رد: التعليقات شرح الشوقيات
224- مَنْ كعَمرِو البلادِ، وَالضَّادُ مِمَّا *** شَادَ فِيهَا وَالْمِلَّةُُ الْغَرَّاءُ
اللغة
(عمرو البلاد): هو عمرو بن العاص، والمراد بـ (البلاد) مصر لأن الشاعر يتحدث عن تاريخها، وإنما أضافه إلى البلاد لأنه فاتحها
(الضاد): للعرب خاصة ولا توجد في كلام العجم إلا في القليل، وألِف (ضاد) منقلبة عن واو
(شاد): سبق في البيت 21
(فيها): أراد: لها فاستعمل (في) مكان اللام
(الملة الغراء): الإسلام
المعنى
مَنْ مثل عمرو بن العاص في الفضائل فهو الذي فتح البلاد وثبَّتَ مُلْكَ العرب والإسلام فيها، وأصل الكلام: منْ كعمرو البلاد مما شاد للضاد والملة الغراء، فقدَّمَ (الضاد) وأعاد عليها الضمير من (فيها) واستعمل (في) مكان اللام
225- شَادَ لِلْمُسْلِمِينَ رُكْنًا جُسَامًا *** ضَافِيَ الظِّلِّ دَأْبُهُ الْإِيوَاءُ
اللغة
(جُسامً): بضم الجيم: أي عظيم، يقال: جَسُمَ الشيء أي عَظُمَ فهو جسيم وجُسام، وأما (جِسام) بكسر الجيم فهو جمع جسيم وهو البدين العظيم البدن
(ضافي الظل): الضَّفْوُ السُّبوغُ، وضفا الشيء من باب عدا وسما، وثوبٌ ضافٍ أي تامٌّ سابغ
(الدَّأْب): بسكون الهمزة: العادة والشأن وقد تحرك الهمزة
(الإيواء): تقول: آوَى زيدٌ عمرًا إيواء: أي أنزله به
المعنى
شاد عمرو للمسلمين ركنا عظيما وذلك بفتح مصر فهي الركن العظيم الذي ظله تام سابغ على الناس ومن دَأْبِهِ وعادته أن يأوي غيرَه إليه يعني أن مصر تحمي مَنْ يأوي إليها من المخاطر كما يحمي الظل من حر الشمس فظلها سابغ يعم كل من يأوي إليها ثم إن من شأنها وعادتها أنها تستقبل الناس ولا ترفضهم بل ترحب بهم وتنزلهم بها، وفي هذا البيت إشارة إلى قوله تعالى: {ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَآءَ اللهُ آمِنِينَ} [يوسف: 99]
رد: التعليقات شرح الشوقيات
226- طَالَمَا قَامَتِ الْخِلَافَةُ فِيهِ *** فَاطْمَأَنَّتْ وَقَامَتِ الْخُلَفَاءُ
اللغة
(طالما قامت): (ما) واقعة على الزمان أي طال زمان قامت الخلافة فيه، و(طال) فعل ماض و(ما) كفَّتْهُ عن العمل فلا يحتاج إلى فاعل على ما ذهب إليه سيبويه
وبعضهم يعرب (ما) مصدرية والمصدر المؤول منها ومن صلتها في محل رفع فاعل (طال) فيكون التقدير هنا: (طال إقامةُ الخلافة فيه)
(اطمأنَّ) إلى كذا: سكن إليه ووثق به
(قامت الخلفاء): أي قاموا بأمر الخلافة وتكفلوا بها
المعنى
قامت الخلافة في هذا الركن العظيم الذي شاده عمرو للعرب والمسلمين وهو مصر زمانا طويلا اطمأنت فيه أن تزول وقامت الخلفاء بشأن الخلافة كما يجب فاستتب لهم الأمر واستقام
رد: التعليقات شرح الشوقيات
227- وَانْتَهَى الدِّينُ بِالرَّجَاءِ إِلَيْهِ *** وَبَنُو الدِّينِ إِذْ هُمُو ضُعَفَاءُ
اللغة
(انتهى الدينُ): بلغ نهايتَهُ وغايتَه
(الرجاء): ضد اليأس، وهو لغة: الأمل، قال الراغب: "هو ظن يقتضي حصول ما فيه مسرة"،
والرجاء يكون في ممكن الحصول بخلاف التمني الذي يكون في الممكن والمستحيل
المعنى
بلغ الدين غايته بالأمل في مصر أن تكون حصنا منيعا له وأبناء الدين المسلمين إذ كانوا ضعفاء فبلغوا أشدهم بالأمل في مصر - الركن العظيم الذي شاده عمرو بن العاص لهم - أن تكون حصنا منيعا يَتَقَوَّوْنَ به ويَتَّقُون به الأعداء
رد: التعليقات شرح الشوقيات
228- مَنْ يَصُنْهُ يَصُنْ بَقِيَّةَ عِزٍّ *** غَيَّضَ التُّرْكُ صَفْوَهُ وَالثَّوَاءُ
اللغة
(الثواء): الإقامة مع الاستمرار
(غَيَّض): غاض الماءُ قلَّ ونضبَ، وغيَّضَ الدمعَ تغييضا نقَصَهُ وحبسه
المعنى
من يحافظ على هذا الركن العظيم (مصر) فإنه يصون بقية عز قد نقَصَ التركُ عِزَّهُ إذ لم يحافظوا عليه
رد: التعليقات شرح الشوقيات
229- فَابْكِ عَمْرًا إِنْ كُنْتَ مُنْصِفَ عَمْرٍو *** إِنَّ عَمْــــرًا لَنَيِّـــرٌ وَضَّاءُ
اللغة
ظاهرة
المعنى
فابْك أيها القارئ والسامعُ عمرا إن كنت منصفا فهو الفاتح العظيم الذي فتح مصر وجعلها ركنا عظيما للدين وللمسلمين
رد: التعليقات شرح الشوقيات
230- جَادَ لِلْمُسْلِمِينَ بِالنِّيلِ وَالنِّيلُ *م* لِمَنْ يَقْتَنِيهِ أَفْرِيقَاءُ
اللغة
(جاد): يجود: تَكَرَّمَ وبابه قال،
(أفريقاء): المراد قارة أفريقيا
المعنى
ابك عمرا لأنه أعطى النيل للمسلمين حيث فتح مصر وفيها النيل فصار النيل لهم ومن مَلَكَ النيلَ ملكَ أفريقيا
231- فَهْيَ تَعْلُو شَأْنًا إِذَا حُرِّرَ النِّيلُ *م* وَفِي رِقَّةٍ لَهَا إِزْرَاءُ
اللغة
(أزرى عليه عملَهُ): عابه
المعنى
فأفريقيا تعلو شأنا إذا كان النيلُ حرا ليس لمستعمر عليه سلطان أما إذا تغلب عليه المستعمرون فإن فيه إزراء بأفريقيا
رد: التعليقات شرح الشوقيات
232- وَاذْكُرِ الْغُرَّ آلَ أَيُّوبَ وَامْدَحْ *** فَمِنَ الْمَدْحِ لِلرِّجَالِ جَزَاءُ
اللغة
(الغُرّ): على وزن (فُعْل)[1] جمع أَغَرّ وهو الشريف،
ويقال: (فلانٌ غُرّةُ قومه): أي سيدهم،
المعنى
يشير إلى الدولة الأيوبية التي أسسها صلاح الدين الأيوبي وحكمت مصر من سنة 1171م إلى سنة 1250م
يقول: واذكر السادة الأيوبيين وامدحهم فمن المدح جزاء للرجال على أفعالهم الحسنة
234- هُمْ حُمَاةُ الْإِسْلَامِ وَالنَّفَرُ الْبِيضُ *م* الْمُلُوكُ الْأَعِزَّةُ الصُّلَحَاءُ
اللغة
(الأبيض): السيف أو النجم والجمع بِيض
المعنى
فالأيوبيون هم حماة الإسلام، والسادة الأشراف، والملوك الأعزة الصالحون
__________________________
[1] (فُعْل) يكون قياسا مطردا في جمع (أَفْعَل) صفة نحو: أحمر وأصلع وأَصَمّ ومنه أَغَرّ
رد: التعليقات شرح الشوقيات
235- كُلُّ يَوْمٍ بِالصَّالِحِيَّ ةِ حِصْنٌ *** وَبِبُلْبَيْسَ قَلْعَةٌ شَمَّاءُ
اللغة
(الصالحية): بلدة بمصرتنسب إِلَى الْملك الصَّالح صَلَاح الدّين يُوسُف بن أَيُّوب وَالِد الْمُلُوك سُلْطَان مصر وَالشَّام،
(الْحِصْنُ): الْمَكَانُ الَّذِي لَا يُقْدَرُ عَلَيْهِ لِارْتِفَاعِهِ وَجَمْعُهُ حُصُونٌ وَحَصُنَ بِالضَّمِّ،
(بُلْبَيْس): ضَبَطه الصَّاغانِيّ كغُرْنَيْقٍ، وَنَسَبه بعضُهم للعامّة، وَقد يُفتَحُ أوَّلُه، وَهَذَا قد صحَّحه بعضُهم: بلدة، بمِصر بالشَّرقِيَّةِ،
(الْقَلْعَةُ): مِثْلُ قَصَبَةٍ حِصْنٌ مُمْتَنِعٌ فِي جَبَلٍ وَالْجَمْعُ قَلَعٌ بِحَذْفِ الْهَاءِ وَقِلَاعٌ أَيْضًا مِثْلُ قَصَبَةٍ وَقَصَبٍ وَرَقَبَةٍ وَرِقَابٍ، وَالْقُلُوعُ جَمْعُ الْقَلَعِ مِثْلُ أَسَدٍ وَأُسُودٍ فَهُوَ جَمْعُ الْجَمْعِ، قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ وَابْنُ دُرَيْدٍ الْقَلَعَةُ بِالتَّحْرِيكِ وَلَا يَجُوزُ الْإِسْكَانُ، وَنَقَلَ الْمُطَرِّزِيُّ وَالصَّغَانِيُّ أَنَّ السُّكُونَ لُغَةٌ،
(شماء): مؤنث أَشَمّ يقال: جبل أَشَمّ: أي طويل الرأس ظاهر الشممِ
المعنى
ومن محاسنهم أنهم كانوا يكثرون من الحصون والقلاع العالية المنيعة لا يفترون عن ذلك حتى كأنهم كانوا يصنعون كل يوم حصنا في مكان وقلعة في مكان
رد: التعليقات شرح الشوقيات
236- وَبِمِصْرٍ لِلْعِلْمِ دَارٌ، وَلِلضِّيفَانِ *م* نَارٌ عَظِيمَةٌ حَمْرَاءُ
اللغة
(ضيفان): جمع (ضَيْف) على وزن (فَعْل) وهو أجوف يائي وقياس جمعه (فُعُول) مثل: سَيْل وسُيُول[1]، وضَيْف وضُيُوف.
وبهذا يُعلم أن (ضِيفان) جمع سماعي لـ (ضيف)، وقد يجوز أن يكون (ضِيفان) في الأصل على وزن (فُعْلان) مضموم الفاء فكُسِرَتْ الفاءُ لتسلم الياءُ
المعنى
وكانوا أيضا يُنْشِؤون دورَ العِلْمِ، كما كانوا كرماء جدا وكثيرو الخَدَم إذ كانوا يوقدون النيران العظيمة للضيفان ليصنعوا لهم اللحم الشهي والطعام الفاخر
237- وَلِأَعْدَاءِ آلِ أَيُّوبَ قَتْلٌ *** ولِأَسْرَاهُمْ قِرًى وَثَواءُ
اللغة
(القِرَى): الضيافة
(الثواء): الإقامة
المعنى
كما كانوا شجعانا إذا قابلوا أعداءهم في الحروب قتلوهم، ولكنهم كانوا ذوي أخلاق عالية فمَنْ أَسَرُوه من أعدائهم أحسنوا معاملته كأنه ضيف مقيم عندهم.
_____________________
[1] شرح الشافية للرضي 2/ 91 ت. محمد محي عبد الحميد وآخران ط. دار الكتب العلمية، وشذا العرف 160- 161 علق عليه د. محمد بن عبد المعطي، ط. دار الكيان
رد: التعليقات شرح الشوقيات
238- يَعْرِفُ الدِّينُ مَنْ صَلَاحٌ؟ وَيَدْرِي ... مَنْ هُوَ؟ الْمَسْجِدَانِ وَالْإِسْرَاءُ
اللغة
(صلاح): صلاح الدين الأيوبي،
(المسجدان): المسجد الحرام والمسجد الأقصى
المعنى
يعرف الدينُ صلاحَ الدين الأيوبي فهو الذي صنع له أمرا عظيما رفع به شأنه وأعلى كلمته وأظهره الله على الدين كله وذلك بفتح بيت المقدس وانتزاعه من أيدي الصليبيين وإعادته إلى المسلمين إذ هو مَسْرَى رسولهم .
وقوله: (المسجدان) فاعل للفعل يدري أي يدري المسجدان والإسراء من هو؟
239- إِنَّهُ حِصْنُهُ الَّذِي كَانَ حِصْنًا ... وَحِمَاهُ الَّذِي بِهِ الِاحْتِمَاءُ
اللغة
ظاهرة
المعنى
فصلاح الدين هو حصن الدين الذي يستحق أن يسمى حصنا لامتناع الدين به من تسلط الأعداء عليه،
وهو حِمَى الدين الذي يُحْتَمَى به من الأعداء