67 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- ناصحًا وموضحًا سبيل النجاة-: (جميع ما تلوته من هذه الآيات يدلُّ العقلاء على أن الله عز وجل ختم على قلوب قوم، وطبع عليها، ولم يردها لعبادته، وأرادها لمعصيته- المقصود الإرادة الكونية لا الشرعية-، فأعماها عن الحق فلم تبصره، وأصمها عن الحق فلم تسمعه، وأخزاها ولم يطهرها، يفعل بخلقه ما يريد، لا يجوز لقائل أن يقول: لم فعل ذلك بهم؟ فمن قال ذلك، فقد عارض الله عز وجل في فعله، وضَلَّ عن طريق الحق، ثم اختصَّ من عباده من أحبَّ، فشرح قلوبهم للإيمان وزينه في قلوبهم، وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون فضلًا من الله ونعمة والله عليم حكيم.
قال محمد بن الحسين رحمه الله: اعقلوا يا مسلمين ما يخاطبكم الله عز وجل به، يُعَلَّمكم أني مالك للعباد، أختص منهم من أريد، فأطهر قلبه، وأشرح صدره، وأزين له طاعتي، وأكره إليه معصيتي، لا ليد تقدمت منه إليَّ، أنا الغني عن عبادي، وهم الفقراء إلي {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}[الحديد: 21]
والمنَّة لله عز وجل على من هداه للإيمان، ألم تسمعوا رحمكم الله إلى قول مولاكم الكريم حين امتنَّ قوم بإسلامهم على النبي صلى الله عليه وسلم؟ فأنزل الله عز وجل: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [الحجرات: 17] (صـ 143).