-
رد: درر من كتب شيخي الإسلام ابن تيمية و ابن القيم
إعلام الموقعين/ ابن القيم
وَمَنْ لَهُ عِلْمٌ بِالشَّرْعِ وَالْوَاقِعِ يَعْلَمُ قَطْعًا أَنَّ الرَّجُلَ الْجَلِيلَ الَّذِي لَهُ فِي الْإِسْلَامِ قَدَمٌ صَالِحٌ وَآثَارٌ حَسَنَةٌ وَهُوَ مِنْ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ بِمَكَانٍ قَدْ تَكُونُ مِنْهُ الْهَفْوَةُ وَالزَّلَّةُ هُوَ فِيهَا مَعْذُورٌ بَلْ وَمَأْجُورٌ لِاجْتِهَادِهِ ؛ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُتْبَعَ فِيهَا ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ تُهْدَرَ مَكَانَتُهُ وَإِمَامَتُهُ وَمَنْزِلَتُهُ مِنْ قُلُوبِ الْمُسْلِمِينَ .
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ : كُنْتُ بِالْكُوفَةِ فَنَاظَرُونِي فِي النَّبِيذِ الْمُخْتَلِفِ فِيهِ ، فَقُلْتُ لَهُمْ : تَعَالَوْا فَلْيَحْتَجَّ الْمُحْتَجُّ مِنْكُمْ عَمَّنْ شَاءَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالرُّخْصَةِ ، فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الرَّدَّ عَلَيْهِ عَنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ بِسَنَدٍ صَحَّتْ عَنْهُ ، فَاحْتَجُّوا فَمَا جَاءُوا عَنْ أَحَدٍ بِرُخْصَةٍ إلَّا جِئْنَاهُمْ بِسَنَدٍ ،
فَلَمَّا لَمْ يَبْقَ فِي يَدِ أَحَدٍ مِنْهُمْ إلَّا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ ، وَلَيْسَ احْتِجَاجُهُمْ عَنْهُ فِي شِدَّةِ النَّبِيذِ بِشَيْءٍ يَصِحُّ عَنْهُ ، إنَّمَا يَصِحُّ عَنْهُ أَنَّهُ لَمْ يَنْتَبِذْ لَهُ فِي الْجَرِّ الْأَخْضَرِ .
قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ : فَقُلْتُ لِلْمُحْتَجِّ عَنْهُ فِي الرُّخْصَةِ : يَا أَحْمَقُ ، عُدْ إنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ لَوْ كَانَ هَاهُنَا جَالِسًا فَقَالَ : هُوَ لَكَ حَلَالٌ ، وَمَا وَصَفْنَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ فِي الشِّدَّةِ كَانَ يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَحْذَرَ وَتَخْشَى .
فَقَالَ قَائِلٌ : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَالنَّخَعِيُّ وَالشَّعْبِيُّ - وَسَمَّى عِدَّةً مَعَهُمَا - كَانُوا يَشْرَبُونَ الْحَرَامَ ؟ فَقُلْتُ لَهُمْ : دَعُوا عِنْدَ الْمُنَاظَرَةِ تَسْمِيَةَ الرِّجَالِ ، فَرُبَّ رَجُلٍ فِي الْإِسْلَامِ مَنَاقِبُهُ كَذَا وَكَذَا ، وَعَسَى أَنْ تَكُونَ مِنْهُ زَلَّةٌ ، أَفَيَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْتَجَّ بِهَا ؟ فَإِنْ أَبَيْتُمْ فَمَا قَوْلُكُمْ فِي عَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعِكْرِمَةَ ؟ قَالُوا : كَانُوا خِيَارًا ، قُلْتُ : فَمَا قَوْلُكُمْ فِي الدِّرْهَمِ بِالدِّرْهَمَيْ نِ يَدًا بِيَدٍ ؟ قَالُوا : حَرَامٌ ، فَقُلْتُ : إنَّ هَؤُلَاءِ رَأَوْهُ حَلَالًا ، أَفَمَاتُوا وَهُمْ يَأْكُلُونَ الْحَرَامَ ؟ فَبُهِتُوا وَانْقَطَعَتْ حُجَّتُهُمْ .
-
رد: درر من كتب شيخي الإسلام ابن تيمية و ابن القيم
مدارج السالكين / ابن قيم
فصل المرتبة الرابعة مرتبة التحديث وهذه دون مرتبة الوحي الخاص
وتكون دون مرتبة الصديقين كما كانت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه كما قال النبي إنه كان في الأمم قبلكم محدثون فإن يكن في هذه الأمة فعمر بن الخطاب
وسمعت شيخ الإسلام تقي الدين بن تيمية رحمه الله يقول:
جزم بأنهم كائنون في الأمم قبلنا وعلق وجودهم في هذه الأمة بإن الشرطية مع أنها أفضل الأمم لاحتياج الأمم قبلنا إليهم واستغناء هذه الأمة عنهم بكمال نبيها ورسالته ,فلم يحوج الله الأمة بعده إلى محدَّث ولا مُلهَم ولا صاحب كشف ولا منام ,فهذا التعليق لكمال الأمة واستغنائها لا لنقصها
والمحدث هو الذي يحدث في سره وقلبه بالشيء فيكون كما يحدث به
قال شيخنا والصديق أكمل من المحدث لأنه استغنى بكمال صديقيته ومتابعته عن التحديث والإلهام والكشف, فإنه قد سلم قلبه كله وسره وظاهره وباطنه للرسول ,فاستغنى به عما منه
قال وكان هذا المحدث يعرض ما يحدث به على ما جاء به الرسول فإن وافقه قبله وإلا رده فعلم أن مرتبة الصديقية فوق مرتبة التحديث
قال وأما ما يقوله كثير من أصحاب الخيالات والجهالات حدثني قلبي عن ربي فصحيح أن قلبه حدثه ولكن عمن عن شيطانه أو عن ربه
فإذا قال حدثني قلبي عن ربي كان مسندا الحديث إلى من لم يعلم أنه حدثه به ,وذلك كذب
قال ومحدث الأمة لم يكن يقول ذلك ولا تفوه به يوما من الدهر وقد أعاذه الله من أن يقول ذلك, بل كتب كاتبه يوما هذا ما أرى الله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب فقال لا امحه واكتب هذا ما رأى عمر بن الخطاب فإن كان صوابا فمن الله وإن كان خطأ فمن عمر والله ورسوله منه برىء
وقال في الكلالة أقول فيها برأيى فإن يكن صوابا فمن الله وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان فهذا قول المحدث بشهادة الرسول
وأنت ترى الإتحادي والحلولي والإباحي الشطاح والسماعي مجاهر بالقحة والفرية يقول حدثني قلبي عن ربي
فانظر إلى ما بين القائلين والمرتبتين والقولين والحالين وأعط كل ذي حق حقه ولا تجعل الزغل والخالص شيئا واحدا
-
رد: درر من كتب شيخي الإسلام ابن تيمية و ابن القيم
الفوائد/ ابن القيم
سبحان الله ظاهرك متجمل بلباس التقوى وباطنك باطية ( إناء يوضع فيه الخمر) لخمر الهوى
فكلما طيبت الثوب فاحت رائحة المسكر من تحته
فتباعد منك الصادقون وانحاز اليك الفاسقون
-
رد: درر من كتب شيخي الإسلام ابن تيمية و ابن القيم
الفوائد / ابن القيم
الايمان له ظاهر وباطن
وظاهره قول اللسان وعمل الجوارح
وباطنه تصديق القلب وانقياده ومحبته
فلا ينفع ظاهر لا باطن له وإن حقن به الدماء وعصم به المال والذرية
ولا يجزىء باطن لا ظاهر له الا اذا تعذر بعجز أو إكراه وخوف هلاك
فتخلف العمل ظاهرا مع عدم المانع دليل علي فساد الباطن وخلوه من الايمان
ونقصه دليل نقصه
وقوته دليل قوته
فالايمان قلب الاسلام و لبه
و اليقين قلب الايمان ولبه
وكل علم وعمل لا يزيد الايمان واليقين قوة فمدخول
و كل ايمان لا يبعث على العمل فمدخول
-
رد: درر من كتب شيخي الإسلام ابن تيمية و ابن القيم
مدارج السالكين/ ابن القيم
قال شيخنا رضي الله عنه : ولذلك لا يصح التوكل ولا يتصور من فيلسوف
ولا من القدرية النفاة القائلين : بأنه يكون في ملكه ما لا يشاء
ولا يستقيم أيضا من الجهمية النفاة لصفات الرب جل جلاله
ولا يستقيم التوكل إلا من أهل الإثبات
فأي توكل لمن يعتقد أن الله لا يعلم جزئيات العالم سفليه وعلويه ولا هو فاعل باختياره ولا له إرادة ومشيئة ولا يقوم به صفة
فكل من كان بالله وصفاته أعلم وأعرف كان توكله أصح وأقوى والله سبحانه وتعالى أعلم
-
رد: درر من كتب شيخي الإسلام ابن تيمية و ابن القيم
ابن القيم / مدارج السالكين
... العقبة الثانية وهي عقبة البدعة
إما بإعتقاد خلاف الحق الذي أرسل الله به رسوله وأنزل به كتابه
وإما بالتعبد بما لم يأذن به الله من الأوضاع والرسوم المحدثة في الدين التي لا يقبل الله منها شيئا
والبدعتان في الغالب متلازمتان قل أن تنفك إحداهما عن الأخرى
كما قال بعضهم تزوجت بدعة الأقوال ببدعة الأعمال فاشتغل الزوجان بالعرس فلم يفجأهم إلا و أولاد الزنا يعيثون في بلاد الإسلام
تضج منهم العباد والبلاد إلى الله تعالى
وقال شيخنا تزوجت الحقيقة الكافرة بالبدعة الفاجرة فتولد بينهما خسران الدنيا والآخرة
-
رد: درر من كتب شيخي الإسلام ابن تيمية و ابن القيم
مدارج السالكين/ ابن القيم
كل نفس يخرج في غير ما يقرب إلى الله
فهو حسرة على العبد في معاده
و وقفة له في طريق سيره
أو نكسه إن استمر
أو حجاب إن انقطع به
قال صاحب الموضوع: تدبرت هذا الكلام عدة مرات فعلمت أن القوم كان يعدون النفسات و الخطرات , فساروا إلى الله بقلوبهم لا بأجسادهم فقطعوا مسافات طويلة في مدة قصيرة , أما نحن فسيرنا بأجساد قلوبها لاهية , فنضيع الوقت الطويل و لا نسير إلا خطوات
لكن ما دمنا على طريق القوم في الساقة فلا بد أن نغنم حين ينتصر الجيش
قيل للحسن سبقنا القوم على خيل دهم ونحن على حمر معقره
فقال ان كنت على طريقهم فما أسرع اللحاق بهم
-
رد: درر من كتب شيخي الإسلام ابن تيمية و ابن القيم
ابن قيم الجوزية /مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة
و العلم أعم شيء نفعا و الحاجة اليه فوق الحاجة إلى الغذاء بل فوق الحاجة إلى التنفس
إذ غاية مايتصور من فقدهما فقد حياة الجسم
و أما فقد العلم ففيه فقد حياة القلب والروح
فلا غنى للعبد عنه طرفة عين
ولهذا إذا فقد من الشخص كان شرا من الحمير
بل كان شرا من الدواب عند الله ولا شيء انقص منه حينئذ
-
رد: درر من كتب شيخي الإسلام ابن تيمية و ابن القيم
حادي الأرواح / ابن قيم الجوزية
وكان جل المقصود منه( كتاب حادي الأرواح) بشارة أهل السنة بما أعد الله لهم في الجنة
فإنهم المستحقون للبشرى في الحياة الدنيا وفي الأخرة
ونعم الله عليهم باطنة وظاهرة
وهم أولياء الرسول وحزبه
ومن خرج عن سنته فهم اعداؤه وحربه
لا تأخذهم في نصرة سنته ملامة اللوام
و لا يتركون ما صح عنه لقول أحد من الأنام
والسنة أجل في صدورهم من أن يقدموا عليها رأيا فقهيا
أو بحثا جدليا
أو خيالا صوفيا
أو تناقضا كلاميا
أو قياسيا فلسفيا
أو حكما سياسيا
فمن قدم عليها شيئا من ذلك فباب الصواب عليه مسدود
وهو عن طريق الرشاد مصدود
-
رد: درر من كتب شيخي الإسلام ابن تيمية و ابن القيم
الفوائد /ابن قيم الجوزية
إذا استغنى الناس بالدنيا فاستغن أنت بالله
وإذا فرحوا بالدنيا فافرح أنت بالله
واذا أنسوا بأحبابهم فاجعل أنسك بالله
وإذا تعرفوا الى ملوكهم وكبرائهم وتقربوا إليهم لينالوا بهم العزة والرفعة فتعرف أنت إلي الله وتودد إليه تنل بذلك غاية العز والرفعة
قال بعض الزهاد: ما علمت أن أحدا سمع بالجنة والنار تأتي عليه ساعة لا يطيع الله فيها بذكر أو صلاة أو قراءة أو إحسان
فقال له رجل: إني أكثر البكاء
فقال: انك ان تضحك وأنت مقر بخطيئتك خير من أن تبكي وأنت مدل بعملك
و إن المدل لا يصعد عمله فوق رأسه
فقال: أوصني
فقال: دع الدنيا لأهلها كما تركوا هم الآخره لأهلها
وكن فى الدنيا كالنحلة إن أكلت أكلت طيبا وإن أطعمت أطعمت طيبا وان سقطت على شيء لم تكسره ولم تخدشه
-
رد: درر من كتب شيخي الإسلام ابن تيمية و ابن القيم
الداء و الدواء / ابن القيم
كَيْفَ يَنْتَهِكُ عَبْدٌ حُرُمَاتِ اللَّهِ ، وَيَطْمَعُ أَنْ لَا يَنْتَهِكَ النَّاسُ حُرُمَاتِهِ!!!
أَمْ كَيْفَ يَهُونُ عَلَيْهِ حَقُّ اللَّهِ وَلَا يُهَوِّنُهُ اللَّهُ عَلَى النَّاسِ !!!
أَمْ كَيْفَ يَسْتَخِفُّ بِمَعَاصِي اللَّهِ؟ وَلَا يَسْتَخِفُّ بِهِ الْخَلْقُ!!!
-
رد: درر من كتب شيخي الإسلام ابن تيمية و ابن القيم
الداء و الدواء/ ابن القيم
وَقَدْ أَجْمَعَ السَّائِرُونَ إِلَى اللَّهِ أَنَّ الْقُلُوبَ لَا تُعْطَى مُنَاهَا حَتَّى تَصِلَ إِلَى مَوْلَاهَا
وَلَا تَصِلُ إِلَى مَوْلَاهَا حَتَّى تَكُونَ صَحِيحَةً سَلِيمَةً
وَلَا تَكُونُ صَحِيحَةً سَلِيمَةً حَتَّى يَنْقَلِبَ دَاؤُهَا ، فَيَصِيرَ نَفْسَ دَوَائِهَا
وَلَا يَصِحُّ لَهَا ذَلِكَ إِلَّا بِمُخَالَفَةِ هَوَاهَا
فَهَوَاهَا مَرَضُهَا
وَشِفَاؤُهَا مُخَالَفَتُهُ
فَإِنِ اسْتَحْكَمَ الْمَرَضُ قَتَلَ أَوْ كَادَ .
====
فَيَا مَنْ بَاعَ حَظَّهُ الْغَالِي بِأَبْخَسِ الثَّمَنِ
وَغُبِنَ كُلَّ الْغَبْنِ فِي هَذَا الْعَقْدِ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ قَدْ غُبِنَ
إِذَا لَمْ يَكُنْ لَكَ خِبْرَةٌ بِقِيمَةِ السِّلْعَةِ فَسَلِ الْمُقَوِّمِينَ
فَيَا عَجَبًا مِنْ بِضَاعَةٍ مَعَكَ اللَّهُ مُشْتَرِيهَا
وَثَمَنُهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى
وَالسَّفِيرُ الَّذِي جَرَى عَلَى يَدِهِ عَقْدُ التَّبَايُعِ وَضَمِنَ الثَّمَنَ عَنِ الْمُشْتَرِي هُوَ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَقَدْ بِعْتَهَا بِغَايَةِ الْهَوَانِ !!!
كَمَا قَالَ الْقَائِلُ :
إِذَا كَانَ هَذَا فِعْلُ عَبْدٍ بِنَفْسِهِ=== فَمَنْ ذَا لَهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ يُكْرِمُ
يقول الله تعالى:
(وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ )[ سُورَةُ الْحَجِّ : 18 ]
-
رد: درر من كتب شيخي الإسلام ابن تيمية و ابن القيم
الداء و الدواء/ ابن القيم
فَكَيْفَ يُوَفَّقُ لحُسْنِ الْخَاتِمَةِ مَنْ أَغْفَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِهِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا .
فَبَعِيدٌ مَنْ قَلْبُهُ بَعِيدٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى
غَافِلٌ عَنْهُ مُتَعَبِّدٌ لِهَوَاهُ أَسِيرٌ لِشَهَوَاتِهِ
وَلِسَانُهُ يَابِسٌ مِنْ ذِكْرِهِ
وَجَوَارِحُهُ مُعَطَّلَةٌ مِنْ طَاعَتِهِ مُشْتَغِلَةٌ بِمَعْصِيَتِهِ
بعيد عن هذا أَنْ يُوَفَّقَ لِلْخَاتِمَةِ بِالْحُسْنَى .
وَلَقَدْ قَطَعَ خَوْفُ الْخَاتِمَةِ ظُهُورَ الْمُتَّقِينَ
وَكَأَنَّ الْمُسِيئِينَ الظَّالِمِينَ قَدْ أَخَذُوا تَوْقِيعًا بِالْأَمَانِ
-
رد: درر من كتب شيخي الإسلام ابن تيمية و ابن القيم
الْجَوَابُ الْكَافِي لِمَنْ سَأَلَ عَنْ الدَّوَاءِ الشَّاِفي/أبو عبد الله محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية
قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ : إِنَّ هَذِهِ الْقُلُوبَ جَوَّالَةٌ
فَمِنْهَا مَا يَجُولُ حَوْلَ الْعَرْشِ
وَمِنْهَا مَا يَجُولُ حَوْلَ الْحُشِّ .
====
فَسُبْحَانَ اللَّهِ ! كَمْ مِنْ قَلْبٍ مَنْكُوسٍ وَصَاحِبُهُ لَا يَشْعُرُ ؟
وَقَلْبٍ مَمْسُوخٍ وَقَلْبٍ مَخْسُوفٍ بِهِ ؟
وَكَمْ مِنْ مَفْتُونٍ بِثَنَاءِ النَّاسِ عَلَيْهِ وَمَغْرُورٍ بِسِتْرِ اللَّهِ عَلَيْهِ ؟
وَمُسْتَدْرَجٍ بِنِعَمِ اللَّهِ عَلَيْهِ ؟
وَكُلُّ هَذِهِ عُقُوبَاتٌ وَإِهَانَاتٌ وَيَظُنُّ الْجَاهِلُ أَنَّهَا كَرَامَةٌ .
-
رد: درر من كتب شيخي الإسلام ابن تيمية و ابن القيم
ابن قيم الجوزية / مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين
وكثيرا ما كنت أسمع شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول: إياك نعبد تدفع الرياء
وإياك نستعين تدفع الكبرياء
===
وسمعت شيخ الإسلام تقي الدين بن تيمية قدس الله روح يقول :
كيف يطلب الدليل على من هو دليل على كل شيء
وكان كثيرا ما يتمثل بهذا البيت
وليس يصح في الأذهان شيء ... إذا احتاج النهار إلى دليل
===
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله :
روحه تأملت أنفع الدعاء فإذا هو سؤال العون على مرضاته
ثم رأيته في الفاتحة في إياك نعبد وإياك نستعين
===
ومن زعم أنه يصل إلى مقام يسقط عنه فيه التعبد فهو زنديق كافر بالله وبرسوله
وإنما وصل إلى مقام الكفر بالله والإنسلاخ من دينه
===
...والنظر إلى أهل البلاء
وهم أهل الغفلة عن الله
والإبتداع في دين الله
فهذان الصنفان هم أهل البلاء حقا
فإذا رآهم وعلم ما هم عليه عظمت نعمة الله عليه في قلبه وصفت له وعرف قدرها فالضد يظهر حسنه الضد وبضدها تتميز الأشياء
-
رد: درر من كتب شيخي الإسلام ابن تيمية و ابن القيم
مدارج السالكين/ ابن القيم
أفيظن المعرض عن كتاب ربه وسنة رسوله أن ينجو من ربه بآراء الرجال ؟!!
أو يتخلص من بأس الله بكثرة البحوث والجدال وضروب الأقيسة وتنوع الأشكال؟!!
أو بالإشارات والشطحات وأنواع الخيال ؟؟!!
هيهات و الله لقد ظن أكذب الظن ومنته نفسه أبين المحال
و إنما ضمنت النجاة لمن حكم هدى الله على غيره وتزود التقوى
و ائتم بالدليل وسلك الصراط المستقيم
و استمسك من الوحي بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها والله سميع عليم
-
رد: درر من كتب شيخي الإسلام ابن تيمية و ابن القيم
الْجَوَابُ الْكَافِي لِمَنْ سَأَلَ عَنْ الدَّوَاءِ الشَّاِفي/أبو عبد الله محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية
وَإِذَا اسْتَنَارَ الْقَلْبُ أَقْبَلَتْ وُفُودُ الْخَيْرَاتِ إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ
كَمَا أَنَّهُ إِذَا أَظْلَمَ أَقْبَلَتْ سَحَائِبُ الْبَلَاءِ وَالشَّرِّ عَلَيْهِ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ
فَمَا شِئْتَ مِنْ بِدَعٍ وَضَلَالَةٍ ، وَاتِّبَاعِ هَوًى ، وَاجْتِنَابِ هُدًى ، وَإِعْرَاضٍ عَنْ أَسْبَابِ السَّعَادَةِ ، وَاشْتِغَالٍ بِأَسْبَابِ الشَّقَاوَةِ
فَإِنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يَكْشِفُهُ لَهُ النُّورُ الَّذِي فِي الْقَلْبِ ، فَإِذَا نَفَذَ ذَلِكَ النُّورُ بَقِيَ صَاحِبُهُ كَالْأَعْمَى الَّذِي يَجُوسُ فِي حَنَادِسِ الظَّلَامِ .
-
رد: درر من كتب شيخي الإسلام ابن تيمية و ابن القيم
الْجَوَابُ الْكَافِي لِمَنْ سَأَلَ عَنْ الدَّوَاءِ الشَّاِفي/ أبو عبد الله محمد بن أبي بكر ( ابن قيم الجوزية)
وَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْلَمَ مَا عِنْدَكَ وَعِنْدَ غَيْرِكَ مِنْ مَحَبَّةِ اللَّهِ
فَانْظُرْ مَحَبَّةَ الْقُرْآنِ مِنْ قَلْبِكَ ، وَالْتِذَاذَكَ بِسَمَاعِهِ أَعْظَمَ مِنَ الْتِذَاذِ أَصْحَابِ الْمَلَاهِي وَالْغنَاءِ الْمُطْرِبِ بِسَمَاعِهِمْ
فَإِنَّ مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَنْ أَحَبَّ مَحْبُوبًا كَانَ كَلَامُهُ وَحَدِيثُهُ أَحَبَّ شَيْءٍ إِلَيْهِ كَمَا قِيلَ :
إِنْ كُنْتَ تَزْعُمُ حُبِّي ....فَلِمَ هَجَرْتَ كِتَابِي ؟
أَمَا تَأَمَّلْتَ مَا... فِيهِ مِنْ لَذِيذِ خِطَابِي
وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - :
لَوْ طَهُرَتْ قُلُوبُنَا لَمَا شَبِعَتْ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ
وَكَيْفَ يَشْبَعُ الْمُحِبُّ مِنْ كَلَامِ مَحْبُوبِهِ وَهُوَ غَايَةُ مَطْلُوبِهِ ؟
===========
فَلِمُحِبِّي الْقُرْآنِ مِنَ الْوَجْدِ ، وَالذَّوْقِ ، وَاللَّذَّةِ ، وَالْحَلَاوَةِ ، وَالسُّرُورِ أَضْعَافُ مَا لِمُحِبِّي السَّمَاعِ الشَّيْطَانِيِّ
فَإِذَا رَأَيْتَ الرَّجُلَ ، ذَوْقَهُ ، وَوَجْدَهُ ، وَطَرَبَهُ ، وَتَشَوُّقَهُ إِلَى سَمَاعِ الْأَبْيَاتِ دُونَ سَمَاعِ الْآيَاتِ ، وَسَمَاعِ الْأَلْحَانِ دُونَ سَمَاعِ الْقُرْآنِ ، كَمَا قِيلَ :
تُقْرَأُ عَلَيْكَ الْخَتْمَةُ وَأَنْتَ جامِدٌ كَالْحَجَرِ ... وَبَيْتٌ مِنَ الشِّعْرِ يُنْشَدُ تَمِيلُ كَالسَّكْرَانِ .
فَهَذَا مِنْ أَقْوَى الْأَدِلَّةِ عَلَى فَرَاغِ قَلْبِهِ مِنْ مَحَبَّةِ اللَّهِ وَكَلَامِهِ
وَتَعَلُّقِهِ بِمَحَبَّةِ سَمَاعِ الشَّيْطَانِ
وَالْمَغْرُورُ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ عَلَى شَيْءٍ .
-
رد: درر من كتب شيخي الإسلام ابن تيمية و ابن القيم
ابن قيم الجوزية/ إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان
و سألت شيخ الإسلام عن معنى دعاء النبي :اللهم طهرني من خطاياي بالماء و الثلج والبرد
كيف يطهر الخطايا بذلك ؟
و ما فائدة التخصيص بذلك ؟
و قوله في لفظ آخر : (و الماء البارد ) ,و الحار أبلغ في الإنقاء .
فقال : الخطايا توجب للقلب حرارة و نجاسة و ضعفا ,فيرتخى القلب وتضطرم فيه نار الشهوة و تنجسه ,فإن الخطايا و الذنوب له بمنزلة الحطب الذي يمد النار و يوقدها ,و لهذا كلما كثرت الخطايا اشتدت نار القلب و ضعفه, والماء يغسل الخبث ويطفىء النار, فإن كان باردا أورث الجسم صلابة و قوة ,
فإن كان معه ثلج وبرد كان أقوى في التبريد و صلابة الجسم وشدته ,فكان أذهب لأثر الخطايا
هذا معنى كلامه .
-
رد: درر من كتب شيخي الإسلام ابن تيمية و ابن القيم
مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين/ ابن القيم
و لما كان طالب الصراط المستقيم طالب أمر أكثر الناس ناكبون عنه
مريدا لسلوك طريق مرافقه فيها في غاية القلة والعزة
و النفوس مجبولة على وحشة التفرد وعلى الأنس بالرفيق
نبه الله سبحانه على الرفيق في هذه الطريق وأنهم هم:
( الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا)
فأضاف الصراط إلى الرفيق السالكين له و هم الذين أنعم الله عليهم ليزول عن الطالب للهداية وسلوك الصراط وحشة تفرده عن أهل زمانه وبنى جنسه
و ليعلم أن رفيقه في هذا الصراط هم الذين أنعم الله عليهم فلا يكترث بمخالفة الناكبين عنه له ,فإنهم هم الأقلون قدرا وإن كانوا الأكثرين عددا كما قال بعض السلف :
عليك بطريق الحق و لا تستوحش لقلة السالكين وإياك و طريق الباطل ولا تغتر بكثرة الهالكين
و كلما استوحشت في تفردك فانظر إلى الرفيق السابق واحرص على اللحاق بهم وغض الطرف عمن سواهم فإنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا
و إذا صاحوا بك في طريق سيرك فلا تلتفت إليهم فإنك متى التفت إليهم أخذوك وعاقوك
-
رد: درر من كتب شيخي الإسلام ابن تيمية و ابن القيم
مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين/ ابن القيم
فكل من كان أعرف للحق وأتبع له كان أولى بالصراط المستقيم
و لا ريب أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم , و رضي الله عنهم هم أولى بهذه الصفة من الروافض
فإنه من المحال أن يكون أصحاب رسول الله ورضى الله عنهم جهلوا الحق وعرفه الروافض أو رفضوه وتمسك به الروافض
ثم إنا رأينا آثار الفريقين تدل على أهل الحق منهما
فرأينا أصحاب رسول الله فتحوا بلاد الكفر و قلبوها بلاد إسلام و فتحوا القلوب بالقرآن و العلم و الهدى فآثارهم تدل على أنهم هم أهل الصراط المستقيم
و رأينا الرافضة بالعكس في كل زمان و مكان فإنه قط ما قام للمسلمين عدو من غيرهم إلا كانوا أعوانهم على الإسلام
وكم جروا على الإسلام وأهله من بلية وهل عاثت سيوف المشركين عباد الأصنام من عسكر هولاكو وذويه من التتار إلا من تحت رءوسهم !!؟
و هل عطلت المساجد وحرقت المصاحف وقتل سروات المسلمين و علماؤهم و عُبادهم وخليفتهم إلا بسببهم و من جرائهم!!؟
و مظاهرتهم للمشركين والنصارى معلومة عند الخاصة والعامة و آثارهم في الدين معلومة
فأي الفريقين أحق بالصراط المستقيم؟
وأيهم أحق بالغضب والضلال إن كنتم تعلمون ؟
-
رد: درر من كتب شيخي الإسلام ابن تيمية و ابن القيم
مجموع الفتاوى/ تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني (المتوفى : 728هـ)
وَ أَمَّا اللُّغَوِيُّونَ الَّذِينَ يَقُولُونَ إنْ الرَّاسِخِينَ لَا يَعْلَمُونَ مَعْنَى الْمُتَشَابِهِ, فَهُمْ مُتَنَاقِضُونَ فِي ذَلِكَ
فَإِنَّ هَؤُلَاءِ كُلِّهِمْ يَتَكَلَّمُونَ فِي تَفْسِيرِ كُلِّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ وَيَتَوَسَّعُون َ فِي الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ, حَتَّى مَا مِنْهُمْ أَحَدٌ إلَّا وَ قَدْ قَالَ فِي ذَلِكَ أَقْوَالًا لَمْ يُسْبَقْ إلَيْهَا وَهِيَ خَطَأٌ .
وَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ الَّذِي بَالَغَ فِي نَصْرِ ذَلِكَ الْقَوْلِ, هُوَ مِنْ أَكْثَرِ النَّاسِ كَلَامًا فِي مَعَانِي الْآيِ الْمُتَشَابِهَا تِ ,يَذْكُرُ فِيهَا مِنْ الْأَقْوَالِ مَا لَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ ,وَ يَحْتَجُّ لِمَا يَقُولُهُ فِي الْقُرْآنِ بِالشَّاذِّ مِنْ اللُّغَةِ, وَ قَصْدُهُ بِذَلِكَ الْإِنْكَارُ عَلَى ابْنِ قُتَيْبَةَ وَلَيْسَ هُوَ أَعْلَمَ بِمَعَانِي الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ وَ أَتْبَعَ لِلسُّنَّةِ مِنْ ابْنِ قُتَيْبَةَ وَلَا أَفْقَهَ فِي ذَلِكَ .
وَإِنْ كَانَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ مِنْ أَحْفَظِ النَّاسِ لِلُّغَةِ
لَكِنَّ بَابَ فِقْهِ النُّصُوصِ غَيْرُ بَابِ حِفْظِ أَلْفَاظِ اللُّغَةِ .
-
رد: درر من كتب شيخي الإسلام ابن تيمية و ابن القيم
مدارج السالكين / ابن قيم الجوزية
و القصد أن كل من أعرض عن شيء من الحق و جحده وقع في باطل مقابل لما أعرض عنه من الحق و جحده و لا بد حتى في الأعمال
فمن رغب عن العمل لوجه الله وحده ابتلاه الله بالعمل لوجوه الخلق ,فرغب عن العمل لمن ضره ونفعه وموته وحياته وسعادته بيده فابتلى بالعمل لمن لا يملك له شيئا من ذلك
وكذلك من رغب عن إنفاق ماله في طاعة الله ابتلي بإنفاقه لغير الله وهو راغم
وكذلك من رغب عن التعب لله ابتلي بالتعب في خدمه الخلق ولا بد
وكذلك من رغب عن الهدى بالوحي ابتلي بكناسة الآراء وزبالة الأذهان ووسخ الأفكار
فليتأمل من يريد نصح نفسه وسعادتها وفلاحها هذا الموضع في نفسه وفي غيره
-
رد: درر من كتب شيخي الإسلام ابن تيمية و ابن القيم
مدارج السالكين / ابن قيم الجوزية
والكامل من عد خطؤه, و لا سيما في مثل هذا المحال الضنك والمعترك الصعب, الذي زلت فيه أقدام وضلت فيه أفهام وافترقت بالسالكين فيه الطرقات و أشرفوا إلا أقلهم على أودية الهلكات
و كيف لا و هو البحر( القدر : زيادة مني ) الذي تجري سفينة راكبه في موج كالجبال
و المعترك الذي تضاءلت لشهوده شجاعة الأبطال
و تحيرت فيه عقول ألباء الرجال
و وصلت الخليقة إلى ساحله يبغون ركوبه
فمنهم من وقف مطرقا دهشا لا يستطيع أن يملأ منه عينه ,و لا ينقل عن موقفه قدمه ,قد امتلأ قلبه بعظمة ما شاهد منه فقال الوقوف على الساحل أسلم, و ليس بلبيب من خاطر بنفسه
ومنهم من رجع على عقبيه لما سمع هديره وصوت أمواجه ولم يطق نظرا إليه
ومنهم من رمى بنفسه في لججه تخفضه موجة وترفعه أخرى
فهؤلاء الثلاثة على خطر إذ الواقف على الساحل عرضة لوصول الماء تحت قدميه
و الهارب و لو جد في الهرب فماله مصير إلا إليه
و المخاطر ناظر إلى الغرق كل ساعة بعينيه
و ما نجا من الخلق إلا الصنف الرابع: و هم الذين انتظروا موافاة سفينة الأمر ,فلما قربت منهم ناداهم الربان:
( اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها ) هود
فهي سفينة نوح حقا وسفينة من بعده من الرسل ,من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق
فركبوا سفينة الأمر بالقدر تجري بهم في تصاريف أمواجه على حكم التسليم لمن بيده التصرف في البحار
فلم يك إلا غفوة حتى قيل لأرض الدنيا وسمائها :
(يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضى الأمر واستوت على الجودي) هود, دار القرار
والمتخلفون عن السفينة كقوم نوح أغرقوا ثم أحرقوا ونودي عليهم على رؤوس العالمين:
( و ما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين)
ثم نودي بلسان الشرع والقدر تحقيقا لتوحيده وإثباتا لحجته وهو أعدل العادلين:
( قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين )
-
رد: درر من كتب شيخي الإسلام ابن تيمية و ابن القيم
مدارج السالكين / ابن قيم الجوزية
و القصد : أن إضاعة الوقت الصحيح يدعو إلى درك النقيصة
إذ صاحب حفظه مترق في درجات الكمال
فإذا أضاعه لم يقف موضعه بل ينزل إلى درجات من النقص
فإن لم يكن في تقدم فهو متأخر ولا بد
فالعبد سائر لا واقف ,فإما إلى فوق و إما إلى أسفل , و إما إلى أمام ,و إما إلى وراء
و ليس في الطبيعة ولا في الشريعة وقوف ألبتة ما هو إلا مراحل تطوى أسرع طيو إلى الجنة أو إلى النار
فمسرع و مبطىء, و متقدم و متأخر
و ليس في الطريق واقف ألبتة وإنما يتخالفون فى جهة المسير, و في السرعة والبطء
( إنها لإحدى الكبر نذيرا للبشر لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر) المدثر : 35 -37
و لم يذكر واقفا, إذ لا منزل بين الجنة والنار ,و لا طريق لسالك إلى غير الدارين ألبتة
فمن لم يتقدم إلى هذه الأعمال الصالحة فهو متأخر إلى تلك بالأعمال السيئة.
-
رد: درر من كتب شيخي الإسلام ابن تيمية و ابن القيم
مدارج السالكين /ابن قيم الجوزية
و سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول :
انظر إلى موسى صلوات الله وسلامه عليه رمى الألواح التي فيها كلام الله الذي كتبه بيده فكسرها
و جر بلحية نبي مثله و هو هارون
و لطم عين ملك الموت ففقأها
و عاتب ربه ليلة الإسراء في محمد و رفعه عليه
و ربه تعالى يحتمل له ذلك ويحبه ويكرمه ويدلله لأنه قام لله تلك المقامات العظيمة في مقابلة أعدى عدو له وصدع بأمره وعالج أمتي القبط وبني إسرائيل أشد المعالجة
فكانت هذه الأمور كالشعرة فى البحر
و انظر إلى يونس بن متى حيث لم يكن له هذه المقامات التي لموسى غاضب ربه مرة فأخذه وسجنه في بطن الحوت و لم يحتمل له ما احتمل لموسى
و فرق بين من إذا أتى بذنب واحد و لم يكن له من الإحسان و المحاسن ما يشفع له
و بين من إذا أتى بذنب جاءت محاسنه بكل شفيع كما قيل :
وإذا الحبيب أتى بذنب واحد ===جاءت محاسنه بألف شفيع
-
رد: درر من كتب شيخي الإسلام ابن تيمية و ابن القيم
مدارج السالكين/ ابن قيم الجوزية
فكم من مغبوط بحاله انعكس عليه الحال ورجع من حسن المعاملة إلى قبيح الأعمال
فأصبح يقلب كفيه ويضرب باليمين على الشمال
بينما بَدْر أحواله مستنيرا في ليالى التمام, إذ أصابه الكسوف فدخل في الظلام
فبدل بالأنس وحشة
و بالحضور غيبة
و بالإقبال إعراضا
و بالتقريب إبعادا
و بالجمع تفرقة
كما قيل :
أحسنت ظنك بالأيام إذ حسنت... و لم تخف سوء ما يأتي به القدر
و سالمتك الليالي فاغتررت بها... و عند صفو الليالي يحدث الكدر
=============
ولقد شاهدت من شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه أمرا لم أشاهده من غيره و كان يقول كثيرا :
ما لي شيء ولا مني شيء ولا في شيء
و كان كثيرا ما يتمثل بهذا البيت :
أنا المكدى وابن المكدى.... و هكذا كان أبي وجدي
و كان إذا أثنى عليه في وجهه يقول :
والله إني إلى الآن أجدد إسلامي كل وقت وما أسلمت بعد إسلاما جيدا
وبعث إلي في آخر عمره قاعدة في التفسير بخطه وعلى ظهرها أبيات بخطه من نظمه :
أنا الفقير إلى رب البريات ...أنا المسيكين فى مجموع حالاتى
أنا الظلوم لنفسى وهي ظالمتي... و الخير إن يأتنا من عنده ياتى
لا أستطيع لنفسى جلب منفعة... و لا عن النفس لى دفع المضرات
وليس لي دونه مولى يدبرني... ولا شفيع إلى رب السماوات
إلا بإذن من الرحمن خالقنا... إلى الشفيع كما قد جاء في الآيات
و لست أملك شيئا دونه أبدا... ولا شريك أنا فى بعض ذرات
.........................***.. .............................. .......
-
رد: درر من كتب شيخي الإسلام ابن تيمية و ابن القيم
ابن القيم / مدارج السالكين:
النوع الثاني : رخص التأويلات واختلاف المذاهب فهذه تتبعها حرام ينقص الرغبة ويوهن الطلب ويرجع بالمترخص إلى غثاثة الرخص
فإن من ترخص بقول أهل مكة في الصرف. و أهل العراق في الأشربة ;و أهل المدينة في الأطعمة ,وأصحاب الحيل في المعاملات
و قول ابن عباس في المتعة .و إباحة لحوم الحمر الأهلية
و قول من جوز نكاح البغايا المعروفات بالبغاء وجوز أن يكون زوج قحبة! وقول من أباح آلات اللهو والمعازف : من اليراع والطنبور والعود والطبل والمزمار
و قول من أباح الغناء ,و قول من جوز استعارة الجواري الحسان للوطء ,و قول من جوز للصائم أكل البرد وقال : ليس بطعام ولا شراب
و قول من جوز الأكل ما بين طلوع الفجر و طلوع الشمس للصائم
و قول من صحح الصلاة ب (مدهامتان) بالفارسية, و ركع كلحظة الطرف ثم هوى من غير اعتدال وفصل بين السجدتين بارتفاع كحد السيف ولم يصل على النبي وخرج من الصلاة بحبقة
و قول من جوز وطء النساء في أعجازهن ,و نكاح بنته المخلوقة من مائه الخارجة من صلبه حقيقة إذا كان ذلك الحمل من زني
و أمثال ذلك من رخص المذاهب وأقوال العلماء فهذا الذي تنقص بترخصه رغبته ويوهن طلبه ويلقيه في غثاثة الرخص
-
رد: درر من كتب شيخي الإسلام ابن تيمية و ابن القيم
إقامة الدليل على إبطال التحليل/ شيخ الإسلام ابن تيمية
وَ قَوْلُهُمْ مَسَائِلُ الْخِلَافِ لَا إنْكَارَ فِيهَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ
فَإِنَّ الْإِنْكَارَ , إمَّا أَنْ يَتَوَجَّهَ إلَى الْقَوْلِ بِالْحُكْمِ أَوْ الْعَمَلِ
أَمَّا الْأَوَّلُ فَإِذَا كَانَ الْقَوْلُ يُخَالِفُ سُنَّةً , أَوْ إجْمَاعًا قَدِيمًا وَجَبَ إنْكَارُهُ وِفَاقًا , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ يُنْكَرُ بِمَعْنَى بَيَانِ ضَعْفِهِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ الْمُصِيبُ وَاحِدٌ وَهُمْ عَامَّةُ السَّلَفِ وَالْفُقَهَاءِ ,
وَ أَمَّا الْعَمَلُ فَإِذَا كَانَ عَلَى خِلَافِ سُنَّةٍ , أَوْ إجْمَاعٍ وَجَبَ إنْكَارُهُ أَيْضًا بِحَسَبِ دَرَجَاتِ الْإِنْكَارِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ شَارِبِ النَّبِيذِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ , وَكَمَا يُنْقَضُ حُكْمُ الْحَاكِمِ إذَا خَالَفَ سُنَّةً , وَإِنْ كَانَ قَدْ اتَّبَعَ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ .
وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْمَسْأَلَةِ سُنَّةٌ وَلَا إجْمَاعٌ وَلِلِاجْتِهَاد ِ فِيهَا مَسَاغٌ فلا يُنْكَرُ عَلَى مَنْ عَمِلَ بِهَا مُجْتَهِدًا , أَوْ مُقَلِّدًا ,
وَ إِنَّمَا دَخَلَ هَذَا اللَّبْسُ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْقَائِلَ يَعْتَقِدُ أَنَّ مَسَائِلَ الْخِلَافِ هِيَ مَسَائِلُ الِاجْتِهَادِ كَمَا اعْتَقَدَ ذَلِكَ طَوَائِفُ مِنْ النَّاسِ - وَالصَّوَابُ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ أَنَّ مَسَائِلَ الِاجْتِهَادِ ما لَمْ يَكُنْ فِيهَا دَلِيلٌ يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ وُجُوبًا ظَاهِرًا ,
مِثْلُ حَدِيثٍ صَحِيحٍ لَا مُعَارِضَ مِنْ جِنْسِهِ فَيَسُوغُ لَهُ - إذَا عَدِمَ ذَلِكَ فِيهَا - الِاجْتِهَادُ لِتَعَارُضِ الْأَدِلَّةِ الْمُتَقَارِبَة ِ .
أَوْ لِخَفَاءِ الْأَدِلَّةِ فِيهَا وَلَيْسَ فِي ذِكْرِ كَوْنِ الْمَسْأَلَةِ قَطْعِيَّةً طَعْنٌ عَلَى مَنْ خَالَفَهَا مِنْ الْمُجْتَهِدِين َ كَسَائِرِ الْمَسَائِلِ الَّتِي اخْتَلَفَ فِيهَا السَّلَفُ .
وَقَدْ تَيَقَّنَّا صِحَّةَ أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِيهَا . مِثْلُ كَوْنِ الْحَامِلِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا تَعْتَدُّ بِوَضْعِ الْحَمْلِ . وَأَنَّ الْجِمَاعَ الْمُجَرَّدَ عَنْ إنْزَالٍ يُوجِبُ الْغُسْلَ . وَأَنَّ رِبَا الْفَضْلِ وَالْمُتْعَةَ حَرَامٌ , وَأَنَّ النَّبِيذَ حَرَامٌ , وَأَنَّ السُّنَّةَ فِي الرُّكُوعِ الْأَخْذُ بِالرُّكَبِ , وَأَنَّ دِيَةَ الْأَصَابِعِ سَوَاءٌ , وَأَنَّ يَدَ السَّارِقِ تُقْطَعُ فِي ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ رُبُعِ دِينَارٍ , وَأَنَّ الْبَائِعَ أَحَقُّ بِسِلْعَتِهِ إذَا أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي . وَأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُقْتَلُ بِالْكَافِرِ . وَأَنَّ الْحَاجَّ يُلَبِّي حَتَّى يَرْمِيَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ , وَأَنَّ التَّيَمُّمَ يَكْفِي فِيهِ ضَرْبَةٌ وَاحِدَةٌ إلَى الْكُوعَيْنِ . وَأَنَّ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ جَائِزٌ حَضَرًا وَسَفْرًا إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَكَادُ يُحْصَى .
-
رد: درر من كتب شيخي الإسلام ابن تيمية و ابن القيم
ابن القيم / مدارج السالكين:
و اعلم أن المعرفة الصحيحة : هي روح العلم
و الحال الصحيح : هو روح العمل المستقيم
فكل حال لا يكون نتيجة العمل المستقيم مطابقا للعلم : فهو بمنزلة الروح الخبيثة الفاجرة
و لا ينكر أن يكون لهذه الروح أحوال , لكن الشأن في مرتبة تلك الأحوال ومنازلها
فمتى عارض الحال حكما من أحكام العلم
فذلك الحال إما فاسد و إما ناقص و لا يكون مستقيما أبدا
فالعلم الصحيح والعمل المستقيم : هما ميزان المعرفة الصحيحة و الحال الصحيح
و هما كالبدنين لروحيهما
-
رد: درر من كتب شيخي الإسلام ابن تيمية و ابن القيم
ابن القيم / مدارج السالكين
و من المعلوم أن المؤثر لرضى الله متصد لمعاداة الخلق وأذاهم, و سعيهم في إتلافه و لابد
هذه سنة الله في خلقه و إلا فما ذنب الأنبياء و الرسل و الذين يأمرون بالقسط من الناس و القائمين بدين الله الذابين عن كتابه وسنة رسوله عندهم؟
فمن آثر رضى الله فلابد أن يعاديه رذالة العالم وسقطهم وأغراؤهم وجهالهم و أهل البدع و الفجور منهم
و أهل الرياسات الباطلة و كل من يخالف هديه هديه
فما يقدم على معاداة هؤلاء إلا طالب الرجوع إلى الله عامل على سماع خطاب :
(يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية )الفجر
و من إسلامه صلب كامل لا تزعزعه الرجال ولا تقلقله الجبال, و من عقد عزيمة صبره محكم لا تحله المحن والشدائد والمخاوف
وملاك ذلك أمران : الزهد في الحياة و الثناء
فما ضعف من ضعف وتأخر من تأخر إلا بحبه للحياة والبقاء وثناء الناس عليه ونفرته من ذمهم له
فإذا زهد في هذين الشيئين تأخرت عنه العوارض كلها و انغمس حينئذ في العساكر
و ملاك هذين الشيئين بشيئين : صحة اليقين وقوة المحبة
و ملاك هذين بشيئين أيضا : بصدق اللجإ والطلب, و التصدي للأسباب الموصلة إليهما
فإلى ههنا تنتهي معرفة الخلق و قدرتهم
و التوفيق بعد بيد من أزمة الأمور كلها بيده
( و ما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما )
-الإنسان-
-
رد: درر من كتب شيخي الإسلام ابن تيمية و ابن القيم
ابن القيم / مدارج السالكين
و من أحالك على غير أخبرنا و حدثنا فقد أحالك إما على خيال صوفي. أو قياس فلسفي, أو رأي نفسي
فليس بعد القرآن و أخبرنا و حدثنا إلا شبهات المتكلمين وآراء المنحرفين وخيالات المتصوفين وقياس المتفلسفين
و من فارق الدليل ضل عن سواء السبيل
و لا دليل إلى الله والجنة سوى الكتاب والسنة
و كل طريق لم يصحبها دليل القرآن والسنة فهي من طرق الجحيم والشيطان الرجيم
و العلم ما قام عليه الدليل و النافع منه ما جاء به الرسول
و العلم خير من الحال
العلم حاكم و الحال محكوم عليه
و العلم هاد والحال تابع
و العلم آمر ناه و الحال منفذ قابل
و الحال سيف إن لم يصحبه العلم فهو مخراق في يد لاعب
الحال مركب لا يجارى فإن لم يصحبه علم ألقى صاحبه في المهالك والمتالف
و الحال كالمال يؤتاه البر و الفاجر فإن لم يصحبه نور العلم كان وبالا على صاحبه
الحال بلا علم كالسلطان الذي لا يزعه عن سطوته وازع
الحال بلا علم كالنار التي لا سائس لها
نفع الحال لا يتعدى صاحبه ونفع العلم كالغيث يقع على الظراب والآكام و بطون الأودية و منابت الشجر
دائرة العلم تسع الدنيا والآخرة و دائرة الحال تضيق عن غير صاحبه وربما ضاقت عنه
العلم هاد و الحال الصحيح مهتد به و هو تركة الأنبياء وتراثهم و أهله عصبتهم ووراثهم
و هو حياة القلوب و نور البصائر و شفاء الصدور و رياض العقول و لذة الأرواح و أنس المستوحشين و دليل المتحيرين و هو الميزان الذي به توزن الأقوال والأعمال والأحوال
و هو الحاكم المفرق بين الشك واليقين و الغي و الرشاد و الهدى و الضلال
به يعرف الله وي عبد و يذكر و يوحد ,و يحمد ويمجد
و به اهتدى إليه السالكون و من طريقه وصل إليه الواصلون و من بابه دخل عليه القاصدون
به تعرف الشرائع والأحكام ويتميز الحلال من الحرام وبه توصل الأرحام وبه تعرف مراضي الحبيب وبمعرفتها ومتابعتها يوصل إليه من قريب
و هو إمام و العمل مأموم
و هو قائد و العمل تابع
و هوالصاحب في الغربة و المحدث في الخلوة و الأنيس في الوحشة و الكاشف عن الشبهة و الغني الذي لا فقر على من ظفر بكنزه و الكنف الذي لا ضيعة على من آوى إلى حرزه
مذاكرته تسبيح و البحث عنه جهاد و طلبه قربة و بذله صدقة و مدارسته تعدل بالصيام والقيام والحاجة إليه أعظم منها إلى الشراب والطعام
قال الإمام أحمد رضي الله عنه : الناس إلى العلم أحوج منهم إلى الطعام والشراب لأن الرجل يحتاج إلى الطعام والشراب في اليوم مرة أو مرتين وحاجته إلى العلم بعدد أنفاسه
و روينا عن الشافعي رضي الله تعالى عنه أنه قال : طلب العلم أفضل من صلاة النافلة
و نص على ذلك أبو حنيفة رضي الله عنه
وقال ابن وهب : كنت بين يدي مالك رضي الله عنه فوضعت ألواحي وقمت أصلي فقال : ما الذي قمت إليه بأفضل مما قمت عنه ذكره ابن عبدالبر
-
رد: درر من كتب شيخي الإسلام ابن تيمية و ابن القيم
ابن القيم / مدارج السالكين
و لقد شاهدت من فراسة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أمورا عجيبة و ما لم أشاهده منها أعظم و أعظم و وقائع فراسته تستدعي سفرا ضخما
و قد أخبر أصحابه بدخول التتار الشام سنة تسع وتسعين وستمائة ,و أن جيوش المسلمين تكسر و أن دمشق لا يكون بها قتل عام و لا سبي عام ,و أن كلب الجيش و حدته في الأموال : وهذا قبل أن يهم التتار بالحركة
ثم أخبر الناس و الأمراء سنة اثنتين و سبعمائة لما تحرك التتار و قصدوا الشام : أن الدائرة و الهزيمة عليهم
و أن الظفر و النصر للمسلمين, و أقسم على ذلك أكثر من سبعين يمينا فيقال له : قل إن شاء الله
فيقول : إن شاء الله تحقيقا لا تعليقا
وسمعته يقول ذلك قال : فلما أكثروا علي قلت : لا تكثروا كتب الله تعالى في اللوح المحفوظ : أنهم مهزومون في هذه الكرة ,و أن النصر لجيوش الإسلام
قال : و أطعمت بعض الأمراء و العسكر حلاوة النصر قبل خروجهم إلى لقاء العدو
و كانت فراسته الجزئية في خلال هاتين الواقعتين مثل المطر
و لما طلب إلى الديار المصرية و أريد قتله بعد ما أنضجت له القدور و قلبت له الأمور : اجتمع أصحابه لوداعه و قالوا : قد تواترت الكتب بأن القوم عاملون على قتلك فقال : والله لا يصلون إلى ذلك أبدا قالوا : أفتحبس قال : نعم و يطول حبسي ثم أخرج و أتكلم بالسنة على رؤوس الناس سمعته يقول ذلك
و لما تولى عدوه الملقب بالجاشنكير الملك أخبروه بذلك و قالوا : الآن بلغ مراده منك فسجد لله شكرا و أطال فقيل له : ما سبب هذه السجدة
فقال : هذا بداية ذله ومفارقة عزه من الآن وقرب زوال أمره
فقيل له : متى هذا؟
فقال : لا تربط خيول الجند على القرط حتى تغلب دولته فوقع الأمر مثل ما أخبر به سمعت ذلك منه
و قال مرة : يدخل علي أصحابي وغيرهم فأرى في وجوههم وأعينهم أمورا لا أذكرها لهم
فقلت له أو غيري لو أخبرتهم؟
فقال : أتريدون أن أكون معرفا كمعرف الولاة
و قلت له يوما : لو عاملتنا بذلك لكان أدعى إلى الاستقامة والصلاح؟
فقال : لا تصبرون معي على ذلك جمعة أو قال : شهرا
وأخبرني غير مرة بأمور باطنة تختص بي مما عزمت عليه ولم ينطق به لساني
و أخبرني ببعض حوادث كبار تجري في المستقبل ولم يعين أوقاتها وقد رأيت بعضها وأنا أنتظر بقيتها وما شاهده كبار أصحابه من ذلك أضعاف أضعاف ما شاهدته و الله أعلم
-
رد: درر من كتب شيخي الإسلام ابن تيمية و ابن القيم
ابن القيم / مدارج السالكين
و أكثر آفات الناس من الألفاظ, و لا سيما في المواضع التي يعز فيها تصور الحق على ما هو عليه ,و التعبير المطابق
فيتولد من ضعف التصور و قصور التعبير نوع تخبيط و يتزايد على ألسنة السامعين له و قلوبهم بحسب قصورهم و بعدهم من العلم
فتفاقم الخطب و عظم الأمر و التبس طريق أولياء الله الصادقين بطرائق الزنادقة الملحدين
و عز المفرق بينهما فدخل على الدين من الفساد من ذلك ما لا يعلمه إلا الله
و أشير إلى أعظم الخلق كفرا بالله عز و جل و إلحادا في دينه بأنه من شيوخ التحقيق و المعرفة و السلوك
و لولا ضمان الله بحفظ دينه و تكفله بأن يقيم له من يجدد أعلامه و يحيى منه ما أماته المبطلون و ينعش ما أخمله الجاهلون لهدمت أركانه و تداعى بنيانه ولكن الله ذو فضل على العالمين
-
رد: درر من كتب شيخي الإسلام ابن تيمية و ابن القيم
مدارج السالكين/ ابن القيم
و يجب التنبه و التنبيه ههنا على أمر و هو أن المشاهدة نتائج العقائد
فمن كان معتقده ثابتا في أمر من الأمور فإنه إذا صفت نفسه و ارتاضت و فارقت الشهوات و الرذائل و صارت روحانية تجلت لها صورة معتقدها كما اعتقدته و ربما قوى ذلك التجلي حتى يصير كالعيان وليس به فيقع الغلط من وجهين :
أحدهما ظن أن ذلك ثابت في الخارج و إنما هو في الذهن و لكن لما صفا الارتياض و انجلت عنه ظلمات الطبع و غاب بمشهوده عن شهوده و استولت عليه أحكام القلب, بل أحكام الروح ظن أنه الذي ظهر له في الخارج و لا تأخذه في ذلك لومة لائم و لو جاءته كل آية في السموات و الأرض و ذلك عنده بمنزلة من عاين الهلال ببصره جهرة فلو قال له أهل السموات والأرض لم تره لم يلتفت إليهم
و لعمر الله إنا لا نكذبه فيما أخبر به عن رؤيته و لكن إنما نوقن أنه إنما رأى صورة معتقده في ذاته و نفسه لا الحقيقة في الخارج فهذا أحد الغلطين
و سببه قوة ارتباط حاسة البصر بالقلب فالعين مرآة القلب شديدة الاتصال به وتنضم إلى ذلك قوة الاعتقاد وضعف التمييز وغلبة حكم الهوى و الحال على العلم وسماعه من القوم أن العلم حجاب
و الغلط الثاني ظن أن الأمر كما اعتقده وأن ما في الخارج مطابق لاعتقاده فيتولد من هذين الغلطين مثل هذا الكشف و الشهود
و لقد أخبر صادق الملاحدة القائلين بوحدة الوجود أنهم كشف لهم أن الأمر كما قالوه وشهدوه في الخارج كذلك عيانا و هذا الكشف و الشهود ثمرة اعتقادهم و نتيجته فهذه إشارة ما إلى الفرقان في هذا الموضع و الله أعلم
قال صاحب الموضوع:
هذا يفسر ما يدعيه جماعة العدل و الإحسان الصوفية من رؤية جبريل و الرسول و الأموات و هذا من إعتقادهم لهذه الأمور
قال ابن الجوزي/ تلبيس إبليس
و قد قال أبو حامد الغزالي في كتاب الأحياء مقصود الرياضة تفريغ القلب و ليس ذلك إلا بخلوة في مكان مظلم و قال فان لم يكن مكان مظلم فيلف رأسه في جبته أو يتدثر بكساء أو أزار ففي مثل هذه الحالة يسمع نداء الحق ويشاهد جلال حضرة الربوبية.
قال المصنف رحمه الله: قلت أنظر إلى هذه الترتيبات والعجب كيف تصدر من فقيه عالم ومن أين له أن الذي يسمعه نداء الحق و أن الذي يشاهده جلال الربوبية و ما يؤمنه أن يكون ما يجده من الوساوس والخيالات الفاسدة وهذا الظاهر ممن يستعمل التقلل في المطعم فإنه يغلب عليه الماليخوليا وقد يسلم الإنسان في مثل هذه الحالة من الوساوس إلا أنه إذا تغشى بثوبه وغمض عينيه تخايل هذه الأشياء لأن في الدماغ ثلاث قوى :
قوة يكون بها التخيل و قوة يكون بها الفكرة و قوة يكون بها الذكر و موضع التخيل البطنان المقدمان من بطون الدماغ و موضع التفكر البطن الأوسط من بطون الدماغ و موضع الحفظ الموضع المؤخر فإن أطرق الإنسان وغمض عينيه جال الفكر والتخيل فيرى خيالات فيظنها ما ذكر من حضرة جلال الربوبية إلى غير ذلك نعوذ بالله من هذه الوساوس والخيالات الفاسدة.
-
رد: درر من كتب شيخي الإسلام ابن تيمية و ابن القيم
مدارج السالكين/ ابن القيم
و يحكى عن بعض العارفين أنه قال : دخلت على الله من أبواب الطاعات كلها فما دخلت من باب إلا رأيت عليه الزحام
فلم أتمكن من الدخول حتى جئت باب الذل والافتقار فإذا هو أقرب باب إليه وأوسعه و لا مزاحم فيه و لا معوق فما هو إلا أن وضعت قدمي في عتبته فإذا هو سبحانه قد أخذ بيدي وأدخلني عليه
وكان شيخ الإسلام ابن تيمية رضي الله عنه يقول : من أراد السعادة الأبدية فليلزم عتبة العبودية
وقال بعض العارفين : لا طريق أقرب إلى الله من العبودية و لا حجاب أغلظ من الدعوى
ولا ينفع مع الإعجاب والكبر عمل واجتهاد
ولا يضر مع الذل والافتقار بطالة يعني بعد فعل الفرائض
والقصد : أن هذه الذلة والكسرة الخاصة تدخله على الله ، وترميه على طريق المحبة ، فيفتح له منها باب لا يفتح له من غير هذه الطريق ، وإن كانت طرق سائر الأعمال والطاعات تفتح للعبد أبوابا من المحبة ، لكن الذي يفتح منها من طريق الذل والانكسار والافتقار وازدراء النفس ، ورؤيتها بعين الضعف والعجز والعيب والنقص والذم ، بحيث يشاهدها ضيعة وعجزا ، وتفريطا وذنبا وخطيئة ، نوع آخر وفتح آخر ، والسالك بهذه الطريق غريب في الناس ، وهم في واد وهو في واد ، وهي تسمى طريق الطير ، يسبق النائم فيها على فراشه السعاة ، فيصبح وقد قطع الطريق ، وسبق الركب . بينا هو يحدثك ، إذا به قد سبق الطرف وفات السعاة ، فالله المستعان ، وهو خير الغافرين
-
رد: درر من كتب شيخي الإسلام ابن تيمية و ابن القيم
-
رد: درر من كتب شيخي الإسلام ابن تيمية و ابن القيم
مجموع فتاوى ابن تيمية/ أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني أبو العباس:
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ " الْحَسَدَ " مَرَضٌ مِنْ أَمْرَاضِ النَّفْسِ وَهُوَ مَرَضٌ غَالِبٌ فَلَا يَخْلُصُ مِنْهُ إلَّا قَلِيلٌ مِنْ النَّاسِ
وَ لِهَذَا يُقَالُ : مَا خَلَا جَسَدٌ مِنْ حَسَدٍ لَكِنَّ اللَّئِيمَ يُبْدِيهِ وَالْكَرِيمَ يُخْفِيهِ .
وَقَدْ قِيلَ لِلْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ : أَيَحْسُدُ الْمُؤْمِنُ ؟
فَقَالَ: مَا أَنْسَاك إخْوَةَ يُوسُفَ لَا أَبَا لَك وَ لَكِنْ عَمه فِي صَدْرِك فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّك مَا لَمْ تَعْدُ بِهِ يَدًا وَ لِسَانًا
-
فإذا كان من يقضي بين الناس في الأموال والدماء والأعراض ، إذا لم يكن عالما عادلا ، كان في النار ، فكيف بمن يحكم في الملل ، والأديان ، وأصول الإيمان ، والمعارف الإلهية ، والمعالم الكلية بلا علم ، ولا عدل ؟
كحال أهل البدع ، والأهواء ، الذين يتمسكون بالمتشابه المشكوك ، ويدعون المحكم الصريح من نصوص الأنبياء ويتمسكون بالقدر المشترك المتشابه في المقاييس والآراء ، ويعرضون عما بينهما من الفروق المانعة من الإلحاق والاستواء ، كحال الكفار ، وسائر أهل البدع والأهواء الذين يمثلون المخلوق بالخالق ، والخالق بالمخلوق ، ويضربون لله المثل بالقول الهزء .
الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح/ أبو العباس تقي الدين أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية
-
الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي أو الداء والدواء/ابن قيم الجوزية (المتوفى: 751هـ)
وَ لَقَدْ بَكَى سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ لَيْلَةً إِلَى الصَّبَاحِ، فَلَمَّا أَصْبَحَ قِيلَ لَهُ: كُلُّ هَذَا خَوْفًا مِنَ الذُّنُوبِ؟
فَأَخَذَ تِبْنَةً مِنَ الْأَرْضِ، وَقَالَ: الذُّنُوبُ أَهْوَنُ مِنْ هَذَا، وَإِنَّمَا أَبْكِي مِنْ خَوْفِ سُوءِ الْخَاتِمَةِ.
وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْفِقْهِ: أَنْ يَخَافَ الرَّجُلُ أَنْ تَخْذُلَهُ ذُنُوبُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ، فَتَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخَاتِمَةِ الْحُسْنَى.
-
الفوائد/ ابن قيم الجوزية (المتوفى: 751هـ)
أغبى النَّاس من ضل فِي آخر سَفَره وَقد قَارب الْمنزل
-
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله/الفتاوى
و حاجة العبد إلى الرسالة أعظم بكثير من حاجة المريض إلى الطب، فإن آخر ما يقدر بعدم الطبيب موت الأبدان، وأما إذا لم يحصل للعبد نور الرسالة وحياتها، مات قلبه موتا لا ترجى الحياة معه أبدا، أو شقي شقاوة لا سعادة معها أبدا
-
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو عبد البر طارق
الفوائد/ ابن قيم الجوزية (المتوفى: 751هـ)
أغبى النَّاس من ضل فِي آخر سَفَره وَقد قَارب الْمنزل
يقصد ابن القيم رحمه الله كبير السن: الشيخ أو العجوز، وطول الأمل؟
-
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم علي طويلبة علم
يقصد ابن القيم رحمه الله كبير السن: الشيخ أو العجوز، وطول الأمل؟
أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (266)
قال ابن القيم / إعلام الموقعين عن رب العالمين
فَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَكُونُ إنْفَاقُهُ وَابِلًا وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إنْفَاقُهُ طَلًّا ، وَاَللَّهُ لَا يُضِيعُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ،
فَإِنْ عَرَضَ لِهَذَا الْعَامِلِ مَا يُغْرِقُ أَعْمَالَهُ وَيُبْطِلُ حَسَنَاتِهِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ( لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ )،
فَإِذَا كَانَ يَوْمُ اسْتِيفَاءِ الْأَعْمَالِ وَإِحْرَازِ الْأُجُورِ وَجَدَ هَذَا الْعَامِلُ عَمَلَهُ قَدْ أَصَابَهُ مَا أَصَابَ صَاحِبَ هَذِهِ الْجَنَّةِ ، فَحَسْرَتُهُ حِينَئِذٍ أَشَدُّ مِنْ حَسْرَةِ هَذَا عَلَى جَنَّتِهِ .
فَهَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِي الْحَسْرَةِ لِسَلْبِ النِّعْمَةِ عِنْدَ شِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا مَعَ عِظَمِ قَدْرِهَا وَمَنْفَعَتِهَا ، وَاَلَّذِي ذَهَبَتْ عَنْهُ قَدْ أَصَابَهُ الْكِبَرُ وَالضَّعْفُ فَهُوَ أَحْوَجُ مَا كَانَ إلَى نِعْمَتِهِ ، وَمَعَ هَذَا فَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى نَفْعِهِ وَالْقِيَامِ بِمَصَالِحِهِ ، بَلْ هُمْ فِي عِيَالِهِ فَحَاجَتُهُ إلَى نِعْمَتِهِ حِينَئِذٍ أَشَدُّ مَا كَانَتْ لِضَعْفِهِ وَضَعْفِ ذُرِّيَّتِهِ
فَكَيْفَ يَكُونُ حَالُ هَذَا إذَا كَانَ لَهُ بُسْتَانٌ عَظِيمٌ فِيهِ مِنْ جَمِيعِ الْفَوَاكِهِ وَالثَّمَرِ ؟
وَسُلْطَانُ ثَمَرِهِ أَجَلُّ الْفَوَاكِهِ وَأَنْفَعُهَا ، وَهُوَ ثَمَرُ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ ، فَمُغَلَّهُ يَقُومُ بِكِفَايَتِهِ وَكِفَايَةِ ذُرِّيَّتِهِ ، فَأَصْبَحَ يَوْمًا وَقَدْ وَجَدَهُ مُحْتَرِقًا كُلَّهُ كَالصَّرِيمِ ، فَأَيُّ حَسْرَةٍ أَعْظَمُ مِنْ حَسْرَتِهِ ؟
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : هَذَا مَثَلُ الَّذِي يُخْتَمُ لَهُ بِالْفَسَادِ فِي آخَرِ عُمْرِهِ .
وَقَالَ مُجَاهِدٌ : هَذَا مَثَلُ الْمُفَرِّطِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ حَتَّى يَمُوتَ
وَقَالَ السُّدِّيَّ : هَذَا مَثَلُ الْمُرَائِي فِي نَفَقَتِهِ الَّذِي يُنْفِقُ لِغَيْرِ اللَّهِ ، يَنْقَطِعُ عَنْهُ نَفْعُهَا أَحْوَجُ مَا يَكُونُ إلَيْهِ
وَسَأَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الصَّحَابَةَ يَوْمًا عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ ، فَقَالُوا : اللَّهُ أَعْلَمُ
فَغَضِبَ عُمَرُ ، وَقَالَ : قُولُوا نَعْلَمُ أَوْ لَا نَعْلَمُ!
فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : فِي نَفْسِي مِنْهَا شَيْءٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ
قَالَ : قُلْ يَا ابْنَ أَخِي وَلَا تُحَقِّرْ نَفْسَك
قَالَ : ضربَ مَثَلًا لِعَمَلٍ
قَالَ : لِأَيِّ عَمَلٍ ؟
لِرَجُلٍ غَنِيٍّ يَعْمَلُ بِالْحَسَنَاتِ ثُمَّ بَعَثَ اللَّهُ لَهُ الشَّيْطَانَ فَعَمِلَ بِالْمَعَاصِي حَتَّى أَغْرَقَ أَعْمَالَهُ كُلَّهَا
قَالَ الْحَسَنُ : هَذَا مَثَلٌ قَلَّ وَاَللَّهِ مَنْ يَعْقِلُهُ مِنْ النَّاسِ ، شَيْخٌ كَبِيرٌ ضَعُفَ جِسْمُهُ وَكَثُرَ صِبْيَانُهُ أَفْقَرُ مَا كَانَ إلَى جَنَّتِهِ ، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ وَاَللَّهِ أَفْقَرُ مَا يَكُونُ إلَى عَمَلِهِ إذَا انْقَطَعَتْ عَنْهُ الدُّنْيَا .
-
نفع الله بكم
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو عبد البر طارق
فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : فِي نَفْسِي مِنْهَا شَيْءٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ
قَالَ : قُلْ يَا ابْنَ أَخِي وَلَا تُحَقِّرْ نَفْسَك
قَالَ : ضربَ مَثَلًا لِعَمَلٍ
قَالَ : لِأَيِّ عَمَلٍ ؟
لِرَجُلٍ غَنِيٍّ يَعْمَلُ بِالْحَسَنَاتِ ثُمَّ بَعَثَ اللَّهُ لَهُ الشَّيْطَانَ فَعَمِلَ بِالْمَعَاصِي حَتَّى أَغْرَقَ أَعْمَالَهُ كُلَّهَا
-
و الراسخ في العلم لو وردت عليه من الشبه بعدد أمواج البحر ما أزالت يقينه ولا قدحت فيه شكا
لأنه قد رسخ في العلم ، فلا تستفزه الشبهات ، بل إذا وردت عليه ردها حرس العلم وجيشه مغلولة مغلوبة .
مفتاح دار السعادة/ ابن القيم
-
ومما يعجب منه أن بعض المنكرين لمجادلة الكفار بناء على ظهور دلائل النبوة نجده هو ومن يعظمه من شيوخه الذين يعتمد في أصول الدين على نظرهم ومناظرتهم، ويزعمون أنهم قرروا دلائل النبوة قد أوردوا من الشبهات والشكوك و المطاعن على دلائل النبوة ما يبلغ نحو ثمانين سؤالا، وأجابوا عنه بأجوبة لا تصلح أن تكون جوابا في المسائل الظنية، بل هى إلى تقرير شبه الطاعنين أقرب منها إلى تقرير أصول الدين
وهم كما مثلهم الغزالي وغيره بمن يضرب شجرة ضربا يزلزلها به وهو يزعم أنه يريد أن يثبتها"
الجواب الصحيح / ابن تيمية
-
وَمِنَ الَّذِي يَدَعُ كُتُبَ النَّقْلِ الَّتِي اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْمَنْقُولَا تِ عَلَى صِحَّتِهَا، وَيَدَعُ مَا تَوَاتَرَ بِهِ النَّقْلُ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ عَلَى بَعْضِهَا ، كَالصِّحَاحِ وَالسُّنَنِ وَالْمَسَانِدِ، وَالْمُعْجَمَات ِ وَالْأَسْمَاءِ وَالْفَضَائِلِ، وَكُتُبِ أَخْبَارِ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَكُتُبِ السِّيَرِ وَالْمَغَازِي، وَإِنْ كَانَتْ دُونَ ذَلِكَ، وَكُتُبِ التَّفْسِيرِ وَالْفِقْهِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْكُتُبِ الَّتِي مَنْ نَظَرَ فِيهَا عَلِمَ بِالتَّوَاتُرِ الْيَقِينِيِّ ضِدَّ مَا فِي النَّقْلِ الْبَاطِلِ
وَعَلِمَ أَنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ كَانُوا أَئِمَّةَ الْهُدَى، وَمَصَابِيحَ الدُّجَى
وَأَنَّ أَصْلَ كُلِّ فِتْنَةٍ وَبَلِيَّةٍ هُمُ الشِّيعَةُ وَ مَنِ انْضَوَى إِلَيْهِمْ
وَكَثِيرٌ مِنَ السُّيُوفِ الَّتِي سُلَّتْ فِي الْإِسْلَامِ إِنَّمَا كَانَتْ مِنْ جِهَتِهِمْ، وَعُلِمَ أَنَّ أَصْلَهُمْ وَمَادَّتَهُمْ مُنَافِقُونَ، اخْتَلَقُوا أَكَاذِيبَ، وَابْتَدَعُوا آرَاءً فَاسِدَةً، لِيُفْسِدُوا بِهَا دِينَ الْإِسْلَامِ، وَيَسْتَزِلُّوا بِهَا مَنْ لَيْسَ مَنْ أُولِي الْأَحْلَامِ،
فَسَعَوْا فِي قَتْلِ عُثْمَانَ، وَهُوَ أَوَّلُ الْفِتَنِ ثُمَّ انْزَوَوْا إِلَى عَلِيٍّ، لَا حُبًّا فِيهِ وَلَا فِي أَهْلِ الْبَيْتِ، لَكِنْ لِيُقِيمُوا سُوقَ الْفِتْنَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ.
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية/ابن تيمية
-
قال شيخ الإسلام رحمه الله في مجموع الفتاوى 22 / 50 :
تَارِكُ الصَّلَاةِ شَرٌّ مِنْ السَّارِقِ وَالزَّانِي ، وَشَارِبِ الْخَمْرِ ، وَآكِلِ الْحَشِيشَةِ .
-
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مالك المديني
قال شيخ الإسلام رحمه الله في مجموع الفتاوى 22 / 50 :
تَارِكُ الصَّلَاةِ شَرٌّ مِنْ السَّارِقِ وَالزَّانِي ، وَشَارِبِ الْخَمْرِ ، وَآكِلِ الْحَشِيشَةِ .
جزاك الله خيرا
ويفهم من كلام شيخ الاسلام ان تارك الصلاةشر من السارق و شارب الخمر و آكل الحشيشة ان كانوا يصلون وإلا لا خير في الجميع
-
إِذَا ظَفِرْت بِرَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْ أُولِي الْعِلْمِ طَالِبٍ لِلدَّلِيلِ مُحَكِّمٍ لَهُ مُتَّبِعٍ لِلْحَقِّ حَيْثُ كَانَ وَأَيْنَ كَانَ وَمَعَ مَنْ كَانَ زَالَتْ الْوَحْشَةُ وَحَصَلَتْ الْأُلْفَةُ، وَلَوْ خَالَفَك فَإِنَّهُ يُخَالِفُك وَيَعْذِرُك، وَالْجَاهِلُ الظَّالِمُ يُخَالِفُك بِلَا حُجَّةٍ وَيُكَفِّرُك أَوْ يُبَدِّعُك بِلَا حُجَّةٍ، وَذَنْبُك رَغْبَتُك عَنْ طَرِيقَتِهِ الْوَخِيمَةِ، وَسِيرَتِهِ الذَّمِيمَةِ، فَلَا تَغْتَرَّ بِكَثْرَةِ هَذَا الضَّرْبِ، فَإِنَّ الْآلَافَ الْمُؤَلَّفَةَ مِنْهُمْ لَا يُعْدَلُونَ بِشَخْصٍ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَالْوَاحِدُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يُعْدَلُ بِمِلْءِ الْأَرْضِ مِنْهُمْ.
إعلام الموقعين عن رب العالمين/محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية (المتوفى: 751هـ)