رد: هذه مفاهيمنا - ردًا على شركيات وضلالات محمد علوي مالكي
ثالثاً:
أن آية الزمر:
{ قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً}
[ الزمر: 44 ]
رد على من يصرف قلبه لغير الله
احتجاجاً بالشفاعة،
كما كان مشركو العرب
يصنعون مع آلهتهم،
فإنهم كانوا يعتقدون في آلهتهم
أنها شفعاءُ لهم،
فأخبر تعالى أن الشفاعة له،
ليس لأحدٍ منها شيء.
رد: هذه مفاهيمنا - ردًا على شركيات وضلالات محمد علوي مالكي
قال الرازي في "تفسيره"
(26/285):
(اعلم أن الكفار أوردوا على هذا الكلام سؤالاً.
فقالوا:
نحن لا نعبد هذه الأصنام
لاعتقاد أنها آلهة تضر وتنفع،
وإنما نعبدها لأجل أنها تماثيل
لأشخاص كانوا عند الله من المقربين،
فنحن نعبدها
لأجل أن يصير أولئك الأكابر
شفعاء لنا عند الله.
فأجاب الله تعالى بأن قال:
{ أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ
قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا
لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً
وَلا يَعْقِلُونَ }
[ الزمر: 43 ].
وتقرير الجواب:
أن هؤلاء الكفار إما أن يطمعوا بتلك الشفاعة
من هذه الأصنام،
أو من أولئك العلماء والزهاد
الذين جعلت هذه الأصنام تماثيل لهم.
والأول باطل؛
لأن هذه الجمادات وهي الأصنام
لا تملك شيئاً ولا تعقل شيئاً،
فكيف يعقل صدور الشفاعة عنها ؟!
والثاني باطل؛
لأن في يوم القيامة
لا يملك أحدٌ شيئاً،
ولا يقدر أحدٌ على الشفاعة
إلا بإذن الله،
فيكون الشفيع في الحقيقة
هو الله،
الذي يأذن في تلك الشفاعة،
فكان الاشتغال بعبادته أولى
من الاشتغال بعبادة غيره)
انتهى.
رد: هذه مفاهيمنا - ردًا على شركيات وضلالات محمد علوي مالكي
قال صاحب المفاهيم
(ص78-79):
(وأي حرج في أن يطلب الإنسان من المالك
بعض ما يملكه
لا سيما إذا كان المسؤول كريماً،
والسائل في أشد الحاجة إلى ما سأله).
أقول:هذا على أن الشفاعة وإن كانت ملكاً لله،
فقد ملكها الأنبياء والصالحين،
وهذه المقدمة
قد احتج بها مشركو العرب،
فيظنون أن الله ملَّك الملائكة والأنبياء الشفاعةَ
تمليكاً مطلقاً من القيود،
وهذا غلط في الفهم
أسوأ غلط؛
لأن الله - جل جلاله -
وتقدست أسماؤه
لم يُملِّك أحداً
من خلقه الشفاعة
تمليكاً مطلقاً من القيود،
بل لا أحد يشفع عنده
إلا بأمرين:
1 - إذن الله للشافع أن يشفع.
2 - رضاه عن المشفوع له.
رد: هذه مفاهيمنا - ردًا على شركيات وضلالات محمد علوي مالكي
والإذن هنا ليس هو الإرادة الكونية،
بمعنى أنه لو لم يأذن
لم يقع ولم يكن،
بل من ظن هذا الظن
فقد ظن نظير ما قاله المشركون:
{ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا }
[ الأنعام: 148 ]
فإنهم قالوا لو لم يشأ الله شركنا
لم يحدث في ملكه وملكوته،
ولم يأذن بوقوعه،
وهذه الشبهة أصل ضلال كثيرين.
رد: هذه مفاهيمنا - ردًا على شركيات وضلالات محمد علوي مالكي
فالمقصود هنا:
أن النبي صلى الله عليه وسلم والصالحين
إنما يشفعون لمن أذن الله له يوم القيامة،
ورضي توحيده وقوله،
وأما في الدنيا في حياتهم وتمكنهم من الدعاء،
فقد يشفعون
بمعنى أنهم يطلبون من الله ويدعون،
فمن دعا من الأنبياء دون إذن من الرحمن
وشفع فيمن لم يأذن الرحمن بالشفاعة فيه،
فهذا يُرد عليه
ولا تقبل شفاعته،
رد: هذه مفاهيمنا - ردًا على شركيات وضلالات محمد علوي مالكي
وهذا ظاهر،
كما قال تعالى لنبيه
صلى الله عليه وسلم
لما استغفر لعمه:
{ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ
وَالَّذِينَ آمَنُوا
أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ
وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى
مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ
أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ }
[ التوبة: 113 ].
رد: هذه مفاهيمنا - ردًا على شركيات وضلالات محمد علوي مالكي
وقال لنبيه:
{ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ
أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ
إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً
فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ }
[ التوبة: 80 ]
والآية في شأن المنافقين
الذين كانوا يقولون:
لا إله إلا الله محمد رسول الله
ويصلون مع الناس ويجاهدون،
لكنهم
لم يُخلصوا
ولم يُوحدوا ربهم
بأعمالهم،
فكان هذا شأنهم،
فلم ينفعهم
استغفار نبي الله
صلى الله عليه وسلم.
رد: هذه مفاهيمنا - ردًا على شركيات وضلالات محمد علوي مالكي
قال (ص79):
(وهل الشفاعة إلا الدعاء،
والدعاء مأذون فيه،
مقدور عليه
لا سيما الأنبياء والصالحين في الحياة،
وبعد الوفاة في القبر،
ويوم القيامة،
فالشفاعة معطاة لمن اتخذ عند الله عهداً،
ومقبولة لديه عز وجل في كل من مات على التوحيد) اهـ.
أقول:
وهذه الجملة من كلامه
حَوَتْ تلبيساً وغلطاً،
فالنصوص قد جاءتبجواز طلب الشفاعة أي:
الدعاء من رسول الله
صلى الله عليه وسلم
في حياته،
وجاءت بطلبها منه صلى الله عليه وسلم
يوم القيامة،
ولم تجئ بطلبها منه
في حياته البرزخية.
رد: هذه مفاهيمنا - ردًا على شركيات وضلالات محمد علوي مالكي
ومما يؤكد منع طلبها منه
وهو في البرزخ:
أن الأحاديث جاءت
في حياته ويوم القيامة،
فلو كان طلبها في البرزخ مشروعاً
لانتفى تخصيص الحياة والقيامة بالذكر.
فلما كان كذلك
عُلم منه أن النوع الثاني من الحياة،
وهو الحياة البرزخية تخالف ما قبلها وما بعدها،
وبدليل
أن الصحابة
لم يفعلوا ذلك
بعد وفاته
صلى الله عليه وسلم
فتقرر أنها
لا تطلب من الأموات.
وهذا برهان إجمالي،
رد: هذه مفاهيمنا - ردًا على شركيات وضلالات محمد علوي مالكي
وأما تفصيل الرد على قوله
فيقال:
قوله:
(الدعاء مأذون فيه مقدور عليه)،
ليس صحيحاً
على إطلاقه في الحياة والموت.
فأما والداعي حي قادر فهذا صحيح،
وأما بعد موته
فليس الأمر كذلك،
وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم
أن يُجعل قبره مسجداً،
فقال فيما روته عائشة وابن عباس وأبو هريرة:
(لعن الله اليهود والنصارى
اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)؛
يُحذِّر ما صنعوا.
قالت:
فلولا ذلك لأُبرز قبره
غير أنه خشي أن يُتخذ مسجداً.
متفق عليه،
والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.
رد: هذه مفاهيمنا - ردًا على شركيات وضلالات محمد علوي مالكي
والشاهد
أن هذه اللعنة
لمن اتخذ القبر مسجداً
إنما هي لأن المسجد يُقصد للدعاء،
وأعلى أنواع الدعاء الصلاة،
والصلاة دعاء في اللغة،
قال تعالى:
{ وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ }
[ التوبة: 103 ].
رد: هذه مفاهيمنا - ردًا على شركيات وضلالات محمد علوي مالكي
وقال الأعشى في شعره المشهور:
تقولُ بنْتي وَقَدْ قَرَّبْتُ مُرْتحِلاً
يا ربّ جّنَّب أبيْ الأوْصَابَ والوجعا
عليكِ مثلُ الذي صليتِ فاغتمضي
نوماً، فإنَّ لجنْبِ المرءِ مضطجَعا
قوله:
(صليتِ) يعني: دعوتِ،
وشواهد هذا المعنى كثيرة،
رد: هذه مفاهيمنا - ردًا على شركيات وضلالات محمد علوي مالكي
والصلاة كلها دعاء عبادة،
ودعاء مسألة،
ومن لم يعرف هذين النوعين
للدعاء
لم يُوفق لفهم الآيات في الدعاء.
رد: هذه مفاهيمنا - ردًا على شركيات وضلالات محمد علوي مالكي
فإذا كانت المساجد
إنما تُقصد لدعاء الله فيها؛
فلعنة الله
على من اتخذ قبور أنبيائه مساجد،
معناها:
النهي البليغ الشديد
عن الدعاء عندها،
ولمن دعا عندها.
وإذا كان من دعا عندها كذلك
ولم يدع إلا الله،
فكيف به
إذا سأل الميت الدعاء؟!
رد: هذه مفاهيمنا - ردًا على شركيات وضلالات محمد علوي مالكي
والحي إذا أتيته وسألته الدعاء
كان لك جائزاً.
وأما الميت إذا سألته أن يدعوا لك
فذلك شركٌ ؛
ولأجله نهى رسول الله
صلى الله عليه وسلم
عن اتخاذ القبور مساجد،
يُدعى عندها ويُصلى عندها،
ونحو ذلك من وسائل الشرك،
وهذا مع إخلاص السائل في دعائه،
وإنما تحرى القبر لشرف المقبور،
ولظنه أن المكان مبارك،
وهذا من جنس
من لعنه رسول الله
صلى الله عليه وسلم،
ومن شرار الناس،
فإن المساجد بُنيت
لدعاء الله فيها
بالصلاة والذكر.
رد: هذه مفاهيمنا - ردًا على شركيات وضلالات محمد علوي مالكي
إذا تقرر هذا
فانظر إلى فهم
الخليفة الراشد عمر
فيما عَلَّقه البخاري في "صحيحه"،
وقد رأى أنس بن مالك يصلي عند قبر
فقال:
القبر،
القبر،
القبر،
يُحذِّر أنساً،
ويعلمه أن بقرب مكان صلاته قبراً.
رد: هذه مفاهيمنا - ردًا على شركيات وضلالات محمد علوي مالكي
ولو كان الميت يملك الدعاء،
ولو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يملك بعد موته
أن يدعو لمن سأله،
ويقدر على الدعاء،
كما يقدر عليه حياً،
فلأي معنى
نهى رسول الله
صلى الله عليه وسلم
عن اتخاذ قبره مسجداً ؟!
فالمسلمون كانوا يطلبون منه أن يدعو لهم،
وكان يدعو لهم في حياته
فلو كان دعاؤه لهم
مقدوراً مستديماً بعد موته
صلى الله عليه وسلم
لما نهى عن اتخاذ القبور مساجد،
وهي الذريعة الكبرى،
والوسيلة العظمى
للإشراك الأكبر برب الأرباب،
بطلب الدعاء من الأموات،
والاستغاثة بهم،
ونحو ذلك.
رد: هذه مفاهيمنا - ردًا على شركيات وضلالات محمد علوي مالكي
الثاني:
أن يقال:
إذا كان طلب دعاء الأموات من الأنبياء جائزاً
وهم يقدرون على الدعاء،
فلأي معنى لم يطلب صحابة رسول الله
صلى الله عليه وسلم منه
أن يدعو لهم بعد موته
وعدلوا إلى العباس ويزيد الجرشي
وهم أعلم الأمة
وأحرص الأمة على الخير ؟!
رد: هذه مفاهيمنا - ردًا على شركيات وضلالات محمد علوي مالكي
الثالث:
هؤلاء شهداء أحد
معروف مكانهم وفضلهم،
معروفة قبورهم
لم يذهب إليهم
أحد من المسلمين
من صحابة رسول الله
صلى الله عليه وسلم
في حياته
ولا بعد مماته
يسألونهم الدعاء،
رد: هذه مفاهيمنا - ردًا على شركيات وضلالات محمد علوي مالكي
وهم أحياء حياة برزخية
بنص القرآن:
{ وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً
بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ *
فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ
وَيَسْتَبْشِرُو نَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ
أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ *
يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ
وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ }
[ آل عمران: 169-171 ]،