بارك الله فيكم
بارك الله فيكم
وفيكم بارك الله
باب جواز إمامة المتنفل بالمفترض
* اختلفَ العلماءُ في صحةِ إمامةِ المتنفلِ بالمفترض:
فذهب الزُّهريُ، ومالكٌ، والحنفيَّةُ إلى: عدمِ صحة ذلكِ، وهو المشهورُ عن الإمامِ أحمدَ، واختاره أكثرُ أصحابِهِ، مستدلين بقولِهِ -صلى الله عليه وسلم-: " إنَّمَا جُعِلَ الإمَامُ لِيؤتمّ بِهِ فَلا تَختلِفُوا عَلَيهِ" متفق عليه، واختلافُ نيةِ المأمومِ عنه اختلافٌ عليه.
وذهب عطاءٌ، والأوزاعيُّ، والشافعيُّ، وأبو ثَوْرٍ، وهو روايةٌ قوية عن الإمامِ أحمدَ: أنها تصحُ، واختارها شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ مستدلين بما روي عن جَابِر ِبن عَبْدِ الله -رَضي الله عَنْهُمَا-: أنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَل ٍكَانَ يُصَلِّي مَعَ رَسُول الله -صلى الله عليه وسلم- الْعشَاءَ الآَخِرَةَ. ثم يَرْجِعُ إِلَى قَوْمِهِ فيُصلي بهم تِلْكَ الصلاةَ.الذي معنا، فإنه كان يصلى الفريضةَ خلف النبي -صلى الله عليه وسلم- في مسجدِهِ، ثم يخرج إلى قومه فيصلى بهم.
مِنْ أدلةِ مُصَحِّحِي صلاةِ المفترضِ خلفَ المتنفِّلِ: أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- صلَّى بطائفةٍ من أصحابِهِ في صلاةِ الخوف ركعتين، ثم سلَّمَ، ثم صلى بالطائفة الأخرى ركعتين، ثم سلم. رواه أبو داودَ، وهو في صلاته الثانيةِ متنفِّلٌ.
*المخالفةُ المنهيُّ عنها في الحديث، أن لا يقتديَ به في تنقلاتِهِ ورفعِهِ وخفضِهِ، فإنه بعد أن قال: "إنما جُعِلَ الإمامُ لِيُؤتَمَّ به" قال: " فإذا كَبَّرَ فكبِّرُوا ولا تكبروا حتى يُكَبِّرَ. إلخ".
*يجوزُ إمامةُ المفترِضِ بالمتنفِّلِ بطريق الأولى.
* يجوزُ إعادةُ الصلاةِ المكتوبةِ لاسيما إذا كان هناك مصلحةٌ، بأن يكونَ قارِئًا فيؤمَّ غيرَ قارىءٍ، أو يدخلَ المسجدَ بعد أن صلَّى منفردًا، فيجدَ جماعةً فصلاتُهُ معهم تُكَمِّلُ نقصَ صلاتِهِ الأُولى وحده.
بابُ حُكْمِ سترِ أحدِ العَاتقينِ في الصلاة
* ذهب الإمامُ أحمدُ في المشهورِ عنه إلى: وجوبِ سَتْرِ أحدِ العاتقينِ في الصلاة مع وجوبِ السُترة، أخذًا بظاهرِ حديثِ "لا يُصَلِّ أحدُكم في الثوبِ الواحدِ ليس على عاتقِهِ من شيءٌ".
وبعضُ أصحابِهِ خصَّ ذلك بالفرضِ دون النافلة، فإن صلَّى بلا سُترةٍ لعاتقِهِ، أو أحدِهما لم تصحْ صلاتُهُ.
* وذهبَ الجمهورُ-ومنهم الأئمةُ الثلاثةُ- إلى الاستحبابِ، وأن النهيَ في الحديثِ ليس للتحريمِ، مستدلين بما في الصحيحين عن جابرٍ "وإن كان ضَيْقًا اتَّزَرَ به"، وحملوا النَّهْيَ على التنزيهِ، والكراهة.
* يستحب ُكونُ المصلِّي على هيئةٍ حَسَنَةٍ.
بَابُ ما جَاءَ في الثُّومِ، والبصلِ، ونحوِهما
* يُنهَى عن إتيانِ المساجدِ مَنْ أكل ثُوْمًا، أو بصلًا، أو كُرَّاثًا.
* يُلحقُ بهذه الأشياءِ كلُّ ذي رائحة ٍكريهةٍ تتأذى منها الملائكةُ، أو المصلون كرائحةِ التَّبْغِ الذي يتعاطاه المدخِّنون، فعلى من ابتلى به ألا يتعاطاه عند ذَهَابِهِ إلى المسجد، وأن ينظفَ أسنانَهُ، وفمَهُ حتى يقطعَ رائحتَهُ ،أو يخففَها.
* يُكره أكلُ هذه الأشياءِ لمن عليه حضورُ الصلاةِ في المسجد، لئلا تفوتَهُ الجماعةُ في المسجد، ما لم يأكلْها حِيلةً على إسقاطِ الحضور، فيحرُم.
بَابُ كَيفيةِ الصَّلاَةِ على النبي -صلى الله عليه وسلم-
* ذهب الإمامان الشافعيُّ، وأحمدُ إلى وجوبِ الصلاةِ على النبي -صلى الله عليه سلم- في التشهدِ الأخيرِ من الصلاة، ولو تُرِكَتْ لم تصحّ الصلاةُ مستدلين بقولِهِ -صلى الله عليه وسم- حين سألوه: كيف نُصلِّي عليك؟ قال: قولوا اللهمَّ صلِّ على محمدٍ. الحديث.
* وذهب الإمامان أبو حَنيفةَ، ومالكٌ، وكثيرٌ من العلماءِ إلى أنها سنة؛ لقولِ النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد أن ساقَ التشهدَ: "إذا فعلتَ هذا، فقد قضيت صلاتَك".
بَابُ الدّعاءِ بعد التشهدِ الأخير
* يستحبُ دعاءُ " اللَّهُمَّ إِنِّي أعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَعَذَابِ النَّار، وَمِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمسِيحِ الدَّجَّالِ" عقبَ التشهدِ الأخير ِكما هو صريحٌ بتقييدِهِ بهذا المكانِ في صحيحِ مسلمٍ.
* يستحبُ دعاءُ "اللَّهُم إني ظَلَمْتُ نَفْسي ظُلْمًا كَثِيرًا، وَلاَ يَغْفرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أنْتَ، فَاغْفِر لي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَارْحَمْني إِنَّك أنْتَ الغَفُور الرَّحِيمُ" في الصلاة.
* ذكرَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ أنَّ المشهورَ عن الإمامِ أحمدَ أنه لايدعو في الصلاةِ إلا بالأدعيةِ المأثورة، وصَرَفَ التخيرَ في قوله "ثم لِيَخترْ من الدعاءِ ما شاء" إلى أن يختارَ من الأدعيةِ التي وردت في الخبر، حينئذ فالدعاءُ المستحبُّ هو الدعاءُ المشروع، أما إذا دعا بدعاءٍ لا يُعلمُ أنه مستحبٌ، أو على أنه جائزٌ غيرُ مستحبٍ فإنه لا تبطلُ صلاتُهُ بذاك، وقد حصل مثلُ هذا من بعض الصحابة في عهد الرسولِ -صلى الله عليه وسلم- فلم يُنْكِرْ عليه، وإنما نفى ماله فيه من الأجر.
* أما دعاءُ الإمامِ والمأمومين جميعًا عقب الصلاةِ، فلم يُنقلْ هذا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه يفعلُهُ في أعقابِ الصلواتِ المكتوباتِ، كما كان يفعلُ الأذكارَ المأثورةَ عنه.
* بناءً على ما رَجحَ من عدمٍ مشروعيةِ الدعاء بعد السلامِ من الصلاة، يظهرُ عدمُ مشروعيةِ رفعِ اليدين في هذا الموطن.
باب الوتر
* الاقتصارُ على ركعةٍ واحدةٍ في النافلة في غير الوتر، فعن أحمدَ فيه روايتان، والرواية التي عليها المذهبُ هي الجواز، أما الرواية الأخرى فهي المنعُ في التنفلِ بركعةٍ واحدة، وهذا ظاهر ما يراه الْخِرَقِيُّ، وقد قوَّاه ابنُ قُدَامةَ في المغنى بقولِهِ -صلى الله عليه وسلم-: "صلاةُ الليلِ مَثْنَى مثنى".
* الأفضلُ أن الوترَ يكون بعد صلاةِ شَفْعٍ، فتقديمُ شفعٍ قبل الوترِ هو السُّنةُ.
* الاقتصارُ في الوترِ على ركعةٍ واحدةٍ لم يتقدمْها شفعٌ جائز، فقد جاء في حديثِ أبي أيوبَ مرفوعاً "ومن شاءَ أوترَ بواحدة" رواه أبو داودَ، والنَّسَائي، وصححه ابنُ حِبَّانَ، والحاكم. وصحَّ عن جماعةٍ من الصحابة أنهم أوتروا بواحدةٍ من غيرِ تقدمِ نفلٍ قبلَها.
* يستحبُ الوترُ، وقد قيل بوجوبِهِ، الراجح أنه ليس بواجبٍ، لكنَّهُ من أفضلِ التطوعاتِ،؛ لكثرةِ النصوصِ في الأمر به وفضلِهِ، وكونِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- لم يتركْهُ في حَضَرٍ ولا سفر.
* اتَّفقَ العلماءُ أن ابتداءَ وقتِهِ بعد صلاةِ العشاءِ، واختلفوا في نهايتِهِ فذهب مالكٌ، والشافعيُّ، وروايةٌ عن أحمدَ إلى أن نهايتَهُ صلاةُ الصبحِ.
* وذهبَ الإمامُ أحمدُ في المشهورِ من مذهبِهِ إلى أن وقتَهُ ينتهي بطلوعِ الفجر، وجزمَ بها في المغنِي، وعليها الحنابلةُ المتأخِّرون.
* قال في المغنى: إنه يكون بعدَ الفجر قضاءً، وممن ذهب إلى هذا صاحبا أبي حنيفةَ، والثوريُّ، وقال شيخُ الإسلام ابنُ تيميةَ: من نام عن صلاةِ وترِهِ يصليه ما بين طلوعِ الفجرِ، وصلاة الصبح، كما فعل ذلك ابنُ عمرَ، وعائشةُ وغيرُهما. وقد روى أبو داودَ بسندِهِ عن أبي سعيد قال: قال رسول الله: "من نام عن وترِهِ أو نسيَهُ فَلْيُصَلِّهِ إذا أصبحَ أو ذكر".
بَابُ الذِّكرِ عَقب الصَّلاةِ
* يُسْتَحبُّ الذكرُ بعدَ الصلاة؛ لما فيه من الفوائدِ الجليلةِ، والمتابعةِ للنبيِّ -صلى الله عليه وسلم-.
* يستحبُّ رفعُ الذَّاكرِ صوتَهُ بالذِّكرِ، لفعلِهِ -صلى الله عليه وسلم-، وفعلِ أصحابِهِ معه.
* يُنهى عن إضاعةِ المال، أي إنفاقُهُ في غير الطرق المشروعة، فقد جعل الله الأموالَ؛ لقيامِ مصالحِ الناس، وفي تبذيرِها تفويتٌ لتلك المصالح، وطرقُ الإنفاقِ ثلاثٌ:
فهناك الإنفاق المذموم وهو: بذلُ المالِ في الأمورِ المذمومةِ شرعًا سواءٌ أكان قليلًا أم كثيرًا.
والإنفاقُ المحمودُ هو: بذلُهُ في الخير والبر، ما لم يُفَوِّتْ حقًا آخرَ أهمَّ منه.
أما الثالث فهو: الإنفاقُ في المباحاتِ، وملاذِّ النفسِ المباحة، فالجائز أن ينفقَ كلٌّ على قدرِ حالِهِ بدون إسرافٍ.
بَابُ الخشُوعِ في الصَّلاةِ
* نُهِىَ عن الصلاةِ حالَ حضورِ الطعامِ، أو مدافعةِ الأَخْبَثَينِ؛ لأن في ذلك مشغلةً عن الصلاة.
* ذَهَبَ الجمهورُ من العلماءِ إلى صحةِ صلاةِ من غَلَبَتْ على صلاتِهِ الوساوسُ ولكن مع نقصِ ثوابِها. وذهب أبو حامدٍ الغَزَالي، وابنُ الجوزي إلى بطلانِها.
* إنَّ اشتغالَ القلبِ اليسير لا يقدحُ في الصلاة.
* يُكرهُ تزويقُ المساجدِ، ونقشُها، والكتابةُ فيها؛ لما يجلُبُهُ من اشتغالِ المصلِّين في النظرِ إليها.
* يجوزُ لُبْسُ الملابسِ المعَلَّمةِ للرجال.
* لا بأسَ من ردِّ الهديةِ؛ لسببٍ، ولكن مع بيانِ السببِ لصاحبِها؛ حتى لا يقعَ في قلبِهِ شيءٌ.