"هذا مع أن الحديث الحسن يؤخذ به في العقائد كما هو الشأن في الحديث الصحيح، ومن قال بخلاف هذا فقد أتى بشيءٍ لم يقل به أحدٌ من أهل العلم.
والحسن مثله في ذلك مثل الصحيح، ظني الثبوت، لو كانت تعلم الأخت –هداها الله- وليس بقطعي الثبوت، ولكن أخذ العلماء بهما مع كونهما من الظنيات في الثبوت، لاحتفاءهما بالقرائن المفيدة بالقطع واليقين، ولا يمكن الخوض في هذا إلا بعد دراسة علوم الآلة، كما هو واضح من البحث موضوع العنوان."
قال ابن حجر: وذلك أن المصنف ـ ابن الصلاح ـ وغير واحد نقلوا الاتفاق على أن الحديث الحسن يحتج به كما يحتج بالصحيح وإن كان دونه في المرتبة، فما المراد على هذا بالحديث الحسن الذي اتفقوا فيه على ذلك؟ هل هو القسم الذي حرره المصنف وقال: إن كلام الخطابي ينزل عليه ـ وهو قوله: أن يكون راويه من المشهورين بالصدق والأمانة، غير أنه لم يبلغ درجة رجال الصحيح، لكونه يقصر عنهم في الحفظ والإتقان، وهو مع ذلك يرتفع عن حال من يعد ما ينفرد به من حديثه منكرا، ويعتبر في كل هذا مع سلامة الحديث من أن يكون شاذا ومنكرا: سلامته من أن يكون معللا ـ أو القسم الذي ذكرناه آنفا عن الترمذي مع مجموع أنواعه التي ذكرنا أمثلتها، أو ما هو أعم من ذلك؟ لم أر من تعرض لتحرير هذا، والذي يظهر لي أن دعوى الاتفاق إنما تصح على الأول دون الثاني، وعليه أيضا يتنزل قول المصنف أن كثيرا من أهل الحديث لا يفرق بين الصحيح والحسن كالحاكم، فأما ما حررناه عن الترمذي أنه يطلق عليه اسم الحسن من الضعيف والمنقطع إذا اعتضد، فلا يتجه إطلاق الاتفاق على الاحتجاج به جميعه ولا دعوى الصحة فيه إذا أتى من طرق، ويؤيد هذا قول الخطيب: أجمع أهل العلم أن الخبر لا يجب قبوله إلا من العاقل الصدوق المأمون على ما يخبر به ـ وقد صرح أبو الحسن ابن القطان أحد الحفاظ النقاد من أهل المغرب في كتابه: بيان الوهم والإيهام ـ بأن هذا القسم لا يحتج به كله، بل يعمل به في فضائل الأعمال، ويتوقف عن العمل به في الأحكام إلا إذا كثرت طرقه وعضده اتصال عمل أو موافقة شاهد صحيح أو ظاهر القرآن، وهذا حسن قوي رايق ما أظن منصفا يأباه. اهـ.
فكيف إذا لم يكن راويه من المشهورين؟! واجتمع مع ذلك مخالفته لظاهر القرآن؟! بل وكيف إذا كان تحسينه ليس محل اتفاق أصلاً؟!
ملحوظة : أؤمن أن ما جاء في صحيح مسلم وتلقته الأمة بالقبول .. هو قطعي الثبوت وليس ظنياً .. في هذا خلاف لكن ذلك ما أعتقده.