لا يوجد إجماع زائد على السنة..
وإنما يكون الإجماع في محلين :
الأول : موافق لنص الكتاب والسنة.ولا مانع من تسميته إجماع وعد الإيمان به واجب مثله مثل السنة الموافقة للقرآن تسمى سنة ويلصق بها وصف السنة ويؤمن بها وينتسب إليها ولا فرق.
الثاني : موافق لما ليس نصاً من أدلة الوحي قاطع للاحتمال في دليل الكتاب والسنة..فهو موافق لدليل الكتاب والسنة وراجع لهما ولكنه مُعَين لدلالة الوحي قاطع للاحتمال الوارد عليهما.
ومرة أخرى نريد ضبط محل النزاع :
كلامنا عن أن السلفية راجعة لمعنى الكتاب والسنة ولا فرق بينها وبين الكتاب والسنة لأن مضمون السلفية هو إجماع الصحابة ولا يكون زائداً على الكتاب والسنة..فالآن من تمسك بالسلفية التي هي إجماع الصحابة ولم يكن إجماع الصحابة عنده زائداً على الكتاب والسنة .هذا الضبط ينفي عن السلفية الحدوث وينفي عنها زيادتها عن الكتاب والسنة وعن اسم المسلمين.
هذا هو محل النزاع..
أما الكلام عن حجية إجماع الصحابة وعن حجية فهمهم للنصوص إذا أجمعوا عليه فهو نزاع آخر محصله : هل السلفية طريق لازمة في الدين ومخالفها مبتدع ؟
فالأول في ضبط السلفية ما هي في نفسهل وهل تصورها الذاتي زائد عن الكتاب والسنة زائد على اسم المسلمين زيادة مباينة ومنافاة ،أم إن اسم السلفيين كاسم المصلين ؟
والثانية : بعد تسليمك بأن اسم السلفية ليس زائداً من حيث تصوره الذاتي عن الكتاب والسنة لرجوعه لما دل عليه الكتاب والسنة الذي هو إجماع الصحابة = تبدأ في المنازعة في صحة استدلالنا على دلالة الوحي على إجماع الصحابة..
لكن مجرد بنائنا تصور السلفية على إجماع الصحابة ودللنا عليه بالوحي دفع عنا تهمة الزيادة على الكتاب والسنة وعن اسم المسلمين....
والفرق بين المسألتين أوضحه لك بمثال :
إذا رجحت أنا قولاً فأتيت أنت لترد علي قولي فقلت : هذا قول لا حجة له ولم يورد صاحبه عليه دليلاً ..
فرددت عليك : باستدلالي على قولي هذا بحديث
فنازعت أنت في صحة الحديث..
الآن عندنا قضيتان :
الأولى : زعمك أن قولي مرجوح.
الثانية : زعمك أني لم أستدل عليه.
بمجرد استدلالي بالحديث بطلت دعواك الثانية وبقي البحث في الأولى..
فأصل كلامنا أنك زعمت :
اقتباس:
و لا تترداف السلفية مع المنهج العام للكتاب و السنة فهيَ أكثرُ تفصيلاً
وأبطلنا ذلك بكون السلفية هي إجماع الصحابة وأن هذا الإجماع دل على التمسك به الكتاب والسنة فيكون منهما ولازم لهما ولا يكون زائداً عليهما..
ثم زعمت :
اقتباس:
بلْ تعرف السلفية مضموناً أكثر من الكتاب و السنة ، فهيَ تزيدُ عليهما ، بتصحيحِ (بل بوجوب) اتباع آراء الصحابة برتجيح آرائهم على غيرهم ، و معلومٌ ن أقوالهم ليست من الكتابِ و السنة ..
وأبطلنا ذلك وقلنا ليس التمسك بآراء واجتهادات الصحابة هي السلفية..بل السلفية التمسك بإجماعهم على أدلة الكتاب والسنة نصاً واستنباطاً وقد دل الشرع على مشروعية هذا التمسك ووجوبه فلايكون المتمسك بهما زائداً على الكتاب والسنة زيادة مباينة ومنافاة..
إلى هنا وقد أبطلنا تصورك عن السلفية وبينا التصور الصحيح المتسق مع الكتاب والسنة غير الزائد عليهما..
إلى هنا -ومالم تدفع هذا- لزمك الإقرار بأن السلفية-عندنا- ليست زائدة على الكتاب والسنة؛لأن حقيقتها التمسك بما دل -عندنا-على وجوب التمسك به الكتاب والسنة..
الآن :
منازعتك في أن الكتاب والسنة دلا على وجوب التمسك بإجماع السلف ،وأنه حجة في محل النزاع تفرق الناس لسنة وبدعة وأن مخالف السلف = مبتدع.هذه مسألة أخرى..
ونقول فيها : نحن نقول الإجماع سنة ومخالفه بدعة ولذلك حججه التي تُوافق وتُخالف..وتلك مسألة أخرى..
فحقيقة الأمر :
أن من سلم بحجية الإجماع = لم يجد في السلفية ولا التسمي بها ولا الاعتزاء إليها غضاضة (إذا فقهها)..
ومن لم يُسلم بالإجماع فلن يرضى بالسلفية كضابط ومحك للسنة والبدعة ؛لأنه يُجوز أن يَستقل بفهمه للوحي من غير أن يُقيد بإجماع السلف..
والذي أراه : أن جل من يُنازع في الاعتزاء للسلفية إنما نازع من تصورات خاطئة لمعناها ومفهوما ؛فجلهم مقر بحجية الإجماع ووجوب لزومه والتزامه..
وإذا ثبت ضبط السلفية بالإجماع= بطل زعمها زائدة على الوحي والكتاب والسنة واسم المسلمين؛ولذا لم تجد أنت حيلة حين ضبطت بالإجماع إلا الدخول في المنازعة في حجية الإجماع نفسه..
ومنازعتك في الإجماع لا تنفعك في محل النزاع الذي أثرتَه أولاً ؛لأن خطأ التسمي بالسلفية لن يكون لكونها مباينة للكتاب والسنة أولاسم المسلمين ،وإنما سيكون خطأها عندك لابتنائها على الاحتجاج بماليس بحجة وهو محل نزاع آخر غير محل النزاع الذي أثرته أولاً ،وإلا فمجرد المخالفة لاسم المسلمين ليس فيها حرج إن رجعت لاسم دل عليه الوحي،والسلفية عندنا راجعة لإجماع الصحابة ودل عليها الوحي = فلم يعد لك سوى البحث في الأصل وأن يُجعل إشكالك : ما الدليل على حجية الإجماع؟