-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
141- أدب وحديث المجانين
بندار بن عبد الحميد الكرخي الأصبهاني, يعرف بـ: ابن لره, أخذ عن أبي القاسم بن سلام
قال [ ياقوت ]: قرأت بخط عبد السلام البصري في «كتاب عقلاء المجانين» لأبي بكر ابن محمد الأزهري حدثنا محمد بن أبي الأزهر قال:
كنتُ يوما في مجلس بندار بن لره الكرخي, بحضرة منزله في درب عبد الرحيم الرزامي بدكان الأبناء، وعنده جماعة من أصحابه، إِذ هجم علينا المسجد بَرذعة الموسوس، ومعه مِخلاة فيها دفاتر وجزازات، وقد تَبِعه الصِّبيان، فجلس إلى جانب بندار، وكأنّ بندارا فَرِقَ منه، فقال: اطرد ويلك هؤلاء الصبيان عَنِّي، فقال لنا: اطردوهم عنه، فوثبتُ أنا من بين أهل المجلس فصحت عليهم وطردتهم، فجلس ساعة, ثم وثب فنظر هل يرى منهم أحدا، فلما لم يَرَهُم رجع فجلس ساعة, ثم قال: اكتبوا:
حدثني محمد بن أحمد بن عسكر بن عبد الرزاق عن معمر قال: سُئِل الشعبي ما اسم امرأة ابليس ؟, فقال: هذا عُرس لم أَشهَد إِملاكَه.
ثم أقبل على بندار فقال: يا شيخ ما معنى قول الشاعر:
وكنت إذا ما جئت ليلى تبرقعت ... فقد رابني منها الغداة سفورها
فقال لنا بندار: أجيبوه، فقال: يا مجنون, أسألك ويجيب غيرك؟! ,فقال بندار: يقول إنه لما رآها فعلت ما فعلته من سُفُورِها ولم تكن تُعهَد به، علم أنها قد حذرته من بحضرتها, ليحجم عن كلامها وانبساطه إليها
فضحِك ومسح يده على رأس بندار, وقال: أحسنت يا كَيِّس، وكان بُندار قد قارب في ذلك الوقت تسعين سنة
المصدر : [معجم الأدباء 2/ 767]
قلت - رحم الله والدي-:
بندار الأصبهاني ترجمته في [معجم الأدباء 2/ 765], و[الوافي بالوفيات 10/ 183], قال ابن الانباري عن أبيه القاسم: كان بندار يحفظ سبعمائة قصيدة, أول كل قصيدة: بانت سعاد
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
142- مَعِيشة إلإمام إبراهيم الحربي رحمه الله [ت 285 هـ]
حدّث أحمد بن عبد الله بن خالد بن ماهان المعروف بابن أسد قال: سمعت إبراهيم الحربيّ يقول:
أجمع عقلاء الأمة أنه من لم يجر مع القَدَر لم يهنأ بعيشِه، كان يكونُ قميصي أنظف قميص وإزاري أوسخ إزار، ما حدثت نفسي أنهما يستويان قط، وفرد عَقبي مقطوع، وفرد عقبي الآخر صحيح، أمشي بهما وأدور بغداد كلّها هذا الجانب وذاك الجانب، لا أحدّث نفسي أني أصلحهما، وما شكوت إلى أمي, ولا إلى أختي, ولا إلى امرأتي, ولا إلى بناتي قطّ حمّى وجدتها؛ الرجل هو الذي يدخل غمه على نفسه ولا يغمّ عياله
وكان بي شقيقة خمسا وأربعين سنة ما أخبرت بها أحدا قط
ولي عشر سنين أبصر بفرد عين ما أخبرت به أحدا
وأفنيت من عمري ثلاثين سنة برغيفين في اليوم والليلة, إن جاءتني بهما امرأتي أو إحدى بناتي أكلت وإلا بقيت جائعا عطشان إلى الليلة الأخرى، والآن آكل نصف رغيف وأربع عشرة تمرة إن كان برنيا، أو نيفا وعشرين إن كان دقلا
ومرضت ابنتي فمضت امرأتي فأقامت عندها شهرا فقام إفطاري في هذا الشهر بدرهم ودانقين ونصف.
ودخلت الحَمَّام واشتريت لهم صابونا بدانقين فقام نفقة شهر رمضان كلّه بدرهم وأربعة دوانيق ونصف
ولا تروّحت ولا روّحت قطّ, ولا أكلت من شيء واحد في يوم مرتين.
المصدر : [ معجم الأدباء = إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب 1/ 42 ]
قلت - رحم الله والدي-:
رحم الله هؤلاء الناس, بهذا الصبر عاشوا وماتوا أحرارا, فلم تستعبدهم الدنيا وفتنها, قال الخطيب في تاريخه في ترجمة الحربي [6 / 28]: كان إماما في العلم، رأسا في الزهد، عارفا بالفقه، بصيرا بالأحكام، حافظا للحديث، مميزا لعلله، قيما بالأدب، جماعا للغة، وصنف كتبا كثيرة، منها غريب الحديث وغيره
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
143- الوضوء بالماء المشمس
قد جزم النووي في " منهاجه " بكراهة المشمس, قال الشافعية وقوله: لم يثبت عن الأطباء فيه شيء ليس كذلك, فقد قال ابن النفيس في " شرح التنبيه " إن مقتضى الطب كونه يورث البرص, قال ابن أبي شريف: وهو عمدة في ذلك. انتهى
المصدر : [ مواهب الجليل في شرح مختصر خليل 1 / 79 ]
قلت - رحم الله والدي-:
الحديث الوارد في ذلك قال فيه الحافظ ابن الملقن في خلاصة البدر المنير [1/ 9]: حديث: عائشة في النهي عن التوضؤ والاغتسال بالماء المشمس, رواه الدارقطني بإسناد ضعيف بمرة, قال البيهقي: وهو حديث لا يصح, وذكره ابن الجوزي في "الموضوعات", وعَزْوُهُ في "التنقيب" لابن معن الدمشقي إلى أبي داود الترمذي غلط قبيح
حديث: ابن عباس رفعه: "من اغتسل بماء مشمس فأصابه وضح فلا يلومن إلا نفسه", غريب جدا. وليس في الكتب المشهورة، وهو في "مشيخة قاضي المرستان" بسند منقطع واه, قال الحافظ أبو جعفر العقيلي: لا يصح في الماء المشمس حديث مسند، إنما يروى فيه شيء عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه, قلت: أثر عمر هذا رواه الشافعي في "الأم" عن إبراهيم بن أبي يحيى عن صدقة بن عبد الله عن أبي الزبير عن جابر عن عمر, وإبراهيم هذا ضعفه الجم الغفير, ووثقه الشافعي وابن جريج وحمدان بن محمد الأصفهاني وابن عقدة الحافظ, وقال ابن عدي: لم أجد له حديثًا منكرًا.
خبر الصحابة: أنهم تطهروا بالماء المسخن بين يدي للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم ولم ينكر عليهم, لا أعلمه إلا من فعل أسلع خادم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وحده, أنه اغتسل كذلك. رواه الطبراني في أكبر "معاجمه", والبيهقي في "سننه", ورواه الدارقطني من فعل عمر بانفراده وصححه, وكذلك روى عن غيره من الصحابة كما ذكرته في الأصل.اهـ
بيان وتوضيح : ابن معن المذكور هو: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن معن بن سلطان الشيباني الدمشقي, كان فقيها إماما مناظرا أديبا قارئا/ت 640هـ, قال ابن قاضي شهبة في طبقاته [2/89/390] : له "التنقيب" على "المهذب" في جزأين, فيه غرائب, وفيه أوهام في عزو الأحاديث إلى الكتب.اهـ, وقد ذكر ابن الملقن في "البدر المنير" [1 / 429] بعض أوهامه وقال: لا أدري كيف وقع له هذا الغلط القبيح، ومن أين أخذه ؟!، وقد وقع في الكتاب المذكور أمثال ذلك، لعلنا ننبه عليها في مواطنها - إن شاء الله ذلك وقَدَّرَهُ. اهـ
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
144- المتفق المفترق من الأسماء والأنساب
سمعت الحافظ أبا بكر محمد بن موسى بن عثمان الحازمي يقول: سمعت الحافظ أبا موسى بأصبهان يقول: سمعت أبا عبد الله يحيى بن الحسن ابن البناء ببغداد يقول: سمعت أبا عبد الله محمد بن أبي نصر الحميدي يقول: قرأت بخط القاضي أبي الفرج المعافى بن زكريا النهرواني قال:
حججت سنةً, وكنت بمنى أيام التشريق, فسمعت مُنادياً ينادي: يا أبا الفرج, فقلت في نفسي: لعله يُرِيدني، ثم قلت: في الناس خلقٌ كثيرٌ ممن يكنى أبا الفرج, فلعله ينادي غيري، ولم أُجِبه.
فلما رأى أنه لا يجيبه أحدٌ نادى: يا أبا الفرج المعافى, فهممت أن أجيبه، ثم قلت: وقد يَتَّفِقُ من يكون اسمه المعافى, وكنيته أبو الفرج، فلم أجبه.
فرجع فنادى: يا أبا الفرج المعافى بن زكريا النهرواني, فقلت: لم يَبْقَ شكٌ في مناداته إياي, إذ ذكر اسمي, وكنيتي, واسم أبي, وما أنسب إليه، فقلت له: ها أنا, فقال: ومن أنت؟ ,فقلت: أبو الفرج المعافى بن زكريا النهرواني
فقال: فعلك من نهروان الشرق, فقلت: نعم، فقال: نحن نُريد نهروان الغرب !
فعجبتُ من اتفاق الاسم, والكنية, واسم الأب, وما انتسب إليه، وعلمت أن بالغرب موضعاً يعرف بالنهروان غير نهروان العراق.
المصدر : [ ذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 1/ 465]
قلت - رحم الله والدي-:
قال ياقوت في "معجم البلدان" : معجم البلدان[5 / 324]: نَهْرَوانُ, وأكثر ما يجري على الألسنة بكسر النون, وأورد القصة أيضا, وقال فيها: [ المغرب ] بدل: [ الغرب ]
والمعافي بن زكريا بن يحيى النهرواني الجَرِيري - بفتح الجيم نسبة إلى ابن جرير الطبري- المعروف بابن طرارة /ت390 هـ, ترجم له ياقوت في معجمه [6 /2702] فقال: كان من أعلم الناس بفقه مذهب ابن جرير, والنحو واللغة, وفنون الأدب والأخبار والأشعار ...صنف كتاب "الجليس والأنيس" في الأدب, و"التفسير الكبير", ونصر مذهب ابن جرير الطبري, ونوّه به وحامى عنه
ومما ذكر أيضا: قال أبو حيان التوحيدي: رأيتُهُ في جامع الرصافة وقد نام مُستدبر الشمسَ في يَوْمٍ شَاتٍ, وبه من أَثَرُ الفقرِ والبؤسِ والضرّ أمرٌ عظيمٌ، مع غزارةِ علمه, واتِّسَاعِ أدبه, وفضلهِ المشهور, ومعرفتهِ بصنوفِ العلم، سِيمَا علم الأثر والأخبار وسير العرب وأيامها، فقلت له: مهلا أيها الشيخ وصَبراً، فإنك بعينِ اللهِ, ومَرأَى منه ومَسمَع، وما جَمَعَ اللهُ لأحد شَرَفَ العِلمِ وعِزَّ المالِ، فقال: ما لا بُدَّ منه من الدنيا فليس منه بُدُّ, ثم قال:
يا مِحنةَ الدهرِ كُفِّي ... إن لم تُكُفِّي فَخِفِّي
قد آن أن ترحمينا ... من طول هذا التَّشَفِي
طلبتُ جَدًّا لنفسي ... فقيل لي قد تُوفي
فلا عُلومي تُجدِي ... ولا صناعةَ كَفِّي
ثَورٌ ينالُ الثُّرَيَّا ... وعَالِمٌ مُتَخَفِّي
[ قلت ]: "الجليس والأنيس" واسمه الكامل: "الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي" كتاب حديث وأدب وأخبار وفوائد, من أجل وأمتع ما صُنف في بابه وهو بالأسانيد, طبع في أربع مجلدات في دار عالم الكتب 1413 هـ بتحقيق موسى الخولي وإحسان عباس/ رابط تحميله
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
145- تيس مُعَلَّم
الحسن بن أبي الحسن صافي أبو نزار النحوي البغداذىّ الشافعي, المعروف بـ: ملك النحاة [ت 568 هـ]
من طريف ما يحكى عن ملك النحاة : أن نور الدين محمودا [ ابن زنكى ]خلع عليه خلعة سنية, ونزل ليمضي إلى منزله، فرأى في طريقه حلقة عظيمة، فمال إليها لينظر ما هي، فوجد رجلا قد عَلَّم تيسا له استخراج الخبايا، وتعريفه من يقول له من غير إشارة، فلما وقف عليه ملك النحاة قال الرجل لذلك التيس: في حلقتي رجل عظيم القدر، شائع الذكر، ملك في زي سوقة، أعلم الناس وأكرم الناس وأجمل الناس، فأرني إياه
فشقّ ذلك التيس الحلقة, وخرج حتى وضع يده على ملك النحاة، فلم يتمالك ملك النحاة أن خلع تلك الخلعة, ووهبها لصاحب التيس، فبلغ ذلك نور الدين فعاتبه, وقال: استخففت بخلعتنا حتى وهبتها من طرقيّ؟!, فقال: يا مولانا عُذْرِي في ذلك واضح, لأنّ في هذه المدينة زيادة على مائة ألف تيس، ما فيهم من عرف قدري إلا هذا التيس، فجازيته على ذلك
فضحك منه نور الدين, وسكت.
المصدر :[ معجم الأدباء 2/ 870]
قلت - رحم الله والدي-:
ترجمة ملك النحاة غريبة, تجدها في : " معجم الأدباء " 2/870, و"وفيات الأعيان" 1 /134, و"إنباه الرواة" 1: 305, و"بغية الوعاة" 1 /504, وذكره العماد الكاتب في "الخريدة", (قسم العراق), كان يقول: هل سيبويه إلا من رعيّتى وحاشيتى!, ولو عاش ابن جنّى لم يسعه إلا حمل غاشيتى, ومن ظريف ما يحكى عنه: أنه كان يستخف بالعلماء؛ فكان إذا ذكر واحد منهم، قال: كلب من الكلاب، فقال له رجل: أنت إذا لست ملك النحاة، بل ملك الكلاب, فاستشاط غضبا, وقال: أخرجوا عني هذا الفضولي, وكان يغضب على من لم يسمه بملك النحاة, قال السيوطي: له عشر مسائل استشكلها في العربية, سماها: المسائل العشر المتعبات إلى الحشر، ذكرناها في الطبقات الكبرى.اهـ
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
146- ما يحمل على الطهارة
ذكر ابن ناجي في "شرح الرسالة" و"المدونة" في الكلام على دم البراغيث: أن ثمانية أشياء تحمل على الطهارة, وهي: طِينُ المطر, وأبوابُ الدُّورِ, وحبلُ البئر, والذباب يقع على النجاسة, وقَطرُ سقفِ الحمام, وميزابُ السطوح, وذيلُ المرأة, وما نسجه المشركون. انتهى. والله تعالى أعلم.
المصدر : [ مواهب الجليل في شرح مختصر خليل 1 /152]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
147- مفاضلة بين شاعرين
قيل: حضر المتنبي مجلس أبي علي الحسن بن نصر البازيار وزير سيف الدولة، وهناك ابن خالويه، فتماريا في أشجع السلمي وأبي نواس، فقال ابن خالويه: أشجع أشعر إذ قال في هارون الرشيد:
وعلى عدوّك يا ابن عمّ محمد ... رصدان ضوء الصبح والإظلام
فإذا تنبّه رعته وإذا غفا ... سَلَّت عليه سيوفك الأحلام
فقال المتنبي: لأبي نواس ما هو أحسن من هذا، قوله في آل برمك :
لم يظلم الدهر إذ توالت ... فيهم مصيباته دراكا
كانوا يجيرون من يعادي ... منه فعاداهم لذاكا
ثم قال المتنبي: أبو نواس أشهر في الدنيا من الدنيا:
قل للذي قاس به غيره ... أَقِسْتَ يُسرَاك إلى اليُمنى
فابكِ على عقلكِ من نَقْصِهِ ... بُكاء قيس من هَوَى لبنى
المصدر: [معجم الأدباء 3/ 1033]
قلت - رحم الله والدي-:
أَشْجَعُ السُّلَميُّ: أبو الوليد أشجع بن عمرو السلمي، من بني سُليم، من قيس عيلان: شاعر فحل، كان معاصرا لبشار, مدح البرامكة وانقطع إلى جعفر بن يحيى فقرّبه من الرشيد، فأعجب الرشيد به، فأثرى وحسنت حاله، وعاش إلى ما بعد وفاة الرشيد ورثاه. واخباره كثيرة/ ت نحو 195 هـ / ترجمته في أعلام للزركلي [1 / 331]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
148- كلمات من لغة العرب
[ قال ياقوت الحموي رحمه الله]: نقلت من خطّ ابن خَالَويه في نُسخةِ كِتابٍ كَتَبَهُ إلى سيف الدولة, يُخبره بما يُقرِىء وَلَدَيه: أبا المكارم, وأبا المعالي، قال في أثنائه:
فإن قيل لنا: كيف صَرَّفْتَ الفِعلَ من : بسم الله، والأسماءُ لا تتصرف ؟, حيث قلت:
لقد بَسْمَلَتْ ليلى غداةَ لَقِيتها ... فيا حَبَّذا ذاك الحبيبُ المُبَسْمِلُ
فالجواب: أنّ العرب فعلت ذلك في سَبعِ كَلِماتٍ شَذَّتْ, وكَثُرَ استعمالهم إياهن، وهُنَّ:
" بَسْمَل " : إذا قال: بسم الله
و" حَمْدَل ": إذا قال: الحمد لله
و" حَيْعَل " : إذا قال: حيّ على الفلاح
و" جَعْفَل ": إذا قال: جعلت فداك
و" حَوْلَق ": إذا قال: لا حول ولا قوة إلا بالله.
وأما " حَوْقَل الشيخ " فمعناه دنا للفناء إذا ادرهَمّ وخرف, وصار هِمّاً إِنقحلا , و نَيَّفَ على المائة شررى, قال الراجز:
يا قوم قد حوقلت أو دنوت
والحرف السابع:
" هَيْلَل ": إذا قال: لا إله إلا الله، لا ثَامِنَ لها.
قال المؤلف [ ياقوت ] - رفق الله به -: الذي ذكره ابن خالويه سبعة، ونسي الثامن, وهو:
" حَسْبَل": إذا قال: حسبنا الله.
المصدر : [ معجم الأدباء 3/ 1033]
قلت - رحم الله والدي-:
الشعر لعمر بن أبي ربيعة الشاعر الأموي, وقد وجدت كلمات غيرها ذكرها القرطبي في تفسيره [1 / 97] فقال:
" سَبْحَل " ، إذا قال: سبحان الله, و" حَيْصَل " ، إذا قال: حي على الصلاة, و" طَبْقَل " ، إذا قال: أطال الله بقاءك, و" دَمْعَز " ، إذا قال: أدام الله عزك, و" حَيْفَل " ، إذا قال: حي على الفلاح.
وقال: " حَوْقَل " بدل: " حولق " ، إذا قال: لا حول ولا قوة إلا بالله.
بيان وتوضيح: قال الأزهري في "تهذيب اللغة" [6 / 280]: ادرَهَمَّ هَرَمَا وادرهماما، إذا هَرِمَ.
وقال الزبيدي في "تاج العروس" [30 / 239]: " إِنقحل ": بكسر الهمزة كـ: " جردحل " أي مُسِن، وكذلك: امرأة إنقحلة، وأنشد الأصمعي:
لما رأتني خلقا إنقحلا
وقد يقال الإنقحل في البعير، قال ابن جني: ينبغي أن تكون الهمزة في " إنقحل " للإلحاق بما اقترن بها من النون، من باب " جردحل " ، ومثله ما روى عنهم من قولهم: " رجل إنزهو " ، و" امرأة إنزهوة " إذا كانا ذوي زَهْو، ولم يَحْكِ سيبويه من هذا الوزن إلا " إنقحلا " وحده.اهـ
.
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
149- حكم قتل القمل
قال ابن مرزوق: سمعت عن بعض من عاصرته من الفضلاء الصالحين - رحمه الله - أنه كان يقول: من احتاج إلى قتل قملة في ثوبه، أو في المسجد على القول بنجاستها ينوي بقتلها الذكاة, ليكون جلدها طاهرا فلا يضره
ولا أدري هل رأى ذلك منقولا، أو قاله من رأيه, إجراء على القواعد؟, وهو وإن كان محتملا لأبحاث لا بأس به. انتهى.
قلت: وهذا ينبني على أن القمل مُباح أكله، أو مكروه, ولم أَرَ في ذلك نَصاًّ صَريحا, بل رأيت في "حياة الحيوان" للدميري من الشافعية: أن القمل حرام بالإجماع, أو يكون بَنَى ذلك على طريقة ابن شاس في أن الذكاة تعمل في محرم الأكل وتطهره.
فرع: الصئبان الذي يتولد من القمل لم أر فيه نصا, ولا شك في طهارته على القول بأن القملة لا نفس لها سائلة, وأما على المشهور فهو محل نظر, والظاهر أنه طاهر, أو معفو عنه لعسر الاحتراز منه
المصدر : [ مواهب الجليل في شرح مختصر خليل 1 / 98 ]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
150- تنبيه على اصطلاح
[ قال النووي - رحمه الله -]:
اعلم أنه متى أطلق " القاضى " فى كتب متأخري الخراسانيين كـ: " النهاية " ، و" التتمة " ، و" التهذيب " ، وكتب الغزالى ونحوها، فالمراد: "القاضى حسين"
ومتى أطلق القاضى فى كتب متوسط العراقيين، فالمراد : "القاضى أبو حامد المروروذى"
ومتى أطلق فى كتب الأصول لأصحابنا، فالمراد : "القاضى أبو بكر الباقلانى" الإمام المالكى فى الفروع
ومتى أطلق فى كتب المعتزلة أو كتب أصحابنا الأصوليين حكاية عن المعتزلة، فالمراد به : "القاضى الجبائى " , والله أعلم.
المصدر : [ تهذيب الأسماء واللغات 1/ 165 ]
قلت - رحم الله والدي-:
" القاضى حسين ": هو الإمام أبو على الحسين بن محمد المروزى، ويقال له أيضًا: المرورذى، بالذال المعجمة وتشديد الراء الثانية وتخفيفها /ت462هـ
و" القاضى أبو حامد المروروذى ": وهو منسوب إلى مرو الروز، مدينة معروفة بخراسان، واسمه:أحمد بن بشر بن عامر القاضى العامرى ، ثم البصرى/ت 362هـ
و" القاضى أبو بكر الباقلانى ": محمد بن الطيب بن محمد المتكلم الأشعري/ت 403/ هـ
و" القاضى الجبائى ", هكذا في المطبوع, والمعروف بـ: " الجبائي " عند المعتزلة اثنان: أبو علي محمد بن عبد الوهاب بن سلام الجبائي/ ت303 هـ , وابنه: أبو هاشم عبد السلام/ ت321 ه, ولم أر في ترجمتها أنهما توليا القضاء, ولعل الصواب :
" القاضي عبد الجبار ", وهو عبد الجبار بن أحمد, أبو الحسين الهمذاني الأسدأبادي/ت 415 هـ, ولي قضاء القضاة بالري, فهو أشهر من لقب عندهم بـ:" القاضي "
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
151- الخليل وعلم النجوم
الْخَلِيل بن أَحْمد الْأَزْدِيّ الفراهيدي [ت 170 هـ]
يُقَال: إِنَّه نظر فِي علم النُّجُوم، وفهمه، فَلم يحمده, وَقَالَ رَحمَه الله:
أبْلِغَا عَنِّيَ الْمُنجِّم أنِّي ... كافِرٌ بالَّذِي قَضتْهُ الْكواكب
عَالِمٌ أنَّ مَا يكونُ مِنَ الأمْ ... رِ قَضَاءٌ مِنَ المُهَيْمِنِ وَاجِب
المصدر : [ تاريخ العلماء النحويين للتنوخي ص 125 ]
============
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
152- حيلة لقراءة كتاب
محمد بن علي بن إسماعيل أبو بكر العسكري المعروف بـ: " مبرمان " [ت 345 هـ]
كان قَيِّماً بالنحو, أخذ عنه الفارسي والسيرافي, وكان ضنينا بالأخذ عنه، لا يُقْرِئُ " كتابَ سيبويه " إلا بمائة دينار، فقصده أبو هاشم الجبائي، فقال له: قد عَرفتُ الرَّسْمَ؟, قال: نعم؛ ولكن اسألك النَظِرَة، وأحمل لك شيئا يساوي أضعافَ القَدْرِ الذي تلتمسه، فَتَدَعُهُ عندك إلى أن يجيئني مال لي ببغداد، فأحمل إليك ما تريد، وأسترجع ما عندك، فتَمَنَّعَ قليلا ثم أجابه، فجاء أبو هاشم إلى زنفيلجة حسنة مُغَشَّاة بالأدم، مُحَلاَّة, فملأها حجارة وقفلها، وختمها، وحملها في منديل، حتى وضعها بين يديه, فلما رأى منظرها وثقلها لم يَشُكَّ في حقيقةِ ما ذَكَرَهُ، فوضعها عنده، وأَخَذَ عليه، فما مضت مدة حتى خَتَم الكتاب، فقال له: احمل مالي قِبَلك، فقال: انفذ معي غلامك حتى أدفع إليه، فأنفذه معه، فجاء إلى منزله, وكتب إليه رقعة فيها: قد تَعَذَّرَ عَلَيَّ حضور المال، وأرهقني السفر، وقد أَبَحْتُكَ التصرف في الزنفيلجة؛ وهذا خطي حجة بذلك.
وخرج أبو هاشم لوقته إلى البصرة، ومنها إلى بغداد، فلما وقف " مبرمان " على الرقعة، استدعي بالزنفيلجة، فإذا فيها حجارة، فقال: سَخِرَ منا أبو هاشم، لا حَيَّاهُ الله! , واحتال على ما لم يَتِم لغيره قط.
المصدر : [بغية الوعاة 1/ 176]
قلت - رحم الله والدي-:
بيان وتوضيح: ترجمة مبرمان في بغية الوعاة [1 / 175/295 ]
وأبو هاشم الجبائي: عبد السلام ابن الأستاذ أبي علي محمد بن عبد الوهاب بن سلام الجبائي، المعتزلي، من كبار الأذكياء, أخذ عن والده,/ ت 621 هـ, ترجمته في السير [15/ 64]
قلت: تنسب إليه فرقة: البهشمية, وهو ممن أعطوا ذكاء, ولم يعطوا زكاء, فكان ذكائه وعلمه وبالا عليه, حكيت عنه طوام وشنائع في علم الكلام المذموم, قال الاسفراييني في "التبصير" [1 / 86] : أكثر المعتزلة اليوم على مذهبه لأن ابن عباد كان يدعو إلى مذهبه, وكان أبو هاشم هذا مع إفراطه في القول بالوعيد أفسق أهل زمانه حتى قال في صفته شاعر [من ] المرجئة
(يعيب القول بالإرجاء حتى ... يرى بعض الرجاء من الجرائر)
(وأعظم من ذوي الإرجاء جرما ... وَعِيدِيٌّ أصر على الكبائر)
الزنفيلجة: معرب " زنبيلجه " , وهي الصغار من الزنابيل
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
153- ومن الشعر ما قتل
[ قال ابن العديم ]: سمعت والدي رحمه الله يقول لي: بلغني أن "المتنبي" لما خرج عليه قُطَّاعُ الطريقِ, ومعه ابنه وغلمانه أراد أن ينهزم، فقال له ابنه: يا أَبَةِ. وأين قولك ؟ :
الخيلُ والليلُ والبيداءُ تعرفني ... والطعنُ والضربُ والقرطاسُ والقلمُ
فقال له: قتلتني يا ابن اللخناء, ثم ثبت, وقاتل حتى قتل.
المصدر : [ بغية الطلب فى تاريخ حلب 2/ 682 ]
قلت - رحم الله والدي-:
كثير من الشعراء كانوا ضحية شعرهم, وقديما قيل في المثل: "رُبَّ كلمةٍ تقولُ لصاحبها دَعني", وفي كتاب "قصائد قتلت أصحابها", ذكر فيه اثنا عشر شاعرا كان شعرهم وبالا عليهم, أولهم أبو الطيب المتنبي, ولو تتبعوا في كتب الأدب والتاريخ لزادوا على ذلك, والله أعلم
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
154- مَمْدُوح مُدَقِّق
[ قال الحافظ السلفي ]: سَمِعت أَبَا الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنَ يُوسُفَ بْنِ نَامٍ الْيَعْمُرِيُّ الْبَيَّاسِيُّ بالثَّغْرِ يَقُولُ: سَمِعت فَاخِرَ بْنَ فَاخِرٍ الْقُرْطُبِيَّ بالْأَنْدَلُسِ يَقُولُ :
مَدَحَ عَبْدُ الْجَلِيلِ بْنُ وَهْبُونٍ الْمُرْسِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالدَّمْعَةِ الْمُعْتَمِدَ بْنَ عَبَّادٍ بقَصِيدَةٍ فِيهَا تِسْعُونَ بَيْتًا فَأَجَازَهُ بِتِسْعِينَ دِينَارًا, فِيهَا دِينَارٌ مَقْرُوضٌ, فَلَمْ يَعْرِفِ الْعِلَّةَ فِي ذَلِكَ, إِلَى أَنْ تَأَمَّلَهَا, وَإِذَا هُوَ قَدْ خَرَجَ مِنَ الْعَرُوضِ الطَّوِيلِ فِي بَيْتٍ إِلَى الْعَرُوضِ الْكَامِلِ, فَعَرَفَ حِينَئِذٍ السَّبَبَ
المصدر : [معجم السفر ص29 رقم: 58 ]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
155- التقوى أولا
قال الخطيب: أخبرنا القاضي أبو عبد الله الضّيمري قال: حدثنا الرئيس أبو الحسن علي بن عبد العزيز في مجلسه في دار الخلافة قال:
حَضرتُ مجلسَ أبي بكر أحمد بن سلمان النجاد وهو يُمْلِي, فغَلِط في شيء من العربية، فرَدَّ عليه بعض الحاضرين، فاشتَدَّ عليه، فلما فرغ من المجلس، قال: خُذُوا، ثم قال: أنشدنا هلال بن العلاء الرقيّ:
سَيَبْلَي لِسَانٌ كان يُعرِبُ لَفظَهُ ... فيا ليته في مَوقِف العَرْضِ يَسْلَمُ
وما يَنفعُ الإِعرَابُ إِنْ لم يَكُنْ تُقًى ... وما ضَرَّ ذا تَقْوى لِسَانُ مُعجَمُ
المصدر : [ بغية الطلب فى تاريخ حلب 2/ 771 ]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
156- علاج المصائب
علاج فقد المحبوب بثمانية أشياء
أحدها: أن يعلم أن القَدَرَ قد سَبَقَ بذلك, قال الله عز وجل: { ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها }, ثم قال سبحانه: { لكي لا تأسوا على ما فاتكم }, والمعنى أن المصائب مُقَدَّرَة, لا أنها وقعت على وجه الاتفاق, كما يقول الطبائعيون, ولا أنها عَبَثٌ, بل هي صادرة عمن صدرت عنه مُحْكَمَاتُ الأمور, ومُتْقَنَاتُ الأعمال, وإذا كانت صادرة عن تدبير حكيم لا يَعْبَثْ إما لزجر عن فساد, أو لتحصيل أجر, أو لعقوبة على ذنب, وقع التسلي بذلك
الثاني: العلم بأن الدنيا دار الابتلاء والكرب, لا يُرْجَى منها راحة
وما استغربت عيني فراقا رأيته ... ولا أعلمتني غير ما القلب عالمه
والثالث: العلمُ بأنَّ الجَزَع مصيبة ثانية
والرابع: أن يُقَدِّر وجودَ ما هو أكبر من تلك المصيبة, كمن له ولدان ذهب أحدهما
والخامس: النَّظَرُ في حالِ من ابْتُلِيَ بمثل هذا البلاء, فإن التأسي راحة عظيمة, قالت الخنساء:
ولولا كثرة الباكين حولي ... على إخوانهم لقتلت نفسي
وما يبكون مثل أخي ولكن ... أعزي النفس عنه بالتأسي
وهذا المعنى قد حَرَمَهُ اللهُ عز وجل أهلَ النارِ, فإن كل واحد من المُخَلَّدِين فيها محبوسٌ وحده, يظن أنه لم يَبْقَ في النار سِواه
والسادس: النظرُ في حالِ من ابْتُلِيَ بأكثر من هذا البلاء فيُهَوَّنُ هذا
والسابع: رجاءُ الخَلَفِ إِن كان من معنى يَصْلُحُ عنه الخَلَفُ كالولد والزوجة
قيل للقمان: ماتت زوجتك ؟, فقال: تَجَدَّدَ فِراشي, وأنشدوا
هل وصل غرة إلا وصل غانية ... في وصل غانية من وصلها خلف
والثامن: طلبُ الأجرِ بحمل أعباء الصبر, فليَنْظُرْ في فضائلِ الصبرِ وثوابِ الصابرين وسيرتِهم في صبرِهِم, وإن تَرَقَّى إلى مقامِ الرضى فهو الغَايَةُ
المصدر : [الثبات عند الممات ص 29 ]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
157- الشعر وحلاوة الإيمان
عن السري بن إسماعيل, عن الصدار بن حريث, قال:
قُرِئَ علينا كِتاب عمر بن الخطاب إلى سعد بن أبي وقاص: أما بعد؛ فاجمع من قِبَلك من الشعراء, فسَلْهُم ماذا فَقَدُوا من شعرهم؟ , وما بقي منه؟, فجمعهم سعدٌ, فسألهم عن ذلك, فكُلُّهُم زعم أنه أغزر ما كان شعراً, وأَقْدره عليه, إلا لبيدٌ, فإنه حَلف بالذي هداهُ إلى الإسلام, ما قَدِرْتُ على أن أقولَ بيتاً واحداً منذ أسلمتُ, فكتب بذلك إلى عمر؛ فكتب إليه عمر: قد فهمتُ ما ذكرتَ, وإنه لم يدخل قلبَ رجلٍ منهم الإيمانُ كدخوله قلبَ لبيد, فاعرِفُوا له حَقَّ الإسلامِ وكرامته, والسلام.
فلما كان بعد, لقيه عمر فقال: يا لبيد, ما فعَلَت:
عفت الديار محلها فمقامها ... تأبد غولها فرجامها
قال: أبدلني الله بها -يا أمير المؤمنين- خيراً منها, قال: ماذا؟ , قال: سورة البقرة, قال: صدقت -والله – بها
المصدر: [منتخب من كتاب الشعراء لأبي نعيم الأصبهاني ص: 2]
قلت - رحم الله والدي-:
لبيد بن ربيعة العامري أبو عقيل الشاعر، صاحب المعلقة الشهيرة, صحابي جليل, ترجم له ابن عبد البر في "الاستيعاب"[3/ 1335] فقال: قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - سنة وفد قومه بنو جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، فأسلم وحَسُن إسلامه,
وقصته مع عمر رضي الله عنه أخرجها أيضا ابن سعد في طبقاته [القسم متمم الصحابة الطبقة الرابعة 1/ 592 /ح 271] بلفظ آخر, وجعل الأمير" المغيرة" لا "سعدا" رضي الله عنهما, فقال: أخبرنا نصر بن ثابت قال: حدثنا داود بن أبي هند , عن الشعبي قال:
كتب عمر بن الخطاب إلى المغيرة بن شعبة, وهو عامله على الكوفة: أن ادع من قبلك من الشعراء , فاستنشدهم ما قالوا من الشعر في الجاهلية والإسلام, ثم اكتب بذلك إلي, فدعاهم المغيرة، فقال للبيد بن ربيعة: أنشدني ما قلت من الشعر في الجاهلية والإسلام، قال: قد أبدلني الله بذلك سورة البقرة، وسورة آل عمران، وقال للأغلب العجلي: أنشدني، فقال: أَرَجَزاً تُرِيدُ أم قصيدا ؟, لقد سألت هينا موجودا, قال: فكتب بذلك المغيرة إلى عمر، فكتب إليه عمر: أن انْقُص الأغلبَ خمس مائة من عطائه, وزدها في عطاء لبيد، فرحل إليه الأغلب، فقال: أتنقصني أن أطعتك؟, قال: فكتب عمر إلى المغيرة: أن رُدَّ على الأغلبِ الخمس مائة التي نقصته، وأَقْرِرْها زيادة في عطاء لبيد بن ربيعة
وقال ابن عبد البر في "الاستيعاب" [3 /1337]: قال له عمر بن الخطاب يوما: يا أبا عقيل، أنشدني شيئا من شعرك, فقال: ما كنت لأقول شعرا بعد أن علمني الله البقرة وآل عمران، فزاده عمر في عطائه خمسمائة، وكان ألفين، فلما كان في زمن معاوية قال له معاوية: هذان الفودان, فما بال العلاوة؟, يعني بالفودين الألفين, وبالعلاوة الخمسمائة, وأراد أن يَحُطَّهَا، فقال: أموت الآن، فتبقى لك العلاوة والفودان, فرق له، وترك عطاءه على حاله، فمات بعد ذلك بيسير.
وقال أيضا: قد قال أكثر أهل الأخبار: أن لبيدا لم يقل شعرا منذ أسلم, وقال بعضهم: لم يقل في الإسلام إلا قوله:
الحمد لله إذ لم يأتني أجلي ... حتى اكتسيت من الإسلام سربالا
وقد قيل: إن هذا البيت لقردة بن نفاثة السلولي، وهو أصح عندي، وقال غيره: بل البيت الذي قاله في الإسلام, قوله:
ما عاتب المرء الكريم كنفسه ... والمرء يصلحه القرين الصالح
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
158- مَطلُ الغني
[ قال الضراب ]: نا أحمد بن مروان، نا الحسن بن الحسين، قال: سمعت أبي يقول:
مَرَّ بُهلول في السوقِ وهو يأكل، فاستقبله بعض أصحابنا، فقال له: يا بُهلول، تأكل في السوق ؟!
فقال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (( مطل الغني ظلمٌ )).
وأنا لَحِقَنِي الجوعُ في السوقِ، وفي كَفِّي رَغيفٌ، فكَرِهْتُ أن أَمطل نَفسي.
المصدر : [ عقلاء المجانين للضراب ص: 2 ]
قلت - رحم الله والدي-:
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يأتي عليكم عام ولا يوم إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم», قارن بين مجانينهم ومجانينا اليوم, بل عقلائنا, فكثيرٌ من عوامهم بل مثقفيهم لا يُحسِنون قِراءةَ حديث شريف قِراءةً صَحيحةً, فكيف بفهمه والتفقه فيه حتى يحسنوا أن يضمنوه كلامهم ومخاطباتهم اليومية كما صنع بهلول ؟!
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
159- مما يُهون المصيبة
قال أبو الوفاء بن عقيل: مات ولدي عقيل, وكان قد تفقه وناظر, وجمع أدبا حسنا, فتَعَزَّيْتُ بقصة عمرو بن عبد ود الذي قتله علي عليه السلام, فقالت أمه ترثيه:
لو كان قاتل عمرو غير قاتله ... ما زلت أبكي عليه دائم الأبد
لكن قاتله من لا يُعابُ به ... من كان يُدعى أبوه بيضة البلد
فأسلاها وعزاها جلالة القاتل, والافتخار بأن ابنها مقتول له, فنظرت إلى أن القاتل ولدي المالك الحكيم, فهان القتل والمقتول لجلالة القاتل
المصدر : [ الثبات عند الممات ص 50]
قلت - رحم الله والدي-:
رحم الله إمامنا ابن عقيل, وعظم الله له أجره على موت فلدة كبده, وقصة قتل عمرو بن عبد ود العامري أخرجها الحاكم في مستدركه [3 / 34/ 4329] حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا أحمد بن عبد الجبار، ثنا يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، قال: كان عمرو بن عبد ود ثالث قريش، وكان قد قاتل يوم بدر حتى أثبتته الجراحة، ولم يشهد أحدا، فلما كان يوم الخندق خرج معلما ليرى مشهده، فلما وقف هو وخيله قال له علي: يا عمرو, قد كنت تعاهد الله لقريش أن لا يدعو رجل إلى خلتين إلا قبلت منه أحدهما، فقال عمرو: أجل، فقال له علي رضي الله عنه: فإني أدعوك إلى الله عز وجل وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم والإسلام، فقال: لا حاجة لي في ذلك، قال: فإني أدعوك إلى البراز، قال: يا ابن أخي، لم ؟ , فوالله ما أحب أن أقتلك، فقال علي: لكني أحب أن أقتلك، فحمي عمرو, فاقتحم عن فرسه فعقره، ثم أقبل فجاء إلى علي، وقال: من يبارز؟ , فقام علي وهو مقنع في الحديد، فقال: أنا له يا نبي الله، فقال: إنه عمرو بن عبد ود, اجلس، فنادى عمرو: ألا رجل؟ , فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم, فمشى إليه علي رضي الله عنه وهو يقول:
لا تعجلن فقد أتاك ... مجيب صوتك غير عاجز
ذو نبهة وبصيرة ... والصدق منجى كل فائز
إني لأرجو أن أقيم ... عليك نائحة الجنائز
من ضربة نجلاء ... يبقى ذكرها عند الهزاهز
فقال له عمرو: من أنت؟, قال: أنا علي, قال: ابن من؟, قال: ابن عبد مناف, أنا علي بن أبي طالب، فقال: عندك يا ابن أخي من أعمامك من هو أسن منك, فانصرف فإني أكره أن أهريق دمك، فقال علي: لكني والله ما أكره أن أهريق دمك، فغضب، فنزل فسل سيفه كأنه شعلة نار، ثم أقبل نحو علي مغضبا, واستقبله علي بدرقته, فضربه عمرو في الدرقة فقدها، وأثبت فيها السيف, وأصاب رأسه فشجه، وضربه علي رضي الله عنه على حبل العاتق، فسقط, وثار العجاج، فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم التكبير، فعرف أن عليا قتله، فثم يقول علي رضي الله تعالى عنه:
أعلي يقتحم الفوارس هكذا ... عني وعنهم أخروا أصحابي
اليوم يمنعني الفرار حفيظتي ... ومصمم في الرأس ليس بنابي
إلا ابن عبد حين شد إليه ... وحلفت فاستمعوا من الكتاب
إني لأصدق من يهلل بالتقى ... رجلان يضربان كل ضراب
فصدرت حين تركته متجدلا ... كالجذع بين دكادك وروابي
وعففت عن أثوابه ولو أنني ... كنت المقطر يزن أثوابي
عبد الحجارة من سفاهة عقله ... وعبدت رب محمد بصواب
ثم أقبل علي رضي الله عنه نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجهه يتهلل، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: هلا أسلبته درعه فليس للعرب درعا خيرا منها، فقال: ضربته فاتقاني بسوءته, واستحييت ابن عمي أن استلبه, وخرجت خيله منهزمة حتى أقحمت من الخندق
وذكر القصة أيضا ابن عبد البر في الدرر [1 /174] وفيها عنده: فتنازلا وتجاولا، وثار النقع بينهما حتى حال دونهما، فما انجلى النقع حتى رؤي عَلِيٌ على صدر عمرو يقطع رأسه. فلما رأى أصحابه أنه قد قتله عَلِيٌّ اقتحموا بخيلهم الثغرة منهزمين هاربين، وقال علي -رضي الله عنه- في ذلك:
نصر الحجارة من سفاهة رأيه ... ونصرت دين محمد بضراب
لا تحسبن الله خاذل دينه ... ونبيه يا معشر الأحزاب
نازلته وتركته متجدلا ... كالجذع بين دكادك وروابي
وأخرج الحاكم أيضا رواية أخرى للشعر الذي رثي به, وجعله من قول أخته عمرة بنت عبد ود [3 / 35]:
لو كان قاتل عمرو غير قاتله ... بكيته ما أقام الروح في جسدي
لكن قاتله من لا يعاب به ... وكان يدعى قديما بيضة البلد
ثم قال الحاكم بعد ذلك: قد ذكرت في مقتل عمرو بن عبد ود من الأحاديث المسندة ومعا، عن عروة بن الزبير، وموسى بن عقبة، ومحمد بن إسحاق بن يسار ما بلغني ليتقرر عند المنصف من أهل العلم، أن عمرو بن عبد ود لم يقتله، ولم نشترك في قتله غير أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وإنما حملني على هذا الاستقصاء فيه قول من قال من الخوارج: إن محمد بن مسلمة أيضا ضربه ضربة، وأخذ بعض السلب، ووالله ما بلغنا هذا عن أحد من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم، وكيف يجوز هذا وعلي رضي الله عنه يقول ما بلغنا: « أني ترفعت عن سلب ابن عمي فتركته», وهذا جوابه لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم "
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
160- الدعوة إلى الله بحكمة
[ قال الحافظ الضياء ]: سمعت أبا محمد مسعود بن أبي بكر المقدسي يقول:
كنت بقرية - سماها- أُصَلِّي بهم، فرأيت شاباً حَسَن الشباب لا يُصَلِّي، فقلت لهم: ما لهذا لا يصلي؟ , فقالوا: هذا من أمراء التيامنة، قال: فاتفق أنني ذكرت له الصلاة, وحَرَّضْتُهُ عليها، فقال: أنا لا أَعْرِف، فقلت: أنا أُعَرِّفُكَ، وأمرتُه بالشهادةِ, والغسل ففعل، وجاء فصلى, ولم يقطعها بعد ذلك
قال: فتعجب أهل القرية من ذلك كثيراً، وقالوا لي: فهذا قد تزوج امرأة أخيه, ولم تقض العدة، إنما تركها بعد موت أخيه عشرة أيام، فسألته: فقال: نعم، فجئت إلى الشيخ الموفق فقال: يعتزلها حتى تقضي العدة، قال: ثم إن الشيخ الموفق سَأَل عني، وسأل الجماعة عن هذه المسألة, فكُلٌّ منا يقول: تحتاج إلى العدة، فقال الشيخ أبو عمر: إن كانت المرأة قد أسلمت مثله وقت إسلامه لم تحتج إلى عدة، وحكمها حكم المشركين, فقال الشيخ الموفق: هكذا هو الحكم، لأن هؤلاء القوم ليسوا بمسلمين, ولا أ هل كتاب، أو ما هذا معناه, فمضيت إلى القرية فسألته عن المرأة، فقال: إنها أسلمت وقت إسلامه، فقلت: لا حاجة إلى العدة.
المصدر: [ أحوال أبي عمر المقدسي للضياء المقدسي ص: 217 ]
قلت - رحم الله والدي-:
رحم الله الإمام أبا عمر المقدسي وجزاه خيرا, فبحسن دعوته وحكمته وتلطفه أنقد الله هذا الرجل وأهله من الهلاك والبوار, وساقه إلى الإسلام سوقا جميلا, وهكذا هم العلماء العاملون الراسخون, فهم أرحم الناس بالناس, وأرأف خلق الله بخلقه دعوة وإرشادا وتعليما, كما كان حال قدوتهم ومعلمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم
والإمام أبو عمر المقدسي: هو الشيخ الصالح الزاهد العابد محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة بن مقدام بن نصر بن عبد الله الجماعيلي, أخو الشيخ موفق الدين ابن قدامة صاحب "المغني"/ت607 هـ , ترجمته في ذيل طبقات الحنابلة [3 / 109], وقد ألف الحافظ الضياء المقدسي "جزءا" في أخباره وأحواله, طبع في دار الضياء طنطا 1424 بتحقيق عمرو بن عبد المنعم سليم
ولشيخ الإسلام العلامة الرباني محمد بن علي الشوكاني جواب عن حال قوم مثل حال هذا الرجل التيمي أنقله للفائدة, وهو من رسالته: "إرشاد السائل إلى دلائل المسائل" طبعت ضمن فتاويه المسماة بـ: "الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني"[ 9 /4492], قال رحمه الله: السؤال الثاني حاصله: ما حكم الأعراب، سكان البادية الذين لا يفعلون شيئًا من الشرعيات إلا مجرد التكلم بالشهادة، هل هم: كفار أم لا ؟ , وهل يجب على المسلمين غزوهم أم لا ؟
أقول: من كان تاركًا لأركان الإسلام، وجميع فرائضه، ورافضًا لما يجب عليه من ذلك من الأقوال والأفعال، ولم يكن لديه إلا مجرد التكلم بالشهادتين فلا شك ولا ريب أن هذا كافر شديد الكفر، حلال الدم والمال، فإنه قد ثبت بالأحاديث المتواترة أن عصمة الدماء والأموال إنما تكون بالقيام بأركان الإسلام، فالذي يجب على من يجاور هذا الكافر من المسلمين في المواطن والمساكن أن يدعوه إلى العمل بأحكام الإسلام، والقيام بما يجب عليه القيام به على التمام، ويبذل تعليمه ويلين له القول، ويسهل عليه الأمر، ويرغبه في الثواب، ويخوفه من العقاب، فإن قبل منه ورجع إليه وعول عليه وجب عليه أن يبذل نفسه لتعليمه، فإن ذلك من أهم الواجبات وآكدها، أو يوصله إلى من هو أعلم منه بأحكام الإسلام، وإن أصر ذلك الكافر على كفره وجب على من يبلغه أمره من المسلمين أن يقاتلوه حتى يعمل بأحكام الإسلام على التمام، فإن لم يعمل فهو حلال الدم والمال، حكمه حكم أهل الجاهلية.
وما أشبه الليلة بالبارحة! وقد أبان لنا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قولاً وفعلاً ما نعتمده في قتال الكافرين، والآيات القرآنية، والأحاديث النبوية في هذا الشأن كثيرة جدًا, معلومة لكل فرد من أهل العلم، بل هذا الأمر هو الذي بعث الله - سبحانه -فيه رسله، وأنزل لأجله كتبه، والتطويل في شأنه والاشتغال بنقل برهانه من باب الإيضاح الواضح، وتبيين البين, وبالجملة فإذا صح الإصرار على الكفر فالدار دار حرب بلا شك ولا شبهة، والأحكام الأحكام، وقد اختلف المسلمون في غزو الكفار إلى ديارهم، هل يشترط فيه الإمام الأعظم أم لا ؟ والحق الحقيق بالقبول أن ذلك واجب على كل فرد من أفراد المسلمين، والآيات القرآنية والأحاديث النبوية مطلقة غير مقيدة.
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
161- تعليم بالرجز
[ قال الربعي ]: حدثنا أحمد بن عبيد بن ناصح، ثنا الأصمعي، عن أبي عمرو بن العلاء قال:
أَسلم أعرابي في أيام عمر بن الخطاب، فجعل عُمر يُعَلِّمُه الصلاةَ، فيقول: صَلِّ الظهر أربعاً، والعصر أربعاً، والمغرب ثلاثاً، والعشاء أربعاً، والصبح ركعتين، فلا يَحفظ، ويُعيد عليه فلا يَحفظ، بل يجعل الأربع ثلاثاً، والثلاث أربعاً، فضَجِرَ عمر فقال: إن الأعراب أحفظ شيء للشعر, فقال:
إن الصلاة أربعٌ وأربع
ثم ثلاثٌ بعدهن أربع
ثم صلاة الفجر لا تضيع
أَحَفِظْتَ؟ , قال: نعم. قال: الحَق بأهلِك.
المصدر : [ منتقى من أخبار الأصمعي للربعي ص: 3 رقم 11 ]
قلت - رحم الله والدي-:
إن صح هذا فهي أول منظو مة رجزية تعليمية , ويقال: أن أول منظومة تعليمية هي المنظومة النحوية المنسوبة للخليل الفراهيدي رحمه الله / ت170هـ
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
162- أخوة قديمة
[ قال الربعي ] حدثنا محمد بن يونس، قال ثنا الأصمعي قال:
كان أعرابيان متواخيين بالبادية، فاستوطن أحدهما الريفَ، واختلَفَ إلى باب الحجاج بن يوسف فاستعمله على أصبهان، فسَمِع به أخوهُ الذي بالبادية، فضرب إليه فأقام ببابه حيناً لا يَصِل، ثم أَذِن له بالدخول، فأخذه الحاجب فمشى وجعل يوصيه, ويقول: سَلِّم على الأمير, فلم يلتفت إلى وصيته, وأنشأ يقول:
ولست مسلماً ما دمت حياً ... على زيدٍ بتسليم الأمير
فقال زيد: إذاً ما أبالي، فقال الأعرابي:
أتذكر إذ لحافك جلد شاةٍ ... وإذ نعلاك من جلد البعير
فقال: نعم، وإني لأذكر ذلك، فقال الأعرابي:
فسبحان الذي أعطاك ملكاً ... وعلمك الجلوسَ على السرير
قال: فأدناه وساءَلَه، وأمر له ببغلةٍ, فركبها وانطلق, فإذا هي نفرت, وألقته صريعاً, فأنشأ يقول:
أقول للبغل لما كاد يقتلني ... لا بارك الله في زَيْدٍ وما وهبا
إذ جاء بالبغل لما جئت سائله ... وأمسك الفضة البيضاء والذهبا
المصدر : [ منتقى من أخبار الأصمعي للربعي ص: 23 رقم 84 ]
قلت - رحم الله والدي-:
سَمَّى الجاحظُ "الأعرابِيَّ" في كتابه: "البغال" [ص 50]: بـ: "البردخت" الشاعر, قال: وممن صرعته بغلته "البردخت" الشاعر، واسمه: عليّ بن خالد, وهو الذي كان هجا جرير بن عطيّة، فقال جرير: من هذا الهاجي؟, قالوا: "البردخت", قال: وأيّ شيء البردخت؟ قالوا: الفارغ, قال: فلست أوّل من صَيَّرَ لهذا شُغْلا, وكان "زيد الضبّيّ" هو الذي حمله على ذلك البغل الذي صرعه، فقال:
أقول للبغل لمّا كاد يقتلني ... لا بارك الله في زيد وما وهبا
أعطاني الحتف لمّا جئت سائله ... وأمسك الفضّة البيضاء والذّهبا
وقال الوطواط في "غرر الخصائص الواضحة"[1 / 289]: هذان البيتان ذكرهما الجاحظ في كتاب: "البيان والتبيين" لأعشى همدان , وأنشد قبلهما:
فلست مسلماً ما دمت حياً ... على زيد بتسليم الأمير
قلت[ أبو يعلى ]: كذا قال, والأبيات في "التبيين" [3 / 277] غير معزوة لأحد
ووجدت الأبيات أيضا في قصة منسوبة لمعن بن زائدة الأمير الشجاع الجواد المشهور, ولم أجدها مع بحثي في كتاب متقدم فلتحرر, ونصها:
تذاكر جماعة فيما بينهم آثار معن, وأخبار حلمه وسعة كرمه، وغَالَوْا في ذلك كثيرا، فقام أعرابي من بينهم, وأخذ على نفسه أن يُغْضِبَهُ، فأنكروا عليه, ووعدوه مائة بعير إن هو فعل ذلك, فعمد الأعرابي إلى بعير فسلخه, وارتدى جلده جاعلا باطنه ظاهرا ، وظاهره باطنا ، ودخل على معن في مجلس الإمارة ولم يسلم، فلم يعره معن انتباهه فأنشأ الرجل (الأعرابي) يقول:
أتذكر إذ لحافك جلد شاة *** وإذ نعلاك من جلد البعير
قال معن: أذكره ولا أنساه، والحمد لله, فقال الأعرابي:
فسبحان الذي أعطاك ملكا *** وعلمك الج لوس على السرير.
قال معن: إن الله يعز من يشاء ويذل من يشاء, قال الأعرابي:
فلست مسلما ما عشت دهرا *** على معن بتسليم الأمير.
فقال معن: السلام خير.. وليس في تركه ضير, فقال الأعرابي:
سأرحل عن بلاد أنت فيها *** ولو جار الزمان على الفقير.
فقال معن: إن جاورتنا فمرحبا بالإقامة، وإن جاوزتنا فمصحوبا بالسلامة, فقال الأعرابي:
فجد لي يا ابن ناقصة بمال *** فإني قد عزمت على المسير.
فقال معن: أعطوه ألف دينار, تخفف عنه مشاق الأسفار, فأخذها الأعرابي وقال:
قليل ما أتيت به *** وإني لأطمع منك في المال الكثير.
فقال معن: أعطوه ألفا ثانيا كي يكون عنا راضيا, فقال الأعرابي:
فقد أتاك الملك عفوا *** بلا عقل ولا رأي منير.
فقال معن: أعطوه ألفين آخرين, فتقدم الأعرابي إليه وقال:
سألت الله أني بقيك دهرا *** فما لك في البرية من نظير
فمنك الجود والإفضال حقا *** وفيض يديك كالبحر الغزير
فقال معن: أعطيناه أربعة على هجونا فأعطوه أربعة على مدحنا, فقال الأعرابي: بأبي أيها الأمير ونفسي فأنت نسيج وحدك في الحلم، ونادرة دهرك في الجود، ولقد كنت في صفاتك بين مصدق ومكذب, فلما بلوتك صغر الخبر الخبر، وأذهب ضعفُ الشَكِّ قُوَّةَ اليقين، وما بعثني على ما فعلت إلا مائة بعير جعلت لي على إغضابك. فقال له الأمير: لا تثريب عليك، ووصله بمائتي بعير، نصفا للرهان, والنصف الآخر له، فانصرف الأعرابي داعيا له, شاكرا لهباته, معجبا بأناته.
وذكر الصابي في كتابه الممتع: "الهفوات النادرة" [ص15/ رقم84]: أنه دخل بعضهم إلى رئيس الرؤساء أبي القاسم بن المسلمة فقال له متعجباً من رئاسته التي عبقت به, وجلالته التي باتت له:
فسبحانَ الذي أعطاكَ ملكاً ... وعلَّمكَ الجلوسَ على السَّريرِ
فضحك رئيس الرؤساء منه، ولم يُعْلِمه بموضع غلطه، لعلمه بقلة معرفته, وبأنه لا يعلم أصله
واتفق أن اجتمعت به يوماً عند عميد الملك أبي نصر الكندري بعد قتل رئيس الرؤساء، فقال له: كيف أنشدت رئيس الرؤساء:
فسبحانَ الذي أعطاكَ ملكاً ... وعلَّمكَ الجلوسَ على السَّريرِ
أما تعلم أنه ثاني بيت، هو:
أتذكرُ غذ قميصك جلدُ شاةٍ ... وإذ نعلاكَ من جلد البعيرِ
فقال: والله يا مولاي ما أدري ما قلت، ولا أدري ما تقوله أنت الساعة لي، غير أنه مدحني به مادح فمدحت به رئيس الرؤساء, فضحك عميد الدولة حتى استلقى!
توضيح وبيان: ابن المسلمة: هو الصدر المعظم رئيس الرؤساء، أبو القاسم علي بن الحسن بن الشيخ أبي الفرج بن المسلمة, وزير الخليفة القائم بأمر الله العباسي, قال الذهبي: كان من خيار الوزراء العادلين, ت450هـ / ترجمته في سير الأعلام [18 /216]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
163- صبية شاعرة
[ قال الأصمعي ]: اجتمع عدةٌ من الشعراء، منهم: حميد بن ثور، ومزاحم بن مصرف العقيلي، والعجير السلولي, فقالوا: ائتوا بنا منزل "يزيد بن الطثرية" نتهكم به، فأتوه فلم يكن في منزله، فخرجت صبيةٌ له تدرج, فقالت: ما أردتم؟ , قالوا: أباك، قالت: وما تريدون منه؟ , قالوا: أردنا أن نتهكمه, فنظرت في وجوههم ثم قالت:
تجمعتم من كل أفقٍ وجانبٍ ... على واحدٍ لا زلتم قرن واحد
قالوا: فغُلِبْنَا والله.
المصدر : [منتقى من أخبار الأصمعي للربعي ص: 15]
قلت - رحم الله والدي-:
القصة ذكرها العلامة ابن قتيبة الدينوري في كتابه "الشعر والشعراء" [2 / 603], ونسبها لابنة عدىّ بن الرّقاع العاملي, قال: كانت له بنت تقول الشعر، وأتاه ناسٌ من الشعراءِ ليماتنوه، وكان غائبا عن منزله، فسمعت بنته، وهى صغيرةٌ لم تُدرِك، ذروا من وعيدهم، فخرجت إليهم وهى تقول:
تجمّعتم من كلّ أَوْبٍ وبلدةٍ ... على واحد، لا زِلْتُم قَرْنَ واحدِ!!
فانصرفوا عنه, ولم يهاجوه
توضيح وبيان: يزيد بن الطثرية: يزيد بن سلمة بن سمرة، يكنى: أبا الكشوح، ابن الطثرية،ت 126 هـ , شاعر أموي من بني قشير بن كعب، له شرف وقدر في قومه، جمع علي بن عبد الله الطوسي ما تفرق من شعره في "ديوان", قتلته بنو حنيفة "يوم الفَلَج" من نواحي اليمامة/ ترجمته فى طبقات الجمحى 150، والأغانى 7/ 104, ووفيات ابن خلكان 2/ 395
عدي بن الرقاع العاملي: يكنى: أبا داود, من عاملة حَيٌّ من قُضاعة, سكن دمشق، شاعر كبير كان معاصراً لجرير، مهاجياً له، مقدماً عند بني أمية، مدّاحاً لهم, ت 95 هـ / وترجمته في طبقات الحمحي 558, والشعر والشعراء 600 , والأغانى 9/ 307
ليماتنوه: ليعارضوه في الشعر, يقال: ماتن فلان فلانا: إذا عارضه في جدل أو خصومة, قاله العلامة أحمد شاكر رحمه الله
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
164- الملوك وعلماء السوء
قال العلامة المجتهد الشوكاني رحمه الله :
من غَرِيب مَا أحكيه لَك من تَأَثُّرِ هَوَى الْمُلُوك والميل إِلَى مَا يُوَافق مَا يَنْفَقُ عِنْدهم وَاقعَةٌ مَعِي, مُشَاهدَةٌ لي, وَإِن كَانَت الوقائع فِي هَذَا الْبَاب لَا يَأْتِي عَلَيْهَا الْحصْر, وَهِي مودعةٌ بطُونَ الدفاترِ, مَعْرُوفَة عِنْد من لَهُ خبْرَة بأحوال من تقدم
وَذَلِكَ أَنه عَقَدَ خَليفَة الْعَصْر حفظه الله مَجْلِسا جمع فِيهِ وزراءه, وأكابر أولاده, وكثيرا من خواصه, وحضر هذا المجلس من أهل العلم ثلاثة, أنا أحدهم, وكان عَقَدَ هذا المجلسَ لطلب المشورة في فِتنة حدثت بسبب بعض الملوك, ووصول جيوشه إلى بعض الأقطار الإمامية, وتخاذل كثير من الرعايا, واضطرابهم, وارتجاف اليمن بأسره بذلك السبب, فأشرت إلى الخليفة بأن أعظم ما يتوصل به إلى دفع هذه النازلة هو العدل في الرعية, والإقتصار في المأخوذ منهم على ما ورد به الشرع, وعدم مجاوزته في شيء, وإخلاص النية في ذلك, وإشعار الرعية في جميع الأقطار, والعزم عليه على الاستمرار, فإن ذلك من الأسباب التي تدفع كل الدفع, وتنجع أبلغ النجع, فإن اضطراب الرعايا ورفع رؤوسهم إلى الواصلين ليس إلا لما يبلغهم من اقتصارهم على الحقوق الواجبة, وليس ذلك لرغبة في شئ آخر
فلما فرغت من أداء النصيحة انبرى أحد الرجلين الآخرين, وهو ممن حَظِيَ من العلم بنصيب وافر, ومن الشرف بمرتبة علية, ومن السن بنحو ثمانين سنة, وقال: إن الدولة لا تقوم بذلك, ولا تتم إلا بما جرت به العادة من الجبايات ونحوها, ثم أطال في هذا بما يتحير عنده السامع, ويشترك في العِلْمِ بمخالفَتِهِ للشريعة العالم والجاهل, والمقصر والكامل
وذكر أنه قد أخذ الجباية ونحوها من الرعية فلان وفلان, وعدد جماعة من أئمة العلم ممن لهم شهرة, وللناس فيهم اعتقاد, وهذا مع كونه عنادا للشريعة, وخلافا لما جاءت به, وجرأة على الله نصبا للخلاف بينه وبين من عصاه, وخالف ما شَرَعَهُ, هو أيضا مجازفة بَحْتَةٌ في الرواية عن الذين سماهم, بل هو محض الكذب, وإنما يُرْوَى على بعض المتأخرين, ممن لم يسمه ذلك القائل, وهذا البعض الذي يروى عنه ذلك إنما فعله أياما يسيرة, ثم طَوَى بِسَاطَهُ, وعَلِمَ أنه خِلاف ما شَرَعَهُ الله فتركه, وإنما حمله على ذلك رأي رآه, وتدبير دبره, ثم تبين له فساده
فانظر أرشدك الله ما مقدار ما قاله هذا القائل في ذلك الجمع الحافل, الذي شمل الإمام وجميع المباشرين للأعمال الدولية, والناظرين في أمر الرعية, ولم ينتفع هذا القائل بمقالته, لا من زيادة جاه ولا مال, بل غاية ما استفاده ونهاية ما وصل إليه اجتماع الألسن على ذمه, واستعظام الناس لما صدر منه
وهكذا جرت عادة الله في عباده, فإنه لا ينال من أراد الدنيا بالدين إلا وبالا, وخسرانا عاجلا أم آجلا, خصوصا من كان من الحاملين لحجة الله المأمورين بإبلاغها إلى العباد, فإن خيرهُ في الدنيا والآخرة مربوط بوقوفه على حدود الشريعة, فإن زاغ عنها زاغ عنه, وقد صرح الله سبحانه بما يفيد هذا في غير موضع من كتابه العزيز
فأنت أيها الحامل للعلم لا تزال بخير ما دمت قائما بالحجة, مرشدا إليها, ناشرا لها, غير مستبدل بها عرضا من أعراض الدنيا, أو مرضاة من أهلها
المصدر: [ أدب الطلب ومنتهى الأدب ص 56 ]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
165- الخلي الوفي
[ قال الحافظ السلفي رحمه الله ] أنشدنا الشيخ أبو عاصم نصر بن إسماعيل بن عبد الله الأبهري بها، قال: أنشدنا أبو إسحاق الشيرازي ببغداذ لنفسه:
سألتُ الناسَ عن خلٍ وفيٍّ ... فقالُوا ما إلى هذا سَبيلُ
تمَسَّك إِن ظَفرتَ بِوُدِ حُرٍّ ... فإِن الحُرَّ في الدنيا قَليلُ
[ حديث السلفي عن الأبهريين ص: 6 ]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
166- الرحمة واشتقاقها
[قال الحافظ العلائي رحمه الله ]:
ذكر جماعة من أهل اللغة أن الرحمة أصلها من الرحم, الذي هو عضو المرأة، وأن الرحم لما كانت منعطفة على الولد اشتق منها لفظ الرحمة, لما فيها من معنى التعطف، وظاهر هذا الحديث يرد هذا القول، وأن الرحم مشتقة من اسمه الرحمن سبحانه، وهذا هو الحق، وأيضاً فإن أسماء الله تعالى قديمة أزلية، فهو مسمى بالرحمن والرحيم أزلاً، وتسمية العرب للرحم حادث، فيكون مشتقاً من معنى القديم.
المصدر: [ الأربعين المغنية للعلائي ص72 ]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
167- المِحَكُّ والحَكَمُ لَيْمُونَة
سيف الدين أبو عبد الله عبد الوهاب بن القدوة الزاهد أبي محمد عبد القادر الجيلي ثم البغدادي الأزجي، الفقيه الواعظ [ت 593هـ]
قيل له يوما: بأي شيء تَعرِف المُحِقَّ من المُبطِل؟ , قال: بليمونة
أراد: من تَخَضَّبَ يَزُولُ خِضابه بليمونة.
المصدر: [ ذيل طبقات الحنابلة 2 / 429]
قلت - رحم الله والدي-:
يقصد رحمه الله أنه كما يفرق بين الشاب اليافع والشيخ المدلس الذي يَخْضِبُ لحيته ليخفى سنه, وليظهر شابا في أعين من يلبس عليه, فيمتحن صدقه بمسح لحيته بليمونة, فتذهب خضابه, وينكشف تدليسه وتلبيسه
فكذلك المبطل الضال المضل تنكشف شبهات باطله وزخارف ضلاله بعرضها على أدنى حجة من الحق وأسهلها
وتعجبني كلمة لشيخ الإسلام الإمام ابن عبد الوهاب في كتابه العظيم النفع: "كشف الشبهات", قال رحمه الله: إذا عرفت ذلك وعرفت أن الطريق إلى الله لا بد له من أعداء قاعدين عليه, أهل فصاحة وعلم وحُجَج, فالواجب عليك أن تَعْلَم من دين الله ما يصير سلاحا لك, تقاتل به هؤلاء الشياطين, الذين قال إمامهم ومقدمهم لربك - عز وجل -: {لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ - ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ}, ولكن إذا أقبلت على الله, وأَصْغَيْتَ إلى حُجَجِ الله وبيناته فلا تَخَفْ ولا تَحْزَنْ, {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا}, والعامي من الموحدين يغلب الألف من علماء هؤلاء المشركين, كما قال تعالى: {وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ}, فجند الله هم الغالبون بالحجة واللسان، كما أنهم الغالبون بالسيف والسنان، وإنما الخوف على الموحد الذي يسلك الطريق وليس معه سلاح, وقد من الله تعالى علينا بكتابه الذي جعله تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين, فلا يأتي صاحب باطل بحجة إلا وفي القرآن ما ينقضها, ويبين بطلانها , كما قال تعالى: {وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا}, قال بعض المفسرين: هذه الآية عامة في كل حجة يأتي بها أهل الباطل إلى يوم القيامة, اهـ
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
168- فتوى فيمن نال من مقام أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها
ذكر أنه استفتى في رجل من الفقهاء، قال: إن عائشة قاتلت عليا رضي الله عنهما, فصارت من البغاة, وكان قد خرج توقيع المستضيء [ الخليفة العباسي ] بتعزيره.
قال [ أي ابن الجوزي ] : فقلت بعدما قال الفقهاء عليه: هذا رجل ليس له عِلْمٌ بالنَّقْلِ، وقد سَمِعَ إنه قد جرى قتالٌ، ولعمري أنه قد جرى قِتَال، ولكن ما قَصَدَتُهُ عائشةُ ولا عَلِيّ، إنما أثار الحربَ سفهاءُ الفريقينِ، ولولا عِلْمُنا بالسِّيَرِ لقُلْنَا مثلَ ما قال, وتقرير مثل هذا أن يُقِرَّ بالخَطَأِ بين الجماعة، فيُصْفَحُ عنه.
قال: فكُتِبَ إلى الخليفة بذلك، فوَقَّعَ: إذا كان قد أَقَرَّ بالخَطَأِ، فيُشْتَرَطُ عليه أن لا يُعَاوِد، ثم أُطْلِق
المصدر : [ ذيل طبقات الحنابلة 2 / 517 ]
قلت - رحم الله والدي-:
هذا حكم العلماء الأعلام فيمن رماها -رضي الله عنها- بالخروج فقط, فكيف بمن رماها بما هو أدهى وأمر, رموها بما برأها القرآن العزيز منه, وهي المبرأة من فوق سبع سماوات, فعليك اللهم بالشانئين الظالمين المبغضين المفسدين, واقطع دابرهم, وشتت شملهم, واجعل كيدهم في نحرهم, وافتنهم في أنفسهم, وأهليهم, وأمولهم, آمين
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
169- ليسوا سواء, متبدع ومبتدع
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله : قرأت بخط السيف بن المجد الحافظ, قال: حدثني الإمام رحمه الله يعني الشيخ موفق الدين, حدثني القاضي أبو المعالي أسعد بن المنجا قال: كنت يوما عند الشيخ "أبي البيان", وقد جاءه "ابن تميم", قال له: ويحك، الحنابلة إذا قيل لهم: من أين لكم أن القرآن بحرف وصوت؟ , قالوا: قال الله تعالى : آلم ، حم ، كهيعص
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " من قرأ القرآن فأعربه فله بكل حرف عشر حسنات "
وقال عليه الصلاة والسلام " يجمع الله الخلائق .... " وذكر الحديث
وأنتم إذا قيل لكم: من أين قلتم إن القرآن معنى في النفس؟ , قلتم: قال الأخطل:
إن الكلام من الفؤاد، وإنما ... جعل اللسان على الفؤاد دليلا
فالحنابلة أتوا بالكتاب والسنة، وقالوا: قال الله تعالى، وقال رسوله، وأنتم قلتم: قال الأخطل، شاعر نصراني خبيث, أما استحييتم من هذا القبيح ؟ , جعلتم دينكم مبنيا على قول نصراني، وخالفتم قوله الله تعالى، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم، أو كما قال.
وقد قال "أبو محمد بن الخشاب النحوي": فتشت دواوين "الأخطل" العتيقة، فلم أجد فيها هذا البيت، فقال "أبو نصر السجزي" : إنما قال الأخطل: " إن البيان من الفؤاد " فحرفوه، وقالوا: " إن الكلام "
المصدر : [ ذيل طبقات الحنابلة 3 / 104 ]
قلت - رحم الله والدي-:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "مجموع الفتاوى" [6 / 296]: ولهذا كان مما يشنع به على هؤلاء أنهم احتجوا في أصل دينهم ومعرفة حقيقة الكلام كلام الله وكلام جميع الخلق بقول شاعر نصراني, يقال له الأخطل:
إن الكلام لفي الفؤاد وإنما ... جعل اللسان على الفؤاد دليلا
وقد قال طائفة: إن هذا ليس من شعره, وبتقدير أن يكون من شعره فالحقائق العقلية أو مسمى لفظ الكلام الذي يتكلم به جميع بني آدم لا يرجع فيه إلى قول ألف شاعر فاضل, دع أن يكون شاعرا نصرانيا اسمه الأخطل, والنصارى قد عرف أنهم يتكلمون في كلمة الله بما هو باطل, والخطل في اللغة هو الخطأ في الكلام, وقد أنشد فيهم المنشد:
قبحا لمن نبذ القرآن وراءه ... فإذا استدل يقول قال الأخطل
وقال أيضا في درء التعارض [2 / 85]: تعلقوا بشبه، منها قول الأخطل:
إن البيان من الفؤاد، وإنما ... جعل اللسان على الفؤاد دليلا
فغيروه، وقالوا: " إن الكلام من الفؤاد ", وزعموا أنه لهم حجة على مقالتهم في قول الله تعالى: { ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول}، وفي قول الله عز وجل: {فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم}, واحتجوا بقول العرب: " أرى في نفسك كلاماً، وفي وجهك كلاماً " فألجأهم الضيق مما دخل عليهم في مقالتهم إلى أن قالوا: الأخرس متكلم، وكذلك الساكت والنائم، ولهم في حال الخرس والسكوت والنوم كلامٌ هم متكلمون به، ثم أفصحوا بأن الخرس والسكوت والآفات المانعة من النطق ليست بأضداد الكلام, وهذه مقالة تبين فضيحة قائلها في ظاهرها من غير رد عليه، ومن علم منه خرق إجماع الكافة ومخالفة كل عقلي وسمعي قبله لم يناظر، بل يجانب ويقمع.اهـ
وقال تلميذه ابن القيم في صواعقه المرسلة [1 / 344]: وقال الشاعر
إن البيان من الفؤاد وإنما ... جعل اللسان على الفؤاد دليلا
هكذا قال الشاعر هذا البيت, وهكذا هو في "ديوانه", قال أبو البيان: أنا رأيته في "ديوانه" كذلك فحرفه عليه بعض النفاة, وقالوا:
إن الكلام لفي الفؤاد وإنما ... جعل اللسان على الكلام دليلا
والمقصود أن العبد لا يعلم ما في ضمير صاحبه إلا بالألفاظ الدالة على ذلك, فإذا حَمَلَ السامع كلام المتكلم على خلاف ماوضع له وخلاف ما يفهم منه عند التخاطب عاد على مقصود اللغات بالإبطال, ولم يحصل مقصود المتكلم ولا مصلحة المخاطب وكان ذلك أقبح من تعطيل اللسان عن كلامه, فإن غاية ذلك أن تفوت مصلحة البيان, وإذا حمل على ضد مقصوده فَوَّتَ مصلحة البيان, وأوقع في ضد المقصود, ولهذا قال بعض العقلاء: اللسان الكذوب شر من لسان الأخرس, لأن لسان الأخرس قد تعطلت منفعته, ولم يحدث منه فساد, ولسان الكذوب قد تعطلت منفعته, وزاد بمفسدة الكذب. اهـ
توضيح وبيان: أبو البيان: هو الشيخ القدوة الكبير نبأ بن محمد بن محفوظ القرشي الحوراني، ثم الدمشقي الشافعي اللغوي الأثري الزاهد، شيخ "البيانية" ، وصاحب الأذكار المسجوعة, قال ابن كثير: قد كان من نشأته إلى أن توفي على طريقة صالحة، وقد ذكرته في طبقات الشافعية رحمه الله, ت 551 هـ /, ترجمته في سير الأعلام 20/ 326 , وطبقات السبكي7 /318
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
[QUOTE=أبويعلى البيضاوي;1885875]169- 169- ليسوا سواء, متبدع ومبتدع[COLOR="Green"][SIZE="5"]
تصويب
169- ليسوا سواء, متبع ومبتدع
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو يعلى البيضاوي
169- ليسوا سواء, متبدع ومبتدع
تصويب
169- ليسوا سواء, متبع ومبتدع
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
170- منام لمحدث همام بخط شيخ الإسلام
[ قال ابن رجب رحمه الله ]: نقلت من خط الإمام أبي العباس ابن تيمية رحمه الله، قال: رأيت بخط الحافظ سراج الدين بن شجانة الحراني، سمعت أبا الفتح نصر الله بن أبي بكر بن عمر الفراء الحراني، يقول:
رأيت الحافظ "عبد القادر" رحمه الله بعد موته بأيام قليلة، وهو جالس في مسجد الشيخ، وفي يده مجلد، وهو يُسْمِعُ، فقمت إليه، فقلت: يا شيخ عبد القادر، ما قَدِمْتَ؟ , قال: بلى, وتحسب أني أُبْطِلُ السماع, فلا أزال أُسْمِعُ إلى يوم القيامة, رحمه الله تعالى.
المصدر : [ ذيل طبقات الحنابلة 3 / 181 ]
قلت - رحم الله والدي-:
هل جزاء الإحسان إلا الإحسان, الإمام المحدث أبو محمد عبد القادر بن عبد الله الرهاوي، الحنبلي رحمه الله من كبار الحفاظ الرحالين الجوابين للبلدان في طلب حديث سيد المرسلين, فلا عجب لحسن قصده, وإفناء عمره في السماع والتحديث أن يثيبه وينعم عليه ربه تعالى بنعمة التحديث في الأخرى كما أنعم عليه في الدنيا
من مشهور تصانيف هذا الحافظ الكبير: كتاب: " الأربعون البلدانية المتباينة الأسانيد"، قال الحافظ ابن رجب: لم يُسْبَق إلى ذلك, ولا يَطْمَعُ أحد في لَحَاقِه، لخَرَابِ البلدان، وانقطاع الرواية عن أكثر تلك البلاد, قال الحافظ الذهبي: له أوهام نبهت على مواضع منها، في "الأربعين" له، وتكرر عليه في تباين الأسانيد أربع مواضع, وقد حدث بالكثير ببلاد شتى.اهـ ترجمته في السير [22/ 71]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
171- اللغات في سامراء
" سر من رأى " فيها ست لغات, حكاها " الجوهري " في كتاب "الصحاح" في فصل: [ رأى ]، وهن:
" سُرَّ مَنْ رَأَى " : بضم السين المهملة وفتحها
و" سر من راء " : بضم السين وفتحها وتقديم الألف على الهمزة في اللغتين
و" ساء من رأى "
و" سامرا "
واستعمله " البحتري " ممدوداً في قوله:
ونصبته علماً بسامراء ...
ولا أعلم هل هي لغة شائعة, أو استعمله كذلك ضرورة, و" سر من رأى ": مدينة بالعراق، بناها المعتصم في سنة عشرين ومائتين, وفيها " السرداب " الذي ينتظر الإمامية خروج الإمام منه
المصدر : [ وفيات الأعيان 1 / 41]
قلت - رحم الله والدي-:
السرداب وما أدراك ما السرداب, فتنة الرافضة, قال شيخ الإسلام "ابن تيمية" في جامع الرسائل [1 / 263]: يزعمون أنه دخل سرداب سامراء سنة ستين ومائتين, وهو طفل له سنتان أو ثلاث وأكثر ما قيل خمس, ويزعمون مع ذلك أنه إمام معصوم يعلم كل شيء من أمر الدين, ويجب الإيمان به على كل أحد, ولا يصح إيمان أحد إلا بالإيمان به, ومع هذا فله اليوم أكثر من أربعمئة وأربعين سنة, لم يعرف له عين ولا أثر, ولا سمع له أحد بما يعتمد عليه من الخبر, اهـ , وقال تلميذه "الشمس ابن القيم" في "المنار المنيفّ" [ص152]: لقد أحسن من قال:
ما آن للسرداب أن يلد الذي ... كلمتموه بجهلكم ما آنا
فعلى عقولكم العفاء فإنكم ... ثلثتم العنقاء والغيلانا
ولقد أصبح هؤلاء عارا على بني آدم, وضُحْكَة يَسخَرَ منها كل عاقل.اهـ
وقال الأستاذ "محب الدين الخطيب" في حواشيه على "مختصر التحفة الإثناعشرية": صاحب الزمان, وقد يسمونه: "صاحب الدار", هو الصبي الذي زعموا أنه إمامهم الثاني عشر, ودخل السرداب صبيا في مدينة "سر من رأى", ومنذ أكثر من ألف سنة يدعون بأن يعجل الله فرجه, ويرمزون لهذا الدعاء بهذين الحرفين [ع .. ج], أو [عج]، منتظرين خروجه من السرداب وبيده السيف, فيذبح البشر جميعا, وفي مقدمتهم المسلمين أهل السنة والجماعة [ الوهابية عندهم خاصة], ويمحقهم محقا, وليس في الشيعة شاعر إلا له قصيدة في صاحب الزمان ساكن السرداب, والدعاء بأن يعجل الله فرجه, وحتى "البهاء العاملي" صاحب "الكشكول" و"خلاصة الحساب" له قصيدة يغني فيها على ألحان هذه الموسيقى, ولهم في بلدة "قم" رئيس يزعمون أنه "آية الله", وهو يمثل خدمة "صاحب الزمان", ويجمع الصدقات باسمه [ أي ثم يصرفها لنفسه, فافهم], لا لأن الإمام يحتاج إلى ما في أيدى الناس بل لأن الناس يحتاجون أن تقبل صدقاتهم منه!, وقد أراد مندوب "جريدة الأخبار المصرية" أن يجتمع به, فسافر إليه ولقي في ذلك أعظم المشقات، ومع ذلك لم يتوصل إلى رؤية صاحب هذا المقام الرفيع, لأن خادم صاحب السرداب يجب أن يكون هو الآخر في سرداب!.اهـ
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
172- عالم عزيز النفس شريفها
أبو العباس أحمد بن عبد الله بن أحمد بن هشام بن الحطيئة اللخمي الفاسي؛ كان من مشاهير الصلحاء وأعيانهم، وكان مع صلاحه فيه فضيلة ومعرفة بالأدب، وكان رأساً في القراءات السبع [ت 560 هـ ]
كان يُعرَضُ عليه المال فلا يقبل منه شيئا, قيل: جاء بعض التجار بمئزر أسود صوف, وحلف عليه به، فقال: اجعله على ذلك الوتد، فأقام ثلاثين سنة موضعه.
المصدر : [وفيات الأعيان 1 / 170]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
173- مفاخرة بالتلبية
التقى جرير والفرزدق بمِنى وهما حاجان، فقال الفرزدق لجرير:
فإنك لاقٍ بالمشاعر من منى ... فخاراً فخبرني بمن أنت فاخر
فقال له جرير: لبيك اللهم لبيك!
قال أبو عبيدة: فكان أصحابنا يستحسنون هذا الجواب من جرير, ويعجبون به
المصدر : [ وفيات الأعيان 1 /322 ]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
174- من بلاغة الصولي
إبراهيم بن العباس بن محمد بن صول تكين الصولي، الشاعر المشهور؛ كان أحد الشعراء المُجيدين، وله ديوان شعر كله نٌخَبٌ، وهو صغير، له نثر بديع، فمن ذلك ما كتبه عن أمير المؤمنين، إلى بعض البُغَاة الخارجين يتهددهم ويتوعدهم، وهو:
أما بعد، فإن لأمير المؤمنين أَنَاةٌ، فإن لم تُغْنِ عَقَّبَ بعدها وعيداً، فإن لم يُغْنِ أغنت عزائمه، والسلام
[ قال ابن خلكان ]: وهذا الكلام مع وجازته في غاية الإبداع، فإنه ينشأ منه بيت شعر له, أوله:
أناة فإن لم تغن عقب بعدها ... وعيداً فإن لم يغن أغنت عزائمه
المصدر : [ وفيات الأعيان 1/ 44 ]
قلت - رحم الله والدي-:
توضيح وبيان: إبراهيم بن العباس الصولي كان كاتباً للخلفاء: المعتصم والواثق والمتوكل , قال دعبل الشاعر: لو تكسب إبراهيم بن العباس بالشعر لتركنا في غير شيء, له: :"ديوان رسائل", و "ديوان شعر", وكتاب "الدولة", وكتاب "العطر", وكتاب "الطبخ", ت 176 هـ
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
175- الأيام دول
حدث داود بن الجراح قال: قال لي الفضل بن مروان:
كنت أَعملُ في أبواب ضياع [ هارون] الرشيدِ الحسابَ, فنظمت في حساب السنة التي نَكَب فِيها البرامكة, فوجدتُ ثمن هَدِيّة دَفعتين من مالِ الرشيدِ, أهداهما إلى جعفر بن يحيى, بضعة عشر ألف دينار
وفيه بعد شهور من هذه السنة, ثمن نفط وقطن برسم حرقِ جثةِ جعفر : درهم ونصف.
المصدر [ وفيات الأعيان 1/ 473 ]
قلت - رحم الله والدي-:
سبحان مقلب القلوب ومصرفها, ومبدل الأحوال والأيام والنعم والمودات ومغيرها, في الأدب المفرد [1321] عن عن عبيد الكندي قال: سمعت عليا يقول لابن الكواء: هل تدري ما قال الأول؟ , " أحبب حبيبك هونا ما، عسى أن يكون بغيضك يوما ما، وأبغض بغيضك هونا ما، عسى أن يكون حبيبك يوما ما ".
قال العلامة الالباني رحمه الله: حسن لغيره موقوفا وقد صح مرفوعا.اهـ,
المرفوع رواه الترمدي في جامعه [1997] وقال: هذا حديث غريب, لا نعرفه بهذا الإسناد إلا من هذا الوجه,... والصحيح عن علي موقوف,
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
من مشاركة للأخ الفاضل: القاسم بن محمد / ملتقى أهل الحديث
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة
يزيد يكنى أبا المكشوح، انظر (كتاب كنى الشعراء ..) لابن حبيب المطبوع ضمن نوادر المخطوطات لعبد السلام هارون المجموعة السابعة المجلد الثاني (ص 315).
وشاهده قول القُحَيْف العقيلي يرثيه (من ترجمة يزيد في الأغاني) :
فإن يقتل يزيد فقد قتلنا ... سراتهم الكهول على لحاها
أبا المكشوح بعدك من يحامي ... ومن يزجي المطي على وجاها
من تعليق كنت كتبته على نسختي من أعلام الزركلي رحمه الله (ج4 / ص221) :
كنية ابن الرقاع أبو داود كذا وقع في اللآلي (ج2 / 309) وعلق عليه الميمني رحمه الله في الحاشية فقال: (ويقال في كنيته أبو دُؤاد)؛ وضبطه الأمير ابن ماكولا رحمه الله (ج3 / ص336) فقال (أبو دُوَاد) بدال مهملة مضمومة بعدها واو مخففة ممدودة وآخره دال مهملة كذا، وبه قال الآمدي رحمه الله قبله في المؤتلف والمختلف (ط. كرنكو ص116)؛ ومثله ابن ناصر الدين رحمه الله في توضيح المشتبه (ج4 / ص 5-6) وأشار إلى رواية الواو المهموزة دُؤاد ورجّحَ ترك الهمزة، وكذلك هو في تبصير المنتبه لأبي الفضل بن حجر رحمه الله (ص 556) مضبوطاً (دُؤاد) وكذا نقل السيوطي رحمه الله في المُزْهِر (ج2 ص425)؛ وذكر المرزباني رحمه الله في معجمه (ط. كرنكو ص253) القولين من غير ترجيح فقال (يكنى أبا داود وقيل أبا دواد).
قلت: فالغالب على الظن أن (أبا داود) التي اقتصر عليها الزِّرِكلي رحمه الله وهم، وأن الصواب إن شاء الله (أبو دُوَاد) يرجح القولُ به بمراجعة ما تقدم في مواضعه.
من ترجمته في الأعلام (ج1 / ص45) يبين أن هذا تاريخ مولده، أما وفاته فسنة 243 هـ.
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
176- الحر شكور واللئيم كفور
أنشدني أبو شجاع عبد الرزاق ابن النفيس الصوفي، قال: سمعت أبا عبد الله الفارقي ينشد بجامع القصر الشريف:
إذا أفادك إنسانٌ بفائدةٍ ... من العلوم فأَكْثِر شُكره أبدا
وقُل فُلانٌ جزاه الله صَالحةً ... أفادنيها وأَلْقِ الكِبر والحَسَدا
فالحُرُّ يَشكُر صُنعاً للمفيدِ له ... عِلماً ويذكره إِن قَام أو قَعدا
المصدر : [ذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 1/ 414]
قلت - رحم الله والدي-:
قال ابن مفلح في الآداب الشرعية والمنح المرعية [1 / 313]: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعا « لا يشكر الله من لا يشكر الناس », إسناد صحيح, رواه أحمد وأبو داود والترمذي, قال في "النهاية": معناه أن الله تعالى لا يقبل شكر العبد على إحسانه إليه إذا كان العبد لا يشكر إحسان الناس, ويكفر أمرهم؛ لاتصال أحد الأمرين بالآخر
وقيل معناه: أن من كان عادته وطبعه كفران نعمة الناس وترك شكره لهم كان من عادته كفر نعمة الله عز وجل وترك الشكر له
وقيل معناه: أن من لا يشكر الناس كان كمن لا يشكر الله عز وجل, وأن شكره كما تقول: لا يحبني من لا يحبك أي: أن محبتك مقرونة بمحبتي, فمن أحبني يحبك، ومن لا يحبك فكأنه لم يحبني.
وهذه الأقوال مبنية على رفع اسم الله عز وجل ونصبه.
وروى أحمد من حديث الأشعث بن قيس مرفوعا مثل حديث أبي هريرة, ورواه أيضا بلفظ آخر «إن أشكر الناس لله تعالى أشكرهم للناس» .اهـ
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
177- الشكر قيد النعم
أنشدنا الشريف أبو طالب وغيره، قالوا: أنشدنا أبو الفتح بن عبد الباقي قال: أنشدنا الحميدي، قال: أنشدني والدي فيما لَقَّنَنِي أَيَامَّ الصبا - رحمه الله وإيانا- :
من قَابَلَ النِّعمَة من ربه ... بواجب الشكرِ له دامَت
وكافِرُ النعمة مَسلُوبها ... وقَلَّ ما ترجعُ إِن زالت
المصدر : [ ذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 1/ 438]
قلت - رحم الله والدي-:
بيان وتوضيح: الحميدي هو الإمام، القدوة، الأثري المتقن، الحافظ، شيخ المحدثين، أبو عبد الله محمد بن أبي نصر فتوح بن عبد الله بن فتوح بن حميد الأزدي، الحميدي، الأندلسي؛ الميورقي، الفقيه، الظاهري، صاحب ابن حزم وتلميذه, قال الذهبي: كان من بقايا أصحاب الحديث علما وعملا وعقدا وانقيادا رحمة الله عليه/ت 488 هـ, ترجمته في السير [19 / 120]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
178- مُدعو النبوة
قد ادعى النبوة عالم كثيرون, كان ممن عاصرناه "إبراهيم الغازازي" الفقير, ادعى ذلك بمدينة مالقة, وقتله السلطان "أبو عبد الله محمد بن يوسف بن نصر الخزرجي" ملك الأندلس بغرناطة وصلبه، و"بارقطاش بن قسيم النيلي" الشاعر, تنبأ بمدينة النيل من أرض العراق, وله "قرآن" صنعه, ولم يقتل، لأنه كان يُضحك منه, ويُضَعَّفُ في عقله.
المصدر : [ البحر المحيط في التفسير 4 / 585 ]
قلت - رحم الله والدي-:
وهذا المتنبي الأندلسي أعاد "أبو حيان" ذكره في [8 / 485] فقال: من ذهب إلى أن النبوة مكتسبة لا تنقطع، أو إلى أن الولي أفضل من النبي، فهو زنديق يجب قتله, وقد ادعى النبوة ناس، فقنلهم المسلمون على ذلك, وكان في عصرنا شخص من الفقراء ادعى النبوة بمدينة مالقة، فقتله السلطان ابن الأحمر، ملك الأندلس بغرناطة، وصلب إلى أن تناثر لحمه.
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
"استدراك"
"الغازازي" : صوابه "الفازازي" , نسبة الى "جبل فازاز" بقبلي مدينة مكناسة الزيتون بالمغرب, وقد ذكر الحافظ ابن حجر في "الدرر الكامنة"[1/ 97] في ترجمة الإمام "أبي جعفر أحمد بن إبراهيم بن الزبير الغرناطي" صاحب كتاب:"ملاك التأويل" المتوفى سنة 708 هـ: من مناقبه أن "الفازازي" الساحر لما ادعى النبوة قام عليه "أبو جعفر" بمالقة, فاستظهر عليه بتقربه إلى أميرها بالسحر, وأوذي "أبو جعفر" فتحول إلى غرناطة, فاتفق قدوم "الفازازي" رسولا من أمير مالقة فاجتمع "أبو جعفر" بصاحب غرناطة, ووصف له حال "الفازازي", فأذن له إذا انصرف بجواب رسالته أن يخرج إليه ببعض أهل البلد, ويطالبه من باب الشرع, ففعل فثبت عليه الحد, وحُكِم بقتله, فضرب بالسيف فلم يَجُل فيه, فقال أبو جعفر: جَرِّدُوه فوجدوا جسده مكتوبا فغُسِل, ثم وُجِد تحت لسانه حجرا لطيفا فنَزَعَه, فَجَال فيه السيف حِينئذ .اهـ
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
بارك الله فيكم أستاذي الحبيب إستفدت منكم الكثير
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
179 – ذم علم الكلام
[ قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ]: نقل الشَّيْخ شهَاب الدّين أَبُو حَفْص عمر بن مُحَمَّد السهروردى, وحدثنيه عَنهُ الشَّيْخ عز الدّين عبد الله بن أَحْمد بن عمر الفاروثي أَنه سمع هَذِه الْحِكَايَة مِنْهُ, ووجدتها معلقَة بِخَط الشَّيْخ موفق الدّين أبي مُحَمَّد بن قدامَة المقدسى, قَالَ السهروردى :
كنت عزمت على أَن أَقرَأ شَيْئا من علم الْكَلَام, وَأَنا مُتَرَدّد هَل أَقرَأ "الْإِرْشَاد" لإِمَام الْحَرَمَيْنِ, أَو "نِهَايَة الْإِقْدَام" للشهرستاني, أَو كتاب شَيْخه, فَذَهَبت مَعَ خَالِي أبي النجيب, وَكَانَ يصلى بِجنب الشَّيْخ عبد الْقَادِر, قَالَ: فَالْتَفت الشَّيْخ عبد الْقَادِر, وَقَالَ لي: يَا عمر, مَا هُوَ من زَاد الْقَبْر, مَا هُوَ من زَاد الْقَبْر, فَرَجَعت عَن ذَلِك
فَأخْبر أَن الشَّيْخ كَاشَفَهُ بِمَا كَانَ فِي قلبِه, وَنَهَاهُ عَن الْكَلَام الَّذِي كَانَ ينْسب إِلَيْهِ القشيرى وَنَحْوه
المصدر : [الاستقامة 1 /86]
قلت - رحم الله والدي-:
صدق الشيخ عبد القادر الجيلاني رحمه الله, وقبله صدق الإمام أحمد رضي الله عنه حين قال: " ما ارتدى أحد بالكلام فأفلح", فعلم الكلام علم لا ينفع, وليس من زاد القبر, ولا زاد المعاد والآخرة, والحكايات عن أساطين هذا العلم وكباره في التبرؤ والتنصل منه كثيرة وفيرة, وروي في ذلك أخبار مذكورة, واشعار مسطورة
ومما يستحسن ذكره هنا ما أورده الحافظ ابن رجب في "ذيل الطبقات" [2/309] عند ترجمة الشيخ أبي الفرج صدقة بن الحسين البغدادي الحنبلي/ت573 هـ, وهو ممن قرأ علم الجدل والكلام والمنطق والفلسفة, قال فيها: ذكر "ابن النجار" عن علي الفاخراني الضرير، قال: رأيت "صدقة الناسخّ" في المنام، فقلت له: ما فعل الله بك؟, قال: غفر لي بعد شدة، فسألته عن علم الأصول. فقال: لا تشتغل به، فما كان شيء أضر علي منه، وما نفعني إلا خمس قصيبات - أو قال: تميرات - تصدقت بها على أرملة.
قلت [ ابن رجب ]: هذا المنام حق، وما كانت مُصيبتُهُ إلا من علم الكلام, ولقد صدق القائل: ما ارتدى أحد بالكلام فأفلح, وبسبب شُبَهِ المتكلمين والمتفلسفة كان يقع له أحيانا حيرة وشك، يذكرها في أشعاره، ويقع له من الكلام والاعتراض ما يقع
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
180- حديث كسرى
حكى القَاضِي أَبُو بكر الْحِيرِي أَن شَيخا من الصَّالِحين حكى أَنه رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي النّوم، قَالَ، فَقلت لَهُ: يَا رَسُول الله بَلغنِي أَنَّك قلت: ولدتُ فِي زمن الْملك الْعَادِل، وَإِنِّي سَأَلت الْحَاكِم أَبَا عبد الله عَن هَذَا الحَدِيث، فَقَالَ: هَذَا كذب، وَلم يقلهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ لي: صدق أَبُو عبد الله.
المصدر : [ طبقات الفقهاء الشافعية 1/ 203]
قلت - رحم الله والدي-:
المنام ذكره السخاوي في "المقاصد الحسنة" [1271] عند كلامه على حديث: ولدت في زمن الملك العادل، قال: لا أصل له، وقد قال أبو سعد ابن السمعاني الحافظ: سمعت أبا أحمد السنجي بمرو يقول: سمعت أبا عبد الله محمد بن عبد الواحد الحافظ يقول: سمعت الزكي أبا عبد الله إسماعيل بن عبد الغافر الفارسي يقول: سمعت محمد بن عبد الواحد الأصبهاني قال: يحكى ... وذكر القصة
وزاد: وقال الحليمي في "الشعب": إنه لا يصح, وإن صح فاطلاق العادل عليه لتعريفه بالاسم الذي كان يدعى به. لا لوصفه بالعدل والشهادة له بذلك، بناء على اعتقاد المعتقدين فيه أنه كان عدلاً كما قال تعالى " فما أغنت عنهم آلهتهم " أي ما كان عندهم آلهة، ولا يجوز أن يسمى رسول الله صلى الله عليه وسلم من يحكم بغير حكم الله عادلاً، انتهى
وما يحكى عن الشيخ أبي عمر ابن قدامة الحنبلي مما أورده الحافظ الزين ابن رجب في ترجمته من طبقات الحنابلة أنه قال: قد جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ولدت في زمن العادل كسرى، لا يصح لانقطاع سنده، وإن صح فلعل الناقل للحكاية لم يضبط لفظ الشيخ, وإن ضبط الحكاية والله الموفق.
وقال العلامة الألباني في "سلسلة الأحاديث الضعيفة" [997]: ولدت في زمن الملك العادل, باطل لا أصل له., وذكر المنام ...وقال: والمنامات وإن كان لا يحتج بها، فذلك لا يمنع من الاستئناس بها فيما وافق نقد العلماء وتحقيقهم كما لا يخفى على أهل العلم والنهى.
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
تتميم: الحكاية التي أشار إليها السخاوي عن الحافظ ابن رجب هي في "ذيل طبقات الحنابلة" (3 / 118) قال:
قال أبو المظفر: وكراماته كثيرة، وفضائلة غزيرة، فمنها: أني صليت يوم جمعة بجامع الجبل, في أول سنة ست وستمائة، والشيخ "عبد الله اليونيني" إلى جانبي، فلما كان في آخر الخطبة وأبو عمر يخطب نهض الشيخ عبد الله مسرعا، وصعد إلى مغارة قريبة وكان نازلا بها، فظننت أنه احتاج إلى الوضوء، أو آلمه شيء, فلما صليت الجمعة صعدت وراءه، وقلت له: خير، ما الذي أصابك, فقال: هذا أبو عمر، ما تحل خلفه صلاة، قلت، ولم؟ قال: لأنه يقول على المنبر ما لا يصلح, قلت: وما الذي يقول؟ , قال: قال الملك العادل وهو ظالم, فما يَصْدُق وكان أبو عمر يقول في آخر الخطبة: اللهم أصلح عبدك الملك العادل سيف الدين أبا بكر بن أيوب، فقلت له: إذا كانت الصلاة خلف أبي عمر لا تصح، فيا ليت شعري خلف من تصح؟ , وبينا نحن في الحديث، وإذا بالشيخ أبي عمر قد دخل ومعه مِئزر، فسلم وحَلَّ المِئزر، وفيه رغيف وخياراتان، فكَسَر الجميعَ، وقال: بسم الله، الصلاة. ثم قال ابتداء: قد جاء في الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ولدت في زمن الملك العادل كسرى " فنظر إلى الشيخ عبد الله: وتبسم، ومد يده فأكل, وقام أبو عمر فنزل, فقال الشيخ عبد الله: ما هذا إلا رجل صالح.
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
181- موعظة وسلطان متعظ
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين [ ابن الصلاح ]: قَرَأت بِخَط أبي الْفضل ابْن عَسْكَر الْمَعْرُوف ب: ابْن اللِّحْيَة الْفَقِيه الشَّافِعِي، حَدثنَا القَاضِي أَبُو مُحَمَّد عبد الرَّحْمَن بن نصر بن عبد الله الْعمريّ السَّهْمِي الشيزري قَاضِي طبرية وخطيبها بطبرية من لَفظه وَكتبه لي بِخَطِّهِ، حَدثنِي الشَّيْخ الْفَقِيه أَبُو طَاهِر إِبْرَاهِيم بن الْحسن بن طَاهِر الْمَعْرُوف ب: ابْن الحصني الْحَمَوِيّ الشَّافِعِي قَالَ:
كنت عِنْد الْملك الْعَادِل نور الدّين مَحْمُود بن زنكي - رَحمَه الله - فِي دَار الْعدْل بقلعة دمشق، وَعِنْده جمَاعَة من الْفُقَهَاء والعدول والكتبة، فَالْتَفت إِلَى كَاتبه وَقَالَ: اكْتُبْ إِلَى نَائِبِنَا بـ: "معرة النُّعْمَان" ليقْبض على جَمِيع أَمْلَاك أَهلهَا، فقد صَحَّ عِنْدِي أَن أهل المعرة يتقاوضون الشَّهَادَة، فَيشْهد أحدهم لصَاحبه فِي ملك ليشهد لَهُ ذَلِك الْمَشْهُود لَهُ بِملك آخر فِي مَوضِع آخر، فَجَمِيع مَا فِي أَيْديهم من الْملك إِنَّمَا حصلوه بِهَذَا الطَّرِيق، قَالَ: فَقلت لَهُ: اتَّقِ الله فِي ذَلِك، فَإِنَّهُ لَا يتَصَوَّر أَن يتمالأ أهل بلد على شَهَادَة الزُّور، فَقَالَ: إِنَّه قد صَحَّ عِنْدِي ذَلِك، فَسكت، فَكتب الْكَاتِب الْكتاب, وَدفعه إِلَيْهِ ليعلم عَلَيْهِ، وَإِذا صَبِيٌّ رَاكِبٌ بَهِيمَةً سَائِرٌ على نَهرِ بردى, وَهُوَ ينشد:
(اعدلوا مَا دَامَ أَمركُم ... نَافِذا فِي النَّفْع وَالضَّرَر)
(واحفظوا أَيَّام دولتكم ... إِنَّكُم مِنْهَا على خَطَرْ)
(إِنَّمَا الدُّنْيَا وَزينتهَا ... حسن مَا يبْقى من الْخَبَر)
قَالَ: فَاسْتَدَارَ إِلَى الْقبْلَة وَسجد، ثمَّ رفع رَأسه واستغفر الله عز وَجل مِمَّا عزم عَلَيْهِ، ثمَّ مزق الْكتاب، وتلا قَوْله تَعَالَى: {فَمن جَاءَهُ موعظة من ربه فَانْتهى فَلهُ مَا سلف} [الْبَقَرَة: 275]
المصدر : [طبقات الفقهاء الشافعية 1/ 297 ]
قلت - رحم الله والدي-:
"السلطان نور الدين": قال الذهبي في ترجمته من "السير" [20/ 532]: صاحب الشام، الملك العادل، نور الدين، ناصر أمير المؤمنين، تقي الملوك، ليث الإسلام، أبو القاسم محمود ابن الأتابك قسيم الدولة أبي سعيد زنكي ابن الأمير الكبير آقسنقر التركي...كان "نور الدين" حامل رايتي العدل والجهاد، قَلَّ أَن تَرَى العيونُ مثله، ...أظهر السُنَّة بحلب، وقَمَعَ الرافضة,...وكَسَر الفرنج مرات، ودَوَّخَهُم، وأَذَلَّهُم, وكان بطلا، شجاعا، وَافِر الهيبة، حَسَن الرمي، مَلِيحَ الشَّكْل، ذا تعبد وخوف ووَرَع، وكان يتَعَرَّضُ للشهادة... روى الحديث، وأسمعه بالإجازة، وكان من رآه شَاهَدَ من جَلَالِ السلطنة وهيبةِ الملك ما يَبْهَرُهُ، فإذا فَاوَضَهُ، رأى من لطافته وتواضعه ما يُحَيِّرُهُ... وقال الموفق عبد اللطيف: كان "نور الدين" لم يَنْشَفْ له لَبَدٌ من الجهاد، وكان يأكل من عمل يده، ينسخ تارة، ويعمل أغلافا تارة، ويلبس الصوف، ويلازم السجادة والمصحف، وكان حنفيا، يراعي مذهب الشافعي ومالك
رحم الله السلطان العادل "نور الدين" ونَوَّرَ ضريحه, فلقد كان وحيد دهره وفريد عصره بين ملوك زمانه عدلا وزهدا وورعا, وشجاعة وشهامة وكرامة
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
182- رَأْساً بِرَأْس لا عَلَي ولا لِيا
قَالَ السَّمْعَانِيّ: حَدثنَا أَبُو الْقَاسِم الْفَارِسِي، حَدثنَا أَبُو عَليّ الْحسن بن مَسْعُود ابْن الْفراء، أخبرنَا أَبُو مُحَمَّد الْحسن بن أَحْمد السَّمرقَنْدِي الْحَافِظ، أخبرنَا أَبُو الْفضل مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الْعلوِي إجَازَة، سَمِعت أَبَا بكر مُحَمَّد بن عبد الله الرَّازِيّ، سَمِعت "أَبَا الطّيب التاهرتي" بِمَكَّة فِي وَقت وَفَاته قَالَ:
جَاوَرت هَذَا الْبَيْت ثَمَانِينَ سنة، وَحَجَجْت ثَمَانِينَ حجَّة، واعتمرت عشْرين ألف عمْرَة، وختمت الْقُرْآن فِي الطّواف فِي كل يَوْم ختمة، ومنذ سِتِّينَ سنة لم أُطْعِم نَفسِي إِلَّا فِي وَقت إحلال الْميتَة، وَمَعَ هَذَا كُله لم أَدخل فِي عمل من أَعمال الْبر، ثمَّ فرغت مِنْهُ، فحاسبت نَفسِي؛ إِلَّا وجدت نصيب الشَّيْطَان فِيهِ أوفر من نصيب الله تَعَالَى, ثمَّ رفع رَأسه إِلَى السَّمَاء وَبكى، وَقَالَ: يَا رب، رَأْساً بِرَأْس من هَذَا كُله
المصدر : [ طبقات الفقهاء الشافعية لابن الصلاح 1/ 453]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
183- رؤيا حق
[ قال الحافظ السلفي رحمه الله ]: سَمِعت أَبَا الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنَ عُمَرَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْأَنْدَانِيَّ الْأصْبَهَانِيَ ّ قَدِمَ عَلَيْنَا دِمَشْقَ غَازِيًا قَالَ:
خَرَجْتُ مِنْ نَاحِيَتِي وَأَنَا أَعْتَقِدُ مَذْهَبَ السَّلَفِ, وَتَرْكَ الْجِدَالِ فِي الدِّينِ, وَالْإِقْرَارَ بِمَا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ, وَالْإِصْرَارَ عَلَى ظَوَاهِرَ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِتَأْوِيلٍ, فَرَأَيْتُ فِي سَفَرِي قَوْمًا يَعِيبُونَ عَلَيَّ ذَلِكَ, حَتَّى قُلْتُ فِي نَفْسِي: لَعَلِّي عَلَى الْخَطَأِ, وَهَمَمْتُ بِالرُّجُوعِ عَنْ ذَلِكَ, فَرَأَيْتُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ, وَهُوَ يَقُولُ لِي: أَتَصْبِرُ عَلَى النَّارِ ؟, فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, وَكَيْفَ يَدْخُلُ النَّارَ مَنْ رَآكَ, فَتَبَسَّمَ, ثُمَّ قَالَ: عَلَيْكَ بِمَذْهَبِ السَّلَفِ, وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِ, فَانْتَبَهْتُ وَشَكَرْتُ اللَّهَ تَعَالَى كَثِيرًا
المصدر : [ معجم السفر 1 / 56/ رقم149 ]
قلت - رحم الله والدي-:
هذه الرؤيا حَق, مُثَبِّتة لهذا الرجل, مُؤَيِّدة ومُوَاِفِقة لما أوصى به النبي -صلى الله عليه وسلم- في حياته, حيث قال عند وصفه للفرقة الناجية : "ما أنا عليه اليوم وأصحابي", فهو - صلى الله عليه وسلم- وأصحابه ومن تبعهم واقتفى اثرهم من أهل الحديث سلفنا الصالح
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
184- دعوة مستجابة
[ قال ابن العديم رحمه الله ]: قرأت في كتاب أبي القاسم يحيى بن علي الحضرمي الذي ذَيَّل به "تاريخ ابن يونس": حدثنا ابن رشيق قال: حدثنا سعيد بن هاشم الطبراني قال: حدثنا أحمد ابن محمد الطبراني قال: حدثني أبي قال:
كنت جالسا عند "أحمد بن طولون" ذات يوم فدعا برجل، فأدخل إليه فناظره, ثم قال لحاجب من حجابه: خذ هذا فاضرب عنقه, وائتني برأسه، فأخذه ومضى به، فأقام طويلا ثم أتى وليس معه شيء، فقال له أحمد بن طولون: ما قصتك؟ , وماذا فعلت؟ , فقال: أيها الأمير الأمان، قال: لك الأمان، قال: مضيت بالرجل لأضرب عنقه فجزت ببيت خَالٍ، فقال لي: ائذن لي أدخل هذا البيت فأصلي فيه ركعتين، فاستحييت من الله عز وجل أن أمنعه من ذلك, فأذنت له، فدخل فأطال، فدخلت إلى البيت فلم أجد فيه أحدا, وليس في البيت طاق نافذ، فجئت لأخبرك بذلك, قال: فقال له: فهل سمعته يقول شيئا؟ , قال: نعم، قال: ماذا سمعته يقول؟ , قال: سمعته قد رفع يديه وهو يشير بأصبعه, وهو يقول:
يا لطيف لما يشاء، يا فعال لما يريد, صَلِّ على محمد وآله والْطُفْ لي في هذه الساعة, وخلصني من يديه
فدخلت البيت بعد هذا أطلبه فلم أجد فيه أحدا، فقال له أحمد بن طولون: صدقت, هذه دعوة مستجابة.
المصدر : [ بغية الطلب فى تاريخ حلب 2/ 830 ]
قلت - رحم الله والدي-:
صدق هذه دعوة مضطر, من قلب ليس بساه ولاغافل, ففي التنزيل العزيز : ّ"{أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ }
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
اقتباس:
وتوفي [الفارابي] بدمشق في سنة تسع وثلاثين وثلاث مائة وصلى عليه سيف الدولة في أربعة من خواصه , وقد ناهز الثمانين , ودفن في مقابر باب الصغير
يتردد هذا القول في كتب التاريخ، وأعتقد أنهم نقلوه من كتاب بعينه
وهو مستحيل لأن سيف الدَّولة لم يكن بدمشق سنة 339، وإنما دخلها أياما أو أسابيع قليلة في سنة 234، وأُخرج منها، وصارت للإخشيد، ولم يعد إليها سيف الدَّولة إلى أن مات
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
185- دَارِهِم ما دُمت في دَاِرِهم
محمد بن محمد بن أحمد بن هميماه أبو نصر الرامشي النيسابوري المقرئ النحوي [ت 490 ه], له :
إن تَلْقَكَ الغُرْبَةُ في مَعَشَر ... قد أجمعوا فِيك على بغضهم
فدَارِهِم ما دُمت في دَاِرِهْم ... وأَرْضِهِمْ ما دُمت في أَرْضِهِمْ
المصدر : [بغية الوعاة 1 / 218]
قلت - رحم الله والدي-:
قال السخاوي في "المقاصد الحسنة"[476]: حديث: "دارهم ما دمت في دارهم" ما علمته، ولكن جاء في الزوجة: " فدارها تعش بها"، أخرجه ابن حبان في صحيحه [4178] عن سمرة.
زاد في " كشف الخفاء" [1279]: وقال النجم: ليس بحديث, وإنما هو شعر، وتمامه:
....................*** وأرضهم ما دمت في أرضهم
قال: وروى الأصبهاني في "الترغيب" عن جابر: مداراة الناس صدقة، وعن زيد بن رفيع:"أمرت بمداراة الناس كما أمرت بالصلاة المفروضة"، وعن سعيد بن المسيب: "رأس العقل بعد الإيمان مداراة الناس"، وأخرجه البيهقي عن أبي هريرة بلفظ: "رأس العقل المداراة، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة"
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
186- لا يهلك على الله إلا هالك
محمد بن هشام بن عوف التميمي أبو محلم الشيباني السعدي اللغوي [ت 245 أو 248 هـ ]
قال المرزباني: أخبرني محمد بن يحيى، حدثنا الحسين بن يحيى، قال: رأى الواثق بالله في منامه كأنه يسأل الله الجنة، وأن يتغمده برحمته، ولا يهلك بما هو فيه؛ وأن قائلا قال له: لا يَهْلِكُ على الله إلا من قلبه مَرْتٌ
فأصبح فسأل الجلساء عن ذلك، فلم يعرفوا حقيقته، فوجه إلى أبي محلم فأحضره، فسأله عن الرؤيا والمرت
فقال أبو محلم. "المرت" من الأرض: القفر الذي لا نبت فيه, فالمعنى على هذا: لا يهلك على الله إلا من قلبه خالٍ من الإيمان خُلُوَّ المرت من النبات
فقال الواثق: أريد شاهدا من الشعر في "المرت"، فأفكر أبو محلم طويلا، فأنشده بعض من حضر بيتا لبعض بني أسد:
ومرت مرورات يحار بها القطا ... ويُصبح ذو علم بها وهو جَاهِل
فضحك أبو محلم, ثم قال للذي أنشده: ربما بَعُدَ الشيءُ عن الإنسانِ وهو أقربُ إليه مما في كُمِّهِ، والله لا تَبْرَح حتى أُنْشِدُكَ، فأنشد للعرب مائة بيت معروف لشاعر معروف، في كل بيت منها ذكر "المرت"
فأمر له الواثق بألف دينار، وأراده لمجالسته، فأبى أبو محلم.
المصدر : [بغية الوعاة 1/ 257]
قلت - رحم الله والدي-:
هذا المنام بمعنى حديث شريف, بلفظ: "لا يدخل النار إلا شقي, قيل: يا رسول الله, ومن الشقى ؟, قال: من لم يعمل لله بطاعة, ولم يترك له معصية" أخرجه الإمام أحمد [2/349 ، رقم 8578])، وابن ماجة [4298] عن أبى هريرة, قال البوصيرى: هذا إسناد فيه ابن لهيعة وهو ضعيف .
قال السندي في "شرحه": قوله: (من لم يعمل بطاعة الله) أي: ما عمل عملا من حيث إنه طاعة فما أطاعه قط, (ولم يترك له معصية) أي: ما ترك عملا من حيث كونه معصية له فما ترك معصية قط، بل هو مديم في جميع المعاصي حكما إذ ما ترك شيئا منها لكونه معصية وإن الذي تركه فإنما تركه بسبب آخر
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
187- إلا تبسما
[ قال ابن الدبيثي ]: سمعت أبا القاسم إقبال بن علي بن أحمد يقول: كنت حاضراً في حلقة "أبي منصور ابن الجواليقي" ببغداد في جامع القصر الشريف يوم جمعة بعد الصلاة فسأله رجلٌ عن هذا البيت, وهو:
يحاولن مني عادةً قد عرفتها ... قديماً فما يضحكن إلا تبمسا
وقيل له: كيف يستثنى التبسم من الضحك، والتبسم ضحكٌ؟ , فقال: يكون حرف الاستثناء، وهو "إلا" هاهنا، بمعنى "لكن" التي معناها الاستدراك، ويكون معنى البيت: فما يضحكن لكن يتبسمن
قال شيخنا إقبال بن علي: ومثله قوله تعالى: {إني لا يخاف لدي المرسلون. إلا من ظلم} أي لكن من ظلم.
المصدر : [ذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 2/ 556]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
188- جيوش الزمان
أحمد بن محمد بن محمد بن أحمد السلمي، أبو جعفر المغربي، يعرف بابن خولة, من أهل غرناطة، بلدة شرقي الأندلس, أنشدني لنفسه:
إذا ما الدهر بَيَّتَنِي بجيشٍ ... طَلِيعَتُه اهتمامٌ واكتئابُ
شَنَنْتُ عليه من جَلَدِي كميناً ... أَمِيرَاهُ الذَّبَالةُ والكِتَابُ
وبِتُّ أَنُصُّ مِن شَتْمِ الليالي ... عجائِبَ في حقائقها ارتيابُ
المصدر : [ ذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 2/ 379 ]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
189- "السبعية"
أحمد بن الحسين بن أحمد بن محمد البغدادي، المقرىء أبو العباس، المعروف بـ: العراقي [ ت588 هـ ]
كان يقول: كان عندنا في "الحربية" قومٌ من المُتَشَدِّدِين يُسَمَّوْنَ: "السبعية"، لا يُسَلِّمُون على من سَلَّمَ إلى سبعة على مبتدع
المصدر : [ ذيل طبقات الحنابلة 2 / 396 ]
قلت - رحم الله والدي-:
لو أدرك بعض هؤلاء زماننا لما سَلَّمُوا على أحد, لامتلاء الدنيا بالأهواء المضلة والفتن المدلهمة, نسأل الله تعالى العافية والمعافاة في ديننا ودنيانا
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
190- سلطان يهاب دعوة المظلوم ولا يهاب الجيوش
قال الحضرمي: سمعت محمد بن الحسن بن محمد بن يحيى يقول: سمعت أبا يعقوب بن صيغون الرجل الصالح يقول:
كان لي صديق بالمعافر من خيار المسلمين، فقير كان له أربع بنات، فجمعن من غزلهن أحد عشر دينارا اشترين جارية أعجمية, تستقي لهم من العيون والمصانع بالمعافر، وتخبز الخبز وتخدمهم، فهربت منهن في بعض الايام، فأخذها أصحاب المصالح في بني وائل، فجِئتُ فأخبرني بذلك، فجئت إلى أصحاب المصالح فكلمتهم, فقالوا: لا ندفعها إلا بأربعة دنانير، فخاطبت البنات, فأخرجن إلي أربعة أزواج حلق, في كل زوج نصف دينار
فجئت الى أصحاب المصالح، فقالوا: لا نأخذ الا أربعة دنانير، فانصرفت آخر النهار الى بركة المعافر, وقد دخلها الماء، فجلست على حجر على الماء، وقلعت نعلي, وجعلت الحلق عليها، فبينا أنا مهموم إذا برجل على بغل قد وقف بي، ونزل الى جانبي, وقلب العنان وأمسكه بيده, وحادثني، واستخبرني عن مسكني وموضعي, واستوصف منزلي إلى أن سألني عن سيرة الوالي، فأخبرته أن له معروفا، وقد عمل هذه المصانع للماء والمارستان، وبنى الجامع، وحبس عليها الأحباس، إلى أن سألني عن تلك الحلق التي رآها على النعل، فأخبرته الخبر
فقال لي: أنت تصف الرجل بالعدل ويستعمل من هؤلاء القوم، يفعل هذا الفعل؟ , فقلت: لا علم له بفعلهم، وحضرت صلاة المغرب, فقال لي: تقدم وصل بي، ووقف على يميني, فصليت به المغرب، ثم فرغ وركع، وركب بغله, وأخذ على المقابر على الصحراء, وانصرفت الى منزلي، فإني لجالس على إفطاري إذ سمعنا على الباب جلبة، فاطلعت إحدى البنات, فقالت لي: يا أبت على الباب قوم من أصحاب السلطان, فنزلت فإذا صاحب الشرطة "سري", فحملني على بغل, وأخذ بي على الصحراء إلى جبل، فإذا جَمْعٌ وإذا بصاحبي جالس, وبين يديه شمع، فقال لي: عندي يا إمامي، الساعة صليت بي المغرب
ثم قال: يا "سري" ما يقدر لي "أبو أحمد الموفق" على مثل ما كدتني به أنت، "أبو أحمد" يلقاني برجال، وألقاه برجال، وبكراع وسلاح وعدة، وألقاه بمثلها، "أبو أحمد" لا يقدر يوقف لي الليلة مثل هذا الرجل المستور في الليل, وخلفه أربع بنات مظلومات, يرفعون أيديهم الى الله، هذا يُهْلِكُنِي.
قال: ثم التفت إلي, فقال: أنشدك الله إِنْ دَعَوت علي، ثم قال: يا سوار أحضر ما قلت لك، فأحضر أربع صرر وأربع رزم ثياب, وقال لي: يا شيخ ادفع الصرر إلى أصحاب الحلق, الى كل واحدة مائة دينار, ورزمة من الثياب يكتسينها، وهذه ثلاثون دينارا ابتع بها جارية مشهورة مخبورة، وبيعوا هذه الجارية التي باتت بحيث لا يصلح, أجريت عليك وعلى بناتك خمسه دنانير في كل شهر, لكل نفس منكم دينار ومائدة طعام يوم الاثنين, ومائدة يوم الخميس، ولا تدعو علي وانصرف.
المصدر : [بغية الطلب فى تاريخ حلب 2/ 830]
قلت - رحم الله والدي-:
رحم الله ابن طولون وغفر له, فقد كان كما قال الذهبي في "السير" : يرجع إلى عدل وبذل، لكنه جبار، سفاك للدماء
توضيح وبيان: الموفق: هو الأمير أبو أحمد طلحة - ومنهم من سماه: محمدا - ابن المتوكل على الله جعفر ابن المعتصم محمد ابن الرشيد الهاشمي العباسي/ت 278 هـ، أخو الخليفة "المعتمد" وولي عهده، ووالد أمير المؤمنين المعتضد، قال ابن خلكان: وإنما تغلب [ابن طولون] على البلاد لاشتغال الموفق بن المتوكل بحرب صاحب الزنج
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
191- سماع القواس
قال القواس: حضرت مجلس القاضي "المحاملي", وكان له أربع مستملين يستملون عليه, وكنت لا أكتب في مجلس الإملاء إلا ما أسمعه من لفظ المحدث, فقمت قائما لأني كنت بعيدا عن "المحاملي" بحيث لا أسمع لفظه, فلما رآني الناس أفرجوا لي, وأجازوني حتى جلست مع المحاملي على السرير, فلما كان من الغد جاءني رجل فسلم علي, وقال لي: أسألك بالله أن تجعلني في حِلٍّ, فقلت له: مماذا؟ , قال: رأيتك أمس قمت في المجلس وتخطيت رقاب الناس, فقلت في نفسي: إنك قصدت القيام لخطي رقاب الناس لا لسماع الحديث, فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المنام وهو يقول لي: من أراد سماع الحديث كأنه يسمعه مني فليسمعه كسماع أبي الفتح القواس.
المصدر : [ طبقات الحنابلة 2/ 143 ]
قلت - رحم الله والدي-:
القصة ذكرها الذهبي في "السير"[ 16 / 476] مختصرة جدا
القواس : الإمام، القدوة، الرباني، المحدث، الثقة، أبو الفتح يوسف بن عمر بن مسرور البغدادي ,ت 385 هـ, ترجمته في "السير" 16 / 474, و"تاريخ بغداد" 14 / 325, قال الأزهري: كان مجاب الدعوة, من طريف كراماته رحمه الله, قال تمام بن محمد الزينبي وغيره: سمعنا القواس يذكر أنه وجد في كتبه "جزءا" في فضائل معاوية قد قرضته الفأرة، فدعا عليها فسقطت فأرة من السقف، واضطربت حتى ماتت، وروي عن أبي ذر أنه حضر لما ماتت
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
192- طهر قلبك
دخل "أبو محمد" بن أخي "معروف الكرخي" على "ابن بشار", وعليه جُبَّةُ صوف, فقال له "ابن بشار": يا أبا محمد, صَوَّفْتَ قلبكَ أو جِسمَكَ؟ , صَوِّفْ قلبكَ, وألْبَسْ القوهي على القوهي.
المصدر: [ طبقات الحنابلة 2/ 63 ]
قلت - رحم الله والدي-:
يشبه هذه القصة ما أخرجه ابن ابي شيبة في المصنف[34674]: عن نافع بن جبير بن مطعم: أن حذيفة، وسلمان، قالا لامرأة أعجمية: « أهاهنا مكان طاهر نصلي فيه » ، فقالت: طهر قلبك, وصل حيث شئت، فقال أحدهما لصاحبه: «فَقِهَتْ»
توضيح وبيان: علي بن محمد بن بشار أبو الحسن الزاهد [ت 310 ه], ترجمته في "طبقات ابن أبي يعلى" [2 / 57 ]
القُوهِيُّ : ضربٌ من الثياب بِيض .
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
193- دعاء لأبي إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري
قال صاعد بن سيار الهروي في "أماليه": سمعتُ شيخ الإسلام الأنصاري يقول:
إلهي, عِصمة أو مَغفرة، فقد ضاقت بنا طريق المَعْذِرة.
المصدر: [ ذيل طبقات الحنابلة 1/ 135 ]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
194- من دعاء ابن بشار
كان "ابن بشار" يقول في دعائه: اللهم صَلِّ على أبينا آدم, الذي خلقته بيدك, وأنحلته صُورَتَك, وأسجَدتَ له ملائكتك, وزوجته حواء أمتك, فسَبَقَ عليه قضاؤُك وقدرُك, فأكل من الشجرةِ فأهبطتَهُ إلى الأرض.
المصدر : [ طبقات الحنابلة 2/ 59 ]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
195- تلبيس الرزي
السلطان محمد بن سام السلطان شهاب الدين أبو المظفر الغوري, صاحب غزنة, [ت 602 هـ]
قد جاء أن "الإمام فخر الدين" وَعَظَهُ مَرَّة, فقال في كلام خَاطَبَهُ به: يا سُلطَان العالم, لا سُلطانك يَبْقَى, ولا تَلبِيسُ الرازي يبقى, وإن مَرَدَّنَا إلى الله
فانتحب السلطان بالبكاء
المصدر : [ الوافي بالوفيات 3/ 69 ]
قلت - رحم الله والدي-:
غفر الله للرازي, وقد صدق الله تعالى قوله, فتلبيسه في "تقدسيه" لم يَبْقَ منه شيء بعدما نسفه شيخ الإسلام رحمه الله نسفا في "ببيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية", فلم يغادر فيه شبهة إلا أتى عليها من قواعدها, فجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خيرا, وبَلَّغَهُ منازلَ الصِّدِّيقِين الأبرار
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
196- لا يملكون ضرا ولا نفعا
نزل "المقتفي" يوما بنهر عيسى والدُّنْيَا صَايفَة, فدخل إليه "المستنجد", وهو إذا ذاك أمير, وقد أَثَّرَ الحَرُّ في وجهه والعطش, فقال له: أيش بك ؟, قال: أنا عطشان, قال: ولم تركت نفسك إلى أن بلغ بك العطش هذا ؟, قال: يا مولانا كان الماء في الموكبيات قد حمى, فقال: له أيش في فمك ؟, قال: "خاتم يزدن" عليه مكتوب الأثنا عشر إماما, وهو يُسَكِّنُ العَطَش, فقال له: والك, يريد يزدن يجعلك رافضيا, سيد هؤلاء الأيمة "الحسين", وقد مات عطشان, إرْمِهْ من فَمِكْ
المصدر: [ الوافي بالوفيات 2/ 69 ]
رحم الله "المقتفي" فما أَصْدَقَ قَوْلَه, وأَبْيَنَ حُجَّتَه, في نهيه عن هذه البدعة الشركية الرافضية, ولو كان "الحسين السبط" رحمه الله يغني عن غيره أو يملك شيئا لَدَفَعَ عن نفسه العطش أولا, ثم عن أهله ثانيا في ذلك الموقف الرهيب بـ: "كربلاء", ولم يموتوا شهداء عِطاشا رضي الله عنهم, ولكن الرافضة قوم يجهلون
والرافضة - لا كثرالله جمعهم - هم أول من أظهر في هذه الأمة الشركَ والغلوَ القبيحَ في الأئمةِ والصالحينَ, فسَطَّرُوهُ في كتبهم, ودَوَّنُوهُ في دواوينهم, والله المستعان
توضيح وبيان: المُسْتَنْجِد بالله الخليفة أبو المظفر يوسف [ت566 هـ], بن المقتفي لأمر الله محمد [ت555 هـ], بن المستظهر بن المقتدي العباسي
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
197- تَيْسٌ مُرْعِب
[ قال الصفدي ]: أخبرني من لَفْظِه الشيخ "فتح الدين محمد بن سيد الناس اليعمري", قال:
ترافق "القرطبي" المفسر, والشيخ "شهاب الدين القرافي" في السفر إلى الفيوم, وكل منهما شيخ فنه في عصره, "القرطبي" في التفسير والحديث, و"القرافي" في المعقولات, فلما دخلاها ارتادا مكانا ينزلان فيه, فَدُلَّا على مكان, فلما أتياه قال لهما إنسان: يا مولانا, بالله لا تدخلاه, فإنه معمور بالجان, فقال الشيخ "شهاب الدين" للغلمان: ادخلوا, ودعونا من هذا الهذيان, ثم أنهما توجها إلى جامع البلد إلى أن يفرش الغلمان المكان, ثم عادا, فلما استقرا بالمكان سمعا صوت تيس من المعز يصيح من داخل الخرستان, وكرر ذلك الصياح, فأمتقع لون "القرافي", وخارت قواه, وبهت, ثم إن الباب فتح وخرج منه رأس تيس, وجعل يصيح, فذاب "القرافي" خوفا, وأما "القرطبي" فإنه قام إلى الرأس, وأمسك بقرنيه, وجعل يتعوذ ويبسمل ويقرأ: {آالله أذن لكم أم على الله تفترون}, ولم يزل كذلك حتى دخل الغلام ومعه حبل وسكين, وقال: يا سيدي تنح عنه, وجاء إليه أخرجه, وانكاه وذبحه, فقالا له: ما هذا ؟, فقال: لما توجهتما رأيته مع واحد فاسترخصته, واشتريته لنذبحه ونأكله, وأودعته في هذا الخرستان, فأفاق "القرافي" من حاله, وقال: يا أخي, لا جزاك الله خيرا, ما كنت قلت لنا, وإلا طارت عقولنا, أو كما قال
المصدر : [ الوافي بالوفيات 2/ 87 ]
قلت - رحم الله والدي-:
توضيح وبيان: "خرسـتان": خزانة خشبية جدارية لها أبواب، وأصلها فارسي، و"خرستانة" مصغر ومؤنّث خرستان، و"الخرستان" دون أبواب تسمى "كتبية"
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
198- أعلام من الصحابة رضي الله عنهم
[ قال ابن الجوزي رحمه الله]: في "الصحابة" جماعة لا يُعرَفُون إلا بالنسبة إلى آبائهم فقط, منهم: "ابن ثعلبة", و"ابن جارية", و"ابن جميل", و"ابن حماطة", و"ابن حنظلة", و"ابن الرسيم", و"ابن عايش", وليس بـ: "عبد الرحمن بن عايش", و"ابن عبس", و"ابن عصام", و"ابن غنام", و"ابن الفاكه", و"ابن مسعدة", و"ابن المنتفق", و"ابن نضيلة" في آخرين
وفي "الصحابة" من اشتهر بالنسبة إلى أبيه مع معرفة اسمه, كـ: "ابن زامل", و"ابن سبرة", و"ابن رسلان", و"ابن الشياب", و"ابن عائذ", و"ابن القشيب", و"ابن اللتبية", كل هؤلاء اسمه: "عبد الله", وإنما اشتهر بأبيه
المصدر: [ ذم الهوى ص 38 ]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
199- نَاطِحُ صَخرة
[ قال الصاحب بن عباد ]: ليس في الإعجاب بالنفس نِهاية، وكان بعض الناس يقول: أُجَارِي "البُحتري" وأُبَارِيه؛ وأُنَاقِضُه وأُسَاوِيه، فأملى الأستاذ الرئيس في ذلك قوله:
البحتري يروم غاية شعره ... من لا يقيم لنفسه مصراعاً
أَنَّى يرُوم مَنَالَه من لو بغى ... تقويم قافية له ما اسطاعا
جَذَبَ العَلاَءُ بضبعه فأحله ... بين المجرد والسماك رباعا
وغدوت ملتزم الحضيض فكلما ... رفع الورى باعاً هبطت ذراعا
المصدر : [ الكشف عن مساوي شعر المتنبي ص 42]
قلت - رحم الله والدي-:
توضيح وبيان: "الصاحب بن عباد": هو إسماعيل بن عباد بن العباس، أبو القاسم الطالقاني، الوزير الأديب البليغ المتوفى 385 هـ, و"الأستاذ الرئيس" هو الوزير الأديب الكاتب أبو الفضل محمد بن الحسين المعروف بابن العميد, المتوفى سنة 360 هـ, قال "الثعالبي": بدئت الكتابة بعبد الحميد وختمت بابن العميد, وفيهما ألف "أبو حيان التوحيدي" كتابه المشهور: "مثالب الوزيرين"
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
199- نَاطِحُ صَخرة
[ قال الصاحب بن عباد ]: ليس في الإعجاب بالنفس نِهاية، وكان بعض الناس يقول: أُجَارِي البُحتري وأُبَارِيه؛ وأُنَاقِضُه وأُسَاوِيه، فأملى الأستاذ الرئيس في ذلك قوله:
البحتري يروم غاية شعره ... من لا يقيم لنفسه مصراعاً
أَنَّى يرُوم مَنَالَه من لو بغى ... تقويم قافية له ما اسطاعا
جَذَبَ العَلاَءُ بضبعه فأحله ... بين المجرة والسماك رباعا
وغدوت ملتزم الحضيض فكلما ... رفع الورى باعاً هبطت ذراعا
الأستاذ الرئيس أبي الفضل بن العميد
المصدر : [ الكشف عن مساوي شعر المتنبي ص 42]
قلت - رحم الله والدي-:
توضيح وبيان: "الصاحب بن عباد": هو إسماعيل بن عباد بن العباس، أبو القاسم الطالقاني، الوزير الأديب البليغ المتوفى 385 هـ, و"الأستاذ الرئيس" هو الوزير الأديب الكاتب أبو الفضل محمد بن الحسين المعروف بابن العميد, المتوفى سنة 360 هـ, قال "الثعالبي": بدئت الكتابة بعبد الحميد وختمت بابن العميد, وفيهما ألف "أبو حيان التوحيدي" كتابه المشهور: "مثالب الوزيرين"
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
تتميم: :ثم وجدت الحكاية بلفظ آخر في "أخلاق الوزيرين" [ ص 384] قال: وكان "أبو الفضل" يُطري "البُحتريّ" ويُعجب من غزله وتشبيبه، ويستسهل في الجملة طريقته، ورجل حاضرٌ يُخالفه في ذلك، فقال أبو الفضل:
البُحتريُّ يَرومُ غايةَ شِعرِهِ ... من لا يُقيم لنفسِهِ مِصْراعاً
أَنَّى يَرومُ مَنَالَه ولو ابتغَى ... تَقْويم قَافيةٍ له ما اسْطاعا
جَذَب العَلاءُ بضَبْعِهِ فأَحلَّه ... بينَ المَجَرَّةِ والسِّماك رِبَاعا
وغَدَوْتَ ملتزِمَ الحضيض فكلَّما ... فَرَعَ العُلا باعاً هَبَطتَ ذِراعاً
قال: فخزي الرجل وسكت.
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
200- أبي العتاهية وأبي نواس
[ قال ابن الجوزي رحمه الله ]: وبالإسناد قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا علي بن الأعرابي قال: قال أبو العتاهية:
لقيت أبا نواس في المسجد الجامع, فعذلته, وقلت له: أما آن لك أن ترعوي ؟, أما آن لك أن تزدجر ؟ , فرفع رأسه إلي وهو يقول:
أتراني يا عتاهي *** تاركا تلك الملاهي
أتراني مفسدا بالنسك *** عند القوم جاهي
قال: فلما ألححت عليه في العذل أنشأ يقول:
لن ترجع الأنفس عن غيها *** ما لم يكن منها لها زاجر
فوددت أني قلت هذا البيت بكل شيء قلته
المصدر : [ ذم الهوى ص 76 ]
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
201- تنظيم السير والمرور
[ قال ابن الجوزي رحمه الله ]: أخبرنا ابن ناصر قال أنبأنا ابن يوسف قال أنبأنا ابن المذهب قال أنبأنا ابن مالك قال:
بلغنا أن "سليمان" قال لابنه: يا بني, امش وراء الأَسَدِ والأَسْوَدِ, ولا تَمْشِ وراءَ امرأة
المصدر : [ ذم الهوى ص 92 ]
قلت - رحم الله والدي-:
"الأسود": هو نوع من الأفعوان شديد السواد، ويسمى " الأسود السالخ", قال الدميري: سمي بذلك لأنه يسلخ جلده كل عام، يقال أسود سالخ، ولا يقال للأنثى سالخة. وأسودان سالخ، وأساود سالخة وسوالخ
روى أبو داود [2603], والنسائي [563 عمل اليوم والليلة ], والحاكم [1637 ], وصححه عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر فأقبل الليل، قال: يا أرض، ربي وربك الله، أعوذ بالله من شرك، وشر ما فيك، وشر ما خلق فيك، وشر ما يدب عليك، أعوذ بالله من أسد وأسود، ومن الحيّة والعقرب، ومن ساكن البلد ومن والد وما ولد» . ساكن البلد الجن، وقيل: الوالد وما ولد إبليس والشياطين.
-
رد: سلسلة فاكهة المجالس وتحفة المؤانس/ فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أدبية
202- مُعَلِّم أمير , وتدريب على أعباء الملك
أحمد بن عبيد بن ناصح بن بلنجر, أبو جعفر النحوي الكوفي الديلمي الأصل, من موالي بني هاشم، يعرف بـ: "أبي عصيدة"
قال ياقوت: حدث عن: الأصمعي والواقدي, وعنه: القاسم الأنباري, وكان من أئمة العربية
أَدَّبَ ولد المتوكل "المعتز"، فلما أراد أبوه أن يوليه العهد حطه "أبو عصيدة" عن مرتبته قليلا، وأَخَّرَ غداءه قليلا، فلما كان وقت الانصراف قال للخادم: احمله. فضربه بغير ذنب
فكتب بذلك إلى المتوكل، فأحضره, فقال له: لم فعلت هذا بالمعتز؟ قال: بلغني ما عزم عليه أمير المؤمنين، فحططت منزلته ليعرف هذا المقدار، فلا يعجل بزوال نعمة أحد
وأَخَّرْتُ غداءه ليعرِفَ الجوعَ إذا شُكِيَ إليه
وضَرَبْتُه لغير ذنب ليَعْرِفَ مِقدَار الظُّلْمِ، فلا يَعْجَل على أحد.
فقال: أحسنت، وأمر له بعشرة آلاف.
المصدر : [ بغية الوعاة 1/ 333 ]
قلت - رحم الله والدي-:
"لأبي جعفر" من التصانيف: "الزيادات من معاني الشعر واصلاحه"، "عيوان الاخبار والاشعار"، "المذكر والمؤنث"، و"المقصور والممدود", قيل توفي سنة 273 هـ أو 278 هـ