-
رد: فوائد وفرائد " المنهاج شرح صحيح مسلم ابن الحجاج " للإمام النووي رحمه الله !!!
اقتباس:
أَيَّامُ الْبِيضِ وَهِيَ الثَّالِثَ عَشَرَ وَالرَّابِعَ عَشَرَ وَالْخَامِسَ عَشَرَ وَقَدْ جَاءَ فِيهَا حَدِيثٌ فِي كِتَابِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ هِيَ الثَّانِي عَشَرَ وَالثَّالِثَ عَشَرَ وَالرَّابِعَ عَشَرَ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَلَعَلَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُوَاظِبْ عَلَى ثَلَاثَةٍ مُعَيَّنَةٍ لِئَلَّا يُظَنَّ تَعَيُّنُهَا وَنَبَّهَ بِسُرَّةِ الشَّهْرِ وَبِحَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ فِي أَيَّامِ الْبِيضِ عَلَى فَضِيلَتِهَا
هذا الحديث عن احمد والترمذي وابن ماجه وايب داود والنسائي لايثبت بطريق تأنس اليه نفوس أهل العلم
فراوي احدها عبد الملك القيسي لايكاد يعرف له الا هذا الحديث الذي يرويه عنه انس بن سيرين
والطريق الاخر(طريق ابي ذر) أضعف وفيه اضطراب . . فيه يحيى بن سام وفيه حكيم بن جبير وكلاهما من ضعفاء الكوفة وشيعتها!
-
رد: فوائد وفرائد " المنهاج شرح صحيح مسلم ابن الحجاج " للإمام النووي رحمه الله !!!
-
رد: فوائد وفرائد " المنهاج شرح صحيح مسلم ابن الحجاج " للإمام النووي رحمه الله !!!
اليوم : الخميس
الموافق : 27/ محرم / 1444
الموافق : 25/ لغسطس / 2022
كتاب الحج " من المنهاج لمسلم ابن الحجاج رحمه الله
8/77
كتاب الحج
مَنْ يَقُولُ مِنْ أَهْلِ الْأُصُولِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ لَهُ الِاجْتِهَادُ وَإِنَّمَا كَانَ يَحْكُمُ بِوَحْيٍ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ بِالِاجْتِهَادِ حُكْمُ ذَلِكَ أَوْ أَنَّ الْوَحْيَ بَدَرَهُ قَبْلَ تَمَامِ الِاجْتِهَادِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.....
8/81
وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ بِفَتْحِ الْقَافِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَاللُّغَةِ وَالتَّارِيخِ وَالْأَسْمَاءِ وَغَيْرِهِمْ وَغَلِطَ الْجَوْهَرِيُّ فِي صِحَاحِهِ فِيهِ غَلَطَيْنِ فَاحِشَيْنِ فَقَالَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَزَعَمَ أَنَّ أُوَيْسًا الْقَرَنِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَنْسُوبٌ إِلَيْهِ وَالصَّوَابُ إِسْكَانُ الرَّاءِ وَأَنَّ أُوَيْسًا مَنْسُوبٌ إِلَى قَبِيلَةٍ مَعْرُوفَةٍ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو قَرَنٍ وَهِيَ بَطْنٌ مِنْ مُرَادٍ الْقَبِيلَةُ الْمَعْرُوفَةُ يُنْسَبُ إِلَيْهَا الْمُرَادِيُّ وَقَرْنُ الْمَنَازِلِ عَلَى نَحْوِ مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ قَالُوا وَهُوَ أَقْرَبُ الْمَوَاقِيتِ إِلَى مَكَّةَ
......
82
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ صَارَتْ مِيقَاتَهُمْ بِتَوْقِيتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْ بِاجْتِهَادِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَفِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ أَصَحُّهُمَا وَهُوَ نَصُّ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْأُمِّ بِتَوْقِيتِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَذَلِكَ صَرِيحٌ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَدَلِيلُ مَنْ قَالَ بِتَوْقِيتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثُ جَابِرٍ لَكِنَّهُ غَيْرُ ثَابِتٍ لِعَدَمِ جَزْمِهِ بِرَفْعِهِ وَأَمَّا قَوْلُ الدَّارَقُطْنِي ِّ إِنَّهُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْعِرَاقَ لَمْ تَكُنْ
فُتِحَتْ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَلَامُهُ فِي تَضْعِيفِهِ صَحِيحٌ وَدَلِيلُهُ مَا ذَكَرْتُهُ وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُ لِضَعْفِهِ بِعَدَمِ فَتْحِ الْعِرَاقِ فَفَاسِدٌ لِأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يُخْبِرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ لِعِلْمِهِ بِأَنَّهُ سَيُفْتَحُ وَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ مُعْجِزَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْإِخْبَارِ بِالْمَغِيبَاتِ الْمُسْتَقْبَلَ اتِ كَمَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَّتَ لِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ فِي جَمِيعِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الشَّامَ لَمْ يَكُنْ فُتِحَ حِينَئِذٍ وَقَدْ ثَبَتَتِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَخْبَرَ بِفَتْحِ الشَّامِ وَالْيَمَنِ وَالْعِرَاقِ وَأَنَّهُمْ يَأْتُونَ إِلَيْهِمْ يَبُسُّونَ وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ وَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ بِأَنَّهُ زُوِيَتْ لَهُ مَشَارِقُ الارض ومغاربها وقال سيبلغ ملك أمتي مازوى لِي مِنْهَا وَأَنَّهُمْ سَيَفْتَحُونَ مِصْرَ وَهِيَ أَرْضٌ يُذْكَرُ فِيهَا الْقِيرَاطُ وَأَنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ يَنْزِلُ عَلَى الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيِّ دِمَشْقَ وَكُلُّ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ فِي الصَّحِيحِ وَفِي الصَّحِيحِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ مَا يَطُولُ ذِكْرُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.......
82
وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْمَوَاقِيتَ مَشْرُوعَةٌ ثُمَّ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَالْجُمْهُورُ هِيَ وَاجِبَةٌ لَوْ تَرَكَهَا وَأَحْرَمَ بَعْدَ مُجَاوَزَتِهَا أَثِمَ وَلَزِمَهُ دَمٌ وَصَحَّ حَجُّهُ وَقَالَ عَطَاءٌ وَالنَّخَعِيُّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ لَا يَصِحُّ حَجُّهُ وَفَائِدَةُ الْمَوَاقِيتِ أَنَّ مَنْ أَرَادَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً حَرُمَ عَلَيْهِ مُجَاوَزَتُهَا بِغَيْرِ إِحْرَامٍ وَلَزِمَهُ الدَّمُ كَمَا ذَكَرْنَا قَالَ أَصْحَابُنَا فَإِنْ عَادَ إِلَى الْمِيقَاتِ قَبْلَ التَّلَبُّسِ بِنُسُكٍ سَقَطَ عَنْهُ الدَّمُ وَفِي الْمُرَادِ بِهَذَا النُّسُكِ خِلَافٌ مُنْتَشِرٌ وَأَمَّا مَنْ لا يريد حجا ولاعمرة فَلَا يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ لِدُخُولِ مَكَّةَ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ مَذْهَبِنَا سَوَاءٌ دَخَلَ لِحَاجَةٍ تَتَكَرَّرُ كَحَطَّابٍ وحشاش وصياد ونحوهم أولا تَتَكَرَّرُ كَتِجَارَةٍ وَزِيَارَةٍ وَنَحْوِهِمَا وَلِلشَّافِعِيّ ِ قَوْلٌ ضَعِيفٌ أَنَّهُ يَجِبُ الْإِحْرَامُ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ إِنْ دَخَلَ مَكَّةَ أَوْ غَيْرَهَا مِنَ الْحَرَمِ لِمَا يَتَكَرَّرُ
.....
84
وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى هَذَا كُلِّهِ فَمَنْ كَانَ فِي مَكَّةَ مِنْ أَهْلِهَا أَوْ وَارِدًا إِلَيْهَا وَأَرَادَ الْإِحْرَامَ بِالْحَجِّ فَمِيقَاتُهُ نَفْسُ مَكَّةَ وَلَا يَجُوزُ لَهُ تَرْكُ مَكَّةَ وَالْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ مِنْ خَارِجِهَا سَوَاءٌ الْحَرَمُ وَالْحِلُّ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ بِهِ مِنَ الْحَرَمِ كَمَا يَجُوزُ مِنْ مَكَّةَ لِأَنَّ حُكْمَ الْحَرَمِ حُكْمُ مَكَّةَ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ لِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَيَجُوزُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ جَمِيعِ نَوَاحِي مَكَّةَ بِحَيْثُ لَا يَخْرُجُ عَنْ نَفْسِ الْمَدِينَةِ وَسُورِهَا وَفِي الْأَفْضَلِ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا مِنْ بَابِ دَارِهِ وَالثَّانِي مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ تَحْتَ الْمِيزَابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَهَذَا كُلُّهُ فِي إِحْرَامِ الْمَكِّيِّ بِالْحَجِّ وَالْحَدِيثُ إِنَّمَا هُوَ فِي إِحْرَامِهِ بِالْحَجِّ وَأَمَّا مِيقَاتُ الْمَكِّيِّ لِلْعُمْرَةِ فَأَدْنَى الْحِلِّ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ الْآتِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَمَرَهَا فِي الْعُمْرَةِ أَنْ تَخْرُجَ إِلَى التَّنْعِيمِ وتحرم بالعمرة منه والتنعيم فِي طَرَفِ الْحِلِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.......
86
قَدْ سَبَقَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ ذَاتَ عِرْقٍ مِيقَاتُ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُمْ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَلَوْ أَهَلُّوا مِنَ الْعَقِيقِ كَانَ أَفْضَلَ وَالْعَقِيقُ أَبْعَدُ مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ بِقَلِيلٍ فَاسْتَحَبَّهُ الشَّافِعِيُّ لِأَثَرٍ فِيهِ وَلِأَنَّهُ قِيلَ إِنَّ ذَاتَ عِرْقٍ كَانَتْ أَوَّلًا فِي مَوْضِعِهِ ثُمَّ حُوِّلَتْ وَقُرِّبَتْ إِلَى مَكَّةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاعْلَمْ أَنَّ لِلْحَجِّ مِيقَاتَ مَكَانٍ وَهُوَ مَا سَبَقَ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَمِيقَاتَ زَمَانٍ وَهُوَ شَوَّالٌ وَذُو الْقَعْدَةِ وَعَشْرُ لَيَالٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ وَلَا يجوز الا حرام بِالْحَجِّ فِي غَيْرِ هَذَا الزَّمَانِ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَلَوْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ فِي غَيْرِ هَذَا الزَّمَانِ لَمْ يَنْعَقِدْ حَجًّا وَانْعَقَدَ عُمْرَةً وَأَمَّا الْعُمْرَةُ فَيَجُوزُ الْإِحْرَامُ بِهَا وَفِعْلُهَا فِي جَمِيعِ السَّنَةِ وَلَا يُكْرَهُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا لَكِنْ شَرْطُهَا أَنْ لّا يَكُونَ
ي الْحَجِّ وَلَا مُقِيمًا عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَفْعَالِهِ وَلَا يُكْرَهُ تَكْرَارُ الْعُمْرَةِ فِي السَّنَةِ بَلْ يُسْتَحَبُّ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الْجُمْهُورِ وَكَرِهَ تَكْرَارَهَا في السنة بن سِيرِينَ وَمَالِكٌ وَيَجُوزُ الْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ مِمَّا فَوْقَ الْمِيقَاتِ أَبْعَدَ مِنْ مَكَّةَ سَوَاءٌ دُوَيْرَةُ أَهْلِهِ وَغَيْرُهَا وَأَيُّهُمَا أَفْضَلُ فِيهِ قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ أَصَحُّهُمَا مِنَ الْمِيقَاتِ أَفْضَلُ لِلِاقْتِدَاءِ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
......
94
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يُحْرِمُ عَقِبَ الصَّلَاةِ وَهُوَ جَالِسٌ قَبْلَ رُكُوبِ دَابَّتِهِ وَقَبْلَ قِيَامِهِ وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ لِلشَّافِعِيِّ وَفِيهِ حَدِيثٌ من رواية بن عَبَّاسٍ لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ وَفِيهِ أَنَّ التَّلْبِيَةَ لَا تُقَدَّمُ عَلَى الْإِحْرَامِ
......
95
قَالَ الْعُلَمَاءُ وَيُقَالُ لِلرُّكْنَيْنِ الْآخَرَيْنِ اللَّذَيْنِ يَلِيَانِ الْحِجْرَ بِكَسْرِ الْحَاءِ الشَّامِيَّانِ لِكَوْنِهِمَا بِجِهَةِ الشَّامِ قَالُوا فَالْيَمَانِيَا نِ بَاقِيَانِ عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخِلَافِ الشَّامِيَّيْنِ فَلِهَذَا لم يستلما
وَاسْتُلِمَ الْيَمَانِيَانِ لِبَقَائِهِمَا عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ إِنَّ الْعِرَاقِيَّ مِنَ الْيَمَانِيَيْن ِ اخْتُصَّ بِفَضِيلَةٍ أُخْرَى وَهِيَ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ فَاخْتُصَّ لِذَلِكَ مَعَ الِاسْتِلَامِ بِتَقْبِيلِهِ وَوَضْعِ الْجَبْهَةِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْيَمَانِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ الْقَاضِي وَقَدِ اتَّفَقَ أَئِمَّةُ الْأَمْصَارِ وَالْفُقَهَاءُ الْيَوْمَ عَلَى أَنَّ الرُّكْنَيْنِ الشَّامِيَّيْنِ لَا يُسْتَلَمَانِ وَإِنَّمَا كَانَ الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ الْعَصْرِ الْأَوَّلِ مِنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ وَبَعْضِ التَّابِعِينَ ثُمَّ ذَهَبَ
..........
121
نَّ مَنِ احْتَاجَ إِلَى حَلْقِ الرَّأْسِ لِضَرَرٍ مِنْ قَمْلٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِمَا فَلَهُ حَلْقُهُ فِي الْإِحْرَامِ وَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ من صيام أو صدقة أو نسك وَبَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الصِّيَامَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَالصَّدَقَةَ ثَلَاثَةُ آصُعٍ لِسِتَّةِ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ وَالنُّسُكَ شَاةٌ وهي شاة تجزيء فِي الْأُضْحِيَّةِ ثُمَّ إِنَّ الْآيَةَ الْكَرِيمَةَ وَالْأَحَادِيثَ مُتَّفِقَةٌ عَلَى أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ وَهَكَذَا الْحُكْمُ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ
..............
122
أَنَّ الْآصُعَ جَمْعُ صَاعٍ صَحِيحٌ وَقَدْ ثَبَتَ اسْتِعْمَالُ الْآصُعِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ مِنْ كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَلِكَ هُوَ مَشْهُورٌ فِي كَلَامِ الصَّحَابَةِ وَالْعُلَمَاءِ بَعْدَهُمْ وَفِي كُتُبِ اللُّغَةِ وَكُتُبِ النَّحْوِ وَالتَّصْرِيفِ وَلَا خِلَافَ فِي جوازه وصحته وأما ما ذكره بن مَكِّيٍّ فِي كِتَابِهِ تَثْقِيفُ اللِّسَانِ أَنَّ قَوْلَهُمْ في جمع الصاع آصُعٌ لَحْنٌ مِنْ خَطَأِ الْعَوَامِّ وَأَنَّ صَوَابَهُ أُصُوعٌ فَغَلَطٌ مِنْهُ وَذُهُولٌ وَعَجَبٌ قَوْلُهُ هَذَا مَعَ اشْتِهَارِ اللَّفْظَةِ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ وَاللُّغَةِ والعربية وَأَجْمَعُوا عَلَى صِحَّتِهَا وَهُوَ مِنْ بَابِ الْمَقْلُوبِ قَالُوا فَيَجُوزُ فِي جَمْعِ صَاعٍ آصُعٌ وَفِي دَارٍ آدُرٌ وَهُوَ بَابٌ مَعْرُوفٌ فِي كُتُبِ الْعَرَبِيَّةِ لِأَنَّ فَاءَ الْكَلِمَةِ فِي آصُعٍ صَادٌ وَعَيْنُهَا وَاوٌ فَقُلِبَتِ الْوَاوُ هَمْزَةً وَنُقِلَتْ إِلَى مَوْضِعِ الْفَاءِ ثُمَّ قُلِبَتِ الْهَمْزَةُ أَلِفًا حِينَ اجْتَمَعَتْ هِيَ وَهَمْزَةُ الْجَمْعِ فَصَارَ آصُعًا وَوَزْنُهُ عندهم أعقل وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي آدُرٍ
,,,,,
132
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَبَعْضُ التَّابِعِينَ لَا يَصِحُّ الِاشْتِرَاطُ وَحَمَلُوا الْحَدِيثَ عَلَى أَنَّهَا قَضِيَّةُ عَيْنٍ وَأَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِضُبَاعَةَ وَأَشَارَ الْقَاضِي عِيَاضٌ إِلَى تَضْعِيفِ الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ قَالَ قَالَ الْأَصِيلِيُّ لَا يَثْبُتُ فِي الِاشْتِرَاطِ إِسْنَادٌ صَحِيحٌ قَالَ النَّسَائِيُّ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَسْنَدَهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ غَيْرَ مَعْمَرٍ وَهَذَا الَّذِي عَرَّضَ بِهِ الْقَاضِي وَقَالَ الْأَصِيلِيُّ مِنْ تَضْعِيفِ الْحَدِيثِ غَلَطٌ فَاحِشٌ جِدًّا نَبَّهْتُ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُغْتَرَّ بِهِ لِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَشْهُورٌ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَسُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيّ ِ وَالنَّسَائِيِّ وَسَائِرِ كُتُبِ الْحَدِيثِ الْمُعْتَمَدَةِ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ بِأَسَانِيدَ كَثِيرَةٍ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَفِيمَا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ مِنْ تَنْوِيعِ طُرُقِهِ أَبْلَغُ كِفَايَةٍ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَرَضَ لَا يُبِيحُ التَّحَلُّلَ إِذَا لَمْ يَكُنِ اشْتِرَاطٌ فِي حَالِ الْإِحْرَامِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
,,,,,,
135
دِ اخْتَلَفَتْ رِوَايَاتُ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي صِفَةِ حَجَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ هَلْ كَانَ قَارِنًا أَمْ مُفْرِدًا أَمْ مُتَمَتِّعًا وَقَدْ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ رِوَايَاتِهِمْ كَذَلِكَ وَطَرِيقُ الْجَمْعِ بَيْنَهَا مَا ذَكَرْتُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَوَّلًا مُفْرِدًا ثُمَّ صَارَ قَارِنًا فَمَنْ رَوَى الْإِفْرَادَ هُوَ الْأَصْلُ وَمَنْ رَوَى الْقِرَانَ اعْتَمَدَ آخِرَ الْأَمْرِ وَمَنْ رَوَى التَّمَتُّعَ أَرَادَ التَّمَتُّعَ اللُّغَوِيَّ وَهُوَ الِانْتِفَاعُ وَالِارْتِفَاقُ وَقَدِ ارْتَفَقَ بِالْقِرَانِ كَارْتِفَاقِ الْمُتَمَتِّعِ وَزِيَادَةٌ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَى فِعْلٍ وَاحِدٍ وَبِهَذَا الْجَمْعِ تَنْتَظِمُ الْأَحَادِيثُ كُلُّهَا وَقَدْ جَمَعَ بَيْنَهَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ فِي كِتَابٍ صَنَّفَهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ خَاصَّةً وَادَّعَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ قَارِنًا وَتَأَوَّلَ بَاقِي الْأَحَادِيثِ وَالصَّحِيحُ مَا سَبَقَ وَقَدْ أَوْضَحْتُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِأَدِلَّتِهِ وَجَمِيعِ طُرُقِ الْحَدِيثِ وَكَلَامِ الْعُلَمَاءِ الْمُتَعَلَّقِ بِهَا وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ فِي تَرْجِيحِ الْإِفْرَادِ بِأَنَّهُ صَحَّ ذَلِكَ مِنْ رواية جابر وبن عمر وبن عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ وَهَؤُلَاءِ لَهُمْ مَزِيَّةٌ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ عَلَى غَيْرِهِمْ فَأَمَّا جَابِرٌ فَهُوَ أَحْسَنُ الصَّحَابَةِ سِيَاقَةً لِرِوَايَةِ حَدِيثِ حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَإِنَّهُ ذَكَرَهَا مِنْ حِينِ خُرُوجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْمَدِينَةِ إِلَى آخِرِهَا فَهُوَ أضبط لها من غيره وأما بن عُمَرَ فَصَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ آخِذًا بِخِطَامِ نَاقَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَأَنْكَرَ عَلَى مَنْ رَجَّحَ قَوْلَ أَنَسٍ عَلَى قَوْلِهِ وَقَالَ كَانَ أَنَسٌ يَدْخُلُ عَلَى النِّسَاءِ وَهُنَّ مُكْشِفَاتٌ الرُّءُوسَ وَإِنِّي كُنْتُ تَحْتَ نَاقَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمَسُّنِي لُعَابُهَا أَسْمَعُهُ يُلَبِّي بِالْحَجِّ وَأَمَّا عَائِشَةُ فَقُرْبُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْرُوفٌ وَكَذَلِكَ اطِّلَاعُهَا عَلَى بَاطِنِ أَمْرِهِ وَظَاهِرِهِ وَفِعْلِهِ فِي خَلْوَتِهِ وَعَلَانِيَتِهِ مَعَ كَثْرَةِ فقهها وعظم فطنتها وأما بن عَبَّاسٍ فَمَحَلُّهُ مِنَ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ فِي الدِّينِ وَالْفَهْمِ الثَّاقِبِ مَعْرُوفٌ مَعَ كَثْرَةِ بَحْثِهِ وَتَحَفُّظِهِ أَحْوَالَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي لَمْ يَحْفَظْهَا غَيْرُهُ وَأَخْذُهُ إِيَّاهَا مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ وَمِنْ دَلَائِلِ تَرْجِيحِ الْإِفْرَادِ أَنَّ الْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْرَدُوا الْحَجَّ وَوَاظَبُوا
-
رد: فوائد وفرائد " المنهاج شرح صحيح مسلم ابن الحجاج " للإمام النووي رحمه الله !!!
اليوم : الأربعاء
الموافق /: 10 / صفر/ 1444 هجري
الموافق : 7/ سبتمبر / 2022 ميلادي
كتاب " الحج " من شرح النووي على مسلم
146
اسْتَدَلَّ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ فِي كِتَابِ الْحَيْضِ بِعُمُومِ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْحَيْضَ كَانَ فِي جَمِيعِ بَنَاتِ آدَمَ وَأَنْكَرَ بِهِ عَلَى مَنْ قَالَ إِنَّ الْحَيْضَ أَوَّلُ مَا أُرْسِلَ وَوَقَعَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ
......
149
فَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُرَادِ بِأَشْهُرِ الْحَجِّ فِي قول الله تعالى الحج أشهر معلومات فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَجَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ هِيَ شَوَّالٌ وَذُو الْقَعْدَةِ وَعَشْرُ لَيَالٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ تَمْتَدُّ إِلَى الْفَجْرِ لَيْلَةَ النَّحْرِ وَرُوِيَ هَذَا عَنْ مَالِكٍ أَيْضًا وَالْمَشْهُورُ عَنْهُ شَوَّالٌ وَذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ بكماله وهو مروي أيضا عن بن عباس وبن عُمَرَ وَالْمَشْهُورُ عَنْهُمَا
.....
150
مَا قَالَهُ الْعُلَمَاءُ أَنَّ مَنْ كَانَ بِمَكَّةَ وَأَرَادَ الْعُمْرَةَ فَمِيقَاتُهُ لَهَا أَدْنَى الْحِلِّ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْرِمَ بِهَا مِنَ الْحَرَمِ فَإِنْ خَالَفَ وَأَحْرَمَ بِهَا مِنَ الْحَرَمِ وَخَرَجَ إِلَى الْحِلِّ قَبْلَ الطَّوَافِ أَجْزَأَهُ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ وَطَافَ وَسَعَى وَحَلَقَ فَفِيهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا لَا تَصِحُّ عُمْرَتُهُ حَتَّى يَخْرُجَ إِلَى الْحِلِّ ثُمَّ يَطُوفُ وَيَسْعَى وَيَحْلِقُ وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَصَحُّ يَصِحُّ وَعَلَيْهِ دَمٌ لِتَرْكِهِ الْمِيقَاتَ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَإِنَّمَا وَجَبَ الْخُرُوجُ إِلَى الْحِلِّ لِيَجْمَعَ فِي نُسُكِهِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ كَمَا أَنَّ الْحَاجَّ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا فَإِنَّهُ يَقِفُ بِعَرَفَاتٍ وَهِيَ فِي الْحِلِّ ثُمَّ يَدْخُلُ مَكَّةَ لِلطَّوَافِ وَغَيْرِهِ هَذَا تَفْصِيلُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَهَكَذَا قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ يَجِبُ الْخُرُوجُ لِإِحْرَامِ الْعُمْرَةِ إِلَى أَدْنَى الْحِلِّ وَأَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بِهَا فِي الْحَرَمِ وَلَمْ يَخْرُجْ لَزِمَهُ دَمٌ وَقَالَ عَطَاءٌ لاشيء عَلَيْهِ وَقَالَ مَالِكٌ لَا يُجْزِئُهُ
حَتَّى يَخْرُجَ إِلَى الْحِلِّ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَقَالَ مَالِكٌ لَا بُدَّ مِنْ إِحْرَامِهِ مِنَ التَّنْعِيمِ خَاصَّةً قَالُوا وَهُوَ مِيقَاتُ الْمُعْتَمِرِين َ مِنْ مَكَّةَ وَهَذَا شَاذٌّ مَرْدُودٌ وَالَّذِي عَلَيْهِ الْجَمَاهِيرُ أَنَّ جَمِيعَ جِهَاتِ الْحِلِّ سَوَاءٌ وَلَا تَخْتَصُّ بِالتَّنْعِيمِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
........
154
أَنَّ طَوَافَ الْوَدَاعِ لَا يَجِبُ عَلَى الْحَائِضِ وَلَا يَلْزَمُهَا الصَّبْرُ إِلَى طُهْرِهَا لِتَأْتِيَ بِهِ وَلَا دَمَ عَلَيْهَا فِي تَرْكِهِ وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً إِلَّا مَا حَكَاهُ الْقَاضِي عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ وَهُوَ شَاذٌّ مَرْدُودٌ
.....
169
قَالَ الْمَازِرِيُّ اخْتُلِفَ فِي الْمُتْعَةِ الَّتِي نَهَى عَنْهَا عُمَرُ فِي الْحَجِّ فَقِيلَ هِيَ فَسْخُ الْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ وَقِيلَ هِيَ الْعُمْرَةُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ الْحَجُّ مِنْ عَامِهِ وَعَلَى هَذَا إِنَّمَا نَهَى عَنْهَا تَرْغِيبًا فِي الْإِفْرَادِ الَّذِي هُوَ أَفْضَلُ لَا أَنَّهُ يَعْتَقِدُ بُطْلَانَهَا أَوْ تَحْرِيمَهَا وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ ظَاهِرُ حَدِيثِ جَابِرٍ وَعِمْرَانَ وَأَبِي مُوسَى أَنَّ الْمُتْعَةَ الَّتِي اخْتَلَفُوا فِيهَا إِنَّمَا هِيَ فَسْخُ الْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ قَالَ وَلِهَذَا كَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَضْرِبُ النَّاسَ عَلَيْهَا وَلَا يَضْرِبُهُمْ عَلَى مُجَرَّدِ التَّمَتُّعِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَإِنَّمَا ضَرَبَهُمْ عَلَى مَا اعْتَقَدَهُ هُوَ وَسَائِرُ الصَّحَابَةِ أَنَّ فَسْخَ الْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ كَانَ مَخْصُوصًا فِي تِلْكَ السَّنَةِ للحكمة التي قدمنا ذكرها قال بن عَبْدِ الْبَرِّ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ التَّمَتُّعَ الْمُرَادَ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ هو الاعتمار في أشهر الحج قبل الْحَجِّ قَالَ وَمِنَ التَّمَتُّعِ أَيْضًا الْقِرَانُ لِأَنَّهُ تَمَتُّعٌ بِسُقُوطِ سَفَرِهِ لِلنُّسُكِ الْآخَرِ مِنْ بَلَدِهِ قَالَ وَمِنَ التَّمَتُّعِ أَيْضًا فَسْخُ الْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي قُلْتُ وَالْمُخْتَارُ أَنَّ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَغَيْرَهُمَا إِنَّمَا نَهَوْا عَنِ الْمُتْعَةِ الَّتِي هِيَ الِاعْتِمَارُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ الْحَجُّ مِنْ عَامِهِ وَمُرَادُهُمْ نَهْيُ أَوْلَوِيَّةٍ لِلتَّرْغِيبِ فِي الْإِفْرَادِ لِكَوْنِهِ أَفْضَلَ وَقَدِ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ بَعْدَ هَذَا عَلَى جَوَازِ الْإِفْرَادِ وَالتَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الْأَفْضَلِ مِنْهَا
......
170
حَدِيثُ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ حَدِيثٌ عَظِيمٌ مُشْتَمِلٌ عَلَى جُمَلٍ مِنَ الْفَوَائِدِ وَنَفَائِسَ مِنْ مُهِمَّاتِ الْقَوَاعِدِ وَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ مُسْلِمٍ لَمْ يَرْوِهِ الْبُخَارِيِّ فِي صَحِيحِهِ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ كَرِوَايَةِ مُسْلِمٍ قَالَ الْقَاضِي وَقَدْ تَكَلَّمَ النَّاسُ عَلَى مَا فِيهِ مِنَ الْفِقْهِ وَأَكْثَرُوا وَصَنَّفَ فِيهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُنْذِرِ جُزْءًا كَبِيرًا وَخَرَّجَ فِيهِ مِنَ الْفِقْهِ مِائَةً وَنَيِّفًا وَخَمْسِينَ نَوْعًا وَلَوْ تُقُصِّيَ لَزِيدَ عَلَى هَذَا الْقَدْرِ قَرِيبٌ مِنْهُ وَقَدْ سَبَقَ الِاحْتِجَاجُ بِنُكَتٍ مِنْهُ فِي أَثْنَاءِ شَرْحِ الْأَحَادِيثِ السَّابِقَةِ
...............
173
قال القاضي قال بن قُتَيْبَةَ كَانَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُوقٌ الْقَصْوَاءُ وَالْجَدْعَاءُ وَالْعَضْبَاءُ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْعَضْبَاءُ اسْمٌ لِنَاقَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ تُسَمَّ بِذَلِكَ لِشَيْءٍ أَصَابَهَا قَالَ الْقَاضِي قَدْ ذُكِرَ هُنَا أَنَّهُ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ وَفِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ خَطَبَ عَلَى الْقَصْوَاءِ وَفِي غَيْرِ مُسْلِمٍ خَطَبَ عَلَى نَاقَتِهِ الْجَدْعَاءِ وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ عَلَى نَاقَةٍ خَرْمَاءَ وَفِي آخَرَ الْعَضْبَاءِ وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ كَانَتْ لَهُ نَاقَةٌ لَا تُسْبَقُ وَفِي آخَرَ تُسَمَّى مُخَضْرَمَةً وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا نَاقَةٌ وَاحِدَةٌ خلاف ما قاله بن قُتَيْبَةَ وَأَنَّ هَذَا كَانَ اسْمُهَا أَوْ وَصْفُهَا لِهَذَا الَّذِي بِهَا خِلَافَ مَا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ لَكِنْ يَأْتِي فِي كِتَابِ النَّذْرِ أَنَّ الْقَصْوَاءَ غَيْرُ الْعَضْبَاءِ كَمَا سَنُبَيِّنُهُ هُنَاكَ قَالَ الْحَرْبِيُّ الْعَضْبُ وَالْجَدْعُ وَالْخَرْمُ وَالْقَصْوُ وَالْخَضْرَمَةُ فِي الآذان قال بن الْأَعْرَابِيِّ الْقَصْوَاءُ الَّتِي قُطِعَ طَرَفُ أُذُنِهَا والْجَدْعُ أَكْثَرُ مِنْهُ وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ وَالْقَصْوُ مِثْلُهُ قَالَ وَكُلُّ قَطْعٍ فِي الْأُذُنِ جَدْعٌ فَإِنْ جَاوَزَ الرُّبُعَ فَهِيَ عَضْبَاءُ وَالْمُخَضْرَمُ مَقْطُوعُ الْأُذُنَيْنِ فَإِنِ اصْطَلَمَتَا فَهِيَ صَلْمَاءُ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَصْوَاءُ الْمَقْطُوعَةُ الْأُذُنِ عَرْضًا وَالْمُخَضْرَمَ ةُ الْمُسْتَأْصَلَ ةُ وَالْمَقْطُوعَة ُ النِّصْفِ فَمَا فَوْقَهُ وَقَالَ الْخَلِيلُ الْمُخَضْرَمَةُ مَقْطُوعَةُ الْوَاحِدَةِ وَالْعَضْبَاءُ مَشْقُوقَةُ الْأُذُنِ قَالَ الْحَرْبِيُّ فَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَضْبَاءَ اسْمٌ لَهَا وَإِنْ كَانَتْ عَضْبَاءَ الْأُذُنِ فَقَدْ جُعِلَ اسْمُهَا هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ التَّابِعِيُّ وَغَيْرُهُ إِنَّ الْعَضْبَاءَ وَالْقَصْوَاءَ وَالْجَدْعَاءَ اسْمٌ لِنَاقَةٍ وَاحِدَةٍ كَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.........
185
يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقِفَ عِنْدَ الصَّخَرَاتِ الْمَذْكُورَاتِ وَهِيَ صَخَرَاتٌ مُفْتَرِشَاتٌ فِي أَسْفَلِ جَبَلِ الرَّحْمَةِ وَهُوَ الْجَبَلُ الَّذِي بِوَسَطِ أَرْضِ عَرَفَاتٍ فَهَذَا هُوَ الْمَوْقِفُ الْمُسْتَحَبُّ وَأَمَّا مَا اشْتُهِرَ بَيْنَ الْعَوَامِّ مِنْ الِاعْتِنَاءِ بِصُعُودِ الْجَبَلِ وَتَوَهُّمِهِمْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْوُقُوفُ إِلَّا فِيهِ فَغَلَطٌ بَلِ الصَّوَابُ جَوَازُ الْوُقُوفِ فِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَرْضِ عَرَفَاتٍ وَأَنَّ الْفَضِيلَةَ فِي مَوْقِفِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ الصَّخَرَاتِ فَإِنْ عَجَزَ فَلْيَقْرَبْ مِنْهُ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ
.......
186
وَقْتُ الْوُقُوفِ فَهُوَ مَا بَيْنَ زَوَالِ الشَّمْسِ
يَوْمَ عَرَفَةَ وَطُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي يَوْمَ النَّحْرِ فَمَنْ حَصَلَ بِعَرَفَاتٍ فِي جُزْءٍ مِنْ هَذَا الزَّمَانِ صَحَّ وُقُوفُهُ وَمَنْ فَاتَهُ ذَلِكَ فَاتَهُ الْحَجُّ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَجَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ وَقَالَ مَالِكٌ لَا يَصِحُّ الْوُقُوفُ فِي النَّهَارِ مُنْفَرِدًا بَلْ لَا بُدَّ مِنَ اللَّيْلِ وَحْدَهُ فَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى اللَّيْلِ كَفَاهُ وَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى النَّهَارِ لَمْ يَصِحَّ وُقُوفُهُ وَقَالَ أَحْمَدُ يَدْخُلُ وَقْتَ الْوُقُوفِ مِنَ الْفَجْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ أَصْلَ الْوُقُوفِ رُكْنٌ لَا يَصِحُّ الْحَجُّ إِلَّا بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
..............
187
اعْلَمْ أَنَّ الْمُزْدَلِفَةَ كُلَّهَا مِنَ الْحَرَمِ قَالَ الْأَزْرَقِيُّ فِي تَارِيخِ مَكَّةَ وَالْمَاوَرْدِي ُّ وَأَصْحَابُنَا فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ وَغَيْرُهُمْ حَدُّ مُزْدَلِفَةَ مَا بَيْنَ مَأْزِمَيْ عَرَفَةَ وَوَادِي مُحَسِّرٍ وَلَيْسَ الْحَدَّانِ مِنْهَا وَيَدْخُلُ فِي الْمُزْدَلِفَةِ جَمِيعُ تلك الشعاب والجبال الداخلية فِي الْحَدِّ الْمَذْكُورِ
......
189
أَنَّ الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ هُوَ قُزَحُ وَقَالَ جَمَاهِيرُ الْمُفَسِّرِينَ وَأَهْلُ السِّيَرِ وَالْحَدِيثِ الْمَشْعَرُ الْحَرَامُ جَمِيعُ الْمُزْدَلِفَةِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ يَعْنِي الْكَعْبَةَ فَدَعَاهُ إِلَى آخِرِهِ فِيهِ أَنَّ الْوُقُوفَ عَلَى قُزَحَ مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ وَهَذَا لاخلاف فِيهِ لَكِنِ اخْتَلَفُوا فِي وَقْتِ الدَّفْعِ مِنْهُ فقال بن مسعود وبن عُمَرَ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَجَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ لَا يَزَالُ وَاقِفًا فِيهِ يَدْعُو وَيَذْكُرُ حَتَّى يُسْفِرَ الصُّبْحُ جِدًّا كَمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَقَالَ مَالِكٌ يَدْفَعُ مِنْهُ قَبْلَ الْإِسْفَارِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
......
193
اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْرَعُ فِي طَوَافِ الْإِفَاضَةِ رَمَلٌ وَلَا اضْطِبَاعٌ إِذَا كَانَ قَدْ رَمَلَ وَاضْطَبَعَ عَقِبَ طَوَافِ الْقُدُومِ وَلَوْ طَافَ بِنِيَّةِ الْوَدَاعِ أَوِ الْقُدُومِ أَوِ التَّطَوُّعِ وَعَلَيْهِ طَوَافُ إِفَاضَةٍ وَقَعَ عَنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ بِلَا خِلَافٍ عِنْدَنَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَاتَّفَقَ الْأَصْحَابُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ فَحَجَّ بِنِيَّةِ قَضَاءٍ أَوْ نَذْرٍ أَوْ تَطَوُّعٍ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ لَا يُجْزِئُ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ بِنِيَّةِ غَيْرِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ لَهُ أَسْمَاءٌ فَيُقَالُ أَيْضًا طَوَافُ الزِّيَارَةِ وَطَوَافُ الْفَرْضِ وَالرُّكْنِ وَسَمَّاهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا طَوَافَ الصَّدْرِ وَأَنْكَرَهُ الْجُمْهُورُ قَالُوا وَإِنَّمَا طَوَافُ الصَّدْرِ طَوَافُ الْوَدَاعِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
...194
.....
195
زَمْزَمُ فَهِيَ الْبِئْرُ الْمَشْهُورَةُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْكَعْبَةِ ثَمَانٍ وَثَلَاثُونَ ذِرَاعًا قِيلَ سُمِّيَتْ زَمْزَمَ لِكَثْرَةِ مَائِهَا يُقَالُ مَاءُ زَمْزُومٍ وَزَمْزَمَ وَزَمَازِمَ إِذَا كَانَ كَثِيرًا وَقِيلَ لِضَمِّ هَاجِرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لِمَائِهَا حِينَ انْفَجَرَتْ وَزَمِّهَا إِيَّاهُ وَقِيلَ لِزَمْزَمَةِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَكَلَامِهِ عِنْدَ فَجْرِهِ إِيَّاهَا وَقِيلَ إِنَّهَا غَيْرُ مُشْتَقَّةٍ وَلَهَا أَسْمَاءٌ أُخَرُ ذَكَرْتُهَا فِي تَهْذِيبِ اللُّغَاتِ مَعَ نَفَائِسَ أُخْرَى تَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْهَا زَمْزَمُ فَهِيَ الْبِئْرُ الْمَشْهُورَةُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْكَعْبَةِ ثَمَانٍ وَثَلَاثُونَ ذِرَاعًا قِيلَ سُمِّيَتْ زَمْزَمَ لِكَثْرَةِ مَائِهَا يُقَالُ مَاءُ زَمْزُومٍ وَزَمْزَمَ وَزَمَازِمَ إِذَا كَانَ كَثِيرًا وَقِيلَ لِضَمِّ هَاجِرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لِمَائِهَا حِينَ انْفَجَرَتْ وَزَمِّهَا إِيَّاهُ وَقِيلَ لِزَمْزَمَةِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَكَلَامِهِ عِنْدَ فَجْرِهِ إِيَّاهَا وَقِيلَ إِنَّهَا غَيْرُ مُشْتَقَّةٍ وَلَهَا أَسْمَاءٌ أُخَرُ ذَكَرْتُهَا فِي تَهْذِيبِ اللُّغَاتِ مَعَ نَفَائِسَ أُخْرَى تَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْهَا أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ خَيْرُ بِئْرٍ فِي الْأَرْضِ زَمْزَمُ وَشَرُّ بِئْرٍ فِي الْأَرْضِ بَرَهُوتُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
..........
195
نَّ قُرَيْشًا كَانَتْ قَبْلَ الْإِسْلَامِ تَقِفُ بِالْمُزْدَلِفَ ةِ وَهِيَ مِنَ الْحَرَمِ وَلَا يَقِفُونَ بِعَرَفَاتٍ وَكَانَ سَائِرُ الْعَرَبِ يَقِفُونَ بِعَرَفَاتٍ وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تَقُولُ نَحْنُ أَهْلُ الْحَرَمِ فَلَا نَخْرُجُ مِنْهُ فَلَمَّا حَجَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَصَلَ الْمُزْدَلِفَةَ اعْتَقَدُوا أَنَّهُ يَقِفُ بِالْمُزْدَلِفَ ةِ عَلَى عَادَةِ قُرَيْشٍ فَجَاوَزَ إِلَى عَرَفَاتٍ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ أَيْ جُمْهُورُ النَّاسِ فَإِنَّ مَنْ سِوَى قُرَيْشٍ كَانُوا يَقِفُونَ بِعَرَفَاتٍ وَيُفِيضُونَ مِنْهَا
...........
204
افِرٌ بِالْعُرُشِ فَالْإِشَارَةُ بِهَذَا إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَفِي الْمُرَادِ بِالْكُفْرِ هُنَا وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا مَا قَالَهُ الْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُ الْمُرَادُ وَهُوَ مُقِيمٌ فِي بُيُوتِ مَكَّةَ قَالَ ثَعْلَبٌ يُقَالُ اكْتَفَرَ الرَّجُلُ إِذَا لَزِمَ الْكُفُورَ وَهِيَ الْقُرَى وَفِي الْأَثَرِ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَهْلُ الْكُفُورِ هُمْ أَهْلُ الْقُبُورِ يَعْنِي الْقُرَى الْبَعِيدَةَ عَنِ الْأَمْصَارِ وَعَنِ الْعُلَمَاءِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي الْمُرَادُ الْكُفْرُ بِاللَّهِ تَعَالَى وَالْمُرَادُ أَنَّا تَمَتَّعْنَا وَمُعَاوِيَةُ يَوْمئِذٍ كَافِرٌ عَلَى دِينِ الْجَاهِلِيَّةِ مُقِيمٌ بِمَكَّةَ وَهَذَا اخْتِيَارُ الْقَاضِي عِيَاضٍ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ
.
..
210
فَالْمُرَادُ بِهِ هَدْيُ التَّمَتُّعِ فَهُوَ وَاجِبٌ بِشُرُوطٍ اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا عَلَى أَرْبَعَةٍ مِنْهَا وَاخْتَلَفُوا فِي ثَلَاثَةٍ أَحَدُ الْأَرْبَعَةِ أَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ الثَّانِي أَنْ يَحُجَّ مِنْ عَامِهِ الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ أَفَقِيًّا لَا مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ وَحَاضِرُوهُ أَهْلُ الْحَرَمِ وَمَنْ كَانَ مِنْهُ عَلَى مَسَافَةٍ لَا تُقْصَرُ فِيهَا الصَّلَاةُ الرَّابِعُ أَنْ لَا يَعُودَ إِلَى الْمِيقَاتِ لِإِحْرَامِ الْحَجِّ وَأَمَّا الثَّلَاثَةُ فَأَحَدُهَا نِيَّةُ التَّمَتُّعِ وَالثَّانِي كَوْنُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فِي سَنَةٍ فِي شَهْرٍ وَاحِدٍ الثَّالِثُ كَوْنُهُمَا عَنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ وَالْأَصَحُّ أَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ لَا تُشْتَرَطُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.....
216
نَّ الصَّحِيحَ الْمُخْتَارَ فِي حَجَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ فِي أَوَّلِ إِحْرَامِهِ مُفْرِدًا ثُمَّ أَدْخَلَ الْعُمْرَةَ عَلَى الْحَجِّ فَصَارَ قَارِنًا وَجَمَعْنَا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ أَحْسَنَ جَمْعٍ فحديث بن عُمَرَ هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى أَوَّلِ إِحْرَامِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَدِيثُ أَنَسٍ مَحْمُولٌ عَلَى أَوَاخِرِهِ وَأَثْنَائِهِ وَكَأَنَّهُ
لَمْ يَسْمَعْهُ أَوَّلًا وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا التَّأْوِيلِ أَوْ نَحْوِهِ لِتَكُونَ رِوَايَةُ أَنَسٍ مُوَافِقَةً لرواية الاكثرين كما سبق والله أعلم
..........
219
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَتَحَلَّلْ مِنْ عُمْرَتِهِ حَتَّى طَافَ وَسَعَى فَتَجِبُ مُتَابَعَتُهُ وَالِاقْتِدَاءُ بِهِ وَهَذَا الْحُكْمُ الَّذِي قَالَهُ بن عُمَرَ هُوَ مَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً وَهُوَ أَنَّ الْمُعْتَمِرَ لَا يَتَحَلَّلُ إِلَّا بِالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَالْحَلْقِ الا ما حكاه القاضي عياض عن بن عَبَّاسٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ أَنَّهُ يَتَحَلَّلُ بَعْدَ الطَّوَافِ وَإِنْ لَمْ يَسْعَ وَهَذَا ضَعِيفٌ مُخَالِفٌ للسنة
............
220
رَعُ الْوُضُوءُ لِلطَّوَافِ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ وَاجِبٌ وَشَرْطٌ لِصِحَّتِهِ أَمْ لَا فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَالْجُمْهُورُ هُوَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الطَّوَافِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ مُسْتَحَبٌّ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَعَ حَدِيثِ خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ يَقْتَضِيَانِ أَنَّ الطَّوَافَ وَاجِبٌ لِأَنَّ كُلَّ مَا فَعَلَهُ هُوَ دَاخِلٌ فِي الْمَنَاسِكِ فَقَدْ أمرنا بأخذ المناسك وفي حديث بن عَبَّاسٍ فِي التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ إِلَّا أَنَّ اللَّهَ أَبَاحَ فِيهِ الْكَلَامَ وَلَكِنَّ رَفْعَهُ ضَعِيفٌ وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الْحُفَّاظِ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ على بن عَبَّاسٍ وَتَحْصُلُ بِهِ الدَّلَالَةُ مَعَ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ لِأَنَّهُ قَوْلٌ لِصَحَابِيٍّ انْتَشَرَ وَإِذَا انْتَشَرَ قَوْلُ الصَّحَابِيِّ بِلَا مُخَالَفَةٍ كَانَ حُجَّةً عَلَى الصَّحِيحِ
.............
228
اسْتِحْبَابُ الْإِشْعَارِ وَالتَّقْلِيدِ فِي الْهَدَايَا مِنَ الْإِبِلِ وَبِهَذَا قَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الْإِشْعَارُ بِدْعَةٌ لِأَنَّهُ مُثْلَةٌ وَهَذَا يُخَالِفُ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ الْمَشْهُورَةَ فِي الْإِشْعَارِ وَأَمَّا قَوْلُهُ إِنَّهُ مُثْلَةٌ فَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هَذَا كَالْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ وَالْخِتَانِ وَالْكَيِّ وَالْوَسْمِ وَأَمَّا مَحَلُّ الْإِشْعَارِ فَمَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الْإِشْعَارُ فِي صَفْحَةِ السَّنَامِ الْيُمْنَى وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْيُسْرَى وَهَذَا الْحَدِيثُ يَرُدُّ عَلَيْهِ وَأَمَّا تَقْلِيدُ الْغَنَمِ فَهُوَ مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ إِلَّا مَالِكًا فَإِنَّهُ لَا يَقُولُ بِتَقْلِيدِهَا قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَلَعَلَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ الْحَدِيثُ الثَّابِتُ فِي ذَلِكَ قُلْتُ قَدْ جَاءَتْ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ صَحِيحَةٌ بِالتَّقْلِيدِ فَهِيَ حُجَّةٌ صَرِيحَةٌ فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ خَالَفَهَا وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْغَنَمَ لَا تُشْعَرُ لِضَعْفِهَا عَنِ الْجَرْحِ وَلِأَنَّهُ يَسْتَتِرُ بِالصُّوفِ وَأَمَّا الْبَقَرَةُ فَيُسْتَحَبُّ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمُوَافِقِيهِ الْجَمْعُ فِيهَا بَيْنَ الْإِشْعَارُ وَالتَّقْلِيدِ كَالْإِبِلِ
.............
-
رد: فوائد وفرائد " المنهاج شرح صحيح مسلم ابن الحجاج " للإمام النووي رحمه الله !!!
المجلد التاسع
9/ 25
قَالَ بن الْكَلْبِيِّ مَنَاةُ صَخْرَةٌ لِهُذَيْلٍ بِقُدَيْدٍ وَأَمَّا إِسَافٌ وَنَائِلَةٌ فَلَمْ يَكُونَا قَطُّ فِي نَاحِيَةِ الْبَحْرِ وَإِنَّمَا كَانَا فِيمَا يُقَالُ رَجُلًا وَامْرَأَةً فَالرَّجُلُ اسمه اساف بن بقاء ويقال بن عَمْرٍو وَالْمَرْأَةُ اسْمُهَا نَائِلَةُ بِنْتُ ذِئْبٍ وَيُقَالُ بِنْتُ سَهْلٍ قِيلَ كَانَا مِنْ جُرْهُمَ فَزَنَيَا دَاخِلَ الْكَعْبَةِ فَمَسَخَهُمَا اللَّهُ حَجَرَيْنِ فَنُصِّبَا عِنْدَ الْكَعْبَةِ وَقِيلَ عَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِيَعْتَبِرَ النَّاسُ بِهِمَا وَيَتَّعِظُوا ثُمَّ حَوَّلَهُمَا قُصَيُّ بْنُ كِلَابٍ فَجَعَلَ أَحَدَهُمَا مُلَاصِقَ الْكَعْبَةِ وَالْآخَرَ بِزَمْزَمَ وَقِيلَ جَعَلَهُمَا بِزَمْزَمَ وَنَحَرَ عِنْدَهُمَا
.....
9/28
دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ قَوْلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَسُورَةِ النِّسَاءِ وَشِبْهِ ذَلِكَ وَكَرِهَ ذَلِكَ بَعْضُ الْأَوَائِلِ وَقَالَ إِنَّمَا يُقَالُ السُّورَةُ الَّتِي تُذْكَرُ فِيهَا الْبَقَرَةُ وَالسُّورَةُ الَّتِي تُذْكَرُ فِيهَا النِّسَاءُ وَشِبْهُ ذَلِكَ وَالصَّوَابُ جَوَازُ قَوْلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَسُورَةِ النِّسَاءِ وَسُورَةِ الْمَائِدَةِ وَغَيْرِهَا وَبِهَذَا قَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ وَتَظَاهَرَتْ بِهِ الأحاديث الصحيحة
.......
33
إِطْلَاقِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ وَأَمَّا إِنْكَارُ الْأَصْمَعِيِّ وَغَيْرِهِ ذَلِكَ وَقَوْلُهُمْ إِنَّهُ مِنْ لَحْنِ الْعَوَامِّ وَمَحَالِّ كَلَامِهِمْ وَأَنَّ صَوَابَهُ الْعِشَاءُ فَقَطْ وَلَا يَجُوزُ وَصْفُهَا بِالْآخِرَةِ فَغَلَطٌ مِنْهُمْ بَلِ الصَّوَابُ جَوَازُهُ وَهَذَا الْحَدِيثُ صَرِيحٌ فِيهِ وَقَدْ تَظَاهَرَتْ بِهِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ وَاضِحًا فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ
....
40
عَطَاءٌ الْكَيْخَارَانِ يُّ بِفَتْحِ الْكَافِ وَإِسْكَانِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتَ وَبِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَيُقَالُ فِيهِ أَيْضًا الْكَوْخَارَانِ يُّ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهَا نِسْبَةٌ إِلَى مَوْضِعٍ بِالْيَمَنِ هَكَذَا قَالَهُ الْجُمْهُورُقال ابن
سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ هِيَ قَرْيَةٌ بِالْيَمَنِ يُقَالُ لَهَا كَيْخَرَانَ قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ عَطَاءٌ هَذَا ثِقَةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
,,,,,
43
عَنِ الْأَعْمَشِ سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ يَقُولُ وَهُوَ يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ أَلِّفُوا الْقُرْآنَ كَمَا أَلَّفَهُ جِبْرِيلُ السُّورَةُ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا الْبَقَرَةُ وَالسُّورَةُ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا النِّسَاءُ وَالسُّورَةُ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا آلُ عِمْرَانَ فَلَقِيتُ إِبْرَاهِيمَ فَأَخْبَرْتُهُ بِقَوْلِهِ فَسَبَّهُ) قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ إِنْ كَانَ الْحَجَّاجُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ كَمَا أَلَّفَهُ جِبْرِيلُ تَأْلِيفَ الْآيِ فِي كُلِّ سُورَةٍ وَنَظْمِهَا عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ الْآنَ فِي الْمُصْحَفِ فَهُوَ إِجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ وَأَجْمَعُوا أَنَّ ذَلِكَ تَأْلِيفُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ كَانَ يُرِيدُ تَأْلِيفَ السُّورَةِ بَعْضِهَا فِي إِثْرِ بَعْضٍ فَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ وَالْقُرَّاءِ وَخَالَفَهُمُ الْمُحَقِّقُونَ وَقَالُوا بَلْ هُوَ اجْتِهَادٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ وَلَيْسَ بِتَوْقِيفٍ قَالَ الْقَاضِي وَتَقْدِيمُهُ هُنَا النِّسَاءَ عَلَى آلِ عِمْرَانَ دَلِيلٌ على أنه لم يرد الا نظم الآى لِأَنَّ الْحَجَّاجَ إِنَّمَا كَانَ يَتَّبِعُ مُصْحَفَ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلَا يُخَالِفُهُ
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ تَرْتِيبَ الْآيِ لَا تَرْتِيبَ السُّوَرِ
......
-
رد: فوائد وفرائد " المنهاج شرح صحيح مسلم ابن الحجاج " للإمام النووي رحمه الله !!!
اليوم : السبت
الموافق : 27/ صفر/ 1444 هجري
الموافق : 24/ 9/ 2022 ميلادي
.............
9/45
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ (فَهَذِهِ اللَّامُ لَامُ الْأَمْرِ وَمَعْنَاهُ خُذُوا مَنَاسِكَكُمْ وَهَكَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ غَيْرِ مُسْلِمٍ وَتَقْدِيرُهُ هَذِهِ الْأُمُورُ الَّتِي أَتَيْتُ بِهَا فِي حَجَّتِي مِنَ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ وَالْهَيْئَاتِ هِيَ أُمُورُ الْحَجِّ وَصِفَتُهُ وَهِيَ مناسككم فخذوها عني واقبلوها وحفظوها وَاعْمَلُوا بِهَا وَعَلِّمُوهَا النَّاسَ وَهَذَا الْحَدِيثُ أَصْلٌ عَظِيمٌ فِي مَنَاسِكِ الْحَجِّ وَهُوَ نَحْوُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَعَلِي لَا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ) فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى تَوْدِيعِهِمْ وَإِعْلَامِهِمْ بِقُرْبِ وَفَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَثِّهِمْ عَلَى الِاعْتِنَاءِ بِالْأَخْذِ عَنْهُ وَانْتِهَازِ الْفُرْصَةِ مِنْ مُلَازَمَتِهِ وَتَعْلَمِ أُمُورِ الدِّينِ وَبِهَذَا سُمِّيَتْ حَجَّةُ الْوَدَاعِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
........
9/46
جَوَازُ تَظْلِيلِ الْمُحْرِمِ عَلَى رَأْسِهِ بِثَوْبٍ وَغَيْرِهِ وَهُوَ مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ سَوَاءٌ كَانَ رَاكِبًا أَوْ نَازِلًا وَقَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ لَا يَجُوزُ وَإِنْ فَعَلَ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أنه لافدية وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَعَدَ تَحْتَ خَيْمَةٍ أَوْ سَقْفٍ جَازَ وَوَافَقُونَا عَلَى أَنَّهُ إِذَا كان الزمان يسيرا في المحمل لافدية وَكَذَا لَوِ اسْتَظَلَّ بِيَدِهِ وَقَدْ يَحْتَجُّونَ بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ قَالَ صَحِبْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَمَا رَأَيْتُهُ مُضْرِبًا فُسْطَاطًا حَتَّى رَجَعَ رواه الشافعي والبيهقي بإسناد حسن وعن بن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ أَبْصَرَ رَجُلًا عَلَى بَعِيرِهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ قَدِ اسْتَظَلَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّمْسِ فَقَالَ أضْحِ لِمَنْ أَحْرَمْتَ لَهُ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَعَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا مِنْ مُحْرِمٍ يُضْحِي لِلشَّمْسِ حَتَّى تَغْرُبَ إِلَّا غَرَبَتْ بِذُنُوبِهِ حَتَّى يَعُودَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَضَعَّفَهُ وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِحَدِيثِ أُمِّ الحصين وهذا المذكور في مسلم ولأنه لَا يُسَمَّى لُبْسًا وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فَضَعِيفٌ كَمَا ذَكَرْنَا مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ نَهْيٌ وكذا فعل عمر وقول بن عُمَرَ لَيْسَ فِيهِ نَهْيٌ وَلَوْ كَانَ فَحَدِيثُ أُمِّ الْحُصَيْنِ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.....
52
فِي مُقَدِّمَةِ هَذَا الشَّرْحِ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سُفْيَانَ صَاحِبَ مُسْلِمٍ فَاتَهُ مِنْ سَمَاعِ هَذَا الْكِتَابِ مِنْ مُسْلِمٍ ثَلَاثَةُ مَوَاضِعَ أَوَّلُهَا فِي كِتَابِ الْحَجِّ وَهَذَا مَوْضِعُهُ وَقَدْ سَبَقَ التَّنْبِيهُ عَلَى أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ هُنَاكَ وَأَنَّ إِبْرَاهِيمَ يَقُولُ مِنْ هُنَا عَنْ مُسْلِمٍ وَلَا يَقُولُ أَخْبَرَنَا كَمَا يَقُولُ فِي بَاقِي الْكِتَابِ وَأَوَّلَ هذا قول الجلودى حدثنا ابراهيم عن مسلم حدثنا بن نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عمر عن نافع عن بن عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رَحِمَ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ قَالُوا وَالْمُقَصِّرِي نَ يا رسول الله إلى آخره
.....
55
وَاخْتَلَفُوا فِي اسْمِ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي حَلَقَ رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَالصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ مَعْمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَدَوِيُّ وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ قَالَ زَعَمُوا أَنَّهُ مَعْمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَقِيلَ اسْمُهُ خِرَاشُ بن أمية بن ربيعة الكلبي بِضَمِّ الْكَافِ مَنْسُوبٌ إِلَى كُلَيْبِ بْنِ حَبَشِيَّةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
......
9/61
وْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (نَنْزِلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ غَدًا بِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ) أَمَّا الْخَيْفُ فَسَبَقَ بَيَانُهُ وَضَبْطُهُ وَإِنَّمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ امْتِثَالًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَمَعْنَى تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ تَحَالَفُوا وَتَعَاهَدُوا عَلَيْهِ وَهُوَ تَحَالُفُهُمْ عَلَى إِخْرَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبٍ مِنْ مَكَّةَ إِلَى هَذَا الشِّعْبِ وَهُوَ خَيْفُ بَنِي كِنَانَةَ وَكَتَبُوا بَيْنَهُمُ الصَّحِيفَةَ الْمَشْهُورَةَ وَكَتَبُوا فِيهَا أَنْوَاعًا مِنَ الْبَاطِلِ وَقَطِيعَةَ الرَّحِمِ وَالْكُفْرِ فَأَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهَا الْأَرَضَةَ فَأَكَلَتْ كُلَّ مَا فِيهَا مِنْ كُفْرٍ وَقَطِيعَةِ رَحِمٍ وَبَاطِلٍ وَتَرَكَتْ مَا فِيهَا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى
......
63
خْتَلَفُوا هَلْ هُوَ وَاجِبٌ أَمْ سُنَّةٌ وَلِلشَّافِعِيّ ِ فِيهِ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا وَاجِبٌ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ والثاني سنة وبه قال بن عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ وَأَبُو حَنِيفَةَ فَمَنْ أَوْجَبَهُ أَوْجَبَ الدَّمَ فِي تَرْكِهِ وَإِنْ قُلْنَا سُنَّةٌ لَمْ يَجِبِ الدَّمُ بِتَرْكِهِ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ وَفِي قَدْرِ الْوَاجِبِ مِنْ هَذَا الْمَبِيتِ قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ أَصَحُّهُمَا الْوَاجِبُ مُعْظَمَ اللَّيْلِ وَالثَّانِي سَاعَةً الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ يَجُوزُ لِأَهْلِ السِّقَايَةِ أَنْ يَتْرُكُوا هَذَا الْمَبِيتَ وَيَذْهَبُوا إِلَى مَكَّةَ لِيَسْتَقُوا بِاللَّيْلِ الْمَاءَ مِنْ زَمْزَمَ وَيَجْعَلُوهُ فِي الْحِيَاضِ مُسَبَّلًا لِلشَّارِبِينَ وَغَيْرِهِمْ وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ بِآلِ الْعَبَّاسِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَلْ كُلِّ مَنْ تَوَلَّى السِّقَايَةَ كَانَ لَهُ هَذَا وَكَذَا لَوْ أُحْدِثَتْ سِقَايَةٌ أُخْرَى كَانَ لِلْقَائِمِ بِشَأْنِهَا تَرْكُ الْمَبِيتِ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا تَخْتَصُّ الرُّخْصَةُ بِسِقَايَةِ الْعَبَّاسِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ تَخْتَصُّ بِآلِ عَبَّاسٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ تَخْتَصُّ بِبَنِي هَاشِمٍ مِنْ آلِ الْعَبَّاسِ وَغَيْرِهِمْ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ لِأَصْحَابِنَا أصحهما الأول والله أعلم
.....
75
م ذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَهْلِ الْعِرَاقِ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ أَنْ يُقَالَ لِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ طَوَافُ الزِّيَارَةِ وَقَالَ مَالِكٌ يُكْرَهُ وَلَيْسَ لِلْكَرَاهَةِ حُجَّةٌ تُعْتَمَدُ
....
-
رد: فوائد وفرائد " المنهاج شرح صحيح مسلم ابن الحجاج " للإمام النووي رحمه الله !!!
82
عُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ وَاسْمُ أَبِي طَلْحَةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ الْقُرَشِيُّ الْعَبْدَرِيُّ أَسْلَمَ مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِي هُدْنَةِ الْحُدَيْبِيَةِ وَشَهِدَ فَتْحَ مَكَّةَ وَدَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِفْتَاحَ الْكَعْبَةِ إِلَيْهِ وَأَبِي شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ وَقَالَ خُذُوهَا يَا بَنِي طَلْحَةَ خَالِدَةً تَالِدَةً لَا يَنْزِعُهَا مِنْكُمْ إِلَّا ظَالِمٌ ثُمَّ نَزَلَ الْمَدِينَةَ فَأَقَامَ بِهَا إِلَى وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى مَكَّةَ فَأَقَامَ بِهَا حَتَّى تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَقِيلَ إِنَّهُ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أَجْنَادِينَ بِفَتْحِ الدَّالِ وَكَسْرِهَا وَهِيَ مَوْضِعٌ بِقُرْبِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ كَانَتْ غَزْوَتُهُ فِي أَوَائِلِ خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ مَأْثُرَةٍ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهِيَ تَحْتَ قَدَمَيَّ الاسقاية الْحَاجِّ وَسِدَانَةَ الْبَيْتِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ
قَالَ الْعُلَمَاءُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَنْزِعَهَا مِنْهُمْ قَالَ وَهِيَ وِلَايَةٌ لَهُمْ عَلَيْهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَبْقَى دَائِمَةً لَهُمْ وَلِذُرِّيَّاتِ هِمْ أَبَدًا وَلَا يُنَازَعُونَ فِيهَا وَلَا يُشَارَكُونَ مَا دَامُوا مَوْجُودِينَ صَالِحِينَ لِذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
......
85
قَوْلُهُ (جَعَلَ عَمُودَيْنِ عَنْ يَسَارِهِ وَعَمُودًا عَنْ يَمِينِهِ) هَكَذَا هُوَ هُنَا وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ عَمُودَيْنِ عَنْ يَمِينِهِ وَعَمُودًا عَنْ يَسَارِهِ وَهَكَذَا هُوَ فِي الْمُوَطَّأِ وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَكُلُّهُ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ عَمُودًا عَنْ يَمِينِهِ وَعَمُودًا عَنْ يَسَارِهِ
......
86
قَالَ الْعُلَمَاءُ بُنِيَ الْبَيْتُ خَمْسَ مَرَّاتٍ بَنَتْهُ الْمَلَائِكَةُ ثُمَّ إِبْرَاهِيمُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قُرَيْشٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَحَضَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْبِنَاءَ وَلَهُ خَمْسٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً وَقِيلَ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ وَفِيهِ سَقَطَ عَلَى الْأَرْضِ حِينَ وَقَعَ إِزَارُهُ ثم بناه بن الزُّبَيْرِ ثُمَّ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ وَاسْتَمَرَّ إِلَى الْآنِ عَلَى بِنَاءِ الْحَجَّاجِ وَقِيلَ بُنِيَ مَرَّتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا وَقَدْ أَوْضَحْتُهُ فِي كِتَابِ إِيضَاحِ الْمَنَاسِكِ الْكَبِيرِ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَلَا يُغَيَّرُ عَنْ هَذَا الْبِنَاءِ وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ هَارُونَ الرَّشِيدَ سَأَلَ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ عَنْ هَدْمِهَا وردها إلى بناء بن الزُّبَيْرِ لِلْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْبَابِ فَقَالَ مَالِكٌ ناشدتك الله يا أمير المؤمنين ألا تَجْعَلَ هَذَا الْبَيْتَ لُعْبَةً لِلْمُلُوكِ لَا يَشَاءُ أَحَدٌ إِلَّا نَقَضَهُ وَبَنَاهُ فَتَذْهَبُ هَيْبَتُهُ مِنْ صُدُورِ النَّاسِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
.....
-
رد: فوائد وفرائد " المنهاج شرح صحيح مسلم ابن الحجاج " للإمام النووي رحمه الله !!!
اليوم : الاربعاء
الموافق : 2/ ربيع الاول / 1444 هجري
الموافق : 28/ سبتمبر / 2022 ميلادي
المجلد التاسع " للنووي شرح مسلم "
.............
103/9
قَالَ الْعُلَمَاءُ اخْتِلَافُ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ لِاخْتِلَافِ السَّائِلِينَ وَاخْتِلَافِ الْمَوَاطِنِ وَلَيْسَ فِي النهي عن الثلاثة تصريح بإباحة اليوم وَاللَّيْلَةُ أَوِ الْبَرِيدُ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ كَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الْمَرْأَةِ تُسَافِرُ ثَلَاثًا بِغَيْرِ مَحْرَمٍ فَقَالَ لَا وَسُئِلَ عَنْ سَفَرِهَا يَوْمَيْنِ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ فَقَالَ لَا وَسُئِلَ عَنْ سَفَرِهَا يَوْمًا فَقَالَ لَا وَكَذَلِكَ الْبَرِيدُ فَأَدَّى كُلٌّ مِنْهُمْ مَا سَمِعَهُ وَمَا جَاءَ مِنْهَا مُخْتَلِفًا عَنْ رِوَايَةِ وَاحِدٍ فَسَمِعَهُ فِي مَوَاطِنَ فَرَوَى تَارَةً هَذَا وَتَارَةً هَذَا وَكُلُّهُ صَحِيحٌ وَلَيْسَ فِي هَذَا كُلِّهِ تَحْدِيدٌ لِأَقَلِّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ السَّفَرِ وَلَمْ يُرِدْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْدِيدَ أَقَلِّ مَا يُسَمَّى سَفَرًا فَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ مَا يُسَمَّى سَفَرًا تُنْهَى عَنْهُ الْمَرْأَةُ بِغَيْرِ زَوْجٍ أَوْ مَحْرَمٍ سَوَاءٌ كَانَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ يَوْمَيْنِ أو يوما أو بريدا أو غير ذلك لرواية بن عَبَّاسٍ الْمُطْلَقَةِ وَهِيَ آخِرُ رِوَايَاتِ مُسْلِمٍ السَّابِقَةِ لَا تُسَافِرِ امْرَأَةٌ إِلَّا مَعَ ذِي
حْرَمٍ وَهَذَا يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ مَا يُسَمَّى سَفَرًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.......
9/111
وْلُهُ (وَالْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْنِ) هَكَذَا هُوَ فِي مُعْظَمِ النُّسَخِ مِنْ صَحِيحِ مُسْلِمٍ بَعْدَ الْكَوْنِ بِالنُّونِ بَلْ لَا يَكَادُ يُوجَدُ فِي نُسَخِ بِلَادِنَا إِلَّا بِالنُّونِ وَكَذَا ضَبَطَهُ الْحُفَّاظُ الْمُتْقِنُونَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ قَالَ الْقَاضِي وَهَكَذَا رَوَاهُ الْفَارِسِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ رُوَاةِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ قَالَ وَرَوَاهُ الْعُذْرِيُّ بَعْدَ الْكَوْرِ بِالرَّاءِ قَالَ وَالْمَعْرُوفُ فِي رِوَايَةِ عَاصِمٍ الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْهُ بِالنُّونِ قَالَ الْقَاضِي قَالَ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ يُقَالُ إِنَّ عَاصِمًا وَهِمَ فِيهِ وَأَنَّ صَوَابَهُ الْكَوْرِ بِالرَّاءِ قُلْتُ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ الْحَرْبِيُّ بَلْ كِلَاهُمَا رِوَايَتَانِ وَمِمَّنْ ذَكَرَ الرِّوَايَتَيْن ِ جَمِيعًا التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ وَخَلَائِقُ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ وَذَكَرَهُمَا أَبُو عُبَيْدٍ وَخَلَائِقُ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَغَرِيبِ الْحَدِيثِ قَالَ التِّرْمِذِيُّ بَعْدَ أَنْ رَوَاهُ بِالنُّونِ وَيُرْوَى بِالرَّاءِ أَيْضًا ثُمَّ قَالَ وَكِلَاهُمَا لَهُ وَجْهٌ قَالَ وَيُقَالُ هُوَ الرُّجُوعُ مِنَ الْإِيمَانِ إِلَى الْكُفْرِ أَوْ مِنَ الطَّاعَةِ إِلَى الْمَعْصِيَةِ وَمَعْنَاهُ الرُّجُوعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَى شَيْءٍ مِنَ الشَّرِّ هَذَا كَلَامُ
التِّرْمِذِيِّ وَكَذَا قَالَ غَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ مَعْنَاهُ بِالرَّاءِ وَالنُّونِ جَمِيعًا الرُّجُوعُ مِنْ الِاسْتِقَامَةِ أَوِ الزِّيَادَةِ إِلَى النَّقْصِ قَالُوا وَرِوَايَةُ الرَّاءِ مَأْخُوذَةٌ من تكوين الْعِمَامَةِ وَهُوَ لَفُّهَا وَجَمْعُهَا وَرِوَايَةُ النُّونِ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْكَوْنِ مَصْدَرُ كَانَ يَكُونُ كَوْنًا إِذَا وُجِدَ وَاسْتَقَرَّ قَالَ الْمَازِرِيُّ فِي رِوَايَةِ الرَّاءِ قِيلَ أَيْضًا إِنَّ مَعْنَاهُ أَعُوذُ بِكَ مِنَ الرُّجُوعِ عَنِ الْجَمَاعَةِ بَعْدَ أَنْ كُنَّا فِيهَا يُقَالُ كَارَ عِمَامَتَهُ إِذَا لَفَّهَا وَحَارَهَا إِذَا نَقَضَهَا وَقِيلَ نَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ تُفْسَدَ أَمُورُنَا بَعْدَ صَلَاحِهَا كَفَسَادِ الْعِمَامَةِ بَعْدَ اسْتِقَامَتِهَا عَلَى الرَّأْسِ وَعَلَى رِوَايَةِ النُّونِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ سُئِلَ عَاصِمٌ عَنْ مَعْنَاهُ فَقَالَ أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَهُمْ حَارَ بَعْدَ مَا كَانَ أَيْ أَنَّهُ كَانَ عَلَى حَالَةٍ جَمِيلَةٍ فَرَجَعَ عَنْهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
......
116
خْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُرَادِ بِيَوْمِ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ فَقِيلَ يَوْمُ عَرَفَةَ وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ هُوَ يَوْمُ النَّحْرِ وَنَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَوْمُ عَرَفَةَ وَهَذَا خِلَافُ الْمَعْرُوفِ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَقِيلَ الْحَجُّ الْأَكْبَرُ لِلِاحْتِرَازِ مِنَ الْحَجِّ الْأَصْغَرِ وَهُوَ الْعُمْرَةُ وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ هُوَ يَوْمُ عَرَفَةَ بِالْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ الْحَجُّ عَرَفَةُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
......
120
(يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَنْزِلُ فِي دَارِكَ بِمَكَّةَ قَالَ وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِنْ رِبَاعٍ أَوْ دُورٍ) وَكَانَ عَقِيلٌ وَرِثَ أَبَا طَالِبٍ هُوَ وَطَالِبٌ وَلَمْ يَرِثْهُ جَعْفَرٌ وَلَا عَلِيٌّ شَيْئًا لِأَنَّهُمَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ وَكَانَ عَقِيلٌ وَطَالِبٌ كَافِرَيْنِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ لَعَلَّهُ أَضَافَ الدَّارَ إِلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسُكْنَاهُ إِيَّاهَا مَعَ أَنَّ أَصْلَهَا كَانَ لأبي طالب لأنه الذي كفله ولأنه أَكْبَرُ وَلَدِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَاحْتَوَى عَلَى أَمْلَاكِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَحَازَهَا وَحْدَهُ لِسِنِّهِ عَلَى عَادَةِ الْجَاهِلِيَّةِ قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَقِيلٌ بَاعَ جَمِيعَهَا وَأَخْرَجَهَا عَنْ أَمْلَاكِهِمْ كَمَا فَعَلَ أَبُو سُفْيَانَ وَغَيْرُهُ بِدُورِ مَنْ هَاجَرَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ الدَّاوُدِيُّ فَبَاعَ عَقِيلٌ جَمِيعَ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِمَنْ هَاجَرَ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ
-
رد: فوائد وفرائد " المنهاج شرح صحيح مسلم ابن الحجاج " للإمام النووي رحمه الله !!!
6/ ربيع الاول / 1444 هجري
2/ سبتمبر / 2022 ميلادي
تابع / شرح النووي على صحيح مسلم
.............
9/150
قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ كان ساكنوا الجحفة في ذلك الْوَقْتِ يَهُودًا فَفِيهِ دَلِيلٌ لِلدُّعَاءِ عَلَى الْكُفَّارِ بِالْأَمْرَاضِ وَالْأَسْقَامِ وَالْهَلَاكِ وَفِيهِ الدُّعَاءُ لِلْمُسْلِمِينَ بِالصِّحَّةِ وَطِيبِ بِلَادِهِمْ وَالْبَرَكَةِ فِيهَا وَكَشْفِ الضُّرِّ وَالشَّدَائِدِ عَنْهُمْ وَهَذَا مَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً قَالَ الْقَاضِي وَهَذَا خِلَافُ قَوْلِ بَعْضِ الْمُتَصَوِّفَة ِ إِنَّ الدُّعَاءَ قَدْحٌ فِي التَّوَكُّلِ وَالرِّضَا وَأَنَّهُ يَنْبَغِي تَرْكُهُ وَخِلَافُ قَوْلِ الْمُعْتَزِلَةِ إنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي الدُّعَاءِ مَعَ سَبْقِ الْقَدَرِ وَمَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً أَنَّ الدُّعَاءَ عِبَادَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ وَلَا يُسْتَجَابُ مِنْهُ إِلَّا مَا سَبَقَ بِهِ الْقَدَرُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.....
151
قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ يُقَالُ امْرَأَةٌ لَكَاعِ وَرَجُلٌ لُكَعٌ بِضَمِّ اللَّامِ وَفَتْحِ الْكَافِ وَيُطْلَقُ ذَلِكَ عَلَى اللَّئِيمِ وَعَلَى الْعَبْدِ وَعَلَى الْغَبِيِّ الَّذِي لَا يهتدى لكلام غيره وعلى الصغير وخاطبها بن عُمَرَ بِهَذَا إِنْكَارًا عَلَيْهَا لَا دَلَالَةً عَلَيْهَا لِكَوْنِهَا مِمَّنْ يَنْتَمِي إِلَيْهِ وَيَتَعَلَّقُ بِهِ وَحَثَّهَا عَلَى سُكْنَى الْمَدِينَةِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْفَضْلِ
......
155
أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَغَيْرَهُمْ يُسَمُّونَهَا يَثْرِبَ وَإِنَّمَا اسْمُهَا المدينة وطابة وطيبة فَفِي هَذَا كَرَاهَةُ تَسْمِيَتُهَا يَثْرِبُ وَقَدْ جَاءَ فِي مُسْنَدِ أَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ حَدِيثٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كَرَاهَةِ تَسْمِيَتِهَا يَثْرِبُ وَحُكِيَ عَنْ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ أَنَّهُ قَالَ مَنْ سَمَّاهَا يَثْرِبُ كُتِبَتْ عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ قَالُوا وَسَبَبُ كَرَاهَةِ تَسْمِيَتِهَا يَثْرِبُ لَفْظُ التَّثْرِيبِ الَّذِي هُوَ التَّوْبِيخُ وَالْمَلَامَةُ وَسُمِّيَتْ طَيْبَةُ وَطَابَةُ لِحُسْنِ لَفْظِهِمَا
كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ الِاسْمَ الْحَسَنَ وَيَكْرَهُ الِاسْمَ الْقَبِيحَ وَأَمَّا تَسْمِيَتُهَا فِي الْقُرْآنِ يَثْرِبُ فَإِنَّمَا هُوَ حِكَايَةٌ عَنْ قَوْلِ الْمُنَافِقِينَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَلِمَدِينَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْمَاءٌ الْمَدِينَةُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى مَا كَانَ لِأَهْلِ المدينة وقال تعالى ومن أهل المدينة وَطَابَةُ وَطَيْبَةُ وَالدَّارُ فَأَمَّا الدَّارُ فَلِأَمْنِهَا وَالِاسْتِقْرَا رِ بِهَا وَأَمَّا طَابَةُ وَطَيْبَةُ فَمِنَ الطِّيبِ وَهُوَ الرَّائِحَةُ الْحَسَنَةُ
160
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَوْضِعَ قَبْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلُ بِقَاعِ الْأَرْضِ وَأَنَّ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ أَفْضَلُ بِقَاعِ الْأَرْضِ وَاخْتَلَفُوا
ي أَفْضَلِهِمَا مَا عَدَا مَوْضِعِ قَبْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ عُمَرُ وَبَعْضُ الصَّحَابَةِ وَمَالِكٌ وَأَكْثَرُ الْمَدَنِيِّينَ الْمَدِينَةُ أَفْضَلُ وَقَالَ أَهْلُ مكة والكوفة والشافعي وبن وهب وبن حَبِيبٍ الْمَالِكِيَّان ِ مَكَّةُ أَفْضَلُ قُلْتُ وَمِمَّا احْتَجَّ بِهِ أَصْحَابُنَا لِتَفْضِيلِ مَكَّةَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْحَمْرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِمَكَّةَ يَقُولُ وَاللَّهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ وَلَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ هُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَسَاجِدِ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامِ وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ صَلَاةٍ فِي مَسْجِدِي حَدِيثٌ حَسَنٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي مُسْنَدِهِ وَالْبَيْهَقِيّ ُ وَغَيْرُهُمَا بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.....
166
قَوْلُهُ (وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ جَمِيعًا عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ معبد عن بن عباس أنه قال ان مرأة اشْتَكَتْ شَكْوَى فَقَالَتْ إِنْ شَفَانِي اللَّهُ لَأَخْرُجَنَّ فَلَأُصَلِّيَنّ َ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ قَالَتْ مَيْمُونَةُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ صَلَاةٌ فِيهِ أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَسَاجِدِ إِلَّا مَسْجِدَ الْكَعْبَةِ) هَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا أُنْكِرَ عَلَى مُسْلِمٍ بِسَبَبِ إِسْنَادِهِ قَالَ الْحُفَّاظُ ذكر بن عَبَّاسٍ فِيهِ وَهَمٌ وَصَوَابُهُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مَيْمُونَةَ هَكَذَا هُوَ الْمَحْفُوظُ من رواية الليث وبن جُرَيْجٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الله عن ميمونة من غير ذكر بن عَبَّاسٍ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مَيْمُونَةَ ولم يذكر بن عَبَّاسٍ قَالَ الدَّارَقُطْنِي ُّ فِي كِتَابِ الْعِلَلِ وَقَدْ رواه بعضهم عن بن عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ وَلَيْسَ يَثْبُتُ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ الْكَبِيرِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَنْ أَبِيهِ وَمَيْمُونَةَ وَذَكَرَ حَدِيثَهُ هَذَا مِنْ طريق الليث وبن جريج ولم يذكر فيه بن عَبَّاسٍ ثُمَّ قَالَ وَقَالَ لَنَا الْمَكِّيُّ عَنِ بن جُرَيْجٍ أَنَّهُ سَمِعَ نَافِعًا قَالَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ بن معبد حدث ان بن عَبَّاسٍ حَدَّثَهُ عَنْ مَيْمُونَةَ قَالَ الْبُخَارِيُّ وَلَا يصح فيه بن عَبَّاسٍ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ قَالَ بَعْضُهُمْ صَوَابُهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدِ بْنِ عَبَّاسٍ
....
167
فَإِنَّهُ إِذَا نَذَرَ صَلَاةً فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ أَوِ الْأَقْصَى هَلْ تَتَعَيَّنُ فِيهِ قَوْلَانِ الْأَصَحُّ تَتَعَيَّنُ فَلَا تُجْزِئُهُ تِلْكَ الصَّلَاةُ فِي غَيْرِهِ وَالثَّانِي لَا تَتَعَيَّنُ بَلْ تُجْزِئُهُ تِلْكَ الصَّلَاةُ حَيْثُ صَلَّى فإذا قُلْنَا تَتَعَيَّنُ فَنَذْرُهَا فِي أَحَدِ هَذَيْنِ الْمَسْجِدَيْنِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَهَا فِي الْآخَرِ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا يَجُوزُ وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ وَالثَّالِثُ وَهُوَ الْأَصَحُّ إِنْ نَذَرَهَا فِي الْأَقْصَى جَازَ الْعُدُولُ إِلَى مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ دُونَ عَكْسِهِ والله أعلم
.,,,,,
انتهينا من تلخيص وانتقاء الفوائد من كتاب الحج ويليه كتاب " النكاح "
والحمد لله .......
-
رد: فوائد وفرائد " المنهاج شرح صحيح مسلم ابن الحجاج " للإمام النووي رحمه الله !!!
الاربعاء
الموافق : 5/ اكتوبر / 2022
8/ ربيع الاول / 1444 هجري
تابع
كتاب النكاح " شرح النووي على صحيح مسلم
.............
180
قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِي ُّ قَالَ الْقَاضِي وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَنْ نَكَحَ نِكَاحًا مُطْلَقًا وَنِيَّتُهُ أَنْ لَا يَمْكُثَ مَعَهَا إِلَّا مُدَّةً نَوَاهَا فَنِكَاحُهُ صَحِيحٌ حَلَالٌ وَلَيْسَ نِكَاحُ مُتْعَةٍ وَإِنَّمَا نِكَاحُ الْمُتْعَةِ مَا وَقَعَ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَلَكِنْ قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ هَذَا مِنْ أَخْلَاقِ النَّاسِ وَشَذَّ الْأَوْزَاعِيُّ فَقَالَ هُوَ نِكَاحُ مُتْعَةٍ وَلَا خَيْرَ فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.....
205
الَ دَاوُدُ يُشْتَرَطُ الْوَلِيُّ فِي تَزْوِيجِ الْبِكْرِ دُونَ الثَّيِّبِ وَاحْتَجَّ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ بِالْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَهَذَا يَقْتَضِي نَفْيَ الصِّحَّةِ وَاحْتَجَّ دَاوُدُ بِأَنَّ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ فِي مُسْلِمٍ صَرِيحٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ وَأَنَّ الثَّيِّبَ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا وَالْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ وَأَجَابَ أَصْحَابُنَا عَنْهُ بِأَنَّهَا أَحَقُّ أَيْ شَرِيكَةٌ فِي الْحَقِّ بِمَعْنَى أَنَّهَا لَا تُجْبَرُ وَهِيَ أَيْضًا أَحَقُّ فِي تَعْيِينِ الزَّوْجِ وَاحْتَجَّ أَبُو حَنِيفَةَ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ فَإِنَّهَا تَسْتَقِلُّ فِيهِ بِلَا وَلِيٍّ وَحَمَلَ الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي اشْتِرَاطِ الْوَلِيِّ عَلَى الْأَمَةِ وَالصَّغِيرَةِ وَخَصَّ عُمُومَهَا بِهَذَا الْقِيَاسِ وَتَخْصِيصُ الْعُمُومِ بِالْقِيَاسِ جَائِزٌ عِنْدَ كَثِيرِينَ مِنْ أَهْلِ الْأُصُولِ وَاحْتَجَّ أَبُو ثَوْرٍ بِالْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ وَلِأَنَّ الْوَلِيَّ إِنَّمَا يُرَادُ لِيَخْتَارَ كُفُؤًا لِدَفْعِ الْعَارِ وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِإِذْنِهِ قَالَ الْعُلَمَاءُ نَاقَضَ دَاوُدُ مَذْهَبَهُ في شرط الولي في البكر دون الثيب لِأَنَّهُ إِحْدَاثُ قَوْلٍ فِي مَسْأَلَةٍ مُخْتَلَفٌ فِيهَا وَلَمْ يُسْبَقْ إِلَيْهِ وَمَذْهَبُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ احداث مثل هذا والله أعلم
......
207
وَأَمَّا قَوْلُهَا فِي رِوَايَةٍ تَزَوَّجَنِي وَأَنَا بِنْتُ سَبْعٍ وَفِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ بِنْتُ سِتٍّ فَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ كَانَ لَهَا سِتٌّ وَكَسْرٌ فَفِي رِوَايَةٍ اقْتَصَرَتْ عَلَى السِّنِينَ وَفِي رِوَايَةٍ عَدَّتِ السَّنَةَ الَّتِي دَخَّلَتْ فِيهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.....
208
جَوَازُ الزِّفَافِ وَالدُّخُولِ بِالْعَرُوسِ نَهَارًا وَهُوَ جَائِزٌ لَيْلًا وَنَهَارًا وَاحْتَجَّ بِهِ الْبُخَارِيُّ فِي الدُّخُولِ نَهَارًا وَتَرْجَمَ عَلَيْهِ بَابًا قَوْلُهُ (وَزُفَّتْ إِلَيْهِ وَهِيَ ابْنَةُ تِسْعِ سِنِينَ وَلُعَبُهَا مَعَهَا (الْمُرَادُ هَذِهِ اللُّعَبُ الْمُسَمَّاةُ بِالْبَنَاتِ الَّتِي تَلْعَبُ بِهَا الْجَوَارِي الصِّغَارُ وَمَعْنَاهُ التَّنْبِيهُ عَلَى صِغَرِ سِنِّهَا قَالَ الْقَاضِي وَفِيهِ جَوَازُ اتِّخَاذِ اللُّعَبِ وَإِبَاحَةُ لَعِبِ الْجَوَارِي بِهِنَّ وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى ذَلِكَ فَلَمْ يُنْكِرْهُ قَالُوا وَسَبَبُهُ تَدْرِيبُهُنَّ لِتَرْبِيَةِ الْأَوْلَادِ وَإِصْلَاحِ شَأْنِهِنَّ وَبُيُوتِهِنَّ هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَخْصُوصًا مِنْ أَحَادِيثِ النَّهْيِ عَنِ اتِّخَاذِ الصُّوَرِ
..
210
فَالْمُرَادُ بِهِ هَدْيُ التَّمَتُّعِ فَهُوَ وَاجِبٌ بِشُرُوطٍ اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا عَلَى أَرْبَعَةٍ مِنْهَا وَاخْتَلَفُوا فِي ثَلَاثَةٍ أَحَدُ الْأَرْبَعَةِ أَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ الثَّانِي أَنْ يَحُجَّ مِنْ عَامِهِ الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ أَفَقِيًّا لَا مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ وَحَاضِرُوهُ أَهْلُ الْحَرَمِ وَمَنْ كَانَ مِنْهُ عَلَى مَسَافَةٍ لَا تُقْصَرُ فِيهَا الصَّلَاةُ الرَّابِعُ أَنْ لَا يَعُودَ إِلَى الْمِيقَاتِ لِإِحْرَامِ الْحَجِّ وَأَمَّا الثَّلَاثَةُ فَأَحَدُهَا نِيَّةُ التَّمَتُّعِ وَالثَّانِي كَوْنُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فِي سَنَةٍ فِي شَهْرٍ وَاحِدٍ الثَّالِثُ كَوْنُهُمَا عَنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ وَالْأَصَحُّ أَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ لَا تُشْتَرَطُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.....
216
نَّ الصَّحِيحَ الْمُخْتَارَ فِي حَجَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ فِي أَوَّلِ إِحْرَامِهِ مُفْرِدًا ثُمَّ أَدْخَلَ الْعُمْرَةَ عَلَى الْحَجِّ فَصَارَ قَارِنًا وَجَمَعْنَا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ أَحْسَنَ جَمْعٍ فحديث بن عُمَرَ هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى أَوَّلِ إِحْرَامِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَدِيثُ أَنَسٍ مَحْمُولٌ عَلَى أَوَاخِرِهِ وَأَثْنَائِهِ وَكَأَنَّهُ
لَمْ يَسْمَعْهُ أَوَّلًا وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا التَّأْوِيلِ أَوْ نَحْوِهِ لِتَكُونَ رِوَايَةُ أَنَسٍ مُوَافِقَةً لرواية الاكثرين كما سبق والله أعلم
..........
219
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَتَحَلَّلْ مِنْ عُمْرَتِهِ حَتَّى طَافَ وَسَعَى فَتَجِبُ مُتَابَعَتُهُ وَالِاقْتِدَاءُ بِهِ وَهَذَا الْحُكْمُ الَّذِي قَالَهُ بن عُمَرَ هُوَ مَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً وَهُوَ أَنَّ الْمُعْتَمِرَ لَا يَتَحَلَّلُ إِلَّا بِالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَالْحَلْقِ الا ما حكاه القاضي عياض عن بن عَبَّاسٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ أَنَّهُ يَتَحَلَّلُ بَعْدَ الطَّوَافِ وَإِنْ لَمْ يَسْعَ وَهَذَا ضَعِيفٌ مُخَالِفٌ للسنة
............
220
رَعُ الْوُضُوءُ لِلطَّوَافِ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ وَاجِبٌ وَشَرْطٌ لِصِحَّتِهِ أَمْ لَا فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَالْجُمْهُورُ هُوَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الطَّوَافِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ مُسْتَحَبٌّ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَعَ حَدِيثِ خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ يَقْتَضِيَانِ أَنَّ الطَّوَافَ وَاجِبٌ لِأَنَّ كُلَّ مَا فَعَلَهُ هُوَ دَاخِلٌ فِي الْمَنَاسِكِ فَقَدْ أمرنا بأخذ المناسك وفي حديث بن عَبَّاسٍ فِي التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ إِلَّا أَنَّ اللَّهَ أَبَاحَ فِيهِ الْكَلَامَ وَلَكِنَّ رَفْعَهُ ضَعِيفٌ وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الْحُفَّاظِ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ على بن عَبَّاسٍ وَتَحْصُلُ بِهِ الدَّلَالَةُ مَعَ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ لِأَنَّهُ قَوْلٌ لِصَحَابِيٍّ انْتَشَرَ وَإِذَا انْتَشَرَ قَوْلُ الصَّحَابِيِّ بِلَا مُخَالَفَةٍ كَانَ حُجَّةً عَلَى الصَّحِيحِ
.............
228
اسْتِحْبَابُ الْإِشْعَارِ وَالتَّقْلِيدِ فِي الْهَدَايَا مِنَ الْإِبِلِ وَبِهَذَا قَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الْإِشْعَارُ بِدْعَةٌ لِأَنَّهُ مُثْلَةٌ وَهَذَا يُخَالِفُ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ الْمَشْهُورَةَ فِي الْإِشْعَارِ وَأَمَّا قَوْلُهُ إِنَّهُ مُثْلَةٌ فَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هَذَا كَالْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ وَالْخِتَانِ وَالْكَيِّ وَالْوَسْمِ وَأَمَّا مَحَلُّ الْإِشْعَارِ فَمَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الْإِشْعَارُ فِي صَفْحَةِ السَّنَامِ الْيُمْنَى وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْيُسْرَى وَهَذَا الْحَدِيثُ يَرُدُّ عَلَيْهِ وَأَمَّا تَقْلِيدُ الْغَنَمِ فَهُوَ مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ إِلَّا مَالِكًا فَإِنَّهُ لَا يَقُولُ بِتَقْلِيدِهَا قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَلَعَلَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ الْحَدِيثُ الثَّابِتُ فِي ذَلِكَ قُلْتُ قَدْ جَاءَتْ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ صَحِيحَةٌ بِالتَّقْلِيدِ فَهِيَ حُجَّةٌ صَرِيحَةٌ فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ خَالَفَهَا وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْغَنَمَ لَا تُشْعَرُ لِضَعْفِهَا عَنِ الْجَرْحِ وَلِأَنَّهُ يَسْتَتِرُ بِالصُّوفِ وَأَمَّا الْبَقَرَةُ فَيُسْتَحَبُّ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمُوَافِقِيهِ الْجَمْعُ فِيهَا بَيْنَ الْإِشْعَارُ وَالتَّقْلِيدِ كَالْإِبِلِ
...
210
حديث عائِشَةُ رَدَّ مَا كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ عَلَيْهِ وَمَا يَتَخَيَّلُهُ بَعْضُ الْعَوَامِّ الْيَوْمَ مِنْ كَرَاهَةِ التَّزَوُّجِ وَالتَّزْوِيجِ وَالدُّخُولِ فِي شَوَّالٍ وَهَذَا بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ وَهُوَ مِنْ آثَارِ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَتَطَيَّرُونَ بِذَلِكَ لِمَا فِي اسْمِ شَوَّالٍ مِنَ الْإِشَالَةِ والرفع
.......
218/9
أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْمُوسِرِ أَنْ لَا يَنْقُصَ عَنْ شَاةٍ وَنَقَلَ الْقَاضِي الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ لَا حَدَّ لِقَدْرِهَا الْمُجْزِئِ بَلْ بِأَيِّ شَيْءٍ أَوْلَمَ مِنَ الطَّعَامِ حَصَلَتِ الْوَلِيمَةُ وَقَدْ ذكر مسلم بعد هذا وفي وَلِيمَةِ عُرْسِ صَفِيَّةَ أَنَّهَا كَانَتْ بِغَيْرِ لَحْمٍ وَفِي وَلِيمَةِ زَيْنَبَ أَشْبَعَنَا خُبْزًا وَلَحْمًا وَكُلُّ هذا جائز تحصل به الوليمة لكن يُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ عَلَى قَدْرِ حَالِ الزَّوْجِ قَالَ الْقَاضِي وَاخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي تَكْرَارِهَا أَكْثَرَ مِنْ يَوْمَيْنِ فَكَرِهَتْهُ طَائِفَةٌ وَلَمْ تَكْرَهْهُ طَائِفَةٌ قَالَ وَاسْتَحَبَّ أَصْحَابُ مَالِكٍ لِلْمُوسِرِ كَوْنَهَا أُسْبُوعًا)
......
220
صَفِيَّةُ فَالصَّحِيحُ أَنَّ هَذَا كَانَ اسْمَهَا قَبْلَ السَّبْيِ وَقِيلَ كَانَ اسْمَهَا زَيْنَبُ فَسُمِّيَتْ بَعْدَ السَّبْيِ وَالِاصْطِفَاءِ صَفِيَّةَ
......
225
يُسْتَحَبُّ لِلْإِنْسَانِ إِذَا أَتَى مَنْزِلَهُ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى امْرَأَتِهِ وَأَهْلِهِ وَهَذَا مِمَّا يَتَكَبَّرُ عَنْهُ كَثِيرٌ مِنَ الْجَاهِلِينَ الْمُتَرَفِّعِي نَ وَمِنْهَا أَنَّهُ إِذَا سَلَّمَ عَلَى وَاحِدٍ قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ أَوِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ قَالُوا لِيَتَنَاوَلَهُ وَمَلِكَيْهِ وَمِنْهَا سُؤَالُ الرَّجُلِ أَهْلَهُ عَنْ حَالِهِمْ فَرُبَّمَا كانت في نفس المرأة حاجة فتستحي أَنْ تَبْتَدِئَ بِهَا فَإِذَا سَأَلَهَا انْبَسَطَتْ لِذِكْرِ حَاجَتِهَا وَمِنْهَا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُقَالَ لِلرَّجُلِ عَقِبَ دُخُولِهِ كَيْفَ حَالُكَ
.....
233
نَقَلَ الْقَاضِي اتِّفَاقَ الْعُلَمَاءِ عَلَى وُجُوبِ الْإِجَابَةِ فِي وَلِيمَةِ الْعُرْسِ قَالَ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا سِوَاهَا فَقَالَ مَالِكٌ وَالْجُمْهُورُ لَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ إِلَيْهَا وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ تَجِبُ الْإِجَابَةُ إِلَى كُلِّ دَعْوَةٍ مِنْ عُرْسٍ وَغَيْرِهِ وَبِهِ قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ وَأَمَّا الْأَعْذَارُ الَّتِي يَسْقُطُ بِهَا وُجُوبُ إِجَابَةِ الدَّعْوَةِ أَوْ نَدْبِهَا فَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ فِي الطَّعَامِ شُبْهَةٌ أَوْ يَخُصَّ بِهَا الْأَغْنِيَاءَ أَوْ يَكُونَ هُنَاكَ مَنْ يَتَأَذَّى بِحُضُورِهِ مَعَهُ أَوْ لَا تَلِيقَ بِهِ مُجَالَسَتُهُ أَوْ يَدْعُوهُ لِخَوْفِ شَرِّهِ أَوْ لِطَمَعٍ فِي جَاهِهِ أَوْ لِيُعَاوِنَهُ عَلَى بَاطِلٍ وَأَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ مُنْكَرٌ مِنْ خَمْرٍ أَوْ لَهْوٍ أَوْ فُرُشِ حَرِيرٍ أَوْ صُوَرِ حَيَوَانٍ غَيْرِ مَفْرُوشَةٍ أَوْ آنِيَةِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَكُلُّ هَذِهِ أَعْذَارٌ فِي تَرْكِ الْإِجَابَةِ وَمِنَ الْأَعْذَارِ أَنْ يَعْتَذِرَ إِلَى الدَّاعِي فَيَتْرُكَهُ وَلَوْ دَعَاهُ ذِمِّيٌّ لَمْ تَجِبْ إِجَابَتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَوْ كَانَتِ الدَّعْوَةُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَالْأَوَّلُ تَجِبُ الْإِجَابَةُ فِيهِ وَالثَّانِي تُسْتَحَبُّ وَالثَّالِثُ تُكْرَهُ
.....
235
ان دُعِيتُمْ إِلَى كُرَاعٍ فَأَجِيبُوا) وَالْمُرَادُ بِهِ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ كُرَاعُ الشَّاةِ وَغَلَّطُوا مَنْ حَمَلَهُ عَلَى كُرَاعِ الْغَمِيمِ وَهُوَ مَوْضِعٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ عَلَى مَرَاحِلَ مِنَ الْمَدِينَةِ
......
239
قَوْلُهُ (شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ) ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ مَوْقُوفًا عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وَمَرْفُوعًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الْحَدِيثَ إِذَا رُوِيَ مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا حُكِمَ بِرَفْعِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ لِأَنَّهَا زِيَادَةُ ثِقَةٍ وَمَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ الْإِخْبَارُ بِمَا يَقَعُ مِنَ النَّاسِ بَعْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مُرَاعَاةِ الْأَغْنِيَاءِ فِي الْوَلَائِمِ وَنَحْوِهَا وَتَخْصِيصِهِمْ بِالدَّعْوَةِ وَإِيثَارِهِمْ بِطَيِّبِ الطَّعَامِ وَرَفْعِ مَجَالِسِهِمْ وَتَقْدِيمِهِمْ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ الْغَالِبُ فِي الْوَلَائِمِ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ
انتهى المجلد التاسع ويليه المجلد العاشر
الحمد لله على نعمته وفضله واحسانه
-
رد: فوائد وفرائد " المنهاج شرح صحيح مسلم ابن الحجاج " للإمام النووي رحمه الله !!!
اليوم : الجمعة
الموافق 14/ اكتوبر / 2022 ميلادي
الموافق : 18/ ربيع الأول / 1444 هجري
كتاب النكاج " من صحيح مسلم لإمام النووي رحمه الله
المجلد العاشر
(10/16)
خْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُرَادِ بِالْغِيلَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَهِيَ الْغَيْلُ فَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَالْأَصْمَعِيّ ُ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنْ يُجَامِعَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ مُرْضِعٌ يُقَالُ مِنْهُ أَغَالَ الرَّجُلُ وأغيل اذا فعل ذلك وقال بن السِّكِّيتِ هُوَ أَنْ تُرْضِعَ الْمَرْأَةُ وَهِيَ حَامِلٌ يُقَالُ مِنْهُ غَالَتْ وَأَغْيَلَتْ قَالَ الْعُلَمَاءُ سَبَبُ هَمِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّهْيِ عَنْهَا أَنَّهُ يَخَافُ مِنْهُ ضَرَرَ الْوَلَدِ الرَّضِيعِ قَالُوا وَالْأَطِبَّاءُ يَقُولُونَ إِنَّ ذَلِكَ اللَّبَنَ دَاءٌ وَالْعَرَبُ تَكْرَهُهُ وَتَتَّقِيهِ وَفِي الْحَدِيثِ جَوَازُ الْغِيلَةِ فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَنْهَ عَنْهَا وَبَيَّنَ سَبَبَ تَرْكِ النَّهْيِ وَفِيهِ جَوَازُ
الِاجْتِهَادِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وله قَالَ جُمْهُورُ أَهْلِ الْأُصُولِ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ لِتَمَكُّنِهِ مِنَ الْوَحْيِ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ
.....
10/20
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي عَمِّ عَائِشَةَ الْمَذْكُورِ فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْقَابِسِيُّ هُمَا عَمَّانِ لِعَائِشَةَ مِنَ الرَّضَاعَةِ أَحَدُهُمَا أَخُو أَبِيهَا أَبِي بَكْرٍ مِنَ الرَّضَاعَةِ ارْتَضَعَ هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنِ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ وَالثَّانِي أَخُو أَبِيهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ الَّذِي هُوَ أَبُو الْقُعَيْسِ وَأَبُو الْقُعَيْسِ أَبُوهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأَخُوهُ أَفْلَحُ عَمُّهَا وَقِيلَ هُوَ عَمٌّ وَاحِدٌ وَهَذَا غَلَطٌ فَإِنَّ عَمَّهَا فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ مَيِّتٌ وَفِي الثَّانِي حَيٌّ جَاءَ يَسْتَأْذِنُ فَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ الْقَابِسِيُّ وَذَكَرَ الْقَاضِي الْقَوْلَيْنِ ثُمَّ قَالَ قَوْلُ الْقَابِسِيِّ أَشْبَهُ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ وَاحِدًا لَفَهِمَتْ حُكْمَهُ مِنَ الْمَرَّةِ الْأُولَى وَلَمْ تَحْتَجِبْ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ قِيلَ فَإِذَا كَانَا عَمَّيْنِ كَيْفَ سَأَلَتْ عَلَى الْمَيِّتِ وَأَعْلَمَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ عَمٌّ
.............
27/10
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَبِيبَتِي فِي حِجْرِي فَفِيهِ حُجَّةٌ لِدَاوُدَ الظَّاهِرِيِّ أَنَّ الرَّبِيبَةَ لَا تَحْرُمُ إِلَّا إِذَا كَانَتْ فِي حِجْرِ زَوْجِ أُمِّهَا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي حِجْرِهِ فَهِيَ حَلَالٌ لَهُ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِظَاهِرِ قَوْلِهِ تَعَالَى وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي في حجوركم وَمَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً سِوَى دَاوُدَ أَنَّهَا حَرَامٌ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي حِجْرِهِ أَمْ لَا قَالُوا وَالتَّقْيِيدُ إِذَا خَرَجَ عَلَى سَبَبٍ لِكَوْنِهِ الْغَالِبَ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَفْهُومٌ يُعْمَلُ بِهِ فَلَا يُقْصَرُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ وَنَظِيرُهُ قَوْلِهِ تَعَالَى وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يَحْرُمُ قَتْلُهُمْ بِغَيْرِ ذَلِكَ أَيْضًا لَكِنْ خَرَجَ التَّقْيِيدُ بِالْإِمْلَاقِ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ وَقَوْلُهُ تَعَالَى وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أردن تحصنا وَنَظَائِرُهُ فِي الْقُرْآنِ كَثِيرَةٌ
.......
30
قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ يَثْبُتُ بِرَضْعَةٍ وَاحِدَةٍ حكاه بن المنذر عن علي وبن مسعود وبن عمر وبن عباس وعطاء وطاوس وبن الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنِ وَمَكْحُولٍ وَالزُّهْرِيِّ وَقَتَادَةَ وَالْحَكَمِ وَحَمَّادٍ وَمَالِكٍ وَالْأَوْزَاعِي ِّ وَالثَّوْرِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنهم وقال أبو ثور وأبو عبيد وبن الْمُنْذِرِ وَدَاوُدُ يَثْبُتُ بِثَلَاثِ رَضَعَاتٍ وَلَا يَثْبُتُ بِأَقَلَّ فَأَمَّا الشَّافِعِيُّ وَمُوَافِقُوهُ فَأَخَذُوا بِحَدِيثِ عَائِشَةَ خَمْسُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ وَأَخَذَ مَالِكٌ بقَوْلِهِ تَعَالَى وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وَلَمْ يَذْكُرْ عَدَدًا وَأَخَذَ دَاوُدُ بِمَفْهُومِ حَدِيثِ لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَالْمَصَّتَانِ وَقَالَ هُوَ مُبَيِّنٌ للقرآن
....
30
وَاعْتَرَضَتِ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى الْمَالِكِيَّةِ بِحَدِيثِ الْمَصَّةُ وَالْمَصَّتَانِ وَأَجَابُوا عَنْهُ بِأَجْوِبَةٍ بَاطِلَةٍ لَا يَنْبَغِي ذِكْرُهَا لَكِنْ نُنَبِّهُ عَلَيْهَا خَوْفًا مِنَ الِاغْتِرَارِ بِهَا مِنْهَا أَنَّ بَعْضَهُمُ ادَّعَى أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ وَهَذَا بَاطِلٌ لَا يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى وَمِنْهَا أَنَّ بَعْضَهُمْ زَعَمَ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى عَائِشَةَ وَهَذَا خَطَأٌ فَاحِشٌ بَلْ قَدْ ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ مِنْ طُرُقٍ صِحَاحٍ مَرْفُوعًا مِنْ رِوَايَةِ عَائِشَةَ وَمِنْ رِوَايَةِ أُمِّ الْفَضْلِ وَمِنْهَا أَنَّ بَعْضَهُمْ زَعَمَ أَنَّهُ مُضْطَرِبٌ وَهَذَا غَلَطٌ ظَاهِرٌ وَجَسَارَةٌ عَلَى رَدِّ السُّنَنِ بِمُجَرَّدِ الْهَوَى وَتَوْهِينِ صَحِيحِهَا لِنُصْرَةِ الْمَذَاهِبِ وَقَدْ جَاءَ فِي اشْتِرَاطِ الْعَدَدِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ مَشْهُورَةٌ وَالصَّوَابُ اشْتِرَاطُهُ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَقَدْ شَذَّ بَعْضُ النَّاسِ فَقَالَ لَا يَثْبُتُ الرَّضَاعُ إِلَّا بِعَشْرِ رَضَعَاتٍ وَهَذَا بَاطِلٌ مَرْدُودٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
......
41
قَالَ الْقَاضِي قَالَ الْمَازِرِيُّ وَكَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تَقْدَحُ فِي نَسَبِ أُسَامَةَ لِكَوْنِهِ أَسْوَدَ شَدِيدَ السَّوَادِ وَكَانَ زَيْدٌ أَبْيَضَ كَذَا قَالَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ فَلَمَّا قَضَى هَذَا الْقَائِفُ بِإِلْحَاقِ نَسَبِهِ مَعَ اخْتِلَافِ اللَّوْنِ وَكَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تَعْتَمِدُ قَوْلَ الْقَائِفِ فَرِحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكَوْنِهِ زَاجِرًا لَهُمْ عَنِ الطَّعْنِ فِي النَّسَبِ قَالَ الْقَاضِي قَالَ غَيْرُ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ كَانَ زَيْدٌ أَزْهَرَ اللَّوْنِ وَأُمُّ أُسَامَةَ هِيَ أُمُّ أَيْمَنَ وَاسْمُهَا بَرَكَةُ وَكَانَتْ حَبَشِيَّةً سَوْدَاءَ قَالَ الْقَاضِي هِيَ بَرَكَةُ بِنْتُ مُحْصَنِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ حُصَيْنِ بن مالك بن سلمة بن عمرو بْنِ النُّعْمَانِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.....
-
رد: فوائد وفرائد " المنهاج شرح صحيح مسلم ابن الحجاج " للإمام النووي رحمه الله !!!
اليوم : الثلاثاء
الموافق : 29/ ربيع الأول / 1444 هجري
الموافق : 25/ اكتوبر / 2022 ميلادي
" المجلد العاشر "
(10/16)
خْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُرَادِ بِالْغِيلَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَهِيَ الْغَيْلُ فَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَالْأَصْمَعِيّ ُ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنْ يُجَامِعَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ مُرْضِعٌ يُقَالُ مِنْهُ أَغَالَ الرَّجُلُ وأغيل اذا فعل ذلك وقال بن السِّكِّيتِ هُوَ أَنْ تُرْضِعَ الْمَرْأَةُ وَهِيَ حَامِلٌ يُقَالُ مِنْهُ غَالَتْ وَأَغْيَلَتْ قَالَ الْعُلَمَاءُ سَبَبُ هَمِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّهْيِ عَنْهَا أَنَّهُ يَخَافُ مِنْهُ ضَرَرَ الْوَلَدِ الرَّضِيعِ قَالُوا وَالْأَطِبَّاءُ يَقُولُونَ إِنَّ ذَلِكَ اللَّبَنَ دَاءٌ وَالْعَرَبُ تَكْرَهُهُ وَتَتَّقِيهِ وَفِي الْحَدِيثِ جَوَازُ الْغِيلَةِ فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَنْهَ عَنْهَا وَبَيَّنَ سَبَبَ تَرْكِ النَّهْيِ وَفِيهِ جَوَازُ
الِاجْتِهَادِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وله قَالَ جُمْهُورُ أَهْلِ الْأُصُولِ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ لِتَمَكُّنِهِ مِنَ الْوَحْيِ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ
.....
10/20
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي عَمِّ عَائِشَةَ الْمَذْكُورِ فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْقَابِسِيُّ هُمَا عَمَّانِ لِعَائِشَةَ مِنَ الرَّضَاعَةِ أَحَدُهُمَا أَخُو أَبِيهَا أَبِي بَكْرٍ مِنَ الرَّضَاعَةِ ارْتَضَعَ هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنِ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ وَالثَّانِي أَخُو أَبِيهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ الَّذِي هُوَ أَبُو الْقُعَيْسِ وَأَبُو الْقُعَيْسِ أَبُوهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأَخُوهُ أَفْلَحُ عَمُّهَا وَقِيلَ هُوَ عَمٌّ وَاحِدٌ وَهَذَا غَلَطٌ فَإِنَّ عَمَّهَا فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ مَيِّتٌ وَفِي الثَّانِي حَيٌّ جَاءَ يَسْتَأْذِنُ فَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ الْقَابِسِيُّ وَذَكَرَ الْقَاضِي الْقَوْلَيْنِ ثُمَّ قَالَ قَوْلُ الْقَابِسِيِّ أَشْبَهُ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ وَاحِدًا لَفَهِمَتْ حُكْمَهُ مِنَ الْمَرَّةِ الْأُولَى وَلَمْ تَحْتَجِبْ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ قِيلَ فَإِذَا كَانَا عَمَّيْنِ كَيْفَ سَأَلَتْ عَلَى الْمَيِّتِ وَأَعْلَمَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ عَمٌّ
.............
27/10
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَبِيبَتِي فِي حِجْرِي فَفِيهِ حُجَّةٌ لِدَاوُدَ الظَّاهِرِيِّ أَنَّ الرَّبِيبَةَ لَا تَحْرُمُ إِلَّا إِذَا كَانَتْ فِي حِجْرِ زَوْجِ أُمِّهَا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي حِجْرِهِ فَهِيَ حَلَالٌ لَهُ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِظَاهِرِ قَوْلِهِ تَعَالَى وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي في حجوركم وَمَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً سِوَى دَاوُدَ أَنَّهَا حَرَامٌ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي حِجْرِهِ أَمْ لَا قَالُوا وَالتَّقْيِيدُ إِذَا خَرَجَ عَلَى سَبَبٍ لِكَوْنِهِ الْغَالِبَ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَفْهُومٌ يُعْمَلُ بِهِ فَلَا يُقْصَرُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ وَنَظِيرُهُ قَوْلِهِ تَعَالَى وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يَحْرُمُ قَتْلُهُمْ بِغَيْرِ ذَلِكَ أَيْضًا لَكِنْ خَرَجَ التَّقْيِيدُ بِالْإِمْلَاقِ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ وَقَوْلُهُ تَعَالَى وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أردن تحصنا وَنَظَائِرُهُ فِي الْقُرْآنِ كَثِيرَةٌ
.......
30
قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ يَثْبُتُ بِرَضْعَةٍ وَاحِدَةٍ حكاه بن المنذر عن علي وبن مسعود وبن عمر وبن عباس وعطاء وطاوس وبن الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنِ وَمَكْحُولٍ وَالزُّهْرِيِّ وَقَتَادَةَ وَالْحَكَمِ وَحَمَّادٍ وَمَالِكٍ وَالْأَوْزَاعِي ِّ وَالثَّوْرِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنهم وقال أبو ثور وأبو عبيد وبن الْمُنْذِرِ وَدَاوُدُ يَثْبُتُ بِثَلَاثِ رَضَعَاتٍ وَلَا يَثْبُتُ بِأَقَلَّ فَأَمَّا الشَّافِعِيُّ وَمُوَافِقُوهُ فَأَخَذُوا بِحَدِيثِ عَائِشَةَ خَمْسُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ وَأَخَذَ مَالِكٌ بقَوْلِهِ تَعَالَى وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وَلَمْ يَذْكُرْ عَدَدًا وَأَخَذَ دَاوُدُ بِمَفْهُومِ حَدِيثِ لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَالْمَصَّتَانِ وَقَالَ هُوَ مُبَيِّنٌ للقرآن
....
30
وَاعْتَرَضَتِ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى الْمَالِكِيَّةِ بِحَدِيثِ الْمَصَّةُ وَالْمَصَّتَانِ وَأَجَابُوا عَنْهُ بِأَجْوِبَةٍ بَاطِلَةٍ لَا يَنْبَغِي ذِكْرُهَا لَكِنْ نُنَبِّهُ عَلَيْهَا خَوْفًا مِنَ الِاغْتِرَارِ بِهَا مِنْهَا أَنَّ بَعْضَهُمُ ادَّعَى أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ وَهَذَا بَاطِلٌ لَا يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى وَمِنْهَا أَنَّ بَعْضَهُمْ زَعَمَ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى عَائِشَةَ وَهَذَا خَطَأٌ فَاحِشٌ بَلْ قَدْ ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ مِنْ طُرُقٍ صِحَاحٍ مَرْفُوعًا مِنْ رِوَايَةِ عَائِشَةَ وَمِنْ رِوَايَةِ أُمِّ الْفَضْلِ وَمِنْهَا أَنَّ بَعْضَهُمْ زَعَمَ أَنَّهُ مُضْطَرِبٌ وَهَذَا غَلَطٌ ظَاهِرٌ وَجَسَارَةٌ عَلَى رَدِّ السُّنَنِ بِمُجَرَّدِ الْهَوَى وَتَوْهِينِ صَحِيحِهَا لِنُصْرَةِ الْمَذَاهِبِ وَقَدْ جَاءَ فِي اشْتِرَاطِ الْعَدَدِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ مَشْهُورَةٌ وَالصَّوَابُ اشْتِرَاطُهُ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَقَدْ شَذَّ بَعْضُ النَّاسِ فَقَالَ لَا يَثْبُتُ الرَّضَاعُ إِلَّا بِعَشْرِ رَضَعَاتٍ وَهَذَا بَاطِلٌ مَرْدُودٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
......
41
قَالَ الْقَاضِي قَالَ الْمَازِرِيُّ وَكَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تَقْدَحُ فِي نَسَبِ أُسَامَةَ لِكَوْنِهِ أَسْوَدَ شَدِيدَ السَّوَادِ وَكَانَ زَيْدٌ أَبْيَضَ كَذَا قَالَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ فَلَمَّا قَضَى هَذَا الْقَائِفُ بِإِلْحَاقِ نَسَبِهِ مَعَ اخْتِلَافِ اللَّوْنِ وَكَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تَعْتَمِدُ قَوْلَ الْقَائِفِ فَرِحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكَوْنِهِ زَاجِرًا لَهُمْ عَنِ الطَّعْنِ فِي النَّسَبِ قَالَ الْقَاضِي قَالَ غَيْرُ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ كَانَ زَيْدٌ أَزْهَرَ اللَّوْنِ وَأُمُّ أُسَامَةَ هِيَ أُمُّ أَيْمَنَ وَاسْمُهَا بَرَكَةُ وَكَانَتْ حَبَشِيَّةً سَوْدَاءَ قَالَ الْقَاضِي هِيَ بَرَكَةُ بِنْتُ مُحْصَنِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ حُصَيْنِ بن مالك بن سلمة بن عمرو بْنِ النُّعْمَانِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.....
تابع
المجلد العاشر
10/50
قَالَ عَطَاءٌ التي لا يقسم لها صفية بنت حي بْنِ أَخْطَبَ أَمَّا قَوْلُهُ تِسْعٌ فَصَحِيحٌ وَهُنَّ مَعْرُوفَاتٌ سَبَقَ بَيَانُ أَسْمَائِهِنَّ قَرِيبًا وَقَوْلُهُ يَقْسِمُ لثمان شهور وَأَمَّا قَوْلُ عَطَاءٍ الَّتِي لَا يَقْسِمُ لَهَا صفية فقال العلماء هو وهم من بن جُرَيْجٍ الرَّاوِي عَنْ عَطَاءٍ وَإِنَّمَا الصَّوَابُ سَوْدَةُ كَمَا سَبَقَ فِي الْأَحَادِيثِ وَاخْتَلَفُوا فِي الَّتِي وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ الزُّهْرِيُّ هِيَ مَيْمُونَةُ وَقِيلَ أُمُّ شَرِيكٍ وَقِيلَ زَيْنَبُ بِنْتُ خُزَيْمَةَ
.....
60
روينا عن بن عَبَّاسٍ قَالَ سُمِّيَتْ حَوَّاءُ لِأَنَّهَا أُمُّ كُلِّ حَيٍّ قِيلَ إِنَّهَا وَلَدَتْ لِآدَمَ أَرْبَعِينَ وَلَدًا فِي عِشْرِينَ بَطْنًا فِي كُلِّ بَطْنٍ ذَكَرٌ وَأُنْثَى وَاخْتَلَفُوا مَتَى خُلِقَتْ مِنْ ضِلْعِ آدَمَ فقيل قبل دخولها الْجَنَّةَ فَدَخَلَاهَا وَقِيلَ فِي الْجَنَّةِ قَالَ الْقَاضِي وَمَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهَا أُمُّ بَنَاتِ آدَمَ فأشبهنها ونزع العرق لما جرى لها فِي قِصَّةِ الشَّجَرَةِ مَعَ إِبْلِيسَ فَزَيَّنَ لَهَا أَكْلَ الشَّجَرَةِ فَأَغْوَاهَا فَأَخْبَرَتْ آدَمَ بِالشَّجَرَةِ فَأَكَلَ مِنْهَا
.....
60
كتاب الطلاق
أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى تَحْرِيمِ طَلَاقِ الْحَائِضِ الْحَائِلِ بِغَيْرِ رِضَاهَا فَلَوْ طَلَّقَهَا أَثِمَ وَوَقَعَ طَلَاقُهُ ويؤمر بالرجعة لحديث بن عُمَرَ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ وَشَذَّ بَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ فَقَالَ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ لَهُ فِيهِ فَأَشْبَهَ طَلَاقَ الْأَجْنَبِيَّة ِ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ وَبِهِ قَالَ الْعُلَمَاءُ كَافَّةً وَدَلِيلُهُمْ أَمْرُهُ بِمُرَاجَعَتِهَ ا وَلَوْ لَمْ يَقَعْ لَمْ تَكُنْ رَجْعَةً فَإِنْ قِيلَ الْمُرَادُ بِالرَّجْعَةِ الرَّجْعَةُ اللُّغَوِيَّةُ وَهِيَ الرَّدُّ إِلَى حَالِهَا الْأَوَّلِ لَا أَنَّهُ تُحْسَبُ عَلَيْهِ طَلْقَةٌ قُلْنَا هَذَا غَلَطٌ لِوَجْهَيْنِ أَحَدِهِمَا أَنَّ حَمْلَ اللَّفْظِ عَلَى الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ يُقَدَّمُ عَلَى حَمْلِهِ عَلَى الْحَقِيقَةِ اللُّغَوِيَّةِ كَمَا تَقَرَّرَ في أصول الفقه الثاني ان بن عُمَرَ صَرَّحَ فِي رِوَايَاتِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ بِأَنَّهُ حَسَبَهَا عَلَيْهِ طَلْقَةً وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ إِذَا طَلَّقَهَا يُؤْمَرُ بِرَجْعَتِهَا كَمَا ذَكَرْنَا وهذه الرجعة مستحبة لا واجبة وآخرون هَذَا مَذْهَبُنَا وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَسَائِرُ الْكُوفِيِّينَ وَأَحْمَدُ وَفُقَهَاءُ الْمُحَدِّثِينَ وَآخَرُونَ وَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ هِيَ وَاجِبَةٌ فَإِنْ قِيلَ فَفِي حديث بن عُمَرَ هَذَا أَنَّهُ أُمِرَ بِالرَّجْعَةِ ثُمَّ بِتَأْخِيرِ الطَّلَاقِ إِلَى طُهْرٍ بَعْدَ الطُّهْرِ الَّذِي يَلِي هَذَا الْحَيْضَ فَمَا فَائِدَةُ التَّأْخِيرِ فَالْجَوَابُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ أَحَدِهَا لِئَلَّا تَصِيرَ الرَّجْعَةُ لِغَرَضِ الطَّلَاقِ فَوَجَبَ أَنْ يُمْسِكَهَا زَمَانًا كَانَ يَحِلُّ لَهُ فِيهِ الطَّلَاقُ وَإِنَّمَا أَمْسَكَهَا لِتَظْهَرَ فَائِدَةُ الرَّجْعَةِ
........
63
وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْأُصُولِ وَاللُّغَةِ عَلَى أَنَّ الْقُرْءَ يُطْلَقُ فِي اللُّغَةِ عَلَى الْحَيْضِ وَعَلَى الطُّهْرِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْأَقْرَاءِ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَالْمُطَلَّقَا تُ يَتَرَبَّصْنَ بأنفسهن ثلاثة قروء وَفِيمَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَآخَرُونَ هِيَ الْأَطْهَارُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالْأَوْزَاعِي ُّ وَآخَرُونَ هِيَ الْحَيْضُ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ وعلى وبن مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ وزفر واسحاق
<<
75
فى رواية عن بن عَبَّاسٍ قَالَ إِذَا حَرَّمَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فَهِيَ يَمِينٌ يُكَفِّرُهَا وَذَكَرَ مُسْلِمٌ حَدِيثَ عَائِشَةَ فِي سَبَبِ نُزُولِ قَوْلِهِ تَعَالَى لِمَ تُحَرِّمُ مَا أحل الله لك وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَا إِذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ إِنْ نَوَى طَلَاقَهَا كَانَ طَلَاقًا وَإِنْ نَوَى الظِّهَارَ كَانَ ظِهَارًا وَإِنْ نَوَى تَحْرِيمَ عَيْنِهَا بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَلَا ظِهَارٍ لَزِمَهُ بِنَفْسِ اللَّفْظِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ يَمِينًا وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَفِيهِ قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ أَصَحُّهُمَا يَلْزَمُهُ كفارة يمين والثانى أنه لغو لا شئ فيه ولا يترتب عليه شئ مِنَ الْأَحْكَامِ هَذَا مَذْهَبُنَا وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ مَذْهَبًا أَحَدُهَا الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّهُ يَقَعُ بِهِ ثَلَاثُ طَلْقَاتٍ سَوَاءٌ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَا لَكِنْ لَوْ نَوَى أَقَلَّ مِنَ الثَّلَاثِ قُبِلَ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا خَاصَّةً قَالَ وَبِهَذَا الْمَذْهَبِ قَالَ أَيْضًا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَزَيْدٌ وَالْحَسَنُ وَالْحَكَمُ وَالثَّانِي أَنَّهُ يَقَعُ بِهِ ثَلَاثُ طَلْقَاتٍ وَلَا تُقْبَلُ نِيَّتُهُ فِي الْمَدْخُولِ بها ولا غيرها قاله بن أَبِي لَيْلَى وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونِ الْمَالِكِيُّ وَالثَّالِثُ أَنَّهُ يَقَعُ بِهِ عَلَى الْمَدْخُولِ بِهَا ثَلَاثٌ وَعَلَى غَيْرِهَا وَاحِدَةٌ)
......
76
هَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي سَبَبِ تَرْكِ الْعَسَلِ وَفِي كُتُبِ الْفِقْهِ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي تَحْرِيمِ مَارِيَةَ قَالَ الْقَاضِي اخْتُلِفَ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا فَقَالَتْ عَائِشَةُ فِي قِصَّةِ الْعَسَلِ وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي تَحْرِيمِ مَارِيَةَ جَارِيَتِهِ وَحَلِفِهِ أَنْ لَا يَطَأَهَا قَالَ وَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِمَنْ أَوْجَبَ بِالتَّحْرِيمِ كَفَّارَةً مُحْتَجًّا بِقَوْلِهِ تَعَالَى قَدْ فَرَضَ الله لكم تحلة أيمانكم لِمَا رُوِي أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَاللَّهِ لَا أَطَأُهَا ثُمَّ قَالَ هِيَ عَلَيَّ حَرَامٌ وَرُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ مِنْ حَلِفِهِ على شربه العسل وتحريمه ذكره بن الْمُنْذِرِ وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ لَنْ أَعُودَ لَهُ وقد حلفت أن لا تخبره بِذَلِكَ أَحَدًا وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شُرْبِ الْعَسَلِ لَنْ أَعُودَ إِلَيْهِ أَبَدًا وَلَمْ يَذْكُرْ يَمِينًا لَكِنْ قوله تعالى قَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فِي التَّحْرِيمِ كَفَّارَةَ يَمِينٍ وَهَكَذَا يُقَدِّرُهُ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَمُوَافِقُوهُم ْ
......
77
أَنَّ الَّتِي شَرِبَ عِنْدهَا الْعَسَلَ زَيْنَبُ وَأَنَّ الْمُتَظَاهِرَت َيْنِ عَلَيْهِ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ وَكَذَلِكَ ثَبَتَ فى حديث عمر بن الخطاب وبن عَبَّاسٍ أَنَّ الْمُتَظَاهِرَت َيْنِ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ وَذَكَرَ مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ أَنَّ حَفْصَةَ هِيَ الَّتِي شَرِبَ الْعَسَلَ عِنْدَهَا وَأَنَّ عَائِشَةَ وَسَوْدَةَ وَصْفِيَّةَ مِنَ اللَّوَاتِي تَظَاهَرْنَ عليه وقال وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ قَالَ النَّسَائِيُّ إِسْنَادُ حَدِيثِ حَجَّاجٍ صَحِيحٌ جَيِّدٌ غَايَةٌ وَقَالَ الْأَصِيلِيُّ حَدِيثُ حَجَّاجٍ أَصَحُّ وَهُوَ أَوْلَى بِظَاهِرِ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَكْمَلُ فَائِدَةً يُرِيدُ قَوْلَهُ تَعَالَى وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَهُمَا اثْنَتَانِ لَا ثَلَاثٌ وَأَنَّهُمَا عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ كَمَا قَالَ فِيهِ وَكَمَا اعْتَرَفَ بِهِ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَدِ انْقَلَبَتِ الْأَسْمَاءُ على الرواى فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى كَمَا أَنَّ الصَّحِيحَ فِي سَبَبِ نُزُولِ الْآيَةِ أَنَّهَا فِي قِصَّةِ الْعَسَلِ لا في قصة مارية المروى فِي غَيْرِ الصَّحِيحَيْنِ وَلَمْ تَأْتِ قِصَّةُ مَارِيَةَ مِنْ طَرِيقٍ صَحِيحٍ قَالَ النَّسَائِيُّ إِسْنَادُ حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي الْعَسَلِ جَيِّدٌ صَحِيحٌ غَايَةٌ هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْقَاضِي ثُمَّ قَالَ الْقَاضِي بَعْدَ هَذَا الصَّوَابُ أَنَّ شُرْبَ الْعَسَلِ كَانَ عِنْدَ زَيْنَبَ قَوْلُهُ تَعَالَى
....
80
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلَتْ لَهُمْ طَيِّبَاتُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هَذَا مِمَّا يَحْتَجُّ بِهِ مَنْ يُفَضِّلُ الْفَقْرَ عَلَى الْغِنَى لِمَا فِي مَفْهُومِهِ أَنَّ بِمِقْدَارِ مَا يَتَعَجَّلُ مِنْ طَيِّبَاتِ الدُّنْيَا يَفُوتُهُ مِنَ الْآخِرَةِ مِمَّا كَانَ مُدَّخَرًا لَهُ لَوْ لَمْ يَتَعَجَّلْهُ قَالَ وَقَدْ
يَتَأَوَّلُهُ الْآخَرُونَ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ حَظَّ الْكُفَّارِ هُوَ مَا نَالُوهُ مِنْ نَعِيمِ الدُّنْيَا وَلَا حَظَّ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
......
95
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُطَلَّقَةِ الْبَائِنِ الحائل هل لها النفقة والسكنى أم لَا فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَأَبُو حَنِيفَةَ وآخرون لها السكنى والنفقة وقال بن عَبَّاسٍ وَأَحْمَدُ لَا سُكْنَى لَهَا وَلَا نَفَقَةَ وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَآخَرُونَ تَجِبُ لَهَا السُّكْنَى وَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَاحْتَجَّ مَنْ أَوْجَبَهُمَا جَمِيعًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وجدكم فهذا أمر بالسكنى وَأَمَّا النَّفَقَةُ فَلِأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ عَلَيْهِ وَقَدْ قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا نَدَعُ كِتَابَ رَبِّنَا وَسُنَّةَ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِ امْرَأَةٍ جَهِلَتْ أَوْ نَسِيَتْ قَالَ الْعُلَمَاءُ الَّذِي فِي كِتَابِ رَبِّنَا إِنَّمَا هُوَ إِثْبَاتُ السُّكْنَى قَالَ الدَّارَقُطْنِي ُّ قَوْلُهُ وَسُنَّةَ نَبِيِّنَا هَذِهِ زِيَادَةٌ غَيْرُ مَحْفُوظَةٍ لَمْ يَذْكُرْهَا جَمَاعَةٌ مِنَ الثِّقَاتِ وَاحْتَجَّ مَنْ لَمْ يُوجِبْ نَفَقَةً وَلَا سُكْنَى بِحَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ وَاحْتَجَّ مَنْ أَوْجَبَ السُّكْنَى دُونَ النَّفَقَةِ لِوُجُوبِ السُّكْنَى بِظَاهِرِ قوله تعالى أسكنوهن من حيث سكنتم وَلِعَدَمِ وُجُوبِ النَّفَقَةِ بِحَدِيثِ فَاطِمَةَ مَعَ ظَاهِرِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن
.....
101
ورطب بن طَابٍ نَوْعٌ مِنَ الرُّطَبِ الَّذِي بِالْمَدِينَةِ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ أَنْوَاعَ تَمْرِ الْمَدِينَةِ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ نَوْعًا
......
-
رد: فوائد وفرائد " المنهاج شرح صحيح مسلم ابن الحجاج " للإمام النووي رحمه الله !!!
اليوم : السبت
الموافق : 29/ اكتوبر / 2022
الموافق : 3/ ربيع الثاني / 1444 هجري
تكملة لشرح الإمام النووي على صحيح مسلم
المجلد العاشر
(10/120)
قَالَ الْعُلَمَاءُ وَجُوِّزَ اللِّعَانُ لِحِفْظِ الْأَنْسَابِ وَدَفْعِ الْمَضَرَّةِ عَنِ الْأَزْوَاجِ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى صِحَّةِ اللِّعَانِ فِي الْجُمْلَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي نُزُولِ آيَةِ اللِّعَانِ هَلْ هُوَ بِسَبَبِ عُوَيْمِرٍ الْعَجْلَانِيِّ أَمْ بِسَبَبِ هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ بِسَبَبِ عُوَيْمِرٍ الْعَجْلَانِيِّ وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي الْبَابِ أَوَّلًا لِعُوَيْمِرٍ قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِكَ وَقَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ سَبَبُ نُزُولِهَا قِصَّةُ هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ وَاسْتَدَلُّوا بِالْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ بَعْدَ هَذَا فِي قصة هلال)
قَالَ وَكَانَ أَوَّلَ رَجُلٍ لَاعَنَ فِي الْإِسْلَامِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا فِي كِتَابِهِ الْحَاوِي قَالَ الْأَكْثَرُونَ قِصَّةُ هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ أَسْبَقُ مِنْ قِصَّةِ الْعَجْلَانِيِّ قَالَ وَالنَّقْلُ فِيهِمَا مُشْتَبِهٌ ومختلف وقال بن الصَّبَّاغِ مِنْ أَصْحَابِنَا فِي كِتَابِهِ الشَّامِلِ فِي قِصَّةِ هِلَالٍ تَبَيَّنَ أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِيهِ أَوَّلًا قَالَ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُوَيْمِرٍ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَنْزَلَ فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِكَ فَمَعْنَاهُ مَا نَزَلَ فِي قِصَّةِ هِلَالٍ لِأَنَّ ذَلِكَ حُكْمٌ عَامٌّ لِجَمِيعِ النَّاسِ قُلْتُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِيهِمَا جَمِيعًا فَلَعَلَّهُمَا سَأَلَا فِي وَقْتَيْنِ مُتَقَارِبَيْنِ فَنَزَلَتِ الْآيَةُ فِيهِمَا وَسَبَقَ هِلَالٌ باللِّعَانِ فَيَصْدُقُ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي هَذَا وَفِي ذَاكَ وَأَنَّ هِلَالًا أَوَّلُ مَنْ لَاعَنَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالُوا وَكَانَتْ قِصَّةُ اللِّعَانِ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ تِسْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَمِمَّنْ نقله القاضي عياض عن بن جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ
.......................
122
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَنْ قَتَلَ رَجُلًا وَزَعَمَ أَنَّهُ وَجَدَهُ قَدْ زَنَى بِامْرَأَتِهِ فَقَالَ جُمْهُورُهُمْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بَلْ يَلْزَمُهُ الْقِصَاصُ إِلَّا أَنْ تَقُومَ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ أَوْ يَعْتَرِفُ بِهِ وَرَثَةُ الْقَتِيلِ وَالْبَيِّنَةُ أَرْبَعَةٌ مِنْ عُدُولِ الرِّجَالِ يَشْهَدُونَ عَلَى نَفْسِ الزنى وَيَكُونُ الْقَتِيلُ مُحْصَنًا وَأَمَّا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ كَانَ صَادِقًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَجِبُ عَلَى كُلِّ مَنْ قَتَلَ زَانِيًا مُحْصَنًا الْقِصَاصُ مَا لَمْ يَأْمُرِ السُّلْطَانُ بِقَتْلِهِ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ وَجَاءَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ تَصْدِيقُهُ فِي أَنَّهُ زَنَى بِامْرَأَتِهِ وَقَتَلَهُ بِذَلِكَ
....
136
قال القاضي وقال الأصيلى وبن الْقَصَّارِ وَغَيْرُهُمَا مَنْ أَسْقَطَ السِّعَايَةَ مِنَ الْحَدِيثِ أَوْلَى مِمَّنْ ذَكَرَهَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي الْأَحَادِيثِ الآخر من رواية بن عمر وقال بن عَبْدِ الْبَرِّ الَّذِينَ لَمْ يَذْكُرُوا السِّعَايَةَ أَثْبَتُ مِمَّنْ ذَكَرُوهَا قَالَ غَيْرُهُ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ فَتَارَةً ذَكَرَهَا وَتَارَةً لَمْ يَذْكُرْهَا فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ عِنْدَهُ مِنْ مَتْنِ الْحَدِيثِ كَمَا قَالَ غَيْرُهُ هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَمَعْنَى الِاسْتِسْعَاءِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْعَبْدَ يُكَلَّفُ الِاكْتِسَابَ وَالطَّلَبَ حَتَّى تحصل قِيمَةَ نَصِيبِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ فَإِذَا دَفَعَهَا إِلَيْهِ عُتِقَ هَكَذَا فَسَّرَهُ جُمْهُورُ الْقَائِلِينَ بِالِاسْتِسْعَا ءِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ أَنْ يَخْدُمَ سَيِّدَهُ الَّذِي لَمْ يعتق بقدر ماله فِيهِ مِنَ الرِّقِّ فَعَلَى هَذَا
<<
145
وْلُهَا (فَانْتَهَرَتْه ا فَقَالَتْ لاها الله ذلك) وفي بعض النسخ لا هاء اللَّهِ إِذَا هَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ وَفِي رِوَايَاتِ الْمُحَدِّثِينَ لَاهَاءَ اللَّهِ إِذَا بِمَدِّ قَوْلِهِ هَاءَ وَبِالْأَلِفِ فِي إِذَا قَالَ الْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ هَذَانِ لَحْنَانِ وَصَوَابُهُ لَاهَا اللَّهِ ذَا بِالْقَصْرِ فِي هَا وَحَذْفِ الْأَلِفِ من اذا قالوا وما سواه خطأ قالوا وَمَعْنَاهُ ذَا يَمِينِي وَكَذَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ الصَّوَابَ لَاهَا اللَّهِ ذَا بِحَذْفِ الْأَلِفِ وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ النَّحْوِيُّ وَغَيْرُهُ يَجُوزُ الْقَصْرُ وَالْمَدُّ فِي هَا وَكُلُّهُمْ يُنْكِرُونَ الْأَلِفَ فِي إِذَا وَيَقُولُونَ صَوَابُهُ ذَا قَالُوا وَلَيْسَتِ الْأَلِفُ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِي ُّ جاء في القسم لا هاء اللَّهِ قَالَ وَالْعَرَبُ تَقُولُهُ بِالْهَمْزَةِ وَالْقِيَاسُ تَرْكُهُ قَالَ وَمَعْنَاهُ لَا وَاللَّهِ هَذَا مَا أُقْسِمُ بِهِ فَأَدْخَلَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى بَيْنَ هَا وَذَا وَاسْمُ زَوْجِ بَرِيرَةَ مُغِيثٌ بِضَمِّ الْمِيمِ والله أعلم
<<
.......
10/152
أَنَّ عِتْقَ الْعَبْدِ أَفْضَلُ مِنْ عِتْقِ الْأَمَةِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ أَيُّمَا أَفْضَلُ عتق الاناث أم عتق الذُّكُورِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ الْإِنَاثُ أَفْضَلُ لِأَنَّهَا إِذَا عُتِقَتْ كَانَ وَلَدُهَا حُرًّا سَوَاءٌ تَزَوَّجَهَا حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ وَقَالَ آخَرُونَ عِتْقُ الذُّكُورِ أَفْضَلُ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَلِمَا فِي الذَّكَرِ مِنَ الْمَعَانِي العامة المنفعة التي لا توجد في الإنات مِنَ الشَّهَادَةِ وَالْقَضَاءِ وَالْجِهَادِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَختُصُّ بِالرِّجَالِ إِمَّا شَرْعًا وَإِمَّا عَادَةً وَلِأَنَّ مِنَ الْإِمَاءِ مَنْ لَا تَرْغَبُ فِي الْعِتْقِ وَتَضِيعُ بِهِ بِخِلَافِ الْعَبِيدِ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الصَّحِيحُ
.....
153
مَّا التَّقْيِيدُ في الرَّقَبَةِ بِكَوْنِهَا مُؤْمِنَةً فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا الْفَضْلَ الْخَاصَّ إِنَّمَا هُوَ فِي عِتْقِ الْمُؤْمِنَةِ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُؤْمِنَةِ فَفِيهِ أَيْضًا فَضْلٌ بِلَا خِلَافٍ وَلَكِنْ دُونَ فَضْلِ الْمُؤْمِنَةِ وَلِهَذَا أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي عِتْقِ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ كَوْنُهَا مُؤْمِنَةً وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْأَعْلَى ثَمَنًا أَفْضَلُ وَإِنْ كَانَ كَافِرًا وَخَالَفَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ من أصحابه وغيرهم قال وهذا أصح
.....
-
رد: فوائد وفرائد " المنهاج شرح صحيح مسلم ابن الحجاج " للإمام النووي رحمه الله !!!
اليوم / الجمعة
الموافق : 9/ ربيع الثاني / 1444 هجري
كتاب " البيوع "
...................
177/10
مُنْقِدُ بْنُ عَمْرٍو وَكَانَ قَدْ بَلَغَ مِائَةً وَثَلَاثِينَ سَنَةً وَكَانَ قَدْ شُجَّ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ الْحُصُونِ بِحَجَرٍ فَأَصَابَتْهُ فِي رَأْسِهِ مَأْمُومَةٌ فَتَغَيَّرَ بِهَا لِسَانُهُ وَعَقْلُهُ لَكِنْ لَمْ يَخْرُجْ عَنِ التَّمْيِيزِ وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِي ُّ أَنَّهُ كَانَ ضَرِيرًا وَقَدْ جَاءَ فِي رِوَايَةٍ لَيْسَتْ بِثَابِتَةٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ لَهُ مَعَ هَذَا الْقَوْلِ الْخِيَارَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي كُلِّ سِلْعَةٍ يَبْتَاعُهَا وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ خَاصًّا فِي حَقِّهِ وَأَنَّ الْمُغَابَنَةَ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَي ْنِ لَازِمَةٌ لَا خِيَارَ لِلْمَغْبُونِ بِسَبَبِهَا سَوَاءٌ قَلَّتْ أَمْ كَثُرَتْ وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَآخَرِينَ وَهِيَ أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْن ِ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ الْبَغْدَادِيُّ ونَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ لِلْمَغْبُونِ الْخِيَارُ لِهَذَا الْحَدِيثِ بِشَرْطِ أَنْ يَبْلُغَ الْغَبْنُ ثُلُثَ الْقِيمَةِ فَإِنْ كَانَ دُونَهُ فَلَا وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَثْبَتَ لَهُ الْخِيَارَ وَإِنَّمَا قَالَ لَهُ قُلْ لَا خِلَابَةَ أَيْ لَا خَدِيعَةَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ هَذَا ثُبُوتُ الْخِيَارِ وَلِأَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ أَوْ أَثْبَتَ لَهُ الْخِيَارَ كَانَتْ قَضِيَّةَ عَيْنٍ لَا عُمُومَ لَهَا فَلَا يَنْفُذُ مِنْهُ إِلَى غَيْرِهِ إِلَّا بِدَلِيلٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
...........
209
قَالَ الْقَاضِي وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي خَيْبَرَ هَلْ فُتِحَتْ عَنْوَةً أَوْ صُلْحًا أَوْ بِجَلَاءِ أَهْلِهَا عَنْهَا بِغَيْرِ قِتَالٍ أَوْ بَعْضُهَا صُلْحًا وَبَعْضُهَا عَنْوَةً وبعضها جلاء عَنْهُ أَهْلُهُ أَوْ بَعْضُهَا صُلْحًا وَبَعْضُهَا عَنْوَةً قَالَ وَهَذَا أَصَحُّ الْأَقْوَالِ وَهِيَ رِوَايَةُ مَالِكٍ ومن تابعه وبه قال بن عُيَيْنَةَ قَالَ وَفِي كُلِّ قَوْلٍ أَثَرٌ مَرْوِيٌّ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا ظَهَرَ عَلَى خَيْبَرَ أَرَادَ إِخْرَاجَ الْيَهُودِ مِنْهَا وَكَانَتِ الْأَرْضُ حِينَ ظَهَرَ عَلَيْهَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُسْلِمِي نَ وَهَذَا يَدُلُّ لِمَنْ قَالَ عَنْوَةً إِذْ حَقُّ الْمُسْلِمِينَ إِنَّمَا هُوَ فِي الْعَنْوَةِ وَظَاهِرُ قَوْلِ مَنْ قَالَ صُلْحًا أَنَّهُمْ صُولِحُوا عَلَى كَوْنِ الْأَرْضِ لِلْمُسْلِمِينَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
...........
220
قَوْلُهُ (وَحَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا قَالُوا حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ وَحَدَّثَنِي أَخِي) قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْحُفَّاظِ هَذَا أَحَدُ الْأَحَادِيثِ الْمَقْطُوعَةِ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَهِيَ اثْنَا عَشَرَ حَدِيثًا سَبَقَ بَيَانُهَا فِي الْفُصُولِ الْمَذْكُورَةِ فِي مُقَدِّمَةِ هَذَا الشَّرْحِ لأن مسلما لم ينكر مَنْ سَمِعَ مِنْهُ هَذَا الْحَدِيثَ قَالَ الْقَاضِي إِذَا قَالَ الرَّاوِي حَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ أَوْ حَدَّثَنِي الثِّقَةُ أَوْ حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا لَيْسَ هُوَ مِنَ الْمَقْطُوعِ وَلَا مِنَ الْمُرْسَلِ وَلَا مِنَ الْمُعْضِلِ عِنْدَ أَهْلِ هَذَا الْفَنِّ بَلْ هُوَ مِنْ بَابِ الرِّوَايَةِ عَنِ الْمَجْهُولِ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْقَاضِي هُوَ الصَّوَابُ لَكِنْ كَيْفَ كَانَ فَلَا يُحْتَجُّ بِهَذَا الْمَتْنِ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَوْ لَمْ يَثْبُتْ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ وَلَكِنْ قَدْ ثَبَتَ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ فَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ وَلَعَلَّ مُسْلِمًا أَرَادَ بِقَوْلِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ الْبُخَارِيَّ وَغَيْرَهُ وَقَدْ حَدَّثَ مُسْلِمٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ هَذَا مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ فِي كِتَابِ الْحَجِّ وَفِي آخِرِ كِتَابِ الْجِهَادِ وَرَوَى مُسْلِمٌ أَيْضًا عَنْ أَحْمَد بْنِ يُوسُفَ الْأَزْدِيِّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ فِي كِتَابِ اللِّعَانِ وَفِي كِتَابِ الْفَضَائِلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.....
222
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَنِ اشْتَرَى سِلْعَةً فَأَفْلَسَ أَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ ثَمَنَهَا وَلَا وَفَاءَ عِنْدَهُ وَكَانَتِ السِّلْعَةُ بَاقِيَةً بِحَالِهَا فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَطَائِفَةٌ بَائِعُهَا بِالْخِيَارِ إِنْ شاء بركها وَضَارَبَ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِثَمَنِهَا وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ فِيهَا بِعَيْنِهَا فِي صُورَةِ الْإِفْلَاسِ وَالْمَوْتِ وَقَالَ أبو حنيفة لا يجوز له الرجوع فيها بَلْ تَتَعَيَّنُ الْمُضَارَبَةُ وَقَالَ مَالِكٌ يَرْجِعُ فِي صُورَةِ الْإِفْلَاسِ وَيُضَارِبُ فِي الْمَوْتِ وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ مَعَ حَدِيثِهِ فِي الْمَوْتِ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِ وَتَأَوَّلَهَا أَبُو حَنِيفَةَ تَأْوِيلَاتٍ ضَعِيفَةً مَرْدُودَةً وَتَعَلَّقَ بِشَيْءٍ يُرْوَى عَنْ علي وبن مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَلَيْسَ بِثَابِتٍ عَنْهُمَا
......
230
خْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي إِجَارَةِ الْفَحْلِ وَغَيْرِهِ مِنَ الدَّوَابِّ لِلضِّرَابِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو ثَوْرٍ وَآخَرُونَ اسْتِئْجَارُهُ لِذَلِكَ بَاطِلٌ وَحَرَامٌ وَلَا يُسْتَحَقُّ فِيهِ عِوَضٌ وَلَوْ أَنْزَاهُ الْمُسْتَأْجِرُ لَا يَلْزَمُهُ الْمُسَمَّى مِنْ أجره ولا أجرة مثل ولا شئ مِنَ الْأَمْوَالِ قَالُوا لِأَنَّهُ غَرَرٌ مَجْهُولٌ وَغَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَالِكٌ وَآخَرُونَ يَجُوزُ اسْتِئْجَارُهُ لِضِرَابِ مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ أَوْ لِضَرَبَاتٍ مَعْلُومَةٍ لِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إليه وهي مَنْفَعَةٌ مَقْصُودَةٌ وَحَمَلُوا النَّهْيَ عَلَى التَّنْزِيهِ وَالْحَثِّ عَلَى مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ كَمَا حَمَلُوا عَلَيْهِ مَا قَرَنَهُ بِهِ مِنَ النَّهْيِ عَنْ إِجَارَةِ الْأَرْضِ والله أعلم
<<
........
231
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْكَاهِنِ وَالْعَرَّافِ أَنَّ الْكَاهِنَ إِنَّمَا يَتَعَاطَى الْأَخْبَارَ عَنِ الْكَائِنَاتِ فِي مُسْتَقْبَلِ الزَّمَانِ وَيَدَّعِي معرفة الأسرار
والعراف هو الذى يدعى معرفة الشئ الْمَسْرُوقِ وَمَكَانِ الضَّالَّةِ وَنَحْوِهِمَا مِنَ الْأُمُورِ هَكَذَا ذَكَرَهُ الْخَطَّابِيُّ فِي مَعَالِمِ السُّنَنِ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ ثُمَّ ذَكَرَهُ فِي آخِرِ الْكِتَابِ أَبْسَطَ مِنْ هَذَا فَقَالَ إِنَّ الْكَاهِنَ هُوَ الَّذِي يَدَّعِي مُطَالَعَةَ عِلْمِ الْغَيْبِ وَيُخْبِرُ النَّاسَ عَنِ الْكَوَائِنِ قَالَ وَكَانَ فِي الْعَرَبِ كَهَنَةٌ يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ كَثِيرًا مِنَ الْأُمُورِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّ لَهُ رُفَقَاءَ مِنَ الْجِنِّ وَتَابِعَةٌ تُلْقِي إِلَيْهِ الْأَخْبَارَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَدَّعِي أَنَّهُ يَسْتَدِرْكُ الْأُمُورَ بِفَهْمٍ أُعْطِيَهُ وَكَانَ مِنْهُمْ مَنْ يُسَمَّى عَرَّافًا وَهُوَ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ يَعْرِفُ الْأُمُورَ بِمُقَدِّمَاتِ أَسْبَابٍ يَسْتَدِلُّ بِهَا عَلَى مواقعها كالشئ يُسْرَقُ فَيَعْرِفُ الْمَظْنُونَ بِهِ السَّرِقَةُ وَتُتَّهَمُ الْمَرْأَةُ بِالرِّيبَةِ فَيَعْرِفُ مَنْ صَاحِبُهَا وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يُسَمِّي الْمُنَجِّمَ كَاهِنًا قَالَ وَحَدِيثُ النَّهْيِ عَنْ إِتْيَانِ الْكُهَّانِ يَشْتَمِلُ عَلَى النَّهْيِ عَنْ هَؤُلَاءِ كُلِّهِمْ وَعَلَى النَّهْيِ عَنْ تَصْدِيقِهِمْ وَالرُّجُوعِ إِلَى قَوْلِهِمْ وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَدْعُو الطَّبِيبَ كَاهِنًا وَرُبَّمَا سَمَّوْهُ عَرَّافًا فَهَذَا غَيْرُ دَاخِلٍ فِي النَّهْيِ هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْخَطَّابِيِّ
-
رد: فوائد وفرائد " المنهاج شرح صحيح مسلم ابن الحجاج " للإمام النووي رحمه الله !!!
اليوم : السبت
الموافق : 24/ ربيع الثاني / 1444 هجري
الموافق : 19/ نوفمبر / 2022 ميلادي
10/235
أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى قتل الكلب الكلب والكلب العقور واختلفوا في قتل مالا ضَرَرَ فِيهِ فَقَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ مِنْ أَصْحَابِنَا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلًا بِقَتْلِهَا كُلِّهَا ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ وَنُهِيَ عَنْ قَتْلِهَا إِلَّا الْأَسْوَدَ الْبَهِيمَ ثُمَّ اسْتَقَرَّ الشَّرْعُ عَلَى النَّهْيِ عَنْ قَتْلِ جَمِيعِ الْكِلَابِ الَّتِي لَا ضَرَرَ فِيهَا سَوَاءٌ الْأَسْوَدُ وَغَيْرُهُ وَيَسْتَدِلُّ لما ذكره بحديث بن الْمُغَفَّلِ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ ذَهَبَ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِلَى الْأَخْذِ بِالْحَدِيثِ فِي قَتْلِ الْكِلَابِ إِلَّا مَا اسْتَثْنَى مِنْ كَلْبِ الصَّيْدِ وَغَيْرِهِ قَالَ وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ قَالَ وَاخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِهَذَا هَلْ كَلْبُ الصَّيْدِ وَنَحْوُهُ مَنْسُوخٌ مِنَ الْعُمُومِ الْأَوَّلِ فِي الْحُكْمِ بِقَتْلِ الْكِلَابِ وَأَنَّ الْقَتْلَ كَانَ عَامًّا فِي الْجَمِيعِ أَمْ كَانَ مَخْصُوصًا بِمَا سِوَى ذَلِكَ قَالَ وَذَهَبَ آخرون إلى جواز اتخاذ جميعها الْبَهِيمَ قَالَ الْقَاضِي وَعِنْدِي أَنَّ النَّهْيَ أَوَّلًا كَانَ نَهْيًا عَامًّا عَنِ اقْتِنَاءِ جَمِيعِهَا وَأَمَرَ بِقَتْلِ جَمِيعِهَا ثُمَّ نَهَى عَنْ قَتْلِهَا مَا سِوَى الْأَسْوَدِ وَمَنَعَ الِاقْتِنَاءَ فِي جَمِيعِهَا إِلَّا كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ زَرْعٍ أَوْ مَاشِيَةٍ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْقَاضِ
..........
المجلد الحادي عشر
(11/7)
جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ نَوْفَلَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْمَخْزُومِيَّ قَتَلَهُ الْمُسْلِمُونَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فَبَذَلَ الْكُفَّارُ فِي جَسَدِهِ عَشْرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَأْخُذْهَا وَدَفَعَهُ إِلَيْهِمْ وَذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثًا نَحْوَ هَذَا قَالَ أَصْحَابُنَا الْعِلَّةُ فِي مَنْعِ بَيْعِ الْمَيْتَةِ وَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ النَّجَاسَةُ فَيَتَعَدَّى إِلَى كُلِّ نَجَاسَةٍ وَالْعِلَّةُ فِي الْأَصْنَامِ كَوْنُهَا لَيْسَ فِيهَا مَنْفَعَةٌ مُبَاحَةٌ فَإِنْ كَانَتْ بِحَيْثُ إِذَا كُسِرَتْ يُنْتَفَعُ بِرُضَاضِهَا
....
11/29
أَنَّ صَلَاحَ الْجَسَدِ وَفَسَادَهُ تَابِعَانِ لِلْقَلْبِ وَفِي هذا الحديث التأكيد عَلَى السَّعْيِ فِي صَلَاحِ الْقَلْبِ وَحِمَايَتِهِ مِنَ الْفَسَادِ وَاحْتُجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْعَقْلَ فِي الْقَلْبِ لَا فِي الرَّأْسِ وَفِيهِ خِلَافٌ مشهور مذهب أَصْحَابِنَا وَجَمَاهِيرِ الْمُتَكَلِّمِي نَ أَنَّهُ فِي الْقَلْبِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ هُوَ فِي الدِّمَاغِ وَقَدْ يُقَالُ فِي الرَّأْسِ وَحَكَوُا الْأَوَّلَ أَيْضًا عَنِ الْفَلَاسِفَةِ وَالثَّانِي عَنِ الْأَطِبَّاءِ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِأَنَّهُ فِي الْقَلْبِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا وَقَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كان له قلب وَبِهَذَا الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ صَلَاحَ الْجَسَدِ وَفَسَادَهُ تَابِعًا لِلْقَلْبِ مَعَ أَنَّ الدِّمَاغَ مِنْ جُمْلَةِ الْجَسَدِ فَيَكُونُ صَلَاحُهُ وَفَسَادُهُ تَابِعًا لِلْقَلْبِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ مَحِلًّا لِلْعَقْلِ وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِأَنَّهُ فِي الدِّمَاغِ بِأَنَّهُ إِذَا فَسَدَ الدِّمَاغُ فَسَدَ الْعَقْلُ وَيَكُونُ مِنْ فَسَادِ الدِّمَاغِ الصَّرَعُ فِي زَعْمِهِمْ وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَجْرَى الْعَادَةَ بِفَسَادِ الْعَقْلِ عِنْدَ فَسَادِ الدِّمَاغِ مَعَ أَنَّ الْعَقْلَ لَيْسَ فِيهِ وَلَا امْتِنَاعَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ الْمَازِرِيُّ لَا سِيَّمَا عَلَى أُصُولِهِمْ فِي الِاشْتِرَاكِ الَّذِي يَذْكُرُونَهُ بَيْنَ الدِّمَاغِ والقلب وهم يجعلون بين رأس المعدة وَالدِّمَاغِ اشْتِرَاكًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
......
30/11
وْلُهُ (عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَأَهْوَى النُّعْمَانُ بِإِصْبَعَيْهِ إِلَى أُذُنَيْهِ) هَذَا تَصْرِيحٌ بِسَمَاعِ النُّعْمَانِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي قَالَهُ أَهْلُ الْعِرَاقِ وَجَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ قَالَ الْقَاضِي وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ إِنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ لَا يُصِحُّونَ سَمَاعَ النُّعْمَانِ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذِهِ حِكَايَةٌ ضَعِيفَةٌ أَوْ بَاطِلَةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.......
11/35
قدم صرار) هُوَ بِصَادٍ مُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَمَكْسُورَةٍ وَالْكَسْرُ أَفْصَحُ واشهر ولم يذكر الا كثرون غَيْرَهُ قَالَ الْقَاضِي وَهُوَ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِي ِّ وَالْخَطَّابِيِ ّ وغيرهما وعند أكثر شيوخنا صرار بِصَادٍ مُهْمَلَةٍ مَكْسُورَةٍ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ وَهُوَ مَوْضِعٌ قَرِيبٌ مِنَ الْمَدِينَةِ قَالَ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ هِيَ بِئْرٌ قَدِيمَةٌ عَلَى الثَّلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى طَرِيقِ الْعِرَاقِ قَالَ الْقَاضِي وَالْأَشْبَهُ عِنْدِي أَنَّهُ مَوْضِعٌ لَا بِئْرٌ قَالَ وَضَبَطَهُ بَعْضُ الرواة في مسلم وبعضهم في البخاري ضرار بِكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ خَطَأٌ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ فَلَمَّا قَدِمَ صِرَارَ غَيْرَ مَصْرُوفٍ وَالْمَشْهُورُ صَرْفُهُ
.....
36
يُسْتَحَبُّ لِلْقَادِمِ مِنَ السَّفَرِ أَنْ يَبْدَأَ بِالْمَسْجِدِ فَيُصَلِّيَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ وَفِيهِ أَنَّ نَافِلَةَ النَّهَارِ يُسْتَحَبُّ كَوْنُهَا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ كَصَلَاةِ اللَّيْلِ وَهُوَ مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ
....
39
جَوَازُ بَيْعِ عَبْدٍ بِعَبْدَيْنِ سَوَاءٌ كَانَتِ الْقِيمَةُ مُتَّفِقَةً أَوْ مُخْتَلِفَةً وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ إِذَا بِيعَ نَقْدًا وَكَذَا حُكْمُ سَائِرِ الْحَيَوَانِ فَإِنْ بَاعَ عَبْدًا بِعَبْدَيْنِ أَوْ بَعِيرًا بِبَعِيرَيْنِ إِلَى أَجَلٍ فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ جَوَازُهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالْكُوفِيُّون َ لَا يَجُوزُ وَفِيهِ مَذَاهِبُ لِغَيْرِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ)
......
-
رد: فوائد وفرائد " المنهاج شرح صحيح مسلم ابن الحجاج " للإمام النووي رحمه الله !!!
اليوم : الأحد
الموافق : 3/ جمادى الأول / 1444 هجري
الموافق 27/ نوفمبر / 2022 ميلادي
تكملة لشرح الإمام النووي رحمه الله
11/85
الجزء الحادي عشر
85
ذَا مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ فَالصَّحِيحُ أَنَّ الْوَلِيَّ يَصُومُ عَنْهُ وَسَبَقَتِ الْمَسْأَلَةُ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ وَأَمَّا قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَجَعْلُ ثَوَابِهَا لِلْمَيِّتِ وَالصَّلَاةُ عَنْهُ وَنَحْوُهُمَا فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ أَنَّهَا لَا تَلْحَقُ الْمَيِّتَ وَفِيهَا خِلَافٌ وَسَبَقَ إِيضَاحُهُ فِي أَوَّلِ هَذَا الشَّرْحِ في شرح مقدمة صحيح مسلم)
......
85
اسْمُ هَذَا الْمَالِ الَّذِي وَقَفَهُ عُمَرُ ثَمْغٌ بِثَاءٍ مُثَلَّثَةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ مِيمٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ غَيْنٍ مُعْجَمَةٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ غَيْرَ مُتَأَثِّلٍ فَمَعْنَاهُ غَيْرُ جَامِعٍ وَكُلُّ شَيْءٍ لَهُ أَصْلٌ قَدِيمٌ أَوْ جُمِعَ حَتَّى يَصِيرَ لَهُ أَصْلٌ فَهُوَ مُؤَثَّلٌ وَمِنْهُ مَجْدٌ مُؤَثَّلٌ أَيْ قَدِيمٌ وَأَثْلَةُ الشَّيْءِ أَصْلُهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ أَصْلِ الْوَقْفِ وَأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِشَوَائِبِ الْجَاهِلِيَّةِ وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجَمَاهِيرِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا إِجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى صِحَّةِ وَقْفِ الْمَسَاجِدِ وَالسِّقَايَاتِ وَفِيهِ أَنَّ الوقف لا يباع ولا يوهب ولا يورث إنما يتبع فيه شرط الواقف وفيه صحة شروط الواقف وَفِيهِ فَضِيلَةُ الْوَقْفِ وَهِيَ الصَّدَقَةُ الْجَارِيَةُ وَفِيهِ فَضِيلَةُ الْإِنْفَاقِ مِمَّا يُحِبُّ وَفِيهِ فَضِيلَةٌ ظَاهِرَةٌ لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَفِيهِ مُشَاوَرَةُ أَهْلِ الْفَضْلِ وَالصَّلَاحِ فِي الْأُمُورِ وَطُرُقِ الْخَيْرِ وَفِيهِ أَنَّ خَيْبَرَ فُتِحَتْ)
......
90
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْكِتَابِ الَّذِي هَمَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ فَقِيلَ أَرَادَ أَنْ يَنُصَّ عَلَى الْخِلَافَةِ فِي إِنْسَانٍ مُعَيَّنٍ لِئَلَّا يَقَعَ نِزَاعٌ وَفِتَنٌ وَقِيلَ أَرَادَ كِتَابًا يُبَيِّنُ فِيهِ مُهِمَّاتِ الْأَحْكَامِ مُلَخَّصَةً لِيَرْتَفِعَ النِّزَاعُ فِيهَا وَيَحْصُلَ الِاتِّفَاقُ عَلَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَمَّ بِالْكِتَابِ حِينَ ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ مَصْلَحَةٌ أَوْ أُوحِيَ إِلَيْهِ بِذَلِكَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الْمَصْلَحَةَ تَرْكُهُ أَوْ أُوحِيَ إِلَيْهِ بِذَلِكَ وَنُسِخَ ذَلِكَ الْأَمْرُ الْأَوَّلُ وَأَمَّا كَلَامُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَدِ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ الْمُتَكَلِّمُو نَ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّهُ مِنْ دَلَائِلِ فِقْهِ عُمَرَ وَفَضَائِلِهِ وَدَقِيقِ نَظَرِهِ لِأَنَّهُ خَشِيَ أَنْ يَكْتُبَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمُورًا رُبَّمَا عَجَزُوا عَنْهَا وَاسْتَحَقُّوا الْعُقُوبَةَ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا مَنْصُوصَةٌ لَا مَجَالَ لِلِاجْتِهَادِ فِيهَا فَقَالَ عُمَرُ حَسْبُنَا كِتَابُ اللَّهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى مَا فَرَّطْنَا في الكتاب من شيء وقوله اليوم أكملت لكم دينكم فَعَلِمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَكْمَلَ دِينَهُ فَأَمِنَ الضَّلَالَ عَلَى الْأُمَّةِ وَأَرَادَ التَّرْفِيهَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ عُمَرُ أفقه من بن عَبَّاسٍ وَمُوَافِقِيهِ قَالَ الْإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِهِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ إِنَّمَا قَصَدَ عُمَرُ التَّخْفِيفَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ غَلَبَهُ الْوَجَعُ وَلَوْ كَانَ مُرَادُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يكتب مالا يَسْتَغْنُونَ عَنْهُ لَمْ يَتْرُكْهُ لِاخْتِلَافِهِم ْ وَلَا لِغَيْرِهِ لقوله تعالى بلغ ما أنزل إليك كَمَا لَمْ يَتْرُكْ تَبْلِيغَ غَيْرِ ذَلِكَ لِمُخَالَفَةِ مَنْ خَالَفَهُ وَمُعَادَاةِ مَنْ عَادَاهُ وَكَمَا أَمَرَ فِي ذَلِكَ الْحَالِ بِإِخْرَاجِ الْيَهُودِ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا ذَكَرَهُ فِي الْحَدِيثِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَقَدْ حَكَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَبْلَهُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ اسْتِخْلَافَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ اعْتِمَادًا عَلَى مَا عَلِمَهُ مِنْ تَقْدِيرِ اللَّهِ
.....
92
الَ الْخَطَّابِيُّ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُ عُمَرَ عَلَى أَنَّهُ تَوَهَّمَ الْغَلَطَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ ظَنَّ بِهِ غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَلِيقُ بِهِ بِحَالٍ لَكِنَّهُ لَمَّا رَأَى مَا غَلَبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْوَجَعِ وَقُرْبِ الْوَفَاةِ مَعَ مَا اعْتَرَاهُ مِنَ الْكَرْبِ خَافَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْقَوْلُ مِمَّا يَقُولُهُ الْمَرِيضُ مِمَّا لَا عَزِيمَةَ لَهُ فِيهِ فَتَجِدُ الْمُنَافِقُونَ بِذَلِكَ سَبِيلًا إِلَى الْكَلَامِ فِي الدِّينِ وَقَدْ كَانَ أَصْحَابُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرَاجِعُونَهُ فِي بَعْضِ الْأُمُورِ قَبْلَ أَنْ يَجْزِمَ فِيهَا بِتَحْتِيمٍ كَمَا رَاجَعُوهُ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي الْخِلَافِ وَفِي كِتَابِ الصُّلْحِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قُرَيْشٍ فَأَمَّا إِذَا أَمَرَ بِالشَّيْءِ أَمْرَ عَزِيمَةٍ فَلَا يُرَاجِعُهُ فِيهِ أَحَدٌ مِنْهُمْ قَالَ وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ عَلَيْهِ الْخَطَأُ فِيمَا لَمْ يَنْزِلْ عَلَيْهِ وَقَدْ أَجْمَعُوا كُلُّهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ قَالَ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى قَدْ رَفَعَ دَرَجَتَهُ فَوْقَ الْخَلْقِ كُلِّهِمْ فَلَمْ يُنَزِّهْهُ عَنْ سِمَاتِ الْحَدَثِ وَالْعَوَارِضِ الْبَشَرِيَّةِ وَقَدْ سَهَى فِي الصَّلَاةِ فَلَا يُنْكَرُ أَنْ يُظَنَّ بِهِ حُدُوثُ بَعْضِ هَذِهِ الْأُمُورِ فِي مَرَضِهِ فَيَتَوَقَّفُ فِي مِثْلِ هَذَا الْحَالِ حَتَّى تَتَبَيَّنَ حَقِيقَتُهُ فَلِهَذِهِ الْمَعَانِي وَشَبَهِهَا رَاجَعَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ اخْتِلَافُ أُمَّتِي رَحْمَةٌ فَاسْتَصْوَبَ عُمَرُ مَا قَالَهُ قَالَ وَقَدِ اعْتَرَضَ عَلَى حَدِيثِ اخْتِلَافُ أُمَّتِي رحمة رجلان أحدهما مغموض عَلَيْهِ فِي دِينِهِ وَهُوَ عَمْرُو بْنُ بَحْرٍ الْجَاحِظُ وَالْآخَرُ مَعْرُوفٌ بِالسُّخْفِ وَالْخَلَاعَةِ وَهُوَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَوْصِلِيُّ فَإِنَّهُ لَمَّا
وَضَعَ كِتَابَهُ فِي الْأَغَانِي وَأَمْكَنَ فِي تِلْكَ الْأَبَاطِيلِ لَمْ يَرْضَ بِمَا تَزَوَّدَ مِنْ إِثْمِهَا حَتَّى صَدَّرَ كِتَابَهُ بِذَمِّ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَزَعَمَ أنهم يروون مالا يَدْرُونَ وَقَالَ هُوَ وَالْجَاحِظُ لَوْ كَانَ الِاخْتِلَافُ رَحْمَةً لَكَانَ الِاتِّفَاقُ عَذَابًا ثُمَّ زَعَمَ أَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ اخْتِلَافُ الْأُمَّةِ رَحْمَةً فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً فَإِذَا اخْتَلَفُوا سَأَلُوهُ فَبَيَّنَ لَهُمْ وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا الِاعْتِرَاضِ الْفَاسِدِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الشَّيْءِ رَحْمَةً أَنْ يَكُونَ ضِدُّهُ عَذَابًا وَلَا يَلْتَزِمُ هَذَا وَيَذْكُرُهُ إِلَّا جَاهِلٌ أَوْ مُتَجَاهِلٌ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه فَسَمَّى اللَّيْلَ رَحْمَةً وَلَمْ يَلْزَمْ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ النَّهَارُ عَذَابًا وَهُوَ ظَاهِرٌ لَا شَكَّ فِيهِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَالِاخْتِلَافُ فِي الدِّينِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ أَحَدُهَا فِي إِثْبَاتِ الصَّانِعِ وَوَحْدَانِيِّت ِهِ وَإِنْكَارُ ذَلِكَ كُفْرٌ وَالثَّانِي فِي صِفَاتِهِ وَمَشِيئَتِهِ وَإِنْكَارُهَا بِدْعَةٌ وَالثَّالِثُ فِي أَحْكَامِ الْفُرُوعِ الْمُحْتَمِلَةِ وُجُوهًا فَهَذَا جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى رَحْمَةً وَكَرَامَةً لِلْعُلَمَاءِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِحَدِيثِ اخْتِلَافُ أُمَّتِي رَحْمَةٌ هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْخَطَّابِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَالَ الْمَازِرِيُّ إِنْ قِيلَ كَيْفَ جَازَ لِلصَّحَابَةِ الِاخْتِلَافُ فِي هَذَا الْكِتَابِ مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ائْتُونِي أَكْتُبُ وَكَيْفَ عَصَوْهُ فِي أَمْرِهِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ الْأَوَامِرَ تُقَارِنُهَا قَرَائِنُ تَنْقُلُهَا مِنَ النَّدْبِ إِلَى الْوُجُوبِ عِنْدَ مَنْ قَالَ أَصْلُهَا لِلنَّدْبِ وَمِنَ الْوُجُوبِ إِلَى النَّدْبِ عِنْدَ مَنْ قَالَ أَصْلُهَا لِلْوُجُوبِ وَتَنْقُلُ القُرائنُ أَيْضًا صِيغَةَ أَفْعَلُ إِلَى الْإِبَاحَةِ وَإِلَى التَّخْيِيرِ وَإِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ ضُرُوبِ الْمَعَانِي فَلَعَلَّهُ ظَهَرَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم من القرائن مادل عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِمْ بَلْ جَعَلَهُ إِلَى اخْتِيَارِهِمْ فَاخْتَلَفَ اخْتِيَارُهُمْ بِحَسَبِ اجْتِهَادِهِمْ وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى رُجُوعِهِمْ إِلَى الِاجْتِهَادِ فِي الشَّرْعِيَّاتِ فَأَدَّى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اجْتِهَادُهُ إِلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ هَذَا وَلَعَلَّهُ اعْتَقَدَ أَنَّ ذَلِكَ صدرمنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ جَازِمٍ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ هَجَرَ وَبِقَوْلِ عُمَرَ غَلَبَ عَلَيْهِ الْوَجَعُ وَمَا قَارَنَهُ مِنَ الْقَرَائِنِ الدَّالَّةِ عَلَى ذَلِكَ عَلَى نَحْوِ مَا يَعْهَدُونَهُ مِنْ أُصُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَبْلِيغِ الشَّرِيعَةِ وَأَنَّهُ يَجْرِي مَجْرَى غَيْرِهِ مِنْ طُرُقِ التَّبْلِيغِ الْمُعْتَادَةِ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
.....
93
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ) قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ الْأَصْمَعِيُّ جَزِيرَةُ الْعَرَبِ مَا بَيْنَ أَقْصَى عَدَنِ الْيَمَنِ إِلَى رِيفِ الْعِرَاقِ فِي الطُّولِ وَأَمَّا فِي الْعَرْضِ فَمِنْ جُدَّةَ وَمَا وَالَاهَا إِلَى أَطْرَافِ الشَّامِ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ هِيَ مَا بَيْنَ حَفَرِ أَبِي مُوسَى إِلَى أَقْصَى الْيَمَنِ فِي الطُّولِ وَأَمَّا فِي الْعَرْضِ فَمَا بَيْنَ رَمْلِ يَرِينَ إِلَى مُنْقَطَعِ السَّمَاوَةِ
قَالُوا وَسُمِّيَتْ جَزِيرَةً لِإِحَاطَةِ الْبِحَارِ بِهَا مِنْ نَوَاحِيهَا وَانْقِطَاعِهَا عَنِ الْمِيَاهِ الْعَظِيمَةِ وَأَصْلُ الْجُزُرِ فِي اللُّغَةِ الْقِطَعُ وَأُضِيفَتْ إِلَى الْعَرَبِ لِأَنَّهَا الْأَرْضُ الَّتِي كَانَتْ بِأَيْدِيهِمْ قَبْلَ الْإِسْلَامِ وَدِيَارُهمُ الَّتِي هِيَ أَوْطَانُهُمْ وَأَوْطَانُ أَسْلَافِهِمْ وَحَكَى الْهَرَوِيُّ عن مالك أن جزيرة العرب هي المجينة وَالصَّحِيحُ الْمَعْرُوفُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهَا مَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ واليمامة وَالْيَمَامَةُ وَالْيَمَنُ وَأَخَذَ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْعُلَمَاءِ فَأَوْجَبُوا إِخْرَاجَ الْكُفَّارِ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَقَالُوا لَا يَجُوزُ تَمْكِينُهُمْ مِنْ سُكْنَاهَا وَلَكِنَّ الشَّافِعِيَّ خَصَّ هَذَا الْحُكْمَ بِبَعْضِ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَهُوَ الْحِجَازُ وَهُوَ عِنْدَهُ مَكَّةُ والمدينة والميامة وَأَعْمَالُهَا دُونَ الْيَمَنِ وَغَيْرِهِ مِمَّا هُوَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ بِدَلِيلٍ آخَرَ مَشْهُورٍ
........
11/98
وَاعْلَمْ أَنَّ مَذْهَبَنَا وَمَذْهَبَ الْجُمْهُورِ أَنَّ الْوَارِثَ لَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ النَّذْرِ الْوَاجِبِ عَلَى الْمَيِّتِ إِذَا كَانَ غَيْرَ مَالِيٍّ وَلَا إِذَا كَانَ مَالِيًّا وَلَمْ يُخَلِّفْ تَرِكَةً لَكِنْ يُسْتَحَبُّ لَهُ ذَلِكَ وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ لِحَدِيثِ سَعْدٍ هَذَا وَدَلِيلُنَا أَنَّ الْوَارِثَ لَمْ يَلْتَزِمْهُ فَلَا يَلْزَمُ وَحَدِيثُ سَعْدٍ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ قَضَاهُ مِنْ تَرِكَتِهَا أَوْ تَبَرَّعَ بِهِ وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ تَصْرِيحٌ بِإِلْزَامِهِ ذلك والله أعلم
..........
101
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةٍ وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ الْعَبْدُ) وَفِي رِوَايَةٍ لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ نَذَرَ مَعْصِيَةً كَشُرْبِ الْخَمْرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَنَذْرُهُ بَاطِلٌ لَا يَنْعَقِدُ وَلَا تَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَلَا غَيْرُهَا وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَدَاوُدُ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَقَالَ أَحْمَدُ تَجِبُ فِيهِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ بِالْحَدِيثِ المروي عن عمر أن بْنِ الْحُصَيْنِ وَعَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِحَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ الْمَذْكُورِ فِي الْكِتَابِ وَأَمَّا حَدِيثُ كَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فَضَعِيفٌ بِاتِّفَاقِ الْمُحْدَثِينَ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ الْعَبْدُ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا أَضَافَ النَّذْرَ إِلَى مُعَيَّنٍ لَا يَمْلِكُهُ بِأَنْ قَالَ إِنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَ عَبْدَ فُلَانٍ أَوْ أَتَصَدَّقَ بِثَوْبِهِ أَوْ بِدَارِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَأَمَّا إِذَا الْتَزَمَ فِي الذِّمَّةِ شَيْئًا لَا يَمْلِكُهُ فَيَصِحُّ نَذْرُهُ مِثَالُهُ قَالَ إِنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ وَهُوَ فِي ذَلِكَ الْحَالِ لَا يَمْلِكُ رَقَبَةً وَلَا قِيمَتَهَا فَيَصِحُّ نَذْرُهُ وَإِنْ شُفِيَ الْمَرِيضُ ثَبَتَ الْعِتْقُ فِي ذِمَّتِهِ
......
105
فَإِنْ قِيلَ الْحَدِيثُ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْلَحَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ فَجَوَابُهُ أَنَّ هذه كلمة تجري على اللسان لا تقصد بِهَا الْيَمِينُ فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ أَقْسَمَ اللَّهُ تعالى بمخلوقاته كقوله تعالى والصافات والذاريات والطور والنجم فَالْجَوَابُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُقْسِمُ بِمَا شَاءَ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ تَنْبِيهًا عَلَى شَرَفِهِ
.......
107
قَالَ الْقَاضِي فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ لِمَذْهَبِ الْجُمْهُورِ أَنَّ الْعَزْمَ عَلَى الْمَعْصِيَةِ إِذَا استقر
ي الْقَلْبِ كَانَ ذَنْبًا يُكْتَبُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْخَاطِرِ الَّذِي لَا يَسْتَقِرُّ فِي الْقَلْبِ وَقَدْ سَبَقَتِ الْمَسْأَلَةُ وَاضِحَةً فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ
.............
110
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَا أَنَا حَمَلْتُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَمَلَكُمْ) تَرْجَمَ الْبُخَارِيُّ لِهَذَا الْحَدِيثِ قَوْلُهُ تَعَالَى وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وما تعملون وَأَرَادَ أَنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ مَخْلُوقَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَهَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَة ِ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى آتَانِي مَا حَمَلْتُكُمْ عَلَيْهِ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عِنْدِي مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ قَالَ الْقَاضِي وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَوْحَيَ إِلَيْهِ أَنْ يَحْمِلَهُمْ أَوْ يَكُونُ المراد دخولهم في عموم مِنْ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْقَسْمِ فِيهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
......
-
رد: فوائد وفرائد " المنهاج شرح صحيح مسلم ابن الحجاج " للإمام النووي رحمه الله !!!
اليوم : الأربعاء
الموافق : 6/ جمادى اول / 1444 هجري
الموافق : 30/ نوفمبر / 2022 ميلادي
تابع / المجلد الحادي عشر من شرح النووي على صحيح مسلم
(كِتَاب الْحُدُودِ
قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ) هَذَا دَلِيلٌ لِجَوَازِ لَعْنِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ مِنَ الْعُصَاةِ لِأَنَّهُ لَعْنٌ لِلْجِنْسِ لَا لِمُعَيَّنٍ وَلَعْنُ الْجِنْسِ جَائِزٌ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ وَأَمَّا الْمُعَيَّنُ فَلَا يَجُوزُ لَعْنُهُ قَالَ الْقَاضِي وأجاز بعضهم لعن المعين مالم يُحَدَّ فَإِذَا حُدَّ لَمْ يَجُزْ لَعْنُهُ فَإِنَّ الْحُدُودَ كَفَّارَاتٌ لِأَهْلِهَا قَالَ الْقَاضِي وَهَذَا التَّأْوِيلُ بَاطِلٌ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِي النَّهْيِ عَنِ اللَّعْنِ فَيَجِبُ حَمْلُ النَّهْيِ عَلَى الْمُعَيَّنِ لِيُجْمَعَ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.....
194
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُحْصَنِ إِذَا أَقَرَّ بالزنى فَشَرَعُوا فِي رَجْمِهِ ثُمَّ هَرَبَ هَلْ يُتْرَكُ أَمْ يُتْبَعُ لِيُقَامَ عَلَيْهِ الْحَدُّ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمَا يُتْرَكُ وَلَا يُتْبَعُ لِكَيْ أَنْ يُقَالَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ رَجَعَ عَنِ الْإِقْرَارِ تُرِكَ وَإِنْ أَعَادَ رُجِمَ وَقَالَ مَالِكٌ فِي رِوَايَةٍ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يُتْبَعُ وَيُرْجَمُ وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ وَمُوَافِقُوهُ بِمَا جَاءَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَلَا تَرَكْتُمُوهُ حَتَّى أَنْظُرَ فِي شَأْنِهِ وَفِي رِوَايَةٍ هَلَّا تَرَكْتُمُوهُ فَلَعَلَّهُ يَتُوبُ فَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِ وَاحْتَجَّ الْآخَرُونَ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُلْزِمْهُمْ
......
200
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَعُوقِبَ بِهِ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَتُهُ وَلَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى سُقُوطِ إِثْمِ الْمَعَاصِي الْكَبَائِرِ بِالتَّوْبَةِ وَهُوَ بِإِجْمَاعِ المسلمين إلا ما قدمناه عن بن عَبَّاسٍ فِي تَوْبَةِ الْقَاتِلِ خَاصَّةً وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَإِنْ قِيلَ فَمَا بَالُ مَاعِزٍ وَالْغَامِدِيَّ ةِ لَمْ يَقْنَعَا بِالتَّوْبَةِ وَهِيَ مُحَصِّلَةٌ لِغَرَضِهِمَا وَهُوَ سُقُوطُ الْإِثْمِ بَلْ أَصَرَّا عَلَى الْإِقْرَارِ وَاخْتَارَا الرَّجْمَ فَالْجَوَابُ أَنَّ تَحْصِيلَ الْبَرَاءَةِ بِالْحُدُودِ وَسُقُوطِ الْإِثْمِ مُتَيَقَّنٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ لَا سِيَّمَا وَإِقَامَةُ الْحَدِّ بِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا التَّوْبَةُ فَيُخَافُ أَنْ لَا تَكُونَ نَصُوحًا وَأَنْ يُخِلَّ بِشَيْءٍ مِنْ شُرُوطِهَا فَتَبْقَى الْمَعْصِيَةُ وَإِثْمُهَا دَائِمًا عَلَيْهِ فَأَرَادَا حُصُولَ الْبَرَاءَةِ بِطَرِيقٍ مُتَيَقَّنٍ دُونَ مَا يَتَطَرَّقُ إِلَيْهِ احْتِمَالٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.......
204
قَالَ الْقَاضِي وَلَمْ يَذْكُرْ مُسْلِمٌ صَلَاتَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَاعِزٍ وَقَدْ ذَكَرَهَا الْبُخَارِيُّ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَرْجُومِ فَكَرِهَهَا مَالِكٌ وَأَحْمَدُ لِلْإِمَامِ وَلِأَهْلِ الْفَضْلِ دُونَ بَاقِي النَّاسِ وَيُصَلِّي عَلَيْهِ غَيْرُ الْإِمَامِ وَأَهْلِ الْفَضْلِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَآخَرُونَ يُصَلِّي عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَأَهْلُ الْفَضْلِ وَغَيْرُهُمْ وَالْخِلَافُ بَيْنَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ إِنَّمَا هُوَ فِي الْإِمَامِ وَأَهْلِ الْفَضْلِ وَأَمَّا غَيْرُهُمْ فَاتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ يُصَلِّي وَبِهِ قَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ قَالُوا فَيُصَلَّى عَلَى الْفُسَّاقِ وَالْمَقْتُولِي نَ فِي الْحُدُودِ وَالْمُحَارَبَة ِ وَغَيْرِهِمْ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ لَا يُصَلِّي أَحَدٌ عَلَى الْمَرْجُومِ وَقَاتِلِ نَفْسِهِ وقال قتادة لا يصلي على ولد الزنى وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَفِيهِ دَلَالَةٌ لِلشَّافِعِيِّ أَنَّ الْإِمَامَ وَأَهْلَ الْفَضْلِ يُصَلُّونَ عَلَى الْمَرْجُومِ كَمَا يُصَلِّي عَلَيْهِ غَيْرُهُمْ وَأَجَابَ أَصْحَابُ مَالِكٍ عَنْهُ بِجَوَابَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُمْ ضَعَّفُوا رِوَايَةَ الصَّلَاةِ لِكَوْنِ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ لَمْ يَذْكُرُوهَا وَالثَّانِي تَأَوَّلُوهَا عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بالصلاة أو دعا فسمى صلاة على مقتضاها في اللغة وهذان الجوابان فاسدان أما الأول فإن هذه الزيادة ثابتة فِي الصَّحِيحِ وَزِيَادَةُ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ وَأَمَّا الثَّانِي فَهَذَا التَّأْوِيلُ مَرْدُودٌ لِأَنَّ التَّأْوِيلَ إِنَّمَا يُصَارُ إليه إذا اضطربت الْأَدِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ إِلَى ارْتِكَابِهِ وَلَيْسَ هُنَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَوَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَ
.......
217
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي قَدْرِ حَدِّ الْخَمْرِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ وَآخَرُونَ حَدُّهُ أَرْبَعُونَ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلِلْإِمَامِ أَنْ يَبْلُغَ بِهِ ثَمَانِينَ وَتَكُونُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْأَرْبَعِينَ تَعْزِيرَاتٍ عَلَى تَسَبُّبِهِ فِي إِزَالَةِ عَقْلِهِ وَفِي تَعَرُّضِهِ لِلْقَذْفِ وَالْقَتْلِ وَأَنْوَاعِ الْإِيذَاءِ وَتَرْكِ الصَّلَاةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَنَقَلَ الْقَاضِي عَنِ الْجُمْهُورِ مِنَ السَّلَفِ وَالْفُقَهَاءِ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْأَوْزَاعِي ُّ وَالثَّوْرِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُمْ قَالُوا حَدُّهُ ثَمَانُونَ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهُ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ وَأَنَّ فِعْلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ لِلتَّحْدِيدِ وَلِهَذَا قَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى نَحْوَ أَرْبَعِينَ وَحُجَّةُ الشَّافِعِيِّ وَمُوَافِقِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا جَلَدَ أَرْبَعِينَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ في الرواية الثانية وأما زيادة عمر فهي تعزيرات وَالتَّعْزِيرُ إِلَى رَأْيِ الْإِمَامِ إِنْ شَاءَ فَعَلَهُ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ فِي فِعْلِهِ وَتَرْكِهِ فَرَآهُ عُمَرُ فَفَعَلَهُ وَلَمْ يَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَبُو بَكْرٍ وَلَا عَلِيٌّ فَتَرَكُوهُ وَهَكَذَا يَقُولُ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنَّ الزِّيَادَةَ إِلَى رَأْيِ الْإِمَامِ وَأَمَّا الْأَرْبَعُونَ فَهِيَ الْحَدُّ الْمُقَدَّرُ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ وَلَوْ كَانَتِ الزِّيَادَةُ حَدًّا لَمْ يَتْرُكْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلَمْ يَتْرُكْهَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَعْدَ فِعْلِ عُمَرَ وَلِهَذَا قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكُلٌّ سُنَّةٌ معناه الاقتصار
على الأربعين وبلوغ الثَّمَانِينَ فَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هُوَ الظَّاهِرُ الَّذِي تَقْتَضِيهِ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ ولا يشكل شئ مِنْهَا ثُمَّ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ هُوَ حَدُّ الْحُرِّ فَأَمَّا الْعَبْدُ فَعَلَى النِّصْفِ مِنَ الْحُرِّ كما في الزنى وَالْقَذْفِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ الشَّارِبَ يُحَدُّ سَوَاءٌ سَكِرَ أَمْ لَا وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَنْ شَرِبَ النَّبِيذَ وَهُوَ مَا سِوَى عَصِيرِ الْعِنَبِ مِنَ الْأَنْبِذَةِ الْمُسْكِرَةِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى وَجَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ هُوَ حَرَامٌ يُجْلَدُ فِيهِ كَجَلْدِ شَارِبِ الْخَمْرِ الَّذِي هُوَ عَصِيرُ الْعِنَبِ سَوَاءٌ كَانَ يَعْتَقِدُ إِبَاحَتَهُ أَوْ تَحْرِيمَهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالْكُوفِيُّون َ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَحْرُمُ وَلَا يُحَدُّ شَارِبُهُ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ هُوَ حَرَامٌ يُجْلَدُ بِشُرْبِهِ مَنْ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ دُونَ مَنْ يَعْتَقِدُ إِبَاحَتَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.....
220
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ الْمَعْرُوفُ مِنْ مَذْهَبِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْجَلْدُ فِي الخمر ثمانين وَمِنْهُ قَوْلُهُ فِي قَلِيلِ الْخَمْرِ وَكَثِيرِهَا ثَمَانُونَ جَلْدَةً وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ جَلَدَ الْمَعْرُوفَ بِالنَّجَاشِيِّ ثَمَانِينَ قَالَ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هُوَ الَّذِي أَشَارَ عَلَى عُمَرَ بِإِقَامَةِ الْحَدِّ ثَمَانِينَ كَمَا سَبَقَ عَنْ رِوَايَةِ الْمُوَطَّأِ وَغَيْرِهِ قَالَ وَهَذَا كُلُّهُ يُرَجِّحُ رِوَايَةَ مَنْ رَوَى أَنَّهُ جَلَدَ الْوَلِيدَ ثَمَانِينَ قَالَ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ الْأَرْبَعِينَ بِمَا رُوِيَ أَنَّهُ جَلَدَهُ بِسَوْطٍ لَهُ رَأْسَانِ فَضَرَبَهُ بِرَأْسِهِ أَرْبَعِينَ فَتَكُونُ جُمْلَتُهَا ثَمَانِينَ قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ وَهَذَا أَحَبُّ إلى عائد إلى الثمانين إلى فَعَلَهَا عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَهَذَا كَلَامُ الْقَاضِي
......
225
قَالَ الْقَاضِي أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ جِنَايَةَ الْبَهَائِمِ بِالنَّهَارِ لَا ضَمَانَ فِيهَا إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا أَحَدٌ فَإِنْ كَانَ مَعَهَا رَاكِبٌ أَوْ سَائِقٌ أَوْ قَائِدٌ فَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى ضَمَانِ مَا أَتْلَفَتْهُ وَقَالَ دَاوُدُ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ لَا ضَمَانَ بِكُلِّ حَالٍ إِلَّا أَنْ يَحْمِلَهَا الَّذِي هُوَ مَعَهَا عَلَى ذَلِكَ أَوْ يَقْصِدَهُ وَجُمْهُورُهُمْ عَلَى أَنَّ الضَّارِيَةَ مِنَ الدَّوَابِّ كَغَيْرِهَا عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ وَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ يَضْمَنُ مَالِكُهَا مَا أَتْلَفَتْ وَكَذَا قَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ يَضْمَنُ إِذَا كَانَتْ مَعْرُوفَةً بِالْإِفْسَادِ لِأَنَّ عَلَيْهِ رَبْطُهَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَأَمَّا إِذَا أَتْلَفَتْ لَيْلًا فَقَالَ مَالِكٌ يَضْمَنُ صَاحِبُهَا مَا أَتْلَفَتْهُ)
,,,,,,,,,
انتهى المجلد الحادي عشر ويليه المجلد الثاني عشر
كتاب " الأقضية "
-
رد: فوائد وفرائد " المنهاج شرح صحيح مسلم ابن الحجاج " للإمام النووي رحمه الله !!!
اليوم : السبت
الموافق 10/ ديسمبر / 2022
الموافق / 16/ جمادى اول / 1444 هجري
12/100
يُقَالُ هِرْقِلُ بِكَسْرِ الْهَاءِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَكَسْرِ الْقَافِ حَكَاهُ الْجَوْهَرِيُّ فِي صِحَاحِهِ وَهُوَ اسْمُ علم له ولقبه قصير وَكَذَا كُلُّ مَنْ مَلَكَ الرُّومَ يُقَالُ لَهُ قصير
.....
12/109
الْإِرِّيسِينَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الراء وبيان وَاحِدَةٍ بَعْدَ السِّينِ وَوَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ فِي مُسْلِمٍ وَفِي أَوَّلِ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ إِثْمَ الْيَرِيسِيِّين َ بِيَاءٍ مَفْتُوحَةٍ فِي أَوَّلِهِ وَبِيَاءَيْنِ بَعْدَ السِّينِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُرَادِ بِهِمْ عَلَى أَقْوَالٍ أَصَحُّهَا وَأَشْهَرُهَا أَنَّهُمُ الْأَكَّارُونَ أَيِ الْفَلَّاحُونَ وَالزَّرَّاعُون َ وَمَعْنَاهُ أَنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ رَعَايَاكَ الَّذِينَ يَتْبَعُونَكَ وَيَنْقَادُونَ بِانْقِيَادِكَ وَنَبَّهَ بِهَؤُلَاءِ عَلَى جَمِيعِ الرَّعَايَا لِأَنَّهُمُ الْأَغْلَبُ وَلِأَنَّهُمْ أَسْرَعُ انْقِيَادًا فَإِذَا أَسْلَمَ أَسْلَمُوا وَإِذَا امْتَنَعَ امْتَنَعُوا وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الصَّحِيحُ وَقَدْ جَاءَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي رِوَايَةٍ رُوِّينَاهَا فِي كِتَابِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ لِلْبَيْهَقِيِّ وَفِي غَيْرِهِ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الْأَكَّارِينَ وَفِي رِوَايَةٍ ذَكَرَهَا أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ وَإِلَّا فَلَا يَحُلْ بَيْنَ الْفَلَّاحِينَ وَبَيْنَ الْإِسْلَامِ وَفِي رواية بن وَهْبٍ وَإِثْمُهُمْ عَلَيْكَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْفَلَّاحِين َ الزَّرَّاعِينَ خَاصَّةً بَلِ الْمُرَادُ بِهِمْ جَمِيعُ أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ الثَّانِي أَنَّهُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَهُمْ أَتْبَاعُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَرِيسٍ الَّذِي تُنْسَبُ إِلَيْهِ الْأَرُوسِيَّةُ مِنَ النَّصَارَى وَلَهُمْ مَقَالَةٌ فِي كُتُبِ الْمَقَالَاتِ وَيُقَالُ لَهُمْ الْأَرُوسِيَّون َ الثَّالِثُ أَنَّهُمُ الْمُلُوكُ الَّذِينَ
يَقُودُونَ النَّاسَ إِلَى الْمَذَاهِبِ الْفَاسِدَةِ وَيَأْمُرُونَهُ مْ بِهَا
.....
113
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (سَلَامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى) هَذَا دَلِيلٌ لِمَنْ يَقُولُ لَا يُبْتَدَأُ الْكَافِرُ بِالسَّلَامِ وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَجُمْهُورِ أَصْحَابِهِ وَأَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَبْتَدِئَ كَافِرًا بِالسَّلَامِ وَأَجَازَهُ كَثِيرُونَ مِنَ السَّلَفِ وَهَذَا مَرْدُودٌ بِالْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِي النَّهْيِ
......
113
قوله بن أَبِي كَبْشَةَ فَقِيلَ هُوَ رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ كَانَ يَعْبُدُ الشِّعْرَى وَلَمْ يُوَافِقْهُ أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ فِي عِبَادَتِهَا فَشَبَّهُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ لِمُخَالَفَتِهِ إِيَّاهُمْ فِي دِينِهِمْ كَمَا خَالَفَهُمْ أَبُو كَبْشَةَ رُوِّينَا عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ فِي كِتَابِ الْأَنْسَابِ قَالَ لَيْسَ مُرَادُهُمْ بِذَلِكَ عَيْبَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَرَادُوا بِذَلِكَ مُجَرَّدَ التَّشْبِيهِ وَقِيلَ إِنَّ أَبَا كَبْشَةَ جَدُّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم من قبل أمه قال بن قُتَيْبَةَ وَكَثِيرُونَ وَقِيلَ هُوَ أَبُوهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَهُوَ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى السَّعْدِيُّ حَكَاهُ بن بَطَّالٍ وَآخَرُونَ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ قَالَ أَبُو الحسن الجرجاني التشابه إنما قالوا بن أَبِي كَبْشَةَ عَدَاوَةً لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَسَبُوهُ إِلَى نَسَبٍ لَهُ غَيْرِ نَسَبِهِ الْمَشْهُورِ إِذْ لَمْ يُمْكِنُهُمُ الطَّعْنُ فِي نَسَبِهِ الْمَعْلُومِ الْمَشْهُورِ قَالَ وَقَدْ كَانَ وَهْبُ بْنُ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ جَدُّهُ أَبُو آمِنَةَ يُكَنَّى أَبَا كَبْشَةَ وَكَذَلِكَ عَمْرُو بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسَدٍ الْأَنْصَارِيُّ النَّجَّارِيُّ أَبُو سَلْمَى أُمِّ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ كَانَ يُدْعَى أَبَا كَبْشَةَ قَالَ وَكَانَ فِي أَجْدَادِهِ أَيْضًا مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ أَبُو كَبْشَةَ وَهُوَ أَبُو قَبِيلَةِ أُمِّ وَهْبِ بن عبد مناف أبو آمِنَةَ أُمِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ خُزَاعِيٌّ وَهُوَ الَّذِي كَانَ يَعْبُدُ الشِّعْرَى وَكَانَ أَبُوهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ يُدْعَى أَبَا كَبْشَةَ وَهُوَ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى السَّعْدِيُّ قَالَ الْقَاضِي وَقَالَ مِثْلَ هَذَا كُلِّهِ مُحَمَّدُ بْنُ حبيب
البغدادي وزاد بن مَاكُولَا فَقَالَ وَقِيلَ أَبُو كَبْشَةَ عَمُّ وَالِدِ حَلِيمَةَ مُرْضِعَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
.......
111
نُو الْأَصْفَرِ هم الروم قال بن الْأَنْبَارِيِّ سُمُّوا بِهِ لِأَنَّ جَيْشًا مِنَ الْحَبَشَةِ غَلَبَ عَلَى بِلَادِهِمْ فِي وَقْتٍ فَوَطِئَ نِسَاءَهُمْ فَوَلَدْنَ أَوْلَادًا صُفْرًا مِنْ سَوَادِ الْحَبَشَةِ وَبَيَاضِ الرُّومِ وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَرْبِيُّ نُسِبُوا إِلَى الْأَصْفَرِ بْنِ الرُّومِ بْنِ عِيصُو بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْقَاضِي هَذَا أَشْبَهُ مِنْ قَوْلِ بن الْأَنْبَارِيِّ
.....
113
قَوْلُهُ (وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَغْلَةٍ لَهُ بَيْضَاءَ أَهْدَاهَا لَهُ فَرْوَةُ بْنُ نُفَاثَةَ الْجُذَامِيُّ) أَمَّا قَوْلُهُ بَغْلَةٍ بَيْضَاءَ فَكَذَا قَالَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَرِوَايَةٍ أُخْرَى بَعْدَهَا إِنَّهَا بَغْلَةٌ بَيْضَاءُ وَقَالَ فِي آخِرِ الْبَابِ عَلَى بَغْلَتِهِ الشَّهْبَاءِ وَهِيَ وَاحِدَةٌ قَالَ الْعُلَمَاءُ لَا يُعْرَفُ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَغْلَةٌ سِوَاهَا وَهِيَ الَّتِي يُقَالُ لَهَا دُلْدُلُ
.....
115
ذَكَرَ الْحَازِمِيُّ فِي الْمُؤْتَلِفِ أَنَّ الْعَبَّاسَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ كَانَ يَقِفُ عَلَى سَلْعٍ فَيُنَادِي غِلْمَانَهُ فِي آخِرِ اللَّيْلِ وَهُمْ فِي الْغَابَةِ فَيُسْمِعُهُمْ قَالَ وَبَيْنَ سَلْعٍ والْغَابَةِ ثَمَانِيَةُ أَمْيَالٍ
.......
-
رد: فوائد وفرائد " المنهاج شرح صحيح مسلم ابن الحجاج " للإمام النووي رحمه الله !!!
(13/ 18)
(كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْرَهُ الشِّكَالَ مِنَ الْخَيْلِ) وَفَسَّرَهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ بِأَنْ يَكُونَ فِي رِجْلِهِ الْيُمْنَى بَيَاضٌ وَفِي يَدِهِ الْيُسْرَى أَوْ يَدِهِ الْيُمْنَى وَرِجْلِهِ الْيُسْرَى وَهَذَا التَّفْسِيرُ أَحَدُ الْأَقْوَالِ فِي الشِّكَالِ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَجُمْهُورُ أَهْلِ اللُّغَةِ وَالْغَرِيبِ هُوَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ ثَلَاثُ قَوَائِمَ محجلة وواحدة
مُطْلَقَةً تَشْبِيهًا بِالشِّكَالِ الَّذِي تُشَكَّلُ بِهِ الْخَيْلُ فَإِنَّهُ يَكُونُ فِي ثَلَاثِ قَوَائِمَ غَالِبًا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَقَدْ يَكُونُ الشِّكَالُ ثَلَاثَ قَوَائِمَ مطلقة وواحدة محجلة قال ولاتكون الْمُطْلَقَةُ مِنَ الْأَرْجُلِ أَوِ الْمُحَجَّلَةُ إِلَّا الرِّجْلَ
قَالَ الْعُلَمَاءُ إِنَّمَا كَرِهَهُ لِأَنَّهُ عَلَى صُورَةِ الْمَشْكُولِ وَقِيلَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَدْ جُرِّبَ ذَلِكَ الْجِنْسُ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ نَجَابَةٌ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِذَا كَانَ مَعَ ذَلِكَ أَغَرَّ زَالَتِ الْكَرَاهَةُ لِزَوَالِ شَبَهِ الشِّكَالِ
......
13/24
سَبَبُ تَسْمِيَتِهِ شَهِيدًا فَقَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ لِأَنَّهُ حَيٌّ فَإِنَّ أَرْوَاحَهُمْ شَهِدَتْ وَحَضَرَتْ دَارَ الاسلام وَأَرْوَاحَ غَيْرِهِمْ إِنَّمَا تَشْهَدُهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقَالَ بن الْأَنْبَارِيِّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَمَلَائِكَتَهُ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يَشْهَدُونَ لَهُ بِالْجَنَّةِ وَقِيلَ لِأَنَّهُ شَهِدَ عِنْدَ خُرُوجِ رُوحِهِ مَا أَعَدَّهُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ مِنَ الثَّوَابِ وَالْكَرَامَةِ وَقِيلَ لِأَنَّ مَلَائِكَةَ الرَّحْمَةِ يَشْهَدُونَهُ فَيَأْخُذُونَ رُوحَهُ وَقِيلَ لِأَنَّهُ شُهِدَ لَهُ بِالْإِيمَانِ وَخَاتِمَةِ الْخَيْرِ بِظَاهِرِ حَالِهِ وَقِيلَ لِأَنَّ عَلَيْهِ شَاهِدًا بِكَوْنِهِ شَهِيدًا وَهُوَ الدَّمُ وَقِيلَ لِأَنَّهُ مِمَّنْ يَشْهَدُ عَلَى الْأُمَمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِإِبْلَاغِ الرُّسُلِ الرِّسَالَةَ إِلَيْهِمْ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يُشَارِكُهُمْ غَيْرُهُمْ فِي هَذَا الْوَصْفِ
......
34
ثُمَّ مُؤْمِنٌ فِي شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ يَعْبُدُ رَبَّهُ وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ) فِيهِ دَلِيلٌ لِمَنْ قَالَ بِتَفْضِيلِ الْعُزْلَةِ عَلَى الِاخْتِلَاطِ وَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ مَشْهُورٌ فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الِاخْتِلَاطَ أَفْضَلُ بِشَرْطِ رَجَاءِ السَّلَامَةِ مِنَ الْفِتَنِ وَمَذْهَبُ طَوَائِفَ أَنَّ الِاعْتِزَالَ أَفْضَلَ وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الِاعْتِزَالِ فِي زَمَنِ الْفِتَنِ وَالْحُرُوبِ أَوْ هُوَ فِيمَنْ لَا يَسْلَمُ النَّاسُ مِنْهُ وَلَا يَصْبِرُ عَلَيْهِمْ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ مِنَ الْخُصُوصِ وَقَدْ كَانَتِ الْأَنْبِيَاءُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ وَجَمَاهِيرُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَالْعُلَمَاءِ وَالزُّهَّادِ مُخْتَلِطِينَ فَيُحَصِّلُونَ مَنَافِعَ الِاخْتِلَاطِ كَشُهُودِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ وَالْجَنَائِزِ وَعِيَادَةِ الْمَرْضَى وَحِلَقِ الذِّكْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَأَمَّا الشِّعْبُ فَهُوَ مَا انْفَرَجَ بَيْنَ جَبَلَيْنِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ نَفْسَ الشِّعْبِ خُصُوصًا بَلِ الْمُرَادُ الِانْفِرَادُ وَالِاعْتِزَالُ وَذَكَرَ الشِّعْبَ مِثَالًا لِأَنَّهُ خَالٍ عَنِ النَّاسِ غَالِبًا وَهَذَا الْحَدِيثُ نَحْوُ الْحَدِيثِ الْآخَرِ حِينَ سُئِلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النَّجَاةِ فَقَالَ أَمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ
,,,,
47
قَوْلُهُ (وَكَانُوا بِالنَّهَارِ يَجِيئُونَ بِالْمَاءِ فَيَضَعُونَهُ فِي الْمَسْجِدِ) مَعْنَاهُ يَضَعُونَهُ فِي الْمَسْجِدِ مُسَبَّلًا لِمَنْ أَرَادَ اسْتِعْمَالَهُ لِطَهَارَةٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ غَيْرِهِمَا وَفِيهِ جَوَازُ وَضْعِهِ فِي الْمَسْجِدِ وَقَدْ كَانُوا يَضَعُونَ أَيْضًا أَعْذَاقَ التَّمْرِ لِمَنْ أَرَادَهَا فِي الْمَسْجِدِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولاخلاف فِي جَوَازِ هَذَا وَفَضْلِهِ
....
57
(أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ فَتُطْعِمُهُ وَتَفْلِي رَأْسَهَ وَيَنَامُ عِنْدَهَا) اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ مَحْرَمًا لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واختلفوا فى كيفية ذلك فقال بن عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ كَانَتْ إِحْدَى خَالَاتِهِ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَقَالَ آخَرُونَ بَلْ كَانَتْ خَالَةً لِأَبِيهِ
أَوْ لِجَدِّهِ لِأَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ كَانَتْ أُمُّهُ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ
......
58
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ مَتَى جَرَتِ الْغَزْوَةُ الَّتِي تُوُفِّيَتْ فِيهَا أُمُّ حَرَامٍ فِي الْبَحْرِ وَقَدْ ذَكَرَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ فِي مُسْلِمٍ أَنَّهَا رَكِبَتِ الْبَحْرَ فِي زَمَانِ مُعَاوِيَةَ فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا فَهَلَكَتْ قَالَ الْقَاضِي قَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ السِّيَرِ وَالْأَخْبَارِ إِنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَنَّ فِيهَا ركبت أم حرام وزوجها إلى قبرص فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا هُنَاكَ فَتُوُفِّيَتْ وَدُفِنَتْ هُنَاكَ وَعَلَى هَذَا يَكُونُ قَوْلُهُ فِي زَمَانِ مُعَاوِيَةَ مَعْنَاهُ فِي زَمَانِ غَزْوِهِ فِي الْبَحْرِ لَا فِي أَيَّامِ خِلَافَتِهِ قَالَ وَقِيلَ بَلْ كَانَ ذَلِكَ فِي خِلَافَتِهِ قَالَ وَهُوَ أَظْهَرُ فِي دَلَالَةِ
,,,,
67
حَدِيثُ لَا تَجْتَمِعُ أُمَّتِي عَلَى ضَلَالَةٍ فَضَعِيفٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.....
-
رد: فوائد وفرائد " المنهاج شرح صحيح مسلم ابن الحجاج " للإمام النووي رحمه الله !!!
تابع / المجلد الثالث عشر من شرح النووي على صحيح مسلم
......
13/90
الْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَلْقَاهُ الْبَحْرُ وَجَزَرَ عَنْهُ فَكُلُوهُ وما مات فيه فطفا فلا
أكلوا فحديث ضيعف بِاتِّفَاقِ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ لو لم يعارضه شئ كيف وهو معارض بما ذكرنا وَقَدْ أَوْضَحْتُ ضَعْفَ رِجَالِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي بَابِ الْأَطْعِمَةِ فَإِنْ قِيلَ لَا حُجَّةَ فِي حَدِيثِ الْعَنْبَرِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا مُضْطَرِّينَ قُلْنَا الِاحْتِجَاجُ بِأَكْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ فِي الْمَدِينَةِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ
......
93
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ الْجَمَاهِيرُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدِهِمْ بِتَحْرِيمِ لُحُومِهَا لهذه الأحاديث الصحيحة الصريحة وقال بن عَبَّاسٍ لَيْسَتْ بِحَرَامٍ وَعَنْ مَالِكٍ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ أَشْهَرُهَا أَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ كَرَاهِيَةَ تَنْزِيهٍ شَدِيدَةً وَالثَّانِيَةُ حَرَامٌ وَالثَّالِثَةُ مُبَاحَةٌ وَالصَّوَابُ التَّحْرِيمُ كَمَا قَالَهُ الْجَمَاهِيرُ لِلْأَحَادِيثِ الصَّرِيحَةِ وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ عَنْ غَالِبِ بْنِ أَبْجَرَ قَالَ أَصَابَتْنَا سَنَةٌ فَلَمْ يَكُنْ فِي مَالِي شئ أطعم أهلى إلا شئ مِنْ حُمُرٍ وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَ لُحُومَ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَصَابَتْنَا السَّنَةُ فَلَمْ يَكُنْ فِي مَالِي مَا أُطْعِمُ أَهْلِي إِلَّا سِمَانَ حُمُرٌ وَإِنَّكَ حَرَّمْتَ لُحُومَ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ فَقَالَ أَطْعِمْ أَهْلَكَ مِنْ سَمِينِ حُمُرِكَ فَإِنَّمَا حَرَّمْتُهَا مِنْ أَجْلِ جَوَّالِ الْقَرْيَةِ يَعْنِي بِالْجَوَّالِ
لَّتِي تَأْكُلُ الْجُلَّةَ وَهِيَ الْعَذِرَةُ فَهَذَا الْحَدِيثُ مُضْطَرِبٌ مُخْتَلَفُ الْإِسْنَادِ شَدِيدُ الِاخْتِلَافِ وَلَوْ صَحَّ حُمِلَ عَلَى الْأَكْلِ مِنْهَا فِي حَالِ الِاضْطِرَارِ والله أعلم
....
95
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي إِبَاحَةِ لُحُومِ الْخَيْلِ فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ أَنَّهُ مُبَاحٌ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ وَبِهِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وفضالة بن عبيد وأنس بن مالك وأسماء بنت أَبِي بَكْرٍ وَسُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ وَعَلْقَمَةُ وَالْأَسْوَدُ وَعَطَاءٌ وَشُرَيْحٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَحَمَّادُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ وَدَاوُدُ وَجَمَاهِيرُ المحدثين وغيرهم وكرهها طائفة منهم بن عَبَّاسٍ وَالْحَكَمُ وَمَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَأْثَمُ بِأَكْلِهِ وَلَا يُسَمَّى حَرَامًا وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَلَمْ يَذْكُرِ الْأَكْلَ وَذَكَرَ الْأَكْلَ مِنَ الْأَنْعَامِ فِي الْآيَةِ الَّتِي قَبْلَهَا
.......
129
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْأَخْذِ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ فَقَالَ قَوْمٌ يَحْرُمُ إِمْسَاكُ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ وَالْأَكْلُ مِنْهَا بَعْدَ ثَلَاثٍ وَإِنَّ حُكْمَ التَّحْرِيمِ باق كما قاله على وبن عمر وقال جماهير العلماءيباح الْأَكْلُ وَالْإِمْسَاكُ بَعْدَ الثَّلَاثِ وَالنَّهْيُ مَنْسُوخٌ بِهَذِهِ الأحاديث المصرحة بالنسخ لاسيما حديث بريدة وهذامن نَسْخِ السُّنَّةِ بِالسُّنَّةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَيْسَ هُوَ نَسْخًا بَلْ كَانَ التَّحْرِيمُ لِعِلَّةٍ فَلَمَّا زَالَتْ زَالَ لِحَدِيثِ سَلَمَةَ وَعَائِشَةَ وَقِيلَ كَانَ النَّهْيُ الأول للكراهة لاللتحريم قَالَ هَؤُلَاءِ وَالْكَرَاهَةُ بَاقِيَةٌ إِلَى الْيَوْمِ وَلَكِنْ لَا يَحْرُمُ قَالُوا وَلَوْ وَقَعَ مِثْلُ تِلْكَ الْعِلَّةِ الْيَوْمَ فَدَفَّتْ دَافَّةٌ وَاسَاهُمُ النَّاسُ وَحَمَلُوا على هذا مذهب على وبن عُمَرَ وَالصَّحِيحُ نَسْخُ النَّهْيِ مُطْلَقًا وَأَنَّهُ لَمْ يبق تحريم ولاكراهة فيباح
الْيَوْمَ الِادِّخَارُ فَوْقَ ثَلَاثٍ وَالْأَكْلُ إِلَى مَتَى شَاءَ لِصَرِيحِ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ وَغَيْرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
......
137
نص الشَّافِعِيُّ فِي سُنَنِ حَرْمَلَةَ أَنَّهَا إِنْ تَيَسَّرَتْ كُلَّ شَهْرٍ كَانَ حَسَنًا هَذَا تَلْخِيصُ حُكْمِهَا فِي مَذْهَبِنَا وَادَّعَى الْقَاضِي عِيَاضٌ أَنَّ جَمَاهِيرَ الْعُلَمَاءِ عَلَى نَسْخِ الْأَمْرِ بِالْفَرَعِ وَالْعَتِيرَةِ وَاللَّهُ أعلم
......
141
وَذَكَرَ الشَّيْخُ ابراهيم المروزى من أصحابنا أن مايذبح عِنْدَ اسْتِقْبَالِ السُّلْطَانِ تَقَرُّبًا إِلَيْهِ أَفْتَى أَهْلُ بُخَارَةَ بِتَحْرِيمِهِ لِأَنَّهُ مِمَّا أُهِّلَ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ الرَّافِعِيُّ هَذَا إِنَّمَا يَذْبَحُونَهُ اسْتِبْشَارًا بِقُدُومِهِ فَهُوَ كَذَبْحِ الْعَقِيقَةِ لِوِلَادَةِ الْمَوْلُودِ ومثل هذا لايوجب التَّحْرِيمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.....