-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (74)
صـ 515 إلى صـ 521
ثم جاء عثمان فأخذ بعراقيها (1) فشرب حتى تضلع، ثم جاء علي فأخذ بعراقيها (2) فانتشطت فانتضح عليه منها شيء» (3) .وعن سعيد بن جهمان، عن سفينة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " «خلافة النبوة ثلاثون سنة، ثم يؤتي الله ملكه من يشاء» ". أو [قال] (4) : " الملك ". قال سعيد: قال لي سفينة: [أمسك] ، مدة (5) أبي بكر سنتان (6) ، وعمر عشر، وعثمان اثنتا عشرة (7) ، وعلي كذا. قال سعيد: قلت لسفينة: إن هؤلاء يزعمون أن عليا لم يكن بخليفة. قال: كذبت أستاه بني الزرقاء، يعني بني مروان (8) . و [أمثال]
(1) ن: بعراقتها؛ أ: بعراقها.
(2) ن: بعراقتها؛ أ: بعراقها.
(3) الحديث في سنن أبي داود 4/290 - 291. وفي النهاية لابن الأثير 3/88: العراقي جمع عرقوة الدلو وهي الخشبة المعروضة على فم الدلو وهما عرقوتان كالصليب. . . تضلع (النهاية 3/23) : أي أكثر من الشرب حتى تمدد جنبه وأضلاعه. وفي اللسان، مادة: نشط، نشط الدلو من البئر صعدا بغير قامة وهي البكرة. . . ويقال: نشطت وانتشطت: أي انتزعت.
(4) قال: زيادة في (أ) ، (ب) .
(5) ن: قال لي بنفسه: مدة. وسقطت " مدة " من (م) .
(6) ن، م، أ: سنتين، وهو خطأ.
(7) ن، م: اثنا عشر؛ أ: اثني عشر.
(8) الحديث في سنن أبي داود 4/293 (كتاب السنة، باب في الخلفاء) ؛ سنن الترمذي 3/341 (كتاب الفتن، باب ما جاء في الخلافة) وقال الترمذي: " هذا حديث حسن قد رواه غير واحد عن سعيد بن جهمان ولا نعرفه إلا من حديثه) ؛ المستدرك للحاكم 3/71. وأستاه جمع است، وفي اللسان، مادة: سته: " الجوهري: والاست العجز، وقد يراد بها حلقة الدبر، وأصله سته على فعل بالتحريك، يدل على ذلك أن جمعه أستاه مثل جمل وأجمال. . ويقال لأرذال الناس: هؤلاء الأستاه. والمراد بعبارة سفينة التحقير ". وتكلم الأستاذ محب الدين الخطيب (المنتقى من منهاج الاعتدال، ص 57 ت [0 - 9] ) على سند الحديث وبين ضعفه وأشار إلى عدم تصحيح ابن العربي له في " العواصم من القواصم "، ص 201، القاهرة، 1371، ولكن الألباني صحح الحديث في " صحيح الجامع الصغير " 3/118.
****************************** *
هذه (1) الأحاديث ونحوها مما يستدل بها من قال: إن خلافته ثبتت بالنص. والمقصود هنا أن كثيرا من أهل السنة يقولون (2) : إن خلافته ثبتت بالنص، وهم يسندون ذلك إلى أحاديث معروفة صحيحة. ولا ريب أن قول هؤلاء أوجه من قول من يقول: إن خلافة علي أو العباس ثبتت بالنص، فإن هؤلاء ليس معهم إلا مجرد الكذب والبهتان، الذي يعلم بطلانه بالضرورة كل من كان عارفا بأحوال الإسلام، أو استدلال بألفاظ لا تدل على ذلك، كحديث استخلافه في غزوة تبوك ونحوه مما سنتكلم عليه إن شاء الله تعالى.
فيقال لهذا: إن وجب أن يكون الخليفة منصوصا عليه، كان القول بهذا النص أولى من القول بذاك (3) ، وإن لم يجب هذا، بطل ذاك.
والتحقيق أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دل المسلمين على استخلاف أبي بكر، وأرشدهم إليه بأمور متعددة من أقواله وأفعاله، وأخبر بخلافته إخبار راض بذلك حامد له، وعزم على أن يكتب بذلك عهدا، ثم علم أن المسلمين يجتمعون عليه فترك الكتاب اكتفاء بذلك، ثم عزم على ذلك في مرضه يوم الخميس، ثم لما حصل لبعضهم (4) شك: هل
(1) ن، م: وهذه.
(2) ن، م: تقول.
(3) أ، ب: بذلك.
(4) ن، م: لهم.
****************************** **
ذلك القول من جهة المرض، أو هو قول يجب اتباعه؟ ترك الكتابة اكتفاء بما علم أن الله يختاره والمؤمنون من خلافة أبي بكر [رضي الله عنه] (1) .
فلو كان التعيين مما يشتبه على الأمة، لبينه النبي (2) - صلى الله عليه وسلم - بيانا قاطعا للعذر، لكن لما دلتهم (3) دلالات متعددة على أن أبا بكر هو المتعين (4) وفهموا ذلك، حصل المقصود (* والأحكام يبينها - صلى الله عليه وسلم - تارة بصيغة عامة (5) وتارة بصيغة خاصة *) (6) ولهذا قال عمر [بن الخطاب] (7) في خطبته التي خطبها بمحضر من المهاجرين والأنصار: " وليس فيكم من تقطع إليه الأعناق مثل (8) أبي بكر " رواه البخاري ومسلم (9) .
(1) رضي الله عنه: زيادة في (أ) ، (ب) . وخبر مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الخميس وعزمه على الكتابة واختلاف الصحابة حوله وعدوله عن ذلك مروي عن ابن عباس في عدة مواضع في صحيح البخاري انظر: 1 (كتاب العلم، باب كتابة العلم) ، 4/99 (كتاب الجزية، والموادعة، باب إخراج اليهود من جزيرة العرب) ، 6/9 - 10 (كتاب المغازي، باب مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - ووفاته) ، 7/120 (كتاب المرضى، باب قول المريض: إني وجع. .) ، 9/111 - 112 (كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب كراهية الخلاف) .
(2) أ، ب: رسول الله.
(3) أ، ب: دلهم.
(4) ن، م: المعين.
(5) ن: تامة، والمثبت من (م) .
(6) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
(7) بن الخطاب: زيادة في (أ) ، (ب) .
(8) ن، م: غير.
(9) هذه جملة من خطبة طويلة لعمر - رضي الله عنه - وقد وردت في البخاري 8/169 (كتاب الحدود، باب رجم الحبلى من الزنى إذا أحصنت) ؛ ابن هشام: (السيرة النبوية) 4/309، القاهرة، 1355/1936؛ المسند (ط. المعارف) ج [0 - 9] ، الأثر 391 (ص [0 - 9] 26) . وقد وجدت في صحيح مسلم 3/1317 (كتاب الحدود، باب رجم الثيب من الزنى) قطعة من خطبة عمر ولكن ليس فيها هذه الجملة، وانظر جامع الأصول لابن الأثير 4/480. ويشرح ابن حجر (فتح الباري 12/125) معنى الجملة فيقول: " قال الخطابي: يريد أن السابق منكم الذي لا يلحق في الفضل لا يصل إلى منزلة أبي بكر. . . وعبر بقوله: تقطع الأعناق، لكون الناظر إلى السابق تمتد عنقه لينظر، فإذا لم يحصل مقصوده من سبق من يريد سبقه، قيل: انقطعت عنقه ".
***************************
وفي الصحيحين [أيضا] (1) عنه أنه قال يوم السقيفة بمحضر من المهاجرين والأنصار: " أنت (2) خيرنا وسيدنا وأحبنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (3) " ولم ينكر ذلك منهم منكر، ولا قال أحد من الصحابة: إن غير أبي بكر من المهاجرين أحق بالخلافة منه، ولم ينازع أحد في خلافته إلا بعض الأنصار طمعا في أن يكون من الأنصار أمير ومن المهاجرين أمير، وهذا مما ثبت بالنصوص المتواترة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بطلانه، ثم الأنصار جميعهم بايعوا أبا بكر (4) إلا سعد بن عبادة لكونه هو الذي كان يطلب الولاية (5) .
(1) أيضا: زيادة في (أ) ، (ب) .
(2) ن، م: أنه.
(3) الحديث في البخاري 5/7 (كتاب فضائل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، باب مناقب أبي بكر الصديق) ، 8/168 - 171 (كتاب الحدود، باب رجم الحبلى. .) ؛ المسند (ط. المعارف) 1/323 - 327.
(4) موقف الأنصار واجتماعهم إلى سعد بن عبادة وطلبهم أن يكون منهم أمير ومن المهاجرين أمير، توضحه الأحاديث المشار إليها في التعليقين السابقين. وانظر سيرة ابن هشام 4/307 - 310؟
(5) م: هو الذي طلب الولاية، وموقف سعد بن عبادة من بيعة أبي بكر يرويه ابن سعد: الطبقات الكبرى، ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص 144 - 145، ط. ليدن، 1321/1904. وانظر ما ذكره ابن كثير من قبول سعد فيما بعد لخلافة أبي بكر في البداية والنهاية 5/247، القاهرة، 1351/1932. وسيرد بعد قليل ما نقله ابن تيمية عن مسند أحمد بهذا الصدد.
****************************** ***
ولم يقل [قط] (1) أحد من الصحابة: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - نص على غير أبي بكر - رضي الله عنه - (2) : لا على العباس ولا على علي ولا على (3) غيرهما، ولا ادعى العباس ولا علي -[ولا أحد] (4) ممن يحبهما - الخلافة لواحد منهما، ولا أنه منصوص عليه. بل ولا قال أحد من الصحابة: إن في قريش من هو أحق بها من أبي بكر: لا من بني هاشم، ولا من غير بني هاشم (5) . وهذا كله مما يعلمه (6) العلماء العالمون (7) بالآثار والسنن والحديث، وهو معلوم عندهم بالاضطرار.
وقد نقل عن بعض بني عبد مناف، مثل أبي سفيان وخالد بن سعيد (8) ، أنهم أرادوا أن لا تكون الخلافة [إلا] (9) في بني عبد مناف،
(1) قط: زيادة في (أ) ، (ب) .
(2) رضي الله عنه: زيادة في (ن) ، (م) .
(3) على: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) ولا أحد: ساقطة من (ن) فقط.
(5) ن، م: ولا من غيرهم.
(6) ن: يعلم.
(7) أ، ب، م: العاملون.
(8) خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس الأموي، أبو سعيد. يقال: إنه خامس من أسلم من الصحابة، واختلف في تاريخ وفاته - رضي الله عنه - فقيل: استشهد يوم مرج الصفر، وقيل: يوم أجنادين. انظر: الإصابة لابن حجر 1/406؛ أسد الغابة لابن الأثير 2/97 - 98.
(9) إلا: ساقطة من (ن) ، (م) .
****************************** ***
وأنهم ذكروا ذلك لعثمان وعلي (1) فلم يلتفتا (2) إلى من قال ذلك، لعلمهما وعلم سائر المسلمين أنه ليس في القوم مثل أبي بكر.
ففي الجملة جميع من نقل عنه من الأنصار وبني عبد مناف (3) أنه طلب تولية غير أبي بكر، لم يذكر حجة دينية شرعية، ولا ذكر أن غير أبي بكر أحق وأفضل من أبي بكر، وإنما نشأ كلامه عن حب لقومه وقبيلته، وإرادة منه أن تكون الإمامة (4) في قبيلته.
ومعلوم أن مثل هذا ليس من الأدلة الشرعية ولا الطرق الدينية، ولا هو مما أمر الله (5) ورسوله المؤمنين باتباعه، بل هو شعبة (6) جاهلية، ونوع عصبية للأنساب (7) والقبائل. وهذا مما بعث الله محمدا (8) [صلى الله عليه وسلم] (9) بهجره وإبطاله.
وفي الصحيح عنه أنه (10) قال: " «أربع من أمر الجاهلية في أمتي لن يدعوهن: الفخر بالأحساب، والطعن في الأنساب، والنياحة على الميت، والاستقاء بالنجوم» " (11) .
(1) وعلي: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) ن، م: فلم يلتفت، وهو خطأ.
(3) أ، ب: من بني عبد مناف.
(4) ن. الإمارة.
(5) ن، م: أمر الله به. . .
(6) ن، م: شيعة.
(7) ن، م: للإنسان؛ أ: الإنسان. والمثبت من (ب) .
(8) ن، م: الله به محمدا. . .
(9) صلى الله عليه وسلم: زيادة في (أ) ، (ب) .
(10) أ، ب: وثبت عنه في الصحيحين أنه. .
(11) الحديث مع اختلاف في الألفاظ عن أبي مالك الأشعري - رضي الله عنه - في مسلم 2/644 (كتاب الجنائز، باب التشديد في النياحة) ؛ المسند (ط. الحلبي) 5/342، 343، 344؛ المستدرك للحاكم 1/383؛ الأحاديث الصحيحة للألباني 2/299 حديث رقم 734.
****************************** *****
وفي المسند عن أبي بن كعب، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال: " «من سمعتموه يتعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أمه ولا تكنوا» (1) ".
وفي السنن عنه أنه قال: " «إن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء، الناس رجلان: مؤمن تقي، وفاجر شقي» " (2) .
وأما كون الخلافة في قريش، فلما كان هذا من شرعه ودينه (3) ، كانت النصوص بذلك معروفة منقولة مأثورة يذكرها الصحابة. بخلاف
(1) الحديث في المسند (ط. الحلبي) 5/136 عن أبي بن كعب - رضي الله عنه -. وفي النهاية لابن الأثير 4/256: " ومنه الحديث: من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا. أي قولوا له: عض أير أبيك ". وفي اللسان: " هن المرأة: فرجها ".
(2) الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - في سنن أبي داود 4/450 (كتاب الأدب، باب في التفاخر بالأحساب) ونصه: " إن الله - عز وجل - قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء، مؤمن تقي، وفاجر شقي، أنتم بنو آدم، وآدم من تراب، ليدعن رجال فخرهم بأقوام، إنما هم فحم من فحم جهنم، أو ليكونن أهون على الله من الجعلان التي تدفع بأنفها النتن ". وفي اللسان (مادة: عبب) : " والعبية والعبية: الكبر والفخر. . . " وعبية الجاهلية نخوتها. وفي الحديث: إن الله وضع عنكم عبية الجاهلية وتعظمها بآبائها: يعني: الكبر ". وقال شارح سنن أبي داود: " والجعلان: جمع جعل - بزنة صرد - وهي دويبة سوداء تدير الخراء بأنفها ". والحديث - مع اختلاف في الألفاظ - في سنن الترمذي 5/390 - 391 (كتاب المناقب، باب في ثقيف وبني حنيفة) . وقال الترمذي: هذا حديث حسن؛ المسند (ط. المعارف) 16/300 (وصححه أحمد شاكر - رحمه الله -) وحسن الألباني الحديث في " صحيح الجامع الصغير " 2/119.
(3) م: من دينه وشرعه.
****************************** *
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (75)
صـ 522 إلى صـ 528
كون الخلافة في بطن من قريش أو غير قريش، فإنه لم ينقل أحد من الصحابة فيه نصا، بل ولا قال أحد: إنه [كان] في قريش (1) من هو أحق بالخلافة في دين الله وشرعه من أبي بكر.ومثل هذه الأمور كلما تدبرها العالم، وتدبر (2) النصوص الثابتة وسير (3) الصحابة، حصل له علوم ضرورية لا يمكنه دفعها عن قلبه أنه كان من الأمور المشهورة عند المسلمين أن أبا بكر مقدم على غيره، وأنه كان عندهم أحق بخلافة النبوة، وأن الأمر في ذلك بين ظاهر عندهم، ليس فيه اشتباه عليهم؛ ولهذا قال [رسول الله] (4) - صلى الله عليه وسلم -: " «يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر» ".
ومعلوم أن هذا العلم الذي عندهم بفضله وتقدمه، إنما استفادوه من النبي - صلى الله عليه وسلم - بأمور سمعوها وعاينوها، [و] حصل (5) بها لهم من العلم ما علموا [به] (6) أن الصديق أحق الأمة بخلافة نبيهم، وأفضلهم عند نبيهم وأنه ليس فيهم من يشابهه حتى يحتاج في ذلك إلى مناظرة.
(1) ن، م: أحد أن في قريش.
(2) أ، ب: تدبرها العالم تدبر.
(3) أ، ب: وسائر.
(4) رسول الله: زيادة في (أ) ، (ب) .
(5) ن، م: وعاينوها حصل.
(6) به: زيادة في (أ) ، (ب) .
*****************************
ولم يقل أحد من الصحابة قط (1) : إن عمر [بن الخطاب] (2) ، أو عثمان، أو عليا، [أو غيرهم] (3) أفضل من أبي بكر، أو أحق بالخلافة منه. وكيف يقولون (4) ذلك، وهم دائما يرون من تقديم النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر على غيره، وتفضيله له، وتخصيصه بالتعظيم، ما قد ظهر للخاص والعام؟ ! حتى أن أعداء النبي - صلى الله عليه وسلم - من المشركين وأهل الكتاب والمنافقين، يعلمون أن لأبي بكر من الاختصاص ما ليس لغيره.
كما ذكره أبو سفيان بن حرب يوم أحد. قال: أفي القوم محمد؟ أفي القوم محمد؟ ثلاثا. ثم قال: أفي القوم ابن أبي قحافة؟ أفي القوم ابن أبي قحافة؟ [أفي القوم ابن أبي قحافة] (5) ؟ ثم قال (6) أفي القوم ابن الخطاب؟ أفي القوم ابن الخطاب؟ [أفي القوم ابن الخطاب؟] (7) وكل ذلك يقول لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - (8) : " «لا تجيبوه» " أخرجاه في الصحيحين (9) كما سيأتي ذكره بتمامه إن شاء الله تعالى (10) .
(1) قط: زيادة في (ن) ، (م) .
(2) بن الخطاب: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) أو غيرهم: زيادة في (أ) ، (ب) .
(4) أ، ب: يقول.
(5) ما بين المعقوفتين زيادة في (أ) ، (ب) .
(6) ثم قال: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(7) ما بين المعقوفتين زيادة في (أ) ، (ب) .
(8) صلى الله عليه وسلم: ساقطة من (ن) .
(9) الحديث عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - في البخاري 4/65 - 66 (كتاب الجهاد والسير، باب ما يكره من التنازع والاختلاف في الحرب) ، 5/94 (كتاب المغازي، باب غزوة أحد) ؛ المسند (ط. الحلبي) 4/293، ولم أجد الحديث في مسلم. وانظر: جامع الأصول لابن الأثير 9/176 - 178.
(10) أ، ب: كما سيأتي إن شاء الله بتمامه.
******************************
حتى إني أعلم طائفة من حذاق المنافقين ممن يقول: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان رجلا عاقلا أقام الرياسة بعقله وحذقه، يقولون: إن أبا بكر كان مباطنا له على ذلك يعلم أسراره على ذلك، بخلاف عمر وعثمان وعلي.
فقد ظهر لعامة الخلائق أن أبا بكر [رضي الله عنه] (1) كان أخص الناس بمحمد - صلى الله عليه وسلم - فهذا النبي وهذا صديقه، فإذا كان محمد أفضل النبيين فصديقه أفضل الصديقين.
فخلافة أبي بكر الصديق دلت النصوص الصحيحة على صحتها وثبوتها ورضا الله ورسول [الله صلى الله عليه وسلم] له (2) بها، وانعقدت بمبايعة المسلمين له واختيارهم إياه اختيارا استندوا فيه إلى ما علموه من تفضيل الله ورسوله، وأنه أحقهم بهذا الأمر عند الله ورسوله، فصارت ثابتة بالنص والإجماع جميعا.
ولكن النص دل على رضا الله ورسوله بها (3) ، وأنها حق، وأن الله أمر بها وقدرها، وأن المؤمنين يختارونها، وكان هذا أبلغ من مجرد العهد بها؛ لأنه حينئذ كان يكون طريق ثبوتها مجرد العهد.
وأما إذا كان المسلمون قد اختاروه من غير عهد، ودلت النصوص على صوابهم فيما فعلوه، ورضا الله ورسوله بذلك، كان ذلك دليلا على
(1) رضي الله عنه: زيادة في (أ) ، (ب) .
(2) ن، م: ورسوله بها.
(3) ن (فقط) : على رضا الله عنه ورسوله بها.
****************************** ***
أن الصديق كان (1) فيه من الفضائل التي بان بها عن غيره، ما علم المسلمون به أنه أحقهم بالخلافة، وأن (2) ذلك لا يحتاج فيه إلى عهد خاص.
كما قال (3) النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أراد أن يكتب لأبي بكر، [فقال لعائشة: " «ادعي لي أباك وأخاك حتى أكتب لأبي بكر كتابا، فإني أخاف أن يتمنى متمن، ويقول قائل: أنا أولى، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر» ". أخرجاه في الصحيحين. وفي البخاري: " «لقد هممت أن أرسل إلى أبي بكر وابنه وأعهد، أن يقول القائلون أو يتمنى المتمنون، ويدفع الله ويأبى المؤمنون» " (4) .
فبين صلى الله عليه وسلم أنه يريد أن يكتب كتابا خوفا، ثم علم أن الأمر واضح ظاهر ليس مما يقبل النزاع فيه، والأمة حديثة عهد بنبيها، وهم خير أمة أخرجت للناس، وأفضل قرون هذه الأمة، فلا يتنازعون في هذا الأمر الواضح الجلي، فإن النزاع إنما يكون لخفاء العلم أو لسوء القصد، وكلا الأمرين منتف، فإن العلم بفضيلة أبي بكر جلي، وسوء القصد لا يقع من جمهور الأمة الذين هم أفضل القرون] (5) ؛ ولهذا قال (6) : " «يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر» "، فترك ذلك لعلمه بأن [ظهور] (7)
(1) ن، م: كانت.
(2) أ، ب: فإن.
(3) ن: كما أن.
(4) سبقت الإشارة إلى الحديث من قبل. انظر: ص 511 ت 7.
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(6) ن، م: ثم قال.
(7) ظهور: ساقطة من (ن) .
****************************** ***
فضيلة [أبي بكر] الصديق (1) واستحقاقه (2) لهذا الأمر يغني عن العهد فلا يحتاج إليه، فتركه لعدم الحاجة وظهور فضيلة الصديق واستحقاقه، وهذا أبلغ من العهد.[فصل بطلان مزاعم ابن المطهر عن بيعة أبي بكر]فصلوأما قول [الرافضي] (3) .
إنهم يقولون: إن (4) الإمام بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبو بكر، بمبايعة عمر، برضا أربعة (5) .
فيقال له: ليس (6) هذا قول أئمة أهل (7) السنة، وإن كان بعض أهل الكلام يقولون: إن الإمامة تنعقد ببيعة أربعة، كما قال بعضهم: تنعقد ببيعة
(1) ن، م: فضيلة الصديق.
(2) أ، ب: واستخلافه.
(3) ن، م: وأما قوله.
(4) إن: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(5) انظر ما سبق ص 126. وفي هامش (م) أمام هذا الموضع كتب: " بحث متى يصير الإمام إماما ".
(6) ن، م: فليس.
(7) أهل: زيادة في (ن) فقط.
*************************
اثنين، وقال بعضهم: تنعقد ببيعة واحد، فليست هذه أقوال أئمة السنة (1) .
بل الإمامة عندهم تثبت بموافقة أهل الشوكة عليها، ولا يصير الرجل إماما حتى يوافقه أهل الشوكة عليها (2) الذين يحصل بطاعتهم له مقصود الإمامة، فإن المقصود من الإمامة إنما يحصل بالقدرة والسلطان، فإذا بويع بيعة حصلت بها القدرة والسلطان صار إماما.
ولهذا قال أئمة السلف (3) : من صار له قدرة وسلطان يفعل بهما (4) مقصود الولاية، فهو من أولي الأمر الذين أمر الله بطاعتهم ما لم يأمروا بمعصية الله، فالإمامة ملك وسلطان، والملك لا يصير ملكا بموافقة واحد ولا اثنين ولا أربعة، إلا أن تكون موافقة هؤلاء تقتضي موافقة غيرهم بحيث يصير ملكا بذلك. وهكذا كل أمر يفتقر إلى المعاونة عليه لا يحصل إلا بحصول من يمكنهم التعاون عليه؛ ولهذا لما بويع علي - رضي الله عنه - (5) وصار معه شوكة صار إماما.
ولو كان جماعة في سفر فالسنة أن يؤمروا أحدهم، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " «لا يحل لثلاثة يكونون في سفر إلا أن يؤمروا
(1) انظر الكلام عما يصح به عقد الإمامة في الأحكام السلطانية لأبي الحسن الماوردي، ص [0 - 9]- 7، القاهرة، 1298؛ الفصل لابن حزم 5/13 - 18؛ مقالات الإسلاميين، 2/133، أصول الدين، ص 280 - 281.
(2) عليها: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) أ، ب: أئمة السنة.
(4) ن، م، أ: به.
(5) ن، م: علي - عليه السلام -.
******************************
واحدا منهم» (1) " فإذا أمره أهل القدرة منهم صار أميرا. فكون الرجل أميرا وقاضيا وواليا وغير ذلك من الأمور التي مبناها على القدرة والسلطان، متى حصل ما يحصل به من القدرة والسلطان حصلت وإلا فلا؛ إذ المقصود بها عمل أعمال لا تحصل إلا بقدرة، فمتى حصلت القدرة التي بها يمكن تلك الأعمال (2) كانت حاصلة وإلا فلا.
وهذا مثل كون الرجل راعيا للماشية، متى سلمت إليه بحيث يقدر أن يرعاها، كان راعيا لها وإلا فلا، فلا (3) عمل إلا بقدرة عليه، فمن لم يحصل له القدرة على العمل لم يكن عاملا.
والقدرة على سياسة الناس إما بطاعتهم له، وإما بقهره لهم، فمتى
(1) الحديث بلفظ مقارب جزء من حديث طويل عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - في المسند (ط. المعارف) 10/174 - 176 وأوله: " لا يحل أن ينكح المرأة بطلاق أخرى. . الحديث، وفيه:. . ولا يحل لثلاثة نفر يكونون بأرض فلاة إلا أمروا عليهم أحدهم ". وصحح الشيخ أحمد شاكر الحديث. وجاء الحديث في سنن أبي داود 3
(كتاب الجهاد، باب في القوم يسافرون يؤمرون أحدهم) عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم ". وفي نفس الكتاب والباب عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " إذا كان ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم ". وذكر الشيخ أحمد شاكر الحديثين وقال: إن إسنادهما صحيح (المسند في الموضع السابق) ، كما أشار إلى أن الحاكم روى في مستدركه 1/443 - 445 الحديث بمعناه عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وقال الحاكم: " حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه " ووافقه الذهبي. وانظر أيضا: نيل الأوطار للشوكاني 9/157 - 158، القاهرة، 1344.
(2) ن، (فقط) : فمتى حصلت القدرة التي يحصل بها يمكن بها تلك الأعمال. . . إلخ.
(3) فلا: ساقطة من (م) ، (أ) ، (ب) .
****************************** ******
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (76)
صـ 529 إلى صـ 535
صار قادرا على سياستهم بطاعتهم أو بقهره، فهو ذو سلطان مطاع، إذا أمر بطاعة الله.ولهذا قال أحمد في رسالة عبدوس بن مالك العطار (1) : " أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " إلى أن قال: " ومن ولي الخلافة فأجمع عليه الناس ورضوا به، ومن غلبهم بالسيف حتى صار خليفة وسمي أمير المؤمنين، فدفع الصدقات إليه جائز برا كان أو فاجرا ".
وقال في رواية إسحاق بن منصور (2) ، وقد سئل عن حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - " «من مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية» " (3) ما معناه؟ فقال: تدري ما الإمام؟ الإمام الذي يجمع عليه المسلمون، كلهم يقول: هذا إمام؛ فهذا معناه
(1) عبدوس بن مالك أبو محمد العطار، من أئمة الحنابلة، وكانت له منزلة عند الإمام أحمد. ترجمته في طبقات الحنابلة 1/241 - 246. وانظر: " مناقب الإمام أحمد " لابن الجوزي، ص 137، 616، تحقيق د. عبد الله بن عبد المحسن التركي، 1399/1979.
(2) ن، م: إسحاق بن إبراهيم، وهو خطأ. وإسحاق بن منصور بن بهرام أبو يعقوب الكوسج المروزي المتوفى سنة 251. سمع من سفيان بن عيينة ويحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي ووكيع بن الجراح، وروى عن أحمد، وأخرج عنه البخاري ومسلم. ترجمته في طبقات الحنابلة 1/113 - 115؛ مناقب الإمام أحمد، ص 129، 615؛ تذكرة الحفاظ 2/524؛ تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 6/362 - 364، القاهرة، 1349/1931.
(3) الحديث عن معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنهما - في المسند (ط. الحلبي) 4/96 ولفظه: " من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية ".
*********************
والكلام هنا في مقامين: أحدهما: في كون أبي بكر كان هو المستحق للإمامة، وأن مبايعتهم (1) له مما يحبه الله ورسوله، فهذا ثابت بالنصوص والإجماع.
والثاني: أنه متى صار إماما، فذلك بمبايعة أهل القدرة له. وكذلك عمر لما عهد إليه أبو بكر، إنما صار إماما لما بايعوه وأطاعوه، ولو قدر أنهم لم ينفذوا عهد أبي بكر ولم يبايعوه لم يصر إماما، سواء كان ذلك جائزا أو غير جائز.
فالحل والحرمة متعلق بالأفعال، وأما نفس الولاية والسلطان فهو عبارة عن القدرة الحاصلة، ثم قد تحصل على وجه يحبه الله ورسوله، كسلطان الخلفاء الراشدين، وقد تحصل على وجه فيه معصية، كسلطان الظالمين.
ولو قدر أن عمر وطائفة معه بايعوه، وامتنع سائر الصحابة عن البيعة، لم يصر إماما بذلك، وإنما صار إماما بمبايعة جمهور الصحابة، الذين هم أهل القدرة والشوكة. ولهذا لم يضر تخلف سعد بن عبادة؛ لأن ذلك [لا] (2) يقدح في مقصود الولاية، فإن المقصود حصول القدرة والسلطان اللذين بهما تحصل (3) مصالح الإمامة، وذلك قد حصل بموافقة الجمهور على ذلك.
(1) ن، م: متابعتهم.
(2) لا: ساقطة من (ن) ، (م) ، وبها يتم المعنى.
(3) ن، م: الذي به يفعل. . . إلخ.
***********************
فمن قال إنه يصير إماما بموافقة واحد أو اثنين أو أربعة، وليسوا هم ذوي القدرة والشوكة، فقد غلط؛ كما أن من ظن أن تخلف الواحد أو الاثنين والعشرة يضره، فقد غلط.
وأبو بكر بايعه المهاجرون والأنصار، الذين هم بطانة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والذين بهم صار للإسلام قوة وعزة، وبهم قهر المشركون، وبهم فتحت جزيرة العرب، فجمهور الذين بايعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هم الذين بايعوا أبا بكر. وأما كون عمر أو غيره (1) سبق إلى البيعة، فلا بد في كل بيعة (2) من سابق، ولو قدر أن بعض الناس كان كارها للبيعة، لم يقدح ذلك في مقصودها، فإن نفس الاستحقاق لها ثابت بالأدلة الشرعية الدالة على أنه أحقهم بها، ومع قيام الأدلة الشرعية لا يضر من خالفها، ونفس حصولها ووجودها ثابت بحصول القدرة والسلطان، بمطاوعة (3) ذوي الشوكة.
فالدين الحق لا بد فيه من الكتاب الهادي والسيف الناصر، كما قال تعالى: {لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب} [سورة الحديد: 25] (4) .
(1) ن، م: عمر وغيره.
(2) أ: في كل بيعة فلا بد؛ ب: ففي كل بيعة لا بد.
(3) ن، م: بطاعة.
(4) ن، م: للناس الآية.
*************************
فالكتاب يبين ما أمر الله به وما نهى عنه، والسيف ينصر ذلك ويؤيده.
وأبو بكر ثبت بالكتاب والسنة أن الله أمر بمبايعته، والذين بايعوه كانوا أهل السيف المطيعين لله في ذلك، فانعقدت خلافة النبوة في حقه بالكتاب والحديد.
وأما عمر (1) فإن أبا بكر عهد إليه وبايعه المسلمون بعد موت أبي بكر، فصار إماما لما حصلت له القدرة والسلطان بمبايعتهم له (2) .
وأما قوله: ثم عثمان [بن عفان] (3) بنص عمر على ستة هو أحدهم، فاختاره بعضهم (4) .
[كانت بيعة عثمان بإجماع المسلمين]
فيقال أيضا: عثمان لم يصر إماما باختيار بعضهم، بل بمبايعة الناس له، وجميع المسلمين بايعوا عثمان [بن عفان] (5) ، ولم يتخلف (6) عن بيعته أحد.
قال الإمام أحمد في رواية حمدان بن علي (7) : " ما كان في القوم
(1) انظر كلام ابن مطهر فيما سبق، ص 126.
(2) له: زيادة في (ن) فقط.
(3) بن عفان: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) انظر ما سبق، ص 126 - 127.
(5) بن عفان: زيادة في (أ) ، (ب) .
(6) أ، ب: بن عفان لم تتخلف. . .
(7) حمدان بن علي، أبو جعفر الوراق، وهو محمد بن علي بن عبد الله بن مهران بن أيوب الجرجاني الأصل، البغدادي المنشأ، قال أبو بكر الخلال لما ذكره: رفيع القدر، كان عنده عن أبي عبد الله مسائل حسان. وقد توفي حمدان سنة 272. ترجمته في طبقات الحنابلة 1/308 - 310؛ تاريخ بغداد 3/61 - 62.
****************************** ***
أوكد بيعة من عثمان (1) كانت بإجماعهم " فلما بايعه ذوو الشوكة والقدرة صار إماما، وإلا فلو قدر أن عبد الرحمن بايعه، ولم يبايعه علي ولا غيره من الصحابة أهل الشوكة لم يصر إماما.
ولكن عمر لما جعلها شورى في ستة: عثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن بن عوف، ثم إنه خرج طلحة والزبير وسعد باختيارهم، وبقي عثمان وعلي وعبد الرحمن [بن عوف] (2) ، واتفق الثلاثة باختيارهم على أن عبد الرحمن [بن عوف] (3) لا يتولى ويولي أحد الرجلين، وأقام عبد الرحمن ثلاثا حلف أنه لم يغتمض فيها بكبير نوم يشاور السابقين الأولين والتابعين لهم بإحسان، ويشاور أمراء الأنصار، وكانوا قد حجوا مع عمر ذلك العام، فأشار عليه المسلمون بولاية عثمان، وذكر (4) أنهم كلهم قدموا عثمان فبايعوه، لا عن رغبة أعطاهم إياها، ولا عن رهبة أخافهم بها.
ولهذا قال غير واحد من السلف والأئمة كأيوب السختياني (5) وأحمد
(1) ب: ما كان في القوم من بيعة عثمان. . إلخ.
(2) بن عوف: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) بن عوف: زيادة في (أ) ، (ب) .
(4) ن، م: وذكروا.
(5) أيوب بن أبي تميمة كيسان السختياني، أبو بكر البصري، مولى عنزة، ويقال: مولى جهينة. قال ابن سعد والنسائي وغيرهما: كان ثقة ثبتا، وقال البخاري عن ابن المديني: مات سنة 131. زاد غيره: وهو ابن ثلاث وستين. . ويقال: مات سنة 125، وقيل: قبلها بسنة. ترجمته في تهذيب التهذيب 1/397 - 399.
***************************
[بن حنبل] (1) ، والدارقطني (2) ، وغيرهم (3) : من لم يقدم عثمان على علي (4) فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار. وهذا من الأدلة الدالة على أن عثمان أفضل لأنهم قدموه باختيارهم واشتوارهم.
[اتفاق المسلمين على بيعة أبي بكر أعظم من اتفاقهم على بيعة علي]
وأما قوله: " ثم علي بمبايعة الخلق له " (5) .
فتخصيصه عليا بمبايعة الخلق له، دون أبي بكر وعمر وعثمان، كلام ظاهر البطلان. وذلك أنه من المعلوم لكل من عرف سيرة القوم أن اتفاق الخلق ومبايعتهم لأبي بكر وعمر وعثمان، أعظم من اتفاقهم على بيعة علي رضي الله [عنه] وعنهم أجمعين، (6) وكل أحد يعلم أنهم اتفقوا على [بيعة] (7) عثمان أعظم مما اتفقوا على [بيعة] (8) علي. والذين بايعوا عثمان في أول الأمر أفضل من الذين بايعوا عليا، فإنه بايعه علي وعبد الرحمن بن عوف وطلحة والزبير] وعبد الله] بن مسعود والعباس
(1) بن حنبل: زيادة في (أ) ، (ب) .
(2) والدارقطني: ساقطة من (ن) ، (م) . وهو أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي، البغدادي، الحافظ الشهير، صاحب السنن. . . قال القاضي أبو الطيب الطبري: أمير المؤمنين في الحديث. وقد توفي الدارقطني سنة 385. ترجمته في تذكرة الحفاظ 3/991 - 995 ابن خلكان 2/459 - 460.
(3) ن، م: وغيرهما.
(4) أ، ب: من قدم عليا على عثمان.
(5) انظر ما سبق ص 127.
(6) ن: رضي الله عنهم أجمعين؛ م: رضي الله عنه (سقطت عبارة: وعنهم أجمعين) .
(7) بيعة: ساقطة من (ن) ، (م) .
(8) بيعة: ساقطة من (ن) ، (م) .
*****************************
[بن عبد المطلب] وأبي (1) بن كعب وأمثالهم، مع سكينة وطمأنينة، بعد (2) مشاورة المسلمين ثلاثة أيام.
وأما علي [رضي الله عنه] (3) فإنه بويع عقيب (4) قتل عثمان [رضي الله عنه] (5) والقلوب مضطربة مختلفة، وأكابر الصحابة متفرقون، وأحضر طلحة إحضارا حتى قال من قال: إنهم جاءوا به مكرها، وأنه قال، بايعت واللج - أي السيف - (6) على قفي.
وكان لأهل الفتنة بالمدينة شوكة لما قتلوا عثمان، وماج الناس لقتله موجا عظيما. وكثير من الصحابة لم يبايع عليا، كعبد الله بن عمر وأمثاله، وكان الناس معه ثلاثة أصناف: صنف قاتلوا معه، وصنف قاتلوه، وصنف لم يقاتلوه ولم يقاتلوا معه. فكيف يجوز أن يقال في علي: بمبايعة الخلق له، ولا يقال مثل ذلك في مبايعة (7) الثلاثة ولم يختلف عليهم (8) أحد؟ بل (9) بايعهم (10) الناس كلهم لا سيما عثمان.
(1) ن، م: وابن مسعود والعباس وأبي. . .
(2) أ، ب: وبعد.
(3) رضي الله عنه: زيادة في (أ) ، (ب) .
(4) أ، ب: عقب.
(5) رضي الله عنه: زيادة في (أ) ، (ب) .
(6) عبارة " أي السيف ": ساقطة من (أ) ، (ب) .
(7) ن (فقط) : مبايعته، وهو تحريف.
(8) ن، م: عليه، وهو خطأ.
(9) أ، ب: لما.
(10) ن: تابعهم.
*****************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (77)
صـ 536 إلى صـ 542
وَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ فَتَخَلَّفَ عَنْ بَيْعَتِهِ سَعْدٌ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا قَدْ عَيَّنُوهُ لِلْإِمَارَةِ (1) فَبَقِيَ فِي نَفْسِهِ مَا يَبْقَى فِي نُفُوسِ الْبَشَرِ. وَلَكِنْ هُوَ مَعَ هَذَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يُعَارِضْ، وَلَمْ يَدْفَعْ حَقًّا وَلَا أَعَانَ عَلَى بَاطِلٍ. [بَلْ قَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي مُسْنَدِ الصِّدِّيقِ، عَنْ عَفَّانَ (2) ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ (3) ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَوْدِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ - هُوَ الْحِمْيَرِيُّ - فَذَكَرَ حَدِيثَ السَّقِيفَةِ، وَفِيهِ أَنَّ الصِّدِّيقَ قَالَ: وَلَقَدْ عَلِمْتَ يَا سَعْدُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ وَأَنْتَ قَاعِدٌ: " «قُرَيْشٌ وُلَاةُ هَذَا الْأَمْرِ، فَبَرُّ النَّاسِ تَبَعٌ لِبَرِّهِمْ، وَفَاجِرُهُمْ تَبَعٌ لِفَاجِرِهِمْ» " قَالَ: فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: صَدَقْتَ نَحْنُ الْوُزَرَاءُ وَأَنْتُمُ الْأُمَرَاءُ. فَهَذَا مُرْسَلٌ حَسَنٌ (4) وَلَعَلَّ حُمَيْدًا أَخَذَهُ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ شَهِدُوا ذَلِكَ، وَفِيهِ فَائِدَةٌ
(1) ن، م: لِلْإِمْرَةِ.
(2) أ، ب: عُثْمَانَ، وَهُوَ خَطَأٌ. وَالصَّوَابُ مَا أَثْبَتْنَاهُ، وَهُوَ الَّذِي فِي الْمُسْنَدِ: ج [0 - 9] ، الْحَدِيثُ 18؛ وَفِي الْبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ لِابْنِ كَثِيرٍ 5/247، الْقَاهِرَةُ، 1351 1932.
(3) أ، ب: أَبِي مُعَاوِيَةَ، وَهُوَ خَطَأٌ. وَالصَّوَابُ مَا أَثْبَتْنَاهُ، وَهُوَ الَّذِي فِي الْمُسْنَدِ وَفِي الْبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ الْمُشَارِ إِلَيْهِمَا فِي التَّعْلِيقِ السَّابِقِ، وَنَصُّهُمَا: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَوْدِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: قَالَ:. . . إِلَخْ.
(4) قَالَ الْأُسْتَاذُ أَحْمَد شَاكِر - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ (الْمُسْنَدَ، ج [0 - 9] ، الْحَدِيثُ 18، ص [0 - 9] 64) : " إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِانْقِطَاعِهِ، فَإِنَّ حُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيَّ التَّابِعِيَّ الثِّقَةَ يَرْوِي عَنْ أَمْثَالِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي بَكْرَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَذَكَرَ ابْنُ سَعْدٍ أَنَّهُ رَوَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَلَمْ يُصَرِّحْ هُنَا بِمَنْ حَدَّثَهُ هَذَا الْحَدِيثَ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ وَفَاةَ رَسُولِ اللَّهِ وَحَدِيثَ السَّقِيفَةِ وَبَيْعَةَ أَبِي بَكْرٍ ". وَجَاءَ الْحَدِيثُ فِي " صَحِيحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ " وَقَالَ السُّيُوطِيُّ: " حم (أَحْمَدُ) عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ ". وَصَحَّحَ الْأَلْبَانِيُّ الْحَدِيثَ
***************************
جَلِيلَةٌ (1) جِدًّا، وَهِيَ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ نَزَلَ عَنْ مَقَامِهِ الْأَوَّلِ فِي دَعْوَى الْإِمَارَةِ، وَأَذْعَنَ لِلصِّدِّيقِ بِالْإِمَارَةِ، فَرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ] (2) .وَلِهَذَا اضْطَرَبَ النَّاسُ فِي خِلَافَةِ عَلِيٍّ عَلَى أَقْوَالٍ:
[أقوال الناس في خلافة علي]
فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنَّهُ إِمَامٌ وَإِنَّ مُعَاوِيَةَ إِمَامٌ، وَإِنَّهُ يَجُوزُ نَصْبُ إِمَامَيْنِ [فِي وَقْتٍ] (3) إِذَا لَمْ يُمْكِنِ الِاجْتِمَاعُ عَلَى إِمَامٍ وَاحِدٍ، وَهَذَا يُحْكَى عَنِ الْكَرَّامِيَّة ِ وَغَيْرِهِمْ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ إِمَامٌ عَامٌّ، بَلْ كَانَ زَمَانَ فِتْنَةٍ، وَهَذَا قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ الْبَصْرِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ. وَلِهَذَا لَمَّا أَظْهَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ التَّرْبِيعَ بِعَلِيٍّ فِي الْخِلَافَةِ وَقَالَ: مَنْ لَمْ يُرَبِّعْ بِعَلِيٍّ فِي الْخِلَافَةِ فَهُوَ أَضَلُّ مِنْ حِمَارِ أَهْلِهِ، أَنْكَرَ ذَلِكَ طَائِفَةٌ مِنْ هَؤُلَاءِ، وَقَالُوا: قَدْ أَنْكَرَ خِلَافَتَهُ مَنْ لَا يُقَالُ: هُوَ أَضَلُّ مِنْ حِمَارِ أَهْلِهِ، يُرِيدُونَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا مِنَ الصَّحَابَةِ. وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ عَلَى خِلَافَةِ عَلِيٍّ بِحَدِيثِ سَفِينَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «تَكُونُ خِلَافَةُ النُّبُوَّةِ ثَلَاثِينَ سَنَةً ثُمَّ تَصِيرُ مُلْكًا» "، [وَ] (4) هَذَا الْحَدِيثُ قَدْ رَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ كَأَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِ (5) .
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ ثَالِثَةٌ: بَلْ عَلِيٌّ هُوَ الْإِمَامُ، وَهُوَ مُصِيبٌ فِي قِتَالِهِ لِمَنْ قَاتَلَهُ، وَكَذَلِكَ مَنْ قَاتَلَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ كَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ كُلُّهُمْ مُجْتَهِدُونَ
(1) أ: جَلِيَّةٌ.
(2) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَي ْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(3) فِي وَقْتٍ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
(4) ن، م: مُلْكًا هَذَا.
(5) سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَى الْحَدِيثِ (ص 515 ت [0 - 9] )
**************************
مُصِيبُونَ. وَهَذَا قَوْلُ مَنْ يَقُولُ: كُلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ، كَقَوْلِ الْبَصْرِيِّينَ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ : [أَبِي الْهُذَيْلِ] (1) وَأَبِي عَلِيٍّ، وَأَبِي هَاشِمٍ، وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنَ الْأَشْعَرِيَّة ِ: كَالْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ، وَأَبِي حَامِدٍ (2) ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ [أَبِي الْحَسَنِ] الْأَشْعَرِيِّ (3) . وَهَؤُلَاءِ [أَيْضًا] (4) يَجْعَلُونَ مُعَاوِيَةَ مُجْتَهِدًا مُصِيبًا فِي قِتَالِهِ، كَمَا أَنَّ عَلِيًّا مُصِيبٌ.وَهَذَا قَوْلُ طَائِفَةٍ [مِنَ الْفُقَهَاءِ] (5) مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ، ذَكَرَهُ [أَبُو عَبْدِ اللَّهِ] (6) بْنُ حَامِدٍ، ذَكَرَ [لِأَصْحَابِ أَحْمَدَ] (7) فِي الْمُقْتَتِلِين َ يَوْمَ الْجَمَلِ وَصِفِّينَ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: (8) كِلَاهُمَا مُصِيبٌ، وَالثَّانِي: الْمُصِيبُ وَاحِدٌ لَا بِعَيْنِهِ، وَالثَّالِثُ: أَنَّ عَلِيًّا هُوَ الْمُصِيبُ وَمَنْ خَالَفَهُ مُخْطِئٌ. وَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ وَأَئِمَّةِ السَّلَفِ (9) أَنَّهُ لَا يُذَمُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ (10) وَأَنَّ عَلِيًّا أَوْلَى بِالْحَقِّ [مِنْ غَيْرِهِ] (11) . أَمَّا تَصْوِيبُ الْقِتَالِ فَلَيْسَ هُوَ قَوْلَ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ، بَلْ هُمْ يَقُولُونَ إِنَّ تَرْكَهُ كَانَ أَوْلَى.
(1) أَبِي الْهُذَيْلِ: سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(2) وَهُوَ الْغَزَالِيُّ.
(3) ن، م: عَنِ الْأَشْعَرِيِّ.
(4) أَيْضًا: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(5) مِنَ الْفُقَهَاءِ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(6) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(7) لِأَصْحَابِ أَحْمَدَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(8) ن، م، أ: أَحَدُهُمَا، وَهُوَ خَطَأٌ.
(9) أ، ب: وَأَئِمَّةِ السُّنَّةِ.
(10) ن، م: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ أَحَدَهُمْ.
(11) مِنْ غَيْرِهِ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب)
*****************************
وَطَائِفَةٌ رَابِعَةٌ تَجْعَلُ عَلِيًّا هُوَ الْإِمَامَ، وَكَانَ مُجْتَهِدًا مُصِيبًا فِي الْقِتَالِ، وَمَنْ قَاتَلَهُ (1) كَانُوا [مُجْتَهِدِينَ] (2) مُخْطِئِينَ، وَهَذَا قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ وَالْكَلَامِ (3) ، مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ.وَطَائِفَةٌ خَامِسَةٌ تَقُولُ: إِنَّ عَلِيًّا مَعَ كَوْنِهِ كَانَ خَلِيفَةً وَهُوَ أَقْرَبُ إِلَى الْحَقِّ مِنْ مُعَاوِيَةَ، فَكَانَ (4) تَرْكُ الْقِتَالِ أَوْلَى، وَيَنْبَغِي الْإِمْسَاكُ عَنِ الْقِتَالِ لِهَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «سَتَكُونُ فِتْنَةٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ فِيهَا (5) خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي» " (6) . وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ عَنِ الْحَسَنِ: " «إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ،
(1) ن: وَمَنْ قَاتَلُوهُ.
(2) مُجْتَهِدِينَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(3) أ، ب: الْكَلَامِ وَالرَّأْيِ.
(4) ن، م: وَكَانَ.
(5) فِيهَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) ، (أ) ، (ب) .
(6) الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْبُخَارِيِّ 4/198 - 199 (كِتَابُ الْمَنَاقِبِ، بَابُ عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ) وَنَصُّهُ فِيهِ: " سَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، وَمَنْ يُشْرِفُ لَهَا تَسْتَشْرِفُهُ، وَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ ". وَجَاءَ الْحَدِيثُ أَيْضًا فِي الْبُخَارِيِّ 9/51 (كِتَابُ الْفِتَنِ، بَابُ تَكُونُ فِتْنَةٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ) ؛ مُسْلِمٍ 4/2211 - 2212 (كِتَابُ الْفِتَنِ، بَابُ نُزُولِ الْفِتَنِ كَمَوَاقِعِ الْقَطْرِ؛ الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 14/207 - 208. وَجَاءَ الْحَدِيثُ - مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ - عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 3/29 (وَصَحَّحَهُ أَحْمَد شَاكِر) وَجَاءَ الْحَدِيثُ مَعَ زِيَادَةٍ طَوِيلَةٍ ذَكَرَهَا ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِي كِتَابِ " الِاسْتِقَامَةِ " 2/341 وَتَكَلَّمْتُ هُنَاكَ عَلَى مَكَانِهَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَسُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيّ ِ وَالْمُسْنَدِ
***********************
وَسَيُصْلِحُ اللَّهُ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ (1) عَظِيمَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ» " (2) . فَأَثْنَى عَلَى الْحَسَنِ بِالْإِصْلَاحِ، وَلَوْ كَانَ الْقِتَالُ وَاجِبًا أَوْ مُسْتَحَبًّا، لَمَا مُدِحَ تَارِكُهُ.قَالُوا: وَقِتَالُ الْبُغَاةِ لَمْ يَأْمُرِ اللَّهُ بِهِ ابْتِدَاءً، وَلَمْ يَأْمُرْ بِقِتَالِ كُلِّ بَاغٍ، بَلْ قَالَ [تَعَالَى] (3) {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [سُورَةُ الْحُجُرَاتِ: 9] ، فَأَمَرَ إِذَا اقْتَتَلَ الْمُؤْمِنُونَ بِالْإِصْلَاحِ بَيْنَهُمْ، فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا [عَلَى الْأُخْرَى] (4) قُوتِلَتْ.
قَالُوا: وَلِهَذَا لَمْ يَحْصُلْ بِالْقِتَالِ مَصْلَحَةٌ، وَالْأَمْرُ الَّذِي يَأْمُرُ اللَّهُ بِهِ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مَصْلَحَتُهُ رَاجِحَةً عَلَى مَفْسَدَتِهِ. وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَنْبَأَنَا هِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ يَعْنِي ابْنَ
(1) أ، ب: وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْحَسَنِ.
(2) أ، ب: الْمُؤْمِنِينَ. وَالْحَدِيثُ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْبُخَارِيِّ 3/186 (كِتَابُ الصُّلْحِ، بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ. . .) ، 4/204 - 205 (كِتَابُ الْمَنَاقِبِ، بَابُ عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ فِي الْإِسْلَامِ) ، 5/26 (كِتَابُ فَضَائِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، بَابُ مَنَاقِبِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -) ، 9/56 - 57 (كِتَابُ الْفِتَنِ، بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ: إِنَّ ابْنِي هَذَا لَسَيِّدٌ. . .) وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ:. . . وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ. وَفِي لَفْظٍ: بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. الْحَدِيثُ أَيْضًا فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 4/299 - 300 (كِتَابُ السُّنَّةِ، بَابُ مَا يَدُلُّ عَلَى تَرْكِ الْكَلَامِ فِي الْفِتْنَةِ) ؛ سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 5/323 (كِتَابُ الْمَنَاقِبِ، بَابُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. . .) ؛ سُنَنِ النَّسَائِيِّ 3/87 - 88 (كِتَابُ الْجُمُعَةِ، بَابُ مُخَاطَبَةِ الْإِمَامِ رَعِيَّتَهُ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ) .
(3) تَعَالَى: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(4) عَلَى الْأُخْرَى: زِيَادَةٌ فِي (م) .
****************************
سِيرِينَ، قَالَ: «قَالَ حُذَيْفَةُ: مَا أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ تُدْرِكُهُ الْفِتْنَةُ إِلَّا أَنَا أَخَافُهَا عَلَيْهِ إِلَّا مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ (1) ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: " لَا تَضُرُّكَ الْفِتْنَةُ» " (2) .
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْأَشْعَثِ بْنِ سُلَيْمٍ، [عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ ضُبَيْعَةَ، قَالَ: دَخَلْنَا (3) عَلَى حُذَيْفَةَ فَقَالَ: إِنِّي لَأَعْرِفُ رَجُلًا لَا تَضُرُّهُ الْفِتَنُ شَيْئًا. قَالَ: فَخَرَجْنَا فَإِذَا فُسْطَاطٌ مَضْرُوبٌ، فَدَخَلْنَا (4) فَإِذَا فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ] (5) ، فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: مَا أُرِيدُ أَنْ يَشْتَمِلَ عَلَيَّ شَيْءٌ مِنْ أَمْصَارِكُمْ (6) حَتَّى تَنْجَلِيَ عَمَّا انْجَلَتْ (7) .
فَهَذَا الْحَدِيثُ يُبَيِّنُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ لَا تَضُرُّهُ الْفِتْنَةُ، وَهُوَ مِمَّنِ اعْتَزَلَ فِي الْقِتَالِ فَلَمْ يُقَاتِلْ لَا مَعَ عَلِيٍّ
(1) مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ خَالِدِ بْنِ عَدِيٍّ الْأَنْصَارِيُّ الْأَوْسِيُّ، شَهِدَ بَدْرًا وَأُحُدًا وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا إِلَّا تَبُوكَ، وَتُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ 46 أَوْ 47، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي الْإِصَابَةِ لِابْنِ حَجَرٍ 3/363 - 364؛ الِاسْتِيعَابِ (بِهَامِشِ الْإِصَابَةِ) 3/315 - 317؛ أُسْدِ الْغَابَةِ لِابْنِ الْأَثِيرِ (ط. الشَّعْبِ) 5/112 - 113.
(2) الْحَدِيثُ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 4/300 (كِتَابُ السُّنَّةِ، بَابُ النَّهْيِ عَنْ سَبِّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) .
(3) م، أ: دَخَلْتُ.
(4) فَدَخَلْنَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) ، (أ) .
(5) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَي ْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
(6) ن، م، أ: أَمْصَارِهِمْ.
(7) الْحَدِيثُ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 4/300 (كِتَابُ السُّنَّةِ، بَابُ النَّهْيِ عَنْ سَبِّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -)
*****************************
وَلَا مَعَ مُعَاوِيَةَ، كَمَا اعْتَزَلَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ (1) ، وَأَبُو بَكْرَةَ، وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، وَأَكْثَرُ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ.وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ قِتَالٌ وَاجِبٌ وَلَا مُسْتَحَبٌّ، إِذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ تَرْكُ ذَلِكَ مِمَّا يُمْدَحُ بِهِ الرَّجُلُ، بَلْ كَانَ مَنْ فَعَلَ الْوَاجِبَ أَوِ الْمُسْتَحَبَّ (2) أَفْضَلَ مِمَّنْ تَرَكَهُ، وَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْقِتَالَ قِتَالُ فِتْنَةٍ.
كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: " «سَتَكُونُ فِتْنَةٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ [فِيهَا] (3) خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، وَالسَّاعِي خَيْرٌ مِنَ الْمُوضِعِ» " (4) - 31.، وَأَمْثَالُ ذَلِكَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الَّتِي تُبَيِّنُ أَنَّ تَرْكَ الْقِتَالِ كَانَ خَيْرًا مِنْ فِعْلِهِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، وَعَلَى هَذَا جُمْهُورُ [أَئِمَّةِ] (5) أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالسُّنَّةِ؛ وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَالثَّوْرِيِّ (6) وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ.
(1) ن: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(2) ن، م: الْوَاجِبُ وَالْمُسْتَحَبّ ُ.
(3) فِيهَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(4) الْحَدِيثُ سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ (ص [0 - 9] 39 ت [0 - 9] ) . وَهُوَ مَرْوِيٌّ أَيْضًا فِي الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ، انْظُرْ: ج [0 - 9] ، رَقْمُ 1446، 1609 ج [0 - 9] ، رَقْمُ 4286، ج [0 - 9] 4 رَقْمُ 7783، وَلَمْ أَجِدْ هَذِهِ الرِّوَايَةَ. انْظُرْ شَرْحَ الْحَدِيثِ فِي فَتْحِ الْبَارِي 13
(5) أَئِمَّةِ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(6) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ سُفْيَانُ بْنُ سَعْدِ بْنِ مَسْرُوقِ بْنِ حَبِيبٍ الثَّوْرِيُّ الْكُوفِيُّ. كَانَ إِمَامًا فِي عِلْمِ الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْعُلُومِ، وَهُوَ أَحَدُ الْأَئِمَّةِ الْمُجْتَهِدِين َ. تُوُفِّيَ بِالْبَصْرَةِ سَنَةَ 161، وَقِيلَ سَنَةَ 162. تَرْجَمَتُهُ فِي وَفَيَاتِ الْأَعْيَانِ 2/127 - 128؛ شَذَرَاتِ الذَّهَبِ 1/250 - 251
******************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (78)
صـ 543 إلى صـ 549
وَهَذِهِ أَقْوَالُ مَنْ يُحْسِنُ الْقَوْلَ فِي عَلِيٍّ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ وَمُعَاوِيَةَ، وَمَنْ سِوَى هَؤُلَاءِ مِنَ الْخَوَارِجِ وَالرَّوَافِضِ وَالْمُعْتَزِلَ ةِ فَمَقَالَاتُهُم ْ فِي الصَّحَابَةِ لَوْنٌ آخَرُ، فَالْخَوَارِجُ تُكَفِّرُ عَلِيًّا وَعُثْمَانَ وَمَنْ وَالَاهُمَا (1) ؛ وَالرَّوَافِضُ تُكَفِّرُ جُمْهُورَ (2) الصَّحَابَةِ كَالثَّلَاثَةِ وَمَنْ وَالَاهُمْ وَتُفَسِّقُهُمْ (3) ، وَيُكَفِّرُونَ مَنْ قَاتَلَ
(1) ذَكَرَ ابْنُ طَاهِرٍ الْبَغْدَادِيُّ (الْفَرْقُ بَيْنَ الْفِرَقِ، ص 45) : " وَقَالَ شَيْخُنَا أَبُو الْحَسَنِ: الَّذِي يَجْمَعُهَا " فِرَقُ الْخَوَارِجِ " إِكْفَارُ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ وَأَصْحَابِ الْجَمَلِ وَالْحَكَمَيْنِ ، وَمَنْ رَضِيَ بِالتَّحْكِيمِ وَصَوَّبَ الْحَكَمَيْنِ أَوْ أَحَدَهُمَا ". وَيَذْكُرُ الْأَشْعَرِيُّ (مَقَالَاتِ الْإِسْلَامِيِّ ينَ 2/126) أَنَّ بَعْضَ الْخَوَارِجِ يَرَوْنَ أَنَّ كُفْرَ عَلِيٍّ وَالْحَكَمَيْنِ هُوَ كُفْرُ شِرْكٍ، وَالْبَعْضُ الْآخَرُ يَقُولُونَ إِنَّهُ كُفْرُ نِعْمَةٍ وَلَيْسَ بِكُفْرِ شِرْكٍ. وَانْظُرِ: الْمِلَلَ وَالنِّحَلَ 1/106، 107، 109، وَقَارِنْ مَا وَرَدَ فِي ص [0 - 9] 18. وَانْظُرْ أَيْضًا: أُصُولَ الدِّينِ لِابْنِ طَاهِرٍ الْبَغْدَادِيِّ ، ص [0 - 9] 86 - 287؛ الِانْتِصَارَ لِلْخَيَّاطِ، 102.
(2) أ، ب: جَمِيعَ.
(3) يَذْكُرُ الْخَيَّاطُ (الِانْتِصَارَ، ص [0 - 9] 04) : " وَأَمَّا قَوْلُهُ: " أَيِ ابْنِ الرَّاوَنْدِيِّ ": إِنَّهُ لَيْسَ فِي الشِّيعَةِ مَنْ يُجَوِّزُ اجْتِمَاعَ الصَّحَابَةِ عَلَى الْكُفْرِ؛ فَإِنَّ الرَّافِضَةَ بِأَسْرِهَا قَدْ زَعَمَتْ أَنَّ الصَّحَابَةَ كُلَّهَا قَدْ كَفَرَتْ وَأَشْرَكَتْ إِلَّا نَفَرًا يَسِيرًا خَمْسَةً أَوْ سِتَّةً، وَشُهْرَةُ قَوْلِهَا بِذَلِكَ تُغْنِي عَنِ الْإِكْثَارِ فِيهِ ". وَانْظُرْ: ص [0 - 9] 00، 101 - 102 - 103. وَيَذْكُرُ الِاسْفَرَايِين ِيُّ (التَّبْصِيرَ فِي الدِّينِ ص [0 - 9] 4) بَعْدَ كَلَامِهِ عَلَى فِرَقِ الْإِمَامِيَّةِ مَا يَلِي: " وَاعْلَمْ أَنَّ جَمِيعَ مَنْ ذَكَرْنَاهُمْ مِنْ فِرَقِ الْإِمَامِيَّةِ مُتَّفِقُونَ عَلَى تَكْفِيرِ الصَّحَابَةِ ". وَحَتَّى الْجَارُودِيَّة ِ مِنَ الزَّيْدِيَّةِ يَقُولُونَ بِتَكْفِيرِ كُلِّ الصِّحَابِ لِتَرْكِهِمْ بَيْعَةَ عَلِيٍّ، وَانْظُرِ: التَّبْصِيرَ فِي الدِّينِ، ص [0 - 9] 6؛ الْمِلَلَ وَالنِّحَلَ 1/140. وَنَجِدُ فِي كُتُبِ الشِّيعَةِ مِصْدَاقَ ذَلِكَ (انْظُرْ مَا نَقَلَهُ عَنْهُمْ: أَحْمَد أَمِين: ضُحَى الْإِسْلَامِ 3/249 - 250) . وَفِي كِتَابِ " مِنْهَاجِ الشَّرِيعَةِ فِي الرَّدِّ عَلَى ابْنِ تَيْمِيَّةَ " يُحَاوِلُ الْمُؤَلِّفُ التَّدْلِيلَ عَلَى جَوَازِ سَبِّ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - ثُمَّ يَقُولُ (ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 1) : ". . . فَاسْتَبَاحَا مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ مِنَ الْعِتْرَةِ وَتَقَدَّمَا عَلَيْهِمَا، فَهَذِهِ أَدِلَّةُ السَّابِّ، وَهِيَ أَدِلَّةٌ ثَابِتَةُ الصِّحَّةِ عِنْدَ مَنْ تَابَعَهَا وَلَيْسَ لَهَا مُعَارِضٌ، بَلْ لَهَا مَا يُعَضِّدُهَا مِمَّا صَدَرَ مِنْهُمَا مِنَ الْمُخَالَفَاتِ لِلشَّرِيعَةِ وَالْمُشَاقَّات ِ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ حَسْبَمَا يَأْتِي الْبَيَانُ. فَمَنْ فَسَّقَ مَنْ سَبَّهُمْ فَهُوَ عَلَى خَطَرٍ عَظِيمٍ لِدُخُولِهِ فِي خَبَرِ: وَقَاضٍ قَضَى بِجَوْرٍ وَهُوَ يَعْلَمُ فَهُوَ فِي النَّارِ؛ لِعِلْمِ الْمُفَسِّقِ بِأَنَّهُمْ مُسْتَحِقُّونَ لِلسَّبِّ بِالسُّنَنِ الْمُشَارِ إِلَيْهَا. وَيَذْهَبُ الْمُؤَلِّفُ (ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 8) إِلَى أَنَّ " مَسْأَلَةَ تَفْضِيلِ طَبَقَةِ مُؤْمِنِي الصَّحَابَةِ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنَ الطَّبَقَاتِ مِنَ الْبُهْتَانِ الْبَيِّنِ "، ثُمَّ يَقُولُ: " فَإِنَّهُ يُعْلَمُ يَقِينًا بِأَنَّ أَخْبَارَهُمْ قَدِ اسْتَفَاضَتْ وَدَلَّتْ عَلَى أَنَّ مَنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ الطَّفِّ (يَاقُوتٌ: أَرْضٌ مِنْ ضَاحِيَةِ الْكُوفَةِ) بَيْنَ يَدَيْ رَيْحَانَةِ الرَّسُولِ (ص) أَفْضَلُ مِنَ الصَّحَابَةِ الْمُسْتَشْهِدِ ينَ يَوْمَ بَدْرٍ وَغَيْرِهِ
******************************
عليا ويقولون: هو إمام معصوم (1) ، وطائفة من المروانية تفسقه وتقول: إنه ظالم معتد (2) ، وطائفة من المعتزلة تقول: قد فسق إما هو وإما من قاتله، لكن لا يعلم عينه، وطائفة أخرى منهم تفسق معاوية وعمرا دون طلحة والزبير وعائشة (3) .
(1) يذكر الأشعري (المقالات 1/122) أن فرقة من الشيعة تكفر من حارب عليا وتضلله، والفرقة الثانية منهم يزعمون أن من حارب عليا فاسق ليس بكافر، إلا أن يكون حارب عليا عنادا للرسول - صلى الله عليه وسلم - وردا عليه فهم كفار. وفي " منهاج الشريعة في الرد على ابن تيمية " يحاول المؤلف البرهنة على أن كل من حارب عليا - رضي الله عنه - في موقعتي الجمل وصفين لا يعد مسلما، ومن قوله في ذلك (ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 3) : " وخبر: وانصر من نصره، واخذل من خذله، دليل على نفاق حتى من لم يحارب معه ولم يحاربه، فإن من خذله الله ليس بمسلم، فعلم مخالفتهم وتركهم لهذه السنن جميعا في حكمهم بأن من حارب عليا مسلم ".
(2) معتد: ساقطة من (أ) ، (ب) . وفي (ن) : متعد. والمثبت من (م) .
(3) في كتاب " أصول الدين لابن طاهر البغدادي، ص [0 - 9] 90 - 291: " وقال واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد والنظام وأكثر القدرية: نتولى عليا وأصحابه على انفرادهم، ونتولى طلحة والزبير وأتباعهما على انفرادهما، ولكن لو شهد علي مع رجل من أصحابه قبلت شهادتهما ولو شهد طلحة أو الزبير مع واحد من أصحابه قبلت شهادتهما، ولو شهد علي مع طلحة على باقة بقل لم نحكم بشهادتهما: لأن أحدهما فاسق، والفاسق مخلد في النار، وليس بمؤمن ولا كافر ". وذكر الأشعري (المقالات 2/130) أن النظام كان ممن يقول بأن عليا كان مصيبا، في حين أن طلحة والزبير وعائشة ومعاوية كانوا مخطئين. وقال ضرار وأبو الهذيل ومعمر: نعلم أن أحدهما مصيب والآخر مخطئ، فنحن نتولى كل واحد من الفريقين على الانفراد، وأنزلوا الفريقين منزلة المتلاعنين الذين يعلمون أن أحدهما مخطئ، ولا يعلمون المخطئ منهما. هذا قولهم في علي، وطلحة، والزبير، وعائشة؛ فأما معاوية فهم له مخطئون غير قائلين بإمامته. وانظر أيضا: الانتصار للخياط، ص 97 - 98؛ الفرق بين الفرق، ص [0 - 9] 1 - 73؛ الملل والنحل 1/52 - 53.
******************************
والمقصود أن الخلاف في خلافة علي وحروبه (1) كثير منتشر (2) بين السلف والخلف، فكيف تكون مبايعة الخلق له أعظم من مبايعتهم للثلاثة قبله، [رضي الله عنهم أجمعين؟] (3) .
فإن قال: أردت بقولي (4) أن أهل السنة يقولون: إن خلافته انعقدت بمبايعة الخلق له لا بالنص.
فلا ريب أن أهل السنة وإن كانوا يقولون: إن النص على أن عليا من الخلفاء الراشدين، لقوله: " «خلافة النبوة ثلاثون سنة» "، فهم يروون (5) النصوص الكثيرة في صحة خلافة غيره.
وهذا أمر معلوم عند أهل العلم بالحديث (6) ، يروون في صحة خلافة الثلاثة نصوصا كثيرة، بخلاف خلافة علي فإن نصوصها قليلة، فإن الثلاثة اجتمعت (7) الأمة عليهم فحصل بهم مقصود الإمامة، وقوتل بهم
(1) ن، م: وجوده، وهو تحريف.
(2) أ: منذ شهر (وهو تحريف) ؛ ب: مشتهر.
(3) رضي الله عنهم أجمعين: زيادة في (أ) ، (ب) .
(4) بقولي: ساقطة من (م) ، (أ) ، (ب) .
(5) ن: يرون، وهو تحريف.
(6) أ، ب: أهل الحديث.
(7) ن، م: أجمعت.
**************************
الكفار، وفتحت بهم الأمصار. وخلافة علي لم يقاتل فيها كفار (1) ، ولا فتح مصر، وإنما كان السيف بين أهل القبلة.
وأما النص الذي تدعيه الرافضة، فهو كالنص الذي تدعيه الراوندية على العباس (2) ، وكلاهما معلوم الفساد بالضرورة عند أهل العلم، ولو لم يكن في إثبات خلافة علي إلا هذا لم تثبت له إمامة قط، كما لم تثبت للعباس إمامة بنظيره.
[التعليق على ما نسبه ابن المطهر إلى أهل السنة من أقوال عن الإمامة بعد علي]
وأما قوله: " ثم اختلفوا، فقال بعضهم: إن الإمام بعده الحسن، وبعضهم قال: إنه معاوية (3) ".
فيقال:. أهل السنة لم يتنازعوا في هذا، بل هم يعلمون أن الحسن بايعه أهل العراق مكان أبيه، وأهل الشام كانوا مع معاوية قبل ذلك.
وقوله: " ثم ساقوا الإمامة في بني أمية ثم في بني العباس (4) ".
(1) أ، ب: كافر.
(2) انظر أيضا عن الراوندية ونصهم على العباس: أصول الدين، ص 281.
(3) انظر ما سبق، ص 127.
(4) نص كلام ابن المطهر، كما ورد من قبل ص 127: " ثم ساقوا الإمامة في بني أمية إلى أن ظهر السفاح من بني العباس، فساقوا الإمامة إليه، ثم انتقلت الإمامة إلى أخيه المنصور، ثم ساقوا الإمامة في بني العباس إلى المستعصم.
*****************************
فيقال: أهل السنة لا يقولون إن الواحد من هؤلاء كان هو الذي يجب أن يولى دون من سواه، ولا يقولون إنه تجب طاعته في كل ما يأمر به، بل أهل السنة يخبرون بالواقع ويأمرون بالواجب، فيشهدون بما وقع (1) ، ويأمرون بما أمر الله (2) ورسوله، فيقولون: هؤلاء هم الذين تولوا، وكان لهم سلطان وقدرة يقدرون بها على مقاصد الولاية: من إقامة الحدود، وقسم الأموال، وتولية الولايات (3) ، وجهاد العدو، وإقامة الحج والأعياد والجمع، وغير ذلك من مقاصد الولايات (4) .
ويقولون: إن الواحد من هؤلاء ونوابهم وغيرهم لا يجوز أن يطاع في معصية الله، بل يشارك فيما يفعله من طاعة الله: فيغزى معه الكفار، ويصلى معه الجمعة والعيدان، ويحج معه، ويعاون في إقامة الحدود والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأمثال ذلك، فيعاونون على البر والتقوى، ولا يعاونون على الإثم والعدوان.
ويقولون: إنه قد تولى غير هؤلاء: تولى بالغرب طائفة من بني أمية وطائفة من بني علي (5) ، ومن المعلوم أن الناس لا يصلحون إلا بولاة، وأنه لو تولى من هو دون هؤلاء من الملوك الظلمة لكان ذلك خيرا من
(1) ن، م: فيشهدون بالواقع.
(2) به: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) أ، ب: الولاية.
(4) أ، ب: الولاية.
(5) أ، ب: تولى غير هؤلاء بالغرب من بني أمية ومن بني علي.
************************
عدمهم، كما يقال: ستون سنة مع إمام جائر، خير من ليلة واحدة بلا إمام.
ويروى عن علي - رضي الله عنه - (1) أنه قال: لا بد للناس من إمارة برة كانت أو فاجرة. قيل له: هذه البرة قد عرفناها فما بال الفاجرة؟ قال: يؤمن بها السبيل، ويقام به الحدود، ويجاهد به العدو، ويقسم بها الفيء. ذكره علي بن معبد في كتاب " الطاعة والمعصية " (2) .
وكل من تولى كان خيرا من المعدوم المنتظر الذي تقول الرافضة: إنه الخلف الحجة، فإن هذا لم يحصل بإمامته شيء من المصلحة لا في الدنيا ولا في الدين أصلا، فلا فائدة في إمامته إلا الاعتقادات الفاسدة والأماني الكاذبة [والفتن بين الأمة] (3) وانتظار من لا يجيء، فتطوى الأعمار ولم يحصل من فائدة هذه الإمامة شيء.
والناس لا يمكنهم بقاء أيام قليلة بلا ولاة أمور، بل كانت تفسد أمورهم (4) ، فكيف تصلح أمورهم إذا لم يكن لهم إمام إلا من لا يعرف ولا يدري ما يقول، ولا يقدر على شيء من أمور الإمامة بل هو معدوم؟
(1) ن، م: علي - عليه السلام -.
(2) في كتب الرجال يذكر اثنان باسم علي بن معبد، الأول: علي بن معبد بن شداد العبدي أبو الحسن، ويقال: أبو محمد الرقي المتوفى 218. والثاني هو: علي بن معبد بن نوح المصري الصغير أبو الحسن البغدادي المتوفى سنة 259، ولم أتبين أيهما المقصود، ولم أجد أي ذكر لكتاب " الطاعة والمعصية ". انظر: تهذيب التهذيب 7/384 - 386؛ ميزان الاعتدال 2/238؛ تاريخ بغداد 12/109 - 110.
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(4) أ، ب: أمورهم تفسد.
****************************** *
وأما آباؤه فلم يكن لهم قدرة ولا سلطان (1) الإمامة، بل كان لأهل العلم والدين منهم إمامة أمثالهم من جنس الحديث والفتيا ونحو ذلك، لم يكن لهم سلطان الشوكة؛ فكانوا عاجزين عن الإمامة، سواء كانوا أولى بالإمامة (2) أو لم يكونوا أولى.
فبكل حال ما مكنوا ولا ولوا ولا كان يحصل لهم (3) المطلوب من الولاية لعدم القدرة والسلطان، ولو أطاعهم المؤمن لم يحصل له بطاعتهم المصالح التي تحصل بطاعة الأئمة: من جهاد الأعداء وإيصال الحقوق إلى مستحقيها - أو بعضهم - وإقامة الحدود.
فإن قال القائل: إن الواحد من هؤلاء أو من غيرهم إمام، أي ذو سلطان وقدرة يحصل بهما مقاصد الإمامة (4) ؛ كان هذا مكابرة للحس، ولو كان [ذلك] (5) كذلك، لم يكن هناك متول يزاحمهم ولا يستبد بالأمر دونهم، وهذا لا يقوله أحد.
وإن قال: إنهم أئمة بمعنى أنهم هم الذين كانوا (6) يجب أن يولوا، وأن الناس عصوا بترك توليتهم، فهذا بمنزلة أن يقال: فلان كان يستحق أن يولى (7 إمامة الصلاة وأن يولى 7) (7) القضاء، ولكن لم يول ظلما وعدوانا.
(1) أ، ب: قدرة وسلطان.
(2) أ، ب: بالولاية.
(3) ب (فقط) : بهم.
(4) ن، م: تحصل بها مقاصد الأئمة.
(5) ذلك: زيادة في (أ) ، (ب) .
(6) كانوا: ساقطة من (أ) ، (ب) . وفي (م) : كان.
(7) (7 - 7) : ساقط من (أ) ، (ب) .
****************************** **
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (79)
صـ 550 إلى صـ 556
[تفصيل القول في بيان رأي أهل السنة في الإمامة]ومن المعلوم أن أهل السنة لا ينازعون في أنه كان بعض أهل الشوكة بعد الخلفاء الأربعة يولون شخصا وغيره أولى بالولاية منه، وقد كان عمر بن عبد العزيز يختار أن يولي القاسم بن محمد (1) بعده، لكنه لم يطق ذلك لأن أهل الشوكة لم يكونوا موافقين (2) على ذلك، (3 ولأنه كان قد عقد العهد معه ليزيد بن عبد الملك بعده، فكان يزيد هو ولي العهد 3) (3) .
وحينئذ فأهل الشوكة الذين قدموا المرجوح وتركوا الراجح، أو الذي تولى بقوته وقوة أتباعه ظلما وبغيا، يكون إثم هذه الولاية على من ترك الواجب مع قدرته على فعله أو أعان على الظلم، وأما من لم يظلم ولا أعان ظالما وإنما أعان على البر والتقوى، فليس عليه في هذا شيء.
ومعلوم أن صالحي المؤمنين لا يعاونون الولاة إلا على البر والتقوى، لا يعاونونهم على الإثم والعدوان، فيصير هذا بمنزلة الإمام الذي يجب تقديمه في الشرع لكونه أقرأ وأعلم بالسنة، أو أقدم هجرة وسنا، إذا قدم ذوو الشوكة من هو دونه، فالمصلون خلفه الذين لا يمكنهم الصلاة إلا خلفه، أي ذنب لهم في ذلك؟
(1) القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، أبو محمد، ويقال: أبو عبد الرحمن المتوفى حوالي سنة 107. روى عن أبيه وعمته عائشة، وعن العبادلة، وعبد الله بن جعفر، وأبي هريرة وغيرهم. قال الزبير: ما رأيت أبا بكر ولد ولدا أشبه من هذا الفتى. ترجمته في تهذيب التهذيب 8/333 - 335؛ شذرات الذهب 1/135.
(2) ن، م، أ: يوافقون.
(3) (3 - 3) : ساقط من (أ) ، (ب) .
*****************************
وكذلك الحاكم الجاهل أو الظالم أو المفضول إذا طلب المظلوم منه أن ينصفه ويحكم له بحقه: فيحبس (1) له غريمه، [أو يقسم له ميراثه] (2) ، أو يزوجه بأيم لا ولي لها غير السلطان أو نحو ذلك، فأي شيء عليه من إثمه، أو إثم من ولاه وهو لم يستعن به إلا على حق لا على باطل؟ .
وقد قال تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم} [سورة التغابن: 16] وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - " «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» " [رواه البخاري ومسلم] (3) .
ومعلوم أن الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، بحسب الإمكان.
وأهل السنة يقولون: ينبغي أن يولى الأصلح للولاية إذا أمكن: [إما] (4) وجوبا عند أكثرهم، وإما استحبابا عند بعضهم، وأن من عدل عن
(1) ن (فقط) : فحبس.
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(3) عبارة " رواه البخاري ومسلم " ساقطة من (ن) ، (م) . والحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - في البخاري 9/94 - 95 (كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله. . .) ونصه: " دعوني ما تركتكم، إنما هلك من كان قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم " والحديث - مع اختلاف في اللفظ - في مسلم 2/975 (كتاب الحج، باب فرض الحج مرة في العمر) ؛ سنن النسائي 5/83 (كتاب المناسك، باب وجوب الحج) ؛ سنن ابن ماجه 1/3 (المقدمة، باب اتباع سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) .
(4) إما: ساقطة من (ن) فقط.
*****************************
الأصلح مع قدرته - لهواه - فهو ظالم، ومن كان عاجزا عن تولية الأصلح مع محبته لذلك فهو معذور.
ويقولون: من تولى فإنه يستعان به على طاعة الله بحسب الإمكان، [ولا يعان إلا على طاعة الله] (1) ، ولا يستعان به على معصية الله، ولا يعان على معصية الله.
(2 أفليس قول أهل السنة في الإمامة خيرا من قول من يأمر بطاعة معدوم أو عاجز 2) (2) لا يمكنه الإعانة المطلوبة من الأئمة؟ .
ولهذا كانت الرافضة لما عدلت عن مذهب أهل السنة في معاونة أئمة المسلمين والاستعانة بهم، دخلوا في معاونة الكفار والاستعانة بهم، فهم يدعون إلى الإمام المعصوم، ولا يعرف لهم إمام موجود يأتمون به إلا كفور أو ظلوم (3) ، فهم كالذي يحيل بعض (4) العامة على أولياء الله رجال الغيب، ولا رجال عنده (5) إلا أهل الكذب والمكر (6) الذين يأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله، أو الجن أو الشياطين الذين يحصل بهم لبعض الناس أحوال شيطانية.
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(2) (2 - 2) : ساقط من (م) فقط.
(3) ن، م: كفور وظلوم.
(4) ن (فقط) : لبعض.
(5) أ، ب: ولا رجال الغيب عنده.
(6) ن، م: والمنكر.
*************************
فلو قدر أن ما تدعيه الرافضة من النص هو حق موجود، وأن الناس لم يولوا المنصوص عليه، لكانوا قد تركوا من يجب توليته وولوا غيره. وحينئذ فالإمام الذي قام (1) بمقصود الإمامة هو هذا المولى دون ذلك (2) الممنوع المقهور. نعم ذلك يستحق أن يولى، لكن ما ولي، فالإثم على من ضيع حقه وعدل عنه، لا على من لم يضيع حقه ولم يعتد.
وهم يقولون: إن الإمام وجب نصبه لأنه لطف ومصلحة للعباد، فإذا كان الله - ورسوله - يعلم أن الناس لا يولون هذا المعين إذا أمروا بولايته، كان أمرهم بولاية من يولونه وينتفعون بولايته، أولى من أمرهم بولاية من لا يولونه ولا ينتفعون بولايته، كما قيل في إمامة الصلاة والقضاء وغير ذلك، فكيف إذا كان ما يدعونه من النص من أعظم الكذب والافتراء؟ .
والنبي - صلى الله عليه وسلم - قد أخبر أمته بما سيكون وما يقع بعده من التفرق، فإذا نص لأمته على إمامة شخص يعلم أنهم لا يولونه، بل يعدلون عنه ويولون غيره يحصل لهم بولايته مقاصد (3) الولاية، وأنه إذا أفضت النوبة إلى المنصوص حصل من سفك دماء [الأمة] ما لم (4) يحصل قبل ذلك (5) ولم يحصل من مقاصد الولاية ما حصل بغير المنصوص، كان الواجب العدول عن المنصوص.
(1) ن، م: وحينئذ فالذي قام.
(2) ذلك: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) أ، ب: مقصود.
(4) ن، م: من سفك الدماء ما لم. . .
(5) ب (فقط) : ما لم يحصل بغير المنصوص.
*************************
مثال ذلك أن ولي الأمر إذا كان عنده شخصان ويعلم أنه إن ولى أحدهما أطيع وفتح البلاد وأقام الجهاد وقهر الأعداء، وأنه إذا ولى الآخر لم يطع ولم يفتح شيئا من البلاد، بل يقع في الرعية الفتنة والفساد، كان من المعلوم لكل عاقل [أنه ينبغي] (1) أن يولي من يعلم أنه إذا ولاه حصل به الخير والمنفعة، لا من إذا ولاه لم يطع وحصل بينه وبين الرعية الحرب والفتنة، فكيف مع علم الله ورسوله بحال ولاية الثلاثة وما حصل فيها من مصالح الأمة في دينها ودنياها لا ينص عليها، وينص على ولاية من لا يطاع بل يحارب ويقاتل حتى لا يمكنه قهر الأعداء، ولا إصلاح الأولياء؟ وهل يكون من ينص على ولاية هذا دون ذاك إلا جاهلا، إن لم يعلم الحال، أو ظالما مفسدا، إن علم ونص؟ .
والله ورسوله بريء من الجهل والظلم، وهم يضيفون إلى الله ورسوله العدول عما فيه مصلحة العباد إلى ما ليس فيه إلا الفساد.
واذا قيل: إن الفساد حصل من معصيتهم له (2) لا (3) من تقصيره.
قيل: أفليس ولاية من يطيعونه فتحصل (4) المصلحة، أولى من ولاية من يعصونه فلا تحصل المصلحة بل المفسدة؟ .
ولو كان للرجل ولد وهناك مؤدبان: إذا أسلمه إلى أحدهما تأدب
(1) أنه ينبغي: ساقط من (ن) ، (م) .
(2) له: ساقطة من (ب) فقط.
(3) لا: ساقطة من (أ) فقط.
(4) ن، م: بتحصيل.
**************************
وتعلم (1) ، وإذا أسلمه إلى الآخر فر وهرب، أفليس إسلامه إلى ذاك أولى؟ ولو قدر أن ذاك أفضل فأي منفعة في فضيلته إذا لم يحصل للولد به منفعة لنفوره عنه؟ .
ولو خطب المرأة رجلان، أحدهما أفضل من الآخر لكن المرأة تكرهه، وإن زوجت به (2) لم تطعه، بل تخاصمه وتؤذيه، فلا تنتفع به ولا ينتفع [هو] (3) بها، والآخر تحبه ويحبها ويحصل به مقاصد النكاح، أفليس تزويجها بهذا المفضول أولى باتفاق العقلاء، ونص من ينص [على] (4) تزويجها بهذا المفضول (5) أولى من النص على تزويجها بهذا؟ .
فكيف يضاف إلى الله ورسوله ما لا يرضاه إلا جاهل أو ظالم (6) ؟ .
وهذا ونحوه مما يعلم به بطلان النص بتقدير أن يكون علي هو الأفضل الأحق بالأمر (7) لكن لا يحصل بولايته إلا ما حصل، وغيره ظالما يحصل به ما حصل من المصالح، فكيف إذا لم يكن الأمر كذلك لا في هذا ولا في هذا؟ .
(1) أ، ب: تعلم وتأدب.
(2) ن، أ، ب: وإن تزوجت به.
(3) هو: زيادة في (أ) ، (ب) .
(4) على: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) المفضول: زيادة في (ن) فقط.
(6) أ، ب: ظالم أو جاهل.
(7) أ، ب: بالإمارة.
***************************
فقول أهل السنة خبر صادق وقول حكيم، وقول الرافضة خبر كاذب وقول سفيه (1) . فأهل السنة يقولون: الأمير والإمام والخليفة ذو السلطان الموجود الذي له القدرة على عمل مقصود الولاية، كما أن إمام الصلاة هو [الذي] (2) يصلي بالناس وهم يأتمون به، ليس إمام الصلاة من يستحق أن يكون إماما وهو لا يصلي بأحد، لكن [هذا] (3) ينبغي أن يكون إماما. والفرق بين الإمام وبين من ينبغي أن يكون هو الإمام، لا يخفى إلا على الطغام.
ويقولون: إنه يعاون على البر والتقوى دون الإثم والعدوان، ويطاع في طاعة الله دون معصيته، ولا يخرج عليه بالسيف، وأحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما تدل على هذا. كما في الصحيحين، عن ابن عباس [رضي الله عنهما] (4) ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " «من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر عليه، فإنه ليس أحد من الناس يخرج عن (5) السلطان شبرا فمات [عليه] (6) إلا مات ميتة جاهلية» (7 وفي لفظ: " «أنه من فارق الجماعة شبرا فمات عليه (7) إلا مات ميتة جاهلية» " 7) (8) ، فجعل المحذور هو الخروج عن السلطان ومفارقة الجماعة، وأمر بالصبر على ما يكره من الأمير، لم يخص بذلك سلطانا معينا ولا أميرا معينا ولا جماعة معينة.
(1) أ، ب: سفه.
(2) الذي: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) هذا: ساقطة من (ن) فقط.
(4) رضي الله عنهما: زيادة في (أ) ، (ب) .
(5) ن، م، أ: من.
(6) عليه: زيادة في (ب) فقط.
(7) عليه: زيادة في (ب) فقط.
(8) (7 - 7) : ساقطة من (أ) ، (ب) .
****************************** *
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (80)
صـ 557 إلى صـ 563
وفي صحيح مسلم، عن أبي هريرة [رضي الله عنه] (1) ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " «من خرج من الطاعة وفارق الجماعة ثم مات، مات ميتة جاهلية، ومن قتل تحت راية عمية يغضب لعصبة أو يدعو إلى عصبة أو ينصر عصبة (2) فقتل فقتلته جاهلية، ومن خرج على أمتي (* يضرب برها وفاجرها، ولا يتحاشى من مؤمنها، ولا يفي لذي عهد عهده (3) فليس مني *) (4) ولست منه» " (5) . فذم الخروج عن الطاعة ومفارقة الجماعة وجعل ذلك ميتة جاهلية؛ لأن أهل الجاهلية لم يكن لهم رأس يجمعهم.والنبي - صلى الله عليه وسلم - دائما يأمر بإقامة رأس، حتى أمر بذلك في السفر إذا كانوا ثلاثة، فأمر بالإمارة في أقل عدد وأقصر اجتماع.
وفي صحيح مسلم، «عن حذيفة - رضي الله عنه - قال: قلت: يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا (6) الله بهذا الخير، فهل بعد
(1) رضي الله عنه: زيادة في (أ) ، (ب) .
(2) ن، م: يغضب لعصبية أو ينصر للعصبة؛ أ: تعصب لعصبية أو ينصر للعصبية.
(3) ن، أ: ولا يفي لذي عهدها.
(4) ما بين النجمتين ساقط من (م) فقط.
(5) سبق هذا الحديث مختصرا، ص 112. والحديث بهذه الألفاظ عن أبي هريرة - رضي الله عنه - في مسلم 3/1476 - 1477 (كتاب الإمارة، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين. . .) ؛ سنن النسائي 7/122 - 113 (كتاب تحريم الدم، باب التغليظ فيمن قاتل تحت راية عمية) ؛ المسند (ط. المعارف) 15/87 - 89، 201، (ط. الحلبي) 2/488. وجاء الحديث مختصرا في سنن ابن ماجه 2/1302 (كتاب الفتن، باب العصبية) .
(6) ن، م: وقد جاءنا.
********************
هذا الخير من شر؟ قال: " نعم ". قلت: (1) فهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: " نعم، وفيه دخن ". قلت: وما دخنه؟ قال: " قوم يستنون بغير سنتي (2) ، ويهتدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر ". فقلت: هل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: " نعم دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها ". فقلت: يا رسول الله صفهم لنا. " قال نعم، قوم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا ". قلت: يا رسول الله، فما ترى إن أدركني ذلك؟ قال: " تلزم جماعة المسلمين وإمامهم ". قلت: فإن لم يكن [لهم] (3) جماعة ولا إمام؟ قال: " فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك» " (4) .
وفي لفظ [آخر] (5) «قلت: [وهل] (6) وراء ذلك الخير من (7) شر؟ قال:
(1) ن، م: قال:
(2) ن، م: بسنتي.
(3) لهم: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) الحديث عن أبي حذيفة - رضي الله عنه - في صحيح مسلم 3/1475 - 1476، وفيه: ويهدون بغير هديي (وفي شرح النووي 12/236: يهتدون) ، والحديث أيضا في البخاري 4/199 - 200 (كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام) ، 9/51 - 52 (كتاب الفتن، باب كيف الأمر إذا لم تكن جماعة) ؛ سنن ابن ماجه 2/1317 (كتاب الفتن، باب العزلة) وجاء مختصرا. والدخن (شرح النووي 12/236 - 237) : " قال أبو عبيدة وغيره. . .: أصله أن تكون في لون الدابة كدورة إلى سواد. قالوا: والمراد هنا أن لا تصفو القلوب بعضها لبعض، ولا يزول خبثها، ولا ترجع إلى ما كانت عليه من الصفاء ".
(5) آخر: زيادة في (أ) ، (ب) .
(6) وهل: ساقطة من (ن) ، (م) .
(7) من: ساقطة من (أ) ، (ب) .
*****************************
" نعم ". قلت: كيف؟ قال: " يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهديي ولا يستنون بسنتي، وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس " (1) . قال: قلت: كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك؟ قال: " تسمع وتطيع للأمير، وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع» " (2) .
وهذا جاء مفسرا في حديث آخر عن حذيفة؛ قال عن الخير الثاني: " «صلح على دخن، وجماعة على أقذاء فيها، وقلوب لا ترجع إلى ما كانت عليه» (3) ".
فكان الخير الأول النبوة (4) وخلافة النبوة التي لا فتنة فيها، وكان الشر ما حصل من الفتنة بقتل عثمان وتفرق الناس، حتى صار حالهم شبيها بحال الجاهلية يقتل بعضهم بعضا.
ولهذا قال الزهري (5) : وقعت الفتنة وأصحاب رسول الله
(1) ب: الإنس، وما أثبته هو الذي في نسختي صحيح مسلم وشرح النووي.
(2) صحيح مسلم 3/1476. وفيه وفي شرح النووي 12/238: لا يهتدون بهداي.
(3) الحديث مع اختلاف في الألفاظ في سنن أبي داود 4/135 - 137 (كتاب الفتن، باب ذكر الفتن ودلائلها) ؛ المسند (ط. الحلبي) 5/386 - 387، 403. وفي اللسان: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في فتنة ذكرها: هدنة على دخن وجماعة على أقذاء؛ الأقذاء: جمع قذى، والقذى: جمع قذاة، وهو ما يقع في العين والماء والشراب من تراب، أو تبن أو وسخ أو غير ذلك، أراد أن اجتماعهم على فساد من قلوبهم فشبهه بقذى العين والماء والشراب.
(4) ن، م: وكان الخير الأول للنبوة.
(5) ن، م: الأزهري، وهو تحريف، وهو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري، أبو بكر المدني، أحد الأئمة الأعلام، وعالم الحجاز والشام؛ حدث عن ابن عمر وأنس وابن المسيب وغيرهم، توفي سنة 124 وقيل: سنة 125. ترجمته في تهذيب التهذيب 9/445 - 451؛ الخلاصة للخزرجي، ص 306 - 307.
************************
- صلى الله عليه وسلم - متوافرون، فأجمعوا أن كل دم أو مال أو فرج أصيب بتأويل القرآن فهو هدر، أنزلوهم منزلة الجاهلية. فبين أنهم جعلوا هذا غير مضمون، كما أن ما يصيبه أهل الجاهلية بعضهم من بعض غير مضمون؛ لأن الضمان إنما يكون مع العلم بالتحريم، فأما مع الجهل بالتحريم، كحال الكفار والمرتدين والمتأولين من أهل القبلة، فالضمان منتف.
ولهذا لم يضمن النبي - صلى الله عليه وسلم - أسامة بن زيد (1) دم المقتول الذي قتله متأولا، مع قوله: " «أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله؟ أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله؟ أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله» ؟ " (2) ولهذا لا تقام الحدود إلا على من علم التحريم (3) .
والخير الثاني اجتماع الناس لما اصطلح الحسن ومعاوية، لكن كان (4) صلحا على دخن، وجماعة على أقذاء، فكان في النفوس
(1) بن زيد: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) الحديث عن أسامة بن زيد - رضي الله عنه - في موضعين في مسلم 1/96 - 97 (كتاب الإيمان، باب تحريم قتل الكافر بعد أن قال لا إله إلا الله) . وهو في سنن أبي داود 3/61 (كتاب الجهاد، باب على ما يقاتل المشركون) . وجاء في حديث آخر بنفس المعنى عن عمران بن حصين - رضي الله عنه - في سنن ابن ماجه 2/1296 (كتاب الفتن، باب الكف عمن قال لا إله إلا الله) ؛ المسند (ط. الحلبي) 4/438 - 439.
(3) ن (فقط) : الحدود.
(4) ن، م: وكان ذلك.
******************************
ما فيها، أخبر [رسول الله] (1) - صلى الله عليه وسلم - بما هو الواقع.
وحذيفة حدث (2) بهذا في خلافة عمر وعثمان قبل الفتنة، فإنه لما بلغه مقتل عثمان علم أن الفتنة قد جاءت، فمات بعد ذلك بأربعين يوما قبل الاقتتال (3) .
وهو - صلى الله عليه وسلم - قد أخبر أنه بعد ذلك يقوم أئمة لا يهتدون بهديه ولا يستنون بسنته، وبقيام رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان الإنس، وأمر مع هذا بالسمع والطاعة للأمير، وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك، فتبين (4) أن الإمام الذي يطاع هو من [كان] (5) له سلطان، سواء كان عادلا أو ظالما.
وكذلك في الصحيح حديث ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: " «من خلع يدا من طاعة [إمام] (6) لقي الله يوم القيام لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية، لكنه لا يطاع أحد في معصية الله» " (7) .
(1) رسول الله: زيادة في (أ) ، (ب) .
(2) حدث: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) ن، م: الافتتان: وفي الإصابة لابن حجر 1/316 - 317 في ترجمة حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه -: " قال العجلي: استعمله عمر على المدائن، فلم يزل بها حتى مات بعد قتل عثمان، وبعد بيعة علي بأربعين يوما. قلت: وذلك في سنة ست وثلاثين ".
(4) أ، ب: فبين.
(5) كان: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) إمام: ساقطة من (ن) ، (م) .
(7) ورد هذا الحديث من قبل (ص [0 - 9] 10 ت [0 - 9] ) بدون الجملة الأخيرة. وانظر الحديث (مختصرا ومطولا عن ابن عمر - رضي الله عنهما - في المسند (ط. المعارف) الأرقام: 5386، 5551، 5676، 5718، 5897.
****************************** ***
كما في الصحيح عن علي - رضي الله عنه - (1) - قال: «بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سرية، واستعمل عليهم رجلا من الأنصار، وأمرهم أن يسمعوا له ويطيعوا، فأغضبوه في شيء، فقال: اجمعوا لي حطبا، فجمعوا. ثم قال: أوقدوا نارا، فأوقدوا نارا (2) . ثم قال: ألم يأمركم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تسمعوا لي وتطيعوا؟ قالوا: بلى. قال: فادخلوها. فنظر بعضهم إلى بعض فقالوا: إنما فررنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من النار، فكانوا كذلك، وسكن غضبه وطفئت النار. فلما رجعوا ذكروا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: " لو دخلوها ما خرجوا منها، إنما الطاعة في المعروف» (3) ". وفي لفظ: " «لا طاعة في معصية الله إنما الطاعة في المعروف» " (4)
وكذلك في الصحيحين (5) عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
(1) ن، م: علي - عليه السلام -.
(2) نارا: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) الحديث عن علي - رضي الله عنه - في البخاري 5/161 (كتاب المغازي، باب سرية عبد الله بن حذافة السهمي. . .) ، 9/63 (كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية) ؛ مسلم 3/1469 (كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية) ؛ المسند (ط. المعارف) ج [0 - 9] رقم 622، 1018.
(4) الحديث بهذا اللفظ جاء عن علي - رضي الله عنه - في البخاري 9/88 (كتاب أخبار الآحاد، الباب الأول) ؛ مسلم 3/469 (الكتاب والباب السابقين في التعليق السابق) ؛ سنن أبي داود 3 - 56 (كتاب الجهاد، باب في الطاعة) ؛ سنن النسائي 7/142 (كتاب البيعة، باب جزاء من أمر بمعصية فأطاع) ؛ المسند (ط. المعارف) 2/98. .
(5) ن، م: في الصحيح.
****************************
أنه قال: " «على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره، إلا أن يؤمر بمعصية، فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة» (1) ".
وعن كعب بن عجرة قال: «خرج إلينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن معه تسعة: خمسة وأربعة، أحد العددين من العرب، والآخر من العجم، فقال: " اسمعوا، هل سمعتم أنه سيكون بعدي (2) أمراء، من دخل عليهم فصدقهم بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم، فليس مني ولست منه، وليس يرد علي الحوض، ومن لم يدخل عليهم ولم يصدقهم بكذبهم، ولم يعنهم على ظلمهم، فهو مني وأنا منه، وسيرد علي الحوض» " رواه أحمد، والنسائي وهذا لفظه، والترمذي وقال: حديث صحيح غريب (3) .
وفي الصحيحين (4) «عن عبادة [بن الصامت] (5) قال: دعانا النبي
(1) سبق ورود هذا الحديث والكلام عليه. انظر: ص 119 ت [0 - 9] .
(2) بعدي: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) الحديث بهذه الألفاظ في سنن النسائي (بشرح السيوطي، ط. القاهرة، 1383/1964) 7/143 (كتاب البيعة، باب من لم يعن أميرا على الظلم) عن كعب بن عجرة - رضي الله عنه -. وهو في سنن الترمذي 3/358 (كتاب الفتن، باب حدثنا هارون بن إسحاق الهمذاني) وفيه: وهو وارد على الحوض. وقال الترمذي تعقيبا عليه: " هذا حديث صحيح غريب لا نعرفه من حديث مسعر إلا من هذا الوجه. . وفي الباب عن حذيفة وابن عمر ". وورد الحديث بألفاظ أخرى في باب " ما ذكر في فضل الصلاة " من كتاب الجمعة في صحيح الترمذي 2/61 - 62. وانظر أيضا جامع الأصول لابن الأثير 4/460 - 461، وانظر المسند (ط. الحلبي) 3/321، 4/243، 5/384.
(4) ن: وفي الصحيح.
(5) بن الصامت: زيادة في (أ) ، (ب) .
**********************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (81)
صـ 7 إلى صـ 11
- صلى الله عليه وسلم - فبايعناه، فقال (1) فيما أخذ علينا أن بايعنا على: " السمع والطاعة، في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا، وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم فيه من الله برهان» (2) ".وفي صحيح مسلم عن عرفجة بن شريح قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: " «إنه سيكون هنات وهنات، فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهي جميع فاضربوه بالسيف كائنا من كان» (3) ". وفي لفظ: " «من أتاكم وأمركم على رجل واحد، يريد أن يشق عصاكم أو يفرق (4) جماعتكم فاقتلوه» (5) ".
(1) أ، ب: فكان.
(2) هذا الحديث سبق وروده بألفاظ أخرى (ص 118 ت 5) وهو بهذه الرواية عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - في البخاري 9/47 (كتاب الفتن، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - سترون بعدي أمورا تنكرونها. . .) ؛ مسلم 3/1470 - 1471 (كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية) ؛ المسند (ط. الحلبي) 5/314. وفي اللسان: " البوح: ظهور الشيء. . . وفي الحديث: إلا أن يكون كفرا بواحا: أي جهارا ": وقال النووي في شرحه 12/229: " والمراد بالكفر هنا: المعاصي. ومعنى عندكم من الله فيه برهان: أي تعلمونه من دين الله تعالى ".
(3) الحديث عن عرفجة بن شريح الأسلمي - رضي الله عنه - في مسلم 3/1479 (كتاب الإمارة، باب حكم من فرق أمر المسلمين وهو مجتمع) ؛ سنن أبي داود 4/334 (كتاب السنة، باب في قتل الخوارج) ؛ المسند (ط. الحلبي) 4/341 في موضعين. وقال النووي في شرحه على مسلم 12/241: " الهنات: جمع هنة وتطلق على كل شيء، والمراد بها هنا: الفتن والأمور المحدثة.
(4) ن، م، أ: ويفرق.
(5) الحديث في مسلم 3/1480 (الموضع السابق) وفيه: وأمركم جميع على رجل واحد.
***************************
وفي صحيح مسلم، عن أم سلمة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " «سيكون أمراء تعرفون وتنكرون، فمن عرف برئ، ومن أنكر سلم، ولكن من رضي وتابع ". قالوا: أفلا ننابذهم؟ قال: " لا ما صلوا» " (1) .
وفيه أيضا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " «من ولي عليه وال فرآه يأتي شيئا من معصية الله، فلينكر ما يأتي من معصية الله، ولا ينزعن يدا من طاعة» " (2) .
تم الجزء الأول بحمد الله، ويليه الجزء الثاني إن شاء الله وأوله: قال المصنف الرافضي: الفصل الثاني في أن مذهب الإمامية واجب الاتباع.
(1) مضى هذا الحديث من قبل (ص 116) وتكلمت عليه هناك (ت 6) .
(2) ن: طاعة الله. وهذا جزء من حديث سبق وروده (ص 116 ت [0 - 9] ) .
****************************** *
[الفصل الثاني في أن مذهب الإمامية واجب الاتباع][مقدمة الفصل الثاني]
الباب الثاني
قال الرافضي: (1) الفصل الثاني (2)
في أن مذهب الإمامية واجب الاتباع.
ومضمون ما ذكره: أن الناس اختلفوا بعد النبي - صلى الله عليه وسلم (3) ، فيجب النظر في الحق واعتماد الإنصاف، ومذهب الإمامية واجب الاتباع لأربعة أوجه: لأنه أحقها وأصدقها ; ولأنهم باينوا جميع الفرق في أصول العقائد ; ولأنهم جازمون بالنجاة لأنفسهم ; ولأنهم (4) أخذوا دينهم عن الأئمة المعصومين (5)
وهذا حكاية لفظه:
قال الرافضي:
(1) م: قال الرافضي، الباب الثاني ; أ، ب: قال المصنف الرافضي.
(2) الفصل الثاني: ساقطة من (م) .
(3) صيغة الصلاة على النبي في (أ) ، (ب) دائما: صلى الله تعالى عليه وسلم، وستثبت فيما يلي الصيغة الموجودة في (ن) أو (ع) وهي: صلى الله عليه وسلم.
(4) ن، م: وأنهم.
(5) يلخص ابن تيمية بما سبق مقدمة الفصل الثاني وأربعة أوجه من ستة أوردها ابن المطهر للدلالة على وجوب اتباع مذهب الإمامية، على أنه أراد بذلك تلخيص أهم ما في هذا الفصل، ثم بدأ بعد ذلك ينقل ألفاظ ابن المطهر بنصها.
******************************
إنه (1) لما عمت البلية بموت النبي - صلى الله عليه وسلم، واختلف الناس بعده، وتعددت آراؤهم بحسب تعدد أهوائهم، فبعضهم طلب الأمر لنفسه بغير حق، وبايعه (2) أكثر الناس طلبا للدنيا، كما اختار عمر بن سعد (3) ملك الري أياما يسيرة (4) لما خير بينه وبين قتل الحسين (5) مع علمه بأن من قتله في النار (6) ، وإخباره بذلك (7) في شعره (8) ; حيث يقول:
(1) إنه: ساقطة من (ن) ، (م) وفي: ك = " منهاج الكرامة "، ص 89 (م) : لأنه.
(2) وبايعه: كذا في (ن) ، (ب) ، (ك) . وفي (م) ، (أ) : وتابعه
(3) ا، م، ب: عمرو بن سعد، وهو خطأ. والذي أثبته في (ك) ، (ن) . وهو عمرو بن سعد بن أبي وقاص، ولاه عبيد الله بن زياد الري وهمذان، ولما خرج الحسين أمره بقتاله، فكره عمر ذلك واستعفاه، فهدده عبيد الله بالعزل، فاتجه بجنده إلى الحسين، وشرع في مفاوضته، وكاد أن ينجح في إنهاء الخلاف بغير قتال، إلا أن عبد الله أصر على أن يبايع الحسين يزيد بن معاوية، ثم نشب القتال بين جند عمر وجند الحسين، وقتل الحسين - رضي الله عنه - سنة 61 هـ، ولما غلب المختار بن أبي عبيد الثقفي الكذاب على الكوفة قتل عمر بن سعد سنة 66 هـ، انظر الطبري (ط. المعارف) خبر تولية عمر الري 5/409 - 410، أحداث سنة 61 هـ، 5/400 - 467، خبر قتل المختار لعمر 6/60 - 62. وانظر طبقات ابن سعد 5/168 ; مروج الذهب للمسعودي (ط. التجارية 1377 - 1958) 3/70 - 72: الأعلام للزركلي 5/205 - 206.
(4) ن: أياما كثيرة يسيرة.
(5) ك، م: الحسين - عليه السلام.
(6) ك: بأن في قتله النار.
(7) ب: واختياره ذلك
(8) ا: في شعر.
****************************** *
فوالله ما أدري وإني لصادق ... أفكر (1) في أمري (2) على خطرين
أأترك ملك الري والري منيتي ... أم (3) أصبح مأثوما بقتل حسين
وفي قتله النار التي ليس دونها ... حجاب وملك الري (4) قرة عيني.
وبعضهم اشتبه الأمر عليه (5) ورأى (6) لطالب (7) الدنيا متابعا (8) فقلده [وبايعه] (9) وقصر في نظره، فخفي عليه الحق، فاستحق (10) المؤاخذة من الله (11) بإعطاء (12) الحق [لغير] (13) مستحقه بسبب إهمال النظر.
وبعضهم قلد لقصور فطنته (14) ، ورأى الجم الغفير،
(1) ن: أفكري، وهو خطأ.
(2) ب: أمر، والمثبت في (ن) ، (ك) ، (م) ، (أ) .
(3) ن، م، أ: أو.
(4) ن: م، أ: ولي في الري (وكذا أيضا في أسفل الصفحة في: " منهاج الكرامة " طبعة طهران) ، ص [0 - 9] .
(5) ن، م: اشتبه عليه الأمر.
(6) ن، م، أ: رأى.
(7) ن، ك، م، أ: طالب.
(8) ب: مبايعا، ك: متابعا له.
(9) وبايعه: ساقطة من (ن) ، (م) ، (أ) .
(10) ك: واستحق ; م: فاستحق عليه.
(11) ا، ب: الله تعالى.
(12) ن، م: فأعطى.
(13) لغير: ساقطة من (ن) ، (م) .
(14) ا: فتنته، وهو تحريف.
***************************
فتابعهم (1) ، وتوهم أن الكثرة تستلزم الصواب، وغفل عن قوله تعالى: {وقليل ما هم} ، [سورة ص: 24] ، {وقليل من عبادي الشكور} ، [سورة سبأ: 13] .
وبعضهم طلب الأمر لنفسه بحق [له] (2) ، وبايعه الأقلون الذي أعرضوا عن الدنيا وزينتها، ولم يأخذهم (3) في الله لومة لائم، بل أخلصوا لله (4) واتبعوا ما أمروا به من طاعة من يستحق التقديم.
وحيث حصل (5) للمسلمين هذه البلية، وجب على كل أحد النظر في الحق واعتماد الإنصاف، وأن يقر الحق مستقره (6) ولا يظلم مستحقه، فقد قال تعالى (7) : {ألا لعنة الله على الظالمين} ، [سورة هود: 18] .
وإنما كان مذهب الإمامية واجب الاتباع لوجوه (8) ". هذا لفظه.
(1) ك: فبايعهم.
(2) له: ساقطة من (ن) ، (م) ، (أ) .
(3) ك: في الأصل (يؤاخذهم) .
(4) ك: لله تعالى.
(5) ك: حصلت.
(6) ك: مقره.
(7) ك: فقد قال الله تعالى.
(8) ن، م: لوجوه أربعة قد تقدم ذكرها، وهو خطأ.
****************************
فيقال: إنه [قد] (1) جعل المسلمين بعد نبيهم أربعة أصناف، وهذا من أعظم الكذب، فإنه لم يكن في الصحابة المعروفين أحد من هذه الأصناف الأربعة، فضلا عن أن لا يكون فيهم أحد إلا من هذه الأصناف: إما طالب للأمر (2) بغير حق (3) كأبي بكر في زعمه، وإما طالب للأمر بحق كعلي في زعمه، وهذا كذب على علي - رضي الله عنه - وعلى أبي بكر - رضي الله عنه (4) -، فلا علي طلب الأمر لنفسه قبل قتل عثمان، ولا أبو بكر طلب الأمر لنفسه، فضلا عن أن يكون طلبه بغير حق. وجعل القسمين الآخرين: [إما مقلدا لأجل الدنيا] (5) ، وإما مقلدا لقصوره في النظر.
وذلك أن الإنسان يجب عليه أن يعرف الحق وأن يتبعه، وهذا [هو] (6) الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم الله عليهم (7) من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، غير المغضوب عليهم ولا الضالين، وهذا هو الصراط الذي أمرنا الله أن نسأله (8) هدايتنا إياه في كل صلاة، بل في كل ركعة.
وقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " «اليهود مغضوب
(1) قد: زيادة في (أ) ، (ب) .
(2) ن: الأمر.
(3) بغير حق: ساقطة من (أ) .
(4) ن: على علي وأبي بكر.
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(6) هو: ساقطة من (ن) (م) .
(7) أ، م، ب: أنعمت عليهم.
(8) م: أمر الله أن نسأله ; أ، ب: أمرنا أن نسأله.
*******************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (82)
صـ 12 إلى صـ 18
عليهم والنصارى ضالون» (1) ". وذلك أن اليهود عرفوا الحق ولم يتبعوه استكبارا وحسدا وغلوا واتباعا للهوى، وهذا هو الغي، والنصارى ليس لهم علم بما يفعلونه من العبادة والزهد والأخلاق، بل فيهم الجهل والغلو والبدع والشرك جهلا منهم، وهذا هو الضلال، وإن كان كل من الأمتين فيه ضلال وغي، لكن الغي أغلب على اليهود، والضلال أغلب على النصارى.ولهذا وصف الله اليهود بالكبر والحسد، واتباع الهوى والغي وإرادة العلو في الأرض (2) والفساد. قال تعالى: {أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون} ، [سورة البقرة: 87] ، وقال تعالى: {أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله} ، [سورة النساء: 54] ، وقال: {سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا}
(1) الحديث عن عدي بن حاتم - رضي الله عنه - في سنن الترمذي في موضعين 4/271، 272 (كتاب تفسير القرآن، باب: ومن سورة فاتحة الكتاب) وأوله في الموضع الأول: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في المسجد. الحديث ولفظه: " فإن اليهود مغضوب عليهم وإن النصارى ضلال " وقال الترمذي " هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث سماك بن حرب، وروى شعبة، عن سماك بن حرب، عن عباد بن حبيش، عن عدي بن حاتم، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الحديث بطوله " والحديث في المسند (ط. الحلبي) 4/378 وفيه: " إن المغضوب عليهم اليهود وإن الضالين النصارى. . " وذكره الطبري في تفسير قوله تعالى: (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) وذكر روايات أخرى، وقد خرجها الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - وصحح أكثرها. انظر التفسير (ط. المعارف) 1/185 - 188 193 - 195.
(2) في الأرض: ساقطة من أ، ب.
******************************
، [سورة الأعراف: 146] ، وقال تعالى: {وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا} ، [سورة الإسراء: 4] .
ووصف النصارى بالشرك والضلال والغلو والبدع، فقال تعالى: {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون} ، [سورة التوبة: 31] ، وقال تعالى: {قل ياأهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل} ، [سورة المائدة: 77] ، وقال تعالى: {ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها} ، [سورة الحديد: 27] ، وهذا مبسوط في غير هذا الموضع.
وقد نزه الله نبيه عن الضلال والغي، فقال: {والنجم إذا هوى - ما ضل صاحبكم وما غوى - وما ينطق عن الهوى} ، [سورة النجم: 1 - 3] (1) ، فالضال الذي لا يعرف الحق، والغاوي الذي يتبع هواه، وقال تعالى: {واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار} ، [سورة ص: 45] ، فالأيدي القوة (2) في طاعة الله، والأبصار البصائر في الدين.
وقال تعالى: {والعصر - إن الإنسان لفي خسر - إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر} .
وإذا كان الصراط المستقيم لا بد فيه من العلم بالحق والعمل به،
(1) آية: 3 من سورة النجم ليست في (ن) ، (م) .
(2) أ، ب: القوى.
******************************
وكلاهما (1) واجب، لا يكون الإنسان مفلحا ناجيا إلا بذلك، وهذه الأمة خير الأمم، وخيرها القرن الأول (2) ، كان القرن الأول أكمل الناس في العلم النافع والعمل الصالح.
وهؤلاء المفترون وصفوهم بنقيض ذلك، بأنهم لم يكونوا يعلمون الحق ويتبعونه، بل كان أكثرهم عندهم يعلمون الحق ويخالفونه، كما يزعمونه في الخلفاء الثلاثة وجمهور الصحابة والأمة، وكثير منهم عندهم لا يعلم الحق، بل اتبع الظالمين تقليدا لعدم نظرهم المفضي إلى العلم، والذي لم ينظر قد يكون تركه النظر لأجل الهوى وطلب الدنيا، وقد يكون لقصوره ونقص إدراكه.
وادعى أن منهم من طلب الأمر لنفسه بحق، يعني عليا (3) ، وهذا مما علمنا بالاضطرار أنه لم يكن، فلزم من ذلك - على قول هؤلاء - أن تكون الأمة كلها [كانت] (4) ضالة بعد نبيها (5) ليس فيها مهتد، فتكون اليهود والنصارى بعد النسخ والتبديل خيرا منهم ; لأنهم [كانوا] (6) ، كما قال الله [تعالى] (7) : {ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون} ، [سورة الأعراف: 157] ، وقد «أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن اليهود والنصارى
(1) ن، م: به كلاهما.
(2) ن، م: وخير القرون الأول.
(3) م: عليا عليه السلام.
(4) كانت: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) ن: ثبتها، وهو تحريف.
(6) كانوا: ساقطة من (ن) ، (م) .
(7) تعالى: ليست في (ن) .
**************************
افترقت على اثنتين وسبعين» (1) فرقة فيها واحدة ناجية (2) ، وهذه الأمة على موجب ما ذكر (3) لم يكن فيهم بعد موت النبي [صلى الله عليه وسلم] (4) أمة تقوم بالحق (5) ولا تعدل به.
وإذا لم يكن ذلك في خيار قرونهم، ففيما بعد ذلك أولى. فيلزم من ذلك أن يكون اليهود والنصارى بعد النسخ والتبديل خيرا من خير أمة أخرجت للناس، فهذا لازم لما يقوله هؤلاء المفترون.
فإن كان هذا في حكايته لما جرى عقب موت النبي - صلى الله عليه وسلم -
(1) أ، ب: على أكثر من سبعين.
(2) الحديث - مع اختلاف في اللفظ - عن أبي هريرة، وعبد الله بن عمرو، ومعاوية، وغيرهم من الصحابة - رضي الله عنهم - في: سنن أبي داود 4/276 (كتاب السنة، باب شرح السنة) وهو فيها عن أبي هريرة ومعاوية ; سنن الترمذي 4/134 - 135 (كتاب الإيمان باب افتراق هذه الأمة) وهو فيها عن أبي هريرة وقال الترمذي: " وفي الباب عن سعد، وعبد الله بن عمرو، وعوف بن مالك. حديث أبي هريرة حسن صحيح " ; سنن ابن ماجه 2/1321 - 1322 (كتاب الفتن باب افتراق الأمة) وهو فيها عن أبي هريرة، وعوف بن مالك، وأنس بن مالك ; المسند (ط. المعارف) 17/169 " عن أبي هريرة " وقال المحقق: " وإسناده صحيح " 3/120 - 145 (ط. الحلبي) عن أنس بن مالك 4/102 (ط. الحلبي) عن معاوية. ونص الحديث في سنن أبي داود عن أبي هريرة " افترقت اليهود على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة وتفرقت النصارى على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة " وفي رواية معاوية زاد: " ثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة وهي الجماعة ".
(3) أ، ب: ما ذكروه ; م: ما ذكرتم.
(4) ن، م: بعد موت نبيهم.
(5) ن: تقول بالحق.
************************
من (1) اختلاف الأمة، فكيف [بسائر] (2) ما ينقله ويستدل به؟
[الرد على القسم الأول من كلام ابن المطهر في المقدمة من وجوه]
[الوجه الأول في الرد على قول ابن المطهر: تعددت آراؤهم بحسب تعدد أهوائهم]
ونحن نبين فساد (3) ما في هذه الحكاية من الأكاذيب من وجوه كثيرة فنقول:
أما قوله (4) : " لما عمت البلية [على كافة المسلمين] (5) بموت النبي - صلى الله عليه وسلم (6) - واختلف الناس بعده (7) ، وتعددت آراؤهم بحسب أهوائهم (8) ، فبعضهم طلب الأمر لنفسه [بغير حق] (9) ، وبايعه (10) أكثر الناس طلبا للدنيا، كما اختار عمر بن سعد (11) ملك الري أياما يسيرة، لما خير بينه وبين قتل الحسين، مع علمه بأن في قتله النار وإخباره بذلك (12) في شعره "
(1) ن، م، أ: في. والمثبت من (ب) .
(2) بسائر: ساقطة من (ن) . وفي (ب) : سائر.
(3) فساد: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) أ، ب: ما ذكره هذا المفتري من قوله إنه.
(5) على كافة المسلمين: ساقط من (ن) ، (م) .
(6) بعد عبارة: بموت النبي - صلى الله عليه وسلم - توجد في (ن) عبارة: فكيف بسائر ما ينقله أو يستدل به، وهذه العبارة مكانها قبل هذا السطر بسطور قليلة وأخطأ الناسخ بتكرارها هنا.
(7) بعده: ساقطة من (م) .
(8) ب (فقط) : بحسب تعدد أهوائهم.
(9) عبارة " بغير حق " ساقطة من جميع النسخ، وهي في كلام ابن المطهر الذي سبق وروده قبل صفحات قليلة (ص [0 - 9] ) .
(10) أ، م، ب: وتابعه.
(11) ب: عمرو بن سعد.
(12) ب: واختياره ذلك.
****************************** **
فيقال: في هذا الكلام من الكذب والباطل (1) وذم خيار الأمة بغير حق ما لا يخفى، وذلك (2) من وجوه:
أحدها: " قوله تعددت آراؤهم بحسب تعدد أهوائهم "، فيكونون كلهم متبعين أهواءهم: ليس فيهم طالب حق ولا مريد لوجه الله تعالى (3) والدار الآخرة، ولا من كان قوله عن اجتهاد واستدلال، وعموم لفظه يشمل عليا وغيره.
وهؤلاء الذين وصفهم بهذا هم الذين أثنى الله عليهم هو ورسوله - ورضي عنهم ووعدهم الحسنى، كما قال تعالى: {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم} ، [سورة التوبة: 100] ، وقال تعالى: {محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما} ، [سورة الفتح: 29] ، وقال تعالى: {إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض} إلى قوله: {أولئك هم المؤمنون حقا لهم مغفرة ورزق كريم - والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم}
(1) ن، م: الباطل.
(2) وذلك: ساقطة من (ب) . وفي (أ) : ذلك.
(3) ن، م: ولا يريد وجه الله.
**************************
[سورة الأنفال: 72 - 75] ، وقال: {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى} [سورة الحديد: 10] ، وقال تعالى: {للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون - والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون - والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم} [سورة الحشر: 8 - 10] .
وهذه الآيات تتضمن الثناء على المهاجرين والأنصار، وعلى الذين جاءوا من بعدهم يستغفرون لهم ويسألون الله أن لا يجعل في قلوبهم غلا لهم، وتتضمن أن هؤلاء الأصناف هم المستحقون للفيء.
ولا ريب أن [هؤلاء] (1) الرافضة خارجون من الأصناف الثلاثة، فإنهم لم يستغفروا للسابقين الأولين (2) ، وفي قلوبهم غل عليهم. ففي (3) الآيات الثناء على الصحابة وعلى أهل السنة الذين يتولونهم، وإخراج الرافضة من ذلك، وهذا نقيض (4) مذهب الرافضة.
(1) هؤلاء: زيادة في (أ) ، (ب) .
(2) الأولين: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) ن، م: وفي.
(4) ب (فقط) : يفتض.
***************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (82)
صـ 19 إلى صـ 25
وقد روى ابن بطة وغيره من حديث [أبي بدر قال: حدثنا] (1) عبد الله بن زيد، عن طلحة بن مصرف، عن مصعب بن سعد، عن سعد بن أبي وقاص قال: الناس على ثلاث (2) منازل، فمضت منزلتان وبقيت واحدة، فأحسن ما أنتم عليه كائنون أن تكونوا بهذه المنزلة التي بقيت، ثم قرأ: {للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا} هؤلاء المهاجرون وهذه منزلة قد مضت.ثم قرأ (3) : {والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة} (4) ، ثم قال: هؤلاء الأنصار وهذه منزلة قد مضت.
ثم قرأ: {والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم} ، فقد مضت هاتان وبقيت هذه المنزلة، فأحسن ما أنتم عليه كائنون أن تكونوا بهذه المنزلة التي بقيت أن تستغفروا الله لهم (5) .
وروى أيضا بإسناده عن مالك بن أنس أنه قال: من سب السلف فليس له في الفيء نصيب ; لأن الله تعالى يقول: {والذين جاءوا من بعدهم} الآية (6) .
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(2) ثلاث: كذا في (م) ، (ب) . وفي (ن) ، (أ) : ثلاثة.
(3) ن: ثم قال.
(4) ن، م:. . . . من هاجر إليهم، الآية.
(5) ن: أن يستغفروا الله لهم ; أ: أن تستغفر لهم ; ب: أن تستغفروا لهم.
(6) لم أجد الأثرين السابقين في الإبانة لابن بطة ولكن فيه " ص [0 - 9] 9 ": " قال مالك بن أنس: " الذي يشتم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس له سهم أو قال: نصيب في الإسلام. " وانظر ما يلي: ص [0 - 9] 2 ت (7) . وقد أورد ابن تيمية الأثر الأول مختصرا في " الصارم المسلول " (ط. مكتبة تاج، بطنطا، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، 1379 - 1960) ص [0 - 9] 74.
****************************** ****
وهذا معروف من مالك وغير مالك (1) من أهل العلم، كأبي عبيد القاسم بن سلام، وكذلك ذكره أبو حكيم النهرواني من أصحاب أحمد وغيره من الفقهاء.
وروى أيضا عن الحسن بن عمارة، عن الحكم (2) ، عن مقسم، عن ابن عباس [- رضي الله عنهما] (3) قال: أمر الله بالاستغفار لأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يعلم أنهم يقتتلون.
وقال (4) عروة: قالت لي عائشة [رضي الله عنها] (5) : يا ابن أختي (6) أمروا أن يستغفروا لأصحاب محمد (7) - صلى الله عليه وسلم - فسبوهم (8) .
وفي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري [رضي الله عنه] (9) قال: قال
(1) ن، م: وغيره.
(2) ب: الحكيم، وهو الحكم بن عتيبة. انظر الجرح والتعديل ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص [0 - 9] 7.
(3) رضي الله عنهما: زيادة في (أ) ، (ب) .
(4) ن، م: قال.
(5) رضي الله عنها: زيادة في (أ) ، (ب) .
(6) ن، م: ابن أخي، وهو خطأ.
(7) أ، ب: أمروا بالاستغفار لأصحاب النبي.
(8) سترد رواية أخرى للأثر الأول بعد صفحتين. وأما الأثر الثاني فقد ورد في الإبانة (ص 15) مختصرا: " وقالت عائشة - رضي الله عنها: أمروا بالاستغفار لأصحاب محمد فسبوهم " وأورده ابن تيمية في " الصارم المسلول " ص [0 - 9] 74 وقال: رواه مسلم.
(9) رضي الله عنه: زيادة في (ب) .
****************************** ***
رسول الله - صلى الله عليه وسلم: " «لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا (1) ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه» (2) .
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة [رضي الله عنه] (3) . أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " «لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق (4) مثل أحد [ذهبا (5) ] ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه» (6) ".
وفي صحيح مسلم أيضا، عن جابر [بن عبد الله] (7) قال: قيل لعائشة: إن ناسا يتناولون أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] (8) حتى أبا
(1) ن، م: فلو أنفق أحدكم ملء الأرض ذهبا.
(2) الحديث - مع اختلاف في الألفاظ - عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه في: البخاري 5 (كتاب أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لو كنت متخذا خليلا) ، مسلم 4/1967 - 1968 (كتاب فضائل الصحابة، باب تحريم سب الصحابة. .) ; سنن أبي داود 4/297 - 298 (كتاب السنة، باب في النهي عن سب أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم) ; سنن الترمذي 5/357 - 358 (كتاب المناقب، باب في من سب أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم) ; المسند (ط. الحلبي) 3/11، 54، 63، 64 ; سنن ابن ماجه 1/57 (المقدمة، باب فضل أهل بدر) وفي اللسان: " المد ضرب من المكاييل وهو ربع صاع ; وهو قدر مد النبي - صلى الله عليه وسلم، والصاع خمسة أرطال. وقال النووي (شرح مسلم 16/93) : " وقال أهل اللغة: النصيف النصف. . . ومعناه: لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ ثوابه في ذلك ثواب نفقة أحد أصحابي مدا ولا نصف مد
(3) رضي الله عنه: زيادة في (أ) ، (ب)
(4) ن: لو أنفق أحدكم
(5) ذهبا: ساقطة من (ن) .
(6) الحديث في مسلم 4/1967، وهو في سنن ابن ماجه 1/57
(7) ابن عبد الله: زيادة في (أ) ، (ب) .
(8) ن: أصحاب رسول الله ; م: أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم.
*****************************
بكر وعمر، فقالت: وما تعجبون من هذا؟ (1) انقطع عنهم العمل فأحب الله أن لا يقطع عنهم الأجر (2) .
وروى ابن بطة بالإسناد الصحيح عن عبد الله بن أحمد (* قال: حدثني أبي، حدثنا معاوية (3) . حدثنا رجاء، عن مجاهد، عن ابن عباس [رضي الله عنهما] (4) . قال: لا تسبوا أصحاب محمد (5) -. فإن الله قد أمر (6) . بالاستغفار لهم وهو يعلم أنهم سيقتتلون (7) .
(1) ن، م: من ذلك.
(2) لم أستطع العثور على هذا الأثر في صحيح مسلم
(3) ن: أبو معاوية. ولعل الصواب ابن معاوية وهو مروان بن معاوية الفزاري. قال أحمد بن حنبل: إنه ثبت حافظ (الجرح والتعديل، ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص [0 - 9] 73) . وذكر ابن حجر (لسان الميزان 2/455) أنه روى عن رجاء بن الحارث أبي سعيد بن عوذ وهو الذي روى عن مجاهد. وانظر الجرح والتعديل: ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص [0 - 9] 01 - 502 ; مناقب الإمام أحمد بن حنبل لابن الجوزي (ط. الخانجي بالقاهرة، 1399) ص [0 - 9] 5
(4) رضي الله عنهما: زيادة في (أ) ، (ب)
(5) في كتاب الإبانة ص 15: أصحاب النبي محمد - صلى الله عليه وسلم
(6) أ، ب: قد أمرنا، والمثبت عن (ن) وعن كتاب الإبانة
(7) ورد هذا الأثر في كتاب " الشرح والإبانة على أصول الديانة " لابن بطة العكبري، ص [0 - 9] 5، بتحقيق الأستاذ هنري لاوست، طبعة المعهد الفرنسي، دمشق، 1958. ولكن يبدو أن هذه النسخة المنشورة هي عن نسخة مختصرة من أصل الكتاب، إذ أن جميع أسانيد الأحاديث والآثار فيها محذوفة. وقد أشار المؤلف إلى ذلك في مقدمة الكتاب (ص [0 - 9] ) .
والأثر يبدو فيه هكذا: وقال ابن عباس: لا تسبوا. . إلخ. وقد ذكر ابن أبي يعلى (طبقات الحنابلة 2/152) أن لابن بطة: الإبانة الكبرى والإبانة الصغرى، فالأرجح أن المنشور هو الصغيرة، خاصة وأن النسخة الخطية الناقصة من الكتاب الموجودة بالخزانة التيمورية بدار الكتب المصرية، وهي المجلد الثاني فقط من الإبانة، بها سبعة أجزاء. انظر فهرس الخزانة التيمورية 4/3 مطبعة دار الكتب المصرية 1369/1950. وقد أورد ابن تيمية هذا الأثر في الصارم المسلول، ص 574: " عن مجاهد عن ابن عباس قال: لا تسبوا أصحاب محمد فإن الله قد أمر بالاستغفار لهم وقد علم أنهم سيقتتلون " رواه الإمام أحمد. وهو في " فضائل الصحابة " رقم 18 - 1741
*****************************
ومن طريق أحمد، عن عبد الرحمن *) (1) (2) بن مهدي، وطريق غيره عن وكيع وأبي نعيم، ثلاثتهم عن الثوري، عن نسير بن ذعلوق (3) .: سمعت عبد الله بن عمر يقول: لا تسبوا أصحاب محمد (4) ، فلمقام أحدهم ساعة، يعني مع رسول الله (5) - صلى الله عليه وسلم - خير من عمل أحدكم أربعين سنة.
وفي رواية وكيع: خير من عبادة أحدكم عمره (6) .
(1) ن: أحمد بن عبد الرحمن
(2) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
(3) م: بشير بن ذعلوق ; أ: بشر بن ذوعلوق. والمثبت من (ن) ، (ب) . وقد ذكره ابن ماكولا في " الإكمال " 1/301 (حيدر أباد، 1381/1962) وقال: روى عن ابن عمر وبكر بن ماعز، حدث عنه الثوري وعبيدة بن معتب وسعيد بن عبد الله بن الربيع، وانظر ترجمته في: تهذيب التهذيب 10/424 - 425
(4) م: محمد - صلى الله عليه وسلم -
(5) أ، ب: النبي.
(6) لم أجد هذا الأثر في " الإبانة " لابن بطة ولا في " المسند ". وذكر ابن تيمية في " الصارم المسلول " ص 580، فقال: " وإلى هذا أشار ابن عمر، قال نسير بن ذعلوق: سمعت ابن عمر - رضي الله عنه - يقول: لا تسبوا أصحاب محمد فإن مقام أحدهم خير من عملكم كله، رواه اللكائي " وهو في " فضائل الصحابة " الأرقام 15، 20، 1729، 1736
****************************** *
وقال تعالى: {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا - ومغانم كثيرة يأخذونها وكان الله عزيزا حكيما - وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه وكف أيدي الناس عنكم ولتكون آية للمؤمنين ويهديكم صراطا مستقيما - وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها وكان الله على كل شيء قديرا} [سورة الفتح: 18 - 21] .
والذين بايعوه (1) . تحت الشجرة بالحديبية عند جبل التنعيم (2) \ 321. كانوا أكثر من ألف وأربعمائة، بايعوه لما صده المشركون عن العمرة، ثم صالح المشركين صلح الحديبية المعروف، وذلك سنة ست من الهجرة في ذي القعدة، ثم رجع [بهم] (3)) ، (م) . إلى المدينة وغزا بهم خيبر، ففتحها (4) . الله عليهم في أول سنة سبع، وقسمها (5) . بينهم، ومنع الأعراب المتخلفين (6) . عن الحديبية من ذلك.
(1) أ، ب: بايعوا
(2) في المسند 3/122 (ط. الحلبي) عن أنس قال: لما كان يوم الحديبية هبط على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ثمانون رجلا من أهل مكة في السلاح من قبل جبل التنعيم فدعا عليهم فأخذوا ونزلت هذه الآية: (وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم) . قال: يعني جبل التنعيم من مكة. وورد الحديث بألفاظ مقاربة بعد صفحتين (3/124) عن أنس أيضا، كما ورد في تفسير الطبري بألفاظ مختلفة في تفسير الآية السابقة 26/59. أما في " تاج العروس " مادة " نعم ": " التنعيم " على ثلاثة أميال أو أربعة من مكة المشرفة، وهو أقرب أطراف الحل إلى البيت الشريف، سمي به لأن على يمينه جبل نعيم كزبير، وعلى يساره جبل ناعم، والوادي اسمه نعمان بالفتح ". وانظر معجم البلدان، مادة " التنعيم " ومعجم ما استعجم 1
(3) بهم: ساقطة من (ن
(4) ب (فقط) : ففتح
(5) ن: فقسمها
(6) ن، م: وقسمها بينهم وبين الأعراب المتخلفين. . . إلخ، وهو خطأ ظاهر
****************************** *
كما قال [الله تعالى] (1) .: {سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل فسيقولون بل تحسدوننا بل كانوا لا يفقهون إلا قليلا} [سورة الفتح: 15] .
وقد أخبر سبحانه أنه رضي عنهم (2) ، وأنه علم ما في قلوبهم، وأنه أثابهم (3) . فتحا قريبا.
وهؤلاء هم أعيان من بايع أبا بكر وعمر وعثمان بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم، لم يكن في المسلمين من يتقدم عليهم، بل كان المسلمون [كلهم] (4) . يعرفون فضلهم عليهم ; لأن الله تعالى بين فضلهم في القرآن بقوله تعالى: {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى} [سورة الحديد: 10] (5) ، ففضل المنفقين المقاتلين قبل الفتح، والمراد بالفتح هنا صلح الحديبية، ولهذا سئل النبي - صلى الله عليه وسلم: أوفتح (6) . هو؟ فقال " نعم " (7)) .
(1) الله تعالى: زيادة في (أ) ، (ب)
(2) أ، ب: وقد أخبر الله أنه - سبحانه وتعالى - رضي عنهم
(3) ن، م: فأثابهم
(4) كلهم: ساقطة من (ن) ، (م)
(5) ن، م:. . وقاتلوا، الآية
(6) ن، م: أفتح
(7) الحديث عن مجمع بن جارية الأنصاري - رضي الله عنه - في سنن أبي داود 3/101 - 102 (كتاب الجهاد، باب فيمن أسهم له سهما) أنه قال: شهدنا الحديبية مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما انصرفنا عنها إذ الناس يهزون الأباعر، فقال بعض الناس لبعض: ما للناس؟ قالوا: أوحي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخرجنا مع الناس نوجف فوجدنا النبي - صلى الله عليه وسلم - واقفا على راحلته عند كراع الغميم، فلما اجتمع عليه الناس قرأ عليهم: (إنا فتحنا لك فتحا مبينا) ، فقال رجل: يا رسول الله أفتح هو؟ قال: " نعم والذي نفس محمد بيده إنه لفتح ". . الحديث: وهو في المسند (ط. الحلبي) 3/420 - 486. وانظر تفسير ابن كثير (ط. الشعب) 7/308 (تفسير الآية الأولى من سورة الفتح
****************************** *
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (83)
صـ 19 إلى صـ 25
وقد روى ابن بطة وغيره من حديث [أبي بدر قال: حدثنا] (1) عبد الله بن زيد، عن طلحة بن مصرف، عن مصعب بن سعد، عن سعد بن أبي وقاص قال: الناس على ثلاث (2) منازل، فمضت منزلتان وبقيت واحدة، فأحسن ما أنتم عليه كائنون أن تكونوا بهذه المنزلة التي بقيت، ثم قرأ: {للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا} هؤلاء المهاجرون وهذه منزلة قد مضت.ثم قرأ (3) : {والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة} (4) ، ثم قال: هؤلاء الأنصار وهذه منزلة قد مضت.
ثم قرأ: {والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم} ، فقد مضت هاتان وبقيت هذه المنزلة، فأحسن ما أنتم عليه كائنون أن تكونوا بهذه المنزلة التي بقيت أن تستغفروا الله لهم (5) .
وروى أيضا بإسناده عن مالك بن أنس أنه قال: من سب السلف فليس له في الفيء نصيب ; لأن الله تعالى يقول: {والذين جاءوا من بعدهم} الآية (6) .
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(2) ثلاث: كذا في (م) ، (ب) . وفي (ن) ، (أ) : ثلاثة.
(3) ن: ثم قال.
(4) ن، م:. . . . من هاجر إليهم، الآية.
(5) ن: أن يستغفروا الله لهم ; أ: أن تستغفر لهم ; ب: أن تستغفروا لهم.
(6) لم أجد الأثرين السابقين في الإبانة لابن بطة ولكن فيه " ص [0 - 9] 9 ": " قال مالك بن أنس: " الذي يشتم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس له سهم أو قال: نصيب في الإسلام. " وانظر ما يلي: ص [0 - 9] 2 ت (7) . وقد أورد ابن تيمية الأثر الأول مختصرا في " الصارم المسلول " (ط. مكتبة تاج، بطنطا، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، 1379 - 1960) ص [0 - 9] 74.
****************************** ****
وهذا معروف من مالك وغير مالك (1) من أهل العلم، كأبي عبيد القاسم بن سلام، وكذلك ذكره أبو حكيم النهرواني من أصحاب أحمد وغيره من الفقهاء.
وروى أيضا عن الحسن بن عمارة، عن الحكم (2) ، عن مقسم، عن ابن عباس [- رضي الله عنهما] (3) قال: أمر الله بالاستغفار لأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يعلم أنهم يقتتلون.
وقال (4) عروة: قالت لي عائشة [رضي الله عنها] (5) : يا ابن أختي (6) أمروا أن يستغفروا لأصحاب محمد (7) - صلى الله عليه وسلم - فسبوهم (8) .
وفي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري [رضي الله عنه] (9) قال: قال
(1) ن، م: وغيره.
(2) ب: الحكيم، وهو الحكم بن عتيبة. انظر الجرح والتعديل ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص [0 - 9] 7.
(3) رضي الله عنهما: زيادة في (أ) ، (ب) .
(4) ن، م: قال.
(5) رضي الله عنها: زيادة في (أ) ، (ب) .
(6) ن، م: ابن أخي، وهو خطأ.
(7) أ، ب: أمروا بالاستغفار لأصحاب النبي.
(8) سترد رواية أخرى للأثر الأول بعد صفحتين. وأما الأثر الثاني فقد ورد في الإبانة (ص 15) مختصرا: " وقالت عائشة - رضي الله عنها: أمروا بالاستغفار لأصحاب محمد فسبوهم " وأورده ابن تيمية في " الصارم المسلول " ص [0 - 9] 74 وقال: رواه مسلم.
(9) رضي الله عنه: زيادة في (ب) .
****************************** ***
رسول الله - صلى الله عليه وسلم: " «لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا (1) ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه» (2) .
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة [رضي الله عنه] (3) . أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " «لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق (4) مثل أحد [ذهبا (5) ] ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه» (6) ".
وفي صحيح مسلم أيضا، عن جابر [بن عبد الله] (7) قال: قيل لعائشة: إن ناسا يتناولون أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] (8) حتى أبا
(1) ن، م: فلو أنفق أحدكم ملء الأرض ذهبا.
(2) الحديث - مع اختلاف في الألفاظ - عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه في: البخاري 5 (كتاب أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لو كنت متخذا خليلا) ، مسلم 4/1967 - 1968 (كتاب فضائل الصحابة، باب تحريم سب الصحابة. .) ; سنن أبي داود 4/297 - 298 (كتاب السنة، باب في النهي عن سب أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم) ; سنن الترمذي 5/357 - 358 (كتاب المناقب، باب في من سب أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم) ; المسند (ط. الحلبي) 3/11، 54، 63، 64 ; سنن ابن ماجه 1/57 (المقدمة، باب فضل أهل بدر) وفي اللسان: " المد ضرب من المكاييل وهو ربع صاع ; وهو قدر مد النبي - صلى الله عليه وسلم، والصاع خمسة أرطال. وقال النووي (شرح مسلم 16/93) : " وقال أهل اللغة: النصيف النصف. . . ومعناه: لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ ثوابه في ذلك ثواب نفقة أحد أصحابي مدا ولا نصف مد
(3) رضي الله عنه: زيادة في (أ) ، (ب)
(4) ن: لو أنفق أحدكم
(5) ذهبا: ساقطة من (ن) .
(6) الحديث في مسلم 4/1967، وهو في سنن ابن ماجه 1/57
(7) ابن عبد الله: زيادة في (أ) ، (ب) .
(8) ن: أصحاب رسول الله ; م: أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم.
*****************************
بكر وعمر، فقالت: وما تعجبون من هذا؟ (1) انقطع عنهم العمل فأحب الله أن لا يقطع عنهم الأجر (2) .
وروى ابن بطة بالإسناد الصحيح عن عبد الله بن أحمد (* قال: حدثني أبي، حدثنا معاوية (3) . حدثنا رجاء، عن مجاهد، عن ابن عباس [رضي الله عنهما] (4) . قال: لا تسبوا أصحاب محمد (5) -. فإن الله قد أمر (6) . بالاستغفار لهم وهو يعلم أنهم سيقتتلون (7) .
(1) ن، م: من ذلك.
(2) لم أستطع العثور على هذا الأثر في صحيح مسلم
(3) ن: أبو معاوية. ولعل الصواب ابن معاوية وهو مروان بن معاوية الفزاري. قال أحمد بن حنبل: إنه ثبت حافظ (الجرح والتعديل، ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص [0 - 9] 73) . وذكر ابن حجر (لسان الميزان 2/455) أنه روى عن رجاء بن الحارث أبي سعيد بن عوذ وهو الذي روى عن مجاهد. وانظر الجرح والتعديل: ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص [0 - 9] 01 - 502 ; مناقب الإمام أحمد بن حنبل لابن الجوزي (ط. الخانجي بالقاهرة، 1399) ص [0 - 9] 5
(4) رضي الله عنهما: زيادة في (أ) ، (ب)
(5) في كتاب الإبانة ص 15: أصحاب النبي محمد - صلى الله عليه وسلم
(6) أ، ب: قد أمرنا، والمثبت عن (ن) وعن كتاب الإبانة
(7) ورد هذا الأثر في كتاب " الشرح والإبانة على أصول الديانة " لابن بطة العكبري، ص [0 - 9] 5، بتحقيق الأستاذ هنري لاوست، طبعة المعهد الفرنسي، دمشق، 1958. ولكن يبدو أن هذه النسخة المنشورة هي عن نسخة مختصرة من أصل الكتاب، إذ أن جميع أسانيد الأحاديث والآثار فيها محذوفة. وقد أشار المؤلف إلى ذلك في مقدمة الكتاب (ص [0 - 9] ) .
والأثر يبدو فيه هكذا: وقال ابن عباس: لا تسبوا. . إلخ. وقد ذكر ابن أبي يعلى (طبقات الحنابلة 2/152) أن لابن بطة: الإبانة الكبرى والإبانة الصغرى، فالأرجح أن المنشور هو الصغيرة، خاصة وأن النسخة الخطية الناقصة من الكتاب الموجودة بالخزانة التيمورية بدار الكتب المصرية، وهي المجلد الثاني فقط من الإبانة، بها سبعة أجزاء. انظر فهرس الخزانة التيمورية 4/3 مطبعة دار الكتب المصرية 1369/1950. وقد أورد ابن تيمية هذا الأثر في الصارم المسلول، ص 574: " عن مجاهد عن ابن عباس قال: لا تسبوا أصحاب محمد فإن الله قد أمر بالاستغفار لهم وقد علم أنهم سيقتتلون " رواه الإمام أحمد. وهو في " فضائل الصحابة " رقم 18 - 1741
*****************************
ومن طريق أحمد، عن عبد الرحمن *) (1) (2) بن مهدي، وطريق غيره عن وكيع وأبي نعيم، ثلاثتهم عن الثوري، عن نسير بن ذعلوق (3) .: سمعت عبد الله بن عمر يقول: لا تسبوا أصحاب محمد (4) ، فلمقام أحدهم ساعة، يعني مع رسول الله (5) - صلى الله عليه وسلم - خير من عمل أحدكم أربعين سنة.
وفي رواية وكيع: خير من عبادة أحدكم عمره (6) .
(1) ن: أحمد بن عبد الرحمن
(2) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
(3) م: بشير بن ذعلوق ; أ: بشر بن ذوعلوق. والمثبت من (ن) ، (ب) . وقد ذكره ابن ماكولا في " الإكمال " 1/301 (حيدر أباد، 1381/1962) وقال: روى عن ابن عمر وبكر بن ماعز، حدث عنه الثوري وعبيدة بن معتب وسعيد بن عبد الله بن الربيع، وانظر ترجمته في: تهذيب التهذيب 10/424 - 425
(4) م: محمد - صلى الله عليه وسلم -
(5) أ، ب: النبي.
(6) لم أجد هذا الأثر في " الإبانة " لابن بطة ولا في " المسند ". وذكر ابن تيمية في " الصارم المسلول " ص 580، فقال: " وإلى هذا أشار ابن عمر، قال نسير بن ذعلوق: سمعت ابن عمر - رضي الله عنه - يقول: لا تسبوا أصحاب محمد فإن مقام أحدهم خير من عملكم كله، رواه اللكائي " وهو في " فضائل الصحابة " الأرقام 15، 20، 1729، 1736
****************************** *
وقال تعالى: {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا - ومغانم كثيرة يأخذونها وكان الله عزيزا حكيما - وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه وكف أيدي الناس عنكم ولتكون آية للمؤمنين ويهديكم صراطا مستقيما - وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها وكان الله على كل شيء قديرا} [سورة الفتح: 18 - 21] .
والذين بايعوه (1) . تحت الشجرة بالحديبية عند جبل التنعيم (2) \ 321. كانوا أكثر من ألف وأربعمائة، بايعوه لما صده المشركون عن العمرة، ثم صالح المشركين صلح الحديبية المعروف، وذلك سنة ست من الهجرة في ذي القعدة، ثم رجع [بهم] (3)) ، (م) . إلى المدينة وغزا بهم خيبر، ففتحها (4) . الله عليهم في أول سنة سبع، وقسمها (5) . بينهم، ومنع الأعراب المتخلفين (6) . عن الحديبية من ذلك.
(1) أ، ب: بايعوا
(2) في المسند 3/122 (ط. الحلبي) عن أنس قال: لما كان يوم الحديبية هبط على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ثمانون رجلا من أهل مكة في السلاح من قبل جبل التنعيم فدعا عليهم فأخذوا ونزلت هذه الآية: (وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم) . قال: يعني جبل التنعيم من مكة. وورد الحديث بألفاظ مقاربة بعد صفحتين (3/124) عن أنس أيضا، كما ورد في تفسير الطبري بألفاظ مختلفة في تفسير الآية السابقة 26/59. أما في " تاج العروس " مادة " نعم ": " التنعيم " على ثلاثة أميال أو أربعة من مكة المشرفة، وهو أقرب أطراف الحل إلى البيت الشريف، سمي به لأن على يمينه جبل نعيم كزبير، وعلى يساره جبل ناعم، والوادي اسمه نعمان بالفتح ". وانظر معجم البلدان، مادة " التنعيم " ومعجم ما استعجم 1
(3) بهم: ساقطة من (ن
(4) ب (فقط) : ففتح
(5) ن: فقسمها
(6) ن، م: وقسمها بينهم وبين الأعراب المتخلفين. . . إلخ، وهو خطأ ظاهر
****************************** *
كما قال [الله تعالى] (1) .: {سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل فسيقولون بل تحسدوننا بل كانوا لا يفقهون إلا قليلا} [سورة الفتح: 15] .
وقد أخبر سبحانه أنه رضي عنهم (2) ، وأنه علم ما في قلوبهم، وأنه أثابهم (3) . فتحا قريبا.
وهؤلاء هم أعيان من بايع أبا بكر وعمر وعثمان بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم، لم يكن في المسلمين من يتقدم عليهم، بل كان المسلمون [كلهم] (4) . يعرفون فضلهم عليهم ; لأن الله تعالى بين فضلهم في القرآن بقوله تعالى: {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى} [سورة الحديد: 10] (5) ، ففضل المنفقين المقاتلين قبل الفتح، والمراد بالفتح هنا صلح الحديبية، ولهذا سئل النبي - صلى الله عليه وسلم: أوفتح (6) . هو؟ فقال " نعم " (7)) .
(1) الله تعالى: زيادة في (أ) ، (ب)
(2) أ، ب: وقد أخبر الله أنه - سبحانه وتعالى - رضي عنهم
(3) ن، م: فأثابهم
(4) كلهم: ساقطة من (ن) ، (م)
(5) ن، م:. . وقاتلوا، الآية
(6) ن، م: أفتح
(7) الحديث عن مجمع بن جارية الأنصاري - رضي الله عنه - في سنن أبي داود 3/101 - 102 (كتاب الجهاد، باب فيمن أسهم له سهما) أنه قال: شهدنا الحديبية مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما انصرفنا عنها إذ الناس يهزون الأباعر، فقال بعض الناس لبعض: ما للناس؟ قالوا: أوحي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخرجنا مع الناس نوجف فوجدنا النبي - صلى الله عليه وسلم - واقفا على راحلته عند كراع الغميم، فلما اجتمع عليه الناس قرأ عليهم: (إنا فتحنا لك فتحا مبينا) ، فقال رجل: يا رسول الله أفتح هو؟ قال: " نعم والذي نفس محمد بيده إنه لفتح ". . الحديث: وهو في المسند (ط. الحلبي) 3/420 - 486. وانظر تفسير ابن كثير (ط. الشعب) 7/308 (تفسير الآية الأولى من سورة الفتح
****************************** *
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (84)
صـ 26 إلى صـ 32
وأهل العلم يعلمون أن فيه (1) . أنزل الله تعالى: {إنا فتحنا لك فتحا مبينا - ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما - وينصرك الله نصرا عزيزا} [سورة الفتح: 1 - 3] (2) ، فقال بعض المسلمين: يا رسول الله! هذا لك فما لنا [يا رسول الله] ؟ (3) ; فأنزل الله تعالى: {هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم} [سورة الفتح: 4] .وهذه الآية نص في تفضيل المنفقين المقاتلين قبل الفتح على المنفقين المقاتلين (4) بعده، ولهذا ذهب جمهور العلماء إلى أن السابقين في قوله تعالى: {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار} [سورة التوبة: 100] هم هؤلاء الذين أنفقوا من قبل الفتح وقاتلوا، وأهل بيعة الرضوان كلهم منهم، وكانوا أكثر من ألف وأربعمائة.
وقد ذهب بعضهم إلى أن السابقين الأولين (5) . هم من صلى [إلى] (6) .
(1) ن، م: وقد اتفق الناس على أن فيه
(2) لم ترد الآية الثالثة من سورة الفتح في (ن) ، (م)
(3) يا رسول الله: زيادة في (أ) ، (ب) .
(4) المقاتلين: ساقطة من (أ) ، (ب)
(5) ن: السابقين من الأولين
(6) إلى: ساقطة من (ن) ، (م)
****************************** *
القبلتين، وهذا ضعيف، فإن الصلاة إلى القبلة المنسوخة ليس بمجرده فضيلة ; ولأن النسخ ليس من فعلهم الذي يفضلون به ; ولأن التفضيل بالصلاة إلى القبلتين لم يدل عليه دليل شرعي، كما دل على التفضيل بالسبق إلى الإنفاق والجهاد والمبايعة تحت الشجرة، ولكن فيه سبق الذين أدركوا ذلك على (1) . من لم يدركه (2) ، كما أن الذين أسلموا قبل أن تفرض الصلوات الخمس، هم سابقون على من تأخر إسلامه عنهم (3) ، والذين أسلموا قبل أن تجعل صلاة الحضر أربع ركعات هم سابقون على من تأخر إسلامه عنهم (4) ، والذين أسلموا قبل أن يؤذن في الجهاد، أو قبل أن يفرض، هم سابقون على من أسلم بعدهم، والذين أسلموا قبل أن يفرض صيام شهر رمضان، هم سابقون على من أسلم بعدهم، والذين أسلموا قبل أن يفرض (5) . الحج، هم سابقون على من تأخر عنهم، [والذين أسلموا قبل تحريم الخمر هم سابقون على من أسلم بعدهم] (6) ، والذين أسلموا قبل تحريم الربا كذلك، فشرائع الإسلام من الإيجاب والتحريم كانت تنزل شيئا فشيئا، وكل من أسلم قبل أن تشرع شريعة (7) . فهو سابق على من تأخر عنه، وله بذلك فضيلة، ففضيلة من أسلم قبل نسخ القبلة على من أسلم بعده (8) . هي من هذا الباب.
(1) ن، م: وعلى، وهو خطأ
(2) انظر وجوه تأويل الآية في تفسير الطبري 14/434 - 439 (ط. المعارف)
(3) ن: منهم
(4) ن، م: تأخر إسلامهم
(5) ن، م: قبل فرض
(6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م)
(7) ن، م: قبل أن يفرض الحج، وهو تحريف
(8) ن، م، أ: بعدها
****************************** *
وليس مثل هذا مما (1) . يتميز به السابقون الأولون عن التابعين، إذ ليس بعض هذه الشرائع بأولى بجعله (2) . خيرا من بعض ; ولأن القرآن والسنة قد دلا على تقديم (3) . أهل الحديبية، فوجب أن تفسر هذه الآية بما يوافق سائر النصوص.
وقد علم بالاضطرار أنه كان في هؤلاء السابقين الأولين أبو بكر وعمر وعلي (4) . وطلحة والزبير، وبايع النبي - صلى الله عليه وسلم -[بيده] (5) . عن عثمان ; لأنه كان (6) . غائبا قد أرسله إلى أهل مكة ليبلغهم رسالته، وبسببه بايع [النبي - صلى الله عليه وسلم] (7) . الناس لما بلغه أنهم قتلوه.
وقد ثبت في صحيح مسلم عن جابر [بن عبد الله] (8) . - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال (9) : " «لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة» . (10) ".
(1) أ، ب: ما
(2) أ: أولى ممن يجعله، ب: أولى بمن يجعله
(3) ن، م: تفضيل
(4) ب: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، وفي (أ) : أبا بكر وعمر. . . إلخ. والصواب ما أثبته وهو الذي في (ن) ، (م)
(5) بيده: ساقطة من (ن) ، (م)
(6) أ، ب: لأنه قد كان
(7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م)
(8) بن عبد الله: زيادة في (أ) ، (ب)
(9) أ، ب: أنه قال
(10) الحديث بهذه الألفاظ في: المسند (ط. الحلبي) 3/350 إلا أن فيه: أحد ممن بايع، وجاء الحديث عن أم مبشر - رضي الله عنها - في: مسلم 4/1942 (كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أصحاب الشجرة) ونصه: عن جابر، أخبرتني أم مبشر أنها سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول عند حفصة: " لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة أحد الذين بايعوا تحتها ". قالت: بلى يا رسول الله، فانتهرها، فقالت حفصة: (وإن منكم إلا واردها) ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم: " قد قال الله عز وجل: (ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا) . وجاء الحديث أيضا عن حفصة في: سنن ابن ماجه 2/1431 (كتاب الزهد، باب ذكر البعث) . وذكر أحمد رواية مسلم في مسنده (ط. الحلبي) 6/420. وذكر روايتين أخريين بألفاظ مقاربة (وفيهما: لا يدخل النار أحد - وفي رواية: رجل - شهد بدرا والحديبية) : 3/396، 6/285 - 362.
***************************
وقال تعالى: {لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رءوف رحيم} [سورة التوبة: 117] (1) ، فجمع بينهم وبين الرسول في التوبة.
وقال [تعالى] (2) .: {إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض والذين آمنوا ولم يهاجروا} [سورة الأنفال: 72] (3) . إلى قوله: {والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم} [سورة الأنفال: 75] ، فأثبت الموالاة (4) . بينهم.
وقال للمؤمنين:
(1) عبارة " إنه بهم رءوف رحيم " لم ترد في (ن)
(2) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب)
(3) في (ن) : لم يرد قوله تعالى: (والذين آمنوا ولم يهاجروا) . ويوجد سقط في (م) بعد قوله تعالى: (. . . أولياء بعض) حتى قوله تعالى: (إنما وليكم الله ورسوله. . .)
(4) ن: الولاية
****************************** ****
{ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين} [سورة المائدة: 51] إلى قوله: {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون - ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون} [المائدة: 55 - 56] (1) ، وقال: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض} [سورة التوبة: 71] ، فأثبت الموالاة بينهم، وأمر بموالاتهم، والرافضة تتبرأ (2) . منهم، ولا تتولاهم (3) ، وأصل الموالاة المحبة، وأصل المعاداة البغض، وهم يبغضونهم ولا يحبونهم.
وقد وضع بعض الكذابين حديثا مفترى أن هذه الآية نزلت في علي لما تصدق بخاتمه في الصلاة (4) ، وهذا كذب (5) . بإجماع أهل العلم [بالنقل] (6) ، وكذبه بين (7) ، من وجوه كثيرة:
منها: أن قوله (الذين) صيغة جمع، وعلي واحد.
ومنها: أن (الواو) (8) . ليست واو الحال، إذ لو كان كذلك لكان
(1) في (ن) : ومن يتولهم منكم. . إنما وليكم الله ورسوله. . إلخ
(2) أ، ب: تبين
(3) ن: تواليهم ; م: تتوالهم
(4) الآية المقصودة هنا هي قوله تعالى: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) [سورة المائدة: 55] ، والحديث الموضوع المشار إليه ذكره ابن المطهر بتمامه في " منهاج الكرامة " ونقله ابن تيمية في " منهاج السنة " ورد عليه تفصيلا: انظر: منهاج السنة (بولاق) 4 - 9
(5) م: وهو كذب
(6) بالنقل: ساقطة من (ن) ، (م)
(7) ن، م: يتبين
(8) وهي الواو في قوله تعالى: (وهم راكعون)
****************************** *
لا يسوغ (1) . أن يتولى إلا من أعطى الزكاة في حال الركوع، فلا يتولى سائر الصحابة والقرابة (2) \ 5.
ومنها: أن المدح إنما يكون بعمل واجب أو مستحب (3) ، وإيتاء (4) . الزكاة في نفس الصلاة ليس واجبا ولا مستحبا [باتفاق علماء الملة] (5) . فإن في الصلاة شغلا.
ومنها: أنه لو كان إيتاؤها في الصلاة حسنا، لم يكن فرق بين حال الركوع وغير حال الركوع، بل إيتاؤها في القيام والقعود أمكن.
ومنها: أن عليا لم يكن عليه زكاة على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم.
(* ومنها: أنه لم يكن له أيضا خاتم، ولا كانوا يلبسون الخواتم، حتى كتب النبي - صلى الله عليه وسلم - كتابا إلى كسرى، فقيل له: إنهم لا يقبلون كتابا إلا مختوما، فاتخذ خاتما من ورق ونقش فيها: محمد رسول الله *) (6) .
ومنها: أن إيتاء غير الخاتم في الزكاة خير من إيتاء الخاتم، فإن أكثر الفقهاء يقولون: لا يجزئ (7) . إخراج الخاتم في الزكاة.
ومنها: أن هذا الحديث فيه أنه أعطاه السائل (8) ، والمدح في الزكاة أن
(1) ن، م: لو كان كذلك لا يشرع
(2) انظر تفصيل هذه النقطة في (ب)
(3) ن، م: واجب ومستحب
(4) ن، م: وأما
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م)
(6) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب)
(7) ن، م: لا يجوز
(8) أي أنه أعطى الخاتم للسائل
****************************** ******
يخرجها ابتداء ويخرجها على الفور، لا ينتظر أن يسأله سائل.
ومنها: أن الكلام في سياق النهي عن موالاة الكفار، والأمر بموالاة المؤمنين، كما يدل عليه سياق الكلام.
وسيجيء إن شاء الله تمام الكلام على هذه الآية، فإن الرافضة لا يكادون يحتجون بحجة إلا كانت [حجة] (1) . عليهم لا لهم، كاحتجاجهم بهذه الآية على الولاية التي هي الإمارة، وإنما هي في الولاية التي هي ضد العداوة، والرافضة مخالفون لها. (2)
والإسماعيلية (3) والنصيرية ونحوهم يوالون الكفار من اليهود والنصارى والمشركين والمنافقين، ويعادون المؤمنين من المهاجرين والأنصار والذين (4) . . اتبعوهم بإحسان إلى يوم الدين، وهذا أمر مشهور فيهم (5) ، يعادون خيار عباد الله المؤمنين، ويوالون اليهود والنصارى والمشركين من الترك وغيرهم.
وقال تعالى: {ياأيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين} [سورة الأنفال: 64] ، أي: [الله] كافيك (6) . وكافي من اتبعك (7) . من المؤمنين. والصحابة أفضل من اتبعه من المؤمنين وأولهم (8) .
(1) حجة: ساقطة من (ن) فقط
(2) انظر تفصيل هذا الكلام في (ب) 4 (الوجه السادس عشر)
(3) ن، (م) : كالإسماعيلية، وسبق الكلام على الإسماعيلية والنصيرية، انظر: 1/10
(4) ن، م: والأنصار الذين
(5) فيهم: ساقطة من (أ) ، (ب)
(6) ن، م: أي كافيك
(7) أ، ب: كافيك ومن اتبعك
(8) ن: ووالاهم، م: وأولاهم
*****************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (85)
صـ 33 إلى صـ 39
وقال تعالى: {إذا جاء نصر الله والفتح - ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا - فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا} (1) ، والذين رآهم النبي - صلى الله عليه وسلم - يدخلون في دين الله أفواجا هم الذين كانوا على عصره.وقال تعالى: {هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم} [سورة الأنفال: 62 - 63] ، وإنما أيده في حياته بالصحابة.
وقال تعالى: {والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون - لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك جزاء المحسنين - ليكفر الله عنهم أسوأ الذي عملوا ويجزيهم أجرهم بأحسن الذي كانوا يعملون} [سورة الزمر: 33 - 35] . وهذا الصنف الذي يقول الصدق ويصدق به، خلاف الصنف الذي يفتري الكذب، أو يكذب بالحق لما جاءه، كما سنبسط القول فيهما (2) . إن شاء الله.
والصحابة الذين كانوا يشهدون (3) . أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وأن القرآن حق (4) ، هم أفضل من جاء بالصدق وصدق به بعد الأنبياء.
(1) الآية الأخيرة من سورة النصر ليست في (ن) ، (م)
(2) ن، م: فيها
(3) أ، ب: كالذين يشهدون
(4) ن: محق، وهو تحريف
*********************
وليس في الطوائف المنتسبة إلى القبلة [أعظم] (1) . افتراء [للكذب] (2) . على الله، وتكذيبا بالحق من المنتسبين إلى التشيع (3) ، ولهذا لا يوجد الغلو في طائفة أكثر مما يوجد فيهم. ومنهم من ادعى إلهية البشر، وادعى النبوة في غير النبي - صلى الله عليه وسلم، وادعى العصمة في الأئمة، ونحو ذلك (4) . مما هو أعظم مما يوجد في سائر الطوائف، واتفق أهل العلم على أن الكذب ليس في طائفة من الطوائف (5) . المنتسبين إلى القبلة أكثر منه فيهم.
قال تعالى: {قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى} [سورة النمل: 59] . قال طائفة من السلف: هم أصحاب محمد [صلى الله عليه وسلم] (6) . . ولا ريب أنهم أفضل المصطفين من هذه الأمة التي قال الله فيها: {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير - جنات عدن يدخلونها يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير - وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور - الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب} [سورة فاطر: 32 - 35] (7) ، فأمة محمد - صلى الله عليه وسلم - هم (8) .
(1) أعظم: ساقطة من (ن) فقط
(2) للكذب: ساقطة من (ن) ، (م)
(3) ن: الشيع
(4) ن: وغير ذلك
(5) الطوائف: ساقطة من (أ) ، (ب)
(6) صلى الله عليه وسلم: زيادة في (أ) ، (ب) . وذكره الطبري في تفسيره (20/3) عن سفيان الثوري
(7) ن، م: بإذن الله. . إلى قوله: ولا يمسنا فيها لغوب
(8) هم: ساقطة من (أ) ، (ب)
*******************
الذين أورثوا الكتاب بعد الأمتين قبلهم: اليهود والنصارى، وقد أخبر الله أنهم الذين اصطفى.
وتواتر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " «خير القرون القرن الذي بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم» " (1) \ 156. ومحمد - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه هم المصطفون من المصطفين من عباد الله.
(1) يذكر ابن تيمية هذا الحديث بهذا اللفظ الذي يبدأ بعبارة: وخير القرون قرني. . أو " خير القرون القرن. . إلخ في كثير من كتبه. وقد بحثت عن هذه الرواية بهذه الألفاظ طويلا فلم أجدها. وقد جاء الحديث عن عدد كبير من الصحابة منهم: أبو هريرة وعبد الله بن مسعود وعمران بن حصين وعائشة والنعمان بن بشير وبريدة الأسلمي - رضي الله عنهم. وجاء بألفاظ مختلفة منها: خيركم قرني، خير الناس قرني، خير أمتي القرن. . خير هذه الأمة القرن الذي بعثت أنا فيهم. بعثت في خير قرون بني آدم، أي الناس خير؟ قال أنا والذين معي. انظر: البخاري: 3/171 (كتاب الشهادات، باب لا يشهد على شهادة جور إذا شهد) 5 - 3، 3 (كتاب فضائل أصحاب النبي، باب فضائل أصحاب النبي ومن صحب النبي - صلى الله عليه وسلم - أو رآه. .) ، 8/91 (كتاب الرقاق، باب ما يحذر من زهرة الدنيا) ، 8/134 (كتاب الأيمان والنذور، باب إذا قال أشهد بالله. . .) ، 8/141 - 142 (كتاب الأيمان والنذور، باب إثم من لا يفي) ; مسلم 4/1962 - 1965 (كتاب فضائل الصحابة، باب فضل الصحابة ثم الذين يلونهم. . .) ; سنن النسائي (بشرح السيوطي) 7/17 (كتاب الأيمان والنذور، باب الوفاء بالنذر) ; سنن الترمذي (بتحقيق عبد الرحمن محمد عثمان) 3/339 - 340 (كتاب الفتن، باب ما جاء في القرن الثالث) ، 3/376 (كتاب الشهادات) ، 5/357 (كتاب المناقب، باب ما جاء في فضل من رأى النبي. .) ; سنن أبي داود 4/297 (كتاب السنة، باب في فضل أصحاب رسول الله. .) ; سنن ابن ماجه 2/791 (كتاب الأحكام، باب كراهية الشهادة لمن لم يستشهد) ; ترتيب مسند أبي داود الطيالسي، تحقيق الشيخ أحمد عبد الرحمن البنا (ط. المنيرية بالأزهر، 1353/1934 2/198 - 199 (كتاب الفضائل، باب ما جاء في فضل القرون الأولى) ; المسند (ط. المعارف) 5/209، 6/29، 86، 116، 12/90، 15/106، المسند (ط. الحلبي) 2/340، 373، 410، 416، 417، 479، 4/267، 276، 277، 278، 426، 427، 436، 440، 5/350، 357، 6
***************
قال تعالى: {محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما} [سورة الفتح: 29] (1) .
وقال تعالى: {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون} [سورة النور: 55] . فقد وعد الله الذين آمنوا [وعملوا الصالحات] (2) . بالاستخلاف، كما وعدهم في تلك الآية مغفرة وأجرا عظيما، والله لا يخلف الميعاد، فدل ذلك على أن الذين استخلفهم كما استخلف الذين من قبلهم ومكن لهم دين الإسلام، وهو الدين الذي ارتضاه لهم، كما قال تعالى: {ورضيت لكم الإسلام دينا}
(1) في (أ) ، (ب) كتب جزء من الآية إلى قوله تعالى: رحماء بينهم، وبعدها: إلى آخر السورة، والمثبت عن (ن)
(2) وعملوا الصالحات: ساقط من (ن)
*********************
[سورة المائدة: 3] ، وبدلهم من بعد خوفهم أمنا، لهم منه المغفرة (1) . والأجر العظيم.
وهذا يستدل به من وجهين: يستدل به (2) . على أن المستخلفين مؤمنون عملوا الصالحات (3) . ; لأن الوعد لهم لا لغيرهم، ويستدل به على أن هؤلاء مغفور لهم، ولهم مغفرة وأجر (4) . عظيم ; لأنهم آمنوا وعملوا الصالحات فتناولتهم الآيتان: آية النور وآية الفتح.
ومن المعلوم أن هذه النعوت منطبقة على الصحابة على زمن أبي بكر وعمر وعثمان، فإنه إذ ذاك حصل الاستخلاف، وتمكن الدين والأمن بعد الخوف، لما قهروا فارس والروم، وفتحوا الشام والعراق ومصر وخراسان وإفريقية، ولما قتل عثمان وحصلت الفتنة لم يفتحوا شيئا من بلاد الكفار، بل طمع فيهم الكفار بالشام وخراسان، وكان بعضهم يخاف بعضا.
وحينئذ فقد دل القرآن على إيمان أبي بكر وعمر وعثمان، ومن كان معهم في زمن الاستخلاف والتمكين والأمن. والذين كانوا في زمن الاستخلاف والتمكين والأمن، وأدركوا زمن الفتنة - كعلي وطلحة والزبير وأبي موسى [الأشعري] (5) . ومعاوية وعمرو بن العاص - دخلوا في الآية ; لأنهم استخلفوا ومكنوا وأمنوا.
(1) أ، ب: وبدلهم بعد خوفهم آمنا لهم المغفرة (في أ: لهم من المغفرة)
(2) يستدل به: ساقطة من (أ) ، (ب)
(3) ن، م: عملوا عملا صالحا
(4) أ، ب: ولهم أجر
(5) الأشعري: ليست في (ن)
**************************
وأما من (1) . حدث في زمن الفتنة، كالرافضة الذين حدثوا في الإسلام في زمن الفتنة والافتراق، وكالخوارج المارقين (2) . فهؤلاء لم يتناولهم النص، فلم يدخلوا فيمن وصف بالإيمان والعمل الصالح المذكورين في هذه الآية ; لأنهم: أولا: ليسوا من الصحابة المخاطبين بهذا، ولم يحصل لهم من الاستخلاف والتمكين والأمن بعد الخوف ما حصل للصحابة، بل لا يزالون خائفين مقلقلين (3) . غير ممكنين.
فإن قيل: لم قال: {وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم} [سورة الفتح: 29] ، ولم يقل: وعدهم كلهم؟ قيل: كما قال: {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات} [سورة النور: 55] ، ولم يقل: وعدكم (4) .
و " من " تكون لبيان الجنس، فلا يقتضي أن يكون قد بقي من المجرور بها شيء خارج عن ذلك الجنس، كما في قوله [تعالى] (5) .: {فاجتنبوا الرجس من الأوثان} [سورة الحج: 30] ، فإنه لا يقتضي أن يكون من الأوثان ما ليس برجس.
وإذا قلت: ثوب من حرير، فهو كقولك: ثوب حرير. وكذلك قولك: باب من حديد، كقولك: باب حديد، وذلك لا يقتضي أن يكون هناك حرير وحديد غير المضاف إليه، وإن كان الذي يتصوره كليا،
(1) ن: فأما من ; م: فأما ما
(2) ن، م: والمارقين
(3) ن، م: معتقلين
(4) ن، م، أ: ولم يقل: منهم، وهو تحريف
(5) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب)
***************
فإن الجنس الكلي هو ما لا يمنع تصوره من وقوع الشركة فيه، وإن لم يكن مشتركا فيه في الوجود، فإذا كانت " من " لبيان الجنس (* كان التقدير: {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا} من هذا الجنس، وإن كان الجنس كلهم مؤمنين *) (1) . مصلحين (2) .
وكذلك إذا قال: {وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات} من هذا الجنس والصنف {مغفرة وأجرا عظيما} لم يمنع ذلك أن يكون جميع هذا الجنس مؤمنين صالحين (3) .
ولما قال لأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم: {ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا نؤتها أجرها مرتين وأعتدنا لها رزقا كريما} [سورة الأحزاب: 31] (4) ، لم يمنع أن يكون كل منهن تقنت لله ورسوله وتعمل صالحا.
ولما قال تعالى: {وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم} [سورة الأنعام: 54] ، لم يمنع هذا (5) . أن يكون كل منهم متصفا بهذه الصفة، ويجوز أن يقال: إنهم لو عملوا سوءا بجهالة ثم تابوا من بعده وأصلحوا لم يغفر إلا لبعضهم.
(1) ما بين النجمتين ساقط من (م)
(2) ب (فقط) : صالحين
(3) م: مصلحين.
(4) عبارة " وأعتدنا لها رزقا كريما ": ليست في (ن) ، (م)
(5) هذا: ساقطة من (أ) ، (ب)
*******************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (86)
صـ 40 إلى صـ 46
ولهذا تدخل " من " هذه في النفي لتحقيق نفي الجنس، كما في قوله تعالى: {وما ألتناهم من عملهم من شيء} [سورة الطور: 21] ، وقوله: {وما من إله إلا الله} [سورة آل عمران: 62] ، وقوله (1) .: {فما منكم من أحد عنه حاجزين} [سورة الحاقة: 47] .ولهذا إذا دخلت في النفي تحقيقا أو تقديرا أفادت نفي الجنس قطعا، فالتحقيق ما ذكر، والتقدير: كقوله تعالى: {إله إلا الله} [سورة آل عمران: 62] ، [وقوله] (2) . {لا ريب فيه} [سورة البقرة: 2] ونحو ذلك، بخلاف ما إذا لم تكن " من " موجودة، كقولك: ما رأيت رجلا، فإنها ظاهرة لنفي الجنس، ولكن قد يجوز أن ينفى بها الواحد من الجنس، كما قال سيبويه: يجوز أن يقال: ما رأيت رجلا بل رجلين، فتبين (3) . أنه يجوز إرادة الواحد، وإن كان الظاهر نفي الجنس، بخلاف ما إذا دخلت " من " فإنها تنفي نفي الجنس قطعا (4) .
ولهذا لو قال لعبيده: من أعطاني منكم ألفا فهو حر، فأعطاه كل واحد ألفا، عتقوا كلهم، وكذلك لو قال لنسائه: من أبرأتني منكن من صداقها فهي طالق، فأبرأنه كلهن، طلقن كلهن. فإن المقصود بقوله: " منكم " بيان جنس المعطى والمبرئ لا إثبات هذا الحكم لبعض العبيد والأزواج.
فإن قيل: فهذا كما لا يمنع أن يكون كل المذكور متصفا بهذه الصفة
(1) وقوله: ساقطة من (أ) ، (ب)
(2) وقوله: ساقطة من (ن) ، (م)
(3) ن، م: فبين
(4) أ، ب: فإنه ينفي الجنس قطعا
*********************
فلا يوجب ذلك أيضا، [فليس] (1) . في قوله: {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات} ما يقتضي (2) . أن يكونوا كلهم كذلك.
قيل: نعم، ونحن لا ندعي أن مجرد هذا اللفظ دل على أن جميعهم موصوفون بالإيمان والعمل الصالح، ولكن مقصودنا أن " من " لا ينافي شمول هذا الوصف لهم، فلا يقول قائل: [إن] (3) . الخطاب دل على أن المدح شملهم وعمهم بقوله: {محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم} (4) . إلى آخر الكلام.
ولا ريب أن هذا مدح لهم بما ذكر من الصفات: وهو الشدة على الكفار والرحمة بينهم، والركوع والسجود يبتغون فضلا من الله ورضوانا، والسيما في وجوههم من أثر السجود، وأنهم يبتدئون من ضعف إلى كمال القوة والاعتدال كالزرع.
والوعد بالمغفرة والأجر العظيم ليس على مجرد هذه الصفات، بل على الإيمان والعمل الصالح، فذكر ما به يستحقون الوعد، وإن كانوا (5) . كلهم بهذه الصفة، ولولا ذكر ذلك لكان يظن أنهم بمجرد ما ذكر (* يستحقون المغفرة والأجر العظيم، ولم يكن فيه بيان سبب الجزاء، بخلاف ما إذا ذكر *) (6) . الإيمان
(1) فليس: ساقطة من (ن)
(2) ن، م: ما يوجب
(3) إن: زيادة في (أ) ، (ب)
(4) عبارة " أشداء على الكفار رحماء بينهم " في (ن) فقط
(5) ن، م: ولو كانوا
(6) ما بين النجمتين ساقط من (م)
*******************
والعمل الصالح، فإن الحكم إذا علق باسم مشتق مناسب، كان ما منه الاشتقاق سبب الحكم.
فإن قيل: فالمنافقون كانوا في الظاهر مسلمين، قيل: المنافقون لم يكونوا متصفين بهذه الصفات، ولم يكونوا مع الرسول والمؤمنين، ولم يكونوا منهم، كما قال تعالى: {فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين - ويقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين} [سورة المائدة: 52 - 53] (1) .
وقوله تعالى: {ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله ولئن جاء نصر من ربك ليقولن إنا كنا معكم أوليس الله بأعلم بما في صدور العالمين - وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين} [سورة العنكبوت: 10 - 11] .
وقال: {إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا - الذين يتربصون بكم فإن كان لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين فالله يحكم بينكم يوم القيامة} [سورة النساء: 140 - 141] . إلى قوله: {إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا - إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما} [سورة النساء: 145 - 146] .
(1) عبارة " فأصبحوا خاسرين " في الآية الكريمة: زيادة في (أ) ، (ب) .
***********************
وقال تعالى: {ويحلفون بالله إنهم لمنكم وما هم منكم ولكنهم قوم يفرقون} [سورة التوبة: 56] .
وقال تعالى: {ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم ما هم منكم ولا منهم ويحلفون على الكذب وهم يعلمون} [سورة المجادلة: 14] (1) ، فأخبر أن المنافقين ليسوا من المؤمنين ولا من أهل الكتاب: وهؤلاء لا يوجدون في طائفة من المتظاهرين بالإسلام أكثر منهم في الرافضة ومن انضوى (2) . إليهم.
وقد قال تعالى (3) .: {يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير} [سورة التحريم: 8] .
وقال تعالى: {يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا} [سورة الحديد: 13] ، فدل هذا على أن المنافقين لم يكونوا داخلين في الذين آمنوا معه، والذين كانوا منافقين، منهم من تاب عن نفاقه وانتهى عنه، (4) . الغالب، بدليل قوله تعالى: {لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا ملعونين - أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا} [سورة الأحزاب:
(1) ن، م:. . ولا منهم. . . الآية
(2) أ، ب: انطوى
(3) ن، م: وقال تعالى
(4) وهم ن، م: ومنهم، وهو خطأ
********************
60 - 61] ، فلما لم يغره الله بهم ولم يقتلهم تقتيلا، بل كانوا يجاورونه بالمدينة، دل ذلك على أنهم انتهوا.
والذين كانوا معه بالحديبية كلهم بايعه (1) . تحت الشجرة إلا الجد بن قيس (2) ، فإنه اختبأ تحت (3) . جمل أحمر.
وكذا جاء في الحديث: " «كلهم يدخل الجنة إلا صاحب الجمل الأحمر» " (4) .
(1) أ، ب: بايعوه
(2) في المسند (ط. الحلبي) 3/396: " عن أبي الزبير عن جابر قال: كان العباس آخذا بيد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوافقنا، فلما فرغنا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: أخذت وأعطيت. قال فسألت جابرا يومئذ: كيف بايعتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلى الموت؟ قال: لا، ولكن بايعناه على أن لا نفر. قلت له: أفرأيت يوم الشجرة؟ قال: كنت آخذا بيد عمر بن الخطاب حتى بايعناه. قلت: كم كنتم؟ قال: كنا أربع عشر مائة فبايعناه كلنا إلا الجد بن قيس اختبأ تحت بطن بعير، ونحرنا يومئذ سبعين من البدن لكل سبعة جزور ". وانظر خبر اختباء الجد بن قيس وعدم بيعته في: طبقات ابن سعد 2/100 ; سيرة ابن هشام 3/330 ; تاريخ الطبري (ط. المعارف) 2/632 ; تفسير الطبري 26/54 - 55. وقد ترجم ابن حجر في الإصابة (1/230) للجد بن قيس وسماه: جد بن قيس بن صخر بن خنساء بن سنان بن عبيد بن غنم بن كعب بن سلمة الأنصاري أبو عبد الله، وقال إنه كان سيد بني سلمة، وذكر أنه كان خال جابر، وأنه حمله وهو صغير في بيعة العقبة. وقال ابن حجر: إن إسناد هذا الحديث قوي، ثم قال: " وقال عبد الرزاق عن قتادة في قوله تعالى: (خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا) نزلت في نفر ممن تخلف عن تبوك منهم أبو لبابة والجد بن قيس لم يتب عليهم " وقال: إنه تاب وحسنت توبته ومات في خلافة عثمان
(3) أ، ب: خلف
(4) لم أجد الحديث بهذا اللفظ، ولكن جاءت ألفاظ بمعناها ضمن حديث طويل، رواه مسلم عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - ونصه في مسلم 4/2144 - 2145 (كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، الباب الأول) : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: " من يصعد الثنية ثنية المرار، فإنه يحط عنه ما حط عن بني إسرائيل. قال فكان أول من صعدها خيلنا، خيل بني الخزرج، ثم تتام الناس. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: " وكلكم مغفور له، إلا صاحب الجمل الأحمر " فأتيناه فقلنا له: تعال يستغفر لك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: والله لأن أجد ضالتي أحب إلي من أن يستغفر لي صاحبكم. قال: وكان رجل ينشد ضالة له ". قال النووي في شرحه 17/126 - 127: " من يصعد الثنية ثنية المرار: هكذا هو في الرواية الأولى: المرار، بضم الميم وتخفيف الراء، وفي الثانية: المرار أو المرار بضم الميم أو فتحها على الشك، وفي بعض النسخ بضمها أو كسرها، والله أعلم. والمرار شجر مر. وأصل الثنية الطريق بين جبلين، وهذه الثنية عند الحديبية. . قال القاضي: قيل: هذا الرجل هو الجد بن قيس المنافق ". وانظر " الاستقامة " لابن تيمية 2/265، 287 - 288
***********************
[وبالجملة] (1) .
فلا ريب أن المنافقين كانوا مغمورين أذلاء مقهورين (2) ، لا سيما في آخر أيام النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي غزوة تبوك ; لأن الله تعالى قال:
{يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون} [سورة المنافقين: 8] ، فأخبر أن العزة للمؤمنين لا للمنافقين، فعلم أن العزة والقوة كانت في المؤمنين، وأن المنافقين كانوا أذلاء بينهم.فيمتنع أن يكون الصحابة الذين كانوا أعز المسلمين من المنافقين، بل ذلك يقتضي أن من كان أعز كان أعظم إيمانا، ومن المعلوم (3) . أن(1) وبالجملة: ساقطة من (ن)
(2) أ، ب: مغمورين مقهورين أذلاء. وفي (ن) : مغمورين ذلا مقهورين. والمثبت من (م)
(3) ن، م: ومعلوم
*****************
السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار - الخلفاء الراشدين (1) . وغيرهم - كانوا أعز الناس، وهذا كله مما يبين أن المنافقين كانوا ذليلين في المؤمنين، فلا يجوز أن يكون الأعزاء من الصحابة منهم، ولكن هذا الوصف مطابق للمتصفين به من الرافضة وغيرهم.والنفاق والزندقة في الرافضة أكثر منه في سائر الطوائف، بل لا بد لكل منهم من شعبة نفاق، فإن أساس النفاق الذي بني عليه الكذب، وأن يقول الرجل بلسانه ما ليس في قلبه، كما أخبر الله تعالى عن المنافقين أنهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم.
والرافضة تجعل هذا من أصول دينها وتسميه التقية، وتحكي هذا عن أئمة أهل البيت الذين برأهم الله عن ذلك، حتى يحكوا (2) . عن جعفر الصادق أنه قال: التقية ديني ودين آبائي (3) .
وقد نزه الله المؤمنين من أهل البيت وغيرهم عن ذلك، بل كانوا من أعظم الناس صدقا وتحقيقا للإيمان، وكان دينهم التقوى لا التقية (4) .
وقول الله تعالى: {لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة}
(1) ن، م: والخلفاء الراشدين
(2) أ، ب: حتى يحكوا ذلك ; ن: حتى يحكى
(3) في كتاب " الأصول من الكافي " لأبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكلبي 2/219، الطبعة الثانية، ط. طهران، 1381 عن معمر بن خلاد قال: سألت أبا الحسن - عليه السلام - عن القيام للولاة، فقال: أبو جعفر - عليه السلام: التقية من ديني ودين آبائي، ولا إيمان لمن لا تقية له
(4) ن، م: التقوى والتقية، وهو تحريف
**********************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (87)
صـ 47 إلى صـ 53
[سورة آل عمران: 28] إنما هو الأمر بالاتقاء من الكفار (1) . لا الأمر (2) . بالنفاق والكذب.والله تعالى قد أباح لمن أكره على كلمة الكفر أن يتكلم بها إذا كان قلبه مطمئنا بالإيمان، لكن لم يكره أحد من أهل البيت على شيء [من ذلك] (3) ، حتى أن أبا بكر [رضي الله عنه] رضي الله عنه: (4) . لم يكره أحدا لا منهم ولا من غيرهم على مبايعته (5) ، فضلا أن يكرههم على مدحه والثناء عليه، بل كان علي وغيره من أهل البيت يظهرون ذكر (6) . فضائل الصحابة والثناء عليهم والترحم عليهم والدعاء لهم، ولم يكن أحد يكرههم على شيء منه باتفاق الناس.
وقد كان في زمن بني أمية وبني العباس خلق عظيم (7) . دون علي وغيره (8) . في الإيمان والتقوى يكرهون منهم أشياء ولا يمدحونهم ولا يثنون عليهم ولا يقربونهم، ومع هذا لم يكن هؤلاء يخافونهم ولم يكن أولئك يكرهونهم، مع أن الخلفاء [الراشدين] (9) . كانوا باتفاق الخلق
(1) يقول الطبري في تفسيره (ط. المعارف) 6/316: " فالتقية التي ذكرها الله في هذه الآية إنما هي تقية من الكفار لا من غيرهم "
(2) ن، م: أمر
(3) من ذلك: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) زيادة في (أ) ، (ب)
(5) أ، ب: متابعته
(6) ن، م: من ذكر
(7) م: خلق كثير عظيم
(8) ن، م: وغيرهم
(9) الراشدين: ساقطة من (ن) ، (م)
*********************
أبعد عن قهر الناس وعقوبتهم على طاعتهم من هؤلاء، فإذا لم يكن الناس مع هؤلاء مكرهين على أن يقولوا بألسنتهم خلاف ما في قلوبهم (1) ، فكيف يكونون مكرهين مع الخلفاء على ذلك ; بل على الكذب وشهادة الزور وإظهار الكفر - كما تقوله الرافضة - من غير أن يكرههم أحد على ذلك؟ .
فعلم أن ما تتظاهر به الرافضة، هو من باب الكذب والنفاق، وأن يقولوا بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، لا من باب ما يكره المؤمن عليه من التكلم بالكفر.
وهؤلاء أسرى المسلمين في بلاد الكفار غالبهم يظهرون دينهم، والخوارج مع تظاهرهم بتكفير الجمهور وتكفير عثمان وعلي ومن والاهما يتظاهرون بدينهم، وإذا سكنوا بين الجماعة سكنوا على الموافقة والمخالفة (2) . والذي يسكن في مدائن الرافضة فلا يظهر الرفض، وغايته إذا ضعف أن يسكت عن ذكر مذهبه، لا يحتاج أن يتظاهر بسبب الخلفاء والصحابة إلا أن يكونوا قليلا.
فكيف يظن بعلي [رضي الله عنه] (3) . وغيره من أهل البيت أنهم كانوا أضعف دينا وقلوبا (4) . من الأسرى في بلاد الكفر، ومن عوام [أهل] (5) .
(1) أ: خلاف ما ليس في قلوبهم ; م: بألسنتهم ما ليس في قلوبهم
(2) ن: وإذا سكتوا بين الجماعة سكتوا عن الموافقة والمخالفة ; م: وإذا سكتوا بين الجماعة سكنوا عن الموافقة ; أ: وإذا سكنوا بين الجماعة سكتوا عن الموافقة.
(3) رضي الله عنه: زيادة في (أ) ، (ب)
(4) وقلوبا: ساقطة من (أ) ، (ب)
(5) أهل: ساقطة من (ن) ، (م) ، (أ)
*********************
السنة، ومن النواصب (1) ".؟ مع أنا قد علمنا بالتواتر أن أحدا لم يكره عليا ولا أولاده (2) . على ذكر فضائل الخلفاء والترحم عليهم، بل كانوا يقولون ذلك من غير إكراه ; ويقوله أحدهم لخاصته، كما ثبت ذلك بالنقل المتواتر (3) .
(4 وأيضا فقد يقال في قوله تعالى 4) (4) .: {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات} [سورة النور: 55] إن ذلك وصف للجملة بوصف يتضمن حالهم (5) . عند الاجتماع كقوله تعالى: {ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار} [سورة الفتح: 29] ، والمغفرة والأجر في الآخرة يحصل لكل واحد واحد، فلا بد أن يتصف بسبب ذلك وهو الإيمان والعمل الصالح، إذ قد يكون في الجملة منافق.
وفي الجملة كل (6) . ما في القرآن من خطاب المؤمنين والمتقين (7) .
(1) سبق الكلام عن النواصب 1 وفي " تاج العروس " مادة " نصب ": " النواصب والناصبة وأهل النصب وهم المتدينون ببغضة سيدنا أمير المؤمنين ويعسوب المسلمين أبي الحسن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه وكرم وجهه - لأنهم نصبوا له أي عادوه وأظهروا له الخلاف وهم طائفة الخوارج
(2) ن، م: عليا وأولاده
(3) ن، م: كما ثبت ذلك بالتواتر
(4) (4 - 4) بدلا من هذه العبارة في (ن) ، (م) يوجد بياض بمقدار كلمتين وبعده عبارة: فقد بين تعالى في قوله. . . إلخ
(5) أ، ب: إن ذلك وصف الجملة بصفة تتضمن حالهم
(6) ن، م: وبالجملة فكل
(7) ن: والمنافقين، وهو خطأ
*********************
والمحسنين ومدحهم والثناء عليهم، فهم أول من دخل في ذلك من هذه الأمة (1) ، وأفضل من دخل في ذلك من هذه الأمة ; كما استفاض عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير وجه أنه قال: خير القرون القرن الذي بعثت فيهم (2) . ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم (3) .
[الوجه الثاني كذب ابن المطهر وتحريفه فيما نقله عن حال الصحابة بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم]
الوجه الثاني: في بيان كذبه وتحريفه فيما نقله عن حال الصحابة بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم - (4) .
قوله: " فبعضهم (5) . طلب الأمر لنفسه بغير حق، وبايعه أكثر الناس طلبا للدنيا ".
وهذا إشارة إلى أبي بكر فإنه هو الذي بايعه أكثر الناس، ومن المعلوم أن أبا بكر لم يطلب الأمر لنفسه لا بحق ولا بغير حق، بل قال: قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين: إما عمر بن الخطاب وإما أبا عبيدة. قال عمر: فوالله لأن أقدم فتضرب عنقي، لا يقربني ذلك إلى إثم أحب إلي [من] (6) . أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر. وهذا اللفظ في الصحيحين (7) \ 247.
(1) ن: في هذه الآية، وهو خطأ
(2) ب: جئت فيهم
(3) سبق الكلام على هذا الحديث من قبل (ص [0 - 9] 5 ت [0 - 9] ) من هذا الجزء
(4) انظر أول الكلام على الوجه الأول فيما سبق ص 17
(5) ن: قولهم بعضهم، وهو تحريف
(6) من: ساقطة من (ن) ، (م)
(7) هذا جزء من حديث السقيفة وسبقت الإشارة إليه والكلام على بعض المواضع التي ورد فيها. انظر هذا الكتاب 1/516 أما هذه الألفاظ فقد وردت في البخاري 8/70 (كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة، باب رجم الحبلى من الزنا) ; سيرة ابن هشام 4/310، المسند (ط. المعارف) 1/326 (رقم 391) ; تاريخ الطبري (ط. المعارف) 3 ; البداية والنهاية 5
***********************
[وقد روي] (1) . عنه أيضا (2) . أنه قال: أقيلوني أقيلوني (3) ، فالمسلمون اختاروه وبايعوه لعلمهم بأنه خيرهم، كما قال له عمر يوم السقيفة بمحضر المهاجرين والأنصار: أنت سيدنا وخيرنا وأحبنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم، ولم ينكر ذلك أحد، وهذا أيضا في الصحيحين (4) . . والمسلمون اختاروه كما قال [النبي] (5) . - صلى الله عليه وسلم - في [الحديث] (6) الصحيح لعائشة: " «ادعي لي أباك وأخاك حتى أكتب لأبي بكر كتابا لا يختلف عليه الناس من بعدي ". ثم قال: " يأبى الله»
(1) وقد روي: ساقطة من (ن) ، (م)
(2) أيضا: ساقطة من (أ) ، (ب)
(3) في " الرياض النضرة في مناقب العشرة " للمحب الطبري (ط. الخانجي، 1327) فصل بعنوان: ذكر استقالة أبي بكر من البيعة (ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 75 - 176) فيه أخبار كثيرة بهذا المعنى وإن لم ترد هذه الألفاظ بعينها
(4) البخاري 5/7. وسبق ذكر المواضع التي وردت فيها هذه العبارات في هذا الكتاب 1/518 (ت [0 - 9] ) . وكنت قد بحثت عن حديث السقيفة في صحيح مسلم، فلم أجد فيه إلا قطعة صغيرة من خطبة عمر، ثم تبين لي أخيرا أن ابن تيمية كان مخطئا في نصه على أن هذه الألفاظ وغيرها من حديث السقيفة في الصحيحين، فقد ذكر الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - في تعليقه على نسبة صاحب كتاب " شرح الطحاوية " حديث السقيفة إلى الصحيحين ما يلي (ص [0 - 9] 08) : " وقد أوهم الشارح أيضا في نسبته للصحيحين فإنه من أفراد البخاري كما نص عليه الحافظ 7/123 "، وانظر فتح الباري
(5) النبي: زيادة في (أ) ، (ب)
(6) الحديث: زيادة في (أ) ، (ب) .
***************************
والمؤمنون (* إلا أبا بكر (1) ، فأبى الله وعباده المؤمنون *) (2) . أن يتولى (3) . غير أبي بكر، فالله هو ولاه قدرا وشرعا، وأمر المؤمنين بولايته، وهداهم إلى أن ولوه من غير أن يكون طلب ذلك لنفسه ".
[الوجه الثالث في بيان زهد أبي بكر وزهد من بايعه]
الوجه الثالث: أن يقال: فهب أنه طلبها وبايعه أكثر الناس، فقولكم: إن ذلك طلب للدنيا كذب ظاهر، فإن أبا بكر - رضي الله عنه - (4) . لم يعطهم دنيا، وكان قد أنفق ماله في حياة النبي، صلى الله عليه وسلم، «ولما رغب النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصدقة جاء بماله كله، فقال له: ما تركت لأهلك؟ قال: تركت لهم الله ورسوله» (5) .
(1) سبق ورود الحديث في الجزء الأول من هذه الطبعة في ثلاثة مواضع (ص [0 - 9] 92، 496، 511) وذكرت من قبل 1/492 (ت [0 - 9] ) أن الحديث في: البخاري 9/80 - 81 ; مسلم 4/1857 (كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل الصحابة، باب فضائل أبي بكر. .) ; مسند أحمد (ط. الحلبي) 6/47، 106، 124 (مع اختلاف في اللفظ) .
(2) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب)
(3) ن، م: يولوا
(4) رضي الله عنه: ليس في (أ) ، (ب)
(5) ذكر البخاري 2/112 (كتاب التهجد، باب لا صدقة إلا عن ظهر غنى) أن أبا بكر تصدق بماله كله. وأورد أبو داود (2/173 - 174) (كتاب الزكاة، باب في الرخصة في ذلك) حديث تصدقه عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: سمعت عمر بن الخطاب - رضي الله - عنه يقول: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما أن نتصدق، فوافق ذلك مالا عندي فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما، فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: ما أبقيت لأهلك؟ قلت: مثله. قال: وأتى أبو بكر - رضي الله عنه - بكل ما عنده، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم: ما أبقيت لأهلك؟ قال: أبقيت لهم الله ورسوله. قلت: لا أسابقك إلى شيء أبدا. والحديث في صحيح الترمذي 5/277 (كتاب المناقب، باب منه) وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. والحديث في: سنن الدارمي 1/391 - 392 (كتاب الزكاة، باب الرجل يتصدق بجميع ما عنده.)
*********************
والذين بايعوه هم أزهد (1) . الناس في الدنيا، وهو الذين أثنى الله عليهم ; وقد علم الخاص والعام زهد عمر وأبي عبيدة وأمثالهما، وإنفاق الأنصار أموالهم: كأسيد (2) . بن حضير وأبي طلحة [وأبي أيوب] وأمثالهم (3) ، ولم يكن عند موت النبي - صلى الله عليه وسلم - لهم بيت مال يعطيهم ما فيه، ولا كان هناك ديوان للعطاء يفرض لهم فيه، فالأنصار (4) . كانوا في أملاكهم وكذلك المهاجرون (5) .: من كان له شيء من مغنم أو غيره فقد كان له.
وكانت سيرة أبي بكر في قسم الأموال (6) . التسوية، وكذلك سيرة علي [رضي الله عنه] (7) ، فلو بايعو عليا أعطاهم ما أعطاهم أبو بكر، مع كون قبيلته أشرف القبائل، وكون بني عبد مناف - وهم (8) . أشرف قريش الذين هم أقرب العرب - من بني أمية [وغيرهم] (9) . إذ ذاك، كأبي سفيان بن حرب [وغيره] (10) ، وبني هاشم - كالعباس وغيره - كانوا معه.
(1) ن، م: والذين بايعوه فأزهد. . . إلخ
(2) ن، م: كأسد، وهو خطأ
(3) ن، م:. . . . وأبي طلحة وأمثالهما
(4) أ، ب: والأنصار
(5) ن، م: المهاجرين
(6) ن، م: المال
(7) رضي الله عنه: زيادة في (أ) ، (ب)
(8) ن: هم. وسقطت من (م)
(9) وغيرهم: ساقطة من (ن) ، (م)
(10) وغيره: ساقطة من (ن) ، (م) .
*********************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (88)
صـ 54 إلى صـ 60
وقد (1) . أراد أبو سفيان (2) . أن تكون الإمارة (3) . في بني عبد مناف - على عادة الجاهلية - فلم يجبه إلى ذلك علي ولا عثمان ولا غيرهما لعلمهم ودينهم (4) .فأي رياسة وأي مال كان لجمهور المسلمين بمبايعة أبي بكر؟ لا سيما وهو يسوي بين السابقين الأولين وبين آحاد المسلمين في العطاء، ويقول: إنما أسلموا لله، وأجورهم (5) . على الله، وإنما هذا المتاع بلاغ. وقال لعمر لما أشار عليه بالتفضيل في العطاء: أفأشتري منهم إيمانهم؟ فالسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار الذين بايعوه (6) . أولا، كعمر وأبي عبيدة وأسيد بن حضير وغيرهم، سوى بينهم وبين الطلقاء الذين أسلموا عام الفتح، بل وبين من أسلم (7) . بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فهل حصل لهؤلاء من الدنيا بولايته شيء؟
(1) أ، ب: فقد
(2) أ، ب: أبو سفيان وغيره
(3) م: الإمامة
(4) ن، م: لعلمه ودينه ; أ، ب: لعلمهم أو دينهم. ورجحت أن يكون الصواب ما أثبته. وقد لخص الذهبي في المنتقى من منهاج الاعتدال، ص [0 - 9] 9، هذه العبارات كما يلي: " ثم كانت سيرته ومذهبه التسوية في الفيء، وكذلك سيرة علي، فلو بايعوا عليا أعطاهم كعطاء أبي بكر، مع كون قبيلته أشرف من بني تميم، وله عشيرة وبنو عم هم أشرف الصحابة من حيث النسب كالعباس وأبي سفيان والزبير وعثمان - ابني عمه - وأمثالهم. وقد كلم أبو سفيان عليا في ذلك ومت بشرفه، فلم يجبه علي لعلمه ودينه ".
(5) م: وأجرهم
(6) أ، ب: اتبعوهم ; م: بايعوا
(7) أ، ب: وبين من أسلم ; ن، م: بل ومن أسلم، ولعل الصواب ما أثبته
***********************
[الوجه الرابع أن يقال أهل السنة مع الرافضة كالمسلمين مع النصارى]
، فإن المسلمين يؤمنون بأن المسيح عبد الله ورسوله، ولا يغلون فيه غلو النصارى، ولا يجفون جفاء اليهود. والنصارى تدعي فيه الإلهية، وتريد أن تفضله على محمد وإبراهيم وموسى، بل تفضل الحواريين على هؤلاء الرسل، كما تريد الروافض أن تفضل من قاتل مع علي كمحمد بن أبي بكر والأشتر النخعي، على أبي بكر وعمر وعثمان وجمهور الصحابة من (1) المهاجرين والأنصار، فالمسلم إذا ناظر النصراني لا يمكنه أن يقول في عيسى إلا الحق، لكن إذا أردت أن تعرف جهل النصراني (2) وأنه لا حجة له، فقدر المناظرة بينه وبين اليهودي (3) ; فإن النصراني لا يمكنه أن يجيب عن شبهة اليهودي إلا بما يجيب به المسلم ; فإن لم يدخل في دين الإسلام وإلا كان منقطعا مع اليهودي، فإنه إذا أمر (4) بالإيمان بمحمد - صلى الله عليه وسلم، فإن قدح في نبوته بشيء من الأشياء، لم يمكنه أن يقول شيئا إلا قال له اليهودي (5) في المسيح ما هو أعظم من ذلك، فإن البينات لمحمد أعظم من البينات للمسيح، وبعد أمر محمد (6) عن الشبهة أعظم من بعد المسيح عن
(1) عبارة " الصحابة من ": ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) ن، م: النصارى.
(3) أ، ب: اليهود.
(4) ن: أمن، وهو تحريف.
(5) أ: إلا قاله اليهودي ; ب: إلا قال اليهودي.
(6) أب: وبعد أمره.
**********************
الشبهة (1) ، فإن جاز القدح فيما دليله أعظم وشبهته أبعد عن الحق، فالقدح فيما دونه أولى، وإن كان القدح في المسيح باطلا، فالقدح في محمد أولى بالبطلان، فإنه إذا بطلت الشبهة القوية، فالضعيفة أولى بالبطلان، وإذا ثبتت الحجة التي غيرها أقوى منها فالقوية أولى بالثبات.
(2 ولهذا كان مناظرة كثيرة من المسلمين للنصارى من هذا الباب، كالحكاية المعروفة عن القاضي أبي بكر بن الطيب 2) (2) لما أرسله المسلمون إلى ملك النصارى بالقسطنطينية، فإنهم عظموه وعرف النصارى (3) قدره، فخافوا أن لا يسجد للملك إذا دخل، فأدخلوه من باب صغير ليدخل منحنيا، ففطن لمكرهم، فدخل مستدبرا (4) متلقيا لهم بعجزه، ففعل نقيض ما قصدوه، ولما جلس وكلموه أراد بعضهم القدح في المسلمين، فقال له: ما قيل في عائشة امرأة نبيكم؟ يريد إظهار قول الإفك الذي يقوله [من يقوله من] الرافضة أيضا (5) ، فقال القاضي: ثنتان قدح فيهما ورميتا بالزنا (6) إفكا وكذبا: مريم وعائشة، فأما مريم فجاءت بالولد تحمله من غير زوج، وأما عائشة فلم تأت بولد مع أنه (7) كان لها زوج، فأبهت النصارى.
(1) ن: عن السنة ; م: عن السبة، وهو تحريف.
(2) (2 - 2) : بدلا من هذه العبارة في (ن) ، (م) : ومن هذا الباب ما حكي عن القاضي أبي بكر بن الطيب. وفي هامش (م) أمام هذا الموضع كتب: " قف على قصة عجيبة ".
(3) ن، م: وعرفوا النصارى، وهو تحريف.
(4) ن: مستديرا، وهو تحريف.
(5)) ن، م: الذي تقوله الرافضة أيضا.
(6) 23) ن، م: رميتا بالزنا وقدح فيهما.
(7) 25) ن، م: مع أنها.
*********************
وكان مضمون كلامه أن ظهور براءة عائشة أعظم من ظهور براءة مريم، وأن الشبهة إلى مريم أقرب منها إلى عائشة، فإذا كان مع هذا قد ثبت كذب القادحين في مريم، فثبوت كذب القادحين في عائشة أولى (1) .
ومثل هذه المناظرة أن يقع التفضيل بين طائفتين، ومحاسن إحداهما أكثر وأعظم (2) ، ومساويها (3) أقل وأصغر، فإذا ذكر ما فيها من ذلك عورض بأن مساوئ تلك أعظم ; كقوله تعالى: {يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير} [ثم قال] (4) {وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل} [سورة البقرة: 217] (5) ، فإن الكفار عيروا سرية من سرايا المسلمين بأنهم قتلوا ابن الحضرمي في الشهر الحرام، فقال تعالى: هذا كبير وما عليه المشركون من الكفر بالله والصد عن سبيله وعن المسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله، فإن هذا صد عما لا تحصل النجاة
(1) قصة الباقلاني مع ملك الروم ومناقشته مع النصارى مذكورة في " تبيين كذب المفتري " لابن عساكر، ص 218 - 219 ; تاريخ بغداد 5/379 - 380، وانظر ترجمته المنقولة عن كتاب " ترتيب المدارك " للقاضي عياض، في آخر نشرة الدكتور محمد عبد الهادي أبي ريدة، والأستاذ محمود الخضيري لكتاب التمهيد، ص 250 - 256، ط. لجنة التأليف، القاهرة، 1366/1947. وسبقت ترجمة الباقلاني 1/394.
(2) ن، م: أعظم وأكثر.
(3) أ: ومساويهما.
(4) ثم قال: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) عبارة " والفتنة أكبر من القتل ": ليست في (ن) ، (م) .
***************************
والسعادة إلا به، وفيه من انتهاك المسجد الحرام ما هو أعظم من انتهاك الشهر الحرام.
لكن هذا النوع (1) قد اشتملت كل من الطائفتين فيه (2) على ما يذم، وأما النوع الأول فيكون كل من الطائفتين لا يستحق الذم، بل هناك شبه (3) في الموضعين وأدلة في الموضعين (4) ، وأدلة أحد الصنفين أقوى وأظهر، وشبهته (5) أضعف وأخفى، فيكون أولى بثبوت الحق ممن تكون أدلته أضعف وشبهته أقوى.
وهذا حال النصارى واليهود مع المسلمين، وهو حال أهل البدع مع أهل السنة [لا سيما الرافضة] (6) .
وهكذا أمر [أهل] (7) السنة مع الرافضة في أبي بكر وعلي، فإن الرافضي لا يمكنه أن يثبت إيمان علي وعدالته وأنه من أهل الجنة - فضلا عن إمامته - إن (8) لم يثبت ذلك لأبي بكر وعمر وعثمان، وإلا فمتى أراد إثبات ذلك لعلي وحده لم تساعده الأدلة، كما أن النصراني إذا أراد إثبات نبوة المسيح دون محمد لم تساعده الأدلة، فإذا
(1) ب (فقط) : لكن في هذا النوع.
(2) فيه: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) ن، م: شبهة.
(4) ن، م: للموضعين
(5) ن، م، أ: وشبهتهم.
(6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(7) أهل: زيادة في (ب) فقط.
(8) ن، م: إذ.
*******************
قالت (1) له الخوارج الذين يكفرون عليا أو النواصب الذين يفسقونه: إنه كان ظالما طالبا للدنيا، وإنه طلب الخلافة لنفسه وقاتل عليها بالسيف، وقتل على ذلك ألوفا من المسلمين حتى عجز عن انفراده بالأمر، وتفرق عليه أصحابه وظهروا عليه فقاتلوه، فهذا (2) الكلام إن كان فاسدا ففساد كلام الرافضي في أبي بكر وعمر أعظم (3) ، وإن كان ما قاله في أبي بكر وعمر متوجها مقبولا فهذا أولى بالتوجه والقبول ; لأنه من المعلوم للخاصة والعامة أن من ولاه الناس باختيارهم ورضاهم من غير أن يضرب أحدا لا بسيف ولا عصا، ولا أعطى أحدا ممن ولاه مالا (4) ، واجتمعوا عليه فلم يول أحدا من أقاربه وعترته، ولا خلف لورثته مالا من مال المسلمين وكان له مال [قد] أنفقه (5) في سبيل الله فلم يأخذ بدله، وأوصى أن يرد إلى بيت مالهم ما كان عنده لهم، وهو جرد قطيفة وبكر وأمة سوداء (6) ونحو ذلك، حتى قال عبد الرحمن بن عوف لعمر: أتسلب هذا آل أبي بكر؟ قال: كلا والله، لا يتحنث فيها (7) أبو بكر وأتحملها أنا. وقال: يرحمك الله يا أبا بكر لقد أتعبت الأمراء بعدك (8) .
(1) ن، م: قال.
(2) ن، م: فقاتله وهذا، وهو خطأ.
(3) ن، م، أ: أعظم فسادا.
(4) ن، م: ولا أعطاه مالا.
(5) ن، م: ولو كان له مال أنفقه.
(6) ن، م: وأمة سوداء وبكر.
(7) ن: يتحنث عنها ; ك: يتحنث منها.
(8) هذا الخبر مروي في طبقات ابن سعد 3/196 - 197. وجرد قطيفة أي: قطيفة انجرد خملها وخلقت (اللسان مادة جرد) .
***********************
ثم مع هذا لم يقتل مسلما على ولايته، ولا قاتل مسلما بمسلم، بل قاتل بهم المرتدين [عن دينهم] (1) والكفار، حتى شرع بهم في فتح الأمصار، واستخلف القوي الأمين العبقري، الذي فتح الأمصار ونصب الديوان وعمر (2) بالعدل والإحسان.
فإن جاز للرافضي أن يقول: إن هذا كان طالبا (3) للمال (4) والرياسة، أمكن الناصبي أن يقول: كان علي ظالما طالبا للمال والرياسة، قاتل على الولاية حتى قتل المسلمين بعضهم بعضا، ولم يقاتل كافرا، ولم يحصل للمسلمين في مدة ولايته إلا شر وفتنة في دينهم ودنياهم.
فإن جاز أن يقال: علي كان مريدا لوجه الله، والتقصير من غيره من الصحابة، أو يقال: كان مجتهدا مصيبا وغيره مخطئا مع هذه (5) الحال، فأن (6) يقال: كان أبو بكر وعمر مريدين وجه الله مصيبين، والرافضة مقصرون في معرفة حقهم مخطئون في ذمهم بطريق الأولى [والأحرى] (7) ، فإن أبا بكر وعمر كان بعدهما عن شبهة طلب الرياسة والمال أشد من بعد علي عن ذلك، وشبهة الخوارج الذين ذموا عليا وعثمان وكفروهما أقرب من شبهة الرافضة الذين ذموا أبا بكر وعمر
(1) عن دينهم: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) أ، ب: وعم.
(3) ن، م: كان هذا طالبا.
(4) ن (فقط) : للكمال.
(5) هذه: ساقطة من (أ) .
(6) ن، م: فإنه.
(7) والأحرى: زيادة في (ب) ، (م) . وفي (أ) : والأخرى.
**************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (89)
صـ 61 إلى صـ 67
وعثمان وكفروهم (1) ، فكيف بحال الصحابة [والتابعين] (2) الذين تخلفوا عن بيعته أو قاتلوه؟ فشبهتهم أقوى من شبهة من قدح في أبي بكر وعمر وعثمان، فإن أولئك قالوا: ما يمكننا أن نبايع إلا من يعدل علينا (3) ويمنعنا ممن يظلمنا ويأخذ حقنا ممن ظلمنا، فإذا لم يفعل هذا كان عاجزا أو ظالما وليس علينا أن نبايع عاجزا أو ظالما (4) .وهذا الكلام إذا كان باطلا، فبطلان قول من يقول: إن أبا بكر وعمر كانا ظالمين طالبين للمال والرياسة (5) أبطل وأبطل. وهذا الأمر لا يستريب فيه من له بصر ومعرفة، وأين (6) شبهة مثل أبي موسى الأشعري (* الذي وافق عمرا (7) على عزل علي ومعاوية، وأن يجعل الأمر شورى في المسلمين *) (8) من شبهة عبد الله بن سبأ (9) وأمثاله الذين يدعون أنه إمام معصوم، أو أنه إله أو نبي (10) ؟ بل أين شبهة الذين رأوا أن يولوا معاوية من شبهة الذين يدعون أنه إله أو نبي؟ فإن هؤلاء كفار باتفاق المسلمين بخلاف أولئك.
(1) ب: ذموا أبا بكر وعمر وكفروهما.
(2) والتابعين: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) ن: نعدل عليا، وهو تحريف.
(4) ن، م: عاجزا ولا ظالما.
(5) أ، ب: للرياسة والمال.
(6) ن: وأنى.
(7) ن: عمر، وهو خطأ.
(8) : ما بين النجمتين ساقط من (م) .
(9) ن، م: عبد الله بن سنا، وهو تحريف.
(10) سبقت الإشارة من قبل إلى عبد الله بن سبأ ومقالته. انظر هذا الكتاب 1/23 - 24، 308.
**********************
ومما يبين هذا أن الرافضة تعجز عن إثبات إيمان علي وعدالته [مع كونهم على مذهب الرافضة، ولا يمكنهم ذلك إلا إذا صاروا من أهل السنة] (1) ، فإذا قالت لهم الخوارج وغيرهم ممن تكفره أو تفسقه: لا نسلم أنه كان مؤمنا، بل كان كافرا أو ظالما - كما يقولون [هم] (2) في أبي بكر وعمر - لم يكن لهم دليل على إيمانه وعدله (3) إلا وذلك (4) الدليل على إيمان (5) أبي بكر وعمر وعثمان أدل.
فإن احتجوا بما تواتر من إسلامه وهجرته وجهاده، فقد تواتر ذلك عن هؤلاء، بل تواتر إسلام معاوية ويزيد وخلفاء بني أمية وبني العباس، وصلاتهم وصيامهم وجهادهم للكفار، فإن ادعوا في واحد من هؤلاء النفاق أمكن الخارجي أن يدعي النفاق، وإذا ذكروا شبهة ذكر ما هو أعظم منها.
وإذا قالوا ما تقوله أهل الفرية من أن أبا بكر وعمر كانا منافقين في الباطن عدوين للنبي - صلى الله عليه وسلم - أفسدا دينه بحسب الإمكان، أمكن الخارجي أن يقول ذلك في (* علي، ويوجه ذلك بأن يقول: كان يحسد ابن عمه، والعداوة (6) في الأهل، وأنه كان يريد فساد دينه فلم
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(2) هم: ساقطة من (ن) ، (م) . وفي (أ) : هو، وهو تحريف.
(3) م: وعدالته.
(4) أ، ب: وذاك.
(5) إيمان: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(6) والعداوة: كذا في (م) ، والكلمة غير ظاهرة في (ن) .
**********************
يتمكن من ذلك في *) (1) حياته وحياة الخلفاء الثلاثة ; حتى سعى في قتل الخليفة الثالث وأوقد الفتنة حتى تمكن من (2) قتل أصحاب محمد وأمته بغضا له وعداوة، وأنه كان مباطنا للمنافقين الذين ادعوا فيه الإلهية والنبوة، وكان يظهر (3) خلاف ما يبطن ; لأن دينه التقية، فلما أحرقهم بالنار أظهر إنكار ذلك، وإلا فكان في الباطن معهم، ولهذا كانت الباطنية من أتباعه وعندهم سره، وهم ينقلون عنه الباطن الذين ينتحلونه.
ويقول الخارجي مثل هذا الكلام الذي يروج على كثير من الناس أعظم (4) مما يروج كلام الرافضة في الخلفاء الثلاثة ; لأن شبه (5) الرافضة أظهر فسادا من شبه (6) الخوارج والنواصب (7) ، والخوارج (8) أصح منهم عقلا وقصدا، والرافضة أكذب وأفسد دينا.
وإن أرادوا إثبات إيمانه وعدالته بنص (9) القرآن عليه، قيل لهم (10) : القرآن عام، وتناوله له ليس بأعظم (11) من تناوله لغيره، (* وما من آية يدعون اختصاصها به إلا أمكن أن يدعى اختصاصها
(1) : ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
(2) أ: حتى غلا من ; ب: حتى غلا في.
(3) ن، م: ويظهر.
(4) ن، م: أكثر.
(5) أ، ب: شبهة.
(6) أ، ب: شبهة.
(7) والنواصب: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(8) أ، ب: وهم.
(9) ن، م: بنبأ.
(10) لهم: زيادة في (ن) فقط.
(11) ن، م: ليس أعظم.
***********************
أو اختصاص مثلها أو أعظم منها بأبي بكر وعمر، فباب الدعوى بلا حجة ممكنة، والدعوى في فضل الشيخين أمكن منها *) (1) في فضل غيرهما.
وإن قالوا: ثبت (2) ذلك بالنقل والرواية ; فالنقل والرواية في أولئك أشهر وأكثر (3) ; فإن ادعوا تواترا فالتواتر هناك أصح، وإن اعتمدوا على نقل الصحابة فنقلهم لفضائل أبي بكر وعمر أكثر.
ثم هم يقولون: إن الصحابة ارتدوا إلا نفرا قليلا، فكيف تقبل رواية هؤلاء في فضيلة أحد؟ ولم يكن في الصحابة رافضة كثيرون يتواتر نقلهم، فطريق النقل مقطوع عليهم إن لم يسلكوا طريق (* أهل السنة، كما هو مقطوع على النصارى في إثبات نبوة المسيح إن لم يسلكوا طريق *) (4) المسلمين.
وهذا كمن أراد أن يثبت فقه ابن عباس دون علي، أو فقه ابن عمر دون أبيه، أو فقه علقمة والأسود (5) دون ابن مسعود، ونحو ذلك من الأمور التي يثبت فيها للشيء حكم دون ما هو أولى (6) بذلك الحكم منه، فإن هذا تناقض ممتنع عند من سلك طريق العلم والعدل.
(1) : ما بين النجمتين ساقطة من (م) .
(2) ن: يثبت.
(3) أ، ب: أكثر وأشهر.
(4) : ما بين النجمتين ساقط من (م) .
(5) في الصحابة والتابعين أكثر من واحد اسمه علقمة أو الأسود، ولكن الأرجح أن ابن تيمية يقصد اثنين من تلامذة ابن مسعود - رضي الله عنهما - علقمة بن قيس بن عبد الله النخعي (ترجمته في: تهذيب التهذيب 7/276 - 278 ; طبقات ابن سعد 6/86 - 92) والأسود بن يزيد بن قيس النخعي (ترجمته في: تهذيب التهذيب 1/342 - 343 ; طبقات ابن سعد 6/70 - 75) .
(6) ن (فقط) : دون غيره ما هو أولى. . . إلخ، وهو تحريف.
***********************
ولهذا كانت الرافضة من أجهل الناس وأضلهم (1) ، كما أن النصارى من أجهل الناس، والرافضة من أخبث الناس، كما أن اليهود من أخبث الناس، ففيهم نوع من ضلال النصارى، ونوع من خبث اليهود.
[الوجه الخامس تمثيل ابن المطهر بقصة عمر بن سعد من أقبح القياس]
الوجه الخامس: أن يقال: تمثيل هذا بقصة عمر بن سعد (2 لما خيره عبيد الله بن زياد بين الخروج في السرية التي أرسلها إلى الحسين، وبين عزله عن الري من أقبح القياس، فإذا كان عمر بن سعد 2) (2) طالبا للرياسة والمال مقدما على المحرم لأجل ذلك، أفيلزم (3) أن يكون السابقون الأولون بهذه الحال؟ .
وهذا أبوه سعد بن أبي وقاص كان من أزهد الناس في الإمارة والولاية، ولما وقعت الفتنة اعتزل الناس في قصره بالعقيق (4) ، وجاءه [عمر] ابنه (5) هذا فلامه على ذلك، وقال [له] (6) : الناس في المدينة يتنازعون الملك وأنت هاهنا (7) ! فقال: اذهب فإني سمعت رسول الله (8) - صلى الله عليه وسلم - يقول: " «إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي» " (9) .
(1) ن، م، أ: وأظلمهم.
(2) (2 - 2) : ساقط من (أ) ، (ب) .
(3) أ، ب: فيلزم.
(4) ، م: بالعقيق في قصره.
(5) ن: فجاء ابنه ; م: وجاء ابنه.
(6) له: ساقطة من (ن) ، (م) .
(7) ن، م: وأنت هنا.
(8) أ، ب: النبي.
(9) في المسند (ط. المعارف) 3/26 (رقم 1441) عن عامر بن سعد، أن أخاه عمر انطلق إلى سعد في غنم له خارجا من المدينة، فلما رآه سعد قال: أعوذ بالله من شر هذا الراكب، فلما أتاه قال: يا أبت، أرضيت أن تكون أعرابيا في غنمك والناس يتنازعون في الملك بالمدينة؟ فضرب سعد صدر عمر، وقال: اسكت، إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي ". والحديث في مسلم مع اختلاف في اللفظ 4/2277 (كتاب الزهد والرقاق، الباب الأول) وللحديث رواية أخرى مختلفة في المسند (ط. المعارف) 3/56 - 66 (رقم 1529) .
**********************
وهذا ولم يكن قد بقي أحد (1) من أهل الشورى غيره وغير علي - رضي الله عنهما (2) ، وهو الذي فتح العراق وأذل جنود (3) كسرى، وهو آخر العشرة موتا، فإذا لم يحسن أن يشبه بابنه عمر أيشبه (4) به أبو بكر وعمر وعثمان؟ .
هذا وهم لا يجعلون محمد بن أبي بكر بمنزلة أبيه، بل يفضلون محمدا ويعظمونه ويتولونه لكونه آذى عثمان، وكان من خواص أصحاب علي ; لأنه كان ربيبه، ويسبون أباه أبا بكر ويلعنونه.
فلو أن النواصب فعلوا بعمر بن سعد مثل ذلك: فمدحوه على قتل الحسين لكونه كان من شيعة عثمان، ومن المنتصرين له (5) ، وسبوا أباه سعدا لكونه تخلف عن القتال مع معاوية والانتصار لعثمان ; هل كانت النواصب لو فعلت ذلك إلا من جنس الرافضة؟ بل الرافضة شر منهم، فإن أبا بكر أفضل من سعد، وعثمان كان أبعد عن استحقاق القتل من الحسين، وكلاهما مظلوم شهيد، رضي الله عنهما.
(1) ن (فقط) : أحد قد بقي.
(2) ن: عليهما السلام ; م: عليه السلام.
(3) ن: جيوش.
(4) ن: أن يشبه بالله عمر أشبه ; م: أن يشبه بأبيه عمر الشبيه.
(5) ن (فقط) : من شيعة عثمان وكان من خواص أصحاب علي ومن المنتصرين له، وهو خطأ.
*****************************
ولهذا كان الفساد الذي حصل في الأمة بقتل عثمان أعظم من الفساد الذي حصل في الأمة بقتل الحسين، وعثمان من السابقين الأولين وهو خليفة مظلوم طلب منه أن ينعزل (1) بغير حق فلم ينعزل، ولم يدفع (2) عن نفسه حتى قتل، والحسين - رضي الله عنه - لم يكن متوليا وإنما كان طالبا للولاية حتى رأى أنها متعذرة، وطلب (3) منه أن يستأسر نفسه (4) ; ليحمل إلى يزيد مأسورا فلم يجب إلى ذلك، وقاتل حتى قتل شهيدا مظلوما (5) ، فظلم عثمان كان أعظم، وصبره وحلمه [كان] (6) أكمل، وكلاهما مظلوم شهيد.
ولو مثل ممثل طلب علي والحسين للأمر (7) بطلب الإسماعيلية كالحاكم (8) وأمثاله، وقال: إن عليا والحسين (9) كانا ظالمين طالبين
(1) أ: يقول ; ب: يعزل.
(2) أ، ب: يقاتل. وسقطت الكلمة من (م) .
(3) ن، م: فطلب.
(4) أ، ب: ليستأسر.
(5) أ، ب: مظلوما شهيدا.
(6) كان: ساقطة من (ن) ، (م) .
(7) أ، ب: الأمر.
(8) الحاكم بأمر الله منصور بن نزار بن معد بن إسماعيل بن محمد، سادس الخلفاء العبيديين الإسماعيلية، الذين كانوا يلقبون أنفسهم بالفاطميين، ولد في القاهرة سنة 357، وتولى الخلافة بعد وفاة والده العزيز سنة 386، وعمره إحدى عشرة سنة، ثم قام سنة 408 بمعونة محمد بن إسماعيل الدرزي بالدعوة إلى تأليه نفسه، وفتح سجلا تكتب فيه أسماء المؤمنين به، وانتهي حكم الحاكم بأمر الله سنة 411، بعد اختفائه، ويقال إنه اغتيل، وكان حكمه متسما بالقسوة والبطش والتصرفات المتناقضة الحمقاء. انظر سيرته وترجمته في: وفيات الأعيان 4/379 - 383 ; محمد عبد الله عنان: الحاكم بأمر الله، الطبعة الثانية ; ط. لجنة التأليف، 1379/1959 ; جراف: مادة " الحاكم بأمر الله "، دائرة المعارف الإسلامية ; الأعلام للزركلي 8/246 - 247.
(9) ن: والحسن، وهو خطأ.
*************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (90)
صـ 68 إلى صـ 74
للرياسة بغير حق، بمنزلة الحاكم وأمثاله من ملوك بني عبيد، أما كان يكون كاذبا مفتريا في ذلك لصحة إيمان علي والحسين ودينهما وفضلهما، ولنفاق هؤلاء وإلحادهم؟ .وكذلك من شبه عليا والحسين ببعض من قام من الطالبيين أو غيرهم بالحجاز أو الشرق أو الغرب يطلب الولاية بغير حق ويظلم الناس في أموالهم وأنفسهم (1) ، أما كان يكون ظالما كاذبا؟ .
فالمشبه لأبي بكر وعمر بعمر بن سعد أولى بالكذب والظلم، ثم غاية عمر بن سعد وأمثاله أن يعترف بأنه طلب الدنيا بمعصية يعترف (2) أنها معصية، وهذا ذنب كثير [وقوعه] من المسلمين (3) .
وأما الشيعة فكثير منهم يعترفون بأنهم إنما (4) . قصدوا بالملك إفساد دين الإسلام ومعاداة النبي - صلى الله عليه وسلم -، كما يعرف ذلك من خطاب الباطنية وأمثالهم من الداخلين في الشيعة، فإنهم يعترفون بأنهم في الحقيقة لا يعتقدون دين الإسلام، وإنما يتظاهرون بالتشيع لقلة عقل الشيعة وجهلهم، ليتوسلوا بهم إلى أغراضهم.
وأول هؤلاء - بل خيارهم - هو المختار بن أبي عبيد الكذاب (5) . فإنه
(1) ن، م: ببعض أمراء الحجاز الذين يطلبون الملك بغير حق ويظلمون الناس في أنفسهم وأموالهم. . . إلخ.
(2) ن: معترف ; م: فعبروا، وهو تحريف.
(3) ن، م: وهذا ذنب كثير من المسلمين.
(4) ن، م: إذا، وهو خطأ
(5) المختار بن أبي عبيد بن مسعود الثقفي أبو إسحاق، دعا الشيعة إلى بيعة محمد بن الحنفية، وزعم أنه استخلفه فتبعه الكثيرون، ثم قتل أكثر قتلة الحسين، وحارب جيش بني أمية وقتل عبيد الله بن زياد وتمت له ولاية الكوفة والجزيرة وغيرهما، وادعى بعد ذلك النبوة ونزول الوحي عليه، ثم حاربه مصعب بن الزبير حتى قتله سنة 67. وتنسب إلى المختار فرق الكيسانية من الرافضة ويسمى الشهرستاني وغيره أتباعه خاصة المختارية، ويقال إنه كان يلقب بكيسان، وقيل بل أخذ مقالته عن مولى لعلي - رضي الله عنه - اسمه كيسان. انظر أخبار المختار وسيرته في: تاريخ الطبري (ط. المعارف) 5/569 - 582، أحداث سنة 66، 67، 6/5 - 116 ; الأخبار الطوال للدينوري (ط. وزارة الثقافة، 1960) ، ص [0 - 9] 88 - 308 ; تاريخ أبي الفدا (ط. الحسينية) 1/194 - 195 ; مروج الذهب للمسعودي 3/105 - 107 ; سير أعلام النبلاء للذهبي 3/353 - 356 ; لسان الميزان 6 ; الأعلام للزركلي 8/70 - 71 ; الفرق بين الفرق، ص 26 - 34 ; الملل والنحل 1/132 - 134 ; فرق الشيعة للنوبختي (ط. المطبعة الحيدرية بالنجف، 1379/1959) ، ص [0 - 9] 4 - 45، 48. وانظر كتاب المختار الثقفي، سلسلة العرب، تأليف د. علي الخربوطلي، القاهرة، 1963
*****************
كان أمير (1) الشيعة، وقتل عبيد الله (2) بن زياد، وأظهر الانتصار للحسين حتى قتل قاتله، وتقرب بذلك إلى محمد بن الحنفية (3) وأهل البيت، ثم ادعى النبوة وأن جبريل يأتيه.
وقد ثبت في صحيح مسلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " «سيكون في ثقيف كذاب ومبير» (4) " فكان الكذاب هو المختار بن أبي
(1) أ، ب: أمين.
(2) ن: عبد الله، وهو خطأ.
(3) انظر ترجمته فيما سبق 1/12 (ت [0 - 9] ) . وانظر ترجمته أيضا في: تهذيب الأسماء واللغات للنووي (ط. المنيرية) ق [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 8 - 89 ; طبقات ابن سعد 5/91 - 116 ; الجرح والتعديل ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص [0 - 9] 6 ; الأعلام للزركلي 7/152 - 153.
(4) أورد مسلم في صحيحه 4/1971 - 1972 في (كتاب فضائل الصحابة، باب ذكر كذاب ثقيف ومبيرها) حديثا طويلا جاء فيه أن أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنها - قالت للحجاج: " أما إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حدثنا أن في ثقيف كذابا ومبيرا، فأما الكذاب فرأيناه، وأما المبير فلا أخالك إلا إياه، قال: فقام عنها ولم يراجعها ". وفي المسند (ط. المعارف) 7/18 (حديث رقم 4790) عن ابن عمر: " قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن في ثقيف مبيرا وكذابا ". وقال النووي (شرح مسلم 16/100) : " والمبير المهلك ".
**********************
عبيد، وكان المبير هو الحجاج بن يوسف الثقفي (1) .
ومن المعلوم أن عمر بن سعد أمير السرية التي قتلت (2) الحسين، مع ظلمه وتقديمه الدنيا على الدين، لم يصل في المعصية إلى فعل المختار بن أبي عبيد الذي أظهر الانتصار للحسين وقتل قاتله، بل [كان] (3) هذا أكذب وأعظم ذنبا من عمر بن سعد، فهذا الشيعي شر من ذلك الناصبي، بل والحجاج [بن يوسف] (4) خير من المختار [بن أبي عبيد] (5) ، فإن الحجاج كان مبيرا كما سماه النبي - صلى الله عليه وسلم - يسفك الدماء بغير حق، والمختار كان كذابا يدعي النبوة (6) وإتيان جبريل
(1) أبو محمد الحجاج بن يوسف بن الحكم بن عقيل بن مسعود الثقفي، ولد سنة 41، في بلدة الطائف وقلده عبد الملك بن الوليد أمر عسكره، وقاتل به عبد الله بن الزبير فقتله سنة 73، فولاه عبد الملك مكة والمدينة والطائف، ثم ولاه العراق فأخمد الثورة بها، وثبتت له الإمارة عشرين سنة، وهو الذي بنى مدينة واسط وبها كانت وفاته سنة 95. انظر سيرته في: وفيات الأعيان 1/341 - 348 ; الأخبار الطوال، ص 314 - 329، الأعلام للزركلي 2/175 - 176 ; لامنس: مادة الحجاج، دائرة المعارف الإسلامية ; تاريخ الطبري 6/174 وما بعدها ; مروج الذهب 3/119 - 122، 132 - 164.
(2) ن، م: قاتلت.
(3) كان: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) بن يوسف: زيادة في (أ) ، (ب) .
(5) بن أبي عبيد: زيادة في (أ) ، (ب) .
(6) أ، ب: الوحي.
*******************
إليه، وهذا الذنب أعظم من قتل النفوس، فإن هذا كفر، وإن كان لم يتب منه كان مرتدا، والفتنة أعظم من القتل.
وهذا باب مطرد، لا تجد أحدا ممن تذمه الشيعة بحق أو باطل إلا وفيهم من هو شر منه، ولا تجد أحدا ممن تمدحه الشيعة إلا وفيمن تمدحه الخوارج من هو خير منه، فإن الروافض شر من النواصب، والذين تكفرهم أو تفسقهم الروافض هم أفضل من الذين تكفرهم أو تفسقهم النواصب.
وأما أهل السنة فيتولون جميع المؤمنين، ويتكلمون بعلم وعدل، ليسوا من أهل الجهل ولا من أهل الأهواء، ويتبرءون من طريقة الروافض والنواصب [جميعا] (1) ، ويتولون السابقين والأولين [كلهم] (2) ، ويعرفون قدر الصحابة وفضلهم ومناقبهم، ويرعون حقوق أهل البيت التي شرعها الله لهم، ولا يرضون بما فعله المختار ونحوه من الكذابين، ولا ما فعله (3) . الحجاج ونحوه من الظالمين، ويعلمون مع هذا مراتب السابقين الأولين، فيعلمون أن لأبي بكر وعمر من التقدم والفضائل ما لم يشاركهما (4) فيها أحد [من الصحابة] (5) ، لا عثمان ولا علي [ولا غيرهما] (6) .
(1) جميعا: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) ن، م: ويقولون السابقين الأولين، وسقطت " كلهم ".
(3) أ، ب: ولا ما فعل
(4) ن، م: يشركهما.
(5) من الصحابة: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) ولا غيرهما: ساقطة من (ن) ، (م) .
**********************
وهذا كان متفقا عليه في الصدر الأول، [إلا أن يكون خلافا شاذا لا يعبأ به] (1) ، حتى أن الشيعة الأولى (2) أصحاب علي لم يكونوا يرتابون في تقديم أبي بكر وعمر عليه.
كيف وقد ثبت عن علي (3) [من وجوه متواترة] (4) أنه كان يقول: " خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر " (5) ولكن كان طائفة من شيعة علي
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(2) أ: الأول.
(3) أ، ب: عنه.
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(5) ذكرت من قبل نص حديث البخاري الذي رواه في صحيحه (5/7) عن محمد بن الحنفية عن أبيه. انظر هذا الكتاب 1/12، 308. وروى نفس الحديث بنفس السند ولكن باختلاف يسير في الألفاظ أبو داود في سننه 4/288 (كتاب السنة، باب في التفضيل) . وفي سنن ابن ماجه 1/39 (المقدمة، باب فضل عمر) عن عبد الله بن مسلمة قال: سمعت عليا يقول: خير الناس بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبو بكر وخير الناس بعد أبي بكر عمر، وذكر السيوطي في الجامع الصغير 2/10 (ط. مصطفى الحلبي، 1358/1939) الحديث كالآتي: " خير أمتي بعدي أبو بكر وعمر "، وذكر أن ابن عساكر روى الحديث عن علي والزبير معا، وحسن السيوطي الحديث، ولكن الألباني ضعفه، في (ضعيف الجامع الصغير وزيادته 3/137. أما في مسند أحمد فقد ورد الحديث في الجزء الثاني (ط. المعارف) بألفاظ متقاربة 24 مرة كالآتي: عن أبي جحيفة (الأحاديث 833، 835 - 837، 871، 878 - 880، 1054) وعن عبد خير الهمداني (الأحاديث 908، 909، 922، 932 - 934، 1030، 1031، 1040، 1052، 1060) وعن عبد خير عن أبيه (الأحاديث 926، 932) وعن وهب السوائي (الحديث 834) وعن علقمة بن قيس (الحديث 1051) . وقد صحح الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - سند جميع هذه الأحاديث ما عدا سند الأحاديث 922، 1030 فقد حسنهما، 1052 فقد ضعفه.
**************************
تقدمه (1) على عثمان، وهذه المسألة (2) أخفى من تلك.
ولهذا كان أئمة [أهل] (3) السنة كلهم (4) متفقين على تقديم أبي بكر وعمر (5 من وجوه متواترة 5) (5) ، [كما هو مذهب أبي حنيفة والشافعي ومالك وأحمد بن حنبل والثوري والأوزاعي والليث بن سعد، وسائر أئمة المسلمين من أهل الفقه والحديث والزهد والتفسير من المتقدمين والمتأخرين] (6) .
وأما عثمان وعلي فكان طائفة من أهل المدينة يتوقفون فيهما (7) ، وهي إحدى الروايتين عن مالك، وكان طائفة من الكوفيين يقدمون عليا، وهي إحدى الروايتين عن [سفيان] الثوري (8) ، ثم قيل: إنه رجع عن ذلك لما اجتمع به أيوب السختياني (9) وقال: من قدم عليا على عثمان فقد أزرى
(1) ن، م: ولكن كانت طائفة من شيعته على تقديمه. . . إلخ.
(2) ن: الملة، وهو خطأ.
(3) أهل: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) كلهم: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(5) (5 - 5) : ساقط من (أ) ، (ب) .
(6) بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(7) ، م: فيها.
(8) ، م: عن الثوري وهو سفيان بن مسروق الثوري أبو عبد الله، الإمام أمير المؤمنين في الحديث، ولد سنة خمس، وقيل: ست، وقيل: سبع وتسعين للهجرة وتوفي بالبصرة سنة 161. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 2/127 - 128 ; تهذيب التهذيب 4/111 - 115 ; طبقات ابن سعد 6/371 - 374 ; تاريخ بغداد 9/151 - 174 ; الأعلام للزركلي 2/158.
(9) أيوب بن أبي تميمة كيسان السختياني أبو بكر، من التابعين وكان سيد فقهاء عصره، ولد سنة 66 - وقيل 68 - وتوفي سنة 131. ترجمته في تهذيب التهذيب 1/397 - 399 ; طبقات ابن سعد 7/246 - 251 ; اللباب لابن الأثير 1/536 ; الأعلام للزركلي 1/382.
*************************
بالمهاجرين والأنصار. [وسائر أئمة السنة على تقديم عثمان، وهو مذهب جماهير أهل الحديث، وعليه يدل النص والإجماع والاعتبار] (1) .
وأما ما يحكى عن بعض المتقدمين من تقديم جعفر أو تقديم طلحة أو نحو ذلك، فذلك في أمور مخصوصة لا تقديما عاما، [وكذلك ما ينقل عن بعضهم في علي] (2) .
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . وقد ذكر الشيخ محمد بن أحمد السفاريني في كتابه " لوائح الأنوار البهية " المعروف بشرح عقيدة السفاريني 2/340 اتفاق علماء الأمة على تفضيل أبي بكر ثم عمر، ثم قال: " ثم اختلفوا فالأكثرون ومنهم الإمام أحمد والإمام الشافعي، وهو المشهور عن الإمام مالك، رضي الله عنهم، أن الأفضل بعد أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - عثمان بن عفان ثم علي بن أبي طالب - رضي الله عنهما، وجزم الكوفيون - ومنهم سفيان الثوري - بتفضيل علي على عثمان، وقيل بالوقف عن التفضيل بينهما، وهو رواية عن مالك، فقد حكى أبو عبد الله المازري عن المدونة أن مالكا سئل: أي الناس أفضل بعد نبيهم؟ فقال: أبو بكر ثم عمر. ثم قال: أو في ذلك شك؟ فقيل له: وعلي وعثمان؟ فقال: ما أدركت أحدا ممن أقتدي به يفضل أحدهما على الآخر. . نعم حكى القاضي عياض عن الإمام مالك أنه رجع عن التوقف إلى تفضيل عثمان. قال القرطبي: وهو الأصح إن شاء الله تعالى. وقد نقل التوقف ابن عبد البر عن جماعة من السلف منهم الإمام مالك ويحيى القطان وابن معين ". وانظر في أمر المفاضلة بين عثمان وعلي، رضي الله عنهما: فتح الباري 7/14 - 15 ; الاستيعاب لابن عبد البر (المطبوع مع الإصابة) 3/51 - 54 ; ابن طاهر البغدادي: أصول الدين، ص 304 ; ابن حزم: الفصل 4/223 - 224 ; علي بن محمد بن أبي العز الحنفي: شرح الطحاوية (ط. دار البيان) ، ص [0 - 9] 85 ; الأشعري: مقالات الإسلاميين 2/131 ; الجويني: الإرشاد، ص [0 - 9] 31 ; العقائد العضدية للإيجي بشرح الدواني (تحقيق د. سليمان دنيا) 2/636 - 647، 1958.
****************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (91)
صـ 75 إلى صـ 81
[الرد على القسم الثاني من المقدمة]وأما قوله (1) : " وبعضهم اشتبه الأمر عليه (2) ورأى (3) لطالب الدنيا متابعا (4) ، فقلده [وبايعه] (5) وقصر في نظره، فخفي عليه الحق، فاستحق (6) ، المؤاخذة من الله (7) بإعطاء الحق لغير مستحقه "
قال: " وبعضهم قلد لقصور فطنته، ورأى الجم الغفير فتابعه، وتوهم (8) أن الكثرة تستلزم الصواب، وغفل عن قوله تعالى: {وقليل ما هم} [سورة ص: 24] ، {وقليل من عبادي الشكور} [سورة سبأ: 13] ".
فيقال لهذا المفتري الذي جعل الصحابة الذين بايعوا أبا بكر ثلاثة أصناف: أكثرهم طلبوا الدنيا، وصنف قصروا في النظر، وصنف عجزوا عنه ; لأن الشر إما أن يكون لفساد القصد، وإما أن يكون للجهل، والجهل إما أن يكون لتفريط في النظر، وإما أن يكون لعجز عنه. وذكر (9) أنه كان في الصحابة (10) وغيرهم من قصر في النظر حين بايع أبا بكر، ولو نظر لعرف الحق، وهذا يؤاخذ على تفريطه بترك النظر الواجب. وفيهم
(1) يكرر ابن تيمية هنا نص كلام ابن المطهر الذي ورد من قبل (ص [0 - 9]- 10) من هذا الجزء.
(2) ن، م: عليه الأمر.
(3) ن، م، أ: رأى.
(4) ب: مبايعا.
(5) وبايعه: ساقطة من (ن) ، (م) ، (أ) .
(6) ن، م، أ: فخفى الحق عليه واستحق.
(7) أ، ب: الله تعالى.
(8) ن، م: ورأى.
(9) ن، م: فذكر
(10) ن (فقط) : للصحابة.
*************************
من عجز عن النظر فقلد الجم الغفير، يشير بذلك إلى [سبب] (1) مبايعة أبي بكر.
فيقال له: وهذا من الكذب الذي لا يعجز عنه أحد. والرافضة قوم بهت، فلو طلب من هذا المفتري دليل على ذلك، لم يكن له على ذلك دليل.
والله [تعالى] (2) قد حرم القول بغير علم، فكيف إذا كان المعروف (3) ضد ما قاله؟ فلو لم نكن نحن عالمين بأحوال الصحابة، لم يجز أن نشهد عليهم بما لا نعلم من فساد القصد والجهل بالمستحق.
قال تعالى: {ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا} [سورة الإسراء: 36] ، وقال تعالى: {ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم} [سورة آل عمران: 66] .
فكيف إذا كنا نعلم أنهم كانوا أكمل هذه الأمة (4) عقلا [وعلما] (5) ودينا؟ كما قال فيهم [عبد الله] بن مسعود (6) : من كان [منكم] (7) مستنا
(1) سبب: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) ن، م: المعلوم.
(4) ن، م: أكمل الناس.
(5) وعلما: زيادة في (أ) ، (ب) .
(6) ن، م: ابن مسعود ويقول ابن تيمية عن الأثر التالي المروي عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أن غير واحد رواه، منهم ابن بطة عن قتادة، ولم أجده في نص " الإبانة " المطبوع، ولكنه مروي في " جامع بيان العلم وفضله " لابن عبد البر (ط. المنيرية) ، ص [0 - 9] 7 وسنده: حدثنا سنيد قال حدثنا معتمر عن سلام بن مسكين عن قتادة قال ابن مسعود. . . وسأقابل رواية ابن عبد البر على الرواية المذكورة هنا.
(7) منكم: ساقطة من (ن) ، (م) .
************************
فليستن بمن قد مات، فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة. أولئك أصحاب محمد كانوا والله أفضل هذه الأمة وأبرها قلوبا (1) ، وأعمقها علما، وأقلها تكلفا (2) ، قوم اختارهم الله (3) لصحبة نبيه (4) وإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم (5) واتبعوهم في آثارهم، (6 وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم ودينهم 6) (6) ، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم. رواه غير واحد منهم ابن بطة عن قتادة.
وروى هو غيره بالأسانيد المعروفة إلى زر بن حبيش، قال: قال [عبد الله] بن مسعود (7) : إن الله [تبارك]
(1) ن، م، أ: الأمة: أبرها، وفي رواية ابن عبد البر: " من كان منكم متأسيا فليتأس بأصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - فإنهم كانوا أبر هذه الأمة قلوبا. . .
(2) بعد كلمة " تكلفا " في جامع بيان العلم: وأقومها هديا وأحسنها حالا، قوما اختارهم. . . إلخ.
(3) الله: ليست في (أ) ، (ب) .
(4) جامع بيان العلم: نبيه - صلى الله عليه وسلم.
(5) فضلهم: كذا في (أ) ، (ب) ، (م) وفي جامع بيان العلم، وفي (ن) : فعلهم.
(6) (6 - 6) : غير موجود في جامع بيان العلم.
(7) ن، م: ابن مسعود. ولم أجد الأثر التالي في نسخة " الإبانة " المطبوعة ولكني وجدته في المسند (ط. المعارف) 5/211 (رقم 3600) وسنده: حدثنا أبو بكر ثنا عاصم عن زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود قال. . . إلخ. وقال المحقق رحمه الله: " إسناده صحيح، وهو موقوف على ابن مسعود. وهو في مجمع الزوائد 1: 177 - 178، وقال: رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير، ورجاله موثقون ". أما زر بن حبيش فترجمته في الجرح والتعديل: ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص [0 - 9] 22 - 623 وفيها: " زر بن حبيش الأسدي روى عن عمر وعلي وعبد الله وأبي. روى عنه الشعبي وإبراهيم وعاصم وأبو بردة والمنهال بن عمرو وعبدة بن أبي لبابة، سمعت أبي يقول ذلك. حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي عن إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين قال: زر بن حبيش ثقة. وانظر ترجمته أيضا في طبقات ابن سعد 6/104 - 105. وأما عاصم فهو عاصم بن بهدلة ويعرف بعاصم بن أبي النجود. قال ابن خلكان: كان أحد القراء السبعة والمشار إليه في القراءات، أخذ القراءة عن عبد الرحمن السلمي وزر بن حبيش، وأخذ عنه أبو بكر بن عياش. . وتوفي عاصم في سنة 128 بالكوفة. وفي الخلاصة للخزرجي: وثقه أحمد وأحمد العجلي ويعقوب بن سفيان وأبو زرعة، وقال الدارقطني: في حفظه شيء. وانظر ترجمته في: تهذيب التهذيب 5/38 - 40 ; الخلاصة للخزرجي، ص 154 ; وفيات الأعيان 2/224 ; طبقات ابن سعد 6/320 - 321 ; الأعلام للزركلي 4/12. وأما أبو بكر فهو أبو بكر بن عياش بن سالم الأسدي، اختلف في اسمه وفي تاريخ وفاته فقيل: إنه توفي سنة 173، وقيل: بل سنة 193. في الخلاصة للخزرجي (ص 383) : " وعنه ابن المبارك وابن مهدي وابن المديني وأحمد وقال: ثقة ربما غلط. وقال ابن عدي: لم أجد حديثا له منكرا إذا روى عنه ثقة. وانظر ترجمته في: طبقات ابن سعد 6/386 ; تهذيب التهذيب 12 - 37.
***********************
وتعالى (1) نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد (2) خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه وابتعثه (3) برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد - صلى الله عليه وسلم - (4) فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد، فجعلهم وزراء نبيه، يقاتلون على دينه، فما رآه (5) المسلمون حسنا فهو عند الله حسن، وما رآه (6) المسلمون سيئا فهو عند الله سيئ.
(1) في (ن) ، (م) والمسند: الله تعالى.
(2) المسند: محمد - صلى الله عليه وسلم.
(3) المسند: فابتعثه.
(4) المسند: محمد.
(5) المسند: رأى.
(6) المسند: رأوا.
*************************
وفي رواية: [قال أبو بكر بن عياش - الراوي لهذا الأثر عن عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه] (1) : وقد رأى أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جميعا أن يستخلفوا أبا بكر.
وقول (2) [عبد الله] (3) بن مسعود: كانوا أبر هذه الأمة قلوبا، وأعمقها علما، وأقلها تكلفا، كلام جامع، بين فيه حسن قصدهم ونياتهم ببر القلوب، وبين فيه كمال المعرفة ودقتها بعمق العلم، وبين فيه تيسر ذلك عليهم وامتناعهم من القول بلا علم بقلة التكلف (4) .
وهذا خلاف ما قاله [هذا] (5) المفتري، الذي وصف أكثرهم بطلب الدنيا وبعضهم بالجهل: إما عجزا وإما تفريطا.
والذي قاله عبد الله حق، فإنهم خير هذه الأمة، كما تواترت بذلك الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم ; حيث قال: " «خير القرون القرن الذي بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم» " (6) . وهم أفضل الأمة، الوسط الشهداء على الناس، الذين هداهم الله لما اختلف (7) فيه من الحق بإذنه، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم فليسوا من
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(2) أ، ب: فقول.
(3) عبد الله: زيادة في (أ) ، (ب) .
(4) ن: التكليف، وهو تحريف.
(5) هذا: ساقطة من (ن) .
(6) مضى هذا الحديث في هذا الجزء، ص [0 - 9] 5.
(7) أ، ب: اختلفوا.
**********************
المغضوب عليهم الذين يتبعون أهواءهم، ولا من الضالين (1) الجاهلين كما قسمهم هؤلاء المفترون إلى ضلال وغواة، بل لهم كمال العلم وكمال القصد، إذا لو لم يكن كذلك (2) للزم أن لا تكون هذه الأمة خير الأمم، وأن (3) لا يكونوا خير الأمة، وكلاهما خلاف الكتاب والسنة.
وأيضا فالاعتبار العقلي (4) يدل على ذلك، فإن من تأمل أمة محمد [صلى الله عليه وسلم] (5) ، وتأمل أحوال اليهود والنصارى والصابئين (6) والمجوس والمشركين، تبين له من فضيلة هذه الأمة على سائر الأمم في العلم النافع والعمل الصالح ما يضيق هذا الموضع عن بسطه.
والصحابة أكمل الأمة في ذلك بدلالة الكتاب والسنة والإجماع والاعتبار، ولهذا لا تجد أحدا من أعيان الأمة إلا وهو معترف بفضل الصحابة عليه وعلى أمثاله، وتجد من ينازع في ذلك كالرافضة [من أجهل] (7) الناس.
ولهذا لا يوجد في أئمة الفقه الذين يرجع إليهم رافضي، ولا في أئمة الحديث [ولا في أئمة] (8) الزهد والعبادة، ولا في الجيوش المؤيدة
(1) م: الظالمين.
(2) ن، م: ذلك.
(3) ن، أ: أو أن.
(4) ن: فاعتبار العقل.
(5) - صلى الله عليه وسلم: ليست في (ن) .
(6) والصابئين: ساقطة من (م) .
(7) من: زيادة في (أ) ، (ب) .
(8) ولا في أئمة: ساقطة من (ن) ، (م) . وفي (أ) : ولا أئمة.
*********************
المنصورة جيش رافضي (1) ، ولا في الملوك الذين نصروا الإسلام وأقاموه وجاهدوا [عدوه] (2) من هو رافضي، ولا في الوزراء الذين لهم سيرة محمودة من هو رافضي.
وأكثر ما تجد الرافضة إما في (3) الزنادقة المنافقين (4) الملحدين، وإما في جهال ليس لهم علم لا (5) بالمنقولات ولا بالمعقولات، قد نشأوا بالبوادي والجبال، أو تحيزوا عن (6) المسلمين فلم يجالسوا أهل العلم والدين، وإما في ذوي الأهواء ممن قد حصل له بذلك رياسة ومال، أو [له] (7) نسب يتعصب له كفعل [أهل] (8) الجاهلية.
وأما من هو عند المسلمين من أهل العلم والدين، فليس في هؤلاء رافضي لظهور الجهل والظلم في قولهم، وتجد ظهور الرفض (9) في شر الطوائف كالنصيرية والإسماعيلية والملاحدة الطرقية (10) ، وفيهم من
(1) أ: ولا في أئمة الجيوش المؤيدة المنصورة بجيش رافضي ; ب: ولا في أئمة الجيوش المؤيدة المنصورة رافضي.
(2) عدوه: ساقطة من (ن) .
(3) ن، م: من.
(4) المنافقين: ساقطة من (م) .
(5) لا: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(6) أ: أو تحيزوا على ; ب: وتجبروا على.
(7) له: ساقطة من (ن) ، (م) .
(8) أهل: ساقطة من (ن) ، (م) .
(9) ن: الروافض ; م: الطوائف.
(10) ويقصد بهم ابن تيمية أصحاب الطرق الصوفية من القائلين بأقوال مخالفة للإسلام كأتباع ابن عربي وابن سبعين وغيرهم.
************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (92)
صـ 82 إلى صـ 88
الكذب والخيانة وإخلاف (1) الوعد ما يدل على نفاقهم، كما في الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " «آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان " زاد مسلم: " وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم» " (2) .وأكثر ما توجد هذه الثلاث في طوائف أهل القبلة في الرافضة.
وأيضا فيقال لهذا المفتري: هب أن الذين بايعوا الصديق كانوا كما ذكرت: إما طالب دنيا، وإما جاهل فقد جاء بعد أولئك في قرون الأمة من يعرف كل أحد ذكاءهم وزكاءهم (3) ، مثل: سعيد بن المسيب والحسن البصري وعطاء بن أبي رباح وإبراهيم النخعي وعلقمة والأسود وعبيدة السلماني وطاوس ومجاهد وسعيد بن جبير وأبي الشعثاء جابر بن زيد (4) ،
(1) ن، م: واختلاف.
(2) الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - في: البخاري 1/12 (كتاب الإيمان، باب علامة المنافق) ، 3/180 (كتاب الشهادات، باب من أمر بإنجاز الوعد) ; مسلم 1/78 - 79 (كتاب الإيمان، باب بيان خصال المنافق) من أربعة طرق وزاد في الطريقين الأخرين: " وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم " ; سنن الترمذي 4/130 (كتاب الإيمان، باب في علامة المنافق) . وقال الترمذي: " وفي الباب عن عبد الله بن مسعود وأنس وجابر ".
(3) أ: ركاهم وزكاهم ; ب: زكاءهم وذاءهم.
(4) ن، م: جابر بن يزيد، وهو خطأ. وأبو الشعثاء جابر بن زيد الأزدي البصري من أئمة التابعين ومن أصحاب ابن عباس - رضي الله عنه. ولد سنة 21 وتوفي سنة 93. ترجمته في: تهذيب التهذيب 2/38 - 39 ; طبقات ابن سعد 7/179 - 182: تذكرة الحفاظ 1/67 - 68 ; الأعلام للزركلي 2/91.
**************************
[وعلي بن زيد] (1) وعلي بن الحسين (2) وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة وعروة بن الزبير والقاسم بن محمد [بن أبي بكر] (3) وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ومطرف بن الشخير ومحمد بن واسع وحبيب العجمي ومالك بن دينار ومكحول والحكم بن عتيبة (4) ويزيد بن أبي حبيب، ومن لا يحصي عددهم (5) إلا الله.
ثم بعدهم مثل (6) أيوب السختياني وعبد الله بن عون ويونس بن عبيد
(1) وعلي بن زيد: ساقط من (ن) ، (م) .
(2) أ، ب: وعلي بن الحسن. والأرجح أن المقصود هو علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب زين العابدين ولد سنة 38 وتوفي سنة 94، وهو من سادات التابعين. ترجمته في: وفيات الأعيان 2/429 ; طبقات ابن سعد 5/211 - 222 الأعلام للزركلي 5/86.
(3) ن، م: القاسم بن محمد. وهو القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، كان من سادات التابعين وأحد الفقهاء السبعة بالمدينة ولد سنة 37، واختلف في سنة وفاته وقيل سنة 107. . انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 3/224 ; طبقات ابن سعد 5/187 - 194 ; الجرح والتعديل ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص 118 ; نكت الهميان للصفدي، ص [0 - 9] 30 ; الأعلام للزركلي 6/15.
(4) أ، ب: الحكم بن عتبة ; ن، م: الحكم بن عيينة، والصواب ما أثبته. وسبق ذكره قبل صفحات (ص [0 - 9] 0) توفي بالكوفة سنة 115. قال ابن إدريس: وكان الحكم بن عتيبة ثقة فقيها عالما رفيعا كثير الحديث. انظر ترجمته في: طبقات ابن سعد 6/331 - 332 ; الجرح والتعديل ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص [0 - 9] 23 - 125 ; الخلاصة للخزرجي، ص [0 - 9] 6. ويرى ابن حجر (لسان الميزان 2/336) أنه هو الحكم بن عتيبة بن النحاس ويرد قول ابن أبي حاتم وابن الجوزي بأنه غير الإمام المشهور.
(5) ن، م: عدده.
(6) مثل: ساقطة من (أ) ، (ب) .
****************************** **
وجعفر بن محمد والزهري وعمرو بن دينار ويحيى بن سعيد الأنصاري وربيعة بن أبي عبد الرحمن وأبي الزناد ويحيى بن أبي كثير وقتادة ومنصور بن المعتمر والأعمش وحماد بن أبي سليمان وهشام الدستوائي وسعيد بن أبي عروبة.ومن بعد هؤلاء مثل مالك بن أنس وحماد بن زيد وحماد بن سلمة والليث [بن سعد] (1) والأوزاعي وأبي حنيفة وابن أبي ليلى وشريك وابن أبي ذئب وابن الماجشون.ومن بعدهم مثل يحيى بن سعيد [القطان] (2) وعبد الرحمن بن مهدي ووكيع بن الجراح وعبد الرحمن بن القاسم وأشهب بن عبد العزيز وأبي يوسف ومحمد [بن الحسن] (3) والشافعي وأحمد [بن حنبل] (4) وإسحاق [بن راهويه] (5) وأبي عبيد وأبي ثور ومن لا يحصي عدده إلا الله، ممن ليس لهم غرض في تقديم غير الفاضل لا لأجل رياسة ولا مال، وممن هم من أعظم (6) الناس نظرا في العلم وكشفا لحقائقه، وهم كلهم متفقون على تفضيل أبي بكر وعمر.(* بل الشيعة الأولى الذين كانوا على عهد علي كانوا يفضلون أبا بكر
(1) ابن سعد: زيادة في (أ) ، (ب) .
(2) القطان: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) ابن الحسن: زيادة في (أ) ، (ب) .
(4) ابن حنبل: زيادة في (أ) ، (ب) .
(5) ابن راهويه: زيادة في (أ) ، (ب) .
(6) ن: ومن هو أعظم ; م: وممن هو أعظم.
****************************
وعمر. وقال ابن القاسم: سألت مالكا عن أبي بكر وعمر *) (1) ، فقال: ما رأيت أحدا [ممن] (2) أقتدي به (3) يشك في تقديمهما، يعني على علي وعثمان (4) ، فحكى إجماع أهل المدينة (5) على تقديمهما.
وأهل المدينة لم يكونوا مائلين إلى بني أمية كما كان أهل الشام، بل قد خلعوا بيعة يزيد، وحاربهم عام الحرة وجرى بالمدينة ما جرى (6) ، ولم يكن أيضا قتل علي (7) منهم أحدا كما قتل من أهل البصرة ومن أهل (8) الشام بل كانوا يعدونه (9) من علماء المدينة إلى أن خرج منها، وهم
(1) : ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
(2) ممن: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) في المنتقى: من منهاج الاعتدال للذهبي، ص 78: أهتدي به.
(4) سبق أن نقلت (ص [0 - 9] 4 ت [0 - 9] ) عن السفاريني قوله: " فقد حكى أبو عبد الله المازري عن المدونة أن مالكا سئل: أي الناس أفضل بعد نبيهم؟ فقال: أبو بكر وعمر. ثم قال: أو في ذلك شك؟ ".
(5) ن، م: السنة، وهو خطأ.
(6) يشير ابن تيمية إلى ما جرى سنة 63 هـ، عندما أخرج أهل المدينة عامل يزيد بن معاوية عثمان بن محمد بن أبي سفيان من المدينة، وأظهروا خلع يزيد وحاصروا من كان بالمدينة من بني أمية، فأرسل إليهم يزيد بن مسلم بن عقبة فقاتلهم وأخضعهم، وعرفت الواقعة بواقعة الحرة نسبة إلى حرة واقم، وكان ذلك في ذي الحجة سنة 63. انظر تاريخ الطبري (ط. المعارف) أحداث سنة 63: 5/482 - 495 ; مروج الذهب 3/78 - 80 ; سير أعلام النبلاء 3/217 - 220 ; ياقوت: معجم البلدان، مادة " حرة واقم " ; دائرة المعارف الإسلامية: مادة " حرة ".
(7) على: ساقطة من (م) .
(8) ن، م: وأهل.
(9) ن، م: بل كان يعد.
******************************
متفقون على تقديم أبي بكر وعمر، (1 فهؤلاء الذين هم أعلم الناس وأدين الناس يرون تفضيله فضلا عن خلافته 1) (1) .
وروى البيهقي بإسناده عن الشافعي قال: لم يختلف الصحابة والتابعون في تقديم أبي بكر وعمر.
وقال شريك [بن عبد الله] بن أبي نمر (2) ، وقال له قائل: أيما أفضل أبو بكر أو علي؟ فقال [له] (3) : أبو بكر (4) . فقال له السائل: أتقول (5) هذا وأنت من الشيعة؟ فقال: نعم، إنما الشيعي من يقول هذا، والله لقد رقى علي هذه الأعواد، فقال: ألا إن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر، أفكنا نرد قوله؟ أفكنا نكذبه؟ والله ما كان كذابا. وذكر هذا القاضي عبد الجبار في كتاب " تثبيت النبوة " له، وعزاه إلى كتاب أبي القاسم البلخي الذي صنفه في النقض على ابن الراوندي اعتراضه على الجاحظ (6) .
(1) (1 - 1) ساقط من (أ) ، (ب) .
(2) في جميع النسخ: شريك بن أبي نمر. والصواب ما أثبته وسبقت ترجمته 1/15.
(3) له: زيادة في (أ) ، (ب) .
(4) م: علي، وهو خطأ.
(5) أ، ب: تقول.
(6) وقال شريك بن عبد الله بن أبي نمر. . على الجاحظ. ورد هذا الكلام كله مع اختلاف يسير في العبارات في الجزء الأول من هذه الطبعة، ص [0 - 9] 3 - 15، وعلقت عليه هناك تعليقا وافيا فارجع إليه. وورد اسم شريك ناقصا في النسختين هنا. وانظر ترجمة شريك أيضا في: الجرح والتعديل، ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص [0 - 9] 63 - 364 ; تهذيب التهذيب 4/337 - 338.
****************************** **
(1 فهؤلاء الذين هم أعلم الناس وأدين الناس يرون تفضيله فضلا عن خلافته 1) (1) ، فكيف يقال [مع هذا] (2) : إن الذين بايعوه كانوا طلاب الدنيا أو جهالا؟ ولكن هذا وصف [الطاعن] (3) فيهم، فإنك لا تجد في طوائف أهل (4) القبلة أعظم جهلا من الرافضة، ولا أكثر حرصا على الدنيا.
وقد تدبرتهم فوجدتهم لا يضيفون إلى الصحابة (5 عيبا إلا وهم أعظم الناس اتصافا به والصحابة 5) (5) أبعد الناس (6) عنه، فهم أكذب الناس بلا ريب (7) كمسيلمة الكذاب إذ قال: أنا نبي صادق ومحمد كذاب \ 8 29) (8) ، ولهذا يصفون أنفسهم بالإيمان ويصفون الصحابة بالنفاق، وهم أعظم الطوائف نفاقا، والصحابة أعظم الخلق إيمانا.
[الرد على القسم الأخير من المقدمة]
وأما قوله (9) : " وبعضهم طلب الأمر لنفسه بحق [له] (10) وبايعه الأقلون الذين أعرضوا عن الدنيا وزينتها، ولم تأخذهم (11) في الله لومة لائم، بل
(1) (1 - 1) : ساقط من (أ) ، (ب) .
(2) مع هذا: ساقط من (ن) ، (م) .
(3) الطاعن: ساقطة من (ن) فقط.
(4) أهل: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(5) (5 - 5) ساقط من (م) .
(6) الناس: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(7)) بلا ريب: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(8) عبارة " ومحمد كذاب ": ساقطة من (أ) ، (ب) .
(9) القول التالي هو القسم الأخير من مقدمة ابن المطهر للفصل الثاني من كتابه، وسبق أن وردت في أول هذا الجزء، ص [0 - 9] 0، وفي " منهاج الكرامة "، ص [0 - 9] 1 (م) .
(10) له: ساقطة من جميع النسخ ووردت من قبل 2/10.
(11) تأخذهم: كذا في (أ) ، (ب) ، (م) : وفي (ن) نقط التاء مهملة وسبق ورودها: يأخذهم.
******************************
أخلصوا لله واتبعوا ما أمروا به من (1) طاعة من يستحق التقديم، وحيث حصل للمسلمين هذه البلية، وجب على كل أحد النظر في الحق واعتماد الإنصاف (2) ، وأن يقر الحق مقره (3) ولا يظلم مستحقه، فقد قال تعالى: {ألا لعنة الله على الظالمين} [سورة هود: 18] . فيقال له: أولا: قد كان الواجب أن يقال: لما ذهب طائفة إلى كذا وطائفة إلى كذا، وجب أن ينظر أي القولين أصح، فأما إذا رضيت إحدى الطائفتين باتباع الحق والأخرى باتباع الباطل، فإن كان (4) هذا قد تبين فلا حاجة إلى النظر، وإن لم يتبين بعد لم يذكر حتى يتبين.
ويقال له: ثانيا: قولك: إنه طلب الأمر لنفسه بحق له وبايعه الأقلون، كذب على علي [رضي الله عنه] (5) ، فإنه لم يطلب الأمر لنفسه في خلافة أبي بكر وعمر وعثمان، وإنما طلبه لما قتل عثمان وبويع ; وحينئذ فأكثر الناس كانوا معه، لم يكن معه الأقلون.
وقد اتفق [أهل] (6) السنة والشيعة على أن عليا لم يدع إلى مبايعته في خلافة أبي بكر وعمر وعثمان، ولا بايعه على ذلك أحد. ولكن الرافضة تدعي أنه كان يريد ذلك، وتعتقد أنه الإمام المستحق للإمامة دون غيره،
(1) ن، م: في، وهو تحريف.
(2) ن، م: والاعتماد الإنصاف، وهو تحريف.
(3) مقره: كذا في النسختين وفي " منهاج الكرامة " (انظر مقدمة الجزء الأول من الطبعة الأولى لهذا الكتاب) ، ووردت من قبل 2/10: مستقره.
(4) كان: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(5) رضي الله عنه: زيادة في (أ) ، (ب) .
(6) أهل: زيادة في (ب) .
*****************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (93)
صـ 89 إلى صـ 95
لكن كان عاجزا عنه. وهذا لو كان حقا لم يفدهم، فإنه لم يطلب الأمر لنفسه ولا بايعه (1) أحد على ذلك، فكيف إذا كان باطلا؟ .وكذلك قوله: " بايعه الأقلون " كذب على الصحابة، فإنه لم يبايع منهم أحد لعلي في (2) عهد الخلفاء الثلاثة، ولا يمكن أحد (3) أن يدعي هذا، ولكن غاية ما يقول القائل: إنه كان فيهم من يختار مبايعته.
ونحن نعلم أن عليا لما تولى، كان كثير من الناس يختار ولاية معاوية وولاية غيرهما (4) ، ولما بويع عثمان كان في نفوس بعض الناس ميل إلى غيره، فمثل هذا لا يخلو من الوجود (5) ، وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة وبها وما حولها منافقون، كما قال تعالى: {وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم} [سورة التوبة: 101] . وقد قال (6) تعالى عن المشركين: {وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم} [سورة الزخرف: 31] ، فأحبوا أن ينزل القرآن (7) على من يعظمونه من أهل مكة والطائف، قال تعالى:
(1) أ، ب: تابعه.
(2) أ، ب: عليا.
(3) ب: أحد
(4) ن، م: يختار ولاية معاوية أو غيرهما.
(5) ن: ومثل هذا لا يخلو منه الوجود ; م: وهو لا يخلو منه الوجود.
(6) ن، م: وقال.
(7) ن، م: أن ينزل الله القرآن.
**********************
{أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا} [سورة الزخرف: 32] .
وأما وصفه لهؤلاء بأنهم [الذين] (1) أعرضوا عن الدنيا وزينتها، وأنهم لا تأخذهم في الله لومة لائم، فهذا من أبين الكذب، فإنه لم ير (2) الزهد والجهاد في طائفة أقل منه في الشيعة، والخوارج المارقون كانوا أزهد منهم وأعظم قتالا، حتى يقال في المثل: حملة خارجية، وحروبهم مع جيوش بني أمية وبني العباس وغيرهما بالعراق والجزيرة وخراسان والمغرب وغيرها معروفة، وكانت لهم ديار يتحيزون فيها لا يقدر عليهم أحد (3) .
وأما الشيعة فهم دائما مغلوبون مقهورون منهزمون، وحبهم للدنيا وحرصهم عليها ظاهر. ولهذا كاتبوا الحسين - رضي الله عنه، فلما أرسل إليهم ابن عمه، ثم قدم بنفسه غدروا به، وباعوا الآخرة بالدنيا، وأسلموه إلى عدوه، وقاتلوه مع عدوه، فأي زهد عند (4) هؤلاء، وأي جهاد عندهم؟ .
وقد ذاق منهم علي [بن أبي طالب]- رضي الله عنه - (5) من الكاسات المرة ما لا يعلمه إلا الله، [حتى دعا عليهم] (6) فقال: اللهم قد (7)
(1) الذين: زيادة في (أ) ، (ب) .
(2) ن: لم نر ; أ، ب: لم يرد.
(3) أحد: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) ن، م: مع.
(5) ن، م: علي رضي الله عنه.
(6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(7) أ، ب: اللهم إني.
**************************
سئمتهم وسئموني، فأبدلني بهم خيرا منهم، وأبدلهم بي شرا مني (1) وقد كانوا يغشونه ويكاتبون من يحاربه، ويخونونه في الولايات والأموال.
هذا ولم يكونوا بعد صاروا رافضة، إنما سموا شيعة علي لما افترق الناس فرقتين: فرقة شايعت أولياء عثمان، وفرقة شايعت عليا [رضي الله عنهما] (2)
فأولئك خيار الشيعة، وهم من شر الناس معاملة لعلي [بن أبي طالب
(1) في طبقات ابن سعد (3) : " قال أخبرنا يزيد بن هارون قال: هشام بن حسان بن محمد عن عبيدة قال: قال علي: ما يحبس أشقاكم أن يجيء فيقتلني؟ اللهم قد سئمتهم وسئموني فأرحهم مني وأرحني منهم ". وذكر عبد البر في الاستيعاب (3/61 - 62) خبرا عن أبي عبد الرحمن السلمي رواه عن الحسن عن أبيه وفيه: " يا بني، رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نومة نمتها. فقلت: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ماذا لقيت من أمتك من الأود واللدد! فقال: ادع الله عليهم. فقلت: اللهم أبدلني بهم خيرا منهم وأبدلهم بي من هو شر مني "،
(2) رضي الله عنهما: زيادة في (أ) ، (ب) . وقد ذكر ابن تيمية من قبل (هذا الكتاب 1 - 36) أن لفظ الرافضة إنما ظهر لما رفض الشيعة زيد بن علي بن الحسين في خلافة هشام، بعد العشرين والمائة، وأنهم كانوا يسمون قبل ذلك بغير ذلك الاسم. وقد اتفقت كتب الفرق على أن سبب اسم الشيعة هو أنهم شايعوا عليا رضي الله عنه. ونقل الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد، في تعليقه على كلام الأشعري في مقالات الإسلاميين (1/65) ما ذكره أبو سعيد نشوان الحميري في " الحور العين " وجاء فيه: " وحكى الجاحظ أنه كان في الصدر الأول لا يسمى شيعيا إلا من قدم عليا على عثمان، ولذلك قيل: شيعي وعثماني، فالشيعي من قدم عليا على عثمان، والعثماني من قدم عثمان على علي ". وانظر كلام الحميري عن أصل تسمية الشيعة وعن بدء ظهورهم وافتراقهم بعد مقتل الحسين: الحور العين، ص 178 - 182 ن ط. الخانجي والمثنى، 1948. .
***************************
- رضي الله عنه] وابنيه (1) : سبطي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وريحانتيه في الدنيا: الحسن والحسين، وأعظم الناس قبولا للوم اللائم في الحق، وأسرع الناس إلى فتنة وأعجزهم عنها، يغرون من يظهرون نصره من أهل البيت، حتى إذا اطمأن إليهم ولامهم عليه اللائم، خذلوه وأسلموه وآثروا عليه الدنيا.
ولهذا أشار عقلاء المسلمين ونصحاؤهم على الحسين أن لا يذهب (2) إليهم مثل: [عبد الله] بن عباس، و [عبد الله] بن عمر (3) ، وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام (4) وغيرهم، لعلمهم بأنهم يخذلونه ولا ينصرونه، ولا يوفون له بما كتبوا له إليه. وكان الأمر كما رأى هؤلاء، ونفذ فيهم دعاء عمر [بن الخطاب]- رضي الله عنه - (5) ثم دعاء علي بن أبي طالب (6) ، حتى سلط الله عليهم الحجاج [بن يوسف] (7) ، فكان (8) لا يقبل
(1) ن: وهم من شر الناس معاملة لمثل علي وابنيه ; م: وهم من شر الناس مقاتلة لمثل علي وابنيه.
(2) ن: على الحسين إلى أن لا ; م: على الحسين رضي الله عنه إلى أن لا.
(3) ن، م: مثل ابن عباس وابن عمر.
(4) أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة بن المخزومي، اسمه وكنيته واحد، روى عن جملة من الصحابة مثل أبي هريرة وعائشة وروى عنه الزهري. ترجمته في: الجرح والتعديل، ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص [0 - 9] 36 ; طبقات ابن سعد 5/207 - 209 وفيها: " قال محمد بن عمر: ولد أبو بكر في خلافة عمر، وكان يقال له راهب قريش لكثرة صلاته ولفضله ". وذكر ابن سعد أنه توفي سنة 94.
(5) ن، م: عمر رضي الله عنه ; أ، ب: عمر بن الخطاب.
(6) ن، م: ثم دعا عليهم علي عليه السلام.
(7) بن يوسف: زيادة في (أ) ، (ب) .
(8) أ، ب: كان.
****************************** *
من محسنهم ولا يتجاوز عن مسيئهم، ودب شرهم إلى من لم يكن منهم حتى عم الشر.
وهذه كتب المسلمين التي ذكر فيها زهاد الأمة ليس فيهم رافضي، وهؤلاء المعروفون في الأمة بقول (1) الحق وأنهم لا تأخذهم في الله لومة لائم ليس فيهم رافضي، كيف والرافضي من جنس المنافقين مذهبه التقية، فهل هذا (2) حال من لا تأخذه في الله لومة لائم؟ .
إنما هذه حال من نعته الله في كتابه بقوله: {ياأيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم} [سورة المائدة: 54] (3) .
وهذا (4) حال من قاتل المرتدين وأولهم (5) الصديق ومن اتبعه إلى يوم القيامة، فهم الذين جاهدوا المرتدين كأصحاب مسيلمة الكذاب ومانعي الزكاة وغيرهما، وهم الذين فتحوا الأمصار وغلبوا فارس والروم، وكانوا أزهد الناس ; كما قال [عبد الله] بن مسعود (6) لأصحابه: أنتم أكثر صلاة
(1) أ: الأمة يقولون ; ب: الأمة بأنهم يقولون.
(2) أ، ب: فهذا، وهو خطأ.
(3) في (ن) ، (م) كتبت الآية إلى قوله تعالى: لومة لائم. وفي (أ) ، (ب) كتبت نهاية الآية: والله ذو الفضل العظيم ; وهو سهو من الناسخ.
(4) أ، ب: وهذه.
(5) ن، م: فأولهم.
(6) ن، م: كما قال ابن مسعود.
****************************** *
وصياما من أصحاب محمد وهم كانوا خيرا منكم. قالوا: ولم يا أبا عبد الرحمن؟ قال: لأنهم كانوا أزهد في الدنيا وأرغب في الآخرة.
[فهؤلاء هم الذين (1) لا تأخذهم في الله لومة لائم ; بخلاف الرافضة فإنهم أشد الناس خوفا من لوم اللائم ومن عدوهم. وهم كما قال تعالى: {يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون} [سورة المنافقون: 4] ، ولا يعيشون في أهل القبلة إلا من جنس اليهود في أهل الملل.
ثم يقال: من هؤلاء الذين زهدوا في الدنيا ولم تأخذهم في الله لومة لائم، ممن لم يبايع أبا بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - وبايع عليا؟ فإنه من المعلوم أن في زمن الثلاثة لم يكن أحد منحازا عن الثلاثة، مظهرا لمخالفتهم ومبايعة علي، بل كل الناس كانوا مبايعين لهم، فغاية ما يقال إنهم كانوا يكتمون تقديم علي، وليست هذه حال من لا تأخذه في الله لومة لائم.
وأما في حال ولاية علي، فقد كان - رضي الله عنه - من أكثر الناس [لوما] (2) لمن معه على قلة جهادهم ونكولهم عن القتال، فأين هؤلاء الذين لا تأخذهم في الله لومة لائم من هؤلاء الشيعة؟ .
وإن كذبوا على أبي ذر من الصحابة وسلمان وعمار وغيرهم، فمن المتواتر أن هؤلاء كانوا من أعظم الناس تعظيما لأبي بكر وعمر واتباعا لهما، وإنما ينقل عن بعضهم التعنت على عثمان لا على أبي بكر
(1) ابتداء من عبارة " فهؤلاء هم الذين. . . إلخ " يوجد سقط كبير في (ن) ، (م) سأشير إلى نهايته بإذن الله.
(2) لوما: ساقطة من (أ) .
*****************************
وعمر، وسيأتي الكلام على ما جرى لعثمان - رضي الله عنه، ففي خلافة أبي بكر وعمر وعثمان لم يكن أحد يسمى من الشيعة، ولا تضاف الشيعة إلى أحد، لا عثمان ولا علي ولا غيرهما، فلما قتل عثمان تفرق المسلمون، فمال قوم إلى عثمان، ومال قوم إلى علي، واقتتلت الطائفتان، وقتل حينئذ شيعة عثمان شيعة علي.
وفي صحيح مسلم عن سعد بن هشام أنه أراد أن يغزو في سبيل الله وقدم المدينة، فأراد أن يبيع عقارا [له] بها، فيجعله في السلاح والكراع، ويجاهد الروم حتى يموت، فلما قدم المدينة لقي أناسا من أهل المدينة فنهوه عن ذلك، وأخبروه أن رهطا ستة أرادوا ذلك في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم، فنهاهم نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: " أليس لكم بي أسوة؟ " فلما حدثوه بذلك راجع امرأته، وقد كان طلقها، وأشهد على رجعتها. فأتى ابن عباس وسأله عن وتر رسول الله - صلى الله عليه وسلم، فقال له ابن عباس: ألا أدلك على أعلم أهل الأرض بوتر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: من؟ قال: عائشة - رضي الله عنها، فأتها فاسألها، ثم ائتني فأخبرني بردها عليك. قال: فانطلقت إليها، فأتيت على حكيم بن أفلح، فاستلحقته إليها، فقال: ما أنا بقاربها ; لأني نهيتها أن تقول في هاتين الشيعتين شيئا فأبت فيهما إلا مضيا. قال: فأقسمت عليه، فجاء فانطلقنا إلى عائشة - رضي الله عنها - وذكر الحديث (1) .
(1) هذا جزء من حديث طويل ورد في صحيح مسلم في: (كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض) 2/512 - 514، وقد قابلت ما في الأصل على ما في صحيح مسلم فوجدت خلافين: عقارا (له) بها، إذ كانت " له " ساقطة من الأصل، ورهطا ستة إذ كانت في الأصل " ستا ".
وقصد ابن تيمية بإيراد الحديث قول حكيم بن أفلح: " لأني نهيتها أن تقول في هاتين الشيعتين شيئا " إذ أن هذا يبين تاريخ استعمال كلمة " الشيعتين " والمقصود بهما شيعة علي وشيعة أصحاب الجمل. وفي تهذيب التهذيب 2/444: حكيم بن أفلح حجازي، روى عن ابن مسعود وعائشة. . . ذكره ابن حبان في الثقات.
****************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (94)
صـ 96 إلى صـ 102
وقال معاوية لابن عباس: أنت على ملة علي؟ فقال لا على ملة علي ولا على ملة عثمان أنا على ملة رسول الله - صلى الله عليه وسلم.وكانت الشيعة أصحاب علي يقدمون عليه أبا بكر وعمر، وإنما كان النزاع في تقدمه على عثمان. ولم يكن حينئذ يسمى أحد لا إماميا ولا رافضيا] (1) ، وإنما سموا رافضة وصاروا رافضة (2) لما خرج زيد بن علي بن الحسين بالكوفة في خلافة هشام، فسألته الشيعة عن أبي بكر وعمر، فترحم عليهما، فرفضه قوم، فقال: رفضتموني رفضتموني فسموا رافضة، وتولاه قوم فسموا زيدية [لانتسابهم إليه] (3) . ومن حينئذ انقسمت الشيعة إلى رافضة إمامية وزيدية، وكلما زادوا في البدعة زادوا في الشر، فالزيدية خير من الرافضة: أعلم وأصدق وأزهد وأشجع.
ثم بعد أبي بكر عمر [بن الخطاب] ، وهو (4) الذي لم تكن تأخذه في
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(2) ن، م: وإنما صاروا رافضة. وسبق الكلام على أصل تسمية الرافضة 1/35.
(3) عبارة " لانتسابهم إليه " جاءت في (ن) ، (م) بعد أربع كلمات:. . . انقسمت الشيعة لانتسابهم إليه.
(4) أ، ب: عمر بن الخطاب هو ; ن، م: عمر وهو.
*****************************
الله لومة لائم، وكان أزهد الناس باتفاق الخلق كما قيل فيه: رحم الله عمر لقد تركه الحق ما له [من] (1) صديق.
[فصل كلام ابن المطهر بعد المقدمة وجوب اتباع مذهب الإمامية لوجوه]
[الوجه الأول حتى الرابع من وجوه قول الرافضي وإنما كان مذهب الإمامية واجب الاتباع]
(فصل) قال الرافضي (2) : " وإنما كان مذهب الإمامية واجب الاتباع لوجوه: الأول: لما نظرنا في المذاهب وجدنا أحقها وأصدقها وأخلصها عن شوائب الباطل، وأعظمها تنزيها لله تعالى ولرسله (3) ولأوصيائه، وأحسن المسائل الأصولية والفروعية مذهب الإمامية.
لأنهم اعتقدوا أن الله هو المخصوص بالأزلية والقدم، وأن كل ما سواه محدث ; لأنه (4) واحد، [وأنه] (5) ليس بجسم [ولا جوهر، وأنه ليس بمركب ; لأن كل مركب محتاج (6) إلى جزئه ; لأن جزأه
(1) من: زيادة في (أ) ، (ب) .
(2) الكلام التالي في منهاج الكرامة ك ص 81 (م) - 83 (م) (في مقدمة الجزء الأول من الطبعة الأولى لهذا الكتاب) . وفي (ن) ، (م) : ثم قال المصنف الرافضي.
(3) ن، م: لله ولرسوله.
(4) أنه: كذا في جميع النسخ، وفي (ك) : وأنه.
(5) وأنه: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) ك: يحتاج.
*************************
غيره، ولا عرض] (1) ولا في مكان وإلا لكان محدثا، بل نزهوه عن مشابهة المخلوقات.
وأنه تعالى قادر على جميع المقدورات، عدل (2) حكيم لا يظلم أحدا، ولا يفعل القبيح - وإلا يلزم الجهل أو الحاجة (3) ، تعالى الله عنهما - ويثيب المطيع لئلا يكون ظالما، ويعفو عن العاصي أو يعذبه بجرمه من غير ظلم له.
وأن أفعاله محكمة [متقنة] (4) واقعة لغرض ومصلحة وإلا لكان عابثا، وقد قال سبحانه وتعالى: {وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين} [سورة الدخان: 38] (5) ، وأنه أرسل الأنبياء لإرشاد العالم.
وأنه تعالى غير مرئي ولا مدرك بشيء من الحواس (6) لقوله تعالى: {لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار} [سورة الأنعام: 103] (7) ، وأنه (8) ليس في جهة.
(1) ما بين المعقوفتين في (ب) فقط، وهو في (ك) .
(2) ك: وأنه عدل. . . إلخ.
(3) ن، م: ولا يلزم الجهل والحاجة (وهو تحريف) ، ك " وإلا لزم الجهل أو الحاجة.
(4) متقنة: ساقطة من (،) ، (م) ، (أ) .
(5) في (ك) آية سورة الأنبياء رقم 16 وهي قوله تعالى: (وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين) .
(6) في (أ) ، (ب) : من الحواس الخمس، وليست هذه الزيادة في (ن) ، (ك) . وقد وردت العبارة مرة ثانية في (ب) 1/215 بدون كلمة " الخمس " فرجحت أنها زيادة من الناسخ.
(7) وهو يدرك الأبصار: في (ك) ، (ب) فقط.
(8) ك: ولأنه.
****************************
وأن أمره ونهيه وإخباره حادث لاستحالة أمر المعدوم ونهيه وإخباره.
وأن الأنبياء معصومون عن (1) الخطأ والسهو والمعصية صغيرها وكبيرها من أول العمر إلى آخره، وإلا لم يبق وثوق (2) بما يبلغونه فانتفت فائدة البعثة ولزم التنفير عنهم. (3)
وأن الأئمة معصومون كالأنبياء في ذلك كما تقدم (4) .
وأخذوا أحكامهم (5) الفروعية عن (6) الأئمة المعصومين، الناقلين عن جدهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (7) الآخذ ذلك من (8) الله تعالى بوحي (9) جبريل إليه، يتناقلون ذلك عن الثقات خلفا عن سلف، إلى أن تتصل الرواية بأحد المعصومين ولم يلتفتوا إلى القول بالرأي والاجتهاد، وحرموا الأخذ بالقياس والاستحسان إلى آخره ".
(1) ن، م، أ: من.
(2) أ، ب، ن، م: وإلا لم يبق عندنا وثوق، و " عندنا " ليست في: (ك) ، ووردت العبارة في (ب) 1/226 بدونها.
(3) ن: التنفير عندهم عنهم، وهو تحريف.
(4) ك (فقط) : وأن الأئمة - عليهم السلام - معصومون كالأنبياء - عليهم السلام - لما تقدم في ذلك.
(5) ك: الأحكام.
(6) ب (فقط) : من.
(7) ك: صلى الله عليه وآله.
(8) ب: عن.
(9) ب: يوحى.
***************************
فيقال: الكلام على هذا من وجوه: أحدها: أن يقال: ما ذكره من الصفات والقدر لا يتعلق بمسألة الإمامة أصلا، بل يقول بمذهب (1) الإمامية من لا يقول بهذا، ويقول بهذا من لا يقول بمذهب الإمامية، ولا أحدهما مبني على الآخر، فإن الطريق إلى ذلك عند القائلين به هو العقل، وأما تعيين الإمام فهو (2) عندهم من السمع، فإدخال هذا في مسألة الإمامة مثل إدخال سائر مسائل النزاع، وهذا خروج عن المقصود.
الوجه الثاني: أن يقال: هذا قول المعتزلة في التوحيد والقدر، والشيعة المنتسبون إلى أهل البيت، الموافقون لهؤلاء المعتزلة، أبعد الناس عن مذاهب أهل البيت في التوحيد والقدر، فإن أئمة أهل البيت كعلي وابن عباس، ومن بعدهم كلهم متفقون على ما اتفق عليه سائر الصحابة والتابعين لهم بإحسان من إثبات الصفات والقدر.
والكتب المشتملة (3) على المنقولات الصحيحة مملوءة بذلك، ونحن نذكر بعض ما في ذلك عن علي [رضي الله عنه] (4) وأهل بيته ليتبين أن هؤلاء الشيعة مخالفون لهم في أصول دينهم.
الوجه الثالث: أن ما ذكره من (5) الصفات والقدر ليس من خصائص الشيعة، ولا هم أئمة القول به، ولا هو شامل لجميعهم، بل أئمة ذلك هم
(1) ن، م: بمذاهب.
(2) ن: هو.
(3) ن، م: المشتملات.
(4) رضي الله عنه: زيادة في (أ) ، (ب) .
(5) أ، ب: في.
***********************
المعتزلة، وعنهم أخذ ذلك متأخرو الشيعة. وكتب الشيعة مملوءة بالاعتماد في ذلك على طرق (1) المعتزلة، وهذا كان من أواخر المائة الثالثة، وكثر في المائة الرابعة لما صنف لهم المفيد وأتباعه كالموسوي والطوسي (2) .
وأما قدماء الشيعة فالغالب عليهم ضد هذا القول، كما هو قول الهشامين (3) وأمثالهما، فإن كان هذا (4) القول حقا أمكن القول به وموافقة المعتزلة مع إثبات خلافة الثلاثة، وإن كان باطلا فلا حاجة إليه، وإنما
(1) ن، م: طريق.
(2) سبق الكلام على كل من المفيد والموسوي والطوسي في هذا الكتاب 1/58. وانظر ترجمة المفيد أيضا في: الرجال للنجاشي، ص [0 - 9] 11 - 316 ; أعيان الشيعة للعاملي (ط. بيروت، 1959) 46/20 - 26 ; الفهرست للطوسي (الطبعة الثانية، النجف 1480/1961) ، ص [0 - 9] 86 - 187 ; رجال العلامة الحلي لابن المطهر (الطبعة الثانية، النجف، 1381/1961) ، ص [0 - 9] 47 ; الأعلام للزركلي 7/245. وانظر في ترجمة الموسوي (الشريف المرتضى) أيضا: أعيان الشيعة 41/188 - 197 ; الفهرست للطوسي، ص 125 - 126 ; رجال العلامة الحلي، ص [0 - 9] 4 - 95 ; وفيات الأعيان 3/3 - 6، الأعلام للزركلي 5/89. وانظر في ترجمة الطوسي أيضا: أعيان الشيعة 44/33 - 52 ; رجال العلامة الحلي، ص 148 مقدمة كل من: الفهرست، رجال الطوسي (ط. النجف، 1961) بقلم محمد صادق آل بحر العلوم ; الأعلام للزركلي 6/315.
(3) ن: الهشاميين ; م: القاسميين. والمقصود هشام بن الحكم وهشام بن سالم الجواليقي، وسبق الكلام عليهما وعلى مذهبيهما 1/71. وانظر عن هشام بن الحكم أيضا: الرجال للنجاشي، ص [0 - 9] 38 ; لسان الميزان 6/194 ; أعيان الشيعة 51/53 - 57 ; رجال الطوسي، ص 329 - 330، 362. وانظر عن هشام بن سالم الجواليقي أيضا: الرجال للنجاشي ص 338 - 339، أعيان الشيعة 51/60 ; رجال الطوسي، ص 329 - 363.
(4) هذا: ساقطة من (أ) ، (ب) .
******************************
ينبغي أن يذكر ما يختص بالإمامة (1) ، كمسألة إثبات الاثنى عشر وعصمتهم.
الوجه الرابع: أن يقال: ما في هذا الكلام من حق فأهل السنة قائلون به - أو جمهورهم - وما كان فيه من باطل فهو رد، فليس اعتقاد ما في هذا القول من الحق خارجا عن أقوال أهل السنة، ونحن نذكر ذلك مفصلا.
[الوجه الخامس وفيه الرد التفصيلي على القسم الأول من كلام ابن المطهر]
[التعليق على قوله إن الله منزه عن مشابهة المخلوقات]
الوجه الخامس: قوله: " إنهم اعتقدوا أن الله هو المخصوص بالأزلية والقدم (2) ، وأن كل ما سواه محدث ; لأنه واحد، وأنه ليس بجسم ولا في مكان، وإلا لكان محدثا، بل نزهوه عن مشابهة (3) المخلوقات " (4) .
فيقال له: هذا إشارة إلى مذهب الجهمية والمعتزلة، ومضمونه أنه ليس لله علم (5) ولا قدرة ولا حياة، وأن أسماءه الحسنى: كالعليم والقدير والسميع والبصير والرءوف والرحيم ونحو ذلك، لا تدل على صفات له قائمة به، وأنه لا يتكلم ولا يرضى ولا يسخط، ولا يحب ولا يبغض، ولا يريد إلا ما يخلقه منفصلا عنه من الكلام والإرادة، وأنه لم يقم به كلام.
وأما قوله: " إن الله منزه عن مشابهة المخلوقات "
(1) ن: ما يختص بمسألة الإمامية ; م: ما يختص بمسألة الإمامة ; أ: ما يختص بالإمامية.
(2) ن، م: بالقدم والأزلية.
(3) ب: مشابهته، وفي (ن) ، (م) ، (أ) ، (ك) عند إيراد النص السابق: مشابهة.
(4) أورد ابن تيمية هنا بعض كلام ابن المطهر وورد النص بأكمله من قبل، ص [0 - 9] 7 - 98، وقارن (ك) ص 82 (م) .
(5) ن، م: أن الله ليس له علم.
*************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (95)
صـ 103 إلى صـ 109
فيقال له] (1) : أهل السنة أحق بتنزيهه عن مشابهة المخلوقات من الشيعة، فإن التشبيه والتجسيم المخالف للعقل والنقل لا يعرف في أحد من طوائف الأمة أكثر منه في طوائف الشيعة، وهذه كتب المقالات كلها تخبر عن أئمة الشيعة المتقدمين من المقالات المخالفة للعقل والنقل في التشبيه والتجسيم بما لا يعرف نظيره عن أحد من سائر الطوائف، ثم قدماء الإمامية ومتأخروهم متناقضون في هذا الباب، فقدماؤهم غلوا في التشبيه والتجسيم، ومتأخروهم غلوا في النفي والتعطيل، فشاركوا في ذلك الجهمية والمعتزلة دون سائر طوائف الأمة.وأما أهل السنة المثبتون لخلافة الثلاثة، فجميع أئمتهم وطوائفهم المشهورة متفقون على نفي التمثيل عن الله تعالى، والذين أطلقوا لفظ " الجسم " على الله من الطوائف المثبتين لخلافة الثلاثة كالكرامية، هم أقرب إلى صحيح المنقول وصريح المعقول من الذين أطلقوا لفظ " الجسم " من الإمامية.
وقد ذكر أقوال الإمامية في ذلك غير واحد منهم (2) ومن غيرهم، كما
(1) يوجد في الكلام التالي سقط كبير في نسخة " ن "، " م " يبدأ من قوله: أهل السنة أحق بتنزيهه، وينتهي في ص 110 عند قوله: والمقصود هنا أن أهل السنة، وسنشير إلى نهاية السقط هناك بإذن الله.
(2) يعترف المامقاني في ترجمة هشام بن الحكم (تنقيح المقال 3/294 - 301) بكثرة الأخبار المروية عن هشام في التجسيم حتى أن الكليني ذكر خمسة منها في " الكافي " وينقل المامقاني عن هشام نص خبر من هذه الأخبار الخمسة (ص [0 - 9] 00) وفيه يقول هشام: " إن الله جسم صمدي نوري " كما ينقل عن البرقي قوله إن هشاما كان من غلمان أبي شاكر (الديصاني) الزنديق وأنه كان جسميا رديئا. وفي (أخبار الرجال) للكشي في ترجمة هشام بن سالم الجواليقي (ص [0 - 9] 83) أنه كان يزعم أن الله صورة وأن آدم خلق على مثل الرب ثم يشير إلى جنبه وشعر رأسه ليبين المماثلة.
************************
ذكرها ابن النوبختي في كتابه الكبير (1) ، وكما ذكرها أبو الحسن الأشعري في كتابه المعروف في " مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين " (2) وكما ذكرها الشهرستاني في كتابه المعروف " بالملل والنحل " (3) ، وكما ذكرها غير هؤلاء (4) .
وطوائف السنة والشيعة تحكي عن قدماء أئمة الإمامية من منكر
(1) تكلمت من قبل على النوبختي وكتابه " الآراء والديانات " في هذا الكتاب 1، والكتاب الكبير المقصود هنا هو " الآراء والديانات " وقد ذكر عنه النجاشي (الرجال، ص [0 - 9] 0) أنه كتاب كبير حسن يحتوي على علوم كثيرة ".
(2) تكلم الأشعري - وهو المعروف بأمانته ودقته في عرض أقوال جميع مخالفيه - عن التجسيم عند الإمامية في موضعين من كتابه " مقالات الإسلاميين " الأول: ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 02 - 105: وبدأ الكلام بقوله: " واختلف الروافض أصحاب الإمامية في التجسيم، وهم ست فرق " ويفصل الأشعري الكلام بعد ذلك عن مقالاتهم، وينقل ابن تيمية نص كلامه في ذلك الموضع في هذا الكتاب بعد صفحات (بولاق 1/203) . والموضع الثاني من المقالات ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 57 - 259 وعنوان الكلام فيه: هذا شرح اختلاف الناس في التجسيم، ثم يبدأ الأشعري بإيراد كلام هشام بن الحكم، ويتكلم في النهاية عن مقالة هشام بن سالم الجواليقي.
(3) يقول الشهرستاني - وهو الذي يتهمه ابن تيمية بالميل إلى التشيع - في " الملل والنحل " 1/154: " فلهذا صارت الإمامية متمسكين بالعدلية في الأصول، وبالمشبهة في الصفات متحيرين تائهين ". ويعرض الشهرستاني أقوال الهشامين بالتفصيل ويسرد كلامهما في التجسيم 1/164 - 165. وانظر أيضا: نهاية الإقدام، ص [0 - 9] 03 وما بعدها.
(4) انظر مثلا: أصول الدين لابن طاهر البغدادي، ص [0 - 9] 3 - 77 ; الفرق بين الفرق، ص [0 - 9] 0 - 43، التبصير في الدين، ص [0 - 9] 3 - 25 ; كشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي، مادة " المشبهة " ; دائرة المعارف الإسلامية، مادة " التشبيه "، " جسم ". وانظر ما سبق أن ذكرناه عن المجسمة في هذا الكتاب 1/9 (ت [0 - 9] ) .
****************************** *
التجسيم والتشبيه، ما لا يعرف مثله عن الكرامية وأتباعهم ممن يثبت إمامة الثلاثة.
وأما من لا يطلق على الله اسم " الجسم "، كأئمة أهل الحديث والتفسير والتصوف والفقه، مثل الأئمة الأربعة وأتباعهم، وشيوخ المسلمين المشهورين في الأمة، ومن قبلهم من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، فهؤلاء ليس فيهم من يقول: إن الله جسم، وإن كان أيضا ليس من السلف والأئمة من قال: إن الله ليس بجسم. ولكن من نسب التجسيم إلى بعضهم، فهو بحسب ما اعتقده من معنى الجسم ورآه لازما لغيره.
فالمعتزلة والجهمية ونحوهم من نفاة الصفات يجعلون كل من أثبتها مجسما مشبها، ومن هؤلاء من يعد من المجسمة والمشبهة من الأئمة المشهورين كمالك والشافعي وأحمد وأصحابهم، كما ذكر ذلك أبو حاتم صاحب كتاب " الزينة " (1) ، وغيره لما ذكر طوائف المشبهة
(1) أبو حاتم أحمد بن حمدان بن أحمد الليثي الورسناني، المعروف بأبي حاتم الرازي، ذكره ابن حجر في " لسان الميزان " في قسم الكنى، وسماه أبا حاتم الكشي وذكره في الأسماء وسماه: أحمد بن حمدان بن أحمد الورسامي أبا حاتم الليثي، وقال عنه: " ذكره أبو الحسن بن بابويه في " تاريخ الري " وقال: كان من أهل الفضل والأدب والمعرفة باللغة وسمع الحديث كثيرا وله تصانيف، ثم أظهر القول بالإلحاد وصار من دعاة الإسماعيلية، وأضل جماعة من الأكابر، ومات في سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة ". وأورد بروكلمان اسمه كالآتي (تاريخ الأدب العربي، 3/352، ترجمة الدكتور عبد الحليم النجار، ط. المعارف) : أبو حاتم عبد الرحمن بن حمدان (كتبت سهوا همدان) الرازي الورساني. ولم أجد في اللباب لابن الأثير إلا الورسناني نسبة إلى ورسنان، قال: وظني أنها من قرى سمرقند. وذكر ابن النديم في الفهرست (189) كتاب الزينة لأبي حاتم الرازي ضمن كتب الإسماعيلية وقال عنه " كبير نحو أربعمائة ورقة، وذكر له أيضا كتاب الجامع فيه فقه وغير ذلك، وقد ذكر هذا الكتاب الشيخ الكوثري في فهرس كتاب قواعد آل محمد لمحمد بن الحسن الديلمي وقال: الجامع في الفقه لأبي حاتم بن حمدان الورسناني. ولأبي حاتم الرازي كتاب أعلام النبوة، وقد نشر ب. كرواس جزءا منه ضمن كتاب رسائل الرازي الفلسفية "، 1939.
****************************** *
فقال (1) : " ومنهم طائفة يقال لهم المالكية ينتسبون إلى رجل يقال له مالك بن أنس، ومنهم طائفة يقال لهم الشافعية ينتسبون إلى رجل يقال له الشافعي ".
وشبهة هؤلاء أن الأئمة المشهورين كلهم يثبتون الصفات لله تعالى، ويقولون: إن القرآن كلام الله ليس بمخلوق، ويقولون: إن الله يرى في الآخرة.
هذا مذهب الصحابة والتابعين لهم بإحسان من أهل البيت وغيرهم، وهذا مذهب الأئمة المتبوعين مثل مالك بن أنس والثوري والليث بن سعد والأوزاعي، وأبي حنيفة (والشافعي) (2) ، وأحمد بن حنبل وإسحاق وداود، ومحمد بن خزيمة ومحمد بن نصر المروزي (3) ، وأبي بكر
(1) طبع قسم من كتاب الزينة في الكلمات العربية والإسلامية لأبي حاتم أحمد بن حمدان الرازي بتحقيق الأستاذ حسين بن فيض الله الهمداني، وفي الجزأين الأول (ط. القاهرة، 1957) والثاني (ط. القاهرة، 1958) لم يصل المؤلف إلى الموضع الذي نقل ابن تيمية هذا النص عنه، وهو الذي يوجد على الأغلب في كلامه عن الفرق، وانظر مقدمة المؤلف 1/56 - 57.
(2) والشافعي: ساقطة من (أ) .
(3) أبو عبد الله بن نصر المروزي الإمام شيخ الإسلام الفقيه الحافظ، ولد ببغداد سنة 202 وتوفي سنة 294. انظر ترجمته في: تهذيب التهذيب 9/489 - 490 ; تذكرة الحفاظ 2/201 - 203 تاريخ بغداد 3/315 - 318 ; الأعلام للزركلي 7/346.
****************************** *
بن المنذر (1) ومحمد بن جرير الطبري وأصحابهم.
والجهمية والمعتزلة يقولون: من أثبت لله الصفات، وقال: إن الله يرى في الآخرة، والقرآن كلام الله ليس بمخلوق، فإنه مجسم مشبه، والتجسيم باطل. وشبهتهم في ذلك أن الصفات أعراض لا تقوم إلا بجسم، وما قام به الكلام وغيره من الصفات لا يكون إلا جسما، ولا يرى إلا ما هو جسم أو قائم بجسم.
ولهذا صار مثبتة الصفات معهم ثلاث طوائف: طائفة نازعتهم في المقدمة الأولى، وطائفة نازعتهم في المقدمة الثانية، وطائفة نازعتهم نزاعا مطلقا في واحدة من المقدمتين، ولم تطلق في النفي والإثبات ألفاظا مجملة مبتدعة لا أصل لها في الشرع، ولا هي صحيحة في العقل، بل اعتصمت بالكتاب والسنة وأعطت العقل حقه، فكانت موافقة لصريح المعقول، وصحيح المنقول.
فالطائفة الأولى الكلابية ومن وافقهم، والطائفة الثانية الكرامية ومن وافقهم.
فالأولى قالوا: إنه تقوم به (2) الصفات، ويرى في الآخرة، والقرآن
(1) أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري شيخ الحرم فقيه مجتهد من الحفاظ صنف في اختلاف العلماء كتبا لم يصنف مثلها. ولد سنة 242 وتوفي سنة 318 - على الأرجح - انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 3/344 ; تهذيب التهذيب واللغات للنووي، ق [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 96 - 197 ; لسان الميزان 5/27 - 28 ; تذكرة الحفاظ 3/782 - 783 ; طبقات الشافعية 3/102 - 108 ; الأعلام للزركلي 6/184.
(2) أ: قالوا: يقول إنه تقوم به، وهو تحريف.
*****************************
كلام الله قائم بذاته، وليست الصفات أعراضا ولا الموصوف جسما [000] (1) لم نسلم أن ذلك ممتنع.
(1) الكلام بعد عبارة: " ولا الموصوف جسما " غير متصل، وواضح أن (أ) ، (ب) يوجد فيهما سقط يتألف من سطور عديدة وسأجتهد هنا في كتابة ما يقوم مقام هذا السقط بحسب فهمي لمقصود ابن تيمية وبما يتفق مع السياق - مع الاقتباس من نصوص ابن تيمية في مواضع مختلفة من مؤلفاته -. ولكن الكلابية ومن وافقهم من الأشاعرة والسالمية لم يثبتوا الصفات الاختيارية التي تكون بمشيئته وقدرته، مثل كونه يتكلم بمشيئته، عندما يشاء، بكلام معين، إذ أنهم قالوا إن ما يقوم بمشيئته وقدرته لا يكون إلا مخلوقا حادثا منفصلا عنه، فلو اتصف الرب به لقامت به الحوادث، ولو قامت به لم يخل عنها، وعلى ذلك فيجب أن نقول إن الله يتكلم بكلام قديم لازم للذات أزلا وأبدا، ليس شيء منه متعلق بمشيئته تعالى واختياره. وكذلك سائر الصفات الاختيارية مثل كونه تعالى يحب ويرضى ويسمع ويرى وهو إذا رأى الشيء بعد حدوثه فهو إنما يرى موجودا في علمه لا موجودا بائنا عنه. والطائفة الثانية أثبتت الصفات الاختيارية وقالت: إن الله يتكلم بمشيئته وقدرته كلاما قديما بذاته، وهو يتكلم بحروف وأصوات بمشيئته وقدرته، ليتخلصوا بذلك من بدعتي المعتزلة والكلابية، لكنهم قالوا: إنه لم يكن يمكنه في الأزل أن يتكلم، بل صار الكلام ممكنا له بعد أن كان ممتنعا عليه، من غير حدوث سبب أوجب إمكان الكلام وقدرته عليه. وقال الكرامية في المشهور عنهم إن الحوادث التي تقوم به تعالى لا يخلو منها ولا يزول عنها، لأنه لو قامت به الحوادث ثم زالت عنه كان قابلا لذلك لم يخل منه، وما لم يخل من الحوادث فهو حادث، والحدوث عندهم غير الإحداث، والقرآن عندهم حادث لا محدث، لأن المحدث يفتقر إلى إحداث، بخلاف الحدوث. ونحن نوافق الكرامية في إثباتهم للصفات الاختيارية وفي قولهم بأنه يتكلم بمشيئته وقدرته كلاما قائما بذاته، ولكننا نخالفهم في الأصل الذي بنوا عليه قولهم بأن ذلك لم يكن ممكنا منذ الأزل، فهم إذا قالوا إن ذلك ممتنع لامتناع حوادث لا أول لها، لم نسلم أن ذلك ممتنع.
****************************** *****************
ثم كثير من الناس يشنع على الطائفة الأولى بأنها مخالفة لصريح العقل والنقل بالضرورة ; حيث أثبتت رؤية لمرئي لا بمواجهة، وأثبتت كلاما لمتكلم يتكلم لا بمشيئته وقدرته.
وكثير منهم يشنع على الثانية بأنها مخالفة للنظر العقلي الصحيح.
ولكن مع هذا فأكثر الناس يقولون: إن النفاة المخالفين للطائفتين من الجهمية والمعتزلة، وأتباعهم من الشيعة، أعظم مخالفة لصريح المعقول - بل ولضرورة العقل - من الطائفتين.
وأما مخالفة هؤلاء لنصوص الكتاب والسنة، وما استفاض عن سلف الأمة، فهذا أظهر وأشهر من أن يخفى على عالم، ولهذا أسسوا دينهم على أن باب التوحيد والصفات لا يتبع فيه ما دل عليه الكتاب والسنة والإجماع، وإنما يتبع فيه ما رأوه بقياس عقولهم، وأما نصوص الكتاب والسنة، فإما أن يتأولوها، وإما أن يفوضوها، وإما أن يقولوا: مقصود الرسول أن يخيل إلى الجمهور اعتقادا ينتفعون به في الدنيا، وإن كان كذبا وباطلا، كما يقول ذلك من يقوله من المتفلسفة وأتباعهم، وحقيقة قولهم أن الرسل كذبت فيما أخبرت به عن الله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ; لأجل ما رأوه من مصلحة الجمهور في الدنيا.
وأما الطائفة الثالثة، فأطلقوا في النفي والإثبات ما جاء به الكتاب والسنة، وما تنازع النظار في نفيه وإثباته من غير اعتصام بالكتاب والسنة، لم توافقهم فيه على ما ابتدعوه في الشرع وخالفوا به العقل، بل إما أن يمسكوا عن التكلم بالبدع نفيا وإثباتا، وإما أن يفصلوا القول في اللفظ
****************************** **
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (96)
صـ 110 إلى صـ 116
والملفوظ المجمل، فما كان في إثباته من حق يوافق الشرع أو العقل أثبتوه، وما كان من نفيه حق (1) في الشرع أو العقل نفوه، ولا يتصور عندهم تعارض الأدلة الصحيحة العلمية، لا السمعية ولا العقلية.والكتاب والسنة يدل بالإخبار تارة، ويدل بالتنبيه تارة، والإرشاد والبيان للأدلة العقلية تارة، وخلاصة ما عند أرباب النظر العقلي في الإلهيات من الأدلة اليقينية والمعارف الإلهية قد جاء به الكتاب والسنة، مع زيادات وتكميلات لم يهتد إليها إلا من هداه الله بخطابه، فكان فيما جاء به الرسول (2) من الأدلة العقلية والمعارف اليقينية فوق ما في عقول جميع العقلاء من الأولين والآخرين.
وهذه الجملة لها بسط عظيم قد بسط من ذلك ما بسط في مواضع متعددة، والبسط التام لا يتحمله هذا المقام، فإن لكل مقام مقالا.
ولكن الرافضة لما اعتضدت بالمعتزلة، وأخذوا يذمون أهل السنة بما هم فيه مفترون: عمدا أو جهلا، ذكرنا ما يناسب ذلك في هذا المقام.
والمقصود هنا أن أهل السنة] (3) متفقون على أن الله ليس كمثله شيء، لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله. ولكن لفظ " التشبيه " في كلام هؤلاء النفاة المعطلة (4) لفظ مجمل، فإن أراد بلفظ (5) التشبيه ما نفاه
(1) أ: حقا، وهو خطأ.
(2) ب: فكان ما قد جاء به الرسول.
(3) الكلام بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) وقد أشرت إلى أوله (ص [0 - 9] 03) من قبل، وتوجد بدلا منه في النسختين هذه العبارات:. . فهذا متفق عليه بين أهل السنة فإنهم متفقون على. . . إلخ.
(4) أ، ب: في كلام الناس.
(5) م، أ، ب: بنفي.
*****************************
(1 القرآن ودل عليه العقل فهذا حق، فإن خصائص الرب تعالى لا يوصف بها شيء 1) (1) من المخلوقات، ولا يماثله [شيء من المخلوقات في] (2) شيء من صفاته.
مذهب سلف الأمة وأئمتها أن يوصف الله بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله، من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، يثبتون لله ما أثبته من الصفات، وينفون عنه مماثلة (3) المخلوقات، [يثبتون له صفات الكمال، وينفون عنه ضروب (4) الأمثال، ينزهونه عن النقص والتعطيل، وعن التشبيه والتمثيل] (5) ، إثبات بلا تشبيه (6) ، وتنزيه بلا تعطيل: {ليس كمثله شيء} رد على الممثلة، {وهو السميع البصير} [سورة الشورى: 11] رد على المعطلة.
ومن جعل صفات الخالق مثل صفات المخلوق فهو المشبه المبطل المذموم. وإن أراد بالتشبيه أنه لا يثبت لله شيء من الصفات، فلا يقال: له علم ولا قدرة ولا حياة ; لأن العبد موصوف بهذه الصفات ; فلزمه (7) أن لا يقال له: حي عليم قدير ; لأن العبد يسمى بهذه الأسماء، وكذلك في كلامه وسمعه وبصره ورؤيته وغير ذلك.
(1) (1 - 1) : ساقط من (م) .
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م)
(3) أ، ب: مشابهة.
(4) أ: ضرب.
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م)
(6) ب (فقط) : تمثيل.
(7) أ، ب: فيلزم.
*****************************
وهم يوافقون أهل السنة (* (1) على أن الله موجود حي عليم قادر، والمخلوق يقال له: [موجود] (2) حي عليم قدير ولا يقال: هذا تشبيه (3) يجب نفيه.
[وهذا مما يدل عليه الكتاب والسنة (4) وصريح العقل، ولا يمكن أن يخالف فيه عاقل، فإن الله تعالى سمى نفسه بأسماء، وسمى بعض عباده بأسماء، وكذلك سمى صفاته بأسماء، وسمى بعضها صفات خلقه، وليس المسمى كالمسمى، فسمى نفسه حيا عليما قديرا، رءوفا رحيما، عزيزا حكيما، سميعا بصيرا، ملكا مؤمنا، جبارا متكبرا، كقوله: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم} [سورة البقرة: 255] ، وقوله: {إنه عليم قدير} [سورة الشورى: 50] ، وقال: {ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور حليم} [سورة البقرة: 225] ، وقال: {والله عزيز حكيم} [سورة البقرة: 228، 240] ، وقال: {إن الله بالناس لرءوف رحيم} [سورة الحج: 65] ، وقال: {إن الله كان سميعا بصيرا} [سورة النساء: 58] ، وقال: {هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر} [سورة الحشر: 23] .
وقد سمى بعض عباده حيا، فقال: {يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي} [سورة الروم: 19] .
(1) : ما بين النجمتين: على أن الله موجود ص [0 - 9] 12. قائلا للباطل، والله أعلم (ص [0 - 9] 17) : ساقط من (م) ، وتوجد عبارة " يجب نفيه " بعد عبارة " أن الله موجود ".
(2) موجود: ساقطة من (ن) .
(3) أ، ب: التشبيه.
(4) وهذا مما يدل عليه الكتاب والسنة (ص [0 - 9] 12) : كان مشبها قائلا للباطل والله أعلم (ص [0 - 9] 12) : هذا الكلام بين المعقوفتين ساقط من (ن) وسأشير إليه عند نهايته بإذن الله.
****************************** ***
وبعضهم عليما بقوله: {وبشروه بغلام عليم} [سورة الذاريات: 28] (1) ، وبعضهم حليما بقوله: {فبشرناه بغلام حليم} [سورة الصافات: 101] ، وبعضهم رءوفا رحيما بقوله: {بالمؤمنين رءوف رحيم} [سورة التوبة: 128] ، وبعضهم سميعا بصيرا (بقوله: {فجعلناه سميعا بصيرا} [سورة الإنسان: 2] ) (2) ، وبعضهم عزيزا بقوله: {قالت امرأة العزيز} [سورة يوسف: 51] ، وبعضهم ملكا بقوله: {وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا} [سورة الكهف: 79] ، وبعضهم مؤمنا بقوله: {أفمن كان مؤمنا} [سورة السجدة: 18] ، وبعضهم جبارا متكبرا بقوله: {كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار} [سورة غافر: 35] .
ومعلوم أنه لا يماثل الحي الحي، ولا العليم العليم، ولا العزيز العزيز، ولا الرءوف الرءوف، ولا الرحيم الرحيم، ولا الملك الملك، ولا الجبار الجبار، ولا المتكبر المتكبر.
وقال: {ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء} [سورة البقرة: 255] ، وقال: {أنزله بعلمه} [سورة النساء: 166] ، وقال: {وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه} [سورة فاطر: 11] ، وقال: {إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين} [سورة الذاريات: 58] ، وقال: {أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة} [سورة فصلت: 15] .
وفي الصحيحين عن جابر بن عبد الله قال: «كان رسول الله - صلى الله
(1) أ، ب: (وبشرناه بغلام عليم) ، ولعله سهو من الناسخ.
(2) ما بين القوسين ساقط من (أ) وأثبته من (ب) .
****************************** **
عليه وسلم - يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن، يقول: " إذا هم أحدكم بالأمر فيركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب. اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر - يسميه - خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به» (1) .
وفي حديث عمار بن ياسر الذي رواه النسائي وغيره، عن عمار بن ياسر أن (2) النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو بهذا الدعاء: " «اللهم بعلمك الغيب، وبقدرتك على الخلق، أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي، اللهم إني أسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وأسألك كلمة الحق في الغضب والرضا، وأسألك القصد في
(1) الحديث عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه في: البخاري 2/56 (كتاب التهجد، باب ما جاء في التطوع) ، 8/81 (كتاب الدعوات، باب الدعاء عند الاستخارة) ، 9/118 (كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: قل هو القادر) ; سنن أبي داود 2/120 (كتاب الوتر، باب في الاستخارة) ; سنن الترمذي 2/298 - 299 (كتاب الوتر، باب ما جاء في صلاة الاستخارة) ; سنن النسائي 6/66 (كتاب النكاح، باب كيف الاستخارة) ; سنن ابن ماجه 1/440 (كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الاستخارة) ; المسند (ط. الحلبي) 3/344. وليس الحديث في مسلم، وانظر: مفتاح كنوز السنة (الاستخارة) .
(2) أ: عن.
*****************************
الفقر والغنى، وأسألك نعيما لا ينفد، وقرة عين لا تنقطع، وأسألك الرضا بعد القضاء، وأسألك برد العيش بعد الموت، وأسألك لذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة، اللهم زينا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهتدين» " (1) .
فقد سمى الله ورسوله صفات الله تعالى علما وقدرة وقوة، وقد قال الله تعالى (2) : {الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة} [سورة الروم: 54] ، وقال: {وإنه لذو علم لما علمناه} [سورة يوسف: 68] ، ومعلوم أنه ليس العلم كالعلم، ولا القوة كالقوة، ونظائر هذا كثيرة.
وهذا لازم لجميع العقلاء، فإن من نفى بعض ما وصف الله به نفسه كالرضا والغضب والمحبة والبغض ونحو ذلك، وزعم أن ذلك يستلزم التشبيه والتجسيم.
قيل له: فأنت تثبت له الإرادة والكلام والسمع والبصر، مع أن ما تثبته ليس مثل صفات المخلوقين، فقل فيما أثبته مثل قولك فيما نفيته وأثبته الله ورسوله إذ لا فرق بينهما.
فإن قال: أنا لا أثبت شيئا من الصفات.
قيل له: فأنت تثبت له الأسماء الحسنى مثل: حي وعليم وقدير،
(1) الحديث عن عمار بن ياسر - رضي الله عنه - مع اختلاف في الألفاظ في: سنن النسائي 3/46 - 47 (كتاب السهو، باب الدعاء بعد الذكر، نوع منه) ; المسند (ط. الحلبي) 4/264 ; المستدرك للحاكم 1/524 - 525 (كتاب الدعاء، باب دعاء عمار بن ياسر. . .) وقال الحاكم: " هذا حديث صحيح ولم يخرجاه "، وقال الذهبي في " تلخيص المستدرك ": " صحيح ".
(2) ب: وقد قال تعالى.
****************************** **
والعبد يسمى بهذه الأسماء، وليس ما تثبت للرب من هذه الأسماء مماثلا لما تثبت للعبد، فقل في صفاته نظير قولك ذلك في مسمى أسمائه.
فإن قال: وأنا لا أثبت له الأسماء الحسنى، بل أقول هي مجاز، أو هي أسماء لبعض مبتدعاته، كقول غلاة الباطنية والمتفلسفة.
قيل له: فلا بد أن تعتقد أنه حق قائم بنفسه، والجسم موجود قائم بنفسه وليس هو مماثلا له.
فإن قال: أنا لا أثبت شيئا، بل أنكر وجود الواجب.
قيل له: معلوم بصريح العقل أن الموجود إما واجب بنفسه، وإما غير واجب بنفسه، وإما قديم أزلي، وإما حادث كائن بعد أن لم يكن، وإما مخلوق مفتقر إلى خالق، وإما غير مخلوق ولا مفتقر إلى خالق، وإما فقير إلى ما سواه، وإما غني عما سواه.
وغير الواجب بنفسه لا يكون إلا بالواجب بنفسه، والحادث لا يكون إلا بقديم، والمخلوق لا يكون إلا بخالق، والفقير لا يكون إلا بغني عنه، فقد لزم على تقدير النقيضين وجود موجود واجب بنفسه قديم أزلي خالق غني عما سواه، وما سواه بخلاف ذلك.
وقد علم بالحس والضرورة وجود موجود حادث كائن بعد أن لم يكن، والحادث لا يكون واجبا بنفسه، ولا قديما أزليا، ولا خالقا لما سواه، ولا غنيا عما سواه، فثبت بالضرورة وجود موجودين: أحدهما غني والآخر فقير، وأحدهما خالق والآخر مخلوق، وهما متفقان في كون كل منهما شيئا موجودا ثابتا، بل وإذا كان المحدث جسما فكل منهما قائم بنفسه.
*****************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (97)
صـ 117 إلى صـ 123
ومن المعلوم أيضا أن أحدهما ليس مماثلا للآخر في حقيقته، إذ لو كان كذلك لتماثلا فيما يجب ويجوز ويمتنع ; وأحدهما يجب قدمه وهو موجود بنفسه ; وأحدهما غني عن كل ما سواه والآخر ليس بغني، وأحدهما خالق والآخر ليس بخالق، فلو تماثلا للزم أن يكون كل منهما واجب القدم ليس بواجب القدم، موجودا بنفسه ليس بموجود بنفسه، غنيا عما سواه ليس بغني عما سواه، خالقا ليس بخالق، فيلزم اجتماع النقيضين على تقدير تماثلهما، [وهو] (1) منتف بصريح العقل، كما هو منتف بنصوص الشرع، مع اتفاقهما في أمور أخرى، كما أن كلا منهما موجود ثابت له حقيقة وذات هي نفسه، والجسم قائم بنفسه، وهو قائم بنفسه.فعلم بهذه البراهين البينة اتفاقهما من وجه واختلافهما من وجه، فمن نفى ما اتفقا فيه كان معطلا قائلا للباطل، ومن جعلهما متماثلين كان مشبها قائلا للباطل، والله أعلم] *) (2) .
وذلك ; لأنهما وإن اتفقا في مسمى ما اتفقا فيه (3) ، فالله تعالى مختص بوجوده وعلمه وقدرته [وسائر صفاته] (4) ، والعبد لا يشركه في شيء من ذلك، والعبد [أيضا] (5) مختص بوجوده وعلمه وقدرته، والله تعالى (6) منزه
(1) وهو ساقط من (أ) .
(2) الكلام بين النجمتين وهو الذي بدأ ص 112 عند عبارة " وهذا مما يدل عليه الكتاب والسنة " والذي ينتهي في هذا الموضع ساقط من (ن) ، (م) وسقطت عبارات قبل ذلك من (م) أشرت إليها في ص 112.
(3) ن، م: في مسمى ذلك.
(4) وسائر صفاته: ساقط من (ن) ، (م) .
(5) أيضا: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) أ: وأنه تعالى.
***************************
عن مشاركة العبد في خصائصه، وإذا اتفقا في مسمى الوجود والعلم والقدرة، فهذا المشترك مطلق كلي يوجد في الأذهان لا في الأعيان، والموجود (1) في الأعيان مختص لا اشتراك فيه.
وهذا موضع اضطرب فيه كثير من النظار ; حيث توهموا أن [الاتفاق في] (2) مسمى هذه الأشياء يوجب أن يكون الوجود الذي للرب هو الوجود الذي للعبد.
وطائفة ظنت أن لفظ " الوجود " يقال بالاشتراك اللفظي، وكابروا عقولهم، فإن هذه الأسماء عامة قابلة للتقسيم، كما يقال: الموجود ينقسم إلى واجب وممكن وقديم وحادث. ومورد التقسيم [مشترك] (3) بين الأقسام، واللفظ المشترك كلفظ " المشترى " الواقع على المبتاع والكوكب لا ينقسم معناه، ولكن يقال لفظ " المشترى " يقال على كذا وعلي كذا.
وطائفة ظنت أنها إذا سمت هذا اللفظ ونحوه مشككا لكون الوجود بالواجب أولى منه بالممكن، خلصت من هذه الشبهة، وليس كذلك. فإن تفاضل المعنى المشترك الكلي لا يمنع (4) أن يكون أصل المعنى مشتركا بين اثنين، كما أن معنى " السواد " مشترك بين هذا السواد وهذا السواد، وبعضه أشد من بعض.
(1) ن: والوجود.
(2) الاتفاق في: ساقطة من (ن) ، وفي (م) : الاشتراك في.
(3) مشترك: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) ن: لا يمتنع.
****************************** **
وطائفة ظنت أن من قال: الوجود متواطئ عام، فإنه يقول: وجود الخالق زائد على حقيقته، ومن قال: حقيقته هي وجوده، قال: إنه مشترك اشتراكا لفظيا، وأمثال هذه المقالات التي قد بسط الكلام عليها في غير هذا الموضع.
وأصل خطأ هؤلاء توهمهم أن هذه الأسماء العامة الكلية يكون مسماها المطلق الكلي هو بعينه ثابتا في هذا المعين [وهذا المعين] (1) ، وليس كذلك فإن ما يوجد في الخارج لا يوجد مطلقا كليا، لا يوجد إلا معينا مختصا. (* وهذه الأسماء إذا سمي بها كان مسماها مختصا به، (2 وإذا سمي بها العبد كان مسماها مختصا به 2) (2) *) (3) فوجود الله وحياته لا يشركه فيها (4) غيره، بل وجود هذا الموجود المعين لا يشركه فيه غيره، فكيف بوجود الخالق؟ .
وإذا قيل: قد اشتركا في مسمى الوجود (5) ، فلا بد أن يتميز أحدهما عن الآخر بما يخصه، وهو الماهية والحقيقة التي تخصه.
قيل: اشتراكا في الوجود المطلق الذهني، لا اشتراكا في مسمى الحقيقة (6) والماهية والذات والنفس. وكما أن حقيقة هذا تخصه،
(1) وهذا المعين: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) (2 - 2) ساقط من (أ) ، (ب) ، (م) .
(3) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
(4) ، م: فيه.
(5) ، ب: في المسمى.
(6) ، م: بل اشتركا في الوجود المطلق الذهني كما اشتركا في مسمى الحقيقة. . إلخ.
****************************** ******
فكذلك وجوده يخصه، والغلط نشأ من جهة [أخذ] (1) الوجود مطلقا، وأخذ الحقيقة مختصة، وكل منهما يمكن أخذه مطلقا ومختصا، فالمطلق مساو للمطلق، والمختص مساو للمختص، فالوجود المطلق مطابق للحقيقة المطلقة، ووجوده (2) المختص مطابق لحقيقته المختصة، والمسمى بهذا وهذا واحد، وإن تعددت جهة التسمية، كما يقال: هذا هو ذاك فالمشار إليه واحد، لكن بوجهين مختلفين.
[وأيضا فإذا اشتركا في مسمى الوجود الكلي، فإن أحدهما يمتاز عن الآخر بوجوده الذي يخصه، كما أن الحيوانين والإنسانين إذا اشتركا في مسمى الحيوانية والإنسانية، فإنه يمتاز أحدهما عن الآخر بحيوانية تخصه وإنسانية تخصه، فلو قدر أن الوجود الكلي ثابت في الخارج، لكان التمييز يحصل بوجود خاص، لا يحتاج أن يقال: هو مركب من وجود وماهية، فكيف والأمر بخلاف ذلك؟ .
ومن قال: إنه وجود مطلق بشرط سلب كل أمر ثبوتي، فقوله أفسد من هذه الأقوال] (3) وهذه المعاني مبسوطة في غير هذا الموضع.
والمقصود أن إثبات الأسماء والصفات لله، لا يستلزم أن يكون سبحانه مشبها مماثلا لخلقه.
[التعليق على قوله أن الله هو المخصوص بالأزلية والقدم]
وأما قوله: " إنهم اعتقدوا أن الله هو المخصوص بالأزلية والقدم " (4) .
(1) أخذ: ساقطة من (ن) .
(2) أ: ووجود ; ب: والوجود.
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(4) هذه العبارة وردت ضمن كلامه السابق ص 97 وهي في منهاج الكرامة 1/82 (م) ، وفي هذين الموضعين: لأنهم اعتقدوا.
*************************
فيقال: أولا: جميع المسلمين يعتقدون أن كل ما سوى الله مخلوق حادث بعد أن لم يكن، وهو المختص بالقدم والأزلية.
ثم يقال: ثانيا: الذي جاء به الكتاب والسنة هو توحيد الإلهية (1) ، فلا إله إلا هو، فهذا هو التوحيد الذي بعث الله به رسله وأنزل به كتبه، كما قال تعالى: {وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم} [سورة البقرة: 163] ، وقال تعالى (2) : {وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد} [سورة النحل: 51] ، وقال: {وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون} [سورة الأنبياء: 25] .
ومثل هذا في القرآن كثير، كقوله تعالى: {فاعلم أنه لا إله إلا الله} [سورة محمد: 19] ، وقوله: {إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون} [سورة الصافات: 35] .
وبالجملة فهذا أول ما دعا إليه الرسول [وآخره] (3) ; حيث قال: " «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا (4) لا إله إلا الله وإني رسول الله» " (5) .
(1) ن، م: الذي جاء به الكتاب أن الله مخصوص بالإلهية.
(2) وقال تعالى: ساقطة من (ن) فقط.
(3) وآخره: ساقطة من (ن) .
(4) ن، م: يشهدوا.
(5) الحديث عن جماعة من الصحابة بروايات مختلفة في: البخاري 1/10 (كتاب الإيمان، باب فإن تابوا وأقاموا الصلاة. . . إلخ) ، 9/15 (كتاب استتابة المرتدين والمعاندين، باب قتل من أبى قبول الفرائض) ; مسلم 1/52 - 53 (كتاب الإيمان، باب الأمر بقتال الناس. . إلخ) . وقال السيوطي في " الجامع الصغير ": " متفق عليه، رواه الأربعة عن أبي هريرة وهو متواتر ".
*************************
وقال لعمه أبي طالب: " «يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله» " (1) وقال: " «من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة» " (2) .
وقال: " «لقنوا موتاكم لا إله إلا الله» " (3) .
وكل هذه الأحاديث في الصحاح.
(1) الحديث عن سعيد بن المسيب عن أبيه المسيب بن حزن - رضي الله عنه في: البخاري 2/95 (كتاب الجنائز، باب إذا قال المشترك عند الموت لا إله إلا الله) ، 5/52 (كتاب مناقب الأنصار، باب قصة أبي طالب) ، 6 (كتاب التفسير، سورة (براءة) ، قوله تعالى: (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين. .) " سورة التوبة: 113 "، 6/112 - 113 (كتاب التفسير، سورة القصص، باب إنك لا تهدي من أحببت) سورة القصص: 56) ، 8/138 - 139 (كتاب الأيمان والنذور، باب إذا قال: والله لا أتكلم اليوم. .) ; مسلم 1/54 - 55 (كتاب الإيمان، باب الدليل على صحة إسلام من حضره الموت. .) وذكر مسلم الحديث بمعناه من طريقين عن أبي هريرة - رضي الله عنه ; المسند (ط. الحلبي) 5/433.
(2) الحديث عن معاذ بن جبل - رضي الله عنه في: سنن أبي داود 3/258 - 259 (كتاب الجنائز، باب في التلقين) ; المستدرك للحاكم 1/351 (كتاب الجنائز، باب من كان آخر كلامه. .) وقال الحاكم: " هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه " ووافقه الذهبي ; مشكاة المصابيح للتبريزي 1/511 وصححه الألباني (ت [0 - 9] ) .
(3) الحديث عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة - رضي الله عنهما في: مسلم 2/631 (كتاب الجنائز، باب تلقين الموتى لا إله إلا الله. .) ; سنن أبي داود 3/259 (كتاب الجنائز، باب في التلقين) ; سنن الترمذي 2/225 (كتاب الجنائز، باب في تلقين المريض عند الموت والدعاء له) وقال الترمذي: " وفي الباب عن أبي هريرة وأم مسلمة وعائشة وجابر وسعدى المرية وهي امرأة طلحة بن عبيد الله " ; سنن ابن ماجه 1/464 (كتاب الجنائز، باب ما جاء في تلقين الميت لا إله إلا الله) ; المسند (ط. الحلبي) 3/3.
****************************
وهذا من أظهر ما يعلم [بالاضطرار] (1) من دين النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو توحيد الإلهية: أنه لا إله إلا الله (2) .
وأما كون القديم الأزلي واحدا، فهذا اللفظ لا يوجد لا في كتاب [الله] ولا في سنة [نبيه] (3) ، بل (4) ولا جاء اسم " القديم " في أسماء الله تعالى، وإن كان من أسمائه " الأول ".
والأقوال نوعان: فما كان منصوصا في الكتاب [والسنة] (5) ، وجب الإقرار به على كل مسلم، وما لم يكن له أصل في النص والإجماع، لم يجب قبوله ولا رده حتى يعرف معناه.
فقول القائل: القديم الأزلي واحد، وإن الله مخصوص بالأزلية والقدم، لفظ مجمل. فإن أراد به أن الله بما يستحقه من صفاته اللازمة له هو القديم الأزلي دون مخلوقاته، فهذا حق. ولكن هذا مذهب أهل السنة والجماعة.
وإن أراد به أن القديم الأزلي هو الذات التي لا صفات لها: لا حياة \ 8 11) (6) ولا علم ولا قدرة ; لأنه لو كان لها صفات (7) لكانت قد شاركتها في القدم، ولكانت إلها مثلها.
(1) بالاضطرار: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) ن، م: إلا هو.
(3) ن، م: لا في كتاب ولا سنة.
(4) بل: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(5) والسنة: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) ا، ب: التي لا صفة لها ولا حياة. . إلخ
(7) أ، ب: صفة.
****************************** *
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (98)
صـ 124 إلى صـ 130
[فهذا الاسم هو اسم للرب (1) الحي العليم القدير، ويمتنع حي لا حياة له، وعليم لا علم له، وقدير لا قدرة له، كما يمتنع مثل ذلك في نظائره.وإذا قال القائل: صفاته زائدة على ذاته، فالمراد أنها زائدة على ما أثبته النفاة، لا أن في نفس الأمر ذاتا مجردة عن الصفات وصفات زائدة عليها، فإن هذا باطل.
ومن حكى عن أهل السنة أنهم يثبتون مع الله ذواتا قديمة بقدمه، وأنه مفتقر إلى تلك الذوات، فقد كذب عليهم. فإن للنظار في هذا المقام أربعة أقوال: ثبوت الصفات، وثبوت الأحوال، ونفيهما جميعا، وثبوت الأحوال دون الصفات (2)
(1) فهذا الاسم هو اسم للرب (ص 124) . . وإذا كانت صفة النبي المحدث (ص [0 - 9] 30) . ساقط من (ن) ، (م) وسأشير إليه عند نهايته إن شاء الله.
(2) القائل بالأحوال هو أبو هاشم الجبائي (انظر ترجمته فيما سبق 1/270 ت [0 - 9] ) . ويلخص الشهرستاني مذهبه في الأحوال في الملل والنحل 1 - 76 كالآتي: " وعند أبي هاشم: هو عالم لذاته، بمعنى أنه " ذو حالة " هي صفة معلومة وراء كونه ذاتا موجودا، وإنما تعلم الصفة على الذات لا بانفرادها، فأثبت " أحوالا " هي صفات: لا موجودة ولا معدومة، ولا معلومة ولا مجهولة، أي هي على حيالها لا تعرف كذلك بل مع الذات. قال: والعقل يدرك فرقا ضروريا بين معرفة الشيء مطلقا وبين معرفته على صفة، فليس من عرف الذات عرف كونه عالما، ولا من عرف الجوهر عرف كونه متحيزا قابلا للعرض. ولا شك أن الإنسان يدرك اشتراك الموجودات في قضية وافتراقها في قضية، وبالضرورة يعلم أن ما اشتركت فيه غير ما افترقت به، وهذه القضايا العقلية لا ينكرها عاقل، وهي لا ترجع إلى الذات ولا إلى أعراض وراء الذات، فإنه يؤدي إلى قيام العرض بالعرض، فتعين بالضرورة أنها " أحوال " فكون العالم عالما " حال " هي صفة وراء كونه ذاتا، أي المفهوم منها غير المفهوم من الذات، وكذلك كونه قادرا حيا. . ثم أثبت للباري تعالى " حالة أخرى أوجبت تلك " الأحوال ".
وانظر عن " الأحوال " أيضا: أصول الدين لابن طاهر البغدادي، ص [0 - 9] 2 ; الفرق بين الفرق، ص [0 - 9] 17 ; التبصير في الدين، ص [0 - 9] 3 - 54 ; نهاية الإقدام للشهرستاني، ص 131 - 149، المعتزلة لزهدي جار الله، ص 69 - 70 ; فلسفة المعتزلة لألبير نصري نادر 1/225 - 230، دائرة المعارف الإسلامية مادة " الجبائي " ومادة " الحال ".
******************************
فالأول: قول جمهور نظار المثبتة الصفاتية، يقولون: إنه عالم بعلمه، وقادر بقدرته، وعلمه نفس عالميته، وقدرته نفس قادريته.
وعقلاء النفاة كأبي الحسين البصري (1) وغيره يسلمون أن كونه حيا ليس هو كونه عالما، وكونه عالما ليس هو كونه قادرا، وكذلك مثبتة الأحوال منهم (2) ، وهذا بعينه هو مذهب جمهور المثبتة للصفات دون الأحوال.
ولكن من أثبت الأحوال مع الصفات، كالقاضي أبي بكر والقاضي
(1) أ، ب: أبو الحسن البصري، والصواب ما أثبته. وهو أبو الحسين محمد بن علي الطيب البصري، وسبق الكلام عليه 1/395. وانظر ترجمته أيضا في: لسان الميزان 5/298 ; تاريخ بغداد 3/100.
(2) ذكر الشهرستاني في " نهاية الإقدام " ص [0 - 9] 77: فتمايز المفهومات والاعتبارات عندكم وتمايز الأحوال عند أبي هاشم وتمايز الصفات عند أبي الحسين على وتيرة واحدة وكلكم يشير إلى مدلولات مختلفة الخواص والحقائق ". وانظر أيضا نفس المرجع، ص 175. ويقول ابن طاهر في أصول الدين، ص [0 - 9] 2: " وعلم أبو هاشم بن الجبائي فساد قول أبيه بأن جعل نفس الباري علة لكونه عالما وقادرا، فخالف أباه وزعم أن الله عالم كونه على حال، قادر لكونه على حال، وزعم أن لكونه عالما بكل معلوم حالا دون الحال التي لأجلها كان عالما بالمعلوم الآخر. . . إلخ) وانظر الملل والنحل 1/77.
*****************************
أبي يعلى وأبي المعالي في أول قوله (1) ، فهؤلاء يتوجه رد النفاة إليهم (2) .
وأما من نفى الصفات والأحوال جميعا، كأبي علي وغيره من المعتزلة، فهؤلاء يسلمون ثبوت الأسماء والأحكام، فيقولون: نقول: إنه حي عليم قدير، فيخبر عنه بذلك ويحكم بذلك ونسميه بذلك.
فإذا قالوا لبعض الصفاتية: أنتم توافقون على أنه خالق عادل، وإن لم يقم بذاته خلق وعدل، فكذلك حي عليم قدير.
قيل: موافقة هؤلاء لكم لا تدل على صحة قولكم، فالسلف والأئمة وجمهور المثبتة يخالفونكم جميعا، ويقولون: إنه يقوم بذاته أفعاله سبحانه وتعالى.
ثم هذه الأسماء دلت على خلق ورزق، كما دل متكلم ومريد على كلام وإرادة، ولكن هؤلاء النفاة جعلوا المتكلم والمريد والخالق والعادل يدل على معان منفصلة عنه، وجعلوا الحي والعليم والقدير لا تدل على معان لا قائمة به ولا منفصلة عنه، وجعلوا كل ما وصف الرب به نفسه من كلامه ومشيئته وحبه وبغضه ورضاه وغضبه إنما هي مخلوقات منفصلة عنه، فجعلوه موصوفا بما هو منفصل عنه، فخالفوا صريح العقل والشرع واللغة.
(1) يقول الشهرستاني في " نهاية الإقدام "، ص [0 - 9] 31 عند كلامه عن الأحوال: " وأثبتها القاضي أبو بكر الباقلاني - رحمه الله - بعد ترديد الرأي فيها على قاعدة غير ما ذهب إليه أبو هاشم، ونفاها صاحب مذهبه الشيخ أبو الحسن الأشعري وأصحابه رضي الله عنهم، وكان إمام الحرمين من المثبتين في الأول والنافين في الآخر ".
(2) خصص ابن حزم فصلا في كتابه " الفصل " 5/165 - 171 للرد على الأشاعرة في ذلك، عنوانه " الكلام في الأحوال مع الأشعرية ومن وافقهم ".
****************************** ***
فإن العقل الصريح يحكم بأن الصفة إذا قامت بمحل عاد حكمها على ذلك المحل لا على غيره، فالمحل الذي قامت به الحركة والسواد والبياض كان متحركا أسود أبيض لا غيره، وكذلك الذي قام به الكلام والإرادة والحب والبغض والرضا، هو الموصوف بأنه المتكلم المريد المحب المبغض الراضي دون غيره، وما لم يقم به الصفة لا يتصف بها، فما لم يقم به كلام وإرادة وحركة وسواد وفعل، لا يقال له: متكلم ولا مريد ولا متحرك [ولا أسود] (1) ولا فاعل، وأما إذا لم يكن هناك معنى يتصف به، فلا يسمى بأسماء المعاني.
وهؤلاء سموه حيا عالما قادرا، مع أنه عندهم لا حياة له ولا علم ولا قدرة، وسموه مريدا متكلما مع أن الإرادة والكلام قائم بغيره. وكذلك من سماه خالقا فاعلا، مع أنه لم يقم به خلق ولا فعل، فقوله من جنس قولهم.
ونصوص الكتاب والسنة قد أثبتت اتصافه بالصفات القائمة به، واللغة توجب أن صدق المشتق مستلزم لصدق المشتق منه، فيوجب إذا صدق اسم الفاعل والصفة المشبهة، أن يصدق مسمى المصدر، فإذا قيل: قائم وقاعد، كان ذلك مستلزما للقيام والقعود، وكذلك إذا قيل: فاعل وخالق، كان ذلك مستلزما للفعل والخلق، وكذلك إذا قيل: متكلم ومريد، كان ذلك مستلزما للكلام والإرادة، وكذلك إذا قيل: حي عالم قادر، كان ذلك مستلزما للحياة والعلم والقدرة.
ومن نفى قيام الأفعال، وقال: لو كان خالقا بخلق، لكان إن كان
(1) ولا أسود: ساقطة من (أ) .
****************************** ***
قديما لزم قدم المخلوق، وإن كان حادثا لزم أن يكون له خلق آخر، فيلزم التسلسل، ويلزم قيام الحوادث.
قد أجابه الناس بأجوبة متعددة، كل على أصله: فطائفة قالت بقدم الخلق دون المخلوق، وعارضوه بالإرادة، فإنه يقول: إنها قديمة مع أن المراد محدث. قالوا: فكذلك الخلق، وهذا جواب كثير من الحنفية والحنبلية والصوفية وأهل الحديث وغيرهم.
وطائفة قالت: بل الخلق لا يفتقر إلى خلق آخر، كما أن المخلوق عنده كله لا يفتقر إلى خلق، فإذا لم يفتقر شيء من الحوادث إلى خلق عنده، فأن (1) لا يفتقر الخلق الذي به خلق المخلوق إلى خلق أولى، وهذا جواب كثير من المعتزلة والكرامية وأهل الحديث والصوفية وغيرهم.
ثم من هؤلاء من يقول: الخلق قائم به. ومنهم من يقول: قائم بالمخلوق، ومنهم من يقول: قائم لا في محل، كما يقول البصريون من المعتزلة في الإرادة.
وطائفة التزمت التسلسل، ثم هؤلاء صنفان: منهم من قال بوجود معان لا نهاية لها في آن واحد، وهذا قول ابن عباد (2) وأصحابه.
(1) أ: فإنه.
(2) هو معمر بن عباد السلمي: معتزلي من الغلاة من أهل البصرة، سكن بغداد، وناظر النظام، وكان أعظم القدرية غلوا، وتنسب إليه طائفة تعرف بالمعمرية، توفي سنة 215 ويقال حوالي سنة 220. قال عن مذهبه في المعاني أبو القاسم البلخي في كتابه " مقالات الإسلاميين ". (ضمن كتاب فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة) ص [0 - 9] 1، تحقيق الأستاذ فؤاد سيد، ط. تونس، 1393/1974: " والذي تفرد به القول بالمعاني، وتفسيره أن الحركة إنما خالفت السكون لمعنى هو غيرها، وكذلك السكون إنما خالف الحركة بمعنى هو غيره، وأن ذينك المعنيين إنما اختلفا أيضا بمعنى هو غيرهما، ثم كذلك كل معنيين اختلفا بمعنيين غيرهما إلى ما لا نهاية.، وانظر عن معمر بن عباد وعن آرائه: فضل الاعتزال، ص [0 - 9] 66 - 267 ; الفرق بين الفرق، ص [0 - 9] 1 - 94 ; الملل والنحل 1/65 - 67 ; الانتصار للخياط ص [0 - 9] 5 - 48، (ط. بيروت، 1957) ; لسان الميزان 6/71 (وقال عن اسمه: بالتشديد) ; خطط المقريزي 2/347 ; اللباب 3/161 ; الأعلام 8/190. وانظر عن مذهبه في المعاني: مقالات الإسلاميين للأشعري 1/228 - 229، 2 ; التبصير في الدين، ص 45 الفصل لابن حزم 5/161 - 163 ; الانتصار للخياط، ص [0 - 9] 6 - 47 ; فلسفة المعتزلة للدكتور ألبير نصري نادر 1/221 - 224 ; المعتزلة للأستاذ زهدي جار الله، ص [0 - 9] 7، 67 - 69.
*****************************
ومنهم من قال: بل تكون شيئا بعد شيء، وهو قول كثير من أئمة الحديث والسنة وأئمة الفلاسفة.
وأما التسلسل فمن الناس من لم يلتزمه، وقال: كما أنه يجوز عندكم حوادث منفصلة لا ابتداء لها، فكذلك يجوز قيام حوادث بذاته لا ابتداء لها، وهذا قول كثير من الكرامية والمرجئة والهشامية وغيرهم.
ومنهم من قال: بل التسلسل جائز في الآثار دون المؤثرات، والتزم أنه يقوم بذاته ما لا يتناهى شيئا بعد شيء، ويقول:
إنه لم يزل متكلما بمشيئته ولا نهاية لكلماته، وهذا قول أئمة الحديث وكثير من النظار.
والكلام على قيام الأمور الاختيارية بذاته مبسوط في موضع آخر.(1 فهذا قول المعتزلة والشيعة الموافقين لهم، وهو قول باطل ; لأن صفة الإله لا يجب أن تكون إلها، كما أن صفة النبي لا يجب أن تكون نبيا 1) (1) .
(1) (1 - 1) : ساقط من (أ) ، (ب) .
*********************
وإذا كانت صفة النبي المحدث] (1) موافقة (2) له في الحدوث، لم يلزم أن تكون نبيا مثله، فكذلك صفة الرب اللازمة له إذا كانت قديمة بقدمه لم يلزم أن تكون إلها مثله.
فهؤلاء مذهبهم (3) نفي صفات الكمال (4) اللازمة لذاته، وشبهتهم التي أشار إليها (5) ، أنها لو كانت قديمة لكان القديم أكثر من واحد، كما يقول ابن سينا وأمثاله.
وأخذ ذلك ابن سينا وأمثاله من المتفلسفة عن المعتزلة، فقالوا (6) : لو كان له صفة واجبة (7) لكان الواجب أكثر من واحد، وهذا تلبيس، فإنهم إن أرادوا أن يكون الإله القديم، أو الإله الواجب، أكثر من واحد، فالتلازم (8) باطل، فليس يجب أن تكون صفة الإله إلها، ولا صفة الإنسان إنسانا، ولا صفة النبي نبيا، [ولا صفة الحيوان حيوانا] (9) .
وإن أرادوا أن الصفة توصف بالقدم (* كما يوصف الموصوف بالقدم، فهو كقول (10) القائل: توصف صفة المحدث بالحدوث *) (11) ، كما يوصف الموصوف بالحدوث.
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، وسبق أن أشرت إلى بداية السقط (ص [0 - 9] 24) .
(2) ن، م: مشاركة.
(3) ن، م: قصدهم.
(4) أ، ب: نفي صفاته.
(5) ن، م: وشبههم التي أشاروا إليها.
(6) ن، م: وأخذ ابن سينا ذلك من المتفلسفة فقال:. . . وهو تحريف.
(7) ن: واحدة، وهو خطأ.
(8) ن، م: فاللازم.
(9) : ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(10) ن: بقول.
(11) : ما بين النجمتين ساقط من (م) .
******************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (99)
صـ 131 إلى صـ 137
وكذلك إذا قيل: توصف بالوجوب (1 كما يوصف الموصوف بالوجوب 1) (1) ، فليس المراد أنها (2) : توصف بوجوب أو قدم أو حدوث (3) على سبيل الاستقلال، فإن الصفة لا تقوم بنفسها ولا تستقل بذاتها، ولكن المراد أنها (4) قديمة واجبة بقدوم الموصوف ووجوبه، إذا عني بالواجب ما لا فاعل له، وعني بالقديم (5) ما لا أول له، وهذا حق لا محذور فيه.
[وقد بسط الكلام على هذا بسطا مستوفى في مواضع، بين ما في لفظ " واجب الوجود " و " القديم " من الإجمال، وشبهة نفاة الصفات، وهو لم يذكر هنا إلا شيئا مختصرا، قد ذكرنا ما يناسب هذا الموضع.
وبينا في موضع آخر أن لفظ " القديم " و " واجب الوجود " فيه إجمال. فإذا أريد بالقديم القائم بنفسه، أو الفاعل القديم، أو الرب القديم، ونحو ذلك، فالصفة ليست قديمة بهذا الاعتبار، بل هي صفة القديم. وإذا أريد مالا ابتداء له، ولم يسبقه عدم مطلقا فالصفة قديمة.
وكذلك لفظ " واجب الوجود " إن أريد به القائم بنفسه الموجود بنفسه، فالصفة ليست واجبة، بل هي صفة واجب الوجود، وإن أريد ما لا فاعل له، أو ما ليس له علة فاعلة، فالصفة واجبة الوجود، وإن أريد به مالا تعلق له بغيره، فليس في الوجود واجب الوجود بهذا الاعتبار، فإن
_________
(1) (1 - 1) : ساقط من (أ) ، (ب) .
(2) ن، م: بها.
(3) عبارة " أو حدوث ": ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) ن، م: بها.
(5) ن (فقط) : بالقدم.
**********************
البارئ تعالى خالق لكل ما سواه، فله تعلق (1) بمخلوقاته، وذاته ملازمة لصفاته، وصفاته ملازمة لذاته، وكل من صفاته اللازمة ملازمة لصفته الأخرى.
وبينا أن واجب الوجود الذي دلت عليه الممكنات، والقديم الذي دلت عليه المحدثات، الذي هو الخالق الموجود بنفسه، الذي لم يزل ولا يزال ويمتنع عدمه، فإن تسمية الرب واجبا بذاته وجعل ما سواه ممكنا، ليس هو قول أرسطو وقدماء الفلاسفة، ولكن كانوا يسمونه مبدءا وعلة، ويثبتونه من جهة الحركة الفلكية، فيقولون: إن الفلك يتحرك للتشبه به.
فركب ابن سينا وأمثاله مذهبا من قول أولئك وقول المعتزلة، فلما قالت المعتزلة: الموجود ينقسم إلى قديم وحادث، وإن القديم لا صفة له، قال هؤلاء: إنه ينقسم إلى واجب وممكن، والواجب لا صفة له، ولما قال أولئك: يمتنع تعدد القديم، قال هؤلاء: يمتنع تعدد الواجب] (2) .
[التعليق على قوله أن كل ما سواه محدث]
وأما قوله: " إن [كل] (3) ما سواه محدث " (4) فهذا حق، والضمير في " ما سواه " عائد إلى الله، وهو إذا ذكر باسم مظهر
_________
(1) أ: فله تعالى، وهو تحريف.
(2) الكلام بين المعقوفتين (ص [0 - 9] 31 - 132) : ساقط من (ن) ، (م) وسقطت العبارات التالية (وأما قوله. . فهذا حق) من (م) أيضا.
(3) كل: ساقطة من (ن) .
(4) وردت هذه العبارة من قبل ص 97 وفي: " منهاج الكرامة " 1/82 (م) . وفيهما: وأن.
****************************** *
أو مضمر، دخل في مسمى اسمه (1) صفاته، فهي لا تخرج (2) عن مسمى أسمائه.
فمن قال: دعوت الله أو عبدته، فهو إنما دعا الحي [القيوم] (3) ، العليم القدير، الموصوف بالعلم والقدرة وسائر صفات الكمال.
[التعليق على قوله لأنه واحد وليس بجسم ولا جوهر]
وأما قوله: " لأنه واحد وليس (4) بجسم " (5) .
فإن أراد بالواحد ما أراده (6) الله ورسوله بمثل (7) قوله: {وإلهكم إله واحد} [سورة البقرة: 163] ، وقوله: {وهو الواحد القهار} [سورة الرعد: 16] (8) [ونحو ذلك] (9) ، فهذا حق.
وإن أراد بالواحد ما تريده الجهمية نفاة الصفات من أنه ذات مجردة عن الصفات، فهذا " الواحد " لا حقيقة له في الخارج، وإنما يقدر في الأذهان لا في الأعيان، ويمتنع وجود ذات مجردة عن الصفات، ويمتنع
_________
(1) ن: اسم، وهو تحريف.
(2) ن: فهو لا يخرج.
(3) القيوم: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) ن، م: ليس.
(5) اختصر ابن تيمية هنا عبارة ابن المطهر كما فعل من قبل (ص [0 - 9] 02) ووردت العبارة بتمامها قبل ذلك وهي: " لأنه واحد، وأنه ليس بجسم ولا جوهر، وأنه ليس بمركب لأن كل مركب محتاج إلى جزئه لأن جزأه غيره، ولا عرض ". وقد بينت في ص 97 الفروق الموجودة في هذه العبارة بين نص " منهاج السنة " ونص " منهاج الكرامة " ص 82 (م) .
(6) ن، م: ما أراد.
(7) ن، م: مثل.
(8) ن، م، ب، أ: وهو الله الواحد القهار، وهو سهو من الناسخ أو المؤلف.
(9) عبارة " ونحو ذلك ": ساقطة من (ن) ، (م) .
****************************** *
وجود حي عليم (1) قدير لا حياة له ولا علم ولا قدرة، فإثبات الأسماء دون الصفات سفسطة في العقليات وقرمطة في السمعيات.
وكذلك قوله: " ليس بجسم "، لفظ الجسم فيه إجمال.
قد يراد به المركب الذي كانت أجزاؤه مفرقة (2) فجمعت، أو ما يقبل التفريق والانفصال، أو المركب من مادة وصورة، [أو المركب من الأجزاء المفردة التي تسمى الجواهر الفردة] (3) . والله [تعالى] (4) منزه عن [ذلك كله] : عن أن يكون كان متفرقا فاجتمع (5) ، أو أن يقبل التفريق والتجزئة التي هي مفارقة (6) بعض الشيء بعضا وانفصاله عنه، أو غير ذلك من التركيب الممتنع [عليه] (7) .
وقد يراد بالجسم ما يشار إليه، أو ما يرى، أو ما تقوم به الصفات ; والله تعالى يرى في الآخرة، وتقوم به الصفات، ويشير إليه الناس عند الدعاء بأيديهم وقلوبهم (8) ووجوههم وأعينهم.
فإن أراد بقوله: " ليس بجسم " هذا المعنى.
_________
(1) ن، م: عليم حي.
(2) ن، م: متفرقة.
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(4) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
(5) ن، م: منزه عن أن يكون كان متفرقا فاجتمع ; أ، ب: منزه عن ذلك كله أو كان متفرقا فاجتمع، ولعل الصواب ما أثبته.
(6) ن، م: مقارنة.
(7) عليه: ساقطة من (ن) ، (م) . وفي (أ) : عليهم.
(8) ن، م: بقلوبهم وأيديهم.
*************************
قيل له: (* هذا المعنى الذي قصدت نفيه (1) بهذا اللفظ معنى ثابت بصحيح المنقول وصريح المعقول، وأنت لم تقم دليلا على نفيه.
وأما اللفظ فبدعة نفيا وإثباتا، فليس في الكتاب ولا السنة ولا قول أحد من سلف الأمة وأئمتها إطلاق لفظ " الجسم " في صفات الله تعالى، لا نفيا ولا إثباتا.
وكذلك لفظ " الجوهر " و " المتحيز " ونحو ذلك من الألفاظ التي تنازع أهل الكلام المحدث فيها نفيا وإثباتا.
وإن قال:. . كل ما يشار إليه ويرى وترفع إليه الأيدي، فإنه لا يكون إلا جسما مركبا من الجواهر الفردة (2) ، أو من المادة والصورة.
قيل له: هذا محل نزاع، فأكثر العقلاء ينفون ذلك، وأنت لم تذكر على ذلك دليلا، وهذا منتهى نظر النفاة، فإن عامة ما عندهم أن تقوم به الصفات، ويقوم به الكلام والإرادة والأفعال، وما يمكن رؤيته بالأبصار لا يكون إلا جسما مركبا من الجواهر الفردة (3) ، أو من المادة والصورة، وما يذكرونه من العبارة فإلى هذا يعود.
وقد تنوعت طرق أهل الإثبات في الرد عليهم، فمنهم من سلم لهم أنه يقوم به الأمور الاختيارية من الأفعال وغيرها ولا يكون إلا جسما، ونازعهم فيما يقوم به من الصفات التي لا يتعلق منها شيء بالمشيئة والقدرة.
_________
(1) هذا المعنى الذي قصدت نفيه. . وأحمد بن حنبل وغير هؤلاء (ص [0 - 9] 44) : ساقط من (ن) ، (م) . وسأشير إليه عند نهايته بإذن الله.
(2) أ: المفردة.
(3) أ: المنفردة.
*****************************
ومنهم من نازعهم في هذا وهذا، وقال: بل لا يكون هذا جسما ولا هذا جسما، ومنهم من سلم لهم أنه جسم، ونازعهم في كون القديم ليس بجسم.
وحقيقة الأمر أن لفظ " الجسم " فيه منازعات لفظية ومعنوية، والمنازعات (1) اللفظية غير معتبرة في المعاني العقلية، وأما المنازعات المعنوية فمثل تنازع الناس فيما يشار إليه إشارة حسية: هل يجب أن يكون مركبا من الجواهر الفردة (2) ، أو من المادة والصورة، أو لا يجب واحد منهما، فذهب كثير من النظار من المعتزلة والأشعرية (3) ومن وافقهم إلى أنه لا بد أن يكون مركبا من الجواهر الفردة (4) ، ثم جمهور هؤلاء قالوا: إنه مركب من جواهر متناهية، وقال بعض (5) النظار: بل من جواهر غير متناهية (6) .
وذهب كثير من النظار من المتفلسفة إلى أنه يجب أن يكون مركبا من المادة والصورة، ثم من الفلاسفة من طرد هذا في جميع الأجسام كابن
_________
(1) أ: والنزاعات.
(2) أ: المنفردة.
(3) والأشعرية: زيادة في (ب) .
(4) أ: المنفردة.
(5) بعض: زيادة في (ب) .
(6) سبقت الإشارة إلى قول جمهور المعتزلة والأشاعرة بالجوهر الفرد (هذا الكتاب 1/212) . وقد بحث الأستاذ س. بينيس مذهب المتكلمين في الجوهر الفرد بشيء من التفصيل في كتابه " مذهب الذرة عند المسلمين " ترجمة الأستاذ الدكتور محمد عبد الهادي أبي ريدة (القاهرة، 1946) وانظر بوجه خاص ص 1 - 16. وانظر تعريف الجوهر الفرد في كشاف اصطلاحات الفنون، مادة " الجزء " ; الكليات لأبي البقاء، مادة " الجوهر ". وانظر أيضا عن مذهب الجوهر الفرد عند المكلمين: الفصل لابن حزم 5/223 - 236، أصول الدين لابن طاهر، ص [0 - 9] 5 - 36 ; التمهيد للباقلاني، ص [0 - 9] 7 - 18 ; نهاية الإقدام للشهرستاني، ص 505 - 514 ; مقالات الإسلاميين 2/4 - 18 ; الأربعين في أصول الدين للرازي ص 253 - 264، حيدر آباد، 1353 ; المباحث الشرقية للرازي 2/11 - 38 ; مقاصد الفلاسفة للغزالي، ص 147 - 157، ط. المعارف، 1961.
****************************** *****
سينا، ومنهم من قال بل هذا في الأجسام العنصرية دون الفلكية، وزعم أن هذا قول أرسطو والقدماء.
وكثير من المصنفين لا يذكر إلا هذين القولين، ولهذا كان من لم يعرف إلا هذه المصنفات لا يعرف إلا هذين القولين.
والقول الثالث: قول جماهير العقلاء وأكثر طوائف النظار: أنه ليس مركبا لا من هذا ولا من هذا، وهذا قول ابن كلاب إمام الأشعري وغيره، وهو قول كثير من الكرامية، وهو قول الهشامية، والنجارية (1) والضرارية (2) .
_________
(1) النجارية هم أتباع أبي عبد الله الحسين بن محمد بن عبد الله النجار، ولسنا نعرف تاريخ مولده ووفاته ولكن ابن النديم يذكر في الفهرست (ص [0 - 9] 79) أنه مات بسبب العلة التي أصابته عندما أفحمه النظام في جدال جرى بينهما، فيكون بذلك معاصرا للنظام الذي توفي حوالي 231 على الأرجح. وعلى الرغم من أن الشهرستاني يعده من المجبرة إلا أنه يقول إنه يوافق الصفاتية في خلق الأعمال، بل يذكر أنه قال بالكسب على حسب ما يثبته الأشعري من بعده. والنجارية يوافقون المعتزلة في نفي الصفات، وفي القول بأن المعرفة واجبة بالعقل قبل ورود السمع، ويعدهم الأشعري من المرجئة، وينقل الشهرستاني عن الكعبي قوله: إن النجار كان يقول: إن البارئ تعالى بكل مكان وجودا لا على معنى العلم والقدرة. انظر مقالات الأشعري 1/199 - 200، 315 - 316 ; الملل والنحل 1/81 - 82 ; الفرق بين الفرق، ص 126 - 127 ; أصول الدين لابن طاهر، ص 334 ; التبصير في الدين، ص [0 - 9] 1 - 62 ; الفهرست لابن النديم، ص 179 - 180 ; اللباب لابن الأثير، 3/215 ; الأعلام للزركلي 2/276.
(2) أ، ب: الصرارية، وهو تحريف. والضرارية هم أتباع ضرار بن عمرو (انظر لسان الميزان 3/203) وحفص الفرد (انظر لسان الميزان 2/330 - 331 ; الفهرست لابن النديم، ص [0 - 9] 80) ، وهم يشبهون النجارية في الكثير من أقوالهم فهم ينفون الصفات ويقولون بخلق الله لأفعال العباد ويبطلون القول بالتولد، ولكنهم ينكرون القول بوجوب المعرفة بالعقل قبل ورود السمع انظر: الملل والنحل 1/82 - 83 ; الفرق بين الفرق، ص [0 - 9] 29 - 130 ; أصول الدين لابن طاهر، ص [0 - 9] 39 - 340 ; التبصير في الدين ص [0 - 9] 2 - 63 ; مقالات الإسلاميين 1/313 - 314 ; التنبيه والرد للملطي، ص 43.
********************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (100)
صـ 138 إلى صـ 144
ثم هؤلاء منهم من قال: ينتهي بالتقسيم إلى جزء لا يتجزأ، كقول الشهرستاني وغيره، ومنهم من قال: بل لا يزال قابلا للانقسام إلى أن يصغر فيستحيل معه (1) تمييز بعضه عن بعض، كما قال ذلك من قال من الكرامية وغيرهم من نظار المسلمين، وهو قول من قاله من أساطين الفلاسفة، مع قول بعضهم: إنه مركب من المادة والصورة.
وبعض المصنفين في الكلام يجعل إثبات الجوهر الفرد هو قول المسلمين، وأن نفيه هو قول الملحدين.
وهذا لأن هؤلاء لم يعرفوا من الأقوال المنسوبة إلى المسلمين إلا ما وجدوه في كتب شيوخهم أهل الكلام المحدث في الدين الذي ذمه السلف والأئمة، كقول أبي يوسف: من طلب العلم بالكلام تزندق (2) ; وقول الشافعي: حكمي في أهل الكلام أن يضربوا بالجريد والنعال
_________
(1) أ، ب: مع، والصواب ما أثبته، وهو الموافق لسياق الكلام.
(2) نقل السيوطي في كتابه " صون المنطق والكلام عن فن المنطق والكلام " عن الهروي في كتابه ذم الكلام ما أورده في باب إنكار أئمة الإسلام ما أحدثه المتكلمون في الدين من أصحاب الكلام والشبه والمجادلة، ومما ورد في هذا الباب هذه العبارة لأبي يوسف (صون المنطق، ص [0 - 9] 0) ولكن جاء فيها: من طلب الدين بالكلام تزندق، ووردت نفس العبارة قبل ذلك (ص [0 - 9] 7) منسوبة إلى الإمام مالك.
*****************************
ويطاف بهم في العشائر والقبائل، ويقال: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة، وأقبل على الكلام (1) وكقول أحمد بن حنبل: علماء الكلام زنادقة (2) ، وقوله: ما ارتدى أحد بالكلام فأفلح (3) ، وأمثال ذلك.
وإلا فالقول بأن الأجسام مركبة من الجواهر المنفردة قول لا يعرف عن أحد من أئمة المسلمين، لا من الصحابة ولا التابعين لهم بإحسان، ولا من بعدهم من الأئمة المعروفين، بل القائلون بذلك يقولون: إن الله تعالى لم يخلق منذ خلق الجواهر المنفردة شيئا قائما بنفسه، لا سماء ولا أرضا، ولا حيوانا ولا نباتا، ولا معادن، ولا إنسانا ولا غير إنسان، بل إنما يحدث تركيب تلك الجواهر القديمة فيجمعها ويفرقها، فإنما يحدث أعراضا قائمة بتلك الجواهر، لا أعيانا قائمة بأنفسها. فيقولون: إنه إذا خلق السحاب والمطر والإنسان، وغيره من الحيوان والأشجار والنبات والثمار، لم يخلق عينا قائمة بنفسها، وإنما خلق أعراضا قائمة بغيرها. وهذا خلاف ما دل عليه السمع والعقل والعيان، ووجود جواهر لا تقبل القسمة منفردة عن الأجسام مما يعلم بطلانه بالعقل والحس، فضلا عن أن يكون الله تعالى لم يخلق عينا قائمة بنفسها إلا ذلك، وهؤلاء
_________
(1) ورد هذا الكلام في المرجع السابق، ص [0 - 9] 5، ولكن فيه: أن يضربوا بالجريد ويحملوا على الإبل.
(2) وردت هذه العبارة في " صون المنطق "، ص 150، نقلا عن كتاب " الانتصار لأهل الحديث " لأبي المظفر بن السمعاني ولكن نصها: أئمة الكلام زنادقة.
(3) نقل السيوطي عبارة مشابهة لهذه العبارة عن كتاب " جامع بيان العلم " لابن عبد البر وفيها: وقال أحمد بن حنبل: لا يفلح صاحب الكلام أبدا. وانظر صون المنطق ص [0 - 9] 36، جامع بيان العلم 2/95.
*****************************
يقولون: إن الأجسام لا يستحيل بعضها إلى بعض، بل الجواهر التي كانت مثلا في الأول هي بعينها باقية في الثاني، وإنما تغيرت أعراضها.
وهذا خلاف ما أجمع عليه العلماء - أئمة الدين وغيرهم من العقلاء - من استحالة بعض الأجسام إلى بعض، كاستحالة الإنسان وغيره من الحيوان بالموت ترابا، واستحالة الدم والميتة والخنزير وغيرها من الأجسام النجسة ملحا أو رمادا، واستحالة العذرات ترابا، واستحالة العصير خمرا، ثم استحالة الخمر خلا، واستحالة ما يأكله الإنسان ويشربه بولا ودما وغائطا ونحو ذلك، وقد تكلم علماء المسلمين في النجاسة: هل تطهر بالاستحالة أم لا؟ ولم ينكر أحد منهم الاستحالة.
ومثبتة الجوهر الفرد قد فرعوا عليه من المقالات التي يعلم العقلاء فسادها ببديهة العقل ما ليس هذا موضع بسطه، مثل تفليك الرحى والدولاب والفلك وسائر الأجسام المستديرة المتحركة (1) ، وقول من قال منهم: إن الفاعل المختار يفعل كلما تحركت، ومثل قول كثير منهم:
_________
(1) يشرح الرازي فكرة المتكلمين في كتابه " الأربعين في أصول الدين " فيقول (262) : " إذا استدار الفلك استدارة منطقية استدارت جميع الدوائر الموازية لتلك المنطقة - إذا عرفت هذا فنقول: إذا تحركت المنطقة جزءا فالدائرة الصغيرة القريبة من القطب الموازية للمنطقة إن تحركت أيضا جزءا، لزم أن يكون مدار تلك الدائرة الصغيرة مساويا لمقدار المنطقة، هذا خلف. وإن لم تتحرك ألبتة، فحينئذ يلزم وقوع التفكك في أجزاء الفلك. . وهذا الكلام قد يفرضونه في حركة الرحى ويلزمون عليه تفكك أجزاء الرحى، والمتكلمون يلتزمونه ويقولون إنه سبحانه وتعالى فاعل مختار فهو يفكك أجزاء الرحى حال استدارتها، ثم يعيد التأليف والتركيب إليها حال وقوفها ". وانظر أيضا شرح ابن تيمية لهذه الفكرة في: مجموعة تفسير ابن تيمية (ط. بمباي 1374/1954) ص 214.
***************************
إن الإنسان إذا مات فجميع جواهره باقية قد تفرقت، ثم عند الإعادة يجمعها الله تعالى.
ولهذا صار كثير من حذاقهم إلى التوقف في آخر أمرهم، كأبي الحسين البصري (1) وأبي المعالي الجويني وأبي عبد الله الرازي، وكذلك ابن عقيل والغزالي وأمثالهما من النظار الذين تبين لهم فساد أقوال هؤلاء، يذمون أقوال هؤلاء يقولون: إن أحسن أمرهم الشك، وإن كانوا قد وافقوهم في كثير من مصنفاتهم على كثير مما قالوه من الباطل، وبسط الكلام على فساد قول القائلين بتركيب الجواهر الفردة (2) المحسوسة أو الجواهر المعقولة له موضع آخر.
وكذلك ما يثبته المشاءون من الجواهر العقلية: كالعقول والنفوس المجردة، كالمادة والمدة والمثل الأفلاطونية، والأعداد المجردة التي يثبتها - أو بعضها - كثير من المشائين أتباع فيثاغورس وأفلاطون (3) وأرسطو. وإذا حقق الأمر عليهم لم يكن لما أثبتوه من العقليات وجود إلا في الأذهان لا في الأعيان، وهذا لبسطه موضع آخر (4) ، وهذا المصنف لم يذكر لقوله إلا مجرد الدعوى، فلذلك لم نبسط القول فيه.
وإنما المقصود التنبيه على أن آخر ما ينتهى إليه أصل هؤلاء - الذي
_________
(1) أ، ب: كأبي الحسن البصري، وهو تحريف.
(2) أ: المنفردة.
(3) أ: وأفلاطن.
(4) لابن تيمية كتاب " إبطال قول الفلاسفة بإثبات الجواهر العقلية " ذكره ابن عبد الهادي في كتابه العقود الدرية من مناقب شيخ الإسلام أحمد بن تيمية، ص 36 ; ابن الجوزية: أسماء مؤلفات ابن تيمية، ص [0 - 9] 0. وهذا الكتاب من كتب ابن تيمية المفقودة.
****************************
نفوا به ما ثبت (1) بالكتاب والسنة وإجماع السلف، بل ولما ثبت بالفطرة العقلية التي اشترك فيها جميع أهل الفطر التي لم تفسد فطرتهم بما تلقنوه من الأقوال الفاسدة، بل ولما ثبت بالبراهين العقلية - فالذي ينتهي إليه أصلهم هو أنه لو كان متصفا بالصفات، أو متكلما بكلام يقوم به، ومريدا بما يقوم به من الإرادة الحسية، وكانت رؤيته (ممكنة) في الدنيا أو في الآخرة (2) ، لكان مركبا من الجواهر المفردة الحسية أو الجواهر العقلية: المادة والصورة.
وهذا التلازم باطل عند جماهير العقلاء فيما نشاهد، فإن الناس يرون الكواكب وغيرها من الأجسام، وهي عند جماهير العقلاء ليست مركبة لا من هذا ولا من هذا.
ولو قدر أن هذا التلازم حق، فليس في حججهم حجة صحيحة يوجب انتفاؤها اللازم، بل كل من الطائفتين تطعن في حجج الفريق الآخر وتبين فسادها، فأولئك يقولون: إن كل ما كان كذلك فهو محدث. ومنازعوهم يطعنون في المقدمتين ويبينون فسادهما، والآخرون يقولون: إن كل مركب فهو مفتقر إلى أجزائه، وأجزاؤه غيره، فكل مركب مفتقر إلى غيره، ومنازعوهم يثبتون فساد هذه الحجة وما فيها من الألفاظ المجملة والمعاني المتشابهة، كما قد بسط في موضع آخر.
ولهذا يقول من يقول من العقلاء العارفين بحقيقة قول هؤلاء وهؤلاء:
_________
(1) أ: ما يثبت.
(2) أ، ب: من الإرادة الحسية وكانت رؤيته في الدنيا أو في الآخرة. . . إلخ. وردت كلمة (ممكنة) ليستقيم الكلام.
******************************
إن الواحد الذي يثبته هؤلاء لا يتحقق إلا في الأذهان لا في الأعيان.
ولهذا لما بنى (1) الفلاسفة الدهرية على قولهم بأن الواحد لا يصدر عنه إلا واحد، كان من أول ما يبين فساد قولهم أن الواحد الذي ادعوا فيه ما ادعوا لا حقيقة له في الخارج، بل يمتنع (2) وجوده فيه، وإنما يقدر في الأذهان كما يقدر سائر الممتنعات.
وكذلك سائر الجهمية والمعتزلة نفاة الصفات لما أثبتوا واحدا لا يتصف بشيء من الصفات، كانوا عند أئمة العلم الذين يعرفون حقيقة قولهم، إنما توحيدهم تعطيل مستلزم لنفي الخالق، وإن كانوا قد أثبتوه فهم متناقضون، جمعوا بين ما يستلزم نفيه وما يستلزم إثباته.
ولهذا وصفهم أئمة الإسلام بالتعطيل، وأنهم دلاسون ولا يثبتون شيئا ولا يعبدون شيئا ونحو ذلك، كما هو موجود في كلام غير واحد من أئمة الإسلام، مثل عبد العزيز بن الماجشون (3) وعبد الله بن المبارك (4) وحماد
_________
(1) أ: بين، وهو تحريف.
(2) أ: وإنما يمتنع.
(3) عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة، أبو عبد الله الماجشون. فقيه ومن أئمة المحدثين، توفي ببغداد سنة 164. ترجمته في تهذيب التهذيب 6/343 - 344 ; تذكرة الحفاظ 1 - 207 ; شذرات الذهب 1/259 ; تاريخ بغداد 10/436 - 439 ; طبقات ابن سعد 5/414 ; الأعلام للزركلي 4/145 - 146.
(4) أبو عبد الرحمن عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي بن حنظلة، الحافظ، شيخ الإسلام، ولد سنة 118 وتوفي سنة 181 وقيل سنة 182. ترجمته في: تذكرة الحفاظ 1/253 - 257 ; تاريخ بغداد 10/152 - 169 ; وفيات الأعيان 2/237 - 239 ; طبقات ابن سعد 7/372 ; الأعلام للزركلي 4/256.
****************************** **
بن زيد (1) ومحمد بن الحسن (2) وأحمد بن حنبل وغير هؤلاء *) (3) ولا بد للدعوى من دليل.
[التعليق على قوله ولا في مكان]
وكذلك قوله: " ولا (4) في مكان " (5) .
فقد يراد بالمكان (6) ما يحوي الشيء ويحيط به (7) ، [وقد يراد به ما يستقر الشيء عليه بحيث يكون محتاجا إليه، وقد يراد به ما كان الشيء فوقه وإن لم يكن محتاجا إليه] (8) ، وقد يراد به ما فوق [العالم] (9) وإن لم يكن شيئا موجودا.
_________
(1) حماد بن زيد بن درهم الأزدي الجهضمي أبو إسماعيل، شيخ العراق في عصره، ولد بالبصرة سنة 98 وتوفي بها سنة 179. ترجمته في: تهذيب التهذيب 3/9 - 11 ; تذكرة الحفاظ 1/212 ; تهذيب الأسماء واللغات 1/167 - 168 ; الأعلام 2/301.
(2) محمد بن الحسن بن فرقد الشيباني، أبو عبد الله، من أئمة الحنفية وهو الذي نشر علم أبي حنيفة، ولد سنة 131 وتوفي سنة 189. ترجمته في: الجرح والتعديل ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص [0 - 9] 27 ; لسان الميزان 5/121 - 122 ; وفيات الأعيان 3/324 - 325 ; تاريخ بغداد 2/172 - 182 ; طبقات ابن سعد 7/336 - 337، الأعلام للزركلي 6/309.
(3) هذا المعنى الذي قصدت نفيه. . وأحمد بن حنبل وغير هؤلاء: هنا ينتهي السقط في نسخة (ن) وقد بدأ ص 135. ويبدأ الكلام في (ن) بعد هذا السقط كما يلي: قيل له: لا بد للدعوى من دليل. . إلخ.
(4) ن، م: لا.
(5) وردت هذه العبارة - كما أشرت من قبل - في " منهاج الكرامة " 82 (م) ، وفي هذه الطبعة من " منهاج السنة " 2/98 - 102.
(6) ن، م: بالجسم، وهو تحريف.
(7) ن، م: ويختلط به.
(8) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(9) العالم: ساقطة من (ن) ، (م) .
*****************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (101)
صـ 145 إلى صـ 151
فإن قيل: هو في مكان بمعنى (1) إحاطة غيره به وافتقاره إلى غيره.
فالله منزه عن الحاجة إلى الغير وإحاطة الغير به ونحو ذلك.
وإن أريد بالمكان ما فوق العالم وما هو الرب فوقه؛ قيل: [إذا لم يكن] (2) إلا خالق أو مخلوق، والخالق بائن من المخلوق (3) ، كان هو الظاهر الذي ليس فوقه شيء.
وإذا قال [القائل] (4) : هو سبحانه فوق سماواته على عرشه (5) بائن من خلقه ; فهذا المعنى حق سواء: سميت ذلك مكانا أو لم تسمه.
وإذا عرف المقصود فمذهب أهل السنة والجماعة (6) ما دل عليه الكتاب والسنة واتفق عليه سلف الأمة، وهو القول (7) المطابق لصحيح المنقول وصريح المعقول.
[الكلام على قوله وإلا لكان محدثا]
[الرد على دليل الرافضة والمعتزلة]
وأما قوله: " وإلا لكان محدثا " فمضمونه أنه لو كان جسما أو في مكان لكان محدثا.
[فيقال له: قد بينا ما ينفى عنه من معاني الجسم والمكان، وبينا ما لا يجوز نفيه عنه، وإن سماه بعض الناس جسما ومكانا، لكن ما الدليل على أنه لو كان كذلك لكان محدثا] (8) وأنت (9) لم تذكر دليلا على ذلك؟
_________
(1) ن، م: هو في المعنى بمعنى، وهو تحريف.
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(3) ن، م: ولا مخلوق بائن من الخالق.
(4) القائل: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) ن، م: فوق عرشه.
(6) والجماعة: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(7) ن، م: المعقول.
(8) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(9) ن: فأنت ; م: قلت.
****************************
وكأنه (1) اكتفى بالدليل المشهور الذي يذكره [سلفه] وشيوخه (2) المعتزلة: من أنه لو كان جسما لم يخل عن الحركة والسكون، وما لم يخل (3) عن الحوادث فهو حادث لامتناع حوادث لا أول لها. ثم يقولون: ولو [كان] قام به (4) علم وقدرة وحياة وكلام (5) ونحو ذلك من الصفات لكان جسما.
وهذا الدليل عنه (6) جوابان: أحدهما: أن يقال [له: هو] عندك (7) حي عليم قدير، ومع هذا فليس بجسم عندك، مع أنك لا تعلم حيا عليما قديرا (8) إلا جسما فإن كان قولك (9) حقا أمكن أن يكون له حياة وعلم وقدرة، وأن يكون مباينا للعالم عاليا عليه وليس بجسم.
فإن قلت: لا أعقل مباينا عاليا إلا جسما؛ قيل لك: ولا يعقل حي عليم قدير إلا جسم، فإن أمكن أن يكون مسمى (10) بهذه الأسماء ما ليس بجسم، أمكن أن يتصف بهذه الصفات ما ليس بجسم، وإلا فلا ; لأن الاسم (11) مستلزم للصفة.
_________
(1) ن، م: فكأنه.
(2) ن، م: الذي يذكره شيوخه.
(3) ن، م: وما لا يخلو.
(4) ن، م: ولو قام به.
(5) وكلام: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(6) ن، م: فهذا الدليل عليه.
(7) ن، م: أن يقال عندك.
(8) ن، م: عالما قادرا.
(9) ن، م: قوله.
(10) ن، م: أن يسمى.
(11) ن، م: الجسم، وهو خطأ.
*****************************
وكذلك إذا قال: لو كان فوق العالم لكان جسما، ولكان إما أكبر من العالم وإما أصغر وإما مساويا له، وكل ذلك ممتنع، فيقال له: إن كثيرا من الناس يقولون: إنه فوق العالم وليس بجسم.
فإذا قال النافي (1) : قول هؤلاء معلوم فساده بضرورة العقل، قيل له: فأنت تقول: إنه موجود قائم بنفسه، وليس بداخل في العالم ولا خارج عنه، ولا مباين له ولا محايث (2) له، وأنه لا يقرب منه شيء ولا يبعد منه شيء، [ولا يصعد إليه شيء] (3) ولا ينزل منه شيء، وأمثال ذلك من النفي الذي إذا عرض على الفطرة السليمة جزمت جزما قاطعا أن هذا باطل وأن وجود مثل هذا ممتنع، وكان جزمها ببطلان هذا أقوى من جزمها ببطلان كونه فوق العالم وليس بجسم.
فإن كان حكم الفطرة السليمة مقبولا وجب بطلان مذهبك، فلزم أن يكون فوق العالم، وإن كان مردودا بطل ردك لقول من يقول: إنه فوق العالم وليس بجسم، فإن الفطرة الحاكمة بامتناع هذا هي الحاكمة بامتناع هذا، فيمتنع قبول حكمها في أحد الموضعين دون الآخر.
وذلك أن هؤلاء النفاة يزعمون أن الحكم بهذا المنع من حكم الوهم المردود لا من حكم العقل المقبول، ويقولون: إن الوهم هو أن يدرك في المحسوسات (4) ما ليس بمحسوس، كما تدرك الشاة عداوة الذئب
_________
(1) ب (فقط) : فإذا قال لنا.
(2) ن، م: مجانب.
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(4) ن، م: في المحسوس.
****************************
وتدرك السخلة (1) صداقة أمها، ويقولون: الحكم الفطري الموجود في قلوب بني آدم، بامتناع وجود مثل هذا هو حكم الوهم لا حكم العقل (2) ، فإن حكم الوهم إنما يقبل في المحسوسات لا فيما ليس بمحسوس (3) .
فيقال لهم: إن كان هذا صحيحا فقولكم: إنه يمتنع أن يكون فوق العالم وليس بجسم هو أيضا من حكم الوهم ; لأنه حكم فيما ليس بمحسوس عندكم، وكذلك حكمه بأن كل ما يرى (4) فلا بد أن يكون بجهة من الرائي هو حكم الوهم أيضا.
وكذلك سائر ما يدعون امتناعه على الرب [هو] (5) مثل دعوى امتناع كونه لا مباينا ولا محايثا (6) ، فإن كان حكم الفطرة بهذا الامتناع مقبولا في
_________
(1) في اللسان: السخلة ولد الشاة من المعز والضأن، ذكرا أو أنثى. . أبو زيد: يقال لولد الغنم ساعة تضعه أمه من الضأن والمعز جميعا، ذكرا أو أنثى، سخلة.
(2) ن: الفعل، وهو تحريف.
(3) يعرف ابن سينا في كتابه النجاة (ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 63، نشر محيي الدين الكردي، الطبعة الثانية 1357/1938) القوة الوهمية بقوله: " ثم القوة الوهمية وهي قوة مرتبة في نهاية التجويف الأوسط من الدماغ تدرك المعاني الغير محسوسة الموجودة في المحسوسات الجزئية كالقوة الحاكمة بأن الذئب مهروب منه وأن الولد معطوف عليه ". وانظر كتاب الشفاء، القسم الخاص بالنفس، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 60 - 161، 177 - 179، نشر يان باكوش، طبع المجمع العلمي التشكوسلوفاكي، براغ، 1956 مبحث عن القوة النفسانية، ضمن مجموعة بعنوان: أحوال النفس، نشرها الدكتور أحمد فؤاد الأهواني، ص [0 - 9] 66 - 167، القاهرة، 1952.
(4) ن: كل من لا يرى ; م: كل ما لا يرى، وكلاهما خطأ.
(5) هو: ساقطة من (ن) فقط.
(6) ن، م: مجانبا.
************************
شيء من ذلك قبل في نظيره، وإلا فقبوله في أحد المتماثلين ورده في الآخر تحكم.
وهؤلاء بنوا كلامهم على أصول متناقضة، فإن الوهم عندهم قوة في النفس تدرك في المحسوسات ما ليس بمحسوس، وهذا الوهم لا يدرك إلا معنى جزئيا لا كليا كالحس والتخيل، وأما الأحكام الكلية فهي عقلية، فحكم الفطرة بأن كل موجودين إما متحايثان (1) وإما متباينان، وبأن ما لا يكون داخل العالم ولا خارجه لا يكون إلا معدوما، وأنه يمتنع وجود ما هو كذلك، ونحو ذلك، أحكام كلية عقلية، ليست أحكاما جزئية شخصية في جسم معين حتى يقال: إنها من حكم الوهم.
وأيضا فإنهم يقولون: [إن] (2) حكم الوهم فيما ليس بمحسوس باطل ; لأنه إنما يدرك ما في المحسوسات من المعاني التي ليست محسوسة، أي: لا يمكن إحساسها، ومعلوم أن كون رب العالمين لا تمكن رؤيته أو تمكن مسألة مشهورة، [فسلف الأمة] (3) وأئمتها وجمهور نظارها وعامتها على أن الله يمكن رؤيته ورؤية الملائكة والجن وسائر ما يقوم بنفسه، فإذا ادعى المدعي أنه لا يمكن رؤيته ولا رؤية الملائكة (4) التي يسميها هو (5) المجردات
_________
(1) ن، م: متجانبان.
(2) إن: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) فسلف الأمة: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) أ، ب: أنه لا يمكن رؤيته أو لا يمكن رؤيته ولا رؤية الملائكة. . إلخ.
(5) هو: ساقطة من (ب) فقط.
***************************
والنفوس والعقول، فهو يدعي وجود موجود قائم بنفسه لا يمكن الإحساس به بحال.
فإذا احتج عليه بالقضايا الفطرية التي تحكم بها الفطرة كما تحكم بسائر القضايا الفطرية، لم يكن له أن يقول: هذا حكم الوهم فيما ليس بمحسوس، فلا يقبل ; لأن الوهم إنما يدرك ما في المحسوس ; فإنه يقال له: إنما يثبت أن هذا مما لا يمكن أن يرى ويحس به إذا ثبت أن هذا الحكم باطل، وإنما يثبت أن هذا الحكم باطل إذا ثبت وجود موجود لا يمكن أن يرى ويحس به، وأنت لم تثبت هذا الموجود، إلا بدعواك أن هذا الحكم باطل، ولم تثبت أن هذا الحكم باطل (1) إلا بدعواك وجود هذا الموجود، فصار حقيقة قولك دعوى مجردة بلا دليل.
فإذا ثبت امتناع رؤيته بإبطال هذا الحكم، كان هذا دورا ممتنعا، وكنت قد جعلت الشيء مقدمة في إثبات نفسه، فإنه يقال لك: لم تثبت إمكان وجود غير محسوس إن لم تثبت بطلان هذا الحكم، ولا تثبت بطلانه إن لم تثبت موجودا قائما بنفسه لا يمكن رؤيته ولا الإحساس به.
فإذا قلت: الوهم يسلم (2) مقدمات تستلزم ثبوت هذا، قيل لك: ليس الأمر كذلك، فإنه لم يسلم مقدمة مستلزمة لهذا أصلا، بل جميع ما ينبني عليه ثبوت إمكان هذا، وإمكان وجود ما لا يمكن رؤيته ولا يشار إليه، مقدمات متنازع فيها بين العقلاء، ليس فيها مقدمة واحدة متفق عليها، فضلا عن أن تكون ضرورية أو حسية يسلمها الوهم.
_________
(1) ن، م: ولم يثبت به باطل.
(2) أ: يستلزم.
****************************
ثم يقال لك: إذا جوزت أن يكون في الفطرة حاكمان بديهيان: أحدهما حكمه باطل، والآخر حكمه حق، لم يوثق بشيء من حكم الفطرة، حتى يعلم أن ذلك من حكم الحاكم الحق، ولا يعرف عن ذلك حتى يعرف أنه ليس من الحكم الباطل، ولا يعرف أنه باطل حتى تعرف المقدمات البديهية الفطرية، التي بها يعلم أن ذلك الحكم باطل، فيلزم من هذا (1) أن لا يعرف شيء بحكم الفطرة، فإنه لا يعرف الحق حتى يعرف الباطل، ولا يعرف الباطل حتى يعرف الحق، فلا يعرف الحق بحال.
وأيضا، فالأقيسة القادحة في تلك الأحكام الفطرية البديهية أقيسة نظرية، والنظريات مؤلفة من البديهيات، فلو جاز القدح في البديهيات بالنظريات لزم فساد البديهيات والنظريات، فإن فساد الأصل يستلزم فساد فرعه، فتبين أن من سوغ القدح في القضايا البديهية الأولية [الفطرية بقضايا] نظرية (2) ، فقوله باطل يستلزم فساد العلوم العقلية بل والسمعية.
وأيضا لفظ " الوهم " في اللغة العامة يراد به الخطأ، وأنت أردت به قوة تدرك ما في الأجسام من المعاني التي ليست محسوسة، وحينئذ فالحاكم بهذا الامتناع إن كان حكم به في غير جسم فليس هو الوهم، وإن كان إنما حكم به في جسم فحكمه صادق فيه، فلم قلت: إن هذا هو حكم الوهم فيما لا يقبل حكمه فيه؟ .
ومعلوم أن ما تحكم به (3) الفطرة السليمة من القضايا الكلية المعلومة
_________
(1) ن، م: فيعرف من هذا. .
(2) ن (فقط) : البديهية الأولية النظرية، وهو خطأ.
(3) ن، م: ما لا تحكم به، وهو خطأ.
***************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (102)
صـ 152 إلى صـ 158
لها، ليس فيها ما يحصل (1) بعضه من حكم الوهم الباطل، وبعضه من حكم العقل الصادق، وإنما يعلم أن الحكم من حكم الوهم الباطل إذا عرف بطلانه، فأما أن يدعي بطلانه بدعوى كونه من حكم الوهم، فهذا غير ممكن، [وبسط هذه الأمور له موضع آخر] (2) .
والمقصود هنا أن هذا المبتدع وأمثاله من نفاة ما أثبته الله ورسوله لنفسه من معاني الأسماء والصفات من الجهمية والمعتزلة، ومن وافقهم من المتفلسفة والرافضة [وغيرهم] (3) ، لا يعتمدون فيما يقولونه على دليل صحيح لا سمعي ولا عقلي.
أما السمعيات فليس معهم نص واحد يدل على قولهم [لا قطعا ولا ظاهرا] (4) ، ولكن نصوص الكتاب والسنة متظاهرة على نقيض (5) قولهم، ودالة على ذلك أعظم من دلالتها على المعاد والملائكة وغير ذلك مما أخبر الله به رسوله، ولهذا سلط الله عليهم (6) الدهرية المنكرون للقيامة ولمعاد الأبدان، وقالوا: إذا جاز لكم أن تتأولوا ما ورد في الصفات، جاز لنا أن نتأول ما ورد في المعاد، وقد أجابوهم بأنا قد علمنا ذلك بالاضطرار من دين الرسول.
_________
(1) ن (فقط) : ما يحكم، وهو تحريف.
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(3) وغيرهم: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(5) ن: بعض، وهو خطأ.
(6) أ، ب: ولهذا تسلط عليهم ; م: ولهذا سلط عليهم.
***********************
فقال لهم أهل الإثبات: وهكذا العلم بالصفات (1) في الجملة هو مما يعلم بالضرورة مجيء الرسول به، وذكره في الكتاب والسنة أعظم من ذكر الملائكة والمعاد، مع أن المشركين من العرب لم تكن تنازع فيه كما كانت تنازع في المعاد، مع أن التوراة مملوءة من ذلك، ولم ينكره الرسول على اليهود كما أنكر عليهم ما حرفوه وما وصفوا به الرب من النقائص كقولهم: {إن الله فقير ونحن أغنياء} [سورة آل عمران: 181] ، و {يد الله مغلولة} [سورة المائدة: 64]
[ونحو ذلك] (2) ، وذلك مما يدل على أن الله (3) أظهر في السمع والعقل من المعاد، فإذا كانت نصوص المعاد لا [يجوز] (4) تحريفها فهذا بطريق الأولى، وهذه الأمور مبسوطة في موضع آخر (5) .
والجواب الثاني: (6) أن يقال: هذا الدليل قد عرف ضعفه ; لأنه إذا كان هذا الحادث ليس بدائم، وهذا ليس بدائم باق، يجب أن يكون نوع الحوادث ليست بدائمة (7) باقية كما أنه إذا كان هذا الحادث ليس بباق، [وهذا الحادث ليس بباق] (8) ، يجب أن يكون نوع الحوادث ليس بباق.
_________
(1) ب: فيقال لهم: وهكذا الإثبات وكذا العلم بالصفات ; أ: مثل نسخة (ب) إلا أن فيها. فقال لهم. . . إلخ. وأما المثبت فهو عن (ن) ، (م) .
(2) ونحو ذلك: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) ن، م: على أنه.
(4) يجوز: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) ن، م: في موضعها.
(6) بدأ الجواب الأول على دليل الرافضة والمعتزلة ص 146.
(7) أ، ب: دائمة.
(8) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط. وفي (أ) ، (ب) : وهذا ليس بباق.
****************************
بل هي باقية دائمة في المستقبل في الكتاب (1) والسنة وإجماع سلف الأمة وجمهورها (2) ، كما قال تعالى: {أكلها دائم وظلها} [سورة الرعد: 35] ، والمراد دوام نوعه (3) ، لا دوام كل فرد فرد.
قال تعالى: {لهم فيها نعيم مقيم} [سورة التوبة: 21] ، والمقيم هو نوعه. وقال: {إن هذا لرزقنا ما له من نفاد} [سورة ص: 54] ، والمراد أن نوعه لا ينفد وإن كان كل جزء منه ينفد، أي: ينقضي وينصرم (4) .
وأيضا فإن ذلك يستلزم حدوث الحوادث بلا سبب، وذلك ممتنع في صريح العقل. وهذا الدليل هو أصل الكلام الذي ذمه السلف وعابوه ; لأنهم رأوه باطلا لا يقيم حقا ولا يهدم باطلا، [وقد تقدم الكلام على هذا في مسألة الحدوث] (5) .
وتمام كشف (6) ذلك أن نقول في: الوجه الخامس (7) : إن الناس عليهم أن يؤمنوا بالله ورسوله، فيصدقوه فيما أخبر، ويطيعوه فيما أمر فهذا أصل السعادة وجماعها.
_________
(1) ن، م، أ: بالكتاب.
(2) ن، م: وإجماع الأئمة.
(3) ن، م: دوام وقوعه.
(4) أ، ب: ويتصرم.
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(6) كشف: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(7) الوجه الخامس: كذا في (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) ويبدو أن ابن تيمية يصل كلامه هنا أول كلامه في الوجه الخامس من الوجوه التي رد بها على القسم السابق من كلام ابن المطهر (ص [0 - 9] 7 - 99) وأول الوجه الخامس في ص [0 - 9] 02 من هذا الجزء.
*****************************
والقرآن كله يقرر هذا الأصل قال تعالى: {الم - ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين - الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون - والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون - أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون} [سورة البقرة: 1 - 5] ، فقد وصف سبحانه بالهدى والفلاح المؤمنين الموصوفين في هذه الآيات.
وقال تعالى لما أهبط آدم من الجنة: {فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى - ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى - قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا - قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى} [سورة طه: 123 - 126] ، فقد أخبر أن من اتبع الهدى الذي أتانا منه، وهو ما جاءت به الرسل، فلا يضل ولا يشقى، ومن أعرض عن ذكره، وهو الذكر الذي أنزله، وهو كتبه التي بعث بها رسله (1) ، بدليل أنه قال بعد ذلك: {كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى} .
والذكر مصدر يضاف تارة (2) إلى الفاعل وتارة إلى المفعول، كما يقال: دق الثوب، ودق القصار (3) ، ويقال (4) : أكل زيد، وأكل الطعام،
_________
(1) ن: التي بعثت به الرسل ; م: الذي بعث بها الرسل.
(2) أ، ب: تارة يضاف.
(3) قصر الثوب وقصره (بتضعيف الصاد) قصارة وقصرا حوره ودقه بالقصرة، وهي قطعة من الخشب، وفاعل ذلك القصار (انظر: اللسان) .
(4) ن: نقول ; م: ونقول.
*************************
ويقال: ذكر الله أي: ذكر العبد لله (1) ، ويقال: ذكر الله أي: ذكر الله الذي ذكره هو مثل ذكره عبده (2) ، ومثل القرآن الذي هو (3) ذكره.
وقد يضاف الذكر إضافة الأسماء المحضة، فقوله: {ذكري} إن أضيف إضافة المصادر كان (4) المعنى: الذكر الذي ذكرته، وهو كلامه الذي أنزله، وإن أضيف إضافة الأسماء المحضة، فذكره هو ما اختص به من الذكر، والقرآن مما (5) اختص به من الذكر.
قال تعالى: {وهذا ذكر مبارك أنزلناه} [سورة الأنبياء: 50) وقال: {ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث} [سورة الأنبياء: 2] ، وقال: {إن هو إلا ذكر وقرآن مبين} [سورة يس: 69] ، وقال: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم} [سورة النحل: 44] ، وقال فيما يذكره من (6) ضمان الهدى والفلاح لمن اتبع الكتاب والرسول: {فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون} [سورة الأعراف: 157] ، وقال: {الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد} [سورة إبراهيم: 1] ، ونظائره في القرآن كثيرة.
[الإثبات المفصل لصفات الكمال والنفي المجمل لصفات النقص]
وإذا كان كذلك، فالله سبحانه بعث الرسل بما يقتضي الكمال من
_________
(1) أ، ب: ذكر العبد الله ; ن: أي ذكر الله، أي ذكر العبد لله.
(2) ن: ويقول ذكر الله مثل ذكر عبده ; م: ويقول ذكر الله أي ذكر الله الذي هو ذكره وهو مثل ذكر عبده.
(3) هو: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) ن، م: المصدر فكأن.
(5) ن، م: ما.
(6) أ، ب: في.
**************************
إثبات أسمائه وصفاته على وجه التفصيل، والنفي على طريق الإجمال للنقص والتمثيل، فالرب تعالى (1) موصوف بصفات الكمال [التي لا غاية فوقها، منزه عن النقص بكل وجه ممتنع، وأن يكون له مثيل في شيء من صفات الكمال] (2) ، فأما صفات النقص فهو منزه عنها مطلقا وأما صفات الكمال فلا يماثله - بل ولا يقاربه - (3) فيها شيء من الأشياء.
والتنزيه يجمعه نوعان: نفي النقص، ونفي مماثلة غيره له في صفات الكمال، كما دل على ذلك سورة: {قل هو الله أحد} وغيرها [من القرآن] (4) ، مع دلالة العقل على ذلك، وإرشاد القرآن إلى ما يدل على ذلك من العقل، بل وقد أخبر الله أن في الآخرة من أنواع النعيم ما له شبه (5) في الدنيا، كأنواع المطاعم والمشارب والملابس والمناكح وغير ذلك، وقد قال ابن عباس: ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء (6) ، فحقائق تلك
_________
(1) ن، م: والرب سبحانه.
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(3) ن، م: فلا تماثله بل ولا تقارنه.
(4) من القرآن: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) ن، م: ما ليس له شبه، وهو خطأ.
(6) أورد الطبري هذا الأثر لقول الله تعالى: (وأتوا به متشابها) [سورة البقرة: 25] وقد ذكره بإسنادين (ط. المعارف) 1/391 - 392. وحدثني أبو كريب، قال: حدثنا الأشجعي - ح - وحدثنا محمد بن بشار، قال حدثنا مؤمل، قالا جميعا: حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس، قال أبو كريب في حديثه عن الأشجعي: لا يشبه شيء مما في الجنة ما في الدنيا إلا الأسماء. وقال ابن بشار في حديثه عن المؤمل، قال: ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء. وأما الإسناد الثاني فهو: حدثنا عباس بن محمد، قال: حدثنا محمد بن عبيد، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس قال: ليس في الدنيا من الجنة شيء إلا الأسماء. ونقل ذلك ابن كثير في تفسيره لهذه الآية، وقال: " رواه ابن جرير، من رواية الثوري، وابن أبي حاتم من حديث أبي معاوية كلاهما عن الأعمش به ". وقال السيوطي في " الدر المنثور " في تفسيره لتلك الآية " وأخرج مسدد وهناد في الزهد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن عباس قال: " ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء. ".
*****************************
أعظم من حقائق هذه بما (1) لا يعرف قدره، وكلاهما مخلوق، والنعيم [الذي] (2) لا يعرف جنسه قد أجمله الله [سبحانه وتعالى] (3) بقوله: {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين} [سورة السجدة: 17] .
وفي الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -[أنه] (4) قال: " «يقول الله تعالى: أعددت (5) لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر» (6) فإذا كان هذان المخلوقان متفقين في الاسم مع أن بينهما في الحقيقة
_________
(1) ن: مما ; م: لما.
(2) الذي: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) سبحانه وتعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
(4) أنه: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) ن، م: يقول الله إني أعددت.
(6) الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه في: البخاري 4/118 (كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة) ، 6/116 (كتاب تفسير القرآن، باب تفسير سورة تنزيل السجدة) ، 9/144 (كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: (يريدون أن يبدلوا كلام الله) ; مسلم 4/2174 (كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، أول الكتاب من ثلاثة طرق) ; سنن الترمذي 5/26 (كتاب التفسير، باب تفسير سورة السجدة) ; سنن ابن ماجه 2/1447 (كتاب الزهد، باب صفة الجنة) ; سنن الترمذي 2/335 (كتاب الرقائق، باب ما أعد الله لعباده الصالحين) ; المسند (ط. المعارف) 17/46، 19/104.
*************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (103)
صـ 159 إلى صـ 165
تباينا لا يعرف في الدنيا قدره (1) ، فمن المعلوم أن ما يتصف به الرب من صفات الكمال مباين لصفات خلقه، أعظم من مباينة مخلوق لمخلوق، ولهذا قال أعلم (2) الخلق بالله في [الحديث] الصحيح (3) : " «لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك» " (4)
وقال في الدعاء [المأثور] (5) الذي رواه أحمد وابن حبان في صحيحه، عن ابن مسعود - رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " «ما أصاب عبدا هم قط ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك [ابن عبدك] (6) وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته (7) أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب
_________
(1) ن، م: مع أن بينهما تفاوت في الحقيقة تباينا لا يعرف قدره في الدنيا.
(2) ن، م: أعظم.
(3) ن: في الصحيح ; م: في الصحاح.
(4) الحديث عن عائشة - رضي الله عنها - في: مسلم 1/352 (كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود) ، وأوله: فقدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة من الفراش فالتمسته فوقعت يدي على بطن قدمه وهو في المسجد، وهما منصوبتان، وهو يقول: " اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ". والحديث في: سنن أبي داود 1/322 (كتاب الصلاة، باب في الدعاء في الركوع والسجود) ; سنن الترمذي 5/187 (كتاب الدعوات باب حدثنا الأنصاري أخبرنا معن. .) ; سنن ابن ماجه 2/1262 - 1263 (كتاب الدعاء، باب ما تعوذ منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم) ; المسند (ط. الحلبي) 6/58، 201. .
(5) المأثور: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) ابن عبدك: ساقطة من (ن) فقط.
(7) أ، ب: وأنزلته في كتابك وعلمته.
***************************
عندك أن تجعل القرآن (1) ربيع قلبي، ونور صدري (2) ، وجلاء حزني، وذهاب همي وغمي ; إلا أذهب الله همه وغمه، وأبدله مكان حزنه فرحا (3) » . قالوا: يا رسول الله! أفلا نتعلمهن؟ قال: بلى، ينبغي لكل من سمعهن أن يتعلمهن " (4) فبين (5) أن لله أسماء استأثر بها في علم الغيب عنده لا يعلمها ملك ولا نبي.
وأسماؤه تتضمن صفاته، ليست أسماء أعلام محضة، كاسمه: العليم، والقدير، والرحيم، والكريم، والمجيد، والسميع، والبصير، وسائر أسمائه الحسنى سبحانه وتعالى.
وهو سبحانه مستحق للكمال المطلق ; لأنه واجب الوجود بنفسه، يمتنع العدم عليه، ويمتنع (6) أن يكون مفتقرا إلى غيره بوجه من الوجوه، إذ لو افتقر إلى غيره بوجه من الوجوه كان محتاجا إلى الغير، والحاجة إما إلى (7) حصول كمال له، وإما إلى دفع ما ينقص كماله، ومن احتاج
_________
(1) ا، م، ب: القرآن العظيم.
(2) م: بصري.
(3) أ، ب: مكانه فرحا.
(4) الحديث عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - في المسند (ط. المعارف) 5/266 - 268 (رقم 3712) ، 6/153 - 154 رقم (3418) وصححه الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - وتكلم عليه طويلا 5/266 - 268. وقال المنذري (الترغيب والترهيب 3/276) : " رواه أحمد والبزار وأبو يعلى وابن حبان في صحيحه والحاكم ". والحديث في المستدرك للحاكم 1/950 - 510. وانظر تعليقه وتعليق الذهبي. .
(5) فبين: معطوفة على قوله: ولهذا قال أعلم الخلق. . . وقال في الدعاء المأثور. وفي (ن) ، (م) : فتبين.
(6) ن (فقط) ويمكن، وهو خطأ.
(7) ن، م: والحاجة سواء كانت إما إلى. .
***************************
في شيء من كماله إلى غيره لم يكن كماله موجودا بنفسه، بل بذلك الغير، وهو بدون ذلك الكمال ناقص، والناقص لا يكون واجبا بنفسه، بل ممكنا مفتقرا إلى غيره ; لأنه لو كان واجبا بنفسه مع كونه ناقصا مفتقرا إلى كمال من غيره، لكان الذي يعطيه الكمال: إن كان ممكنا فهو مفتقر إلى واجب آخر، والقول في هذا كالقول في الأول، وإن كان واجبا ناقصا، فالقول فيه كالقول في الأول ; وإن كان واجبا كاملا فهذا هو الواجب بنفسه، وذاك الذي قدر واجبا ناقصا فهو مفتقر إلى هذا في كماله، وذاك (1) غني عنه، فهذا هو رب ذاك، وذاك عبده، ويمتنع مع كونه مربوبا معبدا أن يكون واجبا، ففرض كونه واجبا ناقصا محال.
وأيضا، فيمتنع أن يكون نفس ما هو واجب بنفسه فيه نقص يفتقر في زواله إلى غيره ; لأن ذلك النقص حينئذ يكون ممكن الوجود وإلا لما قبله، وممكن العدم وإلا لكان لازما له لا يقبل الزوال، والتقدير أنه ممكن (2) زواله بحصول الكمال الممكن الوجود، فإن ما هو ممتنع لا يكون كمالا، وما هو ممكن: فإما أن يكون للواجب أو من الواجب، ويمتنع أن يكون المخلوق أكمل من الخالق، فالخالق (3) الواجب بنفسه أحق بالكمال الممكن الوجود الذي لا نقص فيه، فلا تكون ذاته مستلزمة لذلك الكمال ; فيكون ذلك الكمال - إذا وجد - مفتقرا إليه وإلى ذلك الغير الآخر، يحصل بهما جميعا، وكل منهما واجب بنفسه فلا يكون
_________
(1) ن، م: وهذا.
(2) ن: يمكن.
(3) أ، ب: والخالق.
****************************** ******
ذلك الأثر لا من هذا ولا من هذا، بل هو شيء (1) منفصل عنهما.
وتحقيق ذلك أن كمال الشيء هو من نفس الشيء وداخل فيه، فالواجب بنفسه لا يكون واجبا إن لم يكن ما هو داخل (2) في نفسه واجب الوجود لا يفتقر فيه إلى سبب منفصل عنه، فمتى افتقر فيما هو داخل فيه إلى سبب منفصل عنه لم تكن نفسه واجبة بنفسه، وما لا يكون داخلا في نفسه، لا يكون من كماله أيضا، بل يكون شيئا مباينا له، وإنما يكون ذلك شيئين: أحدهما واجب بنفسه والآخر شيء قرن به وضم إليه.
وأيضا، فنفس واجب الوجود هو أكمل الموجودات، إذ الواجب أكمل من الممكن بالضرورة، فكل كمال ممكن له: إن كان لازما له امتنع أن يكون كماله مستفادا من غيره، أو أن (3) يحتاج فيه إلى غيره.
وإن لم يكن لازما له: فإن لم يكن قابلا له من قبول غيره من الممكنات له، كان الممكن أكمل من الواجب، وما لا يقبله [لا] (4) واجب ولا ممكن ليس كمالا ; وإن كان قابلا له ولم تكن ذاته مستلزمة (5) له، كان غيره معطيا له إياه، والمعطي للكمال هو أحق بالكمال، فيكون ذلك المعطي أكمل منه، وواجب الوجود لا يكون غيره أكمل منه.
وإذا قيل: ذلك الغير واجب أيضا.
_________
(1) ن، م: بل هو من شيء، والصواب من (ب) ، (أ) .
(2) ب: إن لم يكن هو داخلا ; أ: إن لم يكن هو داخل. وأحسب أن الصواب هو الذي أثبته عن (ن) ، (م) .
(3) ب: وأن.
(4) لا: زيادة في (أ) ، (ب) .
(5) ن، م: لازمة.
****************************** *********
فإن لم يكن كاملا بنفسه كان كل منهما معطيا للآخر الكمال، وهذا ممتنع ; [لأنه] (1) يستلزم كون كل من الشيئين مؤثرا في الآخر أثرا لا يحصل إلا بعد تأثير الآخر، فإن هذا لا يفيد ذلك الكمال للآخر حتى يكون كاملا، ولا يكون كاملا حتى يفيده الآخر الكمال، وهذا ممتنع، كما يمتنع أن لا يوجد هذا حتى يوجده (2) ذاك، ولا يوجد ذاك حتى يوجده هذا.
وإن كان ذلك الغير واجبا كاملا بنفسه مكملا لغيره (3) ، والآخر واجب ناقص يحتاج في كماله إلى ذلك الكامل المكمل، كان جزء منه مفتقرا إلى ذاك ; وما افتقر جزء منه إلى غيره لم تكن جملته واجبة بنفسها.
وإيضاح ذلك: أن الواجب بنفسه: إما أن يكون شيئا واحدا لا جزء له، أو يكون أجزاء. فإن كان شيئا واحدا لا جزء له، امتنع أن يكون له بعض، فضلا عن أن يقال: بعضه يفتقر إلى الغير وبعضه لا يفتقر إلى الغير، وامتنع أن يكون شيئين: أحدهما نفسه، والآخر كماله.
وإن قيل: هو جزءان أو أجزاء، كان الواجب هو مجموع تلك الأجزاء، فلا يكون واجبا بنفسه حتى يكون المجموع واجبا بنفسه، (* فمتى كان البعض مفتقرا إلى سبب منفصل عن المجموع لم يكن واجبا بنفسه *) (4)
_________
(1) لأنه: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) ن، م: يوجد.
(3) ن، م: بكمال لغيره.
(4) : ما بين النجمتين ساقط من (م) . س.
***********************
وهذا المقام برهان بين لمن تأمله. وبيانه أن الناس متنازعون في إثبات الصفات لله: فأهل السنة يثبتون الصفات لله، وكثير من الفلاسفة والشيعة يوافقهم على ذلك، وأما الجهمية وغيرهم - كالمعتزلة (1) ومن وافقهم من الشيعة والفلاسفة كابن سينا ونحوه - فإنهم ينفون الصفات عن الله تعالى، ويقولون: (2) : إن إثباتها تجسيم وتشبيه وتركيب (3)
[عمدة الفلاسفة على نفي الصفات هي حجة التركيب]
وعمدة ابن سينا [وأمثاله] (4) على نفيها هي (5) حجة التركيب، وهو أنه لو كان له صفة لكان مركبا، والمركب مفتقر إلى جزئيه، وجزءاه (6) غيره، والمفتقر إلى غيره لا يكون واجبا بنفسه.
وقد تكلم الناس على إبطال هذه الحجة من وجوه كثيرة بسبب أن لفظ " التركيب " و " الجزء " و " الافتقار " و " الغير " ألفاظ مجملة.
فيراد بالمركب ما ركبه غيره، وما كان متفرقا فاجتمع، وما يقبل التفريق، والله سبحانه منزه عن هذا بالاتفاق، وأما الذات الموصوفة بصفات لازمة لها، فإذا سمى المسمي هذا تركيبا، كان هذا اصطلاحا له ليس هو المفهوم من لفظ المركب.
والبحث إذا كان في المعاني العقلية لم يلتفت فيه إلى اللفظ.
_________
(1) ن، م: من المعتزلة.
(2) ن، م: فهم ينفون الصفات لله ويقولون. .
(3) ن: تشبيه وتجسيم وتركيب ; م: سنة وتركيب. .
(4) " وأمثاله " ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) ن، م: هو.
(6) ن: وجزؤه.
****************************** *
فيقال: هب أنكم سميتم هذا تركيبا (1) فلا دليل لكم على نفيه. ومن هذا الوجه ناظرهم أبو حامد الغزالي في " التهافت ".
وكذلك لفظ " الجزء " يراد به بعض الشيء الذي ركب منه، كأجزاء المركبات من الأطعمة والنباتات والأبنية (2) ، وبعضه الذي يمكن [فصله] (3) عنه كأعضاء الإنسان، ويراد به صفته اللازمة له كالحيوانية للحيوان والإنسانية للإنسان والناطقية للناطق، ويراد به بعضه الذي لا يمكن تفريقه كجزء الجسم الذي لا يمكن مفارقته له: إما الجوهر الفرد، وإما المادة والصورة عند من يقول بثبوت ذلك [ويقول: إنه] (4) لا يوجد إلا بوجود الجسم، وإما غير ذلك عند من لا يقول بذلك.
فإن الناس متنازعون في الجسم: هل هو مركب من المادة والصورة، أو من الجواهر المنفردة، أو لا من هذا [ولا من هذا] (5) ؟ على ثلاثة أقوال. وأكثر العقلاء على القول الثالث كالهشامية والنجارية والضرارية والكلابية [والأشعرية] (6) وكثير من الكرامية، وكثير من أهل الفقه والحديث والتصوف والمتفلسفة وغيرهم.
والمقصود هنا أن لفظ " الجزء " (7) له عدة معان بحسب
_________
(1) ن، م: مركبا.
(2) ن، م: من الأطعمة والأبنية والثياب.
(3) فصله: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) ويقول إنه: ساقطة من (ن) .
(5) ولا من هذا: ساقطة من (ن) .
(6) والأشعرية: ساقطة من (ن) ، (م) .
(7) ن، م: الحركة، وهو تحريف من الناسخ.
**********************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (104)
صـ 166 إلى صـ 172
الاصطلاحات.
وكذلك لفظ " الغير يراد به ما باين (1) الشيء، فصفة الموصوف وجزؤه ليس غيرا له بهذا الاصطلاح، وهذا هو الغالب على الكلابية والأشعرية، وكثير من أهل الحديث والتصوف، والفقهاء أتباع الأئمة الأربعة، وكثير من الشيعة.
وقد يقولون: الغيران ما جاز مفارقة أحدهما الآخر (2) بزمان أو مكان أو وجود، وقد يراد بلفظ " الغير " (3) ما لم يكن هو الآخر، وهذا هو الغالب على اصطلاح المعتزلة والكرامية ومن وافقهم من الشيعة والفلاسفة.
وكذلك لفظ " الافتقار " يراد به [التلازم] (4) ، ويراد به افتقار المعلول إلى علته الفاعلة، ويراد به افتقاره إلى محله وعلته القابلة (5) .
وهذا اصطلاح المتفلسفة الذين يقسمون لفظ العلة إلى: (* فاعلية وغائية ومادية وصورية، ويقولون: المادة - وهي القابل - والصورة هما علتا الماهية *) (6) ، والفاعل والغاية هما علتا وجود الحقيقة، وأما سائر النظار فلا يسمون المحل الذي هو القابل علة.
[مناقشة الحجة التي احتج بها هؤلاء الفلاسفة ومن وافقهم على نفي الصفات]
فهذه الحجة التي احتج بها هؤلاء الفلاسفة ومن وافقهم على نفي الصفات، مؤلفة من ألفاظ مجملة.
فإذا قالوا: " لو كان موصوفا بالعلم والقدرة ونحو ذلك من الصفات
_________
(1) ن، م: ما يباين.
(2) ن، م: للآخر.
(3) ن، م: الغيرين.
(4) التلازم: ساقطة من (ن) .
(5) ن، م: المقابلة.
(6) الكلام المقابل لهذه العبارات في نسختي (ن) ، (م) ناقص ومضطرب.
*************************
لكان مركبا، والمركب مفتقر إلى جزئه، وجزؤه غيره (1) ، والمفتقر إلى غيره لا يكون واجبا بنفسه ".
قيل لهم: قولكم: " لكان مركبا ".
إن أردتم به: لكان غيره قد ركبه، أو لكان مجتمعا بعد افتراقه، أو لكان قابلا للتفريق، فاللازم (2) باطل، فإن الكلام هو في (3) الصفات اللازمة للموصوف التي يمتنع وجوده بدونها، فإن الرب [سبحانه] (4) يمتنع أن يكون موجودا وهو ليس بحي ولا عالم ولا قادر، وحياته وعلمه وقدرته صفات لازمة لذاته.
وإن أردتم بالمركب الموصوف (5) أو ما يشبه ذلك.
قيل لكم 11) (6) : ولم 12) (7) قلتم: إن ذلك ممتنع؟
قولهم: " والمركب مفتقر إلى غيره ".
قيل: أما المركب بالتفسير الأول فهو مفتقر إلى ما يباينه، وهذا ممتنع على الله. وأما الموصوف بصفات الكمال اللازمة لذاته الذي سميتموه أنتم مركبا، فليس في اتصافه هنا بها ما يوجب كونه مفتقرا إلى مباين له.
فإن قلتم: هي غيره، وهو لا يوجد إلا بها، وهذا افتقار إليها.
_________
(1) ن، م: إلى جزئه وغيره.
(2) ن: فالتلازم.
(3) ن، م: من.
(4) سبحانه: زيادة في (أ) ، (ب) .
(5) ن، م: للموصوف، وهو تحريف.
(6) ن: لهم.
(7) أ، ب: ولو.
****************************** *
قيل لكم (1) : إن أردتم بقولكم: " هي غيره " أنها مباينة له، فذلك باطل (2) . وإن أردتم أنها ليست إياه، قيل لكم (3) : وإذا لم تكن الصفة هي الموصوف فأي محذور في هذا؟
فإذا قلتم: هو مفتقر إليها.
قيل: أتريدون بالافتقار أنه مفتقر إلى فاعل يفعله، أو محل يقبله؟ أم تريدون أنه مستلزم لها فلا يكون موجودا إلا وهو متصف بها؟ (4 فإن أردتم الأول، كان هذا باطلا، وإن أردتم الثاني، قيل: وأي محذور في هذا؟
وإن قلتم: هي مفتقرة إليه 4) (4) .
قيل: أتريدون أنها مفتقرة إلى فاعل يبدعها، أو (5) إلى محل تكون موصوفة به؟
أما الثاني فأي محذور فيه؟ وأما الأول فهو باطل (6) ، إذ الصفة اللازمة للموصوف لا يكون فاعلا لها.
وإن قلتم: هو موجب لها، أو علة لها، أو مقتض لها، فالصفة إن كانت واجبة، فالواجب لا يكون معلولا، ويلزم تعدد الواجب وهو الصفة والموصوف ; وإن كانت ممكنة بنفسها، فالممكن بنفسه لا يوجد
_________
(1) ن: لهم.
(2) ن، م:. . له فباطل.
(3) لكم: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) (4 - 4) : ساقط من (ب) فقط.
(5) ن، م: أم.
(6) أ، ب: وأما الأول فباطل.
*****************************
إلا بموجب، فتكون الذات هي الموجبة، والشيء الواحد لا يكون فاعلا وقابلا.
قيل لكم: لفظ الواجب بنفسه والممكن بنفسه قد صار فيه اشتراك في خطابكم، فقد يراد بالواجب بنفسه ما لا مبدع له ولا علة فاعلة، ويراد بالواجب بنفسه (1) ما لا مبدع له ولا محل، ويراد بالواجب بنفسه ما لا يكون له (2) صفة لازمة ولا [يكون] موصوفا ملزوما (3) .
فإن أردتم بالواجب بنفسه ما لا مبدع له ولا علة فاعلة، فالصفة واجبة بنفسها، وإن أردتم ما لا محل له يقوم به فالصفة ليست واجبة بنفسها بل الموصوف هو الواجب بنفسه، وإن أردتم بالواجب ما ليس بملزوم لصفة ولا لازم فهذا لا حقيقة له، بل هذا لا يوجد إلا في الأذهان لا في الأعيان، وأنتم قدرتم شيئا في أذهانكم ووصفتموه بصفات يمتنع معها (4) وجوده، فجعلتم ما هو واجب الوجود بنفسه ممتنع الوجود، وهذه الأمور قد بسطت في غير هذا الموضع.
والغرض هنا (5) التنبيه على هذا، إذ المقصود في هذا المقام يحصل على التقديرين، فنقول: واجب الوجود بنفسه سواء قيل بثبوت الصفات له وسمي ذلك تركيبا أو لم يسم، أو قيل بنفي الصفات عنه، يمتنع أن
_________
(1) ن، م: بالموجب بنفسه.
(2) له: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) في النسخ الأربع: ولا موصوفا ملزوما، وإثبات كلمة (يكون) يقيم العبارة لغة ومعنى.
(4) ن: بها.
(5) أ، ب: والمقصود والغرض هنا. . إلخ.
********************
يكون مفتقرا إلى شيء مباين له. وذلك أنه إذا (1) قدر أنه ليس فيه معان متعددة بوجه من الوجوه - كما يظنه من يظنه من نفاة الصفات - فهذا يمتنع أن يكون له كمال مغاير له، وأن يكون شيئين، وحينئذ فلو كان فيه ما هو مفتقر إلى غيره للزم تعدد المعاني فيه، وهذا ممتنع على التقديرين (2) .
وإن قيل: إن فيه معان متعددة ; فواجب الوجود هو مجموع تلك الأمور المتلازمة، إذ يمتنع وجود شيء منها دون شيء، وحينئذ فلو افتقر شيء من ذلك المجموع إلى أمر منفصل لم يكن واجب الوجود، فهو سبحانه مستلزم لحياته وعلمه وقدرته وسائر صفات كماله، وهذا هو الموجود الواجب بنفسه، وهذه الصفات لازمة لذاته، وذاته مستلزمة لها، وهي داخلة في مسمى اسم نفسه ; وفي سائر أسمائه تعالى، فإذا كان واجبا بنفسه وهي داخلة في مسمى اسم نفسه (3) لم يكن موجودا إلا بها، فلا يكون مفتقرا فيها إلى شيء مباين له أصلا.
ولو قيل: إنه يفتقر في كونه حيا أو عالما أو قادرا إلى غيره، فذلك الغير: إن كان ممكنا كان مفتقرا إليه، وكان هو سبحانه ربه، فيمتنع أن يكون ذلك مؤثرا فيه ; لأنه يلزم أن يكون هذا مؤثرا في هذا، وهذا مؤثرا في هذا، وتأثير كل منهما في الآخر لا يكون إلا بعد حصول أثره فيه ; لأن التأثير لا يحصل إلا مع كونه حيا عالما قادرا، فلا يكون هذا حيا عالما قادرا
_________
(1) ن، م: إن.
(2) أ: وذلك ممتنع مفتقر ; ب: وذلك ممتنع على التقديرين، وكلمة " مفتقر " لا تتفق مع سياق الجملة.
(3) ن، م: في مسمى اسمه.
****************************** **
حتى يجعله الآخر كذلك، (1 ولا يكون هذا حيا عالما قادرا حتى يجعله الآخر كذلك 1) (1) فلا يكون أحدهما حيا عالما قادرا إلا بعد أن يجعل الذي جعله حيا عالما قادرا [حيا عالما قادرا] (2) ، ولا يكون حيا عالما قادرا [إلا بعد كونه حيا علما قادرا] (3) بدرجتين.
وهذا كله مما يعلم امتناعه بصريح العقل، وهو من المعارف الضرورية التي لا ينازع فيها العقلاء، وهذا من الدور القبلي: دور العلل ودور الفاعلين ودور المؤثرين، وهو ممتنع باتفاق العقلاء، بخلاف دور المتلازمين، وهو أنه لا يكون هذا إلا مع هذا (4 ولا يكون هذا إلا مع هذا 4) (4) ، فهذا جائز سواء كانا لا فاعل لهما كصفات [الله] (5) أو كانا مفعولين والمؤثر التام فيهما غيرهما.
وهذا جائز (6) ، فإن الله يخلق الشيئين معا للذين لا يكون أحدهما إلا مع الآخر: كالأبوة والبنوة، فإن الله إذا خلق الولد فنفس خلقه للولد جعل هذا أبا وهذا ابنا، وإحدى الصفتين لم تسبق الأخرى ولا تفارقها، بخلاف ما إذا كان أحد الأمرين هو من تمام المؤثر في الآخر فإن هذا ممتنع، فإن الأثر لا يحصل إلا بالمؤثر التام، فلو كان تمام هذا المؤثر من
_________
(1) (1 - 1) : ساقط من (أ) ، (ب) .
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(4) (4 - 4) : ساقط من (أ) ، (ب) .
(5) لفظ الجلالة غير موجود في (ن) .
(6) وهذا جائز: ساقطة من (ن) .
****************************** *****
تمام ذاك (1) ، وتمام ذاك المؤثر من تمام هذا (2) ، كان كل من التمامين (3) متوقفا على تمام مؤثره، وتمام مؤثره موقوفا عليه نفسه، فإن الأثر لا يوجد إلا بعد تمام مؤثره، فلا (4) يكون كل من الأثرين من تمام نفسه التي تم تأثيرها به، فأن لا يكون من تمام المؤثر في تمامه بطريق الأولى، فإن الشيء إذا امتنع أن يكون علة أو فاعلا أو مؤثرا (* في نفسه، أو في تمام كونه علة ومؤثرا *) (5) وفاعلا له، أو لشيء من تمامات تأثيره ; فلأن يمتنع كونه فاعلا لفاعل نفسه، أو مؤثرا في المؤثر في نفسه وفي تمامات تأثير ذلك، أولى وأحرى.
فتبين أنه يمتنع كون شيئين كل منهما معطيا للآخر) (6) شيئا من صفات الكمال أو شيئا مما به يصير معاونا له على الفعل (7) ، سواء أعطاه كمال علم أو قدرة أو حياة أو غير ذلك، فإن هذا كله يستلزم الدور في تمام الفاعلين وتمام المؤثرين، وهذا ممتنع.
وبهذا يعلم أنه يمتنع أن يكون للعالم صانعان متعاونان لا يفعل أحدهما إلا بمعاونة الآخر، ويمتنع أيضا أن يكونا مستقلين ; لأن
_________
(1) ن، م: من ذاك.
(2) ن، م: من هذا.
(3) ن: المتمامين ; م: المتماثلين، وهو تحريف.
(4) ا، ب: ولا.
(5) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
(6) أ، ب: يعطي الآخر.
(7) 6) أ، ب: مما يصير به معاونا على الفعل.
****************************** *****
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (105)
صـ 173 إلى صـ 179
استقلال أحدهما يناقض استقلال الآخر، وسيأتي بسط هذا (1) .
والمقصود هنا أنه يمتنع أن يكون أحدهما يعطي الآخر كماله، ويمتنع أن يكون الواجب بنفسه مفتقرا في كماله إلى غيره، فيمتنع أن يكون مفتقرا إلى غيره بوجه من الوجوه، فإن الافتقار: إما في تحصيل الكمال، وإما في منع سلبه الكمال، فإنه إذا كان كاملا بنفسه ولا يقدر غيره (2) أن يسلبه كماله، لم يكن محتاجا بوجه من الوجوه، فإن ما ليس كمالا له فوجوده ليس مما يمكن أن يقال: إنه يحتاج [إليه] (3) ؛ إذ حاجة الشيء إلى ما ليس من كماله ممتنعة، وقد تبين أنه لا يحتاج إلى غيره في حصول كماله، وكذلك (4) لا يحتاج في منع سلب الكمال كإدخال نقص عليه، وذلك لأن ذاته (5) إن كانت مستلزمة لذلك الكمال امتنع وجود الملزوم بدون اللازم، فيمتنع أن يسلب ذلك الكمال مع كونه واجب الوجود بنفسه، وكون لوازمه يمتنع عدمها.
فإن قيل: إن ذاته لا تستلزم كماله (6) ، كان مفتقرا في حصول ذلك الكمال إلى غيره، وقد تبين أن ذلك ممتنع.
فتبين أنه يمتنع احتياجه إلى غيره في تحصيل شيء أو دفع شيء، وهذا هو المقصود، فإن الحاجة لا تكون إلا لحصول شيء أو دفع
_________
(1) يتكلم ابن تيمية عن هذا الموضوع بالتفصيل فيما بعد 2/59 - 74 بولاق.
(2) ن، م: أحد.
(3) إليه: ساقطة من (ن) فقط.
(4) ن، م: ولذلك.
(5) ن: وذلك لا ذاته، وهو تحريف.
(6) ن (فقط) : إن كماله تستلزم كماله، وهو تحريف.
*************************
شيء: إما حاصل يراد إزالته، أو ما لم يحصل بعد فيطلب منعه. ومن كان لا يحتاج (1) إلى غيره في جلب شيء ولا في دفع شيء امتنعت حاجته مطلقا، فتبين أنه غني عن غيره مطلقا.
وأيضا، فلو قدر أنه محتاج إلى الغير، لم يخل: إما أن يقال: إنه يحتاج إليه في شيء (2) من لوازم وجوده، أو شيء من العوارض له.
أما الأول فيمتنع، فإنه لو افتقر إلى غيره في شيء من لوازمه لم يكن موجودا إلا بذلك الغير ; لأن وجود الملزوم بدون اللازم ممتنع، فإذا كان لا يوجد إلا بلازمه، ولازمه لا يوجد إلا بذلك الغير، لم يكن هو موجودا [إلا بذلك الغير، فلا يكون موجودا بنفسه، بل يكون: إن وجد ذلك الغير وجد، وإن لم يوجد لم يوجد، ثم ذلك الغير: إن لم يكن موجودا] (3) بنفسه واجبا بنفسه افتقر إلى فاعل مبدع، فإن كان هو الأول لزم الدور في العلل: وإن كان غيره لزم التسلسل في العلل، وكلاهما ممتنع باتفاق العقلاء كما قد بسط في موضع آخر.
وإن كان ذلك الغير واجبا بنفسه موجودا بنفسه (4) والأول كذلك (5) ، كان كل منهما لا يوجد إلا بوجود الآخر، وكون كل من الشيئين لا يوجد إلا مع الآخر جائز إذا كان لهما سبب غيرهما، كالمتضايفين مثل الأبوة والبنوة،
_________
(1) ن، م: منعه وكل من لا يحتاج.
(2) ن (فقط) : يحتاج إلى شيء.
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(4) ا، ب: الغير موجودا بنفسه واجبا بنفسه.
(5) كذلك: ساقطة من (أ) ، (ب) .
*****************************
فلو كان لهما سبب غيرهما، كانا ممكنين يفتقران (1) إلى واجب بنفسه، والقول فيه كالقول فيهما.
وإذا كانا واجبين بأنفسهما، امتنع أن يكون وجود كل منهما أو وجود شيء من لوازمه بالآخر ; لأن كلا منهما يكون علة أو جزء علة في الآخر، فإن كلا منهما لا يتم إلا بالآخر، وكل منهما لا يمكن أن يكون علة ولا جزء علة إلا إذا كان موجودا، وإلا فما لم يوجد لا يكون مؤثرا في غيره ولا فاعلا لغيره، فلا (2) يكون هذا مؤثرا في ذاك حتى يوجد هذا، (* ولا يكون ذاك مؤثرا في هذا حتى يوجد ذاك (3) *) (4) ، فيلزم أن لا يوجد هذا حتى يوجد ذاك (5) ولا يوجد ذاك حتى يوجد هذا، ولا يوجد هذا حتى يوجد مفعول هذا، فيكون هذا فاعل فاعل هذا، وكذلك لا يوجد ذاك حتى يوجد فاعل [ذاك] (6) ، فيكون ذاك فاعل فاعل ذاك.
ومن المعلوم أن كون الشيء علة لنفسه، أو جزء علة لنفسه، أو شرط علة نفسه، ممتنع بأي عبارة عبر عن هذا المعنى، فلا يكون فاعل نفسه، ولا جزءا من الفاعل، ولا شرطا في الفاعل لنفسه، ولا تمام الفاعل لنفسه، ولا يكون مؤثرا في نفسه، ولا تمام المؤثر في نفسه، فالمخلوق
_________
(1) ن، م: مفتقرين.
(2) ن، م: ولا.
(3) ن، م: هذا، والصواب ما أثبته.
(4) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
(5) ن، م: هذا. وبعد كلمة " هذان " يوجد اضطراب وتكرار في نسختي (ن) ، (م) ، ولذلك حذفت هذه العبارات ولم أثبتها منهما.
(6) ذاك: ساقطة من (ن) فقط.
******************************
لا يكون رب نفسه، ولا يحتاج الرب نفسه بوجه من الوجوه إليه في خلقه (1) ؛ إذ لو احتاج إليه في خلقه لم يخلقه حتى يكون، ولا يكون حتى يخلقه، فيلزم الدور القبلي لا المعي (2) .
وإذا لم يكن مؤثرا في نفسه فلا يكون مؤثرا في المؤثر في نفسه (* بطريق الأولى، فإذا قدر واجبان كل واحد منهما له تأثير ما في الآخر، لزم أن يكون كل منهما مؤثرا في المؤثر في نفسه *) (3) وهذا ممتنع [كما تبين] (4) ، فيمتنع تقدير واجبين كل منهما مؤثر في الآخر بوجه من الوجوه، فامتنع أن يكون الواجب بنفسه مفتقرا في شيء من لوازمه إلى غيره، سواء قدر أنه واجب أو ممكن.
وهذا مما يعلم به امتناع أن يكون للعالم صانعان، فإن الصانعين إن كانا مستقلين كل منهما فعل الجميع، كان هذا متناقضا [ممتنعا] (5) لذاته، فإن فعل أحدهما للبعض يمنع استقلال الآخر به، فكيف باستقلاله به؟ !
ولهذا اتفق العقلاء (6) على امتناع اجتماع مؤثرين تامين في أثر واحد ; لأن ذلك جمع بين النقيضين؛ إذ كونه (7) وجد بهذا وحده يناقض كونه
_________
(1) ن، م: ولا يحتاج إليه ربه بوجه من الوجوه في خلقه.
(2) ن، م: القبلي العلي، وهو تحريف.
(3) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
(4) كما تبين: ساقط من (ن) ، (م) .
(5) ممتنعا: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) ن، م: العلماء.
(7) ن، م: أو كونه، وهو تحريف.
****************************** *****
وجد بالآخر وحده، وإن كانا متشاركين متعاونين، فإن كان فعل كل واحد (1) منهما مستغنيا عن فعل الآخر وجب أن يذهب كل إله بما خلق، فتميز مفعول هذا [عن مفعول هذا] (2) ، ولا يحتاج إلى الارتباط به، وليس الأمر كذلك، بل العالم كله متعلق بعضه ببعض، هذا مخلوق من هذا وهذا [مخلوق] من هذا (3) ، وهذا محتاج إلى هذا من جهة كذا، وهذا محتاج إلى هذا من جهة كذا، لا يتم شيء من أمور العالم إلا بشيء [آخر منه] (4) .
وهذا يدل على أن العالم كله فقير إلى غيره لما فيه من الحاجة، ويدل على أنه ليس فيه فعل لاثنين، بل كله مفتقر إلى واحد.
فالفلك الأطلس الذي هو أعلى الأفلاك في جوفه سائر الأفلاك، والعناصر والمولدات والأفلاك متحركات بحركات مختلفة [مخالفة] (5) لحركة التاسع، فلا يجوز أن تكون حركته هي سبب تلك الحركات المخالفة لحركته إلى (6) جهة أخرى أكثر مما (7) يقال: إن الحركة الشرقية هو سببها، وأما الحركات الغربية فهي مضادة لجهة حركته، فلا يكون هو سببها، [وهذا] (8) مما يسلمه هؤلاء (9)
_________
(1) واحد: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(3) أ، ب: هذا مخلوق من هذا، وهذا من هذا، وهذا من هذا.
(4) ب: لا يتم شيء من أمور شيء من العالم إلا بشيء.
(5) مخالفة: ساقطة من (ن) فقط.
(6) أ، ب: على.
(7) أ، ب: ما.
(8) وهذا: ساقطة من (ن) فقط.
(9) كلام ابن تيمية عن فلك الأطلس وسائر الأفلاك التي في جوفه وحركات الأفلاك متصل بنظرية الفلاسفة المعروفة بنظرية الفيض أو الصدور أو العقول العشرة. انظر كلام الفلاسفة عنها في: رسائل الكندي الفلسفية 1/238 - 261 ; الفارابي: آراء أهل المدينة الفاضلة، ص 24 - 25 (ط. مكتبة الحسين، 1368/1948) ; ابن سينا: النجاة، 3/448 - 455 ; الشفاء، قسم الإلهيات 2/393 - 409.
****************************** **
وأيضا فالأفلاك في جوفه بغير اختياره، ومن جعل غيره فيه بغير اختياره كان مقهورا مدبرا، كالإنسان الذي جعل في باطنه أحشاؤه، فلا يكون واجبا بنفسه، فأقل درجات الواجب بنفسه أن لا يكون مقهورا مدبرا، [فإنه إذا كان مقهورا مدبرا] (1) كان مربوبا أثر فيه غيره، ومن أثر فيه غيره كان وجوده (2) متوقفا على وجود ذلك الغير، سواء كان الأثر كمالا أو نقصا، فإنه إذا (3) كان زيادة كان كماله موقوفا على الغير، وكماله منه فلا يكون موجودا بنفسه، وإن كان نقصا [كان غيره قد] (4) نقصه، ومن نقصه غيره لم يكن ما نقصه هو واجب الوجود بنفسه (5) ، فإن [ما] كان (6) واجب الوجود بنفسه يمتنع عدمه، فذاك الجزء المنقوص ليس واجب الوجود (7) ولا من لوازم واجب الوجود، وما لم يكن كذلك لم يكن عدمه نقصا؛ إذ النقص عدم كمال، والكمال الممكن هو من لوازم واجب الوجود كما تقدم، والتقدير أنه نقص، فتبين أن من نقصه غيره شيئا من لوازم وجوده،
_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط. وفي (م) : فأما إذا. . إلخ.
(2) وجوده: ساقطة من (ن) فقط.
(3) ن، م: إن.
(4) كان غيره قد: ساقط من (ن) فقط.
(5) بنفسه: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(6) ن، م: فإن كان. . .
(7) ن، م: والنقص ليس واجب الوجود.
****************************** *
أو أعطاه (1) شيئا من لوازم وجوده، لم يكن واجب الوجود بنفسه.
فالفلك الذي قد حشي بأجسام كثيرة بغير اختياره محتاج إلى ذلك الذي حشاه بتلك الأجسام، فإنه إذا كان حشوه كمالا له، لم يوجد كماله إلا بذلك الغير، فلا يكون واجبا بنفسه، وإن كان نقصا فيه كان غيره قد سلبه الكمال الزائل (2) بذلك النقص، فلا تكون ذاته مستلزمة لذلك الكمال، إذا لو استلزمته لعدمت بعدمه، وكماله من تمام نفسه، فإذا كان جزء نفسه غير واجب، لم تكن نفسه واجبة كما تقدم بيانه.
وأيضا، فالفلك الأطلس إن قيل: إنه لا تأثير له (3) في شيء من العالم، وجب أن لا يكون هو المحرك للأفلاك التي فيه، وهي متحركة بحركته، ولها حركة تخالف حركته، فيكون في الفلك الواحد قوة تقتضي حركتين متضادتين، وهذا ممتنع فإن الضدين لا يجتمعان، ولأن المقتضي للشيء لو كان مقتضيا لضده الذي لا يجامعه، لكان فاعلا له غير فاعل [له] (4) ، 8 فإن كان مريدا له [كان مريدا] (5) غير مريد، وهو جمع بين [النقيضين] (6) ، وإن كان له تأثير في تحريك الأفلاك، أو غير ذلك فمعلوم أنه غير مستقل بالتأثير ; لأن تلك الأفلاك لها حركات تخصها من غير تحريكه ; ولأن ما يوجد في الأرض من الآثار لا بد فيه من الأجسام
_________
(1) ن، م: وأعطاه.
(2) ن، م: الزائد، وهو تحريف.
(3) ن، م: إن له تأثير، وهو تحريف.
(4) له: ساقطة من (ن) فقط
(5) كان مريدا: ساقطة من (ن) فقط.
(6) ن (فقط) : بين الضدين النقيضين.
****************************** *
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (106)
صـ 180 إلى صـ 186
العنصرية، وتلك الأجسام إن لم يكن فاعلا لها فهو محتاج إلى ما لم (1) يفعله، وإن قدر أنه المؤثر فيها فليس مؤثرا مستقلا فيها ; لأن الآثار الحاصلة فيها لا تكون (2) إلا باجتماع اتصالات وحركات تحصل بغيره.
فتبين أن تأثيره مشروط بتأثير غيره، وحينئذ فتأثيره من كماله، فإن المؤثر أكمل من غير المؤثر، وهو مفتقر في هذا الكمال إلى غيره، فلا يكون واجبا بنفسه، فتبين أنه ليس واجبا بنفسه من هذين الوجهين، وتبين [أيضا] أن فاعله (3) ليس مستغنيا عن فاعل تلك الأمور التي يحتاج إليها الفلك، لكون الفلك ليس متميزا مستغنيا من كل وجه عن كل ما سواه، بل هو محتاج إلى ما سواه من المصنوعات، فلا يكون واجبا بنفسه، ولا مفعولا لفاعل مستغن عن فاعل ما سواه.
[امتناع وجود ربين للعالم]
وإذا كان الأمر في الفلك الأطلس هكذا، فالأمر في غيره أظهر، فأي شيء اعتبرته من العالم (4) وجدته مفتقرا إلى شيء آخر من العالم، فيدلك ذلك مع كونه [ممكنا مفتقرا ليس بواجب بنفسه] (5) على (6) أنه مفتقر إلى فاعل ذلك الآخر (7) ، فلا يكون في العالم فاعلان فعل كل منهما ومفعوله مستغن عن فعل الآخر ومفعوله، وهذا كالإنسان مثلا فإنه يمتنع أن يكون
_________
(1) لم: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) ن، م: لا تحصل.
(3) ن (فقط) : وتبين أنه فاعله.
(4) ن (فقط) : العامل، وهو تحريف.
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(6) أ، ب: إلى. والمثبت من (م) .
(7) ن (فقط) : مع كونه مفتقرا إلى فاعل ذلك الآخر، وهو نقص وتحريف.
**********************
الذي خلقه غير الذي خلق ما (1) يحتاج إليه، فالذي خلق مادته كمني الأبوين ودم الأم هو الذي خلقه، والذي خلق الهواء الذي يستنشقه والماء الذي يشربه هو الذي خلقه ; لأن خالق ذلك [لو] (2) كان خالقا غير خالقه، فإن كانا خالقين كل منهما مستغن عن الآخر في فعله ومفعوله، كان ذلك ممتنعا ; لأن الإنسان محتاج إلى المادة والرزق، فلو كان خالق مادته ورزقه غير خالقه، لم يكن مفعول أحدهما مستغنيا عن مفعول الآخر.
فتبين [بذلك] (3) أنه يمتنع أن يكون للعالم فاعلان، مفعول كل منهما مستغن عن مفعول الآخر، كما قال تعالى: {ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق} [سورة المؤمنون: 91] .
ويمتنع (4) أن يكونا مستقلين ; لأنه جمع بين النقيضين، ويمتنع أن يكونا متعاونين متشاركين، كما يوجد ذلك في المخلوقين يتعاونون على المفعولات ; لأنه حينئذ لا يكون أحدهما فاعلا إلا بإعانة الآخر له، وإعانته فعل منه لا يحصل إلا بقدرته، بل [وبعلمه] (5) وإرادته، فلا يكون هذا معينا لذاك حتى يكون ذاك معينا لهذا، ولا يكون ذاك (6) معينا لهذا حتى يكون هذا معينا لذاك ; وحينئذ لا يكون هذا معينا لذاك ولا ذاك
_________
(1) عبارة " خلق ما ": ساقطة من (ب) وفي (أ) : غير الذي ما يحتاج إليه.
(2) لو: ساقطة من (ن) فقط.
(3) بذلك: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) ن (فقط) : وممتنع.
(5) ن، م: وبعمله، وهو تحريف.
(6) ن، م: هذا.
**************************
معينا لهذا، كما لا يكون الشيء معينا لنفسه بطريق الأولى، فالقدرة التي بها يفعل الفاعل لا تكون حاصلة بالقدرة التي يفعل بها الفاعل الآخر، بل إما أن تكون (1) من لوازم ذاته، وهي قدرة الله تعالى، أو تكون حاصلة بقدرة غيره كقدرة العبد، فإذا قدر ربان متعاونان (2) لا يفعل أحدهما حتى يعينه الآخر، لم يكن أحدهما قادرا على الفعل بقدرة لازمة لذاته، ولا يمكن أن تكون قدرته حاصلة من الآخر ; لأن الآخر لا يجعله قادرا حتى يكون هو قادرا، فإذا لم تكن قدرة واحد منهما من نفسه، لم يكن لأحدهما قدرة بحال.
فتبين امتناع كون العالم له ربان، وتبين امتناع كون واجب الوجود له كمال يستفيده من غيره، وتبين امتناع أن يؤثر في واجب الوجود غيره، وهو سبحانه مستحق للكمال الذي لا غاية فوقه، وذلك الكمال لازم له ; لأن الكمال الذي يكون كمالا [للموجود] (3) ، إما أن يكون واجبا له، أو ممتنعا عليه، أو جائزا عليه، فإن كان واجبا له فهو المطلوب، وإن كان ممتنعا لزم أن يكون الكمال الذي للموجود ممكنا للممكن ممتنعا على الواجب، فيكون الممكن أكمل من الواجب.
[عود إلى الكلام على اتصاف الله بصفات الكلام]
وأيضا، فالممكنات فيها كمالات موجودة، وهي من الواجب بنفسه، والمبدع للكمال المعطي له الخالق له أحق بالكمال؛ إذ الكمال إما وجود، وإما كمال وجود، ومن أبدع الموجود كان أحق بأن يكون موجودا؛ إذ
_________
(1) ن، م: بل إنما يكون، وهو تحريف.
(2) ب: بأن متعاونين، أ، ب: بان متعاونان، والمثبت عن (ن) .
(3) ن، م: للوجود.
****************************** ****
المعدوم لا يكون مؤثرا في الموجود (1) ، وهذا كله معلوم. فتبين أن الكمال ليس ممتنعا عليه، وإذا كان جائزا أن يحصل وجائزا أن لا يحصل، لم يكن حاصلا إلا بسبب آخر، فيكون واجب الوجود مفتقرا في كماله إلى غيره، وقد تبين بطلان هذا أيضا.
فتبين أن الكمال لازم لواجب الوجود واجب له يمتنع سلب الكمال عنه، والكمال أمور وجودية، فالأمور العدمية لا تكون كمالا إلا إذا تضمنت أمورا وجودية، إذ العدم المحض ليس بشيء فضلا عن أن يكون كمالا، فإن الله سبحانه إذا ذكر ما يذكره من تنزيهه ونفي النقائص عنه، ذكر ذلك في سياق إثبات صفات الكمال له، كقوله تعالى: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم} [سورة البقرة: 255] فنفي السنة والنوم يتضمن كمال الحياة والقيومية، وهذه من صفات الكمال.
وكذلك قوله: {لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض} [سورة سبأ: 3] ، فإن نفي عزوب ذلك عنه يتضمن علمه به، وعلمه به من صفات الكمال.
وكذلك قوله: {ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب} [سورة ق: 38] ، فتنزيهه لنفسه عن مس اللغوب يقتضي كمال قدرته، والقدرة من صفات الكمال، فتنزيهه يتضمن كمال حياته وقيامه وعلمه وقدرته، وهكذا نظائر ذلك.
فالرب تعالى موصوف بصفات الكمال التي لا غاية فوقها، إذ كل غاية تفرض كمالا إما أن تكون واجبة له أو ممكنة أو ممتنعة. والقسمان
_________
(1) أ، ب: الوجود.
*****************************
الأخيران (1) باطلان فوجب الأول، فهو منزه عن النقص وعن مساواة شيء من الأشياء له في صفات الكمال، بل هذه المساواة هي من النقص أيضا، وذلك لأن المتماثلين يجوز على أحدهما ما يجوز على الآخر، ويجب له ما يجب له، ويمتنع عليه ما يمتنع عليه، فلو قدر أنه ماثل شيئا في شيء من الأشياء، للزم اشتراكهما فيما يجب ويجوز ويمتنع [على] (2) ذلك الشيء، وكل ما سواه ممكن قابل للعدم، بل معدوم مفتقر إلى فاعل وهو مصنوع مربوب محدث، فلو ماثل غيره في شيء من الأشياء، للزم أن يكون هو والشيء الذي ماثله فيه ممكنا قابلا للعدم، بل معدوما مفتقرا إلى فاعل، مصنوعا مربوبا محدثا، وقد تبين أن كماله لازم لذاته لا يمكن أن يكون مفتقرا فيه إلى غيره، فضلا عن أن يكون ممكنا أو مصنوعا أو محدثا، فلو قدر مماثلة غيره له في شيء من الأشياء، للزم كون الشيء الواحد موجودا معدوما، ممكنا واجبا، قديما محدثا، وهذا جمع بين النقيضين.
فالرب تعالى مستحق للكمال على وجه التفصيل كما أخبرت به الرسل، فإن الله [تعالى] (3) أخبر أنه بكل شيء عليم، وعلى كل شيء قدير، وأنه سميع بصير، وأنه عليم قدير، عزيز حكيم، غفور رحيم، ودود مجيد، وأنه يحب المتقين والمحسنين والصابرين، ويرضى عن (4) الذين
_________
(1) ن، م: الآخران.
(2) على: ساقطة من (ن) فقط.
(3) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
(4) ن، م: على.
****************************** *
آمنوا وعملوا الصالحات، ولا يحب الفساد، ولا يرضى لعباده الكفر، وأنه خلق السماوات والأرض [وما بينهما] (1) في ستة أيام ثم استوى على العرش، وأنه كلم موسى تكليما وناداه وناجاه، إلى غير ذلك مما جاء به الكتاب والسنة.
وقال في التنزيه: {ليس كمثله شيء} [سورة الشورى: 11] ، {هل تعلم له سميا} [سورة مريم: 65) {فلا تضربوا لله الأمثال} [سورة النحل: 74] ، {ولم يكن له كفوا أحد} ، {فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون} [سورة البقرة: 22] فنزه نفسه عن النظير باسم الكفء والمثل والند والسمي (2) .
وقد بسط الكلام على هذا في غير هذا الموضع، وكتبنا رسالة مفردة في قوله: {ليس كمثله شيء} ، وما فيها من الأسرار والمعاني الشريفة (3) .
فهذه طريقة الرسل وأتباعهم من سلف الأمة وأئمتها: إثبات مفصل، ونفي مجمل (4) ، إثبات صفات الكمال على وجه التفصيل، ونفي النقص والتمثيل، كما دل على ذلك سورة: {قل هو الله أحد الله الصمد} ، وهي تعدل ثلث القرآن [كما ثبت ذلك في الحديث
_________
(1) وما بينهما: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) أ (فقط) : والمسمى، وهو تحريف.
(3) ذكر ابن قيم الجوزية في رسالة " أسماء مؤلفات ابن تيمية " ص [0 - 9] 6 أن لابن تيمية " رسالة في تفسير قوله تعالى: (ليس كمثله شيء) نحو خمسين ورقة ".
(4) ن (فقط) : محل، وهو تحريف.
****************************** ***
الصحيح] (1) ، وقد كتبنا تصنيفا [مفردا] في تفسيرها (2) وآخر في كونها تعدل ثلث القرآن (3) .
فاسمه الصمد يتضمن صفات الكمال، كما روى الوالبي، عن ابن عباس [- رضي الله عنهما] (4) أنه قال: [هو] (5) العليم الذي كمل في علمه، والقدير الذي كمل في قدرته، والسيد الذي كمل في سؤدده، والشريف الذي كمل في شرفه، والعظيم الذي كمل في عظمته، والحليم الذي كمل في حلمه، والحكيم الذي كمل في حكمته، وهو الذي كمل في أنواع الشرف والسؤدد، هو الله [سبحانه وتعالى] (6) هذه صفته [لا تنبغي إلا له] (7) .
والأحد يتضمن نفي المثل عنه (8) ، والتنزيه الذي يستحقه [الرب] (9)
_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(2) ن، م: مصنفا في تفسيرها.
(3) لابن تيمية كتاب " تفسير سورة الإخلاص " وقد طبع أكثر من مرة منها الطبعة الأولى بالمطبعة المنيرية، سنة 1352. وله أيضا كتاب " جواب أهل العلم والإيمان بتحقيق ما أخبر به رسول الرحمن من أن (قل هو الله أحد) تعدل ثلث القرآن " وقد طبع أكثر من مرة، منها طبعة المطبعة السلفية سنة 1376.
(4) رضي الله عنهما: زيادة في (أ) ، (ب) .
(5) هو: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) سبحانه وتعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
(7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . وفي (ب) : تبتغي، وهو تحريف، والمثبت من (أ) .
(8) ن، م: له.
(9) الرب: ساقطة من (ن) ، (م) .
*************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (107)
صـ 187 إلى صـ 193
يجمعه نوعان: [أحدهما] (1) نفي النقص عنه، والثاني: نفي مماثلة شيء من الأشياء فيما يستحقه من صفات الكمال، فإثبات صفات الكمال له مع نفي مماثلة غيره له يجمع ذلك، كما دلت عليه هذه السورة.
وأما المخالفون لهم من المشركين والصابئة، ومن اتبعهم من الجهمية والفلاسفة والمعتزلة ونحوهم، فطريقتهم (2) : نفي مفصل وإثبات مجمل، ينفون صفات الكمال، ويثبتون ما لا يوجد إلا في الخيال، فيقولون: [ليس بكذا ولا كذا. فمنهم من يقول] (3) : ليس له صفة ثبوتية، بل إما سلبية، وإما إضافية، وإما مركبة منهما، كما يقوله من يقوله من الصابئة والفلاسفة، كابن سينا وأمثاله، ويقول: هو وجود مطلق بشرط سلب الأمور الثبوتية عنه. ومنهم من يقول: وجود مطلق بشرط الإطلاق.
وقد قرروا في منطقهم ما هو معلوم بالعقل الصريح: أن المطلق بشرط الإطلاق إنما وجوده في الأذهان لا في الأعيان، فلا يتصور في الخارج حيوان مطلق بشرط الإطلاق، ولا إنسان مطلق بشرط الإطلاق، ولا جسم مطلق بشرط الإطلاق، فيبقى واجب الوجود ممتنع الوجود في الخارج، وهذا مع أنه تعطيل وجهل وكفر فهو جمع بين النقيضين.
ومن قال: مطلق بشرط سلب الأمور الثبوتية، فهذا أبعد من المطلق بشرط (4) الإطلاق، فإن هذا قيده (5) بسلب الأمور الوجودية (6) دون
_________
(1) أحدهما: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) ن، م: فطريقهم.
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(4) ن: فهو أبعد من المطلق بعد شرط.
(5) ن، م: قيد.
(6) أ، ب: الموجودة.
*****************************
العدمية، وهذا (1) أولى بالعدم مما قيد (2) بسلب الأمور الوجودية والعدمية (3) ، وهو أيضا أبلغ في الامتناع، فإن الموجود المشارك لغيره في الوجود لا يمتاز عنه بوصف عدمي بل بأمر وجودي، فإذا قدر وجود لا يتمير عن غيره إلا بعدم، كان أبلغ في الامتناع من وجود يتميز بسلب الوجود والعدم.
وأيضا، فإن هذا يشارك سائر الموجودات في مسمى الوجود، ويمتاز عنها بالعدم، وهي تمتاز عنه بالوجود، فيكون على قول هؤلاء: أي موجود من الممكنات قدر فهو أكمل من الواجب، وهذا [في] غاية [الفساد] والكفر (4) .
وإن قالوا: هو مطلق لا بشرط، كما يقوله [الصدر] القونوي (5) وأمثاله
_________
(1) ن، م: وهو.
(2) ن (فقط) : قيل، وهو تحريف.
(3) ن (فقط) : الوجودية دون العدمية، وهو خطأ. وتكررت العبارة مرة أخرى في (ن) وهو سهو من الناسخ.
(4) ن، م: وهذا غاية الكفر.
(5) الصدر: ساقطة من (ن) ، (م) . وهو صدر الدين محمد بن إسحاق بن محمد بن يوسف بن علي القونوي الرومي، من كبار الصوفية القائلين بوحدة الوجود. ومن أصحاب محيي الدين بن عربي، توفي سنة 673 وقيل: 672. انظر ترجمته في " الطبقات الكبرى " للشعراني 1/177 ; الأعلام 6/254. وانظر ما ذكره عنه ابن تيمية في رسالة " السبعينية " ضمن مجموع الفتاوى الكبرى، ط. كردستان العلمية، القاهرة، 1329. وما ذكره الدكتور أبو الوفا التفتازاني في بحثه عن الطريقة الأكبرية، ص 343 - 344، الكتاب التذكاري لابن عربي، ط. الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر، 1389/1969.
****************************** ***
من القائلين بوحدة الوجود، فالمطلق لا بشرط هو موضوع العلم الإلهي (1) عندهم، الذي هو الحكمة العليا والفلسفة الأولى عندهم، فإن الوجود المطلق لا بشرط ينقسم إلى: واجب وممكن، وعلة ومعلول، وجوهر وعرض، وهذا موضوع (2) العلم الأعلى عندهم (3) الناظر في الوجود ولواحقه.
ومن المعلوم أن الوجود المنقسم إلى واجب وممكن لا يكون هو الوجود الواجب المطلق بشرط الإطلاق، وهو الذي يسمونه الكلي الطبيعي، ويتنازعون في وجوده في الخارج، والتحقيق أنه يوجد في الخارج معينا لا كليا، فما هو كلي في الأذهان يوجد في الأعيان، لكن لا يوجد كليا.
فمن قال: الكلي الطبيعي موجود في الخارج، وأراد هذا المعنى فقد أصاب.
وأما إن قال: إن (4) في الخارج ما هو كلي في الخارج - كما يقتضيه كلام كثير من هؤلاء الذين تكلموا في المنطق والإلهيات - وادعى أن في الخارج إنسانا مطلقا كليا، [وفرسا مطلقا كليا] (5) ، وحيوانا مطلقا
_________
(1) ن (فقط) : فالمطلق لا يوجد فهو العلم الإلهي، وهو تحريف ; ب، أ: فالمطلق لا بشرط هو موضع العلم الإلهي. والمثبت من (م) .
(2) أ، ب: موضع.
(3) عندهم: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) إن: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
****************************
[كليا] (1) ، فهو مخطئ خطأ ظاهرا: سواء ادعى أن هذه الكليات مجردة عن الأعيان أزلية - كما يذكرونه عن أفلاطون (2) ويسمون ذلك " المثل الأفلاطونية " أو ادعى أنها لا تكون إلا مقارنة للمعينات، أو ادعى (3) أن المطلق جزء من المعين - كما يذكرونه عن أرسطو وشيعته، كابن سينا وأمثاله - ويقولون: إن النوع مركب من الجنس والفصل، [وإن] الإنسان (4) مركب من الحيوان والناطق، والفرس مركب من الحيوان والصاهل، فإن هذا إن أريد به أن الإنسان متصف بهذا وهذا فهذا حق، ولكن الصفة لا تكون سبب وجود (5) الموصوف ولا متقدمة عليه لا في الحس ولا في العقل، ولا يكون الجوهر القائم بنفسه مركبا من عرضين.
وإن أراد به أن الإنسان الموجود في الخارج فيه جوهران قائمان بأنفسهما: أحدهما الحيوان، والآخر الناطق، فهذا مكابرة للعقل والحس.
وإن أريد بهذا التركيب تركيب الإنسان العقلي المتصور (6) في الأذهان لا الموجود في الأعيان فهذا صحيح، لكن ذلك الإنسان هو بحسب ما يركبه الذهن، فإن ركبه من الحيوان والناطق تركب منهما، وإن ركبه من الحيوان والصاهل تركب منهما، فدعوى المدعي: أن إحدى
_________
(1) كليا: ساقطة من النسخ الأربع، وإثباتها يقتضيه سياق الكلام.
(2) ن، م، أ: أفلاطن.
(3) ن: وادعى.
(4) ن، م: والإنسان.
(5) وجود: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(6) ن: المصور ; م: المقصور.
****************************
الصفتين (1) ذاتية مقومة للموصوف لا يتحقق بدونها لا في الخارج ولا في الذهن، والأخرى عرضية يتقوم الموصوف بدونها مع كونها مساوية لتلك في اللزوم - تفريق بين المتماثلين.
والفروق التي يذكرونها بين الذاتي والعرضي - اللازم للماهية - هي ثلاثة، وهي فروق منتقضة وهم معترفون بانتقاضها، كما يعترف بذلك ابن سينا ومتبعوه شارحو " الإشارات "، وكما ذكره صاحب " المعتبر " (2) وغيرهم، والكلام على هذا مبسوط في غير هذا الموضع (3) .
وكذلك الكلام على قولهم وقول (4 من وافقهم من 4) (4) القائلين بوحدة الوجود في وجود واجب الوجود مبسوط في غير هذا الموضع، والمقصود هنا كلام جملي على ما جاءت به الرسل صلوات الله [وسلامه] (5) عليهم أجمعين، وهذا كله مبسوط في مواضعه.
_________
(1) ن: أحد الصنفين، وهو تحريف.
(2) وهو أبو البركات هبة الله بن ملكا، وسبق الكلام عليه 1/178.
(3) قال ابن عبد الهادي في " العقود الدرية " ص [0 - 9] 6 عند ذكره لأسماء مؤلفات ابن تيمية: " وله كتاب في الرد على المنطق، مجلد كبير. وله مصنفان آخران في الرد على المنطق نحو مجلد ". وذكر ابن تيمية نفسه في كتاب " الصفدية " (ورقة 193 ب) أنه له كتابين في الرد على المنطق: أحدهما كبير والآخر صغير، وأن له كتابا في نقض منطق الإشارات لابن سينا كما أنه نقد المنطق في رده على محصل الرازي. وقد لخص ابن تيمية الفروق الثلاثة بين الذاتي والعرضي في كتابه " الرد على المنطقيين " ص [0 - 9] 2 - 64 وقال في آخر كلامه هناك أنه بسط الكلام في بيان هذه الفروق في موضع آخر تكلم فيه على إشارات ابن سينا، ومن ذلك يتضح أنه فصل هذا الرد في كتابه في نقض منطق الإشارات وهو ليس بين أيدينا.
(4) : (4 - 4) ساقط من (أ) ، (ب) .
(5) وسلامه: زيادة في (أ) ، (ب) .
*****************************
لكن هذا الإمامي لما أخذ يذكر عن طائفته أنهم المصيبون في التوحيد دون غيرهم احتجنا إلى التنبيه على ذلك، فنقول: أما [ما] ذكره [من] لفظ (1) الجسم وما يتبع ذلك، فإن هذا اللفظ لم ينطق به في صفات الله تعالى لا كتاب ولا سنة، لا نفيا ولا إثباتا، ولا تكلم به أحد من الصحابة والتابعين وتابعيهم، لا أهل البيت ولا غيرهم.
ولكن لما ابتدعت الجهمية القول بنفي الصفات في آخر (2) الدولة الأموية، ويقال: إن أول من ابتدع ذلك هو الجعد بن درهم معلم مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية، وكان هذا الجعد من حران (3) ، وكان فيها أئمة الصابئة والفلاسفة، والفارابي كان قد أخذ الفلسفة عن متى ثم دخل إلى حران فأخذ ما أخذه منها عن أولئك الصابئة الذين كانوا بحران، وكانوا يعبدون الهياكل العلوية ويبنون (4) : هيكل العلة الأولى، هيكل العقل الأول، هيكل النفس الكلية، هيكل زحل، هيكل المشترى، هيكل المريخ، هيكل الشمس، هيكل الزهرة، هيكل عطارد، هيكل القمر، ويتقربون بما هو معروف عندهم (5) من أنواع العبادات والقرابين والبخورات وغير ذلك (6) .
_________
(1) ن، م: أما ذكره لفظ. . .
(2) ن، م: أواخر.
(3) سبق الكلام عن الجعد بن درهم 1/7، 309. وقد قتل الجعد حوالي سنة 118. وانظر في ترجمته أيضا لسان الميزان 2/105 ; ميزان الاعتدال 1/185 ; الكامل لابن الأثير 5/160
(4) ن، م: ويثبتون.
(5) أ، ب: بما هو عندهم معروف.
(6) سبق الكلام (هذا الكتاب 1/5 - 6) عن الصابئة القائلين بالحاجة إلى متوسط روحاني من الكواكب أو الأصنام، وأشرت هناك إلى أن مركزهم كان حران. وحران - كما يذكر ياقوت في معجم البلدان -: " مدينة عظيمة مشهورة من جزيرة آقور، وهي قصبة ديار مضر بينها وبين الرها يوم وبين الرقة يومان وهي على طريق الموصل والشام والروم. . وكانت منازل الصابئة وهم الحرانيون الذين يذكرهم أصحاب كتب الملل والنحل ". ويتكلم البيروني (الأثار الباقية عن القرون الخالية، ص [0 - 9] 04 - 208، ط. ألمانيا، 1878) عن الصابئة بالتفصيل، ومن كلامه عنهم: " وكانت لهم هياكل وأصنام بأسماء الشمس معلومة الأشكال كما ذكرها أبو معشر البلخي في كتابه: بيوت العبادات " وانظر أيضا: الخطط للمقريزي 1/344.
****************************** **
وهؤلاء هم أعداء إبراهيم الخليل الذي دعاهم إلى عبادة الله وحده، وكان مولده (1 عند أكثر الناس 1) (1) [إما بالعراق أو] (2) بحران (3 كما في التوراة 3) (3) ، ولهذا ناظرهم في عبادة الكواكب والأصنام، وحكى الله عنه أنه، لما رأى أنه (4) كوكبا {قال هذا ربي} [إلى قوله: {لا أحب الآفلين} ] (5) إلى قوله: {فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال ياقوم إني بريء مما تشركون - إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين} [سورة الأنعام: 76 - 79] الآيات.
وقد ظن طائفة من الجهمية والمعتزلة وغيرهم أن مراده بقوله: {هذا ربي} أن هذا خالق العالم، وأنه (6) استدل بالأفول - وهو الحركة والانتقال - على عدم ربوبيته، وزعموا أن هذه الحجة هي الدالة على حدوث الأجسام وحدوث العالم.
_________
(1) : (1 - 1) ساقط من (أ) ، (ب) .
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(3) (3 - 3) : ساقط من (أ) ، (ب) .
(4) : ساقطة من (أ) ، (ب) .
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(6) ن، م: فإنه.
*****************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (108)
صـ 194 إلى صـ 200
[فساد استدلال الفلاسفة بآيات سورة الأنعام]
وهذا غلط من وجوه: أحدها: أن هذا القول لم يقله أحد من العقلاء، لا قوم إبراهيم ولا غيرهم، ولا توهم أحدهم (1) أن كوكبا أو القمر أو الشمس خلق هذا العالم، وإنما كان قوم إبراهيم مشركين يعبدون هذه الكواكب زاعمين أن في ذلك جلب منفعة أو دفع مضرة، على طريقة الكلدانيين (2) والكشدانيين (3) " [وغيرهم من المشركين أهل الهند وغيرهم] (4) ، وعلى طريقة هؤلاء صنف الكتاب الذي صنفه أبو عبد الله بن الخطيب الرازي (5) في السحر والطلسمات (6) ودعوة الكواكب (7) ، وهذا دين المشركين من
_________
(1) ن، م: أحد.
(2) ن، م: الكذابين، وهو تحريف.
(3) لم أجد فيما بين يدي من المراجع شيئا عنهم سوى عبارة قصيرة في " تاج العروس " للزبيدي مادة " كشد ": " الكشدانيون بالضم طائفة من عبدة الكواكب
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(5) ن: أبو عبد الله الطبري، وهو تحريف ; م: أبو عبد الله الرازي.
(6) قال الشهاب الخفاجي في " شفاء الغليل فيما في كلام العرب من الدخيل " مادة " طلسم ": " لفظ يوناني لم يعربه من يوثق به: وكونه مقلوبا من مسلط وهم لا يعتد به، وفي " السر المكتوم ": هو عبارة عن علم بأحوال تمزيج القوى الفعالة السماوية بالقوى المنفعلة الأرضية لأجل التمكن من إظهار ما يخالف العادة والمنع مما يوافقها ".
(7) وهو كتاب " السر المكتوم في مخاطبة النجوم ". انظر: وفيات الأعيان 3/318 ; لسان الميزان 4/426 ; الأعلام للزركلي 7/203.
**************************
الهند والخطا (1) والنبط (2) والكلدانيين والكشدانيين (3)
ولهذا قال الخليل: {ياقوم إني بريء مما تشركون} [سورة الأنعام: 77] وقال: {أفرأيتم ما كنتم تعبدون - أنتم وآباؤكم الأقدمون - فإنهم عدو لي إلا رب العالمين} [سورة الشعراء: 75 - 77] ، وأمثال ذلك.
وأيضا، فالأفول في لغة العرب هو المغيب والاحتجاب، ليس هو الحركة والانتقال (4) .
_________
(1) يطلق لفظ الخطا أحيانا على الصين بعامة، وأحيانا على الصين الشمالية بخاصة، ويطلق تارة على قبائل الخطا التي كانت تعيش في شمال الصين والتي نزحت من موطنها في القرن السادس الهجري إلى غرب إقليم التركستان حيث كونوا دولة عرفت بمملكة القراخطائيين. انظر: جامع التواريخ لرشيد الدين الهمذاني، المجلد الثاني، 1/109 - 121، ط. الحلبي، 1960 ; المغول في التاريخ للدكتور فؤاد عبد المعطي الصياد، ص [0 - 9] ، 29 - 33، ; دائرة المعارف البريطانية مادة cathay
(2) في اللسان: " النبيط والنبط كالحبيش والحبش في التقدير: جيل ينزلون السواد، وفي المحكم ينزلون سواد العراق وهم الأنباط. وفي الصحاح: ينزلون البطائح بين العراقين ". وذكر الأستاذ أحمد عطية الله في " القاموس الإسلامي " مادة: " أنباط " أنباط أو نبط: شعب عربي قديم كان يعيش في الإقليم الصحراوي الذي يمتد ما بين شبه جزيرة سيناء وحوران. . وكان للأنباط حضارة مازالت آثارها تتمثل في أطلال مدينة بطرا أو البتراء. . وعند ظهور الإسلام كانت هناك بقايا من الأنباط اختلطت بغيرها من شعوب المنطقة كالسريان والأراميين وللأنباط كتابة خاصة تعرف بالخط النبطي وهو يشبه الخط الحميري "
(3) ذكرت كلمتا: " الكلدانيين والكشد انيين " محرفتين في (ن) . وغير هؤلاء.
(4) في اللسان: " أفل أي: غاب، وأفلت الشمس تأفل (بكسر الفاء وضمها) أفلا وأفولا: غربت ".
**************************
وأيضا، فلو كان احتجاجه (1) بالحركة والانتقال لم ينتظر [إلى] (2) أن يغيب، بل كان نفس (3) الحركة التي يشاهدها من حين تطلع إلى أن (4) تغيب هي (5) الأفول.
وأيضا، فحركتها (6) بعد المغيب والاحتجاب غير مشهودة ولا معلومة.
وأيضا، فلو كان قوله: {هذا ربي} أي (7) : هذا رب العالمين، لكانت قصة إبراهيم [عليه السلام] (8) حجة عليهم ; لأنه (9) حينئذ لم تكن الحركة عنده (10) مانعة من كونه رب العالمين، وإنما المانع هو الأفول (11) .
ولما (12) حرف هؤلاء لفظ " الأفول " سلك ابن سينا [هذا المسلك] (13)
_________
(1) احتجاجه: كذا في (أ) ، (ن) ، (م) ; وفي (ب) : احتجابه. والمعنى: لو كان احتجاج إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - على عدم ربوبية الكواكب أو الشمس أو القمر بحركة كل منها وانتقاله لم يحتج إلى الانتظار حتى يغيب بل كانت الحركة المشاهدة للعيان كافية للدلالة على عدم الربوبية.
(2) إلى: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) ن، م: لم ينتظر أن يغيب بل نفس الحركة. . إلخ.
(4) ن: إلى حين.
(5) ب: هو.
(6) ن، م: فحركاتها.
(7) أي: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(8) عليه السلام: زيادة في (أ) ، (ب) .
(9) ن، م: لأنهم.
(10) ن، م: عندهم.
(11) انظر تفسير آيات سورة الأنعام 74 - 79 في تفسير ابن كثير.
(12) ن (فقط) : ولا، وهو تحريف.
(13) هذا المسلك: ساقط من (ن) فقط.
****************************** ****
في " إشاراته " (1) فجعل الأفول هو الإمكان، وجعل كل ممكن آفلا، وأن الأفول هوي في حظيرة الإمكان (2) وهذا يستلزم أن يكون ما سوى الله آفلا (3) .
ومعلوم أن هذا من أعظم الافتراء على اللغة والقرآن ومن أعظم القرمطة ولو كان كل ممكن آفلا لم يصح قوله: {فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين} فإن قوله: {فلما أفل} يقتضي حدوث الأفول له، وعلى قول هؤلاء المفترين على اللغة والقرآن: " الأفول " لازم له لم يزل ولا يزال آفلا (4) ، ولو كان مراد إبراهيم بالأفول الإمكان، والإمكان حاصل في الشمس والقمر والكوكب في كل وقت، لم يكن به حاجة إلى أن ينتظر أفولها.
وأيضا، فجعل القديم الأزلي الواجب [بغيره] (5) أزلا وأبدا ممكنا قول انفرد به ابن سينا ومن تابعه (6) ، وهو قول (7) مخالف لجمهور العقلاء من سلفهم وخلفهم (8) .
_________
(1) ب (فقط) : إشارته وهو تحريف.
(2) ن: في حظيرة الشمس والقمر، وهو خطأ ; م: هو في حظيرة الشمس.
(3) قال ابن سينا: (الإشارات التنبيهات، ص 531 - 532 ط. المعارف) " قال قوم: إن هذا الشيء المحسوس موجود لذاته، واجب لنفسه، لكنك إذا تذكرت ما قيل لك في شرط واجب الوجود لم تجد هذا المحسوس واجبا، وتلوت قوله تعالى: (لا أحب الآفلين) فإن الهوى في حظيرة الإمكان أفول ما ".
(4) آفلا: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(5) بغيره: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) أ، ب: اتبعه.
(7) قول: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(8) أ، ب: وغيرهم.
****************************** *
[عود إلى الكلام على معاني لفظ الجسم]
والمقصود هنا أنه لما ظهرت الجهمية نفاة الصفات تكلم الناس في " الجسم " وفي إدخال لفظ " الجسم " في أصول الدين وفي التوحيد، وكان هذا من الكلام المذموم عند السلف والأئمة، فصار الناس في لفظ " الجسم " على ثلاثة أقوال:
طائفة تقول: إنه جسم، وطائفة تقول: ليس بجسم، وطائفة تمتنع عن إطلاق القول بهذا، وهذا لكونه بدعة في الشرع أو لكونه (1) في العقل يتناول حقا وباطلا، فمنهم من يكف عن التكلم في ذلك، ومنهم من يستفصل المتكلم (2) : فإن ذكر في النفي أو الإثبات (3) معنى صحيحا قبله، وعبر عنه بعبارة شرعية (4) ، لا يعبر عنها بعبارة مكروهة في الشرع ; وإن ذكر معنى باطلا رده.
وذلك أن لفظ " الجسم " فيه اشتراك بين معناه في اللغة ومعانيه المصطلح عليها، وفي المعنى منازعات عقلية، فيطلقه كل قوم بحسب اصطلاحهم وحسب اعتقادهم، فإن الجسم عند أهل اللغة هو البدن، أو البدن ونحوه مما هو غليظ كثيف، هكذا نقله غير واحد من أهل اللغة.
ومنه قوله تعالى: {وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم} [سورة المنافقون: 4] وقوله تعالى: {وزاده بسطة في العلم والجسم} [سورة البقرة: 247] .
ثم قد يعنى به نفس الشيء الغليظ الكثيف، وقد يعنى به نفس غلظه وكثافته.
_________
(1) ن: ولكنه، وهو تحريف.
(2) ن، م: الكلام.
(3) ن، م: والإثبات.
(4) ن (فقط) : عنه بغيره شرعه، وهو تحريف ظاهر.
****************************** ******
وعلى هذا فالزيادة في الجسم الذي هو الطول والعرض وهو القدر، وعلى الأول فالزيادة في نفس المقدر الموصوف.
وقد يقال: هذا الثوب له جسم، أي: غلظ وثخن، ولا يسمى الهواء جسما، ولا النفس الخارج من فم (1) الإنسان ونحو ذلك عندهم (2) جسما.
وأما أهل الكلام والفلسفة فالجسم عندهم أعم من ذلك، كما أن لفظ " الجوهر " في اللغة أخص من معناه في اصطلاحهم، فإنهم يعنون بالجوهر ما قام بنفسه أو المتحيز أو ما إذا وجد كان وجوده لا في موضع (3) ، أي: لا في محل يستغني عنه ; والجوهر في اللغة الجوهر المعروف.
ثم قد يعبرون عن الجسم بأنه ما يشار إليه، أو ما يقبل (4) الإشارة الحسية بأنه هنا أو هناك، وقد يعبرون عنه بما قبل الأبعاد الثلاثة: الطول والعرض والعمق، أو بما كان فيه الأبعاد الثلاثة: الطول والعرض والعمق (5) .
ولفظ البعد: الطول (6) والعرض والعمق في اصطلاحهم أعم من
_________
(1) ن (فقط) : نفس.
(2) عندهم: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) ن، م: موضوع.
(4) ن: أو لا يقبل، وهو خطأ.
(5) يقول ابن سينا: (الشفاء، قسم الإلهيات 1/61، ط. وزارة الثقافة والإرشاد) : " وأما تحقيقه وتعريفه فقد جرت العادة بأن يقال: إن الجسم جوهر طويل عريض عميق ".
(6) أ، ب: والطول.
****************************** *
معناه في اللغة، فإن أهل اللغة يقسمون الأعيان إلى طويل وقصير، والمسافة والزمان إلى قريب وبعيد، والمنخفض من (1) الأرض إلى عميق وغير عميق.
وهؤلاء عندهم كل ما يراه الإنسان من الأعيان فهو طويل عريض عميق، حتى الحبة - بل الذرة وما هو أصغر من ذرة - هو في اصطلاحهم طويل عريض عميق.
وقد يعبرون عن الجسم بالمركب أو المؤلف (2) ، ومعنى ذلك عندهم أعم من معناه في اللغة، فإن المركب (3) والمؤلف في اللغة ما ركبه مركب أو ألفه مؤلف، كالأدوية المركبة من المعاجين والأشربة ونحو ذلك، وبالمركب ما ركب على غيره أو فيه (4) ، كالباب المركب في موضعه ونحوه.
ومنه قوله تعالى: {في أي صورة ما شاء ركبك} [سورة الانفطار: 8] . وبالتأليف: التوفيق بين القلوب ونحو ذلك. ومنه قوله تعالى:
_________
(1) أ، ب: عن.
(2) يقول ابن الباقلاني (التمهيد، ص [0 - 9] 7، بيروت، 1957) : " فالجسم هو المؤلف "، ويقول (ص 191) : " حقيقة الجسم أنه مؤلف مجتمع بدلالة قولهم: رجل جسيم، وزيد أجسم من عمرو، وعلما بأنهم يقصرون هذه المبالغة على ضرب من ضروب التأليف في جهة العرض والطول ولا يوقعونها بزيادة شيء من صفات الجسم سوى التأليف ". ويقول ابن سينا (الشفاء، قسم الإلهيات 1/71) : " فقد بان أن الأجسام مؤلفة من مادة وصورة ". وانظر دائرة المعارف الإسلامية مادة " جسم " بقلم دي بور.
(3) ن، م: فالمركب.
(4) ن، م:. . . ونحو ذلك أو ما ركب على غيره أو فيه.
****************************** ******
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (109)
صـ 201 إلى صـ 207
{والمؤلفة قلوبهم} [سورة التوبة: 60] ، وقوله: {وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم} [سورة الأنفال: 63] ، وقوله: {إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا} [سورة آل عمران: 103] .
وللناس اصطلاحات في المؤلف والمركب، كما للنحاة اصطلاح، فقد يعنون بذلك الجملة التامة، وقد يعنون به (1) ما ركب تركيب مزج كبعلبك، وقد يعنون به المضاف وما يشبهه وهو ما ينصب في النداء.
وللمنطقيين ونحوهم من أهل الكلام اصطلاحات أخر يعنون به ما دل جزؤه على جزء معناه، فيدخل في ذلك المضاف إذا قصد به الإضافة دون العلمية، فلا (2) يدخل فيه بعلبك ونحوه.
ومنهم من يسوي بين المؤلف والمركب ومنهم من يفرق بينهما، وهذا كله تأليف في الأقوال.
وأما التأليف في الأعيان، فأولئك إذا قالوا: [إن] (3) الجسم هو المؤلف والمركب، لم يعنوا (4) به ما كان مفترقا فاجتمع ولا ما يقبل التفريق، بل يعنون به ما تميز منه جانب عن جانب، كالشمس والقمر وغيرهما من الأجسام.
وأما المتفلسفة فالمؤلف والمركب عندهم (5) أعم من هذا، يدخلون
_________
(1) به: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) أ، ب: ولا.
(3) إن: زيادة في (أ) ، (ب) .
(4) أ: يعنوا، ب: لا يعنون ; م: لم يعنون.
(5) ن، م: فالمؤلف عندهم والمركب.
*****************************
في ذلك تأليفا عقليا لا يوجد في الأعيان، ويدعون أن النوع مؤلف من الجنس والفصل، فإذا قلت: الإنسان حيوان ناطق، قالوا: الإنسان مؤلف من هذين، وإنما هو موصوف بهما.
ثم تنازع (1) هؤلاء في الجسم: هل هو مركب من أجزاء لا تقبل القسمة، وهي الجوهر الفرد عندهم، وهو شيء لم يدركه أحد بحسه، وما من شيء نفرضه إلا وهو أصغر منه عند القائلين به ; أو مركب من المادة والصورة تركيبا عقليا؟
وإذا حقق الأمر عليهم في المادة لم يوجد إلا نفس الجسم وأعراضه: تارة يعنى بالمادة الجسم الذي هو جوهر، والصورة شكله واتصاله القائم به. وتارة يعنى بالصورة نفس الجسم (2) الذي هو الجوهر، وبالمادة القدر المطلق الذي يعم الأجسام كلها، أو يعنى بها ما منه خلق الجسم (3) .
وقد يعنى بالصورة العرضية (4) التي هي الاتصال والشكل القائم به، فالجسم هو المتصل، والصورة هي (5) الاتصال، فالصورة هنا عرض، والمادة الجسم، كالصورة (6) الصناعية: كشكل السرير فإنه صورته (7) والخشب مادته.
_________
(1) ن، م: ينازع.
(2) ن: نفي، وهو خطأ.
(3) ن: الجسم والصورة.
(4) أ: العريضة، وهو تحريف.
(5) ن، م: نفي، وهو خطأ.
(6) ن، م: كالصور.
(7) أ، ب: صورة.
****************************
ولفظ المادة والهيولي يعنى به عندهم هذه الصورة الصناعية، وهي عرض يحدث بفعل الآدميين، ويعنى به (1) الصورة الطبيعية وهي نفس الأجسام، وهي جواهر (2) ومادة وما منها خلقت.
وقد يعنى بالمادة [المادة] (3) الكلية وهي ما تشترك فيه الأجسام من القدر ونحوه.
وهذه كليات حاصلة في الأذهان، وهي في الخارج معينة: إما أعراض وإما جواهر.
وقد يعنى بالمادة [المادة] (4) الأزلية وهي المجردة عن الصورة. وهذه يثبتها أفلاطن (5) ، وسائر العقلاء أنكروها، وفي الحقيقة هي ثابتة في الذهن لا في الخارج، والأجسام مشتركة في كون كل واحد (6) منها له قدر يخصه، فهي مشتركة في نوع المقدار لا في عينه، فصارت الأجسام مشتركة في المقدار، فقالوا: بينها مادة مشتركة [وهيولي مشتركة] (7) ، ولم يهتدوا إلى الفرق بين الاشتراك في الكلي المطلق والاشتراك في الشيء المعين، فاشتراك الأجسام في الجسمية والامتداد والمقدار الذي يظن أنه المادة ونحو ذلك، كاشتراك الناس في الإنسانية، واشتراك الحيوانات (8) في الحيوانية.
_________
(1) أ، ب: بها.
(2) ب: جوهر، والمثبت عن (أ) ، (ن) (م) .
(3) ما بين القوسين زيادة للإيضاح، والذي في الأصل صواب، حذف الموصوف وأقام الصفة مقامه.
(4) ما بين القوسين زيادة للإيضاح، والذي في الأصل صواب، حذف الموصوف وأقام الصفة مقامه.
(5) ب: أفلاطون، والمثبت عن (أ) ، (ن) ، (م) .
(6) واحد: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(8) ن، م: الحيوان.
**********************
وهؤلاء ظنوا أن هذه الكليات (1) موجودة في الخارج مشتركة، وذلك غلط، فإن ما في الخارج ليس فيه اشتراك، بل لكل موجود شيء يخصه لا يشركه فيه غيره، والاشتراك يقع في الأمور العامة الكلية المطلقة، وتلك لا تكون عامة مطلقة كلية إلا في الأذهان لا في الأعيان، فما فيه الاشتراك ليس فيه إلا العلم والعقل (2) ، وما به الاختصاص والامتياز - وهو (3) الموجود في الخارج - لا اشتراك فيه، وإنما فيه اشتباه وتماثل يسمى اشتراكا، كالاشتراك في المعنى العام، والانقسام بحسب الاشتراك، فمن لم يفرق بين قسمة الكلي إلى جزئياته، [والكل إلى أجزائه] (4) ، كقسمة الكلمة إلى: اسم، وفعل، وحرف (5) ، وإلا غلط كما غلط كثير من الناس في هذا الموضع.
ولما قالت طائفة من النحاة كالزجاجي (6) وابن جني (7) : الكلام ينقسم
_________
(1) ن، م: كليات.
(2) أ، ب: فما فيه الاشتراك إلا في العلم والعقل.
(3) ن، م: هو.
(4) ما بين القوسين غير موجود في النسخ الأربع وإثباته يقتضيه سياق الكلام.
(5) بعد كلمة " وحرف " يوجد تكرار واضطراب في نسختي (ن) ، (م) هكذا. . . وحرف وكقسمة الكل إلى أجزائه، كقسمة الكلمة إلى اسم، وفعل وحرف وإلا غلط.
(6) عبد الرحمن بن إسحاق ويعرف بالزجاجي، أبو القاسم النهاوندي، شيخ العربية في عصره، توفي بطبرية سنة 337 وقيل 339 وقيل 340. ترجمته في: وفيات الأعيان 2/317 - 318 ; إنباه الرواة للقفطي 2/160 - 161 (ط. دار الكتب، 1952) ; بغية الوعاة للسيوطي، ص 129 (ط. الخانجي، 1326) ; طبقات النحويين واللغويين للزبيدي، ص 129 (ط. الخانجي، 1945) ; الأعلام للزركلي 4.
(7) عثمان بن جني، أبو الفتح الموصلي، من أئمة الأدب واللغة، صاحب أبا علي الفارسي وروى عنه، توفي ببغداد سنة 392 وقيل 372. ترجمته في: وفيات الأعيان \ 410 - 412 ; إنباه الرواة 2/335 - 340 ; بغية الوعاة، ص [0 - 9] 22 ; الأعلام للزركلي 4/364.
*************************
إلى: اسم، وفعل، وحرف، أو الكلام كله ثلاثة: اسم وفعل وحرف، اعترض على ذلك من لم يعرف مقصودهم، ولم يجعل القسمة نوعين كالجزولي (1) ; حيث قال: كل جنس قسم إلى أنواعه أو أشخاصه (2) ، أو نوع قسم إلى أشخاصه، فاسم المقسوم صادق على الأنواع والأشخاص، وإلا فليست أقساما له.
وكلام أبي البقاء (3) في تفسير ابن جني أقرب ; حيث قال: معناه أجزاء الكلام ونحو ذلك.
_________
(1) ن، م: الكزولي. وعيسى بن عبد العزيز بن يللبخت بن عيسى بن يوماريللى الجزولي (أو الكزولي) اليزدكنتي البربري المراكشي، وجزولة قبيلة من قبائل البربر، وربما قالوا: كزولة (بضم الجيم والكاف) ، لزم ابن بري بمصر لما حج وعاد فتصدر للإقراء بالمرية وغيرها وولي خطابة مراكش، توفي سنة 607 وقيل: 605 أو 606. ترجمته في: إنباه الرواة 2/378 - 382 ; بغية الوعاة، ص 269 - 270 ; وفيات الأعيان 3/157 - 159 ; الأعلام للزركلي 5/288.
(2) ن: كل شيء جنس قسم إلى أنواعه وأشخاص أنواعه ; م: كل جنس قسم إلى أنواعه وأشخاص أنواعه.
(3) هو عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري البغدادي، أبو البقاء محب الدين. ولد ببغداد سنة 538 وتوفي بها سنة 616، كان أدبيا نحويا فقيها على مذهب الحنابلة، أصيب في صباه بالجدري فعمي. من كتبه المطبوعة " شرح ديوان المتنبي " ومن تأليفه كتاب " شرح اللمع لابن جني " وكتاب: " تلخيص التنبيه لابن جني ". انظر ترجمته ومؤلفاته في: إنباه الرواة 2/116 - 118 ; بغية الوعاة، ص [0 - 9] 81 ; نكت الهميان للصفدي، ص [0 - 9] 78 ; وفيات الأعيان 2/286 - 287 ; الذيل لابن رجب 2/109 - 120 ; الأعلام للزركلي 4/208 - 209.
****************************** **
ومن المعلوم أن قسمة كل الشيء الموجود في الخارج إلى أبعاضه وأجزائه، أشهر من قسمة المعنى العام الذي في الذهن إلى أنواعه وأشخاصه، كقوله تعالى: {ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر} [سورة القمر: 28] ، وقوله: {وإذا حضر القسمة أولو القربى} [سورة النساء: 8] وقوله عليه الصلاة والسلام: " «والله إني ما أعطي أحدا (1) ولا أمنع أحدا وإنما أنا قاسم أقسم بينكم» " (2) ، وقوله: " «لا تعضية في الميراث (3) إلا ما حمل القسم» " (4) . وقول الصحابة [رضوان الله
_________
(1) ن: إني والله لا أعطي أحدا ; م: والله لا أعطي أحدا.
(2) لم أجد الحديث بهذا اللفظ، والحديث بمعناه عن أبي هريرة رضي الله عنه في البخاري: 4/85 (كتاب فرض الخمس، باب فإن لله خمسه وللرسول) وانظر (فتح الباري 6/152 - 153) ; المسند (ط. المعارف) 12/180 (رقم: 7193 م) . وانظر درء تعارض العقل والنقل 8/278.
(3) ب: لا معصبة في الميراث ; ن، م: ولا يعصينه في معروف (وهو خطأ) ; أ: لا ـعصبه (كذا بدون نقط التاء والضاد) في الميراث، والصواب ما أثبته.
(4) الحديث في سنن البيهقي 10/133 وفيه: " قال أبو عبيد: قوله: لا تعضية في الميراث، يعني أن يموت الميت ويدع شيئا، إن قسم بين ورثته، إذا أراد بعضهم القسمة كان في ذلك ضرر عليهم أو على بعضهم. يقول: فلا يقسم. والتعضية التفريق، وهو مأخوذ من الإعضاء، يقال: عضيت اللحم إذا فرقته: قال الزعفراني: قال الشافعي في القديم: ولا يكون مثل هذا الحديث حجة، لأنه ضعيف. وهو قول من لقينا من فقهائنا. قال الشيخ (البيهقي) : وإنما ضعفه لانقطاعه وهو قول الكافة ". وفي " الجامع الكبير " للسيوطي 1/896: " لا تعضية (كذا) على أهل الميراث إلا ما حمل القسم. أبو عبيد في الغريب ق (البيهقي في سننه) عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم مرسلا ". وانظر " النهاية في غريب الحديث " لابن الأثير 3/106 مادة " عضا ".
*************************
عليهم] (1) : «قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرض خيبر بين من حضر (2) الحديبية، وقسم غنائم حنين بالجعرانة (3) . مرجعه من الطائف ; وقسم ميراث سعد بن الربيع» (4) .
وقول الفقهاء: باب (5) . قسم الغنائم والفيء والصدقات (6) ، وقسمة الميراث، وباب القسمة، وذكر المشاع والمقسوم، وقسمة الإجبار والتراضي ونحو ذلك.
وقول الحاسب: الضرب والقسمة إنما يراد به قسمة الأعيان الموجودة في الخارج، فيأخذ أحد الشريكين قسما والآخر قسما، وليس (7) كل اسم
_________
(1) رضوان الله عليهم في (أ) ، (ب) .
(2) ن، م: شهد.
(3) في " معجم ما استعجم " للبكري 2/384: " الجعرانة بكسر الجيم والعين وتشديد الراء المهملة. . وقال الأصمعي: هي الجعرانة بإسكان العين وتخفيف الراء، وكذلك قال أبو سليمان الخطابي. وهي ماء بين الطائف ومكة وهي إلى مكة أدنى، وبها قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائم حنين ومنها أحرم بعمرته في وجهته تلك ". وانظر أيضا: معجم البلدان
(4) سعد بن الربيع بن عمرو بن أبي زهير، شهد العقبة وهو أحد النقباء الاثنى عشر وشهد بدرا وأحدا، وقتل يوم أحد شهيدا وليس له عقب. انظر ترجمته في طبقات ابن سعد 3/522 - 524، 612، الإصابة لابن حجر 2/24 - 52، الاستيعاب لابن عبد البر 2/31 - 32.
(5) ب: يلي ; أ: الكلمة غير واضحة ويبدو أنها كتبت أولا " باب " ثم حرفت إلى ما يقرب من كلمة " يلي "
(6) ن، م: الفيء والغنائم والفيء والصدقات.
(7) ن، م: فليس.
****************************** ****
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (110)
صـ 208 إلى صـ 214
من أسماء المقسوم يجب أن يصدق على كل منهما منفردا، فإذا قسم بينهم جزور فأخذ هذا فخذا وهذا رأسا وهذا ظهرا لم يكن اسم الجزور صادقا على هذه الأبعاض، وكذلك لو قسم بينهم شجرة فأخذ هذا نصف ساقها، وهذا نصفا، وهذا أغصانها لم يكن اسم المقسوم صادقا على الأبعاض، ولو قسم بينهم سهم، كما كان الصحابة يقسمون، فيأخذ هذا القدح وهذا النصل، لم يكن هذا [سهما] (1) ولا هذا سهما.
فإذا كان اسم المقسوم لا يقع إلا حال الاجتماع، (2 زال بالانقسام، وإن كان يقال حال الاجتماع 2) (2) والافتراق، كانقسام الماء والتمر ونحو ذلك، صدق فيهما ; وعلى التقديرين فالمقسوم هنا موجودات (3) في الخارج.
وإذا قلنا: الحيوان ينقسم إلى ناطق وبهيم، لم نشر إلى حيوان معين موجود في الخارج فنقسمه قسمين (4) ، بل هذا اللفظ والمعنى يدخل فيه ما كان وما لم يكن [بعد] (5) ويتناول جزئيات لم تخطر بالذهن، فهذه المعاني الكلية لا توجد في الخارج كلية.
فإذا قيل: الأجسام تشترك في مسمى الجسم أو في المقدار المعين (6) أو غير ذلك، كان هذا المشترك معنى كليا، والمقدار المعين
_________
(1) سهما: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) (2 - 2) ساقط من (أ) ، (ب) .
(3) ب: موجودان، والصواب من (ن) ، (أ) ، (م) .
(4) ن، م: فيقسمه نصفين ; أ: فيقسمه قسمين.
(5) بعد: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) المعين: زيادة في (ن) فقط.
************************
لهذا الجسم ليس هو (1) المقدار المعين لهذا الجسم المعين (2) وإن كان مساويا له، وأما إن كان أكبر منه فهنا اشتركا (3) في نوع القدر لا في هذا القدر، فالاشتراك الذي بين الأجسام هو في هذه الأمور.
وأما ثبوت شيء موجود في الخارج، هو في هذا الإنسان وهو بعينه في هذا الإنسان، فهو مكابرة سواء في ذلك المادة والحقائق الكلية، ولكن هؤلاء ظنوا ما في الأذهان ثابتا في الأعيان، والكلام على هذا مبسوط في غير هذا الموضع.
والمقصود هنا أن هذا (4) الباب التأليف والتركيب في اصطلاح هؤلاء المتفلسفة من المتكلمين والمنطقيين ومن وافقهم [هو] نوع (5) آخر غير تلك الأنواع، والمركب لا بد له من مفرد. وإذا حقق الأمر على هؤلاء لم يوجد عندهم معنى مفرد يتركب منه هذه المؤلفات، وإنما يوجد ذلك في الأذهان لا في الأعيان، فالبسيط المفرد الذي يقدرونه (6) - كالحيوانية المطلقة والجسمية المطلقة وأمثال ذلك - لا يوجد (7) في الخارج إلا صفات معينة لموصوفات معينة، فهذه الأمور مما تدخل في لفظ المؤلف والمركب بحسب الاصطلاحات الوضعية، مع ما فيها من الاعتبارات العقلية.
_________
(1) ن، م: هذا:
(2) المعين: زيادة في (ن) فقط.
(3) ب: اشتراك ; أ، م: اشتراكا، والمثبت عن (ن) .
(4) هذا: ساقطة من (ب) ، وهي في (ن) ، (أ) ، (م) .
(5) ن: وافقهم ونوع، وهو خطأ ; أ، ب: وافقهم نوع. والمثبت من (م) .
(6) ن، م: يقدر به.
(7) أ، ب: لا توجد.
***************************
وهم متنازعون في الجسم: هل هو مؤلف من الجواهر المفردة (1) التي لا تقبل الانقسام، كما يقوله كثير من أهل الكلام ; أو مؤلف من المادة والصورة، كما يقوله كثير من المتفلسفة ; أو لا مؤلف لا من هذا ولا من هذا، كما يقوله كثير من الطوائف، على ثلاثة أقوال أصحها الثالث.
وكل من أصحاب الأقوال الثلاثة متنازعون هل يقبل القسمة إلى غير نهاية، والصحيح أنه لا يقبل الانقسام إلى غير نهاية، لكن مثبتة الجوهر الفرد يقولون: ينتهي إلى حد لا يقبل القسمة مع وجوده، وليس كذلك، بل إذا تصغرت الأجزاء استحالت، كما في أجزاء الماء إذا تصغرت (2) فإنها تستحيل فتصير (3) هواء، فما دامت موجودة فإنه (4) يتميز منها جانب عن جانب، فلا يوجد شيء لا يتميز بعضه عن بعض، كما يقوله مثبتة الجوهر الفرد، ولا يمكن انقسامه إلى ما لا يتناهى، بل إذا صغر (5) لم يقبل القسمة الموجودة في الخارج، وإن كان بعضه غير البعض الآخر (6) ، بل إذا تصرف (7) فيه بقسمة أو نحوها استحال، فالأجزاء الصغيرة - ولو عظم صغرها - يتميز منها شيء عن شيء في نفسه وفي الحس والعقل، لكن لا يمكن فصل بعضه عن بعض بالتفريق، بل يفسد ويستحيل لضعف قوامه عن احتمال ذلك، وبسط هذا له موضع آخر.
_________
(1) أ، ب: المنفردة.
(2) ن، م: تصعدت.
(3) ن، م: وتصير.
(4) ن، م: فإنها.
(5) أ، ب: لا.
(6) ن، م: غير بعض الآخر.
(7) ن: انصرف.
****************************
ثم القائلون بأن الجسم مركب من جواهر منفردة تنازعوا (1) : هل هو جوهر واحد بشرط انضمام مثله إليه، أو جوهران فصاعدا، أو أربعة، أو ستة، أو ثمانية، أو ستة عشر، أو اثنان وثلاثون، على أقوال معروفة لهم.
ففي لفظ الجسم والجوهر والمتحيز من الاصطلاحات والآراء المختلفة ما فيه، فلهذا وغيره لم يسغ إطلاق إثباته ولا نفيه.
بل إذا قال القائل: إن الباري [تعالى] (2) جسم.
قيل له: أتريد أنه مركب من الأجزاء كالذي كان متفرقا فركب؟ أو [أنه يقبل] (3) التفريق: سواء قيل: اجتمع بنفسه، أو جمعه غيره (4) ؟ أو أنه من جنس شيء من المخلوقات؟ أو أنه مركب من المادة والصورة؟ أو من (5) الجواهر المنفردة؟
فإن قال هذا.
قيل: هذا باطل.
وإن قال: أريد [به] أنه (6) موجود أو قائم بنفسه - كما يذكر عن هشام ومحمد بن كرام وغيرهما [ممن أطلق هذا اللفظ] (7) - أو أنه موصوف
_________
(1) ن: ينازعوا ; م: ينازعون.
(2) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) أنه يقبل: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) بعد كلمة " غيره " في (ن) ، (م) : أو أنه يقبل التفريق أو التفرق، (ن: أو التفريق) .
(5) من: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(6) ن: وإن وقيل أريد أنه ; م: وإن قال أريد أنه.
(7) ن، م: كما يذكر عن هشام ومحمد بن كرام وغيرهما، ب، ا: كما يذكر عن كثير ممن أطلق هذا اللفظ، وما أثبته يجمع ما في النسخ، والمقصود هنا من أجاز إطلاق لفظ الجسم على الله تعالى.
****************************** ***
بالصفات، أو أنه يرى في الآخرة، أو أنه يمكن رؤيته، أو أنه مباين للعالم فوقه (1) ، ونحو هذه المعاني الثابتة بالشرع والعقل.
قيل له: هذه معان صحيحة، ولكن (2) إطلاق هذا اللفظ على هذا بدعة في الشرع، مخالف للغة. فاللفظ إذا احتمل المعنى الحق والباطل لم يطلق، بل يجب أن يكون اللفظ مثبتا للحق نافيا للباطل.
وإذا قال: ليس بجسم.
قيل: أتريد بذلك أنه لم يركبه غيره، ولم يكن أجزاء متفرقة فركب (3) ، أو أنه (4) لا يقبل التفريق والتجزئة كالذي ينفصل بعضه عن بعض؟
أو أنه ليس مركبا من الجواهر المنفردة، ولا من المادة والصورة ونحو هذه المعاني.؟
[مناقشة نفاة الصفات إجمالا]
أو تريد به شيئا يستلزم نفي اتصافه بالصفات بحيث لا يرى، ولا يتكلم (5) بكلام يقوم به، ولا يباين خلقه، ولا يصعد إليه شيء، ولا ينزل منه شيء، ولا تعرج إليه الملائكة ولا الرسول، ولا ترفع إليه
_________
(1) فوقه: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) أ، ب: وأيضا، وهو خطأ.
(3) ن، م: فتركب.
(4) ن: أو لأنه ; أ: إلا أنه. والمثبت من (م) .
(5) ن: ولا تكلم.
***********************
الأيدي، ولا يعلو على (1) شيء، ولا يدنو منه شيء، ولا هو داخل (2) العالم ولا خارجه، ولا مباين له ولا محايث (3) له، ونحو ذلك من المعاني السلبية التي لا يعقل أن (4) يتصف بها إلا المعدوم.
فإن قال: أردت الأول.
قيل: المعنى صحيح، لكن المطلقون لهذا النفي أدخلوا فيه (5) هذه المعاني السلبية، ويجعلون ما يوصف به (6) من صفات الكمال الثبوتية مستلزمة لكونه جسما، فكل (7) ما يذكر من الأمور الوجودية يقولون: هذا تجسيم ولا ينتفي (8) ما يسمونه تجسيما إلا بالتعطيل (9) المحض.
ولهذا كل من نفى شيئا قال لمن أثبته: إنه مجسم (10) .
[فغلاة النفاة من الجهمية والباطنية يقولون لمن أثبت له الأسماء الحسنى: إنه مجسم. ومثبتة الأسماء دون الصفات من المعتزلة ونحوهم يقولون لمن أثبت الصفات: إنه مجسم. ومثبتة الصفات دون
_________
(1) على: كذا في (ب) ، (أ) ، (م) وفي (ن) : إليه.
(2) ن: وهو داخل ; م: ولا داخل.
(3) ن، م: مجانب.
(4) ن، م: أنه.
(5) ن: عليه.
(6) أ، ب: ما يتصف به.
(7) ن: وكل.
(8) ن: فلا ينبغي، وهو خطأ ; م: الكلمة غير منقوطة.
(9) ب: بالتعليل، وهو تحريف، والصواب من (ن) ، (أ) ، (م) .
(10) م: جسم.
**********************
ما يقوم به من الأفعال الاختيارية يقولون لمن أثبت ذلك: إنه مجسم ; وكذلك سائر النفاة.
وكل من نفى ما أثبته الله ورسوله بناء على أن إثباته تجسيم يلزمه فيما أثبته الله ورسوله] (1) .
ومنتهى هؤلاء النفاة إلى إثبات وجود مطلق، وذات مجردة عن الصفات، والعقل الصريح يعلم أن الوجود المطلق والذات المجردة عن الصفات إنما يكون في الأذهان لا في الأعيان، فالذهن يجرد هذا ويقدر هذا التوحيد الذي يفرضونه، كما يقدر إنسانا مطلقا وحيوانا مطلقا، ولكن ليس كل ما قدرته الأذهان كان وجوده في الخارج في حيز الإمكان.
ومن هنا يظهر غلط من قصد إثبات إمكان هذا بالتقدير العقلي، كما ذكره الرازي (2) ، فقال (3) : العقل يعلم أن الشيء: إما أن يكون متحيزا، وإما أن يكون قائما بالمتحيز، وإما أن يكون لا متحيزا ولا حالا (4) .
_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ; (م) . والكلام في نسختي (ب) ، (أ) ناقص أيضا، ومن المرجح أن هناك سقطا، وفي السطور التالية محاولة لكتابة ما يفي بهذا النقص حسب ما أرى من سياق الكلام: " وكل من نفى ما أثبته الله ورسوله بناء على أن إثباته تجسيم (يلزمه ذلك في كل ما أثبته الله ورسوله، فإن المعتزلي إذا أثبت بعض الصفات دون البعض الآخر كالعلم والحياة والقدرة بناء على أن هذه الصفات لا تقتضي تجسيما كان متناقضا، فإن هذه الصفات تقتضي تجسيما أيضا - بحسب مذهبه - فإما أن ينفي هذه الصفات كذلك وإما أن يثبت كل ما أثبته الله ورسوله) .
(2) أ، ب: الرازي وغيره.
(3) أ، ب: فيقال، وهو خطأ.
(4) بالمتحيز يقول الرازي في كتابه: " أساس التقديس في علم الكلام " ص 6، ط. مصطفى الحلبي، 1354/1935: " الثالث أنا إذا قلنا: الموجود إما أن يكون متحيزا، أو حالا في المتحيز، أو لا متحيزا ولا حالا في المتحيز، وجدنا العقل قاطعا بصحة هذا التقسيم ".
****************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (111)
صـ 215 إلى صـ 221
فيقال له: تقدير العقل لهذه الأقسام لا يقتضي وجودها في الخارج ولا إمكان وجودها في الخارج، فإن هذا مثل أن يقال: الشيء إما أن يكون واجبا، وإما أن يكون ممكنا، وإما أن يكون لا واجبا ولا ممكنا ; والشيء إما أن يكون قديما وإما أن يكون محدثا، وإما أن يكون لا قديما ولا محدثا ; والشيء إما أن يكون قائما بنفسه، وإما [أن يكون] قائما بغيره (1) ، وإما أن يكون لا قائما بنفسه ولا قائما بغيره، والشيء إما أن يكون موجودا، وإما أن يكون معدوما، وإما أن يكون لا موجودا ولا معدوما.
فإن أمثال هذه التقديرات والتقسيمات لا تثبت إمكان الشيء ووجوده في الخارج، بل إمكان الشيء يعلم بوجوده أو بوجود (2) نظيره أو وجود ما يكون الشيء أولى بالوجود من ذلك الذي علم وجوده، أو بنحو ذلك من الطرق.
والإمكان (3) الخارجي يثبت بمثل هذه الطرق، وأما الإمكان الذهني فهو أن لا يعلم امتناع الشيء، ولكن عدم العلم بالامتناع ليس علما بالإمكان.
فإن قال النافي: كل ما اتصف بأنه حي عليم قدير، أو ما كان له حياة وعلم وقدرة، أو ما يجوز أن يرى، أو ما يكون فوق العالم، أو نحو ذلك
_________
(1) ن، م: أو قائما بغيره.
(2) ن، م: أو وجود.
(3) ن، م: فالإمكان.
****************************** ***
من المعاني التي أثبتها الكتاب والسنة، لا يوصف بها إلا ما هو [جسم] (1) مركب من الجواهر المنفردة (2) أو من المادة والصورة، وذلك ممتنع.
قيل: جمهور العقلاء لا يقولون: إن هذه الأجسام المشهودة - كالسماء والكواكب - مركبة لا من الجواهر الفردة (3) ولا من المادة والصورة، فكيف يلزمهم أن يقولوا بلزوم هذا التركيب في رب العالمين؟ !
وقد بين في غير هذا الموضع فساد حجج الطائفتين وفساد (4) حجج نفيهم لهذين المعنيين، وأن (5) هؤلاء يبطلون حجة هؤلاء الموافقين لهم في الحكم، وهؤلاء يبطلون حجة هؤلاء، فلم يتفقوا على صحة حجة واحدة بنفي ما جعلوه مركبا، بل هؤلاء يحتجون بأن المركب مفتقر إلى أجزائه، فيبطل أولئك هذه الحجة، وهؤلاء يحتجون بأن ما كان كذلك لم يخل عن الأعراض الحادثة، وما لم يخل عن الحوادث فهو محدث، وأولئك يبطلون حجة هؤلاء، بل يمنعونهم المقدمتين، وهذه الأمور مبسوطة في غير هذه الموضع، وإنما نبهنا [هنا] (6) على هذا الباب.
والأصل الذي [يجب] على المسلمين (7) أن ما ثبت عن الرسول وجب
_________
(1) جسم: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) جسم: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) ن، م: المفردة.
(4) ن: بل فساد.
(5) م: فإن.
(6) هنا: زيادة في (أ) ، (ب) .
(7) ن، م: والأصل الذي عليه المسلمون.
****************************** *
الإيمان به، فيصدق خبره ويطاع أمره، وما لم يثبت عن الرسول فلا يجب الحكم فيه بنفي ولا إثبات حتى يعلم مراد المتكلم ويعلم صحة نفيه أو إثباته.
وأما الألفاظ المجملة فالكلام فيها بالنفي والإثبات دون الاستفصال يوقع في الجهل والضلال، والفتن والخبال، والقيل والقال، وقد قيل: أكثر اختلاف العقلاء من جهة اشتراك الأسماء.
وكل من الطائفتين نفاة الجسم ومثبتيه موجودون في الشيعة وفي أهل السنة المقابلين للشيعة، أعني الذين يقولون بإمامة الخلفاء الثلاثة.
وأول ما ظهر إطلاق لفظ الجسم من متكلمة الشيعة كهشام بن الحكم، كذا نقل ابن حزم وغيره.
[مقالات الرافضة في التجسيم]
قال أبو الحسن الأشعري في كتاب: " مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين " (1) : " اختلف (2) الروافض أصحاب الإمامة في التجسيم، وهم ست فرق: فالفرقة (3) الأولى الهشامية، أصحاب هشام بن الحكم الرافضي: يزعمون أن معبودهم جسم، وله نهاية وحد، طويل عريض عميق، طوله
_________
(1) أشار ابن تيمية من قبل (هذا الكتاب 2/104) إلى كلام الأشعري عن مقالة الروافض في التجسيم وهو في مقالات الإسلاميين 1/102 - 105، وسنقابل نص " منهاج السنة " على نص: " مقالات الإسلاميين ". وفي هامش (م) أمام هذا الموضوع كتب: " قف على اختلاف الروافض في التجسيم وهم ست فرق ".
(2) مقالات. . (ص 102) : واختلفت.
(3) ن، م: الفرقة.
****************************** ******
مثل عرضه، وعرضه مثل عمقه، لا يوفى بعضه على (1) بعض (2) ، وزعموا أنه نور ساطع، له قدر من الأقدار، في مكان دون مكان، كالسبيكة الصافية يتلألأ (3) كاللؤلؤة المستديرة من جميع جوانبها، ذو لون وطعم ورائحة ومجسة " وذكر كلاما طويلا (4) .
" والفرقة الثانية من الرافضة: يزعمون أن ربهم ليس بصورة ولا كالأجسام، وإنما يذهبون في قولهم: إنه جسم، إلى أنه موجود، ولا (5) يثبتون البارئ ذا أجزاء مؤتلفة وأبعاض متلاصقة (6) ، ويزعمون أن الله (7) على العرش مستو بلا مماسة ولا كيف.
والفرقة الثالثة من الرافضة (8) : يزعمون أن ربهم على صورة الإنسان، ويمنعون أن يكون جسما.
والفرقة الرابعة من الرافضة الهشامية - أصحاب هشام بن سالم الجواليقي -: يزعمون أن ربهم على صورة الإنسان، وينكرون أن يكون لحما ودما، ويقولون: هو (9) نور ساطع يتلألأ بياضا (10) ، وأنه ذو حواس
_________
(1) أ، ب: عن.
(2) بعد كلمة " بعض " في مقالات. . ما يلي: " ولم يعينوا طولا غير الطويل، وإنما قالوا: طوله مثل عرضه، على المجاز دون التحقيق " وكله لم يرد في " منهاج السنة ".
(3) أ: تتلألأ ; وفي (ب) : تتلألؤ، وهو خطأ مطبعي.
(4) وهو الموجود في " مقالات الإسلاميين " ص 102 - 104.
(5) ن، م: لا.
(6) ن، م: ملاصقة.
(7) مقالات (ص 104) : الله عز وجل.
(8) أ، ب: الروافض.
(9) أ، ب: إنه.
(10) ن: ضياء ; م: ضياؤه.
****************************** ***
خمس كحواس الإنسان، له يد ورجل (1) ، وأنف وأذن، وفم وعين (2) ، وأنه يسمع بغير ما به يبصر (3) ، وكذلك سائر حواسه متغايرة عندهم ".
قال: " وحكى أبو عيسى الوراق أن هشام بن سالم كان يزعم أن لربه وفرة (4) سوداء (5) ، وأن ذلك نور أسود.
والفرقة الخامسة: يزعمون أن لرب العالمين (6) ضياء خالصا ونورا بحتا (7) ، وهو كالمصباح الذي من حيث جئته يلقاك بأمر واحد (8) ، وليس بذي صورة ولا أعضاء، ولا اختلاف في الأجزاء، وأنكروا أن يكون على صورة الإنسان، أو [على] (9) صورة شيء من الحيوان ".
قال (10) : " والفرقة السادسة من الرافضة (11) : يزعمون أن ربهم ليس بجسم (12) ولا بصورة (13) ، ولا يشبه الأشياء، ولا يتحرك ولا يسكن ولا يماس.
_________
(1) ن، م: له رجل ويد.
(2) مقالات (ص 105) : وعين فم.
(3) مقالات. .: وأنه يسمع بغير ما يبصر به ; ن: وأنه سميع بصير ما به يبصر (وهو تحريف) .
(4) في القاموس المحيط: " والوفرة الشعر المجتمع على الرأس، أو ما سال على الأذنين، أو ما جاوز شحمة الأذن ".
(5) أ: وفرة سواد.
(6) مقالات. .: رب العالمين.
(7) ن: يحب ; م: محت، وهو تحريف. مقالات: ضياء خالص ونور بحت.
(8) ب: بنور، أ: بأمر (مع سقوط كلمة: واحد) .
(9) على: ساقطة من (ن) ، (م) .
(10) بعد الكلام السابق مباشرة في " مقالات. . " 1/105.
(11) م: الروافض.
(12) أ، ب: لا بجسم.
(13) ن، م: ولا صورة.
****************************** ********
وقالوا في التوحيد بقول المعتزلة والخوارج ".
قال أبو الحسن الأشعري (1) : " وهؤلاء قوم من متأخريهم (2) ، فأما أوائلهم فإنهم كانوا يقولون بما حكيناه (3) عنهم من التشبيه ".
قلت: وهذا الذي ذكره [أبو الحسن] (4) الأشعري عن قدماء الشيعة من القول بالتجسيم قد اتفق على نقله عنهم أرباب المقالات، حتى نفس الشيعة كابن النوبختي وغيره ذكر [ذلك عن] هؤلاء الشيعة (5) .
وقال أبو محمد بن حزم وغيره: أول من قال في الإسلام: إن الله جسم [هشام بن الحكم] (6) ، وكان الذين يناقضونه في ذلك المتكلمين (7) من المعتزل كأبي الهذيل العلاف.
فالجهمية والمعتزلة أول من قال: إن الله ليس بجسم.
فكل من القولين قاله قوم من الإمامية ومن أهل السنة الذين ليسوا بإمامية.
وإثبات الجسم قول محمد بن كرام وأمثاله ممن يقول بخلافة الخلفاء (8) الثلاثة، والنفي (9) قول أبي الحسن الأشعري وغيره ممن يقول
_________
(1) بعد الكلام السابق مباشرة.
(2) ن: متأخرهم، وهو خطأ.
(3) مقالات: ما حكينا.
(4) أبو الحسن: زيادة في أ، ب.
(5) ن: وذكر هؤلاء الشيعة.
(6) ابن الحكم: ساقط من (ن) فقط. ولم أستطع العثور على هذا النص في كلام ابن حزم.
(7) ن، م: وكان الذين يناقضونه في ذلك المتكلمون، وهو تحريف.
(8) الخلفاء: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(9) أ: ونفاه ; ب: ونفيه.
****************************** ******
بخلافة الخلفاء الثلاثة، وقول كثير من أتباع الأئمة الأربعة: أصحاب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وغيرهم.
[معنى لفظ أهل السنة وموقفهم من إطلاق لفظ الجسم]
فلفظ " أهل السنة " يراد به من أثبت خلافة الخلفاء الثلاثة، فيدخل (1) في ذلك جميع الطوائف إلا الرافضة، وقد يراد به أهل الحديث والسنة المحضة، فلا يدخل فيه إلا من يثبت (2) الصفات لله تعالى ويقول: إن القرآن غير مخلوق، وإن الله يرى في الآخرة، ويثبت القدر، وغير ذلك من الأصول (3) المعروفة عند أهل الحديث والسنة.
وهذا الرافضي -[يعني المصنف] (4) - جعل أهل السنة بالاصطلاح الأول، وهو اصطلاح العامة: كل من ليس برافضي، قالوا: هو من أهل السنة. ثم أخذ ينقل عنهم مقالات لا يقولها إلا بعضهم مع تحريفه لها، فكان في نقله من الكذب والاضطراب ما لا يخفى على ذوي الألباب.
وإذا عرف [أن] مراده (5) بأهل السنة السنة العامة، فهؤلاء متنازعون في إثبات الجسم ونفيه كما تقدم، والإمامية أيضا متنازعون في ذلك.
وأئمة النفاة هم الجهمية من المعتزلة ونحوهم يجعلون من أثبت الصفات مجسما، بناء عندهم على أن الصفات (6) لا تقوم إلا بجسم
_________
(1) م: فدخل.
(2) ن: أثبت.
(3) أ، ب: الأمور.
(4) عبارة " يعني المصنف ": ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) ن، م: فإذا عرف مراده.
(6) أ، ب: بناء عندهم على أن الصفات عندهم.
***************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (112)
صـ 222 إلى صـ 228
ويقولون: إن الجسم مركب من الجواهب المفردة (1) ، أو من المادة والصورة.
فقال لهم أهل الإثبات: قولكم منقوض بإثبات الأسماء الحسنى، فإن الله حي عليم قدير، فإن (2) أمكن إثبات حي عليم قدير وليس بجسم، أمكن أن يكون له حياة وعلم وقدرة وليس بجسم، وإن لم يمكن إثبات (3) ذلك، فما كان جوابكم عن إثبات الأسماء كان جوابنا عن إثبات الصفات.
ثم المثبتون للصفات منهم من يثبت الصفات المعلومة بالسمع، كما يثبت الصفات المعلومة بالعقل، وهذا قول أهل السنة الخاصة - أهل الحديث ومن وافقهم - وهو (4) قول أئمة الفقهاء وقول أئمة الكلام من أهل الإثبات، كأبي محمد بن كلاب وأبي العباس القلانسي (5) وأبي الحسن
_________
(1) أ، ب: المنفردة.
(2) أ، ب: وإن.
(3) إثبات: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) ن، م: وهذا.
(5) لم أجد له ترجمة فيما بين يدي من كتب الرجال، ولكن ذكره ابن عساكر في " تبيين كذب المفتري " ص [0 - 9] 98 فقال: " أبو العباس أحمد بن عبد الرحمن بن خالد القلانسي الرازي من معاصري أبي الحسن (الأشعري) رحمه الله لا من تلامذته كما قال الأهوازي، وهو من جملة العلماء الكبار الأثبات، واعتقاده موافق لاعتقاده في الإثبات (أي: لاعتقاد الأشعري) ". وعلق الشيخ محمد زاهد الكوثري على ذلك بقوله: إن القلانسي كان متقدما على الأشعري. انظر ما ورد عن القلانسي وآرائه في الفرق بين الفرق، ص [0 - 9] 0، 96، 213، 221 ; أصول الدين لابن طاهر، ص [0 - 9] 0، 45، 67، 254 ; الملل والنحل 1/85 ; طبقات الشافعية 2/300 ; الإرشاد للجويني، ص [0 - 9] 99 ; نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام للدكتور علي سامي نشار، ص [0 - 9] 57 - 165، الطبعة الثانية، ط. المعارف، الإسكندرية، 1962 ; نشأة الأشعرية وتطورها: للدكتور جلال محمد عبد الحميد موسى، ص [0 - 9] 8 - 66، ط. دار الكتاب اللبناني، بيروت، 1395/1975.
****************************** **
الأشعري وأبي عبد الله بن مجاهد (1) وأبي الحسن الطبري (2) والقاضي أبي بكر بن (3) الباقلاني، ولم يختلف في ذلك قول الأشعري وقدماء أئمة أصحابه. لكن المتأخرون من أتباعه كأبي المعالي وغيره لا يثبتون إلا الصفات العقلية، وأما الخبرية فمنهم من ينفيها ومنهم من يتوقف فيها [كالرازي والآمدي وغيرهما] (4) .
ونفاة الصفات الخبرية منهم [من يتأول نصوصها، ومنهم] (5) من يفوض معناها إلى الله.
_________
(1) قال السبكي (طبقات الشافعية 3/368) : إن أخص تلامذة الأشعري أربعة وذكر منهم ابن مجاهد وأبا الحسن الطبري. وابن مجاهد هو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن يعقوب بن مجاهد الطائي. قال الذهبي (العبر في خبر من غبر 2/358) : " صاحب الأشعري وذو التصانيف الكثيرة في الأصول، قدم من البصرة فسكن بغداد وعنه أخذ القاضي أبو بكر الباقلاني، وكان دينا سنيا خيرا " وجعل الذهبي وفاته بعد الستين وثلاثمائة. وانظر ترجمته أيضا في تبيين كذب المفتري، ص [0 - 9] 77 ; نشأة الأشعرية وتطورها، ص [0 - 9] 17 - 318.
(2) أبو الحسن علي بن محمد بن مهدي الطبري، قال ابن عساكر في ترجمته (تبيين كذب المفتري، ص [0 - 9] 95 - 196) : " صحب أبا الحسن - رحمه الله - بالبصرة مدة وأخذ عنه وتخرج به واقتبس منه وصنف تصانيف عدة تدل على علم واسع وفضل بارع وهو الذي ألف الكتاب المشهور في تأويل الأحاديث والمشكلات الواردة في الصفات. انظر ترجمته ومؤلفاته في: طبقات الشافعية 3/466 - 468 ; سزكين م [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 4 - 45 ; معجم المؤلفين 7/234.
(3) بن: ساقطة من (ب) ، (م) .
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(5) ما بين المعقوفتين ساقطة من (ن) فقط.
****************************** *******
وأما من أثبتها كالأشعري وأئمة أصحابه. فهؤلاء يقولون: تأويلها بما يقتضي نفيها [تأويل] (1) باطل، فلا يكتفون بالتفويض، بل يبطلون تأويلات النفاة.
وقد ذكر الأشعري ذلك في عامة كتبه " كالموجز " و " المقالات الكبير " و " المقالات الصغير " و " الإبانة " (2) وغير ذلك، ولم يختلف في ذلك كلامه، لكن طائفة ممن توافقه وممن تخالفه يحكون له قولا آخر، أو تقول (3) : أظهر غير ما أبطن ; وكتبه تدل على بطلان هذين الظنين.
وأما القول الثالث - وهو القول الثابت عن أئمة السنة المحضة، كالإمام أحمد وذويه (4) - فلا يطلقون لفظ الجسم لا نفيا ولا إثباتا لوجهين:
_________
(1) تأويل: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) قال ابن عساكر في " تبيين كذب المفتري " ص 129: " وذكر بعده الكتاب الذي سماه كتاب " الموجز " وذلك أنه يشتمل على اثني عشر كتابا على حسب تنوع مقالات المخالفين من الخارجين عن الملة والداخلين فيها " وقال بعد ذلك (ص 130 - 131) : " وألفنا كتابا في مقالات المسلمين يستوعب جميع اختلافهم ومقالاتهم، وألفنا كتابا في جمل مقالات الملحدين وجمل أقاويل الموحدين سميناه كتاب " جمل المقالات ". وكتاب " الموجز " أو " الموجز الكبير " (وانظر تبيين كذب المفتري، ص 140) ليس بين أيدينا، وكذلك كتاب " جمل المقالات " أو " المقالات الكبير " وأما " المقالات الصغير " فهو: " مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين ". وأما كتاب " الإبانة " فهو كتاب " الإبانة عن أصول الديانة " المطبوع بحيدر أباد ومصر عدة طبعات. وانظر عن هذه الكتب وغيرها للأشعري ما ورد في: وفيات الأعيان 2/447 ; طبقات الشافعية 3/359 - 361 ; الخطط للمقريزي 2/359 ; دائرة المعارف الإسلامية، مادة الأشعري ; الأعلام للزركلي 5/69 ; تاريخ الأدب العربي لبروكلمان، 4/37 - 41 ; سزكين م [0 - 9] ، ح [0 - 9] ، ص 35 - 39.
(3) ن، م: ويقولون.
(4) أ، ب: ودونه.
****************************** ********
أحدهما: أنه ليس مأثورا لا في كتاب ولا سنة، ولا أثر عن أحد من الصحابة والتابعين [لهم بإحسان، ولا غيرهم من أئمة المسلمين] (1) ، فصار من البدع المذمومة.
الثاني: أن معناه يدخل فيه حق وباطل، فالذين أثبتوه أدخلوا فيه من النقص والتمثيل ما هو باطل، والذين نفوه أدخلوا فيه من التعطيل والتحريف ما هو باطل.
[موقف النفاة كالمعتزلة وموافقيهم]
وملخص (2) ذلك أن الذين نفوه أصل قولهم أنهم أثبتوا حدوث العالم بحدوث الأجسام، فقالوا: الجسم لا يخلو عن الحركة والسكون، وما لا يخلو عنهما فإنه لا يخلو عن حادث ; لأن الحركة حادثة شيئا بعد شيء، والسكون إما عدم الحركة وإما ضد يقابل الحركة، وبكل حال فالجسم لا يخلوا عن الحركة والسكون، والسكون يمكن (3) تبديله بالحركة، فكل جسم يقبل الحركة فلا يخلو منها أو مما يقابلها (4) ، فإن كان لا يخلو منها - كما تقوله الفلاسفة في الفلك - فإنه حادث (5) ، وإن كان لا يخلو مما يقابلها (6) فإنه [يقبل] (7) الحركة، وما قبل الحركة أمكن
_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(2) ن، م: ومخلص.
(3) أ، ب: على، وهو تحريف.
(4) م: يقبلها، وهو تحريف.
(5) م (فقط) : فإنها حادثة، وهو خطأ.
(6) أ: يقبلها وهو تحريف.
(7) يقبل: ساقطة من (ن) فقط.
****************************** *****
أن لا يخلو منها، فأمكن أن يخلو من (1) الحوادث، وما أمكن لزوم [دليل] (2) الحدوث له كان حادثا، فإن الرب تعالى لا يجوز أن يلزمه دليل الحدوث.
ثم منهم من اكتفى بقوله: ما لا يخلو عن الحوادث فهو حادث، فإن ما لا يخلو عنها لا يسبقها (3 فلا يكون قبلها 3) (3) ، وما لا يكون إلا مقارنا للحادث لا قبله ولا يكون إلا حادثا.
وكثير من الكتب المصنفة لا يوجد فيها إلا هذا. وأما حذاق هؤلاء فتفطنوا للفرق بين عين (4) الحادث ونوع الحادث، فإن المعلوم أن ما لا يسبق الحادث المعين فهو حادث، وأما ما لا يسبق نوع الحادث فهذا لا يعلم حدوثه، وإن (5) لم يعلم امتناع دوام الحوادث وأن لها (6) ابتداء، وأنه يمتنع تسلسل الحوادث ووجود حوادث لا أول لها، فصار الدليل موقوفا على امتناع (7) حوادث لا أول لها.
وهذا الموضع هو المهم الأعظم في هذا الدليل، وفيه كثر (8) الاضطراب، والتبس الخطأ بالصواب.
_________
(1) ن، م: عن.
(2) دليل: ساقطة من (ن) فقط.
(3) (3 - 3) : ساقط من (أ) ، (ب) .
(4) عين: ساقطة من (ب) ، وهي في (أ) ، (ن) ، (م) .
(5) ن، م: إن:
(6) ن، م: له.
(7) امتناع: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(8) ن: كثير، وهو تحريف.
****************************** ***
وآخرون سلكوا أعم من هذا فقالوا: الجسم لا يخلو عن الأعراض، والأعراض حادثة لا تبقى زمانين.
ومنهم من يقول: الجسم لا يخلو عن نوع من أنواع (1) الأعراض لأنه قابل له، والقابل للشيء لا يخلو عنه وعن ضده.
ومنهم من قال: الجسم لا يخلو عن الاجتماع والافتراق والحركة والسكون، وهذه الأنواع الأربعة هي الأكوان، فالجسم (2) لا يخلو عن الأكوان.
والكلام في هذه الطرق ولوازمها كثير قد بسط في غير هذا الموضع، والمقصود هنا التنبيه.
وهذا الكلام، وإن كان أصله من المعتزلة، فقد دخل في كلام [المثبتين للصفات، حتى في كلام] (3) المنتسبين إلى السنة الخاصة: المنتسبين (4) إلى الحديث والسنة، وهو موجود في كلام كثير من أصحاب مالك والشافعي وأبي حنيفة وأحمد (5) وغيرهم.
[موقف الأشعري من إثبات الصفات]
وهذا من الكلام الذي بقي على الأشعري من بقايا كلام المعتزلة، فإنه خالف (6) المعتزلة لما رجع عن مذهبهم في أصولهم التي اشتهروا فيها بمخالفة (7) [أهل] (8) السنة كإثبات الصفات والرؤية، وأن القرآن غير
_________
(1) ن: نوع من نوع، وهو خطأ.
(2) ن (فقط) : والجسم.
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(4) ن، م: والمنتسبين.
(5) أ، ب: وأحمد وأبي حنيفة.
(6) م: يخالف.
(7) ن: أشهروها بخلاف.
(8) أهل: ساقطة من (ن) ، (م) .
****************************** *****
مخلوق، وإثبات القدر، وغير ذلك من مقالات أهل السنة والحديث، وذكر في كتاب " المقالات " أنه يقول بما ذكره عن أهل السنة والحديث (1) .
وذكر في " الإبانة " أنه يأتم بقول الإمام أحمد. قال (2) : " فإنه (3) الإمام الكامل، والرئيس الفاضل (4) ، الذي أبان [الله] به الحق (5) ، وأوضح به المنهاج (6) ، وقمع به بدع المبتدعين، وزيغ الزائغين، وشك الشاكين ".
وقال (7) : " فإن قال قائل (8) : قد أنكرتم قول الجهمية والمعتزلة والقدرية [والمرجئة] (9) " واحتج في ضمن ذلك بمقدمات سلمها
_________
(1) قال الأشعري في كتابه " مقالات الإسلاميين " 1/325 بعد أن عقد فصلا عنوانه " هذه حكاية جملة قول أصحاب الحديث وأهل السنة " (1/320 - 325) : " وبكل ما ذكرنا من قولهم نقول، وإليه نذهب ".
(2) وردت العبارة التالية في كتاب " الإبانة عن أصول الديانة " للأشعري، باب في إبانة قول أهل الحق والسنة، ص [0 - 9] ، ط. المنيرية، بدون تاريخ، وسنقابل نص " منهاج السنة " عليها وعلى الطبعة التي حققتها الدكتورة فوقية حسين محمود: ص 70 - 271 دار الأنصار: القاهرة 1397/1977.
(3) الإبانة: لأنه.
(4) الإبانة: الإمام الفاضل والرئيس الكامل.
(5) ن: الذي أبان به الحق (بسقوط لفظ الجلالة) .
(6) الإبانة: ورفع به الضلال، وأوضح به المنهاج (وفي نسخة الدكتورة فوقية: ودفع) .
(7) العبارة التالية في الإبانة في أصول الفصل السابق (ص [0 - 9] ) بعد العنوان مباشرة.
(8) الإبانة: فإن قال لنا قائل.
(9) الإبانة: " قول المعتزلة والقدرية والجهمية والحرورية والرافضة والمرجئة " ; ب، أ: سقطت كلمة " القدرية " ; ن، م: سقطت كلمة " المرجئة ".
****************************** *****
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (113)
صـ 229 إلى صـ 235
للمعتزلة مثل هذا الكلام، فصارت المعتزلة [وغيرهم من أهل الكلام] (1) يقولون (2) : إنه متناقض في ذلك.
وكذلك سائر أهل السنة والحديث يقولون: إن هذا تناقض (3) ، وإن هذه بقية (4) بقيت عليه من كلام المعتزلة.
وأصل ذلك هو هذا الكلام، وهو موجود في كلام كثير من أصحاب أحمد والشافعي ومالك، وكثير من هؤلاء يخالف الأشعري في مسائل، وقد [وافقه] (5) على الأصل الذي ترجع إليه تلك المسائل، فيقول الناس في تناقضه كما قالوه في تناقض الأشعري، وكما قالوه في تناقض المعتزلة وتناقض الفلاسفة، فما من طائفة فيها نوع يسير من مخالفة السنة المحضة والحديث إلا ويوجد في كلامها من التناقض بحسب ذلك، وأعظمهم تناقضا أبعدهم عن السنة، كالفلاسفة ثم المعتزلة والرافضة.
فلما اعتقد هؤلاء أنهم (6) أثبتوا بهذا الدليل حدوث الجسم، لزم انتفاء ذلك عن الله ; لأن الله قديم ليس بمحدث، فقالت المعتزلة: ما قامت به الصفات فهو جسم ; لأن الصفات أعراض، والعرض لا يقوم
_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(2) ن، م: تقول.
(3) ن، (فقط) : يقول إن هذا يتناقص.
(4) بقية: ساقطة من (ب) وهي في (ن) ن (أ) ، (م) .
(5) أ: أوقفه، وهو تحريف.
(6) ن (فقط) : فلما اعتقدوه لأنهم، وهو تحريف.
****************************** *******
إلا بجسم، فنفت الصفات، ونفت أيضا قيام الأفعال الاختيارية به ; لأنها أعراض ولأنها حوادث، فقالت: القرآن مخلوق ; لأن القرآن كلام وهو عرض ; ولأنه يفتقر إلى الحركة وهي حادثة، فلا يقوم إلا بجسم.
وقالت أيضا: إنه لا يرى في الآخرة ; لأن العين لا ترى إلا جسما أو قائما بجسم.
وقالت: ليس [هو] (1) فوق العالم ; لأن ذلك مقام (2) مكان، والمكان لا يكون [به] (3) إلا جسم (4) ، أو ما يقوم بجسم.
وهذا هو المذهب الذي ذكره هذا الإمامي، وهو لم يبسط الكلام فيه، فلذا (5) اقتصرنا (6) على هذا القدر؛ إذ الكلام على ذلك مبسوط في موضع آخر.
فقالت مثبتة الصفات للمعتزلة: أنتم تقولون: إن الله حي عليم قدير، وهذا لا يكون إلا جسما، فإن طردتم قولكم لزم أن يكون الله جسما، وإن قلتم: بل يسمى بهذه الأسماء من ليس بجسم (7) ، قيل لكم: وتثبت هذه الصفات لمن ليس بجسم.
وقالوا لهم أيضا: إثبات حي بلا حياة، وعالم بلا علم، وقادر
_________
(1) هو: ساقطة من (ن) فقط.
(2) مقام: زيادة في (ن) فقط.
(3) به: ساقطة من (ن) فقط.
(4) ن (فقط) : الجسم.
(5) ن، م: فلذلك.
(6) ن (فقط) : اقتصر.
(7) ن (فقط) : تسمى بهذه الأسماء وليس بجسم.
****************************** ******
بلا قدرة، مثل إثبات أسود بلا سواد، وأبيض بلا بياض، وقائم بلا قيام، ومصل بلا صلاة، ومتكلم بلا كلام، وفاعل بلا فعل، وهذا (1) مما يعلم فساده لغة وعقلا.
وقالوا لهم أيضا: أنتم تعلمون أنه حي عالم قادر، وليس كونه حيا هو كونه عالما، ولا كونه عالما هو كونه قادرا.
فهذه المعاني التي تعقلونها وتثبتونها (2) هي الصفات، سواء سميتموها أحكاما أو أحوالا أو معاني أو غير ذلك، فليس الاعتبار بالألفاظ بل بالمعاني المعقولة.
ومن تدبر كلام أئمة المعتزلة والشيعة والفلاسفة نفاة الصفات وجدهم في غاية التناقض، كما تقول الفلاسفة: إنه عاقل (3) ومعقول وعقل، وعاشق ومعشوق وعشق.
ثم يقولون: هذا المعنى هو هذا المعنى، وإن العالم هو العلم، فيجعلون إحدى الصفتين هي الأخرى، ويجعلون الموصوف هو الصفة.
وأيضا، فما يشنع به هؤلاء على أهل السنة هم يقولون به بغير اختيارهم. ومن تدبر كلام أبي الحسين البصري (4) وأمثاله من أئمة المعتزلة، وجد المعاني التي يثبتها (5) هي قول الصفاتية، لكن ليس هذا موضع بسط ذلك؛ إذ الكلام هنا مختصر بحسب هذا المقام، وقد نبهنا
_________
(1) أ، ب: وهذه.
(2) ن، (أ) : يعقلونها ويثبتونها.
(3) ن (فقط) : فاعل، وهو خطأ.
(4) ن، م: أبي الحسن البصري، وهو خطأ.
(5) ن (فقط) : نثبتها، وهو خطأ.
****************************** **
على أن أهل السنة يقولون (1) بالحق مطلقا، وأنه ما من قول يثبت بشرع (2) وعقل إلا وقد قال به أئمة (3) أهل السنة، وهذا هو المقصود في هذا المقام.
[الوجه السادس وفيه أن أكثر متقدمي الإمامية كانوا مجسمة]
الوجه السادس (4) : أن يقال لهذا الإمامي: أنت قلت: مذهب الإمامية أحقها وأصدقها وأخلصها عن شوائب الباطل ; لأنهم اعتقدوا أن الله هو المخصوص بالأزلية والقدم، وأن [كل] (5) ما سواه محدث ; لأنه واحد (6) وليس بجسم ولا في مكان وإلا لكان محدثا.
وقد تبين أن أكثر [متقدمي] (7) الإمامية كانوا بضد هذا: كهشام بن الحكم، وهشام بن سالم، ويونس (8) بن عبد الرحمن القمي مولى آل يقطين، وزراة بن أعين (9)
_________
(1) ن، م: تقول.
(2) ن (فقط) : ثبت بشرع.
(3) ن، م: جمهور.
(4) ن، م: الخامس، وهو خطأ. وبدأ الكلام عن الوجه الخامس في ص 102.
(5) كل: ساقطة من (ن) فقط.
(6) ن (فقط) : أحد.
(7) متقدمي: ساقطة من (ن) فقط.
(8) م (فقط) : ويوسف، وهو خطأ.
(9) ن، م: وزرارة بن أبي أعين، وهو خطأ. وزارة بن أعين بن سنسن رأس الفرقة الزرارية من فوق الرافضة، كان أبوه عبدا روميا لرجل من بني شيبان وكان جده راهبا. قال ابن النديم (الفهرست، ص 220) : " زرارة لقب واسمه عبد ربه. . . أكبر رجال الشيعة فقها وحديثا ومعرفة بالكلام والتشيع " وتوفي زرارة سنة 150. ويقال: إنه كان يقول بإمامة عبد الله بن جعفر ثم صار إلى الائتمام بموسى بن جعفر (الكاظم) . وسيذكر ابن تيمية بعد قليل مقالة للزرارية في أصول الدين نقلا عن الأشعري في المقالات. وانظر عن زرارة الرجال للنجاشي، ص 132 - 133 ; رجال الطوسي، ص 123 - 124، 201، 350 ; الفهرست للطوسي، ص 100 ; الرجال للكشي، ص 88 - 107 ; اللباب لابن الأثير 1/498 ; لسان الميزان 2/473 - 474 ; الأعلام للزركلي 3/75 ; وانظر عن الزرارية مقالات الإسلاميين 1/100، 106 - 107 ; الفرق بين الفرق، ص 43 ; الخطط للمقريزي 2/353 ; الملل والنحل 1/150.
****************************** ****
وأبي مالك الحضرمي (1) ، وعلي بن ميثم (2) ، وطوائف كثيرين هم
_________
(1) لم أهتد إلى ترجمة مفصلة له ولكن ورد ذكره ضمن أصحاب جعفر الصادق (رجال الطوسي، ص 221) فقال: الضحاك أبو مالك الحضرمي، كوفي وكذا ورد اسمه في أعيان الشيعة 7/110، 111 بدون تفصيلات أخرى. وفي رجال الحلي، ص 90: " الضحاك أبو مالك الحضرمي، كوفي عربي أدراك أبا عبد الله (جعفرا الصادق) عليه السلام. وقال قوم من أصحابنا: روى عنه. وقال آخرون: لم يرو عنه، وروى عن أبي الحسن عليه السلام (موسى الكاظم) ، وكان متكلما ثقة في الحديث ". وسماه النجاشي (الرجال، ص 154) الضحاك بن أبي مالك (كذا وهو تحريف) الحضرمي. وذكر ما نقله عنه الحلي إلا أن فيه: " وله كتاب في التوحيد رواية علي بن الحسن الطاطري " ثم ذكر سند هذه الرواية. وانظر أيضا تنقيح المقال للمامقاني 2/104.
(2) في النسخ الأربع: علي بن متيم، والصواب ما أثبته. وهو علي بن إسماعيل بن شعيب بن ميثم بن يحيى التمار، أبو الحسن، لم تذكر كتب التراجم التي بين أيدينا تاريخ مولده أو وفاته، ولكن جاء فيها أنه كان من أصحاب علي بن موسى الرضا (المتوفى سنة 203) ، وأنه أدرك موسى بن جعفر الكاظم (المتوفى سنة 183) قال ابن النديم في " الفهرست " (ص 175) : إنه أول من تكلم في مذهب الإمامة وإنه صنف كتابي " الإمامة " و " الاستحقاق " وانظر ترجمته ومذهبه في: أعيان الشيعة 41/73 ; الرجال للنجاشي، ص 189 - 190 ; رجال الطوسي، ص 383 ; لسان الميزان 4/265 - 966 (وسماه العوفي) ; الفصل لابن حزم 5/39 - 40 (وسماه الصابوني) ; الفرق بين الفرق، ص 43 (وفيه علي بن هيثم، وهو تحريف) ; فرق الشيعة للنوبختي، ص 103.
****************************** *******
أئمة الإمامية قبل (1) المفيد والطوسي (2) والموسوي والكراجكي (3) .
وقد تقدم أن هذا قول قدماء الإمامية فإن (4) قول المعتزلة إنما حدث فيهم متأخرا، وحينئذ فليست الإمامية كلها على ما ذكرته، ثم إن كان ما ذكرته هو الصواب فشيوخ الإمامية المتقدمون على غير الصواب، وإن كان خطأ فشيوخهم المتأخرون على هذا الخطأ، فقد لزم بالضرورة أن شيوخ الإمامية ضلوا في التوحيد: إما متقدموهم وإما متأخروهم.
[الوجه السابع وفيه عرض لمقالات الرافضة]
الوجه السابع (5) : أن يقال: أنت ذكرت اعتقادا ولم تذكر عليه دليلا (6) : لا شرعيا ولا عقليا. ولا ريب أن الرافضة أجهل وأضل [وأقل] (7) من أن يناظروا علماء السنة، لكن يناظر بعضهم بعضا، كما يتناظرون دائما في المعدوم: هل هو شيء أو ليس بشيء؟
فيقال لهذا الإمامي النافي: أنت لم تقم حجة على شيوخك [الإمامية] (8) القائلين بأن الله في مكان دون مكان، وأنه يتحرك، وأنه تقوم به الحوادث.
قال الأشعري (9) : " واختلفت الروافض (10) في حملة العرش [أيحملون
_________
(1) ن، م: مثل، وهو خطأ.
(2) ن (فقط) : المفيد الطوسي، وهو خطأ.
(3) ب: والحلي، أ: حلي، والصواب ما أثبته. وسبقت ترجمة الأربعة 1/60.
(4) ن، م: وأن.
(5) ن، م: السادس، وهو خطأ.
(6) ن، م: دليلا عليه.
(7) وأقل: ساقطة من (ن) ، (م) .
(8) الإمامية: ساقطة من (ن) فقط.
(9) في مقالات الإسلاميين 1/106، وسنقابل النصوص التالية عليه.
(10) مقالات. .: الرافضة.
*****************************
العرش] (1) أم يحملون البارئ عز وجل؟ وهم فرقتان: فرقة يقال لها: " اليونسية " أصحاب يونس بن عبد الرحمن القمي مولى آل يقطين (2) يزعمون أن الحملة يحملون الباري، واحتج يونس في (3) أن الحملة تطيق حمله وشبههم (4) بالكركي (5) وأن رجليه تحملانه وهما دقيقتان.
وقالت فرقة أخرى: إن الحملة تحمل العرش، والبارئ (6) يستحيل أن يكون محمولا ".
قال الأشعري (7) : " واختلف الروافض في القول بأن الله (8) عالم حي (9) قادر سميع بصير إله. وهم تسع (10) فرق: فالفرقة الأولى منهم: " الزرارية " أصحاب زرارة بن أعين الرافضي يزعمون أن الله لم يزل غير سميع ولا عليم ولا بصير حتى خلق ذلك لنفسه، وهم يسمون التيمية (11) ، ورئيسهم زرارة بن أعين.
_________
(1) أيحملون العرش: ساقطة من (ن) فقط. وفي " مقالات. . ": هل يحملون العرش؟
(2) سبقت ترجمته والكلام عن فرقته 1/73. وانظر أيضا أعيان الشيعة 52/101 - 114 ; الرجال للنجاشي، ص 348 - 349 ; رجال الطوسي، 364، 394 ; الفهرست لابن النديم، ص 220. وفي هامش (أ) أمام هذا الموضوع كتب: " في اعتقاد فرق الشيعة ".
(3) أ، ب: إلى.
(4) أ، ب، م: وشبهتهم، وهو تحريف.
(5) الكركي (على وزن كرسي) نوع من الطير دقيق الرجلين طويلهما.
(6) ن، م: وإن الباري.
(7) المقالات 1/106 - 108. وفي هامش (م) كتب: " قف على اختلاف. الروافض في كون الله تعالى حيا قادرا سميعا بصيرا ".
(8) المقالات: إن الله سبحانه.
(9) عالم حي: ساقطة من (م) فقط.
(10) ن، م: ثمانية، وهو خطأ.
(11) م: الشيمه، وهو تحريف.
****************************** *********
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (114)
صـ 236 إلى صـ 242
والفرقة الثانية منهم: " السيابية " أصحاب عبد الرحمن بن سيابة (1) يقفون في هذه المعاني، ويزعمون أن القول فيها ما يقول جعفر كائنا قوله [ما كان] (2) ، ولا يعرفون (3) في هذه الأشياء (4) قولا.
والفرقة الثالثة منهم: يزعمون أن الله تعالى لا يوصف بأنه لم يزل (5) إلها قادرا ولا (6) سميعا بصيرا حتى يحدث الأشياء ; لأن (7) الأشياء التي كانت قبل أن تكون ليست بشيء، ولن (8) يجوز أن يوصف بالقدرة لا (9) على شيء وبالعلم [لا بشيء] (10) . وكل الروافض (11) - إلا شرذمة قليلة - يزعمون أن الله يريد الشيء (12) ثم يبدو له فيه ".
_________
(1) أ، ب: السبابية أصحاب عبد الرحمن بن سبابة ; ن، م: السابية أصحاب عبد الرحمن بن سابية، المقالات (ط. النهضة المصرية بتحقيق الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد) : السبابية أصحاب عبد الرحمن بن سبابة ; المقالات 1/136 (ط. استانبول بتحقيق هـ. ريتر) : السيابية أصحاب عبد الرحمن بن سيابة، وهو الصواب. وكذا ورد اسمه ضمن ترجمته في: الرجال للكشي، 247 ; تنقيح المقال للمامقاني 2/144 - 145. وذكر في رجال الطوسي ص 230 ضمن أصحاب جعفر الصادق وفيه: " عبد الرحمن بن سيابة الكوفي البجلي البزاز مولى أسند عنه ".
(2) ما كان: ساقطة من (ن) فقط.
(3) المقالات: يصوبون.
(4) م: الأسماء، وهو تحريف.
(5) المقالات: يزعمون أن الله عز وجل لا يوصف بأنه لم يزل ; ن، م: يزعمون أن الله لا يوصف أن الله لم يزل. والمثبت من (أ) ، (ب) .
(6) م، ب، ن، أ: ربا، ورجحت أن يكون الصواب ما أثبته عن (م) .
(7) ن: لا أن، وهو خطأ.
(8) ن، م: ولا.
(9) لا: ساقطة من (م) .
(10) لا بشيء: ساقط من (ن) فقط.
(11) ن (فقط) : قال: وكل الروافض.
(12) ب: شيئا.
****************************** *
قال (1) : " والفرقة الرابعة من الروافض (2) : يزعمون أن الله لم يزل لا حيا ثم صار حيا.
والفرقة الخامسة من الروافض: وهم أصحاب " شيطان الطاق " (3) يزعمون أن الله عالم في نفسه ليس بجاهل، ولكنه (4) إنما يعلم الأشياء إذا قدرها وأرادها، فأما قبل أن يقدرها ويريدها (5) فمحال أن يعلمها، لا لأنه ليس بعالم، ولكن الشيء لا يكون شيئا حتى يقدره ويشيئه (6) بالتقدير، والتقدير عندهم الإرادة ".
_________
(1) بعد الكلام السابق مباشرة في " المقالات " 1/107.
(2) أ، ب: من الرافضة.
(3) أبو جعفر بن علي بن النعمان بن أبي طريفة البجلي الكوفي الأحول، ويعرف بشيطان الطاق، ويسميه الشيعة بمؤمن الطاق. قال النجاشي: " روى عن علي بن الحسين وأبي جعفر (الباقر) وأبي عبد الله (جعفر الصادق) عليهم السلام. . وكان دكانه في طاق المحامل بالكوفة فيرجع إليه في النقد فيرد ردا يخرج كما يقول فيقال: شيطان الطاق ". ويعترف النجاشي وغيره بأنه كان يقول بالرجعة، وتوفي حوالي 160. انظر عنه وعن مذهبه الرجال للنجاشي، ص [0 - 9] 49 - 250 ; فرق الشيعة للنوبختي، ص 100 ; الخطط للمقريزي 2/348، 353 ; لسان الميزان 5/300 - 301 ; الملل والنحل 1/166 - 168 ; أعيان الشيعة 46/162 ; الفهرست للطوسي، ص [0 - 9] 57 - 158 ; رجال الطوسي، ص [0 - 9] 02 - 303، 359 - 360 ; معالم العلماء لابن شهراشوب (ط. النجف، 1380/1961) ص [0 - 9] 5 ; الفهرست لابن النديم ص [0 - 9] 76، الرجال للكشي، ص [0 - 9] 22 - 126 ; الأعلام للزركلي 7/154.
(4) ن، م: ولكن.
(5) ن، م: يريدها ويقدرها.
(6) ويشيئه: كذا في أ، ب.، وفي ن، م: ينشئه، المقالات: يثبته (وانظر ط. ريتر 10/37 ت [0 - 9] ) .
****************************** ***
قال (1) : " و [الفرقة] السادسة (2) من الرافضة (3) : أصحاب هشام بن الحكم يزعمون أنه محال أن يكون الله لم يزل عالما بالأشياء بنفسه، وأنه إنما يعلم الأشياء بعد أن لم يكن بها عالما، وأنه يعلمها [بعلم] (4) ، وأن العلم صفة له، ليست هي هو (5) ، ولا هي غيره (6) ولا بعضه فلا يجوز (7) أن يقال: العلم (8) محدث أو قديم لأن العلم صفة (9) ، والصفة لا توصف. قال: ولو كان لم يزل عالما لكانت المعلومات لم تزل ; لأنه لا يصح عالم إلا بمعلوم موجود. قال: ولو كان عالما بما يفعله عباده لم تصح المحنة والاختبار (10) ".
قال (11) : " وقال هشام في سائر صفات الله (12) كقدرته وحياته وسمعه وبصره وإرادته، إنها صفات الله (13) ، لا هي الله، ولا غير الله. وقد
_________
(1) بعد الكلام السابق مباشرة في " المقالات " 1/107 - 108.
(2) ن (فقط) : والسادسة.
(3) أ، م، ب: من الروافض.
(4) يعلم: ساقطة من ن، م، أ، ب: وأثبتها من المقالات 1/108.
(5) ن: وأن العلم منه ليس ليست هي هو ; م: وأن العلم صفة له ليست هي هي.
(6) المقالات: ولا غيره.
(7) ب، أ، المقالات: فيجوز، والصواب من (ن) ، (م) ، وانظر المقالات (ط. ريتر 1/37 - ت 11) .
(8) ن: العالم، وهو خطأ.
(9) المقالات: لأنه صفة ; ن: لأن العلم محدث صفة، وهو خطأ.
(10) م: والإحسان، وهو تحريف.
(11) بعد الكلام السابق مباشرة.
(12) المقالات: الله عز وجل.
(13) المقالات: لله.
****************************** ******
اختلف عنه في القدرة والحياة: فمنهم (1) من يحكي عنه أنه كان يقول (2) : إن البارئ لم يزل قادرا حيا، ومنهم من ينكر أن يكون قال ذلك ".
قال (3) : " والفرقة السابعة من الرافضة: لا يزعمون أن البارئ عالم في نفسه كما قال (4) شيطان الطاق، ولكنهم (5) يزعمون أن الله لا يعلم الشيء حتى يؤثر أثره، والتأثير عندهم الإرادة، فإذا أراد الشيء علمه، وإذا لم يرده لم يعلمه. ومعنى أراد عندهم أنه تحرك حركة (6) هي إرادة، فإذا تحرك علم الشيء، وإلا لم يجز الوصف له بأنه عالم به (7) ".
قال: " والفرقة الثامنة من الرافضة: يزعمون (8) أن معنى أن الله يعلم أنه يفعل، فإن قيل لهم: أتقولون (9) : [إن] (10) الله سبحانه لم يزل عالما
_________
(1) المقالات: فمن الناس.
(2) المقالات: يزعم.
(3) بعد الكلام السابق مباشرة.
(4) ب، أ: قاله.
(5) ن، م: ولكن.
(6) ب، أ، م: يحرك حركة ; ن: تحرك بحركة، والمثبت من " المقالات ".
(7) به: ساقطة من (ن) ، (م) ، وفي " المقالات " بعد هذه العبارة ما يلي: " وزعموا أنه لا يوصف بالعلم بما لا يكون ".
(8) " المقالات ": يقولون.
(9) أتقولون: ساقطة من (ب) ، وفي (أ) : يقول، (ن) ، (م) : يقولون. والمثبت من " المقالات ".
(10) إن: ساقطة من (ن) .
****************************** *********
بنفسه؟ اختلفوا. فمنهم من يقول: لم يزل لا يعلم بنفسه (1) حتى فعل العلم؛ لأنه قد كان ولما يفعل، ومنهم من يقول: لم يزل يعلم بنفسه (2) . فإن قيل لهم: [فلم] (3) يزل يفعل؟ قالوا: نعم، ولا نقول بقدم (4) الفعل ".
قال: " ومن الرافضة من يزعم أن الله يعلم ما يكون قبل أن يكون، إلا أعمال العباد فإنه لا يعلمها إلا في (5) حال كونها ".
قال: " والفرقة التاسعة من الرافضة: يزعمون أن الله تعالى [لم يزل] (6) عالما حيا (7) قادرا، ويميلون إلى نفي التشبيه، ولا يقرون (8) بحدوث العلم (9) ، ولا بما حكيناه من التجسيم وسائر ما أخبرنا به من التشبيه [عنهم] (10) ".
قال (11) : واختلفت (12) الروافض في إرادة الله سبحانه (13) ، وهم أربع فرق:
_________
(1) ب، أ، ن، م: نفسه، والمثبت من " المقالات ".
(2) ب، أ، ن، م: نفسه، والمثبت من " المقالات ".
(3) فلم: ساقطة من (ن) . وفي (م) : لم.
(4) ن: نقدم.
(5) في: ساقطة من (ب) فقط.
(6) لم يزل: ساقطة من (ن) .
(7) أ، ب: حيا عالما.
(8) المقالات: يقولون.
(9) ب، أ: العالم، وهو خطأ.
(10) عنهم: ساقطة من (ن) ، (م) .
(11) في " مقالات الإسلاميين 1/110 - 111: ومن هذه الكلمة تبدأ نسخة ع عاشر أفندي.
(12) أ، ب: واختلف.
(13) في هامش (م) أمام هذا الموضع كتب: " قف على اختلاف الروافض في إرادة الله سبحانه وتعالى "
****************************** ******
فالفرقة الأولى منهم: أصحاب هشام بن الحكم وهشام الجواليقي: يزعمون أن إرادة الله حركة وهي معنى (1) ، لا هي الله (2) ولا هي (3) غيره، وأنها (4) صفة لله ليست غيره، وذلك (5) [أنهم] (6) يزعمون أن الله إذا أراد الشيء (7) تحرك، فكان ما أراد (8) .
والفرقة الثانية منهم: أبو مالك الحضرمي وعلي بن ميثم (9) ومن تابعهما: يزعمون أن إرادة الله غيره، وهي حركة الله، كما قال هشام، إلا أن هؤلاء خالفوه فزعموا أن الإرادة حركة، وأنها غير الله بها يتحرك.
والفرقة الثالثة منهم: القائلون (10) بالاعتزال والإمامة (11) : يزعمون أن إرادة الله ليست بحركة، فمنهم من أثبتها (12) غير المراد فيقول: إنها مخلوقة لله لا بإرادة (13) ، ومنهم من يقول: إرادة الله (14) لتكوين الشيء هو الشيء،
_________
(1) وهي معنى: ساقطة من (ب) ، وفي (أ) وهي معين، وهو تحريف.
(2) ب (فقط) : لا هي عينه، وهو تحريف.
(3) هي: ساقطة من (ب) فقط.
(4) ب، أ: وإنما هي.
(5) ب (فقط) : ولذلك.
(6) أنهم: ساقطة من (ن) ، (ب) ، (أ) ، وأثبتها من (ع) ، (م) ، " المقالات " 1/110.
(7) ع (فقط) : شيئا.
(8) م: مكان ما أراد. وفي المقالات بعد هذا الكلام عبارة: " تعالى عن ذلك ".
(9) ب، ع، ن، م: علي بن متيم ; أ: علي بن ميتم، والمثبت عن " المقالات " 1/111. وسبق الكلام عنه وعن أبي مالك الحضرمي، هذا الجزء (ص [0 - 9] 33) .
(10) " المقالات ": وهم القائلون.
(11) ب، ن، أ: والإمامية، م: وإلا ما، وهو خطأ، والمثبت عن " المقالات "، (ع) .
(12) ب، ن، م، أ: يثبتها.
(13) ن (فقط) : لا بإرادته.
(14) ن: إنها إرادة الله، وهو خطأ ; المقالات: إرادة الله سبحانه.
****************************** ******
وإرادته لأفعال (1) العباد هي أمره إياهم بالفعل، وهي غير فعلهم، وهم يأبون أن يكون الله أراد المعاصي فكانت.
والفرقة الرابعة منهم يقولون: لا نقول قبل الفعل: إن الله أراد (2) ، فإذا فعلت (3) الطاعة قلنا: أرادها، وإذا فعلت المعصية (4) فهو كاره لها غير محب لها (5) ".
قلت: القول الثالث هو قول متأخري الشيعة، كالمفيد وأتباعه الذين اتبعوا المعتزلة، وهم طائفة صاحب هذا الكتاب، والقول الأول (6) قول البصريين من المعتزلة، والثاني قول البغداديين، فصار هؤلاء الشيعة على قول (7) المعتزلة. (8) (* فهذه المقالات التي نقلت في التشبيه والتجسيم لم نر (9) الناس نقلوها عن طائفة من المسلمين أعظم مما نقلوها عن قدماء الرافضة. ثم الرافضة حرموا الصواب في هذا الباب كما حرموه في غيره، فقدماؤهم
_________
(1) ن: لفعل.
(2) المقالات: أراده.
(3) ن، م: فعل.
(4) ن: وإذا أراد فعل المعصية ; م: وإذا فعل المعصية.
(5) لها: ساقطة من (ن) .
(6) ع: والأول.
(7) ب، أ: قولي.
(8) الكلام التالي بين النجمتين ساقط من (ب) ، (أ) ، وموجود في (ع) ، (ن) ، (م) . وينتهي السقط من 245.
(9) م: لم يزل.
****************************** *************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (115)
صـ 243 إلى صـ 249
يقولون بالتجسيم الذي هو قول غلاة (1) المجسمة، ومتأخروهم يقولون بتعطيل الصفات موافقة لغلاة المعطلة من المعتزلة ونحوهم، فأقوال أئمتهم دائرة بين التعطيل والتمثيل (2) ، لم تعرف لهم مقالة متوسطة بين هذا وهذا.
وأئمة المسلمين من أهل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم متفقون على القول الوسط (3) المغاير لقول أهل التمثيل [وقول أهل] التعطيل (4) ، وهذا مما يبين مخالفة الرافضة لأئمة أهل بيت رسول الله (5) - صلى الله عليه وسلم - في أصول دينهم، كما هم مخالفون لأصحابه، بل ولكتاب الله وسنة رسوله.
وهذا لأن مبنى مذهب القوم على الجهل والكذب والهوى، وهم وإن كانوا يدعون اتباع الأئمة الاثني عشر في الشرائع (6) ، فلو قدر من يجوز له التقليد إماما من أئمة أهل البيت (7) - كعلي بن الحسين وأبي جعفر الباقر وجعفر الصادق وأمثالهم - لكان ذلك سائغا (8) جائزا عند أهل
_________
(1) ن، م: الغلاة.
(2) ع: وبين التمثيل.
(3) ن، م: الوسيط.
(4) ن: لقول أهل التمثيل والتعطيل.
(5) ن: لأهل البيت بيت رسول الله ; م: لأهل بيت رسول الله.
(6) استطرد ابن تيمية بعد العبارات السابقة فلم يذكر جوابا لشرط، ومعنى كلامه أن القوم مع دعواهم اتباع أئمة أهل البيت قد اختلفوا عليهم وافتروا ما لم يقولوا به.
(7) ن، م: إماما فأئمة أهل السنة، وهو تحريف.
(8) ن: شائعا ; م: ضائعا.
****************************** **
السنة، لم تقل أهل السنة: إنه لا يجوز لمن يجوز له التقليد تقليد هؤلاء وأمثالهم، بل أهل السنة متفقون على أن تقليد الواحد من هؤلاء وأمثالهم كتقليد أمثالهم، يسوغ هذا لمن يسوغ له ذلك.
وأكثر علماء السنة على أن التقليد في الشرائع لا يجوز إلا لمن عجز عن الاستدلال ; هذا منصوص (1) الشافعي وأحمد، وعليه أصحابهما، وما حكي عن أحمد من تجويز تقليد العالم للعالم غلط عليه، ولكن هذا القول حكي (2) عن محمد بن الحسن -[صاحب أبي حنيفة] (3) - قيل عنه: يجوز تقليد الأعلم، وقيل: العالم.
وهذا النزاع إذا لم يكن تبين له (4) القول الموافق للكتاب والسنة، فإن تبين له (5) ما جاء به الرسول لم يجز [له] (6) التقليد في خلافه باتفاق المسلمين، وأما تقليد العاجز عن الاستدلال فيجوزه الجمهور، ومنع منه طائفة من أهل الظاهر.
وجمهور علماء المسلمين على أن القدرة على الاجتهاد والاستدلال مما ينقسم ويتبعض، فقد يكون الرجل قادرا على الاجتهاد والاستدلال في مسألة أو نوع من العلم دون الآخر، وهذا حال أكثر علماء
_________
(1) م: مقصود.
(2) ن، م: لكن هذا القول يحكى.
(3) صاحب أبي حنيفة: ساقط من (ن) ، (م) . وسبقت ترجمة محمد بن الحسن (هذا الجزء ص [0 - 9] 44) .
(4) ن، م: قد بين له.
(5) ن، م: بين.
(6) له: ساقطة من (ن) ، (م) .
****************************** *****************
المسلمين، لكن يتفاوتون في القوة والكثرة، فالأئمة المشهورون أقدر على الاجتهاد والاستدلال في أكثر مسائل الشرع من غيرهم. وأما أن يدعى أن واحدا منهم قادر على أن يعرف حكم الله في كل مسألة من الدين بدليلها، فمن ادعى هذا فقد ادعى ما لا علم له به (1) ، بل ادعى ما يعرف (2) أنه باطل *) (3) .
[فصل موافقة جعفر الصادق لسائر السلف في مسألة القرآن]
(فصل) والمقصود هنا أن يقال لهذا الإمامي وأمثاله: ناظروا إخوانكم هؤلاء الرافضة في التوحيد، وأقيموا الحجة على صحة قولكم ثم ادعوا إلى ذلك، ودعوا أهل السنة والتعرض لهم (4) ، فإن هؤلاء يقولون: إن قولهم في التوحيد هو الحق، وهم (5) كانوا في عصر جعفر الصادق وأمثاله، فهم يدعون أنهم أعلم منكم بأقوال الأئمة، لا سيما وقد استفاض عن جعفر الصادق (6) أنه سئل عن القرآن: أخالق هو أم مخلوق؟ فقال: ليس بخالق ولا مخلوق ولكنه كلام الله. (7 [وهذا مما اقتدى به الإمام أحمد في المحنة، فإن جعفر 7) (7) بن محمد من أئمة الدين باتفاق أهل السنة
_________
(1) م: ما لا علم لديه.
(2) ما يعرف: ساقطة من (ن) فقط.
(3) هنا ينتهي السقط في (أ) (ب - ص [0 - 9] 08 س [0 - 9] 4) ; وقد بدأ أوله ص 242.
(4) ن، م: والتعريض لهم.
(5) ب، أ: وإن.
(6) الصادق: ساقطة من (ب) ، (أ)
(7) (7 - 7) ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، وأثبته من (ع) ، (م) . ويستمر السقط في (ن) إلى الصفحة التالية.
****************************** *********
وهذا قول السلف قاطبة من الصحابة والتابعين لهم بإحسان (1) وسائر أئمة المسلمين: أن القرآن كلام الله] (2) ليس بمخلوق، ولكنهم لم يقولوا ما قاله ابن كلاب [ومن اتبعه من] أنه (3) قديم لازم لذات الله، وأن (4) الله لا يتكلم (5) بمشيئته وقدرته، بل هذا قول محدث أحدثه ابن كلاب (6) واتبعه عليه طوائف.
وأما السلف فقولهم (7) إنه لم يزل متكلما، وإنه (8) يتكلم بمشيئته وقدرته (9) .
(* وكذلك قالوا بلزوم الفاعلية، ونقلوا عن جعفر [الصادق] (10) بن محمد أنه قال بدوام الفاعلية المتعدية، وأنه لم يزل محسنا بما لم يزل
_________
(1) عبارة " لهم بإحسان ": زائدة في (ب) ، (أ) .
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) .
(3) ن: ولكنهم يقولون: لم يقل ابن كلاب أنه ; م: ولكنهم لم يقولوا بقول ابن كلاب أنه.
(4) ب، أ: وبأن.
(5) ن، م: لم يتكلم.
(6) أ، ب: بل هذا القول محدث. . إلخ ; ن، م: بل هذا القول أخذ به ابن كلاب ; والمثبت عن (ع) .
(7) أ، ب: قولهم.
(8) أ، ب: أو إنه.
(9) في هامش نسخة (ع) أعاد المعلق كتابة العبارات التي تبدأ بجملة: وهذا قول السلف قاطبة، وتنتهي عند هذا الموضع، ويتكرر نقل المعلق لبعض عبارات الكتاب في هامش نسخة (ع) في بعض المواضع ولن نشير إليها إلا إذا زاد على المنقول بتعليقات من عنده.
(10) الصادق زيادة في (ع) .
****************************** *********
فيما (1) لم يزل إلى ما لم يزل، كما نقل ذلك الثعلبي عنه [بإسناده] (2) في تفسير قوله: {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا} [سورة المؤمنون: 115] ، مع قول (3) جعفر وسائر المسلمين وأهل الملل وجماهير العقلاء من غير أهل الملل أن الله تعالى خالق كل شيء، وأن ما سواه محدث [كائن بعد أن لم يكن] (4) ، ليس [مع] (5) الله شيء من العالم قديم بقدم الله *) (6) .
وأما هشام بن الحكم وهشام بن سالم وغيرهما من شيوخ الإمامية فكانوا يقولون: [إن] (7) القرآن ليس بخالق ولا مخلوق (7 ولكنه كلام الله 7) (8) ، كما قاله (9) جعفر بن محمد و [سائر] أئمة السنة (10) (* ولكن لا أعرف هل يقولون بدوام كونه متكلما بمشيئته، كما يقوله أئمة أهل السنة، أم
_________
(1) ن: فيها.
(2) بإسناده: ساقطة من (ن) ، (م) . والثعلبي هو أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي المقرئ المفسر الواعظ الأديب اللغوي صاحب كتاب " عرائس المجالس " في قصص الأنبياء وهو مطبوع، و " الكشف والبيان في تفسير القرآن " وهو مخطوط، وقد توفي الثعلبي سنة 427. انظر في ترجمته ابن خلكان 1/61 - 62 ; إنباه الرواة 1/119 - 120 ; بغية الوعاة، ص [0 - 9] 54 ; معجم الأدباء 5/36 - 39 ; اللباب لابن الأثير 1/194 ; روضات الجنات، ص [0 - 9] 8 (وفيه أنه توفي سنة 437) ; الأعلام للزركلي 1/205 - 206.
(3) قول: ساقطة من (ن) فقط.
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(5) مع: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
(7) إن: ساقطة من (أ) ، (ب) ، (ن) ، (م) .
(8) (7 - 7) : ساقط من (أ) ، (ب) .
(9) أ، ب: يقوله.
(10) ن: وأئمة السنة ; م: وأئمة السلف.
****************************** ****
يقولون: تكلم بعد أن لم يكن متكلما، كما تقوله الكرامية وغيرهم *) (1) .
[مقالات الروافض في القرآن]
قال الأشعري (2) : " واختلفت الروافض في القرآن، وهم فرقتان: فالفرقة الأولى منهم هشام بن الحكم وأصحابه: يزعمون أن القرآن لا خالق ولا مخلوق، وزاد بعض من يخبر عن (3) المقالات في الحكاية عن هشام فزعم (4) أنه كان يقول: لا خالق ولا مخلوق، ولا يقال (5) أيضا: غير مخلوق ; لأنه صفة والصفة لا توصف ".
قال: " وحكى زرقان عن هشام بن الحكم (6) أنه قال: القرآن على ضربين: إن كنت تريد المسموع فقد خلق الله الصوت المقطع وهو (7) رسم القرآن، فأما القرآن (8) فهو فعل الله (9) مثل العلم والحركة، لا هو هو، ولا غيره (10) .
والفرقة الثانية منهم: يزعمون أنه مخلوق محدث لم يكن ثم كان، كما تزعم المعتزلة والخوارج ".
قال: " وهؤلاء قوم من المتأخرين منهم (11) ".
_________
(1) الكلام بين النجمتين يوجد بعضه في (ب) ، (أ) ولكن في غير موضعه الصحيح، ويوجد أكثره في (ن) ، (م) وجميعه في (ع) .
(2) في مقالات الإسلاميين 1/109 - 110.
(3) في النسخ الخمس: عن، وفي " المقالات ": على.
(4) فزعم: ساقطة من (ع) .
(5) أ، ب: ولا يقول.
(6) في (ن) ، (م) زبرقان عن هاشم بن الحكم، وهو خطأ بين.
(7) ب، أ: ثم.
(8) فأما القرآن: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(9) أ، ب: فهو فعل فعل الله تعالى.
(10) أ، ب: ولا هو غيره.
(11) منهم: ساقطة من (ع) فقط، وهي في " المقالات " 1/110.
****************************** ****
قلت (1) : ومعلوم أن قول جعفر [بن محمد] (2) الصادق، وهؤلاء (3 الذين قالوا من السلف 3) (3) : ليس بمخلوق، لم يريدوا أنه ليس بمكذوب، بل أرادوا أنه لم يخلقه (4) ، كما قالت المعتزلة، وهذا قول متأخري الرافضة. (5) (*) فإن [طائفة من متأخري الإمامية] كأبي القاسم الموسوي (6) المعروف بالمرتضى وغيره لما وافقوا المعتزلة على أنه محدث منفصل عن الله، وأنه لم يكن يمكنه أن يتكلم ثم صار متكلما بعد أن لم يكن متكلما، وليس له كلام يقوم به، بل كلامه من جملة مصنوعاته المنفصلة عنه، ثم سمعوا عن السلف من أهل البيت مثل جعفر بن محمد وغيره أنهم قالوا: إنه غير مخلوق (7) . قالوا: لا نقول إنه مخلوق متابعة لهؤلاء، بل نقول: إنه محدث مجعول (8) موافقة (9) لما ظنوه من لفظ القرآن في قوله: {إنا جعلناه قرآنا عربيا} [سورة الزخرف: 3] ، وقوله: {ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث} [سورة الأنبياء: 2] .
وكثير (10) من الناس - غير الشيعة (11) - يقولون: غير مخلوق،
_________
(1) قلت: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) ابن محمد: زيادة في (ع) .
(3) (3 - 3) ساقط من (أ) ، (ب) .
(4) أ، ب: بل أرادوا به أنه لم يخلقه.
(5) يبدأ من هنا سقط كبير في (ب) ، (أ) ويستمر حتى ص [0 - 9] 57.
(6) ن، م: فإن أبا القاسم الموسوي. وسبقت ترجمة الموسوي 1/58، 2/101.
(7) ن، م: غير محدث.
(8) ن: إنه مجعول مخلوق ; م: أنه مخلوق مجعول.
(9) ن: موافقا.
(10) ن: في كثير، وهو تحريف.
(11) ن: في غير الشيعة.
****************************** *****
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (116)
صـ 250 إلى صـ 256
ويقصدون (1) في هذا المعنى أنه غير مكذوب مفترى، فإنه يقال: خلق (2) هذا الحديث واختلقه [إذا افتراه] (3) . قال تعالى عن إبراهيم: {إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا} [سورة العنكبوت: 17] ، وقال عن قوم هود: قالوا: {إن هذا إلا خلق الأولين - وما نحن بمعذبين} [سورة الشعراء: 137 - 138] .
فيقال لهؤلاء: كل من تدبر الآثار المنقولة عن السلف، وما وقع من النزاع بين الأمة في أن القرآن مخلوق أو غير مخلوق، علم أنه لم يكن نزاعهم في أنه مفترى أو غير مفترى، فإن من يقر بأن محمدا رسول الله لا يقول: إن القرآن مفترى، بل إنما يقول: إنه مفترى من قال (4) : إن محمدا كاذب افترى القرآن، كما قال تعالى: {أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله} [سورة يونس: 38] ، وقال: {أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات} [سورة هود: 13] ، وقال تعالى: {وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون فقد جاءوا ظلما وزورا} [سورة الفرقان: 4] ، وقال: {أم يقولون افتراه قل إن افتريته فعلي إجرامي وأنا بريء مما تجرمون} [سورة هود: 35] .
والذين تنازعوا في القرآن: هل هو مخلوق أو غير مخلوق، كانوا مقرين بأن محمدا رسول الله وأنه مبلغ للقرآن عن الله [تعالى] (5) لم يفتره
_________
(1) ع: ويقصد.
(2) م: حكى.
(3) عبارة " إذا افتراه ": ساقطة من (ن) . وسقطت " إذا " من (م) .
(4) ع: إلا من قال، والصواب عن (ن) ، (م) .
(5) تعالى: زيادة في (ع) .
****************************** *********
هو، ولكن الجهمية والمعتزلة لما كان أصلهم أن الرب لا تقوم به الصفات والأفعال والكلام، لزمهم أن يقولوا: كلامه بائن عنه مخلوق [من مخلوقاته] (1) . وكان أول من ظهر عنه هذا (2) الجعد بن درهم (3) ثم الجهم [ابن صفوان] (4) ، ثم صار هذا في المعتزلة.
[أقوال أئمة الإسلام في القرآن]
ولما ظهر هذا سألوا أئمة الإسلام مثل جعفر الصادق (5) وأمثاله، فقالوا لجعفر [الصادق] (6) : القرآن خالق أم مخلوق؟ (7) فقال: ليس بخالق ولا مخلوق، ولكنه كلام الله. ومعلوم أن قوله: " ليس بخالق ولا مخلوق " لم يرد به [أنه] (8) ليس بكاذب ولا مكذوب، لكن أراد [أنه] (9) ليس هو الخالق للمخلوقات، ولا هو من المخلوقات ولكنه كلام الخالق.
وكذلك ما نقل عن علي بن أبي طالب -[رضي الله عنه] (10) - لما قيل
_________
(1) من مخلوقاته: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) ن، م: ظهر هذا عنه.
(3) على هامش نسخة (ع) بعد نقل بعض العبارات السابقة ما يلي: " قلت: جعد بن درهم ذبحه خالد بن عبد الله القسري بيده بعد ما نزل عن الخطبة في عيد الأضحى، فقال في أثناء خطبته: أيها الناس إن جعدا هذا يزعم أن الله تعالى ما اتخذ إبراهيم خليلا ولا كلم موسى تكليما، قوموا وضحوا - تقبل الله منا ومنكم - فإني أريد أن أضحي جعد بن درهم. فنزل عن خطبته وذبحه بيده، والناس ينظرون ". وهذا الخبر في الكامل لابن الأثير 5/104.
(4) ابن صفوان: زيادة في (ع) .
(5) م: سألوا عين الأعلام جعفر بن محمد الصادق.
(6) الصادق: زيادة في (ع) .
(7) ع: القرآن مخلوق أم خالق.
(8) أنه: ساقطة من (ن) ، (م) .
(9) أنه: ساقطة من (ن) ، (م) .
(10) رضي الله عنه: ساقطة من (ن) وفي (م) : عليه السلام.
****************************** **************
له: حكمت مخلوقا! ؟ قال: لم أحكم مخلوقا وإنما حكمت القرآن.
وما رواه ابن أبي حاتم في " الرد على الجهمية " (1) . قال: " كتب إلي حرب الكرماني، ثنا محمد بن المصفى، (2) ثنا عبد الله بن محمد، عن عمرو بن جميع، عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس قال: لما حكم علي الحكمين، قالت الخوارج: حكمت رجلين؟ قال: ما حكمت مخلوقا، إنما حكمت القرآن.
حدثنا الأشج، ثنا يحيى بن يمان، ثنا حسن بن صالح، عن عبد الله بن الحسن، قال: قال علي للحكمين: احكما بالقرآن كله، فإنه كله لي ".
وقال ابن أبي حاتم: " ثنا أبي (3) ، ثنا الصهيبي ابن عم علي بن عاصم وعلي بن صالح، عن عمران بن حدير (4) ، عن عكرمة قال: كان ابن
_________
(1) الإمام الحافظ الناقد شيخ الإسلام أبو محمد عبد الرحمن بن الحافظ الكبير أبي حاتم محمد بن إدريس المنذر التميمي الحنظلي، ولد سنة 240 وتوفي سنة 327. قال الذهبي: " وله مصنف كبير في " الرد على الجهمية " يدل على إمامته ". انظر ترجمته ومصنفاته: تذكرة الحفاظ للذهبي (الطبعة الثالثة بحيدرآباد، 1376/1957) 3/829 - 832، فوات الوفيات لابن شاكر 1/542 - 543 ; طبقات الحنابلة، 2 ; العبر للذهبي (ط. الكويت) 2/208 ; تاريخ الأدب العربي لبروكلمان 3/223 ; الأعلام للزركلي 4/99 ; سزكين م [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 52 - 355
(2) هو محمد بن المصفى بن بهلول الحمصي، توفي سنة 246. ترجمته في: الجرح والتعديل ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص [0 - 9] 04 ; الخلاصة للخزرجي، ص 307 ; اللباب لابن الأثير 1/319.
(3) عبارة " ثنا أبي " ساقطة من (ع) ، (م) وهي في (ن) .
(4) في الخلاصة للخزرجي، ص 250: " عمران بن حدير بمهملات مصغرا. . مات سنة 149 ".
****************************** *********
عباس في جنازة فسمع رجلا يقول: يا رب القرآن ارحمه. فقال ابن عباس: مه، القرآن منه، القرآن كلام الله وليس بمربوب، منه خرج وإليه يعود.
حدثنا محمد بن عمار بن الحارث، ثنا أبو مروان الطبري بمكة - يعني الحكم بن محمد - ثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار: سمعت مشيختنا منذ سبعين سنة يقولون: القرآن كلام الله غير مخلوق. وفي رواية: منه بدأ وإليه يعود ". وهذا رواه (1) غير واحد عن [سفيان] (2) بن عيينة عن عمرو، ورواه البخاري في كتاب " خلق أفعال العباد " (3) .
وقال ابن أبي حاتم: " ثنا أبي، ثنا العباس بن عبد العظيم، ثنا رويم بن يزيد المقري، ثنا عبد الله بن عباس، عن يونس بن بكير، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال: سئل علي بن الحسين عن القرآن، فقال: ليس بخالق ولا مخلوق ولكنه كلام الخالق، ورواه أبو زرعة، عن يحيى بن منصور، عن رويم، فذكره.
وحدثنا (4) جعفر بن محمد بن هارون، ثنا عبد الرحمن بن مصعب، ثنا موسى بن داود الكوفي عن رجل، عن جعفر بن محمد، عن أبيه أنه سأله: إن قوما يقولون: القرآن مخلوق؟ فقال: ليس بخالق ولا مخلوق ولكنه كلام الله.
_________
(1) ع: رواية.
(2) سفيان: زيادة في (ع) .
(3) هذا الأثر ذكره البخاري في أول كتاب " خلق أفعال العباد " ص [0 - 9] 17: ضمن مجموعة " عقائد السلف "، وفيه:. . وليس بمخلوق ولم يذكر الرواية الثانية.
(4) ن، م: وقال.
****************************** *******
حدثنا موسى بن سهل الرملي، ثنا موسى بن داود، ثنا معبد أبو عبد الرحمن عن معاوية (1) بن عمار الذهبي، قال: قلت لجعفر بن محمد: إنهم يسألوني عن القرآن: مخلوق أو خالق؟ فقال: إنه ليس بخالق ولا مخلوق، ولكنه كلام الله.
وحدثنا أبو زرعة، ثنا سويد بن سعيد، عن معاوية، فذكره.
وحدثنا أبي (2) ، قال: حدثنا الحسن بن الصباح، ثنا معبد بمثله.
حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل فيما كتب إلي، قال: قال أبي (3) : وحدثت (4) عن موسى بن داود بهذا الحديث عن معبد، قال (5) : رأيت معبدا هذا ولم يكن به بأس، وأثنى عليه (6) ثم قال: كان يفتي برأي ابن أبي ليلى.
حدثنا عبد الله مولى المهلب بن أبي صفرة، ثنا علي بن أحمد بن علي بن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن أخيه موسى بن جعفر، قال: سئل أبي [جعفر بن محمد] (7) عن القرآن: خالق أو مخلوق؟ قال: لو كان خالقا لعبد، ولو كان مخلوقا لنفد ".
ومثل هذه الآثار كثيرة عن الصحابة والتابعين والأئمة من أهل البيت (8)
_________
(1) ن، م: أبو عبد الرحمن معاوية. . إلخ.
(2) ن: وحدثنا أبي. وسقطت كلمة " وحدثنا " من (م) .
(3) م: قال لي أبي.
(4) ع: وجدت، وهو خطأ.
(5) ن، م: فقال.
(6) ع: عنه، وهو تحريف.
(7) بن محمد: زيادة في (ع) .
(8) ن، م: من أهل السنة.
****************************** ****
وغيرهم. فعلي -[رضي الله عنه] (1) - لم يرد بقوله: ما حكمت مخلوقا وإنما حكمت القرآن، أي: ما حكمت كلاما مفترى ; فإن الخوارج إنما قالوا له: حكمت مخلوقا من الناس! ؟ - وهما أبو موسى وعمرو بن العاص (2) - فقال: لم أحكم مخلوقا، وإنما حكمت القرآن، وهو كلام الله.
فالحكم لله، وهو سبحانه يصف كلامه بأنه يحكم ويقص (3) [ويفتي] (4) ، كقوله: {إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل} [سورة النمل: 76] وكقوله (5) : {ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء} [سورة النساء: 127] أي: وما يتلى عليكم يفتيكم فيهن.
وقوله: {وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه} [سورة البقرة: 213) .
وإذا أضيف الحكم والقصص والإفتاء (6) إلى القرآن - الذي هو كلام الله - فالله هو الذي (7) حكم به وأفتى به وقص به، كما أضاف ذلك إلى نفسه في غير موضع.
_________
(1) رضي الله عنه: زيادة في (ع) .
(2) م: وهما الحكمان.
(3) ن، م: ويقضي.
(4) ويفتي: ساقطة من (ن) .
(5) ن: وقوله ; م: في قوله، وهو تحريف.
(6) ن: والإقبال، وهو خطأ.
(7) ن: الذي هو.
****************************** ******
فهذا هو مراد علي [بن أبي طالب] وجعفر [بن محمد] وغيرهما (1) من أهل البيت -[رضوان الله عليهم] (2) - وسائر سلف الأمة بلا ريب. فتبين أن هؤلاء الرافضة مخالفون لأئمة أهل البيت وسائر السلف في مسألة القرآن كما خالفوهم في غيرها.
وأما قولهم: إنه مجعول، فالله لم يصفه بأنه مجعول معدى إلى مفعول واحد، بل قال: {إنا جعلناه قرآنا عربيا} [سورة الزخرف: 3] ، فإذا قالوا: هو مجعول قرآنا عربيا، فهذا حق. وأما قوله تعالى: {ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث} [سورة الأنبياء: 2] ، فهذه الآية تدل على أن " الذكر " نوعان: محدث وغير محدث، كما تقول: ما جاءني من رجل عدل إلا قبلت شهادته، وصفة النكرة للتخصيص، وعندهم كل ذلك محدث، والمحدث في القرآن ليس هو المحدث في كلامهم، فلم يوافقوا القرآن.
ثم إذا قيل: هو محدث (3) ، لم يلزم من ذلك أن يكون مخلوقا بائنا (4) عن الله، بل إذا تكلم الله به (5) بمشيئته وقدرته وهو قائم به، جاز أن يقال: هو محدث، وهو مع ذلك كلامه القائم بذاته وليس بمخلوق.
وهذا قول كثير من أئمة السنة والحديث. وقد احتج البخاري وغيره على ذلك بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " «إن الله يحدث من أمره ما
_________
(1) ن، م: علي وجعفر وغيرهما.
(2) عبارة " رضوان الله عليهم ": زيادة في (ع) .
(3) ن: إنه محدث.
(4) ن، م: ثابتا، وهو خطأ.
(5) ع: بل إذا تكلم به.
****************************** ********
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (117)
صـ 257 إلى صـ 263
يشاء (1) ، وإن مما أحدث أن لا تكلموا (2) في الصلاة» " (3) . ومعلوم أن الذي أحدثه هو أمره أن لا يتكلموا في الصلاة، لا عدم تكلمهم في الصلاة، فإن ذلك يكون باختيارهم. ومنهم من تكلم بعد النهي، لكن نهوا عن ذلك، ولهذا قال: يحدث من أمره ما يشاء (4) .
[معارضة أدلة الإمامية بأدلة غيرهم من المبتدعة]
والمقصود هنا (5) أنه (*) (6) يقال لهذا الإمامي (7) : إخوانك هؤلاء يقولون: إن قولهم هو الحق دون قولك، وأنت لم تحتج لقولك إلا بمجرد قولك: إنه ليس بجسم، (7 وهؤلاء إخوانك يقولون: إنه جسم 7) (8) ، فناظرهم فإنهم إخوانك في الإمامة وخصومك في التوحيد.
وهكذا ينبغي لك أن تناظر الخوارج الذين هم خصومك، وأما (9) أهل السنة فهم وسط بينك وبين خصومك، وأنت لا تقدر على قطع [خصومك لا] هؤلاء ولا هؤلاء (10)
_________
(1) ن، م: ما شاء.
(2) ن: أن لا يكلموا.
(3) الحديث عن ابن مسعود رضي الله عنه مع اختلاف في اللفظ في البخاري 9/152 (كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: كل يوم هو في شأن) ; سنن أبي داود 1/335 (كتاب الصلاة، باب رد السلام في الصلاة) ; سنن النسائي 3/16 - 17 (كتاب السهو، باب الكلام في الصلاة) ; المسند (ط. المعارف) 5/200 (رقم: 3575) ، 5/339 - 340 (رقم: 3885) ، 6/21 (رقم: 3944) ، 6/91 (رقم: 4145) .
(4) ن، م: ما شاء.
(5) هنا: ساقطة من (ع) .
(6) هنا ينتهي السقط الكبير في (أ) ، (ب) ، وقد بدأ في ص 249.
(7) ب: فيقال لهذا الإمامي ; أ: فيقال لهذا الإمام ; ن: يقول لهذا الإمامي. والمثبت عن (ع) ، (م) .
(8) (7 - 7) : ساقط من (أ) ، (ب) .
(9) ع: فأما.
(10) ب، أ: على قطع خصومك هؤلاء وهؤلاء ; ن، م: وأنت لا تقدر على قطع خصومك هؤلاء ولا هؤلاء، والمثبت عن (ع) .
****************************** ******
فإن قلت: حجتي على هؤلاء أن كل جسم محدث قال لك إخوانك: بل الجسم عندنا ينقسم إلى (1) قسمين: قديم ومحدث، كما أن القائم بنفسه والموجود (2) والحي (3) والعالم والقادر ينقسم إلى قديم ومحدث.
فإن قال النافي: الجسم لا يخلو عن الحوادث، (* وما لم يخل عن الحوادث فهو حادث.
قال له إخوانه: لا نسلم أنه لا يخلو عن (4) الحوادث، وإن سلمنا ذلك فلا نسلم أن ما لم يخل عن الحوادث فهو حادث.
فإن (5) قال: الدليل على أنه لا يخلو من الحوادث *) (6) أنه لا يخلو من الأعراض، والأعراض حادثة (7) [فإن العرض لا يبقى زمانين.
وعلى هذا اعتمد كثير من الكلابية في حدوث العالم، وعليه أيضا اعتمد الآمدي (8) وطعن في كل دليل غيره، وذكر أن هذه طريقة الأشعرية.
وضعف ذلك من تعقب كلامه، وقال: هذا يقتضي بناء هذا الأصل العظيم على هذه المقدمة الضعيفة،] وقد رأيت كلام الأشعري نفسه،
_________
(1) ب، أ: على.
(2) ن: القائم بنفسه وبالوجود.
(3) ب، أ: الحي.
(4) ب، أ: من.
(5) . فإن: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(6) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
(7) بعد كلمة حادثة سقط من (ن) ، (م) ، (أ) ، (ب) .
(8) سبقت ترجمته 1/248. وانظر في ترجمته أيضا مرآة الجنان لليافعي 4/73.
****************************** ************
فرأيته اعتمد على أن الأجسام لا تخلو من الاجتماع والافتراق بناء على أن الأجسام مركبة من الجواهر المنفردة، فاحتج باستلزامها لهذا النوع من الأعراض، وهذا النوع حادث؛ لأنه من الأكوان لكنه مبني على الجوهر الفرد، وجمهور العقلاء من المسلمين وغيرهم على نفيه.
والمقصود هنا ذكر ما يبين أصول الطوائف، وأن قول هؤلاء الرافضة المعتزلة من أفسد أقوال طوائف الأمة، فإنه ليس معهم حجة شرعية ولا عقلية يمكنهم الانتصاف بها من إخوانهم أهل البدع، وإن كان أولئك ضالين مبتدعين أيضا (1) ، وهم مناقضون لهم غاية المناقضة، فكيف تكون لهم حجة على أهل السنة الذين هم وسط في الإسلام كما أن الإسلام وسط في الملل؟ !
فإذا قال النافي: الدليل على حدوثها استلزامها للأعراض (2) ] (3) .
قالوا له (4) : ليس هذا قولك و [قول] أئمتك (5) المعتزلة وإنما هو قول
_________
(1) في الأصل (ع) : وإن كان ذلك أيضا ضالين مبتدعين أيضا. . وهو كلام لا يستقيم، والذي أثبته أقرب إلى المعنى المقصود.
(2) فإذا قال النافي. . إلخ إعادة للاعتراض الوارد في الصفحة السابقة (ص 258) : فإن قال: الدليل. . إلخ، وما بينهما استطراد.
(3) الكلام بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) وكتب على هامش (ع) عبارات من هذا السقط تبدأ بجملة: " وقد رأيت كلام الأشعري " وتنتهي عند جملة: " وجمهور العقلاء من المسلمين وغيرهم على نفيه ". . ثم كتب هذا التعليق: " قلت: ليس الأمر كذلك، إذ ليس جمهور العقلاء من المسلمين على نفيه؛ لأن جمهور المتكلمين على إثباته. ثم إنه من قدماء الحكماء قبل أرسطو طائفة إلى إثباته، وليس هو مما اخترعه المتكلمون ".
(4) له: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(5) ن، م: قولك وأئمتك.
****************************** ******
الأشعرية (1) ، وأما المعتزلة فعندهم أنه قد يخلو عن كثير من الأعراض، وإنما يقولون ذلك في الأكوان أو في الألوان (2) .
وقالوا: لا نسلم أن الأعراض حادثة وأنها لا تبقى زمانين، وهذا القول معلوم البطلان بالضرورة عند جمهور العقلاء، مع أنه ليس قولك وقول شيوخك المعتزلة والرافضة.
[فإن] (3) قال الإمامي النافي: الدليل على أن الجسم لا يخلو من (4) الحوادث أنه لا يخلو من الأكوان، والأكوان حادثة، (* إذ لا يخلو (5) عن الحركة والسكون، وهما حادثان.
قالوا له: لا نسلم أن الأكوان كلها (6) حادثة *) (7) ، ولا نسلم أن السكون حادث، بل يجوز أن يكون لنا جسم قديم أزلي ساكن، ثم تحرك بعد أن لم يكن متحركا (8) ; لأن السكون إن كان عدميا جاز أن يحدث أمر وجودي، وإن كان وجوديا جاز أن يزول بحادث (9) .
قال النافي: القديم لا يزول.
قال إخوانه: القديم إن كان معنى عدميا جاز زواله باتفاق (10) [العقلاء] (11) ، (11 فإنه ما من حادث إلا وعدمه قديم 11) (12) ، والسكون عند كثير
_________
(1) ب، أ: الأشعري.
(2) ب (فقط) : أو في الأكوان.
(3) فإن: ساقطة من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
(4) ب، أ: عن.
(5) ب، أ: ولا يخلو ; ع: أو لا يخلو. والمثبت عن (ن) .
(6) كلها: زيادة في (ن) .
(7) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
(8) ب، أ: ثم يتحرك بعد أن لم يكن يتحرك.
(9) ب، أ: جاز أن يحادث، ن: جاز أن يزول محادث، والصواب من (ع) ، (م) .
(10) أ، ن، م: بالاتفاق.
(11) العقلاء: زيادة في (ع) .
(12) (11 - 11) : ساقط من (أ) ، (ب) .
****************************** *******
من الناس عدمي، ونحن نختار أنه عدمي فيجوز زواله، وإن كان وجوديا فلا نسلم أنه لا يجوز زواله.
[فإن] قال النافي (1) : السكون [وجودي] ، وإذا كان (2) وجوديا قديما، فالمقتضي (3) لقدمه قديم من لوازم الواجب، فيكون واجبا بوجوب سببه (4) .
قال إخوانه المجسمة: هذا الموضع يرد على جميع الطوائف المنازعين (5) لنا من الشيعة والمعتزلة والأشعرية وغيرهم، فإنهم وافقونا على أن البارئ فعل بعد أن لم يكن فاعلا، فعلم جواز حدوث الحوادث [كلها] (6) بلا (7) سبب حادث. [وهم يصرحون بأنه يجوز - بل يجب (8) - حدوث الحوادث كلها بغير (9) سبب حادث] (10) (11 لامتناع حوادث لا أول لها عندهم 11) (11) ، وإذا جاز ذلك اخترنا (12) أن يكون السكون عدميا، والحادث هو (13) الحركة التي هي وجودية، فإذا جاز إحداث جرم بلا سبب حادث فإحداث حركة بلا سبب حادث أولى.
ولو قيل: إن السكون وجودي، فإذا جاز وجود أعيان بعد أن لم تكن،
_________
(1) ع، ن، م: قال ; أ: فإن النافي.
(2) ن، م: السكون إذا كان. . إلخ.
(3) ن: والمقتضي.
(4) ن، م: نفسه.
(5) ن: المتنازعين ; م: النازعين.
(6) كلها: زيادة في (ع) .
(7) ن: بدون.
(8) م: بأنه يجب.
(9) م: بدون.
(10) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) .
(11) (11 - 11) : ساقط من (أ) ، (ب) .
(12) ب: أجزنا، ن، أ: أخرنا (وهو تحريف) والمثبت عن (ع) ، (م) .
(13) ع، ن: هي.
****************************** ***************
وذلك تحول (1) من أن لا يفعل إلى أن يفعل ; سواء سمي مثل هذا تغيرا وانتقالا (2) أو لم يسم، جاز أن يتحرك الساكن وينتقل (3) من السكون إلى الحركة (4) [وإن كانا وجوديين (5) .
وقول القائل: المقتضي لقدمه من لوازم الوجوب.
جوابه أن يقال: قد يكون بقاؤه مشروطا بعدم تعلق الإرادة بزواله أو بغير ذلك، كما يقولونه في سبب الحوادث، فإن الواجب انتقل من أن لا يفعل إلى أن يفعل، فما كان جوابهم عن ذلك (6) كان جوابا عن هذا، وإن قالوا بدوام الفاعلية بطل قولهم وقولنا.
وبالجملة (7) هل يجوز (8) أن يحدث عن القديم أمر بلا سبب حادث، وترجيح أحد طرفي الممكن بمجرد القدرة؟ وحينئذ فيجوز أن يحدث القادر ما به يزيل السكون الماضي من الحركة، سواء كان ذلك السكون وجوديا أو عدميا] (9) .
قال النافي: هذا يلزم منه أن يكون البارئ محلا للحركة وللحوادث (10) أو للأعراض، وهذا باطل.
_________
(1) ب، أ: وذلك يجوز ; ن، م: وذلك تغير وانتقال، والمثبت من (ع) .
(2) ع: تغييرا وانتقالا ; ب، أ، م: تغيرا أو انتقالا، والمثبت من (ن) .
(3) ب، أ: وينقل، ع: وتنتقل.
(4) بعد عبارة إلى الحركة سقط من (ن) ، (م) .
(5) ع: وإن كان وجوديين، وهو تحريف.
(6) عن ذلك: ساقط من (ب) ، (أ) .
(7) ع: ففي الجملة.
(8) ع: هم يجوزون.
(9) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(10) ن، م: والحوادث.
****************************** **********
قال إخوانه الإمامية: قد صادرتنا على المطلوب فهذا صريح قولنا، فإنا نقول (1) : إنه يتحرك وتقوم به الحوادث والأعراض، فما الدليل على بطلان قولنا؟
قال النافي: لأن ما قامت به الحوادث لم يخل منها، وما لا يخلو من الحوادث فهو حادث.
قال إخوانه: قولك: ما قامت به الحوادث لم يخل منها، فهذا (2) ليس قول الإمامية ولا قول المعتزلة، وإنما هو قول الأشعرية. وقد اعترف الرازي والآمدي وغيرهما بضعفه وأنه لا دليل عليه، وهم وأنتم تسلمون لنا أنه أحدث الأشياء بعد أن لم يكن هناك حادث بلا سبب حادث، فإذا حدثت (3) الحوادث من غير أن يكون لها أسباب حادثة، جاز أن تقوم به بعد أن لم تكن قائمة به.
فهذا القول الذي يقوله هؤلاء الإمامية، ويقوله (4) من يقوله من الكرامية وغيرهم: من إثبات أنه جسم قديم، وأنه فعل بعد أن لم يكن فاعلا، أو تحرك (5) بعد أن لم يكن متحركا، لا يمكن لهؤلاء الإمامية (6) وموافقيهم من المعتزلة [والكلابية] (7) إبطاله، فإن أصل قولهم بامتناع (* الحوادث به،
_________
(1) ن: فإنك تقول ; م: فإنك ستقول.
(2) أ، ب: فهو.
(3) ب، أ: أحدثت.
(4) ع: ويقول.
(5) ب، أ: متحرك.
(6) ب، أ: الأئمة، وهو خطأ.
(7) والكلابية: ساقطة من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
*****************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (118)
صـ 264 إلى صـ 270
وهؤلاء قد جوزوا ذلك *) (1) ، [ثم الكلابية (2) لا تنفي قيام الحوادث به لانتفاء (3) الصفات، فإنهم يقولون: بقيام أعيان الصفات القديمة به، وإنما ينفون قدم النوع لتجدد أعيانه فإنها حوادث.
وعمدتهم في نفي ذلك أن ما قبل الحوادث لم يخل منها، وهذه مقدمة باطلة عند العقلاء، وقد اعترف بذلك غير واحد من حذاقهم، كالرازي والآمدي وغيرهما، وأما أبو المعالي وأمثاله فلم يقيموا حجة عقلية على هذا المطلوب، وإنما اعتمدوا على تناقض (4) أقوال من نازعهم من الكرامية والفلاسفة وغيرهما.
وتناقض أقوال هذه الطوائف يدل على فساد قولها بمجموع الأمرين، لا يدل على صحة أحدهما بعينه، وحينئذ فإذا كان هناك قول ثالث يمكن القول به مع فساد أحدهما أو كليهما (5) لم يلزم صحة قول الكلابية وجميع الطوائف المختلفين المخالفين للكتاب والسنة، وإنما عندهم إفساد بعضهم قول الآخرين وبيان تناقضه، ليس عندهم قول صحيح يقال به.
ولهذا كانت الفائدة المستفادة من كلامهم نقض بعضهم كلام بعض فلا يعتقد شيء منها، ثم إن عرف الحق الذي جاء به الرسول فهو الصواب الموافق لصريح المعقول، وإلا استفيد من ذلك السلامة من
_________
(1) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
(2) من أول " عبارة " ثم الكلابية سقط طويل في (أ) ، (ب) ، (م) . وينتهي السقط ص 265.
(3) في الأصل (ع) : لانتفاع (بدون إعجام) ورجحت أن يكون الصواب ما أثبته.
(4) في الأصل (ع) : يناقص.
(5) في الأصل (ع) : كلاهما، وهو خطأ.
******************************
تلك الاعتقادات الباطلة، وإن لم يعرف الحق فالجهل البسيط خير من الجهل المركب، وعدم اعتقاد الأقوال الباطلة خير من اعتقاد شيء منها] (1) .
(2 وأما المعتزلة فتنفي 2) (2) قيام الحوادث به؛ لأنها أعراض فلا تقوم به، وهؤلاء يقولون: بل تقوم به الأعراض.
وعمدة المعتزلة أنه لو قامت به لكان جسما ; وهؤلاء التزموا أنه جسم. وعمدة هؤلاء في نفي كونه جسما أن الجسم لا يخلو من الحوادث. وهؤلاء قد نازعوهم في هذا وقالوا: بل يخلو (3) عن الحوادث، وقالوا: إن البارئ جسم قديم ; كما تقولون أنتم: إنه (4) ذات قديمة، وإنه فعل بعد أن لم يكن فاعلا، [وتجعلون مفعوله هو فعله] (5) . لكن هؤلاء يقولون: له (6) فعل قائم به ومنفصل عنه ; وهؤلاء يقولون: [له] (7) مفعول منفصل عنه، ولا يقوم به فعل.
وعمدة هؤلاء أنه في الأزل: إن كان ساكنا لم تجز عليه الحركة (8) ; لأن السكون معنى وجودي أزلي فلا يزول، وإن كان متحركا لزم حوادث لا تتناهى، وهؤلاء يقولون: بل كان ساكنا في الأزل، ويقولون: إن (9)
_________
(1) هنا ينتهي السقط المشار إلى أوله في الصفحة السابقة.
(2) (2 - 2) : ساقط من (أ) ، (ب) . وفي (ن) ، (م) : والمعتزلة فتنفي.
(3) بل: ساقطة من ب، أ، وفي (ن) ، (م) : بل لا يخلو، وهو خطأ.
(4) إنه: ساقطة من (ع) .
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
(6) ع، م: إنه.
(7) له: ساقطة من (ن) .
(8) ع: الحركة عليه.
(9) إن: ساقطة من (ع) ، (أ) ، (ب) .
****************************** ****
السكون عدم الحركة، (1 أو عدم الحركة عما يمكن تحريكه 1) (1) ، أو عدمها (2) عما من شأنه أن يتحرك، فلا يسلمون أن السكون أمر وجودي، كما يقولون مثل ذلك (3) في العمى والصمم والجهل البسيط.
(* والقول بأن هذه الأمور عدمية ليس هو قول من يقوله من الفلاسفة وحدهم، كما يظنه بعض المصنفين في الكلام، بل هو قول كثير من النظار المتكلمين أهل القبلة [والصلاة] (4) ، وتنازعهم في هذا كتنازعهم في نظائره، مثل بقاء الأعراض وتماثل الأجسام وغير ذلك *) (5) .
وإن قالوا: إنه وجودي، فلا يسلمون أن (6) كل أزلي يزول، بل يقولون في تبدل (7) السكون بالحركة ما يقوله مناظروهم في تبدل (8) الامتناع بالإمكان، فإن الطائفتين اتفقتا على أن الفعل كان ممتنعا في الأزل فصار ممكنا، فهكذا يقوله هؤلاء في السكون الوجودي إن (9) كان تبدله بالحركة في الأزل (10) ممتنعا وهو - فيما لا يزال - ممكن فتبدل (11) حيث أمكن التبدل (12) ، كما يقولون جميعا: إنه حدث (13) الفعل حيث كان الحدوث ممكنا.
_________
(1) (1 - 1) ساقط من (أ) ، (ب) .
(2) ع، ن، م: أو عدمه. ورجحت أن يكون الصواب ما أثبته وهو " أو عدمها " وهذه العبارة ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) ع: مثل هذا.
(4) والصلاة: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
(6) أن: ساقطة من (ع) ، (م) .
(7) ب، ا: تبديل.
(8) ب، ا: تبديل.
(9) ب، ا: أي، وهو خطأ.
(10) في الأزل: ساقط من ب، أ.
(11) ع: فتبديل، وهو خطأ.
(12) التبدل: ساقطة من ب، أ.
(13) إنه: ساقطة من ب، ا. وفى (ع) : إنه أحدث.
****************************** **
فهذا بحث هؤلاء الإمامية والكرامية مع هؤلاء الإمامية ومن وافقهم من المعتزلة [والكلابية] (1) وأتباعهم (2) في هذه الأمور التي يعتمدون فيها على العقل (3) ، وقد أجابهم طائفة من المعتزلة والشيعة (4) ومن وافقهم بأن الدليل [الدال] (5) على حدوث العالم هو هذا الدليل الدال على حدوث الأجسام، فإن لم يكن هذا صحيحا انسد طريق معرفة (6) حدوث العالم وإثبات الصانع (7) .
فقال (8) المخالف لهؤلاء: لا نسلم أن هذا هو الطريق إلى معرفة (9) حدوث العالم ولا إلى إثبات الصانع، بل هذا طريق محدث في الإسلام، لم يكن أحد من الصحابة ولا القرابة (10) ولا التابعين يسلك هذه الطريق (11) ، وإنما سلكها الجهم بن صفوان وأبو الهذيل العلاف ومن وافقهما، ولو كان العلم بإثبات الصانع وحدوث العالم (12) لا يتم إلا بهذه الطريق لكان بيانها من الدين، ولم يحصل الإيمان إلا بها.
ونحن نعلم بالاضطرار أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يذكر هذه الطريق لأمته، ولا دعاهم بها ولا إليها (13) ولا أحد من الصحابة. فالقول بأن (14) الإيمان موقوف عليها مما يعلم بطلانه بالضرورة من دين الإسلام،
_________
(1) والكلابية: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) وأتباعهم: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(3) ب، ا: الفعل، وهو تحريف.
(4) ن: من المعتزلة وأتباعهم والشيعة. . إلخ.
(5) الدال: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) ب، ا: أنسد معرفة طريق.
(7) ن: إلى إثبات الصانع.
(8) ب، ا: وقال ; ن، م: قال.
(9) معرفة: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(10) أ، م، ب: والقرابة.
(11) ب، أ: من الصحابة والقرابة ولا التابعين يسلك هذا الطريق.
(12) ب، ا: بحدوث العالم وإثبات الصانع.
(13) ع: ولا دعاهم إليها.
(14) ن، م: أن.
****************************** ******
وكل أحد يعلم أنها طريق محدثة لم يسلكها السلف، والناس متنازعون في صحتها، فكيف يقولون: إن العلم بالصانع والعلم بحدوث العالم موقوف عليها؟
وقالوا: (1) [بل هذه الطريقة تنافي العلم بإثبات الصانع، وكونه خالقا للعالم آمرا بالشرائع، مرسلا للرسل، فالذين ابتدعوها من الجهمية والمعتزلة ومن وافقهم قالوا: إنها صحيحة في العقل، وإن العلم بالنبوة وصحة دين الإسلام لا يتم إلا بها.
وقولهم: إن العلم بذلك لا يتم إلا بها، مما أنكره عليهم جماهير الأمة من الأولين والآخرين، لا سيما السلف والأئمة، وكلامهم في تبديع أهل هذا الكلام وذمه وذم أهله ونسبتهم إلى الجهل وعدم العلم من الأمور المتواترة عن السلف.
وكذلك القول بصحتها من جهة العقل هو مما أنكره جمهور أئمة الأمة (2) ، لكن سلم ذلك طوائف من الكرامية والكلابية وغيرهم، ونازعوهم في موجب هذه الطريق، ونازعوهم أيضا في توقف صحة دين الإسلام عليها، كما ذكر ذلك غير واحد ; مثل ما ذكره أبو الحسن الأشعري في " رسالته إلى أهل الثغر بباب الأبواب " (3) ، وذكره الخطابي
_________
(1) ب، ا: قالوا، وما بعدها من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) ويستمر الكلام حتى الصفحة التالية.
(2) في الأصل (ع) : أئمة الأئمة.
(3) ذكرها ابن عساكر في " تبيين كذب المفتري " ص 136 فقال: " وجواب مسائل كتب بها إلى أهل الثغر في تبيين ما سألوه عنه من مذاهب أهل الحق ". ومن الرسالة نسخة خطية في مكتبة روان كشك ومنها صورة في الجامعة العربية، وانظر فهرس المخطوطات المصورة، 1/125. وسبقت الإشارة إليها.
****************************** ************
وأبو عمر الطلمنكي الأندلسي (1) والقاضي أبو يعلى (2) وغير واحد.
وأما أئمة السنة وطوائف من أهل الكلام فبينوا أن هذه طريقة باطلة في العقل أيضا، وأنها تنافي صحة دين الإسلام، فضلا عن أن تكون شرطا في العلم به، وأين اللازم لدين الإسلام من المنافي له؟ !
وبينوا أن تقدير ذات لم تزل غير فاعلة ولا متكلمة بمشيئتها وقدرتها، ثم حدوث ما يحدث من مفعولات - مثل كلام مؤلف منظوم وأعيان وغير ذلك - بدون سبب حادث، مما يعلم بطلانه بصريح المعقول، وهو مناقض لكونه سبحانه خلق السماوات والأرض، ولكون القرآن كلام الله، وغير ذلك مما أخبر به الرسل، بل حقيقته أن الرب لم يفعل شيئا ولم يتكلم بشيء لامتناع ما ذكروه من أن يكون فعالا أو مقالا له، كما قد بسط في غير هذا الموضع، إذ المقصود هنا التنبيه على مجامع الطرق والمقالات.
قالت النفاة: فإذا كانت طرقنا في إثبات العلم بالصانع وحدوث السماوات والأرض وإثبات العلم بالنبوة طرقا باطلة] (3) فما الطريق إلى ذلك؟ (4)
قالوا: [أولا] : لا يجب (5) علينا في هذا المقام بيان ذلك، بل المقصود [ههنا] (6) أن هذه طريق محدثة مبتدعة يعلم أنها ليست هي
_________
(1) سبقت ترجمتهما 1/303، 304.
(2) سبقت ترجمته 1/142.
(3) الكلام بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
(4) ن، م: بل هذه الطريق إلى ذلك.
(5) م: قالوا: ولا يجب.
(6) ع: إذ المقصود هنا ; ن، م: بل المقصود.
****************************** **************
الطريق (1) التي جاء بها الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فيمتنع أن تكون واجبة أو يكون العلم الواجب أو الإيمان [بصدقه] (2) موقوفا عليها.
وقالوا: (3) كل من العلم بالصانع وحدوث العالم له طرق كثيرة متعددة.
[طرق إثبات وجود الله عند أهل السنة]
أما إثبات الصانع فطرقه لا تحصى، بل الذي عليه جمهور العلماء (4) أن الإقرار بالصانع فطري ضروري مغروز (5) في الجبلة، (6) ، [ولهذا كانت دعوة عامة الرسل إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وكان عامة الأمة مقرين بالصانع مع إشراكهم به بعبادة ما دونه، والذين أظهروا إنكار الصانع كفرعون خاطبتهم الرسل خطاب من يعرف أنه حق، كقول موسى لفرعون: {لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر} [سورة الإسراء: 102] ، ولما قال فرعون: {وما رب العالمين} [سورة الشعراء: 23] ، قال له موسى: {رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين قال لمن حوله ألا تستمعون قال ربكم ورب آبائكم الأولين قال إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون} [سورة الشعراء: 24 - 28] .
_________
(1) ب: فعلم أنها ليست هي الطريقة ; أ: فعلم أنها ليست في الطريقة ; م: فعلم أنها ليست هي الطريق.
(2) بصدقه: ساقطة من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
(3) ع: فقالوا.
(4) ن، م: العقلاء.
(5) ب، أ، م: معروف.
(6) بعد هذا القوس يرد كلام طويل ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) ونهايته بعد صفحتين.
****************************** *********
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (119)
صـ 271 إلى صـ 277
ولما قال فرعون: {فمن ربكما ياموسى قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى} [سورة طه: 49 - 50] ، فكان جواب موسى له جوابا للمتجاهل الذي يظهر أنه لا يعرف الحق وهو معروف عنده، فإن سؤال فرعون بقوله: {وما رب العالمين} استفهام إنكار لوجوده، ليس هو استفهام طلب لتعريف ماهيته كما ظن ذلك بعض المتأخرين، وقالوا: إن فرعون طالبه ببيان الماهية، فعدل عن ذلك لامتناع الجواب بذكرها، فإن هذا غلط منهم، فإن فرعون لم يكن مقرا بالصانع ألبتة، بل كان جاحدا له، وكان استفهامه استفهام إنكار لوجوده، ولهذا قال: {ما علمت لكم من إله غيري} [سورة القصص: 38] ، وقال: {أنا ربكم الأعلى} [سورة النازعات: 24] ، ولو كان مقرا بوجوده طالبا لمعرفة ماهيته لم يقل هذا، ولكان موسى ما أجابه إجابة لم تذكر فيها ماهيته (1) .
مع أن القول بأن الماهية هي ما يقوله المنطقيون من ذكر الذاتي المشترك والذاتي المميز، وهما الجنس والفصل، كلام باطل قد بسط الكلام عليه في غير هذا الموضع، وبين أن الماهية المغايرة للوجود الخارجي إنما هي ما يتصور في الذهن، فإن ما في الأذهان من الصور الذهنية ليس هو نفس الموجودات الخارجية.
وأما دعوى أهل المنطق اليوناني أن في الخارج ماهية ووجودا غير
_________
(1) في الأصل (ع) : لم يقل هذا و، وبعد حرف الواو إشارة إلى الهامش حيث كتب: لكان موسى، وبعد ذلك في الأصل: لما أجابه بما أجابه لم تذكر ماهيته، وتوجد في الهامش أمام هذه العبارة كلمة أخرى هي " لقال ". وأرجو أن يكون ما أثبته موفيا بالمعنى الذي قصده ابن تيمية.
****************************** *****
الماهية، وأن الصفات اللازمة تنقسم إلى لازمة مقومة داخلة في الماهية، ومفارقة عرضية لها غير مقومة، وإلى لازمة لوجودها الخارجي دون ماهيتها الخارجية، فكلام باطل من وجوه متعددة، كما قد بسط هذا في موضعه، وبين أن الصفات تنقسم إلى لازمة للموصوف وعارضة له فقط، كما عليه نظار المسلمين من جميع الطوائف، وبين كلام نظار المسلمين في الحد والبرهان، وأن كلامهم في صريح المعقول أصح من كلام المتفلسفة اليونان ومن اتبعهم من المنتسبين إلى الملل] (1) .
وأيضا فنفس حدوث الإنسان يعلم (2) به (3) صانعه، وكذلك حدوث كل ما يشاهد (4) حدوثه، وهذه الطريقة مذكورة في القرآن (5) .
وأيضا، فالوجود يستلزم إثبات موجد قديم واجب بنفسه (6) ، ونحن نعلم أن من الموجودات ما هو حادث، فقد علم بالضرورة انقسام الموجود (7) إلى قديم واجب بنفسه وإلى محدث.
[طرق إثبات حدوث العالم]
وأما حدوث العالم فيمكن علمه (8) بالسمع وبالعقل، فإنه يمكن العلم بالصانع إما بالضرورة والفطرة، وإما بمشاهدة حدوث المحدثات (9) ،
_________
(1) هنا ينتهي السقط الموجود في (ب) ، (ن) ، (أ) ، (م) وقد بدأ في ص 270.
(2) م: حكم.
(3) ع: أنه ; ن، م: فيه.
(4) ب، ا: شاهد.
(5) ب، ا: وهذه الطريقة المذكورة في القرآن ; ن، م: وهذه هي الطريقة مذكورة.
(6) ب، أ: موجود واجب قديم بنفسه ; ن، م: موجود قدم واجب بنفسه.
(7) ب، أ: الوجود.
(8) أ: فيمكن عليه بالسمع. . ; ب: فيمكن أن يستدل عليه.
(9) ن، م: الحوادث.
****************************** ********
وإما بغير ذلك، ثم يعلم صدق الرسول بالطرق الدالة على ذلك وهي كثيرة، ودلالة المعجزات طريق من الطرق، وطريق التصديق لا تنحصر في المعجزات، ثم يعلم بخبر الرسول حدوث العالم.
وأما بالعقل فيعلم (1) أن العالم لو كان قديما لكان: إما واجبا بنفسه، وهذا باطل كما تقدم التنبيه عليه (2) من أن كل جزء من أجزاء العالم مفتقر إلى غيره، والمفتقر إلى غيره لا يكون واجبا بنفسه ; وإما واجبا بغيره فيكون المقتضي له موجبا بذاته بمعنى (3) أنه مستلزم لمقتضاه، سواء كان شاعرا مريدا أم (4) لم يكن، فإن القديم الأزلي إذا قدر أنه معلول مفعول (5) ، فلا بد من أن تكون علة (6) تامة مقتضية له في الأزل، وهذا هو الموجب بذاته، ولو كان مبدعه موجبا بذاته (7) علة تامة لم يتأخر عنه شيء من معلوله (8) ومقتضاه، والحوادث مشهودة في العالم، فعلم أن فاعله ليس علة تامة، [وإذا لم يكن علة تامة] (9) لم يكن قديما.
وهذه (10) الحوادث التي في العالم إن قيل: إنها من لوازمه امتنع أن
_________
(1) ن: فيعلمون.
(2) ن: البينة عليه ; ع: تقدم التنبيه من أن. . . إلخ.
(3) ن، م: يعنى.
(4) ن، ع، م: أو.
(5) ب، أ: مفصول.
(6) ب، أ: فلا بد أن تكون علته ; ن، م: فلا بد أن يكون علة.
(7) ن: ولو كان مبدعه بذاته ; ع: ولو كان موجبه مبدعه موجبا بذاته علة. . إلخ.
(8) ن، م: معلومة.
(9) وإذا لم يكن علة تامة: ساقط من (ن) فقط.
(10) ع: وهي.
****************************** ****
تكون العلة الأزلية التامة علة للملزوم (1) دون لازمه، وامتنع أيضا أن يكون علة للازمه ; لأن العلة التامة الأزلية لا تقتضي حدوث شيء، وإن (2) لم تكن الحوادث من لوازمه كانت حادثة بعد أن لم تكن، فإن (3) لم يكن لها محدث لزم حدوث الحوادث (4) بلا محدث، وهذا مما يعلم بطلانه بالضرورة، وإن كان لها محدث غير الواجب بنفسه، كان القول في حدوث إحداثه إياها كالقول في ذلك المحدث، وإن (5) كان الواجب بنفسه هو المحدث فقد حدثت عنه الحوادث بعد أن لم تكن حادثة، وحينئذ فيكون قد تغير (6) وصار محلا للحوادث بعد أن لم يكن، والعلة التامة الأزلية لا يجوز عليها التغير والانتقال من حال إلى حال، وذلك لأن تغيرها لا بد أن يكون بسبب حادث، والعلة التامة [الأزلية] (7) لا يجوز أن يحدث فيها حادث، فإنه إن حدث (8) بها مع أنه لم يتجدد شيء لزم الحدوث بلا سبب (9) ، وإن لم يحدث بها لزم حدوث الحوادث بلا فاعل، فبطل أن تكون علة تامة أزلية، وإن جوز مجوز (10) عليها الانتقال من حال إلى حال، جاز أن يحدث العالم بعد أن لم يكن، فبطل (11) حجة من يقول بقدم العالم.
_________
(1) ن: العلة الأزلية علة تامة للملزوم ; م: العلة الأزلية تامة للملزوم.
(2) ن، م: فإن.
(3) ن، م: وإن.
(4) ب، أ، ن، م،: الحادث
(5) ن، م: فإن.
(6) ع: فقد يكون قد تغير.
(7) الأزلية: ساقطة من (ن) .
(8) ب، أ: أحدث.
(9) ن: مع أنه لم يتجدد شيء من الوجود بلا سبب ; م: مع العلم أنه لم يتجدد شيء من الحدوث بلا سبب.
(10) م: فيجوز، وهو تحريف.
(11) م: فتبطل.
****************************** ********
وأيضا، فإنه على هذا التقدير (1) لا يكون المنتقل (2) من حال إلى حال إلا فاعلا بالاختيار لا موجبا بالذات. وإيضاح هذا (3) أن الحوادث إما أن يجوز دوامها لا إلى أول، وإما أن يجب أن يكون لها أول، فإن وجب أن يكون لها أول بطل مذهب القائلين بقدم العالم القائلين بأن حركات (4) الأفلاك أزلية.
وأيضا، فإذا وجب أن يكون لها أول لزم حدوث العالم لأنه متضمن للحوادث (5) ، فإنه إما أن يكون مستلزما للحوادث أو (6) تكون عارضة له، فإن كان مستلزما لها ثبت أنه لا يخلو عنها، فإذا (7) كان لها ابتداء كان له (8) (* ابتداء لازما لا يخلو عن الحوادث لا يسبقها ولا يتقدم عليها، فإذا قدر (9) أن الحوادث كلها كائنة بعد أن لم يكن حادث أصلا، كان المقرون بها الذي لم يتقدمها كائنا (10) بعد أن لم يكن قطعا *) (11) ، وإن كانت الحوادث (12) عارضة للعالم (13) ثبت حدوث الحوادث بلا سبب، (* وإذا جاز حدوث الحوادث [كلها] (14) بلا سبب [حادث] (15) ، جاز حدوث العالم بلا سبب حادث *) (16) (17) ، (* فبطلت كل حجة توجب قدمه، وكان القائل بقدمه قائلا بلا حجة أصلا *) (18) .
_________
(1) ن، م: فإنه على هذا القول.
(2) ع: المتحول.
(3) ن، م: وإيضاح هذا القول.
(4) ب، أ: حركة.
(5) ن، م: يتضمن الحوادث.
(6) ع: وإما أن.
(7) ن: وإذا.
(8) ن: لها.
(9) ن، م: قلت.
(10) ع: كائن، وهو خطأ.
(11) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
(12) الحوادث: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(13) ب، أ: عارضة له.
(14) كلها: ساقطة من (ب) ، (أ) ، (ن) .
(15) حادث: ساقطة من (ن) ، (ع) .
(16) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
(17) حادث: ساقطة من (ع) فقط.
(18) الكلام بين النجمتين ساقط من (ب) ، (أ) .
****************************** *************
وإذا قيل: يجوز أن يكون العالم قديما عن علته (1) بلا حادث فيه، ثم حدثت فيه الحوادث كان هذا باطلا ; لأنه إذا جاز أن يحدثها (2) بعد أن لم يكن محدثا (3) لم يكن موجبا (4) بل فاعلا باختياره ومشيئته، (5 والفاعل باختياره ومشيئته 5) (5) لا يقارنه مفعوله، كما قد بسط في موضعه.
ولأنه على هذا يجب أن يقارنه القديم من مفعولاته، ويجب أن (6) يبقى معطلا عن الفعل إلى أن يحدث الحوادث، فإيجاب تعطيله (7) وإيجاب فعله جمع بين الضدين (8) ، وتخصيص (9) بلا مخصص (10) ، فإنه (11) بذاته إما أن يجب أن يكون فاعلا في الأزل. (12 وإما أن يمتنع كونه فاعلا في الأزل، وإما أن يجوز الأمران.
فإن وجب كونه فاعلا في الأزل، جاز حدوث الحوادث في الأزل، ووجب أن لا يكون لها ابتداء، والتقدير أن لها ابتداء 12) (12) ، وإن امتنع كونه [فاعلا] (13) في الأزل امتنع أن يكون شيء قديم (14) في الأزل غيره، فلا يجوز قدم العالم خاليا عن الحوادث ولا مع الحوادث.
_________
(1) ب، أ: علة.
(2) ب (فقط) : يحدث.
(3) عبارة: " لم يكن محدثا ": ساقطة من (ب) ، (أ) .
(4) ن: واجبا.
(5) (5 - 5) : ساقط من (ب) ، (أ) .
(6) ن، م: بأن.
(7) أ: فعطله، وهو تحريف ; ب: تعطله.
(8) ع: المتناقضين ; ن، م: المتنافين.
(9) ن: وتخصص.
(10) مخصص: ساقطة من (م) .
(11) ب، أ: لأنه.
(12) (12 - 12) : ساقط من (ب) فقط
(13) فاعلا: ساقطة من (ن) فقط.
(14) ب، أ: قديما، وهو بخلاف المعنى.
****************************** *
وإن جاز أن يكون فاعلا في الأزل (1 وجاز أن لا يكون لم يمتنع أن يكون فاعلا في الأزل 1) (1) ، فجاز (2) حدوث الحوادث في الأزل. (3) [وإن قيل: بل يكون فاعلا لغير الحوادث ثم يحدث الحوادث فيما لا يزال ; كما يقوله من يقول (4) بقدم العقول والنفوس، وأن الأجسام حدثت عن بعض ما حدث للنفس من التصورات والإرادات (5) ، وكما يقوله من يقول بقدم القدماء الخمسة (6) ، كان هذا من أفسد الأقوال ; لأنه يستلزم حدوث الحوادث بلا سبب حادث أوجب حدوثها إذ لم يكن هناك ما يقتضي تجدد إحداث الحوادث، مع أن قول القائل بقدم النفس يقتضي دوام حدوث الحوادث، فإن ما يحدث من تصورات النفس وإراداتها حوادث دائمة عندهم، وإذا كان القول بحدوث الحوادث بلا سبب حادث (7) ، لم يكن هناك سبب يدل على قدم شيء من العالم، والذين قالوا بدوام معلول معين عنه التزموا دوام الفاعلية فرارا من هذا المحذور، فإذا كان هذا لازما لهم على التقديرين، لم يكن لهم حاجة إلى ذلك الممتنع عند جماهير العقلاء.
_________
(1) : (1 - 1) ساقط من (ب) ، (أ) .
(2) ب (فقط) : جاز.
(3) الكلام التالي بعد القوس المعقوف ساقط بأكمله من (ن) ، (م) . وساقط من (ب) ، (أ) ما عدا جملة واحدة منه هي: " ففي الجملة جواز كونه فاعلا يستلزم حدوث الحوادث في الأزل ".
(4) في الأصل (ع) : يقوله من يقوله.
(5) وهم الفلاسفة المشاءون مثل الفارابي وابن سينا. وانظر هذا الكتاب 1/224 - 235.
(6) وهم الصائبة الحرانيون وديموقريطس وأبو بكر الرازي. وانظر هذا الكتاب 1/209 - 211.
(7) في الأصل (ع) توجد فوق كلمة " سبب " إشارة إلى الهامش حيث يوجد حرف من كلمة لم تظهر في المصورة، وظاهر من سياق الكلام أن هذه هي الكلمة " حادث ".
****************************** *****************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (120)
صـ 278 إلى صـ 284
ففي الجملة جواز كونه فاعلا في الأزل، يستلزم جواز حدوث الحوادث في الأزل، ولهذا لم يعرف من قال بكونه فاعلا في الأزل مع امتناع دوام الحوادث، فإن القائلين بحدوث الأجسام عن تصور من تصورات النفس يقولون بدوام الحوادث في النفس، والقائلين بالقدماء الخمسة لا يقولون: إنه فاعل لها في الأزل، بل يقولون: إنها واجبة بنفسها، هذا هو المحكي عنهم، وقد يقولون: إنها معلولة له لا مفعولة له] (1) .
فإذا قدر أنه فاعل للعالم في الأزل، وقدر امتناع الحدوث في الأزل، جمع بين [وجوب] (2) كونه فاعلا، وامتناع كونه فاعلا.
وإذا قيل (3) : يفعل ما هو قديم ولا يفعل ما هو حادث.
قيل: فعلى هذا التقدير يجوز تغيير القديم ; لأن التقدير أن المعلول القديم (4) حدثت فيه الحوادث بعد أن لم تكن بلا سبب [حادث] (5) ، والمعلول القديم (6) لا يجوز تغييره فإنه يقتضي (7 تغيير علته التامة الأزلية الموجبة له. ثم على هذا التقدير المتضمن إثبات قديم معلول لله أو 7) (7) إثبات قدماء معلولة (8) عن الله مع حدوث الحوادث (9 الدائمة في ذلك القديم، أو مع تجدد حدوث الحوادث 9) (9) فيها هو (10) قول بحدوث [هذا] (11)
_________
(1) هنا ينتهي السقط المشار إليه آنفا في ص 277.
(2) وجوب: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) ع: ثم إذا قيل.
(4) ب، أ: أن يكون القديم.
(5) بلا سبب حادث: ساقط من (ب) ، (أ) . وفي (ن) ، (م) : بلا سبب.
(6) ب، أ: بالقديم.
(7) : (7 - 7) ساقط من (ب) ، (أ) .
(8) ن، م: معلومة.
(9) (9 - 9) : ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) .
(10) ب، أ: وهو ; ن، م: وهذا.
(11) هذا: ساقطة من (ن) ، (م) .
****************************** ********
العالم، كما يذكر ذلك عن ديمقراطيس (1) ومحمد بن زكريا الرازي وغيرهما - وهذا مبسوط في موضعه (2) -[وكما هو قول من يقول بحدوث الأجسام كلها، والرازي قد يجعل القولين قولا واحدا، كما أشار إلى ذلك في " محصله " (3) وغير محصله. وذلك أن المعروف عن الحرنانيين (4) هو القول بالقدماء الخمسة، ثم بنوا عليه تصور النفس و (قد حدث لها عشق) تعلقت بسببه بالهيولي ليكون للأجسام سبب اقتضى حدوثها (5) (6) ، لكنه (7) مع هذا باطل، فإن (8) حدوث الحوادث بلا سبب إن كان ممتنعا بطل هذا القول ; لأنه يتضمن حدوث الحوادث بلا سبب، (9 وإذا كانت أحوال الفاعل واحدة، وهو لا يقوم به شيء من الأمور الاختيارية امتنع أن يختص بعض الأحوال بسبب يقتضي حدوث الأجسام 9) (9) ، وإن
_________
(1) ب (فقط) : ذيمقراطيس.
(2) عبارة " وهذا مبسوط في موضعه ": ساقطة من (ع) فقط. . والكلام الذي يلي القوس المعقوف ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
(3) وهو كتاب " محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين " لفخر الدين الرازي وسبقت ترجمته، والكلام على " محصله ".
(4) في الأصل (ع) : الجزنانين، وهو تحريف ; وانظر الملل والنحل 2/58 - 61.
(5) العبارة الأخيرة: " ثم بنوا عليه. . اقتضى حدوثها " فيها نقص رأيت أن تمامه جملة (وقد حدث لها عشق) المكتوبة بين القوسين. وسبق لابن تيمية التعرض لهذا الموضوع ومناقشته في الموضوع الذي أشرت إليه من قبل وهو في هذا الكتاب 1/210 - 211.
(6) هنا ينتهي الكلام الساقط من (ب) ، (أ) كما أشرت إلى ذلك من قبل ويستمر السقط في (ن) ، (م) سطورا أخر، وسنشير إلى نهايته فيما بعد.
(7) ب، أ: ولكنه
(8) ع: لأن.
(9) : (9 - 9) ساقط من (ب) ، (أ) .
****************************** ***********
كان ممكنا أمكن حدوث كل ما سوى الله بعد أن لم يكن، وكانت هذه القدماء مما يجوز حدوثه.
وأيضا، فعلى هذا القول يكون موجبا بذاته (1) لمعلولاته (2) ع: لم يصر، وهو خطأ. فاعلا بالاختيار لغيرها، والقول بأحد القولين يناقض الآخر] (3) . .
وإن قيل: إن الحوادث يجوز دوامها، امتنع أن تكون علة أزلية لشيء منها، والعالم لا يخلو منها على هذا التقدير ع (فقط) : والعالم على التقديرين، وفي العبارة نقص وتحريف. بل هو مستلزم لها، فيمتنع أن يكون علة [تامة] تامة: (4) . لها في الأزل، ويمتنع أن يكون علة للملزوم دون لازمه.
(7 وأيضا، فإن كل ما سوى الواجب يمكن وجوده وعدمه، وكل ما كان كذلك فإنه لا يكون إلا موجودا بعد عدمه 7) (5) . (6) (7) . [وأيضا، فإن القول بأن المفعول المعين يقارن فاعله أزلا وأبدا مما يعلم بطلانه بضرورة العقل، ولهذا كان هذا مما اتفق عليه جماهير العقلاء من الأولين والآخرين، حتى أرسطو وأصحابه القدماء ومن اتبعه من المتأخرين، فإنهم متفقون على أن كل ما أمكن وجوده وعدمه لا يكون
_________
(1) ب، ا: وأيضا فيكون موجبا بذاته على هذا القول.
(2) ب: لمعلولات ; أ: لمعلومات.، 8 ثم يصير
(3) هنا ينتهي سقط (ن) ، (م) وهو الذي بدأ بعد عبارة " وهذا مبسوط في موضعه
(4) ساقط من (ع) ، (ن) ، (م)
(5) (7 - 7) ساقط من (ن) ، (م)
(6) .
(7) الكلام بعد القوس المعقوف ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) ويوجد في (ع) ، وينتهي ص [0 - 9] 85
****************************** *******
إلا محدثا مسبوقا بالعدم. وإنما أثبت ممكنا قديما ابن سينا ومن وافقه، وقد أنكر ذلك عليه إخوانه الفلاسفة وبينوا أنه خالف في ذلك قول سلفه، كما ذكر ذلك ابن رشد وغيره، وكذلك عامة العقلاء من جميع الطوائف متفقون على أن كل ما يقال: إنه مفعول أو مبدع أو مصنوع لا يكون إلا محدثا.
ولهذا كان جماهير العقلاء إذا تصوروا أنه خلق السماوات والأرض تصوروا أنه أحدثها، لا يتصور في عقولهم أن تكون مخلوقة قديمة، وإن عبر عن ذلك بعبارات أخر مثل أن يقال: هي مبدعة قديمة أو مفعولة قديمة ونحو ذلك، بل هذا وهذا جمع بين الضدين عند عامة العقلاء، وما يذكره من يثبت مقارنة المفعول لفاعله من قولهم: حركت يدي فتحرك الخاتم ونحوه، تمثيل غير مطابق ; لأنه ليس في شيء مما يذكرونه علة فاعلة تقدمت على المعلول المفعول، وإنما الذي تقدم في اللفظ شرط أو سبب كالشرط، ومثل ذلك يجوز أن يقارن المشروط، هذا إذا سلم مقارنة الثاني للأول، وإلا ففي كثير مما يذكرونه يكون متأخرا عنه مع اتصاله به، كأجزاء الزمان بعضها مع بعض، هو متصل بعضها ببعض مع التأخر.
وأما ما ذكره الرازي في " محصله " وغير محصله ; حيث قال (1) .: " اتفق المتكلمون على أن القديم يمتنع استناده (2) . إلى الفاعل، واتفقت
_________
(1) الكلام التالي يذكره الرازي في كتابه " محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين "، ص [0 - 9] 5، وسنقابل النصوص التالية عليه
(2) في " المحصل ": يستحيل إسناده
****************************** **********
الفلاسفة على أنه غير ممتنع زمانا، فإن العالم قديم عندهم زمانا مع أنه فعل الله تعالى ".
فيقال: أما نقله عن المتكلمين فصحيح، وهو قول جماهير العقلاء من جميع الطوائف، وأما نقله عن الفلاسفة، فهو قول طائفة منهم كابن سينا، وليس هو قول جمهورهم: لا القائلين بقدم العالم كأرسطو وأتباعه، ولا القائلين بحدوث صورته، وهم جمهور الفلاسفة، فإن القائلين بقدمه لم يكونوا يثبتون له فاعلا مبدعا كما يقوله ابن سينا، بل منهم من لا يثبت له علة فاعلة. وأرسطو يثبت له علة غائية يتشبه بها الفلك، لم يثبت علة فاعلة، كما يقوله ابن سينا وأمثاله، وأما من قبل أرسطو فكانوا يقولون بحدوث السماوات، كما يقوله أهل الملل.
ثم قال الرازي: " وعندي أن الخلاف في هذا المقام لفظي؛ لأن المتكلمين يمتنعون من إسناد القديم (1) . إلى المؤثر الموجب بالذات، وكذلك زعم مثبتو الحال (2) . بناء على أن عالمية الله وعلمه (3) . قديمان (4) .، مع أن العالمية والقادرية معللة بالعلم والقدرة المحصل: مع أن العالمية معللة بالعلم. . وزعم أبو هاشم أن العالمية والقادرية والحيية والموجودية (5) معللة بحال (6) . خامسة مع أن الكل
_________
(1) المحصل (ص [0 - 9] 5) : لم يمنعوا إسناد القديم
(2) المحصل: ولذلك زعموا مثبتو الحال. والقائلون بالأحوال هم أبو هاشم الجبائي وأتباعه وسبقت ترجمته 1/270 - 271، والكلام على مذهبه في الأحوال 2/124 - 125
(3) المحصل: منا أن عالمية الله تعالى وعلمه
(4) في الأصل: قديما، وهو خطأ، وصوابه من " المحصل "
(5) في الأصل: الحسية والوجودية، والصواب من " المحصل "
(6) المحصل: بحالة
****************************** **********
قديم. وزعم أبو الحسين (1) . أن العالمية حال (2) . معللة بالذات، وهؤلاء وإن كانوا يمتنعون عن إطلاق لفظ القديم على هذه الأحوال، ولكنهم يغطون المعنى (3) . في الحقيقة ".
فيقال: ليس في المتكلمين من يقول بأن المفعول قد يكون قديما: سواء كان الفاعل يفعل بمشيئته، أو قدر أنه يفعل بذاته بلا مشيئة، والصفات اللازمة للموصوف: فإن قيل: إنها قديمة فليست مفعولة عند أحد من العقلاء، بل هي لازمة للذات بخلاف المفعولات الممكنة المباينة للفاعل، فإن هذا هو المفعول الذي أنكر جمهور العقلاء على من قال بقدمه، والمتكلمون وسائر جمهور العقلاء متفقون على أن المفعول لا يكون قديما، وإن قدر أنه فاعل بالطبع كما تفعل الأجسام الطبيعية، فما ذكره عن المتكلمين فليس بلازم لهم.
ثم قال (4) .: " وأما الفلاسفة فإنهم إنما جوزوا إسناد العالم القديم إلى البارئ لكونه عندهم (5) . موجبا بالذات، حتى لو اعتقدو فيه كونه فاعلا بالاختيار لما جوزوا كونه موجبا (6) . للعالم القديم ".
_________
(1) وهو أبو الحسين البصري، وسبقت ترجمته 1/395، 2/125 والإشارة إلى موقفه من الأحوال 2/125 (ت [0 - 9] ) . وفي نهاية الإقدام للشهرستاني (ص [0 - 9] 21) ما يلي: " وقد مال أبو الحسين البصري إلى مذهب هشام بعض الميل، حتى قضى بتجدد أحوال البارئ تعالى عند تجدد الكائنات مع أنه من نفاة الأحوال، غير أنه جعل وجوه التعليقات أحوالا إضافية للذات العالمية "
(2) المحصل: حالة
(3) المحصل: لكنهم يعطون المعنى
(4) في " المحصل " ص [0 - 9] 5 - 56
(5) المحصل: إسناد العالم إلى البارئ تعالى لكنه عندهم. . إلخ
(6) المحصل: موجدا
****************************** ********
قال (1) .: " فظهر من هذا اتفاق الكل على جواز إسناد القديم إلى الموجب القديم وامتناع إسناده إلى المختار ".
فيقال: بل الفلاسفة في كونه يفعل بمشيئته على قولين معروفين لهم. وأبو البركات وغيره يقولون بأنه فاعل بمشيئته مع قولهم بقدم العالم، فتبين أن ما ذكره عن المتكلمين باطل، وما ذكره عن الفلاسفة باطل.
أما الفلاسفة فعلى قولين، وأما المتكلمون فمتفقون على بطلان ما حكاه عنهم أو ألزمهم به، بل هم وجمهور العقلاء يقولون: يعلم بالضرورة أن كل مفعول فهو محدث، ثم كونه مفعولا بالمشيئة أو بالطبع مقام ثان (2) . .
وليس العلم بكون المفعول محدثا مبنيا على كون الفاعل مريدا، فإن الفعل عندهم لا يكون ابتداؤه إلا من قادر مريد، لكن هذه قضية قائمة بنفسها، وهذه قضية قائمة بنفسها، وكل منهما دليل على حدوث كل ما سوى الله، وهما أيضا قضيتان متلازمتان.
وهذه الأمور لبسطها موضع آخر، ولكن المقصود هنا أن المبطلين لأصول الجهمية والمعتزلة من أهل السنة والشيعة وغيرهم يقولون بهذه
_________
(1) في " المحصل " ص [0 - 9] 6
(2) في الأصل: بان، والصواب ما أثبته. ويوجد أمام الكلام السابق على هامش الصفحة التعليق التالي: " لقولنا فاعل مختار وفاعل بالمشيئة معنيان: أحدهما: ما يصح منه الفعل والترك، والثاني: ما لا يصح منه الترك. فجمهور المتكلمين تقول بالمعنى الأول وجمهور الحكماء تقول بالمعنى الثاني، وهو المعنى الذي لا ينافي كونه موجبا بالذات، فالفلاسفة عن آخرهم إنما يقولون بالمشيئة بالمعنى الثاني لا بالمشيئة بالمعنى الأول. وكذا صاحب " المعتبر " أبو البركات البغدادي إنما حكى عن الفلاسفة المشيئة بهذا المعنى "
****************************** *****
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (121)
صـ 285 إلى صـ 291
الطرق] (1) .، فهذه الطرق (2) . وغيرها مما يبين (3) . به حدوث كل (4) ما سوى الله [تعالى] (5) .، سواء قيل بأن كل حادث مسبوق بحادث أو لم يقل.
وأيضا (6) .، فما يقوله قدماء الشيعة والكرامية ونحوهم، لهؤلاء (7) . أن يقولوا: نحن علمنا أن العالم مخلوق بما فيه من آثار الحاجة، كما قد تبين (8) . قبل هذا أن كل جزء من العالم محتاج، فلا يكون (9 واجبا بنفسه، فيكون 9) (9) . مفتقرا إلى الصانع، فثبت (10) . الصانع بهذا الطريق.
ثم يقولوا (11) .: ويمتنع وجود حوادث لا أول لها، فثبت حدوثه بهذا الطريق.
ولهذا كان محمد بن الهيصم (12) . ومن وافقه كالقاضي أبي خازم بن
_________
(1) هنا ينتهي السقط الكبير في (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) وبدأ ص 276
(2) ن: بهذه الطريق ; م: فهذه الطريق
(3) ن: يتبين
(4) كل: ساقطة من (ب) فقط
(5) تعالى: ساقطة من (ن) ، (م)
(6) ب، أ: أيضا
(7) ن، م: لا يجوز لهؤلاء
(8) ب، أ: بين
(9) (9 - 9) ساقط من (م)
(10) ن، م: قلت، وهو تحريف
(11) ن، م، ع، أ: ثم يقول، ورجحت أن يكون الصواب ما جاء في (ب) ، ويكون الكلام هنا معطوفا على عبارة: لهؤلاء أن يقولوا. . إلخ
(12) محمد بن الهيصم من رءوس الكرامية إلا أنه، كما قال الشهرستاني (الملل والنحل 1/38) : " مقارب ". وقال عنه أيضا (1/102) : " وقد اجتهد ابن الهيصم في إرمام مقالة أبي عبد الله (ابن كرام) في كل مسألة حتى ردها من المحال الفاحش إلى نوع يفهم فيما بين العقلاء ". ونفى عنه ابن أبي الحديد (شرح نهج البلاغة 3/229 - 230) ما ينسب إليه من تجسيم وفوقية. ولم أجد للرجل ترجمة في كتب الرجال التي بين أيدينا. وانظر عن مذهبه وآرائه ما ورد في: الملل والنحل 1/99، 101 - 103 ; نهاية الإقدام، ص [0 - 9] 05، 112، 114. وانظر: لسان الميزان 5/354 ; التجسيم عند المسلمين للدكتورة سهير محمد مختار، ص 87 - 93 ط. القاهرة، 1971
********************
القاضي أبي يعلى (1) . [في كتابه المسمى " بالتلخيص "] (2) . لا يسلكون في إثبات الصانع الطريق التي يسلكها [أولئك " المعتزلة (3) . ومن وافقهم [حيث يثبتون أولا حدوث العالم بحدوث الأجسام، ويجعلون ذلك هو الطريق إلى إثبات الصانع] (4) .، بل يبتدئون (5) . بإثبات الصانع ثم يثبتون حدوث العالم بتناهي الحوادث ولا يحتاجون أن يقولوا: كل جسم [محدث] (6) . .
وبالجملة فالتقديرات أربعة، فإن الحوادث: إما أن يجوز دوامها، [وإما أن يمتنع دوامها ويجب أن يكون لها ابتداء] (7) ، وعلى التقديرين:
_________
(1) ب، أ: كالقاضي أبي حازم والقاضي أبي يعلى ; ن، م: كالقاضي أبي يعلى ; ع: كالقاضي أبي حازم بن القاضي أبي يعلى. ورجحت أن يكون الصواب ما أثبته، وسبقت ترجمة أبي حازم 1/143 (ت [0 - 9] ) . وانظر في ترجمته أيضا: شذرات الذهب 4/82 ; الوافي بالوفيات 1/160 ; الأعلام للزركلي 7/249
(2) عبارة " في كتابه المسمى بالتلخيص " ساقطة من (ن) ، (م) : ولم يذكر هذا الكتاب في ترجمة أبي حازم في المراجع السابق ذكرها
(3) ن: يسلكها المعتزلة ; ب، أ، م: سلكها المعتزلة
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) وفي (ع) كتب في الهامش ما يلي: " قوله: حيث يثبتون أولا. . إلخ مرتبط بقوله: يسلكها أولئك المعتزلة "
(5) ب: يبدءون
(6) كلمة " محدث ": ساقطة من (ن) (م)
(7) ما بين المعقوفتين عن (ع) ، وبدلا منه في (ب) ، (أ) : وإما أن يجب ابتداؤها، وفي (ن) ، (م) : وإما أن يجب إبداؤها.
*************************
فإما أن يكون كل جسم محدثا (1) . وإما أن [لا] يكون، [وقد قال] بكل قول طائفة من أهل القبلة وغيرهم (2) . .
وكل هؤلاء يقولون بحدوث الأفلاك وأن الله أحدثها بعد عدمها، ليس فيهم من يقول بقدمها، فإن ذلك قول الدهرية، سواء قالوا: [مع ذلك بإثبات عالم معقول كالعلة الأولى، كما يقوله الإلهيون منهم، أو لم يقولوا بذلك، كما يقوله الطبيعيون منهم ; وسواء قالوا: إن تلك العلة الأولى هي علة غائية، بمعنى أن الفلك يتحرك للتشبه بها، كما هو قول أرسطو وأتباعه، أو قالوا: إنها علة مبدعة للعالم، كما يقوله ابن سينا وأمثاله ; أو قيل بالقدماء الخمسة كما يقوله الحرنانيون (3) . ونحوهم، أو قيل بعدم صانع لها] (4) .: سواء قيل بوجوب [ثبوت] وجودها (5) . أو حدوثها لا بنفسها، أو وجوب وجود المادة وحدوث الصورة بلا محدث، كما يذكر عن الدهرية المحضة منهم.
مع أن كثيرا من الناس يقولون (6) .: إن هذه الأقوال من جنس أقوال (7) السوفسطائية التي لا تعرف عن قوم معينين، وإنما هي شيء يخطر لبعض الناس في بعض الأحوال (8) .
_________
(1) ع: محدث، وهو خطأ
(2) ن، م: وإما أن يكون كل قوم طائفة من أهل القبلة وغيرهم، وهو تحريف
(3) في الأصل: الجزنانيون
(4) الكلام بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) وتوجد بدلا منه في النسخ الأربع هذه العبارات. . . سواء (ن، م: وإذا) قالوا: " بوجوبها (م: بحدوثها) عن علة تامة كقول الإلهيين (ن: الإلهية منهم) أو قالوا بعدم (ن، م: بقدم) صانعها "
(5) ن، م: بوجوب وجودها، ع: بموجب وجودها
(6) ن، م: يقول
(7) م: قول.
(8) ب، أ: وإنما هو. . . بعض الأقوال ; ن، م: وإنما هو. . . الأحوال.
********************
وإذا كان كذلك، فقد تبين أنه ليس لهذا الإمامي، وأمثاله من متأخري الإمامية والمعتزلة وموافقيهم حجة (1) . عقلية على بطلان قول إخوانهم من متقدمي الإمامية وموافقيهم (2 الذين نازعوهم في مسائل الصفات والقرآن وما يتبع 2) (2) . ذلك فكيف يكون حالهم (3) مع أهل السنة الذين هم أصح عقلا ونقلا؟ ! (4) . .
[الرد على قوله عن الإمامية إنهم يقولون إن الله قادر على جميع المقدورات]
(فصل)
وأما قوله عن الإمامية: إنهم يقولون (5) .
فهذا ملبس (6) . لا فائدة فيه. (7) . [فإن قول القائل: إنه قادر على جميع المقدورات يراد به شيئان: أحدهما: أنه قادر على كل ممكن، فإن كل ممكن هو مقدور، بمعنى أنه يقدر القادر على فعله.
_________
(1) م: ومن وافقهم بحجة
(2) (2 - 2) : ساقط من (أ) ، (ب)
(3) ب، أ، ن، م: فكيف حاله.
(4) هنا ينتهي تعليق ابن تيمية على جزء من القسم الأول من كلام ابن لمطهر في الوجه الأول من الفصل الثاني في كتاب " منهاج الكرامة ". وقد ذكر ابن تيمية نص كلامه فيما سبق (ص [0 - 9] 7 - 99) ثم علق عليه قسما قسما في الصفحات (102 - 121، 121 - 132، 132 - 134، 134 - 144، 144 - 145، 145 - 288)
(5) وردت العبارة التالية في منهاج الكرامة 1/82 (م) ، وسبق ورودها في هذا الجزء، ونصها في هذين الموضعين: " وأنه تعالى قادر على جميع المقدورات ".: " إنه قادر على جميع المقدرات "
(6) م: مسلن (بدون نقط)
(7) الكلام بعد هذا القول ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) ويستمر حتى ص 292
*********************
والثاني: أن يراد به أنه قادر على كل ما هو مقدور له، لا يقدر على ما ليس بمقدور له.
والمعنى الأول هو مراد أهل السنة المثبتين للقدر إذا قالوا: هو قادر على كل مقدور، فإنهم يقولون: إن الله قادر على كل ما يمكن أن يكون مقدورا لأي قادر كان، فما من أمر ممكن في نفسه إلا والله قادر عليه، لا يتصور عندهم أن يقدر العباد على ما لم يقدر الله عليه، وهذا معنى قوله تعالى: {إنه على كل شيء قدير} [سورة فصلت: 39] .
فأما الممتنع لنفسه فإنه ليس بشيء عند عامة العقلاء. وإنما تنازعوا في المعدوم الممكن: هل هو شيء أم لا؟
فأما الممتنع، فلم يقل أحد: إنه شيء ثابت في الخارج، فإن الممتنع هو ما لا يمكن وجوده في الخارج، مثل كون الشيء موجودا معدوما، فإن هذا ممتنع لذاته لا يعقل ثبوته في الخارج، وكذلك كون الشيء أسود كله أبيض كله، وكون الجسم الواحد بعينه في الوقت الواحد في مكانين.
والممتنع يقال على الممتنع لنفسه مثل هذه الأمور، وعلى الممتنع لغيره: مثل ما علم الله تعالى أنه لا يكون وأخبر أنه لا يكون وكتب أنه لا يكون، فهذا لا يكون.
وقد يقال: إنه يمتنع أن يكون ; لأنه لو كان للزم أن يكون علم الله بخلاف معلومه، وخبره بخلاف مخبره ; لكن هذا هو ممكن في نفسه والله قادر عليه، كما قال: {بلى قادرين على أن نسوي بنانه} [سورة القيامة: 4] ، وقال تعالى: {وإنا على ذهاب به لقادرون} [سورة
*************************
المؤمنون: 18] ، وقال تعالى: {قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض} [سورة الأنعام: 65] .
وقد ثبت في الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال «لما نزل قوله تعالى: {قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم} ، قال: " أعوذ بوجهك "، {أو من تحت أرجلكم} ، قال: " أعوذ بوجهك "، {أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض} ، قال: " هاتان أهون» (1) . .
ومن ذلك قوله تعالى: {ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها} [سورة السجدة: 13] ، {ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة} [سورة هود: 118] ، {ولو شاء الله ما اقتتلوا} [سورة البقرة: 253] ، {إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفا من السماء} [سورة سبأ: 9] (2) .، وأمثال ذلك مما أخبر الله تعالى أنه لو شاء لفعله، فإن هذه الأمور التي أخبر الله أنه لو شاء لفعلها تستلزم أنها ممكنة مقدورة له.
وقد تنازع الناس في خلاف المعلوم: هل هو ممكن مقدور، كإيمان
_________
(1) الحديث عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - مع اختلاف في اللفظ في: البخاري 6/56 (كتاب التفسير، سورة الأنعام، قوله تعالى: " قل هو القادر. . "، 9/101 (كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب قول الله تعالى: أو يلبسكم شيعا) ; سنن الترمذي 4/327 (كتاب التفسير، باب ومن سورة الأنعام) ; المسند (ط. الحلبي) 3/309; تفسير الطبري (ط. المعارف) 11/422، 423، 425 (وانظر التعليقات) ، ولم أجد الحديث في صحيح مسلم
(2) ذكرت الآية في الأصل (ع) وقد سقطت بعض كلماتها
*********************
الكافر الذي علم الله أنه لا يؤمن؟ والذين زعموا أن الله يكلف العبد ما هو ممتنع، احتجوا بتكليفه وزعموا أن إيمانه ممتنع لاستلزامه انقلاب علم الله جهلا.
وجوابهم أن لفظ " الممتنع " مجمل، يراد به الممتنع لنفسه، ويراد به ما يمتنع لوجود غيره، فهذا الثاني يوصف بأنه ممكن مقدور بخلاف الأول. وإيمان من علم الله أنه لا يؤمن مقدور له لكنه لا يقع، وقد علم الله أنه لا يؤمن مع كونه مستطيع الإيمان، كمن علم أنه لا يحج مع استطاعته الحج.
ومن الناس من يدعي أن الممتنع لذاته مقدور، ومنهم من يدعي إمكان أمور يعلم بالعقل امتناعها. وغالب هؤلاء لا يتصور ما يقوله حق التصور، أو لا يفهم ما يريده الناس بتلك العبارة، فيقع الاشتراك والاشتباه في اللفظ أو في المعنى.
وحقيقة الأمر ما أخبر الله به في غير موضع من كتابه: أنه على كل شيء قدير، كما تقدم بيانه، وهذا مذهب أهل السنة المثبتين للقدر.
وأما القدرية من الإمامية والمعتزلة وغيرهم، فإذا قالوا: إنه قادر على كل المقدورات لم يريدوا بذلك ما يريده أهل الإثبات، وإنما يريدون بذلك أنه قادر على كل ما هو مقدور له، وأما نفس أفعال العباد - من الملائكة والجن والإنس - فإن الله لا يقدر عليها عند القدرية، وإنما تنازعوا: هل يقدر على مثلها؟
وإذا كان كذلك كان قولهم: إنه قادر على كل مقدور، إنما (1) . يتضمن
_________
(1) في الأصل: وإنما
***********************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (122)
صـ 292 إلى صـ 298
أنه قادر على كل ما هو مقدور له، وغيره أيضا هو قادر على كل مقدور له. لكن غاية ما يقولون: إنه قادر على مثل مقدور العباد، والعبد لا يقدر على مثل مقدور قادر آخر.
وبكل حال، فإذا كان المراد أنه قادر على ما هو مقدور له، كان هذا بمنزلة أن يقال: هو عالم بكل ما يعلمه، وخالق لكل ما يخلقه، ونحو ذلك من العبارات التي لا فائدة فيها] (1) . مثل أن يقول القائل: إنه فاعل لجميع المفعولات، ومثل أن يقال: زيد عالم بكل (2) . ما يعلمه وقادر على كل ما يقدر (3) . وفاعل لكل ما يفعله (4) . .
فإن (5) . الشأن (6) . في بيان المقدورات: هل هو على كل شيء قدير؟ فمذهب (7) . هؤلاء الإمامية وشيوخهم القدرية أنه ليس على كل شيء قديرا (8) .، وأن العباد يقدرون على ما لا يقدر عليه، ولا يقدر أن يهدي ضالا، ولا يضل مهتديا، ولا يقيم قاعدا باختياره، ولا يقعد قائما باختياره، ولا يجعل أحدا [مسلما] (9) . مصليا ولا صائما ولا حاجا ولا معتمرا، ولا
_________
(1) هنا ينتهي الكلام الساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) وقد أشرنا إلى أوله ص [0 - 9] 88
(2) ب (فقط) : لكل، وهو تحريف
(3) عليه ن، م: عالم بكل ما فعله وقادر بكل ما يقدر عليه
(4) ب، ا، ن، م: فعله
(5) ب، أ: وإن
(6) ن: الثاني ; م: التنافي، وهو تحريف
(7) ن، م: فذهب، وهو تحريف
(8) في (ن) ، (م) ، (أ) (ع) : قدير، وهو خطأ
(9) مسلما: ساقطة من (ن) ، (م)
******************************
يجعل الإنسان لا مؤمنا ولا كافرا ولا برا ولا فاجرا، ولا يخلقه هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا، فهذه الأمور كلها ممكنة ليس فيها ما هو ممتنع لذاته، وعندهم أن الله لا يقدر على شيء منها (1) .، فظهر تمويههم بقولهم [إن الله] قادر (2) . على جميع المقدورات.
وأما أهل السنة فعندهم أن الله [تعالى] (3) . على كل شيء قدير، وكل ممكن فهو مندرج في هذا.
وأما المحال لذاته، مثل كون الشيء الواحد [موجودا] (4) . معدوما، فهذا لا حقيقة له، ولا يتصور وجوده (5) .، ولا يسمى شيئا باتفاق العقلاء، ومن هذا الباب: خلق مثل نفسه، وأمثال ذلك.
_________
(1) ن، م: عندهم أن لا يقدر منها على شيء. وفي هامش نسخة (ع) كرر المعلق الكلام الذي يبدأ بعبارة: " فمذهب هؤلاء الإمامية وشيوخهم من القدرية. . إلى الموضع. ثم كتب ما يلي: " والعجب أن الماتريدية من الحنفية، مع أنهم يقولون: إنه تعالى على كل شيء قدير، قالوا: إنه يمتنع له تعالى تنعيم الفاسق وتعذيب المطيع وتخليد المؤمن المطيع في النار بمعنى أنه لا يقدر عليه وكذا يمتنع له تعالى السفه والكذب والظلم بمعنى أنه تعالى لا يقدر عليه - والحاصل أنهم يقولون بالحكمة، وأن كل ما هو موافق الحكمة فلا بد وأن يفعله، فيكون ضده سفها، فلا يقدر أن يفعله، حتى قالوا: إن إرسال الرسل لموافقته الحكمة واجب الوقوع، فعدم الإرسال ليس بمقدور له لكونه خلاف الحكمة فيكون سفها، والسفه ليس بمقدور. وقد بنوا على الأصل الفاسد أمورا فاسدة يأبى عنها الأصول الدينية، تجاوز الله عنا وعنهم "
(2) ب، أ: فظهر تمويههم بقوله قادر، ن: فظهر تمويههم قادر ; م: فظهر تمويههم بقولهم قادر
(3) تعالى: ساقطة من (ن) ، (م)
(4) موجودا: ساقطة من (ن)
(5) عبارة " ولا يتصور وجوده " ساقطة من (ع) فقط
****************************** *****
[التعليق على قوله إنه عدل حكيم لا يظلم أحدا ولا يفعل القبيح وإلا لزم الجهل أو الحاجة]
وأما قوله (1) .: إنه " عدل حكيم لا يظلم أحدا، ولا يفعل القبيح - وإلا لزم الجهل أو الحاجة (2) ، تعالى الله عنهما ".
فيقال له: هذا متفق عليه بين المسلمين من حيث الجملة: أن الله لا يفعل قبيحا ولا يظلم أحدا، ولكن النزاع في تفسير ذلك، فهو (3) . إذا كان خالقا لأفعال العباد هل (4) . يقال: إنه فعل ما هو قبيح منه وظلم أم لا؟
فأهل السنة المثبتون للقدر (5) . يقولون: ليس هو بذلك ظالما ولا فاعلا قبيحا، والقدرية يقولون: لو كان خالقا لأفعال العباد كان ظالما فاعلا لما هو قبيح (6) . .
وأما كون الفعل قبيحا من فاعله فلا يقتضي أن يكون قبيحا من خالقه، كما أن كونه أكلا وشربا لفاعله لا (7) . يقتضي أن يكون كذلك (8) . لخالقه ; لأن الخالق خلقه في غيره لم يقم بذاته، فالمتصف به من قام به الفعل لا من خلقه في غيره، كما أنه إذا خلق لغيره لونا وريحا وحركة وقدرة وعلما (9)
_________
(1) النص التالي من " منهاج الكرامة " ص 82 (م) ، وسبق وروده - كما قدمنا - في هذا الجزء (ص [0 - 9] 4)
(2) أ: وإلا للزم الجهل أو الحاجة ; ع، ن، م: وإلا يلزم الجهل والحاجة، والمثبت من (ب) ، (ك) = منهاج الكرامة.
(3) ب (فقط) : فهذا، وهو تحريف
(4) ب، أ: فهل
(5) ب، أ: للقدرة
(6) [منه] منه: ساقطة من (ن) ، (م)
(7) ن، م: فلا
(8) ع: ذلك
(9) وعلما: ساقطة من (ب) ، (أ) .
****************************** **
كان ذلك الغير هو المتصف بذلك اللون والريح والحركة والقدرة والعلم، فهو المتحرك بتلك الحركة، والمتلون بذلك اللون، والعالم بذلك العلم، والقادر بتلك القدرة، فكذلك (1) . إذا خلق في غيره كلاما أو صلاة أو صياما (2) . أو طوافا كان (3) . ذلك الغير هو المتكلم بذلك الكلام، وهو المصلي، وهو الصائم، وهو الطائف. (4) . [وكذلك إذا خلق في غيره رائحة خبيثة منتنة كان هو الخبيث المنتن، ولم يكن الرب تعالى موصوفا بما خلقه في غيره، وإذا خلق الإنسان هلوعا جزوعا - كما أخبر تعالى بقوله: {إن الإنسان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا} [سورة المعارج: 19 - 21]- لم يكن هو سبحانه لا هلوعا ولا جزوعا ولا منوعا، كما تزعم القدرية أنه إذا جعل الإنسان ظالما كاذبا كان هو ظالما كاذبا، تعالى عن ذلك!
وهذا يدل على قول جماهير المثبتين للقدر القائلين بأنه خالق أفعال العباد، فإنهم يقولون: إن الله تعالى خالق العبد وجميع ما يقوم به من إرادته وقدرته وحركاته وغير ذلك.
وذهبت طائفة منهم من الكرامية وغيرهم، كالقاضي أبي خازم (5) . بن القاضي أبي يعلى، إلى أن معنى كونه خالقا لأفعال العباد أنه خالق
_________
(1) ن، م: وكذلك
(2) في (ع) : صائما، وهو خطأ ظاهر. وفي (ن) : كلاما أو قدرة أو صلاة. . إلخ
(3) ب، أ: لأن، وهو تحريف
(4) الكلام التالي ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) ، وينتهي في الصفحة التالية
(5) في الأصل: أبي حازم
****************************** ****
للأسباب التي عندها يكون العبد فاعلا ويمتنع ألا يكون فاعلا، فما علم الله أن العبد يفعله خلق الأسباب التي يصير بها فاعلا، ويقولون: إن أفعال العباد وجدت من جهته لا من جهة الله، ويقولون: إن الله تعالى موجدها كما قالوا: إن الله خالقها، ويقولون: إنه لم يكونها ولم يجعلها، ويقولون: إن العبد تحدث له إرادة مكتسبة. لكن قد يقولون: إنها بإرادة ضرورية يخلقها الله، كما ذكر ذلك القاضي أبو خازم (1) . وغيره، وقد يقولون: بل العبد يحدث إرادته مطلقا، كما قالته القدرية. لكن هؤلاء يقولون إن الرب يسر خلق الأسباب التي تبعث داعية على إيقاع ما يعلم أنه يوقعه] (2) . .
ولكن [على قول الجمهور] (3) من قال: إن (4) . الفعل هو المفعول -[كما يقوله الجهم بن صفوان، ومن وافقه كالأشعري وطائفة من أصحاب مالك والشافعي وأحمد] (5) - يقول: إن أفعال العباد هي فعل الله.
فإن قال أيضا: وهي فعل لهم (6) . لزمه أن يكون الفعل الواحد لفاعلين، كما يحكى عن أبي إسحاق الإسفراييني (7) وإن لم يقل: هي فعل لهم
_________
(1) في الأصل: أبو حازم
(2) هنا ينتهي السقط الموجود في (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) ، وبدأ في الصفحة السابقة
(3) العبارة بين المعقوفتين ساقطة من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
(4) إن: ساقطة من (ع)
(5) العبارة بين المعقوفتين ساقطة من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
(6) ب، أ، ن، م: فإن قال: وهو أيضا فعل لهم
(7) في هامش نسخة (ع) كتب التعليق التالي: " إن أبا إسحاق (في الأصل: أبي إسحاق) الإسفراييني يقول بأن أفعال العباد تكون بفاعلين. قلت: وكذا عامة الحنفية يقولون: إن أفعال العباد ليست بفعل لله تعالى وحده، كما يقول به جهم والأشعري وغيرهما، ولا بفعل للعبد وحده، كما يقول به المعتزلة ومن يحذو حذوهم، بل هي فعل لله تعالى وللعبد معا، فكأنهم هربوا عن الجبر وعن كون العبد خالقا، إلا أنهم وقعوا في هجنة أخرى ". وأبو إسحاق الإسفراييني هو إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران، الفقيه الشافعي، المتكلم الأصولي، توفي سنة 418. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 1/8 - 9 ; شذرات الذهب 3/210 - 209; طبقات الشافعية 3 \ - 111 114 ; العبر للذهبي 3/128 ; الأعلام للزركلي 1 \. 59
****************************** **********
لزمه أن تكون أفعال العباد فعلا لله لا لعباده، كما يقوله [جهم بن صفوان] والأشعري (1) ومن وافقه من أصحاب الأئمة الأربعة وغيرهم (2) الذين يقولون: إن الخلق هو المخلوق، وإن أفعال العباد خلق لله [عز وجل] (3) .، فتكون (4) هي فعل الله وهي مفعول الله (5) .، كما أنها خلقه وهي مخلوقه.
(* وهؤلاء [لا] يقولون (6) .: إن العباد فاعلون لأفعالهم حقيقة، ولكن هم مكتسبون لها، وإذا طولبوا (7) بالفرق بين الفعل والكسب لم يذكروا فرقا معقولا. ولهذا كان يقال: عجائب الكلام [ثلاثة] (8) .: أحوال أبي هاشم، وطفرة النظام، وكسب الأشعري *) (9) .
_________
(1) ب، أ، ن، م: كما يقوله الأشعري. . إلخ.
(2) ن، م: من أصحاب أحمد وغيرهم.
(3) عز وجل: زيادة في (ع)
(4) فتكون: ساقطة من (ع) .
(5) ب، أ: هي لله وهي مفعول لله
(6) ن، م: وهؤلاء يقولون، وهو خطأ
(7) ن، م: طلبوا، وهو خطأ.
(8) ثلاثة: ساقطة من (ن) ، (م)
(9) ما بين النجمتين ساقط من (ب) ، (أ) وانظر ما سبق 1/458 - 460، وانظر عن طفرة النظام: الملل والنحل 1/57 - 58; مقالات الإسلاميين 2 \. 18
****************************** ********
وهذا الذي ينكره [الأئمة] وجمهور العقلاء (1) .، ويقولون: إنه مكابرة للحس ومخالفة للشرع والعقل (2) .
[وأما جمهور] أهل السنة (3) [المتبعون للسلف والأئمة] (4) فيقولون: إن فعل العبد فعل له حقيقة، ولكنه مخلوق لله ومفعول لله ; لا يقولون: هو نفس فعل الله، ويفرقون بين الخلق والمخلوق، والفعل والمفعول. (5) . [وهذا الفرق الذي حكاه البخاري في كتاب " خلق أفعال العباد " عن العلماء قاطبة (6) .، وهو الذي ذكره غير واحد من السلف والأئمة، وهو قول الحنفية وجمهور المالكية والشافعية والحنبلية، وحكاه البغوي (7) \ 284 عن أهل السنة قاطبة، وحكاه الكلاباذي صاحب " التعرف لمذهب التصوف " عن جميع الصوفية (8) .، وهو قول أكثر طوائف أهل الكلام من الهشامية
_________
(1) ن: تركوه جمهور العقلاء ; ب، أ: ينكره جمهور العقلاء ; م: يذكره جمهور العقلاء
(2) ن: فهو مخالف للعقل والشرع ; ع: ومخالف للشرع والعقل ; م: فهو مخالف للشرع.
(3) عبارة: " وأما جمهور " ساقطة من (ن) ومكانها بياض. وفي (م) : وأما أهل السنة.
(4) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
(5) من هنا يبدأ سقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) ، وينتهي في الصفحة التالية
(6) يقول البخاري في " خلق أفعال العباد " ص [0 - 9] 12: " واختلف الناس في الفاعل والمفعول والفعل. فقالت القدرية: الأفاعيل كلها من البشر ليست من الله. وقالت الجبرية: الأفاعيل كلها من الله. وقالت الجهمية: الفعل والمفعول واحد، لذلك قالوا لكل مخلوق. وقال أهل العلم: التخليق فعل الله وأفعالنا مخلوقة. . . ففعل الله صفة الله، والمفعول غيره من الخلق "
(7) هو الحسين بن مسعود المعروف بالفراء، وسبقت ترجمته 1/457، وانظر في ترجمته أيضا: تذكرة الحفاظ 4/1257 ; الأعلام للزركلي 2
(8) يقول الكلاباذي (المتوفى سنة 380) في كتابه " التعرف لمذهب أهل التصوف " ص [0 - 9] 4، ط. عيسى الحلبي 1380/1960: " أجمعوا أن الله تعالى خالق لأفعال العباد كلها، كما أنه خالق لأعيانهم، وأن كل ما يفعلون من خير وشر فبقضاء الله وقدره ". . ثم يقول (ص [0 - 9] 7) : " وأجمعوا أن لهم أفعالا واكتسابا على الحقيقة، هم بها مثابون وعليها معاقبون، ولذلك جاء الأمر والنهي، وورد الوعد والوعيد ". هذا وقد سبقت إشارة ابن تيمية إلى كلام الكلاباذي 1/458
****************************** ***
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (123)
صـ 299 إلى صـ 305
وكثير من المعتزلة والكرامية، وهو قول الكلابية أيضا أئمة الأشعرية فيما ذكره أبو علي الثقفي وغيره على قول الكرامية: " وأثبتوا لله فعلا قائما بذاته غير المفعول، كما أثبتوا له إرادة قديمة قائمة بذاته " (1) ، وذكر سائر الاعتقاد الذي صنفوه لما جرى بينهم وبين ابن خزيمة نزاع في مسألة القرآن، لكن ما أدري هل ذلك قول ابن كلاب نفسه أو قالوه هم بناء على هذا الأصل المستقر عندهم؟] (2) . .
[مقالات الرافضة في خلق أعمال العباد]
ثم القدر فيه نزاع بين الإمامية، كما بينهم النزاع في الصفات.
قال أبو الحسن الأشعري (3) \ 110.: " واختلفت الرافضة في أعمال العباد (4) . هل هي مخلوقة؟ ن: مخلوقة لله تعالى ; م: مخلوقة لله. وهي (5) . ثلاث فرق: فالفرقة الأولى [منهم] وهم هشام بن الحكم (6) :
_________
(1) انظر ما سلف 1/323 - 325 عن قول الكلابية والكرامية بالإرادة القديمة الأزلية لله تعالى.
(2) هنا ينتهي السقط المشار إلى أوله في أول الصفحة السابقة
(3) في " المقالات " النص التالي في مقالات الإسلاميين 1
(4) ب، أ: واختلفت الرافضة في أفعال العباد ; ع: اختلف الروافض في أعمال العباد ; م: واختلف الرافضة في أعمال العباد. والمثبت عن (ن) وهو الموجود في " المقالات "
(5) المقالات: وهم
(6) ن، م: فالفرقة الأولى وهم هشام بن الحكم ; ب، أ: فالفرقة الأولى منهم هشام بن الحكم ; " المقالات ": فالفرقة الأولى منهم وهو هشام بن الحكم، والمثبت عن (ع) .
****************************** *
[يزعمون أن أعمال (1) . العباد مخلوقة لله ".
قال: " وحكى جعفر (2) 48. بن حرب عن هشام بن الحكم] (3) . أنه كان يقول: إن [أفعال] (4) الإنسان اختيار له من وجه، اضطرار له من وجه (5) .: اختيار (6) . من وجه أنه أرادها واكتسبها، واضطرار (7) . من جهة أنها لا تكون منه إلا عند حدوث السبب المهيج عليه (8) ".
قال: " والفرقة الثانية منهم: يزعمون أن لا جبر كما قال الجهمي، ولا تفويض كما قالت المعتزلة ; لأن الرواية عن الأئمة (9) - زعموا - جاءت بذلك، ولم يتكلفوا أن يقولوا في أفعال العباد هل هي مخلوقة أم لا شيئا (10) .
والفرقة الثالثة منهم: يزعمون أن أعمال (11) . العباد غير
_________
(1) ع: أفعال
(2) ع: وحكي عن جعفر، وهو جعفر بن حرب الهمداني، من كبار معتزلة بغداد، أخذ العلم عن أبي الهذيل العلاف، وتوفي سنة 236، وتنسب إليه وإلى أبي جعفر بن مبشر الثقفي (المتوفى سنة 234) فرقة الجعفرية. . وانظر عنه وعن الجعفرية: تاريخ بغداد 7/162، لسان الميزان 2/113 ; الأعلام للزركلي 2/116 - 117 ; الفرق بين الفرق 101 - 102 ; التبصير في الدين، ص 47 -
(3) ما بين المعقوفتين وهو: " يزعمون أن أعمال. . هشام بن الحكم ": ساقط من (ن) ، (م)
(4) أفعال: ساقطة من (ن) . وسقطت عبارة " إن أفعال " من (م) ، " إن " من (ع) .
(5) ع: اختيارية من وجه اضطرارية من وجه
(6) له له: ساقطة من " المقالات "، وفي (ع) : اختيارية
(7) ع: واضطرارية
(8) ع: حدوث الكسب المهيج عليه ; المقالات: حدوث السبب المهيج عليها.
(9) عن الأئمة: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(10) المقالات: في أعمال العباد. ن: لا شيء. وسياق الجملة: ولم يتكلفوا أن يقولوا شيئا في أفعال العباد: هل هي مخلوقة أم لا.
(11) ب، أ: أفعال
****************************** ******
مخلوقة لله، وهذا قول قوم يقولون بالاعتزال والإمامة (1) . ".
فإذن، كانت الإمامية على ثلاثة أقوال: منهم من يوافق المثبتة، ومنهم من يوافق المعتزلة، ومنهم من يقف.
[والواقفة معنى قولهم هو معنى قول أهل السنة، ولكن توقفوا في إطلاق اللفظ، فإن أهل السنة لا يقولون بالتفويض - كما تقول القدرية -، ولا بالجبر - كما تقول الجهمية - بل أئمة السنة، كالأوزاعي والثوري وعبد الرحمن بن مهدي وأحمد بن حنبل وغيرهم، متفقون على إنكار قول الجبرية المأثور عن جهم بن صفوان وأتباعه، وإن كان الأشعري يقول بأكثره وينفي الأسباب والحكم، فالسلف مثبتون للأسباب والحكمة.
والمقصود أن الإمامية إذا كان لهم قولان] (2) . كانوا متنازعين في ذلك (3) . كتنازع سائر الناس، لكنهم [فرع على غيرهم في هذا وغيره] (4) .، فإن مثبتيهم (5) . تبع للمثبتة، ونفاتهم تبع للنفاة، [إلا ما اختصوا به من افتراء الرافضة، فإن الكذب والجهل والتكذيب بالحق الذي اختصوا به لم يشركهم فيه أحد من طوائف الأمة. وأما ما يتكلمون به في سائر مسائل
_________
(1) ب، أ، ن، م: والإمامية
(2) الكلام بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (ب) ، (أ) ، (م) . إلا العبارة الأخيرة " والمقصود. . . إلخ فهي في (ب) ، (أ)
(3) في ذلك: ساقطة من (ع)
(4) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط، وفي (ب) ، (أ) بدلا منه: لكنهم أضل، وفي (ن) ، (م) : لكنهم أجل
(5) ب: مثبتتهم ; أ، ع، م: مثبتهم
****************************** ******
العلم: أصوله وفروعه، فهم فيه تبع لغيرهم من الطوائف، يستعيرون كلام الناس فيتكلمون به، وما فيه من حق فهو من أهل السنة، لا ينفردون عنهم بمسألة واحدة صحيحة، لا في الأصول ولا في الفروع، إذ كان مبدأ بدعة القوم من قوم منافقين لا مؤمنين] (1) .
وحينئذ فهذا النافي يناظر أصحابه في ذلك وهو لم يذكر حجة. وقد تقدم تفصيل (2) . مذاهب أهل السنة في ذلك، وقد ذكر أصحابه عن الأئمة [ما] (3) . يخالف قوله في (4) ذلك.
[التعليق على قوله يثيب المطيع ويعفو عن العاصي أو يعذبه]
وأما قوله: " إن الله (5) . يثيب المطيع ويعفو عن العاصي أو يعذبه " (6) . .
فهذا مذهب أهل السنة الخاصة، وسائر من انتسب إلى السنة والجماعة كالكلابية والكرامية والأشعرية والسالمية، وسائر فرق الأمة من المرجئة وغيرهم، والخلاف في ذلك مع (7) . الخوارج والمعتزلة فإنهم يقولون بتخليد أهل الكبائر في النار.
وأما الشيعة فالزيدية منهم (8) تقول (9) . بقول المعتزلة في ذلك، والإمامية على قولين.
_________
(1) الكلام بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) ، وبدأ في الصفحة السابقة.
(2) ن: تفضيل
(3) ما: ساقطة من (ن) فقط
(4) ب، أ: من.
(5) ب، أ: إنه
(6) هذه حكاية ابن تيمية لكلام ابن المطهر، وقد ورد بتمامه من قبل في هذا الجزء، ص 98. وهو في منهاج الكرامة، ص 82 (م) ونصه: " ويثيب المطيع لئلا يكون ظالما، ويعفو عن العاصي أو يعذبه بجرمه من غير ظلم له "
(7) ب، أ، ن، م: إلا من خالف ذلك من
(8) [- أو أكثر الزيدية -] أو أكثر الزيدية: ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م)
(9) ع، ن: يقول
****************************** ********
قال الأشعري (1) \ 140.: " وأجمعت (2) . الزيدية أن أصحاب الكبائر كلهم معذبون في النار (3) . خالدون فيها مخلدون أبدا، لا يخرجون منها ولا يغيبون عنها " (4) .
[مقالات الروافض في الوعيد]
قال (5) : " واختلفت الروافض في الوعيد، وهم فرقتان: فالفرقة الأولى منهم يثبتون الوعيد على مخالفيهم، ويقولون إنهم يعذبون، (6) ولا (7) يقولون بإثبات الوعيد (8) فيمن قال بقولهم، ويزعمون أن الله (9) يدخلهم الجنة، وإن (10) أدخلهم النار أخرجهم منها ; ورووا (11) في ذلك عن أئمتهم أن ما كان بين الله وبين الشيعة [من المعاصي سألوا الله فيهم فصفح عنهم، وما كان بين الشيعة] (12) وبين الأئمة تجاوزوا عنه، وما كان بين الشيعة وبين الناس من المظالم شفعوا لهم أئمتهم حتى يصفحوا عنهم (13) ".
_________
(1) في " المقالات " 1
(2) ن، م: واجتمعت
(3) ب، أ: بالنار
(4) ع (فقط) : عنها بحال.
(5) في " المقالات " 1/120.
(6) ن: معذبون.
(7) لا: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(8) ب (فقط) : الوعد، وهو خطأ.
(9) المقالات: الله سبحانه.
(10) ب، أ: وإذا.
(11) ب، أ: وذكروا.
(12) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(13) ب: شفع لهم. . إلخ ; ع: شفع لهم أئمتهم حتى يصفحوا عنه ; المقالات: شفعوا لهم إليهم حتى يصفحوا عنهم. والمثبت عن (أ) ، (ن) ، (م) .
****************************** **
قال: " والفرقة الثانية (1) منهم: يذهبون إلى إثبات الوعيد، وأن الله [عز وجل] (2) يعذب كل مرتكب للكبائر (3) من أهل مقالتهم كان أو من غير أهل مقالتهم، ويخلدهم في النار ".
وهذا قول أئمة هذا الإمامي من (4) المعتزلة ونحوهم.
[القول الأول في معنى الظلم عند مثبتة القدر]
وأما قوله: " ويثيب المطيع لئلا يكون ظالما " (5) فقد قدمنا [أن] للمثبتين (6) للقدر في تفسير الظلم الذي يجب تنزيه الله عنه قولين (7) أحدهما: أن الظلم [هو] الممتنع لذاته وهو المحال لذاته (8) .
[وإن كان ما يمكن أن يكون فالرب قادر عليه، وكل ما كان قادرا عليه لا يكون ظالما. وهذا قول الجهم والأشعري وموافقيهما، وقول كثير من السلف والخلف، أهل السنة والحديث.
ويروى عن إياس بن معاوية (9) قال: ما ناظرت بعقلي كله إلا القدرية،
_________
(1) ن: والثانية.
(2) عز وجل: ساقطة من (ن) .
(3) المقالات: الكبائر.
(4) ب، أ: عن.
(5) أعاد ابن تيمية هنا بعض كلام ابن المطهر السابق بنصه. وفي (ن) ، (م) : لئلا يكون ذلك ظلما.
(6) أ: فقد قدمنا المثبتين ; ب: فقد قدمنا للمثبتين ; ن، م: فقد قدمنا أن المثبتين.
(7) سبق ذكر قولي أهل السنة في تفسير الظلم 1/134 - 135.
(8) ن، م: أن الظلم ممتنع بنفسه وهو محال لذاته.
(9) إياس بن معاوية بن قرة المزني، أبو واثلة. قال ابن سعد: " كان ثقة، وكان قاضيا على البصرة، وله أحاديث، وكان عاقلا من الرجال فطنا ". ويضرب بإياس المثل في الذكاء، وقد توفي سنة 122. انظر ترجمته في: طبقات ابن سعد 7/234 - 235 ; وفيات الأعيان 1/223 - 226 ; تهذيب التهذيب 1/39 ; الأعلام للزركلي 1/376 - 377.
****************************** *******
قلت لهم: أخبروني عن الظلم ما هو؟ قالوا: التصرف في ملك غيره. قلت: فلله كل شيء.
وهذا قول كثير من أتباع الأئمة الأربعة وغيرهم] (1) .
_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) . وأمام آخر هذا الكلام يوجد في هامش نسخة (ع) تعليق طويل هذا نصه: " ينبغي أن يعلم أن طائفة من الماتريدية يقولون: إن التصرف في ملكه إنما يحسن إذا كان على مقتضى الحكمة، وإذا كان خارجا عن مقتضى الحكمة يكون سفها يجب تنزيه الله تعالى عنه، وظني أن من يقول من أهل السنة بالعلل والأسباب والحكم والمصالح لا يقول: إن التصرف في ملكه يحسن على الإطلاق، فالقائل بأن التصرف في ملكه على أي وجه كان يحسن لا بد وأن لا يقول بالعلل والأسباب والحكم والمصالح، كالأشعري ومن تبعه من أهل السنة فهم قائلون بالمشيئة المحضة، حتى فسروا الحكمة بما يقع على قصد فاعله، والسفه بما لا يقع على قصده لعلة. وأما من يقول بالحكم والمصالح والعلل والأسباب مثل الحنفية والمعتزلة ومن يحذو حذوهم فليست الحكمة عندهم مفسرة كذلك، بل هي ما يترتب عليه عاقبة حميدة، أو ما له نفع للفاعل أو لغيره. وكذلك من يقول بالحسن والقبح العقليين مثل الماتريدية والمعتزلة يقولون بأن التصرف في ملكه إنما يكون حسنا إذا كان موافقا على قضية العقل، فهم لا يجوزون عقلا تعذيب المطيع وتنعيم العاصي، وكذا لا يجوزون العفو عن الشرك والكفر عقلا. وأما على قول من يقول بأن التحسين والتقبيح من الله، فلو حسن ما قبحه وقبح ما حسنه فله ذلك - مثل الأشعري وأضرابه من أهل السنة والجماعة - فكل ذلك في التجويز العقلي، ولقد كان شمس الأئمة السرخسي وفخر الإسلام البزدوي، مع أنهما من عظماء الحنفية، لم يقولا بما قاله الماتريدية من الحسن والقبح العقليين، بل قالا بما قال به الأشعري من الحسن والقبح العقليين. وقد قال صدر الشريعة: إن الأشعري يجوز المؤاخذة على ما ليس من فعل العبد وأثره ولا إيجاده، يريد أنهم لا يجوزون ذلك بل يقولون بامتناعه، ففعل العبد ليس من الله وحده عندهم، بل من الله ومن العبد معا، حتى يصح التنعيم والتعذيب. وقد قال إمام الحرمين - مع أنه شافعي - أطم من ذلك، فقال في " النظامية ": إن فعل العبد من العبد وحده، ثم ذكر في إثباته قواقع وقوادح على قول الأشعري وتهجينه، مع ذكره في " الإرشاد " مثل قول الأشعري، وادعى أنه مما يدين الله تعالى به، وهو عجيب من الإمام، ولقد أنكر صاحب " المقاصد " ذلك القول من الإمام لاغتراره بقوله في " الإرشاد " ولعدم رؤيته لرسالة الإمام الموسومة بالنظامية لعلة (؟) ولقد صرح تلميذه في شرحه للإرشاد بكون هذا القول قولا أخيرا لإمام الحرمين، وقصد تأييده وتهجين قوله في " الإرشاد "، والإمام الرازي أيضا نقل عن إمام الحرمين ذلك، وكذا الشهرستاني في " الملل ".
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (124)
صـ 306 إلى صـ 312
فعلى هذا القول لا يقال: يثيب الطائع لئلا يكون ظلما (1) .
[فإن الممتنع لذاته الذي لا يكون مقدورا لا يتصور وقوعه، فأي شيء كان مقدورا وفعل لم يكن ظلما عند هؤلاء، وهؤلاء يجوزون أن يعذب الله العبد في الدنيا والآخرة بلا ذنب، كما يجوزون تعذيب أطفال الكفار ومجانينهم بلا ذنب، ثم من هؤلاء من يقطع بدخول أطفال الكفار النار، ومنهم من يجوزه ويتوقف فيه، وطائفة من أصحاب أحمد يقطعون بذلك وينقلونه عن أحمد، وهو خطاء على أحمد، بل نصوص أحمد المتواترة عنه وعن غيره من الأئمة مطابقة للأحاديث الصحيحة في ذلك.
وهؤلاء إنما اشتبه عليهم الأمر لأن أحمد سئل عنهم في بعض أجوبته فأجاب بالحديث الصحيح: " «الله أعلم بما كانوا عاملين» ". فظن هؤلاء أن أحمد أجاب بحديث «روي عن خديجة أنها سألت الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن أطفال المشركين فقال: " إنهم في النار "، فقالت: بلا عمل؟ فقال: " الله أعلم بما كانوا عاملين» . وهذا الحديث كذب موضوع عند أهل الحديث (2) ، ومن هو دون أحمد من أئمة الحديث يعرف هذا فضلا عن مثل أحمد.
_________
(1) في (م) : يثيب المطيع. وفي (ب) (فقط) ظالما. وبعد هذه الكلمة يوجد كلام ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) وينتهي السقط في ص 309.
(2) لم أجد هذا الحديث مرويا عن خديجة رضي الله عنها ولكني وجدت حديثا قريبا منه ذكره الحافظ ابن حجر في فتح الباري 3/196 في شرحه لأحاديث باب " ما قيل في أولاد المشركين " فقال: " وروي عن عبد الرزاق من طريق أبي معاذ عن الزهري عن عروة عن عائشة، قالت سألت خديجة النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أولاد المشركين فقال: هم مع آبائهم، فسألته بعد ذلك، فقال: الله أعلم بما كانوا عاملين، ثم سألته بعد ما استحكم الإسلام فنزل (ولا تزر وازرة وزر أخرى) قال: هم على الفطرة، أو قال: في الجنة. وأبو معاذ هو سليمان بن أرقم وهو ضعيف ". وقد تكلم ابن أبي حاتم (الجرح والتعديل، ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص [0 - 9] 00 - 101) عن سليمان بن أرقم وأورد أقوال الأئمة فيه، وكلها على تضعيفه منها ما ذكره يحيى بن معين: سليمان بن أرقم أبو معاذ ليس يسوى فلسا وليس بشيء، ومنها حديث عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول: سليمان بن أرقم: متروك الحديث. وذكر ابن حجر (فتح الباري 3/195) حديثا آخر عن عائشة بنفس المعنى: " وروى أحمد من حديث عائشة: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ولدان المسلمين، قال: في الجنة. وعن أولاد المشركين، قال: في النار. فقلت يا رسول الله لم يدركوا الأعمال؟ قال: ربك أعلم بما كانوا عاملين، لو شئت أسمعتك تضاغيهم في النار ". وعلق ابن حجر على ذلك بقوله: " وهو حديث ضعيف جدا لأن في إسناده أبا عقيل مولى بهية وهو متروك ". وذكر الحديث بألفاظ مقاربة ابن عبد البر في تجريد التمهيد، ص 322، وعلق بقوله: وأبو عقيل هذا صاحب بهية لا يحتج بمثله عند أهل العلم بالنقل ". وانظر ترجمة أبي عقيل يحيى بن المتوكل في: الجرح والتعديل، ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص [0 - 9] 89 - 190 ; لسان الميزان 6/767. ووجدت في المسند (ط. الحلبي) 6/208 جزءا من هذا الحديث، وفي سنده: عن أبي عقيل يحيى بن المتوكل عن بهية عن عائشة.
******************************
وأحمد لم يجب بهذا، وإنما أجاب بالحديث الذي في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " «كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء ". ثم يقول أبو هريرة: اقرءوا إن شئتم: {فطرة الله التي فطر الناس عليها} [سورة الروم: 30] قالوا: يا رسول الله أرأيت من يموت من أطفال المشركين وهو صغير؟ فقال:
****************************** *****
" الله أعلم بما كانوا عاملين» (1) . وفي صحيح البخاري أيضا عن أبي هريرة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن أطفال المشركين فقال:
_________
(1) روي هذا الحديث عن أبي هريرة مرفوعا من وجوه عدة وبألفاظ متقاربة وجاء مطولا في بعض الروايات ومختصرا في بعض آخر. انظر: البخاري 2/94 - 95 (كتاب الجنائز، باب إذا أسلم الصبي) ، 2/100 (كتاب الجنائز، باب ما قيل في أولاد المشركين) ، 6/114 (كتاب التفسير، سورة الروم) ، 8/123 (كتاب القدر، باب الله أعلم بما كانوا عاملين) ; مسلما 4/2048 - 2047 (كتاب القدر، باب معنى: كل مولود يولد على الفطرة) ; سنن أبي داود 4/318 - 316 (كتاب السنة، باب في ذراري المشركين) ; سنن الترمذي 3/303 (كتاب القدر، باب كل مولود. . إلخ) وانظر شرح ابن العربي على سنن الترمذي 8/303 - 306 ; المسند (ط. المعارف) 12/169 - 170 (رقم 7181) ، 13/181 - 182 (الأرقام 7436 - 7438) ، 14/129 - 130 (رقم 7698) ، 207 (رقم 7782) ; الموطأ (ط. فؤاد عبد الباقي) 1/241 ; صحيح ابن حبان 292 - 296 (الأرقام 128 - 130) ، 1/300 (رقم 133) - وانظر تعليقات المحقق ; ترتيب مسند الطيالسي 2/235 (وهو في مسند الطيالسي، رقم 2356 - 2433) . وروى أحمد الحديث عن جابر بن عبد الله في المسند (ط. الحلبي) 3/353. والحديث مروي مع اختلاف في اللفظ عن الأسود بن سريع في: المسند (ط. الحلبي) 3/435، 4/24 ; صحيح ابن حبان 1/297 - 298 (رقم 132) ; تفسير الطبري (ط. المعارف 13/231 - وانظر التعليق 231 - 232) ; الحاكم في مستدركه 3/123 ; البيهقي في السنن 9/77 ; الهيثمي في مجمع الزوائد 5/316 ; الاستيعاب لابن عبد البر (في ترجمة الأسود) . وانظر أيضا عن الحديث برواياته المتعددة: شرح مسلم للنووي 16/207 - 208 ; تفسير ابن كثير (تفسير آية 30 من سورة الروم) ; تجريد التمهيد لابن عبد البر (ط. القدسي، 1350) ص 290 - 332. أما قوله صلى الله عليه وسلم: " كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء ": فأكثر أهل اللغة على أن هذا الفعل (نتج) لا يكون إلا مبنيا للمجهول، فيقال: نتجت الناقة تنتج، على ما لم يسم فاعله، بمعنى ولدت. . وقال يقال: نتج الرجل ناقته (بالبناء للمعلوم) إذا ولدها (بتضعيف اللام) . وقال النووي في شرح مسلم 16/209: " (جمعاء) بالمد، أي مجتمعة الأعضاء، سليمة من نقص، لا يوجد فيها (جدعاء) بالمد، وهي مقطوعة الأذن أو غيرها من الأعضاء، ومعناه: أن البهيمة تلد البهيمة كاملة الأعضاء، لا نقص فيها، وإنما يحدث فيها الجدع والنقص بعد ولادتها ".
****************************** *****
" الله أعلم بما كانوا عاملين» (1) . وقد بسط الكلام على هذه الأحاديث وأقوال الناس في هذه المسألة ونحوها في غير هذا الموضع، مثل كتاب " رد تعارض العقل والنقل " (2) وغير ذلك] (3) .
[القول الثاني في معنى الظلم عند مثبتة القدر]
والقول الثاني (4) : أن الظلم ممكن مقدور، [وأنه] (5) منزه عنه لا يفعله لعلمه وعدله، فهو لا يحمل [على] (6) أحد ذنب غيره (7) . [قال تعالى] : (8) [ {ولا تزر وازرة وزر أخرى} ]
[سورة الإسراء: 15] ، [ {ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما} ]
[سورة طه: 112] .
وعلى هذا فعقوبة الإنسان بذنب غيره ظلم ينزه (9) الله عنه (10) ، وأما
_________
(1) الحديث في: البخاري 2/100، 8/123 ; مسلم 4/2047 ; المسند (ط. المعارف) 13/45 (رقم 7321) ، 259 (رقم 7512) ; ترتيب مسند الطيالسي 2/235. والحديث مروي أيضا عن ابن عباس رضي الله عنه من وجوه عدة.
(2) تحدث ابن تيمية عن هذه الأحاديث بإسهاب في كتاب " درء تعارض العقل والنقل " فارجع إليه وخاصة في الجزء الثامن منه.
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (أ) ، (ب) ، (ن) ، (م) . وبدأ السقط من ص 306.
(4) بدأ الكلام عن القول الأول في معنى الظلم الذي يجب تنزيه الله عنه ص 304.
(5) وأنه: ساقطة من (ن) فقط.
(6) على: ساقطة من (ن) ، (م) .
(7) ع: ذنب أحد.
(8) عبارة: " قال تعالى " ساقطة من (ب) ، (أ) .
(9) ب، ا، م: يتنزه ; ن: منزه.
(10) م (فقط) . . عنه لا يفعله.
****************************** ********
إثابة المطيع ففضل منه وإحسان، وإن كان حقا واجبا بحكم وعده باتفاق المسلمين، وبما كتبه (1) على نفسه من الحرمة، وبموجب أسمائه وصفاته.
فليس هو من جنس ظلم الأجير الذي استؤجر ولم يوف أجره، فإن هذا معاوضة (2) ، والمستأجر استوفى منفعته، فإن (3) لم يوفه أجره ظلمه.
والله تعالى هو المحسن إلى العباد بأمره ونهيه، وبإقداره لهم على الطاعة، وبإعانتهم على طاعته. وهم (4) كما قال تعالى في الحديث الصحيح الإلهي: " «يا عبادي [إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا، يا عبادي] (5) كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا (6) على أفجر قلب رجل [منكم] (7) ما نقص ذلك من ملكي شيئا، [يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان منهم مسألته ما نقص مما عندي إلا
_________
(1) ع، م: كتب.
(2) ن، م: معارضة، وهو خطأ.
(3) ب، ا،: وإن.
(4) ع: وهى.
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) ،
(6) كانوا: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(7) منكم: ساقطة من (ن) .
****************************** ***
كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر] (1) ، يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيرا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه» (2) .
فبين (3) أن الخير الموجود من الثواب مما يحمد الله عليه لأنه المحسن به وبأسبابه، وأما العقوبة فإنه (4) عادل فيها فلا يلومن العبد إلا نفسه، كما قيل: كل نعمة منه فضل، وكل نقمة منه عدل.
[وأصحاب هذا القول يقولون: الكتاب والسنة إنما تدل على هذا القول، والله قد نزه نفسه في غير موضع عن الظلم الممكن المقدور، مثل نقص الإنسان من حسناته، وحمل سيئات غيره عليه.
وأما خلق أفعال العباد واختصاصه أهل الإيمان بإعانتهم على الطاعة فليس هذا من الظلم في شيء باتفاق أهل السنة والجماعة وسائر المثبتين للقدر من جميع الطوائف، ولكن القدرية تزعم أن ذلك ظلم، وتتكلم في التعديل والتجوير (5) بكلام متناقض فاسد كما قد بين في موضعه] (6) .
_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
(2) ذكر ابن تيمية هذا الحديث من قبل 1/91، 93 فارجع إليه هناك. وقال النووي (شرح صحيح مسلم 16/133) : " المخيط - بكسر الميم وفتح الياء - هو الإبرة. قال العلماء: هذا تقريب إلى الأفهام ومعناه لا ينقص شيئا أصلا ".
(3) م: فتبين.
(4) ب، ا: فالله.
(5) في الأصل: التجويز، وهو خطأ.
(6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) . وانظر: رسالة " شرح حديث أبي ذر " مجموعة الرسائل المنيرية 3/205 - 246، القاهرة، 1346. وهي في مجموع فتاوى الرياض 18/136 - 209.
****************************** ****
[التعليق على قوله أو يعذبه بجرمه من غير ظلم له]
وأما قوله (1) : " أو يعذبه بجرمه من غير ظلم له " فهذا متفق عليه بين المسلمين: [أن] الله [تعالى] ليس (2) ظالما بتعذيب العصاة.
وهم على ما تقدم من التنازع (3) في مسمى الظلم، هذا يقول: لأن الظلم منه ممتنع (4) ; وهذا يقول: إنه وضع العقوبة موضعها (5) ، والظلم وضع الشيء في غير موضعه، كما تقول (6) العرب: من أشبه أباه فما ظلم. (7) [ومعلوم أن الواحد من العباد إذا عذب الظالم على ظلمه بالعدل لم يكن ظالما له، وإن اعتقد أن الله خلق فعله وأنه تحت القضاء والقدر، فإذا لم يكن المخلوق ظالما للمخلوق إذا عاقبه بظلمه، وإن كان يعلم أن ذلك مقدر عليه فالخالق أولى أن لا يكون ظالما له، وإن كان ما فعله مقدرا. هذا، مع ما أنه يحسن منه سبحانه بحكمته ما لا يحسن من الناس، فإن الواحد من الناس لو رأى مماليكه يزني بعضهم ببعض ويظلم بعضهم بعضا - وهو قادر على منعهم - ولم يمنعهم، لكان مذموما بذلك مستحقا للوم والعقاب. والبارئ تعالى يرى ما يفعله بعض مماليكه من ظلم وفاحشة، وهو قادر على منعهم فلا يمنعهم، وهو سبحانه حميد مجيد منزه عن استحقاق الذم فضلا عن عقاب (8) ، إما لما له في ذلك من
_________
(1) العبارة التالية جزء من العبارة التي سبق ورودها ص 302.
(2) ن، م: الله ليس. .
(3) ن: الشايع، وهو تحريف.
(4) ع: ممتنع منه.
(5) ع: في غير موضعها.
(6) ن، م: قالت.
(7) الكلام بعد القوس المعقوف في (ع) فقط وينتهي في الصفحة التالية.
(8) قوله: " فضلا عن عقاب " متصل بكلامه السابق قبل سطور قليلة عن الواحد من الناس حيث قال: " لكان مذموما بذلك مستحقا للوم والعقاب ".
****************************** *
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (125)
صـ 313 إلى صـ 319
الحكمة على قول الأكثرين، وإما لمحض المشيئة والإرادة على قول نفاة التعليل والإرادة من المثبتين للقدر ; فإذا كان يحسن منه من الأفعال ما لا يحسن من البشر بطل قياسه على خلقه، وكان ما يحسن منا من عقوبة الظالم لا يقبح منه بطريق الأولى والأحرى، فإن ما ينزه عنه من النقائص فهو أولى بتنزيهه، وله من الحمد ما لا يستحقه غيره] (1) .
[التعليق على قوله وأن أفعاله محكمة واقعة لغرض ومصلحة]
وأما قوله (2) : " وأن (3) أفعاله محكمة واقعة (4) لغرض ومصلحة (5) وإلا لكان عابثا ".
فقد تقدم أن لأهل (6) السنة الذين ليسوا بإمامية قولين في تعليل أفعال الله [تعالى] (7) وأحكامه، وأن الأكثرين على التعليل (8) ، والحكمة هل هي منفصلة عن الرب [لا تقوم به] (9) ، أو قائمة به مع ثبوت الحكم المنفصلة أيضا؟ [فيه قولان لهم] (10) . وهل (11) تتسلسل الحكم أو لا تتسلسل؟ أو تتسلسل في المستقبل دون الماضي؟ هذا فيه أقوال [لهم] (12) .
_________
(1) هنا ينتهي السقط المشار إلى أوله في الصفحة السابقة.
(2) وردت هذه العبارة في " منهاج الكرامة " 1/82 (م) ، وسبق ورودها في هذا الجزء ص 98 وتمام العبارة هناك: " وإلا لكان عابثا، وقد قال الله تعالى: (وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين) .
(3) ع: أن ; ن، م: فإن.
(4) منهاج الكرامة: محكمة متقنة واقعة، وكذا وردت من قبل في هذا الجزء ص 98.
(5) ع: لمصلحة وغرض ; ب: لغرض أو مصلحة.
(6) ن، م: أهل، وهو خطأ.
(7) تعالي: ساقطة من (ن) ، (أ) ، (ب) .
(8) انظر ما سبق 143 - 148.
(9) عبارة " لا تقوم به " ساقطة من (ن) ، (م) .
(10) عبارة: " فيه قولان لهم " ساقطة من (ن) ، (م) ، (ب) ، (أ) .
(11) ن، م: وهي، وهو تحريف.
(12) لهم: ساقطة من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
*****************************
وأما لفظ " الغرض " فتطلقه طائفة من أهل الكلام [كالقدرية. وطائفة من المثبتين للقدر أيضا يقولون: إنه يفعل لغرض، كما ذكر ذلك من يذكره من مثبتة القدر: أهل التفسير والفقه وغيرهم. ولكن الغالب على الفقهاء وغيرهم من المثبتين للقدر أنهم لا يطلقون لفظ " الغرض " وإن أطلقوا لفظ الحكمة لما فيه من إيهام الظلم والحاجة، فإن الناس إذا قالوا: فلان فعل هذا لغرض، وفلان له غرض مع فلان، كثيرا ما يعنون بذلك المراد المذموم من ظلم وفاحشة أو غيرهما، والله تعالى منزه عن أن يريد ما يكون مذموما بإرادته] (1) .
[التعليق على قوله إنه أرسل الرسل لإرشاد العالم]
وأما قوله: " إنه (2) أرسل الرسل (3) لإرشاد العالم ".
فهكذا يقول جماهير أهل السنة أن الله [تعالى] (4) أرسل محمدا صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين، والذين يمتنعون من التعليل يقولون: أرسله وجعل إرساله رحمة في حق من آمن به، (6 أو في حقه وحق غيره 6) (5) .
(7 ويقولون: هذه الرحمة جعلت عند ذلك، كما يقولون 7) : (6) في سائر الأمور
_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) . وتوجد بدلا من هذه العبارة في (ن) ، (م) : " وأما الفقهاء وغيرهم فيمتنعون عن إطلاقه لما فيه من إيهام الظلم والحاجة " وفي (ب) ; (أ) توجد نفس هذه العبارة دون لفظتي " عن إطلاقه ".
(2) العبارة التالية وردت في " منهاج الكرامة " 1/82 (م) ، وفي هذا الجزء ص 70.
(3) الرسل: ساقطة من (ب) ، ا) . وفي: منهاج السنة 2/70: الأنبياء.
(4) تعالى: زيادة في (ع) .
(5) (6 - 6) : ساقط من (ب) ، (أ) .
(6) (7 - 7) : ساقط من (ع) .
****************************** **
التي حصل عندها آثار. [فإن الجمهور المثبتين للحكمة يقولون: فعل كذا لأجل ذلك وفعل كذا بكذا. وأولئك يقولون: فعل عنده لا به ولا له] (1) .
[التعليق على قوله وأنه تعالى غير مرئي ولا مدرك بشيء من الحواس]
وأما قوله (2) : " وأنه تعالى غير مرئي ولا مدرك بشيء من الحواس (3) لقوله تعالى: {لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار} (4) [سورة الأنعام: 103] ولأنه (5) ليس في جهة ".
فيقال: [له] (6) : أولا: النزاع في هذه المسألة بين [طوائف] (7) الإمامية كما النزاع فيها بين غيرهم (8) ، فالجهمية والمعتزلة والخوارج (9) وطائفة من غير (* الإمامية (10) تنكرها. والإمامية لهم فيها قولان: فجمهور قدمائهم يثبت (11) الرؤية، وجمهور *) (12) متأخريهم ينفونها. وقد تقدم أن أكثر قدمائهم يقولون بالتجسيم (13) .
_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، والكلام في (ن) ، (م) ناقص ومضطرب.
(2) وردت العبارة التالية في (ك) 1/82 (م) وهذا الجزء ص 98.
(3) ن: الحولين ; م: الحق، وهو تحريف.
(4) في (ع) ، (ب) ، (أ) ، (م) : " لا تدركه الأبصار وفي (ن) ذكر باقي الآية، وكذا هي في الموضعين السابقين.
(5) ب، ا: لأنه.
(6) له: زيادة في (ع) .
(7) طوائف: ساقطة من (ن) ، (م) .
(8) ب، ا: كالنزاع فيها بين غير الإمامية.
(9) ع: ومن تبعهم من الخوارج.
(10) ع: وطائفة من الإمامية، ورجحت أن يكون المقصود الكلام على طائفة من الشيعة غير الإمامية، إذ إن ابن تيمية يتكلم بعد ذلك مباشرة على قولين للإمامية في هذه المسألة.
(11) ب (فقط) : يثبتون ; ن، ع، ا: تثبت.
(12) الكلام بين النجمتين ساقط من (م) .
(13) ب، ا، ن، م: بالجسم.
****************************** ****
قال الأشعري (1) : " وكل المجسمة (2) إلا نفرا قليلا (3) يقول (4) بإثبات الرؤية، وقد يثبت الرؤية من لا يقول بالتجسيم ".
قلت: وأما الصحابة والتابعون وأئمة الإسلام المعروفون بالإمامة في الدين، كمالك والثوري والأوزاعي والليث بن سعد والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي حنيفة وأبي يوسف وأمثال هؤلاء، وسائر أهل السنة (5) والحديث والطوائف المنتسبين (6) إلى السنة والجماعة كالكلابية والأشعرية والسالمية وغيرهم، فهؤلاء كلهم متفقون على إثبات الرؤية لله تعالى، والأحاديث بها متواترة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عند أهل العلم بحديثه.
[وكذلك الآثار بها متواترة عن الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وقد ذكر الإمام أحمد وغيره من الأئمة العالمين بأقوال السلف أن الصحابة والتابعين لهم بإحسان متفقون على أن الله يرى في الآخرة بالأبصار، ومتفقون على أنه لا يراه أحد في الدنيا بعينه، ولم يتنازعوا في ذلك إلا في نبينا - صلى الله عليه وسلم - خاصة: منهم من نفى رؤيته بالعين في الدنيا ومنهم من أثبتها. وقد بسطت هذه الأقوال والأدلة من الجانبين في غير هذا الموضع. والمقصود هنا نقل إجماع السلف على إثبات الرؤية
_________
(1) في المقالات 1/265.
(2) ن، م: الجهمية، وهو خطأ ظاهر.
(3) المقالات: يسيرا.
(4) ب، ا، ع، م: يقولون.
(5) ن، م: أهل البيت.
(6) ع، ن: المنتسبون.
****************************** *******
بالعين في الآخرة ونفيها في الدنيا، إلا الخلاف في النبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة] (1) .
وأما احتجاجه [واحتجاج النفاة أيضا] بقوله [تعالى] (2) : {لا تدركه الأبصار} [سورة الأنعام: 103] فالآية حجة عليهم لا لهم، لأن الإدراك: إما أن يراد به مطلق الرؤية، أو الرؤية، أو الرؤية المقيدة بالإحاطة، والأول باطل، لأنه ليس كل من رأى شيئا يقال: إنه [أدركه، كما لا يقال:] (3) أحاط به، كما سئل ابن عباس [رضي الله عنهما] (4) عن ذلك فقال (5) : ألست ترى السماء؟ قال: بلى، قال: أكلها ترى (6) ؟ قال: لا.
ومن رأى جوانب الجيش أو الجبل (7) أو البستان أو المدينة لا يقال: إنه أدركها (8) ، وإنما يقال: أدركها إذا أحاط بها رؤية (9) ، ونحن في هذا المقام ليس علينا بيان ذلك، وإنما ذكرنا هذا بيانا لسند (10) المنع، بل المستدل بالآية عليه أن يبين أن الإدراك في لغة العرب مرادف للرؤية، وأن كل من رأى شيئا يقال في لغتهم إنه أدركه، وهذا لا سبيل إليه، كيف وبين لفظ
_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
(2) ب، ا: وأما احتجاج النفاة بقوله تعالى ; ن، م: وأما احتجاجه بقوله.
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(4) رضي الله عنهما: ساقطة من (ن) ، (م) . وفي (ع) : رضي الله عنه.
(5) ن، م: قال.
(6) ع: أترى كلها؟
(7) ن، م: جوانب الخيل أو الجيش ; ': جوانب الجيش أو الجند.
(8) ع: أدركه.
(9) ن: ولا يقال إنه أدركها إلا إذا أحاط بها رؤية ; م: إلا إذا أحاط بها رؤية.
(10) ع: لنسند ; أ: لسد.
****************************** *****
الرؤية ولفظ الإدراك (1) عموم وخصوص [أو اشتراك لفظي] (2) ، فقد تقع رؤية بلا إدراك، [وقد يقع إدراك بلا رؤية] (3) ، فإن الإدراك (4) يستعمل في إدراك العلم وإدراك القدرة، فقد (5) يدرك الشيء بالقدرة وإن لم يشاهد، كالأعمى الذي طلب رجلا هاربا منه (6) فأدركه ولم يره، وقد قال تعالى: {فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون - قال كلا إن معي ربي سيهدين} [سورة الشعراء: 61، 62] فنفى موسى الإدراك مع إثبات الترائي (7) ، فعلم (8) أنه قد يكون رؤية بلا إدراك. والإدراك هنا هو إدراك القدرة، أي ملحوقون (9) محاط بنا وإذا انتفى (10) هذا الإدراك فقد تنتفي (11) إحاطة البصر [أيضا] (12) .
ومما يبين ذلك أن الله [تعالى] (13) ، ذكر هذه الآية يمدح بها (14) نفسه
_________
(1) ن، م: وبين الرؤية والإدراك.
(2) عبارة " أو اشتراك لفظي " ساقطة من (ن) ، (م) وموجودة في (ب) في غير موضعها بعد عبارة: وقد يقع إدراك بلا رؤية.
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(4) ب: وإن الإدراك ; ن، م: والإدراك ; أ: وإن الاستدراك.
(5) ن، م: يقال.
(6) منه: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(7) ع: الرؤية.
(8) ن، م: أي يعلم.
(9) أ، ب، م: ملحقون.
(10) ن، م: نفى.
(11) ن، م: ينفي.
(12) أيضا: ساقطة من (ن) ، (م) ، (ع) .
(13) تعالى: ساقطة من (ن) .
(14) ن، م: فيها.
****************************** ***
سبحانه وتعالى، ومعلوم أن كون الشيء لا يرى ليس صفة مدح، لأن النفي المحض لا يكون مدحا إن لم يتضمن أمرا ثبوتيا، ولأن المعدوم (1) أيضا لا يرى، والمعدوم لا يمدح، فعلم أن مجرد نفي الرؤية لا مدح فيه.
[وهذا أصل مستمر، وهو أن العدم المحض الذي لا يتضمن ثبوتا لا مدح فيه ولا كمال، فلا يمدح الرب نفسه به، بل ولا يصف نفسه به، وإنما يصفها بالنفي المتضمن معنى ثبوت، كقوله: {لا تأخذه سنة ولا نوم} وقوله: {من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه} ، وقوله: {ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء} ، وقوله: {ولا يئوده حفظهما وهو العلي العظيم} [سورة البقرة: 255] وقوله: {لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض} [سورة سبأ: 3] ، وقوله: {وما مسنا من لغوب} [سورة ق: 38] ، ونحو ذلك من القضايا السلبية التي يصف الرب تعالى بها نفسه، وأنها تتضمن اتصافه بصفات الكمال الثبوتية، مثل كمال حياته وقيوميته وملكه وقدرته وعلمه وهدايته وانفراده بالربوبية والإلهية ونحو ذلك. وكل ما يوصف به العدم المحض فلا يكون إلا عدما محضا، ومعلوم أن العدم المحض يقال فيه: إنه يرى، فعلم أن نفي الرؤية عدم محض، ولا يقال في العدم المحض: لا يدرك، وإنما يقال: هذا فيما لا يدرك لعظمته لا لعدمه] (2) .
[وإذا (3) كان المنفي هو الإدراك، فهو سبحانه وتعالى (4) لا يحاط به
_________
(1) ب، أ: لأن المعدوم ; ن، م: ولأن العدم.
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) (م) .
(3) ب، أ: وإن.
(4) وتعالى: ساقطة من (أ) ، (ب) .
****************************** ****
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (126)
صـ 320 إلى صـ 326
رؤية، كما لا يحاط به علما، ولا يلزم من نفي إحاطة العلم والرؤية نفي العلم (1) والرؤية، بل يكون ذلك دليلا على أنه يرى ولا يحاط به (2 كما يعلم ولا يحاط به 2) (2) فإن تخصيص الإحاطة بالنفي (3) يقتضي أن مطلق الرؤية ليس بمنفي، وهذا الجواب قول أكثر العلماء من السلف وغيرهم، وقد روي معناه عن ابن عباس رضي الله عنهما (4) وغيره] (5) . (6 وقد روي في ذلك حديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم 6) (6) . ولا (7) تحتاج
_________
(1) العلم: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) (2 - 2) : ساقط من (أ) ، (ب) .
(3) بالنفي: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) رضي الله عنهما: زيادة في (أ) ، (ب) .
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) وجاء في (م) في غير موضعه.
(6) (6 - 6) ساقط من (أ) ، (ب) . وجاء في الدر المنثور للسيوطي 3/37 (ط. إيران، 1377) : " قوله تعالى: (لا تدركه الأبصار) الآية. أخرج ابن أبي حاتم والعقيلي وابن عدي وأبو الشيخ وابن مردويه بسند ضعيف عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: (لا تدركه الأبصار) قال: لو أن الإنس والجن والشياطين والملائكة - منذ خلقوا إلى أن فنوا - صفوا صفا واحد ما أحاطوا بالله أبدا. قال الذهبي: هذا حديث منكر. وأخرج الترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم - وصححه - وابن مردويه واللالكائي في " السنة " عن ابن عباس قال: رأى محمد ربه، قال عكرمة: فقلت له: أليس الله يقول: (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار) ؟ قال: لا أم لك، ذاك نوره الذي هو نوره إذا تجلى بنوره لا يدركه شيء، وفي لفظ: إنما إذا تجلى بكيفيته لم يقم له بصر. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس (لا تدركه الأبصار) قال: " لا يحيط بصر أحد بالله ". ثم أورد السيوطي الأثر الذي أورده ابن تيمية آنفا عن ابن عباس وجاء فيه: ألست ترى السماء. . إلخ. فلعل هذا الحديث المرفوع وتلك الآثار عن ابن عباس هي التي عنى ابن تيمية الإشارة إليها.
(7) ب، أ: فلا.
****************************** ***
الآية إلى تخصيص ولا خروج عن ظاهر الآية، فلا (1) نحتاج أن نقول: لا نراه في الدنيا، أو نقول: لا تدركه الأبصار بل المبصرون، أو لا تدركه كلها بل بعضها، ونحو ذلك من الأقوال التي فيها تكلف.
[ثم نحن في هذا المقام يكفينا أن نقول: الآية تحتمل ذلك، فلا يكون فيها دلالة على نفي الرؤية، فبطل استدلال من استدل بها على الرؤية، وإذا أردنا أن نثبت دلالة الآية على الرؤية مع نفيها للإدراك الذي هو الإحاطة أقمنا الدلالة على أن الإدراك في اللغة ليس هو مرادفا للرؤية، بل هو أخص منها، وأثبتنا ذلك باللغة وأقوال المفسرين من السلف وبأدلة أخرى سمعية وعقلية] (2) .
[التعليق على قوله ولأنه ليس في جهة]
وأما قوله (3) : " ولأنه (4) ليس في جهة ".
فيقال: للناس في إطلاق لفظ الجهة ثلاثة أقوال: فطائفة تنفيها، وطائفة تثبتها، وطائفة تفصل (5) . وهذا النزاع موجود في المثبتة للصفات من أصحاب الأئمة الأربعة وأمثالهم، [ونزاع] أهل الحديث والسنة (6) الخاصة في نفي (7) ذلك وإثباته
_________
(1) ن، م: ولا.
(2) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
(3) سبق ورود هذه العبارة من كلام ابن المطهر ضمن العبارة السابقة (ص [0 - 9] 15) ووردت في " منهاج الكرامة " 1/82 (م) ، وفي هذا الجزء ص [0 - 9] 8.
(4) ع: وأنه ; ب، أ: لأنه. والمثبت في (ن) ، (م) ومنهاج الكرامة.
(5) ع: وطائفة تفصل، وطائفة تثبتها.
(6) ونزاع: ساقطة من (ن) ، (م) ; الحديث: ساقطة من (ع) .
(7) نفي: ساقطة من (ع) .
****************************** *********
نزاع لفظي، ليس هو نزاعا معنويا. ولهذا كان طائفة من أصحاب [الإمام] (1) أحمد - كالتميميين والقاضي [أبي يعلى] (2) في أول قوليه تنفيها (3) ، وطائفة أخرى [أكثر منهم] (4) تثبتها، وهو آخر قولي (5) القاضي.
[والمتبعون للسلف لا يطلقون نفيها ولا إثباتها إلا إذا تبين أن ما أثبت بها فهو ثابت وما نفي بها فهو منفي، لأن المتأخرين قد صار لفظ الجهة في اصطلاحهم فيه إجمال وإبهام كغيرها من ألفاظهم الاصطلاحية، فليس كلهم يستعملها في نفس معناها اللغوي، ولهذا كان النفاة ينفون بها حقا وباطلا، ويذكرون عن مثبتيها ما لا يقولون به، وبعض المثبتين لها يدخل فيها معنى باطلا مخالفا لقول السلف ولما دل عليه الكتاب والميزان] (6) .
_________
(1) الإمام: زيادة في (ع) .
(2) في (ن) ؛ (م) كتبت كلمة " كالتميميين " محرفة، و " أبي يعلى " ساقطة من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) . وعرف بالتميمي أكثر من واحد من أصحاب أحمد منهم: عبد العزيز بن الحارث بن أسد أبو الحسن التميمي، المتوفى سنة 317 (ترجمته في: طبقات الحنابلة 2/139 ; المنتظم لابن الجوزي 7/110) ، وحفيده: أبو محمد رزق الله بن عبد الوهاب بن عبد العزيز بن الحارث بن أسد التميمي، المتوفى سنة 488، وهو أشهر التميميين (ترجمته في: طبقات الحنابلة 2/250 - 251 ; الذيل لابن رجب 1/77 - 85 ; المنتظم 9/88 - 89) ، وعبد الوهاب بن عبد العزيز، أبو الفرج التميمي (والد أبي محمد) المتوفى سنة 425 (ترجمته في: طبقات الحنابلة 2/182 ; المنتظم 8/81) ، وعبد الواحد بن عبد العزيز، أبو الفضل التميمي (أخو عبد الوهاب) المتوفى سنة 410 (ترجمته في طبقات الحنابلة 2/179 ; المنتظم 7/295) . قال ابن أبي يعلى في ترجمته: رزق الله بن عبد الوهاب: " أحد الحنابلة المشهورين في الحنبلية، هو وأبوه وعمه وجده " فلعل ابن تيمية قصد الإشارة إليهم.
(3) ب، أ، ن، م: ينفيها.
(4) عبارة " أكثر منهم ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) ن، م: قول.
(6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
****************************** ********
وذلك أن لفظ " الجهة " قد يراد به ما هو موجود، وقد يراد به ما هو معدوم، ومن المعلوم أنه (1) لا موجود إلا الخالق والمخلوق، فإذا أريد بالجهة أمر موجود غير الله كان مخلوقا، والله تعالى لا يحصره ولا يحيط به شيء من المخلوقات (2 فإنه بائن من المخلوقات 2) (2) .
وإن أريد بالجهة أمر عدمي، وهو ما فوق العالم (3) ، فليس هناك إلا الله وحده.
فإذا قيل: إنه في جهة ; [إن] (4) كان معنى الكلام أنه هناك فوق العالم حيث انتهت المخلوقات، فهو فوق الجميع عال عليه. (5) [ونفاة لفظ " الجهة " يذكرون من أدلتهم أن الجهات كلها مخلوقة، وأنه كان قبل الجهة، وأنه من قال: إنه في جهة يلزمه القول بقدم شيء من العالم، أو أنه كان مستغنيا عن الجهة ثم صار فيها.
وهذه الأقوال ونحوها إنما تدل على أنه ليس في شيء من المخلوقات سواء سمي جهة أو لم يسم. وهذا حق ; فإنه سبحانه منزه عن أن تحيط به المخلوقات، أو أن يكون مفتقرا إلى شيء منها: العرش أو غيره. ومن ظن من الجهال أنه إذا نزل إلى سماء الدنيا - كما جاء الحديث (6) - يكون العرش فوقه، ويكون محصورا بين طبقتين من
_________
(1) ب، أ: أن.
(2) : (2 - 2) ساقط من (ب) ، (أ) .
(3) . ن، م: ما فوق الفلك.
(4) إن: في (ع) فقط.
(5) الكلام التالي بعد القوس في (ع) فقط، وينتهي في الصفحة التالية.
(6) الإشارة هنا إلى حديث النزول وهو مروي عن أبي هريرة وغيره من الصحابة من وجوه عدة ونص الحديث في إحدى رواياته (البخاري 2/52 - 53، كتاب التهجد، باب الدعاء والصلاة من آخر الليل) : " عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول: من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له ". وهو موجود أيضا في: البخاري 8/71 (كتاب الدعوات، باب الدعاء نصف الليل) ، 9/143 (كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: يريدون أن يبدلوا كلام الله) ; مسلم 1/521 - 523 (كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل والإجابة فيه) ; سنن أبي داود 2/47 (كتاب الصلاة، باب أي الليل أفضل) ، 4/314 (كتاب السنة، باب الرد على الجهمية) ; المسند (ط. المعارف) الأرقام 967، 968، 3673، 3821، 7500، 7582، 7611، 7779. وهو أيضا في مواضع أخرى كثيرة في المسند، وروي كذلك في سنن الترمذي وسنن ابن ماجه وسنن الدارمي ومسند الطيالسي (وانظر: مفتاح كنوز السنة، مادة: الدعاء) . وأفرد ابن خزيمة فصلا لأحاديث النزول في كتابه " التوحيد "، ص 83 - 90
*****************************
العالم، فقوله مخالف لإجماع السلف مخالف للكتاب والسنة، كما قد بسط في موضعه. وكذلك توقف من توقف في نفي ذلك من أهل الحديث فإنما ذلك لضعف علمه بمعاني الكتاب والسنة وأقوال السلف.
ومن نفى الجهة وأراد بالنفي كون المخلوقات محيطة به أو كونه مفتقرا إليها فهذا حق، لكن عامتهم (1) لا يقتصرون على هذا، بل ينفون أن يكون فوق العرش رب العالمين، أو أن يكون محمد - صلى الله عليه وسلم - عرج به إلى الله، أو أن يصعد إليه شيء وينزل منه شيء، أو أن يكون مباينا للعالم، بل تارة يجعلونه لا مباينا ولا محايثا (2) ، فيصفونه بصفة المعدوم والممتنع، وتارة يجعلونه حالا في كل موجود، أو يجعلونه وجود كل موجود، ونحو ذلك مما يقوله أهل التعطيل وأهل الحلول] (3) .
_________
(1) في الأصل (ع) : غايتهم. وأرجو أن يكون الصواب ما أثبته.
(2) في الأصل (ع) : محايشا، والصواب ما أثبته.
(3) هنا ينتهي السقط المشار إلى أوله في الصفحة السابقة.
****************************** ****
[تنازع مثبتة الرؤية في العلو والاستواء]
وإذا كان كذلك، فهو قد استدل على عدم الرؤية بكونه (1) ليس في جهة. وهذا الموضع [مما] تنازع فيه (2) مثبتو الرؤية، فقال الجمهور (3) بما (4) دل عليه قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " «إنكم ترون (5) ربكم كما ترون الشمس والقمر لا تضامون في رؤيته» ". وهذا الحديث متفق [عليه] (6) من طرق (7) كثيرة، [وهو] (8) مستفيض بل متواتر عند أهل العلم بالحديث (9) ، اتفقوا على [صحته (10) ، مع] (11) أنه جاء من وجوه كثيرة قد
_________
(1) ن، م: لكونه.
(2) ن، م: وهذا الموضع ينازع فيه.
(3) ع: جمهورهم.
(4) بما: ساقطة من (ب) ، (أ) ، وكتبت في (ن) ، (م) : مما، وهو تحريف.
(5) ع: سترون.
(6) ب، أ، ن، م: منقول.
(7) م: جهات.
(8) وهو: ساقطة من (ن) ، (م) .
(9) ب، أ: والحديث منقول. وفي هامش نسخة (ع) كتب ما يلي: " حديث إنكم سترون ربكم. . . وهو مستفيض بل متواتر عند أهل العلم بالحديث. قلت: أشار بذلك إلى أن الحديث المتواتر ليس بعزيز الوجود ولا منحصرا بحديث من كذب علي متعمدا. . إلخ كما زعم بذلك أبو عمرو بن الصلاح في كتابه في علوم الحديث، بل هو كثير الوجود بأن تعدد طريق الحديث وتكثر بحيث يستحيل العقل تواطؤ رواته على الكذب، وقد حقق خاتمة الحفاظ العسقلاني ذلك، وقال الجلال السيوطي في شرح التقريب: جعلت رسالة جمعت فيها مقدار عشرين حديثا من المتواترات، فذكرها فردا فردا ".
(10) هذا الحديث مروي من وجوه عدة وبألفاظ متقاربة عن عدد من الصحابة، منهم علي بن أبي طالب وجابر بن عبد الله وأبو هريرة في: البخاري 6/44 - 45 (كتاب التفسير، باب قوله: إن الله لا يظلم مثقال ذرة) ، 9/128 - 127 (كتاب التوحيد باب قول الله تعالى: وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة) ; مسلم 1/164 (كتاب الإيمان، باب معرفة طريق الرؤية) ; سنن أبي داود 4/322 - 323 (كتاب السنة، باب في الرؤية) ; سنن الترمذي 4/92 - 93 (كتاب صفة الجنة، باب ما جاء في رؤية الرب تبارك وتعالى) ; سنن ابن ماجه 1/63 - 64 (المقدمة، باب فيما أنكرت الجهمية) ; المسند (ط. المعارف) الأرقام: 7703، 7914، (ط. الحلبي) 3/16 - 17، 4/11. والحديث في أكثر هذه الكتب في مواضع أخرى ويوجد في كتب أخرى، وانظر: مفتاح كنوز السنة (الله) . وانظر درء تعارض العقل والنقل 7/29 - 31.
(11) صحته مع: ساقط من (ن) .
****************************** ********
جمع طرقها أكثر (1) أهل العلم بالحديث، كأبي الحسن الدارقطني وأبي نعيم الأصبهاني وأبي بكر الآجري وغيرهم (2) . (* وقد أخرج أصحاب الصحيح (3) ذلك من وجوه متعددة توجب لمن كان عارفا بها العلم القطعي (4) بأن لرسول الله [- صلى الله عليه وسلم -] (5) قال ذلك *) (6) . وقالت طائفة: إنه يرى [لا] (7) في جهة، لا أمام الرائي ولا خلفه، ولا عن يمينه ولا عن يساره، ولا فوقه ولا تحته. وهذا هو المشهور عند متأخري (8) الأشعرية فإن هذا مبني على اختلافهم في كون البارئ [تعالى] (9) فوق العرش.
فالأشعري وقدماء أصحابه كانوا يقولون: إنه بذاته فوق العرش، وهو مع ذلك (10) ليس بجسم (11) .
_________
(1) أكثر: زيادة في (ن) فقط.
(2) ذكر بروكلمان (تاريخ الأدب العربي 3/211) أن للدارقطني كتابا جمع فيه ما ورد من النصوص الواردة في كتاب الله والأحاديث المتعلقة برؤية الباري، ومنه نسخة خطية في الإسكوريال، كما ذكر (3/209) أن للآجري كتاب التصديق بالنظر إلى الله في الآخرة، ومنه نسخة خطية في الظاهرية، وفي كتاب " الشريعة " له باب بهذا العنوان، ص [0 - 9] 51 - 270، ط. حامد الفقي 1369/1950.
(3) ن: أصحاب البخاري ومسلم ; م: أصحاب الصحيح كالبخاري ومسلم.
(4) القطعي: زيادة في (ن) ، (م) .
(5) صلى الله عليه وسلم: ساقطة من (ن) .
(6) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
(7) لا: ساقطة من (ن) ، (م) .
(8) متأخري: ساقطة من (ع) .
(9) تعالى: ساقطة من (ن) ، (م) .
(10) ب، أ: ومع ذلك.
(11) كتب مقابلا لهذا الموضع في هامش (ع) : " قلت: وممن يقول بكونه تعالى فوق العرش بذاته أبو زيد في رسالته المشهورة عندهم. وقد ينيف من شرح هذه الرسالة من العلماء على ثلاثمائة، وهي في غاية الشهرة عند المغاربة وكانوا يقولون لمؤلفها مالك الصغير ".
******************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (127)
صـ 327 إلى صـ 333
وعبد الله [بن سعيد] (1) بن كلاب والحارث المحاسبي وأبو العباس القلانسي كانوا يقولون بذلك، بل كانوا أكمل إثباتا من الأشعري (2) ، [فالعلو عندهم من الصفات العقلية، وهو عند الأشعري من الصفات السمعية] (3) ، (3 ونقل ذلك الأشعري 3) (4) عن أهل السنة والحديث كما فهمه عنهم (5) . [وكان أبو محمد بن كلاب هو الأستاذ الذي اقتدى به الأشعري في طريقه هو وأئمة أصحابه (6) كالحارث المحاسبي وأبي العباس القلانسي وأبي سليمان الدمشقي وأبي حاتم البستي (7) . وخلق كثير يقولون: إن اتصافه بأنه مباين للعالم عال عليه هو من الصفات المعلومة بالعقل كالعلم والقدرة، وأما الاستواء على العرش فهو من الصفات الخبرية، وهذا قول كثير من أصحاب الأئمة الأربعة (8) وأكثر أهل
_________
(1) ابن سعيد: زيادة في (ع) .
(2) ن، م: أكمل الناس إثباتا من الأشعري، وهو خطأ.
(3) ما بين المعقوفتين ساقط جميعه من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
(4) : (3 - 3) ساقط من (أ) ، (ب) .
(5) عبارة " كما فهمه عنهم ": زيادة في (ن) ، (م) .
(6) في هامش نسخة (ع) كتب التعليق التالي: " وقد رأيت كلام الأشعري يصرح بذلك في الإبانة ".
(7) وأبي سليمان الدمشقي وأبي حاتم البستي: كذا جاء في (ع) ، وأبو حاتم البستي هو محمد بن حبان المحدث المتوفى سنة 354 ولم يذكر ضمن أصحاب الأشعري وكذلك لم يذكر أبو سليمان الدمشقي، وسبق أن ذكرنا الخلاف في أبي العباس القلانسي أهو متقدم عن الأشعري أم معاصر له، وكذا الأمر بخصوص المحاسبي فقد كان معاصرا لابن كلاب وهجرة أحمد بن حنبل بسبب صحبته له، فهؤلاء موصفون بأنهم أصحاب الأشعري. وقد يكون المقصود أنهم من أصحاب ابن كلاب ولكن يلاحظ أن ابن حبان ولد بعد وفاة ابن كلاب بحوالي ثلاثين عاما.
(8) في الهامش كتب التعليق التالي: " ورأيت صاحب " التبصرة " ينقل عن محمد بن حسن الشيباني أنه يمر أحاديث الصفات جميعا على ظواهرها ولا يئولها، وكذلك الإمام البغوي في " شرح السنة " يقول: جميع ما جاء من أحاديث الصفات لا نئولها بل نبقى على ظواهرها وبالغ فيه وقال إنه يجب ذلك ولا يجوز غيره حتى إن إنكارها تعطيل ومن أنكرها فهو من المعطلة وذلك مثل اليد والقدم والإصبع والوجه والعين والنزول والإتيان والتحول وغير ذلك. قال: وكل ذلك صفات له تعالى بلا كيف، وأما الحنابلة فسداهم ولحمتهم إثبات الصفات الخبرية. ورأيت في كتاب " الرسالة " لأبي زيد، وهو من قدماء أصحاب مالك وعظمائهم حتى يقال له: مالك الصغير، يقول في تلك الرسالة: إنه تعالى على العرش بذاته، وهذه الرسالة في غاية الشهرة عند المغاربة وفي مصر والشام والحجاز، ويقال إن لها شروحا تبلغ إلى مائتين أو أزيد وعندي شرح منها يقال له: ابن زروق "
****************************** *********
الحديث، وهو آخر قولي القاضي أبي يعلى وقول أبي الحسن بن الزاغوني (1) ، وهو قول كثير من أهل الكلام من الكرامية وغيرهم. وأما الأشعري فالمشهور عنه أن كليهما صفة خبرية، وهو قول كثير من أتباع الأئمة الأربعة وهو أول (2) قولي القاضي أبي يعلى وقول التميميين وغيرهم من أصحابه] (3) .
وكثير من متأخري [أصحاب الأشعري] (4) أنكروا أن يكون [الله] فوق العرش [أو في السماء] (5) . وهؤلاء [الذين ينفون الصفات الخبرية كأبي المعالي وأتباعه، فإن الأشعري وأئمة أصحابه يثبتون الصفات الخبرية. (6)
_________
(1) وهو علي بن عبيد الله بن نصر السري، وسبقت ترجمته 1/142.
(2) بعد كلمة " وهو " توجد إشارة إلى الهامش ثم توجد في الأصل كلمة " قولي " ولكن كلمة " أول " ليست ظاهرة في الهامش إذ كتب المعلق فوقها كلاما آخر سبق أن أثبتناه. وقد أضفت كلمة " أول " لاتفاقها مع سياق الكلام
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) : وأوله في الصفحة السابقة.
(4) ب، أ، ن، م: متأخريهم.
(5) ن، م: أنكر أن يكون فوق العرش ; ب، أ: أنكروا أن يكون فوق العرش أو في السماء
(6) في هامش نسخة (ع) كتب التعليق التالي بعد نقل عبارات ابن تيمية السابقة: " فإن الأشعري يثبت النزول والتحول والإتيان في ظلل من الغمام واليد والإصبع والعين والوجه والقدم والجنب وغيرها مما ثبت في الأحاديث، ورأيت كلامه في كتاب " الإبانة " يشعر بأنه من أتباع أحمد بن حنبل وأنه يعتقد كل ما يعتقد أحمد بن حنبل إلا أن المتأخرين غيروا مسلكه وخالفوه في كثير مما قال به فظن الناظرون في كلامهم أن كلام الأشعري كذلك ".
****************************** *****
وهؤلاء ينفونها، فنفوا هذه الصفة ; لأنها - على قول الأشعري - من الصفات الخبرية، ولما لم تكن هذه الصفة عند هؤلاء عقلية] (1) قالوا: إنه يرى لا في جهة (2) .
وجمهور الناس [من] (3) مثبتة الرؤية ونفاتها يقولون: إن قول هؤلاء معلوم الفساد بضرورة العقل، كقولهم في الكلام. ولهذا يذكر أبو عبد الله الرازي أنه لا يقول بقولهم في مسألة الكلام والرؤية (4) أحد من طوائف المسلمين.
[ابن تيمية يسلك طريقين من البيان في مسألة الرؤية]
[الطريق الأول]
ونحن [نسلك طريقين من البيان: أحدهما: نبين فيه أن هؤلاء الذين رد عليهم من مثبتي الرؤية كالأشعري وغيره أقرب إلى الصواب من قول النفاة. الثاني: نبين في الحق بيانا مطلقا لا نذب فيه عن أحد.
الطريق الأول: أن] (5) نبين أن هذه الطائفة وغيرها من الطوائف المثبتة للرؤية (6) أقل خطأ وأكثر صوابا من نفاة الرؤية. ونقول لهؤلاء النفاة [للرؤية] (7) : أنتم أكثرتم التشنيع على الأشعرية [ومن وافقهم من أتباع الأئمة] (8) في مسألة الرؤية. ونحن نبين أنهم أقرب إلى الحق منكم [نقلا
_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(2) ن: فقالوا إنه لا يرى في جهة ; م: فقالوا إنه يرى لا في جهة.
(3) من: ساقطة من (ن) فقط.
(4) ن: الرؤية والكلام.
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) . والطريق الثاني يبدأ ص 348.
(6) للرؤية: ساقطة من (ع) .
(7) ع: ونقول لنفاة الرؤية ; ن، م: ونقول لهؤلاء النفاة.
(8) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
****************************** *****
وعقلا] (1) ، وأن قولهم إذا كان فيه خطأ فالخطأ [الذي في] (2) قولكم أعظم وأفحش (3) [عقلا ونقلا] (4) .
فإذا قلتم: هؤلاء إذا أثبتوا مرئيا لا (5) في جهة كان هذا (6) مكابرة للعقل.
قيل لكم: لا يخلو (7) إما أن تحكموا في هذا الباب العقل، وإما أن لا تحكموه (8) ، فإن لم تحكموه بطل قولكم، وإن حكمتموه فقول من أثبت موجودا قائما بنفسه يرى أقرب إلى العقل (9) من قول من أثبت موجودا قائما بنفسه لا يرى. ولا يمكن أن يرى. و [ذلك] لأن (10) الرؤية لا يجوز أن يشترط في ثبوتها أمور عدمية بل لا يشترط في ثبوتها (11) إلا أمور وجودية.
ونحن لا ندعي هنا أن كل موجود يرى كما ادعى (12) ذلك من ادعاه فقامت عليه الشناعات، [فإن ابن كلاب ومن اتبعه من أتباع الأئمة
_________
(1) نقلا وعقلا: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) الذي في: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) ن: وأنجس.
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
(5) لا: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(6) هذا: ساقطة من (ع) .
(7) لا يخلو: ساقطة من (ع) .
(8) ن، م: وإما أن لا تحكموا.
(9) ب، ا، ن، م: الحق.
(10) ن، م: ولأن.
(11) ب، ا: وجودها.
(12) ب، ا: قال.
****************************** ****
الأربعة وغيرهم قالوا: كل قائم بنفسه يرى، وهكذا قالت الكرامية وغيرهم فيما أظن، وهذه الطريقة التي سلكها ابن الزاغوني من أصحاب أحمد.
وأما الأشعري فادعى أن كل موجود يجوز أن يرى، ووافقه على ذلك طائفة من أصحاب الأئمة الأربعة كالقاضي أبي يعلى وغيره، ثم طرد قياسه فقال: كل موجود يجوز أن تتعلق به الإدراكات الخمس: السمع والبصر والشم والذوق واللمس، ووافقه على ذلك طائفة من أصحابه كالقاضي أبي بكر وأبي المعالي والرازي، وكذلك القاضي أبو يعلى وغيرهم، وخالفهم غيرهم فقالوا: لا نثبت في ذلك الشم والذوق واللمس، ونفوا جواز تعلق هذه بالبارئ، والأولون جوزوا تعلق الخمس بالبارئ، وآخرون من أهل الحديث وغيرهم أثبتوا ما جاء به السمع من اللمس دون الشم والذوق، وكذلك المعتزلة منهم من أثبت جنس الإدراك كالبصريين، ومنهم من نفاه كالبغداديين. والمقصود هنا بأن المثبتة، ولو أخطئوا في بعض كلامهم فهم أقرب إلى الحق نقلا وعقلا من نفاة الرؤية] (1) .
فنقول (2) : من الأشياء ما يرى ومنها ما لا يرى، والفارق بينهما لا يجوز أن يكون أمورا عدمية ; لأن الرؤية أمر وجودي [والمرئي لا يكون إلا موجودا، فليست عدمية] (3) لا تتعلق (4) بالمعدوم، ولا (5) يكون الشرط فيه
_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
(2) ن: بل يقولون ; (ب) ، (أ) ، (م) : بل نقول.
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
(4) ب، ا، م: لا يتعلق ; ن: يتعلق.
(5) ب، ا، ن، م: فلا.
****************************** **********
إلا أمرا وجوديا [لا يكون عدميا، وكل ما لا يشترط فيه إلا الوجود دون العدم كان بالوجود الأكمل أولى منه بالأنقص] (1) ، فكل ما كان (2) وجوده أكمل كان أحق بأن يرى، وكل ما لم يمكن أن يرى فهو أضعف وجودا [مما يمكن أن يرى] (3) ، فالأجسام الغليظة أحق بالرؤية [من الهواء (4) ، والضياء أحق بالرؤية] من الظلام ; لأن النور أولى بالوجود، والظلمة أولى بالعدم، والموجود الواجب الوجود أكمل الموجودات وجودا وأبعد (5) الأشياء عن العدم فهو أحق بأن يرى، وإنما لم نره (6) لعجز أبصارنا عن رؤيته لا لأجل امتناع رؤيته، كما أن شعاع الشمس أحق بأن يرى من جميع الأشياء.
ولهذا مثل النبي - صلى الله عليه وسلم - رؤية الله به فقال: " «ترون ربكم كما ترون الشمس والقمر» " شبه الرؤية بالرؤية، وإن لم يكن المرئي مثل المرئي، ومع هذا فإذا حدق البصر في الشعاع (7) ضعف عن رؤيته، لا لامتناع في [ذات] (8) المرئي بل لعجز الرائي، فإذا كان في
_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
(2) ب، ا، ن، م: وكل ما كان.
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) : وكانت العبارة في الأصل مما لا يمكن، وهو ضد المعنى.
(4) ب، ا: فالأجسام الجامدة أحق بالرؤية من الضياء ; ن، م: الجملة متداخلة مع الجملة التي تليها هكذا: والأجسام الصقيلة (كذا وفي (م) : الصقلية) أحق بالرؤية من الظلام، وهو تحريف ظاهر.
(5) ب: أبعد ; أ: بعد.
(6) ب: لم ير ; أ: لم نرى.
(7) ع: فإذا حذق البصر في الشعاع ; ن: فإذا حدق الشعاع بالبصر ; ب، ا، م: فإذا أحدق البصر في الشعاع.
(8) ذات: ساقطة من (ن) .
****************************** ***************
الدار الآخرة أكمل الله [تعالى] (1) الآدميين وقواهم حتى أطاقوا رؤيته، ولهذا لما تجلى الله [عز وجل] (2) للجبل خر موسى صعقا {فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين} [سورة الأعراف: 143] . قيل: أول المؤمنين (3) بأنه لا يراك حي إلا مات، ولا يابس إلا تدهده (4) ، فهذا للعجز (5) الموجود في المخلوق، لا لامتناع في ذات المرئي، بل كان المانع من ذاته، لم يكن إلا لنقص وجوده حتى ينتهي الأمر إلى المعدوم الذي لا يتصور أن يرى [خارج الرائي] (6) .
[ولهذا كان البشر يعجزون عن رؤية الملك في صورته إلا من أيده الله، كما أيد نبينا - صلى الله عليه وسلم -، قال تعالى: {وقالوا لولا أنزل عليه ملك ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر ثم لا ينظرون - ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون} [سورة الأنعام: 8، 9] قال غير واحد من السلف: هم لا يطيقون أن يروا الملك في صورته، فلو أنزلنا إليهم ملكا لجعلناه في صورة بشر، وحينئذ كان يشتبه عليهم هل هو ملك أو بشر، فما كانوا ينتفعون بإرسال الملك إليهم، فأرسلنا إليهم بشرا من جنسهم يمكنهم رؤيته والتلقي عنه، وكان هذا من تمام الإحسان إلى الخلق والرحمة، ولهذا قال تعالى: {وما صاحبكم بمجنون} [سورة التكوير: 22] ،
_________
(1) تعالى: زيادة في (ع) .
(2) عز وجل: زيادة في (ع) .
(3) عبارة: " قيل أول المؤمنين " ساقطة من (ع) فقط.
(4) في (ن) ، (م) الكلام هنا ناقص ومضطرب.
(5) ع: (فقط) : العجز.
(6) ب (فقط) : الرأي، وهو خطأ وجملة " خارج الرائي " ساقطة من (ن) ، (م) .
****************************** ***
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (128)
صـ 334 إلى صـ 340
وقال: {ما ضل صاحبكم وما غوى} [سورة النجم: 2] وقال: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} [سورة التوبة: 128] وقال: {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم} [سورة إبراهيم: 4] ونحو ذلك من الآيات] (1) .
فإن قلتم: هؤلاء (2) يقولون: إنه يرى لا في جهة، وهذه مكابرة. فيقال: هذا قالوه بناء على الأصل الذي اتفقتم أنتم (3) وهم عليه، وهو أنه ليس في جهة. ثم إذا كان الكلام مع الأشعري وأئمة أصحابه ومن وافقهم من [أصحاب الحديث] (4) ، أصحاب أحمد وغيره كالتميميين وابن عقيل (5) وغيرهم: فيقال: هؤلاء يقولون: إنه فوق العالم بذاته، وإنه ليس بجسم ولا متحيز.
فإن قلتم: هذا القول مكابرة للعقل، لأنه إذا كان فوق العالم فلا بد أن يتميز (6) منه جانب عن جانب، [وإذا تميز منه جانب عن جانب] (7) كان جسما، فإذا أثبتوا موجودا قائما بنفسه فوق العرش (8) لا يوصف بمحاذاة
_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (أ) ، (م) .
(2) ب، ا: إن هؤلاء.
(3) أنتم: ساقطة من (ع) .
(4) " جملة أصحاب الحديث ": ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) سبقت ترجمة ابن عقيل 1/143.
(6) ن: يميزه.
(7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(8) عبارة " فوق العرش " ساقطة من (ع) .
****************************** ******
ولا مماسة (1) ، ولا يتميز (2) منه جانب عن جانب كان هذا مكابرة.
فيقال: لكم: أنتم [يا نفاة الرؤية] (3) تقولون ومن وافقكم من المثبتين للرؤية: إنه لا داخل العالم ولا خارجه، ولا مباين له ولا محايث له (4) .
فإذا قيل لكم: هذا خلاف المعلوم بضرورة العقل (5) ، فإن العقل لا يثبت شيئين موجودين إلا أن يكون أحدهما مباينا للآخر أو داخلا فيه، كما يثبت (6) الأعيان المتباينة والأعراض القائمة. بها وأما إثبات موجود قائم بنفسه لا يشار إليه ولا يكون داخل العالم ولا خارجه، فهذا مما يعلم العقل (7) استحالته وبطلانه بالضرورة.
قلتم (8) : هذا النفي حكم الوهم لا حكم العقل، وجعلتم في الفطرة حاكمين (9) : أحدهما الوهم والآخر العقل، مع أن المعنى الذي سميتموه الوهم قلتم (10) هو القوة التي تدرك معاني جزئية غير محسوسة في الأعيان المحسوسة، كالعداوة والصداقة، كما تدرك الشاة معنى في الذئب ومعنى في الكبش، فتميل إلى هذا وتنفر عن هذا. وإذا كان الوهم إنما
_________
(1) ب، ا: بمماسة ; ن: ميامنة ; م: بمباينة، وهو تحريف.
(2) ن، م: ولا يميز.
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
(4) ن، م، ع، ا: ولا مجانب له.
(5) ب: بالضرورة ; أ: بضرورة ; ن، م: فضرورة العقل (وهو تحريف) .
(6) ن: ثبتت.
(7) ع: فهذا إنما يعلم بالعقل.
(8) ع: وقلتم.
(9) ن: حالين.
(10) قلتم: ساقطة من (ب) ، (أ) .
****************************** ******
يدرك أمورا (1) معينة فهذه القضايا التي نتكلم فيها قضايا كلية عامة، والقضايا الكلية العامة هي للعقل لا للحس ولا للوهم الذي يتبع الحس، فإن الحس لا يدرك إلا أمورا معينة، وكذلك الوهم [عندكم] (2) . وقد بسط الرد على هؤلاء (3) في غير هذا الموضع، لكن المقصود هنا بيان أن قول أولئك أقرب من قولهم.
فيقال: إذا عرضنا على العقل وجود موجود لا داخل العالم ولا خارجه، ولا مباين له ولا محايث له (4) ، ووجود موجود مباين للعالم فوقه وهو ليس بجسم (5) ، كان تصديق العقل بالثاني أقوى من تصديقه بالأول، وهذا موجود في فطرة كل أحد، فقبول (6) الثاني أقرب إلى الفطرة ونفورها عن الأول أعظم فإن وجب تصديقكم في ذلك القول الذي هو عن الفطرة أبعد كان تصديق هؤلاء في قولهم أولى. وحينئذ فليس لكم أن تحتجوا على بطلان (7) (8 قولهم بحجة إلا وهي على بطلان قولكم أدل 8) (8) .
فإذا قلتم: [وجود موجود فوق العالم ليس بجسم لا يعقل.
قيل لكم: كما أن [ (9) ] وجود موجود لا داخل العالم ولا خارجه لا يعقل.
_________
(1) ب: ينكر أمورا ; أ: يذكرون أمورا ; ن، م: يدرك قوى.
(2) ع: عندهم، وهي ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) ن، م: هذا.
(4) ن، م، ع، ا: ولا مجانب له.
(5) ع: وليس بجسم.
(6) ب، ا، م: فقول ; ن: فيقول (وهو تحريف) .
(7) ب، ا: إبطال.
(8) (8 - 8) : هذا الكلام في نسخة (ن) ناقص ومضطرب. وفي (م) : قولكم بحجة. . أولى.
(9) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
****************************** ******
فإذا قلتم: نفي هذا من حكم الوهم.
قيل لكم: إن كان هذا النفي من حكم الوهم وهو غير مقبول فذلك (1) النفي من حكم الوهم، وهو غير مقبول بطريق الأولى.
فإذا قلتم: حكم الوهم الباطل أن يحكم في أمور غير محسوسة حكمه في أمور محسوسة (2) .
قيل: لكم (3) (* أجوبة: أحدها (4) : أن هذا يبطل حجتكم على بطلان قول هؤلاء، لأن قولكم إنه يمتنع (5) وجود موجود فوق العالم ليس بجسم ليس (6) أقوى من قول القائل يمتنع (7) وجود موجود قائم بنفسه لا يشار إليه، [ويمتنع وجود موجودين لا متباينين ولا متحايثين، ويمتنع وجود موجود ليس داخل العالم ولا خارجا عنه] (8) ، فإن كنتم لا تقبلون هذا الأقوى لزعمكم أنه من حكم الوهم (9) الباطل لزمكم أن لا تقبلوا ذلك الذي هو أضعف منه بطريق الأولى، فإن كليهما على قولكم من حكم الوهم الباطل، وفساد قولكم أبين في الفطرة من فساد (10) قول منازعيكم، فإن كان قولهم (11) مردودا
_________
(1) ن، م: فكذلك.
(2) ن، م: الأمور المحسوسة.
(3) الكلام بين النجمتين ساقط من (ن) ، (م) ، وينتهي في الصفحة التالية.
(4) ب، ا: جوابان أحدهما.
(5) ب: قولهم إنه لا يمتنع ; أ: قولهم إنه يمتنع.
(6) ليس: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(7) ب: من قول من يقول لا يمتنع ; أ: من قول من يقول يمتنع.
(8) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط، وفي الأصل: ولا خارج عنه.
(9) الوهم: ساقطة من (ع) .
(10) فساد: ساقطة من (ع) .
(11) ع: هذا القول.
****************************** ***
فقولكم أولى بالرد، وإن كان قولكم مقبولا فقولهم أولى بالقبول.
الجواب الثاني: أن يقال: *) : أنتم لم تثبتوا وجود أمور (1) لا يمكن الإحساس بها [ابتداء] (2) حتى يصح هذا الكلام، بل إنما أثبتم ما ادعيتم أنه لا يمكن الإحساس به [ابتداء] (3) بإبطال هذا الحكم الفطري (4) الذي يحيل وجود ما لا يمكن الإحساس به بحال (5) ، فإن كان (6) هذا الحكم لا يبطل حتى يثبت (7) الأمور التي ليست بمحسوسة (8) لزم (9) الدور فلا يبطل هذا الحكم حتى يثبت ما لا يمكن الإحساس به، ولا يثبت ذلك حتى يبطل هذا الحك، فلا يثبت ذلك.
[و] يقال: [لكم] : إن (10) جاز وجود أمور لا يمكن الإحساس بها (11) فوجود ما يمكن الإحساس به أولى (12) وإن لم يمكن بطل قولكم. فمن أثبت موجودا فوق العالم ليس بجسم يمكن الإحساس به، كان قوله
_________
(1) ع: أنتم أثبتم وجود أمور ; ن: أنتم لم تثبتوا وجودا ثم (وهو تحريف) .
(2) ابتداء: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) ابتداء: ساقطة من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
(4) ن، م: النظري.
(5) ب: الإحساس به وهو محال ; أ: الإحساس به محال.
(6) كان: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(7) ب، ا: تثبت.
(8) ع: ليست محسوسة ; ن، م: ليست غير محسوسة.
(9) ب (فقط) : فيلزم.
(10) ن، م: يقال إن. .
(11) ب: وجود أمر لا يمكن الإحساس به ; أ: وجود أمر يمكن الإحساس بها.
(12) ن، م: مع وجود ما لا يمكن الإحساس به ; ع: فوجود ما لا يمكن الإحساس به أولى، وهو تحريف.
****************************** ************
: أقرب إلى العقل ممن أثبت موجودا لا يمكن الإحساس به وليس بداخل العالم ولا خارجه.
ففي الجملة أنه (1) ما من حجة يحتجون بها على بطلان قول منازعيهم (2) إلا ودلالتها على بطلان قولهم أشد ولكنهم يتناقضون. والذين وافقوهم على بعض غلطهم صاروا (3) يسلمون (4) لهم تلك المقدمة الباطلة النافية [وهو إثبات موجود قائم بنفسه لا يشار إليه ولا يكون مباينا لغيره ولا محايثا له (5) ولا داخل العالم ولا خارجه] (6) ويطلبون (7) طردها، وطردها يستلزم الباطل المحض.
فوجه المناظرة أن تلك المقدمة لا تسلم (8) ، لكن يقال: إن كانت باطلة بطل أصل قول النفاة، [وإن كانت صحيحة فهي أدل على إمكان قول (9) أهل الإثبات، فإن كان إثبات موجود ليس بجسم ولا هو داخل العالم ولا خارجه ممكنا، فإثبات موجود فوق العالم وليس بجسم أولى بالإمكان، وإن لم يكن ذلك ممكنا بطل أصل قول النفاة] (10) ، وثبت أن الله [تعالى] (11) إما داخل العالم وإما خارجه فيكون قولهم بإثبات موجود
_________
(1) ب، ا: ففي الجملة أن ;، م: فحاصله أن.
(2) ع: تحتجون بها على قول منازعيكم.
(3) ب، ا: ما داوا، وهو تحريف ظاهر.
(4) ن، م: مسلمين.
(5) ب، ا: مماثلا له.
(6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(7) م، ن: ويظنون.
(8) ع: أن تلك المقدمة لا تستلزم ; ن، م: أن تلك المناظرة لا تسلم.
(9) ب، ا: فهي أولى على قول.
(10) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(11) تعالى: زيادة في (ع) .
****************************** *******
ليس بداخل العالم ولا خارجه أبعد عن الحق على التقديرين، وهو المطلوب.
ثم يقال: رؤية ما ليس بجسم ولا في جهة إما أن يجوزه العقل وإما أن يمنعه، فإن جوزه فلا كلام، وإن منعه كان منع العقل لإثبات موجود لا داخل العالم ولا خارجه، بل هو حي بلا حياة، عليم بلا علم، قدير بلا قدرة، أشد وأشد.
فإن (1) قلتم: هذا المنع من حكم الوهم.
قيل لكم: والمنع من رؤية مرئي ليس في جهة من حكم الوهم، وهذا هو الجواب الثالث.
وبيان ذلك أن [يقال:] (2) : حكم الوهم الباطل عندكم أن يحكم في أمور غير محسوسة (3) بما يحكم به في الأمور المحسوسة.
فيقال: (4) : الباري تعالى إما أن تكون رؤيته ممكنة، وإما أن لا تكون (5) . فإن كانت ممكنة بطل قولكم بإثبات موجود (6) غير محسوس، ولم يبق هنا (7) وهم باطل يحكم في غير المحسوس (8) بحكم باطل، فإنكم لرؤية الباري أشد منعا من رؤية الملائكة والجن وغير ذلك، فإذا
_________
(1) ن، م: وإن.
(2) يقال: ساقطة من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
(3) ع (فقط) : أمور غير المحسوسة.
(4) ن، م: فقال، وهو تحريف.
(5) ب (فقط) : وإما أن لا تكون ممكنة.
(6) ن، م: وجوده.
(7) ب، ا: ولم يبق هناك ; ع: فلم يبق هنا.
(8) ب، ن، م: بحكم في غير محسوس ; أ: يحكم في غير محسوس.
****************************** ****
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (129)
صـ 341 إلى صـ 347
جوزتم رؤيته فرؤية الملائكة والجن أولى، وإن قلتم: بل رؤيته غير ممكنة. قيل: فهو حينئذ (1) غير محسوس فلا يقبل فيه (2) حكم الوهم، والحكم بأن كل مرئي لا بد أن يكون في جهة من حكم الوهم.
وأما إذا قدرنا (3) موجودا غير محسوس يرى لا في جهة [رؤية] (4) غير الرؤية المتعلقة بذوات الجهة (5) ، كان إبطال هذا مثل إبطال موجود لا داخل العالم ولا خارجه، [وإلا] فإذا (6) ثبت وجود هذا الموجود كانت الرؤية (7) المتعلقة به مناسبة له، ولم تكن كالرؤية المعهودة للأجسام.
فهذه الطريق ونحوها من المناظرة العقلية إذا سلك يتبين به أن كل من كان إلى السنة أقرب كان قوله إلى العقل أقرب، وهو يوجب نصر (8) الأقربين إلى السنة بالعقل لكن لما كان [بعض] الأقربين (9) إلى السنة سلموا للأبعدين (10) عنها مقدمات بينهم، وهي في نفس الأمر باطلة مخالفة للشرع والعقل، لم يمكن أن يكون قولهم مطابقا للأمر في نفسه، ولا يمكن نصره لا بشرع صحيح ولا بعقل صريح (11) ، لمن غرضه معرفة الحق في نفسه لا بيان رجحان بعض الأقوال على بعض.
_________
(1) ب، ا، ن، م: قيل لكم فحينئذ فهو.
(2) ن: ولا يقال فيه ; م: ولا فيه.
(3) ب، ا: وإذا قدرتم.
(4) رؤية: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) ع: بذوات الجهات.
(6) ب، ن، م: وإذا ; أ: ولا إذا.
(7) ن: الوجود كانت الرواية، وهو تحريف ; م: الوجود كانت الرؤية.
(8) ن، م: نظر، وهو تحريف.
(9) ن، م، ب، ا: لما كان الأقربون.
(10) ع: سلموا للأبعد ; ن: يتلوا الأبعدين ; م: سلوا للأبعدين (وهو تحريف) .
(11) ن، م: لا بشرع صريح ولا بعقل صحيح ; ع: ولا عقل صريح.
****************************** ****
(1) [وأما إذا كان المقصود بيان رجحان بعض الأقوال فهذا ممكن في نفسه، وهذا هو الذي نسلكه في كثير مما عاب به الرافضة كثير من الطوائف المنتسبين إلى السنة في إثبات خلافة الخلفاء الثلاثة (2) ، فإنهم عابوا كثيرا منهم بأقوال هي معيبة مذمومة، والله قد أمرنا ألا نقول عليه إلا الحق، وألا نقول عليه إلا بعلم، وأمرنا بالعدل والقسط، فلا يجوز لنا إذا قال يهودي أو نصراني - فضلا عن الرافضي - قولا فيه حق أن نتركه أو نرده كله، بل لا نرد إلا ما فيه من الباطل دون ما فيه من الحق.
ولهذا جعل هذا الكتاب: " منهاج أهل السنة النبوية في نقض كلام الشيع والقدرية " فإن كثيرا من المنتسبين إلى السنة ردوا ما تقوله المعتزلة والرافضة وغيرهم من أهل البدع بكلام فيه أيضا بدعة وباطل، وهذه طريقة يستجيزها كثير من أهل الكلام، ويرون أنه يجوز مقابلة الفاسد بالفاسد، لكن أئمة السنة والسلف على خلاف هذا، وهم يذمون أهل الكلام المبتدع الذين يردون باطلا بباطل وبدعة ببدعة، ويأمرون ألا يقول الإنسان إلا الحق، لا يخرج عن السنة في حال من الأحوال. وهذا هو الصواب الذي أمر الله تعالى به ورسوله، ولهذا لم نرد ما تقوله: المعتزلة والرافضة من حق بل قبلناه، لكن بينا أن ما عابوا به مخالفيهم من الأقوال ففي أقوالهم من العيب ما هو أشد من ذلك.
_________
(1) الكلام بعد القوس في (ع) فقط وينتهي ص 343.
(2) في الأصل: وهذا هو الذي نسلكه في كثير ما عابت الرافضة كثير من الطوائف. . إلخ. وهو كلام مضطرب وأرجو أن يكون ما أثبته وافيا بالمقصود. والطوائف المنتسبون إلى السنة في إثبات خلافة " الخلفاء الثلاثة " هم المتفقون مع أهل السنة في القول بإثبات خلافة الخلفاء الثلاثة، وانظر ما سبق، ص 221.
****************************** *
فالمنتسبون إلى إثبات خلافة الأربعة وتفضيل الشيخين، وإن كان بعضهم يقول أقوالا فاسدة فأقوال الرافضة أفسد منها، وكذلك المناظر للفلاسفة والمعتزلة من المنتسبين إلى السنة كالأشعري وأمثاله وإن كانوا قد يقولون أقوالا باطلة، ففي أقوال المعتزلة والفلاسفة من الباطل ما هو أعظم منها، فالواجب إذا كان الكلام بين طائفتين من هذه الطوائف أن يبين رجحان قول الفريق الذي هو أقرب إلى السنة بالعقل والنقل، ولا ننصر القول الباطل المخالف للشرع والعقل أبدا، فإن هذا محرم ومذموم، يذم به صاحبه، ويتولد عنه من الشر ما لا يوصف، كما تولد من الأقوال المبتدعة مثل ذلك، ولبسط هذه الأمور مكان آخر، والله أعلم.
والمقصود هنا التنبيه على وجه المناظرة العادلة التي يتكلم فيها الإنسان بعلم وعدل، لا بجهل وظلم. وأما مناظرات الطوائف التي كل منها يخالف السنة ولو بقليل، فأعظم ما يستفاد منها بيان إبطال بعضهم لمقالة بعض.
وأبو حامد الغزالي وغيره يعتقدون أن هذه الفائدة هي المقصودة بالكلام دون غيرها، لكن يعتقد مع ذلك أن ما ذكره هو العقيدة التي تعبد الشارع الناس باعتقادها، وأن لها باطنا يخالف ظاهرها في بعض الأمور، وما ذكره من الاعتقاد يوافق الشرع من وجه دون وجه، وما ثبت عن صاحب الشرع فلا يناقض باطنه ظاهره، والمقصود هنا أن يكون المقصود بالمناظرة بيان رجحان بعض الأقوال على بعض] (1)
_________
(1) الكلام بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) : وبدأ في ص 342.
******************************
ولهذا كان كثير من مناظرة أهل الكلام إنما هي في بيان فساد (1) مذهب المخالفين وبيان تناقضهم، لأنه يكون كل من القولين باطلا، فما (2) يمكن أحدهم نصر قوله مطلقا فيبين فساد قول خصمه. وهذا يحتاج إليه إذا كان صاحب المذهب (3) حسن الظن بمذهبه، قد بناه على مقدمات يعتقدها صحيحة، فإذا أخذ الإنسان معه في تقرير نقيض تلك المقدمات لم يقبل ولا يبين الحق (4) ، ويطول الخصام كما طال بين أهل الكلام.
فالوجه في ذلك أن يبين لذلك (5) رجحان مذهب غيره عليه أو فساد (6) مذهبه بتلك المقدمات وغيرها، فإذا رأى تناقض قوله أو رجحان قول [غيره] على قوله (7) اشتاق حينئذ إلى معرفة الصواب وبيان جهة الخطأ، فيبين له (8) فساد تلك المقدمات التي بنى عليها وصحة نقيضها، ومن أي وجه وقع الغلط.
وهكذا في مناظرة الدهري (9) واليهودي والنصراني والرافضي
_________
(1) ن، ا، ع، إفساد.
(2) ب، ا: فلا.
(3) ن: إذا كان هذا المذهب ; م: إذا كان المذهب.
(4) ب، ا: في تقرير نقيض تلك المقدمات لا يتبين الحق.
(5) ب، ا: فالوجه لذلك أن يبين لذلك ; ن، م: فالوجه من ذلك أن يتبين لذلك.
(6) ع، م: وفساد.
(7) ع: تناقض أو رجحان قول غيره على قوله ; ن: تناقض قوله أو رجحان قوله على قوله ; م: تناقض قوله أو رجحان قوله على.
(8) ب، ا: فيتبين له ; ن، م: فتبين له.
(9) الدهري: ساقطة من (ع) .
****************************** *******
وغيرهم (1) ، إذا سلك معهم هذا الطريق نفع في موارد النزاع فتبين لهم (2) ، وما من طائفة إلا ومعها حق وباطل، فإذا خوطبت بين لها أن الحق الذي ندعوكم إليه (3) هو أولى بالقبول من الذي وافقناكم عليه، ونبوة (4) محمد - صلى الله عليه وسلم - أولى بالقبول من نبوة موسى وعيسى [عليهما السلام] (5) ، وخلافة أبي بكر وعمر أولى بالصحة (6) من خلافة علي، فما [ذكر] (7) من طريق صحيح يثبت بها نبوة هذا [وهذا] (8) إلا وهي تثبت [بها] (9) نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - بطريق الأولى، (10 وما من طريق صحيح يثبت بها خلافة علي إلا وهي تثبت خلافة هذين بطريق الأولى 10) (10) ، ويبين (11) لهم أن ما يدفعون به هذا الحق يمكن أن يدفع به الحق (12) الذي معهم، فما يقدح شيء (13) في (* موارد النزاع إلا كان قدحا (14) في موارد الإجماع، وما من شيء يثبت به موارد الإجماع إلا وهو يثبت به (15) موارد النزاع *) (16) ، وما من سؤال يرد على نبوة محمد [صلى
_________
(1) ع: وغيرهما، وهو تحريف ظاهر.
(2) ب، ا: عبارة " فتبين لهم " ساقطة ; ع: كلمة " فتبين " ساقطة.
(3) ع: تبين لها أن الحق الذي تدعوهم إليه ; ن، م: بين لها أن الحق الذي يدعوكم إليه.
(4) ب، ا، ن، م: فنبوة.
(5) عليهما السلام: زيادة في (أ) ، (ب) .
(6) بالصحة: ساقطة من (م) .
(7) ذكر: ساقطة من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
(8) ب: نبوة هذين.
(9) بها: ساقطة من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
(10) : (10 - 10) ساقط من (أ) ، (ب) .
(11) ب، ا: ويتبين ; ن: وتبين.
(12) الحق: ساقطة من (ع) .
(13) ب، ا: بشيء ; ن: في شيء ; م: لشيء.
(14) ب، ا، ن، م: إلا كان قد جاء.
(15) به: ساقطة من (ع) .
(16) الكلام بين النجمتين في نسخة (ن) ناقص ومضطرب.
****************************** *
الله عليه وسلم] (1) وخلافة الشيخين (2) إلا ويرد على نبوة غيره (3) وخلافة غيرهما ما هو مثله أو أعظم (4) منه، [وما من دليل يدل على نبوة غير محمد - صلى الله عليه وسلم - وخلافة غيرهما إلا والدليل على نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - وخلافتهما أقوى منه] (5) .
وأما الباطل الذي بأيدي المنازعين (6) فتبين (7) أنه يمكن معارضته بباطل مثله، وأن الطريق الذي يبطل به ذلك الباطل يبطل به باطلهم، فمن ادعى الإلهية في المسيح أو علي أو غيرهما عورض بدعوى الإلهية في موسى وآدم وعمر بن الخطاب، فلا يذكر شبهة يظن بها الإلهية إلا ويذكر في الآخر نظيرها وأعظم منها، فإذا تبين له فساد أحد المثلين (8) تبين له فساد الآخر، فالحق يظهر صحته بالمثل المضروب له والباطل يظهر فساده بالمثل المضروب له، لأن الإنسان قد لا يعلم ما في نفس محبوبه أو مكروهه من حمد وذم إلا بمثل يضرب له، فإن حبك الشيء يعمي ويصم.
[والله سبحانه ضرب الأمثال للناس في كتابه لما في ذلك من البيان، والإنسان لا يرى نفسه وأعماله إلا إذا مثلت له نفسه بأن يراها في مرآة،
_________
(1) صلى الله عليه وسلم: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) ن، م: وخلافة المستحق ; ب، ا: وخلافة الشيخين رضي الله عنهما.
(3) ب، ا: غيره عليه السلام.
(4) ن، م: وأعظم.
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(6) ن، م: الذي بأيديهم ; ع: الذي بأيدي المتنازعين.
(7) ب، ع: فيبين.
(8) ن، م: المسألتين.
****************************** ********
وتمثل له أعماله بأعمال غيره] (1) ، ولهذا ضرب الملكان المثل لداود [عليه السلام] (2) بقول أحدهما: {إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب - قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه} [سورة: ص: 23 - 24] الآية. وضرب الأمثال مما يظهر به الحال، وهو القياس العقلي الذي يهدي به الله من يشاء من عباده. قال (3) تعالى: {ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون} [سورة الروم: 27] ، وقال تعالى: {وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون} [سورة العنكبوت: 43] . (4) [وهذا من الميزان الذي أنزله (5) الله، كما قال تعالى: {الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان} [سورة الشورى: 17] ، وقال: {لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط} [سورة الحديد: 25] .
وقد بسط الكلام على هذا في غير هذا الموضع، وبين أن كل قياس عقلي شمولي سواء كان على طريقة المنطق اليوناني أو غير طريقه فإنه من جنس القياس التمثيلي وأن مقصود القياسين واحد، وكلاهما داخل في معنى الميزان الذي أنزله الله تعالى، وأن ما يختص به أهل المنطق اليوناني بعضه باطل وبعضه تطويل لا يحتاج إليه، بل ضرره في الغالب أكثر من نفعه كما قد بسط الكلام على المنطق اليوناني
_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(2) عليه السلام: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) ع: فقال.
(4) الكلام بعد القوس في (ع) فقط وينتهي في الصفحة التالية.
(5) في الأصل: أنزلها. وجاء في " المصباح المنير " أن الميزان مذكر.
****************************** *****
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (130)
صـ 348 إلى صـ 354
وما يختص به أهل الفلسفة من الأقوال الباطلة في مجلد كبير.
[الطريق الثاني]
وأما الطريق الثاني (1) : فيقال: لهذا المنكر للرؤية المستدل على نفيها بانتفاء لازمها وهو الجهة: قولك ليس في جهة، وكل ما ليس في جهة لا يرى، فهو لا يرى، وهكذا جميع نفاة الحق ينفونه لانتفاء لازمه في ظنهم، فيقولون لو رئي للزم كذا، واللازم منتف فينتفي الملزوم.
والجواب العام لمثل هذه الحجج الفاسدة بمنع إحدى المقدمتين إما معينة وإما غير معينة فإنه لا بد أن تكون إحداهما باطلة أو كلتاهما باطلة (2) ، وكثيرا ما يكون اللفظ فيهما مجملا يصح باعتبار ويفسد باعتبار، وقد جعلوا الدليل هو ذلك اللفظ المجمل، ويسميه المنطقيون الحد الأوسط، فيصح في مقدمة بمعنى، ويصح في الأخرى بمعنى آخر، ولكن اللفظ مجمل، فيظن الظان لما في اللفظ من الإجمال وفي المعنى من الاشتباه أن المعنى المذكور في هذه المقدمة هو المعنى المذكور في المقدمة الأخرى، ولا يكون الأمر كذلك.
مثال ذلك في مسألة الرؤية] (3) [أن يقال: له] (4) : أتريد بالجهة أمرا وجوديا أو أمرا عدميا؟
_________
(1) الطريق الأول هو الذي يقوم على عدم جحود الحق في مذهب المخالفين، وعلى بيان أن الحق الذي ندعوهم إليه أولى بالاتباع، وانظر ما سبق ص 329.
(2) في الأصل: أو كلاهما باطلة.
(3) هنا ينتهي السقط المشار إلى أوله في الصفحة السابقة. ويوجد بدلا منه هذه العبارة: " ويقال لهذا المنكر: ما تعني بقولك: ولأنه ليس في جهة؟ فإن قال: معناه أن كل ما ليس بجهة فلا يرى وهو ليس بجهة فلا يرى ". وقد سقطت كلمتان من هذه العبارات في نسخة (ن) ، (م) .
(4) ع: أن يقال، وهي ساقطة من (ن) ، (م) . وفي (ب) ، (أ) : فيقال له. والضمير عائد على الإمامي المنكر للرؤية.
******************************
فإذا أردت به أمرا وجوديا كان التقدير: كل ما ليس في شيء موجود لا يرى. وهذه المقدمة [ممنوعة ولا دليل على إثباتها بل هي] (1) [باطلة] (2) فإن سطح العالم يمكن أن يرى وليس العالم في عالم آخر.
وإن أردت بالجهة أمرا عدميا كانت المقدمة الثانية ممنوعة، فلا نسلم أنه ليس بجهة بهذا التفسير.
وهذا مما خاطبت (3) به غير واحد من الشيعة والمعتزلة فنفعه (4) الله به، وانكشف بسبب هذا التفصيل (5) ما وقع في هذا المقام من الاشتباه والتعطيل (6) . وكانوا يعتقدون (7) أن ما (8) معهم من العقليات النافية للرؤية قطعية لا يقبل في نقيضها (9) نص الرسل، فلما تبين (10) لهم أنها (11) شبهات مبنية على ألفاظ مجملة ومعان مشتبهة، تبين أن الذي ثبت عن الرسول [- صلى الله عليه وسلم -] (12) هو الحق المقبول، ولكن ليس هذا [المكان] (13) موضع بسط هذا، فإن هذا النافي إنما أشار إلى قولهم إشارة (14) . \ 0 5
_________
(1) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط. وفي (ن) ، (م) توجد كلمة واحدة بدلا منه هي " عليها ".
(2) باطلة: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) ب، ن، م: ما خاطبت ; أ: ما خوطبت.
(4) ب، ا، ن، م: فنفع.
(5) ب، ا: بسبب هذا التفسير ; ن، م: بهذا التفصيل.
(6) ب، ا: والتضليل ; ن، م: والتعليل.
(7) ب، ا، ن، م: يقولون.
(8) ما: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(9) ن، م: بعضها.
(10) ب، ا: بين.
(11) أنها: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(12) ب، ا: الرسل ; ن، م: الرسول.
(13) ب، ا: ليس هنا ; ن، م: ليس هذا.
(14) إشارة: ساقطة من (ب) ، (أ) . وما يلي هذه الكلمة ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، وينتهي ص 358.
****************************** *****
[لفظ الحيز]
[وكذلك لفظ " الحيز " قد يراد به معنى موجود ومعنى معدوم. فإذا قالوا: كل جسم في حيز، فقد يكون المراد بالحيز أمرا عدميا، وقد يراد به أمر وجودي.
والحيز في اللغة هو أمر وجودي ينحاز إليه الشيء، كما قال تعالى: {ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة} [سورة الأنفال: 16] .
وعلى الأول فإنه يراد بالمتحيز ما يشار إليه ; ولهذا كان المتكلمون يقولون: نحن نعلم بالاضطرار أن المخلوق: إما متحيز وإما قائم بالمتحيز، فكثير منهم يقول: بل نعلم أن كل موجود إما متحيز وإما قائم بالمتحيز ويثبتون ما يذكره بعض الفلاسفة من إثبات المجردات المفارقات التي لا يشار إليها، بل هي معقولات مجردة، إنما تثبت في الأذهان لا في الأعيان.
وما يذكره الشهرستاني والرازي ونحوهما من أن متكلمي الإسلام لم يقيموا دليلا على نفي هذه المجردات ليس كما زعموا، بل كتبهم مشحونة بما يبين انتفاءها (1) كما ذكر في غير هذا الموضع.
والرازي أورد في " محصله " سؤالا على الحيز فقال (2) : " أما الأكوان
_________
(1) في هامش نسخة (ع) نقل مستجي زاده العبارة التي أولها: " وما يذكره الشهرستاني. . " إلى كلمة " انتفاءها " ثم كتب التعليق التالي: " قلت: والإمام الغزالي ممن يروج هذا القول ويقيم براهين على تحقق المجردات، حتى ادعى في بعض منها الضرورة والبداهة، وأنى له ذلك لأن المطلب نظري ومحل نزاع بين أهل الشرع والفلاسفة. والفلاسفة أيضا يعترفون بنظرية المطلب، وظواهر النصوص من الكتاب والسنة تدل على نفي المجردات ".
(2) النص التالي من كلام الرازي موجود في كتابه " محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين من العلماء والحكماء والمتكلمين " ص [0 - 9] 5.
****************************** ****
فقد اتفقوا على أن حصول الجوهر في حصول الحيز (1) أمر ثبوتي. فقيل: هذا الحيز إن كان معدوما فكيف يعقل حصول الجوهر في المعدوم؟ وإن كان موجودا فلا شك أنه أمر يشار (2) إليه. فهو إما جوهر وإما عرض، فإن كان جوهرا كان الجوهر حاصلا في الجوهر، وهو قول بالتداخل، وهو محال اللهم إلا أن يفسر ذلك بالمماسة، ولا نزاع فيها. وإن كان عرضا فهو حاصل في الجوهر فكيف يعقل حصول الجوهر فيه؟ ".
وقد رد الطوسي هذا فقال (3) : " هذا غلط من جهة اشتراك اللفظ، فإن لفظة (4) " في " يدل في قولنا: الجسم في الجسم - بمعنى التداخل - والجسم في المكان، والعرض في الجسم، على معان مختلفة ; فإن الأول يدل على كون الجسم مع جسم آخر في مكان واحد، والثاني يدل على كون الجسم في المكان، والثالث يدل على كون العرض حالا في الجسم.
والمكان هو القابل للأبعاد القائم بذاته الذي لا يمانع الأجسام عند قوم، وعرض هو سطح الجسم [الحاوي] (5) المحيط بالجسم ذي المكان عند قوم وهو بديهي الأينية (6) خفي الحقيقة.
_________
(1) في " المحصل ": في الحيز.
(2) في " المحصل ": مشار.
(3) ما يلي من كلام نصير الدين الطوسي هو من كتابه " تلخيص المحصل " وقد طبع بذيل كتاب " المحصل ". ويوجد هذا النص في ذيل صفحتي 65 - 66.
(4) في " تلخيص المحصل ": لفظ.
(5) كلمة " الحاوي " ساقطة من نسخة (ع) وهي في " تلخيص المحصل ".
(6) في (ع) : الأبنية، والتصويب من " تلخيص المحصل ".
****************************** ********
والمكان إن كان عدميا لم يكن حصول الجوهر في الأمر العدمي (1) حصوله في المعدوم، بمعنى أنه في العدم وإن كان جوهرا، فالجوهر عند القوم الأول ينقسم إلى مقاوم للداخل عليه ممانع إياه، وهو الذي لا يجوز عليه التداخل، وإلى (2) غير مقاوم يمتنع عليه الانتقال وهو المكان والجوهر الممانع (3) يمكن أن يداخل غير الممانع، وذلك هو كون الجوهر في المكان.
وأما عند القوم الثاني فحصول الجوهر في المكان الذي هو عرض بمعنى غير المعنى (4) الذي يراد به في قولهم حصول العرض في الجوهر، بمعنى الحلول فيه ".
قلت: قد بسط الكلام على هذا في غير هذا الموضع، وبين أن ما ذكره الرازي من قوله: " قد اتفقوا على أن حصول الجوهر في الحيز أمر ثبوتي " ليس كما قاله ; بل يقال: إن أراد بقوله: إن حصول الجوهر في الحيز أمر ثبوتي، أنه صفة ثبوتية تقوم بالمحيز، فلم يتفقوا على هذا، بل ولا هذا قول محققيهم، بل التحيز عندهم لا يزيد على ذات المتحيز. قال القاضي أبو بكر بن الباقلاني: " المتحيز هو الجرم، أو الذي له حظ من المساحة، والذي لا يوجد بحيث وجوده جوهر " (5) .
_________
(1) في (ع) : لم يكن حصول الجوهر إلا في الأمر العدمي، ورجحت أن يكون الصواب ما أثبته، وهو الذي في " تلخيص المحصل ".
(2) ع: إلى، والصواب من " تلخيص المحصل ".
(3) ع: المانع، والصواب من " تلخيص المحصل ".
(4) في " تلخيص المحصل ": غير العين، والصواب ما أثبته وهو الذي في (ع) .
(5) لم أجد هذا النص فيما بين يدي من كتب الباقلاني، ولكن الجويني نقله عنه في كتاب " الشامل في أصول الدين " 1/59 - 60 (ط. هلموت كلويفر، القاهرة، 1959) فقال: " والأصح في ذلك عبارات ارتضاها القاضي رضي الله عنه منها أنه قال: المتحيز هو الجرم، ولا معنى سواه. وقال: إنما هو الذي له حظ من المساحة، وقال أيضا: هو الذي لا يوجد بحيث وجوده جوهر ". وانظر: الإنصاف للباقلاني، ص 15، ط. عزت العطار، القاهرة، 1369/1950.
****************************** *****
وقال أبو إسحاق الإسفراييني (1) : " ما هو في تقدير مكان ما وما يشغل الحيز، ومعنى شغل الحيز أنه إذا وجد في فراغ أخرجه عن أن يكون فراغا ".
وقال بعضهم: " الحيز تقدير مكان الجوهر ".
وقال أبو المعالي الجويني - الملقب بإمام الحرمين -: " الحيز هو المتحيز نفسه، ثم إضافة الحيز إلى الجوهر كإضافة الوجود إليه " (2) .
قال: " فإن قيل: فهلا قلتم: إن المتحيز متحيز بمعنى، كما أن الكائن كائن بمعنى. قلنا: تحيزه نفسه أو صفة نفسه - عند من يقول بالأحوال - وكونه متحيزا راجع إلى نفسه، وكذلك كونه جرما، وذلك لا يختلف وإن اختلفت أكوانه بأعراضه، ولو كان تحيزه حكما معللا لوجب أن يثبت له حكم الاختلاف عند اختلاف الأكوان، فلما لم يختلف كونه جرما دل على أنه ليس من موجبات الأكوان والاختصاص بالجهات، فما كان بمقتضى الأكوان كان في حكم الاختلاف ".
_________
(1) أبو إسحاق بن محمد بن إبراهيم بن مهران الإسفراييني، سبقت ترجمته 2/296 وانظر عنه أيضا: تبيين كذب المفتري، ص [0 - 9] 43 - 244.
(2) يقول الجويني (الشامل، ص [0 - 9] 56، تحقيق د. فيصل بدير عون، د. سهير محمد مختار، ط. المعارف، الإسكندرية، 1969) : " وأحسن ما يقال في الحيز أنه المتحيز بنفسه، وقد سبق معنى المتحيز، ثم لا تبعد إضافة الحيز إلى الجوهر، كما لا تبعد إضافة الوجود إليه ".
****************************** **
قال: " فإن قيل: الجوهر لا يخلو عن الأكوان كما لا يخلو عن وصف التحيز. قلنا: قد أوضحنا أن تحيزه صفة نفسه، فنقول: صفة النفس تلازم للنفس ولا تعقل النفس دونها، وكون الجوهر متحيزا بمثابة كونه ذاتا أو شيئا. والتحيز قضية واحدة يجب لزومها ما بقيت النفس، والكون اسم يقع على أجناس مختلفة " (1) . ثم بسط الكلام في ذلك.
وهذا يبين أن التحيز عندهم ليس قدرا زائدا على المتحيز، فضلا عن كونه وصفا ثبوتيا. وإن أراد بكونه ثبوتيا أنه أمر إضافي إلى الحيز فالأمور الإضافية عند أكثرهم عدمية إذا كانت بين موجودين، فكيف إذا كانت بين موجود ومعدوم! ؟ وقوله: " إن الحيز إذا كان معدوما، فكيف يعقل حصول الجوهر في المعدوم؟ ".
فيقال: له: إنهم لم يريدوا بكونه في المعدوم إلا وجوده وحده من غير وجود آخر يحيط به، لم يريدوا أنه يكون معدوما مع كونه موجودا.
وأيضا، فمن لم يعرف مرادهم: هل الحيز عندهم وجود أو عدم، كيف يحكى عنهم أنهم اتفقوا على أن كل ما سوى الله متحيز أو قائم بالمتحيز، مع علمه وحكايته عنهم أنهم اتفقوا على أن كل ما سوى الله محدث، فيمتنع مع هذا أن يكون ما سواه إما متحيزا أو حالا في المتحيز، مع أن المتحيز هذا في حيز وجودي سوى الله، وهو محدث، فإن هذا تناقض ظاهر لأنه يستلزم أن يكون هنا ثلاثة موجودة محدثة:
_________
(1) أكثر هذا الكلام موجود بمعناه وإن لم يكن بلفظه في " الشامل " ص [0 - 9] 57.
****************************** *****
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (131)
صـ 355 إلى صـ 361
متحيز وحيز وقائم بالمتحيز، فتكون الموجودات سوى الله ثلاثة وهي محدثة عندهم. وهذا يناقض قولهم: إن ما سوى الله: إما متحيز، وإما قائم بمتحيز.
وأما اعتراض الطوسي عليه فإنه مني على أن التحيز هو المكان، وليس هذا هو المشهور عند المتكلمين، بل المشهور عندهم الفرق بينهما. وما ذكره من القولين في المكان هو نزاع بين المتفلسفة أصحاب أفلاطن وأصحاب أرسطو، فأولئك يقولون: هو جوهر قائم بنفسه تحل به الأجسام، وليس هذا قول كثير من المتكلمين، بل كل ما قام بنفسه فهو عندهم جسم، إذ الجوهر الذي له هو جسم، ليس عندهم جوهر قائم بنفسه غير هذين، ومن أثبت منهم جوهرا غير جسم فإنه محدث عندهم، لأن كل ما سوى الله فإنه محدث مسبوق بالعدم باتفاق أهل الملل، سواء قالوا بدوام الفاعلية وأنه لا يزال يحدث شيئا بعد شيء، أو لم يقولوا بدوام الفاعلية.
والمتكلمون الذين يقولون: كل ما سوى الله فهو جسم أو قائم بجسم قد يتناقضون، حيث يثبت أكثرهم الخلاء أمرا موجودا، ويقولون: إنه لا يتقدر بل يفرض فيه التقدير فرضا، وهذا الخلاء هو الجوهر الذي يثبته أفلاطن.
ولكن يمتنع عند أهل الملل أن يكون موجود قديم مع الله فإن الله خالق كل شيء، وكل مخلوق مسبوق بعدم نفسه، وإن قيل مع ذلك بدوام كونه خالقا، فخلقه شيئا بعد شيء دائما لا ينافي أن يكون كل ما
****************************
سواه مخلوقا محدثا كائنا (1) بعد أن لم يكن، ليس من الممكنات قديم بقدم الله تعالى مساويا له، بل هذا ممتنع بصرائح العقول مخالف لما أخبرت به الرسل عن الله، كما قد بسط في موضعه.
وأرسطو وأصحابه يقولون: إن المكان هو السطح الباطن من الجسم الحاوي الملاقي للسطح الظاهر من الجسم المحوي، وهو عرض عند هؤلاء.
وقوله: " إنه بديهي الأينية (2) خفي الحقيقة " أي عند هؤلاء، وأما علماء المسلمين فليس عندهم - ولله الحمد - من ذلك ما هو خفي، بل لفظ " المكان " قد يراد به ما يكون الشيء فوقه محتاجا إليه، كما يكون الإنسان فوق السطح، ويراد به ما يكون الشيء فوقه من غير احتياج إليه، مثل كون السماء فوق الجو، وكون الملائكة فوق الأرض والهواء، وكون الطير فوق الأرض.
ومن هذا قول حسان بن ثابت رضي الله عنه:
تعالى علوا فوق عرش إلهنا ... وكان مكان الله أعلى وأعظما (3) مع علم حسان وغيره من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الله غني عن كل ما سواه، وما سواه من عرش وغيره محتاج إليه، وهو لا يحتاج إلى شيء، وقد أثبت له مكانا.
والسلف والصحابة، بل النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسمع مثل
_________
(1) في الأصل: أن يكون كل ما سواه مخلوق محدث كائن.
(2) في الأصل: الأبنية، وسبق تصويب الكلمة عن " تلخيص المحصل ".
(3) لم أجد البيت في ديوان حسان المطبوع.
******************************
هذا ويقر عليه، كما أنشده عبد الله بن رواحة رضي الله عنه:
شهدت بأن وعد الله حق ... وأن النار مثوى الكافرينا
وأن العرش فوق الماء طاف ... وفوق العرش رب العالمينا
وتحمله ملائكة شداد ... ملائكة الإله مسومينا (1) في قصته المشهورة التي ذكرها غير واحد من العلماء لما وطئ سريته ورأته امرأته فقامت إليه لتؤذيه فلم يقر بما فعل، فقالت ألم يقل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " «لا يقرأ الجنب القرآن "؟» فأنشد هذه الأبيات فظنت أنه قرآن فسكتت وأخبر - صلى الله عليه وسلم - فاستحسنه.
وقد يراد بالمكان ما يكون محيطا بالشيء من جميع جوانبه ; فأما أن يراد بالمكان مجرد السطح الباطن، أو يراد به جوهر لا يحس بحال، فهذا قول هؤلاء المتفلسفة، ولا أعلم أحدا من الصحابة والتابعين وغيرهم من أئمة المسلمين يريد ذلك بلفظ " المكان ". وذلك المعنى الذي أراده أرسطو بلفظ " المكان " عرض ثابت، لكن ليس هذا هو المراد بلفظ " المكان " في كلام علماء المسلمين وعامتهم، ولا في كلام جماهير الأمم: علمائهم وعامتهم. وأما ما أراده أفلاطن فجمهور العقلاء ينكرون وجوده في الخارج، وبسط هذه الأمور له موضع آخر.
وكذلك القول في تداخل الأجسام فيه نزاع معروف بين النظار. وقول الرازي في التداخل: " ذلك محال " هو موضع منع، مشهور ولكن لم يقل أحد من النظار: إن الجوهر في الحيز بمعنى التداخل، سواء فسر الحيز
_________
(1) الأبيات مروية في ترجمة عبد الله بن رواحة رضي الله عنه في " الاستيعاب " لابن عبد البر. ورويت أيضا فيه القصة التي قيلت الأبيات بسببها.
******************************
بالأمر العدمي كما هو المعروف عند أئمة الكلام، أو فسر بالمكان الوجودي الذي (هو) (1) سطح الحاوي، أو جوهر عقلي كما يقوله من يقوله من المتفلسفة (2) ، أو فسر الحيز بالمعنى اللغوي المعقول في مثل قوله: {أو متحيزا إلى فئة} [سورة الأنفال: 16] وهذا الحيز هو جسم يحوز المتحيز، ليس هو عدميا ولا عرضا، ولا يجوز الجوهر العقلي المتنازع في وجوده.
والمقصود أنه أي معنى أريد بلفظ الحيز فقول النظار: " إن الجوهر في الحيز ليس بمعنى التداخل المتنازع فيه وفي وجوده، فلهذا لم يحتج إلى ذكر الكلام في مسألة التداخل في هذا المقام] (3) .
[فصل التعليق على قوله وأن أمره ونهيه وإخباره حادث لاستحالة أمر المعدوم ونهيه وإخباره]
(فصل) وأما قوله (4) : " وأن (5) أمره ونهيه وإخباره حادث لاستحالة أمر المعدوم ونهيه وإخباره ".
فيقال: هذه مسألة كلام الله تعالى، والناس فيها مضطربون، وقد بلغوا فيها إلى تسعة (6) أقوال: [وعامة الكتب المصنفة في الكلام وأصول
_________
(1) بعد كلمة " الذي " توجد إشارة إلى الهامش، ولكن لا تظهر الكلمة الساقطة في المصورة، ورجحت أن تكون " هو ".
(2) بعد كلمة " المتفلسفة " كلمة كأنها " أمر " ورجحت أن تكون زيادة من الناسخ.
(3) هنا ينتهي السقط المشار إلى أوله ص 349.
(4) سبق ورود كلام ابن المطهر الثاني في " منهاج الكرامة " 1/82 (م) ، وفي هذا الجزء، ص [0 - 9] 9.
(5) ب، أ: فإن ; ع: إن ; والمثبت عن (ن) ، (م) وهو الذي في " منهاج الكرامة ".
(6) ب، أ: سبعة، وهو خطأ.
******************************
الدين لم يذكر أصحابها إلا بعض هذه الأقوال إذ لم يعرفوا غير ما ذكروه، فمنهم من يذكر قولين، ومنهم من يذكر ثلاثة، ومنهم من يذكر أربعة، ومنهم من يذكر خمسة، وأكثرهم لا يعرفون قول السلف] (1)
- أحدها: قول من يقول: إن كلام الله ما يفيض على النفوس من المعاني التي تفيض: إما من العقل الفعال عند بعضهم، وإما من غيره ; وهذا قول الصابئة والمتفلسفة الموافقين لهم [كابن سينا وأمثاله] (2) ، ومن دخل مع هؤلاء من متصوفة الفلاسفة ومتكلميهم كأصحاب وحدة الوجود. وفي كلام صاحب الكتب " المضنون بها على غير أهلها " (* بل " المضنون الكبير والمضنون الصغير " *) (3) ورسالة " مشكاة الأنوار " وأمثاله ما (4) قد يشار به إلى هذا، وهو في غير ذلك من كتبه يقول ضد هذا، لكن كلامه يوافق هؤلاء تارة وتارة يخالفه (5) ، وآخر أمره استقر على مخالفتهم ومطالعة (6) الأحاديث (7) النبوية.
وثانيها: قول من يقول: (* إنه مخلوق خلقه الله منفصلا عنه (8) . وهذا
_________
(1) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(3) ما بين النجمتين في (ع) وساقط من (ب) ، (أ) . وفي (ن) ، (م) : " بل المضنون الصغير والكبير ".
(4) ع: مما.
(5) ع: ويخالفه تارة.
(6) ب، أ: ومطابقة.
(7) ع: الأخبار.
(8) م: من يقول إن كلام منفصلا عنه.
****************************** ***
قول هذا الإمامي وأمثاله من الرافضة المتأخرين والزيدية والمعتزلة والجهمية.
وثالثها: قول من يقول *) (1) : إنه (2) معنى واحد قديم قائم بذات الله هو الأمر والنهي والخبر والاستخبار، إن عبر عنه بالعربية كان قرآنا وإن عبر عنه بالعبرية (3) كان توراة (4) ، وهذا قول ابن كلاب ومن وافقه كالأشعري وغيره (5) .
ورابعها: قول من يقول: إنه حروف وأصوات أزلية مجتمعة في الأزل، وهذا قول طائفة من أهل الكلام وأهل الحديث. ذكره الأشعري في " المقالات " عن طائفة (6) . وهو الذي يذكر عن السالمية ونحوهم. وهؤلاء قال طائفة منهم: إن تلك الأصوات القديمة هي الصوت
_________
(1) ما بين النجمتين ساقط من (ب) ، (أ) .
(2) ب: بأنه.
(3) ب، أ، م: بالعبرانية.
(4) ع: إن عبر عنه بالعبرية كان توراة وإن عبر عنه بالعربية كان قرآنا.
(5) يقول الأشعري في المقالات 2/233: " قال عبد الله بن كلاب. . وإنه (القرآن) معنى واحد بالله عز وجل، وإن الرسم هو الحروف المتغايرة، وهو قراءة القرآن، وإنه خطأ أن يقال: كلام الله هو هو أو بعضه أو غيره، وإن العبارات عن كلام الله سبحانه تختلف وتتغاير، وكلام الله سبحانه ليس بمختلف ولا متغاير، كما أن ذكرنا لله عز وجل يختلف ويتغاير والمذكور لا يختلف ولا يتغاير، وإنما سمي كلام الله سبحانه عربيا لأن الرسم الذي هو العبارة عنه وهو قراءته عربي فسمي عربيا لعلة، وكذلك سمي عبرانيا لعلة، وهو أن الرسم الذي هو عبارة عنه عبراني، وكذلك سمي أمرا لعلة، وسمي نهيا لعلة، وخبرا لعلة، ولم يزل الله متكلما قبل أن يسمي كلامه أمرا، وقبل وجود العلة التي لها سمي كلامه أمرا، وكذلك القول في تسمية كلامه نهيا وخبرا. . ".
(6) انظر " المقالات " 2/234.
***************************
المسموع (1) من القارئ (2) ، أو هي بعض الصوت (3) المسموع من القارئ، وأما جمهورهم مع جمهور العقلاء (4) فأنكروا ذلك، قالوا: هذا مخالف (5) لضرورة العقل.
وخامسها (6) : قول من يقول: إنه حروف وأصوات لكن تكلم به (7) بعد أن لم يكن متكلما، وكلامه حادث (8) في ذاته كما أن فعله حادث في ذاته بعد أن لم يكن متكلما ولا فاعلا. وهذا قول الكرامية وغيرهم، وهو (9) قول هشام بن الحكم وأمثاله من الشيعة. (* وهؤلاء منهم من يقول: هو حادث وليس بمحدث، ومنهم من يقول: بل هو محدث [أيضا] (10) . وقد ذكر القولين الأشعري عنهم في " المقالات " وذكر الخلاف بين أبي معاذ التومني وبين زهير الأثري (11) . والكرامية يقولون: حادث لا محدث *) (12) .
_________
(1) ن: المجموع المسموع.
(2) ب: النار، وهو تحريف.
(3) ن: أو هي نقر الأصوات، وهو تحريف ; م: أو هي بعض الأصوات.
(4) ع: وأما جمهور العقلاء.
(5) ب، ا: هذا مخالفة ; ن، م: هذه مخالفة.
(6) ب، ا: وخامسها وسادسها، وهو خطأ.
(7) به: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(8) ب، ا: حادث به.
(9) ن، م: وأظنه.
(10) أيضا: ساقطة من (ن) ، (م) .
(11) انظر " المقالات " 2/231 - 232. وسبقت ترجمة أبي معاذ التومني 1/422. وانظر عنه أيضا ما ذكره الأشعري في المقالات 1/326. وأما زهير الأثري فلم أعرف من هو، ولكن الأشعري يتكلم عن آرائه بالتفصيل في المقالات 1/326.
(12) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (132)
صـ 362 إلى صـ 368
وسادسها (1) : قول من يقول: إنه لم يزل متكلما إذا شاء ومتى شاء وكيف شاء (2) بكلام يقوم به وهو يتكلم [به] بصوت (3) يسمع، وأن نوع الكلام [أزلي (4) ] قديم، م وإن لم يجعل نفس (5) الصوت المعين قديما. وهذا هو المأثور عن أئمة الحديث والسنة. (6)
(* وسابعها: قول من يقول: كلامه يرجع إلى ما يحدث من علمه وإرادته القائم بذاته. ثم من هؤلاء من يقول: لم يزل ذاك حادثا في ذاته، كما يقوله أبو البركات صاحب " المعتبر " وغيره، ومنهم من لا يقول بذلك، و [أبو عبد الله] الرازي يقول بهذا القول (7) في مثل " المطالب العالية ".
وثامنها: قول من يقول: كلامه يتضمن معنى قائما بذاته وهو ما خلقه في غيره. ثم من هؤلاء من يقول في ذلك المعنى بقول ابن كلاب، وهذا قول أبي منصور الماتريدي (8) . ومنهم من يقول بقول المتفلسفة وهذا قول طائفة من الملاحدة الباطنية متشيعهم ومتصوفيهم.
_________
(1) ب، ا: وسابعها، وهو خطأ.
(2) : (2 - 2) ساقط من (ب) ، (أ) . وفي (ن) ، (م) : وكيف شاء ومتى شاء.
(3) ب، ا: وهو متكلم بصوت ; ن، م: وهو يتكلم بصوت.
(4) أزلي: في (ع) فقط.
(5) نفس: ساقطة من (ع) .
(6) في هامش (ع) كتب التعليق التالي: " وهذا القول السادس هو ما ذهب إليه الإمام أحمد بن حنبل رضي الله تعالى عنه ومن تمذهب بمذهبه ".
(7) ن، م: والرازي يميل إلى هذا القول.
(8) محمد بن محمد بن محمود، أبو منصور الماتريدي (نسبة إلى ماتريد بسمرقند) ، توفي سنة 333. من أئمة المتكلمين ورأس الماتريدية، وقد خالف الأشعري في مسائل أوردها أبو عذبة في كتابه. " الروضة البهية فيما بين الأشاعرة والماتريدية "، ط. حيدر آباد سنة 1322. وانظر عن الماتريدي: تاج التراجم لابن قطلوبغا، ص 59، ط المثنى، بغداد، 1962 ; طبقات الفقهاء لطاش كبرى زاده، ص 56، ط. الموصل، 1961 ; الأعلام 7/242 ; تاريخ الأدب العربي 4/41 - 43 ; سزكين م [0 - 9] ، ج [0 - 9] ع [0 - 9] ، ص [0 - 9] 0 - 42.
**************************
وتاسعها: قول من يقول: [كلام الله] (1) مشترك بين المعنى القديم القائم بالذات وبين ما يخلقه في غيره من الأصوات. وهذا قول أبي المعالي ومن اتبعه من متأخري الأشعرية *) (2) .
[تفصيل القول في مقالة أهل السنة]
وبالجملة أهل السنة والجماعة، أهل الحديث ومن انتسب إلى السنة والجماعة [من أهل التفسير والحديث والفقه والتصوف كالأئمة الأربعة وأئمة أتباعهم] (3) ، والطوائف المنتسبين إلى الجماعة (4) كالكلابية والكرامية والأشعرية والسالمية يقولون: إن كلام الله (5) غير مخلوق [والقرآن كلام الله غير مخلوق] (6) . وهذا هو المتواتر (7) [المستفيض] (8) عن السلف والأئمة [من أهل البيت وغيرهم] (9) . (10) [" والنقول بذلك متواترة مستفيضة عن الصحابة والتابعين لهم بإحسان وتابعي تابعيهم، وفي ذلك مصنفات متعددة لأهل الحديث والسنة يذكرون فيها مقالات السلف بالأسانيد الثابتة عنهم، وهي معروفة عند أهلها، وذلك مثل كتاب " الرد على الجهمية " لمحمد بن عبد الله
_________
(1) عبارة " كلام الله ": ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ، (أ) ، (ب) .
(4) : (-) ساقط من (أ) ، (ب) .
(5) ب، ا: إن الكلام.
(6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
(7) ن، م: المأثور.
(8) المستفيض: ساقطة من (أ) ، (ب) ، (ن) ، (م) .
(9) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . وفي (ب) ، (أ) : من أهل البيت وغير أهل البيت.
(10) الكلام الوارد بعد القوس في (ع) فقط وينتهي ص 367.
***************************
الجعفي (1) ولعثمان بن سعيد الدارمي، وكذلك " نقض عثمان بن سعيد على بشر المريسي (2) والرد على الجهمية " لعبد الرحمن بن أبي حاتم (3) ، وكتاب " السنة " لعبد الله بن الإمام أحمد - رضي الله عنه - (4) ولأبي بكر الأثرم (5) وللخلال (6) ، وكتاب " خلق
_________
(1) أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن الحسين الجعفي الكوفي القاضي المعروف بالهرواني أو بابن الهرواني، أحد الأئمة الأعلام في مذهب أبي حنيفة. ولد سنة 305 وتوفي سنة 402. ترجمته في: العبر للذهبي 3/81 ; اللباب لابن الأثير 3/289 ; تاريخ بغداد 5/472 - 473 ; شذرات الذهب 3/165 ; الجواهر المضية في طبقات الحنفية لأبي محمد القرشي 2/65، ط. حيدر آباد، 1332. ولم تذكر هذه المراجع كتاب " الرد على الجهمية ". وقارن: " درء " 7/108.
(2) سبقت ترجمته 1/423. وانظر ترجمته أيضا في: تذكرة الحفاظ 3/621 - 622 ; الأعلام 4/366. وقد طبع كتابه " الرد على الجهمية " حديثا في ليدن سنة 1960 بتحقيق المستشرق جوستا ويتستام. وطبع كتاب " نقض عثمان بن سعيد على بشر المريسي " بتحقيق محمد حامد الفقي، القاهرة، 1358، وطبع الكتابان ضمن مجموعة عقائد السلف ط. المعارف، الأسكندرية، 1971 م.
(3) سبقت ترجمته ونقل نصوص من كتابه هذا 2/251 - 254. وذكر الكتاب حاجي خليفة في كشف الظنون 1/838.
(4) أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل، ولد سنة 213 وتوفي سنة 290. ترجمته في: طبقات الحنابلة 1/180 - 188 ; تذكرة الحفاظ 2/665 - 666. وذكر له بروكلمان (تاريخ الأدب العربي 3/313) : " كتاب السنن في الرد على المعتزلة والجهمية وفرق أخرى " وقال إن منه نسخة خطية في بنكيبور 10/491، وسماه سزكين م [0 - 9] ، ج [0 - 9] ص [0 - 9] 32 كتاب " السنة ". وقد طبع الكتاب بالقاهرة، سنة 1349.
(5) أبو بكر أحمد بن محمد بن هاني، الطائي الإسكافي الأثرم صاحب الإمام أحمد ومن أئمة المحدثين، توفي حوالي سنة 261. ترجمته في: طبقات الحنابلة 1/66 - 74 ; تذكرة الحفاظ 2/570 - 572 ; الأعلام 1/194 ; سزكين م [0 - 9] ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 29. ولا يوجد كتابه " السنة " بين أيدينا.
(6) سبقت ترجمته 1/424، وذكره الزركلي (الأعلام 1/196) وبروكلمان (تاريخ الأدب العربي \ 313 - 314) وذكرا كتابه " السنة " ولكنهما لم يتكلما عن نسخ خطية منه. وانظر ترجمته في: سزكين م [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 33 - 234.
**********************
أفعال العباد " للبخاري (1) وكتاب " التوحيد " لأبي بكر بن خزيمة (2) ، وكتاب " السنة " لأبي القاسم الطبراني (3) ، ولأبي الشيخ الأصبهاني (4) ، ولأبي عبد الله بن منده (5) ، " والأسماء والصفات " لأبي بكر البيهقي (6) .،
_________
(1) طبع كتاب " خلق أفعال العباد " للبخاري بدهلى سنة 1306. وقد أشار إليه ابن تيمية من قبل 2/253، ومنه نسخة خطية في مكتبة عاشر رئيس رقم 139 ذكرها بروكلمان 3/179. وقد طبع الكتاب ضمن مجموعة " عقائد السلف " السالفة الذكر.
(2) أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة بن المغيرة بن صالح بن بكر السلمي النيسابوري إمام نيسابور في عصره، ولقبه السبكي بإمام الأئمة، حدث عنه الشيخان خارج صحيحهما، ولد سنة 223 وتوفي سنة 311. ترجمته في: تذكرة الحفاظ 2/720 - 731 ; طبقات الشافعية 3/109 - 119 ; الأعلام 6/235. وقد طبع كتاب " التوحيد وإثبات صفات الرب عز وجل " بالمطبعة المنيرية، القاهرة، 1353.
(3) أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الطبراني (منسوب إلى طبرية الشام) ، من كبار المحدثين، ولد سنة 260 وتوفي بأصبهان سنة 360. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 2/141 ; مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي، (ط. الخانجي) ص 619 ; الأعلام 3/181 ; سزكين م [0 - 9] ; ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 93 - 396. ولم أجد ذكرا لكتابه الذي أشار إليه ابن تيمية ضمن ما ذكر من كتبه وكتب المعلق مستجي زاده فوق عبارة " وكتاب السنة " ما يلي: " وعندي - لله الحمد - هذا الكتاب وطالعته كرارا مرارا "
(4) أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان المعروف بأبي الشيخ الأنصاري الأصبهاني، كان من المكثرين، ولد سنة 274 وتوفي سنة 396. انظر ترجمته في: تذكرة الحفاظ 3/945 - 947 ; شذرات الذهب 3 ; اللباب لابن الأثير 1 ; الأعلام 4/264 وذكره بروكلمان 3/226 - 227. وسزكين م [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 04 - 406 ولم يذكرا كتابه " السنة " وكتب مستجي زاده فوق اسم كتابه: " وعندي هذا الكتاب وطالعته "
(5) سبقت ترجمة ابن منده (محمد بن إسحاق بن محمد) 1/425. وترجم له بروكلمان 3/228 - 229 وسزكين م [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 38 - 440 ولكنهما لم يذكرا كتابه هذا.
(6) أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي الشافعي، شيخ خراسان ومن أئمة المحدثين. ولد سنة 458. انظر ترجمته في: طبقات الشافعية 4 - 16 ; شذرات الذهب 3/304 - 305 ; الأعلام 1/113. وقد طبع كتابه " الأسماء والصفات " (بتحقيق محمد زاهد الكوثري) ، القاهرة، 1358
***************************
و " السنة " لأبي ذر الهروي (1) \ 65.، و " الإبانة " لابن بطة (2) .، و " شرح أصول السنة " لأبي القاسم اللالكائي (3) .، و " السنة " لأبي حفص بن شاهين (4) .، و " أصول السنة " لأبي عمر
_________
(1) أبو ذر عبد بن أحمد بن محمد الهروي المالكي الحافظ الثقة، توفي سنة 434. ترجمته في: شذرات الذهب 3/254 ; تبيين كذب المفتري 255 - 256 ; الأعلام 4/41. وذكر الزركلي من كتبه " السنة والصفات " وذكره عمر كحالة في معجم المؤلفين 5
(2) سبقت ترجمة ابن بطة والكلام عن كتابيه " الإبانة الكبرى " و " الإبانة الصغرى " 1/61، 2/22 - 23. وكتب مستجي زاده فوق اسم كتابه: " وعندي هذا الكتاب وطالعت أكثر مواضيعه وهو كتاب جليل ". وانظر: سزكين، م [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 39 - 240.، وقبله " الشريعة " لأبي بكر الآجري أبو بكر محمد بن الحسين بن عبد الله البغدادي الآجري، الإمام المحدث القدوة، توفي بمكة سنة 360. ترجمته في: تذكرة الحفاظ 3/936 ; وفيات الأعيان 3/419 ; طبقات الشافعية 3/149 ; شذرات الذهب 3/35 ; تاريخ بغداد 2/203 ; سزكين، م [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 89 - 392 ; الأعلام 6/328. ونشر كتاب " الشريعة " بتحقيق محمد حامد الفقي 1369/1950، ومنه نسخة خطية في آصفية رقم 377 (ذكرها بروكلمان 3/209)
(3) هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري الرازي، أبو القاسم اللالكائي، الفقيه الشافعي المحدث، توفي سنة 418. ترجمته في: تذكرة الحفاظ 3/1085 - 1087 ; شذرات الذهب 3/211 ; الأعلام 9/57. ذكر له بروكلمان 3/305 - 306 كتابين: " حجج أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة " ومنه نسخة خطية بليبزج رقم 1، 318 ; " شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة والتابعين من بعدهم والمخالفين لهم من علماء الأمة " ومنه نسخة خطية بالظاهرية رقم 3، 124، 37. ذكره سزكين م [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 11 - 212. وقد طبع قسم من الكتاب بتحقيق الدكتور أحمد سعد حمدان، مكة المكرمة، 1402 (وانظر مقدمة التحقيق)
(4) سبقت ترجمته 1/23. وفي فهرس المخطوطات المصورة بالجامعة العربية 1/136 - 137 أنه توجد نسخة خطية من الجزءين 20، 19 من كتابه " اللطيف لشرح مذاهب أهل السنة ومعرفة شرائع السنن " في الظاهرية برقم 164/56 حديث، 146 حديث. وانظر: سزكين م [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 26
***********************
الطلمنكي (1) . .
ولكن بعد ذلك تنازع المتأخرون على الأقوال السبعة المتأخرة (2) .
وأما (3) . القولان الأولان: فالأول: قول الفلاسفة الدهرية القائلين بقدم العالم والصابئة المتفلسفة ونحوهم، والثاني: قول الجهمية من المعتزلة ومن وافقهم [من] النجارية (4) . والضرارية. وأما الشيعة فمتنازعون (5) . في هذه المسألة، وقد حكينا النزاع عنهم فيما تقدم (6) .، وقدماؤهم كانوا يقولون: القرآن غير مخلوق، كما يقوله: أهل السنة والحديث. وهذا [القول] (7) . هو المعروف عن (8) . أهل البيت كعلي
_________
(1) سبقت ترجمته 1/304. وانظر في ترجمته أيضا: تذكرة الحفاظ 3/1098 - 1100 ; الديباج المذهب لابن فرحون (ط. ابن شقرون، القاهرة، 1351) ص [0 - 9] 9 - 40 ; الأعلام 1. ولم تذكر هذه المراجع كتابه " أصول السنة ". وكتب مستجي زاده في هامش (ع) أمام أسماء الكتب السابقة ما يلي: " انظر إلى كثرة الكتب التي صنفها أئمة الحديث في رد كلام من يقول: إن كلام الله تعالى مخلوق، مثل أهل الاعتزال والجهمية ومن تابعهم من الروافض وغيرهم ".، وأمثال هذه الكتب ومصنفوها من مذاهب متبوعة: مالكي وشافعي وحنبلي ومحدث مطلق لا ينتسب إلى مذهب أحد] هنا ينتهي السقط المشار إلى أوله، ص [0 - 9] 63
(2) ب، ن، م: ولكن تنازعوا بعد ذلك على الأقوال الخمسة المتأخرة. وفي (أ) : على أن أقوال. . إلخ.
(3) ب، ا: أما
(4) ب، ا، ن، م: ومن وافقهم كالنجارية
(5) ن: فيتنازعون
(6) انظر ما سبق 2/248 - 249
(7) القول: زيادة في (م) فقط
(8) ب، ا: عند
******************************
بن أبي طالب [رضي الله عنه] (1) . وغيره، مثل أبي جعفر الباقر وجعفر [بن محمد] (2) . الصادق وغيرهم.
[ولهذا كانت الإمامية لا تقول: إنه مخلوق لما بلغهم نفي ذلك عن أئمة أهل البيت، وقالوا: إنه محدث مجهول، ومرادهم بذلك أنه مخلوق، وظنوا أن أهل البيت نفوا أنه غير مخلوق، أي مكذوب مفترى.
ولا ريب أن هذا المعنى منتف باتفاق المسلمين: من قال: إنه مخلوق، ومن قال: إنه غير مخلوق. والنزاع بين أهل القبلة إنما كان في كونه مخلوقا خلقه الله، أو هو كلامه الذي تكلم به وقام بذاته. وأهل البيت إنما سئلوا عن هذا، وإلا فكونه مكذوبا مفترى مما لا ينازع مسلم في بطلانه] (3) .
ولكن الإمامية تخالف أهل البيت في عامة أصولهم، فليس في (4) . أئمة أهل البيت - مثل علي بن الحسين، وأبي جعفر الباقر وابنه جعفر بن محمد الصادق من كان ينكر الرؤية، أو يقول بخلق القرآن (5) .، أو ينكر القدر، أو يقول بالنص على علي، أو بعصمة الأئمة الاثني عشر، أو يسب أبا بكر وعمر (6) . .
_________
(1) رضي الله عنه: زيادة في (ع) فقط
(2) ابن محمد: زيادة في (ع) فقط
(3) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
(4) ب، ا، ن، م: من
(5) ع: ولا يقول القرآن مخلوق
(6) في النسخ الخمس: من كان ينكر الرؤية ولا يقول بخلق القرآن ولا ينكر القدر ولا يقول بالنص على علي ولا بعصمة الأئمة الاثني عشر ولا يسبون أبا بكر وعمر، وهو نقيض المقصود
*************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (133)
صـ 369 إلى صـ 375
والمنقولات الثابتة المتواترة عن هؤلاء معروفة موجودة، وكانت مما يعتمد عليه أهل السنة (1) .
وشيوخ الرافضة معترفون بأن هذا الاعتقاد في التوحيد والصفات والقدر لم يتلقوه لا عن كتاب ولا سنة ولا عن أئمة أهل البيت، وإنما يزعمون أن العقل دلهم عليه، كما يقول ذلك المعتزلة، [وهم في الحقيقة إنما تلقوه عن المعتزلة وهم شيوخهم في التوحيد والعدل] (2) .، وإنما يزعمون أنهم تلقوا عن الأئمة الشرائع. وقولهم في الشرائع غالبه موافق لمذهب أهل السنة -[أو بعض أهل السنة] (3) . -[ولهم مفردات شنيعة لم يوافقهم عليها أحد] (4) .، ولهم مفردات عن المذاهب الأربعة قد قال بها غير [الأربعة] (5) .، من السلف وأهل الظاهر وفقهاء المعتزلة وغير هؤلاء، فهذه ونحوها من مسائل الاجتهاد التي يهون الأمر فيها، بخلاف الشاذ الذي يعرف أنه لا أصل له في كتاب الله (6) . ولا سنة رسوله [- صلى الله عليه وسلم -] (7) . ولا سبقهم إليه (8) . أحد.
[ولم يقل أحد من علماء المسلمين إن الحق منحصر في أربعة من علماء المسلمين كأبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، كما يشنع
_________
(1) ع: أئمة السنة.
(2) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط
(3) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م)
(5) ب، ا، ن، م: غيرهم
(6) ع: لا أصل له من كتاب الله ; م: لا أصل له في كتاب الله
(7) صلى الله عليه وسلم: زيادة في (ع)
(8) ع: إليها
*********************
بذلك الشيعة على أهل السنة، فيقولون: إنهم يدعون أن الحق منحصر فيهم. بل أهل السنة متفقون على أن ما تنازع فيه المسلمون وجب رده إلى الله والرسول، وأنه قد يكون قول ما يخالف قول الأربعة: من أقوال الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وقول هؤلاء الأربعة (1) . مثل: الثوري والأوزاعي والليث بن سعد وإسحاق بن راهويه وغيرهم أصح من قولهم.
فالشيعة إذا وافقت بعض هذه الأقوال الراجحة كان قولها في تلك المسألة راجحا، ليست لهم مسألة واحدة فارقوا بها جميع أهل السنة المثبتين لخلافة الثلاثة (إلا) (2) . وقولهم فيها فاسد. وهكذا المعتزلة وسائر الطوائف كالأشعرية والكرامية والسالمية ليس لهم قول انفردوا به عن جميع طوائف الأمة إلا وهو قول فاسد، والقول الحق يكون مأثورا عن السلف وقد سبق هؤلاء الطوائف إليه] (3) .
وإذا عرفت المذاهب فيقال: لهذا: قولك (4) .: " إن أمره ونهيه وإخباره حادث لاستحالة أمر المعدوم ونهيه وإخباره ": أتريد به أنه حادث في ذاته؟ أم حادث منفصل عنه؟
_________
(1) قوله: " وقول هؤلاء الأربعة. . إلخ " لعله يقصد هنا الأربعة التالين: الثوري، والأوزاعي. . إلخ
(2) إلا: غير موجودة في الأصل وزدتها ليستقيم الكلام
(3) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
(4) العبارة التالية من كلام ابن المطهر وردت في (ك) 82 (م) ، وفي هذا الجزء ص [0 - 9] 03 وفيهما: وأن أمره ونهيه. . إلخ
*********************
والأول قول أئمة الشيعة (1) . المتقدمين [والجهمية] (2) . والمرجئة والكرامية مع كثير من أهل الحديث وغيرهم.
ثم إذا قيل: " حادث " أهو حادث النوع فيكون الرب قد صار متكلما بعد أن لم يكن متكلما؟ أم حادث الأفراد وأنه لم يزل متكلما إذا شاء؟ والكلام الذي كلم به موسى مثلا (3) . هو حادث وإن كان نوع كلامه قديما لم يزل؟ .
فهذه ثلاثة أنواع تحت قولك، وقد علم أنك إنما (4) . أردت النوع الأول، وهو قول [متأخري الشيعة] (5) . الذين جمعوا بين التشيع والاعتزال، فقالوا: إنه مخلوق خلقه الله منفصلا عنه (6) .
] والإمامية وإن قالوا: هو محدث، وامتنعوا أن يقولوا: هو مخلوق، فمرادهم بالمحدث هو مراد هؤلاء بالمخلوق، وإنما النزاع بينهم لفظي] (7) .
فيقال: لك (8) .: إذا كان الله قد خلقه [وأحدثه] (9) . منفصلا عنه لم يكن كلامه، فإن الكلام والقدرة والعلم وسائر الصفات إنما يتصف بها من
_________
(1) ن: الأئمة المتشيعة ; م: أ: الأئمة الشيعة
(2) والجهمية: ساقطة من (ع) ، (ن) ، (م)
(3) مثلا: ساقطة من (ب) ، (أ)
(4) إنما: ساقطة من (ب) ، (أ)
(5) متأخري الشيعة: ساقطة من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م)
(6) ب، ا: منفصل عنه.
(7) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط
(8) ن: فيقال له
(9) وأحدثه: في (ع) فقط
***************************
قامت به لا من خلقها في غيره وأحدثها (1) ، ولهذا إذا خلق الله حركة وعلما وقدرة في محل (2) كان ذلك المحل (3) هو المتحرك العالم القادر بتلك الصفات، ولم تكن تلك صفات لله (4) بل مخلوقات له، ولو كان متصفا بمخلوقاته المنفصلة عنه لكان إذا أنطق الجامدات، كما قال: {ياجبال أوبي معه والطير} [سورة سبأ: 10] . وكما قال: {يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون} [سورة النور: 24] ، {وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء} [سورة فصلت: 21] وكما قال: {اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون} [سورة يس: 65] ; ومثل تسليم الحجر على النبي - صلى الله عليه وسلم - وتسبيح الحصى بيده، وتسبيح الطعام وهم يأكلونه، فإذا كان كلام الله لا يكون إلا ما خلقه في غيره وجب أن يكون هذا كله كلام الله فإنه خلقه في غيره، وإذا تكلمت الأيدي فينبغي أن يكون ذاك كلام الله. كما يقولون: إنه خلق كلاما في الشجرة كلم به (5) موسى بن عمران.
وأيضا،، فإذا كان الدليل قد قام على أن الله تعالى خالق أفعال العباد وأقوالهم، وهو المنطق لكل ناطق، وجب أن يكون كل كلام في الوجود كلامه، وهذا قالته الحلولية (6) من الجهمية كصاحب " الفصوص " ابن عربي، قال:
_________
(1) ب، ا، ن، م: خلقها وفعلها في غيره.
(2) ب، ا: في جسم ; ن، م: وجسما.
(3) ب، ا، ن، م: الجسم.
(4) ب، ا: صفات الله.
(5) ب، ا: كلم الله به.
(6) ب (فقط) : وهذا ما قالته.
****************************** **
وكل كلام في الوجود كلامه ... سواء علينا نثره ونظامه (1) وحينئذ فيكون قول فرعون: {أنا ربكم الأعلى} [سورة النازعات: 24] كلام الله، كما أن الكلام المخلوق في الشجرة: {إنني أنا الله لا إله إلا أنا} [سورة طه: 14]
[يقولون: إنه مخلوق في الشجرة، أو غيرها، وهو] (2) كلام الله.
وأيضا، فالرسل الذين خاطبوا الناس وأخبروهم أن الله قال، ونادى، وناجى، ويقول، لم يفهموهم أن هذه مخلوقات منفصلة عنه، بل الذي أفهموهم إياه (3) أن الله نفسه هو الذي تكلم، والكلام قائم به لا بغيره، ولهذا عاب (4) الله من يعبد إلها لا يتكلم فقال: {أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا} [سورة طه: 89] ، وقال: {ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا} [سورة الأعراف: 148] ولا يحمد شيء بأنه يتكلم ويذم بأنه لا يتكلم (5) إلا إذا كان الكلام قائما به.
وبالجملة لا يعرف في لغة ولا عقل قائل متكلم إلا من يقوم به القول والكلام، [لا يعقل في لغة أحد - لا لغة الرسل ولا غيرهم - ولا في عقل أحد أن المتكلم يكون متكلما بكلام لم يقم به قط بل هو بائن عنه أحدثه في غيره، كما لا يعقل أنه متحرك بحركة خلقها في غيره، ولا يعقل أنه
_________
(1) البيت لابن عربي وقد ذكره في كتابه " الفتوحات المكية " 4/141، ط. مصطفى الحلبي، دار الكتب العربية، القاهرة، 1329.
(2) ما بين القوسين في (ع) فقط.
(3) ع، ن، م: أفهموه إياه.
(4) ن: ولهذا عاتب ; م: فلهذا أعاب، وهو تحريف.
(5) ب، ا: بأنه متكلم ويذم بأنه غير متكلم ; ن، م: بأنه يتكلم ويذم بأنه غير متكلم.
*************************
متلون بلون خلقه في غيره، ولا متروح برائحة خلقها في غيره. وطرد ذلك أنه يعقل أنه مريد بإرادة أحدثها في غيره، ولا محب وراض وغضبان وساخط برضى ومحبة وغضب وسخط خلقه في غيره.
وهؤلاء النفاة يصفونه بما لا يقوم به: تارة بما يخلقه في غيره كالكلام والإرادة، وتارة بما لا يقوم به ولا بغيره كالعلم والقدرة، وهذا أيضا غير معقول] (1) ; فلا (2) يعقل حي إلا من تقوم به الحياة، ولا عالم إلا من يقوم به العلم، [كما لا يعقل باتفاق العقلاء] (3) متحرك إلا من تقوم به الحركة، [وطرد هذا أنه لا يعقل] (4) فاعل إلا من يقوم به الفعل.
[وقد سلم الأشعرية - ومن وافقهم كابن عقيل وغيره - فاعلا لا يقوم به الفعل: كعادل لا يقوم به العدل، وخالق ورازق لا يقوم به الخلق والرزق.
وهذا مما احتجت به عليهم المعتزلة، فقالوا: كما جاز أن يكون عادلا خالقا رازقا بعدل وخلق ورزق لا يقوم به، فكذلك عالم وقادر ومتكلم.
والسلف رضي الله عنهم وجمهور أهل السنة يطردون أصلهم، ولهذا احتج الإمام أحمد رضي الله عنه وغيره على أن كلام الله غير مخلوق بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أعوذ بكلمات الله تعالى التامات التي
_________
(1) ما بين القوسين في (ع) فقط، وبدأ السقط في الصفحة السابقة.
(2) ب، ا، ن، م: كما لا.
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) ، وفيها: إلا من يقوم به العلم ولا متحرك. . إلخ.
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) ، وفيها ولا فاعل. . إلخ.
*************************
لا يجاوزهن بر ولا فاجر» (1) ". قالوا: لا يستعاذ بمخلوق. وكذلك ثبت عنه أنه قال: " «اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وبك منك لا أحصي ثناء عليك» (2) . وقالوا: لا يستعاذ بمخلوق، وقد استعاذ النبي - صلى الله عليه وسلم - بالرضا والمعافاة ; فكان ذلك عند أئمة السنة مما يقوم بالرب تعالى كما تقوم به كلماته، ليس من المخلوقات التي لا تكون إلا بائنة عنه] (3) .
_________
(1) في الموطأ 2/950 - 951 (كتاب الشعر، باب ما يؤمر به من التعوذ) : " وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى عفريتا من الجن يطلبه بشعلة، كلما التفت رسول الله صلى الله عليه وسلم رآه. فقال له جبريل: أفلا أعلمك كلمات تقولهن، إذا قلتهن طفئت شعلته وخر لفيه؟ فقال رسول الله صلى الله وسلم: بلى، فقال جبريل: فقل: أعوذ بوجه الله الكريم، وبكلمات الله التامات اللاتي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما ينزل من السماء، وشر ما يعرج فيها، وشر ما ذرأ في الأرض وشر ما يخرج منها، ومن فتن الليل والنهار، ومن طوارق الليل والنهار، إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن ". وورد الحديث مرسلا أيضا عن كعب الأحبار بعده بقليل 2/951 - 952. ولم أجد في رسالة " الرد على الجهمية والزنادقة " للإمام أحمد استشهادا بهذا الحديث. ولكن جاء في كتاب " الرد على الجهمية " للدارمي وفي كتاب " التوحيد " لابن خزيمة وغيرهما الاستشهاد بأحاديث أخرى عاذ فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم بكلمات الله التامات كالذي روي في صحيح مسلم 4/2081 (كتاب الذكر والدعاء باب التعوذ من سوء القضاء) عن أبي هريرة أنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم: فقال يا رسول الله ما لقيت من عقرب لدغتني البارحة. قال: " أما لو قلت حين أمسيت: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم تضرك ". وانظر: الرد على الجهمية للدارمي، ص [0 - 9] 0 ; كتاب التوحيد لابن خزيمة، ص [0 - 9] 08 - 109 ; كتاب الأسماء والصفات للبيهقي، ص [0 - 9] 84 - 186 ; المسند (ط. المعارف) 15/15 (رقم 7885 - وانظر التعليق) ; الأذكار للنووي، ص 121.
(2) الحديث في: مسلم 1/352 (كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود) وسبق ورود الحديث والتعليق عليه 2/159.
(3) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
*************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (134)
صـ 376 إلى صـ 382
فمن قال: إن المتكلم هو الذي يكون كلامه منفصلا عنه، [والمريد والمحب والمبغض والراضي والساخط ما تكون إرادته ومحبته وبغضه ورضاه وسخطه بائنا عنه لا يقوم به بحال من الأحوال] (1) ، قال ما لا يعقل، ولم يفهم الرسل للناس هذا، بل كل من سمع ما بلغته الرسل عن الله يعلم بالضرورة أن الرسل لم ترد بكلام الله ما هو منفصل] عن الله وكذلك لم ترد بإرادته ومحبته ورضاه ونحو ذلك ما هو منفصل [ (2) عنه (3) بل ما (4) هو متصف به.
قالت الجهمية والمعتزلة (5) : المتكلم من فعل الكلام، والله [تعالى] (6) لما أحدث الكلام في غيره صار متكلما.
فيقال: لهم: للمتأخرين المختلفين هنا ثلاثة أقوال (7) قيل: المتكلم من فعل الكلام ولو كان منفصلا، [وهذا إنما قاله هؤلاء] (8) .
وقيل: المتكلم من قام به الكلام، ولو لم يكن بفعله (9) ولا [هو] بمشيئته و [لا] قدرته (10) ، وهذا قول الكلابية والسالمية ومن وافقهم.
_________
(1) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
(2) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
(3) عنه: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) ما: ساقطة من (ع) .
(5) ن، م: والجهمية والمعتزلة قالوا ; ب، ا: قالوا (وسقطت كلمتا: الجهمية والمعتزلة) .
(6) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
(7) ن: الناس هنا على ثلاثة أقوال.
(8) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(9) أ، م: يفعله.
(10) ن، م: ولا بمشيئته وقدرته.
**********************
وقيل: المتكلم من تكلم بفعله ومشيئته وقدرته وقام به [الكلام] (1) ، وهذا قول أكثر أهل الحديث وطوائف من الشيعة والمرجئة والكرامية وغيرهم.
فأولئك يقولون: هو صفة فعل منفصل عن الموصوف لا صفة ذات. والصنف الثاني يقولون: صفة ذات لازمة للموصوف لا تتعلق بمشيئته ولا قدرته. والآخرون يقولون هو صفة ذات وصفة فعل، وهو قائم به متعلق (2) بمشيئته وقدرته. وإذا (3) كان كذلك فقولهم (4) : إنه صفة فعل ينازعهم (5) فيه طائفة وإذا لم ينازعوا في هذا، فيقال: هب أنه صفة فعل منفصلة عن القائل الفاعل، أو قائمة به (6) . أما الأول فهو قولكم الفاسد، وكيف تكون الصفة غيره قائمة بالموصوف، أو القول غير قائم بالقائل.
[وقول القائل: الصفات تنقسم إلى صفة ذات وصفة فعل - ويفسر صفة الفعل بما هو بائن عن الرب كلام متناقض كيف يكون صفة للرب وهو لا يقوم به بحال، بل هو مخلوق بائن عنه؟
وهذا وإن كانت الأشعرية قالته تبعا للمعتزلة فهو خطأ في نفسه، فإن إثبات صفات الرب وهي مع ذلك مباينة له جمع بين المتناقضين
_________
(1) ب، ا: فقام به الكلام وسقطت كلمة " الكلام " من (ن) ، (م) .
(2) ب، ا، ن، م: يتعلق.
(3) ب، ا: إذا.
(4) ب، (فقط) : فقولكم.
(5) ب، ا، ن، م: ينازعكم.
(6) ب، ا: هب أنه صفة فعل لكن صفة فعل منفصل (م: منفصلة) عن القائل (ساقطة من (م) الفاعل أو قائم (م: قائمة) به.
*************************
المتضادين، بل حقيقة قول هؤلاء: إن الفعل لا يوصف به الرب، فإن الفعل هو المخلوق، والمخلوق لا يوصف به الخالق، ولو كان الفعل الذي هو المفعول صفة له لكانت جميع المخلوقات صفات للرب، وهذا لا يقوله: عاقل فضلا عن مسلم] (1) .
فإن قلتم: هذا بناء على أن فعل الله لا يقوم به، لأنه لو قام به لقامت به الحوادث.
قيل: والجمهور ينازعونكم في هذا الأصل، ويقولون: كيف يعقل فعل لا يقوم بفاعل، ونحن نعقل الفرق بين نفس الخلق والتكوين (2) وبين المخلوق المكون؟
وهذا قول جمهور الناس كأصحاب أبي حنيفة. وهو الذي حكاه البغوي (3) وغيره من أصحاب الشافعي عن أهل السنة، وهو قول أئمة أصحاب أحمد كأبي إسحاق بن شاقلا (4) وأبي بكر عبد العزيز (5) وأبي عبد الله بن حامد (6) [والقاضي أبي يعلى في آخر قوليه] (7) [وهو] قول (8) أئمة الصوفية وأئمة أصحاب الحديث، [وحكاه
_________
(1) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
(2) ب، ا: بين نفس التكوين.
(3) وهو أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد البغوي المعروف بالفراء، وسبقت ترجمته
(4) ن، م: وأبي إسحاق بن شاقلا. وسبقت ترجمته 1/458.
(5) ب، ا: أبو بكر بن عبد العزيز، وهو خطأ. وسبقت ترجمته 1/424.
(6) وهو الحسن بن حامد. وسبقت ترجمته 1/423.
(7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(8) ن، م: وقول.
**************************
البخاري في كتاب " خلق أفعال العباد " عن العلماء مطلقا] (1) وهو قول طوائف من المرجئة والشيعة والكرامية وغيرهم (2) . ثم القائلون بقيام فعله به، منهم من يقول: فعله قديم والمفعول متأخر، كما أن إرادته قديمة والمراد متأخر، كما يقول ذلك من يقوله من أصحاب أبي حنيفة وأحمد وغيرهم، [وهو الذي ذكره الثقفي وغيره من الكلابية لما وقعت المنازعة بينهم وبين ابن خزيمة] (3) .
[ومنهم من يقول: بل هو حادث النوع، كما يقول ذلك من يقوله من الشيعة والمرجئة والكرامية] (4) .
ومنهم من يقول: هو يقع (5) بمشيئته وقدرته شيئا فشيئا لكنه لم يزل متصفا به، فهو حادث الآحاد قديم النوع، كما يقول ذلك من يقوله من أئمة أصحاب الحديث وغيرهم من أصحاب الشافعي وأحمد
وسائر الطوائف [منهم من يقول: بل الخلق حادث قائم بالمخلوق، كما يقوله هشام بن الحكم وغيره، ومنهم من يقول: بل هو قائم بنفسه لا في محل، كما يقوله: أبو الهذيل العلاف وغيره، ومنهم من يقول بمعان قائمة بنفسها لا تتناهى، كما يقوله: معمر بن عباد (6) وغيره] (7) .
_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(2) وغيرهم: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(3) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . وفي (ع) سقطت كلمة " والمرجئة ".
(5) هو يقع: ساقط من (ب) ، (أ) .
(6) سبق الكلام على معمر بن عباد ومذهبه في المعاني 2/128 - 129.
(7) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
**********************
وإذا كان الجمهور ينازعونكم فتقدر (1) المنازعة بينكم وبين أئمتكم من الشيعة ومن وافقهم ; فإن هؤلاء يوافقونكم على أنه حادث لكن يقولون: هو قائم بذات الله فيقولون: قد جمعنا بين حجتنا وحجتكم (2) ، فقلنا العدم لا يؤمر (3) ولا ينهى، وقلنا: الكلام لا بد أن يقوم بالمتكلم.
فإن قلتم لنا: قد قلتم بقيام الحوادث بالرب. قالوا لكم (4) : نعم، وهذا قولنا الذي دل عليه الشرع والعقل، ومن لم يقل إن البارئ يتكلم، ويريد، ويحب ويبغض ويرضى، ويأتي ويجيء، فقد ناقض كتاب الله [تعالى] (5) . ومن قال: إنه لم يزل (6) ينادي موسى في الأزل، فقد خالف كلام الله مع مكابرة العقل، لأن الله يقول: {فلما جاءها نودي} [سورة النمل: 8] ، وقال: {إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون} [سورة يس: 82] ، فأتى بالحروف الدالة على الاستقبال. قالوا: وبالجملة فكل ما يحتج به المعتزلة والشيعة مما يدل على أن كلامه متعلق بمشيئته [وقدرته] (7) ، وأنه يتكلم (8) إذا شاء، وأنه يتكلم شيئا بعد شيء فنحن نقول به، وما يقول به من يقول: إن كلام الله قائم بذاته، وإنه صفة له، والصفة لا تقوم إلا بالموصوف فنحن نقول به، وقد أخذنا
_________
(1) ن، م: فقدر.
(2) ع: قد جمعنا بين حجتكم وحجتنا ; أ، ب: قد جمعنا حجتنا وحجتكم.
(3) ن، م: لا يؤثر، وهو تحريف ظاهر.
(4) ب، ا، ن، م: قلنا لكم.
(5) تعالى: زيادة في (ع) .
(6) لم يزل: ساقطة من (ن) ، (م) .
(7) وقدرته: ساقطة من (ن) .
(8) ن: وأنه يتكلم به.
****************************
بما في قول كل من الطائفتين من الصواب، وعدلنا عما يرده الشرع والعقل من قول كل منهما.
فإذا قالوا لنا: فهذا يلزم (1) أن تكون الحوادث قامت به. قلنا: ومن أنكر هذا قبلكم من السلف والأئمة؟ ونصوص القرآن والسنة تتضمن ذلك مع صريح العقل، وهو قول لازم لجميع الطوائف، ومن أنكره فلم يعرف لوازمه وملزوماته. ولفظ " الحوادث " مجمل، فقد يراد به الأمراض (2) والنقائص، والله [تعالى] (3) منزه عن ذلك [كما نزه نفسه عن السنة والنوم واللغوب، وعن أن يئوده حفظ السماوات والأرض وغير ذلك مما هو منزه عنه بالنص والإجماع. ثم إن كثيرا من نفاة الصفات - المعتزلة وغيرهم - يجعلون مثل هذا حجة في نفي قيام الصفات، أو قيام الحوادث به مطلقا، وهو غلط منهم، فإن نفي الخاص لا يستلزم نفي العام، ولا يجب إذا نفيت عنه النقائص والعيوب أن ينتفي عنه ما هو من صفات الكمال ونعوت الجلال] (4) . ولكن يقوم به ما يشاؤه (5) ويقدر عليه من كلامه وأفعاله (6) ونحو ذلك مما دل عليه الكتاب والسنة.
_________
(1) ب (فقط) : فهذا يلزم منه.
(2) ب، م: الأعراض.
(3) تعالى: زيادة في (ع) .
(4) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
(5) ب، ا، م: ما شاءه ; ن: ما شاء.
(6) ع، ن، م: وفعاله.
****************************
ونحن (1) نقول لمن أنكر قيام ذلك به: أتنكره (2) لإنكارك قيام الصفة به كإنكار المعتزلة؟ أم تنكره لأن من قامت به الحوادث لم يخل منها، ونحو ذلك مما يقوله الكلابية؟
فإن قال بالأول كان الكلام في أصل الصفات وفي كون الكلام قائما بالمتكلم لا منفصلا عنه (3) كافيا في هذا الباب. وإن كان الثاني قلنا لهؤلاء (4) : أتجوزون حدوث الحوادث بلا سبب حادث أم لا؟ فإن جوزتم ذلك - وهو قولكم - لزم أن يفعل الحوادث من (5) لم يكن فاعلا لها ولا لضدها (6) فإذا جاز هذا [فلم] لا يجوز أن تقوم الحوادث بمن لم تكن (7) قائمة به هي ولا ضدها؟
ومعلوم أن الفعل أعظم من القبول (8) ، فإذا جاز فعلها بلا سبب حادث فكذلك قيامها بالمحل (9) ، فإن قلتم: القابل للشيء لا يخلو عنه وعن ضده. (10 قلنا: هذا ممنوع ولا دليل لكم عليه 10) (10) ، [ثم إذا سلم ذلك فهو كقول
_________
(1) ن، م: فنحن.
(2) ن، م: تنكره.
(3) ب، ا: لا منفصلا منه.
(4) ع: قالوا لهؤلاء.
(5) ب، ا: ما.
(6) ن، م: ولا قصدها.
(7) ن: فلا يجوز بمن لم تكن. . إلخ ; م: فلا يجوز أن تقوم الحوادث بمن لم تكن. . ; ع: فلم لا يجوزوا أن تقوم الحوادث. . وهو خطأ.
(8) ع، م: القول.
(9) ن، م: بالفعل.
(10) : (10 - 10) ساقط من (أ) ، (ب) .
*****************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (135)
صـ 383 إلى صـ 389
القائل: القدر على الشيء لا يخلو عن فعله وفعل ضده، وأنتم تقولون: إنه لم يزل قادرا، ولم يكن فاعلا ولا تاركا، لأن الترك عندكم أمر وجودي مقدور، وأنتم تقولون: لم يكن فاعلا لشيء من مقدوراته في الأزل مع كونه قادرا، بل تقولون: إنه يمتنع وجود مقدوره في الأزل مع كونه قادرا عليه.
وإذا كان هذا قولكم فلأن لا يجب وجود المقبول في الأزل بطريق الأولى والأحرى، فإن هذا المقبول مقدور لا يوجد إلا بقدرته، وأنتم تجوزون وجود قادر مع امتناع مقدوره في حال كونه قادرا] (1) .
(2 ثم نقول: إن كان القابل للشيء لا يخلو عنه وعن ضده 2) (2) لزم تسلسل الحوادث، وتسلسل الحوادث إن كان ممكنا كان القول الصحيح قول أهل الحديث الذين يقولون: لم يزل متكلما إذا شاء كما قاله ابن المبارك وأحمد بن حنبل وغيرهما من أئمة السنة. وإن لم يكن جائزا [أمكن أن يقوم به الحادث بعد أن لم يكن قائما به، كما يفعل الحوادث بعد أن لم يكن فاعلا لها] (3) وكان (4) قولنا هو الصحيح، فقولكم أنتم باطل على [كلا] (5) التقديرين. فإن قلتم لنا: أنتم توافقونا على امتناع تسلسل الحوادث، وهو حجتنا وحجتكم على [نفي] (6) قدم العالم.
_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
(2) : (2 - 2) ساقط من (أ) ، (ب) .
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
(4) ب، ا، ن، م: كان.
(5) كلا: زيادة في (أ) ، (ب) .
(6) نفي: ساقطة من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
****************************** *****
قلنا لكم: موافقتنا لكم حجة جدلية، وإذا كنا قد قلنا بامتناع تسلسل الحوادث موافقة لكم، وقلنا (1) بأن القابل (2) للشيء قد يخلو عنه وعن ضده مخالفة لكم. وأنتم تقولون: إن قبل الحوادث (3) لزم تسلسلها وأنتم لا تقولون بذلك (4) .
قلنا: إن صحت هاتان المقدمتان - ونحن لا نقول بموجبهما (5) - لزم خطؤنا: إما في هذه وإما في هذه. وليس خطؤنا فيما سلمناه لكم بأولى من خطئنا فيما خالفناكم فيه، فقد يكون خطؤنا في منع تسلسل الحوادث لا في قولنا: إن القابل للشيء يخلو عنه وعن ضده، فلا يكون خطؤنا في إحدى المسألتين دليلا على صوابكم (6) في الأخرى التي خالفناكم فيها.
أكثر ما في هذا (7) الباب [أنا نكون] (8) متناقضين، والتناقض (9) شامل لنا ولكم ولأكثر من تكلم في هذه المسألة ونظائرها. وإذا كنا متناقضين، فرجوعنا إلى قول نوافق [فيه] العقل والنقل (10) ، أولى من رجوعنا إلى قول
_________
(1) ن، م: قد قلنا.
(2) ب (فقط) : الفاعل.
(3) ب: إن قبل بالحوادث ; ن، م: فإذا قيل الحوادث.
(4) ع: وأنتم لا تقولون به ; م: وأنتم لا تقولون تلك.
(5) ع، ن، م: بموجبها.
(6) ب (فقط) : جوابكم.
(7) هذا: ساقطة من (ع) .
(8) عبارة " أنا نكون " ساقطة من (ن) ، (م) .
(9) ن (فقط) : والمتناقضين، وهو خطأ.
(10) ن، م: يوافق العقل والنقل.
****************************** ***
نخالف فيه العقل والنقل. فالقول بأن المتكلم يتكلم (1) بكلام لا يتعلق بمشيئته وقدرته، أو منفصل عنه لا يقوم به مخالف للعقل والنقل، بخلاف تكلمه بكلام يتعلق بمشيئته وقدرته قائم به فإن هذا لا يخالف لا عقلا ولا نقلا، لكن قد نكون [نحن] (2) لم نقله بلوازمه فنكون متناقضين، وإذا كنا متناقضين كان الواجب أن نرجع عن القول الذي أخطأنا فيه لنوافق ما أصبنا فيه، لا نرجع عن الصواب لنطرد (3) الخطأ، فنحن نرجع عن تلك [المناقضات] (4) ونقول بقول أهل الحديث.
فإن قلتم: إثبات حادث بعد حادث (5) لا إلى أول (6) قول الفلاسفة الدهرية. (* قلنا: بل قولكم: إن الرب تعالى لم يزل معطلا لا يمكنه أن يتكلم بشيء ولا أن يفعل شيئا، ثم صار يمكنه أن يتكلم وأن يفعل (7) بلا حدوث سبب يقتضي ذلك، قول مخالف لصريح العقل ولما عليه المسلمون، فإن المسلمين يعلمون أن الله لم يزل قادرا، وإثبات القدرة مع كون المقدور ممتنعا غير ممكن جمع بين النقيضين، فكان فيما عليه
_________
(1) ن، ا: فنقول إن المتكلم يتكلم ; ب: فنقول إن كون المتكلم يتكلم، م: فنقول إن المتكلم.
(2) نحن: ساقطة من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
(3) ب، ا: ليطرد.
(4) المناقضات: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) ع: إثبات حوادث بلا حادث ; ن، م: إثبات حوادث بعد حادث.
(6) ن: أولى أول ; م: لا أولى أول، وكلاهما تحريف.
(7) ع: أن يفعل ويتكلم.
****************************** **
المسلمون من أنه لم يزل قادرا ما يبين أنه لم يزل قادرا على الفعل والكلام بقدرته ومشيئته (1) .
والقول بدوام كونه متكلما ودوام كونه فاعلا بمشيئته منقول عن السلف وأئمة المسلمين من أهل البيت وغيرهم، كابن المبارك (2) وأحمد بن حنبل والبخاري وعثمان بن سعيد الدارمي وغيرهم، وهو منقول عن جعفر بن محمد الصادق في الأفعال المتعدية - فضلا عن اللازمة - وهو دوام إحسانه (3) ، *) (4) [وذلك قوله: وقول المسلمين: يا قديم الإحسان إن عني بالقديم قائم به] (5) .
والفلاسفة الدهرية قالوا: بقدم [الأفلاك وغيرها من] (6) العالم، وأن الحوادث فيه لا إلى أول، وأن البارئ موجب بذاته للعالم (7) ليس فاعلا بمشيئته وقدرته ولا يتصرف بنفسه. [ومعلوم بالاضطرار من دين الرسل أن الله تعالى خالق كل شيء، ولا يكون المخلوق إلا محدثا، فمن جعل مع الله شيئا قديما بقدمه فقد علم مخالفته لما أخبرت به الرسل مع مخالفته لصريح العقل] (8) . وأنتم وافقتموهم (9) على طائفة من باطلهم حيث قلتم: إنه لا يتصرف
_________
(1) ع: بمشيئته وقدرته.
(2) ع: جاء عن ابن المبارك.
(3) ع: دوام الإحسان.
(4) ما بين النجمتين ساقط من (ن) ، (م) .
(5) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
(6) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
(7) ع: موجب بذاته العالم ; ن: الموجب لذاته للعالم ; م: الموجب بذاته للعالم.
(8) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
(9) ن، م: وافقتمونا.
*************************
بنفسه، ولا يقوم به أمر يختاره ويقدر عليه، بل جعلتموه (1) كالجماد الذي لا تصرف (2) (* له ولا فعل، وهم جعلوه كالجماد الذي لزمه وعلق به ما لا يمكنه دفعه عنه ولا قدرة له على التصرف *) (3) فيه، فوافقتموهم على بعض باطلهم. ونحن قلنا بما يوافق العقل والنقل من كمال قدرته ومشيئته، وأنه قادر على الفعل بنفسه [وعلى التكلم بنفسه] (4) كيف شاء، وقلنا: إنه لم يزل موصوفا بصفات الكمال متكلما إذا شاء (5) ، فلا نقول: إن كلامه مخلوق منفصل عنه، فإن حقيقة هذا القول أنه لا يتكلم، ولا نقول: إن كلامه شيء واحد (6) : أمر ونهي وخبر (* وأن معنى التوراة والإنجيل واحد، وأن الأمر والنهي صفة لشيء واحد *) (7) ، فإن هذا مكابرة للعقل (8) ، ولا نقول: إنه أصوات مقطعة (9) متضادة أزلية، فإن الأصوات لا تبقى زمانين. وأيضا، فلو قلنا بهذا القول والذي قبله لزم أن يكون تكليم الله
_________
(1) ب، ا، ن، م: وجعلتموه.
(2) في (ن) ، (م) : كالجماد الذي لا ينصرف، وبعد هذه العبارة كتبت في (ن) تسعة سطور تبين لي أنها تقابل سطورا في ص 233 في (ب) ، وأخطأ الناسخ في كتابتها في هذا الموضع.
(3) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
(4) ما بين المعقوفتين في (ع) ، (م) .
(5) ب، ا: متكلما ذاتا.
(6) ب: ولا نقول إنه شيء واحد ; ن، ا، م: ولا يقول إنه شيء واحد.
(7) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
(8) ن، م: العقل.
(9) ب، ا: منقطعة.
********************
للملائكة ولموسى ولخلقه يوم القيامة ليس إلا مجرد خلق إدراك (1) لهم لما كان أزليا لم يزل. ومعلوم أن النصوص دلت على ضد ذلك، ولا نقول إنه صار متكلما بعد أن لم يكن متكلما، فإن هذا وصف له (2) بالكمال بعد النقص، وأنه صار محلا للحوادث التي كمل بها بعد نقصه. ثم حدوث ذلك الكمال (3) لا بد له من سبب، [والقول في الثاني كالقول في الأول ففيه تجدد (* كمال بلا سبب] (4) ، ووصف له بالنقص الدائم من الأزل إلى أن تجدد له ما لا سبب لتجدده (5) ، وفي ذلك تعطيل له عن صفات الكمال.
وأما دوام الحوادث فمعناه [هنا] (6) دوام كونه متكلما (7) إذا شاء، وهذا دوام كماله ونعوت *) (8) جلاله ودوام أفعاله، وبهذا يمكن أن يكون العالم، وكل ما فيه مخلوق له حادث (9) بعد أن لم يكن، لأنه يكون سبب الحدوث هو ما قام بذاته من كلماته وأفعاله (10) وغير ذلك، فيعقل
_________
(1) ب، ا، ن، م: الإدراك.
(2) ب: فإنه وصف له ; أ: فإن وصف له (بسقوط: هذا) . وسقطت " له " من (ع) .
(3) ع: الكلام.
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(5) ن، م: إلى تجدد ما لا سبب لنحوه، وهو تحريف.
(6) هنا: ساقطة من (ن) ، (م) .
(7) ن: مكلما.
(8) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
(9) ب (فقط) : مخلوقا له حادثا. والذي في باقي النسخ صواب، وفي عبارة " وبهذا يمكن أن يكون العالم " الفعل " يكون " تام.
(10) ب، ا: لأنه يكون بسبب الحدوث وهو ما قام بذاته من كلماته وأفعاله، وهو خطأ ; ن، م: لأنه يكون سبب الحوادث هو ما قام به من كلماته وأفعاله.
**************************
سبب (1) حدوث الحوادث، ويمتنع مع هذا (2) أن يقال: بقدم شيء من العالم، لأنه لو كان قديما لكان مبدعه (3) موجبا بذاته ليلزمه (4) موجبه ومقتضاه، وإذا كان الخالق فاعلا بفعل يقول بنفسه بمشيئته واختياره امتنع أن يكون موجبا بذاته لشيء من الأشياء، فامتنع قدم شيء من العالم، وإذا امتنع من الفاعل المختار أن يفعل شيئا منفصلا [عنه] (5) مقارنا له مع أنه لا يقوم به فعل اختياري، فلأن يمتنع ذلك إذا قام به فعل اختياري بطريق الأولى والأحرى، لأنه على هذا التقدير (* لا يوجد المفعول حتى يوجد الفعل الاختياري الذي حصل بقدرته ومشيئته، وعلى التقدير *) (6) الأول يكفي فيه نفس المشيئة والقدرة والفعل الاختياري (7) .
[ومعلوم أن ما توقف على المشيئة والقدرة] (8) والفعل الاختياري القائم به يكون، أولى بالحدوث والتأخر مما لم يتوقف (9) إلا على بعض ذلك.
والكلام على هذه الأمور مبسوط في غير هذا الموضع، وأكثر الناس
_________
(1) ن، م: فيفعل بسبب، وهو تحريف.
(2) ب، ا: ومع هذا يمتنع.
(3) ن: مبتدعة مقتضيه.
(4) ب، ا: يلزمه.
(5) عنه: ساقطة من (ع) ، (ن) ، (م) .
(6) ما بين النجمتين ساقط من (ب) ، (أ) وموجود في (ن) لكن بعض كلماته محرفة.
(7) ب، ا: يكفي في نفس المشيئة والفعل الاختياري والقدرة ; ع: يكفي نفس المشيئة والقدرة.
(8) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) وسقطت كلمة " القدرة " من (ب) ، (أ) .
(9) ن، م: ما لم يتوقف.
*********************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (136)
صـ 390 إلى صـ 396
لا يعلمون كثيرا من هذه الأقوال ; ولذلك كثر بينهم القيل والقال، وما ذكرناه إشارة إلى مجامع المذاهب. (1) [والأصل الذي باين به أهل السنة والجماعة من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، من أهل البيت وغيرهم وسائر أئمة المسلمين للجهمية والمعتزلة وغيرهم من نفاة الصفات: أن الرب تعالى إنما يوصف بما يقوم به، لا يوصف بمخلوقاته، وهو أصل مطرد عند السلف والجمهور. ولكن المعتزلة استضعفت الأشعرية - ومن وافقهم - بتناقضهم في هذا الأصل حيث وصفوه بالصفات الفعلية مع أن الفعل لا يقوم به عندهم. والأشعري تبع في ذلك للجهمية والمعتزلة الذين نفوا قيام الفعل به، لكن أولئك ينفون الصفات أيضا، بخلاف الأشعرية.
والمعتزلة لهم نزاع في الخلق: هل هو المخلوق، أو غير المخلوق؟ وإذا قالوا: هو غير المخلوق، فقد يقولون: معنى قائم لا في محل، كما تقوله البصريون في الإرادة. وقد يقولون: معاني لا نهاية لها في آن واحد. كما يقوله معمر منهم وأصحابه، ويسمون أصحاب المعاني، وقد يقولون: إنه قائم بالمخلوق.
وحجة الأشعري ومن وافقه على أن الخلق هو المخلوق، أنهم قالوا: لو كان غيره لكان إما قديما وإما محدثا، فإن كان قديما لزم قدم المخلوق، وهو محال بالاضطرار فيما علم حدوثه بالاضطرار، والدليل فيما علم حدوثه بالدليل. وإن كان محدثا كان مخلوقا، فافتقر الخلق إلى
_________
(1) الكلام بعد القوس في (ع) فقط وينتهي ص 393.
*************************
خلق ثان ولزم التسلسل، وأيضا، فيلزم قيام الحوادث به، وهذا عمدتهم في نفس الأمر.
والرازي لم يكن له خبرة بأقوال طوائف المسلمين، إلا بقول المعتزلة والأشعرية وبعض أقوال الكرامية والشيعة، فلهذا لما ذكر هذه المسألة ذكر الخلاف فيها مع فقهاء ما وراء النهر، وقول هؤلاء هو قول جماهير طوائف المسلمين.
والجمهور لهم في الجواب عن عمدة هؤلاء طرق: كل قوم بحسبهم. فطائفة قالت: بل الخلق الذي هو التكوين والفعل قديم والمكون المفعول محدث لأن (الخلق) (1) عندهم لا تقوم به الحوادث، وهذا قول كثير من هؤلاء من الحنفية والحنبلية والكلابية والصوفية وغيرهم. فإذا قالوا لهؤلاء: فيلزم قدم المكون قالوا: نقول في ذلك مثل ما قلتم في الإرادة الأزلية، قلتم: هي قديمة فإن (2) كان المراد محدثا، كذلك التكوين قديم، وإن كان المكون محدثا.
وطائفة قالت: بل الخلق والتكوين حادث إذا أراد الله خلق شيء وتكوينه، وهذا قول أكثر أهل الحديث وطوائف من أهل الكلام والفقه والتصوف. قالوا: لأن الله ذكر وجود أفعاله شيئا بعد شيء كقوله تعالى: (خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش) [سورة الأعراف: 54] وقوله: {ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين} [سورة فصلت 11] ، وقوله:
_________
(1) كلمة " الخلق " غير موجودة بالأصل وزدتها ليستقيم الكلام.
(2) فإن: كذا في الأصل، ولعل الصواب: وإن.
***************************
{ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم} [سورة الأعراف: 11] وقوله: {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين - ثم جعلناه نطفة في قرار مكين - ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين} [سورة المؤمنون: 12 - 14] ، وأمثال ذلك.
وهؤلاء يلتزمون أنه تقوم به الأمور الاختيارية، كخلقه ورضاه وغضبه وكلامه وغير ذلك مما دلت عليه النصوص. وفي القرآن أكثر من ثلاثمائة موضع توافق قولهم، وأما الأحاديث فكثيرة جدا، والآثار عن السلف بذلك متواترة، وهو قول أكثر الأساطين من الفلاسفة. ثم هؤلاء في التسلسل على قولين، وهم يقولون: المخلوق يحصل بالخلق، والخلق يحصل بقدرته ومشيئته، لا يحتاج إلى خلق آخر. 0 ويقولون لمنازعيهم: إذا جاز عندكم وجود المخلوقات المنفصلة بمجرد القدرة والمشيئة من غير فعل قائم به، فلأن يجوز الفعل بمجرد القدرة الإرادة أولى وأحرى. ومن لم يقل بالتسلسل منهم يقول: نفس القدرة القديمة والإرادة القديمة أوجبت ما حدث من الفعل والإرادة وبذلك يحصل المخلوق فيما لا يزال.
ومن قال بالتسلسل منهم قال: التسلسل الممتنع إنما هو التسلسل في المؤثرات، وهو أن يكون للفاعل فاعل، وهلم جرا إلى غير نهاية، سواء عبر عن ذلك بأن للعلة علة وللمؤثر مؤثرا، أو عبر عنه بأن للفاعل فاعلا،
****************************
فهذا هو التسلسل الممتنع في صريح العقل، ولهذا كان هذا ممتنعا باتفاق العقلاء، كما أن الدور الممتنع هو الدور القبلي.
فأما التسلسل في الآثار وهو أن لا يكون الشيء حتى يكون قبله غيره، أو لا يكون إلا ويكون بعد غيره فهذا للناس فيه ثلاثة أقوال: قيل: هو ممتنع في الماضي والمستقبل. وقيل: بل هو جائز في الماضي والمستقبل. وقيل ممتنع في الماضي جائز في المستقبل. والقول بجوازه مطلقا هو معنى قول السلف وأئمة الحديث وقول جماهير الفلاسفة القائلين بحدوث هذا العالم والقائلين بقدمه. وقد بسط الكلام على أدلة الطائفتين في موضع آخر، فإنا قد بسطنا الكلام فيما ذكره من أصول الدين أضعاف ما تكلم به هو ونبهنا على مجامع الأقوال] (1)
[التعليق على قوله وأن الأنبياء معصومون من الخطأ والسهو]
[الوجه الأول اختلافهم في عصمة الأنبياء]
(فصل)
وأما قوله (2) : " وأن (3) الأنبياء معصومون من (4) الخطأ والسهو والمعصية صغيرها وكبيرها من أول العمر إلى آخره، وإلا لم يبق وثوق بما يبلغونه، فانتفت فائدة البعثة ولزم التنفير عنهم ". فيقال: أولا: [إن] (5) الإمامية متنازعون في عصمة الأنبياء.
_________
(1) هنا ينتهي السقط المشار إلى أوله ص 390.
(2) سبق ورود الكلام التالي في " منهاج الكرامة " (ك) 1/82 (م) ، وفيما سبق 2/99.
(3) ب، ا، ن، م: إن.
(4) ك: عن.
(5) إن: زيادة في (ب) ، (أ) .
*************************
قال الأشعري في " المقالات " (1) : واختلفت (2) الروافض في الرسول (3) هل يجوز عليه أن يعصي أم لا؟ وهم فرقتان: فالفرقة الأولى منهم: يزعمون أن الرسول جائز عليه أن يعصي الله، وأن النبي قد عصى في أخذ الفداء يوم بدر، فأما الأئمة فلا يجوز ذلك عليهم، فإن الرسول إذا عصى فإن الوحي يأتيه من قبل الله، والأئمة لا يوحى إليهم ولا تهبط الملائكة عليهم، وهم معصومون، فلا يجوز عليهم أن يسهوا و [لا] يغلطوا (4) وإن جاز على الرسول العصيان ". قال (5) : " والقائل بهذا القول هشام بن الحكم. والفرقة الثانية منهم: يزعمون أنه لا يجوز على الرسول أن يعصي الله عز وجل، ولا يجوز ذلك على الأئمة، لأنهم جميعا حجج الله، وهم معصومون من الزلل ولو جاز عليهم السهو واعتماد المعاصي وركوبها (6) لكانوا قد ساووا المأمومين في جواز ذلك عليهم، كما جاز (7) على المأمومين ولم يكن المأمومون (8) أحوج إلى الأئمة من الأئمة لو كان ذلك جائزا عليهم جميعا (9) ". (10)
[وأيضا، فكثير من شيوخ الرافضة من يصف الله تعالى بالنقائص
_________
(1) (مقالات الإسلاميين) 1/115 - 116.
(2) ب، ا، م: واختلف.
(3) المقالات 1/115: الرسول عليه السلام.
(4) ن، م: ويغلطوا.
(5) قال: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(6) وركوبها: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(7) ع: جاز ذلك.
(8) ب، ا: المأموم.
(9) ن: لو جاز عليهم ذلك ; م: لو جاز ذلك عليهم وبعد هذا الكلام توجد في (ب) ، (أ) عبارة: " فلا يجوز أن يقرهم الله على الخطأ في شيء مما بلغوه منهم "، وهي في غير موضعها وسترد فيما بعد (ص 396) وسنشير إليها بإذن الله.
(10) الكلام بعد القوس في (ع) فقط وينتهي ص 396.
**************************
كما تقدم حكاية بعض ذلك، فزرارة بن أعين وأمثاله يقولون: يجوز البداء عليه وأنه يحكم بالشيء ثم يتبين له ما لم يكن علمه فينتقض حكمه لما ظهر له من خطئه. فإذا قال مثل هؤلاء بأن الأنبياء والأئمة لا يجوز أن يخفى عليهم عاقبة فعلهم، فقد نزهوا البشر عن الخطأ مع تجويزهم الخطأ على الله، وكذلك هشام بن الحكم وزارة بن أعين وأمثالهما ممن يقول إنه يعلم ما لم يكن عالما به.
ومعلوم أن هذا من أعظم النقائص في حق الرب، فإذا قالوا مع ذلك: إن الأنبياء والأئمة لا يبدو لهم خلاف ما رأوا فقد جعلوهم لا يعلمون ما لم يكونوا يعلمونه في مثل هذا، وقالوا: بجواز ذلك في غيره.
وأما ما تقوله: غلاتهم من إلاهية علي، أو نبوته، وغلط جبريل بالرسالة فهو أعظم من أن يذكر هنا. ولا ريب أن الشرك والغلو يخرج أصحابه إلى أن يجعلوا البشر مثل الإله، بل أفضل من الإله في بعض الأمور، كما ذكر الله عن المشركين حيث قال: {وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم ساء ما يحكمون} [سورة الأنعام: 136] ، وقال تعالى: {ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم} [سورة الأنعام: 108] .
فهؤلاء لما سبت آلهتهم سبوا الله مقابلة، فجعلوهم مماثلين لله وأعظم في قلوبهم، كما تجد كثيرا من المشركين يحب ما اتخذه من دون الله أندادا أكثر مما يحب الله تعالى، وتجد أحدهم يحلف بالله ويكذب،
****************************** ***
ويحلف بما اتخذه ندا من إمامه، أو شيخه، أو غير ذلك ولا يستجيز أن يكذب، وتسأله بالله والله فلا يعطي، وتسأله بما يعظمه من إمامه، أو شيخه، أو غير ذلك فيعطي ويصلي لله في بيته ويدعوه فلا يكون عنده كبير خشوع فإذا أتى إلى قبر من يعظمه ورجا أن يدعوه، أو يدعو به، أو يدعو عنده فيحصل له من الخشوع والدموع ما لا يحصل في عبادة الله ودعائه في بيت الله، أو في بيت الداعي العابد، وتجد أحدهم يغضب إذا ذكر ما اتخذه ندا بعيب، أو نقص ويذكر الله بالعيوب والنقوص فلا يغضب له. ومثل هذا كثير في المشركين شركا محضا وفي من فيه شعبة من الشرك في هذه الأمة والنصارى ينزهون البشر عن كثير مما يصفون به الرب فيقولون لله ولد وينزهون كثيرا من عظمائهم أن يكون له ولد ويقول كثير منهم إن الله ينام، والباب عندهم لا ينام، ومثل هذا كثير] (1) .
[الوجه الثاني العصمة قبل البعثة غير واجبة]
ثم يقال: ثانيا (2) : قد اتفق المسلمون على أنهم معصومون فيما يبلغونه (3) عن الله [فلا يجوز أن يقرهم على الخطأ في شيء مما يبلغونه عنه] (4) ، وبهذا يحصل المقصود من البعثة.
[وأما وجوب كونه قبل أن يبعث نبيا لا يخطئ، أو لا يذنب فليس في
_________
(1) هنا ينتهي السقط المشار إلى أوله ص 394.
(2) الوجه الأول في الرد على ابن المطهر سبق ص 393.
(3) ب، ا: يبلغون.
(4) الكلام بين المعقوفتين في (ع) فقط وكان في غير موضعه في (ب) ، (أ) كما أشرت من قبل (ص 394) .
*****************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (137)
صـ 397 إلى صـ 403
النبوة ما يستلزم هذا وقول القائل: لو لم يكن كذلك لم تحصل ثقة فيما يبلغونه عن الله كذب صريح فإن من آمن وتاب حتى ظهر فضله وصلاحه ونبأه الله بعد ذلك كما نبأ إخوة يوسف ونبأ لوطا وشعيبا وغيرهما وأيده الله تعالى بما يدل على نبوته فإنه يوثق فيما يبلغه كما يوثق بمن لم يفعل ذلك وقد تكون الثقة به أعظم إذا كان بعد الإيمان والتوبة قد صار أفضل من غيره والله تعالى قد أخبر أنه يبدل السيئات بالحسنات للتائب كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح ومعلوم أن الصحابة رضي الله عنهم من عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - وقبل أن يصدر منهم ما يدعونه من الأحداث كانوا من خيار الخلق وكانوا أفضل من أولادهم الذين ولدوا بعد الإسلام.
[الوجه الثالث التوبة بعد الذنب ترفع الدرجات]
ثم يقال: وأيضا، فجمهور المسلمين على أن النبي لا بد أن يكون من أهل البر والتقوى متصفا بصفات الكمال، ووجوب بعض الذنوب أحيانا مع التوبة الماحية الرافعة لدرجته إلى أفضل مما كان عليه لا ينافي ذلك] (1) . وأيضا، فوجوب (2) كون النبي لا يتوب إلى الله فينال محبة الله وفرحه بتوبته وترتفع درجته بذلك ويكون بعد التوبة التي يحبه الله منه خيرا مما كان قبلها فهذا مع ما فيه من التكذيب للكتاب والسنة غض من مناصب الأنبياء وسلبهم هذه الدرجة ومنع إحسان الله إليهم وتفضله عليهم بالرحمة والمغفرة (3) .
_________
(1) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
(2) ب، ا: وأيضا فوجب ; ن، م: وأما وجوب.
(3) ع، ن، م: بالمغفرة والرحمة.
*******************
ومن اعتقد أن كل من لم يكفر ولم يذنب أفضل من كل من آمن بعد كفره وتاب بعد ذنبه (1) فهو مخالف ما علم بالاضطرار من دين الإسلام، فإنه من المعلوم أن الصحابة الذين آمنوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد كفرهم وهداهم الله به (2) بعد ضلالهم، وتابوا إلى الله بعد ذنوبهم أفضل من أولادهم الذين ولدوا (3) على الإسلام. وهل يشبه بني الأنصار بالأنصار، أو بني (4) المهاجرين بالمهاجرين إلا من لا علم له؟ وأين المنتقل بنفسه (5) من السيئات إلى الحسنات بنظره واستدلاله وصبره (6) واجتهاده ومفارقته عاداته [ومعاداته] (7) لأوليائه (8) [وموالاته لأعدائه] (9) إلى آخر لم (10) يحصل له (11) مثل هذه الحال؟ وقد قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لم يعرف الجاهلية. وقد قال تعالى: {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما - يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا - إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما} [سورة الفرقان: 68 - 70] .
_________
(1) ب، ا: أو تاب بعد ذنب.
(2) به: ساقطة من (ب) ، (أ) ، (م) .
(3) ع: في.
(4) ن: بنو الأنصار الأنصار أو بنو ; م: بنو الأنصار بالأنصار وبنو.
(5) بنفسه: ساقطة من (ع) .
(6) ن: واصطباره.
(7) ومعاداته: ساقطة من (ن) .
(8) ب، ا، ن: لأصدقائه.
(9) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
(10) ب، ا: ما.
(11) ن، م: منه.
*******************
وقد ثبت في صحيح مسلم (1) عن أبي ذر [رضي الله عنه] (2) قال: [قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " «إني لأعلم آخر أهل الجنة دخولا الجنة، وآخر أهل النار خروجا منها رجل يؤتى به يوم القيامة فيقال (3) : اعرضوا عليه صغار ذنوبه (4) وارفعوا عنه كبارها، فتعرض عليه (5) صغار ذنوبه فيقال: عملت يوم كذا وكذا كذا وكذا (6) ، وعملت يوم كذا وكذا كذا وكذا (7) ، فيقول: نعم: لا يستطيع أن ينكر، وهو مشفق من كبار ذنوبه أن تعرض عليه. فيقال له: فإن (8) لك مكان كل سيئة حسنة. فيقول: يا رب (9) قد عملت أشياء لا أراها هاهنا " فلقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضحك حتى بدت نواجذه] » (10) .
_________
(1) مسلم 1/177 (كتاب الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها) . والحديث - مع اختلاف يسير في الألفاظ - بنفس السند في: سنن الترمذي 4/112 - 113 (كتاب صفة جهنم، باب ما جاء أن للنار نفسين وما ذكر من يخرج من النار من أهل التوحيد) .
(2) رضي الله عنه: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) ع: فيقال له، و " له " ليست في مسلم.
(4) ع: سيئاته. والمثبت في (ب) ، (أ) ; وهو الذي في مسلم.
(5) ع: فيعرض الله عليه ; والمثبت هو الذي في مسلم.
(6) ع: يوم كذا كذا وكذا.
(7) ع: يوم كذا كذا وكذا.
(8) ع: إن.
(9) ع: أي رب.
(10) نص الحديث بأكمله ساقط من (ن) ، (م) وبعض كلماته ساقطة من (أ) .
**********************
فأين من يبدل [الله] سيئاته (1) حسنات إلى من لم تحصل له تلك الحسنات (2) ؟ ولا ريب أن السيئات لا يؤمر بها، وليس للعبد أن يفعلها ليقصد بذلك التوبة منها، فإن هذا مثل من يريد أن يحرك العدو عليه ليغلبهم بالجهاد، أو يثير (3) الأسد عليه ليقتله، ولعل العدو يغلبه والأسد يفترسه، بل مثل (4) من يريد أن يأكل السم ثم يشرب الترياق وهذا جهل، بل إذا قدر من ابتلي بالعدو فغلبه كان أفضل ممن لم يكن كذلك، وكذلك من صادفه الأسد وكذلك من اتفق أن شرب (5) السم فسقي ترياقا [فاروقا] (6) يمنع [نفوذ] سائر السموم فيه (7) كان بدنه أصح من بدن من لم يشرب ذلك الترياق. والذنوب إنما تضر أصحابها إذا لم يتوبوا منها، والجمهور الذين يقولون بجواز الصغائر عليهم. [يقولون] (8) إنهم معصومون من الإقرار عليها.
وحينئذ فما وصفوهم (9) إلا بما فيه كمالهم، فإن الأعمال بالخواتيم،
_________
(1) ب، ا، ن، م: فأين من تبدل سيئاته.
(2) ن، م: إلى من لا حسنة له
(3) ن، م: ينفر.
(4) ب: بل كمن ; أ: بل كان من (وهو تحريف) .
(5) ع: وكذلك من شرب ; ب: وكذا من اتفق أنه شرب ; أ: وكذلك من اتفق أن يشرب.
(6) فاروقا: ساقطة من (ب) . وفي (أ) . فسقي ترياقا دوقا (وهو تحريف) . وفي (ن) العبارة مضطربة هكذا: فارو فامتنع. وفي (م) : فسقي ترياقا فاروقا فامتنع. وفي القاموس: والترياق الفاروق أحمد التراييق وأجل المركبات لأنه يفرق بين المرض والصحة.
(7) ع: يمنع نفوذ سائر السم إليه ; ن، م: فامتنع سائر السموم إليه.
(8) يقولون: ساقطة من (ن) .
(9) ع: فما وصفهم.
************************
مع أن القرآن والحديث وإجماع السلف معهم [في تقرير هذا الأصل] (1) .
[معنى قوله تعالى ليغفر لك الله]
فالمنكرون (2) لذلك يقولون في (3) تحريف القرآن ما هو من جنس قول أهل البهتان، ويحرفون الكلم عن مواضعه [كقولهم في قوله تعالى: {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر} [سورة الفتح: 2] أي: ذنب آدم وما تأخر من ذنب أمته (4) ، فإن هذا ونحوه من تحريف الكلم عن مواضعه] (5) . أما أولا: فلأن آدم تاب وغفر [له] (6) ذنبه قبل أن يولد نوح وإبراهيم، فكيف يقول [له] (7) : {إنا فتحنا لك فتحا مبينا} ليغفر الله لك ذنب آدم (8) ؟ وأما ثانيا: فلأن الله يقول: {ولا تزر وازرة وزر أخرى} [سورة الإسراء: 15] فكيف يضاف ذنب أحد إلى غيره؟
وأما ثالثا: فلأن في حديث الشفاعة الذي في الصحاح (9) أنهم يأتون
_________
(1) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
(2) ب، أ: والمنكرون.
(3) ن: يقولون بل.
(4) ع: من ذنبك (أي ذنب آدم) وما تأخر (ذنب أمته) .
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(6) له: ساقطة من (ن) ، (م) .
(7) له: ساقطة من (ن) ، (م) ، (ع) .
(8) عبارة " الله لك ": ساقطة من (ب) ، (أ) . وفي (ن) ، (م) : {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك} .
(9) ع: في الصحيح. وحديث الشفاعة مروي من وجوه عدة عن عدد من الصحابة بألفاظ متقاربة. انظر: البخاري 6/84 - 85 (كتاب التفسير، سورة بني إسرائيل: باب ذرية من حملنا مع نوح) ; مسلما 1/180 - 187 (كتاب الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة) . المسند (ط. المعارف) 1/161 - 163 (رقم 15) . وانظر أيضا: الترغيب والترهيب 5/398 - 406 ; جامع الأصول لابن الأثير 11/123 - 133 ; ابن القيم في " حادي الأرواح " ص 232 - 227. وسيرد الحديث فيما بعد (ص [0 - 9] 23 وانظر ت 3) وسنذكر هناك جزءا كبيرا منه إن شاء الله.
****************************
آدم فيقولون: أنت آدم أبو البشر خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأسجد لك ملائكته (1) ، اشفع لنا إلى ربك، فيذكر خطيئته، ويأتون نوحا وإبراهيم وموسى وعيسى (2) فيقول لهم (3) : اذهبوا إلى محمد عبد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. فكان سبب قبول شفاعته كمال عبوديته وكمال مغفرة الله له، فلو كانت هذه لآدم لكان يشفع (4) لأهل الموقف.
وأما رابعا: فلأن هذه الآية لما نزلت «قال أصحابه [رضي الله عنهم] (5) : يا رسول الله هذا لك فما لنا؟ فأنزل الله تعالى: {هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم} » [سورة الفتح: 4] فلو كان ما تأخر ذنوبهم لقال: هذه الآية [لكم] (6) .
وأما خامسا: فكيف يقول عاقل: إن الله غفر ذنوب أمته كلها، وقد علم أن منهم من يدخل النار؟ وإن خرج (7) منها بالشفاعة؟
_________
(1) ن، م: الملائكة.
(2) ب، أ: وعيسى وموسى.
(3) ب، أ: فيقولون لهم. والقائل هنا عيسى عليه الصلاة والسلام.
(4) ب، أ: شفع.
(5) رضي الله عنهم: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) ب، أ، م:. . . تأخر من ذنوبهم لقال هذه الآية، وهو خطأ، وفي (ن) سقطت كلمة " لكم ".
(7) ب: ويخرج ; أ: وإن يخرج.
************************
فهذا وأمثاله [من خيار تأويلات] المانعين (1) لما دل عليه القرآن من توبة الأنبياء من ذنوبهم واستغفارهم، وزعمهم أنه لم يكن هناك ما يوجب [توبة] (2) ولا استغفارا، ولا تفضل الله عليه بمحبته، وفرحه بتوبتهم ومغفرته ورحمته لهم. [فكيف بسائر تأويلاتهم التي فيها من تحريف القرآن وقول الباطل على الله ما ليس هذا موضع بسطه] (3) .
[التعليق على قوله إن هذا ينفي الوثوق ويوجب التنفير]
وأما قوله (4) : إن هذا ينفي الوثوق ويوجب التنفير، فليس [هذا] (5) بصحيح [فيما قبل النبوة ولا فيما يقع خطأ، ولكن غايته أن يقال: هذا موجود فيما تعمد (6) من الذنب. فيقال] (7) : بل (8) إذا اعترف الرجل الجليل القدر بما هو عليه من الحاجة إلى توبته واستغفاره ومغفرة الله [له] (9) ورحمته دل ذلك على صدقه وتواضعه وعبوديته لله وبعده عن الكبر والكذب، بخلاف من يقول: ما بي (10) حاجة إلى شيء من هذا ولا يصدر [مني] (11) ما يحوجني إلى مغفرة الله لي وتوبته علي، ويصر (12) على كل ما يقوله ويفعله بناء (13) على
_________
(1) ن، م فهذه وأمثاله التابعين، وهو تحريف.
(2) توبة: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(4) ع، ن، م: قولهم. والكلام التالي جزء من عبارته السابقة الواردة ص 393.
(5) هذا: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) : ب، أ: يعد، وهو خطأ.
(7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(8) بل: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(9) له: ساقطة من (ن) ، (م) .
(10) ن، م: في.
(11) ب، أ: عني ; وسقطت من (ن) ، (م) .
(12) ن: ذلك على، وهو تحريف.
(13) ن: معا. وسقطت من (م) .
*****************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (138)
صـ 404 إلى صـ 410
أنه [لا] يصدر منه (1) ما يرجع عنه، فإن مثل هذا إذا عرف من رجل نسبه (2) . الناس إلى الكذب والكفر والجهل. وقد ثبت في الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " «لن يدخل أحد منكن الجنة بعمله ". قالوا: ولا أنت [يا رسول الله] (3) ؟ قال: " ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل» " (4) ، فكان هذا من أعظم ممادحه (5) .
وكذلك قوله [- صلى الله عليه وسلم -] (6) : " «لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم (7) فإنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله» " (8) . وكل من سمع هذا عظمه بمثل هذا الكلام.
_________
(1) ب، أ، ن، م: على أنه يصدر عن.
(2) ب، أ: ينسبه
(3) ن، م، ع: ولا أنت
(4) ورد هذا الحديث بألفاظ مختلفة عن عدد من الصحابة كأبي هريرة وعائشة وجابر رضي الله عنهم في: البخاري 7/121 (كتاب المرضى ; باب تمني المريض الموت) ، 8/98، 99 (كتاب الرقاق، باب القصد والمداومة على العمل) ; مسلم 4/2169 - 2171 (كتاب صفات المنافقين، باب لن يدخل أحد الجنة بعمله) ; سنن ابن ماجه 2/1405 (كتاب الزهد، باب التوقي على العمل) ; سنن الدارمي 2/305 - 306 (كتاب الرقاق، باب لا ينجي أحدكم عمله) ; المسند (ط. المعارف) 12/192 (رقم 7202) ، 13/218 (رقم 7473) وهذه الرواية الأخيرة هي أقرب الروايات لفظا إلى الرواية المذكورة هنا.
(5) ن: ممازجه ; م: مماوجه، وكلاهما تحريف.
(6) ع: وكذلك قوله في الصحيحين ; ن، م: وكذلك قوله.
(7) ن، م: المسيح ابن مريم.
(8) الحديث مروي عن عمر رضي الله عنه في: البخاري 4/167 (كتاب الأنبياء، باب قول الله تعالى " واذكر في الكتاب مريم ". .) ، 8/169 (كتاب الحدود، باب رجم الحبلى إذا زنت) ; سنن الدارمي 2/320 (كتاب الرقائق، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لا تطروني) ، المسند (ط. المعارف) 1/222 (رقم 153) ، 1/226 (رقم 164) ، 299 (رقم 331) ، 325 (رقم 391) .
*************************
وفي الصحيحين عنه أنه كان يقول: " «اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني، [اللهم اغفر لي هزلي وجدي وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أنت أعلم به مني] (1) ، أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير» " (2) . (3) [وهذا كما أنه لما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " «لا تتخذوا قبري عيدا وصلوا علي حيث ما كنتم فإن صلاتكم تبلغني» " رواه أبو داود وغيره (4)) .، وقال: " «اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد» " رواه مالك وغيره (5) . - كان
_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط م (ن) ، (م) .
(2) ن، م: وأنت المؤخر لا إله إلا أنت: والحديث مروي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه في: البخاري 8/84 - 85 (كتاب الدعوات، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت) ; مسلم 4/2087 (كتاب الذكر والدعاء، باب التعوذ من شر ما عمل) ; المسند (ط. الحلبي) 4/417.
(3) الكلام الوارد بعد القوس في (ع) فقط ونهايته بعد صفحتين.
(4) الحديث في سنن أبي داود 2/293 (كتاب المناسك، باب زيارة القبور) ونصه: " عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تجعلوا بيوتكم قبورا، ولا تجعلوا قبري عيدا، وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم ". وروى أحمد الحديث بألفاظ مقاربة في المسند (ط. المعارف) 17 (رقم 8790
(5) ذكر ابن تيمية الحديث من قبل 1/475، وذكرت هناك (ت [0 - 9] ) أن الحديث في الموطأ (ط. فؤاد عبد الباقي) 1/172. ونص الحديث فيه: عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. ونقل المحقق عن ابن عبد البر قوله: لا خلاف عن مالك في إرسال هذا الحديث. وروى أحمد في مسنده (ط. المعارف) 13/86 - 88 (رقم 7352) الحديث ونصه: حدثنا سفيان، عن حمزة بن المغيرة، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد، لعن الله قوما اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. قال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله: إسناده صحيح ; وتكلم على رجاله بالتفصيل، وأشار إلى مواضع وطرق أخرى لهذا الحديث
*****************************
هذا التواضع مما زاده الله به رفعة. وكذلك لما سجد له بعض أصحابه فنهاه عن ذلك وقال: " «إنه لا يصلح السجود إلا لله» " (1) . . وكذلك لما كان بعض الناس يقول: «ما شاء الله وشاء محمد، قال: " أجعلتني ندا لله؟ ! قل ما شاء الله ثم شاء محمد» " (2) . . وقوله في دعائه: " «أنا البائس الفقير المستغيث المستجير الوجل المشفق المعترف المقر بذنبه، أسألك مسألة المسكين، وأبتهل إليك ابتهال المذنب الذليل، وأدعوك دعاء الخائف، من خضعت له رقبته، وذل جسده، ورغم أنفه لك» " (3) . . ونحو
_________
(1) لم أجد الحديث بهذه الصيغة، والذي في المسند (ط. الحلبي) 5/227 - 228، 6 حديثان: الأول عن معاذ والثاني عن عائشة رضي الله عنهما فحواهما أن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رغبوا إليه أن يأذن لهم في السجود فنهاهم عن ذلك. وفي سنن الدارمي 1/10 - 11 (المقدمة، باب ما أكرم الله به نبيه من إيمان الشجر به والبهائم والجن) حديث ثالث عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه بنفس المعنى
(2) لم أجد الحديث بهذا اللفظ: ولكني وجدت حديثا مقاربا في المسند (ط. المعارف) 2/253 لفظه: عن ابن عباس أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ما شاء الله وشئت. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " أجعلتني والله عدلا، بل ما شاء الله وحده ". والحديث بلفظ مقارب عن ابن عباس رضي الله عنهما في: المسند (ط. المعارف) 4/193، 5/85 وجاء مختصرا 3/296. وذكر ابن حجر هذا الحديث في " فتح الباري " (ط. السلفية) 11/540 وقال إن الحديث في مسند أحمد وسنن النسائي وانظر: سنن ابن ماجه 1/684 - 685 ; المسند (ط. الحلبي)
(3) لم أهتد إلى موضع هذا الحديث
****************************
هذه الأحوال التي رفع الله بها درجاته بما اعترف به من فقر العبودية وكمال الربوبية] (1) . . والغنى عن الحاجة من خصائص الربوبية، فأما العبد [فكماله] (2)) . في حاجته إلى ربه وعبوديته وفقره وفاقته فكلما (3) . كانت عبوديته أكمل كان أفضل وصدور ما يحوجه إلى التوبة والاستغفار مما يزيده عبودية وفقرا وتواضعا.
ومن المعلوم أن ذنوبهم ليست كذنوب غيرهم، بل كما يقال: " حسنات الأبرار سيئات المقربين " لكن كل يخاطب (4) . على قدر مرتبته، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون» " (5)
وما ذكره من عدم الوثوق والتنفير قد يحصل مع الإصرار والإكثار ونحو ذلك. وأما اللمم الذي يقترن (6) . به التوبة والاستغفار، [أو ما يقع بنوع من
_________
(1) هنا ينتهي السقط المشار إلى أوله فيما سبق
(2) فكماله: ساقطة من (ن) ، (م
(3) ن، م: فلما
(4) ن، م: كل من يخاطب
(5) الحديث عن أنس رضي الله عنه: سنن الترمذي 4/70 (كتاب صفة القيامة، باب منه) ; سنن ابن ماجه 2/1420 (كتاب التوبة، باب ذكر التوبة) ; سنن الدارمي 2/303 (كتاب الرقائق، باب في التوبة) ; المستدرك للحاكم 4/244. وقال الحاكم: " هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ". وحسن الألباني الحديث في " صحيح الجامع الصغير " 4/171. وانظر: جامع الأصول 3/70 ; الترغيب والترهيب 5/52. وذكر الإمام أحمد الحديث مطولا في مسنده (ط. الحلبي) 3/198.
(6) ن، م: يقرن ; ب، ا: يقترن
*****************************
التأويل، وما كان قبل النبوة فإنه] (1) . مما ب (فقط) : فمما. يعظم به الإنسان عند أولي الأبصار. وهذا عمر بن الخطاب [رضي الله عنه] (2) . قد علم تعظيم رعيته له وطاعتهم، مع كونه دائما كان يعترف (3) . بما يرجع عنه (4) . من خطأ وكان إذا اعترف بذلك وعاد إلى الصواب زاد في أعينهم وازدادوا (5) . له محبة وتعظيما.
ومن أعظم ما نقمه الخوارج (7 على علي أنه لم يتب من تحكيم الحكمين، وهم 7) (6) . وإن كانوا جهالا [في ذلك] (7) . [فهو] يدل (8) . على أن التوبة لم تكن تنفرهم، وإنما نفرهم الإصرار على ما ظنوه هم ذنبا. والخوارج من أشد الناس تعظيما للذنوب ونفورا عن أهلها، حتى إنهم يكفرون بالذنب ولا يحتملون لمقدمهم ن (9) . ذنبا، ومع هذا فكل مقدم لهم تاب عظموه وأطاعوه، ومن لم يتب عادوه فيما يظنونه ذنبا (10) . وإن لم يكن ذنبا.
_________
(1) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط
(2) رضي الله عنه: ساقطة من (ن) ، (م)
(3) ن، م: يعزف
(4) ن: إليه ; م: عليه
(5) ع، ا، ب: وزادوا
(6) : (7 - 7) ساقط من (أ) ، (ب)
(7) في ذلك: ساقط من (ع)
(8) ب: فيدل ; أ: فدل ; ن، م: يدل
(9) ، م: لتقدمهم
(10) ب: وإن لم يتب عادوه لما يظنونه ذنبا ; أ: وإن لم يتب عادوه فيما يظنونه ذنبا
************************
فعلم أن التوبة والاستغفار لا توجب تنفيرا ولا تزيل وثوقا، بخلاف دعوى البراءة مما يتاب منه ويستغفر، [ودعوى] السلامة (1) . مما يحوج الرجوع ب (2) . إلى الله واللجأ (3) . إليه، فإنه هو الذي ينفر القلوب ويزيل الثقة. فإن هذا لم يعلم أنه صدر إلا عن كذاب، أو جاهل، وأما الأول فإنه يصدر (4) . عن الصادقين العالمين. (5) . [ومما يبين ذلك أنه لم يعلم أحد طعن في نبوة أحد من الأنبياء ولا قدح في الثقة به بما دلت عليه النصوص التي تيب منها، ولا احتاج المسلمون إلى تأويل النصوص بما هو من جنس التحريف لها، كما يفعله من يفعل ذلك. والتوراة فيها قطعة من هذا، وما أعلم أن بني إسرائيل قدحوا في نبي من الأنبياء بتوبته في أمر من الأمور، وإنما كانوا يقدحون فيهم بالافتراء عليهم كما كانوا يؤذون موسى عليه السلام، وإلا فموسى قد قتل القبطي قبل النبوة وتاب من سؤال الرؤية وغير ذلك بعد النبوة، وما أعلم أحدا من بني إسرائيل قدح فيه بمثل هذا.
وما جرى في سورة " النجم " من قوله: تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتها لترتجى، على المشهور عند السلف والخلف من أن ذلك جرى على لسانه، ثم نسخه الله وأبطله (6) ، هو من أعظم المفتريات على قول
_________
(1) ب، ا، ن، م: والسلامة
(2) ، ا: إلى الرجوع
(3) ب، ا: والالتجاء
(4) ن (فقط) : يصر، وهو تحريف
(5) بعد القوس المعقوف يوجد نص طويل ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) وينتهي ص 451، وسنشير إلى نهايته إن شاء الله
(6) سبق ذكر ابن تيمية لقصة الغرانيق 1/651 وأشرت هناك (ت [0 - 9] ) إلى كلام الطبري عنها في تفسيره للآيتين 52، 53 من سورة الحج. انظر: الدر المنثور للسيوطي. وكتاب " نصب المجانيق لنسف قصة الغرانيق " للأستاذ الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، ط. المكتب الإسلامي، دمشق 1372/1952
*********************
هؤلاء، ولهذا كان كثير من الناس يكذب هذا وإن كان مجوزا عليهم غيره: إما قبل النبوة وإما بعدها، لظنه أن في ذلك خطأ في التبليغ، وهو معصوم في التبليغ بالاتفاق. والعصمة المتفق عليها أنه لا يقر على خطأ في التبليغ بالإجماع، ومن هذا فلم يعلم أحد من المشركين نفر برجوعه عن هذا، وقوله: إن هذا مما ألقاه الشيطان، ولكن روى أنهم نفروا لما رجع إلى ذم آلهتهم بعد ظنهم أنه مدحها، فكان رجوعهم لدوامه على ذمها، لا لأنه قال شيئا ثم قال: إن الشيطان ألقاه. وإذا كان هذا لم ينفر فغيره أولى أن لا ينفر.
وأيضا، فقد ثبت أن النسخ نفر طائفة كما قال: {سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها} [سورة البقرة: 142] ، وقوله: {وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر بل أكثرهم لا يعلمون - قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين آمنوا} [سورة النحل: 101 - 102] ، فالتبديل الذي صرحوا بأنه منفر ونفروا به عنه لم يكن مما يجب نفيه عنه، فكيف بالرجوع إلى الحق الذي لم يعلم أنهم نفروا منه، وهو أقل تنفيرا؟ ! لأن النسخ فيه رجوع عن الحق إلى حق، وهذا رجوع إلى حق من غير حق.
ومعلوم أن الإنسان يحمد على ترك الباطل إلى الحق ما لا يحمد على
****************************** ***
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (139)
صـ 411 إلى صـ 417
ترك ما لم يزل يقول إنه حق (1) . . وإذا كان جائزا فهذا أولى، وإذا كان في ذلك مصلحة ففي هذا أيضا مصالح عظيمة، ولولا أن فيها وفي العلم بها مصالح لعباده لم يقصها في غير موضع من كتابه. وهو سبحانه - وله الحمد - لم يذكر عن نبي من الأنبياء ذنبا إلا ذكر معه توبته لينزهه عن النقص والعيب، ويبين أنه ارتفعت منزلته وعظمت درجته وعظمت حسناته وقربه إليه بما أنعم الله عليه من التوبة والاستغفار والأعمال الصالحة التي فعلها بعد ذلك، وليكون ذلك أسوة لمن يتبع الأنبياء ويقتدي بهم إلى يوم القيامة.
ولهذا لما لم يذكر عن يوسف توبة في قصة امرأة العزيز دل على أن يوسف لم يذنب أصلا، في تلك القصة كما يذكر من يذكر أشياء نزهه الله منها بقوله تعالى: {كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين} [سورة يوسف: 24] ، وقد قال تعالى: {ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه} [سورة يوسف: 24] . والهم - كما قال الإمام أحمد رضي الله عنه -: همان، هم خطرات وهم إصرار. وقد ثبت في الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «أنه قال إن الله تعالى يقول إذا هم عبدي بحسنة فاكتبوها له حسنة كاملة، فإن عملها فاكتبوها عشرا إلى سبعمائة ضعف، وإذا هم بسيئة فلا تكتبوها عليه، فإن تركها فاكتبوها له حسنة فإنما تركها من جراي» " (2) .
_________
(1) في الأصل: حقا، وهو خطأ
(2) لم أجد الحديث بهذا اللفظ، ولكن جاء الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما في: البخاري 8 (كتاب الرقاق، باب من هم بحسنة أو سيئة) ; مسلم 1/118 (كتاب الإيمان، باب إذا هم العبد بحسنة. . إلخ) ; المسند (ط. المعارف) ح [0 - 9] رقم 3402 ونصه (واللفظ للبخاري) : عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه عز وجل قال: قال: إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك، فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة، فإن هو هم بها فعملها كتبها الله له عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة، فإن هو هم بها فعملها كتبها الله له سيئة واحدة ". وفي نفس الباب أحاديث أخرى عن أبي هريرة رضي الله عنه في صحيح مسلم بنفس المعنى - انظر أيضا المسند (ط. المعارف) الأرقام: 2001، 2519، 2521، 2828، 3402، 7195، 7294. وانظر: سنن الترمذي 4/330 (كتاب التفسير، ومن سورة الأنعام) .
************************
فيوسف - عليه الصلاة والسلام - لما هم ترك همه لله، فكتب الله به حسنة كاملة ولم يكتب عليه سيئة قط، بخلاف امرأة العزيز فإنها همت وقالت وفعلت، فراودته بفعلها وكذبت عليه عند سيدها واستعانت بالنسوة، وحبسته لما اعتصم وامتنع عن الموافقة على الذنب ولهذا قالت: {وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم} [سورة يوسف: 53] ، وهذا من قولها كما دل عليه القرآن، ليس من كلام يوسف عليه السلام، بل لما قالت هذا كان يوسف غائبا في السجن لم يحضر عند الملك، بل لما برأته هي والنسوة استدعاه الملك بعد هذا وقال: {ائتوني به أستخلصه لنفسي فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين} [سورة يوسف: 54] . وأما من ذكر الله تعالى وتبارك عنه ذنبا كآدم عليه السلام فإنه لما قال: {وعصى آدم ربه فغوى - ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى} [سورة طه: 121، 122] وقال: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم} [سورة البقرة: 37] .
************************
وقال تعالى عن داود عليه السلام: {وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب - فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب} [سورة ص: 24، 25] . وقال لموسى عليه السلام والصلاة: {إني لا يخاف لدي المرسلون - إلا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء فإني غفور رحيم} [سورة النمل: 10، 11] ومن احتج على امتناع ذلك بأن الاقتداء بهم مشروع، والاقتداء بالذنب لا يجوز. قيل له: إنما يقتدى بهم فيما أقروا عليه، لا فيما نهوا (1) . عنه، كما أنه إنما يقتدى بهم فيما أقروا عليه ولم ينسخ ولم ينسه فيما نسخ، وحينئذ فيكون التأسي بهم مشروعا مأمورا به لا يمنع وقوع ما ينهون عنه ولا يقرون عليه لا من هذا ولا من هذا، وإن كان اتباعهم في المنسوخ لا يجوز بالاتفاق. ومما يبين أن النسخ أشد تنفيرا أن الإنسان إذا رجع عن شيء إلى آخر، وقال: الأول الذي كنت عليه حق أمرني الله به، ورجوعي عنه حق أمرني الله به، كان هذا أقرب إلى النفور عنه من أن يقول: رجعت عما لم يأمرني الله به، فإن الناس كلهم يحمدون من قال هذا. وأما من قال: أمري بهذا حق ونهيي عنه حق، فهذا مما نفر عنه كثير من السفهاء، وأنكره من أنكره من اليهود وغيرهم.
[لوازم النبوة وشروطها]
ومما يبين الكلام في مسألة العصمة أن تعرف النبوة ولوازمها وشروطها، فإن الناس تكلموا في ذلك بحسب أصولهم في أفعال الله
_________
(1) في الأصل: ينهوا
****************************
تعالى، إذا كان جعل الشخص نبيا رسولا من أفعال الله تعالى، فمن نفى الحكم والأسباب في أفعاله وجعلها معلقة بمحض المشيئة وجوز عليه فعل كل ممكن ولم ينزهه عن فعل من الأفعال - كما هو قول الجهم بن صفوان وكثير من الناس، كالأشعري ومن وافقه من أهل الكلام من أتباع مالك والشافعي وأحمد وغيرهم من مثبتة القدر - فهؤلاء يجوزون بعثة كل مكلف، والنبوة عندهم مجرد إعلامه بما أوحاه إليه، والرسالة مجرد أمره بتبليغ ما أوحاه إليه، وليست النبوة عندهم صفة ثبوتية ولا مستلزمة لصفة يختص بها، بل هي من الصفات الإضافية كما يقولون مثل ذلك في الأحكام الشرعية.
وهذا قول طوائف من أهل الكلام كالجهم بن صفوان والأشعري وأتباعهما ولهذا من يقول بها كالقاضي أبي بكر وأبي المعالي وغيرهما يقول: إن العقل لا يوجب عصمة النبي إلا في التبليغ خاصة فإن هذا هو مدلول المعجزة وما سوى ذلك إن دل السمع عليه، وإلا لم تجب عصمته منه.
وقال محققو هؤلاء كأبي المعالي وغيره إنه ليس في السمع قاطع يوجب العصمة، والظواهر تدل على وقوع الذنوب منهم (1) .، وكذلك كالقاضي أبي بكر إنما يثبت ما يثبته من العصمة في غير التبليغ إذا كان من موارد الإجماع لأن الإجماع حجة وما سوى ذلك فيقول لم يدل عليه عقل ولا سمع.
وإذا احتج المعتزلة وموافقوهم من الشيعة عليهم بأن هذا يوجب
_________
(1) انظر: الإرشاد للجويني، ص 356 - 357 ; أصول الدين لابن طاهر، ص 167 - 169
***************************
التنفير ونحو ذلك فيجب من حكمة الله منعهم منه، قالوا: هذا مبني على مسألة التحسين والتقبيح العقليين. قالوا: ونحن نقول لا يجب على الله شيء ويحسن منه كل شيء، وإنما ننفي ما ننفيه بالخبر السمعي، ونوجب وقوع ما يقع بالخبر السمعي أيضا، كما أوجبنا ثواب المطيعين وعقوبة الكافرين لإخباره أنه يفعل ذلك ونفينا أن يغفر لمشرك لإخباره أنه لا يفعل ذلك، ونحو ذلك (1) ". . وكثير من القدرية المعتزلة والشيعة وغيرهم ممن يقول بأصله في التعديل والتجوير وأن الله لا يفضل شخصا على شخص إلا بعمله، يقول: إن النبوة، أو الرسالة جزاء على عمل متقدم، فالنبي فعل من الأعمال الصالحة ما استحق به أن يجزيه الله بالنبوة. وهؤلاء القدرية في شق وأولئك الجهمية الجبرية في شق. وأما المتفلسفة القائلون بقدم العالم وصدوره عن علة موجبة - مع إنكارهم أن الله تعالى يفعل بقدرته ومشيئته، وأنه يعلم الجزئيات فالنبوة عندهم فيض يفيض على الإنسان بحسب استعداده وهي مكتسبة عندهم، ومن كان متميزا - في قوته العلمية (2) . بحيث يستغني عن التعليم، وشكل في نفسه خطاب يسمعه كما يسمع النائم، وشخص
_________
(1) نقل مستجي زاده في الهامش الكلام الذي يبدأ بعبارة: " وإذا احتج المعتزلة وموافقوهم من الشيعة. . إلى هذا الموضع، ثم قال: " قلت: فهم من هذا الكلام أن جهم بن صفوان - ومن تابعه من الجهمية - لا يقول بالحسن والقبح الشرعيين، ولا يقول أيضا بالحكم والمصالح، فلم تكن أفعال الله تعالى عندهم أيضا معللة بالأغراض، فالظاهر من الجهمية التزامهم ما يستلزمه هذان الأصلان
(2) في الأصل: العملية، وهو خطأ. والصواب ما أثبته وهو الذي يقتضيه السياق
******************************
يخاطبه كما يخاطب النائم، وفي العملية بحيث يؤثر في العنصريات تأثيرا غريبا - كان نبيا عندهم (1) ". . وهم لا يثبتون ملكا مفضلا يأتي بالوحي من الله تعالى، ولا ملائكة (2) . بل ولا جنا يخرق الله بهم العادات للأنبياء، إلا قوى النفس (3) ". . وقول هؤلاء، وإن كان شرا من أقوال كفار اليهود والنصارى وهو أبعد الأقوال عما جاءت به الرسل، فقد وقع فيه كثير من المتأخرين الذين لم يشرق عليهم نور النبوة من المدعين للنظر العقلي والكشف الخيالي الصوفي وإن كان غاية هؤلاء الأقيسة الفاسدة والشك، وغاية هؤلاء الخيالات الفاسدة والشطح.
[الأنبياء هم أفضل الخلق]
والقول الرابع (4) .: - وهو الذي عليه جمهور سلف الأمة وأئمتها وكثير من النظار - أن الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس، والله أعلم حيث يجعل رسالاته، فالنبي يختص بصفات ميزه الله بها على غيره وفي عقله ودينه، واستعد بها لأن يخصه الله بفضله ورحمته كما قال تعالى: {وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم - أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات}
_________
(1) جملة " كان نبيا عندهم " جواب لقوله " ومن كان متميزا
(2) في الأصل: ولا ملائكته
(3) في أعلى هذه الصفحة من الأصل كتب ما يلي: " قف على اشتراط النبوة عند الحكماء المشائيين، وإلا فالطبيعيون والتناسخية والبراهمة - وهم حكماء الهند - ينكرون أصل النبوة
(4) الأقوال الثلاثة السابقة هي: قول الجهمية والأشاعرة، وقول القدرية المعتزلة والشيعة، وقول الفلاسفة ومتفلسفة الصوفية
****************************** ****
[سورة الزخرف: 31، 32] ، وقال تعالى: {ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم} [سورة البقرة: 105] ، وقال تعالى لما ذكر الأنبياء بقوله: {ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين - وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين - وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين - ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم} [سورة الأنعام: 84 - 87] فأخبر أنه اجتباهم وهداهم.
والأنبياء أفضل الخلق باتفاق المسلمين، وبعدهم الصديقون والشهداء والصالحون فلولا وجوب كونهم من المقربين، الذين هم فوق أصحاب اليمين، لكان الصديقون أفضل منهم، أو من بعضهم.
والله تعالى قد جعل خلقه ثلاثة أصناف، فقال تعالى: في تقسيمهم في الآخرة: {وكنتم أزواجا ثلاثة - فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة - وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة - والسابقون السابقون - أولئك المقربون - في جنات النعيم} [سورة الواقعة: 7 - 12] ، وقال في تقسيمهم عند الموت: {فأما إن كان من المقربين - فروح وريحان وجنة نعيم - وأما إن كان من أصحاب اليمين - فسلام لك من أصحاب اليمين - وأما إن كان من المكذبين الضالين - فنزل من حميم - وتصلية جحيم} [سورة الواقعة: 88 - 94] وكذلك ذكر في سورة الإنسان والمطففين هذه الأصناف الثلاثة.
************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (140)
صـ 418 إلى صـ 424
والأنبياء أفضل الخلق، وهم (أصحاب) (1) ، السياق يقتضي إثباتها. الدرجات العلى في الآخرة، فيمتنع أن يكون النبي من الفجار بل ولا يكون من عموم أصحاب اليمين بل من أفضل السابقين المقربين، فإنهم أفضل من عموم الصديقين والشهداء والصالحين، وإن كان النبي أيضا يوصف بأنه صديق وصالح وقد يكون شهيدا، لكن ذاك أمر يختص بهم لا يشركهم فيه من ليس بنبي، كما قال عن الخليل: {وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين} [سورة العنكبوت: 27] ، وقال يوسف: {توفني مسلما وألحقني بالصالحين} [سورة يوسف: 101] .
فهذا مما يوجب تنزيه الأنبياء أن يكونوا من الفجار والفساق، وعلى هذا إجماع سلف الأمة وجماهيرها.
وأما من جوز أن يكون غير النبي أفضل منه فهو من أقوال بعض ملاحدة المتأخرين من غلاة الشيعة والصوفية والمتفلسفة ونحوهم.
وما يحكى عن (2) . أنهم جوزوا الكفر على النبي، فهذا بطريق اللازم لهم لأن كل معصية عندهم كفر، وقد جوزوا المعاصي على النبي، وهذا يقتضي فساد قولهم بأن كل معصية كفر
_________
(1) أصحاب: ساقطة من الأصل
(2) الفضلية من الخوارج الفضلية فرقة من الخوارج ذكرهم ابن حزم في الفصل 5/54 - وسماهم الفضيلية - فقال: " وقالت الفضيلية من الصفرية من قال لا إله إلا الله محمد رسول الله بلسانه ولم يعتقد ذلك بقلبه بل اعتقد الكفر أو الدهرية أو اليهودية أو النصرانية فهو مسلم عند الله مؤمن ولا يضره إذا قال الحق بلسانه ما اعتقد بقلبه ". وذكرهم الأشعري في المقالات 1/183 وسماهم " الفضلية " وذكر عنهم قولا قريبا من قول ابن حزم. وذكر الشهرستاني (الملل والنحل 1/124) من رجال الخوارج: الفضل بن عيسى الرقاشي
***********************
وقولهم بجواز المعاصي عليهم، وإلا فلم يلتزموا أن يكون النبي كافرا، ولازم المذهب لا يجب أن يكون مذهبا.
وطوائف أهل الكلام الذين يجوزون بعثة كل مكلف، من الجهمية والأشعرية ومن وافقهم من أتباع الأئمة الأربعة كالقاضي أبي يعلى وابن عقيل وغيرهم، متفقون أيضا على أن الأنبياء أفضل الخلق، وأن النبي لا يكون فاجرا. لكن يقولون: هذا لم يعلم بالعقل بل علم بالسمع، بناء على ما تقدم من أصلهم من أن الله يجوز أن يفعل كل ممكن.
وأما الجمهور الذين يثبتون الحكمة والأسباب فيقولون: نحن نعلم بما علمناه من حكمة الله أنه لا يبعث نبيا فاجرا وأن ما ينزل على البر الصادق لا يكون إلا ملائكة، لا تكون شياطين، كما قال تعالى: {وإنه لتنزيل رب العالمين - نزل به الروح الأمين - على قلبك لتكون من المنذرين} - إلى قوله - {هل أنبئكم على من تنزل الشياطين - تنزل على كل أفاك أثيم - يلقون السمع وأكثرهم كاذبون - والشعراء يتبعهم الغاوون - ألم تر أنهم في كل واد يهيمون - وأنهم يقولون ما لا يفعلون} [سورة الشعراء: 192 - 226] .
فهذا مما بين الله به الفرق بين الكاهن والنبي وبين الشاعر والنبي، لما زعم المفترون أن محمدا - صلى الله عليه وسلم - شاعر وكاهن، وفي الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أتاه الوحي في أول الأمر وخاف على نفسه قبل أن يستيقن أنه ملك قال لخديجة: " لقد خشيت على نفسي ". قالت: كلا، والله لا يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل
******************************
الكل، وتقري الضيف، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الحق» (1)) . . فاستدلت رضي الله عنها بحسن عقلها على أن من يكون الله قد خلقه بهذه الأخلاق الكريمة، التي هي من أعظم صفات الأبرار الممدوحين، أنه لا يجزيه فيفسد الشيطان عقله ودينه، ولم يكن معها قبل ذلك وحي تعلم به انتفاء ذلك، بل علمته بمجرد عقلها الراجح.
وكذلك لما ادعى النبوة من ادعاها من الكذابين، مثل مسيلمة الكذاب والعنسي وغيرهما، مع ما كان يشتبه من أمرهم، لما كان ينزل عليهم من الشياطين ويوحون إليهم، حتى يظن الجاهل أن هذا من جنس ما ينزل على الأنبياء ويوحى إليهم، فكان ما يبلغ العقلاء وما يرونه (2) . من سيرتهم والكذب الفاحش والظلم ونحو ذلك يبين لهم أنه ليس بنبي، إذ قد علموا أن النبي لا يكون كاذبا ولا فاجرا.
وفي الصحيحين «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قال له ذو الخويصرة: اعدل يا محمد، فإنك لم تعدل، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " لقد خبت وخسرت إن لم أعدل، ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء» " (3) ، والرواية الصحيحة بالفتح أي أنت خاسر خائب إن لم
_________
(1) هذا جزء من حديث بدء الوحي وهو مروي عن عائشة رضي الله عنها في: البخاري 1/3 - 4 (كتاب بدء الوحي، باب كيف كان بدء الوحي) ، 6/173 - 174 (كتاب التفسير، سورة اقرأ) ; مسلم 1/139 - 143 (كتاب الإيمان، باب بدء الوحي
(2) في الأصل: وما يروه
(3) هذا جزء من حديث طويل عن الخوارج من رواية أبي سعيد الخدري في: البخاري 4/200 (كتاب المناقب، باب علامات النبوة) ; مسلم 2/743 - 744 (كتاب الزكاة، باب ذكر الخوارج وصفاتهم) ; سنن أبي داود 4/335 - 337 (كتاب السنة، باب في قتال الخوارج) . وأول الحديث في البخاري: ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل قد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل ". وانظر: درء تعارض العقل والنقل 7/180 - 181.
****************************** *****
أعدل إن ظننت أني ظالم مع اعتقادك أني نبي، فإنك تجوز أن يكون الرسول الذي آمنت به ظالما، وهذا خيبة وخسران، فإن ذلك ينافي النبوة ويقدح فيها.
وقد قال تعالى: {وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة} [سورة آل عمران: 161] ، وفيه قراءتان: يغل ويغل، أي ينسب إلى الغلول، بين سبحانه أنه ما لأحد أن ينسبه إلى الغلول، كما أنه ليس له أن يغل، فدل على أن النبي لا يكون غالا.
ودلائل هذا الأصل عظيمة، لكن مع وقوع الذنب الذي هو بالنسبة إليه ذنب - وقد لا يكون ذنبا من غيره مع تعقبه بالتوبة والاستغفار لا يقدح في كون الرجل من المقربين السابقين ولا الأبرار، ولا يلحقه بذلك وعيد في الآخرة، فضلا عن أن يجعله من الفجار.
وقد قال تعالى في عموم وصف المؤمنين: {ولله ما في السماوات وما في الأرض ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى - الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم إن ربك واسع المغفرة} [سورة النجم: 31، 32] . وقال: {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين - الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين - والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون - أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين} [سورة آل عمران: 133 - 136] .
****************************** *
وقال تعالى: {والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون - لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك جزاء المحسنين - ليكفر الله عنهم أسوأ الذي عملوا ويجزيهم أجرهم بأحسن الذي كانوا يعملون} [سورة الزمر: 33 - 35] . وقال: {حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين - أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون} [سورة الأحقاف: 15، 16] .
وقد قال في قصة إبراهيم عليه السلام: {فآمن له لوط وقال إني مهاجر إلى ربي إنه هو العزيز الحكيم} [سورة العنكبوت: 26] ، وقال في قصة شعيب عليه السلام: {قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك ياشعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا قال أولو كنا كارهين - قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا وسع ربنا كل شيء علما على الله توكلنا ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين} [سورة الأعراف: 88، 89] ، وقال في سورة إبراهيم: {وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين} [سورة إبراهيم: 13] .
وقد ذم الله تعالى وتبارك فرعون بكونه رفع نبوة موسى بما تقدم من قتله
*************************
نفسا بغير حق فقال: {ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين - وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين - قال فعلتها إذا وأنا من الضالين - ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما وجعلني من المرسلين} [سورة الشعراء: 18 - 21] ، وكان موسى - صلى الله عليه وسلم - قد تاب من ذلك كما أخبر الله تعالى عنه وغفر له بقوله: {فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين - قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم} [سورة القصص: 15، 16] .
فإن قيل: فإذا كان قد غفر له فلماذا يمتنعون من الشفاعة يوم القيامة لأجل ما بدا منهم (1) .، فيقول آدم إذا طلبت منه الشفاعة: إني نهيت عن أكل الشجرة وأكلت منها، نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى نوح، فيأتون نوحا (2) . فيقول: إني دعوت على أهل الأرض دعوة لم أومر بها، والخليل يذكر تعريضاته الثلاث التي سماها كذبا وكانت تعريضا، وموسى يذكر قتل النفس (3) . .
_________
(1) في الأصل: لأجل لما بدا منهم، والصواب ما أثبته
(2) في الأصل بعد كلمة " نوح " توجد إشارة إلى الهامش حيث توجد كلمتان لم يظهر منهما في المصورة إلا: نوحا، وأثبت ما في حديث الشفاعة
(3) روى ابن تيمية الحديث بمعناه، وهو جزء من حديث الشفاعة الذي أشرت إليه من قبل (ص 401 ت 9) على أن أقرب الروايات إلى المذكورة هنا هي رواية البخاري 6/84 - 85 (كتاب التفسير، سورة بني إسرائيل، باب ذرية من حملنا مع نوح) ; مسلم 1/180 - 187 (كتاب الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة) عن أبي هريرة رضي الله عنه وفيها (البخاري 6/84) : " فيقول آدم: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإنه نهاني عن الشجرة فعصيته، نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى نوح، فيأتون نوحا فيقولون: يا نوح إنك أول الرسل إلى أهل الأرض وقد سماك الله عبدا شكورا، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه، فيقول: إن ربي عز وجل قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإنه قد كانت لي دعوة دعوتها على قومي، نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى إبراهيم ; فيأتون إبراهيم فيقولون: يا إبراهيم أنت نبي الله وخليله من أهل الأرض اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه فيقول لهم: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإني قد كنت كذبت ثلاث كذبات - فذكرهن أبو حيان في الحديث - نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى موسى ; فيأتون موسى فيقولون: يا موسى أنت رسول الله فضلك الله برسالته وبكلامه على الناس، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه، فيقول: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإني قد قتلت نفسا لم أومر بقتلها، نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى عيسى ; فيأتون عيسى فيقولون: يا عيسى أنت رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وكلمت الناس في المهد صبيا، اشفع لنا، ألا ترى إلى ما نحن فيه، فيقول عيسى: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله - ولم يذكر ذنبا - نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم ; فيأتون محمدا صلى الله عليه وسلم، فيقولون: يا محمد، أنت رسول الله وخاتم الأنبياء وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه، فأنطلق فآتي تحت العرش فأقع ساجدا لربي عز وجل ; ثم يفتح الله علي من محامده وحسن الثناء عليه شيئا لم يفتحه على أحد قبلي، ثم يقال يا محمد ارفع رأسك، سل تعطه، واشفع تشفع، فأرفع رأسي فأقول: أمتي يا رب أمتي يا رب. . الحديث. . "
******************************
ولهذا كان ممن امتنع ولم يذكر ذنبا المسيح، وإبراهيم أفضل منه وقد ذكر ذنبا، ولكن قال المسيح: لست هناكم اذهبوا إلى عبد غفر الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر. وتأخر المسيح عن المقام المحمود الذي خص به محمد - صلى الله عليه وسلم - هو من فضائل المسيح ومما يقربه إلى الله. صلوات الله عليهم أجمعين.
فعلم أن تأخرهم عن الشفاعة لم يكن لنقص درجاتهم عما كانوا عليه، بل لما علموه من عظمة المقام المحمود الذي يستدعي من كمال مغفرة الله للعبد، وكمال عبودية العبد لله ما اختص به من غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ولهذا قال المسيح: اذهبوا إلى محمد عبدا غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فإنه إذا غفر له ما تأخر لم يخف أن يلام إذا ذهب إلى ربه ليشفع، وإن كان لم يشفع إلا بعد الإذن، بل إذا سجد وحمد ربه بمحامد يفتحها عليه لم يكن يحسنها قبل ذلك، فيقال له: «أي محمد: ارفع رأسك، وقل يسمع، وسل تعطه، واشفع تشفع» ، وهذا كله في الصحيحين وغيرهما.
وأما من (قيل له) (1) . تقدم ولم يعرف أنه غفر له ما تأخر فيخاف أن يكون ذهابه إلى الشفاعة - قبل أن يؤذن له في الشفاعة - ذنبا، فتأخر لكمال خوفه من الله تعالى، ويقول أنا قد أذنبت وما غفر لي فأخاف أن أذنب ذنبا (2) . آخر ; فإن النبي - صلى الله
_________
(1) في الأصل توجد إشارة إلى الهامش قبل كلمة " تقدم " ولم يظهر الكلام الساقط في المصورة، وما أثبته يصلح به الكلام
(2) ذنبا: غير موجودة في الأصل والسياق يقتضيها
***********************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (141)
صـ 426 إلى صـ 432
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «الْمُؤْمِنُ لَا يُلْدَغُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ» " (1) \ 70. .
وَمِنْ مَعَانِي ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُؤْتَى مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ، فَإِذَا ذَاقَ الذَّائِقُ مَا فِي الذَّنْبِ مِنَ الْأَلَمِ وَزَالَ عَنْهُ خَافَ أَنْ يُذْنِبَ ذَنْبًا آخَرَ فَيَحْصُلَ لَهُ مِثْلُ ذَلِكَ الْأَلَمِ، وَهَذَا كَمَنْ مَرِضَ مِنْ أَكْلَةٍ ثُمَّ عُوفِيَ، فَإِذَا دُعِيَ إِلَى أَكْلِ شَيْءٍ خَافَ أَنْ يَكُونَ مِثْلَ ذَلِكَ الْأَوَّلِ لَمْ يَأْكُلْهُ، يَقُولُ قَدْ أَصَابَنِي بِتِلْكَ الْأَكْلَةِ مَا أَصَابَنِي فَأَخَافُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ مِثْلَ تِلْكَ، وَلِبَسْطِ هَذِهِ الْأُمُورِ مَوْضِعٌ آخَرُ.
وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ الَّذِينَ (2) ادَّعَوُا الْعِصْمَةَ مِمَّا يُتَابُ مِنْهُ عُمْدَتُهُمْ أَنَّهُ لَوْ صَدَرَ مِنْهُمُ الذَّنْبُ لَكَانُوا أَقَلَّ دَرَجَةً مِنْ عُصَاةِ الْأُمَّةِ، لِأَنَّ دَرَجَتَهُمْ أَعْلَى فَالذَّنْبُ مِنْهُمْ أَقْبَحُ، وَأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ فَاسِقًا فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، وَأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَسْتَحِقُّ الْعُقُوبَةَ فَلَا يَكُونُ إِيذَاؤُهُ مُحَرَّمًا، وَأَذَى الرَّسُولِ مُحَرَّمٌ بِالنَّصِّ، وَأَنَّهُ يَجِبُ الِاقْتِدَاءُ بِهِمْ وَلَا يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِأَحَدٍ فِي ذَنْبٍ.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْعُقُوبَةَ وَنَقْصَ الدَّرَجَةِ إِنَّمَا يَكُونُ مَعَ عَدَمِ التَّوْبَةِ، وَهُمْ مَعْصُومُونَ مِنَ الْإِصْرَارِ بِلَا رَيْبٍ.
وَأَيْضًا، فَهَذَا إِنَّمَا يَتَأَتَّى فِي بَعْضِ الْكَبَائِرِ دُونَ الصَّغِيرَةِ (3) .، وَجُمْهُورُ
**_________
(1) قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي: الْجَامِعِ الصَّغِيرِ " عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ إِنَّهُ صَحِيحٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَهُوَ عَنْهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي: الْبُخَارِيِّ 8/31 (كِتَابُ الْأَدَبِ، بَابُ لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ. . إِلَخْ) ; مُسْلِمٍ 4/2295 (كِتَابُ الزُّهْدِ وَالرِّقَاقِ، بَابُ لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ. . إِلَخْ) ; سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 367 \ - 368 (كِتَابُ الْأَدَبِ، بَابُ الْحَذَرِ مِنَ النَّاسِ) ; سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 2/2318 (كِتَابُ الْفِتَنِ ; بَابُ الْعُزْلَةِ) ; الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 17
(2) فِي الْأَصْلِ: الَّذِي
(3) دُونَ الصَّغِيرَةِ: الْمَقْصُودُ دُونَ الذُّنُوبِ الصَّغِيرَةِ
****************************** ***
الْمُسْلِمِينَ عَلَى تَنْزِيهِهِمْ مِنَ الْكَبَائِرِ لَا سِيَّمَا الْفَوَاحِشُ، وَمَا ذَكَرَ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ نَبِيٍّ كَبِيرَةً فَضْلًا عَنِ الْفَاحِشَةِ، بَلْ ذَكَرَ فِي قِصَّةِ يُوسُفَ مَا يُبَيِّنُ أَنَّهُ يَصْرِفُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ عَنْ عِبَادِهِ الْمُخْلِصِينَ ; وَإِنَّمَا يُقْتَدَى بِهِمْ فِيمَا أُقِرُّوا عَلَيْهِ وَلَمْ يُنْهَوْا عَنْهُ.
وَأَيْضًا، فَالذُّنُوبُ أَجْنَاسٌ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ مِنْهُمْ كُلُّ جِنْسٍ، بَلِ الْكَذِبُ لَا يَجُوزُ مِنْهُمْ بِحَالٍ أَصْلًا، فَإِنَّ ذَلِكَ يُنَافِي مُطْلَقَ الصِّدْقِ، وَلِهَذَا تُرَدُّ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ لِلْكِذْبَةِ الْوَاحِدَةِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ كَبِيرَةً فِي أَحَدِ قَوْلَيِ الْعُلَمَاءِ، وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْن ِ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ. وَلَوْ تَابَ شَاهِدُ الزُّورِ مِنَ الْكَذِبِ هَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؟ فِيهِ قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ، وَالْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ. وَكَذَلِكَ مَنْ كَذَبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ ثُمَّ تَابَ مِنْهُ لَمْ تُقْبَلْ رِوَايَتُهُ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِمْ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ حَسْمًا لِلْمَادَّةِ، لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَكُونَ أَظْهَرَ التَّوْبَةَ لِيُقْبَلَ حَدِيثُهُ.
فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَصْدُرَ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَعَمُّدُ الْكَذِبِ أَلْبَتَّةَ، سَوَاءٌ كَانَ صَغِيرَةً، أَوْ كَبِيرَةً، بَلْ قَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «مَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ تَكُونَ لَهُ خَائِنَةُ الْأَعْيُنِ» " (1) . . وَأَمَّا قَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
**_________
(1) رَوَى أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ 3/79 (كِتَابُ الْجِهَادِ، بَابُ قَتْلِ الْأَسِيرِ وَلَا يُعْرَضُ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ) عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ أَمَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ إِلَّا أَرْبَعَةَ نَفَرٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَسَمَّاهُمْ وَابْنَ أَبِي سَرْحٍ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. قَالَ: وَأَمَّا ابْنُ أَبِي سَرْحٍ فَإِنَّهُ اخْتَبَأَ عِنْدَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَلَمَّا دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ جَاءَ بِهِ حَتَّى أَوْقَفَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ: بَايِعْ عَبْدَ اللَّهِ ; فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ ثَلَاثًا: كُلُّ ذَلِكَ يَأْبَى، فَبَايَعَهُ بَعْدَ ثَلَاثٍ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: " أَمَا كَانَ فِيكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ يَقُومُ إِلَى هَذَا حَيْثُ رَآنِي كَفَفْتُ يَدِي عَنْ بَيْعَتِهِ فَيَقْتُلُهُ؟ " فَقَالُوا: مَا نَدْرِي يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا فِي نَفْسِكَ، أَلَا أَوْمَأْتَ إِلَيْنَا بِعَيْنِكَ. قَالَ: " إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ تَكُونَ لَهُ خَائِنَةُ الْأَعْيُنِ ". وَالْحَدِيثُ أَيْضًا فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 4/183 (كِتَابُ الْحُدُودِ، بَابُ الْحُكْمِ فِيمَنِ ارْتَدَّ) ، سُنَنِ النَّسَائِيِّ 7/97 - 98 (كِتَابُ تَحْرِيمِ الدَّمِ، بَابُ الْحُكْمِ فِي الْمُرْتَدِّ) . وَانْظُرِ الْخَبَرَ فِي سِيرَةِ ابْنِ هِشَامٍ 4/52
****************************** ***************
وَسَلَّمَ -: " «لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ إِلَّا ثَلَاثَ كِذْبَاتٍ كُلُّهُنَّ فِي ذَاتِ اللَّهِ» (1) . " فَتِلْكَ كَانَتْ مَعَارِيضَ (2) ". فَكَانَ مَأْمُورًا بِهَا، وَكَانَتْ مِنْهُ طَاعَةً لِلَّهِ، وَالْمَعَارِيضُ قَدْ تُسَمَّى كَذِبًا لِكَوْنِهِ أَفْهَمَ خِلَافَ مَا فِي نَفْسِهِ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أُمِّ كُلْثُومٍ قَالَتْ: «لَمْ أَسْمَعِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُرَخِّصُ فِيمَا يَقُولُ النَّاسُ إِنَّهُ كَذِبٌ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ: حَدِيثُ الرَّجُلِ لِامْرَأَتِهِ، وَإِصْلَاحُهُ بَيْنَ النَّاسِ، وَفِي الْحَرْبِ» (3)) . .
**_________
(1) الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: الْبُخَارِيِّ 4/140 - 140 (كِتَابُ الْأَنْبِيَاءِ، بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا) ، 6/84 - 85 (كِتَابُ التَّفْسِيرِ، سُورَةُ بَنِي إِسْرَائِيلَ) ; مُسْلِمٍ 4/1840 - 1841 (كِتَابُ الْفَضَائِلِ، بَابُ مِنْ فَضَائِلِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ. .) وَنَصُّ الْحَدِيثِ (وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَطُّ إِلَّا ثَلَاثَ كِذْبَاتٍ: ثِنْتَيْنِ فِي ذَاتِ اللَّهِ: قَوْلُهُ: إِنِّي سَقِيمٌ، وَقَوْلُهُ: بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا، وَوَاحِدَةٌ فِي شَأْنِ سَارَّةَ فَإِنَّهُ قَدِمَ أَرْضَ جَبَّارٍ وَمَعَهُ سَارَّةُ وَكَانَتْ أَحْسَنَ النَّاسِ فَقَالَ لَهَا: إِنَّ هَذَا الْجَبَّارَ إِنْ يَعْلَمْ أَنَّكِ امْرَأَتِي يَغْلِبْنِي عَلَيْكِ فَإِنْ سَأَلَكِ فَأَخْبِرِيهِ أَنَّكِ أُخْتِي فَإِنَّكِ أُخْتِي فِي الْإِسْلَامِ. . الْحَدِيثَ. وَهُوَ أَيْضًا فِي: سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 2/355 - 356 (كِتَابُ الطَّلَاقِ، بَابُ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ: يَا أُخْتِي) ; سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 5/4 (كِتَابُ التَّفْسِيرِ، سُورَةُ الْأَنْبِيَاءِ) ; الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 18/35 - 36
(2) فِي اللِّسَانِ: " الْمَعَارِيضُ: التَّوْرِيَةُ بِالشَّيْءِ عَنِ الشَّيْءِ. . جَمْعُ مِعْرَاضٍ: مِنَ التَّعْرِيضِ
(3) الْحَدِيثُ مَرْوِيٌّ بِأَلْفَاظٍ مُتَقَارِبَةٍ عَنْ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي: مُسْلِمٍ 4/2011 - 2012 (كِتَابُ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ وَالْآدَابِ، بَابُ تَحْرِيمِ الْكَذِبِ وَبَيَانِ مَا يُبَاحُ مِنْهُ) ; سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 4/385 - 386 (كِتَابُ الْأَدَبِ، بَابُ فِي إِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ) ; سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 3/222 - 223 (أَبْوَابُ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ ; بَابُ فِي مَا جَاءَ فِي إِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ) ; الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 6/403 - 404. وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ قِطْعَةً مِنَ الْحَدِيثِ 3/183 (كِتَابُ الصُّلْحِ، بَابُ لَيْسَ الْكَاذِبُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ
****************************** *********************
قَالَتْ: فِيمَا (1) . يَقُولُ النَّاسُ إِنَّهُ كَذِبٌ، وَهُوَ الْمَعَارِيضُ.
وَأَمَّا مَا تَقَوَّلَهُ الرَّافِضَةُ مِنْ أَنَّ النَّبِيَّ قَبْلَ النُّبُوَّةِ وَبَعْدَهَا لَا يَقَعُ مِنْهُ خَطَأٌ وَلَا ذَنْبٌ صَغِيرٌ، وَكَذَلِكَ الْأَئِمَّةُ، فَهَذَا مِمَّا انْفَرَدُوا بِهِ عَنْ فِرَقِ الْأُمَّةِ كُلِّهَا، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ السَّلَفِ.
وَمِنْ مَقْصُودِهِمْ بِذَلِكَ الْقَدْحُ فِي إِمَامَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا لِكَوْنِهِمَا أَسْلَمَا بَعْدَ الْكُفْرِ، وَيَدَّعُونَ أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمْ يَزَلْ مُؤْمِنًا، وَأَنَّهُ لَمْ يُخْطِ قَطُّ وَلَمْ يُذْنِبْ قَطُّ، وَكَذَلِكَ تَمَامُ الِاثْنَيْ عَشَرَ.
وَهَذَا مِمَّا يُظْهِرُ كَذِبَهُمْ وَضَلَالَهُمْ فِيهِ لِكُلِّ ذِي عَقْلٍ يَعْرِفُ أَحْوَالَهُمْ، وَلِهَذَا كَانُوا هُمْ أَغْلَى الطَّوَائِفِ فِي ذَلِكَ وَأَبْعَدَهُمْ عَنِ الْعَقْلِ وَالسَّمْعِ.
وَنُكْتَةُ أَمْرِهِمْ أَنَّهُمْ ظَنُّوا وُقُوعَ ذَلِكَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَئِمَّةِ نَقْصًا، وَأَنَّ ذَلِكَ يَجِبُ تَنْزِيهُهُمْ عَنْهُ، وَهُمْ مُخْطِئُونَ إِمَّا فِي هَذِهِ الْمُقَدِّمَةِ، وَإِمَّا فِي هَذِهِ الْمُقَدِّمَةِ.
أَمَّا الْمُقَدِّمَةُ الْأُولَى فَلَيْسَ مَنْ تَابَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَأَنَابَ إِلَيْهِ بِحَيْثُ صَارَ بَعْدَ التَّوْبَةِ أَعْلَى دَرَجَةً مِمَّا كَانَ قَبْلَهَا مَنْقُوصًا وَلَا مَغْضُوضًا مِنْهُ، بَلْ هَذَا مُفَضَّلٌ عَظِيمٌ مُكَرَّمٌ، وَبِهَذَا يَنْحَلُّ جَمِيعُ مَا يُورِدُونَهُ مِنَ الشُّبَهِ.
وَإِذَا عُرِفَ أَنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ يَكُونُ الرَّجُلُ مِنْهُمْ قَدْ أَسْلَمَ بَعْدَ كُفْرِهِ وَآمَنَ بَعْدَ نِفَاقِهِ وَأَطَاعَ بَعْدَ مَعْصِيَتِهِ، كَمَا كَانَ أَفْضَلُ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ - وَهُمُ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ - يُبَيِّنُ صِحَّةَ هَذَا الْأَصْلِ.
**_________
(1) فِي الْأَصْلِ: فَمَا، وَبَعْدَهَا إِشَارَةُ الْهَامِشِ، وَلَمْ يَظْهَرِ التَّصْوِيبُ فِي الْمُصَوَّرَةِ. وَرَجَّحْتُ أَنْ يَكُونَ الصَّوَابُ مَا أَثْبَتَهُ وَهُوَ الَّذِي وَرَدَ قَبْلَ ذَلِكَ بِقَلِيلٍ، أَوْ يَكُونُ: مِمَّا، وَهُوَ الَّذِي وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ فِي مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ
****************************** ****
وَالْإِنْسَانُ يَنْتَقِلُ مِنْ نَقْصٍ إِلَى كَمَالٍ، فَلَا يُنْظَرُ إِلَى نَقْصِ الْبِدَايَةِ، وَلَكِنْ يُنْظَرُ إِلَى كَمَالِ النِّهَايَةِ، فَلَا يُعَابُ الْإِنْسَانُ بِكَوْنِهِ كَانَ نُطْفَةً ثُمَّ صَارَ عَلَقَةً ثُمَّ صَارَ مُضْغَةً، إِذَا كَانَ اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ خَلَقَهُ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ. وَمَنْ نَظَرَ إِلَى مَا كَانَ فَهُوَ مِنْ جِنْسِ إِبْلِيسَ الَّذِي قَالَ: {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [سُورَةُ ص: 76] ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ - فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} [سُورَةُ ص: 71، 72] ، فَأَمَرَهُمْ بِالسُّجُودِ لَهُ إِكْرَامًا لِمَا شَرَّفَهُ اللَّهُ بِنَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ مَخْلُوقًا مِنْ طِينٍ، وَالْمَلَائِكَة ُ مَخْلُوقُونَ مِنْ نُورٍ، وَإِبْلِيسُ مَخْلُوقٌ مِنْ نَارٍ، كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «خَلَقَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ مِنْ نُورٍ، وَخَلَقَ إِبْلِيسَ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ، وَخَلَقَ آدَمَ مِمَّا وَصَفَ لَكُمْ» " (1) . .
وَكَذَلِكَ التَّوْبَةُ بَعْدَ السَّيِّئَاتِ ; قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِي نَ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 222] . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّهُ قَالَ: " «لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ رَجُلٍ أَضَلَّ رَاحِلَتَهُ بِأَرْضٍ دَوِيَّةٍ مُهْلِكَةٍ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَقَالَ تَحْتَ شَجَرَةٍ يَنْتَظِرُ الْمَوْتَ، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ إِذَا بِدَابَّتِهِ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَكَيْفَ تَجِدُونَ فَرَحَهُ بِهَا؟ قَالُوا: عَظِيمًا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ هَذَا بِرَاحِلَتِهِ» " (2) . .
**_________
(1) الْحَدِيثُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي مُسْلِمٍ 4/2294 (كِتَابُ الزُّهْدِ وَالرَّقَائِقِ، بَابٌ فِي أَحَادِيثَ مُتَفَرِّقَةٍ) وَلَفْظُهُ: " قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خُلِقَتِ الْمَلَائِكَةُ مِنْ نُورٍ، وَخُلِقَ الْجَانُّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ، وَخُلِقَ آدَمُ مِمَّا وُصِفَ لَكُمْ " ; الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 6/153، 168
(2) الْحَدِيثُ مَرْوِيٌّ مِنْ وُجُوهٍ عِدَّةٍ عَنْ عَدَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَبِأَلْفَاظٍ مُتَقَارِبَةٍ فِي: الْبُخَارِيِّ \ 67 - 68 (كِتَابُ الدَّعَوَاتِ، بَابُ التَّوْبَةِ) ; مُسْلِمٍ 4/2102 - 2105 (كِتَابُ التَّوْبَةِ، بَابٌ فِي الْحَضِّ عَلَى التَّوْبَةِ وَالْفَرَحِ بِهَا) ; سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 4 - 70 (كِتَابُ صِفَةِ الْقِيَامَةِ، بَابُ 15) ; الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 5/225 - 226 (الْأَرْقَامُ: 3627 - 3629) . وَانْظُرْ: جَامِعَ الْأُصُولِ 3/63 - 67
****************************** *******
وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: إِنَّ الْعَبْدَ لَيَفْعَلُ الذَّنْبَ فَيَدْخُلُ بِهِ الْجَنَّةَ.
وَإِذَا ابْتَلَى الْعَبْدَ بِالذَّنْبِ، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُ سَيَتُوبُ مِنْهُ وَيَتَجَنَّبُهُ ، فَفِي ذَلِكَ مِنْ حِكْمَةِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ بِعَبْدِهِ أَنَّ ذَلِكَ يَزِيدُهُ عُبُودِيَّةً وَتَوَاضُعًا وَخُشُوعًا وَذُلًّا وَرَغْبَةً فِي كَثْرَةِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ وَنَفْرَةً قَوِيَّةً عَنِ السَّيِّئَاتِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ» " (1) . .
وَذَلِكَ أَيْضًا يَدْفَعُ عَنْهُ الْعُجْبَ وَالْخُيَلَاءَ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يَعْرِضُ لِلْإِنْسَانِ وَهُوَ أَيْضًا يُوجِبُ الرَّحْمَةَ لِخَلْقِ اللَّهِ وَرَجَاءَ التَّوْبَةِ وَالرَّحْمَةِ لَهُمْ إِذَا أَذْنَبُوا وَتَرْغِيبَهُمْ فِي التَّوْبَةِ.
وَهُوَ أَيْضًا يُبَيِّنُ (2) . مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَإِحْسَانِهِ وَكَرَمِهِ مَا لَا يَحْصُلُ بِدُونِ ذَلِكَ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: " «لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ ثُمَّ يَسْتَغْفِرُونَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ» " (3) \ 414. .
**_________
(1) وَرَدَ الْحَدِيثُ قَبْلَ صَفَحَاتٍ، ص 426
(2) فِي الْأَصْلِ: يَتَبَيَّنُ، وَالسِّيَاقُ يُرَجِّحُ صَوَابَ مَا أَثْبَتُّ
(3) الْحَدِيثُ رَوَاهُ بِأَلْفَاظٍ مُتَقَارِبَةٍ: مُسْلِمٌ 4/2105 - 2106 (كِتَابُ التَّوْبَةِ، بَابٌ سُقُوطُ الذَّنْبِ بِالِاسْتِغْفَا رِ تَوْبَةً) عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَالتِّرْمِذِيّ ِ فِي سُنَنِهِ 4/79 - 80 (كِتَابُ صِفَةِ الْجَنَّةِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي صِفَةِ الْجَنَّةِ وَنَعِيمِهَا) ، 5/207 - 208 (كِتَابُ الدَّعَوَاتِ، بَابُ 105) ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ (ط. الْمَعَارِفِ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ 15/218 (رَقْمُ 8068) . وَهُوَ مَرْوِيٌّ بِمَعْنَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ 4/217 - 218 (رَقْمُ 2623) ، وَفِي جُزْءٍ مِنْ حَدِيثٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ 15/187 - 191 (رَقْمُ 8030، 8031) وَهُوَ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ)
****************************** *******
وَهُوَ أَيْضًا يُبَيِّنُ قُوَّةَ حَاجَةِ الْعَبْدِ إِلَى الِاسْتِعَانَةِ بِاللَّهِ وَالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ وَاللَّجَأِ إِلَيْهِ فِي أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ فِي طَاعَتِهِ وَيُجَنِّبَهُ مَعْصِيَتَهُ، وَأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ إِلَّا بِفَضْلِ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِعَانَتِهِ لَهُ، فَإِنَّ مَنْ ذَاقَ مَرَارَةَ الِابْتِلَاءِ وَعَجْزَهُ عَنْ دَفْعِهِ إِلَّا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ، كَانَ شُهُودُ قَلْبِهِ وَفَقْرُهُ إِلَى رَبِّهِ وَاحْتِيَاجُهُ إِلَيْهِ فِي أَنْ يُعِينَهُ عَلَى طَاعَتِهِ وَيُجَنِّبَهُ مَعْصِيَتَهُ أَعْظَمَ مِمَّنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ. وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ دَاوُدُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ التَّوْبَةِ خَيْرًا مِنْهُ قَبْلَ الْخَطِيئَةِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَوْ لَمْ تَكُنِ التَّوْبَةُ أَحَبَّ الْأَشْيَاءِ إِلَيْهِ لَمَا ابْتَلَى بِالذَّنْبِ أَكْرَمَ الْخَلْقِ عَلَيْهِ.
وَلِهَذَا تَجِدُ التَّائِبَ الصَّادِقَ أَثْبَتَ عَلَى الطَّاعَةِ وَأَرْغَبَ فِيهَا وَأَشَدَّ حَذَرًا مِنَ الذَّنْبِ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ الَّذِينَ لَمْ يُبْتَلَوْا بِذَنْبٍ، كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، فَإِنَّهُ لَمَّا قَتَلَ رَجُلًا بَعْدَ أَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ أَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» ؟ " (1)) . أَثَّرَ هَذَا فِيهِ حَتَّى كَانَ يَمْتَنِعُ أَنْ يَقْتُلَ أَحَدًا يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَكَانَ هَذَا مِمَّا أَوْجَبَ امْتِنَاعَهُ مِنَ الْقِتَالِ فِي الْفِتْنَةِ.
وَقَدْ تَكُونُ التَّوْبَةُ مُوجِبَةً لَهُ مِنَ الْحَسَنَاتِ مَا لَا يَحْصُلُ لِمَنْ يَكُنْ مِثْلُهُ (تَائِبًا) مِنَ الذَّنْبِ (2) .، كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَهُوَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ:
**_________
(1) الْحَدِيثُ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَجُنْدُبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي: الْبُخَارِيِّ 5/144 (كِتَابُ الْمَغَازِي، بَابُ بَعْثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ إِلَى الْحُرَقَاتِ) ; مُسْلِمٍ 1/96 - 98 (كِتَابُ الْإِيمَانِ، بَابُ تَحْرِيمِ قَتْلِ الْكَافِرِ بَعْدَ أَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ
(2) فِي الْأَصْلِ: لِمَنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ مِنَ الذَّنْبِ، وَزِدْتُ كَلِمَةَ (تَائِبًا) لِيَسْتَقِيمَ الْكَلَامُ
****************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (142)
صـ 433 إلى صـ 439
{لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رءوف رحيم} [سورة التوبة: 117] ، ثم قال: {وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم} [سورة التوبة: 118] .
وإذا ذكر حديث كعب في قضية تبين أن الله رفع درجته بالتوبة، ولهذا قال: فوالله ما أعلم أحدا ابتلاه الله بصدق الحديث أعظم مما ابتلاني (1) . .
وكذلك قال بعض من كان من أشد الناس عدواة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - كسهيل بن عمرو، والحارث بن هشام، وأبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب بن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي كان من أشد الكفار هجاء وإيذاء للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما تاب وأسلم كان من أحسن الناس إسلاما وأشدهم حياء وتعظيما للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك الحارث بن هشام، قال الحارث: ما نطقت بخطيئة منذ أسلمت (2) . ; ومثل هذا كثير في أخبار التوابين.
**_________
(1) الحديث عن كعب بن مالك رضي الله عنه في: البخاري 6/3 - 7 (كتاب المغازي، باب حديث كعب بن مالك) ; مسلم 4/2120 - 2129 (كتاب التوبة، باب حديث توبة كعب بن مالك وصاحبيه) ; سنن الترمذي 4/345 - 346 (كتاب التفسير، ومن سورة التوبة) ; المسند (ط. الحلبي) 3/456 - 459
(2) لم أهتد إلى هذا الأثر، ولكن روى المنذري (الترغيب والترهيب 4/306) عن الحارث ابن هشام رضي الله عنه أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أخبرني بأمر أعتصم به؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: املك هذا، وأشار إلى لسانه. قال المنذري: رواه الطبراني بإسنادين أحدهما جيد. وروى ابن عبد البر الحديث بمعناه في " الاستيعاب " في ترجمة الحارث
*****************************
فمن يجعل التائب الذي اجتباه الله وهداه منقوصا بما كان من الذنب الذي تاب منه، وقد صار بعد التوبة خيرا مما كان قبل التوبة، فهو جاهل بدين الله تعالى وما بعث الله به رسوله، وإذا لم يكن في ذلك نقص مع وجود ما ذكر فجميع ما يذكرونه هو مبني على أن ذلك نقص، وهو نقص إذا لم يتب منه، أو هو نقص عمن ساواه إذا لم يصر بعد التوبة مثله، فأما إذا تاب توبة محت أثره بالكلية وبدلت سيئاته حسنات فلا نقص فيه بالنسبة إلى حاله، وإذا صار بعد التوبة أفضل ممن يساويه أو مثله لم يكن ناقصا عنه (1) . .
ولسنا نقول إن كل من أذنب وتاب فهو أفضل ممن لم يذنب ذلك الذنب، بل هذا يختلف باختلاف أحوال الناس، فمن الناس من يكون بعد التوبة أفضل، ومنهم من يعود إلى ما كان، ومنهم من لا يعود إلى مثل حاله، والأصناف الثلاثة فيهم من هو أفضل ممن لم يذنب ويتب، وفيهم من هو مثله، وفيهم من هو دونه.
وهذا الباب فيه مسائل كثيرة ليس هذا موضع تفصيلها، ولبسطها موضع آخر، والمقصود التنبيه.
ولهذا كان السلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان وغيرهم من أئمة المسلمين متفقين على ما دل عليه الكتاب والسنة من أحوال الأنبياء، لا يعرف عن أحد منهم القول بما أحدثته المعتزلة والرافضة ومن
**_________
(1) في الأصل: وإذا صار بعد التوبة أفضل ممن يساويه أو أفضل لم يكن ناقصا عنه، ولعل الصواب ما أثبته
****************************** ***
تبعهم في هذا الباب، بل كتب التفسير والحديث والآثار والزهد وأخبار السلف مشحونة عن الصحابة والتابعين بمثل ما دل عليه القرآن، وليس فيهم من حرف الآيات كتحريف هؤلاء، ولا من كذب بما في الأحاديث كتكذيب هؤلاء، ولا من قال هذا يمنع الوثوق، أو يوجب التنفير ونحو ذلك كما قال هؤلاء، بل أقوال هؤلاء الذين غلوا بجهل من الأقوال المبتدعة في الإسلام.
وهم قصدوا تعظيم الأنبياء بجهل كما قصدت النصارى تعظيم المسيح وأحبارهم ورهبانهم بجهل، فأشركوا بهم واتخذوهم أربابا من دون الله وأعرضوا عن اتباعهم فيما أمروهم به ونهوهم عنه.
**[غلو الرافضة أدخلهم فيما حرمه الله من العبادات الشركية]
وكذلك الغلاة في العصمة يعرضون عما أمروا به من طاعة أمرهم والاقتداء بأفعالهم (1) . إلى ما نهوا عنه من الغلو والإشراك بهم فيتخذونهم أربابا من دون الله يستغيثون بهم في مغيبهم وبعد مماتهم وعند قبورهم، ويدخلون فيما حرمه الله تعالى ورسوله من العبادات الشركية التي ضاهوا بها النصارى.
وقد ثبت في الصحيح «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال عند موته: " لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد "
**_________
(1) أي طاعة أمر الأنبياء والأئمة والاقتداء بأفعالهم
****************************** ***
يحذر ما فعلوه. قالت عائشة رضي الله عنها: ولولا ذلك لأبرز قبره ولكن كره أن يتخذ مسجدا» (1) \ 472. .
وفي الصحيحين أيضا أنه «ذكر له في مرضه كنيسة بأرض الحبشة وذكر
**_________
(1) مضى الحديث من قبل 1
****************************** *******
حسنها وتصاوير فيها فقال: " إن أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه التصاوير أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة» " (1) . .
وفي صحيح مسلم عن جندب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال قبل أن يموت بخمس: " «ألا إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك، وإني أبرأ إلى كل خليل من خليله، ولو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، ولكن صاحبكم خليل الله، يعني نفسه» " (2) . .
وفي السنن عنه أنه قال: " «لا تتخذوا قبري عيدا، وصلوا علي حيثما كنتم فإن صلاتكم تبلغني» " (3) . .
وفي الموطأ وغيره أنه قال: " «اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» " (4)) . .
وفي المسند وصحيح أبي حاتم عن ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: " «إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء، والذين يتخذون القبور مساجد» " (5)) . .
**_________
(1) مضى الحديث من قبل 1/478
(2) مضى الحديث من قبل 1/474 - 475
(3) مضى هذا الحديث من قبل في هذا الجزء، ص 405
(4) انظر ما سبق 1/475، 2/405 (وانظر: ت [0 - 9]
(5) مضى الحديث من قبل 1/475 وذكرت هناك (ت [0 - 9] ) أنه في المسند (ط. المعارف) 5/324 (رقم 3844) من رواية ابن مسعود رضي الله عنه. وهو فيه أيضا عنه رضي الله عنه 6/90 (رقم 4143) ، 6/162 (رقم 4342
****************************** **
وفي صحيح مسلم «عن أبي هياج الأسدي قال: قال لي علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أمرني أن لا أدع قبرا مشرفا إلا سويته ولا تمثالا إلا طمسته» (1) .، «فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي بن أبي طالب، وأرسل علي في خلافته من يفعل مثل ما أمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يسوي القبور المشرفة ويطمس التماثيل» ، فإن هذه وهذه من أسباب الشرك وعبادة الأوثان. قال الله تعالى: {لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا - وقد أضلوا كثيرا} [سورة نوح: 23، 24] . قال غير واحد من السلف: كان هؤلاء قوما صالحين في قوم نوح، فلما ماتوا وعكفوا على قبورهم ثم صوروا تماثيلهم ثم عبدوهم من دون الله (2) . .
فالمشاهد المبنية على قبور الأنبياء والصالحين من العامة ومن أهل البيت كلها من البدع المحدثة المحرمة في دين الإسلام، وإنما أمر الله أن يقصد لعبادته وحده لا شريك له المساجد لا المشاهد.
قال الله تعالى: {قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كل
**_________
(1) سبق ورود الحديث 1/477 وذكرت هناك أنه في مسلم 2/666 - 667 (كتاب الجنائز، باب الأمر بتسوية القبر) . وهو أيضا في المسند (ط. المعارف) ج [0 - 9] رقما: 741، 1064 وبمعناه عن غير أبي هياج من الصحابة في الأرقام: 657، 658، 683، 881، 889، 1170، 1175 - 1177، 1238، 1283
(2) سبق ورود هذا الأثر 1/477، وذكرت هناك (ت [0 - 9] ) أنه مروي بمعناه عن ابن عباس في البخاري 6/160 (كتاب التفسير، سورة إنا أرسلنا) . وقد أورده ابن جرير في تفسيره وأورد آثارا أخرى بنفس المعنى عن بعض السلف، وانظر أيضا تفسير الآيتين في الدر المنثور للسيوطي
****************************** **
مسجد وادعوه مخلصين له الدين} [سورة الأعراف: 29] ، وقال تعالى: " {ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر أولئك حبطت أعمالهم وفي النار هم خالدون - إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين} [سورة التوبة: 17 - 18] ، وقال تعالى: {وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا} [سورة الجن: 18] ، ومثل هذا في القرآن كثير.
وزيارة القبور على وجهين: زيارة أهل التوحيد المتبعين للرسل، وزيارة أهل البدع والشرك.
فالأولى مقصودها أن يسلم على الميت ويدعى له، وزيارة قبره بمنزلة الصلاة عليه إذا مات، يقصد بها الدعاء له، والله سبحانه يثيب هذا الداعي له عند قبره كما يثيب الداعي إذا صلى عليه وهو على سريره.
والثانية مقصودها أن يطلب منه الحوائج، أو يقسم على الله، أو يظن أن دعاء الله عند قبره أقرب إلى الإجابة، فهذا كله من البدع المنكرة باتفاق أئمة المسلمين، ولم يكن شيء من هذا على عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه والتابعين لهم بإحسان، بل كان المسلمون لما فتحوا أرض الشام والعراق وغيرهما إذا وجدوا قبرا يقصد الدعاء عنده غيبوه، كما وجدوا بتستر قبر دانيال فحفروا له بالنهار ثلاثة عشر قبرا ودفنوه بالليل في واحد منها، وكان مكشوفا وكان الكفار يستسقون به، فغيبه المسلمون لأن هذا من الشرك انظر الخبر وتعليقنا عليه 1/480 - 481
****************************** ****
وفي صحيح مسلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " «لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها» " (1) .، فنهى عن الصلاة إليها لما فيه من مشابهة المشركين الذين يسجدون لها، وفي السنن والمسند قال: " «الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام» " (2) . .
والسبب الذي من أجله نهي عن الصلاة في المقبرة في أصح قولي العلماء هو سد ذريعة الشرك، كما نهي عن الصلاة وقت طلوع الشمس ووقت غروبها فإنها تطلع بين قرني شيطان، والمشركون يسجدون لها حينئذ، فنهى عن قصد الصلاة في هذا الوقت لما في ذلك من المشابهة لهم في الصورة وإن اختلف القصد.
كذلك نهى عن الصلاة في المقبرة لله لما فيه من مشابهة من يتخذ القبور مساجد، وأن المصلى لله لا يقصد ذلك سدا للذريعة. فأما إذا قصد ليصلي هناك ليدعو (3) . عند القبور ظنا أن هذا الدعاء هناك أجوب، فهذا ضلال بإجماع المسلمين، وهو مما حرمه الله ورسوله.
وأبلغ من ذلك أن يدعى ويقسم على الله بالميت، وأبلغ من ذلك أن
**_________
(1) ذكر ابن تيمية الحديث من قبل 1/477 (ت [0 - 9] ) ، وذكرت هناك أنه في مسلم 2/668 (كتاب الجنائز ; باب النهي عن الجلوس على القبر والصلاة إليه) وهو مروي عن أبي مرثد الغنوي رضي الله عنه
(2) الحديث مروي عن أبي سعيد الخدري في: سنن أبي داود 1/192 (كتاب الصلاة، باب المواضع التي لا تجوز فيها الصلاة) ; سنن الترمذي 1/199 - 200 (أبواب الصلاة، باب ما جاء أن الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام) ; سنن ابن ماجه 1/246 (كتاب المساجد والجماعات، باب المواضع التي تكره فيها الصلاة) ; المسند (ط. الحلبي) 3/83
(3) رسمت في الأصل: ليدعا
****************************** **
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (143)
صـ 440 إلى صـ 446
يسأل الله به ونحو ذلك، وأبلغ من ذلك أن يسافر إليه من مكان بعيد لهذا القصد، أو ينذر له أو لمن عنده دهن أو شمع أو ذهب أو فضة أو قناديل أو ستور، فهذا كله من نذور أهل الشرك ولا يجوز مثل هذا النذر باتفاق المسلمين ولا الوفاء به، كما ثبت في صحيح البخاري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " «من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه» " (1) . .
ولا يجوز أن ينذر أحد إلا طاعة، ولا يجوز أن ينذرها إلا لله، فمن نذر لغير الله فهو مشرك، كمن صام لغير الله وسجد لغير الله، ومن حج إلى قبر من القبور فهو مشرك، بل لو سافر إلى مسجد لله غير المساجد الثلاثة ليعبد الله فيها كان عاصيا لله ورسوله، فكيف إذا سافر إلى غير الثلاثة ليشرك بالله! وفي الصحيحين من حديث أبي سعيد وأبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " «لا تشدوا الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا» " (2)) . .
**_________
(1) الحديث مروي عن عائشة رضي الله عنها في: البخاري 8/142 (كتاب الأيمان والنذور، باب النذر في الطاعة، باب النذر فيما لا يملك ولا في معصية) ; سنن أبي داود 3/315 (كتاب الأيمان والنذور، باب ما جاء في النذر في المعصية) ; سنن النسائي 7/16 (كتاب الأيمان والنذور، باب النذر في الطاعة، باب النذر في المعصية) ; سنن ابن ماجه 1/687 (كتاب الكفارات، باب النذر في المعصية) ; الموطأ 2/476 (كتاب النذور، باب ما لا يجوز من النذور في معصية الله) ; المسند (ط. الحلبي) 6/36، 41، 224
(2) الحديث عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما في: البخاري 2/60 (كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، الباب الأول) ، 3/19 (كتاب جزاء الصيد، باب حج النساء) ; مسلم 2/975 - 976 (كتاب الحج، باب سفر المرأة مع محرم، 2/1014 - 1015 (كتاب الحج، باب لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد) ; المسند (ط. المعارف) ج [0 - 9] 2 رقما: 7191، 7248، ومواضع أخرى فيه ; سنن أبي داود 2/291 (كتاب المناسك باب في إتيان المدينة) ; سنن الترمذي 1/205 (كتاب الصلاة، باب ما جاء في أي المساجد أفضل) ; سنن النسائي 2/31 (كتاب المساجد، باب ما تشد الرحال إليه من المساجد
****************************** ********
ولهذا قال غير واحد من العلماء: إن السفر لزيارة المشاهد سفر معصية، ومن لم يجوز القصر في سفر المعصية منهم من لم يجوزه، لا سيما إذا سمي ذلك حجا وصنفت فيه مصنفات وسميت مناسك حج المشاهد. ومن هؤلاء من يفضل قصد المشاهد وحجها والسفر إليها على حج بيت الله الحرام الذي فرض الله حجه على الناس.
وهذا أمر قد وقع فيه الغلاة في المشايخ والأئمة المنتسبين إلى السنة وإلى الشيعة، حتى إن الواحد من هؤلاء في بيته يصلي لله الصلاة المفروضة بقلب غافل لاه، ويقرأ القرآن بلا تدبر ولا خشوع، وإذا زار قبر من يغلو فيه بكى وخشع، واستكان وتضرع، وانتحب ودمع، كما يقع إذا سمع المكاء والتصدية الذي كان للمشركين عند البيت.
وكثير من هؤلاء لا يحج لأجل ما أمر الله به ورسوله من حج البيت العتيق، بل لقصد زيارة النبي - صلى الله عليه وسلم - كما يزور شيوخه وأئمته، ونحو ذلك.
والأحاديث المأثورة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في زيارة قبره، كلها ضعيفة بل موضوعة، فلم يخرج أهل الصحيحين والسنن المشهورة شيئا منها، ولا استدل بشيء منها أحد من أئمة المسلمين، وإنما اعتمدوا على ما رواه أبو داود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " «ما من رجل
****************************** ******
يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام» " (1) . .
وقد ذكر ابن عبد البر هذا عاما مرفوعا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وبينه فقال: " «ما من رجل يمر بقبر الرجل كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا رد الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام» " (2) . .
وفي النسائي وغيره عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن الله وكل بقبري ملائكة تبلغني عن أمتي السلام» " (3)) . .
وفي السنن سنن أبي داود وغيره - عن أوس الثقفي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " «أكثروا علي من الصلاة يوم الجمعة وليلة الجمعة فإن صلاتكم معروضة
**_________
(1) الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه في: سنن أبي داود 2/293 (كتاب المناسك، باب زيارة القبور) ; المسند (ط. الحلبي) 2/527
(2) وجدت في " المعجم الكبير " للسيوطي 1/718 حديثين بهذا المعنى: الأول: " ما من رجل يزور قبر حميد فيسلم عليه ويقعد عنده إلا رد عليه السلام وأنس به حتى يقوم من عنده " وقال السيوطي: " أبو الشيخ والديلمي عن أبي هريرة ". والثاني: " ما من رجل كان يمر بقبر كان يعرفه في الدنيا فسلم عليه إلا عرفه ورد عليه " قال السيوطي: " ابن عساكر في تاريخه، عن أبي هريرة ". وأورد ابن قيم الجوزية في كتاب " الروح " ص 4، ط. حيدر آباد 1383/1963 الحديث الذي ذكره ابن تيمية وقال إن عبد البر رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ثم نقل عن كتاب القبور لابن أبي الدنيا: " باب معرفة الموتى بزيادة الأحياء " عدة أحاديث وآثار بنفس المعنى، ولكنه لم يتكلم عن درجة هذه الأحاديث والآثار هل تصح أم لا، انظر كتاب " الروح " (ص [0 - 9]- 12)
(3) لم أجد الحديث بهذا النص ولكني وجدت حديثا مقاربا له في المعنى رواه النسائي وأحمد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ولفظه: " إن لله عز وجل ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني عن أمتي السلام ". انظر: سنن النسائي (بشرح السيوطي) 3/43 (كتاب السهو، باب السلام على النبي صلى الله عليه وسلم) ; المسند (ط. المعارف) 5/244 (رقم 3666، 6/114 - 115، 154 (رقما 4210، 4320) ; سنن الدارمي 2/317 (كتاب الرقاق، باب في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
****************************
علي " ; قالوا: كيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت؟ - أي قد صرت رميما - فقال: " إن الله حرم على الأرض أن تأكل لحوم الأنبياء» " (1) . .
فهذا المعروف عنه في السنن: هو الصلاة والسلام عليه كما أمر الله تعالى بذلك في كتابه بقوله: {ياأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} [سورة الأحزاب: 56] ، وقد ثبت في الصحيح أنه قال: " «من صلى علي مرة صلى الله عليه عشرا» " (2) .
لكن إذا صلى وسلم عليه من بعيد بلغ ذلك، وإذا سلم عليه من قريب سمع هو سلام المسلم عليه.
ولهذا كان الصحابة رضي الله عنهم إذا أتى أحدهم قبره سلم عليه وعلى صاحبيه، كما كان ابن عمر يقول: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبه، ولم يكن أحد منهم يقف يدعو لنفسه مستقبل القبر.
**_________
(1) الحديث مروي عن أوس بن أوس رضي الله عنه في: سنن أبي داود 1/378 (كتاب الصلاة، باب فضل يوم الجمعة وليلة الجمعة) ; المسند (ط. الحلبي) 4 ; سنن ابن ماجه 1/524 (كتاب الجنائز، باب ذكر وفاته ودفنه صلى الله عليه وسلم) ، وهو مروي بمعناه عن أبي الدرداء رضي الله عنه في نفس الصفحة السابقة، وعن شداد بن أوس رضى لله عنه 1/345 (كتاب إقامة الصلاة، باب في فضل الجمعة)
(2) الحديث رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه 1/306 (كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي) ولفظه " من صلى علي واحدة. . إلخ ; ورواه أحمد عنه في مسنده (ط. المعارف) 13/285، 286 (رقما: 7551، 7552) ولكن لفظه: " من صلى علي مرة واحدة كتب الله عز وجل له بها عشر حسنات ". قال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في تعليقه أن الحديث روي بلفظ " صلى الله عليه عشرا " عند مسلم وأبي داود والترمذي والنسائي وابن حبان. والحديث في: سنن أبي داود 2/117 (كتاب الوتر، باب في الاستغفار) وأورد أحمد في مسنده (ط. الحلبي) 3/102، 161 حديثا بنفس المعنى عن أنس بن مالك رضي الله عنه
****************************** *****
ولهذا اتفق الأئمة الأربعة وغيرهم على أنه إذا سلم عليه وأراد أن يدعو استقبل القبلة ودعا ولا يدعو مستقبل القبر. ثم قالت طائفة كأبي حنيفة: إذا سلم عليه يستقبل القبلة أيضا ويستدير القبر ويجعله عن يساره، وقال الأكثرون - مالك والشافعي وأحمد وغيرهم - بل عند السلام يستقبل القبر ويستدبر الكعبة، وأما عند الدعاء فإنما يدعو الله وحده كما يصلي لله وحده فيستقبل القبلة، كما يستقبل القبلة إذا دعا بعرفة والصفا والمروة وعند الجمرات.
وكره مالك بن أنس وغيره أن يقول القائل: زرت قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وذلك أن هذا اللفظ قد يراد به ما هو منهي عنه من الزيارة البدعية كالزيارة لطلب الحوائج منه، فكرهوا أن يتكلم بلفظ يتضمن شركا أحدثه الناس في هذا اللفظ من المعاني الفاسدة، وإن كان لفظ الزيارة إذا عني به الزيارة الشرعية لا بأس به. وذكر مالك أنه لم ير أحدا من السلف يقف عند قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو لنفسه وغير هذا من البدع، وقال: إنما يصلح آخر هذه الأمة ما أصلح أولها. ومالك قد أدرك التابعين بالمدينة وغيرها، وهم كانوا أعلم خلق الله إذ ذاك بما يجب من حق الله وحق رسوله.
فإذا كان هذا (1) في حق خير خلق الله، وأكرمهم على الله، وسيد ولد آدم، وصاحب لواء الحمد الذي آدم ومن دونه تحت لوائه يوم القيامة، وهو خطيب الأنبياء إذا وفدوا على ربهم، وإمام الأنبياء إذا اجتمعوا، وهو صاحب المقام المحمود يوم القيامة الذي يغبطه به الأولون والآخرون،
**_________
(1) يستطرد ابن تيمية في هذا الموضع ولكنه لا يذكر جوابا للشرط
****************************** **********
وهو خاتم النبيين وأفضل المرسلين، أرسله الله بأفضل شريعة إلى خير أمة أخرجت للناس، وأنزل عليه أفضل كتبه وجعله مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه، الذي هدى الله به الخلق وأخرجهم به من الظلمات إلى النور وهداهم به إلى صراط العزيز الحميد، وهو الذي فرق الله به بين الحق والباطل وبين الهدى والضلال والغي والرشاد وطريق الجنة وطريق النار، وهو الذي قسم الله به عباده إلى شقي وسعيد: فالسعيد من آمن به وأطاعه والشقي من كذبه وعصاه، وعلق به النجاة والسعادة فلا سبب ينجو به العبد من عذاب الله وينال السعادة في الدنيا والآخرة ممن بلغته دعوته وقامت عليه الحجة برسالته إلا من آمن به واتبع النور الذي أنزل معه.
قال تعالى: {ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون - الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون} [سورة الأعراف: 156، 157] .
وقد بين الله على لسانه ما يستحقه الله من الحقوق التي لا تصلح إلا لله وما يستحقه الرسول من الحقوق، فقال تعالى: {إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا - لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا} [سورة الفتح: 8، 9] ، فالإيمان بالله والرسول، والتعزير والتوقير
****************************** *********
للرسول، والتسبيح بكرة وأصيلا لله وحده ; قال تعالى: {ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون} [سورة النور: 52] ، فجعل الطاعة لله والرسول، والخشية والتقوى لله وحده.
وقال تعالى: {ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله إنا إلى الله راغبون} [سورة التوبة: 59] ، فجعل الإيتاء لله والرسول لأن المراد به الإيتاء الشرعي وهو ما أباحه الله على لسان رسوله بخلاف من آتاه الملك خلقا وقدرا ولم يطع الله ورسوله فيه، فإن ذلك مذموم مستحق للعقاب وإن كان قد آتاه الله ذلك خلقا وقدرا، وأما من رضي بما آتاه الله ورسوله فهو ممن رضي بما أحله الله ورسوله، ولم يطلب ما حرم عليه، كالذين قال الله فيهم: {ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون} ، ثم قال: {ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله} [سورة التوبة: 58، 59] ، ولم يقل: ورسوله، لأن الله وحده كاف عبده، كما قال الله تعالى: {أليس الله بكاف عبده} [سورة الزمر: 36] ، وقال: {الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل} [سورة آل عمران: 1173] ، ثم دعاهم إلى أن يقولوا: {سيؤتينا الله من فضله ورسوله} [سورة التوبة: 59] ، فذكر أن الرسول (يؤتيهم) (1) ، وأن ذلك من فضل الله وحده، لم يقل: من فضله وفضل رسوله، ثم ذكر قولهم: {إنا إلى الله راغبون} [سورة التوبة: 59] ، ولم
**_________
(1) ما بين القوسين زيادة يستقيم بها الكلام
****************************** ************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (144)
صـ 447 إلى صـ 453
يقل: ورسوله، كما قال في الآية الأخرى: {فإذا فرغت فانصب - وإلى ربك فارغب} [سورة الشرح: 7، 8] .
وأما ما في القرآن من ذكر عبادته وحده، ودعائه وحده، والاستعانة به وحده، والخوف منه وحده، فكثير كقوله: {ولا يخشون أحدا إلا الله} [سورة الأحزاب: 39] ، وقوله: {فإياي فارهبون} [سورة النحل: 51] ، و {وإياي فاتقون} [سورة البقرة: 175] ، وقوله: {فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين} [سورة آل عمران: 175] ، وكذلك قوله: {فلا تدع مع الله إلها آخر فتكون من المعذبين} [سورة الشعراء: 213] ، {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا} [سورة النساء: 36] .
وأما المحبة فهي لله ورسوله، والإرضاء لله والرسول، كقوله تعالى: {أحب إليكم من الله ورسوله} [سورة التوبة: 24] ، وقوله: {والله ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين} [سورة التوبة: 62] ، فالرسول علينا أن نحبه وعلينا أن نرضيه، بل قد ثبت عنه في الصحيح أنه قال: " «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين» " (1) . ; وكذلك الطاعة لله والرسول، قال تعالى: {من يطع الرسول فقد أطاع الله} [سورة النساء: 80] .
والعبادات بأسرها: الصلاة والسجود والطواف والدعاء والصدقة
**_________
(1) الحديث مروي عن أنس رضي الله عنه في: البخاري 1 (كتاب الإيمان، باب حب الرسول صلى الله عليه وسلم من الإيمان) ; مسلم 1/67 (كتاب الإيمان، باب وجوب محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم. .) ; المسند (ط. الحلبي) 3/177، 207، 275، 278 ; سنن ابن ماجه 1/26 (المقدمة، باب في الإيمان)
****************************** **
والنسك والذي لا يصلح إلا لله ولم يخص الله بقعة تفعل الصلاة فيها إلا المساجد: لا مقبرة ولا مشهدا ولا مغارة ولا مقام نبي ولا غير ذلك، ولا خص بقعة غير المساجد بالذكر والدعاء إلا مشاعر الحج: لا قبر نبي ولا صالح ولا مغارة ولا غير ذلك، ولا يقبل على وجه الأرض شيء عبادة لله إلا الحجر الأسود ولا يتمسح إلا به وبالركن اليماني، ولا يستلم الركنان الشاميان وهما من البيت فكيف غيرهما؟ وقد طاف ابن عباس ومعاوية، فجعل معاوية يستلم الأركان الأربعة، فقال ابن عباس رضي الله عنه: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «لم يستلم إلا الركنين اليمانيين» . فقال معاوية: ليس من البيت شيء مهجورا، فقال ابن عباس رضي الله عنه: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} ، فقال معاوية: صدقت (1) .، ورجع إلى قوله.
فالعبادات مبناها على أصلين: أحدهما: أن لا يعبد إلا الله وحده - لا نعبد من دونه شيئا: لا ملكا ولا نبيا ولا صالحا ولا شيئا من المخلوقات ; والثاني أن نعبده بما أمرنا به على لسان رسوله - لا نعبده ببدع لم يشرعها الله ورسوله.
والعبادات تتضمن كمال الحب وكمال الخضوع، فمن أحب شيئا من المخلوقات كما يحب الخالق فهو مشرك، قال الله تعالى: {ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله}
**_________
(1) ورد هذا الأثر بمعناه في مواضع كثيرة في المسند أقربها إلى ما ذكره ابن تيمية في 3/366 (رقم 1877) وقال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله: " إسناده صحيح. وروى الترمذي 2/92 معناه مختصرا بإسناد آخر عن ابن عباس. وانظر الأرقام: 2210، 3074، 3533
****************************** *
[سورة البقرة: 165] ، وفي الصحيحين «عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله أي الذنب أعظم؟ قال: " أن تجعل لله ندا وهو خلقك "، قلت: ثم أي؟ قال: " ثم أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك ". قلت: ثم أي؟ قال ثم أن تزاني بحليلة جارك ". فأنزل الله تصديق ذلك: {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون} » [سورة الفرقان: 68] (1) 87. .
والنبي - صلى الله عليه وسلم - قد أمر بالعبادة في المساجد وذكر فضل الصلاة في الجماعة ورغب في ذلك، ولم يأمر قط بقصد مكان لأجل نبي ولا صالح، بل نهى عن اتخاذها مساجد، فلا يجوز أن تقصد للصلاة فيها والدعاء وهذا كله لتحقيق التوحيد وإخلاص الدين لله، فقد «قال بعض الناس يا رسول الله ربنا قريب فنناجيه أو بعيد فنناديه؟ فأنزل الله تعالى: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون} » [سورة البقرة: 168] (2) . .
**_________
(1) الحديث - بألفاظ متقاربة - عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في: البخاري 6/18 (تفسير سورة البقرة، باب: فلا تجعلوا لله أندادا) ، 8/8 (كتاب الأدب، باب قتل الولد خشية أن يأكل معه) ، 8/164 (كتاب الحدود، باب إثم الزناة) ، 9/152 (كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: فلا تجعلوا لله أندادا) ; مسلم 1/90 - 91 (كتاب الإيمان، باب كون الشرك أقبح الذنوب) ; سنن الترمذي 5/17 - 18 (كتاب التفسير، تفسير سورة الفرقان) ; سنن أبي داود 2/394 (كتاب الطلاق، باب في تعظيم الزنا) ; سنن النسائي 7/82 - 83 (كتاب التحريم، باب ذكر أعظم الذنب) ; المسند (ط. المعارف) 5/217، 6، 86 -
(2) أورد ابن جرير الطبري في تفسيره هذا الحديث بروايتين، نعت الشيخ أحمد شاكر رحمه الله إحداهما بالانهيار والأخرى بالضعف. انظر تفسير الطبري (ط. المعارف) 3/480 - 481 (وانظر التعليقات)
****************************** ***
وفي الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد» " (1) .، وفي الصحيحين عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " «ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يستغفرني فأغفر له؟ من يسألني فأعطيه؟ حتى يطلع الفجر» " (2) . .
فالرسل صلوات الله عليهم وسلامه أمروا الناس بعبادة الله وحده لا شريك له وسؤاله ودعائه، ونهوا أن يدعى أحد من دون الله تعالى. وفي الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " «أحب البقاع إلى الله تعالى المساجد وأبغضها إلى الله تعالى الأسواق» " (3) .، يعني البقاع التي كانت تكون في مدينته ونحوها، ولم يكن بالمدينة لا حانة ولا كنيسة ولا موضع شرك وهذه المواضع شر من الأسواق.
وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " «شرار الناس الذين تدركهم الساعة وهم أحياء والذين يتخذون القبور مساجد» " ; هذا إذا بني المسجد
**_________
(1) الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه في: مسلم 1/350 (كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود) ; سنن النسائي (بشرح السيوطي) 2/180 (كتاب التطبيق، باب أقرب ما يكون العبد من الله عز وجل) ; سنن أبي داود 1/320 - 321 (كتاب الصلاة، باب في الدعاء في الركوع والسجود)
(2) سبق الكلام على حديث النزول 323 (ت 6)
(3) الحديث - مع اختلاف يسير في اللفظ - مروي عن أبي هريرة رضي الله عنه في: مسلم 1/464 (كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل الجلوس في مصلاه بعد الصبح، وفضل المساجد) . وفي السند (ط. الحلبي) 4/81 قطعة من الحديث بمعناه برواية جبير بن مطعم رضي الله عنه
****************************** *******
المسمى مشهدا على قبر صحيح، فكيف وكثير من هذه المشاهد المبنية على (قبور) (1) . الأنبياء والصالحين من الصحابة والقرابة وغيرهم كذب؟ وكثير منها مختلف فيه لا يتوثق فيه بنقل ينقل في ذلك مما يوجد بالشام والعراق وخراسان وغير ذلك، والسبب في خفائها وكثرة الخلاف فيها أن الله حفظ الدين الذي بعث به رسوله بقوله: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} [سورة الحجر: 9] ، واتخاذ هذه معابد ليس من الدين، فلهذا لم يحفظ هذه المقامات والمشاهد، بل مبني أمرهم على الجهل والضلال، وإنما يستند أهلها إلى منامات تكون من الشياطين أو إلى (أخبار إما) (2) . مكذوبة، وإما منقولة عمن ليس قوله حجة.
والشياطين تضل أهلها كما تضل عباد الأصنام، فتارة تكلمهم، وتارة تتراءى لهم، وتارة تقضي بعض حوائجهم، وتارة تصيح وتحرك السلاسل التي فيها القناديل وتطفئ القناديل، وتارة تفعل أمورا أخر كما تفعل عبادة الأوثان التي كانت للعرب، وهي اليوم تفعل مثل ذلك في أوثان الترك والصين والسودان وغيرهم فيظنون أن ذلك هو الميت أو ملك صور على صورته، وإنما هو شيطان أضلهم بالشرك، كما يجري ذلك لعباد الأصنام المصورة على صورة الآدميين، وهذا باب واسع ليس هذا موضع استقصائه] (3) . .
**_________
(1) قبور: ليست في الأصل، وإثباتها يقتضيه سياق الكلام
(2) بعد عبارة " أو إلى " توجد إشارة إلى الهامش ولكن لم تظهر الكلمات الساقطة في المصورة، ورجحت أن تكون هي ما أثبته بين القوسين
(3) هنا ينتهي السقط الطويل في (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) ، وقد بدأ في ص 409
*****************************
**[التعليق على قوله أن الأئمة معصومون كالأنبياء]
فصل
وأما قوله (1) .: " وأن (2) . الأئمة معصومون كالأنبياء في ذلك " (3) . .
فهذه خاصة الرافضة الإمامية التي لم يشركهم فيها أحد - لا الزيدية الشيعة ولا (4 سائر طوائف المسلمين - إلا من هو شر منهم كالإسماعيلية الذين يقولون بعصمة بني عبيد: 4) (4) . المنتسبين إلى محمد بن إسماعيل بن جعفر، القائلين بأن الإمامة بعد جعفر [في محمد بن إسماعيل] (5) . دون موسى بن جعفر، وأولئك ملاحدة [منافقون] (6) . .
والإمامية الاثنا عشرية (7) . خير منهم بكثير، فإن الإمامية مع [فرط] (8) . جهلهم وضلالهم فيهم خلق مسلمون باطنا وظاهرا ليسوا زنادقة منافقين، لكنهم جهلوا وضلوا واتبعوا أهواءهم، وأما أولئك فأئمتهم الكبار (9) . العارفون بحقيقة دعوتهم (10) . الباطنية (11) . زنادقة منافقون، وأما
**_________
(1) الكلام التالي في " منهاج الكرامة " (ك) 1/82 (م) . وسبق وروده في هذا الجزء، ص [0 - 9] 9
(2) ن، م، ع: إن
(3) ك: وأن الأئمة عليهم السلام معصومون كالأنبياء عليهم السلام لما تقدم في ذلك، وانظر ما سبق ص 99
(4) (4 - 4) ساقطة من (م) فقط
(5) في محمد بن إسماعيل: ساقط من (ن) وفي (م) سقطت عبارة " محمد بن ". وكتب نعمان الفقير في هامش (أ) تعريفا بإسماعيل وبموضع دفنه ولكن لم تظهر إلا كلمات من التعليق
(6) منافقون: ساقطة من (ن) ، (م)
(7) ن، م: والإمامية الأشعرية، وهو خطأ ظاهر
(8) فرط: ساقطة من (ن) ، (م)
(9) ن، م: الكفار
(10) ب، أ: دعواهم
(11) ع: الباطلة
*****************************
عوامهم الذين لم يعرفوا باطن أمرهم فقد يكونون (1) . مسلمين.
وأما المسائل المتقدمة فقد شرك غير الإمامية فيها بعض الطوائف، إلا (2) . غلوهم في عصمة الأنبياء فلم يوافقهم عليه أحد أيضا، حيث ادعوا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يسهو، فإن هذا لا يوافقهم عليه أحد فيما علمت (3) ".، اللهم إلا أن يكون من غلاة جهال النساك، فإن بينهم وبين الرافضة قدرا مشتركا في الغلو وفي الجهل والانقياد لما لا يعلم صحته، والطائفتان تشبهان النصارى في ذلك. [وقد يقرب (4) . إليهم بعض المصنفين في الفقه (5) . من الغلاة في مسألة العصمة] (6) . .
والكلام في أن هؤلاء أئمة فرض الله الإيمان بهم (7) . وتلقي الدين منهم دون غيرهم، [ثم] (8) . في عصمتهم عن الخطأ، فإن كلا من هذين (9) . القولين مما (10) . لا يقوله إلا مفرط في الجهل أو مفرط في اتباع الهوى أو في كليهما (11) .، فمن عرف دين الإسلام وعرف حال هؤلاء، كان عالما
**_________
(1) ع، أ، ن، م: فقد يكونوا، وهو خطأ
(2) ن، م: إلى ; وهو تحريف
(3) ب، ن، م: فإن هذا لا أعلم أحدا يوافقهم عليه ; وفي (أ) سقطت كلمة " عليه
(4) ب، أ: تقرب
(5) في الفقه: ساقطة من (ن) ، (م)
(6) ما بين المعقوفتين ساقطة من (ن) ، (م)
(7) ن: فرض الله الإيمان عليهم ; م: فرض الله عليهم الإيمان، وكلاهما خطأ
(8) ثم: ساقطة من (ن) ، (م)
(9) ع: فإن كلام هذين
(10) مما: ساقطة من (ب) ، (أ)
(11) ن، م، ع: في كلاهما
****************************** **
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (145)
صـ 454 إلى صـ 460
بالاضطرار من دين محمد - صلى الله عليه وسلم - بطلان هذا القول، لكن الجهل لا حد له، وهو هنا لم يذكر حجة غير حكاية المذهب فأخرنا الرد إلى موضعه.
**[الرد على قوله وأخذوا أحكامهم الفروعية عن الأئمة المعصومين]
وأما قوله (1) .: " وأخذوا أحكامهم (2) . الفروعية عن الأئمة المعصومين، الناقلين عن جدهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (3) . ". . . إلى آخره.
فيقال: أولا: القوم المذكورون إنما كانوا يتعلمون حديث جدهم (4) . من العلماء به كما يتعلم سائر المسلمين، وهذا متواتر عنهم. فعلي بن الحسين (5) . يروي تارة عن أبان بن عثمان بن عفان (6) . عن (7) : أسامة بن زيد قول ب (8) . النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم» " رواه البخاري ومسلم في [الصحيحين (9) .، وسمع من أبي هريرة
**_________
(1) الكلام التالي في (ك) 1/83 (م) ، وسبق وروده في هذا الجزء، ص [0 - 9] 9
(2) ك: الأحكام
(3) ك: صلى الله عليه وآله
(4) ب: يتعلمون الحديث ; أ: يتعلمون حديث (وسقطت كلمة: جدهم)
(5) سبقت ترجمته 2/83 (ت [0 - 9] )
(6) أبان بن عثمان بن عفان، أبو سعيد، المتوفى سنة 151. قال ابن سعد: " روى أبان عن أبيه، وكان ثقة وله أحاديث ". ترجمته في: طبقات ابن سعد 5/151 - 153 ; الجرح والتعديل، ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص [0 - 9] 95 ; تهذيب الأسماء واللغات للنووي، ق [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 7 ; الخلاصة للخزرجي، ص [0 - 9] 3
(7) ن، م: وعن، وهو تحريف
(8) ، ا: مولى
(9) الحديث رواه عن أسامة بن زيد رضي الله عنه البخاري في ثلاثة مواضع: 2/147 - 148 (كتاب الحج، باب توريث دور مكة) ، 5/147 (كتاب المغازي، باب أين ركز النبي - صلى الله عليه وسلم - الراية يوم الفتح) ، 8/156 (كتاب الفرائض، باب لا يرث الكافر المسلم) . وهو مروي أيضا في مسلم 3/1233 (أول كتاب الفرائض) . وفي سند الحديث في هذه المواضع جميعا: عن علي بن الحسين عن عمرو بن عثمان عن أسامة بن زيد. وعمرو بن عثمان هو شقيق أبان، وانظر طبقات ابن سعد 5/150 - 151. والحديث في سنن أبي داود 3/286 - 287 (كتاب الفرائض، باب 14) ; سنن ابن ماجه 2/911 - 912 (كتاب الفرائض: باب ميراث أهل الإسلام من أهل الكفر)
*****************************
قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " «من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكل عضو منها عضوا من النار حتى فرجه بفرجه» " أخرجاه في الصحيحين (1) . .
ويروى عن ابن عباس رضي الله عنه عن رجال من الأنصار: " «رمي بنجم فاستنار» " رواه مسلم (2) .] (3) . .
**_________
(1) الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه في: البخاري 3/144 (كتاب العتق، باب ما جاء في العتق وفضله) ; مسلم 2/1147 - 1148 (كتاب العتق، باب فضل العتق) . وقد جاء الحديث بمعناه في مسلم من أربع طرق كلها عن أبي هريرة رضي الله عنه، وفي سند أقربها إلى الرواية التي ذكرها ابن تيمية:. . عن زيد بن أسلم عن علي بن حسين عن سعيد بن مرجانة عن أبي هريرة. وفي الرواية التي اتفق عليها الشيخان سمع سعيد بن مرجانة الحديث عن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويقول بعدها " فانطلقت إلى علي بن حسين فعمد علي بن حسين رضي الله عنهما إلى عبد له أعطاه به عبد الله بن جعفر عشرة آلاف درهم أو ألف دينار فأعتقه " ; والحديث في: سنن الترمذي 3/49 (كتاب النذور، باب في ثواب من أعتق رقبة) . والحديث بمعناه عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه في: سنن أبي داود 4/39 (كتاب العتق، باب في ثواب العتق)
(2) الحديث في: مسلم 4/1750 - 1751 (كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان) ونصه: ". . عن ابن شهاب حدثني علي بن حسين أن عبد الله بن عباس قال: أخبرني رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأنصار أنهم بينما هم جلوس ليلة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رمي بنجم فاستنار فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " ماذا كنتم تقولون في الجاهلية إذا رمي بمثل هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، كنا نقول: ولد الليلة رجل عظيم ومات رجل عظيم. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فإنها لا يرمى بها لموت أحد ولا لحياته. . الحديث "، ورواه أحمد بمعناه في مسنده (ط. المعارف) 3/268 - 269 (رقم 1882، وانظر التعليق) ; والترمذي في سننه 5/40 - 41 (كتاب التفسير، سورة سبأ)
(3) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط
****************************** *****
وأبو جعفر محمد بن علي يروي عن جابر بن عبد الله حديث مناسك الحج الطويل، وهو أحسن ما روي في هذا الباب، ومن هذه الطريق رواه مسلم في صحيحه من حديث جعفر بن محمد [عن أبيه: (1) . عن جابر (2) ". .
وأما ثانيا (3) .: فليس في هؤلاء من أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو مميز إلا علي رضي الله عنه (4) .، وهو الثقة الصدوق (5) . فيما يخبر به عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما أن أمثاله من الصحابة ثقات صادقون فيما يخبرون به أيضا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -[ولله الحمد] (6) . - من أصدق الناس حديثا عنه، لا يعرف فيهم من تعمد عليه كذبا، مع أنه كان يقع من أحدهم من الهنات ما يقع ولهم ذنوب وليسوا معصومين، ومع هذا فقد جرب (7) .
**_________
(1) عن أبيه: ساقطة من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م)
(2) بعد كلمة جابر في (ب) ، عبارة: ويروى أيضا. وفي (ن) . وروي أيضا. والعبارات زائدة ولعلها سهو من النساخ. وحديث مناسك الحج الطويل الذي يذكره ابن تيمية رواه مسلم 2/886 - 893 (كتاب الحج، باب حجة النبي - صلى الله عليه وسلم -) ، وفي الحديث (ص [0 - 9] 86) : ". . حدثنا حاتم بن إسماعيل المدني عن محمد عن أبيه قال دخلنا على جابر بن عبد الله فسأل عن القوم حتى انتهى إلي فقلت: أنا محمد بن علي بن حسين فأهوى بيده إلى رأسي فنزع زري الأعلى ثم نزع زري الأسفل ثم وضع كفه بين ثديي وأنا يومئذ غلام شاب فقال: مرحبا بك يا ابن أخي سل عما شئت، فسألته وهو أعمى. . الحديث
(3) ب، ا: وأما ثالثا، وهو خطأ. وقبل هذه العبارة توجد عبارة " ويروى أيضا " في (أ) ، (ب) ، (ن) ، (م) . وبعدها يوجد بياض في (أ) ، (ب)
(4) إلا علي رضي الله عنه: ساقط من (ب) ، (أ)
(5) ن: وهو الثقة العبد، وهو تحريف
(6) ولله الحمد: ساقطة من (ن) ، (م) وفي (ع) : فلله الحمد
(7) ن: حرف، وهو تحريف
****************************** *****
أصحاب النقد (1) . والامتحان أحاديثهم واعتبروها بما تعتبر به (2) . الأحاديث، فلم يوجد عن أحد منهم تعمد كذبة، بخلاف القرن الثاني فإنه كان في أهل الكوفة جماعة يتعمدون الكذب.
ولهذا كان الصحابة كلهم ثقات باتفاق أهل العلم بالحديث والفقه، حتى الذين كانوا ينفرون ب (فقط) : ينقرون، وهو تحريف. عن معاوية [رضي الله عنه] (3) . إذا حدثهم على منبر المدينة يقولون: وكان لا يتهم في الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ابن حجر في ترجمة معاوية في الإصابة 3/413: " روى عنه من الصحابة ابن عباس وجرير البجلي ومعاوية بن خديج والسائب بن زيد وعبد الله بن زبير والنعمان بن بشير وغيرهم ". -، وحتى بسر بن أبي أرطاة (4) . مع ما عرف منه: روى حديثين رواهما أبو داود وغيره (5) .، لأنهم معروفون بالصدق
**_________
(1) ب، ا: النقر، وهو تحريف
(2) به: ساقطة من (ب) ، (أ)
(3) رضي الله عنه: زيادة في (أ) ، (ب)
(4) ع، ن، م: بشر بن أبي أرطاة، وهو خطأ. وهو عمير بن عويمر بن عمران، اختلف في سماعه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، كان من قواد معاوية رضي الله عنه ومن ولاته على البصرة وعلى اليمن وقد أمره معاوية أن ينظر من كان في طاعة علي باليمن والحجاز فيوقع بهم، ففعل ذلك وقيل: إنه بطش بأهل اليمن وعسفهم. وتوفي بسر على الأرجح سنة 86 بعد أن اختلط عقله. انظر ترجمته في: الإصابة 1/152 ; الاستيعاب 1/161 - 171 ; الجرح والتعديل ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص [0 - 9] 22، 423 ; طبقات ابن سعد 7/409 ; الخلاصة للخزرجي ص [0 - 9] 0 ; الأعلام 1/23 - 24
(5) روى أبو داود في السنن 4/200 (كتاب الحدود، باب في الرجل يسرق في الغزو أيقطع؟) : عن جنادة أبي أمية قال: كنا مع بسر بن أرطاة في البحر، فأتي بسارق يقال له مصدر قد سرق بختية، فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " لا تقطع الأيدي في السفر " ولولا ذلك لقطعته. والحديث في: سنن الترمذي 3/5 (كتاب الحدود، باب ما جاء أن لا تقطع الأيدي في الغزو) وقال الترمذي: " هذا حديث غريب، وقد رواه غير ابن لهيعة بهذا الإسناد نحو هذا ". والحديث عن بسر في: سنن (النسائي 8/84 (كتاب قطع السارق، باب القطع في السفر) ولفظه: " لا تقطع الأيدي في السفر ". وصحح الألباني الحديث في " صحيح الجامع الصغير " 6/168. وروى هذا الحديث أحمد في مسنده (ط. الحلبي) 4/181. وفي ذخائر المواريث أنه روي في سنن الترمذي في كتاب الحدود وفي سنن النسائي في كتاب قطع السارق. وروى أحمد في مسنده في الموضع السابق حديثا آخر عن بسر: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو: " اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة ". وذكر ابن حجر في " الإصابة " في ترجمة بسر أنه مروي في صحيح ابن حبان وكذا ذكر النبهاني في " الفتح الكبير " وأضاف أن الحاكم رواه في المستدرك
****************************** *******
عن (1) . النبي - صلى الله عليه وسلم -، [وكان هذا] (2) . حفظا من الله لهذا الدين، ولم يتعمد أحد (3) . الكذب على النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا هتك الله ستره وكشف أمره، ولهذا كان (4) . يقال: لو هم رجل بالسحر أن يكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصبح والناس (5) . يقولون: [فلان] (6) . كذاب.
وقد كان التابعون بالمدينة ومكة والشام والبصرة لا يكاد (7) . يعرف فيهم
**_________
(1) ب، ا، ن، م: على
(2) وكان هذا: في (ع) ، فقط
(3) ب، ا: واحد
(4) كان: ساقطة من (ب) فقط
(5) ب، ا: الناس
(6) فلان: ساقطة من (ن) ، (م)
(7) ع: لا يكادون
****************************** ****
كذاب، لكن الغلط لم يسلم منه [بشر] (1) .، ولهذا يقال: فيمن يضعف منهم ومن أمثالهم: تكلم فيه بعض (2) . أهل العلم من قبل حفظه، أي من جهة سوء حفظه فيغلط (3) . فينسى، لا من جهة تعمده للكذب.
وأما الحسن والحسين فمات النبي - صلى الله عليه وسلم - وهما صغيران في سن التمييز، فروايتهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قليلة.
وأما سائر الاثني عشر فلم يدركوا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقول القائل (4) .: إنهم نقلوا عن جدهم، إن أراد بذلك أنه أوحي إليهم ما قاله (5) . جدهم فهذه نبوة، كما كان يوحى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ما قاله غيره من الأنبياء.
وإن أراد أنهم سمعوا ذلك من غيرهم، فيمكن أن يسمع من ذلك الغير الذي سمعوه منهم (6) .، سواء كان ذلك من بني هاشم أو غيرهم، فأي مزية لهم في النقل عن جدهم إلا بكمال العناية والاهتمام؟ فإنه كل من كان أعظم اهتماما وعناية بأحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - وتلقيها من مظانها كان أعلم بها.
وليس هذا (7) . من خصائص هؤلاء، بل في غيرهم من هو أعلم بالسنة
**_________
(1) بشر: ساقطة من (ن)
(2) بعض: ساقطة من (ب) ، (أ)
(3) فيغلط: ساقطة من (ب) ، (أ)
(4) ب (فقط) : النبي، وهو خطأ
(5) ب، ا، ن، م: قال
(6) ن، م، ع: منه
(7) هذا: ساقطة من (ب) فقط
***********************
من أكثرهم، [كما يوجد في كل عصر كثير (1) . من غير بني هاشم أعلم بالسنة من أكثر بني هاشم] (2) .، فالزهري (3) . أعلم بأحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - وأحواله وأقواله [وأفعاله] (4) . باتفاق أهل العلم من أبي جعفر محمد بن علي (5) . وكان معاصرا له.
وأما موسى بن جعفر (6) . وعلي بن موسى (7)) . ومحمد بن
**_________
(1) كثير: ساقطة من (ب) ، (أ)
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م)
(3) أبو بكر محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري، سبقت ترجمته 1/560. وانظر عنه أيضا: وفيات الأعيان 3/317 - 319 ; تذكرة الحفاظ 1/108 - 113 ; الأعلام 7/317
(4) وأفعاله: ساقطة من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م)
(5) أبو جعفر (الباقر) محمد بن علي (زين العابدين) بن الحسين بن علي بن أبي طالب، سبقت ترجمته 1/507 (ت [0 - 9] ) . وانظر عنه أيضا: طبقات ابن سعد 5/320 - 324 ; تذكرة الحفاظ 1/124 - 125 ; وفيات الأعيان 3/314 ; تاريخ اليعقوبي (ط. بيروت) 2/320 - 321 ; الأعلام 7/153. وسيتكلم ابن تيمية عنه بالتفصيل فيما يلي 2/123 - 124 (ب)
(6) أبو الحسن موسى (الكاظم) بن جعفر (الصادق) بن محمد (الباقر) ، ولد سنة 128 وتوفي سنة 183. قال أبو حاتم: ثقة صدوق إمام من أئمة المسلمين. وقال غيره: كان صالحا عابدا جوادا حليما كبير القدر. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 4/373 - 395 ; الجرح والتعديل ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص [0 - 9] 39 ; العبر للذهبي 1/287 ; تاريخ اليعقوبي 2/414 - 415 ; الخلاصة للخزرجي، ص [0 - 9] 34 ; الأعلام 8/270. وسيتكلم عنه ابن تيمية فيما يلي 1/124 - 125 (ب)
(7) أبو الحسن علي (الرضا) بن موسى (الكاظم) ، ولد سنة 153 وتوفي سنة 203 وقيل سنة 202، زوجه المأمون ابنته وجعله ولي عهده ولكنه مات في حياة المأمون، انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 2/432 - 434 ; تاريخ الطبري 7/150 ; تاريخ اليعقوبي، 2/453 ; العبر للذهبي 1/340 ; الأعلام 5/178. وسيتكلم ابن تيمية عنه فيما بعد 2/125 - 126 (ب
****************************** ***
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (146)
صـ 461 إلى صـ 467
علي (1) . فلا يستريب من له من العلم نصيب أن مالك بن أنس وحماد بن زيد (2) . حماد بن سلمة (3)
**[الرد على قوله إن الإمامية يتناقلون ذلك عن الثقات]
وأما قوله (4) : " إن الإمامية يتناقلون ذلك [عن الثقات] (5) خلفا عن سلف إلى أن تتصل الرواية بأحد المعصومين ".
فيقال: أولا: إن كان هذا صحيحا فالنقل عن المعصوم الواحد يغني [عن] (6) غيره، فلا حاجة في كل زمان إلى معصوم.
وأيضا، فإذا كان النقل موجودا، فأي فائدة في هذا المنتظر الذي لا ينقل عنه شيء؟ إن كان النقل عن أولئك كافيا فلا حاجة إليه، وإن لم يكن كافيا لم يكن ما نقل عنهم كافيا للمقتدى بهم.
ويقال ثانيا: متى ثبت (7) النقل عن (8) أحد هؤلاء كان غايته (9) أن يكون كما لو سمع منه، وحينئذ فله حكم أمثاله.
**_________
(1) أبو جعفر محمد (الجواد) بن علي (الرضا) ، ولد سنة 195 وتوفي سنة 320 كان رفيع القدر ذكيا. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 3/315 ; العبر للذهبي 1/380 - 381 ; شذرات الذهب 2/48 ; تاريخ بغداد 3/54 - 55. وسيتكلم عنه ابن تيمية في هذا الكتاب 2/127 - 128 (ب)
(2) حماد بن زيد: ساقطة من (م) ; وسبقت ترجمته 2/144 (ت [0 - 9] )
(3) ب، ا: حماد بن مسلمة، وهو خطأ. وحماد بن سلمة بن دينار البصري، أبو سلمة شيخ الإسلام ومفتي البصرة النحوي المحدث، توفي سنة 167 وقد قارب الثمانين. انظر ترجمته في: تذكرة الحفاظ 1/202 - 203 ; تهذيب التهذيب 3/11 - 16 ; ميزان الاعتدال 1/277 - 279 ; الأعلام 2
(4) الكلام التالي سبق وروده في (ك) 1/83 (م) ، وفيما سبق 2/99.
(5) جملة " عن الثقات " ساقطة من النسخ الخمسة، وجاءت في الموضعين المذكورين في التعليق السابق.
(6) عن: ساقطة من (ن) فقط.
(7) ب: متى يثبت ; أ: حتى يثبت.
(8) ع: عند.
(9) ن، م: عليه
****************************** *
ويقال ثالثا: الكذب على هؤلاء في الرافضة أعظم الأمور، لاسيما على جعفر بن محمد الصادق، فإنه ما كذب على أحد ما (1) كذب عليه، حتى نسبوا إليه كتاب " الجفر " و " البطاقة " [و " الهفت "] (2) و " اختلاج الأعضاء " [و " جدول الهلال "] (3) و " أحكام الرعود (4) والبروق " و " منافع سور القرآن " (5) [و " قراءة القرآن في المنام "] (6) .
**_________
(1) م: مثلما.
(2) والهفت: ساقطة من (ن) .
(3) وجدول الهلال: في (ع) فقط.
(4) ن: الوعود.
(5) ومنافع سور القرآن: ساقط من (ب) ، (أ) .
(6) وقراءة القرآن في المنام: في (ع) فقط. وقد نسبت إلى جعفر الصادق عدة كتب موضوعها العلوم الباطنية الخفية التي يزعم الشيعة أن أئمتهم اختصوا بها، ومن أشهر هذه الكتب كتاب " الجفر " وقد نسب أحيانا إلى علي رضي الله عنه (انظر بروكلمان 1/182 حيث يتكلم عن كتاب لعلي رضي الله عنه بعنوان " الجفر، تنبؤا بالأحداث إلى نهاية العالم ") . ونسب أحيانا أخرى إلى جعفر الصادق (انظر بروكلمان 1/260، ويذكر بروكلمان أيضا في نفس الصفحة أن من كتبه كتاب " اختلاج الأعضاء " وكتاب " منافع سور القرآن ") . ويذكر ابن خلدون في مقدمته 2/766 - 767 (ط. علي عبد الواحد وافي، 1378/1958) أن كتاب الجفر من الكتب التي تبين ما يطرأ على الدول من أحداث عن طريق الآثار والنجوم، ويقول: إن هارون بن سعيد العجلي روى هذا الكتاب عن جعفر الصادق وفيه علم ما سيقع لأهل البيت على العموم ولبعض الأشخاص منهم على الخصوص، وكان مكتوبا عند جعفر في جلد ثور صغير، ولذلك سماه هارون باسم الجلد الذي كتب عليه، وكان فيه تفسير القرآن وما في باطنه من غرائب المعاني المروية عن جعفر. على أن ابن خلدون يقول بعد ذلك: " وهذا الكتاب لم تتصل روايته ولا عرف عينه، وإنما يظهر منه شواذ من الكلمات لا يصحبها دليل ". وينقل الأستاذ الشيخ محمد أبو زهرة في كتابه: الإمام الصادق، ص [0 - 9] 4 (ط. دار الفكر العربي) عن كتاب " الكافي " للكليني " أن الجفر فيه توراة موسى وإنجيل عيسى وعلوم الأنبياء والأوصياء، ومن مضى من علماء بني إسرائيل، وعلم الحلال والحرام، وعلم ما كان وما يكون. ثم يذكر أن الجفر قسمان: أحدهما كتب على إهاب ماعز، والآخر كتب على إهاب كبش ". وانظر: الكافي للكليني 1/238 - 242، ط. طهران، 1381. وانظر عن الجفر وسائر كتب الشيعة الباطنية: دائرة المعارف الإسلامية، مادة " الجفر " بقلم ماكدونالد، مادة " جعفر بن محمد الصادق " بقلم سترشتين ; جولدتسيهر: العقيدة والشريعة في الإسلام (الطبعة الثانية) ، ص 211 - 212 - 371 - 372 ; محمد أبو زهرة: الإمام الصادق، ص [0 - 9] 3 - 37. وقارن: التهانوي: كشاف اصطلاحات الفنون، مادة " الجفر "
****************************** *******
[وما يذكر عنه من " حقائق التفسير " (1) التي ذكر كثيرا منها أبو عبد الرحمن السلمي] (2) وصارت هذه مكاسب للطرقية (3) وأمثالهم، حتى زعم بعضهم أن كتاب (4) " رسائل إخوان الصفا " من كلامه، مع علم كل عاقل يفهمها ويعرف الإسلام (5) أنها تناقض دين الإسلام.
وأيضا، فهي إنما صنفت بعد موت جعفر بن محمد (6) بنحو مائتي سنة (7) ، فإن جعفر بن محمد توفي سنة ثمان وأربعين ومائة، وهذه
**_________
(1) ب (فقط) : التعسير، وهو تحريف ظاهر.
(2) ما بين المعقوفتين: ساقط من (ن) ، (م) . وأبو عبد الرحمن محمد بن الحسين بن محمد السلمي، ولد سنة 325 وتوفي سنة 412. قال الذهبي: " شيخ الصوفية وصاحب تاريخهم وطبقاتهم وتفسيرهم. قيل: كان يضع الأحاديث للصوفية "، وتوجد من كتابه ذ " حقائق التفسير " أكثر من نسخة خطية. انظر: مقدمة نور الدين شريبة لكتاب " طبقات الصوفية " للسلمي (ط. المنياوي، 1372/1953) ; ميزان الاعتدال 3/46 - 47 ; تاريخ بغداد 2/248 - 249 ; اللباب لابن الأثير 1/554 ; لسان الميزان 5/140 - 141 ; الأعلام 6/330.
(3) ن، م: مكاسب الطرفية، وهو تحريف.
(4) ن: كانت، م: كاتب.
(5) ب، ا: المسلم.
(6) ب (فقط) : جعفر بن محمد رضي الله عنه.
(7) ب، ا: مائة سنة، وهو خطأ
*****************************
وضعت (1) في أثناء المائة الرابعة لما ظهرت الدولة العبيدية بمصر وبنوا القاهرة، فصنفت على مذهب أولئك الإسماعيلية، كما يدل على ذلك ما فيها، وقد ذكروا فيها ما جرى على المسلمين من استيلاء النصارى على سواحل الشام، وهذا إنما كان بعد المائة الثالثة، [وقد عرف الذين صنفوها مثل زيد بن رفاعة وأبي سليمان (2) بن معشر البستي المعروف بالمقدسي وأبي الحسن علي بن هارون الزنجاني (3) وأبي أحمد النهرجوري (4) والعوفي. ولأبي الفتوح المعافى بن زكرياء الجريري صاحب كتاب " الجليس والأنيس " (5) مناظرة معهم، وقد ذكر ذلك أبو حيان التوحيدي في كتاب " الإمتاع والمؤانسة " (6) ] (7) .
**_________
(1) ب: وهي صنفت ; أ: وصنفت.
(2) في الأصل (ع) : ابن سليمان، والصواب ما أثبته، وهو الذي ذكره القفطي في كتابه " تاريخ الحكماء "، ص 83 (ط. ليبزج، 1903) نقلا عن أبي حيان التوحيدي (انظر: الإمتاع والمؤانسة 2/4، ط. لجنة التأليف، 1942 ; المقابسات، ص [0 - 9] 6، تحقيق السندوبي، القاهرة، 1347/1929) .
(3) في الأصل: الريحاني، والصواب ما أثبته، وهو الذي في " تاريخ الحكماء " نفس الصفحة ; المقابسات، نفس الصفحة ; الإمتاع 2/5.
(4) في " دائرة المعارف الإسلامية " مادة: إخوان الصفا: محمد بن أحمد النهرجوري ; " الإمتاع " و " المقابسات ": " أبو أحمد المهرجاني ".
(5) تكلم الدكتور ألبرت ديتريش عن كتاب " الجليس والأنيس " وعن مؤلفه المعافى بن زكرياء بن يحيى الجريري النهرواني المتوفى سنة 390 في مجلة المجمع العلمي العربي بدمشق، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 80 - 394 (وانظر ترجمة المعافى في: إنباه الرواة 3/296 - 297 ; الفهرست لابن النديم، ص [0 - 9] 36 ; بغية الوعاة، (ص 394 - 395) . ص 394 - 395) .
(6) انظر: الإمتاع 2/3 - 18 ; المقابسات، ص [0 - 9] 5 - 51.
(7) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط وقد نقل مستجي زاده كلام ابن تيمية إلى كلمة " العوفي " ثم كتب ما يلي: " ورأيت في كتاب " التبيين " للجاحظ يذكر مصنفات سهل بن مروان كاتب حسن بن سهل ويذكر منها كتاب " إخوان الصفا " ولعل الكتاب المشهور اليوم بين الناس بإخوان الصفا المؤلف بعد المائة الثالثة مأخوذ منه، وكأن أشياع الفاطميين - مؤلفي هذا الكتاب - زادوا ونقصوا في تأليف سهل بن هارون وأبقي اسمه القديم عليه: وكان سهل هذا من المتفلسفين، عرب كتبا كثيرة من كتب الفلاسفة ". وقد ذكر الجاحظ في " البيان والتبيين " 1/52 من كتب سهل بن هارون بن راهبوني (الكاتب المتوفى سنة 215، وانظر الأعلام) كتاب " الإخوان " وذكره ابن النديم في الفهرست (ص 174) بعنوان: " كتاب إسباسيوس في اتحاد الإخوان "
****************************** ***
وفي الجملة: فمن جرب الرافضة في كتابهم وخطابهم علم أنهم من أكذب خلق الله، فكيف يثق القلب بنقل من كثر منهم الكذب قبل أن يعرف صدق الناقل؟ وقد تعدى شرهم إلى غيرهم من أهل الكوفة وأهل العراق حتى كان أهل المدينة يتوقون (1) أحاديثهم، وكان مالك يقول: نزلوا أحاديث [أهل] (2) العراق منزلة أحاديث أهل الكتاب: لا تصدقوهم ولا تكذبوهم (3) .
وقال له عبد الرحمن مهدي (4) : يا أبا عبد الله: سمعنا في بلدكم
**_________
(1) ن، م: يريقون.
(2) أهل: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) علق مستجي زاده في هامش (ع) على كلام ابن تيمية السابق بقوله: " لعل المراد من الأحاديث ليست أحاديث رسول الله لأن فيهم مثل مالك بل أعلى كعبا منهم في التوثيق، بل المراد الأخبار الملفقة (كذا قرأتها والكلمة غير واضحة) لما غلب عليهم التشيع، وهم أكذب الناس (ولذا) كان صدق غالبهم مشككا ".
(4) ن، م: قال محمد بن الحسن وقال عبد الرحمن بن مهدي، وهو خطأ. وكنية كل من مالك بن أنس ومحمد بن الحسن الشيباني هي: أبو عبد الله، ولكن جاء في ترجمة عبد الرحمن بن مهدي أنه سمع من مالك: وسياق الجملة يدل على أن الحوار كان بينه وبين مالك. وابن مهدي هو أبو سعيد عبد الرحمن بن مهدي بن حسان العنبري البصري اللؤلؤي، الحافظ الإمام، ولد سنة 135 وتوفي سنة 198. انظر ترجمته في: تهذيب التهذيب 6/279 - 281 ; تذكرة الحفاظ 1/329 - 332 ; تاريخ بغداد 10/240 - 248 ; الأعلام 4/115
******************************
-
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (147)
صـ 468 إلى صـ 474
أربعمائة حديث في أربعين يوما، ونحن في يوم واحد نسمع هذا كله! فقال له: يا عبد الرحمن (1) ، ومن أين لنا دار الضرب؟ أنتم عندكم دار الضرب تضربون بالليل وتنفقون (2) بالنهار.
وهذا مع أنه (3) كان في الكوفة وغيرها من الثقات (4) الأكابر كثير، لكن لكثرة (5) الكذب الذي كان أكثره (6) في الشيعة صار الأمر يشتبه على من لا يميز بين هذا وهذا، بمنزلة الرجل الغريب إذا دخل بلدا (7) نصف أهله كذابون خوانون فإنه يحترس منهم حتى يعرف الصدوق الثقة، وبمنزلة الدراهم التي كثر فيها الغش فإنه (8) يحترس عن المعاملة بها من لا يكون نقادا (9) ، ولهذا كره لمن لا يكون له نقد وتمييز النظر في الكتب التي يكثر فيها الكذب في الرواية والضلال في الآراء ككتب أهل (10) البدع، وكره تلقي العلم من القصاص وأمثالهم الذين يكثر الكذب في كلامهم، وإن كانوا يقولون صدقا كثيرا. فالرافضة أكذب من كل طائفة باتفاق أهل المعرفة بأحوال الرجال.
**_________
(1) ع، ا: يا أبا عبد الرحمن.
(2) ن، م: وتبيعون.
(3) ب، ا، ن، م: ومع هذا أنه.
(4) ن: الالتفات: وهو تحريف.
(5) ب: ومن كثرة ; أ: من كثرة.
(6) ن، م: الذي أكثره كان.
(7) ب، ا، ن، م: إلى بلد.
(8) ب: وأن ; أ: وأنه.
(9) ع: ناقدا.
(10) أهل: ساقطة من (ب) ، (أ)
******************************
**[الرد على قوله ولم يلتفتوا إلى القول بالرأي والاجتهاد وحرموا الأخذ بالقياس والاستحسان]
فصل
وأما قوله (1) : " ولم يلتفتوا إلى القول بالرأي والاجتهاد، وحرموا الأخذ بالقياس والاستحسان ".
فالكلام على هذا من وجوه: أحدهما: أن الشيعة في هذا مثل غيرهم، ففي أهل السنة في الرأي والاجتهاد والقياس والاستحسان كما في الشيعة النزاع في ذلك، فالزيدية تقول بذلك وتروي فيه الروايات عن الأئمة (2) .
الثاني: أن كثيرا من أهل السنة - العامة والخاصة - لا تقول بالقياس، فليس كل من قال بإمامة الخلفاء الثلاثة قال بالقياس، بل المعتزلة البغداديون لا يقولون بالقياس (3) ،
**_________
(1) الكلام التالي سبق وروده في (ك) 1/83 (م) . وهو آخر القسم الأول من كلام ابن المطهر في الوجه الأول من الفصل الثاني من كتاب " منهاج الكرامة "، وسبق وروده في هذا الجزء، ص [0 - 9] 9. وقد تناول ابن تيمية الرد على جزء من هذا القسم في الصفحات 102 - 288، ثم رد على سائر الأجزاء في الصفحات 288 إلى هذه الصفحة حيث يرد على الجزء الأخير وينتهي رده ص [0 - 9] 81.
(2) يقول الزيدية بالقياس، ويختلفون في اجتهاد الرأي، ويذكر الأشعري في المقالات 1/141 أن الزيدية ينقسمون في اجتهاد الرأي إلى فرقتين: الأولى تجيز هذا الاجتهاد في الأحكام والثانية تنكره. وانظر عن قول الزيدية بالقياس كتاب " الإمام زيد " للشيخ محمد أبي زهرة، ص [0 - 9] 22 وما بعدها (ط. دار الفكر العربي، 1378/1959) .
(3) قال الآمدي في " الإحكام في أصول الأحكام " 4/6 (ط. دار الكتب، 1332/1914) : " وقالت الشيعة والنظام وجماعة من معتزلة بغداد كيحيى الإسكافي وجعفر بن مبشر وجعفر بن حرب بإحالة ورود التعبد به (القياس) عقلا، وإن اختلفوا في مأخذ الإحالة العقلية " وانظر: الفرق بين الفرق، ص [0 - 9] 7، 101 ; أصول الدين لابن طاهر، ص [0 - 9] 9 - 20 ; عيسى منون: نبراس العقول في تحقيق القياس عند علماء الأصول (ط. المنيرية) 1/57 - 62 ; صديق حسن خان: حصول المأمول (ط. استانبول، 1926) ، ص 159
****************************** *****
(* والفقهاء أهل الظاهر كداود بن علي وأتباعه (1) ، وطائفة من أهل البيت (2) والصوفية لا يقولون بالقياس *) (3) .
وحينئذ فإن كان القياس باطلا أمكن الدخول في [السنة وترك القياس، وإن كان حقا أمكن الدخول في] (4) أهل السنة والأخذ بالقياس.
الثالث: أن يقال: القول بالرأي والاجتهاد والقياس والاستحسان خير من الأخذ بما ينقله من يعرف بكثرة الكذب عمن يصيب ويخطئ نقل غير مصدق (5) عن قائل غير معصوم، ولا يشك عاقل أن رجوع مثل مالك وابن أبي ذئب (6) وابن الماجشون (7) (8) والأوزاعي (9)
**_________
(1) قال الظاهرية بإنكار القياس، وأشهر من يمثلهم في ذلك ابن حزم وقد أفرد رسالة لهذا الموضوع عنوانها " ملخص إبطال القياس والرأي والاستحسان والتقليد والتعليل " نشرها الأستاذ سعيد الأفغاني، دمشق 1379/1960 ; كما تناول الموضوع بالتفصيل في كتابه " الإحكام في أصول الأحكام ".
(2) ن، م: أهل الحديث: وتنص المراجع التي سبق ذكرها في الصفحة السابقة (ت [0 - 9] ) على إنكار الشيعة للقياس، وهو ما ذكره أيضا الغزالي في " المستصفى "، ص [0 - 9] 62 (ط. مصطفى محمد، 1356/1937) . وانظر الإمام الصادق، لأبي زهرة، ص [0 - 9] 15 وما بعدها.
(3) ما بين النجمتين ساقط من (ب) ، (أ) .
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(5) ن، م: غير صدق.
(6) أبو الحارث محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث بن أبي ذئب القرشي المدني، تابعي قال عنه أحمد بن حنبل: " كان أفضل من مالك إلا أن مالكا كان أشد تنقية للرجال منه ". وولد ابن أبي ذئب سنة 80 وتوفي سنة 158 أو 159. انظر ترجمته في: تذكرة الحفاظ 1/191 - 193 ; تهذيب الأسماء واللغات، ق [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 6 - 87 ; وفيات الأعيان 3/323 ; الأعلام 7/61.
(7) عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة، أبو عبد الله الماجشون، سبقت ترجمته 2 والليث بن سعد
(8) سبقت ترجمته 2/461.
(9) سبقت ترجمته 2/461
****************************** ********
والثوري سبقت ترجمته 2. وابن أبي ليلى (1) وشريك (2) وأبي حنيفة وأبي يوسف (3) ومحمد [بن الحسن] (4) وزفر (5) والحسن بن زياد اللؤلؤي (6) والشافعي والبويطي (7) والمزني (8) وأحمد بن حنبل [وإسحاق بن
**_________
(1) أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري الكوفي، الفقيه المقرئ مفتي الكوفة وقاضيها، ولد سنة 74 وتوفي سنة 148. انظر ترجمته في: طبقات ابن سعد 6/358 ; تذكرة الحفاظ 1/171 ; وفيات الأعيان 3/319 - 320 ; الأعلام 7/60 - 61.
(2) أبو عبد الله شريك بن عبد الله بن الحارث النخعي الكوفي القاضي، أحد الأئمة الأعلام. ولد سنة 95 وتوفي سنة 177. انظر ترجمته في: تذكرة الحفاظ 1/232 ; طبقات ابن سعد 6/378 - 379 ; وفيات الأعيان 2/169 - 171 ; العبر للذهبي 1/270 ; الأعلام 3/239.
(3) أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الأنصاري الكوفي البغدادي، صاحب أبي حنيفة. ولد سنة 113 وتوفي سنة 182. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 5/421 - 432 ; تاج التراجم لابن قطلوبغا، ص [0 - 9] 1 ; الأعلام 9/252.
(4) بن الحسن: ساقطة من (ن) ، (م) . وسبقت ترجمته 2/144.
(5) زفر بن الهذيل بن قيس العنبري، صاحب أبي حنيفة، ولي قضاء البصرة. ولد سنة 110 ومات سنة 158. انظر ترجمته في: طبقات ابن سعد 6/387 ; تاج التراجم لابن قطلوبغا، ص [0 - 9] 8 ; العبر للذهبي 1/229 ; الأعلام 3/78.
(6) ب، ا: والحسن بن زياد واللؤلؤي، وهو خطأ. وهو أبو علي الحسن بن زياد اللؤلؤي الكوفي، القاضي الفقيه، من أصحاب أبي حنيفة، توفي سنة 204. انظر ترجمته في: تاج التراجم، ص [0 - 9] 2 ; ميزان الاعتدال 1/228 ; تاريخ بغداد 7/314 - 317 ; الأعلام 2/205.
(7) يوسف بن يحيى القرشي، أبو يعقوب البويطي، صاحب الإمام الشافعي، توفي سنة 231. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 6/60 - 62 ; طبقات الشافعية، العبر للذهبي 1/411 ; الأعلام 9/338.
(8) أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل المزني المصري الفقيه صاحب الشافعي، ولد سنة 175 وتوفي سنة 264. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 1/196 - 197 ; طبقات الشافعية 2/93 - 109 ; العبر الذهبي 2/28 ; الأعلام 1/327
****************************** **********
راهويه] (1) وأبي داود السجستاني (2) والأثرم (3) وإبراهيم الحربي (4) . والبخاري وعثمان بن سعيد الدارمي (5) وأبي بكر بن خزيمة (6) ومحمد بن جرير الطبري (7) ومحمد بن نصر المروزي (8) وغير هؤلاء إلى اجتهادهم واعتبارهم مثل أن يعلموا سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - الثابتة عنه ويجتهدوا في تحقيق مناط الأحكام وتنقيحها وتخريجها - خير لهم (9) من أن يتمسكوا بنقل الروافض عن العسكريين وأمثالهما، فإن الواحد من هؤلاء لأعلم بدين الله ورسوله من العسكريين (10) أنفسهما، فلو أفتاه أحدهما بفتيا
**_________
(1) إسحاق بن راهويه: في (ع) فقط. وسبقت ترجمته 2/462.
(2) ع: أبو أيوب السجستاني، وهو تحريف. وأبو داود سليمان بن الأشعت بن إسحاق بن بشير الأزدي السجستاني، صاحب السنن، ولد سنة 202 وتوفي سنة 275. انظر ترجمته في: تذكرة الحفاظ 2/591 - 593 ; وفيات الأعيان 2/138 - 140 ; طبقات الحنابلة 1/159 - 163 ; الأعلام 3/182.
(3) أحمد بن محمد بن هانئ، أبو بكر الأثرم. سبقت ترجمته 2/364.
(4) إبراهيم بن إسحاق بن بشير، أبو إسحاق الحربي الحافظ، تفقه على الإمام أحمد. ولد سنة 198 وتوفي سنة 285. انظر ترجمته في: تذكرة الحفاظ 2/584 - 586 ; طبقات الحنابلة 1/86 - 93 ; فوات الوفيات 1/5 - 7 ; العبر للذهبي 2 ; الأعلام 1/24 - 25
(5) سبقت ترجمته 1/423، 2/364.
(6) أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة. سبقت ترجمته 2/365.
(7) سبقت ترجمته 1/122.
(8) سبقت ترجمته 2/104.
(9) ع: خيرا لهم، وهو خطأ لأنها خبر لقوله في أول الكلام: ولا يشك عاقل أن رجوع مثل مالك. . . إلخ (ص 470) .
(10) هما: أبو الحسن علي (الهادي) بن محمد (الجواد) ، وابنه أبو محمد الحسن (الخالص) ابن علي (الهادي) ، وعرفا بالعسكريين نسبة إلى مدينة العسكر (سامراء) . ولد علي الهادي سنة 214 وتوفي سنة 254. قال الذهبي عنه: " كان فقيها إماما متعبدا استفتاه المتوكل مرة ووصله بأربعة آلاف دينار ". انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 2/434 - 435 ; العبر للذهبي 1/6 ; تاريخ بغداد 12/56 ; تاريخ اليعقوبي 2/484، 503، الأعلام 5/140. وسيتكلم عنه ابن تيمية فيما بعد 2/129 - 131 (ب) . وأما الحسن العسكري الخالص فقد ولد سنة 232 وتوفي سنة 260. قال عنه ابن حجر: " ضعفه ابن الجوزي في الموضوعات ". انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 1/372 - 373 ; لسان الميزان 2/240 ; العبر للذهبي 2/20 ; الأعلام 2/215 - 216. وسيتكلم عنه ابن تيمية فيما بعد 2/131 (ب)
****************************** *****
كان رجوعه [إلى اجتهاده أولى من رجوعه] (1) إلى فتيا أحدهما، بل ذلك هو الواجب عليه، فكيف إذا كان [ذلك] (2) نقلا عنهما من مثل الرافضة؟ ! والواجب على مثل العسكريين وأمثالهما أن يتعلموا من الواحد من هؤلاء.
ومن المعلوم أن علي بن الحسين وأبا جعفر [محمد بن علي وابنه] (3) جعفر بن محمد (4) كانوا هم العلماء الفضلاء، وأن من بعدهم [من الاثني عشر] (5) لم يعرف عنه من العلم ما عرف من (6) هؤلاء، ومع هذا فكانوا يتعلمون من علماء زمانهم ويرجعون إليهم [حتى قال أبو عمران بن الأشيب (7) القاضي البغدادي: أخبرنا أصحابنا أنه ذكر ربيعة بن أبي عبد الرحمن (8) جعفر بن محمد (9) وأنه تعلم العلوم، فقال ربيعة: إنه
**_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(2) ذلك: ساقطة من (ع) ، (ن) ، (م) .
(3) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
(4) ن، م: وابنا جعفر وجعفر بن محمد.
(5) ما بين المعقوفتين زيادة في (ع) فقط.
(6) ب (فقط) : عن.
(7) أبو عمران بن الأشيب: كذا هي في (ع) بدون نقط ولم أعرف من يكون.
(8) أبو عثمان ربيعة بن أبي عبد الرحمن فروخ ويعرف بربيعة الرأي. قال الذهبي: كان إماما حافظا فقيها مجتهدا بصيرا بالرأي. وقد توفي ربيعة سنة 136. انظر ترجمته في: تذكرة الحفاظ 1/157 - 158 ; الجرح والتعديل، ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص [0 - 9] 75 ; تهذيب الأسماء واللغات، ق [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 89 - 190 ; وفيات الأعيان 2
- 52 ; الأعلام 3/42.
(9) في الأصل (ع) : ابن جعفر بن محمد، وهو خطأ، والمقصود جعفر (الصادق) بن محمد، ولا يجوز أن يكون المقصود موسى (الكاظم) بن جعفر (الصادق) لأن موسى ولد سنة 128 قبل وفاة ربيعة بثمان سنين
****************************** *****
اشترى حائطا من حيطان المدينة فبعث إلي حتى أكتب له شرطا في ابتياعه. نقله عنه محمد بن حاتم بن زنجويه البخاري (1) في كتاب " إثبات إمامة الصديق "] (2) .
فأما تحقيق المناط فهو متفق عليه بين المسلمين، وهو أن ينص الله على تعليق الحكم بمعنى عام كلي، فينظر في ثبوته في آحاد الصور (3) [أو أنواع ذلك العام] (4) ، كما نص على اعتبار العدالة وعلى استقبال الكعبة (5) [وعلى تحريم الخمر والميسر وعلى حكم اليمين (6 وعلى تحريم الميتة والدم ولحم الخنزير 6) (6) ونحو ذلك، فينظر في الشراب المتنازع فيه: هل هو من الخمر أم لا [كالنبيذ المسكر] (7) ، وفي اللعب (8) المتنازع فيه كالنرد والشطرنج هل هو من الميسر أم لا؟ وفي اليمين المتنازع فيها كالحلف بالحج وصدقة المال والعتق والطلاق والحرام والظهار: هل هي داخلة في الأيمان فتكفر، أم في العقود المحلوف بها فيلزم ما حلف
**_________
(1) في الأصل: محمد بن حاتم بن زنجويه البخاري: كذا بدون إعجام زنجويه، ولم أعرف من يكون.
(2) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط وفي النسخ الثلاث كتبت بدلا منه هذه العبارة " حتى قال ربيعة ".
(3) ن: عام في فنظر في ثبوته في أحساء الصور، وهو تحريف.
(4) ع: وأنواع ذلك العام. وسقطت العبارة من (ن) ، (م) .
(5) ع: القبلة. وسقط ما بعد كلمة " الكعبة " في (ن) ، (م) حتى كلمة " الرابع "
(6) (6 - 6) : في (ع) فقط.
(7) عبارة " كالنبيذ المسكر " في (ع) فقط.
(8) ب، ا: الفعل
****************************** ****