رد: ضعف حديث " يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة " .
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم
لا شك أن رواية من رواه عن الزهري عن أنس بالواسطة هي الراجحة
للفائدة :
اقتباس:
روى عبد الرزاق في مصنفه 11/287ـ 288(20559) قال أخبرنا معمر عن الزهري قال أخبرني أنس بن مالك قال كنا يوما جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (يطلع عليكم الآن من هذا الفج رجل من أهل الجنة) قال: فاطلع رجل من أهل الأنصار تنطف لحيته من وضوئه قد علق نعليه في يده الشمال فسلم فلما كان الغد قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك فطلع ذلك الرجل على مثل المرة الأولى فلما كان اليوم الثالث قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل مقالته أيضا فطلع ذلك الرجل على مثل حاله الأول فلما قام النبي تبعه عبد الله بن عمرو بن العاص فقال: إني لاحيت أبي فأقسمت ألا ادخل عليه ثلاثا فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تمضي الثلاث فعلت قال: نعم قال أنس: كان عبد الله يحدث أنه بات معه ثلاث ليال فلم يره يقوم من الليل شيئا غير أنه إذا تعار انقلب على فراشه وذكر الله وكبر حتى يقوم لصلاة الفجر قال عبد الله: غير أني لم أسمعه يقول إلا خيرا فلما مضت الثلاث وكدت أحتقر عمله قلت يا عبد الله: لم يكن بيني وبين والدي هجرة ولا غضب ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ثلاث مرات (يطلع الآن عليكم رجل من أهل الجنة) فاطلعت ثلاث مرات فأردت أن آوي إليك لأنظر ما عملك فأقتدي بك فلم أرك تعمل كبير عمل فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما هو إلا ما رأيت قال: فانصرفت عنه فلما وليت دعاني فقال: ما هو إلا ما رأيت غير أني لا أجد في نفسي على أحد من المسلمين غشا ولا أحسده على ما أعطاه الله إياه إليه فقال عبد الله: هذه التي بلغت بك هي التي لا نطيق .
ورواه الإمام أحمد 3/166 وعبد بن حميد (3/83 ـ 84 المنتخب) وأحمد بن منصور الرمادي (عند البيهقي في شعب الإيمان 5/264حديث رقم6605 والبغوي في شرح السنة13/112ـ 114 حديث رقم 3535وغيرهما) كلهم عن عبد الرزاق به . وقد تفرد عبد الرزاق بإثبات سماع الزهري من أنس.
ورواه أحمد بن الفرات الأصبهاني ( عند ابن عبد البر في التمهيد 6/121) وزهير بن محمد ( عند البزار كما في كشف الأستار2/410 حديث رقم1981) عن عبد الرزاق به لكن قالا: عن أنس بدون تصريح بالإخبار .
ورواه ابن المبارك في الزهد (رقم 694) عن معمر فقال عن الزهري عن أنس, ورواه النسائي في عمل اليوم والليلة (863) عن ابن المبارك به.
فيكون عبد الله بن المبارك متابعا لعبد الرزاق على الوجه الثاني ( بالعنعنة ).
وتابع معمراً إبراهيم بن زياد القرشي -كما سيأتي في كلام الدارقطني- وهو ضعيف.
والإمام الزهري على جلالته وإتقانه إلا إنه كان يدلّس في النادر (الميزان 4/40) . وقد وصفه بالتدليس الشافعي والدار قطني وغير واحد, وذكر العلماء جماعه من الرواة روى عنهم الزهري ولم يسمع منهم، وإذا كان تدليسه نادراً فالنادر لاحكم له, إلا أن يثبت في حديث بعينه أنه دلّسه .
والزهري تابعي صغير أكثر روايته عن كبار التابعين, ويروي أحيانا عن صغار الصحابة كأنس , ومع هذا فقد دلس هذه القصة عن أنس, كما سيتبين فيما يأتي .
وخالف معمراً شعيبُ بن أبي حمزة وعقيل بن خالد وغيرهما فروياه عن الزهري عن رجل عن أنس به, وهو الصواب.
قال البيهقي في شعب الإيمان 5/264(6605) : هكذا قال عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال أخبرني أنس , ورواه ابن المبارك عن معمر فقال عن الزهري عن أنس , ورواه شعيب بن أبي حمزة عن الزهري كما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرني أبو محمد أحمد بن عبد الله المزني ببخارى أنا علي يعني محمد بن عيسى نا الحكم بن نافع أبو اليمان أخبرني شعيب عن الزهري قال : حدثني من لا أتهم عن أنس بن مالك أنه قال فذكر الحديث بنحوه
وكذلك رواه عقيل بن خالد عن الزهري في الإسناد غير أنه قال في متنه فطلع سعد بن أبي وقاص لم يقل رجل من الأنصار .
قال ابن عساكر في تاريخ دمشق 20/325ـ327 أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن علي بن عبد الملك أنبأنا أبو طاهر أحمد بن محمود الثقفي أنبأنا أبو بكر محمد بن إبراهيم أنبأنا محمد بن الحسن بن قتيبة ثنا حرملة بن يحيى التجيبي ثنا ابن وهب أخبرني عقيل عن ابن شهاب حدثني من لا أتهم عن أنس قال بينا نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة فأطلع سعد بن أبي وقاص....الحديث بطوله.
وقال الخرائطي في مساؤى الأخلاق (771) حدثنا أحمد بن منصور الرمادي ثنا أبو صالح عبد الله بن صالح عن الهقل بن زياد عن الصدفي – يعني معاوية بن يحيى – حدثني الزهري حدثني من لا أتهم عن أنس مثل حديث معمر. والصدفي هذا وإن ضعفه أهل العلم إلا أن رواية الشاميين عنه أصح - وهذه منها -
قال أبو زرعة: والذي حدّث بالشام أحسن حالاً. وبنحوه قال ابن حبان وابن حجر.
بل نص الحفاظ على استقامة أحاديثه عن الزهري –كما ذكر البخاري- ونصوا على أن الهقل بن زياد روى عنه أحاديث مستقيمة –كما ذكر أبو حاتم- وقالا: كأنها من كتاب, وقال الدارقطني: يكتب ما روى الهقل عنه, ويتجنب ما سواه.(ينظر الجرح والتعديل والتاريخ الكبير والمجروحين)
قال الدارقطني في العلل (المخطوط 4/ق26 أ) : اختلف فيه على الزهري: فرواه عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال حدثني أنس , وقال ابن المبارك عن معمر عن الزهري عن أنس , وكذلك قال إبراهيم بن زياد العبسي(لعل صوابه القرشي) عن الزهري عن أنس . وهذا الحديث لم يسمعه الزهري من أنس .ورواه شعيب بن أبي حمزة وعقيل عن الزهري قال حدثني من لا أتهم عن أنس . وهو الصواب .أ.هـ وهو في تكملة العلل بتحقيق الدباسي12/203 .
وقال المزي في تحفة الأشراف 1/395: قال حمزة بن محمد الكناني الحافظ: لم يسمعه الزهري من أنس ؛ رواه عن رجل عن أنس , كذلك رواه عقيل وإسحاق بن راشد وغير واحد عن الزهري, وهو الصواب.
وقال ابن حجر في النكت الظراف على الأطراف: وذكر البيهقي في الشعب أن شعيباً رواه عن الزهري حدثني من لا أتهم عن أنس . ورواه معمر عن الزهري أخبرني أنس؛ كذلك أخرجه أحمد في المسند عنه .
ورويناه في مكارم الأخلاق ، وفي عدة أمكنة عن عبد الرزاق. وقد ظهر أنه معلول .
فهؤلاء ثلاثة (عقيل بن خالد وشعيب بن أبي حمزة ومعاوية بن يحيى الصدفي) يضاف إليهم إسحاق بن راشد الجزري الذي ذكره الكناني كما سبق كلهم ذكروا الواسطة المبهمة بين الزهري وأنس .
وإسحاق بن راشد وإن اختلف فيه العلماء, وترجح أنه ضعيف في الزهري, وثقة في غيره إلا أنه يعتبر به ولذا أخرج له البخاري عن الزهري ما شاركه فيه غيره في مواضع يسيرة.
وقد تفرد الزهري بروايته هذا الحديث كما قال أبو حاتم الرازي (العلل رقم2611), وعقيل وشعيب ثقتان من أثبات أصحاب الزهري.
قال ابن كثير في تفسير سورة الحشر: وهذا إسناد صحيح على شرط الصحيحين لكن رواه عقيل وغيره عن الزهري عن رجل عن أنس .
وقد صححه العراقي في تخريج الإحياء فقال: رواه أحمد بسند صحيح على شرط الشيخين, ثم تبين له أن ذلك غير صحيح كما ذكر الزبيدي في (إتحاف السادة المتقين 8/51) أنه وجد بخطه في هامش التخريج المذكور عند قوله (صحيح): له علة ؛ فإن الزهري لم يسمعه عن أنس فيما يقال.
وكذلك المنذري في الترغيب والترهيب جعل إسناده على شرطهما, وتعقبه الناجي في عجالة الإملاء المتيسرة ص 464 فقال (بعد أن نقل كلام الكناني والمزي): وهذه العلة التي فيه لم ينتبه لها المصنف .
وقد جرى على هذا الألباني برهة من الزمن حتى تبيّنت له العلة كما ذكر ذلك في تخريجه للترغيب والترهيب.
وبما سبق يتبين رجحان الوجه الأخير لكثرة الرواة له عن الزهري وفيهم ثقتان من أثبت أصحابه, وقد رجحه من الأئمة: الدارقطني والكناني والبيهقي والعراقي وابن حجر والناجي, ومن المتأخرين الألباني.
وهذا الوجه يؤيد رواية الزهري عن أنس بالعنعنة, وتقدّم أن الزهري دلّسه وأسقط الواسطة.
فإن قيل: ألا يكفي قول الزهري: (حدثني من لاأتهم ) في توثيقه؟
يقال: هذا توثيق على الإبهام, ولا يعتد به على الراجح عند علماء الحديث, ولابد من تسميته ومعرفة كلام أئمة الجرح والتعديل فيه، لأنا نعلم أن النقاد يختلفون في النقلة فربما لو سمّى ذلك الراوي شيخه لكان مجروحاً بقادح عند غيره من أئمة الحديث. قال ابن الصلاح: بل إضرابه عن تسميته مريب يوقع في القلوب فيه تردداً أ.هـ. أي إن عدوله عن تسميته شبهة في إنه ربما علم أنه لو سماه لرد أهل العلم روايته. وهذا الذي رجحه الخطيب من أئمة الحديث، وأبو بكر الصيرفي وغيره من علماء الأصول.
ثم إن نفي التهمة لا ينفي الضعف بسوء الحفظ ونحوه من موجبات رد الرواية. قال الذهبي: ليس بتوثيق لأنه نفيٌ للتهمة، وليس فيه تعرضٌ لإتقانه ولا لأنه حجة. (تدريب الراوي1/522تحقيق طارق عوض الله)
قال المعلق على المسند (ط الرسالة) : إسناده صحيح على شرط الشيخين .
كتبه
عبد العزيز بن عبد الله العقيل
رد: ضعف حديث " يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة " .
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبوصلاح الدين
لكن الحديث مما اشتهر علي ألسنة الناس وله أثر عظيم في نفوس الناس وله شواهد كثيرة من القرآن والسنة كقوله تعالي (يوم لاينفع مال ولا بنون إلا من أتي الله بقلب سليم)
وقد يكون حكم المحدثين قديما وحديثا عليه مختلف فيه
وإلا لازلنا نسمع من الدعاة والعلماء من يحدث به والله أعلم
لكن ...
استمعت منذ قرابة عشرين سنة
إلى تخريج هذا الحديث
وبيان ضعفه سنداً ومتناً
في ثلاثة أشرطة
للشيخ أبي الحسن المأربي ..
النكارة في المتن كون الصحابة يقرون من أنفسهم أنهم يعجزون عن ترك حمل الغل على بعضهم ..
وكون الصحابي يكذب على أخيه ليضيفه والنبي صلى الله عليه وسلم لا ينكر الكذب
هذا ما أذكره والأشرطة ليست بجانبي الآن وإلا رفعتها لكم لتستمعوا إليها
رد: ضعف حديث " يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة " .
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو سلمى رشيد
لكن ...
استمعت منذ قرابة عشرين سنة
إلى تخريج هذا الحديث
وبيان ضعفه سنداً ومتناً
في ثلاثة أشرطة
للشيخ أبي الحسن المأربي ..
النكارة في المتن كون الصحابة يقرون من أنفسهم أنهم يعجزون عن ترك حمل الغل على بعضهم ..
وكون الصحابي يكذب على أخيه ليضيفه والنبي صلى الله عليه وسلم لا ينكر الكذب
هذا ما أذكره والأشرطة ليست بجانبي الآن وإلا رفعتها لكم لتستمعوا إليها
من عشرين سنة الشيخ بعد طالب عند الشيخ مقبل !!
رد: ضعف حديث " يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة " .
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو أسماء الحنبلي النصري
من عشرين سنة الشيخ بعد طالب عند الشيخ مقبل !!
ولنفرض انه من عشرين سنة كان يطلب العلم عند الشيخ مقبل - رحمه الله - وهو لا يزال يطلب العلم إلى يومنا هذه
لو سمحتَ .. وين الإشكال عندك أنت ؟
رد: ضعف حديث " يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة " .
انا لا أرى اعلال الحديث
ويحتمل ان يكون الزهري قد سمعه من المجهول مرة
وسمعه من انس بن مالك مرة
ولاضرر هاهنا
اما عن الاعلال لأن البعض رووه عن الزهري عن رجل , فلا يصح الاعلال من هذا الوجه !
لماذا ؟
لأن غالب الروايات فيها تصريح الزهري بالسماع من أتس , والمثبت مقدم على المنفي
وان كان الزهري لم يسمعه من انس وقال ( حدثنا او اخبرني ) لزمنا أن نكذب الزهري ولا يصح ذلك ابداً
فالصحيح عندي انه سمعه من الرجل مرة , وسمعه من أنس مرة
فتراجع الزهري عن قوله ( عن رجل ) بعدما تأكد و سمعه مباشرة من انس بن مالك ويشهد لذلك ان طريق معمر عنه لا تثبت ذلك الرجل لا سيما ان سماع معمر منه كان متأخراً عن غيره
وقد ذكر الشيخ احمد شاكر رحمه الله في شرحه الباعث الحثيث :(( اذا تلاعب الرواي بصيغ الاداء فقال حدثنا ولم يسمع فهو كاذب فاسق انتهى امره ))
فالتصريح بالسماع ثابت وان رواه الزهري مرة عن رجل عن انس فربما ذلك كان قبل ان يسمعه من انس , ولذلك عندما سمعه قرر ان يرويه عن انس بدون ذلك الرجل لانه سمعه من انس وتاكد وكما قلت يشهد لذلك ان سماع معمر من الزهري كان متأخراً عن غيره
هذا والله الموفق
رد: ضعف حديث " يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة " .
قول السائل
نسمع كثيرًا من الخطباء يَذْكُر حديث الرجل الذي وَصْفَهُ النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - بأنه من أهل الجنة , وذهب إليه عبد الله بن عمرو بن العاص ؛ ليطلع على عمله الذي بلغ به هذه المنـزلة , فوجده لا يُكْثِر من العمل , إلا أنه ليس في قلبه حسد لأحد من المسلمين , فهل هذا صحيح أم لا ؟
قال الشيخ أبو الحسن حفظه الله
الجواب : هذا الحديث قد كتبت فيه بحثا موسعا , وانتهيت فيه إلى أن الحديث ضعيف في السند , وفي متنه نكارة , ويحسن بي أن أسوق الحديث هنا : فقد أخرجه عبدالرزاق , وأحمد , وابن عساكر , والبيهقي في " الشعب " وغيرهم من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : كنا يوما جلوسا عند رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - فقال " يَطْلع عليكم الآن من هذا الفج رجل من أهل الجنة " قال : فطلع رجل من الأنصار , تنطف لحيته من وضوئه , قد علق نعليه في يده الشمال , فَسَلَّم , فلما كان من الغد ؛ قال النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - مثل ذلك , فطلع ذلك الرجل على مثل المرة الأولى , فلما كان اليوم الثالث ؛ قال النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - مثل مقالته أيضًا , فطلع الرجل على مثل حاله الأول , فلما قام النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - تبعه عبدالله بن عمرو بن العاص , فقال : إني لاحيت – أي خاصمت – أبي , فأقسمت ألا أدخل عليه ثلاثا , فإن رأيت أن تُؤْويني إليك حتى تمضي الثلاث ؟ قال : نعم , قال أنس : كان عبدالله يحدث أنه بات معه ثلاث ليال , فلم يره يقوم من الليل شيئا , غير أنه إذا تعارَّ من الليل ؛ انقلب عن فراشه , وذَكَرَ الله وكَبَّرَ , حتى يقوم لصلاة الفجر , قال عبدالله : غير أني لم أسمعه يقول إلا خيرا , فلما مضت الثلاث , وكدت أحتقر عمله ؛ قلت : يا عبدالله , لم يكن بيني وبين والدِي هجرة ولا غضب , لكنني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم – يقول ثلاث مرات : " يَطْلع الآن عليكم رجل من أهل الجنة " فطَلَعْتَ ثلاث مرات , فأردت أن آوي إليك ؛ لأنظر ما عملك , فأقتدي بك , فلم أرك تعمل كبير عمل , فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ؟ قال : ما هو إلا ما رأيت ، قال : فانصرفت عنه ، فلما ولِّيتُ دعاني ، قال : ما هو إلا ما رأيت غير أني لا أجد في نفسي على أحد من المسلمين غِشًّا , ولا أحسده على ما أعطاه الله إياه , فقال عبدالله : هذه التي بلغت بك , وهي التي لا نطيق .
فهذا الحديث رواه الزهري عن أنس , وفي رواية قال : أخبرني أنس , وفي رواية قال : حدثني من لا أتهم عن أنس , والراجح في الاختلاف عليه أن أكثر الرواة عنه والأحفظ رووه عن الزهري عمن لا يتهم عن أنس , وهذه الواسطة المبهمة لا يحتج بها ، وقد صرح جماعة من الأئمة بعدم سماع الزهري هذا الحديث من أنس: كالدارقطنيّ , وحمزة بن محمد الكناني , والحافظ ابن حجر , وقد أشار أبو حاتم لضعفه , وغمز العراقي في صحته , وتوقف فيه ابن كثير , ومن صححه فباعتبار النظر إلى بعض أسانيده التي فيها التصريح بالإخبار بين الزهري وأنس , ومن ضعفه فباعتبار جمع الطرق للحديث , والوقوف على علته , والباب إذا لم تُجْمَع طرقه لم تُعْرَف علته , هذا من جهة السند , ومن جهة المتن ففيه نكارة أيضا لوجوه :
1- قول عبد الله بن عمرو : " لاحيت أبي , فأقسمت ألا أدخل عليه ثلاثا " ... الخ ، هذا كذب , يجب أن ننـزه الصحابي العابد الناسك عنه , لاسيما وقد استدل بذلك من ينتسب للدعوة اليوم , فقال : الغاية تبرر الوسيلة , ومن أجل هذا ارتكب المحرمات ليصل إلى غايته , فلا سلم دينه من ارتكاب المعاصي , ولا وصل إلى غاية تُحْمَد , ولا سلمت أمته من الفتن , والله المستعان .
2- قول عبدالله بن عمرو : " كدت أحتقر عمله " ليس هذا الأسلوب من المعهود عن السلف , أنهم يحتقرون من المعروف شيئا وإن كان يسيرا , وقد أنكر النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم – على الثلاثة الذين تقالوا عمل رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وعَدَّ ذلك رغبة عن سنته , فقال : " ... ومن رغب عن سنتي ؛ فليس مني " متفق عليه .
3- قول عبدالله بن عمرو عندما أخبره الرجل بسلامة صدره من الحسد : " وهي التي لا نطيق " فيستبعد ذلك من الصحابة , الذين هم أبر الأمة قلوبًا , وأصفاها أفئدة , وأعمقها علمًا , وأقلها تكلفًا – رضي الله عنهم جميعًا - فكيف لا يطيقون ذلك ، وهم الذين بلغوا ما لم يبلغه هذا الرجل وأمثاله من المنازل ؟
وعلى كل حال فهكذا تعمل الأحاديث الضعيفة في الناس , ونحن في غنى عنها - ولله الحمد - بالأحاديث الصحيحة التي تحذر من : الحسد والغش للمسلمين , لكن من كانت بضاعته في علوم السنة مزجاة ؛ احتج بكسير , وعوير , وثالث ما فيه خير , والله المستعان
الشيخ أبو الحسن المأربي
رد: ضعف حديث " يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة " .
هذا هو الصواب نكارة الحديث . وقد أعله غير واحد من أهل العلم كأبي حاتم والدارقطني وأشار إليه البيهقي وغيرهم . وشعيب بن أبي حمزة من أوثق الناس في الزهري وتابعه عقيل بن خالد .
فالحديث معلول من جهتين:
الأول : من جهة سنده.
والثاني : من جهة متنه.
فأما من جهة السند فهو مختلف فيه على الزهري:
1 ـ فرواه معمر بن راشد، واختلف عليه فيه:
فرواه عبدالرزاق كما في الجامع (11: 278/ برقم 20559) (ومن طريقه جماعة): أخبرنا معمر عن الزهري ، قال: أخبرني أنس بن مالك ..فذكره.
2 ـ ورواه عبدالله بن المبارك في مسنده (ص3) ، وفي الزهد (241/ برقم 694): عن معمر ، عن الزهري ، عن أنس .. فذكره.
فالاضطراب فيه من معمر وإن كان معدودًا في ثقات أصحاب الزهري إلا أنه ربما وهم في بعض حديثه. كما هو منصوصٌ عليه في ترجمته.
وروايته بالعنعنة هي الراجحة دون التي فيها الإخبار، كما سيأتي.
3 ـ ورواه شعيب بن أبي حمزة كما في الشعب للبيهقي برقم (6606)، وعقيل بن خالد كما في تاريخ دمشق (7: 155)، وغيرهما : عن الزهري حدثني من لا أتهم عن أنس ..فذكره.
وهذا إسناد ثابت صحيح عن الزهري، وعليه تحمل رواية عبدالله بن المبارك ، عن معمر عن أنس. فقد بان انقطاعها وأن مرد ذلك إلى الزهري دلس الرواية.
وقد سئل عنه الدارقطني في علله فقال: اختلف فيه على الزهري:
فرواه عبدالرزاق عن معمر ، عن الزهري، قال: حدثني أنس.
وقال ابن المبارك : عن معمر ، عن الزهري ن عن أنس.
وكذلك قال: إبراهيم بن زياد القرشي: عن الزهري ، عن أنس.
ورواه شعيب بن أبي حمزة ، وعُقيل ، عن الزهري ، قال: حدثني من لا أتهم ، عن أنس، وهو الصواب. اهـ.
وأما من جهة المتن ففي رواية معمر ، وشعيب بن أبي حمزة وآخرين رجل من الأنصار.
ووقع في رواية عقيل : فطلع سعد بن أبي وقاص.
وناهيك عن مسائل أخرى تتعلق بالمتن كالكذب .
وذكره ابن أبي حاتم في العلل : سألت أبي عن حديث رواه الزهري عن يزيد بن وديعة ابن خزام عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الانصار أعفه صبر وعن حديث رواه الزهري عن من لايتهم عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يطلع عليكم رجل من أهل الجنة فطلع سعد وعن حديث رواه الزهري عن السائب عن يزيد قال ذكر عبدالله بن شريح الحضرمي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ذاك رجل لا يتوسد القرآن فقال أبي قد تفرد الزهري برواية هذا الحديث وأحاديث معه .
وكذلك كلام الحافظ حمزة الكناني ، حيث جاء في تحفة الأشراف (1/395) وفي حاشية السنن الكبرى للنسائي(6/216) طبعة الرسالة: قوله : هذا الحديث لم يسمعه الزهري من أنس رواه عن رجل عن أنس ورواه غير واحد عن الزهري كذلك رواه عنه عقيل واسحاق بن يزيد وهو الصواب . أهـ كلامه رحمه الله
وزاد الحافظ في النكت الظراف : قلت: وذكر البيهقي في الشعب أن شعيبا رواه عن الزهري حدثني من لا أتهم عن أنس ورواه معمر عن الزهري أخبرني أنس كذلك أخرجه أحمد في المسند عنه ورويناه في مكارم الأخلاق وفي عدة أمكنة عن عبدالرزاق وقد ظهر أنه معلول .أهـ كلام ابن حجر رحمه الله .
رد: ضعف حديث " يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة " .
وقد تراجع العلامة الألباني في تصحيحه ، فصححه في الضعيفة 1/26في المقدمة وهو يرد على إسماعيل الأنصاري ، ثم ضعفه في ضعيف الترغيب والترهيب .
رد: ضعف حديث " يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة " .
ومن باب الأمانة العلمية فقد قال المشرف العام على تحقيق المسند فضلية الشيخ شعيب الأرنؤوط :
إسناده صحيح على شرط الشيخين.
وهو في "مصنف عبد الرزاق" (20559) ، ومن طريقه أخرجه البزار (1981- كشف الأستار) ، والبيهقي في "الشعب" (6605) ، وابن عبد البر 6/121-122، والبغوي (3535) .
وأخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة" (863) من طريق عبد الله بن المبارك، عن معمر، بهذا الإسناد.
وأخرجه البزار (1981) من طريق ابن لهيعة عن عقيل بن خالد، عن ابن شهاب، به. غير أنه قال في متنه: فطلع سعد، بدل قوله: فطلع رجل من الأنصار. وابن لهيعة سيئ الحفظ.
وجاءت تسمية الرجل بسعد بن مالك في حديث ابن عمر عند البزار (1982) ، والبيهقي (6607) . وهو ضعيف، ورواية البزار مختصرة جداً اهـ .
فائدة مهمة :
إذا اختلف العلماء في التصحيح والتضعيف فطالب العلم بين أمرين :
أ / إن كان طالب العلم متمكنا فلينظر إلى حجة الفريقين ، ثم يأخذ ما أدى إليه اجتهاده بعيدا عن الهوى وتقليد الأشخاص .
ب / وإن كان طالب العلم من المبتدئين فليقلد الأعلم والأتقى في نظره الخاص لكن بلا تعصب ،
والله تعالى أعلم .
والتصحيح والتضعيف من الأمور الإجتهادية ، لكن بشرط أن يكون المشتغل في هذا الفن من أهل التخصص ، وكل علم يسأل عنه أهله .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : فمتى وجدنا حديثا قد حكم إمام من الأئمة المرجوع إليهم بتعليله، فالأولى اتباعه في ذلك كما نتبعه في تصحيح الحديث إذا صححه، وهذا الشافعي مع إمامته يحيل القول على أئمة الحديث في كتبه فيقول : وفيه حديث لا يثبته أهل العلم بالحديث ( النكت 2/711) .
وقال الإمام السخاوي رحمه الله : فمتى وجدنا في كلام أحد المتقدمين الحكم به كان معتمدا لما أعطاهم الله من الحفظ الغزير وإن اختلف النقل عنهم عدل إلى الترجيح اهـ ( فتح المغيث 1/237) .
رد: ضعف حديث " يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة " .
أخبرني بعض الأخوة الكرام ، أن الشيخ محمد عمرو بن عبد اللطيف _رحمه الله_ ، أعلَّ هذا الحديث سنداً ومتناً . وهو الصواب فيما أعلم ، والله أعلم.
رد: ضعف حديث " يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة " .
كان شيخنا محمد عمرو رحمه الله يعل الحديث .
رد: ضعف حديث " يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة " .
جزاكم الله خيرا ، وبارك فيكم حميعا .