رد: سياط القلوب قبل لقاء علام الغيوب
من روائع ابن الجوزي:
و مما ينبغي للعاقل أن يترصده وقوع الجزاء، فإن ابن سيرين قال: عيرت رجلًا فقلت: يا مفلس! فأفلست بعد أربعين سنةً.
وقال ابن الجلاء: رآني شيخ لي وأنا أنظر إلى أمرد! فقال: ما هذا؟! لتجدن غبها، فَنُسِّيتُ القرآن بعد أربعين سنة.
وبالضد من هذا، كل من عمل خيرًا، أو صحح نية، فلينتظر جزاءها الحسن، وإن امتدت المدة، قال الله عز وجل:
{إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} "يوسف: 90".
-------------
تأملت حرص النفس على ما منعت منه، فرأيت حرصها يزيد على قدر قوة المنع.
------------
وربما رأى العاصي سلامة بدنه و ماله، فظن أن لا عقوبة، و غفلته عما عوقب به عقوبة
وقد قال الحكماء: المعصية بعد المعصية عقاب المعصية، والحسنة بعد الحسنة ثواب الحسنة.
و ربما كان العقاب العاجل معنويًا، كما قال بعض أحبار بني إسرائيل: يا رب! كم أعصيك ولا تعاقبني!
فقيل له: كم أعاقبك وأنت لا تدري! أليس قد حرمتك حلاوة مناجاتي؟
--------------
واعلم -وفقك الله تعالى- أن البدن كالمطية، ولا بد من علف المطية، والاهتمام به، فإذا أهملت ذلك، كان سببًا لوقوفك عن السير.
---------------
ولأن أنفع نفسي وحدي خير لي من أن أنفع غيري وأتضرر
---------------
وكم من معرض عن العلم يخوض في عذاب الهوى في تعبده، و يضيع كثيرًا من الفرص بالنفل، ويشتغل بما يزعمه الأفضل عن الواجب، ولو كانت عنده شعلة من نور العلم،لاهتدى
--------------
التحقيق مع العوام صعب، و لا يكادون ينتفعون بمر الحق
-------------
قال أحمد بن حنبل رحمة الله عليه: من ضيق علم الرجل أن يقلد في دينه الرجال
-------------
و المقصود أن تعلم أن الشرع تام كامل، فإن رزقت فهمًا له، فأنت تتبع الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وتترك بنيات الطريق، ولا تقلد في دينك الرجال، فإن فعلت، فإنك لا تحتاج إلى وصية أخرى.
واحذر جمود النقلة، و انبساط المتكلمين، وجموح المتزهدين، و شره أهل الهوى، و وقوف العلماء على صورة العلم من غير عمل، وعمل المتعبدين بغير علم.
و من أيده الله تعالى بلطفه، رزقه الفهم، وأخرجه عن ربقة التقليد، و جعله أمة وحده في زمانه، لا يبالي بمن عبث، و لا يلتفت إلى من لام، قد سلم زمامه إلى دليل واضح السبيل
رد: سياط القلوب قبل لقاء علام الغيوب
من روائع ابن الجوزي:
و كل ما يظن من الدنيا سراب وعمارتها وإن حسنت صورتها خراب
ومجيئها إلى مجيبها ذهاب ومن خاض الماء الغمر لم يجزع من بلل كما أن من دخل بين الصفين لم يخل من وجل
والعجب لمن يده في سلة الأفاعي كيف ينكر اللسع وأعجب منه من يطلب من المطبوع على الضر التمنع
---------------------
ولولا أن الدنيا دار ابتلاء لم تعتور الأمراض والأكدار ولم يضيق العيش على الأنبياء والأخيار ولقد لزق بهم البلاء وعدموا الراحة
ولو خلقت الدنيا للذة لم يبخس حظ المؤمن منها
----------------------
واعلم أنه إذا هذب الآمر نفسه أثر قوله إما في زوال المنكر أو في إنكسار المذنب أو إلقاء الهيبة له في القلوب
---------------------
تنبهوا يا نيام كم ضيعتم من عام الدنيا كلها منام وأحلى ما فيها أحلام غير أن عقل الشيخ بالهوى غلام
-----------------------
يا صاحب الخطايا لست معنا يا مقبلا على الهوى ما أنت عندنا ضاعت حيلي في تحصيل قلبك إشتدت حيرتي في تلافي أمرك
واعجبا أخوفك عواقب الأمور وما تتوب و أشرح لك أحوال الصالحين وما تؤوب و متى سقطت شهوة العليل دنا الموت
قد أوقدت نار المواعظ إلى جانب كسلك ونفس عزيمتك شديد البرودة و قد اتفق الأطباء على أن النفس البارد في المرض الحاد دليل الهلاك
--------------------------
الأيام طرق الجد و الساعات ركائب المجد و أيام العافية أوقات تستدرك و أحيانا السلامة تنادي من جد أدرك
-------------------------
كم صاح بك واعظ و ما تسمع و كم حصلت ما يكفي و ما تقنع لقد استقرضك مولاك مالك فمالك تجمع و ضمن أن نبت الحبة سبع مائة و ما تزرع تشتغل عن القرآن المنزل و تستمع من مغن يتغزل
------------------------
أخواني الموت مقاتل يقصد المقاتل فما ينفعك أن تقاتل
-----------------------
كان بعض النجارين يبيع الخشب و كان عنده قطعة أبنوس ملقاة تحت الخشب فاشتريت منه فدخل دار الملك بعد مدة فإذا بها قد جعلت سريرا للملك فوقف متعجبا و قال لقد كنت لا اعبأ بهذه فكيف وصلت إلى هذا المقام ؟
فهتف به لسان المفهم نائبا عنها كم صبرت على ضرب الفؤوس ونشر المناشير حتى بلغت إلى هذا المقام
----------------------
كم قدم إلى القبور قادم كلهم على فراش الندم نادم
-----------------------
يا من أنفاسه محفوظة و أعماله ملحوظة أينفق العمر النفيس في نيل الهوى الخسيس
---------------------------
إلى كم تقول سأتوب ألم يخجل اللسان الكذوب
رد: سياط القلوب قبل لقاء علام الغيوب
من كلام ابن القيم / الفوائد:
التوبة من الذنب كشرب الدواء للعليل ورب علة كانت سبب الصحة
لعل عتبك محمود عواقبه ... وربما صحت الأجساد بالعلل
لولا تقدير الذنب هلك ابن آدم من العجب
ذنب يذل به أحب إليه من طاعة يدل بها عليه
شمعة النصر انما تنزل في شمعدان الانكسار
لا يكرم العبد نفسه بمثل اهانتها ولا يعزها بمثل ذلها ولا يريحها بمثل تعبها كما قيل :
سأتعب نفسي أو أصادف راحة ... فان هوان النفس في كرم النفس
ولا يشبعها بمثل جوعها ولا يؤمنها بمثل خوفها ولا يؤنسها بمثل وحشتها من كل ما سوى فاطرها وبارئها ولا يحييها بمثل اماتتها كما قيل
موت النفوس جياتها ... من شاء أن يحيا يموت
-------------------
شراب الهوى حلو و لكنه يورث الشرق
من تذكر خنق الفخ هان عليه هجران الحبة
يا معرقلا في شرك الهوى جمزة عزم و قد خرقت الشبكة
---------------------
لا بد من نفوذ القدر فاجنح للسلم
------------------
لله ملك السموات والارض واستقرض منك حبة فبخلت بها
و خلق سبعة ابحر وأحب منك دمعة فقحطت عينك بها
---------------------
اطلاق البصر ينقش قي القلب صورة المنظور والقلب كعبة والمعبود لا يرضى بمزاحمة الأصنام
----------------------
اشتغل به في الحياة يكفك ما بعد الموت
-----------------------
يا منفقا بضاعة العمر في مخالفة حبيبه و البعد منه ليس في أعدائك أضر عليك منك
----------------------
سبحان الله ظاهرك متجمل بلباس التقوى و باطنك باطية لخمر الهوى فكلما طيبت الثوب فاحت رائحة المسكر من تحته فتباعد منك الصادقون وانحاز اليك الفاسقون
------------------------
كيف يسلم من له زوجة لا ترحمه وولد لا يعذره وجار لا يأمنه وصاحب لا ينصحه وشريك لا ينصفه وعدو لا ينام عن معاداته ونفس أمارة بالسوء ودنيا متزينة وهوى مرد وشهوة غالبة له وغضب قاهر وشيطان مزين وضعف مستول عليه
فإن تولاه الله وجذبه اليه انقهرت له هذه كلها وإن تخلى عنه ووكله الى نفسه اجتمعت عليه فكانت الهلكة
----------------------
ما مضى من الدنيا أحلام وما بقى منها أماني والوقت ضائع بينهما
-----------------------
اقشعرت الأرض وأظلمت السماء وظهر الفساد في البر والبحر من ظلم الفجرة
وذهبت البركات وقلت الخيرات وهزلت الوحوش وتكدرت الحياة من فسق الظلمة
وبكي ضوء النهار وظلمة الليل من الأعمال الخبيثة والأفعال الفظيعة وشكا الكرام الكاتبون والمعقبات الى ربهم من كثرة الفواحش وغلبة المنكرات والقبايح وهذا والله منذر بسيل عذاب قد انعقد غمامه ومؤذن بليل بلاء قد ادلهم ظلامه
فاعتزلوا عن طريق هذا السبيل بتوبة نصوح ما دامت التوبة ممكنة وبابها مفتوح وكأنكم بالباب وقد أغلق وبالرهن وقد غلق وبالجناح وقد علق
(وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) /الشعراء
.............يتبع...
رد: سياط القلوب قبل لقاء علام الغيوب
من كلام ابن القيم / الفوائد:
العمر بآخره و العمل بخاتمته
من أحدث قبل السلام بطل ما مضى من صلاته و من أفطر قبل غروب الشمس ذهب صيامه ضائعا ومن أساء في آخر عمره لقى ربه بذلك الوجه
لو قدمت لقمه وجدتها و لكن يؤذيك الشره
كم جاء الثواب يسعى إليك فوقف بالباب فرده بواب (سوف) و (لعل )و (عسى)
--------------------------
قال بعض الزهاد :ما علمت أن أحدا سمع بالجنة و النار تأتي عليه ساعة لا يطيع الله فيها بذكر أو صلاة أو قراة أو إحسان
فقال له رجل :إني أكثر البكاء
فقال: انك أن تضحك و أنت مقر بخطيئتك خير من أن تبكي و أنت مدل بعملك ,و إن المدل لا يصعد عمله فوق رأسه
فقال: أوصني
فقال :دع الدنيا لأهلها كما تركوا هم الآخره لأهلها, و كن فى الدنيا كالنحلة إن أكلت أكلت طيبا وإن أطعمت أطعمت طيبا وإن سقطت على شيء لم تكسره ولم تخدشه .
---------------------------------------
العجب ممن تعرض له حاجة فيصرف رغبته و همته فيها الي الله ليقضيها له و لا يتصدى للسؤال لحياة قلبه من موت الجهل و الإعراض و شفائه من داء الشهوات و الشبهات
و لكن اذا مات القلب لم يشعر بمعصيته .
------------------------------------
من عرف نفسه اشتغل باصلاحها عن عيوب الناس
من عرف ربه اشتغل به عن هوى نفسه
أنفع العمل أن تغيب فيه عن الناس بالاخلاص و عن نفسك بشهود المنة فلا ترى فيه نفسك ولا ترى الخلق .
-------------------------------------
أجمع العارفون على أن كل خير فأصله توفيق الله للعبد وكل شر فأصله خذلانه لعبده
و أجمعوا أن التوفيق أن لا يكلك الله إلى نفسك و أن الخذلان أن يخلي بينك وبين نفسك
--------------------------------
خوف المخلوق و رجاؤه أحد أسباب الحرمان و نزول المكروه بمن يرجوه ويخافه
فانه على قدر خوفك من غير الله يسلط عليك
و على قدر رجائك لغيره يكون الحرمان
و هذا حال الخلق أجمعه و إن ذهب عن أكثرهم علما وحالا فما شاء الله كان ولا بد وما لم يشأ لم يكن و لو اتفقت عليه الخليقة .
.............يتبع...
رد: سياط القلوب قبل لقاء علام الغيوب
من كلام ابن القيم / الفوائد:
من لم يورثه التعمير و طول البقاء إصلاح معائبه و تدارك فارطه و اغتنام بقية أنفاسه فيعمل على حياة قلبه وحصول النعيم المقيم و إلا فلا خير له في حياته .
-----------------
الطالب الصادق في طلبه كما خرب شيء من ذاته جعله عمارة لقلبه و روحه
و كلما نقص شيء من دنياه جعله زيادة في آخرته
و كلما منع شيئا من لذات دنياه جعله زيادة في لذات آخرته
و كلما ناله هم أو حزن أو غم جعله في أفراح آخرته .
------------------
يالها بصيرة عمياء جزعت من صبر ساعة و احتملت ذل الأبد سافرت في طلب الدنيا و هى عنها زائلة و قعدت عن السفر الى الآخرة و هي إليها راحلة
اذا رأيت الرجل يشتري الخسيس بالنفيس و يبيع العظيم بالحقير فاعلم بانه سفيه
--------------
عامة مصالح النفوس في مكروهاتها كما أن عامة مضارها و أسباب هلكتها في محبوباتها
--------------
اعلم أن العبد إنما يقطع منازل السير إلى الله بقلبه و همته لا ببدنه
و التقوى في الحقيقة تقوى القلوب لا تقوى الجوارح
--------------
العقول المؤيدة بالتوفيق ترى أن ما جاء به الرسول هو الحق الموافق للعقل و الحكمة
و العقول المضروبة بالخذلان ترى المعارضة بين العقل و النقل و بين الحكمة و الشرع
---------------------
الاصول التي تبنى عليها سعادة العبد ثلاثة و لكل واحد منها ضد فمن فقد ذلك الاصل حصل علي ضده
التوحيد و ضده الشرك
و السنة و ضدها البدعة
و الطاعة و ضدها المعصية
و لهذه الثلاثة ضد واحد و هو خلو القلب من الرغبة فى الله وفيما عنده و من الرهبة منه و مما عنده
--------------------
أغبى الناس من ضل في آخر سفره و قد قارب المنزل
------------------------
ما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب و البعد عن الله
اذا قسي القلب قحطت العين
البدن اذا مرض لم ينفع فيه الطعام و الشراب فكذلك القلب اذا مرض بالشهوات لم تنجع فيه المواعظ
شغلوا قلوبهم بالدنيا و لو شغلوها بالله و الدار الآخرة لجالت فى معاني كلامه و آياته المشهودة ورجعت الي أصحابها بغرائب الحكم وطرف الفوائد
.............يتبع...
رد: سياط القلوب قبل لقاء علام الغيوب
من كلام ابن القيم / الفوائد:
خراب القلب من الأمن و الغفلة و عمارته من الخشية والذكر
إذا زهدت القلوب فى موائد الدنيا قعدت على موائد الآخرة بين أهل تلك الدعوة و اذا رضيت بموائد الدنيا فاتتها تلك الموائد.
لا تدخل محبة الله فى قلب فيه حب الدنيا إلا كما يدخل الجمل فى سم الابرة
---------------------
خلق الله سبحانه النفس شبيهة بالرحى الدائرة التي لا تسكن و لا بد لها من شيء تطحنه فإن وضع فيها حب طحنته و إن وضع فيها تراب أو حصا طحنته .
----------------------
من أراد علو بنيانه فعليه بتوثيق أساسه و إحكامه و شدة الاعتناء به فإن علو البنيان على قدر توثيق الأساس و إحكامه
-----------------------
أفضل الزهد إخفاء الزهد و أصعبه الزهد فى الحظوظ
------------------------
دخل الناس النار من ثلاثة أبواب :
باب شبهة اورثت شكا في دين الله
و باب شهوة اورثت تقديم الهوى على طاعته و مرضاته
و باب غضب أورث العدوان على خلقه
أصول الخطايا كلها ثلاثة:
الكبر و هو الذى أصار ابليس الي ما أصاره
و الحرص و هو الذى أخرج آدم من الجنة
و الحسد و هو الذى جرأ أحدا بني آدم علي أخيه
فمن وقى شر هذه الثلاثة فقد وقى الشر
فالكفر من الكبر و المعاصى من الحرص و البغى و الظلم من الحسد
---------------------------
أفضل الذكر و أنفعه ما واطأ فيه القلب اللسان و كان من الأذكار النبوية و شهد الذاكر معانيه و مقاصده
------------------------
من صدق الله في جميع أموره صنع الله له فوق ما يصنع لغيره
----------------------
سئل سهل التستري الرجل يأكل في اليوم أكلة؟
قال أكل الصديقين
قيل له :فأكلتين ؟
قال :أكل المؤمنين
قيل له :فثلاث أكلات ؟
فقال :قل لأهله يبنوا له معلفا
---------------------------
الدنيا كامرأه بغى لا تثبت مع زوج انما تخطب الأزواج ليستحسنوا عليها, فلا ترضى بالدياثه
ميزت بين جمالها وفعالها ... فأذا الملاحة بالقباحة لا تفي
حلفت لنا ان لا تخون عهودنا ... فكأنها حلفت لنا ان لا تفي
.............يتبع...
رد: سياط القلوب قبل لقاء علام الغيوب
من كلام ابن القيم / الفوائد:
أنفع الناس لك رجل مكنك من نفسه حتى تزرع فيه خيرا أو تصنع إليه معروفا فإنه نعم العون لك على منفعتك و كمالك
فانتفاعك به في الحقيقة مثل انتفاعه بك أو أكثر
و أضر الناس عليك من مكن نفسه منك حتى تعصي الله فيه فإنه عون لك على مضرتك ونقصك
================
إذا تصادمت جيوش الدنيا و الآخرة في قلبك و أردت أن تعلم من أي الفريقين أنت فانظر مع من تميل منهما و مع من تقاتل إذ لا يمكنك الوقوف بين الجيشين فأنت مع أحدهما لا محالة
فالفريق الأول استَغَشوا الهوى فخالفوه و استنصحوا العقل فشاوروه و فرغوا قلوبهم للفكر فيما خلقوا له و جوارحهم للعمل بما أمروا به و أوقاتهم لعمارتها بما يعمر منازلهم في الآخرة و استظهروا على سرعة الأجل بالمبادرة إلى الأعمال و سكنوا الدنيا و قلوبهم مسافرة عنها و استوطنوا الآخرة قبل انتقالهم إليها و اهتموا بالله و طاعنه على قدر حاجتهم إليها و تزودوا للآخرة على قدر مقامهم فيها فعجل لهم سبحانه من نعيم الجنة و روحها أن آنسهم بنفسه و أقبل بقلوبهم إليه و جمعها على محبته و شوقهم إلى لقائه و نعمهم بقربه و فرغ قلوبهم مما ملأ قلوب غيرهم من محبة الدنيا و الهم والحزن على فوتها و الغم من خوف ذهابها
فاستلانوا ما استوعره المترفون وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون
صحبوا الدنيا بأبدانهم والملأ الأعلى بأرواحهم .
رد: سياط القلوب قبل لقاء علام الغيوب
قال ابن درستويه صاحب سهل بن عبد الله -و نحن بين يديه؛ إذ أقبل أصحاب الحديث و معهم المحابر؛ فقال: قال سهل:
((اجتهدوا ألا تلقوا الله إلا ومعكم هذه المحابر)).
فغمزت بعضهم و قلت له: يملي شيئاً. فقال: يا أيها الشيخ قد مدحتها؛ فذكرنا بشيء فقال:
((اكتبوا .. .. : الدنيا كلها لا شيء؛ إلا ما كان منها علم؛ و العلم كله حجة إلا ما كان منه عمل؛ والعمل كله هباء إلا ما كان منه إخلاص؛ و أهل الإخلاص على وجل - ثم تلا: {والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلةٌ})).
--------------------------
كان الربيع بن خثيم يقول:
((السرائر؛ السرائر؛ اللاتي تخفون على الناس وهي عند الله -عز وجل- بواد التمسوا دواءهن و ما دواؤهن إلا أن تتوب ثم لا تعود)).
------------------------
قال رجل لمحمد بن النضر الحارثي:
((أنى أعبد الله؟؛ قال: أصلح سريرتك؛ واعبده حيث شئت)).
------------------------------
قال: يحيى بن معاذ -رحمه الله- و سئل عن هذه الآية:
{إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة}.
فقال يحيى: استقاموا عليه فعلاً؛ كما أقروا به قولاً
ثم قال يحيى: كونوا عباد الله بأفعالكم كما زعمتم أنكم عبيد الله بأقوالكم.
-----------------------------
قال إبراهيم بن أدهم :
((أعربنا الكلام فما نلحن؛ ولحنا في الأعمال فما نعرب)).
----------------
قال ذو النون المصري وهو يوصي أخاه ذا الكفل:
((يا أخي، كن بالخير موصوفاً؛ ولا تكن للخير وصافاً)).
------------------------------
قال علي بن الفضيل لأبيه:
((يا أبت؛ ما أحلى كلام أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم
قال: يا بني؛ وتدري لم حلا؟ لأنهم أرادوا به الله تعالى)).
--------------------------------
قال: يوسف بن أسباط :
((إني لأحسب أن الفاسق خير مني؛ لأني لو قلت للفاسق: يا فاسق، احتمل مني. ولو قال لي: يا مرائي غضبت)).
-----------------------------
قال الحسن :
((كانت شجرة تعبد من دون الله؛ فجاء إليها رجل؛ و قال: لأقطعن هذه الشجرة فجاء إليها ليقطعها غضباً لله؛ فلقيه الشيطان في صورة إنسان؛ فقال: ما تريد؟
قال: رأيت أن أقطع هذه الشجرة التي تعبد من دون الله تعالى.
قال: إذا أنت لم تعبدها فما يضرك من عبدها؟
قال: لأقطعنها.
قال له الشيطان: هل لك فيما هو خير لك، لا تقطعها؛ ولك ديناران كل يوم؛ إذا أصبحت عند وسادتك.
قال: فمن لي بذلك.
قال: أنا لك بذلك
فرجع؛ فأصبح فوجد دينارين عند وسادته ثم أصبح فلم يجد شيئاً.
فقام غضبان ليقطعها. فتمثل له الشيطان في صورته. فقال: ما تريد؟
قال: أريد أن أقطع هذه الشجرة التي تعبد من دون الله -عز وجل-
قال: كذبت. ما لك إلى ذلك سبيل.
فذهب ليقطعها فضرب به الأرض و خنقه حتى كاد أن يقتله. وقال: تدري من أنا؟! أنا الشيطان. جئت أول مرة غضباً لله تعالى فلم يكن لي عليك سبيل؛ فخدعتك بالدينارين؛ فتركتها؛ فلما فقدتهما جئت غضباً للدينارين؛ فسلطت عليك)).
-------------------
قال الأوزاعي :
إن المؤمن يقول قليلاً ويعمل كثيراً؛ وإن المنافق يقول كثيراً ويعمل قليلاً
الترغيب والترهيب/أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل الأصبهاني قوام السنة
رد: سياط القلوب قبل لقاء علام الغيوب
بارك الله فيكم وأحسن إليكم
رد: سياط القلوب قبل لقاء علام الغيوب
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو فراس السليماني
بارك الله فيكم وأحسن إليكم
آمين و لك بالمثل
-------------
عن سفيان بن عيينة قال:
((كان رجل من السلف يأتي الأخ من إخوانه فيقول: ما هذا: اتق الله؛ وإن استطعت أن لا تسيء إلى من تحب فافعل؛ فقال له رجل: وهل يسيء الإنسان إلى من يحب؟
قال: نعم؛ نفسك أعز الأنفس عليك؛ وإذا عصيت الله فقد أسأت إليها)).
-------------------
قال سعيد بن عبد العزيز :
من أحسن فليرج الثواب؛ ومن أساء فلا يستنكر الجزاء.
ومن أخذ عزاً بغير حق أورثه الله تعالى ذلاً بحق
ومن جمع مالاً بظلم أورثه الله فقراً بغير ظلم.
-------------------
قال محمد بن أبي توبة :
أقام معروف الصلاة، ثم قال لي: تقدم. تقدم.
فقال محمد: إني إن صليت بكم هذه الصلاة لم أصل بكم غيرها
فقال له معروف: و أنت تحدث نفسك أن تصلي صلاة أخرى، نعوذ بالله من طول الأمل، فإنه يضيع خير العمل
-------------------
قال الفضل بن عياض : إنما أمس مثل، واليوم عمل، وغداً أمل.
-------------------
قال علي -رضي الله عنه- :
أخوف ما أخاف عليكم ثنتان: اتباع الهوى، وطول الأمل.
فأما اتباع الهوى فيصد عن الحق، وطول الأمل ينسي الآخرة.
و ارتحلت الدنيا مدبرة، و ارتحلت الآخرة مقبلة، ولكل واحد منهما بنون، فكونوا من بني الآخرة، ولا تكونوا من بني الدنيا
اليوم عمل و لا حساب، و غداً حساب و لا عمل
-------------------
قال أبو الدرداء -رضي الله عنه-:
((تجمعون ما لا تأكلون، و تأملون ما لا تدركون، وتبنون ما لا تسكنون، كالذين من قبلكم بنوا شديداً، و جمعوا كثيراً، و أملوا بعيداً، فأصبح جمعهم بوراً، و بيوتهم قبوراً و أملهم غروراً)).
-------------------
قال: مسعر بن كدام :
((كم من مستقبل يوماً ليس مستكمله، و منتظر غداً ليس من أجله، لو رأيتم الأجل و مسيره لأبغضتم الأمل وغروره)).
-------------------
قال الفضيل بن عياض:
((ما أطال رجل الأمل إلا أساء العمل)).
الترغيب والترهيب/أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل الأصبهاني قوام السنة
رد: سياط القلوب قبل لقاء علام الغيوب
للرفع
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو عبد البر طارق
قال علي -رضي الله عنه- :
أخوف ما أخاف عليكم ثنتان: اتباع الهوى، وطول الأمل.
فأما اتباع الهوى فيصد عن الحق، وطول الأمل ينسي الآخرة.
و ارتحلت الدنيا مدبرة، و ارتحلت الآخرة مقبلة، ولكل واحد منهما بنون، فكونوا من بني الآخرة، ولا تكونوا من بني الدنيا
اليوم عمل و لا حساب، و غداً حساب و لا عمل
رد: سياط القلوب قبل لقاء علام الغيوب
من كلام ابن الجوزي
سفر الليل لا يطيقه إلى مضمر المجاعة، تجتمع جنود الكسل فتتشبث بذيل التواني، فتزين حب النوم، وتزخرف طيب الفراش، وتخوف برد الماء، فإذا ثارت شعلة من نار الحزم، أضاءت بها طريق القصد، فسمعت أذن اليقين هاتف: هل من سائل؟
فَقُمتُ أَفرِشُ خَدِّي في الطَريقِ لَهُ ... ذُلاً وَأَسحَبُ أَجفاني عَلى الأَثَرِ
---
طلبت نيل العلى وما ارتقيت درج المجاهدة، أتروم الحصاد ولم تبذر؟
----
يا رابطا مناه بخيط الأمل، إنه ضعيف الفتل، لو فتحت عين التيقظ لرأيت حيطان العمر قد تهدمت، فبكيت على خراب دار الأمل، جسمك عندنا وقلبك على فراسخ، لا بالتسويف ترعوي، ولا بالتخويف تستوي، ضاعت مفاتيحي معك.
----
من تفكر في قرب رحيله تشاغل بالتزود، ولبئس ما صنع بائع نفسه النفسية بالأعراض الخسيسة.
إخواني: نهار الحزين كالليل، وليل المطرود كالنهار
يا أعمى عن طريق القوم، أنا مشغول بإصلاح عينك، فإذا استوت أرشدتك الطريق، هذا أمر لا ينكشف للقلوب المظلمة برين الهوى، حتى يجلوها صيقل المجاهدة، أرضك مشحونة بشوك الذنوب فلو قد أسلمتها إلى الزارع رأيتها قد تغيرت (يَوم تُبَدَلُ الأَرضُ غَيرَ الأَرض).
----
خلقنا نتقلب في " ستة " أسفار إلى أن يتسقر بالقوم المنزل:
السفر الأول: سفر السلالة من الطين، السفر الثاني: سفر النطفة من الظهر إلى البطن، السفر الثالث: من البطن إلى الدنيا، الرابع: من الدنيا إلى القبور، الخامس: من القبور إلى العرض، السادس: من العرض إلى منزل الإقامة.
فقد قطعنا نصف السفر، وما بعد أصعب.
----
يا مستفتحا أبواب المعاش بغير مفتاح التقوى، كيف توسع طريق الخطايا وتشكو ضيق الرزق؟
لو اتقيت ما عسر عليك مطلوب، مفتاح التقوى يقع على كل باب ما دام المتقي على صفاء
التقى لا يلقى أذى، فإذا انحرف عن التقى إلتقى بالكدر.