتموها كلية يدخل فيها الخالق، منعنا الإجماع (3) المحكي عن العقلاء. وإن أخذتموها في المخلوق لتقيسوا به الخالق، كان هذا قياسا فاسدا، فلا يصح معكم هذا القياس، لا على أنه قياس شمول ولا على أنه قياس تمثيل.
وقد أجابهم الأشعري بجواب آخر (4) ، فقال: لا نسلم أن أمر الإنسان بما لا يريده (5) سفه (6) مطلقا، بل قد يكون حكمة، إذا كان مقصوده امتحان المأمور ليبين (7) عذره عند الناس في عقابه، مثل من يكون له عبد يعصيه فيعاقبه، فيلام على عقوبته، فيعتذر (8) بأن هذا يعصيني، فيطلب (9) منه تحقيق ذلك، فيأمر أمر امتحان، وهو [هنا] (10) لا يريد أن يفعل المأمور به، بل يريد أن يعصيه ليظهر عذره في عقابه.
وأثبت بهذا أيضا كلام النفس الذي يثبته، وأن الطلب القائم بالنفس
**_________
(1) منزه: ساقطة من (ن) .
(2) ن: وهذه.
(3) ن: منعنا الاجتماع، أ: منعتنا بالإجماع، ب: منعنا بالإجماع.
(4) آخر: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(5) أ، ب: بما لا يريد.
(6) أ، ب: سفها.
(7) ن: ليتبين.
(8) ن: فيتعذر، وهو تحريف.
(9) ن: ويطلب.
(10) هنا: ساقطة من (ن)
============================== =
ليس هو الإرادة ولا مستلزما لها، كما أثبت معنى الخبر: أنه ليس هو العلم بإخبار الكاذب، فاعتمد على أمر الممتحن وخبر الكاذب.
لكن جمهور أهل السنة لم يرضوا بهذا الجواب، فإن هذا في الحقيقة ليس هو أمرا، وإنما هو إظهار أمر. وكذلك خبر الكاذب هو قال بلسانه (1) ما ليس في قلبه، فخبر الكاذب ليس خبرا عما في نفسه، بل هو إظهار الخبر [عما] (2) في نفسه، فصار (3) أمر الممتحن كأمر الهازل الذي لا يعلم المأمور هزله (4) ، ونظائر ذلك.
ولهذا إذا عرف المأمور حقيقة (5) أمر الممتحن [ليعاقبه] (6) ، وأنه ليس مراده إلا أن يعصيه، فإنه يطيعه في هذه الحال.
والممتحن نوعان: نوع قصده أن يعصيه المأمور ليعاقبه، مثل هذا المثال (7) . ونوع مراده طاعة المأمور وانقياده (8) لأمره، لا نفس (9) الفعل المأمور به، كأمر الله سبحانه وتعالى (10) للخليل صلى الله عليه وسلم بذبح ابنه، وكان المراد طاعة إبراهيم وبذل ذبح ابنه في محبة الله (11) ، وأن يكون
**_________
(1) أ، ب: هو قال يثبت أنه، وهو تحريف.
(2) عما: ساقطة من (ن) .
(3) أ، ب، ع: وصار.
(4) عبارة الذي لم يعلم المأمور هزله، ساقطة من (أ) ، (ب) وفي (ع) : أمر الممتحن الهازل الذي لم يعلم المأمور أنه هازل.
(5) ن: حقيقته، وهو تحريف.
(6) ليعاقبه: ساقطة من (أ) ، (ب) ، (ن) .
(7) ن: ليعاقبه بمثل هذه الحال.
(8) أ، ب: وإنفاذه.
(9) أ، ب: لا لنفس.
(10) ن: كأمر الله تعالى، أ، ب: كأمره سبحانه وتعالى.
(11) ع: في محبته أ، ب: في محبة الله تعالى
===========================
طاعة الله ومحبوبه ومراده (1) أحب إليه من الابن، فلما حصل هذا المراد، فداه الله بالذبح العظيم.
كما قال تعالى: {فلما أسلما وتله للجبين - وناديناه أن ياإبراهيم - قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين - إن هذا لهو البلاء المبين - وفديناه بذبح عظيم} [سورة الصافات: 103، 107] .
وتصور هذه المعاني نافع جدا في هذا الباب، الذي كثر فيه الاضطراب (2) .
**[فصل كلام الرافضي على الرضا بقضاء الله وقدره والرد عليه]
(فصل) قال الإمامي القدري (3) : " ومنها أنه يلزم عدم الرضا بقضاء الله تعالى، والرضا بقضائه وقدره (4) واجب، فلو كان الكفر بقضاء الله تعالى وقدره (5) وجب علينا الرضا به (6) ، لكن لا يجوز الرضا بالكفر ".
والجواب عن هذا من وجوه:
أحدها: جواب كثير من أهل الإثبات أنا لا نسلم بأن الرضا (7)
**_________
(1) أ: وأن تكون طاعة الله محبوبه مراد، ب: وأن تكون طاعة الله محبوبة مرادة.
(2) بعد كلمة " الاضطراب "، في (أ) ، (ب) والله أعلم.
(3) ع: قال الرافضي الإمامي القدري، والكلام التالي في (ك) ص [0 - 9] 9 (م) .
(4) ن: بقدره وقضائه، ك: بقضاء الله تعالى وقدره.
(5) أ، ب، ع: بقضاء الله، ك: بقضاء الله وقدره.
(6) أ، ب: وجب علينا الرضا، ع، ن: واجب علينا الرضا به. والمثبت من (ك) .
(7) ن، ع: فإنا لا نسلم أن الرضا
============================== =
واجب بكل المقضيات (1) ، [ولا دليل على وجوب ذلك] (2) .
وقد تنازع الناس في الرضا بالفقر والمرض والذل [ونحوها] (3) ، هل هو مستحب أو واجب؟ على قولين في مذهب أحمد وغيره. وأكثر العلماء على أن الرضا بذلك مستحب وليس بواجب، لأن الله أثنى على أهل الرضا بقوله: {رضي الله عنهم ورضوا عنه} [سورة البينة: 8] ، وإنما أوجب الله الصبر (4) ، فإنه أمر به في غير آية، ولم يأمر بالرضا بالمقدور، ولكن أمر بالرضا بالمشروع.
فالمأمور به يجب الرضا به، كما في قوله تعالى: {ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله إنا إلى الله راغبون} [سورة التوبة: 59] .
والقول الثاني: إنه واجب ; لأن ذلك من تمام رضاه بالله (5) ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا، ولما روي: " «من لم يرض (6) بقضائي، ولم يصبر على بلوائي (7) ، فليتخذ ربا سوائي» (8) ".
**_________
(1) أ: لكل المقتضيات، ب: لكل المقتضيات.
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) .
(3) ونحوها: ساقطة من (ن) .
(4) أ، ب، ع: وإنما أوجب الصبر.
(5) ع: لأنه من تمام الرضا بالله.
(6) أ، ب: يؤمن.
(7) أ: ويصبر على بلوائي، ن: ويصبر على بلائي، ع: ولم يصبر على بلائي.
(8) ن: فليتخذ ربا سواي ; ع: فليتخذ له ربا سوائي
=============================
لكن هذا لا تقوم به الحجة ; لأن هذا لا يعرف (1) ثبوته عن الله [عز وجل] (2) . وأما الرضا بالله [ربا] (3) ، وبالإسلام دينا، وبمحمد [صلى الله تعالى عليه وسلم] (4) نبيا فهو واجب. وهذا هو الرضا الذي دل عليه الكتاب والسنة.
وأما الرضا بكل ما يخلقه الله ويقدره فلم يدل عليه كتاب ولا سنة، ولا قاله أحد من السلف، بل قد أخبر الله تعالى أنه لا يرضى بأمور مع أنها مخلوقة، كقوله: {ولا يرضى لعباده الكفر} [سورة النساء:] ، وقوله (5) : {إذ يبيتون ما لا يرضى من القول} [سورة النساء: 108] .
وقد بسطنا الكلام [على هذا] (6) في مصنف مفرد في الرضا بالقضاء، وكيف تحزب الناس فيه أحزابا، حزب زعموا (7) أنهم يرضون بما حرم الله لأنه من القضاء، وحزب ينكرون قضاء الله وقدره لئلا يلزمهم الرضا به، وكلا الطائفتين بنت ذلك على أن (8) الرضا بكل ما خلقه الله مأمور به. وليس الأمر كذلك، بل هو سبحانه يكره [ويبغض] (9) ويمقت كثيرا من الحوادث، وقد أمرنا الله أن نكرهها ونبغضها.
**_________
(1) ن: حجة فإنه لا يعرف.
(2) عز وجل: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) ربا: ساقطة من (ن) .
(4) صلى الله عليه وسلم: زيادة في (أ) ، (ب) .
(5) وقوله: ساقطة من (ن) .
(6) على هذا: ساقطة من (ن) .
(7) أ، ب: أحزابا وزعموا.
(8) أن: ساقطة من (ع) .
(9) ويبغض: ساقطة من (ن)
==========================
الوجه الثاني: أن يقال: الرضا يشرع بما يرضى الله به، والله قد أخبر أنه: {لا يحب الفساد} [سورة البقرة: 205] ، {ولا يرضى لعباده الكفر} [سورة النساء:] ، وقد قال تعالى: {إذ يبيتون ما لا يرضى من القول} [سورة النساء: 108] ، وهذا أمر موجود من أقوال العباد، وقد أخبر الله أنه لا يرضاه، فإذا لم يرضه كيف يأمر العبد بأن (1) يرضاه؟ بل الواجب أن العبد يسخط ما يسخطه الله (2) ، ويبغض ما يبغضه (3) الله، ويرضى بما يرضاه الله.
قال الله تعالى: {ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم} [سورة محمد: 28] فذم (4) من اتبع مساخطه (5) وكره مراضيه، ولم يذم من كره مساخطه واتبع مراضيه.
فإذا قال: فكيف (6) يكون الله ساخطا مبغضا (7) لما قدره وقضاه؟ قيل: نعم كما تقدم (8) . أما على طريقة الأكثرين [فلأن المقضي شيء كونه (9) ، وعندهم البغض مغاير للإرادة. وأما على طريقة الأقلين] (10) فإنهم يقولون:
**_________
(1) أ، ب، ع: أن.
(2) ن: يسخط بما يسخط الله.
(3) ن، ع: ما أبغضه.
(4) أ، ب: وقد ذم.
(5) ن: مساخط الله.
(6) أ، ب: كيف.
(7) مبغضا: ساقطة من (ب) .
(8) أ، ب: نعم على ما تقدم.
(9) أ، ع: شيئا كونه، وهو خطأ.
(10) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن)
============================== ==========
سخطه له وبغضه (1) هو إرادته عقوبة (2) فاعله، فقد أراد أن يكون سببا لعقوبة فاعله. وأما نحن فمأمورون بأن نكره ما ينهى عنه (3) . لكن الجواب على هذا [القول] (4) يعود إلى (5) الجواب الأول، فإن نفس ما أراده الله وأحبه ورضيه عند هؤلاء، قد أمر العبد بأن يكرهه ويبغضه ويسخطه (6) ، فهؤلاء يقولون: ليس كل مقدور مقضي مأمورا يرضى به (7) .
الوجه الثالث: أن يقال: قد تقدم أن الله سبحانه وتعالى يفعل ما يفعله لما له في ذلك من الحكمة، وأن ما يضر الناس من المعاصي والعقوبات يخلقها لما له في ذلك من الحكمة (8) والإنسان قد يفعل ما يكرهه، كشربه (9) الدواء الكريه لما [له] (10) فيه من الحكمة التي يحبها كالصحة والعافية، فشرب الدواء مكروه من وجه محبوب من وجه، فالعبد يوافق ربه فيكره (11)
**_________
(1) ن: سخطه الله وبغضه، م: بسخط الله وبغضه، وعند هذه العبارة نعود إلى المقابلة مع نسخة (م) بعد الصفحة المفقودة من المصورة وهي ص 83.
(2) أ، ب: الإرادة لعقوبة، م: إرادة عقوبة.
(3) أ، ب: ما نهي عنه.
(4) القول: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) ن: على.
(6) أ: قد أمر الله أن يكرهه ويبغضه ويسخطه، ب: قد أمر الله أن نكرهه ونبغضه ونسخطه.
(7) أ: ليس كل مقدور مقضي برضاه، ب: ليس كل مقدور مقضي نرضاه، ع: ليس كل مقدور مرضي يرضى به.
(8) ساقط من (أ) ، (ب) وفي (ن) ، (م) وأن ما (م: وأما ما) ، يضر الإنسان من المعاصي والعقوبات يفعله لما له فيها من الحكمة.
(9) ع، م: كشرب.
(10) له: ساقطة من (ن) ، (أ) ، (ب) .
(11) ن، م: ويكره
============================== =====
الذنوب ويمقتها ويبغضها ; لأن الله يبغضها ويمقتها، ويرضى بالحكمة التي خلقها الله لأجلها، فهي من جهة فعل العبد لها مكروهة مسخوطة، ومن جهة خلق الرب لها محبوبة مرضية ; لأن الله خلقها لما له في ذلك من الحكمة. والعبد فعلها وهي ضارة له موجبة له العذاب، فنحن ننكرها ونكرهها وننهى عنها كما أمرنا (1) الله بذلك، إذ كان هو أيضا [سبحانه] (2) ، يسخطها ويبغضها، ونعلم أن الله أحدثها لما له في ذلك من الحكمة، فنرضى (3) بقضائه وقدره. فمتى لحظنا أن الله قضاها وقدرها رضينا عن الله وسلمنا لحكمه (4) . وأما من جهة كون العبد يفعلها، فلا بد أن نكره ذلك وننهى عنه ونجتهد (5) في دفعه (6) بحسب إمكاننا، فإن هذا هو الذي يحبه الله منا.
والله تعالى إذا أرسل الكافرين على المسلمين (7) ، فعلينا أن نرضى بقضاء الله في إرسالهم، وعلينا أن نجتهد في دفعهم وقتالهم. وأحد الأمرين لا ينافي الآخر وهو سبحانه خلق الفأرة والحية والكلب العقور، وأمرنا بقتل ذلك، فنحن نرضى عن الله إذ خلق ذلك، ونعلم أن له في ذلك حكمة، ونقتلهم (8) كما أمرنا، فإن الله يحب ذلك ويرضاه.
**_________
(1) ن، م، ع: كما أمر.
(2) أ، ب: هو سبحانه، ن، م: هو أيضا.
(3) ن، م: ويرضى، ع: فترضى.
(4) أ، ب: لحكمته.
(5) ن: أن يكره ذلك وينهى عنه ويجتهد، والكلمات غير منقوطة في (م) وفي (أ) : أن يكره ذلك وينهى عنه ونجتهد.
(6) أ، ب: في ذلك.
(7) ن: الكفار على المؤمنين م: الكفار على المسلمين.
(8) ب: ونقتلها، م: ونقتلهن
=============================
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثالث
الحلقة (198)
صـ 209 إلى صـ 216
وقد أجاب بعضهم بجواب آخر: وهو أنا نرضى بالقضاء لا بالمقضي. وقد أجاب بعضهم [بجواب آخر] : أنا نرضى بها من جهة كونها (1) خلقا، ونسخطها من جهة (2) كونها كسبا.
وهذا يرجع إلى الجواب الثالث، لكن إثبات الكسب إذا لم يجعل العبد فاعلا - فيه كلام قد ذكر في غير هذا الموضع (3) .
فالذين جعلوا العبد كاسبا غير فاعل من أتباع الجهم [بن صفوان] (4) وحسين النجار، وأبي الحسن [الأشعري] وغيرهم (5) ، كلامهم متناقض ; ولهذا لم يمكنهم أن يذكروا في بيان هذا الكسب والفرق بينه وبين الفعل كلاما معقولا، بل تارة يقولون: هو (6) المقدور بالقدرة الحادثة، وتارة يقولون: ما قام بمحل القدرة أو بمحل القدرة (7) الحادثة.
وإذا قيل لهم: ما القدرة الحادثة؟
قالوا: ما قامت بمحل الكسب، ونحو ذلك (8) من العبارات التي
**_________
(1) ن: فأجاب بعضهم بأنا نرضى بها من حيث كونها ; وأجاب بعضهم بأن نرضى بها من حيث كونها، ع: وقد أجاب بعضهم بجواب آخر وهو أنا نرضى من حيث كونها.
(2) ن: من حيث.
(3) ن، م: فيه كلام ليس هذا موضعه.
(4) بن صفوان: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) أ، ب: كأبي الحسن وغيره، ع: وأبي الحسن وغيره، ن: وأبي الحسن وغيرهم، والمثبت من (م) .
(6) ن، م: هذا.
(7) ساقط من (ب) فقط.
(8) ن، م: ونحوه
============================== =
تستلزم الدور. ثم يقولون: معلوم (1) بالاضطرار الفرق بين حركة المختار وحركة المرتعش. وهذا كلام صحيح، لكنه حجة عليهم لا لهم، فإن هذا الفرق يمتنع أن يعود إلى كون أحدهما مرادا دون الآخر، إذ يمكن الإنسان أن يريد فعل غيره، فرجع الفرق إلى أن للعبد على أحدهما قدرة يحصل بها الفعل دون الآخر، والفعل هو الكسب، لا يعقل شيئان في المحل، أحدهما فعل، والآخر كسب.
**[فصل من كلام الرافضي عن القدر عند أهل السنة " ومنها أنه يلزم أن نستعيذ بإبليس من الله تعالى " والرد عليه]
(فصل)
قال [الرافضي] : (2) " ومنها أنه يلزم (3) أن نستعيذ (4) بإبليس من الله تعالى، ولا يحسن قوله تعالى: {فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم} [سورة النحل: 98] لأنهم نزهوا إبليس (* والكافر من (5) المعاصي، وأضافوها إلى الله تعالى. فيكون الله تعالى على المكلفين شرا من إبليس *) (6) عليهم، تعالى الله عن ذلك ".
فيقال: هذا كلام ساقط (7) ، وذلك من وجوه:
**_________
(1) ن، م: الدور ومعلوم.
(2) الرافضي: زيادة في (ع) ، والكلام التالي في (ك) ، ص [0 - 9] 9 (م) .
(3) أ، ب: يلزمه ; ن: يستلزم.
(4) ن، أ: يستعيذ، وهو تحريف.
(5) ن، م: عن.
(6) ما بين النجمتين ساقط من (أ) .
(7) أ، ب: متناقض
============================== ==========
أحدها: إما أن يكون لإبليس فعل، وإما أن لا يكون له (1) فعل. فإن لم يكن له فعل امتنع أن يستعاذ به، فإنه حينئذ لا يعيذ أحدا ولا يفعل شيئا. وإن كان له فعل بطل تنزيهه عن المعاصي، فعلم أن هذا الاعتراض ساقط على قول مثبتة القدر ونفاته، وهو إيراد من غفل عن القولين، وكذلك (2) بتقدير أن لا يكون لإبليس فعل، فلا يكون منه (3) شر حتى يقال: إن غيره شر منه، فضلا عن أن (4) يقال: إن الله [تعالى] (5) شر من إبليس (6) .
فدعوى هذا أن هؤلاء يلزمهم أن يكون (7) الله شرا عليهم من إبليس - دعوى باطلة، إذ غاية ما يقوله القائل هو الجبر المحض (8) ، كما يحكى عن الجهم وشيعته، وغاية ذلك أن لا يكون (9) لإبليس ولا غيره قدرة ولا مشيئة ولا فعل، بل تكون حركته كحركة الهواء (10) ، وعلى هذا التقدير فلا يكون منه لا خير ولا شر، والله تعالى هو الخالق لهذا كله، فكيف يقال على هذا التقدير (11) إن بعض مخلوقاته شر منه.
**_________
(1) أ، ب: لإبليس.
(2) أ، ب: وذلك.
(3) أ، ب: له.
(4) أن: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(5) تعالى: ساقطة من (ن) ، (م) ، (ع) .
(6) أ، ب: شر منه.
(7) أ، ب: فدعوى هؤلاء أن يكون.
(8) أ: القائل هو الخبر المحض، ن: القائل الخير المحض، م: القائل بالجبر المحقق، ع: القائل بالجبر المحض.
(9) ن: أن لا يكونوا، م: لا يكون.
(10) أ: الهوى ; ب: الهوي.
(11) ساقط من (أ) ، (ب)
==========================
الثاني: أن يقال إنما تحسن الاستعاذة بإبليس لو كان يمكنه أن يعيذهم من الله، سواء كان الله خالقا لأفعال العباد أو لم يكن. وهؤلاء القدرية، كالمصنف وأمثاله هم (1) مع قولهم: إن إبليس يفعل ما لا يقدره الله (2) ، ويفعل بدون مشيئة الله ويكون في ملك الله ما لا يشاؤه (3) ، وإن الله لا يقدر (* على أن يحرك إبليس ولا غيره من الأحياء، ولا ينقلهم من عمل إلى عمل: لا من خير إلى شر، ولا من شر إلى خير، فهم مسلمون (4) مع هذا *) (5) القول والفعل والتسليط الذي أثبتوه لإبليس (6) من دون الله - أن إبليس لا يقدر أن يجير (7) على الله، ولا يعيذ أحدا منه، فامتنع على هذا أن يستعاذ به، ولو قدر - والعياذ بالله - ما ألزموه من كون غير إبليس شرا منه على الخلق لكنه مع هذا عاجز عن دفع (8) قضاء الله وقدره، فكان المستعيذ به، بل بسائر المخلوقين مخذولا.
كما قال تعالى: {لا تجعل مع الله إلها آخر فتقعد مذموما مخذولا} [سورة الإسراء: 22] وقال تعالى: {قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون - سيقولون لله قل فأنى تسحرون} [سورة
**_________
(1) هم زيادة في (ن) ، (م) .
(2) ن، م: يقدره الله عليه.
(3) ن، م: ما لا يشاؤه الله.
(4) ن: يسلمون.
(5) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
(6) ن، م: ولإبليس وهو خطأ.
(7) ع، أ: يجبر.
(8) ب فقط: رفع
============================== ==
المؤمنون: 88، 89] ، وقال تعالى: {مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون} [سورة العنكبوت: 41] .
[الوجه] (1) الثالث: أنه قد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول [في سجوده] (2) : " «اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وبك منك لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك» ". (3) . [وروي أنه كان يقول هذا في الوتر أيضا] (4) فإذا كان صلى الله عليه وسلم قد استعاذ ببعض صفاته وأفعاله من بعض، حتى استعاذ به منه، فأي امتناع أن (5) يستعاذ به من بعض مخلوقاته؟
الوجه الرابع: أن يقال: أهل السنة لا ينكرون أن يكون دعاء العبد
**_________
(1) الوجه ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) في سجوده: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) الحديث عن عائشة رضي الله عنها في: مسلم 1 352 كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود وأوله: فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من الفراش فالتمسته فوقعت يدي على بطن قدميه وهو في المسجد، وهما منصوبتان، وهو يقول: اللهم أعوذ برضاك. الحديث. وهو في: سنن أبي داود 1 322 كتاب الصلاة، باب في الدعاء في الركوع والسجود، سنن الترمذي 5 187 كتاب الدعوات باب رقم 78، سنن ابن ماجه 1 273 كتاب إقامة الصلاة باب ما جاء في القنوت في الوتر، المسند ط. الحلبي 6 58، 201.
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(5) ن: فأي امتناع من أن، م: فأي مانع من أن
=============================
لربه واستعاذته به سببا لنيل المطلوب ودفع المرهوب، كالأعمال الصالحة التي أمروا بها، فهم إذا استعاذوا بالله (1) من الشيطان، كان نفس استعاذتهم به سببا (2) لأن يعيذهم من الشيطان. وقد يوجد في بعض (3) المخلوقين من الظلمة القادرين (4) من يأمر بضرر (5) غيره ظلما وعدوانا، فإذا استجار به مستجير وذل له؛ دفع عنه ذلك الظالم الذي أمره هو بظلمه. ولله المثل الأعلى، وهو المنزه عن الظلم، وهو أرحم الراحمين، [وهو أرحم بعباده] (6) من الوالدة بولدها، فكيف يمتنع أن يستعاذ به من شر أسباب الشر التي قضاها بحكمته؟
الوجه الخامس: أن يقال: هذا الاعتراض باطل على طريقة الطائفتين. أما من لا يقول بالحكمة والعلة، فإنه يقول: إن الله خلق إبليس الضار لعباده، وجعل استعاذة العباد (7) به منه طريقا إلى دفع ضرره، كما جعل إطفاء النار طريقا إلى دفع حريقها، وكما جعل الترياق طريقا إلى دفع ضرر السم. وهو سبحانه خلق النافع والضار (8) ، وأمر العباد أن يستعملوا ما ينفعهم، ويدفعوا به ما يضرهم. ثم إن أعانهم على فعل ما أمرهم به كان محسنا إليهم، وإلا فله أن يفعل ما يشاء، ويحكم
**_________
(1) ن، م، ع: به.
(2) عبارة به سببا، ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) بعض: ساقطة من (أ) ، (ب) ، (ع) .
(4) ب فقط: الغادرين.
(5) ن، م: بضرب.
(6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(7) أ، ب: العائذ.
(8) ن: الضار والنافع
============================== =
ما يريد، إذ لا مالك فوقه، ولا آمر له، ولم يتصرف في ملك غيره، ولم يعص أمرا مطاعا.
وأما على الطريقة الثانية المثبتة للحكمة، فإنهم يقولون: خلق الله إبليس كما خلق الحيات والعقارب والنار وغير ذلك، لما في خلقه ذلك من الحكمة. وقد أمرنا أن ندفع الضرر عنا بكل ما نقدر عليه، ومن أعظم الأسباب استعاذتنا به [منه] ، فهو الحكيم (1) (2 في خلق إبليس وغيره، وهو الحكيم في أمرنا بالاستعاذة به [منه] (2) ، وهو الحكيم (3) 2) إذ (4) جعلنا نستعيذ به، وهو الحكيم في إعاذتنا منه، وهو الحكيم بنا في ذلك كله، المحسن إلينا المتفضل علينا، إذ هو أرحم بنا من الوالدة بولدها (5) إذ هو (6) الخالق لتلك الرحمة، فخالق الرحمة أولى بالرحمة من الرحماء.
الوجه (7) السادس: قوله: " لأنهم نزهوا إبليس والكافر (8) من المعاصي، وأضافوها إلى الله، [إلى آخره] " (9) - فرية عليهم، فإنهم متفقون على أن العاصي هو المتصف بالمعصية، المذموم عليها
**_________
(1) ن، م: استعاذتنا وهو الحكيم.
(2) منه: ساقطة من (ن) .
(3) ساقط من (م) فقط.
(4) ن، م، ع: إن.
(5) ع: من الوالد بولده.
(6) أ، ب: هو.
(7) الوجه: ساقطة من (ن) ، (م) .
(8) أ، ب: والكفار وسبق النص وفيه: والكافر.
(9) إلى آخره: زيادة في (أ) ، (ب)
============================== =
المعاقب عليها. والأفعال يتصف (1) بها (* من قامت به لا من خلقها، وإذا كان ما لا يتعلق بالإرادة، كالطعوم والألوان، يوصف بها *) (2) محالها لا خالقها في محالها، فكيف تكون الأفعال الاختيارية؟
والله تعالى إذا خلق الفواسق: كالحية والعقرب والكلب العقور، وجعل هذه الفواسق فواسق، هل يكون هو سبحانه موصوفا بذلك؟ وإذا خلق الخبائث: كالعذرة والدم والخمر، وجعل الخبيث خبيثا، هل يكون متصفا بذلك؟ وأين (3) إضافة الصفة إلى الموصوف بها التي قامت به، من إضافة المخلوق إلى خالقه؟ فمن لم يفهم هذا الفرقان (4) فقد سلب خاصية الإنسان.
[الوجه] (5) السابع: أن الله تعالى قد أمرنا أن نستعيذ من عذاب جهنم، وعذاب (6) القبر، وغير ذلك من مخلوقاته التي هي مخلوقاته (7) باتفاق المسلمين، فعلم أنه لا يمتنع أن نستعيذ (8) مما خلقه من الشر (9) كما قال تعالى: {قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق} [سورة الفلق: 1، 2] ، ولا فرق [في ذلك] (10) بين إبليس وغيره.
**_________
(1) ن، م: توصف.
(2) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
(3) ن: ولأن، م: لأن.
(4) أ، ب: هذين الفرقين.
(5) الوجه: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) ن، م: ومن عذاب.
(7) عبارة: التي هي مخلوقاته: ساقطة من (أ) ، (ب) ، وفي (ن) ، (م) التي هي مخلوقات.
(8) أ، ب: المسلمين فلم يمنع ذلك أن نستعيذ.
(9) أ، ب: من البشر، وهو تحريف.
(10) في ذلك: ساقطة من (ن) ، (م)
============================== =
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثالث
الحلقة (199)
صـ 217 إلى صـ 224
**[فصل من كلام الرافضي قوله: لا يبقى وثوق بوعد الله ووعيده]
(فصل)
قال [الرافضي] : (1) " ومنها أنه (2) لا يبقى وثوق بوعد الله ووعيده، لأنهم إذا جوزوا استناد (3) الكذب في العالم إليه، جاز أن يكذب في إخباراته كلها، فتنتفي فائدة بعثة الأنبياء (4) ، بل (5) وجاز منه إرسال الكذاب (6) ، فلا يبقى لنا طريق إلى تمييز الصادق من الأنبياء والكاذب ".
والجواب عن هذا من وجوه:
أحدها (7) : أنه تقدم غير مرة أنه فرق (8) بين ما خلقه صفة لغيره، وبين ما اتصف هو [به] (9) في نفسه، وفرق بين إضافة المخلوق إلى خالقه، وإضافة الصفة إلى الموصوف بها.
وهذا الفرق معلوم باتفاق العقلاء، فإنه إذا خلق (10) لغيره حركة لم يكن
**_________
(1) الرافضي: زيادة في (ع) ، والكلام التالي في (ك) ص [0 - 9] 9 (م) .
(2) ن، ع، أ، ب: أن.
(3) ن، م: إسناد.
(4) أ، ب، ع: البعثة للأنبياء.
(5) بل: ساقطة من (ب) فقط.
(6) ك: الكذابين.
(7) أحدها: ساقطة من (أ) ، وفي (ب) : الأول.
(8) ن: أنه لا فرق ; م: أن لا فرق، وكلاهما خطأ.
(9) به: ساقطة من (ن) ، وفي (م) : به هو.
(10) ع: فإذا خلق، ب: فإنه إذ خلق
==============================
هو المتحرك بها (1) ، وإذا خلق للرعد صوتا لم يكن هو المتصف بذلك الصوت، وإذا خلق الألوان في النباتات والحيوانات والجمادات لم يكن هو المتصف بتلك الألوان، وإذا خلق في غيره علما وقدرة وحياة لم تكن تلك المخلوقات في غيره صفات له، وإذا خلق في غيره عمى وصمما وبكما لم يكن هو الموصوف بذلك العمى (2) والبكم والصمم، وإذا خلق في غيره خبثا أو فسوقا لم يكن هو المتصف بذلك الخبث والفسوق، وإذا خلق في غيره كذبا وكفرا لم يكن هو المتصف بذلك الكذب وبذلك الكفر، كما أنه إذا قدر أنه (3) خلق فيه طوافا وسعيا ورمي جمار وصياما وركوعا وسجودا، لم يكن هو الطائف الساعي الراكع الساجد الرامي بتلك الحجارة (4) .
وقوله تعالى: {وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى} [سورة الأنفال: 17] معناه: ما أصبت إذ حذفت ولكن الله هو الذي أصاب، فالمضاف إليه الحذف باليد، والمضاف إلى الله تعالى الإيصال إلى العدو وإصابتهم به، وليس المراد بذلك ما يظنه بعض الناس أنه لما خلق الرامي [والرمي] (5) ، قالوا (6) : كان هو الرامي في الحقيقة، فإن ذلك لو كان صحيحا لكونه خالقا لرميه لاطرد ذلك في سائر الأفعال، فكان يقول:
**_________
(1) بها ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) ب: هو الموصوف بالعمى، أ: هذا الموصوف العمى
(3) عبارة " قدر أنه " ساقطة من (ب) ، وفي (أ) : قد خلق فيه، وفي (ع) : قدر أنه إذا.
(4) ن، م: والساعي والراكع والساجد والرامي بتلك الجمار.
(5) والرمي: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) قالوا: ساقطة من (أ) ، (ب) ، (ع)
============================
وما مشيت [إذا مشيت] (1) ولكن الله مشى، وما لطمت ولكن الله لطم، وما طعنت ولكن الله طعن، وما ضربت بالسيف ولكن الله ضرب، وما ركبت الفرس (2) ولكن الله ركب، وما صمت، وما صليت، وما حججت (3) ، ولكن الله صام وصلى وحج.
ومن المعلوم بالضرورة (4) بطلان هذا كله، وهذا (5) من غلو المثبتين للقدر. ولهذا يروى عن عثمان بن عفان [رضي الله عنه] (6) أنهم (7) كانوا يرمونه بالحجارة لما حصر (8) ، فقال لهم: لماذا ترمونني؟ (9) فقالوا: ما رميناك ولكن الله رماك. فقال: لو أن الله رماني لأصابني، ولكن أنتم ترمونني وتخطئونني.
وهذا مما احتج به القدرية النفاة على أن الصحابة لم يكونوا يقولون: إن الله خالق أفعال العباد. كما احتج بعض المثبتة (10) بقوله تعالى: {ولكن الله رمى} [سورة الأنفال: 17] وكلاهما خطأ. فإن الله إذا خلق في
**_________
(1) عبارة إذا مشيت: زيادة في (ع) .
(2) ن، م: الفرس إذ ركبت.
(3) ن، م: ولا صليت ولا حججت.
(4) بالضرورة: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(5) وهذا: ساقطة من (أ) ، ب.
(6) رضي الله عنه: ساقطة من (ن) ، (م) .
(7) أنهم: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(8) ن، م: لما حصر بالحجارة.
(9) أ، ب: لماذا ترمونني وتخطئونني.
(10) أ: كما احتج به المثبتة ; ب: كما احتج المثبتة
============================== =======
عبد (1) فعلا، لم يجب أن يكون ذلك المخلوق صوابا من العبد، كما أنه إذا خلق في الجسم طعما أو ريحا، لم يجب أن يكون [ذلك] (2) طيبا، وإذا خلق للعبد عينين (3) ولسانا، لم يجب أن يكون بصيرا ناطقا. فاستناد الكذب الذي في الناس، كاستناد جميع ما يكون في المخلوقين (4) من الصفات القبيحة والأحوال المذمومة وذلك لا يقتضي أنه في نفسه مذموم، ولا أنه موصوف بتلك الصفات. ولكن لفظ " الاستناد " لفظ مجمل. أتراه [أنه] (5) إذا استند إليه العجز المخلوق في الناس لكونه خالقه، يكون هو عاجزا؟ فهذا مما يبين فساد هذه الحجة (6) .
[الوجه] (7) الثاني: أنهم يجوزون أنه يخلق القدرة على الكذب مع علمه بأن (8) صاحبها يكذب، ويخلق القدرة على الظلم والفواحش مع علمه أن صاحبها يظلم ويفحش. ومعلوم أن الواحد منا (9) يجري تمكينه من القبائح وإعانته عليها مجرى فعله لها، فمن أعان غيره على الكذب بإعطاء أمور (10) يستعين بها على الكذب، كان بمنزلة الكذب (11) في القبح،
**_________
(1) أ، ب، م: عبده.
(2) ذلك: ساقطة من (ن) ، (ع) .
(3) أ: عينان، ن، م، ع: عينا.
(4) أ، ب: المخلوقات.
(5) أنه: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) أ، ب: هذه الحجة، والله أعلم.
(7) الوجه: ساقطة من (ن) ، (م) .
(8) أ، ب: أن.
(9) منا: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(10) ن: أعان على غيره من الكذب وأعطاه أمورا
(11) ن، م: الكذاب
==============================
فلا يجوز لنا أن نعين على إثم و [لا] عدوان (1) ، كما نهى (2) الله عن ذلك. فإن كان ما قبح منه قبح منا، فيلزم أن يجوزوا عليه إذا أعان على الكذب أن يكذب، ويلزمهم (3) المحذور.
فإن قالوا: إنما أعطاه القدرة ليطيع لا ليعصي.
قيل: إذا كان عالما بأنه يعصي كان بمنزلة من يعطي (4) الرجل سيفا ليقاتل به الكفار مع علمه بأنه يقتل به نبيا، وهذا لا يجوز في حقنا، فإن من فعل فعلا لغرض مع علمه بأن الغرض (5) لا يحصل به كان سفيها فينا، والله تعالى منزه عن ذلك. فعلم أن حكمه في أفعاله مخالف لأفعال عباده (6) ، وإن عللوا ذلك بعلة يمكن استقامتها. قيل لهم: وكذلك ما يخلقه في غيره له حكمة، كما للإعانة عليه بالقدرة حكمة.
الوجه الثالث: أن يقال: ليس كل ما كان قادرا عليه وهو ممكن نشك في وقوعه، بل نحن نعلم بالضرورة أنه لا يفعل أشياء مع أنه قادر عليها وهي ممكنة. فنعلم أنه لا يقلب البحار أدهانا، ولا الجبال يواقيت، ولا يمسخ جميع الآدميين (7) ثعالب، ولا يجعل الشمس والقمر عودي ريحان، وأمثال هذه الأمور التي لا تحصى. وعلمنا بأن الله منزه عن الكذب وأنه يمتنع عليه - أعظم من علمنا بهذا.
**_________
(1) ن، م: وعدوان.
(2) ن، م: كما نهانا.
(3) ن، م: ويلزم.
(4) ن، ع: أن أعطى، م: أن يعطى.
(5) ساقط من (أ) ، (ب) .
(6) ن، م: العباد.
(7) أ، ب: العالمين
============================== ==
[الوجه] (1) الرابع: أنا نقول: نحن نعلم أن الله موصوف (2) بصفات الكمال، وأن كل كمال ثبت (3) لموجود فهو أحق به، وكل نقص تنزه (4) عنه موجود فهو أحق بالتنزيه عنه. ونحن نعلم (5) أن الحياة والعلم والقدرة صفات كمال، فالرب تعالى أحق أن يتصف بها من العباد. وكذلك الصدق هو صفة كمال، فهو أحق بالاتصاف به من كل من اتصف به، كما قال تعالى: {الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ومن أصدق من الله حديثا} [سورة النساء: 87] . وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته: " «إن أصدق الكلام كلام الله» " (6) .
[الوجه] (7) الخامس: أن يقال: [قد] (8) اتفق السلف وأتباعهم على أن كلام الله غير مخلوق بل قائم به. ثم تنازعوا: هل يتكلم بمشيئته وقدرته؟
**_________
(1) الوجه: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) أ، ب: يوصف.
(3) ن: يثبت.
(4) أ، ب: ينزه.
(5) ن، م: ونعلم.
(6) في سنن النسائي 3 53 كتاب صلاة العيدين، باب كيف الخطبة. عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته: يحمد الله ويثني عليه بما هو أهله، ثم يقول: من يهده الله فلا مضل له، ومن يضله فلا هادي له، إن أصدق الحديث كتاب الله. . . الحديث. وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فيما رواه ابن ماجه في سننه 1 18 المقدمة، باب اجتناب البدع والجدل، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنما هما ثنتان: الكلام والهدى، فأحسن الكلام كلام الله.
(7) الوجه: ساقطة من (ن) ، (م) .
(8) قد: ساقطة من (ن) ، (م)
============================== =
على قولين [معروفين] . فالأول (1) : قول السلف والجمهور. والثاني: قول ابن كلاب ومن تبعه (2) .
ثم تنازع أتباع ابن كلاب هل القديم الذي لا يتعلق بمشيئته (* وقدرته معنى قائم [بذاته] (3) ، أو حروف (4) ، أو حروف وأصوات أزلية؟ على قولين. [كما قد بسط في موضعه] (5) .
وإذا كان كذلك فمن قال: إنه لا يتعلق بمشيئته امتنع أن يقوم به غير *) (6) ما اتصف به، والصدق عندهم هو العلم أو معنى يستلزمه العلم (7) . ومعلوم أن علمه من لوازم ذاته، ولوازم العلم من لوازم ذاته، فيكون الصدق من لوازم ذاته (8) ، فيمتنع اتصافه بنقيضه، فإن لازم الذات القديمة الواجبة بنفسها يمتنع (9) عدمه كما يمتنع عدمها، فإن عدم اللازم يقتضي عدم الملزوم. وأيضا فالصدق والكذب حينئذ مثل البصر والعمى، والسمع والصمم، والكلام والخرس، وكما وجب أن يتصف بالبصر دون العمى، وبالسمع دون الصمم، وبالكلام دون الخرس (10) ، وجب أيضا أن يتصف (11) بالصدق دون الكذب.
**_________
(1) ن، م: على قولين، الأول.
(2) ن، م: تابعه.
(3) بذاته: ساقطة من (ن) .
(4) عبارة أو حروف ساقطة من (ب) فقط، وفي (ن) : قائم حروف.
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) .
(6) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
(7) العلم: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(8) ساقط من (أ) ، (ب) وسقطت عبارة " ولوازم العلم من لوازم ذاته " من (ع) .
(9) أ، ب: ممتنع.
(10) ساقط من (أ) ، (ب) .
(11) وكما وجب أن يتصف ب: فوجب أن يتصف
==========================
وأما من قال: الكلام يتعلق بمشيئته وقدرته، فهؤلاء عامتهم يقولون: إنه يتكلم لحكمة ويفعل لحكمة، وأنه سبحانه منزه عن فعل القبيح. وأدلة هؤلاء على تنزيهه عن فعل (1) القبائح أعظم من أدلة المعتزلة وأقوى، فإن كل دليل يدل على تنزيهه عن فعل قبيح منفصل عنه - فإنه يدل على تنزيهه عن فعل قبيح يقوم به بطريق الأولى والأحرى، فإن كون ما يقوم به من القبائح نقصا هو أظهر من كون فعل المستقبحات المنفصلة نقصا، فإذا امتنع هذا فذاك أولى بالامتناع.
[الوجه] : السادس (2) أن يقال: الأدلة العقلية دلت على امتناع اتصافه سبحانه بالنقائص والقبائح وإنما يتصف بما يقوم به منها. والكلام قائم بالمتكلم، فيمتنع أن يتكلم بكذب ; لأن كلامه قائم به، فيمتنع أن يقوم به القبيح الذي اختاره. وهذا طريق يختص به أهل الإثبات لتنزيهه عن الكذب. والمعتزلة لا يمكنهم ذلك ; لأن كلامه منفصل عنه عندهم. فإذا قال لهم [هؤلاء] (3) المثبتة: الدليل إنما دل على تنزيهه عن الاتصاف في نفسه بالقبائح وعن فعله لها، والفعل ما قام بالفاعل، وأما المنفصل فهو مفعول له، لا فعل له، وأنتم لم تذكروا دليلا على امتناع وقوع ذلك في مفعولاته، وهو محل النزاع كانت (4) حجة هؤلاء حجة ظاهرة على القدرية.
**_________
(1) فعل: زيادة في (ن) ، (م) .
(2) ن، م: فذاك أولى، السادس. . . . .
(3) هؤلاء: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) أ، ب: كان
===========================
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثالث
الحلقة (200)
صـ 225 إلى صـ 232
[الوجه] (1) السابع: أن كلامه القائم بذاته غير مخلوق عند أهل السنة، فإن الكلام صفة كمال، فلا بد أن يتصف (2) بها، سواء قالوا (3) : إنه لا يتعلق بمشيئته وقدرته، وهو معنى قائم بالنفس، أو هو حروف وأصوات قديمة. أو قالوا: (4) إنه يتعلق بمشيئته [وقدرته] ، أو إنه تكلم بعد أن لم يكن متكلما، أو إنه لم يزل متكلما إذا شاء.
فعلى الأقوال كلها هو قائم بذاته، والكذب صفة نقص كالصمم والبكم والعمى (5) ، والله منزه (6) عن قيام النقائص به، مع أنه يخلق خلقه متصفين بالنقائص، فيخلق العمى والصمم والبكم ولا يقوم به ذلك، فكذلك (7) يخلق الكذب في الكاذب ولا يقوم به الكذب (8) .
[الوجه] (9) الثامن أن [يقال] (10) : هذا السؤال وارد عليهم، فإنهم يقولون: إن الله يخلق في غيره كلاما يكون هو كلامه، مع كونه قائما بغيره، وهو محدث مخلوق. والكلام الذي يتكلم به العباد هو عندهم
**_________
(1) الوجه: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) ن، م: يوصف.
(3) أ، ب: قال.
(4) ن، م: بمشيئته وأنه يتكلم، ع: بمشيئته وقدرته أو أنه يتكلم.
(5) والعمى: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(6) ن، م: وأنه منزه.
(7) أ، ب: فلذلك، ن، م: وكذلك.
(8) ن، م، ع: كذب.
(9) الوجه: ساقطة من (ن) ، (م) .
(10) يقال: ساقطة من (ن) ، (م)
============================== ===
ليس مخلوقا له ولا هو كلامه، فإذا (1) كان هذا صدقا وهذا صدقا، فلا بد أن يعرفوا أن هذا كلامه وليس هذا بكلامه.
**[الرد على قول الرافضي: وجاز منه إرسال الكذاب والرد عليه]
وأما قوله: " وجاز [منه] (2) إرسال الكذاب " فجوابه من وجوه.
أحدها: أنه لا ريب أن الله يرسل الكذاب، كإرسال الشياطين في قوله: {ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا} [سورة مريم: 83] ، و [يبعثهم] كما في قوله (3) تعالى: {بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد} [سورة الإسراء: 5] ، لكن هذا لا يكون إلا مقرونا بما يبين كذبهم، كما في مسيلمة الكذاب والأسود العنسي. ولكن ليس (4) في مجرد إرسال الكذاب ما يمنع التمييز بينه وبين الصادق، كما أنه يرسل الظالم، وليس في إرساله ما يمنع التمييز بينه وبين العادل، ويرسل الجاهل والفاجر (5) والأعمى والأصم، وليس في إرسال هؤلاء ما يمنع التمييز بينهم وبين غيرهم. ولفظ " الإرسال " يتناول إرسال الرياح وإرسال الشياطين وغير ذلك.
الثاني: أن يقال: هم يجوزون أن يخلق من يعلم أنه كاذب وإعطاءه القدرة على الكذب، كما خلق مسيلمة [الكذاب] (6) والعنسي. فإن كان
**_________
(1) ن، م: فإن.
(2) منه: ساقطة من (ن) ، (م) ، (ع) ، (أ) .
(3) ن، م: وكما في قوله.
(4) أ، ب: وليس.
(5) م، أ، ب: ويرسل العاجز، ن: يرسل العاجز والجاهل.
(6) الكذاب: زيادة في (أ) ، (ب)
=========================
خلقه لهذا جائزا، مع أنه ميز بينه وبين الصادق. كذلك خلق الكذاب بكذبه (1) .
الثالث: أنه إذا خلق من يدعي النبوة وهو كاذب، فإن قالوا: يجوز إظهار أعلام الصدق عليه، كان هذا ممنوعا، وهو باطل بالاتفاق. وإن قالوا: لم يجز ذلك، لم يكن مجرد دعوى النبوة بلا علم على الصدق ضارا (2) ، فإن الشخص لو ادعى أنه طبيب أو صانع (3) بلا دليل يدل على صدقه لم يلتفت إليه، فكيف بمدعي (4) النبوة؟
وإن قالوا: (5) إذا جوزتم عليه أن يخلق الكذب في الكذاب، فجوزوا عليه أن يظهر على يديه أعلام الصدق.
قيل: هذا ممتنع ; لأن أدلة الصدق تستلزم الصدق، لأن الدليل مستلزم للمدلول، فإظهار أعلام الصدق على [يد] الكذاب (6) ممتنع لذاته، فلا يمكن بحال.
وإن قالوا: فجوزوا أن يظهر على يديه خارق.
قلنا: نعم، فنحن (7) نجوز أن يظهر الخارق على [يد من] يدعي (8)
**_________
(1) أ: الكذاب به، ب: الكذب به.
(2) ن، م: ضارة.
(3) ن: صايع.
(4) أ، ب: يدعي، ن: مدعي، م: من يدعي.
(5) أ، ب: وإذا قيل، م: فإذا قالوا.
(6) ن، ع: على الكذاب، م: للكذاب.
(7) ن، م، ع: ونحن.
(8) ن: على مدعي، ع: على يد مدعي، أ، ب: على يدي من يدعي
==============================
الإلهية كالدجال ; لأن (1) ذلك لا يدل على صدقه، لظهور (2) كذبه في دعوى الإلهية، والممتنع ظهور دليل الصدق على الكذاب.
فإن قالوا: فجوزوا ظهور الخوارق (3) على [يد] مدعي (4) النبوة مع كذبه.
قلنا: [نعم] (5) ، ويجوز ذلك على وجه لا يدل على صدقه، مثل ما يظهر السحرة والكهان من الخوارق المقرونة بما يمنع صدقهم. والكلام على هذا مبسوط في موضعه (6) .
[الوجه] الرابع: (7) أن دليل النبوة وأعلامها (8) وما به يعرف صدق النبي ليست محصورة (9) في الخوارق، بل طرق معرفة الصدق متنوعة، كما أن طرق معرفة الكذب متنوعة، كما قد بسط في موضعه (10) .
**[فصل من كلام الرافضي قوله في مسألة القدر عند أهل السنة يلزم تعطيل الحدود والزواجر عن المعاصي]
(فصل)
قال [الرافضي] (11) : " ومنها أنه يلزم تعطيل الحدود والزواجر عن
**_________
(1) أ، ب: فإن.
(2) أ: في ظهور، ب: مع ظهور.
(3) ن، م، ع: الخارق.
(4) ن: على من يدعي، أ، ب: على يدي المدعي، م: على يد من يدعي.
(5) نعم: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) أ، ب: في مواضعه، والله أعلم.
(7) ن: الرابع، م: فصل، وهو خطأ.
(8) ن، م: دلائل النبوة وعلائمها.
(9) ن، م: منحصرة.
(10) أ، ب: في موضعه، والله أعلم.
(11) الرافضي: زيادة في (ع) ، والكلام التالي في (ك) ص [0 - 9] 0 (م)
============================== ==
المعاصي، فإن الزنا إذا كان واقعا بإرادة الله تعالى، والسرقة إذا صدرت عن الله، وإرادته هي المؤثرة (1) [لم يجز] (2) للسلطان (3) المؤاخذة عليها ; لأنه يصد السارق عن مراد الله، ويبعثه على ما يكرهه الله. ولو صد الواحد منا غيره عن (4) مراده، وحمله على ما يكرهه، استحق منه اللوم. ويلزم أن يكون الله مريدا للنقيضين ; لأن المعصية مرادة لله، والزجر عنها مراد له أيضا ".
فيقال: فيما قدمناه ما يبين الجواب عن هذا، لكن نوضح جواب هذا [إن شاء الله تعالى] (5) من وجوه:
أحدها: أن الذي قدره وقضاه من ذلك هو ما وقع، دون ما لم يكن [بعد] (6) . وما وقع لا يقدر (7) أحد أن يرده، وإنما يرد بالحدود والزواجر (8) ما لم يقع بعد، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن.
فقوله: " لأنه يصد السارق عن مراد الله " (9) [كذب منه ; لأنه إنما
**_________
(1) ك: من الله تعالى وإرادته المؤثرة.
(2) لم يجز: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) ن، م: لسلطان.
(4) ك: من.
(5) ما بين المعقوفتين زيادة في (أ) ، (ب) .
(6) بعد: ساقطة من (ن) ، (م) .
(7) ن، م: لم يقدر.
(8) ن، م: بالحدود الزواجر.
(9) بعد عبارة " عن مراد الله " يوجد سقط طويل في نسختي (ن) (م) سأشير إلى نهايته عند موضعه بإذن الله
============================== =====
يصده عما لم يقع بعد وما لم يقع لم يرده الله. ولهذا لو حلف: ليسرقن هذا المال إن شاء الله، ولم يسرقه لم يحنث باتفاق المسلمين ; لأن الله لم يشأ سرقته.
ولكن القدرية عندهم الإرادة (1) لا تكون إلا بمعنى الأمر فيزعمون أن السرقة إذا كانت مرادة كانت مأمورا بها.
وقد أجمع المسلمون، وعلم بالاضطرار من دينهم، أن الله لم يأمر بالسرقة. ومن قال: إن ما وقع منها مراد، يقول: إنه مراد غير مأمور به، فلا يقول أنه مأمور به إلا كافر. لكن هذا قد (2) يقال للمباحية المحتجين (3) بالقدر على المعاصي، فإن منهم من لا يرى أن يعارض الإنسان فيما يظنه مقدرا عليه (4) من المعاصي، ومنهم من يرى أن يعاونه على ذلك معاونة، لما ظن أنه مراد، وهذا الفعل (5) - وإن كان محرما ومعصية - فهم لم يصدوا عن مراد الله. فتبين أن الصد عن مراد الله ليس واقعا على كل تقدير.
الوجه الثاني: أن يقال: قد تقدم (6) أن تناهي الناس عن المعاصي، والقبائح، والظلم، ودفع الظالم (7) ، وأخذ حق المظلوم منه، ورد احتجاج
**_________
(1) أ، ب: الإرادة عندهم.
(2) قد: زيادة في (ع) .
(3) أ، ب: للمباحثة للمحتجين، وهو تحريف، والمقصود بهم أهل الإباحة الذين يحتجون بالقدر على المعاصي ويبيحون المحرمات.
(4) ع: مقدورا عليه.
(5) أ: أنه مريد وهذا الفعل، ب: أنه مريد هذا الفعل.
(6) ع: أنه قد تقدم.
(7) ع: الناس عن القبائح والمظالم ودفع المظالم
============================== ======
من احتج على ذلك بالقدر أمر مستقر في فطر جميع الناس وعقولهم مع إقرار جماهيرهم (1) بالقدر، وأنه لا يمكن صلاح حالهم ولا بقاؤهم في الدنيا إذا مكنوا كل أحد أن يفعل ما يشاء من مفاسدهم ويحتج بالقدر، وقد بينا (2) أن المحتجين بالقدر على المعاصي إذا طردوا قولهم كانوا أكفر من اليهود والنصارى، وهم شر من المكذبين بالقدر (3) .
الوجه الثالث أن الأمور المقدورة بالاتفاق إذا كان فيها فساد يحسن ردها وإزالتها بعد وقوعها (4) ، كالمرض ونحوه فإنه من فعل الله بالاتفاق مراد لله، ومع هذا يحسن من الإنسان أن يمنع وجوده بالاحتماء واجتناب أسبابه، ويحسن منه السعي في إزالته بعد حصوله، وفي هذا (5) إزالة مراد الله.
وإن قيل: إن قطع السارق يمنع مراد الله كان شرب الدواء لزوال المرض مانعا (6) لمراد الله، وكذلك دفع (7) السيل الآتي من صبب، والنار التي تريد أن تحرق الدور، وإقامة الجدار الذي يريد أن ينقض، كما أقام الخضر ذلك الجدار. وكذلك إزالة الجوع الحاصل بالأكل وإزالة البرد الحاصل (8) بالاستدفاء، وإزالة الحر بالظل.
**_________
(1) أ، ب: جميعهم.
(2) ع: وبينا.
(3) أ، ب: بالقدر، والله أعلم.
(4) أ، ب: يحسن رده وإزالته بعد وقوعه.
(5) أ، ب: وفي هذه.
(6) ع: منعا.
(7) دفع: زيادة في (ب) فقط.
(8) الحاصل: ساقطة من (ع)
============================== =
وقد قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: «يا رسول الله أرأيت أدوية نتداوى بها ورقى نسترقي بها وتقاة نتقيها هل ترد من قدر الله شيئا؟ قال: " هي من قدر الله» ". (1) .
فبين صلى الله عليه وسلم أنه يرد قدر الله بقدر الله إما دفعا وإما رفعا، إما دفعا لما انعقد سبب لوجوده، وإما رفعا لما وجد كرفع المرض ودفعه، ومن هذا قوله تعالى: {له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله} [سورة الرعد 11]] قيل: معقبات من أمر الله يحفظونه (2) وقيل: يحفظونه من أمر الله الذي ورد ولم يحصل (3) يحفظونه أن يصل إليه (4) وحفظهم بأمر الله.
الوجه الرابع قوله: ويلزم أن يكون الله مريدا للنقيضين ; لأن المعصية مرادة لله، والزجر عنها مراد الله. كلام ساقط فإن النقيضين ما لا يجتمعان ولا يرتفعان، أو ما لا يجتمعان وهما المتضادان.
**_________
(1) الحديث مع اختلاف في الألفاظ عن ابن أبي خزامة عن أبيه في سنن الترمذي 3 270 كتاب الطب باب ما جاء في الرقى والأدوية، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، 3 308 كتاب القدر باب ما جاء لا ترد الرقى ولا الدواء من قدر الله شيئا. وانظر تعليق الترمذي، سنن ابن ماجه 2 1137 كتاب الطب، باب ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء. المسند ط الحلبي 3 421، المستدرك للحاكم بمعناه عن حكيم بن حزام رضي الله عنه 1 32، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ثم لم يخرجاه. ووافقه الذهبي.
(2) ساقط من (أ) ، (ب) .
(3) ع: ولم يصل.
(4) أ: إليهم، وهو خطأ
============================== ===
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثالث
الحلقة (201)
صـ 233 إلى صـ 240
والزجر ليس عما وقع وأريد، بل هو عقوبة على الماضي وزجر عن المستقبل، والزجر الواقع بإرادته إن حصل مقصوده [١] لم يحصل المزجور عنه فلم يرده فيكون المراد الزجر فقط، وإن لم يحصل مقصوده لم يكن زجرا تاما بل يكون المراد فعل هذا الزاجر [٢] وفعل ذاك، كما يراد ضرب هذا لهذا بهذا السيف [٣] وحياة هذا، وكما يراد المرض المخوف [٤] الذي قد يكون سببا للموت، ويراد معه الحياة.
فإرادة [٥] السبب ليست موجبة لإرادة المسبب، إلا إذا كان السبب تاما موجبا. [٦] والزجر سبب للانزجار والامتناع كسائر الأسباب، كما أن المرض المخوف سبب للموت، وكما أن الأمر بالفعل والترغيب فيه سبب لوقوعه، ثم قد يقع المسبب [٧] وقد لا يقع، فإن وقع كانا مرادين، وإلا كان المراد ما وقع خاصة [٨] .
الوجه الخامس أنه قد تقدم أن الإرادة نوعان: نوع بمعنى المشيئة لما خلق، فهذا متناول [٩] لكل حادث دون ما لا [١٠] يحدث، ونوع بمعنى المحبة لما أمر به فهذا إنما يتعلق [١١] بالطاعات، وإذا كان كذلك فما
---------------------------------------------------------------
(١)
أ: بإرادة أن يحصل مقصوده.
(٢)
أ، ب: الزجر.
(٣)
ع: لهذا بالسيف.
(٤)
أ: المرض للخوف.
(٥)
أ، ب: وإرادة.
(٦)
أ، ب: موجودا.
(٧)
أ: السبب، وهو تحريف.
(٨)
ع: خاصة، والله أعلم.
(٩)
ع: فهذه متناولة.
(١٠) ع: ما لم.
(١١) ع: فهذه إنما تتعلق.
****************************** ********************
وقع من المعاصي فهو مراد بالمعنى الأول، فإنه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، فكل ما وقع فقد شاء كونه، والزجر عنها مراد بالمعنى الثاني فإنه يحب النهي عن المنكر ويرضاه ويثيب فاعله، بخلاف المنكر نفسه فإنه لا يحبه ولا يرضاه ولا يثيب فاعله، ثم الزجر إنما يكون عما لم يقع، والعقوبة تكون على ما [١] وقع، فإذا وقعت سرقة بالقضاء والقدر وقد أمر الله سبحانه بإقامة الحد [٢] فيها فإقامة الحد مأمور به يحبه ويرضاه ويريده إرادة أمر لا إرادة خلق، فإن أعان عليه كان قد أراده خلقا، وكان حينئذ إقامة الحد مرادة شرعا وقدرا، خلقا وأمرا، قد شاءها وأحبها [٣] .
وإن لم يقع كان ما وقع من المعصية قد شاءه خلقا ولم يرده ولم يحبه شرعا.
ويذكر أن رجلا سرق فقال لعمر: سرقت بقضاء الله وقدره، فقال له: وأنا [٤] أقطع يدك بقضاء الله وقدره.
وهكذا يقال لمن تعدى حدود الله وأعان العباد على عقوبته الشرعية كما يعين المسلمين على جهاد الكفار: إن الجميع [٥] واقع بقضاء الله وقدره لكن ما أمر به يحبه ويرضاه ويريده شرعا ودينا كما شاءه خلقا وكونا بخلاف ما نهى عنه.
============================== ======
(١)
ع: عما.
(٢)
أ: الحدود.
(٣)
أ: مرادة شرعا وقدرا خلقا، ومرادا قد شاءها وأحبها، ب: مرادة شرعا، وقد أرادها خلقا وأمرا، وقد شاءها وأحبها.
(٤)
ع: فقال أنا.
(٥)
ب فقط: الكفار مع أن الجميع.
****************************** *********
[فصل كلام الرافضي على دلالة العقل عنده على الأفعال الاختيارية والرد عليه]
فصل
قال الرافضي [١] : ومنها أنه يلزم مخالفة [٢] المعقول والمنقول، أما المعقول [٣] فلما تقدم من العلم الضروري باستناد أفعالنا الاختيارية [٤] إلينا، ووقوعها بحسب إرادتنا، فإذا أردنا الحركة [٥] يمنة لم تقع يسرة وبالعكس، والشك في ذلك عين [٦] السفسطة.
فيقال: الجواب من وجوه.
أحدها: أن جمهور أهل السنة قائلون بهذا، وأن أفعال الإنسان الاختيارية مستندة إليه، وأنه فاعل لها ومحدث لها. وإنما ينازع [٧] في هذا من يقول إنها ليست فعلا للعبد، ولا لقدرته تأثير فيها، ولا أحدثها العبد. وهؤلاء طائفة من متكلمي أهل الإثبات. والجمهور من أهل السنة [٨] لا يقولون بذلك، كما جاءت به النصوص فإن [٩] الله ورسوله وصف العبد بأنه يعمل ويفعل.
==============================
(١)
الرافضي: زيادة في (ع) ، والكلام التالي في (ك) ، ص [٠ - ٩] ٠ (م) .
(٢)
ك: أنه يلزم منه مخالفة.
(٣)
أ: فالمعقول.
(٤)
أ، ب: الضرورية الاختيارية، وهو خطأ.
(٥)
أ: فإذا أراد بالحركة، وهو تحريف.
(٦)
أ: غير، وهو تحريف.
(٧)
أ، ب: تنازع.
(٨)
لا: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(٩)
أ، ب: بأن.
****************************** ********
الوجه الثاني أن يقال: بل النفاة خالفوا العلم الضروري [١] فإن كون العبد مريدا فاعلا بعد أن لم يكن فاعلا [٢] أمر حادث بعد أن لم يكن، فإما أن يكون له محدث [٣] وإما أن لا يكون له محدث، فإن لم يكن له محدث لزم حدوث الحوادث بلا محدث، وإن كان له محدث فإما أن يكون هو العبد أو الرب تعالى أو غيرهما.
فإن كان هو [٤] العبد فالقول في إحداثه لتلك الفاعلية كالقول في إحداث أحداثها، ويلزم التسلسل، وهو هنا باطل بالاتفاق، لأن العبد كائن بعد أن لم يكن فيمتنع أن تقوم به حوادث لا أول لها.
وإن كان غير الله فالقول فيه كالقول في العبد فتعين أن يكون الله هو الخالق لكون العبد مريدا فاعلا وهو المطلوب.
وأهل السنة يقولون بهذا العلم الضروري فيقولون [٥] : إن العبد فاعل والله خلقه فاعلا [٦] والعبد مريد مختار والله جعله مريدا مختارا.
قال الله تعالى: {إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا - وما تشاءون إلا أن يشاء الله} [سورة الإنسان ٢٩، ٣٠] وقال تعالى: {لمن شاء منكم أن يستقيم - وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين} [سورة التكوير ٢٨، ٢٩] .
============================== =====
(١)
ع: العلوم الضرورية.
(٢)
فاعلا: ساقطة من (ع) .
(٣)
له محدث: زيادة في (أ) ، (ب) .
(٤)
هو: زيادة في (ع) .
(٥)
ع: بهذا العلم الضروري وبذلك العلم الضروري فيقولون.
(٦)
أ: والله خالقه فاعل، ب: والله خالق فعله.
****************************** ****
فأثبت مشيئة العبد، وجعلها لا تحصل إلا بمشيئة الله تعالى، وقال الخليل صلى الله عليه وسلم: [١] {رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي} [سورة إبراهيم: ٤٠] .
وقال: {فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم} [سورة إبراهيم: ٣٧] .
وقال هو وإسماعيل صلى الله عليهما وسلم [٢] : {ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك} [سورة البقرة ١٢٨] .
وقال: {وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا} [سورة الأنبياء: ٧٣] .
وقال: {وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار} [سورة القصص ٤١] ، وأمثال ذلك في الكتاب والسنة.
فدليلهم [٣] اقتضى مشيئة العبد وأنه فاعل بالاختيار [٤] وهذا الدليل اقتضى أن هذه المشيئة والاختيار حصلت بمشيئة الرب فكلا [٥] الأمرين حق.
فمن قال: إن العبد لا مشيئة له ولا اختيار، أو قال: إنه لا قدرة [له] [٦] أو أنه لم يفعل ذلك الفعل أو لا [٧] أثر لقدرته فيه ولم يحدث تصرفاته [٨] فقد أنكر موجب الضرورة الأولى.
============================== ==
(١)
صلى الله عليه وسلم: ليست في (ع) .
(٢)
صلى الله عليهما وسلم: ليست في (ع) .
(٣)
عند كلمة "فدليلهم" ينتهي السقط الطويل في نسختي (ن) ، (م) الذي أشرت إليه من قبل، ص [٠ - ٩] ٢٩
(٤)
ع: فعل بالاختيار.
(٥)
أ، ب: وكلا.
(٦)
له: ساقطة من (ن) ، (م) .
(٧)
ن، م، ع: ولا.
(٨)
ب فقط: ولم تحدث تصرفا به.
****************************** ****************
ومن قال: إن إرادته وفعله حدثت بغير سبب اقتضى حدوث ذلك وأن العبد أحدث ذلك وحاله عند إحداثه كما كان قبل إحداثه، بل خص أحد الزمانين بالإحداث من غير [١] سبب اقتضى تخصيصه، وأنه صار مريدا فاعلا محدثا بعد أن لم يكن كذلك [٢] ، من غير شيء جعله كذلك، فقد قال بحدوث الحوادث بلا فاعل.
وإذا قالوا: الإرادة لا تعلل كان [هذا] [٣] كلاما لا حقيقة له، فإن الإرادة أمر حادث فلا بد له من محدث، وهذا كما قالوا: إن البارئ يحدث إرادة لا في محل بلا سبب اقتضى حدوثها ولا إرادة فارتكبوا [٤] ثلاث محالات: حدوث حادث [٥] بلا إرادة من الله، وحدوث حادث بلا سبب حادث، وقيام الصفة بنفسها لا في محل.
وإن شئت قلت: كونه مريدا أمر ممكن، والممكن [٦] لا يترجح [وجوده على عدمه ولا يترجح] [٧] أحد طرفيه على الآخر إلا بمرجح تام.
وهذا مما يحتج به الرازي عليهم وهو صحيح في نفسه لكنه تناقض في مسألة حدوث العالم [٨] .
==========================
(١)
م: من دون.
(٢)
كذلك، ساقطة من (أ) ، (ب) ، (م) .
(٣)
هذا: ساقطة من (ن) ، (م) .
(٤)
ن، م: فأثبتوا.
(٥)
أ، ب: حوادث.
(٦)
والممكن: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(٧)
ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(٨)
أ: في نفسه يناقض في مسألة حدوث العالم، ب: يناقض مسألة حدوث العالم، ع: في نفسه لكنه تناقض في نفس حدوث العالم.
****************************** **************
والحجة التي ذكرها هذا الإمامي مذكورة عن أبي الحسين البصري [١] وهي صحيحة كما أن الأخرى صحيحة فيجب القول [٢] بهما جميعا، [مع أن جمهور [٣] القدرية يقولون: العلم بكون العبد محدثا لأفعاله نظري لا ضروري، وهؤلاء يخالفون أبا الحسين.
وأبو الحسين يقول مع ذلك: إن الفعل يتوقف على الداعي والقدرة وعندهما يجب الفعل، وهو حقيقة قول أهل الإثبات، ولهذا يعبر غير واحد منهم بنحو ذلك كأبي المعالي والرازي وغيرهما.
لكن إذا قيل مع ذلك: إن الله خالق أفعال العباد أمكن الجمع بينهما عند من يقول إن الله خلق الأشياء بالأسباب.
ومن لم يقل ذلك يقول: خلق الفعل عند هذه الأمور لا بها، وهو قول من لم يجعل للقدرة أثرا في مقدورها كالأشعري وغيره] [٤] .
فإن قيل: كيف يكون الله محدثا لها والعبد محدثا لها.
قيل: إحداث الله لها بمعنى أن خلقها [منفصلة عنه قائمة بالعبد] [٥] فجعل العبد فاعلا لها بقدرته ومشيئته [٦] التي خلقها الله [تعالى] ،
============================== ===
(١)
ن: مأخوذة عن الحسن البصري، م: مأخوذة من أبي الحسين.
(٢)
ن، م: فصح القول.
(٣)
عند عبارة مع أن جمهور القدرية، يوجد سقط في نسختي (ن) ، (م) .
(٤)
هنا ينتهي السقط في نسختي (ن) ، (م) .
(٥)
ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(٦)
ن، م: بمشيئته وقدرته.
****************************** ***************
وإحداث العبد لها [١] بمعنى أنه حدث منه هذا الفعل [القائم به] [٢] بالقدرة والمشيئة التي خلقها الله فيه.
وكل من الإحداثين مستلزم للآخر وجهة الإضافة مختلفة [فما أحدثه الرب فهو مباين له قائم بالمخلوق وفعل العبد الذي أحدثه قائم به] [٣] فلا يكون العبد فاعلا للفعل بمشيئته وقدرته حتى يجعله الله كذلك فيحدث [٤] قدرته ومشيئته والفعل الذي كان بذلك وإذا جعله الله فاعلا وجب [٥] وجود ذلك.
فخلق الرب لفعل العبد يستلزم وجود الفعل، وكون العبد فاعلا له بعد أن لم يكن يستلزم كون الرب خالقا له، بل جميع الحوادث بأسبابها هي من هذا الباب [٦] .
[فإن قيل: هذا قول من يقول هي فعل للرب وفعل للعبد.
قيل: من قال هي فعل لهما بمعنى الشركة فقد أخطأ، ومن قال: إن فعل الرب هو ما انفصل عنه، وقال: إنها فعل لهما كما قاله أبو إسحاق الإسفراييني، فلا بد أن يفسر كلامه بشيء يعقل.
وأما على قول جمهور أهل السنة الذين يقولون: إنها مفعولة للرب
============================== =====
(١)
ن، م: التي خلقها الله بغير إحداث العبد لها.
(٢)
القائم به: ساقطة من (ن) ، (م) .
(٣)
ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(٤)
ع: فتحدث.
(٥)
أ، ب: وإذا جعله الفاعل.
(٦)
بعد عبارة من هذا الباب يوجد سقط طويل في نسختي (ن) ، (م) سأشير إلى نهايته في موضعها إن شاء الله.
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثالث
الحلقة (202)
صـ 241 إلى صـ 248
لا فعل له إذا فعله ما قام به والفعل عندهم غير المفعول، فيقولون إنها مفعولة للرب لا فعل له (1) وإنها فعل للعبد.
كما يقولون في قدرة العبد: إنها قدرة للعبد مقدورة للرب لا إنها نفس قدرة الرب.
وكذلك إرادة العبد هي إرادة للعبد مرادة للرب.
وكذلك سائر صفات العبد هي صفات له وهي (2) مفعولة للرب مخلوقة له ليست بصفات له.
ومما يبين ذلك أن الله تعالى قد أضاف كثيرا من الحوادث إليه وأضافه إلى بعض مخلوقاته، إما أن يضيف عينه أو نظيره.
كقوله تعالى: {الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى} [سورة الزمر 42]] .
وقال تعالى: {هو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار} [سورة الأنعام 60] .
مع قوله تعالى: {قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم} [سورة السجدة 11] .
وقوله: {توفته رسلنا وهم لا يفرطون} [سورة الأنعام 61] .
وكذلك قوله تعالى في الريح: {تدمر كل شيء بأمر ربها} [سورة الأحقاف: 25] .
**_________
(1) عبارة " لا فعل له "، ساقطة من (ع) .
(2) ع: هي صفات العبد وهي
============================== ===
وقال: {ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون} [سورة الأعراف 137] .
وقال تعالى: {إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم} [سورة الإسراء 9] .
وقال: {يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام} [سورة المائدة 16] .
وقال: {نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن} [سورة يوسف 3] .
وقال: {إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون} [سورة النمل 76] .
وقال: {ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب} [سورة النساء 127] .
أي: ما يتلى عليكم في الكتاب يفتيكم فيهن.
وقال: {فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج} [سورة الحج: 5] ، فأضاف الإنبات (1) إليها.
وقال تعالى: {والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج} [سورة الحجر 19] .
وقال تعالى: {هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون - ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات} [سورة النحل 10، 11] .
وقال تعالى: {حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا} [سورة يونس 24] .
**_________
(1) أ: النبات، وهو تحريف
==============================
وقال تعالى: {إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها} [سورة الكهف 7] .
وقال تعالى: {إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب} [سورة الصافات 6] .
وقال تعالى: {يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها} [سورة الحديد: 4] .
وقال تعالى: {ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء} [سورة النحل: 2] .
وقال: {نزل به الروح الأمين} [سورة الشعراء: 193] .
وقال: {وبالحق أنزلناه وبالحق نزل} [سورة الإسراء: 105] .
وقال: {وأنزلنا من السماء ماء} [سورة المؤمنون: 18] .
وقال تعالى: {وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء} [سورة فصلت: 21] ، وقال سليمان عليه الصلاة والسلام: {ياأيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء} [سورة النمل: 16] .
وقال تعالى: {فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون} [سورة الذاريات: 23] ، فهم نطقوا وهو أنطقهم، وهو الذي أنطق كل شيء.
فإذا كان [تبارك وتعالى] (1) قد جعل في الجمادات قوى تفعل، وقد أضاف الفعل إليها ولم يمنع ذلك أن يكون خالقا لأفعالها، فلأن لا
**_________
(1) تبارك وتعالى ليست في (ع)
===========================
يمنع إضافة الفعل إلى الحيوان وإن كان الله خالقه - بطريق الأولى.
فإن القدرية لا تنازع في أن الله خالق ما في الجمادات من القوى والحركات وقد أخبر الله (1) أن الأرض تنبت، وأن السحاب يحمل الماء كما قال تعالى: {فالحاملات وقرا} [سورة الذاريات: 2] .
والريح تنقل السحاب كما قال تعالى: {وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته حتى إذا أقلت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميت} [سورة الأعراف: 57] ، وأخبر أن الريح تدمر كل شيء، وأخبر أن الماء طغى بقوله تعالى: {إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية} [سورة الحاقة: 11] .
بل قد أخبر بما هو أبلغ من ذلك من سجود هذه الأشياء وتسبيحها كما في قوله تعالى: {ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب} [سورة الحج: 18] .
وهذا التفصيل يمنع حمل ذلك على أن المراد كونها مخلوقة دالة على الخالق وأن المراد شهادتها بلسان الحال فإن هذا عام لجميع الناس.
وقد قال تعالى: {ياجبال أوبي معه والطير وألنا له الحديد} [سورة سبأ: 10] .
وقال: {إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق - والطير محشورة كل له أواب} [سورة ص: 18، 19] .
**_________
(1) ع: والله قد أخبر
============================
فأخبر أن الجبال تئوب معه والطير، وأخبر أنه سخرها تسبح.
وقال: {ألم تر أن الله يسبح له من في السماوات والأرض والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه} [سورة النور: 41] .
وقال تعالى: {وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم} [سورة الإسراء: 44] .
وقال: {ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها} [سورة الرعد: 15] .
وقال: {ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله} [سورة البقرة: 74] .
وبسط الكلام على سجود هذه الأشياء وتسبيحها مذكور في غير هذا الموضع (1) .
والمقصود هنا أن هذا كله مخلوق لله بالاتفاق مع جعل ذلك فعلا لهذه الأعيان في القرآن، فعلم أن ذلك لا ينافي كون الرب تعالى خالقا لكل شيء.
فإن قيل: قولكم إذا جعلنا الله فاعلا وجب وجود ذلك الفعل (2) وخلق الفعل يستلزم وجوده، ونحو ذلك من الأقوال يقتضي الجبر، وهو قول باطل.
**_________
(1) وهو في " رسالة في قنوت الأشياء كلها لله تعالى " وهي التي حققتها ونشرتها في المجموعة الأولى من " جامع الرسائل " ص [0 - 9]- 45 ط المدني القاهرة، 1389 1969.
(2) الفعل: زيادة في (ب) فقط
=========================
قيل: لفظ الجبر لم يرد في كتاب ولا سنة لا بنفي ولا إثبات، واللفظ إنما يكون له حرمة إذا ثبت عن المعصوم، وهي ألفاظ النصوص، فتلك علينا أن نتبع معانيها، وأما الألفاظ المحدثة مثل لفظ الجبر فهو مثل لفظ الجهة والحيز ونحو ذلك.
ولهذا كان المنصوص عن أئمة الإسلام مثل الأوزاعي والثوري وعبد الرحمن بن مهدي وأحمد بن حنبل وغيرهم أن هذا اللفظ لا يثبت ولا ينفى مطلقا، فلا يقال مطلقا: جبر، ولا يقال: لم يجبر، فإنه لفظ مجمل.
ومن علماء السلف (1) من أطلق نفيه، كالزبيدي صاحب الزهري، وهذا نظر إلى المعنى المشهور من معناه في اللغة، فإن المشهور إطلاق لفظ الجبر والإجبار على ما يفعل بدون إرادة المجبور بل مع كراهته كما يجبر الأب ابنته على النكاح.
وهذا المعنى منتف في حق الله تعالى فإنه سبحانه لا يخلق فعل العبد الاختياري بدون اختياره، بل هو الذي جعله مريدا مختارا، وهذا لا يقدر عليه أحد إلا الله.
ولهذا قال من قال من السلف: الله أعظم وأجل (2) من أن يجبر، إنما يجبر غيره من لا (3) يقدر على جعله مختارا، والله تعالى يجعل العبد مختارا فلا يحتاج إلى إجباره.
**_________
(1) ع: السنة.
(2) وأجل: ساقطة من (ع) .
(3) لا: ساقطة من (أ)
=========================
ولهذا قال الأوزاعي والزبيدي وغيرهما: نقول جبل ولا نقول جبر، لأن الجبل جاءت به السنة كما في الحديث الصحيح «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأشج عبد القيس: إن فيك خلقين يحبهما الله الحلم والأناة. فقال: أخلقين تخلقت بهما أم خلقين جبلت عليهما؟ فقال: بل خلقين جبلت عليهما. فقال: الحمد لله الذي جبلني على خلقين يحبهما الله» (1) .
فقد يراد بلفظ الجبر (2) نفس فعل ما يشاؤه، وإن خلق اختيار العبد؛ كما قال محمد بن كعب القرظي: الجبار هو الذي جبر العباد على ما أراده (3) .
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال في الدعاء المأثور عنه: اللهم داحي المدحوات، وسامك المسموكات، جبار (4) القلوب على فطرتها (5) شقيها وسعيدها.
فإذا أريد بالجبر هذا فهذا حق (6) وإن أريد به الأول فهو باطل، ولكن الإطلاق يفهم منه الأول، فلا يجوز إطلاقه، فإذا قال السائل: أنا أريد بالجبر المعنى الثاني، وهو أن نفس جعل الله للعبد (7) فاعلا قادرا
**_________
(1) مضى هذا الحديث من قبل في هذا الجزء، ص [0 - 9] 6
(2) ع: فقد يراد بالجبر.
(3) أ، ب: على ما أراد.
(4) ع: جابر.
(5) ع: فطراتها.
(6) أ، ب: فالجبر حق.
(7) أ، ب: العبد
===========================
يستلزم الجبر، ونفس كون الداعي والقدرة يستلزم وجود الفعل " جبر ".
قيل: هذا المعنى حق، ولا دليل لك على إبطاله، وحذاق المعتزلة كأبي الحسين البصري وأمثاله يسلمون هذا فيسلمون أن مع وجود الداعي والقدرة يجب وجود الفعل.
وصاحب هذا الكتاب قد سلك هذه الطريقة فلا يمكنه مع هذا إنكار الجبر بهذا التفسير، ولهذا (1) نسب أبو الحسين إلى التناقض في هذه المسألة، فإنه وأمثاله من حذاق المعتزلة إذا سلموا أنه مع الداعي والقدرة، يجب وجود الفعل، وسلموا أن الله خلق الداعي والقدرة لزم أن يكون (2) الله خالق أفعال العباد.
فحذاق المعتزلة سلموا المقدمتين ومنعوا النتيجة، والطوسي الذي قد عظمه هذا الإمامي ذكر في تلخيص المحصل لما ذكر احتجاج الرازي: بأن الفعل يجب عند وجود المرجح التام ويمتنع عند عدمه، فبطل (3) قول المعتزلة بالكلية (4) يعني الذين يقولون إنه يفعل على وجه
**_________
(1) أ، ب: وبهذا.
(2) يكون ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) ب فقط: فقد بطل.
(4) يقول الرازي في " المحصل " ص 141: وزعم الجمهور من المعتزلة أن العبد موجد لأفعاله لا على نعت الإيجاب بل على صفة الاختيار. لنا وجوه: الأول: أن العبد حال الفعل إما أن يمكنه الترك أو لا يمكنه، فإن لم يمكنه الترك فقد بطل قول المعتزلة، وإن أمكنه، فإما أن لا يفتقر ترجيح الفعل على الترك إلى مرجح، وهو باطل، لأنه تجويز لأحد طرفي الممكن على الآخر لا لمرجح، أو يفتقر ذلك المرجح، إن كان من فعله عاد التقسيم، وإلا يتسلسل، بل ينتهي لا محالة إلى مرجح لا يكون من فعله، ثم عند حصول ذلك المرجح إن أمكن أن لا يتحصل ذلك الفعل فلنفرض ذلك، وحينئذ يحصل الفعل تارة، ولا يحصل أخرى، مع أن نسبة ذلك المرجح إلى الوقتين على السواء، فاختصاص أحد الوقتين بالحصول، ووقت الآخر بعدم الحصول، يكون ترجيحا لأحد طرفي الممكن المتساوي على الآخر من غير مرجح، وهو محال، وإن امتنع أن لا يحصل فقد بطل قول المعتزلة بالكلية، لأنه متى حصل المرجح وجب الفعل، ومتى لم يحصل امتنع، فلم يكن العبد مستقلا بالاختيار، فهذا كلام قاطع
======================
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثالث
الحلقة (203)
صـ 249 إلى صـ 256
الجواز وهو المشهور من مذهبهم، فاعترض (1) عليه الطوسي وقال: إنه قد ذكر (2) فيما مر أن المختار متمكن (3) من ترجيح أحد طرفي الممكن على الآخر، (4) بلا مرجح وهنا حكم بأن ذلك (5) محال، (6) ثم على تقدير الاحتياج إلى المؤثر (7) وامتناع عدم حصول الأثر (8) ، قال: فقد بطل قول المعتزلة بالكلية.
قال (9) : وذلك غير وارد، لأنه قد ذكر أن أبا الحسين من المعتزلة
**_________
(1) أ: المعترض، ب: اعترض.
(2) أ، ب: فقال إنه ذكر.
(3) أ، ب: ممكن
(4) على الآخر: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(5) أ، ب: ذاك.
(6) لم أجد هذا الكلام في " تلخيص المحصل " للطوسي مع طول بحثي عنه، ولكن الطوسي يقرر أن الرازي متناقض في هذه المسألة وذلك في موضع آخر ص [0 - 9] 22 عند تعليقه على كلام الرازي على أنه تعالى مريد، إذ يقول: وقوله: المخصص ليس القدرة، مناقض لما ذهب إليه فيما مر، وهو أن المختار يمكنه الترجيح من غير مرجح.
(7) أ، ب: المرجح.
(8) ع: المؤثر.
(9) لم أجد هذا الكلام للطوسي في " تلخيص المحصل "، ولعله في كتاب آخر له، وانظر: كتاب (فخر الدين الرازي وآراؤه الكلامية والفلسفية) ، للأستاذ محمد صالح الزركان رحمه الله ص [0 - 9] 29 - 536 ط. دار الفكر، بيروت، بدون تاريخ
============================== ==
وقال في موضع آخر: إنه رجل المعتزلة (1) وقال هنا (2) : إنه قد ذهب إلى أن القدرة والإرادة يوجبان وجود المقدور فكيف بطل قولهم بالكلية.
وبيانه أنهم يقولون: إن معنى الاختيار هو استواء الطرفين بالنسبة إلى القدرة وحدها ووجوب وقوع أحدهما بحسب الإرادة، فمتى حصل المرجح التام (3) وهو الإرادة وجب الفعل ومتى لم يحصل امتنع ذلك، وذلك غير مناف لاستواء الطرفين بالقياس إلى القدرة وحدها، فإذا اللزوم الذي ذكره غير قاطع في إبطال قولهم.
قلت: القول الذي قطع بطلانه الرازي هو القول (4) المشهور عنهم، وهو أن الفعل لا يتوقف على الداعي بل القادر يرجح أحد مقدوريه (5) على الآخر بلا مرجح فيحدث الداعي له الفعل كالإرادة بمجرد كونه قادرا مع استواء القدرة بالنسبة إلى وجود ذلك وعدمه.
والداعي قد يفسر بالعلم أو الاعتقاد أو الظن (6) وقد يفسر بالإرادة وقد يفسر بالمجموع وقد يفسر بما اشتمل عليه المراد مما يقتضي إرادته.
والرازي يقول: إن أبا الحسين متناقض فإن الرازي ذكر في الأقوال
**_________
(1) ع: إنه رجل من المعتزلة.
(2) ع: وهنا قال.
(3) ع: فمتى حصل حصل المرجح التام.
(4) القول ساقطة من (أ) ، (ب) .
(5) أ: أحد مقدوراته.
(6) ع: والاعتقاد والظن
=========================
قول الذين يقولون: إن الفعل موقوف على الداعي، فإذا حصلت القدرة وانضم إليها الداعي صار مجموعهما علة لوجوب الفعل.
قال (1) : وهذا قول جمهور الفلاسفة واختيار أبي الحسين البصري من المعتزلة، وهو وإن كان يدعي الغلو في الاعتزال، حتى ادعى أن العلم بأن العبد موجد لأفعاله ضروري، إلا أنه كان من مذهبه أن الفعل موقوف على الداعي، فإذا كان عند الاستواء يمتنع وقوعه، فحال المرجوحية أولى بالامتناع، وإذا امتنع المرجوح وجب الراجح لأنه لا خروج عن النقيضين وهذا عين القول بالجبر، لأن الفعل (2) واجب الوقوع عند حصول المرجح، وممتنع الوقوع عند عدم المرجح، فثبت أن أبا الحسين كان عظيم الغلو في القول بالجبر، وإن كان يدعي في ظاهر الأمر أنه عظيم الغلو في الاعتزال.
قلت: هذا القول هو (3) قول جماهير أهل السنة وأئمتهم (4) ويقرب منه قول أبي المعالي الجويني والقاضي أبي خازم (5) ابن القاضي أبي يعلى، وقول الكرامية، وهو حقيقة القول بأن الله خالق فعل العبد وهو ظاهر على (6) قول جمهور أهل السنة المثبتين للأسباب الذين يقولون: لقدرة العبد تأثير في الفعل.
**_________
(1) لم أتمكن من العثور على النص التالي من كلام الرازي فيما هو مطبوع من كتبه.
(2) أ، ب: لأن المراد.
(3) هو: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) ع: وأئمتها.
(5) في النسخ الثلاث: أبي حازم، وهو حازم.
(6) على: ساقطة من (أ) ، (ب)
=======================
وأما من قال: لا تأثير لها كالأشعري، فإذا فسر الوجوب بالوجوب العادي لم يمتنع ذلك، وإن فسر (1) بالعقلي امتنع.
وأما لفظ الجبر فالنزاع فيه لفظي كما تقدم، وليس هو في اللغة ظاهرا في هذا المعنى، ولهذا أنكر السلف إطلاقه، فإذا قالت القدرية: هذا ينافي كونه مختارا لأنه لا معنى للمختار إلا كونه قادرا على الفعل والترك، وأنه إذا شاء فعل هذا وإذا شاء فعل هذا.
قيل لهم: هذا مسلم ولكن يقال: هو قادر على الفعل والترك على سبيل البدل أو على سبيل الجمع، والثاني باطل فإنه في حال كونه فاعلا لا يقدر أن يكون تاركا مع كونه فاعلا، وكذلك حال كونه تاركا لا يقدر على كونه فاعلا مع كونه تاركا، فإن الفعل والترك ضدان، واجتماعهما ممتنع، والقدرة لا تكون على ممتنع.
فعلم أن قولنا قادر على الفعل والترك، أي يقدر أن يفعل في حال عدم الترك، ويقدر أن يترك في حال عدم الفعل، وكذلك قول القائل: القادر (2) إن شاء فعل وإن شاء ترك، هو على سبيل البدل، لا يقدر أن يشاء الفعل والترك معا، بل حال مشيئته للفعل لا يكون مريدا للترك (3 وحال مشيئته للترك لا يكون مريدا للفعل (3) 3) .
وإذا كان كذلك فالقادر الذي (4) إن شاء فعل وإن شاء ترك؛ حال كونه
**_________
(1) ب فقط: فسره.
(2) القادر: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) (3 - 3) ساقط من (أ) ، (ب) .
(4) الذي: ساقطة من (ع)
=====================
شاء الفعل (1) مع القدرة التامة يجب وجود الفعل، وحال وجود الفعل يمتنع أن يكون مريدا للترك مع الفعل، وأن يكون قادرا على وجود الترك مع الفعل، بل قدرته على الفعل (2) بمعنى أنه يكون بعد الفعل تاركا له، فيكون قادرا على الترك في الزمن الثاني من وجود الفعل، لا حال وجود الفعل.
وإذا قال القائل: (3) هذا يقتضي أن يكون الفعل واجبا لا ممكنا، فإن أراد به أنه يصير (4) واجبا بغيره بعد كونه ممكنا في نفسه، فهذا حق كما أنه يصير موجودا بعد أن كان معدوما، وفي حال وجوده يمتنع أن يكون معدوما.
وكل ما خلقه الله تعالى فهو بهذه المثابة فإنه ما شاء كان (5) ، فوجب وجوده بمشيئة الله وقدرته، وما لم يشأ لم يكن فيمتنع وجوده لعدم مشيئة الله له، مع أن ما شاءه مخلوق محدث مفعول له، وكان قبل أن يخلقه يمكن (6) أن يوجد ويمكن أن لا يوجد، فأما بعد أن صار موجودا بمشيئة الله وقدرته فلا يمكن أن يكون معدوما مع كونه موجودا، (* وإنما يمكن أن يعدم بعد وجوده، وليس في الأشياء ما يمكن وجوده وعدمه معا في حال واحدة، بل يمكن وجوده بدلا عن عدمه وعدمه بدل عن وجوده
**_________
(1) ع: شاء للفعل.
(2) ب فقط على الترك.
(3) ب فقط: قائل.
(4) أ: فإن أراد به يصير، ب: فإن أراد أنه يصير.
(5) ع: فإن ما شاء كان.
(6) أفقط: قبل أن يخلقه لم يكن يمكن
========================
فإذا وجد كان وجوده ما دام موجودا واجبا بغيره، وإذا سمي ممكنا بمعنى أنه مخلوق ومفعول وحادث فهو صحيح، لا بمعنى أنه حال وجوده يمكن عدمه مع وجوده *) (1) فإنه إذا أريد (2) أنه حال وجوده يمكن عدمه مع وجوده فهذا باطل فإنه جمع بين النقيضين.
وإن أراد (3) أنه يمكن عدمه بعد هذا الوجود فهو صحيح، ولكن هذا لا يناقض وجوب وجوده بغيره ما دام موجودا وهذا موجود (4) بالقادر لا بنفسه وهو ممكن (5) في هذه الحال بمعنى أنه محدث مخلوق مفتقر إلى الله تعالى لا بمعنى كونه (6) يمكن أن يكون معدوما حال وجوده.
ومن فهم هذا انحلت عنه إشكالات كثيرة أشكلت على كثير من الناس في مسائل القدر، بل وفي إثبات كون الرب قادرا مختارا ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن.
والقدر يتعلق بقدرة الله تعالى ولهذا قال الإمام أحمد: (7) القدر قدرة الله تعالى يشير إلى أن من أنكر القدر فقد أنكر قدرة الله تعالى (8) وأنه يتضمن إثبات قدرة الله تعالى على كل شيء.
ولهذا جعل الأشعري وغيره أخص وصف الرب تبارك وتعالى قدرته على الاختراع.
**_________
(1) الكلام بين النجمتين في (ع) فقط.
(2) ع: فإذا أريد.
(3) ب فقط: وإن أريد.
(4) أ، ب: وهذا وجود.
(5) ب: فهو.
(6) ع: لا بمعنى أنه.
(7) ع: أحمد رضي الله عنه.
(8) تبارك وتعالى: زيادة في (أ) ، (ب)
=====================
وأيضا فقول القائل: القادر (1) هو الذي إن شاء فعل وإن شاء ترك بمعنى أنه قبل الفعل والترك إن شاء وجود الفعل في الزمن الثاني وإن شاء الترك فيه، وهذا التخيير بينهما إنما يكون عند عدمهما جميعا، فأما حال الفعل فيمتنع الترك، وحال الترك فيمتنع الفعل، وحينئذ فالفعل واجب حال وجوده لا في الحال التي يكون (2) مخيرا فيها بين الفعل والترك، فحال التخيير لم يكن واجبا وحال وجوبه لم يكن مخيرا.
نعم قد يكون حال الفعل شائيا للترك بعد الفعل، وهذا ترك ثان ليس (3) هو ترك ذلك الفعل في حال وجوده، فالقادر قط لا يكون مخيرا بين الشيئين في حال وجود أحدهما (4 إلا بمعنى التخيير في الزمن الثاني وإلا ففي حال وجود أحدهما لا (4) 4) يكون (5) مخيرا بين وجوده وعدمه مع وجوده، وحالما يكون الفاعل فاعلا يمتنع أن يكون تاركا فيمتنع أن يكون هذا الترك مقدورا له، لأن الممتنع لا يكون مقدورا، والقدرة على الضدين قدرة على كل واحد منهما على سبيل البدل ليست قدرة على جمعهما، (6) وهذا كما يقال: إنه قادر على تسويد الثوب وتبييضه ويسافر إلى الشرق والغرب ويذهب يمينا وشمالا وقادر على أن يتزوج هذه الأخت وهذه الأخت (7) .
**_________
(1) أ: القدر، وهو تحريف.
(2) ع: التي كان.
(3) أ: وهذا ترك بأن ليس، ب: وهذا الترك ليس.
(4) (4 - 4) ساقط من (أ) ، (ب) .
(5) ب فقط: فلا يكون.
(6) ع: على جميعها.
(7) ع: وهذه الأخت والله أعلم، وعند هذا الموضع ينتهي السقط الطويل في نسختي (ن) ، (م) وهو الذي بدأ في ص [0 - 9] 40
========================
**[فصل كلام الرافضي على دلالة النقل على الأفعال الاختيارية والرد عليه]
فصل.
قال الرافضي (1) : وأما المنقول فالقرآن (2) مملوء من استناد (3) أفعال البشر إليهم (4) كقوله تعالى: (5) .
{وإبراهيم الذي وفى} [سورة النجم 37] (6) [ {فويل للذين كفروا} [سورة مريم 37] {ولا تزر وازرة وزر أخرى} [سورة الأنعام 164] (7) {ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون} [سورة النحل 32] {اليوم تجزى كل نفس بما كسبت} [سورة غافر 17] {اليوم تجزون ما كنتم تعملون} [سورة الجاثية 28] {لتجزى كل نفس بما تسعى} [سورة طه 15] {هل تجزون إلا ما كنتم تعملون} [سورة النمل 90]] (8) {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها} [سورة الأنعام 160] {ليوفيهم أجورهم} [سورة فاطر: 30] (9) {لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت}
**_________
(1) أ، ب: قال الإمامي والكلام التالي في (ك) ، ص [0 - 9] 0 (م) ، 91 (م) .
(2) ك: فإن القرآن.
(3) ب فقط: إسناد.
(4) ع: الفعل إلى البشر.
(5) تعالى: ساقطة من (ن) ، (م) ، (ع) .
(6) أ، ب، ع: الذي وفى. . الآية.
(7) ما بين المعقوفتين في (ب) ، (ك) وسقط من النسخ الأخرى.
(8) ما بين المعقوفتين زيادة في (ك) فقط.
(9) آية سورة فاطر في (ك) ، (ب) فقط
============================
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثالث
الحلقة (204)
صـ 257 إلى صـ 264
{فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات} [سورة النساء: 160] (1) {كل امرئ بما كسب رهين} [سورة الطور: 21] {من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها} [سورة فصلت: 46] {ذلك بما قدمت يداك} [سورة الحج: 10] {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم} [سورة الشورى: 30] إلخ (2) .
فيقال: الجواب (3 من وجوه أحدها 3) (3) أن يقال (4) : كل هذا حق، وجمهور أهل السنة قائلون [بذلك وهم قائلون] (5) إن العبد فاعل لفعله حقيقة لا مجازا، وإنما نازع في ذلك طائفة من متكلمة (6) أهل الإثبات كالأشعري ومن اتبعه.
(7 الثاني: أن يقال 7) : (7) : والقرآن مملوء بما يدل (8) على أن أفعال العباد حادثة بمشيئة الله [وقدرته] (9) وخلقه، فيجب الإيمان بكل ما في القرآن، ولا يجوز أن نؤمن ببعض الكتاب ونكفر ببعض.
**_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(2) اختصر ابن تيمية كلام ابن المطهر وترك أكثر من ستة أسطر من كلامه انظر (ك) ، ص 91 (م) .
(3) (3 - 3) ساقط من (ب) فقط.
(4) ن: أن يقول. وسقطت العبارة من (م) .
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(6) ن، م، ع: من متكلمي.
(7) (7 - 7) ساقط من (ب) فقط.
(8) ن، ع: مما يدل، أ: مما دل، ب: بما دل.
(9) وقدرته: ساقطة من (ن) ، (م)
========================
قال الله تعالى: {ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد} [سورة البقرة: 253] .
وقال تعالى: {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء} [سورة الأنعام: 125] .
وقال تعالى: {ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون} [سورة الأنعام: 112] .
وقال تعالى: {ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا - إلا أن يشاء الله} [سورة الكهف: 23، 24] وأجمع علماء المسلمين (1) على أن الرجل لو قال: لأصلين الظهر غدا إن شاء الله، أو: لأقضين الدين الذي علي، وصاحبه مطالبه، أو: لأردن هذه الوديعة (2) ، ونحو ذلك، ثم لم يفعله - أنه لا يحنث في يمينه، ولو كانت المشيئة بمعنى الأمر لحنث (3) .
وقال عن إبراهيم: {ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا} [سورة البقرة: 128] .
وقال تعالى: {يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا} [سورة البقرة: 26] .
وقال تعالى: {واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه} [سورة الأنفال: 24] .
**_________
(1) ن، م، ع: وأجمع المسلمون.
(2) هذه: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) أ، ب: يحنث
=============================
وقال تعالى: {إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا فهي إلى الأذقان فهم مقمحون - وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون} [سورة يس: 8، 9] (* (1) .
وقال تعالى: {وجعلني مباركا أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا} [سورة الأنبياء: 73] .
وقال تعالى: {وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا} [سورة الأنبياء: 73] .
وقال عن بني إسرائيل: {وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون} [سورة السجدة: 24] .
وقال عن آل فرعون {وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون} [سورة القصص: 41] .
وقال عن الخليل - صلى الله عليه وسلم -: {رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء} [سورة إبراهيم: 40] .
وقال: {ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم} .
وقال تعالى: {وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون - وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} [سورة يس: 41، 42] والفلك من مصنوعات بني آدم.
وهذا مثل قوله تعالى: {والله خلقكم وما تعملون} [سورة الصافات: 96]
**_________
(1) بعد آيتي سورة يس يوجد سقط في نسختي (ن) ، (م) سأشير إلى موضعه عند نهايته إن شاء الله
==========================
فإن طائفة من المثبتة (1) للقدر قالوا: إن " ما " هاهنا مصدرية، وإن المراد: خلقكم وخلق أعمالكم، وهذا ضعيف جدا.
والصواب أن " ما " هاهنا بمعنى الذي، وأن المراد: والله خلقكم (2) والأصنام التي تعملونها.
كما في حديث حذيفة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال (3) : " «إن الله خلق كل صانع وصنعته» ". (4)
وأنه (5) قال: {أتعبدون ما تنحتون - والله خلقكم وما تعملون} [سورة الصافات: 95، 96] فذمهم وأنكر عليهم عبادة ما ينحتونه (6) من الأصنام، ثم ذكر أن الله خلق العابد والمعبود والمنحوت.
وهو سبحانه الذي يستحق أن يعبد، ولو أريد: والله خلقكم
**_________
(1) ع: من المثبتين.
(2) أ، ب: وأن المراد: خلقكم.
(3) قال: زيادة في (ع) .
(4) الحديث عن حذيفة رضي الله عنه، وذكره الألباني في صحيح الجامع الصغير (2 - 116) ونقل عن السيوطي قوله: خ البخاري في خلق أفعال العباد ك الحاكم في المستدرك، والبيهقي في الأسماء والصفات، عن حذيفة، ولفظ الحديث: إن الله تعالى صانع كل صانع وصنعته. وعلق الألباني بأن لفظ الحاكم وابن منده وغيرهما: " خالق "، وصحح الألباني الحديث، وأشار إلى كلامه عنه في الأحاديث الصحيحة (1637) : ابن منده. المحاملي. عد. والحديث في كتاب خلق أفعال العباد للبخاري ص 137 ضمن كتاب عقائد السلف، وذكره ابن كثير في تفسيره ط الشعب 7 - 22، والسيوطي في الدر المنثور 5 - 279، والحديث في الأسماء والصفات للبيهقي ص 26 ط مطبعة السعادة، سنة 1358 هـ، المستدرك للحاكم 1 - 31، 32 وقال الحاكم: وهذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
(5) أ، ب: فإنه.
(6) أ، ب: ما يتخذونه
==========================
وأعمالكم كلها، لم يكن هذا مناسبا، فإنه قد ذمهم على العبادة، وهي من أعمالهم، فلم يكن في ذكر كونه خالقا لأعمالهم ما يناسب الذم بل هو إلى العذر أقرب.
ولكن هذه الآية تدل على أنه خالق لأعمال (1) العباد من وجه آخر، وهو أنه إذا خلق المعمول الذي عملوه وهو الصنم المنحوت فقد خلق التأليف القائم به، وذلك مسبب من (2) عمل ابن آدم وخالق المسبب (3) خالق السبب بطريق الأولى.
وصار هذا كقوله: {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} [سورة يس: 42] .
ومعلوم أن السفن إنما ينجر (4) خشبها ويركبها بنو آدم، فالفلك معمولة لهم (5) كما هي (6) الأصنام معمولة لهم وكذلك سائر ما يصنعونه من الثياب (7) والأطعمة والأبنية، فإذا كان الله قد أخبر أنه خلق الفلك المشحون وجعل ذلك من آياته ومما أنعم الله به على عباده - علم أنه خالق أفعالهم.
وعلى قول القدرية لم يخلق إلا الخشب الذي يصلح أن يكون سفنا وغير سفن، ومعلوم أن مجرد خلق المادة لا يوجب خلق الصورة التي حصلت بأفعال بني آدم إن لم يكن خالقا (8) للصورة.
**_________
(1) ع: أعمال.
(2) ع: عن.
(3) ع: خالق لسببه.
(4) ع: ينحت.
(5) ع: له.
(6) ب فقط: كما أن.
(7) ع، أ: النبات.
(8) ع: خلقا
==============================
ومثل هذا قوله تعالى: {والله جعل لكم من بيوتكم سكنا وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم} [سورة النحل: 80] إلى قوله: {والله جعل لكم مما خلق ظلالا وجعل لكم من الجبال أكنانا وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون} [سورة النحل: 81] (1) .
ومعلوم أن خلق البيوت المبنية والسرابيل المصنوعة هو كخلق السفن المنجورة (2) ، وقد أخبر الله (3) أن الفلك صنعة بني آدم مع إخباره أنه خلقها كما قال تعالى عن نوح عليه السلام: {ويصنع الفلك} .
وأيضا ففي القرآن من ذكر (4) وأنه هو تبارك وتعالى يحدث من ذلك ما يطول وصفه كقوله تعالى: {فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة} [سورة الأعراف: 30] ، وقوله تعالى: {فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه} [سورة البقرة: 213] ، وقوله: {ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون} [سورة الحجرات: 7] ومعلوم أنه لم يرد بذلك الهداية المشتركة بين المؤمن والكافر، مثل إرسال الرسل والتمكين (5) من الفعل وإزاحة العلل، بل أراد ما يختص به المؤمن.
**_________
(1) في (ع) الآيات كلها متصلة.
(2) ع: المنحوتة.
(3) الله: ليست في (أ) ، (ب) .
(4) ذكر: زيادة في (ع) . تفصيل أفعال العباد التي بقلوبهم وجوارحهم
(5) أ: والمتمكن، ب: والتمكن
===========================
كما دل عليه القرآن في مثل (1) قوله تعالى: {واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم} [سورة الأنعام: 87] وقوله: {وآتيناهما الكتاب المستبين - وهديناهما الصراط المستقيم} [سورة الصافات: 117، 118] .
ومنه قولنا (2) في الصلاة: {اهدنا الصراط المستقيم - صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين} [سورة الفاتحة: 6، 7] فإن الهداية المشتركة حاصلة لا تحتاج أن تسأل (3) ، وإنما تسأل الهداية التي خص بها المهتدين، ومن تأول ذلك بمعنى زيادة الهدى والتثبيت وقال (4) : كان ذلك جزاء - كان متناقضا.
فإنه يقال: هذا المطلوب إن لم يكن حاصلا (5) باختيار العبد لم يثب عليه، فإنه إنما يثاب على ما فعله باختياره (6 وإن كان باختياره 6) (6) فقد ثبت أن الله يحدث الفعل الذي يختاره العبد، وهذا مذهب أهل السنة.
وكذلك ما أخبر الله في القرآن من إضلال وهدى ونحو ذلك، فإنهم قد يتأولون ذلك بأنه جزاء على ما تقدم، وعامة تأويلاتهم مما يعلم بالاضطرار أن الله ورسوله لم يردها بكلامه مع أن هذا الجزاء مما يثاب الفاعل عليه وإن جوزوا أن الله يثيب العبد على ما ينعم به على العبد (7)
**_________
(1) ع: القرآن ومثله.
(2) ع: قوله.
(3) أ: حاصلة أن تسأل، ب: حاصلة دون أن تسأل.
(4) ع: أو التثبيت أو قال.
(5) أ، ب: خالصا.
(6) (6 - 6) ساقط من (أ) ، (ب) .
(7) أ، ب: على ما ينعم الله به على العبد
==========================
من فعله الاختياري جاز أن ينعم عليه ابتداء باختياره الطاعة، وإن لم يجز عندهم الثواب والعقاب على ما يجعل العبد فاعلا له بطل أن يريد (1) هدى أو ضلالة يثاب عليها أو يعاقب عليها، وامتنع أن يكون ما أخبر أنه فعله من جعل الأغلال في أعناقهم وجعله من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا ونحو ذلك هو مما يعاقبون عليه. (2) وقد قال تعالى: {إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل} [سورة النحل: 37] فأخبر أنه من أضله (3) الله لا يهتدي.
وفي الجملة ففي القرآن من الآيات المبينة أن الله خالق أفعال العباد، وأنه هو الذي يقلب قلوب العباد (4) فيهدي من يشاء ويضل من يشاء، وأنه هو المنعم بالهدى على من أنعم عليه، ما يتعذر استقصاؤه في هذه المواضع (5) .
وكذلك فيه ما يبين عموم (6) خلقه لكل شيء كقوله: {الله خالق كل شيء} [سورة الرعد: 16] وغير ذلك، وفيه ما يبين أنه فعال لما يريد، وفيه ما يبين أنه لو شاء لهدى الناس جميعا، وأمثال ذلك مما يطول وصفه.
وإذا قيل: هذه متأولة عند (7) القدرية لأنها من المتشابه عندهم.
**_________
(1) ع: أن يزيد.
(2) أ، ب: ونحو ذلك مما يعاقبون عليه، ع: ونحو ذلك هو مما يعاقبون على ذلك، ولعل الصواب ما أثبته.
(3) ع: أنه من يضله، ب: أن من أضله.
(4) أ، ب: يقلب القلوب والأبصار.
(5) ع: في هذا الموضع.
(6) ع: ما يبين أن عموم.
(7) أ: عن
==============================
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثالث
الحلقة (205)
صـ 265 إلى صـ 272
كان الجواب من وجهين؛ أحدهما: أن هذا مقابل بتأويلات الجبرية لما احتجوا به، وبقولهم هذا متشابه وهو (1) لم يذكر إلا مجرد النصوص، فذكرنا النصوص من الطرفين.
الثاني: أن نبين فساد تأويلاتهم واحدا واحدا كما بسط في موضع آخر، وفي تأويلاتهم من تحريف الكلم عن مواضعه ومخالفة اللغة وتناقض المعاني ومخالفة إجماع سلف الأمة وأئمتها - ما يبين بعضه بطلان تحريفاتهم، ويبين أنه ليس في القرآن محكم يناقض هذا حتى يقال: إن هذا متشابه وذلك محكم، بل القرآن يصدق بعضه بعضا.
ومن فتح هذا الباب من أهل البدع لم يكن له ثبات، فإن خصمه يفعل كما يفعل، فلا يبقى في يده (2) حجة سليمة عن المعارضة بمثلها، كيف وعامة تأويلاتهم مما يعلم بالاضطرار أن الله ورسوله لم يردها بكلامه] (*) (3) .
**[فصل من كلام الرافضي على الأفعال الاختيارية " القادر يمتنع أن يرجح مقدوره " والرد عليه]
فصل.
قال الرافضي (4) : قال الخصم: القادر يمتنع أن يرجح مقدوره (5) من غير مرجح، ومع الترجيح (6) يجب الفعل فلا قدرة
**_________
(1) أ، ب: وهذا.
(2) ع: فلا يبقى بيده.
(3) هنا ينتهي السقط الطويل في نسختي (ن) ، (م) وهو الذي بدأ في ص [0 - 9] 59.
(4) أ، ب، ن، م: الإمامي.
(5) أ، ب، ع: القادر يمتنع أن يرجح أحد مقدوريه، والمثبت من (ن) ، (م) ، (ك) .
(6) ك: ومع المرجح
==========================
ولأنه يلزم أن يكون الإنسان شريكا لله (1) ؛ ولقوله تعالى: {والله خلقكم وما تعملون} [سورة الصافات: 96] .
قال: (2) والجواب عن الأول المعارضة بالله تعالى، فإنه تعالى (3) قادر، فإن افتقرت القدرة إلى المرجح، وكان المرجح موجبا للأثر لزم أن يكون الله (4) موجبا لا مختارا، فيلزم (5) الكفر. والجواب عن الثاني (6) : أي شركة هنا والله هو القادر على قهر العبد وإعدامه، ومثل (7) هذا أن السلطان إذا ولى شخصا بعض البلاد (8) فنهب وظلم وقهر (9) فإن السلطان متمكن (10) من قتله والانتقام منه واستعادة ما أخذه (11) ، وليس (12) يكون شريكا للسلطان. والجواب عن الثالث (13) أنه إشارة إلى الأصنام التي كانوا ينحتونها ويعبدونها، فأنكر عليهم وقال: {أتعبدون ما تنحتون - والله خلقكم وما تعملون} [سورة الصافات: 95، 96] .
**_________
(1) ن، م: شريكا، ك: شريكا لله تعالى.
(2) بعد الكلام السابق مباشرة في (ك) ، ص 91 (م) ، 92 (م) .
(3) تعالى: ليست في (ك) .
(4) ك: الله تعالى.
(5) ن، م: فلزم.
(6) ك: وعن الثاني.
(7) ك: ص 92 م: ومثال.
(8) ع: ومثل هذا إذا ولى السلطان شخصا ببعض البلاد.
(9) ك: وقهر وظلم.
(10) ك: يتمكن.
(11) ن، م، ع: ما أخذ.
(12) ك: فليس.
(13) ك: وعن الثالث
===================
فيقال: لم يذكر (1) إلا شيئا يسيرا، ولم يذكر تقرير أدلتهم على وجهها، ومع هذا فالأدلة الثلاثة التي ذكرها لهم (2) ليس عنها جواب صحيح.
أما الأول فإن المستدل بذلك الدليل لا يقول [إنه] (3) إذا وجب الفعل فلا قدرة، فإن أهل الإثبات يقولون: إن العبد له قدرة.
وهذا مذهب عامة (4) أهل السنة حتى غلاة المثبتين (5) للقدر كالأشعرية، فإنهم متفقون على أن العبد له قدرة.
وهذا الدليل المذكور قد احتج به أبو عبد الله الرازي وغيره، وهو يصرح بأنه يقول بالجبر، ومع هذا فإنه يقول: إن (6) للعبد قدرة، وإن كانوا متنازعين هل هي مؤثرة في مقدورها (7) ، أو في بعض صفاته، أو لا تأثير لها.
[قال أبو الحسين البصري وغيره من المعتزلة (8) : إن الفعل لا يكفي فيه مجرد القدرة، بل يتوقف على الداعي، فيقولون: إن القادر المختار لا
**_________
(1) أ: من لم يذكر، ب: هو لم يذكر. من أدلة أهل الإثبات
(2) أ، ب: عنهم.
(3) إنه: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) عامة: ساقطة من (ع) .
(5) ن، م: المثبتة.
(6) ن: فإن، م: بأن.
(7) بعد عبارة " مؤثرة في مقدورها " يوجد في نسختي (ن) ، (م) كلام طويل مكرر سبق إيراده في 2 - 46 وينتهي هذا الكلام المكرر بالعبارة التالية وهي " أو في بعض صفاته أو تأثير " ثم يوجد بعدها سقط في النسختين سأشير إلى نهايته بإذن الله.
(8) ع: بل أبو الحسين البصري وغيره من المعتزلة يقولون
=========================
يرجح بمجرد القدرة، بل بداع يقرن مع القدرة، كما يقول ذلك أكثر المثبتين للقدر، فإنهم يقولون: إن الرب تعالى لا يرجح بمجرد القدرة، بل بإرادة مع القدرة.
وكذلك يقول كثير منهم في حق العبد: لا يرجح بمجرد القدرة، (1 بل بداع مع القدرة. 1) (1) وقد قال هذا كثير من أصحاب الأئمة الأربعة، وقاله من أصحاب أحمد القاضي أبو خازم (2) بن القاضي أبي يعلى] (3) .
وقد تقدم أن القول الوسط في ذلك أن لها تأثيرا من جنس تأثير (4) الأسباب في مسبباتها ليس لها تأثير الخلق والإبداع ولا وجودها كعدمها.
وتوجيه هذا الدليل (5) أن القادر يمتنع أن يرجح أحد مقدوريه (6) إلا بمرجح [وذلك أنه (7) إذا كان الفعل والترك نسبتهما إلى القادر سواء كان ترجيح أحدهما على الآخر ترجيحا لأحد المتماثلين على الآخر بلا مرجح، وهذا ممتنع في بدائه (8) العقول.
وهذا مبسوط في موضع آخر، وتبين فيه (9) خطأ من زعم أن القادر
**_________
(1) (1 - 1) ساقط من (أ) ، (ب) .
(2) في النسخ الثلاث: أبو حازم، وهو خطأ.
(3) هنا ينتهي السقط في نسختي (ن) ، (م) .
(4) أ، ب: تأثير مثل تأثير.
(5) أ: ويوجبه هذا الدليل، ب: ويوجب هذا الدليل.
(6) ن، م: أن يرجح مقدوره.
(7) ع: لأنه.
(8) أ، ع: بداية.
(9) ع: وبين فيه
============================
يرجح أحد المقدورين المتماثلين بلا مرجح] (1) وذلك المرجح لا يكون من العبد؛ لأن القول فيه كالقول في فعل العبد، فإن كان المرجح له قدرة العبد، فالقادر لا يرجح إلا بمرجح، فلا بد أن يكون المرجح [من الله، وعند وجود المرجح] (2) يجب وجود الفعل (3) وإلا لم يكن مرجحا تاما، فإنه إذا كان بعد وجود المرجح يجوز (4) وجود الفعل وعدمه كما كان قبل المرجح كان ممكنا، والممكن لا يترجح وجوده على عدمه إلا بمرجح، فلا بد من مرجح تام يجب عنده وجود الفعل.
وإذا كان العبد لا يحصل فعله إلا بمرجح من الله تعالى، وعند وجود ذلك المرجح يجب وجود (5) الفعل - كان فعله كسائر الحوادث التي تحدث بأسباب يخلقها الله تعالى يجب وجود الحادث عندها.
وهذا معنى كون الرب [تبارك وتعالى] خالقا (6) لفعل العبد، ومعنى ذلك أن الله تعالى يخلق في العبد القدرة التامة والإرادة الجازمة، وعند وجودهما (7) يجب وجود الفعل؛ لأن (8) هذا سبب تام للفعل، فإذا وجد السبب التام وجب وجود المسبب.
**_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(3) ن (فقط) يجد وجود العقل، وهو تحريف.
(4) ن، م، ع: يمكن.
(5) وجود: ساقطة من (أ) ، (ب) ، (م) .
(6) ن، م: كون الله تعالى، ع: كون الرب خالقا.
(7) أ: القدرة التامة والقدرة الجازمة عند وجودها، أ: القدرة التامة والقدرة التامة عند وجودها.
(8) أ: يجب لأن، ب: يجب الفعل لأن
========================
والله هو الخالق للمسبب (1) أيضا، كما أنه إذا خلق النار في الثوب فإنه لا بد (2) من وجود الحريق عقيب (3) ذلك، والكل مخلوق لله تعالى.
وأما معارضة ذلك (4) بفعل الله تعالى فالجواب عن ذلك (5) من وجوه:
أحدها: أن هذا برهان عقلي يقيني، واليقينيات لا يمكن أن يكون لها معارض يبطلها، وقدر أن المحتج بهذا من يقول بالموجب بالذات، (6) فهذا لا ينقطع بما ذكرته، لا سيما وعندهم هذه المسألة من العقليات التي تعلم بدون السمع، فلا بد فيها من جواب عقلي.
الثاني: أن يقال: قدرة الرب * (7) [لا يفعل بها إلا مع وجود مشيئته، فإن ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وليس كل ما كان قادرا عليه فعله.
قال تعالى: {بلى قادرين على أن نسوي بنانه} [سورة القيامة: 4] .
وقال تعالى: {قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض} [سورة الأنعام: 65] .
وقد ثبت في الصحيحين «عن جابر - رضي الله عنه - أنه لما نزلت هذه الآية {قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم} قال
**_________
(1) ن، م: خالق المسبب.
(2) ن، م: فلا بد.
(3) أ، ب: عقب، ن، م: عند.
(4) أ، ب: وأما معارضته.
(5) ن، م: عن هذا.
(6) أ، ب: من يقول بالذات.
(7) بعد عبارة قدرة الرب يوجد سقط في نسختي (ن) ، (م)
============================
النبي صلى الله عليه وسلم: " أعوذ بوجهك "، {أو من تحت أرجلكم} قال: " أعوذ بوجهك "، {أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض} قال: " هاتان أهون» " (1) .
وقال تعالى: {ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا} [سورة يونس: 99] ، وقد قال تعالى: {ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة} [سورة هود: 118] ، وقال: {ولو شاء الله ما اقتتلوا} [سورة البقرة: 253] ومثل هذا متعدد في القرآن.
وإذا كان لو شاءه لفعله، دل على أنه قادر عليه؛ فإنه لا يمكن فعل غير المقدور، وإذا كان كذلك علم أن الفعل لو وجد بمجرد كونه قادرا لوقع كل مقدور، بل لا بد مع القدرة من الإرادة.
وحينئذ قول القائل: فقدرة الرب] (*) (2) تفتقر إلى مرجح، لكن المرجح هو إرادة الله تعالى، وإرادة الله لا يجوز أن تكون من غيره، بخلاف إرادة العبد، وإذا كان المرجح إرادة الله، كان فاعلا باختياره لا موجبا بذاته بدون اختياره، وحينئذ فلا يلزم الكفر.
الثالث أن يقال: ما تعني بقولك يلزم أن يكون الله موجبا بذاته؟ أتعني به (3) أن يكون موجبا للأثر بلا قدرة ولا إرادة (4) ، أو تعني
**_________
(1) مضى هذا الحديث من قبل في هذا الكتاب 2 - 290
(2) هنا ينتهي السقط في (ن) ، (م) .
(3) ن، م: بذلك.
(4) أ، ب: بلا قدرة وإرادة
===========================
به أن يكون الأثر واجبا عند وجود (1) المرجح الذي هو الإرادة مثلا مع القدرة.
فإذا (2) عنيت الأول لم يسلم التلازم، (3) فإن الفرض (4) أنه قادر، وأنه مرجح [بمرجح] (5) فهنا شيئان: قدرة وأمر آخر، وقد فسرنا ذلك بالإرادة، فكيف يقال: إنه مرجح بلا قدرة ولا إرادة.
وإن أردت أنه يجب وجود الأثر إذا حصلت الإرادة مع القدرة فهذا حق، وهذا مذهب المسلمين، وإن سمى مسم هذا موجبا بالذات كان نزاعا لفظيا، والمسلمون يقولون: ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، فما شاء الله وجوده وجب وجوده بمشيئته وقدرته، وما لم يشأ وجوده امتنع وجوده لعدم مشيئته وقدرته، (6) فالأول واجب بالمشيئة، والثاني ممتنع لعدم المشيئة، وأما ما يقوله القدرية من أن الله يشاء ما لا يكون ويكون ما لا يشاء (7) فهذا الذي أنكره أهل السنة والجماعة عليهم.
والرابع أن يقال له: (8) إنه هو سبحانه قادر، فإذا أراد حدوث مقدور (9) ، فإما أن يجب وجوده، وإما أن لا يجب، فإن وجب حصل
**_________
(1) ن، م: أن يكون موجبا للأثر بلا قدرة الأثر واجبا عند وجود. . .، وهو تحريف.
(2) ن، م، ع: فإن.
(3) ع: لا نسلم التلازم، أ، ب: لم نسلم التزامه.
(4) ن، م، أ: الغرض.
(5) بمرجح: ساقطة من (ن) .
(6) وقدرته: ساقطة من (ب) فقط.
(7) ن، م: ما لم يكن ويكون ما لم يشأ.
(8) له: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(9) ع: وجود مقدور، أ: بحدوث مقدور
======================
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثالث
الحلقة (206)
صـ 273 إلى صـ 280
المطلوب وتبين وجوب (1) الأثر عند المرجح، سواء (2) سميت هذا موجبا بالذات أو لم تسمه (3) ، وإن لم يجب وجوده كان وجوده ممكنا قابلا للوجود والعدم، (4 فوجوده دون عدمه ممكن 4) (4) فلا بد له من مرجح، وهكذا هلم (5) جرا، كل ما قدر قابلا للوجود ولم يجب (6) وجوده كان وجوده (* ممكنا محتملا للوجود والعدم، فلا يوجد حتى يحصل المرجح التام الموجب بالذات (7) لوجوده، فتبين أن كل ما وجد فقد وجب وجوده *) (8) بمشيئة الله وقدرته، وهو المطلوب.
وهذا قول طائفة من المعتزلة (9) . كأبي الحسين البصري وغيره، وطائفة من القدرية في هذا الباب يقولون: عند وجود المرجح صار الفعل أولى به، ولا تنتهي الأولوية (10) إلى حد الوجوب [كما يقول ذلك محمود الخوارزمي الزمخشري ونحوه] (11)
**_________
(1) م: وجود.
(2) أ، ن، م، ع: وسواء.
(3) أ، ب: ولم تسم.
(4) (4 - 4) ساقطة من (ب) ، وفي أ: دون عدمه ممكن.
(5) أ، ب، ع: وهلم.
(6) ن، م: لم يجب.
(7) بالذات: زيادة في (ع) .
(8) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
(9) ن، م: القدرية
(10) أ، ب: الألوهية وهو تحريف.
(11) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ، وفي (أ) : الخوارزمي والزمخشري ونحوه. وهو أبو القاسم جار الله محمود بن عمر بن محمد بن أحمد الخوارزمي الزمخشري، من أئمة متأخري المعتزلة، ومن علماء اللغة والتفسير، وهو صاحب الكشاف في التفسير، ولد سنة 476 وتوفي سنة 538. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 4 - 254، 260، لسان الميزان 6/4 شذرات الذهب 4 - 118، 121، العبر 4 - 106، الأعلام 8 - 55
==========================
وهو (1) باطل، فإنه إذا لم ينته إلى حد الوجوب كان ممكنا فيحتاج إلى مرجح، فما ثم إلا واجب أو ممكن، والممكن يقبل الوجود والعدم.
وطائفة ثالثة من القدرية [والجهمية ومن اتبعهم من أصحاب أبي الحسين (2) وغيرهم من المتكلمين، وطوائف من أصحاب الأئمة الأربعة والشيعة وغيرهم] (3) يقولون: القادر يرجح بلا مرجح، فيجعلون الإرادة حادثة بلا مرجح لحدوثها، ويجعلون إرادة الله حادثة لا في محل، ويجعلون الفعل معها ممكنا لا واجبا، وهذا من أصولهم التي اضطربوا فيها في مسألة فعل الله، وحدوث العالم، وفي مسألة فعل (4) العبد والقدر.
الوجه الخامس: أن يقال: لفظ الموجب (5) بالذات لفظ فيه إجمال، فإن عني به ما يعنيه الفلاسفة (6) من أنه علة تامة مستلزمة (7) للعالم فهذا باطل ; لأن العلة التامة تستلزم معلولها، ولو كان العالم معلولا لازما لعلة أزلية لم يكن فيه حوادث، فإن الحوادث لا تحدث (8) عن علة تامة أزلية، وهذا خلاف المحسوس.
**_________
(1) ن، م: وهذا.
(2) ع: أبي الحسن.
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(4) أ، ب: وفي حدوث فعل.
(5) ن، م: فالجواب أن يقال: لفظ الواجب.
(6) أ، ب: ما يعني به الفلاسفة.
(7) أ، ب: مستلزم.
(8) ن، م: لا تخلو
=============================
وسواء قيل: إن تلك العلة التامة ذات مجردة عن الصفات، كما يقوله نفاة الصفات من المتفلسفة كابن سينا وأمثاله، أو قيل: إنه ذات (1) موصوفة بالصفات لكنها مستلزمة لمعلولها - فإنه باطل أيضا (2) .
وإن (3) فسر الموجب بالذات بأنه يوجب (4) بمشيئته وقدرته كل واحد [واحد] (5) من المخلوقات في الوقت الذي أحدثه فيه (6) ، فهذا دين المسلمين وغيرهم من أهل الملل ومذهب أهل السنة. فإذا قالوا: إنه بمشيئته وقدرته يوجب (7) أفعال العباد وغيرها (8) من الحوادث [فهو] (9) موافق لهذا المعنى لا للمعنى الذي قالته الدهرية.
الوجه السادس أن يقال: (10) ما ذكرته أنت من الحجة العقلية وهو استناد أفعالنا الاختيارية إلينا، ووقوعها بحسب اختيارنا - معارض بما ليس من أفعالنا مثل الألوان، فإن الإنسان يحصل اللون الذي يريد حصوله في الثوب بحسب اختياره، وهو مستند إلى طبيعته وصنعته، (11) ومع هذا فليس اللون مفعولا له.
**_________
(1) ع: إن ذاته.
(2) في كل النسخ: لكنه باطل أيضا، ورجحت أن يكون الصواب ما أثبته لتستقيم العبارة.
(3) أ، ب: فإن.
(4) أ، ب، ن، م: موجب.
(5) واحد: زيادة في (ع) .
(6) فيه: زيادة في (ن) ، (م) .
(7) ن، م: موجب.
(8) أ، ب: أو غيرها.
(9) فهو: زيادة في (ب) فقط.
(10) ن، م: الدهرية فالجواب أن يقال.
(11) ع: إلى طبيعته وصبغته، ن: إلى صنيعته، م: إلى صنعته
===========================
وأيضا فما ينبت من الزرع والشجر قد يحصل بحسب (1) اختياره، وهو مستند إلى ازدراعه (2) ، وليس الإنبات من فعله، فليس كل ما استند إلى العبد ووقع بحسب اختياره كان مفعولا له، وهذه المعارضة (3) أصح من تلك، فإنها معارضة عقلية بنفس ألفاظ الدليل، (4 وتلك ليست معارضة عقلية (4) ولا هي بنفس ألفاظ الدليل 4) (5) .
[الوجه (6) السابع: أن يقال: هذا الإمامي وأمثاله متناقضون، فإنه قد ذكر في غير هذا الموضع أنه مع الداعي والقدرة (7 يجب الفعل، وهنا قال: إنه مع الداعي والقدرة 7) (7) لا يجب الفعل، فعلم أن القوم يتكلمون بحسب ما يرونه (8) ناصرا لقولهم، لا يعتمدون على حق يعلمونه، ولا يعرفون حقا (9) يقصدون نصره.
**[فصل الكلام على قول الرافضي أي شركة هنا والرد عليه]
فصل] (10) .
وأما قوله: أي شركة هنا؟ (11) .
فيقال: إذا كانت الحوادث حادثة (12) بغير فعل الله ولا قدرته (13) فهذه
**_________
(1) ع: بسبب.
(2) ن: إلى ذراعه، م: اذرادعه، وكلاهما تحريف.
(3) أ، ب: المعارضات.
(4) ن: فعلية.
(5) (4 - 4) ساقط من (م) .
(6) الوجه: ساقطة من (ع) .
(7) (7 - 7) ساقط من (أ) ، (ب) .
(8) أ، ب: بما يرونه.
(9) أ: خفاء، وهو تحريف.
(10) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(11) ن: أي شركة هاهنا، م: أي شرك هاهنا. وفي (ب) : أي شركة هنا إلى آخره.
(12) ن، م: حدثت.
(13) أ، ب: وقدرته
=============================
مشاركة لله (1) صريحة [ولهذا شبه هؤلاء بالمجوس الذين يجعلون فاعل الشر غير فاعل الخير، فيجعلون لله شريكا آخر] (2) وما ذكره من التمثيل بالسلطان يقرر المشاركة، فإن [نواب] (3) السلطان شركاء له [في ملكه] (4) ، وهو محتاج إليهم، ليس هو خالقهم ولا ربهم، [بل ولا خالق قدرتهم] (5) بل هم معاونون له على تدبير الملك بأمور خارجة عن قدرته، ولولا ذلك لكان عاجزا عن الملك.
فمن جعل أفعال العباد مع الله بمنزلة أفعال نواب السلطان معه فهذا (6) صريح الشرك الذي لم يكن يرتضيه عباد الأصنام؛ لأنه (7) شرك في الربوبية لا في الألوهية، فإن عباد الأصنام كانوا يعترفون بأنها (8) مملوكة لله، فيقولون: لبيك لا شريك لك، إلا شريكا (9) هو لك تملكه وما ملك.
وهؤلاء يجعلون ما يملكه (10) العبد من أفعاله ملكا لله (11)
**_________
(1) لله: ليست في (ع) .
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(3) نواب: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) في ملكه: زيادة في (ع) .
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(6) أ، ب: مع الله بمنزلة نواب السلطان معه، ن: مع الله بمنزل أو قال: نواب السلطان معه، م: مع الله بمنزلة أفعاله بواسطة السلطان معه.
(7) ن، م: لكنه.
(8) أ، ب: يعرفون أنها، م: يعتقدون أنها.
(9) ن، م: لك لبيك إلا شريكا.
(10) أ، ب: ما ملكه، ع: ما يملك.
(11) أ: ملكا له، ب: ملكا لله تعالى، فعلا لله، م: فعلا منه
==========================
ولهذا قال ابن عباس [رضي الله عنهما] : (1) الإيمان بالقدر نظام التوحيد، فمن (2) وحد الله وآمن بالقدر تم توحيده، ومن وحد الله وكذب بالقدر نقص تكذيبه توحيده (3) .
وقول القدرية يتضمن (4) الإشراك والتعطيل، فإنه يتضمن إخراج بعض الحوادث عن أن يكون لها فاعل، ويتضمن إثبات فاعل مستقل غير الله.
وهاتان شعبتان من شعب (5) الكفر، فإن أصل كل كفر التعطيل أو الشرك (6) ، وبيان ذلك أنهم يقولون: إن الإنسان صار مريدا فاعلا بإرادته بعد أن لم يكن كذلك بدون محدث أحدث ذلك، فإنه لم يكن مريدا للفعل ولا فاعلا له، (7 ثم صار مريدا للفعل فاعلا له 7) (7) .
وهذا الأمر (8) حادث بعد أن لم يكن، وهو عندهم حادث بلا إحداث أحد، وهذا أصل التعطيل، فمن جوز أن يحدث حادث بلا إحداث أحد، وأن يترجح وجود الممكن على عدمه بلا مرجح، وأن يتخصص أحد المتماثلين بلا مخصص - كان هذا تعطيلا لجنس الحوادث والممكنات
**_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ، وفي (ع) : رضي الله عنه.
(2) ن، م: ومن.
(3) أ، ب: نقض توحيده تكذيبه، ع: نقص توحيده تكذيبه، م: بعض تكذيبه توحيده.
(4) ن، م، ع: متضمن.
(5) ن، م: شعبة.
(6) ن، أ، ب: التعطيل والشرك.
(7) (7 - 7) ساقط من (أ) ، (ب) .
(8) ن، م، ع: أمر
========================
أن يكون (1) لها فاعل، والله فاعلها بلا شك، فهو (2) تعطيل له (3) أن يكون خالقا لمخلوقاته.
وأما الشرك فلأنهم يقولون: العبد مستقل بإحداث هذا الفعل من غير أن يكون الله جعله محدثا له، كأعوان الملوك الذين يفعلون أفعالا بدون أن يكون الملوك جعلتهم فاعلين لها، وهذا إثبات شركاء مع الله يخلقون كبعض (4) مخلوقاته.
وهذان المحذوران - التعطيل والإشراك في الربوبية - لازمان (5) لكل من أثبت فاعلا مستقلا غير الله، كالفلاسفة الذين يقولون: إن الفلك يتحرك (6) حركة اختيارية، بسببها تحدث الحوادث من غير أن يكون قد حدث من جهة الله ما يوجب حركته، ولا كان فوقه متجدد (7) يقتضي حركته، وذلك لأن حركة الفلك حينئذ باختياره تكون كحركة الإنسان باختياره.
فيقال: مصير الفلك متحركا باختياره وقدرته (8) أمر ممكن لا واجب بنفسه، فلا بد [له] (9) من مرجح تام، وما من وقت إلا وهو يتحرك فيه
**_________
(1) ع: وأن يكون.
(2) ن، م: وهو.
(3) أ: به، ب: لله.
(4) أ، ع: لبعض ب: بعض.
(5) م: لازما، ن، ع، أ، ب: لازم.
(6) ن: متحركة.
(7) أ: محدود، ب: محدد، ن، م: متحدد.
(8) ن: بقدرته واختياره.
(9) له: ساقطة من (ن) ، (م)
========================
باختياره وقدرته، فلا بد لكونه متحركا من أمر أوجب ذلك، وإلا لزم حدوث الحوادث (1) بلا محدث.
فإن قيل: الموجب بذاته هو المرجح أو الفاعل (2) : سواء كان بواسطة أو بلا واسطة، وهي (3) ما صدر عنه من العقل أو العقول (4) .
قيل: هذا باطل؛ لأن الموجب بذاته على حال (5) واحدة عندهم من الأزل إلى الأبد، فيمتنع أن يصدر عنه حادث بعد أن لم يكن ذلك الحادث صادرا عنه، وكل جزء من أجزاء الحركة حادث بعد أن لم يكن، (6) فيمتنع أن يكون [ذلك الحادث] ثابتا (7) في الأزل، فامتنع أن يكون فاعله علة تامة في الأزل، (8 فعلم امتناع صدور هذه الحوادث عن علة تامة في الأزل 8) (8) .
وأيضا فمرجح الحوادث إن كان مرجحا تاما (9) في الأزل لزمه المفعول، ولم يحدث عنه بعد ذلك شيء، وإن لم يكن مرجحا تاما (10) في الأزل، فقد صار مرجحا بعد أن لم يكن، ويمتنع أن يكون غيره جعله مرجحا، فيكون المرجح له ما يقوم به من إرادته ونحو ذلك، وتلك (11) الأمور لم تكن
**_________
(1) أ، ب: حوادث.
(2) ن، م: والفاعل.
(3) ن، م: وهو.
(4) ن: الفعل أو القول ; م: الفعل أو العقل، أ، ب: الفعل أو المفعول.
(5) ن، م: حالة.
(6) أ، ب: صارت بعد أن لم تكن.
(7) ن، م: ممتنع أن يكون ثابتا، ع: فيمتنع أن يكون ثابتا.
(8) (8 - 8) ساقط من (أ) ، (ب) ، وهي في (ن) ، (م) إلا أن فيهما " عن علة ثابتة ".
(9) أ، ب: ثابتا.
(10) أ، ب: ثابتا.
(11) أ، ب: فتلك
===========================
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثالث
الحلقة (207)
صـ 281 إلى صـ 288
مرجحا تاما في الأزل، وإلا لبطلت (1) الحوادث، فامتنع أن يكون صدر عن المرجح في الأزل شيء [مقارن له] (2) فامتنع قدم الفلك.
وأيضا صار مرجحا لما يرجحه بعد أن لم يكن كذلك فوجب إضافة الحوادث إليه؛ لوجوب إضافة الحوادث (3) إلى المرجح التام، فثبت أن فوق الأفلاك مؤثرا يتجدد تأثيره وهو المطلوب.
وهؤلاء إذا لم يثبتوا ذلك كانوا معطلين لحركة الفلك والحوادث (4) أن يكون لها فاعل، وهذا التعطيل أعظم من تعطيل أفعال العباد [أن يكون لها محدث] (5) .
وأيضا فقد جعلوا الفلك [يفعل] (6) بطريق الاستقلال، كما جعلت القدرية الحيوان يفعل بطريق الاستقلال من غير أن يخلق الله له عند كل حركة قدرة (7) مقارنة للحركة؛ لأن الفلك عندهم تحدث عنه الثانية بعد الأولى، فشرط الثانية انقضاء الأولى، كالذي يقطع (8) مسافة شيئا بعد شيء، ولكن ذاك الذي يقطع المسافة إنما قطع الثانية بقدرة وإرادة قامت به وحركات قطع بها الثانية، فالفاعل تجدد له من الإرادة والقوة ما قطع به المسافة الثانية، فكان يجب أن يتجدد للفلك في كل وقت من
**_________
(1) أ: فبطلت، ب: بطلت.
(2) مقارن له: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) ن، م، ع: الحادث.
(4) ب فقط: وللحوادث.
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(6) يفعل: ساقطة من (ن) .
(7) أ، ب: عند ذلك حركة وقدرة.
(8) ن، م: قطع
===========================
الإرادة والقدرة ما يتحرك به، (1) لكن المجدد له [ذلك] (2) لا بد أن يكون غيره؛ لأنه ممكن لا واجب، فالحوادث (3) فيه لا يجوز أن تكون منه؛ لأنه إن أحدث (4) الثاني بعد الأول لزم أن يكون المؤثر التام موجودا عند الثاني، وإن كان حصل له كمال التأثير [في] (5) الثاني بعد انقضاء الأول فلا بد لذلك الكمال من فاعل، وهؤلاء يجوزون أن يكون فاعله ما تقدم (6) فوجب أن يكون له في كل حال من الأحوال فاعل يحدث ما به يتحرك، وهذا بخلاف الواجب بنفسه، فإن ما يقوم به من الأفعال لا يجوز أن يصدر عن غيره.
**[شرك الفلاسفة وتعطيلهم أعظم بكثير من شرك القدرية وتعطيلهم]
وشرك هؤلاء المتفلسفة وتعطيلهم أعظم بكثير من شرك القدرية وتعطيلهم، فإن هؤلاء يجعلون (7) الفلك هو المحدث للحوادث التي في الأرض كلها، فلم يجعلوا لله شيئا أحدثه، (8) بخلاف القدرية فإنهم أخرجوا عن إحداثه أفعال الحيوان وما تولد عنها. فقد لزمهم التعطيل من إثبات حوادث بلا محدث وتعطيل الرب عن (9) إحداث شيء من الحوادث، وإثبات شريك فعل جميع الحوادث.
**_________
(1) أ، ب: والقوة ما يتحول به.
(2) ذلك: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) أ، ب: والحوادث.
(4) إذا حدث، ب: ذا حدث، ن، م: لما أحدث.
(5) في: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) ن، م، ع: وهؤلاء يجوز أن يكون فاعله لما تقدم.
(7) ن، م: جعلوا.
(8) أحدثه: ساقطة من (أ) ، (ب) ، وفي (ع) : فلم يجعلوا الله أحدثه.
(9) ن، م: على
=============================
ومن العجب أنهم ينكرون على القدرية [وغيرهم] (1) قولهم: إن الرب ما زال عاطلا عن الفعل حتى أحدث العالم، وهم يقولون: ما زال ولا يزال معطلا عن الإحداث، بل عن الفعل، فإن ما لزم ذاته كالعقل (2) والفلك ليس هو في الحقيقة فعلا له؛ إذ الفعل لا يفعل (3) إلا شيئا بعد شيء، فأما ما لزم الذات (4) فهو من باب الصفات بمنزلة لون (5) الإنسان وطوله، فإنه يمتنع أن يكون فعلا له، بخلاف حركاته (6) فإنها فعل له، وإن قدر أنه لم يزل متحركا كما يقال في نفس الإنسان (7) : إنها لم تزل تتحول (8) من حال إلى حال، وإن القلب أشد تقلبا من القدر إذا استجمعت غليانا (9) - فكون (10) الفاعل الذي هو في نفسه يقوم به فعله (11) يحدث شيئا بعد شيء معقول، (12) بخلاف ما لزمه لازم يقارنه في الأزل، فهذا لا يعقل أن يكون مفعولا له.
فتبين أنهم في الحقيقة لا يثبتون للرب فعلا أصلا، فهم معطلة حقا
**_________
(1) وغيرهم: ساقطة من (ن) .
(2) أ، ن: كالفعل، وهو تحريف.
(3) ن، م: لا يعقل، وهو تحريف.
(4) ن، م: الإرادات، وهو تحريف.
(5) ن، م: كون، وهو تحريف.
(6) ع: تحركاته.
(7) ن، م: في نفسه.
(8) أ، ب، ن، م: تتحرك.
(9) ن، م: عليا.
(10) ب فقط: يكون.
(11) ب فقط: فعل.
(12) أ: مفعول، ب: مفعولا
==========================
وأرسطو وأتباعه إنما أثبتوا (1) العلة الأولى من جهة كونها (2) علة غائية، (3) كحركة الفلك، فإن حركة الفلك عندهم بالاختيار كحركة الإنسان، والحركة الاختيارية لا بد لها من مراد، فيكون هو مطلوبها.
[ومعنى ذلك عندهم أن الفلك يتحرك للتشبه (4) بالعلة الأولى كحركة المؤتم بإمامه والمقتدي (5) بقدوته، وهذا معنى تشبيهه بحركة المعشوق للعاشق، ليس المعنى أن ذات الله محركة للفلك، إنما مرادهم أن مراد الفلك أن يكون مثله بحسب الإمكان، وهذا باطل من وجوه لبسطها موضع آخر] (6) .
فقالوا: إن العلة الأولى وهي (7) التي يتحرك الفلك لأجلها (8) علة له تحركه (9) كما تحرك العاشق للمعشوق (10) بمنزلة الرجل الذي اشتهى طعاما (11) ، فمد يده إليه أو رأى من يحبه، فسعى إليه - فذاك (12) المحبوب هو المحرك؛ لكون المتحرك أحبه، لا لكونه أبدع الحركة ولا فعلها.
**_________
(1) ع: أثبت، أ، ب: يثبتون.
(2) أ، ب: أنها.
(3) ن: عامة، وهو تحريف.
(4) أ، ب: بالتشبيه.
(5) أ، ب: والجندي.
(6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(7) وهي: كذا في (ب) فقط، وفي سائر النسخ: هي.
(8) بعد كلمة " لأجلها " توجد في نسختي (ن) ، (م) عبارات جاءت في غير موضعها.
(9) أ، ب: محركة.
(10) أ، ب: كما يحرك المعشوق العاشق ; ع: كما تحرك المعشوق للعاشق.
(11) م: طعاما وشرابا.
(12) ن، م: فكذلك ; ع: فذلك
==========================
وحينئذ فلا يكون (1) قد أثبتوا لحركة الفلك محدثا أحدثها غير الفلك، كما [لم] (2) تثبت القدرية لأفعال الحيوان محدثا أحدثها (3) غير الحيوان؛ ولهذا كان الفلك عندهم حيوانا كبيرا، بل يقولون: إن الفلك يتحرك للتشبه (4) بالعلة الأولى؛ لأن (5) العلة الأولى معبودة له محبوبة له.
ولهذا قالوا: إن الفلسفة هي التشبه بالإله (6) على حسب الطاقة. ففي الحقيقة ليس عندهم الرب: لا إلها للعالم (7) ولا ربا للعالمين [بل (8) غاية ما يثبتونه أنه (9) يكون شرطا في وجود العالم] (10) وأن كمال المخلوق في أن يكون متشبها به، (11) فهذا هو الألوهية عندهم، وذلك هو الربوبية (12) ؛ ولهذا كان قولهم شرا من قول اليهود والنصارى، وهم أبعد عن المعقول والمنقول منهم، كما قد بسط في غير هذا الموضع (13) .
**_________
(1) أ: فحينئذ لا يكون، ب: فحينئذ لا يكونوا، ن، م: فحينئذ لا يكونون.
(2) لم: ساقطة من (ن) ، وفي (م) : لا.
(3) أحدثها: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) أ، ب: للتشبيه.
(5) أ، ب: لا لأن. . . إلخ، وهو خطأ.
(6) أ، ب: إن الفلاسفة هي المثبتة للإله، ن: هي النسبة بالآية، م: هي النسبة تالاله، وكل ذلك تحريف.
(7) ن، م: ليس للرب عندهم إلا إلها للعالم، ع: ليس عندهم لا إلها للعالم.
(8) بل: زيادة في (ع) .
(9) أ، ب: أن.
(10) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(11) ن: أن يكون متشابه، وهو تحريف.
(12) أ، ب: وهذا هو الإله عندهم، وذاك هو الربوبية، ن، م: وهذا هو إله عندهم، وهذا هو الربوبية.
(13) أ، ب: كما بسط في غير هذا الموضع، والله أعلم
==========================
فتبين أن هؤلاء المتفلسفة قدرية في جميع حوادث العالم، وأنهم من أضل بني آدم؛ ولهذا يضيفون الحوادث إلى الطبائع التي في الأجسام، فإنها (1) بمنزلة القوى التي في الحيوان، فيجعلون كل محدث فاعلا مستقلا، كالحيوان عند القدرية، ولا يثبتون محدثا للحوادث (2) .
وحقيقة قول القوم (3) الجحود لكون الله رب العالمين، (4) (4 فلا يثبتون أن يكون الله رب العالمين 4) (5) ، بل غايتهم (6) أن يجعلوه (7) شرطا في وجود العالم، وفي التحقيق هم معطلة لكون الله رب العالمين، كقول من قال: إن الفلك واجب الوجود [بنفسه] (8) منهم.
لكن هؤلاء أثبتوا علة (9) إما غائية عند قدمائهم، وإما فاعلية عند متأخريهم، وعند التحقيق لا حقيقة لما أثبتوه (10) ؛ ولهذا أنكره الطبائعيون (11) منهم.
وإذا قدر أن الفلك يتحرك باختياره من غير أن يكون الله خالقا لحركته، فلا دليل على (12) أن المحرك له علة (13) معشوقة يتشبه بها، بل يجوز
**_________
(1) ن، م: وأنها.
(2) ن، م: ولا يثبتون محدث الحوادث.
(3) أ: قول القائل، ب: قولهم.
(4) ساقط من (أ) ، (ب) .
(5) (4 - 4) : ساقط من أ، ب
(6) ن، م: بل غايته.
(7) أ: أن يجعلون.
(8) بنفسه: زيادة في (أ) ، (ب) .
(9) أ، ب: يثبتون العلة.
(10) أ: لما يثبتوه، ب: لما يثبتونه.
(11) أ: ولهذا أنكر الطبائعيون، ب: ولهذا أنكر ذلك الطبائعيون.
(12) على: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(13) علة: ساقطة من (أ) ، (ب)
=========================
أن يكون المتحرك هو المحرك، كما قد بسط الكلام على هذا في غير هذا الموضع، وتبين (1) الكلام على [بطلان] ما ذكره (2) أرسطو في العلم الإلهي من وجوه متعددة، وأن هؤلاء من أجهل الناس بالله [عز وجل] . (3)
ومن دخل في أهل الملل [منهم] (4) كالمنتسبين إلى الإسلام كالفارابي وابن سينا ونحوهما من ملاحدة (5) المسلمين، وموسى بن ميمون ونحوه من ملاحدة اليهود، ومتى ويحيى بن عدي ونحوهما من ملاحدة النصارى - فهم مع كونهم من ملاحدة أهل الملل، فهم أصح عقلا (6) ونظرا في العلم الإلهي من المشائين كأرسطو وأتباعه، وإن كان لأولئك من تفصيل الأمور الطبيعية والرياضية أمور كثيرة سبقوا هؤلاء إليها (7) .
فالمقصود هنا أن الأمور الإلهية أولئك أجهل بها وأضل فيها، (8) فإن هؤلاء حصل لهم نوع ما من نور أهل الملل وعقولهم (9) وهداهم، فصاروا به أقل ظلمة من أولئك؛ ولهذا عدل ابن سينا عن طريقة سلفه في إثبات العلة الأولى، وسلك الطريقة المعروفة له [في تقسيم الوجود إلى واجب وممكن، وأن الممكن مستلزم للواجب.
**_________
(1) ع، ن: وبين.
(2) أ، ن، م: على ما ذكره، ع: على ما قاله.
(3) عز وجل زيادة في (أ) ، (ب) .
(4) منهم: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) أ: وأمثالهم عن ملاحدة، ب: وأمثالهم من ملاحدة، ع: وأمثالهما ملاحدة.
(6) أ: الملل فهم أقبح عقلا، ب: الملل أقبح عقلا.
(7) أ: سبقوا بها هؤلاء إليها، ب: سبقوا بها هؤلاء.
(8) فيها: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(9) ن، م: وعقلهم
========================
وهذه الطريقة هي المعروفة له] (1) ولمن اتبعه كالسهروردي (2) المقتول ونحوه من الفلاسفة، [وأبي حامد] والرازي (3) والآمدي وغيرهم (4) من متأخري [أهل] الكلام، (5) الذين خلطوا الفلسفة بالكلام.
[وهؤلاء المتكلمون المتأخرون الذين خلطوا الفلسفة بالكلام] (6) : (* كثر (7) اضطرابهم وشكوكهم وحيرتهم بحسب ما ازدادوا به من ظلمة هؤلاء (8) المتفلسفة الذين خلطوا الفلسفة بالكلام *) (9) فأولئك قلت ظلمتهم بما دخلوا فيه من كلام أهل الملل، وهؤلاء كثرت ظلمتهم بما دخلوا فيه من كلام أولئك المتفلسفة.
هذا مع أن في المتكلمين من أهل الملل من الاضطراب والشك في أشياء، والخروج عن الحق في مواضع، واتباع الأهواء (10) في مواضع، والتقصير في الحق في مواضع - ما ذمهم لأجله علماء الملة وأئمة الدين، (11) فإنهم قصروا في (12) معرفة الأدلة العقلية التي ذكرها الله في كتابه، فعدلوا
**_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م)
(2) أ: كالشهرستاني، ع: كالسهرزمدي، وكلاهما تحريف.
(3) ن، م: من الفلاسفة والرازي، ع: من الفلاسفة وأبو حامد والرازي، أ، ب: من الفلاسفة وأبي حامد الرازي.
(4) ن، م: وغيرهما.
(5) ن: من متأخرة الكلام، ع، م: من متأخرة أهل الكلام.
(6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ، (ع) .
(7) أ، ب: أكثر.
(8) ن: ما أرادوا به من ظلمة، أ: ما أرادوا به ظلمة هؤلاء، ب: ما ازدادوا به ظلمة من هؤلاء.
(9) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
(10) أ، ب: الهوى.
(11) أ، ب: علماء الملة والدين، ن: علماء الأئمة والسلف وأئمة الدين.
(12) أ، ب: عن
====================
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثالث
الحلقة (208)
صـ 289 إلى صـ 296
عنها إلى طرق (1) أخرى مبتدعة فيها من الباطل ما لأجله خرجوا عن بعض الحق المشترك [بينهم وبين غيرهم] (2) ، ودخلوا في بعض الباطل المبتدع، (3) وأخرجوا من (4) التوحيد ما هو منه كتوحيد الإلهية، وإثبات حقائق أسماء الله وصفاته، ولم يعرفوا من التوحيد إلا توحيد الربوبية، وهو الإقرار بأن الله خالق كل شيء وربه (5) .
وهذا التوحيد كان يقر به المشركون الذين قال الله عنهم: {ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله} [سورة لقمان: 25] وقال تعالى: {قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم - سيقولون لله} الآيات (6) [سورة المؤمنون: 86، 87] .
وقال عنهم {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون} [سورة يوسف: 106] .
قال طائفة من السلف: يقول لهم (7) من خلق السماوات والأرض؟ فيقولون: الله، وهم مع هذا (8) يعبدون غيره.
وإنما التوحيد الذي أمر الله به العباد هو توحيد الألوهية، المتضمن
**_________
(1) ن، م: طريق.
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من ن، م.
(3) أ، ب: المبدع.
(4) ن، م: عن.
(5) وربه: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(7) أ، ب: فالطائفة من السلف تقول لهم.
(8) أ، ب: ذلك
============================== ==
لتوحيد (1) الربوبية، بأن يعبد الله وحده لا يشركون به شيئا، (2) فيكون الدين كله لله، ولا يخاف إلا الله، ولا يدعى (3) إلا الله، ويكون الله أحب إلى العبد (4) من كل شيء، فيحبون لله، ويبغضون لله، ويعبدون الله ويتوكلون عليه (5) .
والعبادة تجمع غاية الحب وغاية الذل، (6) فيحبون الله بأكمل محبة، ويذلون له (7) أكمل ذل، ولا يعدلون به، ولا يجعلون له أندادا، ولا يتخذون من دونه أولياء ولا شفعاء.
كما قد بين القرآن هذا التوحيد في غير موضع، وهو قطب رحى القرآن الذي يدور عليه [القرآن] (8) وهو يتضمن التوحيد في العلم والقول، والتوحيد في الإرادة والعمل.
فالأول كما في قوله تعالى: {قل هو الله أحد - الله الصمد - لم يلد ولم يولد - ولم يكن له كفوا أحد} [سورة الإخلاص] . ولهذا كانت هذه السورة تعدل ثلث القرآن؛ لأنها صفة الرحمن.
والقرآن ثلثه توحيد، وثلثه قصص، وثلثه أمر ونهي؛ لأنه كلام الله، والكلام إما إنشاء وإما إخبار، والإخبار إما عن الخالق وإما عن
**_________
(1) أ، ب: توحيد.
(2) أ، ب: بأن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئا، ع: بأن يعبد الله وحده لا يشرك به شيء.
(3) أ، ب، م: ولا يدعوا.
(4) ن، م: أحب إليهم.
(5) ع: على الله.
(6) أ، ب: وما به الذل، وهو تحريف.
(7) له: ساقطة من (ب) فقط.
(8) ن، م: رحى الحيوان الذي يدور عليه
=========================
المخلوق، فصار ثلاثة أجزاء: جزء أمر ونهي وإباحة وهو الإنشاء، وجزء إخبار عن المخلوقين (1) ، وجزء إخبار عن الخالق، ف " {قل هو الله أحد} " صفة الرحمن [محضا] (2) .
[وقد بسطنا الكلام على تحقيق قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «إنها تعدل ثلث القرآن» (3) في مجلد (4) ، وفي تفسيرها في مجلد آخر (5) ] (6) .
و [أما] التوحيد في [العبادة و] الإرادة والعمل (7) فكما في سورة: {قل ياأيها الكافرون - لا أعبد ما تعبدون - ولا أنتم عابدون ما أعبد - ولا أنا عابد ما عبدتم - ولا أنتم عابدون ما أعبد - لكم دينكم ولي دين} [سورة.
**_________
(1) ع: عن المخلوقات، ن، م: عن المخلوق.
(2) محضا: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) الحديث عن جماعة من الصحابة منهم: أبو هريرة، وأبو سعيد الخدري، وأبو الدرداء، وأنس بن مالك في البخاري 6 - 189 كتاب فضائل القرآن، باب فضل قل هو الله أحد 9 - 114 - 115 كتاب التوحيد، باب ما جاء في دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته إلى توحيد الله تبارك وتعالى، مسلم 556 - 557 كتاب صلاة المسافرين، باب فضل قراءة قل هو الله أحد، سنن أبي داود 2 - 97، 98 كتاب الوتر، باب في سورة الصمد، سنن الترمذي 4 - 240، 243 كتاب فضائل القرآن، باب ما جاء في سورة الإخلاص، وفي سورة إذا زلزلت، باب ما جاء في سورة الإخلاص، سنن ابن ماجه 2 - 1244 كتاب الأدب باب ثواب القرآن، المسند، ط المعارف 18 - 152، 153.
(4) لابن تيمية كتاب جواب أهل العلم والإيمان في تفسير أن قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن، وقد طبع أكثر من مرة؛ فطبع في المطبعة الخيرية، سنة 1325، وأعيد نشره في مجموع فتاوى الرياض 17 - 5، 213.
(5) وهو كتاب " تفسير سورة الإخلاص " ونشر مرتين في القاهرة، ثم في مجموع فتاوى الرياض 17 - 214، 503.
(6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(7) ن، م: والتوحيد في الإرادة والعمل، ع: وأما التوحيد في الإرادة والعبادة والعمل
=======================
الكافرون] . فالتوحيد [الأول] (1) يتضمن إثبات نعوت الكمال لله بإثبات أسمائه الحسنى وما تتضمنه من صفاته، و [الثاني] : يتضمن (2) إخلاص الدين له كما قال: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين} [سورة البينة: 5] فالأول براءة من التعطيل، والثاني براءة من الشرك (3) وأصل الشرك (4) : إما التعطيل (5) مثل تعطيل (6) فرعون موسى، والذي حاج إبراهيم في ربه خصم إبراهيم، (7) والدجال مسيح الضلال خصم مسيح الهدى عيسى بن مريم [صلى الله عليه وسلم] (8) ، وإما الإشراك وهو كثير في الأمم أكثر من التعطيل، وأهله خصوم جمهور (9) الأنبياء.
وفي خصوم إبراهيم ومحمد - صلى الله عليه وسلم - معطلة ومشركة، لكن التعطيل المحض [للذات] (10) قليل، وأما الكثير فهو تعطيل صفات الكمال، وهو مستلزم لتعطيل الذات، فإنهم يصفون واجب الوجود بما يوجب (11) أن يكون ممتنع الوجود.
**_________
(1) الأول: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) ن، م: ويتضمن.
(3) ن، م: الإشراك.
(4) ن، م: الكفر.
(5) أ، ب: إما تعطيل.
(6) ن، م: مثل كفر.
(7) خصم إبراهيم: زيادة في (ن) ، (م) .
(8) صلى الله عليه وسلم: زيادة في (أ) ، (ب) .
(9) ن، م: جميع.
(10) للذات: ساقطة من (ن) ، (م) .
(11) أ، ب: يجب، ع: وجب
========================
ثم إنه [كل] من كان (1) إلى الرسول [صلى الله عليه وسلم] (2) وأصحابه والتابعين لهم بإحسان أقرب، كان أقرب إلى كمال التوحيد والإيمان والعقل والعرفان، وكل من كان عنهم أبعد كان عن ذلك أبعد، (3) فمتأخرو متكلمة الإثبات الذين (4) خلطوا الكلام بالفلسفة كالرازي والآمدي ونحوهما هم [دون أبي المعالي الجويني وأمثاله في تقرير التوحيد وإثبات صفات الكمال، وأبو المعالي وأمثاله دون القاضي أبي بكر بن الطيب (5) وأمثاله] (6) في ذلك، وهؤلاء دون أبي الحسن الأشعري في ذلك، والأشعري في ذلك دون أبي محمد (7) بن كلاب، وابن كلاب دون السلف والأئمة في ذلك.
ومتكلمة أهل الإثبات الذين يقرون بالقدر هم خير في التوحيد وإثبات صفات [الكمال] (8) من القدرية من المعتزلة والشيعة وغيرهم؛ (9) لأن أهل الإثبات يثبتون لله كمال القدرة وكمال المشيئة وكمال الخلق وأنه منفرد
**_________
(1) ب: ثم إن كل من كان، ن، م: ثم إنه من كان.
(2) صلى الله عليه وسلم: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) ع: وكل من كان عن ذلك أبعد كان عن ذلك أبعد. أ، ن: وكل من كان عن ذلك أبعد، م: ومن كان عن ذلك أبعد فهو أبعد.
(4) ب: الذي.
(5) ع: بن أبي الطيب، وهو خطأ.
(6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(7) ع: دون محمد، وهو خطأ.
(8) ن، م: وإثبات الصفات.
(9) ن، م: ونحوهم
====================
بذلك، فيقولون: إنه وحده (1) خالق كل شيء من الأعيان والأعراض؛ ولهذا جعلوا أخص صفة الرب القدرة على الاختراع، والتحقيق أن القدرة على الاختراع من جملة خصائصه، ليست هي وحدها أخص (2) صفاته.
وأولئك يخرجون أفعال (3) الحيوان عن أن تكون مخلوقة له، وحقيقة قولهم (4) تعطيل هذه الحوادث عن خالق لها، وإثبات شركاء لله يفعلونها [وكثير من متأخرة القدرية يقولون: إن العباد خالقون لها، ولم يكن سلفهم يجترئون على ذلك (5) ] (6) .
وأيضا فمتكلمة أهل [الإثبات] (7) يثبتون لله صفات الكمال كالحياة (8) والعلم والقدرة والكلام (9) والسمع والبصر.
وهؤلاء يثبتون (10) ذلك لكن قصروا في بعض صفات الكمال، وقصروا في التوحيد، فظنوا أن كمال التوحيد هو توحيد الربوبية، ولم يصعدوا إلى توحيد الإلهية الذي جاءت به الرسل ونزلت به الكتب.
**_________
(1) ن، م: فيقولون الله وحده.
(2) أ، ب: ليس هي وحدها أخص، ن، م: ليست وحدها هي أخص.
(3) أ، ب: أحوال.
(4) ع: مخلوقة لله وتحقيق قولهم.
(5) أ، ب: ولكن سلفهم يحترزون أ: يحترون، عن ذلك.
(6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(7) الإثبات: ساقطة من (ن) ، (م) .
(8) أ، ب: الحياة.
(9) ن: والكمال، وهو تحريف.
(10) أ، ب، م، ع: ينفون، وهو خطأ، وكلام ابن تيمية هنا على الأشاعرة الذين أثبتوا بعض الصفات ولكن قصروا في بعض صفات الكمال. . . إلخ
==========================
وذلك أن كثيرا من كلامهم أخذوه من كلام المعتزلة، والمعتزلة مقصرون في هذا الباب، فإنهم لم يوفوا توحيد (1) الربوبية حقه، فكيف بتوحيد الإلهية.
ومع هذا فأئمة المعتزلة وشيوخهم وأئمة الأشعرية والكرامية ونحوهم خير في تقرير توحيد الربوبية من متفلسفة الأشعرية كالرازي والآمدي وأمثال هؤلاء، فإن هؤلاء خلطوا ذلك بتوحيد الفلاسفة كابن سينا (2) وأمثاله، وهو أبعد الكلام عن التحقيق في التوحيد، وإن كان خيرا من كلام قدمائهم أرسطو وذويه.
وذلك أن غايتهم أنهم أثبتوا (3) واجب الوجود، وهذا حق لم ينازع (4) فيه لا معطل ولا مشرك، (5) بل الناس متفقون على إثبات وجود واجب، اللهم إلا ما يحكى عن بعض الناس، قال: إن هذا العالم حدث (6) بنفسه، وكثير من الناس يقولون: [إن] هذا (7) لم تقله طائفة معروفة، وإنما يقدر تقديرا كما تقدر الشبه (8) السوفسطائية ليبحث عنها، (9) وهذا مما يخطر (10) في قلوب
**_________
(1) أ، ب: بتوحيد، وهو تحريف.
(2) ن، م: الفلاسفة، كلام ابن سينا.
(3) أ، ب: يثبتون.
(4) ن، م: لم يتنازع.
(5) ن: إلا معطل ولا مشكوك م: إلا معطل ولا مسلوك، وكلاهما تحريف.
(6) ن، م: حادث.
(7) ع: يقول إن هذا، ن، م: يقولون هذا.
(8) ن، م: شبه.
(9) ن: لمنتحب فيها، م: لمستحت فيها، وكلاهما تحريف، أ، ب: فيبحث عنها.
(10) أ، ب: خطر
=============================
بعض الناس، كما يخطر أمثاله من السفسطة، لا أنه قول معروف لطائفة [معروفة] (1) يذبون عنه، فإن ظهور فساده أبين من أن يحتاج إلى دليل، إذ حدوث الحوادث بلا محدث من أظهر الأمور امتناعا، والعلم بذلك من أبين العلوم الضرورية.
ثم إنهم لما قرروا واجبا [بذاته] (2) أرادوا أن يجعلوه واحدا وحده، لا يوجد (3) إلا في الأذهان لا في الأعيان، وهو وجود مطلق بشرط الإطلاق، ليس له حقيقة [في الخارج؛ لأن] الوجود (4) المطلق بشرط الإطلاق [لا يوجد إلا في الأذهان لا في الأعيان] (5) أو مقيدا (6) بالسلوب والإضافات، كما يقوله ابن سينا وأتباعه [وهذا أدخل في التعطيل من الأول] (7) .
وزعموا أن هذا هو محض التوحيد (8) مضاهاة للمعتزلة الذين شاركوهم في نفي الصفات، وسموا ذلك توحيدا، فصاروا يتباهون في التعطيل الذي سموه (9) توحيدا أيهم فيه أحذق (10) حتى فروعهم تباهوا بذلك، (11)
**_________
(1) معروفة: زيادة في (أ) ، (ب) .
(2) بذاته: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) ب فقط: لا يوحد، وهو خطأ مطبعي.
(4) ن، م: ليس حقيقة والوجود.
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(6) أ، ب، م: أو مقيد.
(7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ، ومكانه الجملة الساقطة قبل ذلك وهي: لا يوجد إلا في الأذهان لا في الأعيان. وهو خطأ.
(8) أ، ب، ع: وزعموا أن هذا محض التوحيد، م: وجعلوا هذا محض التوحيد.
(9) ن، م: يسمونه.
(10) ن، م: أيهم أحذق فيه.
(11) أ، ب، ع: تباهوا في ذلك
==========================
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثالث
الحلقة (209)
صـ 297 إلى صـ 304
كتباهيهم: كابن سبعين وأمثاله من أتباع الفلاسفة، وابن التومرت (1) وأمثاله من أتباع الجهمية، [فهذا يقول بالوجود المطلق] (2) وهذا يقول (3) بالوجود المطلق، وأتباع كل منهما يباهون [أتباع] الآخرين (4) في الحذق في هذا التعطيل.
كما [قد] اجتمع بي (5) طوائف من هؤلاء وخاطبتهم في ذلك وصنفت لهم مصنفات في كشف أسرارهم ومعرفة توحيدهم وبيان فساده، فإنهم يظنون أن الناس لا يفهمون كلامهم، فقالوا لي: إن لم [تبين و] تكشف (6) لنا (7) حقيقة هذا الكلام الذي قالوه، ثم تبين فساده وإلا لم
**_________
(1) أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن تومرت المصمودي البربري، الملقب بالمهدي، أو بمهدي الموحدين، مؤسس دولة الموحدين التي قامت على أنقاض دولة المرابطين، اختلف في سنة مولده، ولكنه توفي سنة 524 وعمره يتراوح ما بين 51 عاما، 55 عاما، من كتبه كتاب " أعز ما يطلب "، وقد نشره جولد تسيهر (الجزائر 1903) وكتاب " كنز العلوم "، وهو مخطوط، و " المرشدة " وهي رسالة صغيرة طبعت عدة مرات آخرها ضمن كتاب " نصوص فلسفية مهداة إلى الدكتور إبراهيم مدكور " ط القاهرة 1967 م. انظر عن حياة ابن التومرت ومذهبه: بحثا للأستاذ عبد الله كنون ضمن كتاب " نصوص فلسفية "، المشار إليه ص 99 - 115 كتاب تاريخ فلسفة الإسلام في القارة الأفريقية، للدكتور يحيى هويدي، 1 - 223، 243، وانظر أيضا: وفيات الأعيان 4 - 137، 146 الكامل لابن الأثير 10 - 201، 205، الأعلام 7 - 104، 105.
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(3) ب فقط: وهذا لا يقول، وهو خطأ، وانظر قول ابن تيمية في " درء تعارض العقل والنقل "، عن ابن التومرت: " ولهذا كان حقيقة قوله موافقا لحقيقة قول ابن سبعين وأمثاله من القائلين بالوجود المطلق ".
(4) ن، م: يباهون الآخرين، أ: يباهي أتباع الآخرين، ب: تباهي أتباع الآخرين.
(5) أ: كما قد أجمع في. . .، ب: كما قد اجتمعت في. . .، ن: كما اجتمع بي.
(6) ن، م: إن لم تكشف.
(7) لنا: ساقطة من (أ) ، (ب)
=========================
نقبل (1) ما يقال من رده، فكشفت لهم حقائق مقاصدهم، فاعترفوا بأن ذلك هو المراد، ووافقهم على ذلك رءوسهم، ثم بينت ما في ذلك من الفساد والإلحاد، حتى رجعوا وصاروا يصنفون في كشف باطل سلفهم الملحدين، الذين كانوا عندهم أئمة التحقيق والتوحيد، والعرفان واليقين.
**[أدلة الوحدانية عند الفلاسفة]
وعمدة هؤلاء الفلاسفة [في توحيدهم] (2) الذي هو تعطيل [محض] في الحقيقة (3) حجتان:
إحداهما أنه (4) لو كان واجبان (5) لاشتركا في الوجوب وامتاز أحدهما عن الآخر بما يخصه، وما به الاشتراك غير ما به الامتياز، فيلزم أن يكون واجب الوجود مركبا، والمركب مفتقر إلى أجزائه [وأجزاؤه غيره] (6) والمفتقر إلى غيره لا يكون (7) واجبا بنفسه.
والثانية أنهما إذا اتفقا في الوجوب (8) ، وامتاز كل منهما عن الآخر بما يخصه، لزم أن يكون المشترك معلولا للمختص، كما إذا اشترك اثنان في الإنسانية، وامتاز كل منهما عن الآخر بشخصه، فالمشترك معلول للمختص (9) [وهذا باطل هنا.
**_________
(1) أ، ب: يقبل، وفي باقي النسخ الكلمة غير منقوطة، ورجحت أن يكون الصواب ما أثبته.
(2) في توحيدهم: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) ن، م: الذي هو في الحقيقة تعطيل، ع: الذي هو تعطيل في الحقيقة.
(4) أنه: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(5) أ، ع: واجبا.
(6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(7) أ، ب: لم يكن.
(8) م: في الوجود، وهو خطأ.
(9) ع: معلول المختص
==========================
وذلك] (1) لأن كلا من (2) المشترك والمختص إن كان أحدهما عارضا [للآخر لزم أن يكون الوجوب عارضا] (3) للواجب أو معروضا له، وعلى التقديرين فلا يكون الوجوب (4) صفة لازمة للواجب، وهذا محال؛ لأن الواجب لا يمكن أن يكون غير واجب.
وإن كان أحدهما لازما للآخر لم يجز أن يكون المشترك علة للمختص؛ لأنه حيث وجدت العلة وجد المعلول، فيلزم أنه حيث وجد المشترك [وجد المختص والمشترك] (5) في هذا وهذا، فيلزم أن يكون ما يختص بهذا في هذا، وما يختص بهذا في هذا، وهذا محال يرفع الاختصاص.
وهذا ملخص ما ذكره ابن سينا في إشاراته (6) هو وشارحو الإشارات كالرازي (7) والطوسي (8) وغيرهما.
وهاتان الحجتان ملخص ما ذكره الفارابي (9) والسهروردي (10) وغيرهما من
**_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(2) عبارة " كلا من " ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(4) الوجوب: ساقطة من (ع) .
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(6) انظر " الإشارات والتنبيهات " لابن سينا 3، 4 - 456، 457.
(7) انظر: " شرح الإشارات " للرازي، هامش ص 301 هامش ص 303 ط المطبعة العامرة، استانبول 1290 هـ.
(8) انظر هامش الإشارات والتنبيهات شرح الطوسي 3، 4 - 456، 457.
(9) انظر: " آراء أهل المدينة الفاضلة " للفارابي، ص 4 - 6، ط مكتبة الحسين التجارية، القاهرة 1368، 1948.
(10) انظر كتاب " حكمة الإشراق " للسهروردي ص 125 - 127 ضمن مجموعة من مؤلفات السهروردي، تحقيق هنري كربين ط إيران 1331، 1952
==============================
الفلاسفة، وقد ذكرهما بمعناهما أبو حامد الغزالي في " تهافت الفلاسفة " (1) .
وقد أجاب عنهما الرازي (2) والآمدي (3) بمنع كون الوجوب صفة ثبوتية، ونحو ذلك من الأجوبة التي نرضاها.
لكن الجواب من وجهين.
أحدهما: المعارضة وذلك أن الوجود ينقسم إلى واجب وممكن، وكل واحد من الوجودين يمتاز عن الآخر بخاصته، (4) فيلزم أن يكون (5) الواجب مركبا مما به الاشتراك، ومما به الامتياز، وأيضا فيلزم أن يكون الوجود الواجب معلولا، والمعارضة أيضا بالحقيقة، فإن الحقيقة تنقسم إلى واجب وممكن، والواجب يمتاز عن الممكن بما يخصه، فيلزم أن تكون الحقيقة الواجبة مركبة من المشترك والمختص، ويلزم أن تكون الحقيقة الواجبة معلولة، والمعارضة بلفظ الماهية، فإنها تنقسم إلى واجب وممكن إلى آخره.
والثاني حل الشبهة وذلك أن الشيئين الموجودين (6) في الخارج سواء كانا واجبين أو ممكنين، وسواء قدر التقسيم في موجودين، أو جوهرين أو جسمين أو حيوانين أو إنسانين أو غير ذلك - لم يشرك
**_________
(1) انظر: " تهافت الفلاسفة " للغزالي، ص 158 - 160 تحقيق الدكتور سليمان دنيا، الطبعة الثالثة، دار المعارف، القاهرة 1958.
(2) انظر: " المباحث المشرقية للرازي " 2 - 451، 456، ط حيدر آباد، 1343 هـ.
(3) انظر: " غاية المرام في علم الكلام " للآمدي، تحقيق الدكتور حسن محمود عبد اللطيف ص [0 - 9] 53 - 155 ط. القاهرة 1391، 1971.
(4) م: بخاصية.
(5) ن، م: أن كون.
(6) أ، ب: الوجوديين
===========================
أحدهما الآخر (1) في الخارج في شيء من خصائصه، لا في وجوبه، ولا في وجوده، ولا في ماهيته، ولا غير ذلك، وإنما شابهه في ذلك.
والمطلق الذي اشتركا فيه لا يكون كليا (2) مشتركا فيه إلا في الذهن، وهو في الخارج ليس بكلي عام مشترك فيه، بل إذا قيل: الواجبان إذا اشتركا (3) في الوجوب (4) فلا بد أن يمتاز كل منهما (5) عن الآخر بما يخصه، فهو (6) مثل أن يقال: إذا اشتركا في الحقيقة فلا بد أن يمتاز كل منهما عن الآخر (7) بما يخصه، فالحقيقة توجد عامة وخاصة كما أن الوجوب (8) يوجد عاما وخاصا، فالعام لا يكون عاما مشتركا فيه إلا في الذهن، ولا يكون في الخارج إلا خاصا لا اشتراك فيه، فما فيه الاشتراك لا امتياز فيه، وما فيه الامتياز لا اشتراك فيه، فلم يبق في الخارج شيء واحد فيه مشترك ومميز (9) لكن فيه وصف يشابه الآخر فيه (10) ووصف لا يشابهه فيه.
وغلط هؤلاء في هذه الإلهيات من جنس غلطهم (11) في المنطق في
**_________
(1) ن: لم يشر إلى أحدهما الآخر، م: لم يشارك إلى أحدهما الآخر، وكلاهما تحريف.
(2) أ: شابهه في ذلك المطلق الذي اشتركا فيه لا يكون كليا، ب: شابهه في ذلك المطلق الذي اشتركا فيه، ولا يكون كليا.
(3) أ: الواجبان يشتركا. ب: الواجبان يشتركان.
(4) م: في الوجود، وهو خطأ.
(5) أ، ب: أن يمتاز أحدهما.
(6) ن، م: وهو.
(7) عن الآخر: ساقطة من (ن) ، (م) ، (ع) .
(8) ع: الواجب.
(9) أ، ب: واحد مشترك فيه ومميز.
(10) ن: وصف شابه في الآخر، م: وصف مشابه فيه الآخر، أ، ب: وصف يشابه الآخر.
(11) ع: هؤلاء في الإلهيات من جنس غلطهم، ن، م: في هذه إلهيات من غلطهم
===========================
الكليات: الجنس، والنوع، والفصل، والخاصة، والعرض العام - حيث توهموا أنه يكون في الخارج كلي (1) مشترك فيه.
وقد قدمنا التنبيه على هذا وبينا أن الكلي المشترك فيه لا يوجد في الخارج إلا مختصا لا اشتراك فيه، والاشتراك والعموم والكلية إنما تعرض له إذا كان ذهنيا لا خارجيا.
وهم قسموا الكلي ثلاثة أقسام: طبيعي، ومنطقي، وعقلي.
فالطبيعي: هو المطلق لا بشرط، كالإنسان من حيث هو هو، مع قطع النظر عن جميع قيوده.
والمنطقي: كونه عاما وخاصا، وكليا وجزئيا، فنفس وصفه بذلك منطقي ; لأن المنطق (2) يبحث في القضايا من جهة كونها كلية وجزئية.
والعقلي: هو مجموع الأمرين، وهو الإنسان الموصوف بكونه عاما ومطلقا، وهذا لا يوجد (* إلا في الذهن عندهم، إلا ما يحكى عن شيعة أفلاطون من إثبات المثل الأفلاطونية، ولا ريب في بطلان هذا، فإن الخارج لا يوجد *) (3) فيه عام.
وأما المنطقي: فهو كذلك في الذهن.
وأما الطبيعي: فقد يقولون إنه ثابت في الخارج، فإذا قلنا: هذا الإنسان، ففيه الإنسان من حيث هو هو لكن يقال: هو ثابت في الخارج لكن (4) بقيد التعيين والتخصيص لا بقيد الإطلاق، ولا مطلقا لا
**_________
(1) ن، م: كل، وهو خطأ.
(2) أ، ب، ن، م: لأن المنطقي.
(3) ما بين النجمتين ساقط من (م) فقط.
(4) لكن: ساقطة من (ب) فقط
==============================
بشرط، فليس في الخارج مطلق لا بشرط ولا مطلق بشرط الإطلاق، بل إنما فيه المعين المخصص، فالذي (1) يقدره الذهن مطلقا لا بشرط التقييد يوجد في الخارج بشرط التقييد.
وهؤلاء اشتبه عليهم ما في الأذهان بما في الأعيان. وقد بسطنا الكلام على هذا في غير هذا الموضع وبينا من غلط المنطقيين ما هو سبب الضلال في الأمور الإلهية والطبيعية كاعتقاد الأمور العقلية التي لا تكون إلا في العقل أمورا موجودة في الخارج، وغير ذلك مما ليس هذا موضع بسطه.
[وهؤلاء المنطقيون الإلهيون منهم وغيرهم يقولون أيضا: إن الكليات لا تكون إلا في الأذهان لا في الأعيان، فيوجد من كلامهم في مواضع ما يظهر به خطأ كلامهم في مواضع، فإن الله فطر عباده على الصحة والسلامة وفساد الفطرة عارض، فقل من يوجد له (2) كلام فاسد إلا وفي كلامه ما يبين فساد كلامه الأول ويظهر به تناقضه.] (3) .
والمقصود هنا التنبيه على توحيد هؤلاء (4) الفلاسفة. وهؤلاء أصابهم في لفظ الواجب ما أصاب المعتزلة في لفظ القديم، فقالوا: الواجب لا يكون إلا واحدا، فلا يكون له صفة ثبوتية، كما قال أولئك: لا يكون القديم إلا واحدا، فلا يكون له صفة ثبوتية (5) .
وبهذا وغيره ظهر الزلل في كلام متأخري المتكلمين الذين خلطوا الكلام
**_________
(1) ن، م: والذي.
(2) أ: فيه، ب: منه.
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م)
(4) ن، م: وإنما المقصود هنا التنبيه على هؤلاء.
(5) بعد كلمة " ثبوتية " يوجد في نسختي (ن) ، (م) كلام معاد
============================== =======
بالفلسفة كما ظهر أيضا الغلط في كلام من خلط التصوف بالفلسفة، كصاحب " مشكاة الأنوار " و " الكتب المضنون بها على غير أهلها " (1) وأمثال ذلك (2) مما قد بسط (3) الكلام عليها (4) في غير هذا الموضع.
**[الكلام على دليل التمانع عند المتكلمين]
حتى أن هؤلاء المتأخرين لم يهتدوا إلى تقرير متقدميهم لدليل التوحيد، وهو دليل التمانع واستشكلوه. وأولئك ظنوا أن هذا [الدليل هو الدليل المذكور في القرآن، في قوله تعالى: {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا} .
وليس الأمر.] (5) كذلك بل أولئك قصروا في معرفة ما في القرآن، وهؤلاء قصروا في معرفة كلام (6) أولئك المقصرين، فلما قصروا (7) في معرفة ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - (8) عدلوا (9) إلى ما أورثهم الشك والحيرة والضلال، وهذا مبسوط في غير هذا الموضع، لكن ننبه (10) عليه هنا.
وذلك أن دليل التمانع المشهور عند المتكلمين: أنه لو كان للعالم صانعان لكان أحدهما إذا أراد أمرا (11) وأراد الآخر خلافه، مثل أن
**_________
(1) وهو الغزالي.
(2) أ، ب: وغير ذلك.
(3) ع: بسطنا.
(4) أ، ب: عليه.
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(6) كلام: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(7) أ: فيما قصروا ب: كما قصروا.
(8) صلى الله عليه وسلم: زيادة في (أ) ، (ب) .
(9) أ، ب: وعدلوا.
(10) م: ولكن ننبه، ع: لكن نبهنا.
(11) أ: صانعان لكان أحدهما أمرا، ب: صانعان أراد أحدهما أمرا
============================== =
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثالث
الحلقة (210)
صـ 305 إلى صـ 312
يريد أحدهما إطلاع (1) الشمس من مشرقها، ويريد الآخر إطلاعها من مغربها [أو من جهة أخرى] (2) . امتنع أن يحصل مرادهما ; لأن ذلك جمع بين الضدين، فيلزم إما (3) أن لا يحصل مراد واحد منهما، فلا يكون واحد منهما ربا (4) (5 وإما أن يحصل مراد أحدهما دون الآخر 5) (5) فيكون الذي حصل مراده هو الرب دون الآخر.
وقد يقرر ذلك بأن يقال (6) : إذا أراد ما لا يخلو المحل عنهما، مثل أن يريد أحدهما تحريك جسم ويريد الآخر تسكينه، امتنع حصول مرادهما، (7 وامتنع عدم مرادهما 7) (7) جميعا ; لأن الجسم لا يخلو عن الحركة والسكون، فتعين أن يحصل مراد أحدهما دون الآخر فيكون هو الرب.
وعلى هذا سؤال مشهور، وهو أنه يجوز أن تتفق الإرادتان فلا يفضي إلى الاختلاف. وقد أجاب كثير من المتأخرين عن ذلك بوجوه عارضهم فيها غيرهم (8) كما قد (9) بسط في موضعه، ولم يهتد هؤلاء إلى تقرير القدماء، كالأشعري والقاضي أبي بكر، وأبي الحسين البصري، والقاضي أبي يعلى، وغيرهم.
**_________
(1) أ، ب: طلوع.
(2) أو من جهة أخرى: ساقط من (ن) ، (م) ، وفي (ع) : إطلاعها من الجهة الأخرى
(3) إما: ساقطة من (أ) ، (ب) ، (ع) .
(4) أفقط: منها ربا دون الآخر.
(5) (5 - 5) ساقط من (أ) ، (ب) .
(6) ن، م: ذلك ما يقال.
(7) (7 - 7) ساقط من (ع) .
(8) ن، م: عارضه فيها غيره.
(9) قد: زيادة في (ع)
=========================
فإن هؤلاء علموا أن وجوب اتفاقهما في الإرادة يستلزم عجز كل منهما، [كما أن تمانعهما يستلزم عجز كل منهما] ، (1) فمنهم من أعرض عن ذكر هذا التقرير (2) ; لأن مقصوده أن يبين أن (3) فرض اثنين يقتضي عجز كل منهما. فإذا قيل: إن أحدهما لا يمكنه مخالفة الآخر، كان ذلك أظهر في عجزه.
ومنهم من بين ذلك، كما بينوا (4) أيضا امتناع استقلال كل منهما، وذلك أنه يقال: إذا فرض ربان فإما أن يكون كل منهما قادرا بنفسه أو لا يكون قادرا إلا بالآخر.
[فإن لم يكن قادرا إلا بالآخر] (5) ، كان هذا ممتنعا لذاته مقتضيا للدور في العلل والفاعلين، فإنه يستلزم أن يكون (* كل منهما جعل الآخر قادرا، ولا يكون أحدهما فاعلا حتى يكون الآخر (6) قادرا، فإذا كان كل منهما جعل الآخر قادرا فقد جعله فاعلا، ولا يكون *) (7) كل منهما جعل الآخر ربا (8) ; لأن الرب لا بد أن يكون قادرا (9) ، فيكون هذا جعل هذا قادرا فاعلا ربا وكذلك الآخر.
**_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(2) أ، ب، ن، م: التقدير.
(3) ن، م: لأن مقصوده كان أنه كان.
(4) ن، م: ذلك فأثبتوا.
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(6) الآخر: زيادة في (ع) .
(7) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
(8) ع: ويكون منهما جعل الآخر ربا، وهو تحريف.
(9) ب فقط: قادرا ربا
==============================
وهذا ممتنع في الربين الواجبين بأنفسهما القديمين ; لأن هذا (1) لا يكون قادرا (2) ربا فاعلا حتى يجعله الآخر كذلك، وكذلك الآخر. فهو بمنزلة أن يقال: لا يكون هذا موجودا حتى يجعله الآخر موجودا.
وهذا ممتنع بالضرورة، كما تقدم فيما قبل بالإشارة (3) إلى ذلك، وهو أن الدور القبلي ممتنع لذاته باتفاق العقلاء، كالدور في الفاعلين والعلل، فيمتنع أن يكون كل من الشيئين علة للآخر وفاعلا له، أو جزءا من العلة والفاعل. فإذا كان كل منهما لا يكون قادرا أو فاعلا إلا بالآخر لزم أن يكون كل منهما علة فاعلة، أو علة (4) لتمام ما به يصير (5) الآخر قادرا فاعلا، وذلك ممتنع بالضرورة واتفاق العقلاء، فلزم أن الرب لا بد أن يكون قادرا بنفسه، وإذا كان قادرا بنفسه، فإن أمكنه إرادة خلاف ما يريد الآخر (6) أمكن اختلافهما، وإن لم يمكنه أن يريد إلا ما يريده الآخر (7) لزم العجز.
فإذا فرض أن هذا لا يمكنه أن يريد ويفعل إلا ما يريده الآخر ويفعل (8) ، لزم عجز كل منهما، بل هذا (9) أيضا ممتنع لنفسه، كما أنه إذا كان [هذا لا يقدر حتى يقدر هذا، كان] (10) ذلك ممتنعا لذاته. [فإذا كان هذا
**_________
(1) أ، ب: هنا.
(2) قادرا ساقطة من (أ) ، (ب) ، (ن) ، (م) .
(3) ع: كما تقدم فيما إذا قيل بالإشارة. . . . .، ن: كما تقدم فيما قيل بالإشارة. . . .
(4) ن، م: وعلة.
(5) ع، م: ما يصير به.
(6) أ، ب: إرادة غير مراد الآخر.
(7) أ، ب: وإن لم يمكنه إلا ما يريد الآخر.
(8) ن، م: ويفعله.
(9) ن، م: هو.
(10) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م)
============================== =
لا يكون ممكنا إلا بتمكين الآخر، فهو بمنزلة أن يقال: لا يكون قادرا إلا بإقدار الآخر.
وأيضا فإنه في هذا التقدير يكون المانع لكل منهما من الانفراد هو الآخر، فيكون كل منهما مانعا ممنوعا، وهذا (1) لا يكون مانعا إلا إذا كان قادرا على المنع ومن كان قادرا على منع غيره من الفعل، فقدرته على أن يكون فاعلا أولى، فصار كل منهما لا يكون فاعلا (2) حتى يكون قادرا على الفعل، وإذا (3) كان قادرا على الفعل امتنع أن يكون ممنوعا منه، فامتنع كون كل واحد منهما مانعا ممنوعا، (4) وذلك لازم لوجوب اتفاقهما على الفعل، فعلم امتناع وجوب اتفاقهما على الفعل، وثبت إمكان اختلافهما] (5) فمتى فرض لزوم اتفاقهما (6) كان ذلك ممتنعا لذاته، وإنما يمكن (7) هذا في المخلوقين ; لأن القدرة لهم مستفادة من غيرهما.
فإذا قيل: لا يقدر هذا حتى يقدر هذا، كان يمكن أن يكون هناك ثالث (8) يجعلهما قادرين، ومن هنا أمكن المخلوق أن يعاون المخلوق، وامتنعت المعاونة على خالقين (9) ; لأن المخلوقين المتعاونين لكل منهما قدرة
**_________
(1) ع: وهو.
(2) ع: مانعا.
(3) أ، ب: فإذا.
(4) ع: مانعا وممنوعا.
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(6) ن: أفعالهما، م: أحدهما.
(7) أ: يكن، ب: يكون.
(8) ع: كان يمكن هناك ثالث، م: كان ممكنا أن يكون هناك ثالث، أ: كان يمكن أن يكون ثالثا، ب: كان يمكن أن يكون ثالث.
(9) أ، ب: الخالقين
============================
من غير الآخر أعانه بها وجعله بها قادرا ; لأن كلا منهما كان قبل إعانة الآخر له قدرة، وعند اجتماعهما زادت قوة كل منهما بقوة الآخر، بمنزلة اليدين اللتين ضمت إحداهما إلى الأخرى، فإن كلا منهما كان لها (1) قوة، وبالاجتماع زادت قوتهما ; لأن هذا زاد ذلك تقوية وذاك زاد هذا تقوية (2) فصار كل منهما معطيا للآخر وآخذا منه فزادت (3) القوة بالاجتماع.
وهذا ممتنع في الخالقين؛ [فإن قدرة الخالق القديم الواجب بنفسه من لوازم ذاته لا يجوز أن تكون مستفادة من غيره] (4) ; لأن كلا منهما إن كان قادرا عند الانفراد أمكنه (5) أن يفعل عند الانفراد ما يقدر عليه، ولم يشترط في فعله معاونة الآخر، وحينئذ فيمكن أحدهما أن يفعل ما يريده الآخر (6) أو ما يريد خلافه، وإن لم يكن قادرا عند الانفراد امتنع أن يحصل عند الاجتماع لهما قوة لما في ذلك من الدور ; لأن هذا لا يقدر حتى يقدر ذاك، ولا يقدر ذاك حتى يقدر هذا، وليس هنا ثالث غيرهما يجعلهما قادرين فلا يقدر أحد منهما.
والمخلوقان اللذان لا قدرة (7) لهما عند الانفراد لا يحصل (8) لهما قدرة عند
**_________
(1) أ، ب: له.
(2) أ، ب: لأن هذا زاد ذلك بقوته وذاك زاد هذا بقوته، ن، م: لأن هذا زاد ذاك وذاك زاد هذا بقوته.
(3) ن: وزادت.
(4) ما بين المعقوفتين ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) ن، م: قادرا عند الآخر إذا أمكنه، وهو تحريف.
(6) أ، ع، ن، م: ما لا يريده الآخر.
(7) ن، م: لا مقدرة.
(8) ن، م: ولا يحصل
=========================
الاجتماع إلا من غيرهما. والخالقان لا يمكن أن يكون لهما ثالث يعطيهما قدرة، فلا بد أن يكونا قادرين عند الانفراد.
(* وإذا قيل: أحدهما يقدر على ما يوافقه الآخر عليه (1) لم يكن قادرا إلا بموافقته، وإذا قيل: يقدر على *) (2) ما لا يخالفه الآخر فيه (3) كان كل منهما مانعا للآخر من مقدوره فلا يكون واحد منهما قادرا.
وأيضا فإن منع هذا لذاك لا يكون إلا بقدرته، ومنع ذاك لهذا لا يكون إلا بقدرته، فيلزم (4) أن يكون كل منهما قادرا حال التمانع، وهو حال المخالفة، فيكونان قادرين عند الاتفاق وعند الاختلاف.
وأيضا فلا يكون هذا ممنوعا حتى يمنعه الآخر وبالعكس (5) ، فلا يكون أحدهما ممنوعا [إلا بمنع الآخر.] (6) .
وأيضا فيكون هذا مانعا لذاك، وذاك مانعا لهذا، فيكون كل منهما مانعا ممنوعا، وهذا جمع بين النقيضين.
وهذه الوجوه وغيرها (7) مما يبين (8) امتناع ربين كل منهما معاون للآخر أو كل منهما مانع للآخر، فلم يبق إلا أن يكون كل منهما قادرا مستقلا،
**_________
(1) ن، م: يوافقه عليه الآخر.
(2) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
(3) فيه ساقطة من (ع) .
(4) ن، م: فلزم.
(5) وبالعكس: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ، (ع) .
(7) بعد كلمة " وغيرها " توجد ورقة كاملة لم تصور من (م) وهي ظ 88، ص [0 - 9] 9.
(8) أ: وغيرها يبين، ب: وغيرها تبين
===========================
وحينئذ فيمكن اختلافهما، وإذا اختلفا لزم أن لا يفعل واحد منهما شيئا، ولزم عجزهما ولزم كون كل واحد (1) منهما مانعا ممنوعا.
فتبين امتناع ربين، سواء فرضا متفقين أو مختلفين. وأما إذا فرضا مستقلين، وفرض كل منهما مستقلا بخلق العالم فهذا أظهر امتناعا ; لأن استقلال أحدهما يمنع أن يكون له فيه شريك، فكيف إذا كان الآخر (2) مستقلا به؟ فتقدير استقلال كل منهما يقتضي أن يكون كل منهما فعله كله وأن لا يكون واحد منهما فعل منه شيئا، فيلزم اجتماع النقيضين مرتين.
ولهذا امتنع أن يكون مؤثران تامان مستقلان يجتمعان على أثر واحد. فإن مثال ذلك أن نقول: هذا خاط الثوب وحده، وهذا خاط ذلك (3) الثوب بعينه وحده، أو أن (4) نقول: هذا أكل جميع الطعام ونقول: هذا أكل جميع ذاك الطعام بعينه. (5) .
وهذا كله مما يعرف امتناعه ببديهة العقل بعد تصوره، ولكن بعض الناس لا يتصور هذا تصورا جيدا، بل يسبق إلى ذهنه المشتركان من الناس في فعل من الأفعال، والمشتركان لا يفعل (6) أحدهما جميع ذلك الفعل ولا كانت قدرته حاصلة بالاشتراك، بل بالاشتراك زادت قدرته وكان كل
**_________
(1) واحد: ساقطة من (ع) .
(2) الآخر: ساقطة من (ع) .
(3) أ، ب: ذاك.
(4) أ، ب، م: وأن.
(5) ن: ويقول ذاك أكل جميع الطعام بعينه.
(6) ن، ع: لم يفعل
==========================
منهما يمكنه حال الانفراد (1) أن يفعل شيئا من الأشياء ويريد خلاف ما يريد الآخر، وإذا أراد خلافه فإن تقاومت قدرتهما تمانعا فلم يفعلا شيئا، وإن قوي أحدهما قهر الآخر، وإن (2) لم يكن لأحدهما قدرة حال الانفراد، لم تحصل له حال الاجتماع إلا من غيرهما، مع أن هذا لا يعرف له وجود، بل المعروف أن يكون لكل منهما حال الانفراد قدرة ما (3) فتكمل عند الاجتماع.
وأيضا فالمشتركان في الفعل والمفعول (4) لا بد أن يتميز فعل كل منهما عن الآخر، لا يكون الشيء الواحد (5) بعينه مشتركا (6) فيه، بحيث يكون هذا فعله والآخر فعله، فإن هذا ممتنع كما تقدم.
فلو كان ربان لكان مخلوق كل واحد (7) منهما متميزا عن مخلوق الآخر (8) كما قال تعالى: {إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض} [سورة المؤمنون: 91] فذكر سبحانه وجوب امتياز المفعولين، ووجوب قهر أحدهما للآخر، كما تقدم تقريره، وكلاهما ممتنع.
فهذه الطرق وأمثالها مما يبين (9) بها أئمة النظار (10) توحيد الربوبية، وهي طرق صحيحة عقلية لم يهتد هؤلاء المتأخرون إلى معرفة توجيهها وتقريرها.
**_________
(1) ب (فقط) : وكان لكل منهما حال الانفراد.
(2) ن، ع: وإذا.
(3) ما: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) أ: فالمشترك كان حال الفعل والمفعول، ب: فالمشتركان حال الفعل في المفعول.
(5) أ: واحد
(6) مشتركان: ساقطة من (ع) .
(7) واحد: زيادة في (ع) .
(8) أ، ب: مميزا عن خلق الآخر.
(9) أ: تبين به، ب: تبين بها، ن: بين به.
(10) ن: المتكلمين
=========================
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثالث
الحلقة (211)
صـ 313 إلى صـ 320
ثم إن أولئك المتقدمين من المتكلمين ظنوا أنها هي (1) طرق القرآن، وليس الأمر كذلك.
بل القرآن قرر (2) فيه توحيد الإلهية المتضمن توحيد الربوبية، وقرره أكمل من ذلك. واعتبر ذلك بقوله تعالى: {ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض} [سورة المؤمنون: 91] فهذه الآية ذكر فيها برهانين يقينيين على امتناع أن يكون مع الله إله [آخر] (3) بقوله: {إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض} ، وقد عرف أنه لم يذهب كل إله بما خلق ولا علا بعضهم على بعض، وترك ذكر هذا لعلم المخاطبين به (4) وأن ذكره تطويل (5) بلا فائدة.
وهذه طريقة القرآن وطريقة الكلام الفصيح البليغ، بل وطريقة (6) عامة الناس في الخطاب، يذكرون المقدمة التي تحتاج إلى بيان ويتركون ما لا يحتاج إلى بيان.
مثل أن يقال: لم قلتم إن كل مسكر حرام؟ فيقال ; لأنه قد (7) صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: كل مسكر خمر وكل خمر
**_________
(1) هي: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) ن: نور.
(3) آخر: ساقطة من (ن) .
(4) ن: وترك علم ذكر هؤلاء المخاطبين به، وهو تحريف.
(5) أ: وإن ذكره تطويلا، ب: فكان ذكره تطويلا.
(6) أ، ب، ن: بل طريقة
(7) قد: زيادة في (ن)
============================
حرام "، (1) وقد علم أن قول النبي - صلى الله عليه وسلم - حجة يجب اتباعها فلا يحتاج أن نذكر هذا. (2)
ومثل هذا قوله تعالى: {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا} [سورة الأنبياء: 22]
[أي: وما فسدتا، فليس فيهما آلهة (3) إلا الله] (4) ، وهذا بين لا يحتاج إلى أن يبين بالخطاب (5) فإن المقصود من الخطاب (6) البيان، وبيان البين قد يكون من نوع العي، وبيان الدليل قد يكون محتاجا إلى مقدمة واحدة (7) وقد يكون محتاجا إلى مقدمتين، وإلى ثلاث وأكثر، فيذكر المستدل (8) ما يحتاج إلى بيان (9 دون ما لا يحتاج إلى بيان 9) (9) .
وأما ما يقوله المنطقيون من أن كل دليل نظري فلا بد فيه من مقدمتين، لا يحتاج إلى أكثر ولا يجزئ أقل، وإذا اكتفي بواحدة قالوا: حذفت
**_________
(1) ن: كل مسكر حرام، وكل خمر حرام، ع، أ: كل مسكر خمر وكل مسكر حرام. وجاء الحديث أحيانا في كتب السنة بلفظ: " كل مسكر خمر وكل مسكر حرام ". والحديث عن ابن عمر - رضي الله عنهما - في: مسلم 3 - 1587 كتاب الأشربة، باب بيان أن كل مسكر خمر، سنن أبي داود 3 - 447 كتاب الأشربة، باب النهي عن المسكر. سنن الترمذي 3 - 192 كتاب الأشربة، باب ما جاء في شارب الخمر، سنن ابن ماجه 2 - 1223 كتاب الأشربة باب كل مسكر حرام، المسند ط المعارف الأرقام 4644، 4645، 4830، 4831، 4863، 5730، 5731، 5820، 6179، 6218.
(2) ن، أ: فلا يحتاج أن يذكر هذا، ب: ولا يحتاج أن يذكر هذا.
(3) أ، ب: إله.
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(5) ن: لا يحتاج أن يتبين بالخطاب.
(6) ن، ع: بالخطاب.
(7) واحدة: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(8) أ: فهذا المستدل.
(9) (9 - 9) ساقط من (أ) ، (ب)
=============================
الأخرى، ويسمونه قياس الضمير، وإن كان (1) ثلاثا أو أربعا قالوا: هذه (2) قياسات لا قياس واحد فهذا مجرد وضع ودعوى، لا يستند إلى أصل عقلي ولا عادة عامة. وقد بسطنا الكلام على هذا في الكلام على المنطق (3) وغيره] (4) .
فقال سبحانه: {إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض} [سورة المؤمنون: 91] وهذا اللازم منتف، فانتفى الملزوم، وهو ثبوت إله مع الله.
وبيان التلازم أنه إذا كان معه إله امتنع أن يكون مستقلا بخلق العالم، مع أن الله تعالى (5) مستقل بخلق العالم، كما تقدم أن (6) فساد هذا معلوم بالضرورة لكل عاقل، وأن هذا جمع بين النقيضين.
وامتنع أيضا أن يكون مشاركا للآخر معاونا له ; لأن ذلك يستلزم عجز كل منهما، والعاجز لا يفعل شيئا، فلا يكون لا ربا (7) ولا إلها ; لأن أحدهما إذا لم يكن قادرا إلا بإعانة الآخر، لزم عجزه حال الانفراد، وامتنع أن يكون قادرا حال الاجتماع ; لأن ذلك دور قبلي، فإن هذا لا يكون قادرا حتى يجعله الآخر قادرا، أو حتى يعينه الآخر وذاك (8) ، لا يجعله قادرا ولا
**_________
(1) أ، ب: وإن ذكر.
(2) أ: هذا.
(3) أ، ب: وقد بسطنا الكلام في هذا في موضع الكلام على المنطق وغيره، والله أعلم.
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) .
(5) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
(6) أ، ب، ن: كما تقدم وأن.
(7) لا: ساقطة من (ب) فقط.
(8) ن: وذلك
==============================
يعينه حتى يكون هو قادرا، وهو لا يكون قادرا حتى يجعله ذاك أو يعينه، فامتنع إذا كان كل منهما محتاجا إلى إعانة الآخر في الفعل، أن يكون أحدهما قادرا، فامتنع أن يكون لكل واحد (1) منهما فعل (2) حال الانفراد وحال الاجتماع (3) فتعين أن يكون كل واحد (4) منهما قادرا عند الانفراد، فلا بد إذا فرض معه إله أن يكون كل منهما قادرا عند انفراده.
وإذا كان كذلك ففعل أحدهما إن كان مستلزما لفعل الآخر، بحيث (5) لا يفعل شيئا حتى يفعل الآخر فيه شيئا، لزم أن لا يكون أحدهما قادرا على الانفراد، وعاد احتياجهما (6) في أصل الفعل إلى التعاون، وذلك ممتنع بالضرورة.
فلا بد أن يمكن أحدهما أن يفعل فعلا لا يشاركه الآخر فيه، وحينئذ فيكون مفعول هذا متميزا (7) عن مفعول هذا، ومفعول هذا متميزا (8) عن مفعول هذا، فيذهب كل إله بما خلق، هذا بمخلوقاته وهذا بمخلوقاته. (9) .
فتبين أنه لو كان معه إله لذهب كل إله بمخلوقاته (10) وهذا غير
**_________
(1) واحد ساقطة من (ن) ، (ع) .
(2) فعل: ساقطة من (ب) فقط.
(3) ب فقط: وحال الاجتماع فعل.
(4) واحد: ساقطة من (ن) ، (ع) .
(5) أ: كيف، ب: كأن.
(6) ع: احتجاجهما.
(7) ن: مميزا.
(8) ن، أ، ب: مميزا.
(9) ن: هذا بمخلوقه وهذا بمخلوقه.
(10) ن: بمخلوقه
=============================
واقع (1) ؛ فإنه ليس في العالم شيء إلا وهو مرتبط بغيره من أجزاء العالم، كما تقدم التنبيه عليه.
ولهذا إذا فعل المتعاونان شيئا كان فعل كل منهما الذي يقوم به متميزا عن فعل الآخر، وأما ما يحدث عنه في الخارج، فلا يمكن أحدا أن يستقل بشيء منفصل عنه، بل لا بد له فيه من معاون عند من يقول: إن فعل العبد ينقسم إلى مباشر وغير مباشر.
وأما من يقول: إن فعله لا يخرج عن محل قدرته، فليس له مفعول منفصل عنه، (2) ثم إذا اختلط مفعول هذا بمفعول هذا كالحاملين للخشبة (3) كان كل منها مفتقرا إلى الآخر حال الاجتماع، ولكل منهما قدرة يختص بها (4) حال الانفراد وحال الاجتماع يمكنه أن يفعل (5) بها فعلا منفردا به عن الآخر ويمتاز به عن الآخر، فلا بد أن يكون لكل منهما فعل يختص به متميز (6) عن فعل الآخر، فلا (7) يتصور إلهان حتى يكون مفعول هذا متميزا عن مفعول ذاك (8) فيذهب كل إله بما خلق، واللازم منتف فانتفى الملزوم.
**_________
(1) أ: وهذا ليس واقع ; ب: وهذا ليس بواقع.
(2) عنه: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) عبارة " كالحاملين للخشبة " ساقطة من (ب) ، وهي في (أ) إلا أن كلمة كالحاملين غير كاملة.
(4) أ، ب: تختص به.
(5) ن: أن يفعله.
(6) ن: يتميز، أ: متميزا
(7) ن: ولا.
(8) ع: هذا
==============================
وأما البرهان الثاني وهو قوله: {ولعلا بعضهم على بعض} [سورة المؤمنون: 91] فإنه (1) يمتنع أن يكونا متساويين في القدرة ; لأنهما إذا كانا متساويين في القدرة، كان مفعول (2) كل منهما متميزا عن مفعول الآخر، وهو باطل كما تقدم، (3) ولأنهما (4) إذا كانا متكافئين في القدرة لم يفعلا شيئا لا حال الاتفاق ولا حال الاختلاف، سواء كان الاتفاق لازما لهما أو كان الاختلاف هو اللازم، أو جاز الاتفاق وجاز الاختلاف.
لأنه إذا قدر أن الاتفاق لازم لهما فلأن أحدهما لا يريد ولا يفعل حتى يريد الآخر ويفعل، وليس تقدم أحدهما أولى من تقدم الآخر؛ لتساويهما، فيلزم أن لا يفعل واحد منهما.
وإذا قدر أن إرادة هذا وفعله مقارن لإرادة الآخر وفعله، فالتقدير أنه لا يمكنه أن يريد ويفعل إلا مع الآخر، فتكون إرادته وفعله مشروطة بإرادة الآخر وفعله، فيكون بدون ذلك عاجزا عن الإرادة والفعل، فيكون كل منهما عاجزا حال الانفراد، ويمتنع مع ذلك أن يصيرا قادرين حال الاجتماع كما تقدم.
وإذا (5) كان الاختلاف لازما لهما امتنع مع تساويهما أن يفعلا شيئا ; لأن هذا يمنع هذا وهذا يمنع هذا لتكافؤ القدرتين، فلا يفعلان شيئا.
وأيضا فإن امتناع أحدهما مشروط بمنع الآخر، فلا يكون هذا ممنوعا
**_________
(1) أ: فإنما، ب، ع: فإنهما.
(2) ن: فعل.
(3) عبارة " كما تقدم " ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) ب: لأنهما.
(5) ن، ع: وإن
===========================
حتى يمنعه ذاك، (1) ولا يكون ذاك ممنوعا حتى يمنعه هذا، فيلزم أن يكون كل منهما مانعا ممنوعا وهذا ممتنع.
ولأن زوال قدرة كل منهما حال التمانع إنما هي بقدرة الآخر، فإذا كانت قدرة هذا لا تزول حتى تزيلها قدرة ذاك، وقدرة ذاك لا تزول حتى تزيلها قدرة هذا، (2) فلا تزول واحدة من القدرتين فيكونان قادرين.
وكونهما قادرين على الفعل مطيقين (3) ، في حال كون كل منهما ممنوعا بالآخر عن الفعل عاجزا عنه بمنع (4) الآخر له محال ; لأن ذلك كله جمع بين النقيضين.
وأما إذا قدر إمكان اتفاقهما وإمكان اختلافهما، كان تخصيص (5) الاتفاق بدون الاختلاف وتخصيص الاختلاف بدون الاتفاق محتاجا (6) إلى من يرجح أحدهما على الآخر ولا مرجح (7) إلا هما، وترجيح أحدهما بدون الآخر محال، وترجيح أحدهما مع الآخر هو اتفاق فيفتقر تخصيصه إلى مرجح آخر، فيلزم (8) التسلسل في العلل وهو ممتنع باتفاق العقلاء.
وأيضا فاتفاقهما في نفسه ممتنع، واختلافهما في نفسه ممتنع، سواء قدر لازما أو لم يقدر ; لأنهما إذا اتفقا لم يمكن أحدهما حال الاتفاق أن يفعل إلا
**_________
(1) ع: ذلك.
(2) أ: حتى يزيلها هذا.
(3) ن، ع: مطلقين.
(4) أ، ب: فمنع، ن: يمنع.
(5) أ: كان يخصص، ب: فإن تخصيص.
(6) ب فقط: محتاج.
(7) ن: ولا يرجع.
(8) ن: ويلزم
============================
أن يفعل الآخر معه، (1) فيكون كل منهما عند الاتفاق عاجزا عن فعل شيء يستقل به (2) .
وإذا كان كل منهما عند الاتفاق عاجزا عن فعل شيء يستقل به كان عاجزا عند الانفراد (3) ، ومن كان عاجزا عند الانفراد (4) عن كل شيء، كان عاجزا أيضا عند الاجتماع.
والناس المتشاركون كل منهم (5) لا بد أن ينفرد عن الآخر بفعل حال الاشتراك، فإن الحركة التي يفعلها أحدهما يستقل بها دون الآخر حال تمكنه، وكذلك يمكنه (6) حال الانفراد أن يؤثر أثرا دون الآخر (7) فيمتنع اتفاق اثنين كل منهما عاجز عند الانفراد في مخلوق أو خالق سواء كان الاتفاق لازما أو ممكنا.
[وإن قدر في المخلوقين أنهما لا يكونان قادرين إلا عند الاجتماع فذلك ; لأن هناك ثالثا غيرهما (8) يجعل لهما قوة عند الاجتماع، وهنا يمتنع أن يكون للخالق القديم الواجب بنفسه فوقه من يجعله قادرا، فيمتنع أن يكون فوقهما من يجعل لهما قوة عند الاجتماع دون الانفراد، إذ كل ما سواهما مخلوق (9) ، فيمتنع أن يجعل الخالق قادرا.] (10) .
**_________
(1) أ، ب: إلا بفعل الآخر.
(2) ن: شيء مستقل.
(3) ع: عن الانفراد به.
(4) ع: عن الانفراد.
(5) ن: المشاركون كل منهما.
(6) عبارة " وكذلك يمكنه "، ساقطة من (أ) ، (ب) ، (ع) .
(7) ع: أن يؤثروا دون الآخر، وهو تحريف.
(8) ع: لأنه هناك ثالث غيرهما، أ: لأن هناك ثالث غيرهما.
(9) أ: وإن كل ما سواه مخلوق، ب: وأن كل ما سواهما مخلوق.
(10) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن)
========================
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثالث
الحلقة (212)
صـ 321 إلى صـ 328
وأما امتناع اختلافهما وإن لم يكن لازما فهو أظهر، فإنه عند الاختلاف يحصل التمانع. وهذه المعاني كيفما عبرت عنها تجدها معاني صحيحة: يمتنع وجود اثنين متفقين أو مختلفين، إلا أن يكون كل منهما قادرا عند انفراده، وإذا كان كل منهما قادرا عند الانفراد كان (1) لكل منهما فعل ومفعول يختص به منفردا عن الآخر، فلا يكونان متفقين في كل فعل وكل (2) مفعول، ولا يمكن أن يتفقا في شيء واحد أصلا ; لأن ذلك الفعل الحادث لا يكون ما يقوم بأحدهما نفس ما يقوم بالآخر (3) ، فإن هذا ممتنع لذاته.
والمخلوق المنفصل لا يكون نفس أثر هذا فيه هو نفس أثر الآخر فيه، بل لا بد من أثرين فإن كان أحدهما شرطا في الآخر كان كل منهما مفتقرا إلى الآخر، فلا يكون قادرا عند الانفراد (4) ، وإن لم يكن كذلك كان مفعول هذا ليس هو مفعول الآخر ولا بلازم (5) له، فلا يكون هناك اتفاق في مفعول واحد أصلا.
وهذا من جنس ما تقدم من ذهاب كل إله بما خلق، لكن الذي يختص به (6) هذا أن الشيئين اللذين يشترط في كل واحد (7) منهما أن يكون مع الآخر لا بد أن يكون لهما ثالث غيرهما يحدثهما (8) كما في
**_________
(1) أ، ب: عند انفراده وكان.
(2) ن: ولا كل.
(3) بالآخر: ساقطة من (أ) .
(4) بعد كلمة الانفراد توجد عدة أسطر معادة في نسخة (ن) .
(5) ن: ولا يلازم له، أ: ولا ملازم له، ب: ولا ملازما له.
(6) به: ساقطة من (ن) .
(7) واحد: ساقطة من (ن) .
(8) يحدثهما ساقطة من (أ) ، (ب) وفي (ن) محدثهما
============================
الأجيرين لمعلم واحد، والمفتيين الراجعين إلى النصوص، والمتشاورين الراجعين (1) إلى أمر يوجب اجتماعهما، فلا بد أن يكون بين المتشاركين ثالث يجمعهما.
وأما الخالقان فلا شيء فوقهما. ولو قيل: إنهما (2) يفعلان ما هو (3) المصلحة أو غير ذلك فكل (4) هذه المحدثات تابعة لهما وعنهما (5) ، ولا يكون شيء إلا بعلمهما (6) وقدرتهما، بخلاف المخلوق الذي يحدث أمورا بدونه فيعاونه على ما هو المصلحة له.
وإذا قيل: علما (7) ما سيكون، فالعلم بالحادث تابع للمعلوم الحادث، والحادث (8 تابع لإرادة محدثه 8) (8) ، والإرادة تابعة لهما (9) .
وأما الخالقان فإنه لا بد أن تكون إرادة كل منهما من لوازم نفسه أو تكون نفسه مستقلة بإرادته. وحينئذ (10) لا تكون إرادته موقوفة على شرط إرادة غيره، فإنها إذا توقفت على ذلك لم يكن مستقلا بالإرادة (11) ولا كانت
**_________
(1) الراجعين: ساقطة من (ن) .
(2) ن: أيهما، وهو تحريف.
(3) ن: ما فيه.
(4) ع: وكل.
(5) ن: المخلوقات تابعة لما عنهما.
(6) ع: ولا يكون الشيء إلا بعلمهما، ن: ولا يكون شيء إلا بفعلهما.
(7) أ، ب: العلما، وهو تحريف.
(8) (8 - 8) ساقط من (أ) ، (ب) .
(9) أ، ب: تابع لهما.
(10) وحينئذ: ساقطة من (ن) .
(11) ع: بالإرادات
============================== =
من لوازم نفسه ; لأنه إذا كان هذا لا يريد ويفعل إلا مع إرادة الآخر وفعله كانت إرادة كل منهما وفعله جزءا من المقتضي لكون الآخر مريدا فاعلا.
وهذا دور في جزء العلة. والدور في جزء المقتضي ممتنع كالدور في نفس المقتضي، وإذا (1) جوز في المتضايفين كالأبوة والبنوة أن يتلازما فلأن المقتضي التام لهما غيرهما (2) فلو كانت الإرادتان والفعلان متلازمين (3) لكان المقتضي التام لهما غير هذا وغير هذا.
وذلك ممتنع، إذ لا شيء فوقهما يجعلهما كذلك، فيلزم أن لا يكون كل (4) واحد منهما مريدا ولا فاعلا.
وهذه كلها أمور معقولة محققة مبرهنة، كلما تصورها المتصور تصورا صحيحا علم صحتها وهي مبسوطة في غير هذا الموضع.
فتبين (5) أنه لو قدر إلهان متكافئان (6) في القدرة لم يفعلا شيئا لا حال الاتفاق ولا حال الاختلاف، فلا بد حينئذ إذا قدر إلهان أن يكون أحدهما أقدر من الآخر، والأقدر عال على من دونه في القدرة بالضرورة، فلو كان ثم آلهة لوجب علو بعضهم على بعض، (7 ولو علا بعضهم على بعض 7) (7) لم
**_________
(1) ن: فإذا، ب: وإنما.
(2) ن: والبنوة أن يتلازما فلأن المقتضي به لهما غيرهما، أ: والبنوة متلازمين فلأن المقتضي التام لهما غيرهما، ب: والبنوة وكل متلازمين لأن المقتضي التام لهما غيرهما
(3) ن: فلو كانت الإرادة، فإن الفعل متلازمين، وهو تحريف.
(4) كل: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) أ، ب: فتعين.
(6) أ: إلها لكان متكافيا، ب: إلهان وكانا متكافئين، وكلاهما تحريف.
(7) (7 - 7) ساقط من (أ) ، (ب)
============================== =
يكن (1) المستقل بالفعل إلا العالي (2) وحده، فإن المقهور (3) إن كان محتاجا في فعله إلى إعانة الأول (4) كان عاجزا بدون الإعانة، وكانت قدرته من غيره، وما كان هكذا (5) لم يكن إلها بنفسه. والله تعالى (6) لم يجعل من مخلوقاته إلها (7) ، (8 فامتنع أن يكون المقهور (8) إلها 8) (9) ، وإن كان المقهور يستقل بفعل (10) بدون الإعانة من العالي (11) لم يمكن العالي (12) إذا أن يمنعه مما هو مستقل به، فيكون العالي عاجزا عن منع المقهور، فلا يكون عاليا، وقد فرض أنه عال. هذا خلف، وهو (13) جمع بين النقيضين.
فتبين أنه مع علو بعضهم على بعض لا يكون المغلوب إلها بوجه، بل يمتنع أن يكون إلها مع إعانة الآخر له، ويمتنع أن يكون إلها منفردا غنيا عن الآخر، إذ كان الغني عن غيره لا يعلو غيره عليه ولا يقدر (14) أن
**_________
(1) أ: لم يكن ; ب: ولم يكن.
(2) ن: الأعلى.
(3) أ: فإن فلان المقهور، ب: فإن الثاني المقهور.
(4) ن: إذ كان وحده يحتاج فعله إلى إعانة الأول.
(5) عند عبارة " وما كان هكذا "، تعود نسخة (م) .
(6) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
(7) أ، ب: لم يجعل إلها من مخلوقاته.
(8) المقهور: ساقطة من (ن) .
(9) (8 - 8) ساقط من (م) .
(10) أ: وإن كان المقهور مستقل بفعل، ب: وإن كان المقهور مستقلا يفعل.
(11) ن، ع: بدون إعانة العالي، م: دون إرادة العالي.
(12) أ: لم يكن العالي، ب: لم يكن للعالي.
(13) أ، ب: وهذا.
(14) ن، م: إذ لو كان الغني عن غيره لا يعلو غيره عليه ولا يقدر، أ: إذا كان الغني عن غيره لا يعلو غيره عليه ولا يقدر، ب: إذا الغني عن غيره لا يقدر
============================== =====
يعلو غيره عليه، [ومتى قدر أن يعلو عليه (1) كان مفتقرا إليه (2) محتاجا إلى امتناعه من علوه عليه، وانكفافه عن ذلك العلو، ومن غلبه غيره (3) لا يكون عزيزا منيعا يدفع عن نفسه، فكيف يدفع عن غيره؟ .
والعرب تقول: عز يعز بالفتح (4) إذا قوي وصلب (5) ، وعز يعز بالكسر (6) إذا امتنع، وعز يعز بالضم (7) إذا غلب، فإذا (8) قويت الحركة قوي المعنى، والضم أقوى من الكسر، والكسر أقوى من الفتح.
فإذا كان مغلوبا (9) لم يكن منيعا، وإذا لم يكن منيعا (10) لم يكن قويا بطريق الأولى، ومن لا يكون قويا لا يكون (11) ربا فاعلا.
فتبين أنه لو كان معه إله لعلا بعضهم على بعض، كما تبين (12) أنه كان يذهب كل إله بما خلق.
وهذا (13) بعض تقرير البرهانين (14) اللذين في القرآن. ومما يوضح ذلك أنك
**_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، وفي (أ) : ومتى إن قدر عليه، وفي (ب) : ومتى قدر عليه، وفي (م) : ولا يقدر أن يعلو عليه.
(2) أ، ب: فقيرا إليه.
(3) ن، م: وانكفافه عليه من ذلك الامتناع ومن عليه غيره، وهو تحريف.
(4) بالفتح: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) ن، م: وغلب.
(6) بالكسر: ساقطة من (ن) ، (م) .
(7) بالضم: ساقطة من (ن) ، (م) .
(8) ن، م، ع: إذا.
(9) ن، م معلوما، وهو تحريف.
(10) ن، م: ممتنعا.
(11) أ، ب: لم يكن.
(12) ن، ع: كما بين.
(13) ع: فهذا.
(14) ن: الزمانين
==============================
لا تجد في الوجود شريكين متكافئين إن لم يكن فوقهما ثالث يرجعان إليه، فإذا قدر ملكان متكافئان في الملك لم يرجع أحدهما إلى الآخر ولا ثالث لهما (1) يرجعان إليه كان ذلك ممتنعا.
بل إذا قدر طباخان (2) لقدر واحدة (3) متكافئان في العمل، لا يرجع أحدهما إلى الآخر، ولا فوقهما ثالث يرجعان إليه، لم يمكن ذلك (4) .
وكذلك البانيان لدار واحدة، وكذلك الغارسان لشجرة واحدة، وكذلك كل آمرين بمأمور واحد (5) كالطبيبين والمفتيين، وكذلك الخياطان لثوب واحد.
فلا يتصور في جميع هذه المشاركات اتفاق اثنين، إلا أن يكون أحدهما فوق الآخر، وأن يكون (6) لهما ثالث فوقهما، وذلك لأن فعل كل واحد (7) منهما إذا كان مشروطا بفعل الآخر لم يرد هذا ولم يأمر ولم يفعل حتى يريد هذا ويأمر ويفعل الآخر (8) كذلك، فلا يريد واحد منهما ولا يأمر ولا يفعل، فلا (9) يفعلان شيئا.
فاشتراك اثنين متكافئين ليس فوقهما ثالث ممتنع، وإذا اشترك شريكان
**_________
(1) ن، م: ولا لهما ثالث.
(2) م: طيافان، ب: صانعان، وسقطت الكلمة من (أ) .
(3) ن، م: واحد.
(4) ن، م، أ: لم يكن ذلك.
(5) م: آمر بأمر واحد، ن: آمرين بأمر واحد، أ: آمرين بما هو واحد، ب: آمرين لمأمور واحد.
(6) ب فقط: أو يكون.
(7) واحد: ساقطة من (ن) ، (م) .
(8) الآخر: كذا في (أ) فقط، وفي سائر النسخ: والآخر.
(9) ع: ولا
==============================
شرعيان (1) كان ما يفعلانه من الأفعال راجعا إلى أمر (2) الشارع الذي هو (3) فوقهما، أو راجعا (4) إلى قول أهل الخبرة بالتجارة التي اشتركا فيها، فعليهما أن يريدا (5) ذلك، فإن (6) تنازعا فصل بينهما الشارع أو أهل الخبرة الذين عليهما أن يرجعا إليهم (7) وعلى ذلك تشاركا وتشارطا. وأما إن (8) لم يرجعا إلى ثالث أو لم يكن (9) أحدهما تابعا للآخر فيمتنع اشتراكهما، لكن قد يرجع هذا إلى هذا تارة، وهذا إلى هذا تارة كالمتعارضين، وحينئذ فكل واحد (10) منهما حال رجوع الآخر إليه (11) هو الأصل، والآخر فرع له.
ولهذا وجب نصب الإمارة في أقصر مدة وأقل اجتماع، كما قال: النبي - صلى الله عليه وسلم -: " «لا يحل لثلاثة أن يكونوا (12) في سفر حتى يؤمروا أحدهم» ". رواه الإمام (13) أحمد (14) فإن الرأس (15) ضروري في الاجتماع.
**_________
(1) أ: شريكين عنان ; ب: شريكان شركة عنان، وسقطت كلمة شرعيان من (ع) .
(2) أمر: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) هو: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) ن، ع: وراجعا، م: وراجعان.
(5) ب فقط: أن يديرا، وهو خطأ مطبعي.
(6) ن، م، ع: فإذا.
(7) ن فقط: إليهما، وهو خطأ.
(8) ن، م، ع: إذا.
(9) ن، م، ع: ولا يكون.
(10) واحد: ساقطة من (ن) ، (م) ، (ع) .
(11) ن، م: له.
(12) ن: لثلاثة يكونون، م: لثلاثة أن يكونون، ع: لثلاثة يكونوا.
(13) الإمام: ساقطة من (ن) ، (م) .
(14) مضى هذا الحديث من قبل في هذا الكتاب 1 - 527 - 528.
(15) ن: الترأس، م: التأمر
==============================
فلا بد (1) للناس من رأس، وإذا لم يكن لهم رأس امتنع الاجتماع، فإذا كان لهما رأسان متكافئان يشتركان في رياسة جماعة بطل الاجتماع.
وهذا مما هو مستقر (2) في فطر الناس كلهم. فإذا كان ولاة الأمر اثنين، فلابد أن يتناوبا (3) في الأمر بحيث يطيع هذا هذا (4) تارة، وهذا هذا (5) تارة، كما يوجد في أعوان الملوك ووزرائهم، إذا بدأ هذا بأمر (6) أعانه الآخر عليه، فإن (7) لم يتفقا رجع الأمر إلى من فوقهما، وإلا فالأمر الواحد لا يصدر عن اثنين معا إلا أن يكونا تابعين فيه لثالث.
فالتمانع حاصل بين الأصلين المتكافئين، سواء قدر (8) اتفاقهما أو اختلافهما، ولكن التمانع مع الاختلاف أظهر، وكذلك هما يتمانعان (9) مع الاتفاق، فإن أحدهما لا يمكنه (10) أن يفعل حتى يفعل الآخر، (10 وذاك لا يمكنه حتى يفعل الآخر 10) (11) وليس لهما ثالث يحركهما إلى الفعل، وليس تقدم أحدهما أولى من تقدم الآخر، ووقوع الفعل منهما مع كون (12) فعل كل منهما لا بد له من قدرة عليه (13) ، وهو لا يقدر إلا
**_________
(1) ن، م: لا بد.
(2) ع: مما استقر.
(3) ن، م: يتقاربا، وهو تحريف.
(4) أ، ب: لهذا.
(5) أ، ب: لهذا.
(6) ن، م: إذا ابتدا، ن: اقتدا أحدهما بأمر.
(7) ع، م: وإذا، ن: وإن.
(8) قدر: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(9) أ: ممانعان، ب: متمانعان.
(10) أ، ب: لا يمكن.
(11) (10 - 10) ساقط من (أ) ، (ب) .
(12) كون: ساقطة من (ن) ، (م) .
(13) عليه، ساقطة من (أ) ، (ب)
=========================
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثالث
الحلقة (213)
صـ 329 إلى صـ 336
بالآخر ممتنع، فإن هذا لا يقدر حتى يعينه الآخر، وهذا لا يقدر حتى يعينه الآخر، فتكون إعانة كل منهما سابقة (1) مسبوقة [وقدرة كل منهما سابقة مسبوقة.] (2) إذ كان لا إعانة لهذا إلا بقدرته، (3) ولا قدرة له إلا بإعانة ذاك، ولا إعانة لذاك إلا بقدرته، ولا قدرة له إلا بإعانة هذا، (* فتكون إعانة هذا موقوفة على قدرته الموقوفة على إعانة ذاك، الموقوفة على قدرة هذا *) (4) ، فيكون الشيء قبل قبل قبل نفسه وعلة علة علة نفسه.
فتبين امتناع اجتماع ربين متوافقين أو متخالفين، وأنه إذا فرض مع الله إله (5) لزم أن يذهب كل إله بما خلق، وأن يعلو بعضهم على بعض.
وأحد البرهانين ليس مبنيا على الآخر، بل كل منهما مستقل، وكل منهما لازم على تقدير إله آخر، ليس اللازم أحدهما، فإنه لما امتنع الاشتراك في فعل واحد ومفعول واحد على سبيل الاستقلال وعلى سبيل التعاون، لزم أن يذهب كل إله بما خلق. ولما امتنع اجتماع ربين (6) متكافئين لزم علو بعضهم على بعض، وكل منهما منتف ; لأن المخلوقات مرتبط بعضها ببعض (7) ؛ ولأن المقهور ليست قدرته من نفسه بل من غيره، فيكون مربوبا لا ربا.
**_________
(1) ن: ستافية، م: منافية، وكلاهما تحريف.
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ، (أ) ، (ب) .
(3) ن، م: إلا بقدرة هذا.
(4) ما بين النجمتين ساقط من (ع) ، والجملة الأخيرة في (م) : على إعانة هذا.
(5) ن، م، ع: آلهة.
(6) ن، م: اثنين.
(7) ن: مرتبط بعضها على بعض، م: مرتبط بعضهم على بعض
=======================
والمشركون كانوا يقرون بهذا التوحيد الذي هو (1) نفي خالقين، لم يكن مشركو العرب تنازع (2) فيه؛ ولهذا قال الله لهم (3) : {أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون} [سورة النحل: 17] فكانوا يعترفون بأن (4) آلهتهم لا تخلق.
ولهذا ذكر الله [تعالى هذا] (5) التقرير بعد قوله: {قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون - سيقولون لله قل أفلا تذكرون - قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم - سيقولون لله قل أفلا تتقون - قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون - سيقولون لله قل فأنى تسحرون - بل أتيناهم بالحق وإنهم لكاذبون - ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون} عالم {الغيب والشهادة فتعالى عما يشركون} [سورة المؤمنون: 84 - 92] ولم يكن إشراكهم أنهم جعلوهم خالقين، بل أن جعلوهم وسائط في العبادة فاتخذوهم شفعاء، وقالوا: إنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى.
كما قال الله تعالى عنهم: (6) {ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في
**_________
(1) هو: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) أ، ب: تتنازع.
(3) ن، م، ع: ولهذا قال تعالى.
(4) أ، ب: فكانوا يعرفون أن.
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(6) عنهم: ساقطة من (أ) ، (ب) ، (ع)
======================
السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون} [سورة يونس: 18] .
فالذين أثبتوا فاعلا مستقلا غير الله كالفلك والآدميين وجعلوا هذه الحركات الحادثة (1) ليست مخلوقة لله - فيهم من الشرك والتعطيل ما ليس في مشركي العرب، فإن مشركي العرب كانوا يقرون بالقدر وأن الله وحده خالق كل شيء.
ولهذا قال في الآية الأخرى: {قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا} [سورة الإسراء: 42] فهم كانوا يقولون: [إنهم] (2) وسائل ووسائط وشفعاء، لم يكونوا (3) يقولون: إنهم يخلقون كخلقه، فقال تعالى: {لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا} ، كما قال في الآية الأخرى: {قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا - أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا} [سورة الإسراء: 56، 57] .
فتبين أن ما يدعى من دونه من الملائكة والأنبياء وغيرهم يبتغى به (4) الوسيلة إلى الله والتقرب إليه، وذلك لأنه هو الإله المعبود الحق الذي كل ما سواه مفتقر إليه من جهة أنه ربه ليس له شيء إلا منه، ومن جهة أنه إلهه لا منتهى لإرادته (5) دونه، فلو لم يكن هو (6) المعبود لفسد
**_________
(1) ن: الجارية.
(2) إنهم: ساقطة من (ن) .
(3) ن، م: ما كانوا.
(4) به: ساقطة من (ن) ، (م) ، (ع) .
(5) أ، ب: ومن جهته وأن إلهه لا ينتهي لإرادته، ن، م: ومن جهة أنه إله لا منتهى لإرادته.
(6) ن، م: هذا
============================
العالم، إذ لو (1) كانت الإرادات ليس لها مراد لذاته (2) والمراد إما لنفسه وإما لغيره، والمراد لغيره (3) لا بد أن يكون ذلك الغير مرادا حتى ينتهي الأمر إلى مراد لنفسه.
فكما أنه يمتنع التسلسل في العلل الفاعلية، فيمتنع (4) التسلسل في العلل الغائية. وقد يظن أنه بهذا الطريق أثبت قدماء الفلاسفة - أرسطو وأتباعه - الأول (5) لكنهم أثبتوه من جهة كونه (6) علة غائية فقط، لكن أولئك جعلوه علة غائية بمعنى التشبه به (7) ؛ ولهذا قالوا: الفلسفة هي التشبه (8) بالإله على قدر الطاقة، لم يجعلوه معبودا محبوبا لذاته كما جاءت الرسل بذلك.
ولهذا كان من تعبد وتصوف على طريقتهم من المتأخرين يقعون في دعوى الربوبية والإلهية (9) ، وهم في نوع من الفرعونية، بل قد يعظم بعضهم فرعون ويفضلونه على موسى - عليه السلام - (10) كما يوجد ذلك في كلام طائفة منهم.
**_________
(1) لو: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) أ، ب: ليست له مرادة لذاته، ن، م: ليس لها مرادا لذاته.
(3) عبارة " والمراد لغيره " ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) أ، ب: يمتنع.
(5) ب فقط: الإله.
(6) أ، ب: لكونه.
(7) أ، ب: التشبيه به.
(8) أ: كما يقولون الفلاسفة هو التشبيه، ب: كما يقول الفلاسفة هو التشبيه، ع: كما يقولون: الفلسفة من التشبيه.
(9) ن، م، ع: الإلهية والربوبية.
(10) عليه السلام: زيادة في (ن) ، (م)
=============================
والواجب إثبات الأمرين: أنه سبحانه رب كل شيء، وإله كل شيء، فإذا كانت الحركات الإرادية لا تقوم إلا بمراد لذاته، (1 وبدون ذلك يفسد (1) ولا يجوز أن يكون مرادا لذاته إلا الله 1) (2) ، كما لا يكون موجودا بذاته إلا الله - علم (3) أنه لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا.
وهذه الآية فيها بيان أنه (4) لا إله إلا الله (5) ، وأنه لو كان فيهما آلهة غيره لفسدتا. وتلك الآية (6) قال فيها: {إذا لذهب كل إله بما خلق} [سورة المؤمنون: 91] .
ووجه بيان لزوم الفساد أنه إذا (7) قدر مدبران، (8 ما تقدم من أنه 8) (8) يمتنع أن يكونا غير متكافئين؛ لكون المقهور مربوبا لا ربا وإذا كانا متكافئين امتنع التدبير منهما لا على سبيل الاتفاق ولا على سبيل الاختلاف، فيفسد العالم بعدم (9) التدبير، لا على سبيل الاستقلال، ولا على سبيل الاشتراك كما تقدم.
وهذا (10) من جهة امتناع الربوبية لاثنين (11) ، ويلزم من امتناعهما (12) امتناع
**_________
(1) أ: وبذلك يفسد، ب: وبذلك يقصد، م: وبذلك يفتك.
(2) (1 - 1) ساقط من (ع) .
(3) أ، ب: فعلم.
(4) ب، ع: أن.
(5) ن، م: إلا هو.
(6) الآية: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(7) ب فقط: فيما إذا.
(8) (8 - 8) : ساقط من (ع) .
(9) ن، م: لعدم.
(10) ن، م: فهذا.
(11) أ: لا يتبين، ب: لغير الله.
(12) أ: ويلزم امتناعها، ب: ويلزم من امتناعها
======================
الإلهية (1) فإن ما لا يفعل شيئا لا يصلح أن يكون ربا (2) يعبد ولم يأمر الله أن يعبد؛ ولهذا بين الله امتناع الإلهية (3) لغيره تارة ببيان أنه ليس بخالق، وتارة (4) أنه لم يأمر بذلك لنا (5) كقوله تعالى: {قل أرأيتم ما تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السماوات ائتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم إن كنتم صادقين} [سورة الأحقاف: 4] .
وذلك لأن (6) عبادة ما سوى الله تعالى (7) قد يقال: إن الله أذن فيه لما فيه من المنفعة (8) ، فبين سبحانه أنه لم يشرعه، كما قال تعالى: {واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون} [سورة الزخرف: 45] وهذا مبسوط في موضع آخر.
والمقصود هنا أن في هذه الآية بيان امتناع الألوهية من جهة الفساد الناشئ عن (9) عبادة ما سوى الله تعالى ; لأنه لا صلاح للخلق إلا بالمعبود المراد لذاته، من جهة غاية أفعالهم ونهاية حركاتهم، وما سوى الله
**_________
(1) ن، م: الألوهية.
(2) يكون ربا: ساقطة من (ن) ، (م) ، (ع) .
(3) ن، م: الألوهية.
(4) أ، ب: بخالق وتارة بأنه، ن: بخالق زيادة أنه، م: بخالق وتارة زيادة أنه.
(5) لنا: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) أ، ب: بأن.
(7) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
(8) ن، م: من المصلحة.
(9) ن: والناشئ عن ; م: والناشئ من
=========================
لا يصلح، فلو كان فيهما معبود غيره لفسدتا من هذه الجهة، فإنه سبحانه هو المعبود المحبوب لذاته، كما أنه هو الرب خالق بمشيئته.
[وهذا معنى قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " «أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد» :
ألا كل شيء ما خلا الله باطل ... وكل نعيم لا محالة زائل
] (1) ؛ ولهذا قال: الله في فاتحة الكتاب: {إياك نعبد وإياك نستعين} وقدم اسم الله على اسم (2) الرب في أولها حيث قال: {الحمد لله رب العالمين} فالمعبود هو المقصود المطلوب المحبوب لذاته، وهو الغاية والمعين (3) ، وهو البارئ المبدع الخالق، ومنه ابتداء كل شيء، والغايات تحصل بالبدايات، والبدايات (4) بطلب (5) الغايات، فالإلهية هي الغاية (6) ، وبها تتعلق حكمته، وهو الذي يستحق لذاته أن يعبد (7) ويحب ويحمد ويمجد، وهو سبحانه يحمد نفسه، ويثني على نفسه، ويمجد نفسه، ولا أحد أحق بذلك منه حامدا ومحمودا.
**_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ، ولم يرد الشطر الثاني من البيت في (ع) ، والحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - في البخاري 5 - 42، 43 كتاب مناقب الأنصار، باب أيام الجاهلية 8 - 35 كتاب الأدب، باب ما يجوز من الشعر، مسلم 4 - 1768، 1769 كتاب الشعر، الأحاديث 1 - 6، سنن ابن ماجه 2 - 1236، كتاب الأدب، باب الشعر، المسند ط المعارف 13 - 110، 17/141، 19/18، 120
(2) ن: اسمه الله على اسمه. م: اسم الله على اسمه.
(3) أ، ب: والمعنى.
(4) والبدايات: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(5) ن، م، ع: تطلب.
(6) ن، م: والإلهية هي العالية، وهو تحريف.
(7) أن يعبد: ساقطة من (ن) ، (م) ، وفي (أ) : أن نعبده
=======================
وهذه الأمور مبسوطة في غير هذا الموضع، وقد تبين بما ذكرناه أن من جعل عباد الله (1) كأعوان السلطان (2) فهو من أعظم المشركين بالله.
**[التعليق على كلام الرافضي عن قوله تعالى والله خلقكم وما تعملون]
وأما جوابه (3) عن احتجاجهم بقوله تعالى (4) : {والله خلقكم وما تعملون} [سورة الصافات: 59 - 96] بأن (5) المراد بذلك الأصنام، فلا ننازعه (6) في أن المراد بذلك الأصنام، فإن هذا هو أصح القولين. و " ما " بمعنى الذي، ومن قال: إنها مصدرية والمراد والله خلقكم وعملكم فهو ضعيف (7) ، فإن سياق الكلام إنما يدل على الأول ; لأنه قال: {أتعبدون ما تنحتون - والله خلقكم وما تعملون} [سورة الصافات: 95 - 96] فأنكر عليهم عبادة المنحوت، فالمناسب أن يذكر ما يتعلق بالمنحوت وأنه مخلوق لله.
والتقدير (8) والله خلق العابد والمعبود، ولأنه لو قال: والله خلقكم وعملكم لم يكن في هذا ما يقتضي ذمهم على الشرك، بل قد يقال: إنه إقامة عذر لهم.
وذلك لأن الواو في قوله: {والله خلقكم وما تعملون} واو
**_________
(1) أ، ب: عبادة الله.
(2) أ، ب: الملك.
(3) أ، ب: وأما الجواب، والكلام هنا عن الرافضي ابن المطهر.
(4) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
(5) ن، م: فإن.
(6) م: فلا منازعة.
(7) ن، م: وهو ضعيف.
(8) ن، م: فالتقدير
=========================
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثالث
الحلقة (214)
صـ 337 إلى صـ 344
الحال. والحال هنا شبه الظرف، كلاهما قد يتضمن (1) معنى التعليل كما يقال: أتذم فلانا (2) وهو رجل صالح وتسيء إليه وهو محسن (3) إليك؟ فتقرر بذلك ما يوجب ذمه ونهيه عما أنكرته عليه.
وهو سبحانه ينكر عليهم عبادة ما ينحتون، فذكر (4) قوله: {والله خلقكم وما تعملون} متضمنا ما يوجب ذمهم على ذلك ونهيهم عنه، وذلك كون الله تعالى خلق معمولهم، ولو أريد والله خلقكم وعملكم الذي هو الكفر وغيره، لم يكن في ذلك ما يناسب ذمهم، ولم يكن في بيان خلق الله تعالى لأفعال عباده ما يوجب ذمهم على الشرك] (5) .
لكن يقال: هذه الآية تدل على أن أعمال العباد مخلوقة ; لأنه قال: والله خلقكم والذي تعملونه من الأصنام، والأصنام كانوا ينحتونها، فلا يخلو: إما أن يكون المراد خلقه لها قبل النحت والعمل، أو قبل ذلك وبعده.
فإن كان المراد ذكر كونها مخلوقة قبل ذلك لم يكن فيها حجة على أن المخلوق هو المعمول المنحوت. لكن المخلوق ما لم يعمل ولم ينحت.
وإن كان المراد خلقها بعد (6) العمل والنحت، فمن المعلوم أن النحت الذي فيها هو أثرهم وعملهم (7) .
**_________
(1) أ، ب: وكلاهما يتضمن.
(2) أ، ب: أيذم فلان.
(3) ع: يحسن.
(4) أ، ب: وذكر.
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(6) أ، ب: بهذا.
(7) أ: النحت الذي هو أثرهم وعلمهم، ب: النحت هو أثرهم وعملهم، م، ن، ع: النحت الذي فيها أثرهم وعملهم، ولعل الصواب ما أثبته
=====================
وعند القدرية أن المتولد عن فعل العبد فعله لا فعل الله، فيكون هذا النحت والتصوير فعلهم لا فعل الله. فإذا ثبت أن الله خلقها بما فيها من التصوير والنحت، ثبت أنه خالق ما تولد عن (1) فعلهم [والمتولد لازم للفعل (2) المباشر وملزوم له، وخلق أحد المتلازمين يستلزم خلق الآخر، فدلت (3) الآية أنه خالق أفعالهم القائمة بهم، وخالق ما تولد عنها، وخالق الأعيان التي قام بها المتولد (4) ، ولا يمكن أن يكون أحد المتلازمين عن (5) الرب والآخر عن (6) غيره، فإنه يلزم افتقاره إلى غيره.] (7) .
وأيضا فنفس حركاتهم تدخل في قوله تعالى (8) : {والله خلقكم} ، فإن أعراضهم داخلة في مسمى أسمائهم، فالله تعالى خلق الإنسان بجميع أعراضه، وحركاته من أعراضه، فقد تبين أنه خلق أعمالهم بقوله: {والله خلقكم} وما تولد (9) عنها
**_________
(1) أ، ب: من.
(2) أ، ب: لفعل.
(3) ع: فثبت أن.
(4) ب فقط: التولد.
(5) ع: من.
(6) ع: من.
(7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(8) ن، م: وأما نفس حركاتهم فدخلت في قوله.
(9) ن، م: وخلق ما تولد
=======================
من النحت والتصوير بقوله: {وما تعملون} فثبت أنها دالة على أنه خالق هذا وهذا، وهو المطلوب. مع أن الآيات الدالة على خلق أعمال العباد كثيرة، كما تقدم التنبيه عليها (1) [لكن خلقه للمصنوعات (2) مثل الفلك والأبنية واللباس هو نظير خلق المنحوتات، كقوله تعالى: {وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون - وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} [سورة يس: 41، 42] وقوله تعالى: {والله جعل لكم مما خلق ظلالا وجعل لكم من الجبال أكنانا وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون} [سورة النحل: 81]] (3) .
**_________
(1) ن، م، ع: عليه.
(2) أ، ب: المصنوعات.
(3) ما بين المعقوفتين من (ن) ، (م) ، وفي (ع) بعد ذلك عبارة: " والله أعلم "، وهنا تنتهي نسخة (ع) ، وكتب بعد عبارة " والله أعلم " ما يلي: آخر الجزء الثاني من منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيع القدرية لشيخ الإسلام ابن تيمية تغمده الله برحمته، أنهاه كتابة العبد علي بن محمد بن علي بن عباس البعلي الحنبلي، غفر الله له ولوالديه ولمشايخه ولجميع المسلمين، آمين يا رب العالمين، وكتب في سابع عشر من ذي حجة الحرام من سنة سبع وسبعين وسبعمائة، أحسن الله تعالى خاتمتها بخير في عافية، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد نبي الرحمة وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين، وانظر مقدمة الجزء الأول
========================
**[فصل كلام الرافضي على إثبات الأشاعرة لرؤية الله تعالى والرد عليه]
فصل
قال الرافضي (1) : وذهبت (2) الأشاعرة إلى أن الله يرى (3) بالعين، مع أنه مجرد من الجهات. وقد قال الله تعالى (4) : {لا تدركه الأبصار} [سورة الأنعام: 103] وخالفوا الضرورة من أن المدرك (5) بالعين يكون مقابلا أو في حكمه، وخالفوا جميع العقلاء في ذلك، وذهبوا إلى تجويز أن يكون بين أيدينا جبال شاهقة من الأرض إلى السماء مختلفة الألوان لا (6) نشاهدها، وأصوات (7) هائلة لا نسمعها، وعساكر مختلفة متحاربة بأنواع الأسلحة، بحيث تماس (8) أجسامنا أجسامهم (9) ، لا (10) نشاهد صورهم ولا حركاتهم (11) ، ولا نسمع أصواتهم الهائلة، وأن نشاهد
**_________
(1) الرافضي: ساقطة من (م) ، والكلام التالي في (ك) ص [0 - 9] 2 (م) .
(2) ن، م: وذهب.
(3) ك: الله تعالى مرئي.
(4) ن: وقد قال تعالى، م: وقال تعالى.
(5) أ: الضرورة فقالوا: إن المدرك، ب: الضرورة لأن المدرك.
(6) ب فقط: ولا.
(7) ن: وألوان وأصوات.
(8) أ، ب: يمس، ك: يماس.
(9) ن، أ، ب: أجسادهم.
(10) ب فقط: ولا.
(11) أ، م، ن: وحركاتهم
==========================
جسما أصغر الأجسام كالذرة في المشرق ونحن في المغرب، مع كثرة الحائل بيننا وبينها، وهذا هو السفسطة (1) .
فيقال له: (2) الكلام على هذا من وجوه:
أحدها: أن يقال: أما (3) إثبات رؤية الله تعالى بالأبصار في الآخرة فهو قول سلف الأمة وأئمتها، وجماهير المسلمين من أهل المذاهب الأربعة وغيرها. وقد تواترت فيه الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عند علماء الحديث، وجمهور القائلين بالرؤية يقولون: يرى عيانا مواجهة، كما هو المعروف بالعقل.
كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " «إنكم سترون ربكم - عز وجل (4) - يوم القيامة كما ترون الشمس والقمر (5) لا تضامون في رؤيته.» " وفي لفظ (6) : " «كما ترون الشمس والقمر صحوا» "، وفي لفظ: " «هل تضارون في رؤية الشمس صحوا ليس دونها سحاب؟ قالوا: لا. قال: فهل تضارون في رؤية القمر صحوا ليس دونه سحاب؟ قالوا: لا. قال: فإنكم ترون (7) ربكم كما ترون الشمس والقمر» (8) .
**_________
(1) ك: وهذا عين السفسطة.
(2) له: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) أ: إن.
(4) عز وجل: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) والقمر: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(6) م: وفي رواية.
(7) م: سترون.
(8) مضى هذا الحديث من قبل في هذا الكتاب 2/325
======================
وإذا كان كذلك فتقدير أن يكون بعض أهل السنة المثبتين للرؤية (1) أخطأوا في بعض أحكامها، لم يكن ذلك قدحا في مذهب أهل السنة والجماعة، فإنا لا ندعي العصمة لكل صنف منهم، وإنما ندعي أنهم لا يتفقون على ضلالة، وأن كل مسألة اختلف فيها أهل السنة والجماعة والرافضة (2) فالصواب فيها مع أهل السنة، وحيث تصيب الرافضة فلا بد أن يوافقهم على الصواب بعض أهل السنة، وللروافض خطأ (3) لا يوافقهم أحد عليه من أهل السنة، وليس للرافضة مسألة واحدة لا يوافقهم فيها أحد انفردوا بها عن جميع أهل السنة والجماعة (4) إلا وهم مخطئون فيها (5) كإمامة الإثني عشر (6) وعصمتهم.
والجواب الثاني أن الذين قالوا: إن الله يرى (7) بلا مقابلة هم الذين قالوا: إن الله ليس فوق العالم، فلما كانوا مثبتين للرؤية نافين للعلو احتاجوا إلى الجمع بين هاتين المسألتين. وهذا قول طائفة من الكلابية والأشعرية، وليس هو قولهم كلهم (8) بل ولا قول أئمتهم، بل أئمة القوم يقولون: إن الله بذاته فوق العرش، ومن نفى ذلك منهم فإنما نفاه
**_________
(1) للرؤية: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) ن، م: اختلف أهل السنة والجماعة والرافضة.
(3) أ: وللرافضة خطأ، ب: وليس للرافضة خطأ.
(4) ساقط من (أ) ، (ب) .
(5) ب فقط: فيه.
(6) أ، ب: اثني عشر.
(7) ن، م: إنه يرى.
(8) أ، ب: قول كلهم
============================
لموافقته (1) المعتزلة في نفي ذلك ونفي ملزوماته، فإنهم لما وافقوهم على صحة الدليل الذي استدلت به المعتزلة على حدوث العالم، وهو أن الجسم لا يخلو عن (* الحركة والسكون، وما لا يخلو عنهما فهو حادث، لامتناع حوادث لا أول لها.
قالوا: فيلزم حدوث كل جسم، فيمتنع أن يكون *) (2) البارئ جسما ; لأنه قديم، ويمتنع أن يكون في جهة ; لأنه لا يكون في الجهة إلا جسم (3) ، فيمتنع أن يكون مقابلا للرائي ; لأن المقابلة لا تكون إلا بين جسمين (4) .
ولا ريب أن جمهور (5) العقلاء من مثبتي الرؤية ونفاتها يقولون: إن هذا القول معلوم الفساد بالضرورة؛ ولهذا يذكر الرازي أن جميع فرق الأمة تخالفهم في ذلك.
لكن هم يقولون لهذا المشنع عليهم: نحن أثبتنا الرؤية ونفينا الجهة، فلا يلزم ما ذكرته (6) ، فإن أمكن رؤية المرئي (7) لا في جهة من الرائي صح قولنا، وإن لم يكن لزم خطؤنا في إحدى المسألتين: إما في نفي (8) الرؤية وإما في نفي مباينة الله لخلقه وعلوه عليهم.
**_________
(1) أ، ن، م: لموافقتهم.
(2) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
(3) أ، ب: الجسم.
(4) ن: إلا من جسمين، م: لا يكون بين جسمين.
(5) جمهور: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) أ، ب: فلزم ما ذكرته.
(7) أ، ب: الرائي، وهو خطأ.
(8) أ، ب: ثبوت، وهو خطأ
============================
وإذا لزم الخطأ في إحداهما، لم يتعين الخطأ في نفي الرؤية، بل يجوز (1) أن يكون الخطأ في نفي العلو والمباينة، وليست موافقتنا لك حجة (2) لك، فليس تناقضنا دليلا على صواب قولك في نفي علو الله على خلقه، بل الرؤية ثابتة بالنصوص المستفيضة (3) وإجماع السلف، مع دلالة العقل عليها.
وحينئذ فلازم الحق حق. ونحن إذا أثبتنا هذا الحق ونفينا بعض لوازمه، كان هذا (4) التناقض أهون من نفي الحق (5) ولوازمه. وأنتم نفيتم الرؤية ونفيتم العلو والمباينة، فكان (6) قولكم أبعد عن المعقول والمنقول من قولنا، وقولنا أقرب من قولكم، وإن كان في قولنا تناقض فالتناقض في قولكم أكثر ومخالفتكم (7) لنصوص الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة (8 أظهر، وهذا بين؛ فإن ما في النصوص الإلهية ونصوص سلف الأمة 8) (8) من إثبات الصفات والرؤية (9) وعلو الله متواتر (10) مستفيض.
والنفاة لا يستندون لا إلى كتاب ولا إلى سنة ولا إلى
**_________
(1) أ، ب: يحسبون، وهو تحريف.
(2) أ: لك هناك حجة، ب: لك هنا حجة.
(3) ن، م: بالنص المستفيض.
(4) هذا: ساقطة من (ن) فقط.
(5) ن فقط: الخلق.
(6) ن، م: كان.
(7) ب فقط: مع مخالفتكم.
(8) (8 - 8) : ساقط من (أ) ، (ب) .
(9) م: من إثبات الرؤية.
(10) أ، ب: وعلو الله على العرش متواتر
============================
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثالث
الحلقة (215)
صـ 345 إلى صـ 352
إجماع (1) بل عارضوا برأيهم الفاسد (2) ما تواتر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأتباعه من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان (3) .
وأما التناقض فإن هؤلاء النفاة للرؤية يقولون: إنه موجود لا داخل العالم ولا خارجه (4) ولا مباين له، ولا يقرب من شيء، ولا يقرب منه (5) شيء، ولا يراه أحد، ولا يحجب عن رؤيته (6) شيء دون شيء (7) ، ولا يصعد إليه شيء، ولا ينزل من عنده شيء، إلى أمثال ذلك.
وإذا قيل لهم (8) : هذا مخالف للعقل، وهذا صفة المعلوم المعدوم الممتنع وجوده.
قالوا: هذا النفي من حكم الوهم.
فيقال لهم: إذا عرض على العقل موجود ليس بجسم قائم بنفسه يمكن رؤيته كان العقل قابلا لهذا لا ينكره. فإذا قيل مع ذلك: إنه يرى بلا مواجهة، فإن قيل: هذا ممكن، بطل قولهم. وإن قيل: هذا مما يمنعه العقل. قيل: منع العقل لما جعلتموه موجودا واجبا (9) أعظم.
**_________
(1) ن، م: لا يستندون إلى كتاب ولا سنة ولا إجماع.
(2) أ: بروايتهم الفاسدة، ب: برويتهم الفاسدة.
(3) ن، م: عن رسل الله وأتباعهم من المهاجرين والأنصار.
(4) عبارة " ولا خارجه ": ساقطة من (أ) ، (ب) .
(5) أ، ب: إليه.
(6) ن فقط: ربوبيته، وهو تحريف.
(7) دون شيء: زيادة في (أ) ، (ب) .
(8) لهم: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(9) ن، م: موجودا أو واجبا
==========================
فإن (1) قلتم: إنكار ذلك من حكم الوهم.
قيل لكم: وإنكار هذا حينئذ (2) أولى أن يكون من حكم الوهم.
وإن قلتم: بل (3) هذا الإنكار من حكم العقل.
قيل لكم: وذلك الإنكار من حكم العقل بطريق الأولى.
فإنكم تقولون: حكم الوهم الباطل أن يحكم فيما ليس بمحسوس بحكم المحسوس، وحينئذ إذا قلتم: إن البارئ تعالى غير محسوس يمكن أن تقبلوا فيه الحكم الذي يمتنع في المحسوس (4) وهو امتناع الرؤية بدون (5) المقابلة.
وإن قلتم: إنه محسوس أي يمكن الإحساس به لم يبطل (6) فيه حكم الوهم، فامتنع أن يكون لا داخل العالم ولا خارجه، وحينئذ فيجوز (7) رؤيته.
وإن قلتم: إذا كان غير محسوس فهو غير مرئي.
قيل: إن أردتم بالمحسوس الحس المعتاد فالرؤية التي يثبتها
**_________
(1) أ، ب: وإن.
(2) حينئذ: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) بل: زيادة في (ن) .
(4) أ: محسوس لم يكن الإحساس لم يبطل، ب: محسوس لم يمكن الإحساس لم يبطل.
(5) ن، م: دون.
(6) ن: ممكن أن تقبلوا فيه الحكم الذي يمنع فيه المحسوس، أ: لم يمكن أن يقبلوا فيه الحكم الذي يمتنع في المحسوس، ب: لم يمكن أن يقبل فيه الحكم الذي في المحسوس.
(7) أ: فحينئذ فيجوز، ب: فحينئذ يجوز
=============================
مثبتة الرؤية (1) بلا مقابلة ليست هي الرؤية المعتادة، بل (2) هي رؤية لا نعلم صفتها، كما أثبتم وجود موجود (3) لا نعلم صفته، فكل ما تلزمونهم به من الشناعات والمناقضات يلزمكم أكثر منه.
الجواب الثالث: أن يقال: أهل الحديث والسنة المحضة متفقون على إثبات العلو والمباينة وإثبات الرؤية، وحينئذ فمن أثبت أحدهما ونفى الآخر أقرب إلى الشرع والعقل (* ممن نفاهما جميعا (4) .
فالأشعرية الذين أثبتوا الرؤية ونفوا الجهة أقرب إلى الشرع والعقل *) (5) من المعتزلة والشيعة الذين نفوهما. أما كونهم أقرب إلى الشرع فلأن (6) الآيات والأحاديث والآثار المنقولة عن الصحابة في دلالتها على العلو وعلى الرؤية (7) أعظم من أن تحصر، وليس مع نفاة الرؤية والعلو ما يصلح أن يذكر من الأدلة الشرعية، وإنما يزعمون أن عمدتهم (8) العقل.
فنقول: قول (9) الأشعرية المتناقضين خير من قول هؤلاء، وذلك
**_________
(1) ن: فالرؤية التي مثبتة، م: فالرؤية التي يثبتها مثبتها.
(2) ن: مثل، وهو تحريف.
(3) ن: كما أثبتم موجودا، م: كما أنتم موجودا.
(4) ن: من نفاتهما جميعا.
(5) ما بين النجمتين ساقط من (م) فقط.
(6) أ، ب: فإن.
(7) أ، ب: العلو والرؤية.
(8) أ، ب: أن علتهم، وهو تحريف.
(9) ن، م: وقول
===========================
أنا إذا عرضنا على العقل وجود موجود لا يشار إليه ولا يقرب منه شيء، ولا يصعد إليه شيء، ولا ينزل منه شيء، ولا هو داخل العالم ولا خارجه، ولا ترفع إليه الأيدي، ونحو ذلك - كانت الفطرة منكرة لذلك. والعقلاء جميعهم الذين لم تتغير فطرتهم ينكرون ذلك، ولا يقر بذلك إلا من لقن أقوال النفاة وحجتهم (1) وإلا فالفطر (2) السليمة متفقة على إنكار ذلك أعظم من إنكار خرق العادات ; لأن (3) العادات يجوز انخراقها باتفاق أهل الملل وموافقة عقلاء الفلاسفة لهم على ذلك.
فنقول: إن كان قول النفاة حقا مقبولا (4) في العقل فإثبات وجود الرب على العرش من غير أن يكون جسما أقرب إلى العقل وأولى بالقبول. وإذا ثبت أنه فوق العرش، فرؤية ما هو فوق الإنسان وإن لم يكن جسما أقرب إلى العقل وأولى (5) بالقبول. من إثبات قول النفاة. فتبين أن الرؤية على قول هؤلاء أقرب إلى العقل من قول (6) النفاة، وإذا قدر أن هذا خلاف المعتاد، فتجويز انخراق العادة أولى من قول النفاة (7) ، فإن قول النفاة ممتنع في فطر العقلاء لا يمكن جوازه، وأما انخراق العادة (8) فجائز.
**_________
(1) أ، ب: ولا يقرون إلا (ثم بياض في النسختين) الأقول النفاة وحجتهم، ولا يقر بذلك إلا من لعن أقوال النفاة وحجتهم، والمثبت من (م) .
(2) ن، م: فالفطرة.
(3) ن، م: فإن.
(4) عبارة في العقل ساقطة من (أ) ، (ب) وفي (م) حقا موجودا في العقل.
(5) ن، م: جسما أولى.
(6) أ، ب: أقوال.
(7) ساقط من (أ) ، (ب) .
(8) أ، ب: العادات
===========================
الجواب الرابع: أن الأشعرية تقول (1) : إن الله قادر على أن يخلق بحضرتنا ما لا نراه ولا نسمعه من الأجسام والأصوات، وأن يرينا ما بعد منا، لا يقولون: إن هذا واقع، بل يقولون: إن الله قادر عليه وليس كل ما كان قادرا عليه يشكون في وقوعه، بل يعلمون أن هذا ليس واقعا (2) الآن، وتجويز الوقوع غير الشك في الوقوع.
وعبارة هذا الناقل تقتضي أنهم يجوزون أن يكون هذا الآن موجودا ونحن لا نراه، وهذا لا يقوله عاقل، ولكن هذا قيل لهم بطريق الإلزام. قيل [لهم] (3) : إذا جوزتم الرؤية في غير جهة، فجوزوا هذا. فقالوا: نعم نجوز. كما أنهم يقولون: رؤية الله جائزة في الدنيا، أي: هو قادر على أن يرنا نفسه، وهم يعلمون مع هذا أن أحدا من الناس لا يرى الله في الدنيا إلا ما تنوزع فيه من رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - ربه، ومن شك منهم في وقوع الرؤية في الدنيا فلجهله (4) بالأدلة النافية لذلك.
وقد ذكر الأشعري في وقوع الرؤية بالأبصار في الدنيا لغير النبي - صلى تعالى عليه وسلم - قولين؛ لكن الذي عليه أهل السنة قاطبة (5) أن الله لم يره أحد بعينيه (6) في الدنيا.
وقد ذكر الإمام أحمد (7) وغيره اتفاق السلف على هذا
**_________
(1) ن، م: يقولون.
(2) أ، ب: ليس بواقع.
(3) لهم: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) أ، ب: فلجهلهم.
(5) قاطبة: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) بعينيه: ساقطة من (ن) ، (م) .
(7) ن، م: وذكر أحمد
=========================
[النفي] (1) وأنهم لم يتنازعوا إلا في النبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة. وقد ثبت في صحيح مسلم (2) وغيره عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " «واعلموا أن أحدا منكم لن يرى (3) ربه حتى يموت» ". مضى هذا الحديث من قبل في هذا الكتاب 2 - 516، 612.
وقد سأل موسى - عليه السلام - (4) الرؤية فمنعها، فلا يكون آحاد الناس أفضل من موسى. وفي الجملة ليس كل ما قال قائل: " إنه ممكن مقدور " يشك في وقوعه.
فالأشعرية ومن وافقهم (5) من أتباع الشافعي ومالك (6) وأحمد - وإن كانوا يقولون بجواز أمور ممتنعة في العادة في الرؤية - فيقولون: إنه لا حجاب بين الله وبين العبد إلا عدم خلق الرؤية في العين (7) ، وكذلك يقولون في سائر المرئيات.
فكانوا ينفون أن يكون في العين قوة امتازت بها فحصلت بها الرؤية، ويمنعون أن يكون بين الأسباب ومسبباتها ملازمة، وأن يكون بين (8)
**_________
(1) النفي: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) ن، م: وسلم في صحيح مسلم.
(3) أ، ب: لم ير.
(4) عليه السلام: زيادة في (أ) ، (ب) .
(5) أ، ب: يشك في وقوعه الأشعرية ومن وافقهم، م: فشك في وقوعه الأشعري ومن وافقهم.
(6) ن، م: مالك والشافعي.
(7) أ، ب: بالعين.
(8) ن، م: وبين
============================
الموانع وممنوعاتها ممانعة، ويجعلون ذلك كله عادة محضة (1) استندت إلى محض المشيئة، ويجوزون خرقها بمحض المشيئة.
فهم يقولون: إنا نعلم انتفاء كثير مما يعلم (2) إمكانه كما نعلم أن البحر لم ينقلب دما، ولا الجبال ياقوتا، ولا الحيوانات أشجارا، بل يجعلون العلم بمثل هذا من العقل الذي يتميز به (3) العاقل عن المجنون، وهم وإن كانوا يتناقضون [وفي قولهم ما هو باطل عقلا ونقلا] (4) فأقوالهم في القدر والصفات والرؤية (5) خير من أقوال المعتزلة وموافقيهم من الشيعة (6) وإن كان الصواب هو ما عليه السلف وأئمة السنة وهو (7) قول الأئمة الأربعة وجمهور كبار أصحابهم (8) [والنصوص المأثورة في ذلك عن الأئمة المذكورين في غير هذا الموضع] (9) .
والبيان التام هو (10) ما بينه الرسول [صلى الله عليه وسلم] (11) ؛ فإنه أعلم
**_________
(1) محضة: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) ن: نعلم.
(3) أ، ب، م: يميز به.
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ، وفي (أ) ، (ب) يتناقضون في قولهم، وزدت الواو حتى يستقيم الكلام.
(5) أ، ب: والربوبية، وهو تحريف.
(6) من الشيعة: ساقطة من (ن) ، (م)
(7) ن، م: الصواب ما عليه السلف وهو.
(8) أ، ب: وجمهور الأكابر من الصحابة، وهو خطأ.
(9) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(10) هو: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(11) صلى الله عليه وسلم: ساقطة من (ن)
=============================
الخلق بالحق وأنصح الخلق للخلق (1) ، وأفصح الخلق في بيان الحق، فما بينه (2) من أسماء الله وصفاته وعلوه ورؤيته هو الغاية في هذا الباب، [والله الموفق للصواب] (3) .
**[فصل كلام الرافضي على مقالة الأشاعرة في كلام الله تعالى والرد عليه]
فصل
قال الرافضي (4) : وذهبت الأشاعرة (5) إلى أن الله أمرنا ونهانا في الأزل (6) - ولا مخلوق عنده - قائلا: {ياأيها النبي اتق الله} [سورة الأحزاب: 1] {ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله} [سورة البقرة: 278] {ياأيها الناس اتقوا ربكم} [سورة النساء: 1] (7) ، ولو جلس شخص في مكان خال (8) ولا غلام عنده فقال: يا سالم قم، يا غانم كل، يا نجاح (9) ادخل، قيل: (10) لمن تنادي؟ قال: لعبيد أريد أن (11) أشتريهم بعد عشرين سنة (12) ، نسبه كل عاقل
**_________
(1) عبارة وأنصح الخلق للخلق ساقطة من (م) ، وسقطت للخلق من (أ) ، (ب) .
(2) ن: فيما بينه
(3) ما بين المعقوفتين ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) الكلام التالي في (ك) ص 92 (م) 93 (م) .
(5) أ، ب، ن: الأشاعرة أيضا، ك: وذهبوا.
(6) ك: إلى أنه تعالى آمر وناه في الأزل.
(7) في (أ) ، (ب) جاءت آية سورة النساء قبل آيتي سورة الأحزاب والبقرة.
(8) ك: شخص في منزله.
(9) م: كل ما تحتاج، ك: كل ويا نجاح.
(10) ن: قال، م: فقيل.
(11) أريد أن: ساقطة من (أ) ، (ب) ، (ن) ، (م) وزدتها من (ك) .
(12) م: أسير بهم عشرين سنة، وهو تحريف
============================
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثالث
الحلقة (216)
صـ 353 إلى صـ 360
إلى السفه والحمق فكيف يحسن منهم أن ينسبوا إلى الله ذلك في الأزل؟ (1) ".
والجواب عن هذا من وجوه:
أحدها أن يقال: هذا قول الكلابية وهم طائفة من الذين يقولون: (2 كلام الله غير مخلوق، وهؤلاء طائفة من الذين يقولون بإمامة الخلفاء الثلاثة، فقولهم سواء كان حقا أو باطلا لا يقتضي صحة مذهب الرافضة، ولا بطلان قول أهل السنة والجماعة، فهذا القول الذي ذكره إذا كان باطلا فأكثر القائلين بإمامة الخلفاء الثلاثة لا يقولون به، لا من يقول 2) (2) : القرآن مخلوق، كالمعتزلة، ولا (3) من يقول: هو كلام الله غير مخلوق، كالكرامية والسالمية والسلف وأهل الحديث من أهل (4) المذاهب الأربعة وغيرهم، فليس في ذكر مثل هذا (5) حصول مقصود الرافضي.
الوجه الثاني أن يقال: (6) أكثر أئمة الشيعة يقولون: " القرآن غير مخلوق " وهو الثابت عن أئمة أهل البيت. وحينئذ فهذا قول من أقوال هؤلاء، فإن لم يكن حقا أمكن أن يقال: بغيره من أقوالهم.
**_________
(1) م: فكيف لحيوان أن ينسبوا ذلك إلى الله في الأزل، وهو تحريف، ك ص [0 - 9] 2 (م) ص 93 (م) فكيف يحسن منهم أن ينسبوا الله تعالى إليه في الأزل.
(2) (2 - 2) ساقط من (أ) ، (ب) وسقطت كلمات قليلة من هذه العبارات من (م) .
(3) ب فقط: كالمعتزلة لا.
(4) أهل: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) هذا: ساقطة من (أ) ، وفي (ب) هؤلاء.
(6) ن، م: نقول
==============================
الوجه الثالث أن يقال: إن كان (1) الكلابية والأشعرية إنما قالوا هذا لموافقتهم المعتزلة في الأصل الذي اضطرهم إلى ذلك، فإنهم وافقوهم كما تقدم على صحة دليل حدوث الأجسام، فلزمهم أن يقولوا بحدوث ما لا يخلو عن الحوادث. ثم قالوا: وما يقوم به الحوادث لا يخلو منها.
فإذا قيل: الجسم لم يخل عن الحركة والسكون، فإن الجسم إما أن يكون متحركا وإما أن يكون ساكنا.
قالوا: والسكون الأزلي يمتنع زواله ; لأنه موجود أزلي (2) وكل موجود أزلي يمتنع زواله، وكل جسم يجوز عليه الحركة، فإذا جاز عليه الحركة وهو (3) أزلي وجب (4) أن تكون حركته أزلية، لامتناع زوال السكون الأزلي (5) ولو جاز أن تكون حركته أزلية (6) لزم حوادث لا أول لها، وذلك ممتنع، فلزم من ذلك أن الباري لا تقوم به الحوادث ; لأنها (7) لو قامت به لم يخل منها ; لأن القابل للشيء لا يخلو عنه وعن ضده، وما لا يخلو عن الحوادث فهو حادث، لامتناع حوادث لا أول لها.
وقد علموا بالأدلة اليقينية أن الكلام يقوم بالمتكلم، كما يقوم العلم
**_________
(1) إن كان: ساقطة من (أ) ، (ب) ، وفي (ن) : إن.
(2) أزلي: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) ن: فهو.
(4) م: لزم.
(5) أ، ب: الأول.
(6) أ، ب: ولو جاز عليه الحركة.
(7) أ: لكنها، ب: لكونه
=============================
بالعالم والقدرة بالقادر، والحركة بالمتحرك، وأن الكلام الذي يخلقه الله في غيره ليس كلاما له، بل لذلك المحل الذي خلقه فيه. فإن الصفة إذا قامت بمحل عاد حكمها على ذلك المحل، ولم يعد (1) على غيره، واشتق لذلك المحل منه اسم (2) ولم يشتق لغيره.
فلو (3) كان الكلام المخلوق في غيره كلاما له، لزم أربعة أمور باطلة: [ثبوت حكم الصفة والاسم المشتق منها لغير الله، وانتفاء الحكم والاسم عن الله لازمان عقليان ولازمان سمعيان يلزمان] (4) بكون (5) الكلام (6) صفة لذلك المحل لا لله، فيكون هو المنادي بما يقوم به (7) فتكون الشجرة التي خلق فيها (8) نداء موسى هي القائلة " إنني (9) أنا الله، لا يكون الله هو المنادي بذلك، ويلزم أن تسمى هي متكلمة منادية لموسى، ويلزم أن لا يكون الله متكلما ولا مناديا ولا مناجيا (10) .
**_________
(1) ب، م: ولم تعد، والكلمة غير منقوطة في (أ) .
(2) اسم: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) أ، ب: ولو.
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(5) ب فقط: كون.
(6) ن، م: أربعة أمور باطلة لزم أن يكون الكلام.
(7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(8) م: خلق الله فيها.
(9) إنني: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(10) ن، م: لموسى ولا يكون الله مناديا ولا مناجيا
============================
وهذا خلاف ما علم بالاضطرار من دين المسلمين، [وهذا قد بسط في غير هذا الموضع] (1) .
وقالوا أيضا: لو لم يكن متكلما في الأزل لزم اتصافه بنقيض الكلام من السكوت أو الخرس (2) وقالوا أيضا (3) : لو كان كلامه مخلوقا لكان إن خلقه في محل كان كلاما لذلك المحل، وإن خلقه قائما بنفسه لزم أن تقوم الصفة والعرض بنفسها، وإن خلقه في نفسه لزم أن تكون نفسه محلا للمخلوقات.
(4 وهذه اللوازم الثلاثة باطلة تبطل كونه مخلوقا 4) (4) ، كما هو مبسوط (5) في غير هذا الموضع.
فلما ثبت عندهم أن الكلام لا بد أن يقوم بالمتكلم، وقد وافقوا المعتزلة على أن الحوادث لا تقوم بالقديم (6) ، لزم من هذين الأصلين أن يكون الكلام قديما.
قالوا: وقدم الأصوات ممتنع ; لأن الصوت لا يبقى زمانين، فتعين أن يكون القديم معنى ليس بحرف ولا صوت، وإذا كان كذلك كان معنى واحدا ; لأنه لو زاد على واحد لم يكن له حد محدود، ويمتنع وجود معان لا نهاية لها.
**_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(2) ن، م: من السكوت والخرس.
(3) أيضا: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) (4 - 4) مكان هذه العبارات في (ن) ، (م) : إلى غير ذلك من الأدلة.
(5) ن، م: المبسوط.
(6) ن: بالقدم
============================== =
فهذا أصل قولهم، فهم يقولون: نحن وافقناكم على امتناع أن يقوم (1) بالرب ما هو مراد له مقدور، وخالفناكم في كون كلامه مخلوقا منفصلا عنه، فلزم ما ذكرتموه من مناقضتنا (2) ، فإن كان الجمع بين هذين ممكنا لم نكن متناقضين، وإن تعذر ذلك لزم خطؤنا (3) في إحدى المسألتين، ولم يتعين الخطأ فيما خالفناكم فيه، بل قد نكون مخطئين (4) فيما وافقناكم فيه (5) من كون الرب لا يتكلم بمشيئته وقدرته بكلام يقوم به، مع أن إثبات هذا القول هو قول جمهور (6) أهل الحديث وطوائف من أهل الكلام من المرجئة والكرامية والشيعة وغيرهم، بل لعله قول أكثر أهل الطوائف.
وإن لزم خطؤنا (7) في إحدى المسألتين لا بعينها لا يلزم صوابكم أنتم (8) ، بل نحن إذا اضطررنا إلى موافقة إحدى الطائفتين، كانت موافقتنا لمن يقول: إن الرب يتكلم بكلام يقوم به (9) بمشيئته وقدرته خيرا من موافقتنا لمن يقول: إن كلامه إنما هو ما يخلقه في غيره، فإن فساد
**_________
(1) ن، م: أن يقول.
(2) أ، ب: من تناقضنا.
(3) أ: خطاؤنا، ن، م: خطأنا، وهو خطأ.
(4) أ: تكونوا مخطئين.
(5) ن، م: عليه.
(6) أ: مع إثبات هذا القول قول الجمهور. ب: مع ثبوت هذا القول عن جمهور.
(7) ن، م: وإذا لزم خطأنا ; أ: وإن لزم خطأنا، وهو خطأ.
(8) ن، م: لم يلزم صوابكم.
(9) به: ساقطة من (أ) ، (ب)
============================== =
هذا القول في الشرع والعقل (1) أظهر من فساد القول بكونه يتكلم بكلام يقوم به يتعلق بمشيئته وقدرته.
ثم القائلون بأنه يتكلم بمشيئته وقدرته بكلام يقوم به وهم جمهور المسلمين اختلفوا على قولين: منهم قال: إنه يتكلم بمشيئته وقدرته (2) بكلام (3) بعد أن لم يكن الكلام موجودا فيه، كما تقوله الكرامية وموافقوهم.
ومنهم من يقول (4) : لم يزل متكلما إذا شاء وكيف شاء، كما تقوله أئمة أهل (5) السنة والحديث، كعبد الله بن المبارك (6) ، وأحمد بن حنبل، وغيرهما من أئمة أهل السنة (7) .
والكلابية (8) يقولون: لو اضطررنا إلى موافقة من يقول: كلامه مخلوق ومن يقول: كلامه قائم بذاته، وجنس الكلام حادث في ذاته (9) بعد أن لم يكن، كان كلام (10) هؤلاء أخفى فسادا من قول المعتزلة، وقول
**_________
(1) ن، م: في العقل والشرع.
(2) ساقط من (أ) ، (ب) .
(3) بكلام، ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) أ، ب: قال.
(5) أهل: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) ن، م: كابن المبارك.
(7) ن، م: وغيرهما وهو قول، وبعدها بياض في النسختين.
(8) ن: فالكلابية، م: فالكلامية، وهو تحريف.
(9) أ: قائم في ذاته، ب: قائم بذاته.
(10) ن، م: قول
============================== ===
المعتزلة أظهر فسادا، فإن الحجة النافية لهذا وهو أن القابل للشيء (1) لا يخلو منه ومن (2) ضده حجة ضعيفة اعترف بضعفها حذاق الطوائف واعترف منصفوهم (3) أنه لا يقوم لهم دليل عقلي - بل ولا سمعي - على نفي قيام (4) الحوادث به، إلا ما ينفي الصفات مطلقا، وذلك في غاية الفساد، فكيف يمكن أن يصير (5) إلى القول الآخر، قول السلف وأهل الحديث؟ .
وبالجملة فكون الرب لم يزل متكلما إذا شاء، كما هو قول أهل الحديث مبني على مقدمتين: على أنه تقوم به (6) الأمور الاختيارية وأن كلامه لا نهاية له.
قال الله تعالى: {قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا} [سورة الكهف: 109] وقال: {ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم} [سورة لقمان: 27] .
وقد قال: غير واحد من العلماء: إن مثل هذا الكلام (7) يراد به الدلالة
**_________
(1) ن، م: لهذا، وهذا قول القائل للشيء، وهو تحريف.
(2) ب: أو من.
(3) أ، ب: متصوفهم.
(4) ن: ولا سمعي عقلي يغني قيام، م: ولا سمعي عقلي يعني قيام، وكلاهما تحريف.
(5) يصير: ساقطة من (ن) فقط.
(6) أ: لا يقوم به، وهو خطأ، ب: يقوم به.
(7) أ: إن مثل هذا كلام الله، ب: إن مثل هذا من كلام الله
=========================
على أن كلام (1) الله لا ينقضي ولا ينفد، بل لا نهاية له (2) ومن قال: إنه يتكلم (3) بمشيئته وقدرته بكلام يقوم بذاته، يقولون: إنه لا نهاية له (4) في المستقبل.
وأما في الماضي فلهم قولان: منهم من يقول: لها بداية في الماضي (5) ، وأئمتهم يقولون: لا بداية لها في الماضي (6) [كما لا نهاية لها في المستقبل] (7) وهذا يستلزم وجود ما لا نهاية له أزلا وأبدا من الكلمات.
والكلام صفة كمال (8) ، والمتكلم بمشيئته وقدرته أكمل ممن لا يتكلم بمشيئته وقدرته، بل لا يعقل متكلم إلا كذلك. ولا يكون الكلام صفة كمال إلا إذا قام بالمتكلم. وأما الأمور المنفصلة عن الذات فلا يتصف بها ألبتة، فضلا عن أن تكون صفة كمال أو نقص.
قالوا: ولم نعرف عن أحد من السلف لا من الصحابة ولا من التابعين لهم بإحسان ولا غيرهم من أئمة المسلمين من أنكر هذا الأصل، ولا قال: إنه يمتنع وجود كلمات لا نهاية لها لا في الماضي ولا في المستقبل، ولا قالوا: ما يستلزم امتناع هذا.
**_________
(1) ن، م: كلمات.
(2) ن، م: لها.
(3) ن، م: متكلم، ب: لا يتكلم.
(4) ن، م: لها.
(5) أ: لا نهاية لها بذاته، ب: لا نهاية له بذاته، وهو خطأ.
(6) أ: لا نهاية لها في الماضي، ب: لا نهاية له في الماضي، وهو خطأ.
(7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ، وفي (ب) : كما لا نهاية له في المستقبل.
(8) ن، م: صفة لله
===========================
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثالث
الحلقة (217)
صـ 361 إلى صـ 368
وإنما قال ذلك أهل الكلام المحدث المبتدع المذموم عند السلف والأئمة الذين أحدثوا في الإسلام نفي صفات الله وعلوه على خلقه ورؤيته في الآخرة، وقالوا: إنه (1) لا يتكلم، ثم قالوا: إنه يتكلم بكلام مخلوق منفصل عن الله.
قالوا: وإنما (2) قلنا ذلك ; لأنا استدللنا على حدوث العالم بحدوث الأجسام، وإنما استدللنا على حدوثها بقيام الحوادث بها، وأن ما لا ينفك (3) عن الحوادث فهو حادث، لامتناع حوادث لا أول لها. فلو قلنا: إنه تقوم به الصفات والكلام، لزم قيام الحوادث به ; لأن هذه أعراض (4) حادثة.
فقال لهم أهل السنة: أحدثتم بدعا تزعمون (5) أنكم تنصرون بها الإسلام، فلا للإسلام نصرتم (6) ولا لعدوه كسرتم، بل سلطتم عليكم أهل الشرع والعقل، فالعالمون (7) بنصوص المرسلين يعلمون أنكم خالفتموها، وأنكم أهل بدعة وضلالة، والعالمون بالمعاني المعقولة يعلمون أنكم قلتم ما يخالف المعقول، وأنكم أهل خطأ وجهالة.
**_________
(1) إنه: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) أ، ب: وقال إنما.
(3) أ: وأنها لا تنفك، م: وإنما تنفك، وكلاهما خطأ.
(4) أ، ب: الأعراض.
(5) أ: أحدث (ثم بياض) تزعمون. ب: أحدثتم مقالة تزعمون، م: أحدثتم بدعا زعمتم.
(6) أ: فلا الإسلام لها نصرتم، ب: فلا الإسلام بها نصرتم.
(7) أ، ب: فالقائلون
===========================
والفلاسفة الذين زعمتم أنكم تحتجون عليهم (1) بهذه الطريق تسلطوا (2) عليكم بها، ورأوا أنكم خالفتم (3) صريح العقل. والفلاسفة أجهل منكم بالشرع [والعقل في الإلهيات، لكن لما ظنوا أن ما جئتم به هو الشرع، وقد رأوه يخالف العقل - صاروا أبعد عن الشرع والعقل منكم] (4) لكن (5) عارضوكم بأدلة عقلية - بل وشرعية - ظهر (6) بها عجزكم في هذا الباب عن بيان حقيقة الصواب.
وكان ذلك مما زادهم ضلالا في أنفسهم وتسلطا عليكم، ولو سلكتم معهم طريق (7) العارفين بحقيقة المعقول والمنقول، لكان ذلك أنصر لكم وأتبع لما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - (8) ولكنكم كنتم بمنزلة من جاهد الكفار بنوع من الكذب والعدوان، وأوهمهم (9) أن هذا يدخل في حقيقة الإيمان، فصار ما عرفه أولئك من كذب هؤلاء وعدوانهم مما يوجب القدح فيما ادعوه من إيمانهم، ولما رأى أولئك في الملك (10) والرياسة والمال، من جنس هذه المخادعة والمحال - سلكوا
**_________
(1) عليهم: ساقطة من (أ) .
(2) أ، ب: سلطوا.
(3) أ: تخالفوا، ب: تخالفون.
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(5) أ، ب: ولكن.
(6) ن، م: وظهر.
(7) أ، ب: طريقة.
(8) صلى الله عليه وسلم: زيادة في (أ) ، (ب) .
(9) أ، ب: وأوهمتهم.
(10) ن: ولما رأوا أنه في الملك، م: ولما رأوا في الملك
==============================
طريقا أبلغ في المخادعة (1) والمحال من طرق أولئك المبتدعين الضالين (2) ، فسلطوا عليهم عقوبة لهم على خروجهم عن الدين.
قال الله تعالى: {أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم} [آل عمران: 165] وقال: (3) : {إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم} [آل عمران: 155] وقال: {وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله وليعلم المؤمنين} ] (4) [آل عمران: 166] .
فما جاء به الرسول حق محض يتصادق عليه صريح المعقول وصحيح المنقول، والأقوال المخالفة لذلك وإن كان كثير من أصحابها (5) مجتهدين مغفورا لهم خطؤهم، فلا يملكون (6) نصرها بالأدلة العلمية، ولا الجواب عما يقدح فيها بالأجوبة العلمية، فإن الأدلة العقلية (7) الصحيحة لا تدل إلا على القول الحق، والأجوبة الصحيحة المفسدة (8) لحجة الخصم لا تفسدها إلا إذا كانت باطلة، فإن ما هو باطل (9) لا يقوم عليه دليل صحيح، وما هو حق لا يمكن دفعه بحجة صحيحة.
**_________
(1) ن، م: سلكوا طرقا في المخادعة.
(2) أ، ب: الظالمين.
(3) ب فقط: وقال الله تعالى.
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(5) أ، ن: أصحابنا، وهو تحريف.
(6) ن، م: فلا يمكنهم.
(7) العقلية: ساقطة من (أ) ، (ب) ، (م) .
(8) ن، م: المفيدة.
(9) أ، ب: فإن ما بطل
=============================
والمقصود هنا أن من قال: قولا أصاب فيه من وجه، وأخطأ فيه من وجه آخر حتى تناقض في ذلك القول، بحيث جمع فيه (1) بين أمرين متناقضين، يقول [لمن يناقضه بمقدمة جدلية سلمها له] (2) : تناقضي (3) إنما (4) يدل على خطئي في أحد القولين: إما القول الذي سلمته لك، وإما القول الذي ألزمتني بالتزامه (5) وهذا لا يدل على صحة قولك، بل يمكن أن يكون القول الآخر هو الصواب.
فالأشعرية (6) العارفون بأن كلام الله غير مخلوق، وبأن هذا قول السلف والأئمة، وبما دل (7) على ذلك من الأدلة الشرعية والعقلية إذا قيل لهم: القول بقدم القرآن ممتنع، أمكنهم أن يقولوا: هنا قولان آخران لمن يقول: إنه غير مخلوق كما تقدم، ولا يلزم واحدا من القولين لازم (8) إلا ولازم قول من يقول إنه مخلوق أعظم فسادا.
فالعاقل لا يكون مستجيرا من الرمضاء بالنار، بل إذا انتقل ينتقل من قول مرجوح (9) إلى راجح، والذين قالوا: إنه (10) يتكلم بمشيئته وقدرته
**_________
(1) ن، م: به.
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ، وسقطت لمن من (أ) .
(3) أ، ب: سأقضي، وهو تحريف.
(4) ب فقط: أن ما.
(5) أ، ب: ألزمتني التزامه.
(6) ن، م: والأشعرية.
(7) ن، م، أ: وما دل.
(8) م، أ: ولا يلزم واحد من القولين لازم.
(9) ن: بل إذا انتقل من مرجوح، م: بل إذا انتقل انتقل من مرجوح.
(10) إنه: ساقطة من (أ) ، (ب)
=============================
بعد أن لم يكن متكلما، لا حجة للمعتزلة ونحوهم عليهم، إلا حجة نفي الصفات، وهي حجة داحضة، ولا حجة للكلابية عليهم، إلا أن ذلك يستلزم (1) دوام الحوادث ; لأن القابل للشيء لا يخلو عنه وعن (2) ضده؛ ولأن القابلية للحوادث تكون من لوازم ذاته.
وهذه الحجج (3) مما قد التزم هؤلاء ما هو (4) أضعف منها كما قد بسط في مواضعه (5) ، واعترف حذاقهم بضعف (6) جميع هذه (7) الحجج العقلية في هذا الباب، وأما السمعيات فهي مع المثبتة لا مع النفاة.
والقول بدوام كونه متكلما إذا شاء وأن الكلام لازم لذات الرب، معه من الحجج (8) ما يضيق هذا الموضع عن استقصائها، وأي القولين صح أمكن الانتقال إليه.
والرازي وغيره يقولون: إن جميع طوائف (9) العقلاء يلزمهم القول بقيام الحوادث به، فإن صح هذا أمكن القول بأنه يتكلم بمشيئته وقدرته. وقد بسطنا الكلام على نهايات عقول العقلاء في هذه المسائل، [وما دل عليه الكتاب والسنة وأقوال سلف الأمة] (10) في كتاب " درء تعارض العقل والنقل " (11) وغير ذلك.
**_________
(1) ن، م: مستلزم.
(2) ب فقط: أو عن.
(3) ب فقط: وهذه الحجة.
(4) ما هو ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) ن، م: في موضعه.
(6) أ: تضعيف، وهو تحريف.
(7) هذه: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(8) ن، م: في الحجج.
(9) أ، ب: الطوائف.
(10) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(11) أ: درء تعارض العقل والنقل، ب: رد تعارض العقل والنقل ; ن: ردء يعارض العقل والشرع، م: ذكره تعارض الشرع والعقل
=======================
وبالجملة فما ذكر من الحجة مبني على أن السكون أمر وجودي (1) ، (2 وعلى أن الله يصير فاعلا بعد أن لم يكن كذلك، فتكون الحوادث غير دائمة 2) (2) ، ومن المعلوم أن فساد (3) هذين القولين ليس ظاهرا، لا سيما وعند التحقيق يظهر صحتهما (4) أو صحة أحدهما، وأيهما صح (5) أمكن معه القول بأن الله يتكلم بكلام يقوم به بمشيئته وقدرته.
قال (6) الأشعرية: وإذا كان هذا هو الحق فنحن إذا قلنا: إن كلامه يقوم به، فليس متعلقا بمشيئته وقدرته، قلنا ببعض الحق وتناقضنا، فكان (7) هذا خيرا ممن يقول: إنه ليس لله كلام إلا ما يخلقه في غيره؛ لما في هذا القول من مخالفة الشرع والعقل.
الوجه الرابع: أن يقال: الخطاب لمعدوم لم يوجد بعد بشرط وجوده أقرب إلى العقل من متكلم لا يقوم به كلامه، ومن كون الرب مسلوب صفات الكمال لا يتكلم، ومن أن (8) يخلق كلاما في غيره فيكون ذلك ليس كلاما لمن خلقه فيه (9) بل لخالقه، وهو إذا خلق في غيره حركة كانت الحركة حركة للمحل المخلوقة فيه (10) لا للخالق لها، وكذلك سائر
**_________
(1) أ: على كون السكون أمرا وجوديا، ب: على كون السكوت أمرا وجوديا.
(2) (2 - 2) في (أ) ، (ب) بدلا من هذه العبارات: وأن الله تعالى يقوم به ما يكون بمشيئته بعد أن لم يكن كذلك، فتكون كلماته إذا كانت بمشيئته غير دائمة.
(3) أ، ب: أن نقيض.
(4) أ، م: صحتها.
(5) أ، ب: وأيهما يصح.
(6) ن، م: وقالت.
(7) أ، ب: وكان.
(8) أ، ب: ومن أين.
(9) أ، ب: لمن خلق فيه.
(10) ن، م: حركة المحل المخلوق فيه
============================
الأعراض، فما خلق الله من عرض في جسم (1) إلا كان صفة لذلك الجسم لا لله تعالى.
وأما خطاب من لم يوجد (2) بشرط وجوده، فإن الموصي قد يوصي بأشياء ويقول: أنا آمر الوصي بعد موتي أن يعمل كذا ويعمل كذا، فإذا بلغ ولدي فلان (3) يكون هو الوصي وأنا آمره بكذا وكذا، بل يقف وقفا يبقى سنين، ويأمر الناظر الذي يخلفه بعد بأشياء (4) .
وأما القائل: يا " سالم " ويا " غانم " فإن قصد به خطاب حاضر ليس بموجود، فهذا قبيح بالاتفاق (5) ، وأما إن (6) قصد به خطاب من سيكون، مثل أن يقول: قد أخبرني الصادق أن أمتي تلد غلاما ويسمى غانما، فإذا ولدته فهو حر، وقد جعلته وصيا على أولادي وأنا آمرك يا غانم بكذا وكذا (7) لم يكن هذا ممتنعا.
وذلك لأن (8) الخطاب هنا هو لحاضر في العلم، وإن كان مفقودا في العين، والإنسان يخاطب من يستحضره في نفسه، ويتذكر (9) أشخاصا قد أمرهم بأشياء، فيقول: يا فلان أما قلت لك كذا.
**_________
(1) ن، م: سائر المخلوقات فما خلق الله عرضا في جسم.
(2) أ: من لم يريده، ب: من لم يره.
(3) فلان: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) ن: الناظر الذي لم يخلق بعد بأشياء، م: الناظر الذي لم يخلق بعدنا شيئا.
(5) أ: فهذا فسخ بالأعيان ; ب: فهذا نسخ بالأعيان.
(6) ن، م: وإن.
(7) وكذا ساقطة من (أ) ، (ب) .
(8) أ، ب: أن.
(9) ن، م: ويذكر
=============================
والشيعة والسنية يروون عن علي - رضي الله عنه - أنه لما مر بكربلاء قال: صبرا أبا عبد الله، صبرا أبا عبد الله، يخاطب الحسين لعلمه بأنه سيقتل، وهذا قبل أن يحضر الحسين بكربلاء ويطلب قتله.
والنبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر الدجال وخروجه وأنه قال: " «يا عباد الله اثبتوا» " (1) وبعد لم يوجد عباد الله أولئك.
والمسلمون يقولون في صلاتهم: " السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته " وليس هو حاضرا عندهم ولكنه حاضر في قلوبهم.
وقد قال تعالى: {إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون} [سورة يس: 82] وهذا عند أكثر العلماء هو خطاب يكون (2) لمن يعلمه الرب تعالى في نفسه، وإن لم يوجد بعد. ومن قال: إنه عبارة عن شرعة التكوين فقد خالف مفهوم الخطاب، وحمل الآية على ذلك يستدعي استعمال الخطاب في مثل هذا المعنى، وأن هذا من اللغة التي نزل بها القرآن، وإلا فليس لأحد أن يحمل خطاب الله ورسوله على ما يخطر له.
**_________
(1) هذه العبارة جزء من حديث طويل عن النواس بن سمعان الكلابي - رضي الله عنه - في: سنن ابن ماجه 2 - 1356، 1359 كتاب الفتن باب فتنة الدجال، وأوله: ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الدجال الغداة، فخفض فيه ورفع حتى ظننا أنه في طائفة النخل، فلما رحنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عرف ذلك فينا، فقال: وما شأنكم؟ . . . الحديث، وفيه: إنه يخرج من خلة بين الشام والعراق، فعاث يمينا وعاث شمالا، يا عباد الله اثبتوا، ووردت هذه العبارة في حديث آخر عن الدجال عن أبي أمامة الباهلي - رضي الله عنه - في سنن ابن ماجه 2 - 1359، 1363 الكتاب والباب السابقان في ص 1360.
(2) ن، م: تكوين، وهو تحريف
===========================
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثالث
الحلقة (218)
صـ 369 إلى صـ 376
بل القرآن نزل بلغة العرب، بل بلغة قريش، وقد علمت العادة المعروفة في خطاب الله ورسوله، فليس لأحد أن يخرج عنها.
وبالجملة فنحن ليس مقصودنا هنا نصر قول من يقول: القرآن قديم، فإن هذا القول أول من عرف أنه قاله في الإسلام أبو محمد عبد الله بن سعيد بن كلاب، واتبعه على ذلك طوائف، فصاروا حزبين: حزبا يقول: القديم هو معنى قائم بالذات، وحزبا يقول: هو حروف، أو حروف وأصوات.
وقد صار إلى كل من القولين طوائف من المنتسبين إلى السنة من أصحاب مالك والشافعي وأحمد وغيرهم. وليس هذا القول ولا هذا القول قول أحد من الأئمة الأربعة، بل الأئمة الأربعة وسائر الأئمة متفقون على أن كلام الله منزل غير مخلوق. وقد صرح غير واحد منهم أن الله تعالى متكلم (1) (* بمشيئته وقدرته، وصرحوا بأنه لم يزل متكلما إذا شاء كيف شاء، وغير ذلك من الأقوال المنقولة عنهم، وهذه المسألة قد تكلم فيها السلف *) (2) ، لكن اشتهر النزاع فيها في المحنة المشهورة لما امتحن أئمة الإسلام، وكان الذي ثبته الله في المحنة وأقامه لنصر السنة هو الإمام أحمد (2 بن حنبل - رحمه الله تعالى 2) (3) - وكلامه وكلام غيره في ذلك (4) موجود في كتب كثيرة، وإن كان طائفة من متأخري
**_________
(1) ن، م: يتكلم.
(2) ما بين النجمتين ساقط من (م) ، وسقطت كلمة السلف من (أ) ، (ب) .
(3) (2 - 2) ساقط من (أ) ، (ب) ، وفي (ن) : بن حنبل رضي الله عنه.
(4) في ذلك: ساقطة من (أ) ، (ب)
=============================
أصحابه (1) وافقوا ابن كلاب على قوله: إن القرآن قديم، فأئمة (2) أصحابه على نفي ذلك، وأن كلامه قديم، بمعنى أنه لم يزل متكلما بمشيئته وقدرته.
ولهم قولان: هل يوصف الله بالسكوت عن كل كلام، [أو أنه لم يزل متكلما وإنما يوصف بالسكوت عن بعض الأشياء؟] (3) ذكرهما أبو بكر عبد العزيز وأبو عبد الله بن حامد وغيرهما. وأكثر أئمتهم وجمهورهم على أنه لم يزل متكلما، إنما يوصف بالسكوت عن بعض الأشياء.
كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " «الحلال ما أحله الله في كتابه، والحرام ما حرمه الله في كتابه، وما سكت عنه فهو مما عفا عنه» ". (4) .
وأحمد وغيره من السلف يقولون: إن الله تعالى يتكلم بصوت، لكن لم يقل أحد منهم: إن ذلك الصوت المعين قديم.
**_________
(1) أ، ب: وإن كانت طائفة من أصحابه.
(2) ن فقط: وأئمة.
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من جميع النسخ، وإثباته يقتضيه الكلام.
(4) الحديث عن سلمان الفارسي - رضي الله عنه - في سنن الترمذي 3/134 كتاب اللباس باب ما جاء في لبس الفراء، ونصه: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن السمن والجبن والفراء فقال: الحلال. . . الحديث. وقال الترمذي: وفي الباب عن المغيرة: هذا حديث غريب لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه، وروى سفيان وغيره عن سليمان التيمي عن أبي عثمان قوله: وكأن الحديث الموقوف أصح، والحديث أيضا في: سنن ابن ماجه 2 - 1117 كتاب الأطعمة، باب أكل الجبن والسمن، وذكره التبريزي في مشكاة المصابيح 2 - 451 ونقل الألباني كلام الترمذي
==============================
يقولون: إن الله تعالى يتكلم بصوت، لكن لم يقل أحد منهم: إن ذلك الصوت المعين قديم
**[فصل زعم الرافضي بأن أهل السنة ينكرون عصمة الأنبياء وكلامه على مقالتهم في الإمامة والرد عليه]
فصل (1) قال الرافضي (2) : وذهب جميع من عدا (3) الإمامية والإسماعيلية إلى أن الأنبياء والأئمة (4) غير معصومين، فجوزوا بعثة من يجوز عليه الكذب والسهو والخطأ والسرقة، فأي وثوق يبقى للعامة في أقوالهم (5) ، وكيف (6) يحصل الانقياد إليهم (7) ، وكيف يجب اتباعهم مع تجويز أن يكون ما يأمرون به خطأ؟ ولم يجعلوا الأئمة محصورين في عدد معين بل كل من بايع (8) قرشيا انعقدت إمامته عندهم، ووجب (9) طاعته على جميع الخلق إذا كان مستور الحال، وإن كان (10) على غاية من الكفر والفسوق والنفاق (11) .
**_________
(1) عند كلمة فصل تبدأ نسخة (و) = نسخة الولايات المتحدة الأمريكية.
(2) الكلام التالي في (ك) ص 93 (م) .
(3) ب: جمع ما عدا، وهو تحريف.
(4) ك: والأئمة عليهم السلام.
(5) ك: في أقاويلهم.
(6) ك: فكيف.
(7) أ، ب: لهم.
(8) أ، ن، م، و: بل كل من تابع، ك: بل قالوا: كل من بايع، والمثبت من (ب) .
(9) ن، و، أ، ب: ووجبت.
(10) وإن كان في (ب) ، (ك) فقط، وسقطت من سائر النسخ.
(11) ن، م: من الفسوق والكفر والنفاق. و: من الفسق والكفر والنفاق
==============================
فيقال: الكلام على هذا من وجوه:
أحدها: أن يقال: ما ذكرته عن الجمهور من نفي (1) العصمة عن الأنبياء وتجويز الكذب والسرقة (2) والأمر بالخطأ عليهم فهذا (3) كذب على الجمهور؛ فإنهم متفقون على أن الأنبياء معصومون في تبليغ الرسالة، ولا يجوز أن يستقر في شيء من الشريعة خطأ باتفاق المسلمين، وكل ما يبلغونه عن الله - عز وجل - (4) من الأمر والنهي يجب طاعته فيه (5) باتفاق المسلمين، وما أخبروا به وجب تصديقهم فيه بإجماع المسلمين، وما أمروهم به ونهوهم عنه (6) وجبت طاعتهم فيه (7) عند جميع فرق الأمة، إلا عند طائفة من الخوارج يقولون: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - (8) معصوم فيما يبلغه عن الله لا فيما يأمر هو به وينهى عنه. وهؤلاء ضلال باتفاق أهل السنة والجماعة (9) .
وقد ذكرنا غير مرة أنه إذا كان في بعض المسلمين [من قال: قولا خطأ لم يكن ذلك قدحا في المسلمين] (10) ، ولو كان كذلك لكان خطأ الرافضة
**_________
(1) ن، م، و: في نفي.
(2) أ، ب: السرقة والكذب.
(3) فهذا: زيادة في (أ) ، (ب) .
(4) عز وجل: زيادة في (أ) ، (ب) .
(5) أ، ب: فهم مطاعون فيه.
(6) ن، م: وما أمروا به ونهوا عنه، و: وما أمروا به ونهوا عنه.
(7) أ، ب: فهم مطاعون فيه.
(8) صلى الله عليه وسلم: زيادة في (أ) ، (ب) .
(9) أ، ب: باتفاق المسلمين أهل السنة والجماعة.
(10) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط
==========================
عيبا في دين المسلمين، فلا يعرف في الطوائف أكثر خطأ وكذبا منهم، وذلك (1) لا يضر المسلمين شيئا، فكذلك لا يضرهم (2) وجود مخطئ آخر (3) غير الرافضة.
وأكثر الناس - أو كثير منهم - لا يجوزون عليهم الكبائر، والجمهور الذي يجوزون الصغائر -[هم ومن يجوز الكبائر -] (4) يقولون: إنهم لا يقرون عليها، بل يحصل لهم بالتوبة منها من المنزلة (5) أعظم مما كان قبل ذلك كما تقدم التنبيه عليه.
وبالجملة (6) فليس في المسلمين من يقول: إنه يجب طاعة الرسول مع جواز أن يكون أمره خطأ، بل هم متفقون على أن الأمر الذي يجب طاعته لا يكون إلا صوابا. فقوله: " كيف يجب اتباعهم مع تجويز أن يكون ما يأمرون (7) به خطأ " قول لا يلزم أحدا من الأمة (8) .
وللناس في تجويز الخطأ عليهم في الاجتهاد قولان معروفان، وهم متفقون على أنهم لا يقرون عليه، وإنما يطاعون فيما أقروا عليه، لا فيما غيره الله ونهى عنه، ولم يأمر بالطاعة فيه.
**_________
(1) ن، م: وكذلك.
(2) أ: شيئا من ذلك لا يضرهم، ب: شيئا من ذلك فلا يضرهم، م: وكذلك لا يضرهم.
(3) آخر: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) ما بين المعقوفتين زيادة في (أ) ، (ب) .
(5) ن، م: من المعتزلة، وهو تحريف.
(6) ن، م، و: وفي الجملة.
(7) ما يأمرون، ساقطة من (ن) ، (م) .
(8) أ، ب: من الأئمة
============================
وأما عصمة الأئمة فلم يقل بها إلا كما قال الإمامية والإسماعيلية.
وناهيك (1) بقول (2) لم يوافقهم عليه إلا الملاحدة المنافقون، الذين شيوخهم الكبار أكفر من اليهود والنصارى والمشركين! (3) وهذا دأب الرافضة دائما (4) يتجاوزون عن جماعة المسلمين إلى اليهود والنصارى والمشركين في الأقوال والموالاة والمعاونة (5) والقتال وغير ذلك.
فهل يوجد أضل (6) من قوم يعادون السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ويوالون الكفار والمنافقين؟ (7) وقد قال الله تعالى: {ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم ما هم منكم ولا منهم ويحلفون على الكذب وهم يعلمون - أعد الله لهم عذابا شديدا إنهم ساء ما كانوا يعملون - اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله فلهم عذاب مهين - لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون - يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون - استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون - إن الذين يحادون الله ورسوله أولئك في الأذلين - كتب
**_________
(1) وناهيك: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) أفقط: يقول.
(3) والمشركين: زيادة في (أ) ، (ب) .
(4) م: وإنما. وسقطت الكلمة من (و) .
(5) م: في الأقوال أدنى الموالاة والمعاداة، و: في الأقوال وفي الموالاة والمعاداة.
(6) أ، ب: ومن أضل من.
(7) أ، ب: المنافقين والكفار
============================
الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز - لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون} [سورة المجادلة: 14 - 22] .
فهذه الآيات نزلت في المنافقين، وليس المنافقون في طائفة أكثر منهم في الرافضة، حتى أنه ليس في الروافض إلا من فيه شعبة من شعب النفاق.
كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " «أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه خصلة منهن كانت (1) فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذااؤتمن خان، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر» ". أخرجاه في الصحيحين (2) .
{ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون - ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكن كثيرا منهم فاسقون} [سورة المائدة: 80 - 81] (3) .
**_________
(1) كانت: كذا في (ن) ، (و) ، وفي سائر النسخ: كان، وسقطت الكلمة مع كلمات قبلها من (م) .
(2) الحديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - في: البخاري 1 - 12 كتاب الإيمان باب علامة النفاق 4 - 102 كتاب الجزية والموادعة، باب إثم من عاهد ثم غدر، مسلم 1 - 78 كتاب الإيمان باب بيان خصال المنافق، سنن أبي داود 4 - 305، 306 كتاب السنة، باب الدليل على زيادة الإيمان ونقصانه.
(3) ن، م، أ، ب: كثير منهم يتولون
============================== ====
وقال تعالى: {لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون - كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون - ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا} [سورة المائدة: 78 - 80] وهم غالبا لا يتناهون عن منكر فعلوه، بل ديارهم أكثر البلاد منكرا من الظلم والفواحش (1) وغير ذلك، وهم يتولون الكفار الذين غضب الله عليهم، فليسوا مع المؤمنين ولا مع الكفار (2) كما قال تعالى: {ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم ما هم منكم ولا منهم} [سورة المجادلة: 14] .
ولهذا هم عند جماهير (3) المسلمين نوع آخر حتى أن المسلمين لما قاتلوهم بالجبل الذي كانوا عاصين فيه (4) بساحل الشام، يسفكون دماء المسلمين ويأخذون أموالهم ويقطعون الطريق استحلالا لذلك وتدينا به، فقاتلهم صنف من التركمان فصاروا يقولون: نحن مسلمون، فيقولون: لا أنتم جنس (5) آخر. فهم بسلامة قلوبهم علموا أنهم جنس آخر (6) خارجون عن المسلمين [لامتيازهم عنهم] (7) .
**_________
(1) ن، م، و: من ظلم وفواحش.
(2) ن: ليسوا مع المسلمين ولا مع الكفار، م: ليسوا من المسلمين ولا مع الكفار، وليسوا مع الكفار ولا مع المسلمين.
(3) أ، ب: جماعة.
(4) ن: الذين كانوا فيها عاصين، م: الذين كانوا عاصين فيها.
(5) أ، ب: صنف.
(6) آخر: ساقطة من (و) .
(7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م)
============================
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثالث
الحلقة (219)
صـ 377 إلى صـ 384
وقد قال الله تعالى: {ويحلفون على الكذب وهم يعلمون} [سورة المجادلة: 14] وهذا حال (1) الرافضة، وكذلك (2) {اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله} إلى قوله: {لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله} [الآية سورة المجادلة: 16 - 22] وكثير منهم يواد (3) الكفار من وسط قلبه (4) أكثر من موادته للمسلمين؛ ولهذا لما خرج (5) الترك والكفار من جهة المشرق (6) فقاتلوا (7) المسلمين وسفكوا دماءهم ببلاد (8) خراسان والعراق والشام والجزيرة وغيرها، كانت الرافضة معاونة لهم على قتال (9) المسلمين، (10 ووزير بغداد المعروف بالعلقمي (10) هو وأمثاله كانوا من أعظم الناس معاونة لهم على المسلمين 10) (11) ، وكذلك الذين كانوا بالشام بحلب وغيرها (12) من الرافضة كانوا من أشد الناس معاونة لهم على قتال المسلمين، وكذلك النصارى
**_________
(1) أ، ب: وهذه حالة، و: وهذه حال.
(2) أ، ب: ولذلك.
(3) ن، م: يوادون.
(4) ن: من وسط عليه، وهو تحريف.
(5) أ، ب: أخرج.
(6) ن، م، و: الشرق.
(7) أ، ب: وقتلوا.
(8) ن، م: ببلد.
(9) قتال: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(10) ن، م: العلقمي، وانظر ما ذكرته في المقدمة، ص [0 - 9] 4 عن العلقمي.
(11) (10 - 10) ساقط من (أ) ، (ب) .
(12) أ، ب: بالشام وحلب وغيرهما
============================== ==
الذين قاتلهم المسلمون (1) بالشام، كانت الرافضة من أعظم أعوانهم (2) . وكذلك إذا صار اليهود (3) دولة بالعراق وغيره تكون الرافضة من أعظم أعوانهم (4) فهم (5) دائما يوالون الكفار من المشركين واليهود والنصارى، ويعاونونهم على قتال المسلمين ومعاداتهم.
ثم إن هذا (6) ادعى عصمة الأئمة دعوى لم يقم عليها حجة (7) ، إلا ما تقدم من أن الله لم يخل العالم من أئمة معصومين لما في ذلك من المصلحة واللطف، ومن المعلوم المتيقن (8) : أن هذا المنتظر الغائب المفقود لم يحصل به شيء من المصلحة واللطف، سواء كان ميتا كما يقوله الجمهور أو كان حيا كما تظنه الإمامية. وكذلك أجداده المتقدمون لم يحصل بهم شيء من المصلحة واللطف الحاصلة (9) من إمام معصوم ذي سلطان، كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة بعد الهجرة، فإنه كان إمام المؤمنين الذي يجب عليهم طاعته (10) ، ويحصل بذلك سعادتهم، ولم يحصل بعده
**_________
(1) أ، ب: قاتلوا المسلمين.
(2) أ، ب: المعاونين لهم.
(3) ن، م، و: ليهودي.
(4) ن، م، و: أعوانه.
(5) ن، م: وهم.
(6) ن، م: ثم إنه، و: ثم هذا.
(7) و: ادعى عصمة الأئمة فلم يقم عليها حجة، ن، م: ادعى عصمة الأئمة دعوى ولم يقم عليها حجة.
(8) و: المتبين.
(9) ن: الحاصل.
(10) ن: الذين تجب عليهم طاعته، م: الذي عليهم طاعته
===========================
أحد له سلطان تدعى له العصمة إلا علي - رضي الله عنه - (1) زمن خلافته.
ومن المعلوم بالضرورة أن حال اللطف والمصلحة التي (2) كان المؤمنون فيها زمن الخلفاء الثلاثة أعظم من اللطف والمصلحة (3) الذي كان [في خلافة علي] (4) زمن القتال والفتنة والافتراق، فإذا لم يوجد من يدعي الإمامية فيه أنه معصوم وحصل له سلطان بمبايعة ذي الشوكة (5) إلا علي وحده، وكان مصلحة المكلفين واللطف الذي حصل لهم في دينهم ودنياهم في ذلك الزمان أقل منه في زمن الخلفاء الثلاثة - علم (6) بالضرورة أن ما يدعونه من اللطف والمصلحة الحاصلة بالأئمة المعصومين باطل (7) قطعا.
وهو (8) من جنس الهدى والإيمان الذي يدعى في رجال (9) الغيب بجبل لبنان وغيره من الجبال (10) مثل جبل قاسيون بدمشق، ومغارة الدم، وجبل الفتح بمصر، ونحو ذلك من الجبال والغيران (11) ، فإن
**_________
(1) رضي الله عنه: زيادة في (أ) ، (ب) .
(2) أ، ب: ومن المعلوم أن المصلحة واللطف الذي.
(3) أ، ب: المصلحة واللطف.
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م)
(5) ن: بمتابعة ذوي الشوكة، م: بمبايعة (غير منقوطة) ذوي الشوكة، و: بمبايعته ذوي الشوكة.
(6) أ، ب، ن: فعلم.
(7) أ، ب: باطلة.
(8) وهو: زيادة في (أ) ، (ب) .
(9) أ، ب، ن، م: برجال.
(10) من الجبال، ساقطة من (ن) ، (م) .
(11) في لسان العرب الغار كالكهف في الجبل، والجمع الغيران
============================
هذه المواضع يسكنها الجن ويكون بها الشياطين، ويتراءون أحيانا لبعض الناس، ويغيبون عن الأبصار في أكثر الأوقات، فيظن الجهال أنهم رجال من الإنس وإنما هم رجال من الجن.
كما قال تعالى: {وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا} [سورة الجن: 6] .
وهؤلاء يؤمن بهم وبمن ينتحلهم من المشايخ طوائف ضالون (1) لكن المشايخ الذين ينتحلون رجال الغيب لا يحصل بهم من الفساد ما يحصل بالذين يدعون الإمام المعصوم، بل المفسدة والشر الحاصل في هؤلاء أكثر، فإنهم يدعون الدعوة (2) إلى إمام معصوم ولا يوجد لهم أئمة ذوو سيف يستعينون بهم إلا كافر أو فاسق أو منافق أو جاهل (3) ، لا تخرج رءوسهم عن هذه الأقسام.
والإسماعيلية شر منهم، فإنهم يدعون إلى الإمام المعصوم ومنتهى (4) دعوتهم إلى رجال ملاحدة منافقين فساق، ومنهم من هو شر في الباطن من اليهود والنصارى.
فالداعون إلى المعصوم لا يدعون إلى سلطان معصوم، بل إلى سلطان كفور أو ظلوم. وهذا أمر مشهور يعرفه كل من له خبرة بأحوالهم.
وقد قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي
**_________
(1) ن، م: صالحون.
(2) الدعوة: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) ن، م: أو جاهل أو منافق.
(4) ن، م، و: وتنتهي
============================
الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا} [سورة النساء: 59] .
فأمر الله المؤمنين عند التنازع بالرد إلى الله والرسول، ولو كان للناس معصوم غير الرسول - صلى الله عليه وسلم - (1) لأمرهم بالرد إليه (2) ، فدل القرآن على أنه لا معصوم إلا الرسول - صلى الله عليه وسلم - (3)
**[فصل التعليق على كلامه عن الإمامة " ولم يجعلوا الأئمة محصورين في عدد معين "]
فصل
وأما قوله: " ولم يجعلوا الأئمة محصورين في عدد معين " فهذا حق؛ وذلك أن الله تعالى قال: {ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} [سورة النساء: 59] ولم يوقتهم بعدد معين.
وكذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - في الأحاديث الثابتة عنه المستفيضة لم يوقت ولاة الأمور في عدد معين.
ففي الصحيحين عن أبي ذر قال: " «إن خليلي أوصاني أن أسمع وأطيع وإن كان عبدا حبشيا مجدع الأطراف» ". (4)
**_________
(1) صلى الله عليه وسلم: زيادة في (أ) ، (ب) .
(2) ن، م، و: لوجب الرد إليه.
(3) صلى الله عليه وسلم: زيادة في (أ) ، (ب) .
(4) الحديث مع اختلاف في الألفاظ عن أبي ذر - رضي الله عنه - في: مسلم 1 - 448 كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب كراهية تأخير الصلاة، 3 - 1467 كتاب الإمارة باب وجوب طاعة الأمراء. سنن ابن ماجه 2 - 955 كتاب الجهاد، باب في طاعة الإمام، المسند ط الحلبي 5 - 161، 171، ولم أجد الحديث في صحيح البخاري
============================
وفي صحيح (1) مسلم عن أم الحصين: أنها «سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - بمنى أو بعرفات في حجة الوداع يقول: " لو استعمل عليكم عبد أسود (2) مجدع يقودكم بكتاب الله فاسمعوا وأطيعوا» ". (3)
وروى البخاري عن أنس بن مالك (4) قال: قال رسول - صلى الله عليه وسلم -: " «اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة» " (5) .
وفي الصحيحين عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " «لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي من الناس اثنان» ". (6)
**_________
(1) صحيح: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) أ، ب: ولو استعمل عليكم أسود.
(3) الحديث مع اختلاف في الألفاظ، عن أم الحصين - رضي الله عنها - في مسلم 2 - 944 كتاب الحج، باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبا، 3 - 1468 كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية. وأول الحديث في هذا الموضع: إن أمر عليكم عبد مجدع ـ حسبتها قالت: أسود ـ. الحديث، وهو في سنن الترمذي 3 - 125 كتاب الجهاد باب ما جاء في طاعة الإمام، سنن ابن ماجه 2 - 955 كتاب الجهاد باب طاعة الإمام، المسند ط الحلبي، 4/70، 5/381، 6/402، 403.
(4) بن مالك: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) الحديث عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - في: البخاري 1 - 136 كتاب الأذان، باب إمامة العبد والمولى، 9 - 62 كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية، سنن ابن ماجه، 2 - 955 كتاب الجهاد باب طاعة الإمام، المسند ط الحلبي 3 - 114، 171.
(6) الحديث بهذا اللفظ عن ابن عمر رضي الله عنهما في: مسلم 3 - 1452 كتاب الإمارة باب الناس تبع لقريش. . . المسند ط المعارف 7 - 35
===========================
(1 وفي البخاري: " «ما بقي منهم اثنان» " 1) (1) .
(* وفي الصحيحين عن جابر بن سمرة قال: دخلت مع أبي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسمعته يقول (2) : " «إن هذا الأمر ما ينقضي حتى يمضي منهم اثنا عشر خليفة ". [ثم تكلم بكلمة خفيفة لم أفهمها - أو قال: خفيت علي - فقلت لأبي: ماذا قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: " كلهم من قريش» " (3) وفي لفظ في الصحيحين: قال: " «لا يزال الإسلام عزيزا إلى اثني عشر خليفة» ".] (4) .
وفي الصحيحين عن جابر
**_________
(1) (1 - 1) ساقط من (أ) ، (ب) وفي (م) : وفي رواية. . . والحديث بهذا اللفظ عن ابن عمر - رضي الله عنهما - في البخاري، 4 - 179 كتاب المناقب، باب مناقب قريش 9 - 62 كتاب الأحكام، باب الأمراء من قريش.
(2) م: وسلم فقال.
(3) الحديث عن جابر بن سمرة - رضي الله عنه - في: البخاري 9 - 81 كتاب الأحكام، باب حدثني محمد بن المثنى، ونصه: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: يكون اثنا عشر أميرا، فقال كلمة لم أسمعها، فقال أبي: إنه قال: كلهم من قريش. جاء الحديث بألفاظ مقاربة لما أورده ابن تيمية في: مسلم 3 - 1452 كتاب الإمارة باب الناس تبع لقريش، الحديث رقم 5، وفيه: فقلت لأبي: ما قال؟ قال: كلهم من قريش. والحديث في سنن أبي داود 4 - 150 كتاب المهدي، الحديث الأول، المسند ط الحلبي 5 - 90، 92، 93.
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، وأثبته من (م) ، ويوجد بعده في (ن) عبارة واحدة هي: كلهم من قريش. قد حذفتها لورودها من قبل في العبارات الموجودة في نسخة (م) ، وهذه الرواية الأخيرة جاءت عن جابر بن سمرة - رضي الله عنه - أيضا في: مسلم 3 - 1453 كتاب الإمارة، باب الناس تبع لقريش، الأحاديث رقم 7، 8، 9 سنن أبي داود كتاب المهدي، الحديثين الثاني والثالث، المسند ط الحلبي 5/96، 98، 99، 100، 101
============================
أيضا قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " «لا يزال أمر الناس ماضيا ما وليهم اثنا عشر أميرا كلهم من قريش» " (1) .
وفي الصحيحين عن عامر بن سعد بن أبي وقاص قال: «كتبت إلى جابر بن سمرة مع غلامي نافع أن أخبرني بشيء سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكتب إلي: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم جمعة (2) عشية رجم الأسلمي قال: " لا يزال هذا الدين قائما حتى تقوم الساعة، أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش» ". (3) .
*) (4) ] وفي الصحيحين (5) عن أبي هريرة - رضي الله عنه - (6) - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " «الناس تبع لقريش في هذا الشأن، مسلمهم تبع لمسلمهم وكافرهم تبع لكافرهم» " (7) .
**_________
(1) الحديث بألفاظ متقاربة عن جابر بن سمرة - رضي الله عنه - في: مسلم 3 - 1452 الموضع السابق، الحديث رقم 6، المسند ط الحلبي 5 - 97، 98، 101.
(2) زدت كلمة جمعة وهي من ألفاظ الحديث في مسلم.
(3) الحديث بهذا اللفظ عن جابر بن سمرة - رضي الله عنه - في: مسلم 3 - 1453 في الموضع السابق، الحديث رقم 10، وله بقية لم يذكرها ابن تيمية.
(4) الكلام بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) ، (و) ، وأثبته من (ن) ، (م) .
(5) الكلام بين المعقوفتين والذي يبدأ بعبارة وفي الصحيحين: ساقط من (ن) ، (م) .
(6) رضي الله عنه: زيادة في (أ) ، (ب) .
(7) الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - في: البخاري 4 - 178 كتاب المناقب، باب قول الله تعالى: يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى، مسلم 3 - 1451 كتاب الإمارة، باب الناس تبع لقريش، الحديثان رقم 1، 2، المسند ط المعارف، 13 - 30 رقم 7304، 16. 105 رقم 8226، 17/147 رقم 9121 وجاء الحديث بمعناه وبلفظ: خيارهم تبع لخيارهم، وشرارهم تبع لشرارهم عن أبي هريرة في المسند ط. المعارف 13 - 282 رقم 7547، وجاء الحديث أيضا بمعناه وبألفاظ مقاربة عن عدد من الصحابة رضوان الله عليهم منهم: أبو بكر الصديق في: المسند ط. المعارف 1 - 164، علي بن أبي طالب 2 - 126، 127 أبو هريرة 18 - 171، ط الحلبي 4/101 عن معاوية
==============================
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثالث
الحلقة (220)
صـ 385 إلى صـ 392
وعن جابر بن عبد الله قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " «الناس تبع لقريش في الخير والشر» ".] (1) .
وفي البخاري عن معاوية [رضي الله عنه] (2) قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلا كبه الله على وجهه ما أقاموا الدين» ". (3) [خرجه في باب الأمراء من قريش] (4)
**[فصل تابع رد ابن تيمية على كلام ابن المطهر عن الإمامة عند أهل السنة]
فصل.
وأما قوله عنهم (5) " كل من بايع قرشيا انعقدت إمامته ووجبت طاعته على جميع الخلق إذا كان مستور الحال، وإن كان على (6) على غاية من الفسق (7) والكفر والنفاق ".
**_________
(1) الكلام بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ، والحديث بهذا اللفظ عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - في: مسلم 3/1451 (كتاب الإمارة، باب الناس تبع لقريش) الحديث رقم 3، المسند (ط. الحلبي) 3/331، 379، 383
(2) رضي الله عنه: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) الحديث عن معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه - في: البخاري 4/179 (كتاب المناقب، باب مناقب قريش) ، 9/62 (كتاب الأحكام، باب الأمراء من قريش) ، سنن الدارمي 2/242 (كتاب السير، باب الإمارة في قريش) .
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(5) عنهم: زيادة في (أ) ، (ب) .
(6) (وإن كان) ساقطة من (ن) ، (م) ، (و) .
(7) ن، م: في الفسوق ; و: في الفسق
=======================
فجوابه من وجوه:
أحدها: أن هذا ليس قول أهل السنة والجماعة، وليس مذهبهم أنه بمجرد مبايعة واحد قرشي (1) تنعقد بيعته، ويجب على جميع (2) الناس طاعته. وهذا وإن كان قد قاله بعض أهل الكلام فليس هو قول أئمة أهل السنة (3) والجماعة بل قد قال عمر بن الخطاب [رضي الله عنه] (4) : من بايع رجلا بغير (5) مشورة من المسلمين، فلا يبايع هو ولا الذي بايعه تغرة أن يقتلا ". الحديث رواه البخاري، وسيأتي بكماله إن شاء الله تعالى.] (6) .
**_________
(1) وبمجرد مبايعته واحدا قرشيا.
(2) (جميع) : ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) ن، م: قول أهل السنة، و: قول أئمة السنة.
(4) رضي الله عنه: زيادة في (أ) ، (ب) .
(5) ن، م، و: عن غير.
(6) ما بين المعقوفتين زيادة في (أ) ، (ب) وهذا جزء من أثر طويل رواه البخاري عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في صحيحه 8/168 - 170 (كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة، باب رجم الحبلى من الزنا إذا زنت) ، وأوله. . عن ابن عباس قال: كنت أقرئ رجالا من المهاجرين منهم عبد الرحمن بن عوف، فبينما أنا في منزله وهو عند عمر بن الخطاب في آخر حجة حجها. . . إلخ، وقال ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث والأثر 3/156: (التغرة مصدر غررته إذا ألقيته في الغرر وهي من التغرير كالتعلة والتعليل، ومعنى الحديث أن البيعة حقها أن تقع صادرة عن المشهورة والاتفاق، فإذا استبد رجلان دون الجماعة فبايع أحدهما الآخر فذلك تظاهر منهما بشق العصا واطراح الجماعة، فإن عقد لأحد بيعة فلا يكون المعقود له واحدا منهما وليكونا معزولين من الطائفة التي تتفق على تمييز الإمام منهما، لأنه إن عقد لواحد منهما، وقد ارتكب تلك الفعلة الشنيعة التي أحفظت الجماعة من التهاون بهم والاستغناء عن رأيهم لم يؤمن أن يقتلا) وجاء الأثر عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في المسند (ط. المعارف) 1/323 - 327
============================
الوجه الثاني: أنهم لا يوجبون طاعة (1) الإمام في كل ما يأمر به، بل لا يوجبون طاعته إلا فيما تسوغ طاعته فيه في الشريعة، فلا يجوزون طاعته في معصية الله وإن كان إماما عادلا (2) ، وإذا (3) أمرهم بطاعة الله فأطاعوه: مثل أن يأمرهم بإقامة (4) الصلاة وإيتاء الزكاة، والصدق والعدل والحج والجهاد في سبيل الله، فهم في الحقيقة إنما أطاعوا الله، والكافر والفاسق إذا أمر بما هو طاعة لله لم تحرم طاعة الله ولا يسقط وجوبها لأجل أمر ذلك الفاسق بها، كما أنه إذا تكلم بحق لم يجز تكذيبه ولا يسقط وجوب اتباع الحق لكونه قد قاله فاسق، فأهل السنة لا يطيعون ولاة الأمور مطلقا، إنما يطيعونهم في ضمن طاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - (5) .
كما قال تعالى: {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} [سورة النساء: 59] ، فأمر بطاعة الله مطلقا وأمر بطاعة الرسول ; لأنه لا يأمر إلا بطاعة الله {من يطع الرسول فقد أطاع الله} [سورة النساء: 80] ، وجعل طاعة أولي الأمر داخلة في ذلك، فقال: {وأولي الأمر منكم} (6) ولم يذكر لهم طاعة ثالثة ; لأن ولي الأمر لا يطاع طاعة مطلقة إنما (7) يطاع في المعروف.
**_________
(1) أ، ب: لا يجوزون.
(2) ن، م، و: عدلا.
(3) أ، ب: فإذا.
(4) أ، ب: بإقام.
(5) صلى الله عليه وسلم: زيادة في (أ) ، (ب) .
(6) ساقطة من (أ) ، (ب) .
(7) ن، م، و: لا يطاع مطلقا إنما
===========================
كما قال: النبي - صلى الله عليه وسلم -: " «إنما الطاعة في المعروف» ". (1) . وقال: " «لا طاعة في معصية الله» " (2) و " «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» " (3) ، وقال: " «ومن أمركم بمعصية الله فلا تطيعوه» " (4) .
**_________
(1) هذه العبارة جزء من حديث متفق عليه عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، وخلاصة الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث سرية وأمر عليهم رجلا من الأنصار أوقد لهم نارا وأمرهم أن يدخلوا، فاختلفوا وسألوا عن ذلك رسول الله فقال: لو دخلوها ما خرجوا منها أبدا، إنما الطاعة في المعروف. والحديث في البخاري 5/161 (كتاب المغازي، باب بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - خالد بن الوليد إلى بني خزيمة) 9/63 (كتاب الأحكام، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية) ، 9/88 (كتاب الآحاد، باب ما جاء في إجازة خبر الواحد) ، مسلم 3/1469 (كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية) ، سنن أبي داود 3 (كتاب الجهاد، باب: في الطاعة) ، سنن النسائي 7/142 (كتاب البيعة، جزاء من أمر بمعصية فأطاع) ، المسند (ط. المعارف) ، 2/46، 98، 221
(2) أ، ب: في المعصية، وأورده الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، 1/11 - 112 حديث رقم 180، وقال أخرجه أحمد (ط. الحلبي) 4/426، 427، 436 وكذا الطيالسي 850 عن قتادة قال: سمعت أبا مراية العجلي، قال: سمعت عمران بن حصين يحدث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: فذكره قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي مراية هذا، ذكره ابن حبان في الثقات، وأورده الهيثمي في جامع الزوائد 5/226 وقال: رواه البزار والطبراني في الكبير والأوسط ورجال البزار رجال الصحيح.
(3) أورده التبريزي في مشكاة المصابيح 2/323 عن النواس بن سمعان، وقال: رواه في شرح السنة، وذكر الألباني في تعليقه أنه حديث صحيح، وجاء في المسند (ط. الحلبي) 5/66 بلف مقارب، وجاء بمعناه في المسند. (ط. الحلبي) 4/432، 5/66 - 67؛ المستدرك 3/443 وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة 1/109، 111 الحديث رقم 179.
(4) الحديث عن أبي سعيد الخدري في سنن ابن ماجه 2/955 - 956 (كتاب الجهاد، باب لا طاعة في معصية الله) ، وفي التعليق في الزوائد: إسناده صحيح، المسند (ط. الحلبي) 3/67. ومعنى هذا الحديث مقارب لمعنى حديث علي - رضي الله عنه - المتقدم، ولفظ النبي - صلى الله عليه وسلم -: " من أمركم منهم بمعصية الله فلا تطيعوه ". وجاء الحديث في صحيح الجامع الصغير 5/259، وقال السيوطي: أحمد وابن ماجه والحاكم عن أبي سعيد. وحسنه الألباني ولفظه: من أمركم من الولاة بمعصية فلا تطيعوه
=======================
وقول هؤلاء الرافضة المنسوبين إلى شيعة علي [رضي الله عنه] (1) أنه تجب طاعة غير الرسول [صلى الله عليه وسلم] (2) مطلقا في كل ما أمر به، أفسد من قول من كان منسوبا إلى شيعة عثمان [رضي الله عنه] (3) من أهل الشام من (4) أنه يجب طاعة ولي الأمر مطلقا، فإن أولئك كانوا يطيعون ذا السلطان وهو موجود (5) وهؤلاء يوجبون طاعة معصوم مفقود.
وأيضا فأولئك لم يكونوا يدعون في أئمتهم العصمة التي تدعيها الرافضة، بل كانوا يجعلونهم كالخلفاء الراشدين وأئمة العدل الذين يقلدون فيما لم تعرف (6) حقيقة أمره، أو يقولون: إن الله يقبل منهم الحسنات ويتجاوز لهم عن السيئات. وهذا أهون ممن يقول: إنهم معصومون لا يخطئون.
فتبين أن هؤلاء المنسوبين إلى النصب من شيعة عثمان وإن كان
**_________
(1) ن، م، و: عليه السلام.
(2) صلى الله عليه وسلم: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) رضي الله عنه: زيادة في (أ) ، (ب) .
(4) من: زيادة في (ن) ، (م) .
(5) ن، م، و: ذا سلطان موجود.
(6) أ: يقلدون فيها لم تعرف، ب: يقلدون فيها ممن لم تعرف، وكلاهما تحريف ; ن، م: يقلدون فيما تعرف، وهو خطأ
============================== =====
فيهم خروج عن بعض الحق والعدل فخروج الإمامية عن الحق والعدل أكثر وأشد. فكيف بقول أئمة السنة الموافق (1) للكتاب والسنة، وهو الأمر بطاعة ولي الأمر فيما يأمر به من طاعة الله، دون ما يأمر به من معصية الله.
الوجه الثالث أن يقال: إن (2) الناس قد تنازعوا في ولي الأمر الفاسق والجاهل: هل يطاع فيما يأمر به (3) من طاعة الله، وينفذ حكمه وقسمه إذا وافق العدل؟ أو لا يطاع في شيء، ولا ينفذ شيء من حكمه وقسمه؟ أو يفرق في ذلك بين الإمام الأعظم وبين القاضي ونحوه من الفروع؟ على ثلاثة أقوال: أضعفها عند أهل السنة: هو رد جميع أمره وحكمه وقسمه، وأصحها عند أهل الحديث وأئمة الفقهاء هو القول الأول وهو: أن يطاع في طاعة الله مطلقا وينفذ حكمه وقسمه إذا كان فعله عدلا مطلقا، حتى أن القاضي الجاهل والظالم ينفذ حكمه بالعدل (4) وقسمه (5) بالعدل على هذا القول، كما هو قول أكثر الفقهاء.
والقول الثالث: هو الفرق بين الإمام الأعظم وبين غيره (6) ; لأن ذلك لا يمكن عزله إذا فسق إلا بقتال وفتنة، بخلاف الحاكم ونحوه، فإنه
**_________
(1) أ، و: فكيف تقول أئمة السنة الموافقون، ن: فكيف تقول أئمة السنة الموافق، ب: فكيف بقول أئمة السنة الموافقين.
(2) إن: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) أ، ب: فيما أمر به.
(4) ساقط من أ، ب
(5) أ، ب: وقسمته.
(6) أ، ب، م: وغيره
============================== =
يمكن عزله بدون ذلك وهو فرق ضعيف، فإن الحاكم إذا ولاه ذو الشوكة لا يمكن عزله إلا بفتنة، ومتى كان السعي في عزله مفسدة أعظم من مفسدة بقائه، لم يجز الإتيان بأعظم الفسادين (1) لدفع أدناهما، وكذلك الإمام الأعظم.
ولهذا كان المشهور من مذهب أهل السنة أنهم لا يرون الخروج على الأئمة وقتالهم بالسيف وإن كان فيهم (2) ظلم كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة المستفيضة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ; لأن الفساد في القتال والفتنة أعظم من الفساد الحاصل بظلمهم بدون قتال (3) ولا فتنة فلا يدفع أعظم الفسادين بالتزام أدناهما (4) ولعله لا يكاد يعرف طائفة خرجت على ذي سلطان، إلا وكان في خروجها من الفساد ما هو (5) أعظم من الفساد الذي أزالته.
والله تعالى لم يأمر بقتال كل ظالم وكل باغ كيفما كان، ولا أمر بقتال الباغين ابتداء (6) بل قال: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل} [سورة الحجرات: 9] فلم يأمر بقتال الباغية (7) ، ابتداء، فكيف يأمر بقتال ولاة الأمر (8) ابتداء؟ .
**_________
(1) ن، م: الفاسدين.
(2) ن، م: وإن كان قتلهم، وهو تحريف.
(3) ن، م، و: اقتتال.
(4) أ، ب: الأدنى.
(5) ما هو: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(6) ن: باقتتال المسلمين ابتداء، م: بقتال المسلمين ابتداء.
(7) و: الباغين.
(8) أ، ب: الأمور
============================== ===
وفي صحيح مسلم عن أم سلمة - رضي الله عنها - (1) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «سيكون أمراء فتعرفون وتنكرون، فمن عرف برئ، ومن أنكر سلم، ولكن من رضي وتابع، قالوا: أفلا نقاتلهم قال: لا ما صلوا» ". (2) فقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قتالهم مع إخباره أنهم يأتون أمورا منكرة، فدل على أنه لا يجوز الإنكار عليهم بالسيف كما يراه من يقاتل ولاة الأمر من الخوارج والزيدية والمعتزلة وطائفة من الفقهاء وغيرهم.
وفي الصحيحين عن ابن مسعود - رضي الله عنه - (3) قال: قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنكم سترون بعدي أثرة وأمورا تنكرونها. قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال: " تؤدون الحق الذي عليكم، وتسألون الله الذي لكم» " (4) .
فقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الأمراء يظلمون ويفعلون أمورا منكرة، ومع هذا فأمرنا أن (5) نؤتيهم الحق الذي لهم، ونسأل الله الحق الذي لنا، ولم يأذن في أخذ الحق بالقتال ولم يرخص في ترك الحق الذي لهم.
وفي الصحيحين عن ابن عباس - رضي الله عنهما - (6) عن النبي - صلى
**_________
(1) رضي الله عنها: زيادة في (أ) ، (ب) .
(2) مضى هذا الحديث من قبل 1/116 وعلقت عليه هناك.
(3) رضي الله عنه: زيادة في (أ) ، (ب) .
(4) مضى هذا الحديث من قبل 1/118 وعلقت عليه هناك.
(5) أ، ب: أمرنا ; و: فأمر بأن.
(6) رضي الله عنهما: زيادة في (أ) ، (ب)
=========================