-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
إنه بذلك بين أمرين
وكلاهما شر ،
وأحلاهما المر ،
إما أنه يعتقد صدق ما يقول
فيكون بذلك قادحاً
في كمال الرسالة
مدعياً على سبيل الاستلزام
تقصير رسول الله
صلى الله عليه وسلم في أدائها ;
حيث لم يبين لأمته
ما في هذه البدع والمحدثات
من الفضل والأجر والخير الكثير
على حدِّ زعمه .
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
وإما أن يكون المالكي كاذباً
فيما يقول بينه وبين نفسه ،
ولكنها الرغبة في الوجاهة
والظهور،
ودعوى الولاية
والدراية ،
وللتضليل على العامة ،
والتلبيس عليهم
بترهات يخرج عليهم بها
في لباس الولي
المطلِّع على أسرار الكون
وخصائصه ،
ليقدموا له ثمن ذلك
لحس الأيدي
وانحناءات التعظيم
والتبجيل ،
وطلب البركة في أثوابه وآثاره،
كما هو الحال
فيما نراه ونسمعه منه وعنه،
فيا ويله
من هذا الغرض السيئ ،
وهذا الاتجاه الأثيم ،
والله حسيبه وكافيه ،
ولا حول ولا قوة إلا بالله
العلي العظيم .
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
والآن وبعد أن قدمنا هذه المقدمة
التي أوضحنا فيها ما نعتقده
في رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
والحوافز التي جعلتنا نستنكر
من المالكي مسالكه الشائنة ;
في ترويج البدع
وفتح أبواب الجاهلية على هذه الأمة ،
وأن ذلك كله منا نابع من
صدق محبتنا لرسول الله ،
وصدق اتباعنا رسول الله ،
وسلامة اقتدائنا بسنة رسول الله ،
ومقتضى إيماننا
بوحدانية الله تعالى
في ألوهيته وربوبيته
وكمال ذاته وصفاته ،
وأنه الأول والآخر ،
والظاهر والباطن ،
والمانع والمعطي ،
والنافع والضار ،
من يهده الله فلا مضل له ،
ومن يضلل فلا هادي له ،
لا يأتي بالخير إلا هو ،
ولا يدفع الشر إلا هو ،
أكمل الدين
ببلاغ رسوله محمد
صلى الله عليه وسلم ،
وأتمَّ علينا نعمته
ورضيَ لنا الإسلام ديناً .
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
وبعد تقديمنا ما قدمناه ،
يطيب لنا الآن
أن ندخل مع المالكي
في مناقشة دلائله على جواز الاحتفال بالمولد ،
وردِّ هذه الدلائل ،
وبيان زيفها
وزيغها
وبُعدِها عن مواطن الاستدلال ،
والله المستعان .
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
رد أدلة المالكي
على جواز الاحتفال بالمولد النبوي
~~~~~
الدليل الأول
مناقشته ثم رده :-
ذكر المالكي الدليل الأول من هذه الأدلة
بقوله :
الأول :
إن الاحتفال بالمولد الشريف تعبير عن الفرح والسرور
بالمصطفى صلى الله عليه وسلم ،
وقد انتفع به الكافر،
وقد جاء في البخاري أنه يخفف عن أبي لهب كل يوم اثنين
بسبب عتقه لثويبة جاريته لما بشرته بولادة المصطفى صلى الله عليه وسلم ،
ويقول في ذلك الحافظ شمس الدين محمد بن ناصر الدمشقي :
إذا كـان هـذا كافــراً جــاء ذمــه ××× بتـبت يداه في الجحيـم مخلدا
أتى أنه في يـــوم الاثـنـين دائمـا ××× يخفـف عـنه للسـرور بأحمدا
فما الظن بالعبد الذي كان عمره ××× بأحمد مسروراً ومات موحدا
لنا مع صاحب هذا الدليل
الوقفات التالية :
الوقفـة الأولى :
إن السرور والفرح والتمتع بذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم
في مولده وفي بعثته وفي هجرته
وفي جهاده وفي إبلاغه رسالة ربه ،
وفي رأفته ورحمته بأمته وحرصه عليهم ،
وألمه صلى الله عليه وسلم من عنت من يعنت منهم
إلى غير ذلك من أحواله ،
إن السرور بذلك
يجب أن يكون في كل حال وزمان ومكان ،
وألا يختص ذلك بليلة حولية من كل سنة ،
يكون في الاجتماع عليها
من المنكرات
والمعتقدات الباطلة ،
والإسراف في موائد المآكل والمشارب ،
والاستماع إلى مدائح ترتقي بالممدوح فيها
إلى مقام الألوهية و الربوبية .
إننا حينما نفترض جدلاً سلامة هذه الليلة من المنكرات ،
فإن ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم
في ليلة حولية من كل عام
يعتبر ضرباً من الهجران والصدود والغفلة،
وذلك حينما لا نذكر ولا نعرف
شمائل رسول الله
صلى الله عليه وسلم ،
وما في حياته من جوانب إشراق
إلا بعد مضي ثلاثمائة وأربعة وخمسين يوما.
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
الوقفـة الثانيـة :
عند حديث تخفيف العذاب عن أبي لهب :-
لقد تناول العلماء هذا الحديث بالشرح والتعليق ،
واستنباط ما يمكن أن يدل عليه
من أحكام وفوائد،
فلم يستدل
به واحد منهم على مشروعية
الاحتفال بمولد رسول الله
صلى الله عليه وسلم [1].
لا شك أن ولادته صلى الله عليه وسلم
كانت أول فتح من الخير على هذه الأمة ،
وحصل في ليلة ولادته صلى الله عليه وسلم
أمور كانت إنذاراً لعناصر الشر ودول الباطل ،
إلا أن ذلك كله لا يعني اعتبار هذه الليلة
عيداً حولياً من الأعياد الإسلامية
=============
[1] - جاء في كتاب الشيخ أبي بكر الجزائري
" الإنصاف فيما قيل في المولد من الغـلو والإجحاف "
الرد على الاحتجاج بعتق ثويبة مولاة أبي لهب ،
ودعوى التخفيف على أبي لهب بذلك
لاستبشاره بمولد رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال :
الشبهة الأولى :
في الأثر التاريخ وهو ما روي من أن أبا لهب الخاسر
رؤي في المنام فسُئل فقال :
إنه يعذب في النار إلا أنه يخفف عنه كل ليلة اثنين ،
ويمص من بين أصبعـيه ماء بقدر هذا ،
وأشار إلى رأس أصبعه ،
وأن ذلك كان له بسبب إعتاقه جاريته ثويبة
لما بشرته بولادة محمد صلى الله عليه وسلم
لأخيه عبدالله بن عبدالمطلب وبإرضاعها له صلى الله عليه وسلم.
وردّ هذه الشبهة وإبطالها من أوجه :-
1 - أن أهل الإسلام مجمعـون
أن الشرع لا يثبت برؤى الناس المنامية،
مهما كان ذو الرؤيا في إيمانه وعلمه وتقواه ،
إلا أن يكون نبي الله ،
فإن رؤيا الأنبياء وحي ، والوحي حق .
2 - أن صاحب هذه الرؤيا هو العباس بن عبدالمطلب ،
والذي رواها عنه رواها بالواسطة ،
فالحديث إذاً مرسل ، والمرسل لا يُحتج به ،
ولا تثبت به عقيدة ولا عبادة ،
مع احتمال أن الرؤيا رآها العباس قبل إسلامه ،
ورؤيا الكافر حال كفره لا يُحتج بها إجامعاً " اهـ .
[ انظر ص 30-31] .
3 - أكثر أهل العلم من السلف والخلف
على أن الكافر لا يُـثاب على عمل صالح عمله
إذا مات على كفره
وهو الحق
لقول الله تعالى
{ وقدمنا إلى ما علموا من عمل فجعـلناه هباءاً منثوراً }،
وقوله عز وجل
{ أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه
فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً } ،
وقول الرسول صلى الله عليه وسلم
وقد سألته عائشة رضي الله عنها عن عبد الله بن جدعان
الذي كان يذبح كل موسم حج ألف بعير ، ويكسو ألف حلة ،
ودعا إلى حلف الفضول في بيته ،
هل ينفعه ذلك يا رسول الله ؟
فقال : لا ، لأنه لم يقل يوماً من الدهر :
رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين .
وبهذا يتأكد عدم صحة هذه الرؤيا ،
ولم تصبح شاهداً ولا شبهة أبداً .
4 - إن الفرح الذي فرحه أبو لهب بمولود لأخيه
فرح طبيعي لا تعـبدي ،
إذ كل إنسان يفرح بالمولود يولد له أو لأحد إخوته أو أقاربه ،
والفرح إن لم يكن لله لا يُثاب عليه فاعله ،
وهذا يضعـف هذه الرواية ويبطلها ،
مع أن فرح المؤمن بنبيّـه قائم بنفسه لا يفارقه أبداً ،
لأنه لازم حبه ،
فكيف نُحدث له ذكرى سنوية نستجلبه بها .
اللهم إن هذا معنى باطل ،
وشبهة ساقطة لا قيمة لها ولا وزن ،
فكيف يثبت بها إذاً شرع لم يشرعه الله
لا عن عجز ولا عن نسيان ،
ولكن رحمة بعباده المؤمنين ،
فله الحمد وله المنة " اهـ .
[ انظر ص 40- 41 ] .
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
فلقد عاش صلى الله عليه وسلم بعد ولادته
ثلاثاً وستين سنة ،
لم يُنقل عنه
ولا عن أحد من أصحابه ،
ولا عن التابعين
ومن تبعهم من القرون الثلاثة المفضلة
أنهم اعتبروا هذه الليلة من الأعياد
تقام فيها الاحتفالات ابتهاجاً بهذه المناسبة ،
ولو نُقل
لنا شيئاً من ذلك
لكنا والله أسرع الناس
إلى الاقتداء والامتثال والتأسي .
ولقد كان
أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم
حريصين على الاقتصار
على ما شرعه الله تعالى
في كتابه،
أو على لسان رسوله
صلى الله عليه وسلم
وابن مسعود رضي الله عنه
وهو أحد أكابر الصحابة وعلمائهم وفقهائهم
يؤكد على الناس قوله :
" اتبعوا ولا تبتدعوا
فقـد كُـفيتم " .
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
الوقفـة الثالثـة :
عند أبيات الحافظ الدمشقي :
فنحن ندعو للحافظ الدمشقي بالرحمة والمغفرة ،
نؤكد معه قوله الصادق :
فما الظن بالعبد الذي كان عمره
بأحمد مسروراً ومات موحدا
فهو رحمه الله
يرجو ربه بسروره برسول الله
صلى عليه وسلم طول عمره ،
لا أنه يرتجي ثواب سروره برسول الله
في ليلة بعد ثلاثمائة وأربع وخمسين ليلة .
ثم إنه رحمه الله يربط رجاءه الثواب
بموته موحداً الله تعالى بما هو أهله ،
وبما يستحقه تعالى من
العبادة والتعظيم ،
وصدق التعلُّق ،
لا بنسبة النفع والضر
والمنع والعطاء
لغير الله مع الله ،
ولا بالقول بالاشتراك مع الخالق تعالى وتقدس
في مقاليد السموات والأرض ،
ولا بالقول بأن آدم وذريته خلقوا لأجل محمد
خلافاً للآية الكريمة :
{ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ
إِلا لِيَعْبُدُونِ }[1] ،
كما تصرخ بذلك المدائح النبوية
التي تقال في الموالد ،
فيترنح للإيمان بها حاضرها ،
وقد أورد المالكي في كتابة الذخائر المحمدية
بعضاً منها على سبيل الاستحسان والتأييد ،
والدعوة إلى القول بها ،
واعتقاد ما تدل عليه
من غلو
وتنطع
وابتداع .
=============
[1] - سورة الذاريات ، الآية : 65 .
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
الدليـل الثاني
مناقشته ثم رده :-
وذكر المالكي الدليل الثاني بقوله :
الثاني :
أنه صلى الله عليه وسلم كان يعظِّم يوم مولده ،
ويشكر الله تعالى فيه نعمته الكبرى عليه ،
وتفضله عليه بالوجود لهذا الوجود، إذ سعد به كل موجود .
وكان يعبر عن ذلك التعظيم بالصيام ،
كما جاء في الحديث عن أبي قتادة :
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُـئل عن صوم يوم الاثنين فقال :
" فيه ولدت و فيه أنزل عليّ " .
رواه الإمام مسلم في الصحيح في كتاب الصيام .
وهذا في معنى الاحتفال به ،
إلا أن الصورة مختلفة ، ولكن المعنى موجود ،
سواء كان ذلك لصيام أو إطعام طعام ،
أو اجتماع على ذكر أو صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ،
أو سماع شمائله " . اهـ .
هذا الدليل ،
لنا مع صاحبه عدة وقفات :
الوقفـة الأولى :
عند قوله :
بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان يعظِّم يوم مولده بالصيام .
إن صيامه صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين ،
وبيانه أن سبب ذلك ولادته فيه ،
وبدء الإنزال عليه ;
ليس تعظيماً لذلك اليوم ،
وإنما هو شكر لله تعالى
على أن منّ عليه بنعمة النبوة والرسالة ،
أشبه شكر الله تعالى
بصيام العاشر من شهر محرم ،
حيث نجى الله فيه موسى وأهلك فرعون ،
ومع ذلك فلم يدع أصحابه
إلى إقامة احتفال بليلة مولده ،
ولم يشرع لهم صيام يوم الإثنين ،
لأنه صلى الله عليه وسلم ولد فيه،
وإنما شرع لهم صيامه على سبيل الاستحباب ،
لأنه يوم تعرض فيه أعمال العباد على الرب ،
فيستحسن أن يعرض عمل العبد
وهو صائم .
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
كما أنه صلى الله عليه وسلم
لم يسمح لأحدٍ من أمته
أن يرفعه بالمديح
فوق منزلته التي أنزله الله إياها ،
ولم يحتفل بليلة مولده
صلى الله عليه وسلم
أحد من أصحابه ،
الذين هم أحرص الناس
على اتباع ما يحبه ويرضاه ،
وأصدق الناس حباً له
صلى الله عليه وسلم .
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
ومع ذلك
فلو اقتصر المالكي وأتباعه
على صيام يوم الاثنين من كل أسبوع
ابتهاجاً بمولد رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
وتأسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم ،
لوجد منا تأييداً
وإنكاراً على من ينكر عليه ذلك .
أما أن يعمل من الحبة قبة ،
ومن السنة بدعة ،
ويحتج على الابتداع
والإحداث في الدين
بما لا يصلح له دليلاً ;
فهذا ما لا يصلح له ولا يستقيم [1] .
=============
[1] - جاء في كتاب الشيخ أبو بكر الجزائري
" الإنصاف فيما قيل في المولد من الغلو والإجحاف "
رد على الاحتجاج بصيام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الإثنين
على مشروعية إقامة المولد ،
حيث قال :
" ورد هذه الشبه وإبطالها وإن كانت أضعـف من سابقاتها من أوجه :-
الأول :
أنه إذا كان المراد من إقامة المولد
هو شكر الله تعالى على نعمة ولادة الرسول
صلى الله عليه وسلم فيه ،
فإن المعـقول والمنقول يحتم أن يكون الشكر
من نوع ما شكر الرسول ربه به وهو الصوم ،
وعليه فلنصم كما صام ،
وإذا سُئلنا قلنا إنه يوم ولد فيه نبينا فنحن نصومه شكراً الله تعالى ،
غير أن أرباب الموالد لا يصومونه
لأن الصيام فيه مقاومة للنفس بحرمانها من لذة الطعام والشراب ،
وهم يريدون ذلك ،
فتعارض الغرضان ،
فآثروا ما يحبون على ما يحب الله ،
وهي زلة عند ذوي البصائر والنهي .
والثاني :
أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يصم يوم ولادته
وهو اليوم الثاني عشر من ربيع الأول
إن صح أنه كذلك
وإنما صام يوم الإثنين
الذي يتكرر مجيئه في كل شهر أربع مرات أو أكثر ،
وبناء= =على هذه
فتخصيص يوم الثاني عشر من ربيع الأول
بعمل ما دون يوم الإثنين من كل أسبوع
يعتبر استدراكاً على الشارع ،
وتصحيحاً لعمله ،
وما أقبح هذا إن كان
والعياذ بالله تعالى .
والثالث :
هل النبي صلى الله عليه وسلم لما صام يوم الإثنين شكراً على نعمة الإيجاد والإمداد
وهو تكريمه ببعثته إلى الناس كافة بشيراً ونذيراً ;
أضاف إلى الصيام احتفالاً كاحتفال أرباب الموالد
من تجمعات ومدائح وأنغام وطعام وشراب ؟
والجواب : لا ،
وإنما اكتفى بالصيام فقط ،
إذاً ألا يكفي الأمة ما كفي نبيها ،
ويسعها ما وسعه ؟؟؟
وهل يقدر عاقل أن يقول : لا .
وإذاً ، فلمَ الافتيات على الشارع ،
والتقدم بالزيادة عليه ،
والله يقول :
{ وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا } ،
ويقول :
{ يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله
واتقوا الله إن الله سميع عليم } ،
ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
" إياكم ومحدثات الأمور
فإن كل محدثة بدعة ،
وكل بدعة ضلالة " ،
ويقول :
" إن لله حدّ حدوداً فلا تعتدوها ،
وفرض لكم فرائض فلا تضيعوها ،
وحرم أشياء فلا تنتهكوها ،
وترك أشياء في غير نسيان
ولكن رحمة لكم
فاقبلوها ولا تبحثوا عنها "
أخرجه بن جرير ، ورواه الحاكم ،
وصححه عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه .ا هـ .
[ انظر ص 44- 45 ] .
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
الوقفـة الثانـية :
عند قوله :
إذ سعد به كل موجود .
كم نتمنى أن يسعد به صلى الله عليه وسلم كل موجود ،
فيسلم المجتمع الإنساني
من دعاة جهنم ،
من مشرك وكافر وملحد ،
وكائد للإسلام والمسلمين ،
ولكنها السجعة
أعجبت شيخ البدعة ،
فأوردها
وهو لم يدرِ معناها
مع أنه يزعم
أنه عالم كبير ودكتور نحرير.
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
الوقـفة الثالـثة :
عند قوله :
وهذا في معنى الاحتفال به ،
إلا أن الصورة مختلفة ،
ولكن المعنى موجود .
يقصد المالكي أن الرسول صلى الله عليه وسلم
كان بصيامه يوم ولادته
يوحي إلى أمته
وفي طليعة الأمة أصحابه وتابعوهم
بإقامة احتفال بمولده صلى الله عليه وسلم ،
إلا أنهم من الغباء والجهل
والبعد عن إدراك مقاصده
صلى الله عليه وسلم
بمكان حجب عنهم ذلك ،
حتى جاء الرافضة
والقرامطة والفاطميون
ومن نحا نحوهم
من أهل البدع والمحدثات
كالمالكي وأضرابه ،
فأدركوا بثاقب بصرهم ونفاذ بصيرتهم
وقوة إيمانهم وشدة محبتهم
رسول الله صلى الله عليه وسلم ;
أدركوا مقصده صلى الله عليه وسلم
بصيامه يوم الإثنين ،
فدعوا إلى
إقامة الاحتفالات بالموالد .
لقد هزلت حتى بدا من هزالها
كُلاها وحتى سامها كلُّ مفلسِ
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
حقاً إنها لا تعمى الأبصار
ولكن تعمى القلوب التي في الصدور .
هل يجوز لنا
يا محمد مالكي أن نقول :
أن مشروعية الصلاة في الأوقات الخمس
تعني مشروعية الصلاة في الجملة ؟ ،
وأنه يجوز لنا
أن نُحدِث وقتاً أو وقتين
زيادة على الصلوات الخمس المكتوبة ؟
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
هل يجوز لنا أن نقول :
أن مشروعية صيام رمضان ،
تعني مشروعية الصيام في الجملة ؟
وأنه يجوز لنا
أن نُحدِث صيام شهر آخر غير رمضان
على سبيل الوجوب ؟
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
هل يجوز لنا أن نقول :
أن مشروعية الحج في زمان مخصوص ،
تعني مشروعيته في الجملة ،
وأنه يجوز لنا
أن نقول بتوسعة وقت الحج طوال العام كالعمرة
تخفيفاً على الأمة وتوسعة عليها ؟
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
إننا حين نقول بذلك ،
لا نقول بأن الصورة مختلفة ،
بل إن الصلاة هي الصلاة ،
والصوم هو الصوم ،
والحج هو الحج ،
إلا أن الجديد في ذلك
الزيادة على المشروع فقط .
يلزم المالكي أن يقول :
بجواز ذلك
كما قال :
بأن صيام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مولده ،
يدل على جواز إقامة الاحتفال بذكرى ذلك
من كل عام .
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
وبالتالي نقول
لأصحاب رسول الله
أبي بكر
وعمر
وعثمان
وعلي
والستة الباقين من العشرة ،
والحسن
والحسين
وأمهما فاطمة ،
وأمهات المؤمنين
أزواجه صلى الله عليه وسلم
وغيرهم ،
إنكم لم تقدروا رسول الله
صلى الله عليه وسلم حق قدره
كما قدَّره المالكي وأضرابه ،
فلم تقيموا احتفالات حولية بذكرى ولادته
صلى الله عليه وسلم ،
كما يوحي بذلك
على حد زعم المالكي
وفهمه السقيم
وعقله السخيف
صومه صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين .
حقاً إن الهوى يُعمي ويُصم .
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
إننا نؤكد ونكرر أن ذكراه
صلى الله عليه وسلم ،
والاستبشار بمولده ومبعثه وهجرته وجهاده ،
وجميع ما يتعلق بحياته
صلى الله عليه وسلم ،
يجب أن تصاحب حياتنا في كل وقت ،
فنجتمع على مذاكرة سنته ،
وعلى تلاوة سيرته ،
وما يتعلق بشمائله
صلى الله عليه وسلم ،
ليس مرة في السنة ،
ولكن كل ما سنحت لنا فرصة ذلك .
أما أن نتخذ ذلك على شكل عيد حولي ،
وبعقيدة مشروعية ذلك ،
فهذا ما لا نقول به ،
ونُجَّهِل المالكي وأضرابه حينما ينادون بذلك
ويحبذونه قولاً وعملا .
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
الدليـل الثالـث
مناقشته ثم رده :-
وذكر المالكي الدليل الثالث بقوله :
الثالث :
أن الفرح به صلى الله عليه وسلم مطلوب بأمر القرآن،
من قوله تعالى :
{ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا }[1]،
فالله تعالى أمرنا أن نفرح بالرحمة،
والنبي صلى الله عليه وسلم أعظم رحمة ،
قال الله تعالى :{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ }[2] . اهـ .
لاشك أن الفرح به صلى الله عليه وسلم مطلوب من أمته ،
ولا شك أنه صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين ،
ولكن الاستدلال بذلك على الصفة المبتدعة
بقوله تعالى :
{ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا }[3]
استدلال من يتعسف النصوص
ويخضعها لهواه وما يحب .
فلقد فسَّر هذه الآية الكريمة كبار المفسرين ،
كابن جرير وابن كثير والبغوي
والقرطبي وابن العربي وغيرهم ،
ولم يكن في تفسير واحد منهم
أن المقصود بالرحمة في هذه الآية
رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
وإنما المقصود بالفضل والرحمة المفروح بهما
ما عنته الآية السابقة لهذه الآية ،
وهو قوله تعالى :
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ
وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ
وَهُدًى وَرَحْمَةٌ للمؤمنين }[4]
ذلك هو القرآن الكريم ،
===========
[1] - سورة يونس ، الآية : 58 .
[2] - سورة الأنبياء ، الآية : 107 .
[3] - سورة يونس ، الآية : 58 .
[4] - سورة يونس ، الآية : 57 – 58 .
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
ونزولاً منا على رد مغالطة المالكي
وتعسفه في إخضاع النصوص لما يريد منها ،
نورد بعضاً من
تفسير أهل العلم ،
ليرى القارئ الكريم
كيف سمح المالكي لنفسه
بالجنوح
والشطط في النظر ،
وشابه بذلك
بعض الرافضة
حينما قالوا إن المقصود بقوله تعالى :
{ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ المُطمئِنة
ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً }[1]
إن المقصود بذلك
الحسن بن علي .
===========
[1] - سورة الفجر ، الآية :27 – 30 .
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
قال ابن كثير في تفسيره ما نصه :
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ
وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ
وَهُدًى وَرَحْمَةٌ للمؤمنين
قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ
فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ } [1] .
يقول تعالى ممتناً على خلقه
بما أنزله من القرآن العظيم على رسوله الكريم :
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ }
أي زاجر عن الفواحش ،
{ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ }
أي من الشبه والشكوك ،
وهو إزالة ما فيها من رجس ودنس ،
{ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ }
أي يحصل به الهداية والرحمة من الله تعالى ،
وإنما ذلك للمؤمنين به ،
والمصدقين الموقنين بما فيه ،
كقوله تعالى :
{ وننزل من القرآن ما هو شفاء
ورحمة للمؤمنين
ولا يزيد الظالمين إلا خسارا }[2] .
وقوله :
{ قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء }[3] ،
وقوله تعالى :
{ قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا }[4] .
أي بهذا الذي جاءهم من الله من الهدى ودين الحق ،
فليفرحوا
فإنه أولى ما يفرحون به " اهـ [5] .
===========
[1] - سورة يونس ، الآية : 57- 58 .
[2] - سورة الإسراء ، الآية : 82 .
[3] - سورة فصلت ، الآية : 44 .
[4] - سورة يونس ، الآية 58 .
[5] - ج 2 ، ص 421 .
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
قال ابن جرير ما نصه :
" القول في تأويل قوله تعالى :
{ قل بفضل الله ورحمته
فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون }[1].
قال أبو جعفر :
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم :
قل يا محمد لهؤلاء المكذبين بك ،
وبما أنزل إليك من عند ربك ،
بفضل الله أيها الناس الذي تفضل به عليكم
وهو الإسلام ،
فبينه لكم ودعاكم إليه ،
وبرحمته التي رحمكم بها فأنزلها إليكم،
فعلمكم ما لم تكونوا تعلمون من كتابه ،
فبصركم بها معالم دينكم ،
وذلك القرآن
فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون ،
...
فإن الإسلام الذي دعاهم إليه ،
والقرآن الذي أنزله عليهم
خير مما يجمعون من حطام الدنيا وكنوزها " اهـ .
===========
[1] - سورة يونس ، الآية : 58 .
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
وقال القرطبي في تفسيره ما نصه :
" قوله تعالى :
{ قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا }[1]،
قال أبو سعيد الخدري وابن عباس رضي الله عنهما :
فضل الله القرآن ،
ورحمته الإسلام .
وعنهما أيضاً فضل الله القرآن
ورحمته أن جعلكم من أهله .
وعن الحسن والضحاك ومجاهد وقتادة
فضل الله الإيمان
ورحمته القرآن على العكس من القول الأول " اهـ .
===========
[1] - سورة يونس ، الآية : 58 .
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
وإذا كنا نقرر أن الفرح به صلى الله عليه وسلم
مطلوب من الأمة ،
فإن الفرح ليس معناه
أن نُحدِث في دينه
وفي أمره ما ليس منه ،
مما يستلزم اتهامه صلى الله عليه وسلم
بالتقصير في بلاغ الرسالة
وأداء الأمانة والنصح للأمة ،
وندعو الناس إلى الابتداع في الدين ،
ونشرع لهم من الدين
ما لم يأذن به الله ،
ونقول لهم إنكم باحتفالكم
بذكرى ليلة مولده صلى الله عليه وسلم ;
تحيون ليلة هي أفضل من ليلة القدر ،
كما تصرخ بذلك كتب المالكي
ومن نقل عنه
من أئمة الضلال والابتداع .
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
ولكن الفرح
برسول الله صلى الله عليه وسلم
يعني التمسك بسنته ،
والعض عليها بالنواجذ ،
والبعد عن المحدثات والمبتدعات،
وألا نعبد الله تعالى
إلا بما شرعه
صلى الله عليه وسلم ،
انقياداً وتحقيقاً وامتثالاً
لأمره صلى الله عليه وسلم ، :
" عليكم بسنتي
وسنة الخلفاء الراشدين
من بعدي
تمسكوا بها ،
وعضوا عليها بالنواجذ ،
وإياكم ومحدثات الأمور،
فإن كل محدثة بدعة ،
وكل بدعة ضلالة " .
هذا هو الفرح برسول الله،
وهذا هو حب رسول الله،
وهذا هو تقدير رسول الله ،
وهذا هو تعزير رسول الله ،
وهذا هو توقير رسول الله،
وهذا هو معنى انتفاء الإيمان من العبد
حتى يكون
صلى الله عليه وسلم
أحبَّ إليه من نفسه
وماله
وولده
ووالده
والناس أجمعين .
وبما قدمنا يتضح لأهل العلم والعدل والانصاف
أن دليل المالكي هذا لا يستقيم له ،
وأنه ضرب من التعسف
وتحميل النصوص غير ما تحمله وتدل عليه .
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
الدليل الرابع
مناقشته ثم رده:-
وذكر المالكي الدليل الرابع بقوله :
الرابع :
أن النبي صلى الله عليه وسلم
كان يلاحظ ارتباط الزمان بالحوادث الدينية العظمى
التي مضت وانقضت ،
فإذا جاء الزمان الذي وقعت فيه كان فرصة لتذكرها وتعظيم يومها لأجلها ،
ولأنه ظرف لها .
وقد أصّـل صلى الله عليه وسلم هذه القاعدة بنفسه ،
كما صرح في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم لما وصل إلى المدينة ،
ورأى اليهود يصومون يوم عاشوراء ،
سأل عن ذلك فقيل :
" إنهم يصومون لأن الله نجى نبيهم وأغرق عدوهم ،
فهم يصومون شكراً لله على هذه النعمة " ،
فقال صلى الله عليه وسلم :
" نحن أولى بموسى منكم " ،
فصامه وأمر بصيامه " . اهـ .
أظن أن المالكي نفسه
لو أبعد عن خاطره سلطان الهوى ;
لعرف أن استدلاله هذا متهافت ،
ولتورَّدَ خجلاً
وهو يورد هذا دليلاً
على دعواه
مشروعية الاحتفال بالمولد .
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
إن الأمة الإسلامية جمعاء
تدرك مشروعية صيام يوم عاشوراء ،
ويوماً بعده أو يوماً قبله ،
على سبيل الاستحباب
امتثالاً لأمر رسول الله
صلى الله عليه وسلم ،
وشكراً لله تعالى على تأييد الحق وإزهاق الباطل .
ولكن ليس في علماء المسلمين
ممن يُعتد بعلمهم ،
ويُعترف لهم بالفضل وطول الباع في العلم
والتقى والصلاح وصدق الاقتداء ،
ليس فيهم
من يعتبر في هذا التوجيه النبوي الكريم
بصيام يوم عاشوراء
تأصيلاً لقاعدة إقامة الموالد ،
وإحداث مواسم دينية ،
لترتبط الأزمنة بالأحداث ،
كما يقول المالكي ،
فتتعدد الأعياد
وتكثر المناسبات ،
ويعيش المسلمون كل أيامهم ولياليهم
في احتفالات بالموالد
والإسراء والمعراج ،
والهجرة ،
وذكرى الغزوات ،
وغير ذلك مما يُحدِثه المالكي وأتباعه وأحزابه ،
وأئمته ومشائخه في الابتداع .
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم
من البلاغة
والفصاحة
والقدرة على جوامع الكلم ،
والحرص على تبليغ الرسالة ،
وتوجيه أمته إلى كل خير ،
إنه صلى الله عليه وسلم
بحال لا يعجز فيها
أن يعطي قاعدة
تدل على مراعاة الأمة
لارتباط الزمان بحوادثه الدينية العظمى ،
لتذكرها وتعظم أيامها ،
وأن يفرِّع صلى الله عليه وسلم
من هذه القاعدة جزئيات تطبيقية ،
فيها من الوضوح والبيان القولي والعملي ;
ما يعتبر حاسماً لمجال النظر والتأمل ،
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
ولكنه
صلى الله عليه وسلم
لم يشرع شيئاً من ذلك لأمته ،
إكمالاً لإبلاغ الرسالة ،
وأداء الأمانة ،
والنصح للأمة ،
وعليه فإن أمره صلى الله عليه وسلم
أمته بصيام يوم عاشوراء
شكراً لله على إنجائه نبيه موسى
لا يعني اتخاذه
عيداً من الأعياد ،
ولا يعني الاستدلال به
على إقامة الموالد ،
وإنما يعني القيام بشكر الله تعالى ،
وفقاً لما شرعه صلى الله عليه وسلم ،
ومن أحدثَ في أمرنا
ما ليس منه
فهو رَدٌّ .
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
الدليل الخامس
مناقشته ثم رده :-
وذكر المالكي الدليل الخامس بقوله :
الخامس :
أن الاحتفال بالمولد لم يكن في عهده صلى الله عليه وسلم ،
فهو بدعة ولكنها حسنة ،
لا ندراجها تحت الأدلة الشرعية ، والقواعد الكلية ،
فهي بدعة باعتبار هيئتها الاجتماعية،
لا باعتبار أفرادها،
لوجود أفرادها في العهد النبوي ،
كما سنعلم ذلك تطبيقاً إن شاء الله " . اهـ .
لنا مع المالكي في دليله هذا
عدة وقفات :
الوقـفة الأولى :
عند اعترافه
بأن الاحتفال بالمولد بدعة ،
لأنه لم يكن
في عهد رسول الله
صلى الله عليه وسلم .
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
لا شك أن الاحتفال بدعة ،
وأنه لم يكن على عهد رسول الله
صلى الله عليه وسلم ،
بالرغم من أن عهده صلى الله عليه وسلم
مليئ برجال هم
أحرص الناس على حب رسول الله ،
وأحرص الناس على الفرح برسول الله ،
وأحرص الناس على الاستبشار برسول الله ،
وأحرص الناس على إظهار السرور برسول الله ،
وأخلص الناس تضحية وفداء ووقوفاً مع رسول الله ،
وأدق الناس اقتداءاً وتأسياً برسول الله ،
وأولى الناس وأقربهم التصاقاً برسول الله
صلى الله عليه وسلم .
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
فهل يستطيع المالكي أن يقـول
إن القـرامـطة
والفاطميين
والرافضة
والصوفية
وغيرهم من أهل البدع والمحدثات
ومن هم سلف المالكي وقدوته ;
هل يستطيع أن يقول :
بأنهم أعظم من
أصحاب رسول الله
محبة ونصحاً وفرحاً واسبشاراً وسروراً
وتعلقاً برسول الله
صلى الله عليه وسلم ؟
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
أم هل يستطيع المالكي أن يقول :
أن القرامطة
والفاطميين
والرافضة
والصوفية
وغيرهم من أسلافهم
أعلم من أصحاب رسول الله
بحق رسول الله ؟
وأفقه من أصحاب رسول الله
بما يقصده رسول الله ؟
وأكثر فطنة وإدراكاً
ومعرفة لأسرار شرع رسول الله
من أصحاب رسول الله ؟ .
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
نعم لم يكن الاحتفال بالمولد
في عهد رسول الله ،
ولا في عهد أصحاب رسول الله ،
ولا في عهد تابعي أصحاب رسول الله ،
ولا في عهد الأئمة الأعلام
في الفقه والحديث ومقاصد التشريع ،
أمثال أبي حنيفة
ومالك
والشافعي
وأحمد
والأوزاعي
والثوري
والبخاري
ومسلم
والترمذي
والنسائي
وأبو داود
وابن ماجه
وغيرهم .
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
فهل نقبل أمراً أتى به
شر من وطأ الحصا ;
القرامطة والفاطميون وغيرهم ،
ممن يشهد التاريخ الإسلامي
بتدنيسهم محيا الإسلام ،
ونترك ما عليه
أصحاب القرون الثلاثة المفضلة ،
من صحابة وتابعين وعلماء أجلاء ،
لهم أقداحهم المعلاة في العلم والتقى ،
والصلاح والاستقامة ،
وسلامة المعتقد ودقة النظر
وصدق الاتباع والاقتداء
بمن أمرنا الله تعالى أن نجعله أسوة لنا ،
وقدوة لمسالكنا
وهو رسولنا وحبيبنا ونبينا
محمد صلى الله عليه وسلم؟
ربنا لا تزغ قلوبنا
بعد إذ هديتنا .
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
الوقـفة الثانية :
عند قوله
بأن الاحتفال بالمولد بدعة ،
إلا أنها بدعة حسنة .
كم نتمنى من المالكي أن
يتقي الله تعالى ،
وأن يقف مع حماة الإسلام ،
وألا يشترك مع غيره
في فتح ثغرات شر وابتداع على المسلمين .
فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قد أوتي جوامع الكلم ،
وله من الفصاحة والبلاغة
والقدرة على القول المبين
ما يستطيع أن يبين به أقسام البدعة ;
إن كان للبدعة أقسام ،
وأن يبين من هذه الأقسام
ما يجوز ومالا يجوز ،
===============
داعية الشرك [ محمد علوي مالكي الصوفي ]
http://www.youtube.com/watch?v=cOVKfg-ji-M
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
ولكنه صلى الله عليه وسلم عمَّم فقال :
" من أحدَثَ في أمرنا هذا
ما ليس منه
فهو رد " .
وفي رواية :
" من عمل عملاً
ليس عليه أمرنا
فهو رد " .
وقال :
" وإياكم ومحدثات الأمور ،
فإن كل محدثة بدعة ،
وكل بدعة ضلالة ،
وكل ضلالة في النار" .
فالتعبير بكل محدثة،
والتعبير بكل بدعة،
والتعبير بكل ضلالة،
ماذا يعني ؟
هل يعني ذلك العموم ،
أم يعني التقسيم ؟
===============
داعية الشرك [ محمد علوي مالكي الصوفي ]
http://www.youtube.com/watch?v=cOVKfg-ji-M
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
ولئن قال بالتقسيم بعض أهل العلم ،
فإن المحققين منهم ينحون
باللائمة على ذلك الاتجاه ،
الذي فتح للبدع والمحدثات
الأبواب على مصاريعها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وبهذا يتبين لك أن البدعة في الدين ،
وإن كانت في الأصل مذمومة
كما دل عليه الكتاب والسنة ،
سواء في ذلك البدع القولية أو الفعلية ،
وقد كتبت في غير هذا الموضوع
أن المحافظة على عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم :
كل بدعة ضلالة ،
متعين ،
وأنه يجب العمل بعمومه ،
وأن من أخذ يصنف البدع إلى حسن وقبيح ،
ويجعل ذلك ذريعة
إلى أن لا يحتج بالبدعة على المنهي
فقد أخطأ كما يفعل طائفة من المتفقهة والمتكلمة
والمتصوفة والمتعبدة ،
إذا نهوا عن العبادات المبتدَعة
والكلام في التدين المبتدَع ;
ادعوا أن لا بدعة مكروهة إلا ما نهى عنه،
فيعود الحديث إلى أن يُقال :
كل ما نهي عنه ،
أو كل ما حرم ،
أو كل ما خالف نص النبوة
فهو ضلالة .
وهذا أوضح من أن يحتاج إلى بيان ،
بل كل ما لم يشرع من الدين
فهو ضلالة ،
وما سمي بدعة
وثبت حسنه بأدلة الشرع فأحد الأمرين فيه لازم ،
إما أن يُقال ليس ببدعة في الدين
وإن كان يسمى بدعة من حيث اللغة ،
كما قال عمر :
نعمت البدعة هذه ،
وإما أن يقال هذا عام
خُصت منه هذه الصورة ،
لمعارض راجح
كما يبقى فيما عداها ،
على مقتضى العموم ،
كسائر عموميات الكتاب والسنة ،
وهذا قد قررته في اقتضاء الصراط المستقيم ،
وفي قاعدة السنة والبدعة وغيره "[1] اهـ .
==============
[1] - المجموع ص 370 – 371 ، ج 10 .
===============
داعية الشرك [ محمد علوي مالكي الصوفي ]
http://www.youtube.com/watch?v=cOVKfg-ji-M
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
وقال رحمه الله
في موضوع آخر
ما نصه :
" وليس لأحد أن يقول
إن مثل هذا من البدع الحسنة ،
مثل ما أحدث بعض الناس الأذان في العيد ،
والذي أحدثه مروان بن الحكم
فأنكر الصحابة والتابعون لهم بإحسان ذلك ،
هذا وإن كان الأذان ذكر الله
إلا أنه ليس من السنـّة ،
وكذلك لما أحدث الناس اجتماعاً راتباً غير الشرعي ،
مثل الاجتماع على صلاة معينة أول رجب ،
أو أول ليلة جمعة فيه ،
وليلة النصف من شعبان ،
فأنكر ذلك علماء المسلمين .
ولو أحدَثَ ناس صلاة سادسة
يجتمعون عليها غير الصلوات الخمس
لأنكرَ ذلك عليهم المسلمون ،
وأخذوا على أيديهم .
===============
داعية الشرك [ محمد علوي مالكي الصوفي ]
http://www.youtube.com/watch?v=cOVKfg-ji-M
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
وأما قيام رمضان ،
فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم سنـَّه لأمته ،
وصلى بهم جماعة عدة ليال ،
وكانوا على عهده يصلون جماعة وفرادى ،
لكن لم يداوموا على جماعة واحدة ،
لئلا تُفرض عليهم ،
فلما مات النبي صلى الله عليه وسلم استقرت الشريعة ،
فلما كان عمر رضي الله عنه جمعهم على إمام واحد ،
وهو أبيّ بن كعب ،
الذي جمع الناس عليها
بأمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه ،
وعمر بن الخطاب هو من الخلفاء الراشدين ،
حيث يقول صلى الله عليه وسلم :
" عليكم بسنتي
وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ،
عضوا عليها بالنواجذ "
يعني الأضراس ،
لأنها أعظم في القوة .
وهذا الذي فعله هو سنة ،
لكنه قال " نعمت البدعة هذه " ،
فإنها بدعة في اللغة ،
لكونهم فعلوا ما لم يكونوا يفعلونه
في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
يعني من الاجتماع على مثل هذه ،
وهي سنة من الشريعة .
وهكذا إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب ،
وهي الحجاز واليمن واليمامة وكل البلاد
الذي لم يبلغه ملك فارس والروم من جزيرة العرب ،
وتمصير الأمصار كالكوفة والبصرة ،
وجمع القرآن في مصحف واحد ،
وفرض الديوان ،
والأذان الأول يوم الجمعة ،
واستنابة من يصلي بالناس يوم العيد خارج المصر ،
ونحو ذلك
مما سنَّه الخلفاء الراشدون ،
لأنهم سنـّوه بأمر الله ورسوله ،
فهو سنة
وإن كان في اللغة يسمى بدعة "[1]. اهـ .
==============
[1] - المجموع ، ج 22 ، ص 233 – 235 .
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
وقال في معرض
كلامه على صلاة الرغائب
ما نصه :
" وأما صلاة الرغائب فلا أصل لها ،
بل هي محدثة ،
فلا تستحب لا جماعة ولا فرادى " ،
إلى أن قال :
" فلو أن جماعة اجتمعوا بعض الليالي
على صلاة تطوع
من غير أن يتخذوا ذلك عادة راتبة
تشبه السنة الراتبة لم يكره ،
لكن اتخاذ عادة دائرة
بدوران الأوقات مكروه ،
لما فيه من تغيير الشريعة ،
وتشبيه غير المشروع بالمشروع ،
ولو ساغ ذلك
لساغ أن يعمل صلاة أخرى وقت الضحى ،
أو بين الظهر والعصر ،
أو تروايح في شعبان ،
أو أذان في العيدين ،
أو حج إلى صخرة بيت المقدس ،
وهذا تغيير لدين الله ،
وتبديل له ،
وهكذا القول
في ليلة المولد وغيرها " ،
إلى أن قال :
" فمن جعل شيئاً ديناً وقربة
بلا شرع من الله ،
فهو ضال مبتدع ،
وهو الذي عناه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله :
" كل بدعة ضلالة " ،
فالبدعة ضد الشرع ،
والشرع ما أمر الله به ورسوله ،
أمر واجب إيجاب أو أمر استحباب ،
وإن لم يفعل على عهده
كالاجتماع في التراويح على إمام واحد ،
وجمع المصحف ،
وقتل أهل الردة والخوارج ،
ونحو ذلك ،
وما لم يشرعه الله ورسوله
فهو بدعة وضلالة ،
مثل تخصيص مكان
أو زمان
واجتماع على عبادة فيه ،
كما خص الشارع أوقات الصلوات
وأيام الجمع والأعياد " [1].
==============
[1] - المجموع ، ج 23 ، ص 132 – 133 .
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
وقال رحمه الله في موضع آخر
ما نصه :
" وأيضاً فإن الله عاب على المشركين شيئين :
أحدهما
أنهم أشركوا به مالم ينزل به سلطاناً .
الثاني
تحريمهم مالم يحرمه الله ،
كما بينه صلى الله عليه وسلم
في حديث عياض عن مسلم ،
وقال :
{ سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا
لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا
وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ } [1] ،
فجمعوا بين الشرك والتحريم ،
والشرك يدخل فيه
كل عبادة لم يأذن بها الله ،
فإن المشركين يزعمون أن عبادتهـم
إما واجبـة و إما مستحبة ،
ثم منهم من عبد غير الله ليتقرب به إلى الله ،
منهم من ابتدع ديناً عبد به الله ،
كما أحدثت النصارى من العبادات .
وأصل الضلال في أهل الأرض
إنما نشأ من هذين:
إما اتخاذ دين لم يشرعه الله ،
أو تحريم مالم يحرمه .
ولهذا كان الأصل
الذي بنى عليه أحمد وغيره مذاهبهم ;
أن الأعمال عبادات وعادات ،
فالأصل في العبادات لا يشرع منها
إلا ما شرعه الله ،
والأصل في العادات لا يحظر منها
إلا ما حظره الله ،
وهذه المواسم المحدَثة
إنما نهى عنها
لما أُحدِثَ فيها من الدين
الذي يُتقرب به " [2] اهـ .
==============
[1] - سورة الأنعام ، الآية : 148 .
[2] - المجموع ، ج 4 ، ص 195 – 196 .
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
وقال الشاطبي رحمه الله ما نصه :
" الباب الثالث
في أن ذم البدع والمحدثات عامة
لا يخص محدثة دون غيرها ،
ويدخل تحت هذه الترجمة
من شبه المبتدعة التي احتجوا بها ،
فاعلموا رحمكم الله
أن ما تقدم من الأدلة حجة
في عموم الذم
من أوجه :
أحدها :
أنها جاءت مطلقة عامة على كثرتها ،
لم يقع فيها استثناء ألبته ،
ولم يأت فيها ما يقتضي أن منها ما هو هدى ،
ولا جاء فيها كل بدعة ضلالة إلا كذا وكذا ،
ولا شيء من هذه المعاني ،
فلو كان هنالك محدَثة
يقتضي النظر الشرعي فيها الاستحسان ،
أو أنها لاحقة بالمشروعات ،
لذُكر ذلك في آية أو حديث ،
لكنه لا يوجد ،
فدلَّ على أن تلك الأدلة بأسرها
على حقيقة ظاهرها من الكلية
التي لا يختلف عن مقتضاها فرد من الأفراد .
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
والثانية :
أنه قد ثبت في الأصول العلمية
أن كل قاعدة كلية ،
أو دليل شرعي كلي ،
إذا تكررت في مواضع كثيرة ،
وأتى بها شواهد على معان أصولية أو فروعية ،
ولم يقترن بها تخصيص ولا تقييد
مع تكرارها وإعادة تقررها ،
فدلَّ ذلك على بقائها
على مقتضى لفظها من العموم ،
كقوله تعالى :
{ أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى *
وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى }[1] ،
وما أشبه ذلك ،
وبسط الاستدلال على ذلك هنالك ،
فما نحن بصدده من هذا القبيل ،
إذ جاء في الأحاديث المتعددة والمتكررة في أوقات شتى ،
وبحسب الأحوال المختلفة .
إن كل بدعة ضلالة ،
وإن كل محدثة بدعة ،
وما كان نحو ذلك من العبارات
الدالة على أن البدع مذمومة ،
ولم يأتِ في آية ولا حديث تقييد ولا تخصيص ،
ولا ما يفهم منه خلاف ظاهر الكلية منها ،
فدل ذلك دلالة واضحة
على أنها على العموم وإطلاقها .
==============
[1] - سورة النجم ، الآية : 38 ، 39 .
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
والثالث :
إجماع السلف الصالح
من الصحابة والتابعين ومن يليهم ،
على ذمها كذلك وتقبيحها،
والهروب عنها
وعمن اتسم بشيء منها،
ولم يقع منهم في ذلك توقف و لا مثـنوية ،
فهو بحسب الاستـقـراء
إجمـاع ثابـت ،
فدل على أن
كل بدعـة ليست بحق،
بل هي
من الباطل .
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
الرابع :
أن متعقل البدعة يقتضي ذلك بنفسه ،
لأنه من باب مضادة الشارع ،
وإطِّراح الشرع ،
وكل ما كان بهذه المثابة
فمحال أن ينقسم إلى حسن وقبيح ،
وأن يكون منه ما يمدح ومنه ما يذم ،
إذ لا يصح في معقول ولا منقول
استحسان مشقة الشارع ،
وقد تقدم بسط هذا في أول الباب الثاني .
وأيضاً فلو فرض أنه جاء في النقل استحسان بعض البدع ،
أو استثناء بعضها عن الذم ;
لم يتصور،
لأن البدعة طريقة تضاهي المشروعة ،
من غير أن تكون كذلك ،
وكون الشارع يستحسنها دليل مشروعيتها ،
إذ لو قال الشارع المحدثة الفلانية حسنة ،
لصارت مشروعة ،
كما أشاروا إليه في الاستحسان ،
حسبما يأتي إن شاء الله .
ولمّـا ثبت ذمها ،
ثبت ذم صاحبها ،
لأنها ليست بمذمومة من حيث تصورها فقط ،
بل من حيث اتصف بها المتصف ،
فهو إذاً المذموم على الحقيقة ،
والذم خاصة التأثيم
فالمبتدع مذموم آثم ،
وذلك على الإطلاق والعموم،
ويدل على ذلك أربعة أوجه ،
إلى آخر ما ذكره "[1].
==============
[1] - الاعتصام ج 1 ، ص 180 – 182 .
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
وقال في موضوع آخر
في معرض شرحه تعريف البدعة
ما نصه :
" وقوله في الحد تضاهي الشرعية ،
يعني أنها تشابه الطريقة الشرعية ،
من غير أن تكون في الحقيقة كذلك ،
بل هي مضادة لها من أوجه متعددة "
– وذكر مجموعة أمور ثم قال :
" ومنها التزام الكيفيات والهيئات المعينة ،
كالذكر بهيئة الاجتماع على صوت واحد ،
واتخاذ يوم ولادته
صلى الله عليه وسلم عيداً
وما أشبه ذلك "[1] . اهـ .
==============
[1] - الاعتصام ج 1 ، ص 34 .
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
وقال ابن رجب رحمه الله
في معرض شرحه حديث العرباض بن سارية
قال ما نصه :
" فـقـوله صلى الله عليه وسلم
وإياكم ومحدثـات الأمـور
فإن كل بدعـة ضلالــة ،
تحذير للأمة
من اتباع الأمور المحدَثة المبتدَعة ،
وأكد ذلك بقوله
كل بدعة ضلالة .
والمراد بالبدعة
ما أُحدث مما لا أصل له في الشريعة يدل عليه ،
وأما ما كان له أصل من الشرع
يدل عليه فليس ببدعة ،
وإن كان بدعة لغة .
وفي صحيح مسلم
عن جابر رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم
كان يقول في خطبته :
إن خير الحديث كتاب الله ،
وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ،
وشر الأمور محدثاتها ،
وكل بدعة ضلالة .
وأخرجه الترمذي وابن ماجه
من حديث كثير بن عبدالله المزني ،
وفيه ضعف
عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" من ابتدع بدعة ضلالة
لا يرضاها الله ولا رسوله
كان عليه مثل آثام من عمل بها
لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئاً " ،
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
إلى أن قال :
" وكل بدعة ضلالة " ،
من جوامع الكلم لا يخرج عنه شيء ،
وهو أصل عظيم من أصول الدين ،
وهو شبيه بقوله صلى الله عليه وسلم :
" من أحدث من أمرنا هذا
ما ليس منه فهو رد " .
فكل من أحدثَ شيئاً ونسبه إلى الدين ،
ولم يكن له أصل من الدين يرجع إليه ،
فهو ضلالة والدين برئ منه ،
وسواء في ذلك
مسائل الاعتقادات
أو الأعمال
أو الأقوال الظاهرة والباطنة ،
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
وأما ما وقع في كلام السلف
من استحسان بعض البدع
فإنما ذلك في البدع اللغوية لا الشرعية ،
فمن ذلك قول عمر رضي الله عنه
لما جمع الناس في قيام رمضان
على إمام واحد في المسجد ،
وخرج ورآهم يصلون كذلك ،
فقال : " نعمت البدعة هذه " .
وروي عنه أنه قال :
" إن كانت هذه بدعة ، فنعمت البدعة " .
وروي أن أبيّ بن كعب قال له :
إن هذا لم يكن ، فقال عمر :
" ولكنه حسن " .
ومراده أن هذا الفعل لم يكن على هذا الوجه
قبل هذا الوقت ،
ولكن له أصل في الشريعة
يرجع إليها .
فمنها أن النبي صلى الله عليه وسلم
كان يحث على قيام رمضان ، و يرغّب فيه،
وكان الناس في زمنه يقومون في المسجد
جماعات متفرقة ووحدانا ،
وهو صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه في رمضان غير ليلة ،
ثم امتنع من ذلك معللاً بأنه خشي أن يُكتب عليهم ،
فيعجزوا عن القيام به ،
وهذا قد أُمن بعده صلى الله عليه وسلم .
وروي عنه صلى الله عليه وسلم
أنه كان يقوم بأصحابه ليالي الأفراد في العشر الأواخر ،
وهذا قد صار من سنة خلفائه الراشدين ،
فإن الناس اجتمعوا عليه
في زمن عمر وعثمان وعليّ رضي الله عنهم .
ومن ذلك أذان الجمعة الأول
زاده عثمان لحاجة الناس إليه ،
وأقرّه علي ،
واستمر عمل المسلمين عليه " .
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
إلى أن قال :
" وقد روى الحافظ أبو نعيم
بإسناد عن إبراهيم بن الجنيد قال:
سمعت الشافعي يقول :
البدعة بدعتان بدعة محمودة ، وبدعة مذمومة ،
فما وافق السنـّة
فهو محمود ،
وما خالف السنـّة
فهو مذموم .
واحتج بقول عمر رضي الله عنه :
نعمت البدعة هذه .
ومراد الشافعي رضي الله عنه ما ذكرناه من قبل ،
أن أصل البدعة المذمومة
ما ليس لها أصل في الشريعة يرجع إليه ،
وهي البدعة في إطلاق الشرع ،
وأما البدعة المحمودة فما وافق السنـّة ،
يعني ما كان لها أصل من السنـّة ترجع إليه ،
وإنما هي بدعة لغة لا شرعا،
لموافقتها السنـّة ،
إلى آخر ما ذكره " [1] .
===========
[1] - جامع العلوم والحكم ، ص 233 – 235 .
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
وقال ابن حجر العسقلاني
في كتابه ( فتح الباري شرح صحيح البخاري )
من كتاب الاعتصام ،
في معرض شرحه حديث :
"إن أحسن الحديث كتاب الله " ،
ما نصه :
" والمحدَثات بفتح الدال جمع محدَثة ،
والمراد منها ما أُحدث وليس له أصل في الشرع ،
ويسمى في عرف الشرع بدعة .
وما كان له أصل يدل عليه الشرع فليس ببدعة ،
فالبدعة في عرف الشرع مذمومة ،
بخلاف اللغة ،
فإن كل شيء أُحدث على غير مثال يسمى بدعة ،
سواء كان محموداً أو مذموماً .
وكذا القول في المحدَثة ،
وفي الأمر المحـدَث
الذي ورد في حديث عائشـة رضي الله عنها :
" من أحدَث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " ،
كما تقدم شرحه ،
ومضى بيان ذلك في كتاب الأحكام ،
وقد وقع في حديث جابر المشار إليه :
( وكل بدعة ضلالة ) ،
وفي حديث العرباض بن سارية
( وإياكم ومحدثات الأمور ،
فإن كل بدعة ضلالة ) ،
وهو حديث أوله
( وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة ) فذكره ،
وفيه هذا .
أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي
وصححه ابن ماجه وابن حبان والحاكم ،
وهذا الحديث في المعنى
قريب من حديث عائشة المشار إليه ،
وهو من جوامع الكلم ،
قال الشافعي
البدعة بدعتان
محمودة ومذمومة ،
فما وافق السنـّة فهو محمود ،
وما خالفها مذموم
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
– إلى أن قال –
وثبت عن ابن مسعود أنه قال :
قد أصبحتم على الفطرة ،
وإنكم ستحدثون و يحدث لكم ،
فإذا رأيتم محدثة
فعليكم بالهدي الأول
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
– إلى أن قال –
وقد أخرجه أحمد بسند جيد
عن غضيف بن الحارث،
قال بعث إلي عبد الملك بن مروان فقال :
إنا قد جمعنا الناس على رفع الأيدي على المنبر يوم الجمعة ،
وعلى القصص بعد الصبح والعصر ،
فقال :
أما إنهما أمثل بدعكم عندي ،
ولست بمجيبكم
إلى شيء منهما ،
لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
ما أحدث قوم بدعة
إلا رفع من السنة مثلها ،
فتمسك بسنة
خير من إحداث بدعة . انتهى .
وإذا كان هذا جواب هذا الصحابي
في أمر له أصل في السنة
فما ظنك
بما لا أصل له فيها ،
فكيف بما يشتمل على
ما يخالفها.
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
– إلى أن قال –
وأما قوله في حديث العرباض:
( فإن كل بدعة ضلالة )،
بعد قوله :
( وإياكم ومحدثات الأمور )
فإنه يدل على أن المحدَث يسمى بدعة ،
وقوله
كل بدعة ضلالة
قاعدة شرعية كلية ،
بمنطوقها ومفهومها،
أما منطوقها
فكأن يقال حكم كذا بدعة ،
وكل بدعة ضلالة ،
فلا تكون من الشرع
لأن الشرع كله هدى ،
فإن ثبت أن الحكم المذكور بدعة
صحت المقدمتان ،
وانتجتا المطلوب ،
والمراد بقوله :
كل بدعة ضلالة ،
ما أُحدث ولا دليل من الشرع
بطريق خاص ولا عام "[1]. اهـ.
============
[1] - فتح الباري ج 13 ، ص 253 – 254 .
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
وقال ابن النحاس
في كتابه ( تنبيه الغافلين عن أعمال الجاهلين )
ما نصه :
" قال الإمام المحقق أبو محمد عز الدين بن عبد السلام
رحمه الله تعالى :
البدعة ثلاثة أضرب :
أحـدها :
ما كان مباحاً ،
كالتوسع في المأكل والمشرب والملبس والمناكح ،
فلا بأس بشيء من ذلك .
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
الثاني :
ما كان حسناً
وهو مبتدع موافق لقواعد الشريعة ،
غير مخالف لشيء منها ،
كبناء الرُبط والخانات والمدارس
وغير ذلك من أنواع البر
التي لم تعهد في العصر الأول ،
فإنه موافق لما جاء بشأن الشريعة
من اصطناع المعروف ،
والمعاونة على البر والتقوى ،
وكذلك الاشتغال بالعربية ،
فإنه مبتدع ،
ولكن لا يتأتى تدبر القرآن وفهم معانيه إلا بمعرفة ذلك ،
فكان ابتداعه موافقاً لما أمرنا به
من تدبر آيات القرآن ، وفهم معانيه .
وكذلك تدوين الأحاديث
وتقسيمها إلى الحسن والصحيح
والموضوع والضعيف ;
مبتدع حسن ،
لما فيه من حفظ كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم
أن يدخله ما ليس منه ،
وأن يخرج منه ما هو منه ،
وكذلك تأسيس قواعد الفقه وأصوله ،
كل ذلك مبتدع حسن ،
موافق لأصول الشرع
غير مخالف لشيء منها .
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
الثالث :
ما كان مخالفاً للشرع ،
أو ملتزماً لمخالف الشرع ،
فمن ذلك صلاة الرغائب ،
فإنها موضوعة على رسول الله
صلى الله عليه وسلم
وكذب عليه .
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
وقال غيره :
البدع خمسة أقسام :
بدعة واجبة ،
وهي مثل كتب العلم ،
وشكل المصحف، ونقطه .
ومستحبة
كبناء القناطر والجسور
والمدارس وما أشبه ذلك .
ومباحة
كالمنخل والأشنان وما أشبه ذلك .
ومكروهة
مثل الأكل على الخوان وما أشبهه .
ومحرمة
وهي أكثر من أن تحصر . اهـ .
واعلم أني أذكر في هذا الباب جملاً من القسم الخامس
وهي البدع والمحرمات "[1] . اهـ .
===========
[1] - تنبيه الغافلين ، ص 320 – 321 .
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
ثم قال
بعد إيراده جملاً كثيرة من البدع
استغرقت قرابة خمسين صفحة من الكتاب :
" ومنها ما أحدثوه
من عمل المولد في شهر ربيع الأول ،
قال ابن الحاج :
ومن جملة ما أحدثوه من البدع
مع اعتقادهم أن ذلك من أكبر العبادات
ما يفعلونه من المولد ،
وقد احتوى ذلك على بدع محرمات .
ثم ذكر منها استعمال الأغاني بآلات الطرب ،
وحضور المردان والشباب ،
ورؤية النساء لهم وما في ذلك من المفاسد .
ثم قال :
فإن خلا المولد من السماع
وعمل طعاماً فقط ونوي به المولد ،
ودعا إليه الإخوان وسلم من كل ما تقدم ذكره ،
فهو بدعة بنفس نيته ،
إذ أن ذلك
زيادة في الدين ،
وليس من عمل السلف الماضين ،
واتباع السلف أولى بل أوجب
من أن يزيد بنيته مخالفة
لما كانوا عليه .
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
قلت :
وليته يسلم من المناظرة والمفاخرة والرياء والتكلف ،
ومهما عُلم بقرائن الأحوال أن الباعث على ذلك ما ذكرناه،
كره أكل ذلك الطعام
لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل طعام المتبارزين .
وقد يكون الباعث على ذلك
التعرف بالكبار الذين يدعونهم
من القضاة والأمراء والمشائخ ،
وقد يكون الباعث لبعض المشائخ
طلب التوسعة على نفسه بما يفضل عن حاجته ،
مما يحمل الناس إليه بسبب المولد
على نوع المساعدة أو الهدية أو الحياء
أو المناظرة لأقرانه من محبي الشيخ واتباعه ونحو ذلك .
وقد يكون من أهل الشر وممن يتقى لسانه ،
ويخشى غضبه ،
فيفعل المولد ليحمل إليه ضعفاء القلوب ،
ومن يخاف منه ما تصل قدرته إليه
خوفاً من ذمه وطول لسانه في عرضه ،
وتسببه في أذى يصل إليه ونحو ذلك .
وقد يكون الباعث خلاف ذلك
مما لا ينحصر لتنوع المقاصد الفاسدة واختلافها ،
فهو يُظهر أن قصده إكرام النبي
صلى الله عليه وسلم
وإظهار الفرح والسرور بمولده ،
والتصدق بما يفعل على الفقراء ،
وباطن قصده خلاف ذلك ، مما ذُكر ،
وهذا نوع من النفاق
ولو كان ذلك الفعل قربة في نفسه ،
لصار بذلك القصد الباطل
من أسباب البُعد ،
يأثم به فاعله
وحاضره
والساكت عن إنكار ما تحقق منه ،
والله يقول الحق
وهو يهدي السبيل "[1]. اهـ .
===========
[1] - تنبيه الغافلين عن أعمال الجاهلين ، ص 381 – 382 .
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
إننا بتأملنا ما أوردناه من نقول لأهل العلم ،
ممن يُعتد بهم ويُعترف لهم بالفضل والتقى والصلاح
وسلامة الاتجاه وصحة المعتقد ،
فضلاً عما أوتوه من بسطة في العلم والفهم والإدراك ،
بتأملنا ما ذكروه يتضح لنا جلياً
وضوح العموم في تبديع كل محدثة ،
حتى لو كان ظاهرها حسناً ومقبولاً ،
وتنجلي عنا شبهة القول بتقسيم البدعة
إلى مذموم ومحمود ،
أو إلى حسنة وسيئة ،
وأن مقصود بعض سلفنا الصالح
بالبدعة المقبولة عنده
البدعة بمدلولها اللغوي فقط ،
وأما البدعة بمفهومها الشرعي
فهي مرفوضة ومردودة على أصحابها ،
وهي ضلالة وفي النار
كما ذُكر ذلك
الصادق المصدوق
صلى الله عليه وسلم .
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
ولو أردنا أن نستزيد من أقوال أهل العلم
في الحديث عن البدعة والتحذير منها ،
وتسفيه القول بتقسيمها إلى حسن وسيئ ومذموم وممدوح ،
لاستطعنا أن نسجل أسفاراً من ذلك،
ولكننا نعتقد أن فيما قدمناه
من أقوال لشيخ الإسلام ابن تيمية
وابن رجب والشاطبي
وابن حجر وابن النحاس
يكفي لطلاب الحق وأهل النَصَف .
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
نعم إن أقوالهم تدل على أن البدعة بدعة ،
مهما كان لها من الحُسن في الظاهر ،
وأن النصوص الواردة في التحذير عنها
عامة في تناول كل بدعة مهما كانت ،
وأن تقسيم البدعة إلى حسن ومذموم
هو تقسيم من حيث اللغة ،
فالبدعة الحسنة عندهم ليست في الواقع بدعة ،
وإنما هي في الدين ومن الشرع ،
ومن أمر الرسول صلى الله عليه وسلم،
وإن سموها بدعة فمقصودهم المعنى اللغوي
كقول عمر رضي الله عنه
في إقامة صلاة التراويح جماعة :
نعمت البدعة هذه .
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
و ذكروا رحمهم الله
نماذج للبدع اللغوية
مما له أصل في الشريعة الإسلامية
كتدوين العلوم وجمع المصاحف
وإنشاء الأربطة والمدارس ونحو ذلك ،
ولم يذكروا أن الموالد
والصلوات المحدثة كصلاة الرغائب ،
وصلاة الفاتح لما أغلق
ونحو ذلك من المحدثات في الدين ;
لم يذكروا أن هذه الأنواع من البدع الحسنة ،
بل نصّوا على أنها من البدع
المنكرة والمذمومة والسيئة
كما مرت النقول بالتصريح بذلك .
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
كما نصوا
على أن كل أمر لا تقف معه النصوص الشرعية ،
فهو محدَث وضلالة ،
وأصحابها في النار ،
وإن كان ظاهرها الحُسن ،
وإن لم يكن لها من الخلفيات والمردودات السيئة شيء ،
فيكفي لردها
نية الابتداع ،
فكيف إذا صاحب البدعة أمور منكرة ،
كاختلاط الرجال بالنساء ،
واستعمال لمختلف أنواع المعازف ،
والإسراف في الموائد المنشورة لرواد هذه الاحتفالات
والاستجداء بهذه الموالد حسبما ذكره ابن النحاس
في كتابه ( تنبيه الغافلين ) ،
ونقله عن ابن الحاج من مدخله ،
بل ما يتأتى في هذه الاحتفالات
من المدائح النبوية المليئة بالغلو
والتنطع
والإفراط ،
حتى إنها لترفع ممدوحها
إلى مقام الربوبية والألوهية ،
كما هو الحال في الموالد ،
وإن نفى ذلك المالكي .
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
وعلى سبيل التنزل مع المالكي
في أن موالده تخلو من الاختلاط والمنكرات
في المشارب والمآكل ،
فإنه يقول ويدافع عن القول
بحضور الحضرة النبوية
عند التحدث في شأن ولادته صلى الله عليه وسلم ،
ويقرر جواز القيام للحضور الوهمي،
وهذه عقيدة سيئة
تفتح أبواب الدجل على العامة
على أوسع مصاريعها ،
وتعطي لأهل الطُرق مجالات واسعة
في إفساد عقائد العامة ،
وجعلهم أكثر سرعة
إلى تصديق الترهات والخرافات ،
والإيمان بالأرواح الوهمية ،
التي يزعم دجاجلة هذه الاجتماعات
أنها تغدو على مجامعهم وتروح ،
وتأمر وتنهى ، وترضى وتغضب ،
حسبما يقرر ذلك قادة هذه المجامع الآثمة ،
فكيف يقول المالكي
إن المولد يبعث على مشروع فهو مشروع ؟!.
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
الوقفة الثالثة :
عند قول المالكي فهي بدعة ،
باعتبار هيئتها الاجتماعية
لا باعتبار أفرادها لوجود أفرادها في العهد النبوي .
لا ندري ما مقصود المالكي
بدعواه
وجود أفراد للاحتفالات بالمولد ،
في العهد النبوي !،
هل أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمفرده
أو معه زوجاته احتفالاً بمولده ؟
أو أقام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وزوجته فاطمة ،
وولداه الحسن والحسين احتفالاً بمولده ؟
أو أقام آل العباس احتفالاً بمولده صلى الله عليه وسلم ؟
أو أقام أبو بكر وعمر أو غيرهما من أصفياء رسول الله
صلى الله عليه وسلم احتفالاً بمولده ؟
هل يعني بأفراد بدعته
صومه صلى الله عليه وسلم يوم الإثنين
لكونه يوم ولادته ؟ .
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
لقد سبقت مناقشة ادعاء الاستدلال بهذا
على مشروعية إقامة الاحتفال بالمولد
فلا حاجة لإعادته وتكراره .
لقد وعد المالكي بذكر أفراد للمولد
في رسالته هذه فلننظر وفاءه بوعده ،
ثم نقف مع كل جزئية يحتج بها على الاحتفال بالمولد ،
لتذهب مع غيرها جفاء ،
ثم هباء تذروه الرياح .
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
الدليـل السادس
مناقشته ثم رده :-
ثم ذكر المالكي الدليل السادس بقوله :
" السادس
أن المولد يبعث على الصلاة والسلام المطلوبين
بقوله تعالى :
{ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تسْليماً } ،
وما كان يبعث المطلوب شرعاً فهو مطلوب شرعاً ،
فكم للصلاة عليه من فوائد نبوية وإمدادات محمدية
يسجد القلم في محراب البيان ،
عاجز عن تعداد آثارها ومظاهر أنوارها " اهـ .
لنا مع المالكي في دليله هذا الوقفات التالية :
الوقـفة الأولى :
عند قوله
إن المولد الشريف يبعث على الصلاة والسلام المطلوبين .
ما أجفاك أيها المالكي وأضرابك !!
وما أبعدكم عن سنة المصطفى
صلى الله عليه وسلم ،
وإن كنتم تتشدقون بحب رسول الله
صلى الله عليه وسلم
والتمتع والاستبشار بسيرته ،
لا لصدق محبة رسول
الله صلى الله عليه وسلم;
وإنما لترويج بدعة
وضمان وجاهة عند العامة .
فهل ترضى أيها المالكي من نفسك
أن تكون صلاتك وتسليمك
على المصطفى صلى الله عليه وسلم
في ليلة من ثلاثمائة وأربع وخمسين ليلة ؟
أليس هذا هو الجفاء ؟
أليس هذا هو الصدود والغـفـلة
عن تذكر مقام رسول الله
صلى الله علـيه وسلم ؟ ،
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
أترضى ألاَّ ينبعث داعي الصلاة والتسليم
على رسول الله صلى الله عليه وسلم
إلا في ليلة بعد ثلاثمائة وأربع وخمسين ليلة ؟
إن الصلاة والتسليم على رسول الله
صلى الله عليه وسلم
ينبغي أن تكون في كل صلاة
من الصلوات المكتوبة والمسنونة كل يوم ،
وأن تكون عند كل ذكر لرسول الله
صلى الله عليه وسلم ،
وما أكثر مواطن ذكره .
وينبغي أن يتقرب بأدائهما إلى الله تعالى
كلما أراد العبد التقرب إلى الله ،
فما أحوج العبد إلى ذلك دائماً ،
وفي كل حال ،
إن الله سبحانه وتعالى يأمرنا أن نصلي ونسلم
على رسول الله صلى الله عليه وسلم كل وقت ،
كما هو مقتضى إطلاق الآية الكريمة :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
صَلُّوا عَلَيْهِ
وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }[1] .
===========
[1] - سورة الأحزاب ، الآية : 56 .
-
رد: حوار مع المالكي في ردِّ ضلالاته ومنكراته / لمعالي الشيخ عبدالله بن منيع
ونبينا صلى الله عليه وسلم يقول :
" البخيل من ذكرت عنده فلم يصل عليّ " .
ويقول:
" من صلى عليَّ واحدة صلى الله عليه بها عشراً " .
ويذكر صلى الله عليه وسلم
أن من ذُكر عنده فلم يصل عليه
فقد رغم أنفه .
إن الصلاة والسلام عليه
- صلى الله عليه وسلم -
ينبغي أن تكون منا في كل وقت ،
وعند كل مناسبة ،
في الصلاة وبعد الأذان
وغيرهما من مواطن الصلاة عليه ،
ويتأكد ذلك في يوم الجمعة وليلتها ،
وخطبتها ،
وفي أول كل دعاء .
أما أن يُقال بإيجاد مناسبة للصلاة والتسليم عليه ،
هي ليلة المولد ،
ليلة بعد ثلاثمائة وأربع وخمسين ليلة ;
فهذا ما لا يتفق مع محبة
ولا تقدير ،
ولا انقياد وامتثال تامّين لأمر الله تعالى
بالصلاة والسلام على رسوله .