-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
هذا كلامه عن المزدكية ،
ويقول : الصوفية ،
والفرقة المسمَّاة المباحية منهم
على دين "مزدك"
الذي هو أصل الشيوعية ،
وأصل نظريَّة "كارل ماركس"
الذي كما ذكر هؤلاء الخرافيون يقولون :
أنتم مشتغلون بالردِّ على المسلمين ،
وتتركون الشيوعيَّة !!.
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
هذا الرازي ،
وهو إمامٌ مِن أئمَّة الأشاعرة
وكتابه "اعتقادات فرق المسلمين والمشركين" :
مطبوع موجود ،
يقول :
إنَّه تلتقي الصوفية بالمزدكية ،
يعنى : الشيوعية
والصوفيَّة تلتقي عند "مزدك" ،
فهذا هو كلامهم ،
وليس كلامنا نحن .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
ومن الرازي - المتوفى سنة 606 هـ –
ننتقل إلى أحد الأئمَّة مِن علماء اليمن ،
يسمَّى "عباس بن منصور السكسكي"
قيل : إنَّه كان حنبليّاً – وهذا غريب في أئمَّة اليمن - ،
وقيل : إنَّه شافعيٌّ ،
وعلى كل حال ،
يمكن مراجع ترجمته في "الأعلام"
(ح3 – ص268 ط –4)
هذا الإمام السكسكي متوفى سنة 683هـ
فهو أيضاً من المتقدمين
كتب كتاباً اسمه :
"البرهان في معرفة عقائد أهل الأديان" ،
هذا كتابٌ مطبوعٌ ،
وأنا الآن أقرأ ما كتبه عن الصوفيَّة بنصِّه .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
يقول في آخر الكتاب - :
قد ذكرتُ هذه الفرقة الهادية ، المهديَّة
– يعني : أهل السنَّة - ،
وأنَّها على طريقةٍ متَّبعةٍ لهذه الشريعة النبويَّة …
إلى أن يقول :
وغير ذلك مما هو داخل تحت الشريعة المطهرة ،
ولم يشذَّ أحدٌ منهم عن ذلك
سوى فرقة واحدةٍ تسمَّت بالصوفيَّة ،
ينتسبون إلى أهل السنَّة،
وليسوا منهم ،
قد خالفوهم في الاعتقاد ، والأفعال ، والأقوال ،
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
أمَّا الاعتقاد :
فسلكوا مسلكاً للباطنية الذين قالوا :
إن للقرآن ظاهراً ، وباطناً،
فالظاهر : ما عليه حملة الشريعة النبويَّة ،
والباطن : ما يعتقدونه ،
وهو ما قدَّمتُ بعض ذكره ،
فكذلك أيضاً فرقة الصوفيَّة ،
قالت : إنَّ للقرآن والسنَّة حقائق خفيَّة ، باطنة ،
غير ما عليه علماء الشريعة مِن الأحكام الظاهرة ،
التي نقلوها خَلَفاً عن سلف ،
متصلة بالنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بالأسانيد الصحيحة ،
والنقلة الأثبات ،
وتلقته الأمَّة بالقبول ،
وأجمع عليه السواد الأعظم ،
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
ويعتقدون أنَّ الله عز وجل حالٌّ فيهم !!
ومازج لهم !!
وهو مذهب الحسين بن منصور الحلاَّج
المصلوب في بغداد في أيام المقتدر
- الذي قدمتُ ذكره الروافض في فصل "فرقة الخطابيَّة" -
ولهذا قال : أنا الله
- تعالى الله عن ذلك
علوّاً كبيراً - ،
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
وأنَّ ما هجس في نفوسهم ،
وتكلموا به في تفسير قرآنٍ ،
أو حديثٍ نبويٍّ ،
أو غير ذلك مما شرعوه لأنفسهم ،
واصطلحوا عليه :
منسوب إلى الله تعالى ، وأنَّه الحق ،
وإِنْ خالف ما عليه جمهور العلماء، وأئمَّة الشريعة ،
وفسَّرتْه علماء أصحابه ، وثقاتهم ،
بناءً على الأصل الذي أصَّلوه
مِن الحلول ، والممازجة ،
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
ويدَّعون أنَّهم قد ارتفعت درجتُهم
عن التعبدات اللازمة للعامَّة ،
وانكشفت لهم حجب الملكوت ،
واطَّلعوا على أسراره ،
وصارت عبادتهم بالقلب
لا بالجوارح .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
- نتابع ،
وما يزال الكلام للسكسكي صفحة (65)
من كتاب "البرهان" يقول : -
وقالوا :
لأنَّ عمل العامة بالجوارح سُلَّمٌ يؤدِّي إلى علم الحقائق ،
إذ هو المقصود على الحقيقة ،
وهي البواطن الخفيَّة عندهم ،
لا عملٌ بالجوارح .
قد وصلنا ، واتصلنا ،
واطَّلعنا على علم الحقائق الذي جهلته العامَّة ،
وحملة الشرع
وطعنوا حينئذٍ في الفقهاء ، والأئمَّة ، والعلماء ،
وأبطلوا ما هم عليه ،
وحقَّروهم ، وصغَّروهم عند العوام ، والجهَّال ،
وفي أحكام الشريعة المطهرة ،
وقالوا : نحن العلماء بعلم الحقيقة ،
الخواص الذين على الحق ،
والفقهاء هم العامة ؛
لأنَّهم لم يطلعوا على علم الحقيقة ،
وأعوذ بالله
من معرفة الضلالة ،
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
فلمَّا أبطلوا علم الشريعة ،
وأنكروا أحكامها :
أباحوا المحظورات ،
وخرجوا عن التزام الواجبات ،
فأباحوا النظر إلى المردان ،
والخلوة بأجانب النسوان ،
والتلذذ بأسماع أصوات النساء ، والصبيان ،
وسماع المزامير ، والدفاف،
والرقص ، والتصفيق في الشوارع والأسواق
بقوة العزيمة ، وترك الحشمة ،
وجعلوا ذلك عبادة يتدينون بها ،
ويجتمعون لها ،
ويؤثرونها على الصلوات ،
ويعتقدونها أفضل العبادات،
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
ويحضرون لذلك المغاني من النساء ، والصبيان ،
وغيرهم مِن أهل الأصوات الحسنة للغناء بالشبابات ،
والطار ، والنقر ، والأدفاف المجلجلة ،
وسائر الآلات المطربة ،
وأبيات الشعر الغزلية التي توصف فيها محاسن النِّسوان ،
ويذكر فيها ما تقدم من النساء التي كانت الشعراء تهواها ،
وتشبب بها في أشعارها ،
وتصف محاسنها
كليلى ، ولبنى ، وهند ، وسعاد ، وزينب ، وغيرهنَّ ،
ويقولون :
نحن نكنِّي بذلك عن الله عز وجل !!
ونَصرف المعنى إليه .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
أقول – أنا سفر - :
إن كتاب "إغاثة اللهفان" للإمام ابن القيم رحمه الله
فصَّل هذه الأمور تفصيلاً مفيداً ،
لكن آثرت أن لا أنقل عنه
حتى لا يقال لا يعرفون إلاَّ ابن تيمية ، أو ابن القيم ،
وهذا قبل ابن القيم ، وابن تيمية ،
وليس ممن له شهرة أنَّه حارب التصوف
باسم أنَّه -كما يقولون - :
سلفي ، أو تيمي ، أو ، وهَّابي ،
بل هو قبل أولئك جميعا ،
ويكتب بموضوعيَّة ،
وينقل مِن مصادر كثيرة ،
أنا أواصل كلامه لتنظروا بعض مصادره :
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
يقول :
فقد ذكر الفقيه موسى بن أحمد ذلك
في الرسالة التي ردَّ بها عليهم ،
وبيَّن فيها فساد مذهبهم ،
فقال في بيت شعر أنشده فيهم :
يُكنُّون عن ربِّ السماء بزينب
وليلي ولبنى والخيال الذي يسري
وتختلط الرجال بالنساء ،
والنساء بالرجال ،
ويتنادى الرجال والنساء ،
ويتصافحون ،
وإذا حصل فيهم الطرب وقت السماع
من الأصوات الشجية ، والآلات المطربة :
طربوا ، وصرخوا ، وقاموا ، وقفزوا ،
وداروا في الحلقة ؛
فإذا دارت رؤوسهم ،
واختلطت عقولهم من شدة الطرب ،
وكثرة القفز والدوران :
وقعوا على الأرض مغشيّاً عليهم ،
ويسمُّون ذلك " الوَجْد" ،
أي :
أنَّ ذلك مِن شدة ما يجدون
مِن شدة المحبَّة ، والشوق ،
-
رد: هذه مفاهيمنا - ردًا على شركيات وضلالات محمد علوي مالكي
قالوا :
فأمَّا الخوف ، والرجاء :
فنحن لا نخاف النَّار ،
ولا نرجو دخول الجنَّة ؛
لأنَّهما ليست عندنا شيئاً ؛
فلا نعبده خوفاً مِن النَّار ،
ولا طمعا في الجنـة !!
قال سفر :
احفظـوا هـذه الكلمة التي يقولها الإمام
لنجد شواهد عليها فيما بعد ،
وهي قولهم :
" لا نعبده خوفاً مِن النَّار ،
ولا طمعاً في الجنة " .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
يقول :
هذا مخالفٌ للكتاب ، والسنَّة ،
والإجماع ،
ومجوِّزات العقول ،
ثمَّ إنَّهم يَحملون الأشياء كلها على الإباحة ،
فيقولون :
كلُّ ما وقع في أيدينا مِن حلالٍ ، أو حرامٍ:
فهو حلالٌ لنا ،
ولا يبالون هل أكلوا مِن حلالٍ ، أو حرامٍ .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
قال الإمام أبو عبد الله محمد بن على القلعي
في كتاب "أحكام العصاة" :
وهذان الصنفان في الكفر ، والإضلال :
أشدُّ ، وأضرُّ على الإسلام ، وأهله مِن غيرهما ،
وجميعهم ممن يساق إلى النَّار
مِن غير مسألةٍ ، ولا محاسبةٍ ،
ولا خلوصَ لهم منها أبد الآبدين
– يعني: هذه الفرقة التي ذكرتُها مِن الصوفيَّة ،
وفرقة مِن الإسماعيلية الباطنيَّة ،
وهم قوم منهم يدَّعون
أنَّهم قد اطلعوا على أسرار التكليف،
وأحاطوا علماً بموجبه ،
وأنَّه إنَّما شرع ذلك للعامَّة
ليرتدعوا عن الأهواء المؤدِّية إلى سفك الدماء ،
فيُحفظ بذلك نظام الدنيا ،
وذلك للمصالح العظمى
التي لم يطَّلع عليها الأنبياء ،
ومَن قام مقامهم في السياسة ،
قالوا : ولهذا اختلفت الشرائع
لاختلاف مصالح النَّاس باختلاف الأزمنة
بهمَّتنا ، وقوَّة رأينا، ووافي أحلامنا
ما نستغني به عن التزام سياسة غيرنا ،
والانتظام في سلك المبايعة لغيرنا
فلا حظر علينا، ولا واجب ،
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
فإذا سئلوا لأيِّ شيءٍ تُصلُّون ، وتصومون ،
وتأتون بما يأتي به المسلمون مِن الواجبات ؟
قالوا :
لرياضة الجسد ،
وعادة البلد ،
وصيانة المال والولد
– أي : مِن القتل - ،
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
ولأنَّ هذين الصنفين
متفقات في أصل الاعتقاد
وإن اختلفا في التأويل
إلاَّ مَن عصمة الله تعالى منهم
أعني مِن فرق الصوفيَّة،
والتزم أحكام الشريعة ، وعمل بها ،
وحقَّ العلماء ، والفقهاء
– يعني : اعترف لهم بالحق –
ولم يَدخل في شيءٍ مِن هذه الخزعبلات ،
والأباطيل التي دخلوا فيها ؛
فصحَّ اعتقاده ، وصفت سريرته :
فإنَّه مُبرَّأ مما هم عليه .
والى هنا ينتهي كلام الإمام .
يعني يقول :
إنَّ مَن انتسب إلى التَّصوف اسماً
ولم يكن مثلهم
على هذه الأشياء
فهو لا يأخذ حكمهم ،
وهذا صحيح ،
وكما قلنا :
إن هناك كثير مِن النَّاس مخدوعين .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
الحاصل :
قد سمعنا كلام الإمام خشيش ،
وكلام الإمام الأشعري ،
وكلام السكسكي ،
وكلام الرازي ،
وكلام البيروني ؛
من مصادر – والحمد لله –
موجودة ، وموثقة ، ومطبوعة .
وأيضاً : مِن المعاصرين :
هناك أناسٌ كثيرٌ :
كتب عنهم عبد الرحمن بدوي ،
وكتب عنهم طلعت غنَّام ،
وكتب عنهم آخرون
- لا داعي لاستعراضهم - .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
المهم :
أنَّنا ننظر الآن إلى كتابٍ مِن كتب محمد علوي مالكي
- ربَّما لم يطلع عليه بعض النَّاس – ؛
الكتاب سمَّاه : "المختار مِن كلام الأخيار" ،
طبع في مصر سنة 1398هـ ،
ولنقارن ما جاء في هذا الكتاب
بما سمعنا الآن مِن عقائد الصوفيَّة ؛
لننظر على أيِّ دينٍ هذا الرجل ،
ونعرف عندئذٍ حكمَه ،
ونعرف القضيَّة الأساسيَّة التي هي
- كما قلتُ -
أنَّ التصوف دينٌ مستقلٌ عن الإسلام ،
وإن دخله مَن ينتسب إلى الإسلام
ويدَّعي أنَّه مسلم !!.
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
يقول محمد علوي مالكي في هذا الكتاب
- صفحة (134) -
عن السري السَقَطي – يقول :
رأيتُ كأنِّي وقفتُ بين يدي الله عز وجل ،
فقال : يا سري !
خلقتُ الخلقَ فكلُّهم ادَّعوْا محبتي ،
فخلقتُ الدنيا فذهب منِّي تسعةُ أعشارهم !
وبقيَ معي العشر ،
قال:
فخلقتُ الجنَّة فهرب منِّي تسعةُ أعشار العشر ،
فسلَّطتُ عليهم ذرةً مِن البلاء ؛
فهرب تسعةُ أعشار عشر العشر!
فقلتُ للباقين معي :
لا الدنيا أردتم ،
ولا الجنَّة أخذتم ،
ولا مِن النَّار هربتم ،
فماذا تريدون ؟
قالوا : إنَّك لَتعلم ما نريد !
فقلتُ لهم :
فإنِّي مسلِّطٌ عليكم مِن البلاء بعدد أنفاسكم ؛
مالا تقوم له الجبال الرواسي ،
أتصبرون ؟
قالوا :
إذا كنتَ أنتَ المبتلي لنا
فافعل ما شئتَ .
فهؤلاء عبادي حقا.
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
لاحظوا هذا الكلام !!
متى خاطب الله السري ؟
هل كلَّم اللهُ أَحَداً بعد موسى عليه السلام ؟
هل عن طريق الوحي ؟
هل نزل جبريل على أحدٍ
بعد محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلم ؟
انظروا هذه هي الأقوال
التي أقول إنَّها أساس الخلاف بيننا وبين الصوفيَّة ،
وهو : التلقِّي ،
إنَّهم لا يتلقَّوْن مِن الكتاب والسنَّة ،
بل يتلقَّوْن مِن المخاطبة المباشرة
– علم الحقيقة ، العلم اللدني ، العلم المباشر عن الله –
كما يدَّعون أنَّ الله يكلِّمهم ،ويخاطبهم
مثل ما ذكر هؤلاء الأئمة
– خشيش ، أو الرازي ،
أو السكسكي، أو الأشعري - .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
هذا الكلام ينقله محمد علوي مالكي عن السريِّ السقطي ،
فلنفرض أنَّ السريَّ السقطي أخذ هذا الكلام مِن كتاب "باتنقل"
- كتاب الهند الذي قال عنه البيروني - ،
أو كتاب "زندادست" هذا ، أو أي كتاب ،
أو أي مصدر ،
كيف ينقله محمد علوي مالكي ؟ .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
السؤال هنا للمالكي :
كيف تنقل هذا النصَّ وتقرُّه ؟
وأين هم هؤلاء
الذين يعبدون الله لا خوفا مِن النَّار ،
ولا حبًّا في الجنَّة ؟ ،
هؤلاء أفضل مِن أنبياء الله
الذين قال الله تبارك وتعالى فيهم
{ إنهم كانوا يسارعون في الخيرات
ويدعوننا رغباً ورهباً
وكانوا لنا خاشعين }
والأنبياء
– صلوات الله وسلامه عليهم –
تعوَّذوا مِن البلاء
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
ومتى امتحن الله تعالى الخلقَ
بعددِ ذراتِهم مِن البلاء
ما لا تصبر له الجبال الرواسي ،
وهؤلاء هم – فقط – مَن يحبُّون الله ؟
والله عز وجل
بيَّن لنا طريق محبتِه أعظمَ البيان ،
فقال الله تبارك وتعالى :
{ يا أيها الذين آمنوا مَن يرتدَّ منكم عن دينه
فسوف يأتي الله بقوم
يحبهم ويحبونه
أذلةٍ على المؤمنين
أعزةٍ على الكافرين
يقاتلون في سبيل الله
ولا يخافون لومة لائم } ،
ويقول الله سبحانه وتعالى :
{ قل إن كنتم تحبون الله
فاتَّبعوني
يحببكم الله
ويغفر لكم ذنوبكم } .
فذكر أنَّهم يجاهدون في سبيل الله ،
وأنَّهم يتَّبعون رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ،
هؤلاء هم الذين يحبُّون الله .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
وننتقل إلى نصٍّ آخر ،
يقول محمد علوي مالكي
صفحة (135)
- في هذا الكتاب المختار -
نقلاً من كلام علي بن موفق ،
يقول :
قال اللهمَّ إن كنتَ تعلم
أنِّي أعبدك خوفاً مِن نارك
فعذِّبني بها!
وإن كنتَ تعلم أنِّي أعبدك حبّاً لجنتك
فاحرمني منها !
وإن كنتَ تعلم أنِّي أحبُّك حبّاً منِّي لك ،
وشوقاً إلى وجهك الكريم :
فأبِحْنيه ،
واصنع بي ما شئت !!!
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
هذا كلام عجيب !
يعني أدعية النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلم الكثيرة
في الاستعاذة مِن النَّار،
وما أمرنا به سبحانه وتعالى
أن نقوله في القرآن
{ ربنا آتنا في الدنيا حسنة
وفى الآخرة حسنة
وقنا عذاب النَّار }،
ودعاء الذين ذكرهم الله تعالى
في آخر سورة آل عمران
{.. فقنا عذاب النَّار } ،
هذه كلها باطل !
ولهو !
ولعب !
عند الصوفيَّة !
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
والصحيح ،
والدين الحق – عندهم - :
هو المحبة المطلقة ،
كما قلنا : العشق المطلق ،
يعني : كلمة "ثيوصوفية" ،
عِشق الله عِشقاً مطلقاً ، محبة مطلقة ،
هذه هي التي كانت عند الهنود ،
وهذه التي ينقلها محمد علوي مالكي وجماعته ،
ويقولون : إنَّهم لا يشتهون الجنَّة ،
وإنَّهم زهَّاد في الدنيا ،
ومع ذلك ينقل هو - المالكي-
في صفحة (129)
من كتابه عن بشر الحافي ،
أنَّه اشتهى الشواء أربعين سنةً!!
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
أقول :
فكيف يجمع المالكي بين نقله عن هؤلاء
الذين لا يشتهون الجنَّة ،
وبين نقله عن بشر ،
وعن – أيضاً - رجلٍ يُدعى إسماعيل الدويري
أنَّه اشتهى حلوى كذا سنين .
يعني هذا التناقض كيف يوفِّق بينه هذا الرجل ؟
علماً بأنَّه
– أي : بشر الحافي رحمه الله -
مِن أمثلهم ، وأفضلهم ،
بل هو ليس صوفياً ،
إنَّما رجلٌ ، فاضلٌ ، عابدٌ .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
والإمام أحمد رحمه الله
إنما أخذ على بشر أنه لم يتزوج ،
وهذا مأخذ شرعي ،
رحم الله الإمام أحمد في ذلك ،
فهو يثبت لبشر الحافي التعبُّد ، والزهد ، والورع ،
ولكنَّه لأنَّه لم يتزوج :
فقد عدَّه الإمام أحمد مخالفاً للسنَّة في هذا .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
ونعود إلى كلام المالكي
نستعرض ما في هذا الكتاب
الذي سمَّاه كما قلنا
"المختار من كلام الأخيار" ،
والأخيار عند الصوفيَّة
هم البهاليل ،
أو المجانين ،
أو المجاذيب منهم !!
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
يقول في صفحة (142)
عن إبراهيم بن سعد العلوي ،
يقول : مِن كراماته :
معرفة ما في الخاطر،
والمشي على الماء ،
وحرَّك شفتيه فخرجت الحيتان مِن البحر
مدَّ البصر رافعةً رؤوسها ،
فاتحةً أفواهها ..إلى أخره ،
يعني :
إبراهيم هذا كان يعرف ما في الخاطر ،
وكان يستطيع أن يمشى على الماء،
وكان يجمع الحيتان مدَّ البصر بحركة مِن شفتيه !!
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
مثل هذه الكرامات - علم الغيب -
هذا يربطنا بقضيةٍ كبيرةٍ جداً
تعرَّض لها هؤلاء الخرافيُّون الأربعة
– وهمالرفاعي ، والبحريني ، والمغربييْن -،
تعرضوا لهذه القضية ،
وهيَ قضية : أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب !
ودافعوا عن علوي مالكي في ذلك.
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
الصوفيَّة حينما يدَّعون
أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب ،
وحين يُكثرون من الكلام على معجزات النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم :
يريدون أن يثبتوا بذلك الكرامات الأولياء ؛
لأنَّهم يقولون كل ما ثبت للنَّبيِّ معجزة :
فهو للولي كرامة ،
فإذا أيقنتَ ، وآمنتَ أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب :
فيجب عليك – تبعاً –
أنْ توقن ، وأنْ تؤمن بأنَّ الأولياء يعلمون الغيب أيضاً ،
لأنَّ هذه للنَّبيِّ معجزة ، وهذه للوليِّ كرامة ،
والفرق بينهما :
أنَّ النَّبيّ يدعي النُّبوة ،
والوليُّ لا يدعيها
وأما ظاهر أو صورة الخارق للعادة :
فهي صورة واحدة
، وهذا سيأتي له بسط إن شاء الله فيما بعد.
المقصود :
أنَّ هـذا الرجـل ينقـل هـذا الهراء ،
وهذه الخرافات ،
ويسميها كرامات.
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
ونستمر معه أيضا في صفحة (144)
يتكلم عن النُّوري
ويقول سئل النُّوري عن الرضا،
فقال :
عن وجدي تسألون أم عن وجد الخَلق ؟
فقيل : عن وجدك ،
فقال : لو كنتُ في الدرك الأسفل مِن النَّار :
لكنتُ أرضى ممن هو في الفردوس!!
نسأل الله العافية .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
معنى كلامه هذا :
إنَّه لو وضعه الله عز وجل في الدرك الأسفل مِن النَّار :
سيكون أرضى عن الله تعالى ،
وعمَّا هو فيه ممن هو في الفردوس !!
لماذا هذا الرضا ؟
يَظنون أنَّهم بهذا يرتفعون عن درجة العامَّة ،
هم خاصة الله ، أهل الرضا ،
محبتهم بلغت بهم إلى هذا الحد
مِن محبة الله بزعمهم ،
أمَّا العامَّة ،
ومنهم – في نظرهم ،
والعياذ بالله -: الأنبياء
فهؤلاء يخافون مِن النَّار ، ولا يرضون بها ،
هم بزعمهم أعلى درجةً مِن الأنبياء !
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
وحصلت لهم أحداث
تدل على كذبهم في ذلك ؛
فإنَّ "سامون" ،
وقيل : إنَّه "رويم"
لما أراد أن يَمتحن محبته ،
فصنع بيتاً من الشعر فقال :
لم يــبق لي في سـواك بد
فكيفما شئتَ فامتحنيِّ
فامتحنه الله بعسر البول ،
فحبس بوله عن الخروج ،
فكان يصرخ في الطريق ،
وينادي الصبيان ،
ويقول : احثوا التراب على عمِّكم المجنون ،
أو انظروا إلى عمكم المجنون .
هذه بعض الأمثال ،
نسأل الله سبحانه وتعالى العافية ،
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
ولا يدَّعي كما يدَّعي هؤلاء الزنادقة
- وهم فعلاً زنادقة -
يعتقدون عبادة الله عز وجل بالحب وحده ،
وكما نعلم جميعاً
أن السلف قالوا :
مَن عَبَد الله بالخوف وحده فهو : حروري
- يعني : خارجي مِن الخوارج – ،
ومَن عَبَد الله بالحبِّ وحده فهو : زنديق ،
ومَن عبده بالرجاء وحده فهو : مرجئ ،
ومَن عبده
بالخوف والرجاء والحب فهو :
السنيِّ .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
فمن عبده بالحب وحده فهو زنديق
وهذا يتفق عليه مع ما ذكره أصحاب الفرق ،
أو المؤلِّفون في الفرق وهم :
الإمام خشيش ، والأشعري ، والرازي ، والسكسكي
- هؤلاء كلهم أئمَّة فرَقٍ وذكرنا النُّقول عنهم -
في أنَّ هؤلاء زنادقة ،
فهذه العبارة أيضاً تتفق مع ذلك ،
فما كان المدَّعون للحبِّ المجرد عند السلف إلا زنادقة ؛
لأنَّهم يُبطنون ، ويخرجون جزءاً مهمّاً جدّاً
مِن أعمال القلوب مِن تعبداتها ،
مِن أنواع العبادات العظمى ،
وهي : عبودية الرجاء ،
وعبودية الخوف ،
فيسقطونها بالحب .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
والله سبحانه وتعالى - كما قلنا -
ذكر عن أنبيائه أنَّهم يسألونه الجنَّة ،
ويستعيذون به من النَّار ،
وإمام الموحدين
إبراهيم عليه السلام
يقول كما في سورة الشعراء :
{ واجعلني من ورثة جنة النعيم }.
فكيف يدَّعي هؤلاء
أنَّهم أعظم مِن خليل الرحمن - سبحانه وتعالى -
وأعلى درجةً ،
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
بل هم ينقلون
- وبلغ بهم الاستخفاف أنَّهم نقلوا -
كما في "طبقات الشعراني"
أنَّ رابعة العدوية قالت
لما قرئ عندها
قول الله تبارك وتعالى :
{ وفاكهة مما يتخيرون
ولحم طير مما يشتهون } ،
قالت :
يَعدوننا بالفاكهة والطير كأنَّنا أطفال !!!
نعوذ بالله مِن الاستخفاف،
سواء صحَّ عنها أنَّها قالت ذلك أو لم يصح ،
فالمهمُّ :
مَن نقل هذا الكلام :
فهو مقرٌّ بهذا الاستخفاف
بنعيم الله عز وجل وبجنته .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
فالتناقض - كما قلنا –
أنَّهم ينقلون مثل هذا الكلام ؛
مع نقلهم أنَّ فلاناً اشتهى الشواء أربعين سنَة ،
وهذا اشتهى الحلوى كذا سنة .
ماذا يريد هؤلاء الزنادقة مِن مثل هذه الأمور ؟
سنتعرض للهدف إن شاء الله :
وهو إسقاط التعبدات ،
بعد أنْ نستكمل بعض قراءات مِن كتاب المالكي ،
هذا الذي - كما قلنا - لم يطلع عليه بعض النَّاس ،
أو ربما رأوه ولم ينتبهوا لما فيه ،
ولم يردَّ عليه أحدٌ ،
ونحن نقول لهؤلاء الخرافيين
الذين يدافعون عن "الذخائر" :
انظروا أيضاً إلى هذا الكتاب ،
واجمعوا فكر الرجل مِن جميع جوانبه ،
ثم انظروا أيضاً ما هي صلته بالإسلام ،
أو بالتصوف الذي هو الدين القديم .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
يقول المالكي في صفحة (145)
قال "رويم" :
مكثتُ عشرين سَنَة
لا يعرِض في سرِّي ذكر الأكل حتى يحضر ! .
يعني :
مِن زهده لا يعرض له في خاطره ذكر الأكل
إلا إذا حضر أمامه .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
أولاً :
هذا أمرٌ لم يتعبدنا الله عز وجل به ،
والله عز وجل ذكر الطعام في القرآن ،
وإن كان يخطر ببالِ كلِّ إنسان ،
وورَدَ ذكره في أحاديث كثيرة
- وليس هنا المجال لحصرها -
وليس هناك ما يعيب الإنسان
أن يتذكر الطعام ، أو غيره .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
وأيضاً :
ليس هناك ما يرفع درجته بأنَّه لا يتذكر الطعام ؛
لأنَّ الله سبحانه وتعالى لم يتعبدنا بهذا ،
ثمَّ هذا عملٌ وأمرٌ لو حصل لأحدٍ فهو أمرٌ خفيٌّ ؛
لأنَّ الخواطر في القلب ،
فلماذا يظهرُها ويخبر النَّاس بها ؛
إلا وهم - والعياذ بالله -
يحرصون على أن يشتهروا ، أو يُعرفوا .
فهذا العمل الذي لم يفعله الصحابة رضي الله عنهم ،
ولم يفتخر به الأنبياء :
يأتي مثل هذا الرجل فيذكرونه في الرياء الكاذب ،
هذا هو الرياء الكاذب حقّاً .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
ومن الرياء الكاذب أيضاً :
ما ينقله عن بعضهم أنَّه قال في صفحة (146) :
منذ ثلاثين سنة ما تكلمت بكلمةٍ
أحتاج أن أعتذر منها .
وينقل في صفحة (147) عن آخر :
منذ عشرين ما مددتُ رجلي في الخلوة ،
فإنَّ حسن الأدب مع الله تعالى :
أولى .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
وبعد هذا الكلام :
قد تقولون : هذه فرعيَّات *!
نعم ،
لكن نربطها بمنهج الرجل .
يعلِّق المالكي على هذا القول الأخير ، يقول :
فإنَّ قيل :
فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمدُّ رجلَه في الخلوة ،
وكان أحسن العالمين أدباً ؟
قلنا – أي : المالكي - :
شأن أهل المعرفة أبسط ،
وأوسع من شأن أهل العبادة ،
ولكن لا إنكار عليهم في تضييقهم على أنفسهم ؛
لأنَّ ذلك مقتضى أحوالهم .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
لاحظِ العبارة
" شأن أهل المعرفة أبسط وأوسع من شأن أهل العبادة "!!!! ،
يعني : النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم مِن أهل المعرفة ؛
فشأنه أبسط ،
وأوسع مِن أهل العبادة ،
فيمدُّ رجله
لكنَّ أهل العبادة
لا إنكار عليهم في تضييقهم على أنفسهم ؛
لأنّ ذلك مقتضى أحوالهم !! .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
هذه الحال ،
وقضية الحال عند الصوفيَّة ،
وأنَّ الولي يُسلَّم له حاله ،
لا يُعترض على حاله ،
هذه جعلوها طاغوت ،
وركَّبوا عليها مِن القضايا البدعيَّة والشركيَّة
الشيءَ الكثير جدّاً ،
فكون هذا صاحب حالٍ :
لا يُعترض على حاله ؛
لأنَّه صاحب عبادة ،
وهذا صاحب معرفة ! ،
هذا مِنَ العوام ،
وهذا مِن الخاصَّة !
والحال يسلَّم للخاصة !
وفرقٌ بين هذا الرجل وبين غيره
فما كان حلالاً في حقِّ هذا :
فهو حرامٌ في حقِّ الآخر ،
وما كان حسنُ أدبٍ مع هذا :
فهو سوء أدبٍ مع الآخر !! .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
ولذلك ينقل في صفحة (149) ، يقول :
إنَّ "الشبلي" - وهو مِن أئمَّتهم -
لا نعلم له مسنداً سوى حديثٍ واحدٍ
عن أبى سعيد رضيَ الله تعالى عنه ،
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال
"القَ اللهَ عزَّ وجلَّ فقيراً ، ولا تلْقَهُ غَنِيّاً" ،
قال : يا رسولَ الله كيف لي بذلك ؟
قال : هو ذاك ، وإلا فالنَّار" !.
يقول المالكي :
إن قيل :
كيف تجب النَّار بارتكاب أمرٍ مباحٍ في الشرع ؟
قلنا :
حال بلال ، وطبقته مِن الفقراء تقتضي ألا يدَّخروا !
فمتى خالفوا مقتضى حالتهم :
استوجبوا العقوبة على الكذب في دعوى الحال ،
لا على كسبهم ، وادِّخارهم الحلال ! .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
إذاً هنا قضيَّة تشريعيَّة مهمَّة ،
هنا مناط تكليف ،
ومناط تشريع يختلف ،
ليس المناط أو متعلق التكليف
هو أنَّه مسلمٌ ، عاقلٌ ، بالغٌ ، حرٌّ ،
لا ،
أيضاً هناك مناط آخر وضعته الصوفيَّة ،
هل هو صاحب حال ؟
أو صاحب عبادة مِن العامة ؟
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
إنْ كان مِن أهل الشريعة ،
من أهل العبادة ، مِن العامة :
فهذا في حقِّه الأشياء حلال،
لكن إن كـان مِـن أصحاب الأحوال :
فهذا حتى مجرد جمع المال : حرام !
فإمَّا أن يلقى الله عز وجل فقيراً ،
وإلاَّ فليدخل النَّار ،
كما وضعوا هذا الحديث المكذوب
على رسول صلى الله عليه وسلم ،
فيقول - كما يقول المالكي - :
"متى خالفوا مقتضى حالهم :
استوجبوا العقوبة على الكذب في دعوى الحال ،
لا على كسبهم" !! .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
يعني :
بلال رضيَ الله عنه وأرضاه
لو جمع مالاً حتى صار غنيّاً :
يدخل النَّار ويعذب
لا على أنَّ المال الذي جمعه حرام
– هو حلال نعم -
لكن على أنَّه مخالف للحال!
كيف يدَّعي حالاً ولا يوافقها !؟
فأية دعوى التي ادعاها بلال ؟ وأية حال ؟
هذه هي المشكلة ؛
أن القوم يضعون تشريعات ، وتقنينات
أصلها مأخوذ من أولئك الزنادقة .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
ويأتي في صفحة (151) :
ينقل عن رجل يقال له
"أبو أحمد المُغازَلي" ،
يقول : خطر على قلبي ذكرٌ مِن الأذكار ،
فقلت :
إن كان ذِكرٌ يُمشى به على الماء فهو هذا ،
فوضعتُ قدمي على الماء : فثبتت ،
ثم رفعتُ قدمي الأخرى لأضعها على الماء
فخطر على قلبي كيفية ثبوت الأقدام على الماء
فغاصتا جميعاً !!
أرأيتم هذا الذكر خطرَ على قلبه ،
لا هو مِن "صحيح البخاري" ،
ولا هو مِن "المواهب اللدنيَّة"
التي يرجع إليها هؤلاء الخرافيُّون ،
ولا من السيوطي ، ولا مِن ابن عساكر ،
ولا مِن "الحِلية" ،
إنَما خطر على قلبه ! .
وهنا نقف عند قضية خطيرة في منهج التصوف ،
والتي أشرنا إليها ،
وهي قضية التلقِّي – العلم اللدنِّي - المباشر عن الله .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
هم يقولون :
حدَّثني قلبي عن ربِّى ،
ويقولون : أنتم - أي : أهل السنَّة والجماعة –
تأخذون علمَكم ميِّتاً عن ميِّت -
حدثنا فلان عن فلان عن فلان ،
كله ميِّت عن ميِّت -
ونحن نأخذ علمَنا عن الحيِّ الذي لا يموت !!
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
وأنا أقول :
إنَّ الحيَّ الذي لا يموت إلى يوم يبعثون
- كما أنبأ الله تعالى - :
هو إبليس
وأنَّه لاشك أنَّ الصوفيَّة
يأخذون هذه الوسوسات مِن إبليس ؛
وإلا كيف خطر على قلب هذا الرجل
ذِكرٌ مِن الأذكار؟
ما هو هذا الذِّكر ؟
ما مدى مشروعيته ؟
ما مدى صحته ؟
لا ندري
فيقول في نفسه :
إن كان ذِكراً يمشى به على الماء فهو هذا ،
ثمَّ يضع قدمه على الماء ،
ثم يمشي على الماء .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
انظروا هذه الخرافات ،
يَنقلها هذا الرجل ، ويقرُّها ،
لا أقصد أن هذه الخرافات في ذاتها فقط خرافة ،
إنَّما أقصد أن نربطها بمنهج الرجل
- منهجه في التلقي -
وهو الاستمداد مِن العلم المتلقَّى اللدنِّي ،
والاستمداد مِن المنامات ،
ومِن الأحلام
- كما يأتي أيضاً بعض إيضاح لذلك - .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
ثم ينقل - مِن جملة ما ينقل -
عن إبراهيم الخَوَّاص صفحة (239) ،
يقول :
إنَّ الخوَّاص قال :
سلكتُ البادية إلى مكة سبعة عشر طريقاً ،
منها طريقٌ مِن ذهب !
وطريقٌ مِن فضَّة !
ثم يقول علوي مالكي :
فإنْ قيل :
وهل في الأرض طرقٌ هكذا ؟ ،
قلنا : لا ؛
ولكن هذا مِن جهة
كرامات الأولياء!
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
مَن منكم يفهم هذا الكلام
أو يتخيله في عقله ؟
لكن أنتم مخطئون إذا استخدمتم العقل ؛
لأنَّ الصوفيَّة لا تؤمن بالعقل أصلا ،
بل ولا بالنقل ،
الصوفيَّة تؤمن بالكشف ،
وبالذوق ،
فأنتم ما ذقتم- ولا أنا – شيئاً ،
ما تذوقنا أنَّنا نمشي في البادية إلى مكة سبعة عشر طريقاً ،
منها طريقٌ مِن ذهب ، وطريقٌ مِن فضة ،
إذا قلنا مشينا إلى مكة مَا رأينا شيئاً ،
قالوا : أنتم لست أصحاب حال ،
أنتم مِن العامَّة ، أصحاب شريعة ؛
لكن نحن أصحاب حقيقة !
نرى هذه الطرق ،
فهذه مِن كرامات الأولياء !
هكذا ينقل محمَّد علوي مالكي ،
يستشكل ،
ثمَّ يأتي بالجواب
الذي يعتقد أنَّه جوابٌ مفحِمٌ ، مُسكتٌ .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
وينقل عن أخت داود الطائي ،
أنَّها قالت له - وهذا يذكرنا بما يفعله عُبَّاد الهنود ،
كما ذَكَر البيروني وغيره
مما هو معروفٌ عنهم الآن مِن تعاليم النفس – :
لو تنحيتَ مِن الشمس إلى الظلِّ –
[ يعني : ] تقول : انتقل مِن الشمس إلى الظل -
فقال :
هذه خُطىً لا أدري كيف تُكتب .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
الصوفيَّة يؤمنون بالجبريَّة المطلقة
– سلبية المطلقة –
التوكل عندهم : هو تواكل ،
يقعد ليذهب في البادية بدون أي زاد ،
يقول : متوكِّل على الله *!
يجلس في المسجد ، وتُعطى له الزكاة ،
وتعطى له الصدقات ، والهبات ،
ويقول : متوكِّل على الله .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
تقول له أخته :
قم مِن الشمس إلى الظل ،
فيقول :
خُطىً لا أدري كيف تكتب.
لو قمتَ
{ وما تشاءون إلا أن يشاء الله } ،
الله عز وجل قال لنا هذا ،
وأمَرَنا أنْ نتخِّذ الأسباب.
مثل هذه الأشياء ينقلها ،
ويعتبرها هي درر كلام الأخيار ،
ومِن أفضله .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
ننتقل إلى صفحة (242) ،
عن أبي يزيد البسطامي :
يقول
رأيتُ ربَّ العزة
في المنام
فقلت :
"ياباراخُدا" – بالفارسية - .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
الصوفيَّة يقولون :
إنَّهم يروْن الله تعالى في المنام ،
ويروْن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم في المنام ،
ويقولون :
إنَّهم يرون النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يقظةً .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
وبعض تلاميذ علوي مالكي
سواءٌ الذين هداهم الله ،
أو غيرهم
يقـولون :
إنَّهم يمشون في هذا الطريق – أي : الترقِّي –
حتى يرَوا الرسولَ صلى الله عليه وسلم في المنام ،
وأنَّهم سيستمرُّون حتى يصبحوا ليروْنَه يقظةً .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
وهذا مِن العقائد الراسخة عند الصوفيَّة
- أغلب طرقهم ، أو كلها -
مثلا :
كتاب "التيجانية" ذكر أنَّ هذا مِن عقائد التيجانية ،
وموضَّح فيه ،
و"طبقات الشعراني" نقل هذا عن كثيرٍ منهم ،
و"جامع كرامات الأولياء" - أيضاً - نقل هذا ،
وكثيرٌ مما لا أستطيع أنْ اسمِّيَهم الآن .
في تراجمهم نقلوا أنَّهم رأوا الرسول صلى الله عليه وسلم ،
وأمرهم بكذا !
ونهاهم عن كذا !
وكلُّ هذا مِن البدع ،
ومِن الضلالات
التي زيَّنها لهم الشيطان .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
فالمالكي ينقل :
عن أبا يزيد البسطامي
يقول :
إنَّه رأى ربَّ العزَّة في المنام .
قول هؤلاء :
إنَّهم يرَوْن الرسول صلى الله عليه وسلم ،
وأشنع منه :
مَن يدَّعي رؤية الله تبارك وتعالى منهم .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
لكن تجد عند الصوفيَّة المتأخرين
أن قضية رؤية الله سبحانه وتعالى في الدنيا
قد خفت نوعاً ما ؛
ليُكثرَ مِن رؤية النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ،
ربما لأنَّ الاستنكار عليهم كثُر ،
ولسببٍ آخر مهمٍّ
وهو ازدياد علاقة التصوف بالتشيع،
فكلَّما غلا أولئك في علي رضي الله عنه :
غلا هؤلاء في الرسول صلى الله عليه وسلم ؛
لأنَّ الهدف واحدٌ .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
وهذا يدعُنا نترك كتابَ "علوي" الآن ،
ونتحدث عن هذه القضيَّة ؛
لأنَّها قضيَّة مهمَّة.
وهي قضية أنَّ أعلى سند إلى الصوفيَّة
ينتهي إلى عليٍّ رضيَ الله عنه ،
يقولون :
إنَّ عليّاً أخذ الخِرقة مِن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم .
فالخرقة هذه :
يتناقلونها يداً عن يدٍ إلى عليٍّ رضيَ الله عنه ،
ويتعلق الصوفيَّة بعليٍّ رضي الله عنه تعلُّقاً شديداً ،
يشبه تعلُّقَ الرافضة .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
هذه تُظهر لنا الصلة بين دين الشيعة
الذي أسَّسه عبد الله بن سبأ ،
وبين التصوف ،
فتأليه البشر ،
أو الحلول والاتحاد
- الذي ادَّعاه عبد الله بن سبأ -
موجودٌ لدى الطائفتين جميعاً ،
وأصله - كما نعلم - مِن اليهود ؛
لأنَّ عبد الله بن سباً يهوديٌّ ؛
فأصلُ الحلول هذا : مِن اليهود ،
واليهودي "بولس شاول"
هو الذي أوجد هذا الحلول في دين النَّصارى
وقال : إن الله جلَّ وتعالى عن ذلك
حلَّ في عيسي عليه السلام ،
فهو مبدأ يهودي
أدخله اليهود في هذه الأديان .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
الحاصل :
أَّننا نجد أنَّه في القرن الخامس
اجتمعت الضلالات والبدع ،
ونجد أنَّ نهاية سند الخرقة الصوفيَّة ،
ومبدأ العلم اللدنِّي ، والحقيقة التي يدَّعونها ،
وعلم الباطن :
ينتهي إلى عليٍّ رضي الله عنه .
المعتزلة ينتهي سندُهم إلى علي رضى الله عنه وأنَّه أولُّهم ،
ففي كتاب "طبقات المعتزلة" وكتاب "المنية والأمل" وأمثاله
يجعلون أولَّهم علي رضي الله عنه ،
فأوَّل المتكلمين :
هو علي رضي الله عنه .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
أيضاً :
بالنِّسبة للشيعة معروف أنَّهم يجعلونه
أول الأئمَّة الاثني عشرية ،
وكذلك الفرق الباطنية يدَّعون أنَّ عليا رضي الله عنه
هو دور السابع مِن أدوار الباطنية ، أو الإسماعيلية ،
على اختلاف فِرَقِهم في ذلك .
إذاً هناك خطط ، ومؤامرات ،
وجدوا أنَّ نجاح هذا الهدف ،
وتحقيق هدم الإسلام :
يمكن أن يكون عن طريق تدفق العواطف
لحب علي رضي الله عنه .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
والصوفيَّة لما رأوا كراهية النَّاس للتشييع ، وللرفض
- أي : عامَّة المسلمين يكرهون ذلك -
لجئوا إلى الطريق الأخبث ،
وهو الغلو في محبة الرسول صلى الله عليه وسلم ،
وكلُّ ذلك بإيحاءٍ مِن الشيطان ،
فغلا هؤلاء في النَّبيِّ صلى الله عليه وسلَّم
غلُوّاً خرجوا به في كثيرٍ مِن الأمور عن حدِّ الإسلام ،
وهذا يدلُّ على أنَّ هناك تخطيطاً ، وتعاوناً ماكراً هدفه :
هو هدم الإسلام ، واجتثاث هذا الدين ،
والقضاء على عقيدة أهل السنَّة والجماعة
بالتلاعب بهذه العواطف
- أعني : عواطف العامَّة -
بالنسبة
لحبِّ علي رضي الله عنه ،
أو حب النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
ولو شئنا أن نأخذ بعضَ الأدلَّة
مِن كلام الصوفيَّة على ذلك :
ننظر مثلاً كتاب "أبو حامد الغزالي" على سبيل المثال ،
والغزالي كما هو معروف مِن أئمَّة التصوف الكبار ،
يقول في صفحة (117)
مِن كتاب أو مجموعة "قصور العوالي في رسائل الإمام الغزالي"
من الجزء الأول
يقول :
قال علي رضي الله عنه
– وهو يتحدث عن العلم اللدني - :
إنَّ الله سبحانه وتعالى أخبر عن الخضر فقال :
{ وعلَّمْناه مِن لدنَّا علماً } ،
وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه !!
أدخلتُ لساني في فمي ،
ففتح في قلبي ألف بابٍ مِن العلم ،
مع كلِّ بابٍ ألفُ باب !!
وقال :
لو وُضعت لي وسادة ،
وجلستُ عليها :
لحكمتُ لأهل التوراة بتوراتهم ،
ولأهل الإنجيل بإنجيلهم ،
ولأهل القرآن بقرآنهم !!.
يقول الغزالي :
وهذه مرتبة لا تُنال بمجرد التعلم الإنساني ،
بل يتحلى المرء بهذه المرتبة
بقوة العلم اللدني !! .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
وقال أيضاً رضي الله عنه :
يُحكى عن عهد موسى عليه السلام
بأنَّ شرح كتابه أربعون حِملاً ،
فلو يأذن الله بشرح معاني الفاتحة :
لأشرع فيها حتى تبلغ مثل ذلك ،
يعني :
أربعين وِقراً !! .
وهذه الكثرة ، والسعة ، والانفتاح في العلم :
لا يكون إلا لدنـيّاً ، إلهيّاً ، ثانوياً .
انتهى كلام الغزالي .