نظم المتناثر من الحديث المتواتر. محمد بن جعفر الكتاني أبو عبد الله
عرض للطباعة
نعم بارك الله فيكم وهذا ما ذكره د. محمود الطحان ، هل من كتب أخرى ومعاصرة أيضا جمعت الأحاديث المتواترة في كتاب مستقل ؟
وفيكم بارك الله ونفع بكم
...................
نفع الله بكم.
- اللآلئ المتناثرة في الأحاديث المتواترة . لابن طولون.
- لقط اللآلئ المتناثرة في الأحاديث المتواترة . للزبيدي لخصه من كتاب ابن طولون.
- الحرز المكنون من لفظ المعصوم المأمون. للقنوجي جمع فيه 40 حديثا أصلها من كتاب الزبيدي.
- الكواكب الزاهرة في الأحاديث المتواترة : لمفتي الشام الشيخ محمود حمزة الدمشقي (ت:1305هـ).
جزاكم الله خيرا
قال الشيخ د. أبو حفص محمود بن أحمد الطحان في تيسير مصطلح الحديث :
خبر الآحاد
1) تعريفه:
أ*) لغة: الآحاد جمع أحد بمعني الواحد، وخبر الواحد هو ما يرويه شخص واحد.
ب*)اصطلاحاً: هو ما لم يجمع شروط المتواتر
2) حكمه :
يفيد العلم النظري ، أي العلم المتوقف على النظر والاستدلال .
هذا ولخبر الآحاد تقسيمان ، كل تقسيم باعتبار. وسأذكر هذين التقسيمين في الفصل الثاني.
قال ابن حجر في " النزهة " ( ص 33- 34) :
" ( وقد يقع فيها ) - أي في أخبار الآحاد المنقسمة إلى مشهور وعزيز ، وغريب - ( ما يفيد العلم النظري بالقرائن ، على المختار ) خلافا لمن أبى ذلك .
والخلاف في التحقيق لفظي ؛ لأن من جوز الإطلاق خص لفظ العلم بالمتواتر ، وما عداه عنده ظني ، ولكنه لا ينفي أن ما احتف بالقرائن أرجح مما خلا عنها .
والخبر المحتف بالقرائن أنواع ، منها :
- ما أخرجه الشيخان في صحيحيهما ، مما لم يبلغ حد التواتر فإنه احتف به قرائن ، منها :
- جلالتهما في هذا الشأن .
- وتقدمهما في تمييز الصحيح على غيرهما .
- وتلقي العلماء لكتابيهما بالقبول ، وهذا التلقي وحده أقوى في إفادة العلم من مجرد كثرة الطرق القاصرة عن التواتر .."
جزاكم الله خيرا، وكما قال ابن حجر رحمه أنه "يفيد العلم النظري بالقرائن" أي القرائن تحتف به.
قال الشيخ د. أبو حفص محمود بن أحمد الطحان في تيسير مصطلح الحديث :
المَشهور
1- تعريفه:
أ*) لغة : هو اسم مفعول من " شَهَرْتٌ الأمر " إذا أعلنته وأظهرته وسمى بذلك لظهوره .
ب*)اصطلاحاً: ما رواه ثلاثة ـ فأكثر في كل طبقة ـ ما لم يبلغ حد التواتر.
2- مثاله:
حديث: " أن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه ..... "
3- المٌسْتَفِيض:
أ*) لغة: اسم فاعل من " استفاض " مشتق من فاض الماء وسمى بذلك لانتشاره.
ب*)اصطلاحاً : اختلف في تعريفه على ثلاثة أقوال وهي :
1- هو مرادف للمشهور .
2- هو أخص منه ، لأنه يشترط في المستفيض أن يستوي طرفا إسناده ، ولا يشترط ذلك في المشهور .
3- هو أعم منه أي عكس القول الثاني .
4- المشهور غير الاصطلاحي:
ويقصد به ما اشتهر على الألسنة من غير شروط تعتبر، فيشمل:
أ*- ما له إسناد واحد .
ب*- وما له أكثر من إسناد .
ت*- وما لا يوجد له إسناد أصلا .
5) أنواع المشهور غير الاصطلاحي:
له أنواع كثيرة أشهرها :
أ*- مشهور بين أهل الحديث خاصة : ومثاله حديث أنس " أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قنت شهراً بعد الركوع يدعو على رِعْلٍ وذَكْوان "
ب*- مشهور بين أهل الحديث والعلماء والعوام: مثاله " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده "
ت*- مشهور بين الفقهاء: مثاله حديث " أبغض الحلال إلى الله الطلاق "
ث*- مشهور بين الأصوليين: مثاله حديث " رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " صححه ابن حبان والحاكم .
ج*- مشهور بين النحاة : مثاله حديث " نِعْمَ العبدٌ صٌهَيْبُ لو لم يَخَفِ الله لم يَعْصِهِ " لا أصل له .
ح*- مشهور بين العامة : مثاله حديث " العجلة من الشيطان" أخرجه الترمذي وحسنه .
6- حكم المشهور :
المشهور الاصطلاحي وغير الاصطلاحي لا يوصف بكونه صحيحاً أو غير صحيح ، بل منه الصحيح ومنه الحسن والضعيف بل والموضوع ، لكن إن صح المشهور الاصطلاحي فتكون له ميزة ترجحه على العزيز والغريب .
7- أشهر المصنفات فيه :
المراد بالمصنفات في الأحاديث المشهورة هو الأحاديث المشهورة على الألسنة وليس المشهورة اصطلاحاً ، ومن هذه المصنفات .
أ*- المقاصد الحسنة فيما اشتهر على الألسنة للسخاوي .
ب- كشف الخفاء ومزيل الإلباس فيما اشتهر من الحديث على السنة الناس للعجلوني .
جـ- تمييز الطيب من الخبيث فيما يدور على ألسنة الناس من الحديث لابن الديبغ الشيباني .
في تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي ( 10 / 328):
(فإن أهل الحديث يستغربون الحديث) أي يجعلونه غريبا ويطلقون عليه اسم الغريب.
(لمعان) أي لوجوه عديدة
(فهذا حديث تفرد به حماد بن سلمة عن أبي العشراء) فهذا الحديث غريب لتفرد حماد بن سلمة بروايته عن أبي العشراء ويقال له الفرد المطلق
(وإن كان هذا الحديث مشهورا عند أهل العلم فإنما اشتهر من حديث حماد بن سلمة لا نعرفه إلا من حديثه) يعني أن هذا الحديث غريب لتفرد حماد بن سلمة عن أبي العشراء ومشهور عند أهل العلم لاشتهاره عن حماد بن سلمة فرواه عنه غير واحد كعفان وهدبة بن خالد وإبراهيم بن الحجاج وحوثرة بن أشرس فإنهم كلهم رووا هذا الحديث عن حماد بن سلمة عن أبي العشراء عن أبيه كما في مسند الإمام أحمد
(يعني) هذا بيان وتفسير لما قبله
(ورب رجل من الأئمة يحدث بالحديث لا يعرف إلا من حديثه ويشتهر الحديث لكثرة من روى عنهم) كحماد بن سلمة فإنه إمام الأئمة حدث بحديث أبي العشراء المذكور عن أبيه لا يعرف هذا الحديث إلا عنه ثم اشتهر عنه هذا الحديث لكثرة من روى عنه كما عرفت.
"...والناظر في طرق هذا الحديث يظهر له عدم مطابقة هذا المثال للمشهور الاصطلاحي عند المؤلف الفاضل، وهو: ( ما رواه ثلاثة فأكثر -في كل طبقة- مالم يبلغ حد التواتر).
فقد رواه جماعة كثيرون، عن هشام بن عروة، عن أبيه عروة بن الزبير، عن عبدالله بن عمرو بن العاص.
فهو مشهور عن هشام.
ولم يتفرد به هشام عن أبيه، بل تابعه يحيى بن أبي كثير وأبوالزناد، وأبو الأسود محمد بن عبدالرحمن يتيم عروة، ومحمد بن شهاب الزهري -في إحدى الروايتين عنه-، عن هشام؛ كلاهما عن عروة به.
فهو مشهور عن عروة أيضا.
لكن عروة، لم يتابعه -فيما نعلم- إلا رجل واحد، وهو: عمر بن الحكم بن ثوبان، وحديثه في صحيح مسلم.
فعلى هذا؛ لا يكون الحديث مشهورا بالمعنى الاصطلاحي عند المؤلف الفاضل؛ لعدم روايته في هذه الطبقة -وهي طبقة التابعين- ثلاثة من الرواة، بل رواه اثنان فقط، فهو -بمقتضى تعريف المؤلف الفاضل- عزيز لا مشهور...
...فالحديث ليس مشهورا بالمعنى الاصطلاحي في طبقة الصحابة، بل هو في هذه الطبقة غريب أو عزيز، ولا في طبقة التابعين، بل هو فيها عزيز ؛ لما سبق. والله أعلم.
تنبيه: كلامنا هنا إنما ينصب على نفي شهرة الحديث بالمعنى الاصطلاحي؛ بهذه السياقة وتلك الألفاظ، وإلا فإن معنى الحديث له ما يشهد له..." .
[المصدر: إصلاح الاصطلاح]
في الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث ( 2 / 455 ):
" والشهرة أمر نسبي، فقد يشتهر عند أهل الحديث أو يتواتر ما ليس عند غيرهم بالكلية.
ثم قد يكون المشهور متواترا أو مستفيضا، وهو (1) ما زاد نقلته على ثلاثة.
وعن القاضي الماوردي: أن المستفيض أقوى من المتواتر!
وهذا اصطلاح منه.
__________________________
(1)أي: المستفيض.
وأما المشهور: فهو ما رواه أكثر من اثنين، كما في (شرح النخبة) لابن حجر.
وأما المتواتر: فقد اختلفوا اختلافا كثيرا في عدده، كما هو مشروح في (المسودة) (ص236) من أربعة فصاعدا.
وجزم فيه (235) بأنه ( لا يعتبر في التواتر عدد محصور، بل يعتبر ما يفيد العلم على حسب العادة في سكون النفس إليهم، وعدم تأتي التواطؤ على الكذب منهم؛ إما لفرط كثرتهم، وإما لصلاحهم ودينهم ونحو ذلك) [ الشيخ الألباني رحمه الله]
المشهور اللغوي (غير الاصطلاحي):
ويُقصَد به الشهرة؛ أي: معروف لدَى الناس، فالمشهور اللُّغوي يُمكن ألاَّ يكونَ حديثًا أصلاً، يُمكِن أن يكونَ كلامًا، أو أيَّ شيء؛ لأنَّه لُغويًّا متعارَفٌ عليه.قسَّم العلماء الأحاديث المشهورة (غير الاصطلاحي) إلى:
1- مشهورٌ عند المحدِّثين: ((أنَّ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قنَت شهرًا يدْعو على رِعْل وذكْوان)).2- مشهورٌ عند الفقهاء: ((إنَّ أبغضَ الحلالِ عندَ الله الطَّلاق)).3- مشهورٌ عند العوامِّ: ((العَجَلة مِن الشَّيطان)).4- مشهورٌ عند الأطبَّاء: ((المَعِدة بيتُ الدَّاء))، وهو ليس حديثًا، ولكنَّه مِن قولِ الحارثِ بن كِلدة طبيبِ العرَب.5- مشهورٌ عند الأُدباء: ((أدَّبَني ربِّي فأحسنَ تأديبي))، وهو حديثٌ ضعيف.6- مشهورٌ عند النحاة: قولُ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((نِعم العبدُ صهيبٌ! لو لم يَخفِ اللهَ لم يَعْصِه))، هذا الحديثُ مشهورٌ عندَ النحاة؛ لأنَّ فيه نُكتةً نحوية مِثل الآية: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر: 28].7- مشهورٌ عند الأصوليِّين: ((رُفِع عن أمَّتي الخطأُ والنسيانُ وما اسْتُكرِهوا عليه)).
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/38939/#ixzz3zn9PISqh
نفع الله بكم.
للرفع
في مكتبتي من التصانيف في موضوع الأحاديث المشتهرة على الألسنة غير ما ذكرتم:
- اللآلئ المنثورة في الأحاديث المشهورة، للإمام الزركشي (ت 794 هـ)، طبع بتحقيق محمد بن لطفي الصباغ، المكتب الإسلامي ، الطبعة الأولى سنة 1417هـ / 1996م.
- مختصر المقاصد الحسنة ، لمحمد بن عبد الباقي الزرقاني (ت 1122 هـ )، تحقيق محمد بن لطفي الصباغ، طبعه مكتب التربية العربي لدول الخليج سنة 1424هـ / 2003م.
- أسنى المطالب في أحاديث مختلفة المراتب، للشيخ محمد درويش الحوت رحمه الله ، طبع في دار الكتاب العربي بيروت.
- (المشتهر من الحديث الموضوع والضعيف والبديل الصحيح)، للدكتور عبد المتعال محمد الجبري، مكتبة وهبة، القاهرة.
وأفضل كتب الأحاديث المشهورة على الألسنة - فيما أرى - كتاب المقاصد الحسنة للسخاوي ، وذلك لعلو كعب صاحبه في هذا العلم ، رحمه الله وأنزل على قبره شآبيب الرحمات.
بارك الله فيكم
قال الشيخ د. أبو حفص محمود بن أحمد الطحان في تيسير مصطلح الحديث :
العَـــزيز
1- تعريفه:
أ*- لغة: هو صفة مشبهة من " عَزَّ يَعِزّ" بالكسر أي قَلَّ و نَدَرَ، أو من "عَزَّ يَعّزُّ" بالفتح، أي قوي واشتد، وسمي بذلك أما لقلة وجوده وندرته. وأما لقوته بمجيئه من طريق آخر.
ب- اصطلاحاً: أن لا يقل رواته عن اثنين في جميع طبقات السند.
2- شرح التعريف :
يعني أن لا يوجد في طبقة من طبقات السند أقلٌّ من اثنين أما إن وجد في بعض طبقات السند ثلاثة فأكثر فلا يضر ، بشرط أن تبقي ولو طبقة واحدة فيها اثنان ، لأن العبرة لأقل طبقة من طبقات السند .
هذا التعريف هو الراجح كما حرره الحافظ ابن حجر
3- مثاله:
ما رواه الشيخان من حديث أنس ، والبخاري من حديث أبي هريرة أن رسول صلي الله عليه وسلم قال : " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من والده وولده والناس أجمعين"
ورواه عن أنس قتادة وعبد العزيز بن صهيب ، ورواه عن قتادة شعبة وسعيد ورواه عن عبدالعزيز إسماعيل بن عٌلَيَّه وعبدالوارث ، ورواه عن كل جماعة .
4- أشهر المصنفات فيه :
لم يصنف العلماء مصنفات خاصة للحديث العزيز، والظاهر أن ذلك لقلته ولعدم حصول فائدة مهمة من تلك المصنفات.
لأن وصف الحديث بكونه عزيزًا أو مشهورًا، لا علاقة له بصحة الحديث أو بضعفه، وعليه فلا دخل هنا لمسألة عدالة الرواة.
فقد يكون الحديث عزيزًا وهو ضعيف أو مشهورًا وهو ضعيف.
ومن فوائد معرفة الغريب والعزيز والمشهور: الترجيح عند التعارض؛ فاعتبار ذلك في طبقة الصحابة له فائدة هنا؛ بحيث لو تعارض حديث مروي عن صحابي واحد مع حديث مروي عن جمع من الصحابة، فإنه يقدم المشهور على الغريب.
بارك الله فيكم ، ولكن لو كان حديث عزيز في طبقة الصحابة رضي الله عنهم وحديث مشهور رواه ثلاثة من الصحابة رضي الله عنهم ، فكان أحدهم من صغار الصحابة فهل يقدم على الحديث العزيز! ، أليس كلاهما متساو؟
لا يبدو هناك كبير فرق من حيث العزيز والمشهور في طبقة الصحابة، والله أعلم
الذي يظهر لي أن تخصيص الحديث الذي رواه اثنان بمصطلح (عزيز) هو من فعل الحافظ ابن حجر رحمه الله.
وإلا فقد قال ابن جماعة في المنهل الروي (ص56): العزيز أن ينفرد بروايته اثنان أو ثلاثة.
وكذلك قال ابن فتوح البيقوني في منظومته:
عزيزُ: مروي اثنين أو ثلاثة ....
وأن العزيز مأخوذ من القلة والندرة ، لذلك يكثر في كتب الجرح والتعديل قولهم : فلان عزيز الحديث = يعني حديثه نادر وقليل.
وتعريف ابن حجر له بأنه ما رواه اثنان بهذه الصورة لا يمكن أن يتحقق ذلك إلا في طبقة الصحابة فقط ، وإلا فمن الصعب أن يكون هناك حديث رواه ثلاثة من الصحابة أو أربعة من الصحابة ثم نقله عنهم اثنان فقط في أي طبقة من طبقات الإسناد التالية.
وعلى كل حال فرأيي في الحديث العزيز أنه مصطلح يحتاج إلى تحرير ، وتعريف الحافظ ابن حجر عليه مآخذات يجب الانتباه لها، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى فإنه مبحث قليل الفائدة لذلك عزف العلماء عن التصنيف فيه. والله أعلم
نفع الله بكم
حكم مرسل الصحابي صحيح محتج به، وفائدة تقسيم طبقات الصحابة لمعرفة المتصل من المرسل، وهنا يكون الترجيح، أليس كذلك؟
قال الشيخ د. أبو حفص محمود بن أحمد الطحان في تيسير مصطلح الحديث :
الغــــريب
1- تعريفه:
أ*) لغة: هو صفة مشبهة، بمعنى المنفرد، أو البعيد عن أقاربه.
ب*)اصطلاحاً: هو ما ينفرد بروايته راوٍ واحد.
2- شرح التعريف :
أي هو الحديث الذي يستقل بروايته شخص واحد، إما في كل طبقة من طبقات السند. أو في بعض طبقات السند ولو في طبقة واحدة، ولا تضر الزيادة عن واحد في باقي طبقات السند، لأن العبرة للأقل.
3- تسمية ثانية له :
يطلق كثير من العلماء على الغريب اسماً آخر هو " الفَرْد " على أنهما مترادفان ، وغايَرَ بعض العلماء بينهما ، فجعل كلا منهما نوعا مستقلا ، لكن الحافظ ابن حجر يعتبرهما مترادفين لغة واصطلاحاً ، إلا أنه قال : إن أهل الاصطلاح غايروا بينهما من حيث كثرة الاستعمال وقلته ، فـ " الفرد " أكثر ما يطلقونه على "الفَرْد المٌطْلَق" و"الغريب " أكثر ما يطلقونه على " الفرْد النَّسْبي "
4- أقسامه:
يقسم الغريب بالنسبة لموضع التفرد فيه إلى قسمين هما " غريب مٌطْلق " وغريب نسبى "
أ*- الغريب المطلق: أو الفرد المطلق.
1) تعريفه: هو ما كانت الغرابة في أصل سنده، أي ما ينفرد بروايته شخص واحد في أصل سنده.
2) مثاله : حديث " إنما الأعمال بالنيات "
ب- الغريب النسبي: أو الفرد النسبي.
1) تعريفه: هو ما كانت الغرابة في أثناء سنده أي أن يرويه أكثر من راو في أصل سنده ثم ينفرد بروايته راو واحد عن أولئك الرواة.
2) مثاله : حديث " مالك عن الزهري عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم دخل مكة وعلى رأسه المِغْفَر ". تفرد به مالك عن الزهري .
3- سبب التسمية: وسمى هذا القسم بـ " الغريب النسبي" لأن التفرد وقع فيه بالنسبة إلى شخص معين .
5- من أنواع الغريب النَّسْبي :
هناك أنواع من الغرابة أو التفرد يمكن اعتبارها من الغريب النسبي ، لأن الغرابة فيها ليست مطلقة وإنما حصلت الغرابة فيها بالنسبة إلى شيء معين ، وهذه الأنواع هي :
أ*- تفرد ثقة برواية الحديث : كقولهم : لم يروه ثقة إلا فلان .
ب- تفرد راو معين عن راو معين: كقولهم: " تفرد به فلان عن فلان " وإن كان مروياً من وجوه أخرى عن غيره.
جـ- تفرد أهل بلد أو أهل جهة: كقولهم " تفرد به أهل مكة أو أهل الشام"
د- تفرد أهل بلد أو جهة عن أهل بلد أو جهة أخرى: كقولهم: " تفرد به أهل البصرة عن أهل المدينة، أو تفرد به أهل الشام عن أهل الحجاز"
6- تقسيم آخر له :
قسم العلماء الغريب من حيث غرابة السند أو المتن إلى:
أ*) غريب متناً وإسنادا : وهو الحديث الذي تفرد برواية متنه راو واحد .
ب*)غريب إسنادا لا متناً : كحديث روى مَتْنَه جماعة من الصحابة ، انفرد واحد بروايته عن صحابي آخر . وفيه يقول الترمذي : " غريب من هذا الوجه " .
7- من مظان الغريب :
أي مكان وجود أمثلة كثيرة له.
أ*- مٌسْنَد البَزَّار .
ب*- المٌعْجَم الأوسط للطبراني .
8- أشهر المصنفات فيه :
أ) غرائب مالك للدارقطني .
ب) الأفرْاد للدارقطني أيضا .
ج) السنن التي تفرد بكل سنة منها أهل بلدة لأبي داود السجستاني .
قال الشيخ طارق بن عوض الله حفظه الله في إصلاح الاصطلاح:
يقال فيه مثل ما قيل في المتواتر، والمشهور، والعزيز، من أن تقييد ذلك بكل طبقات السند إنما يصح حيث يكون هذا الوصف ((الغريب)) لأصل الالحديث، لكن قد يكون الحديث غريبا عن بعض الرواة، مشهوراعن بعضهم الآخر، عزيزا عن غيرهم، متواترا عن غيرهم.
قال الشيخ د. أبو حفص محمود بن أحمد الطحان في تيسير مصطلح الحديث :
الفصل الثاني
" الخبر المقبول "
- المبحث الأول: أقسام المقبول.
- المبحث الثاني: تقسيم المقبول إلى معمول به وغير معمول به.
المبحث الأول
" أقسام المقبول "
يقسم المقبول بالنسبة إلى تفاوت مراتبه إلى قسمين رئيسيين هما: صحيح وحسن. وكلُ منهما يقسم إلى قسمين هما ، لذاته ولغيره ، فَتئٌوْل أقسام المقبول في النهاية إلى أربعة أقسام هي :
1- صحيح لذاته .
2- حسن لذاته .
3- صحيح لغيره.
4- حسن لغيره .
وإليك بحث هذه الأقسام تفصيلا
قال الشيخ د. أبو حفص محمود بن أحمد الطحان في تيسير مصطلح الحديث :الصَّحيح
1- تعريفه:
أ*) لغة: الصحيح ضد السقيم، وهو حقيقة في الأجسام مجاز في الحديث وسائر المعاني.
ب*)اصطلاحاً:ما اتصل سنده بنقل العَدْل الضابط عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا عِلَّة.
2- شرح التعريف :
اشتمل التعريف السابق على أمور يجب توفرها حتى يكون الحديث صحيحاً،وهذه الأمور هي:
أ*) اتصال السند: ومعناه أن كل راو من رواته قد أخذه مباشرة عمن فوقه من أول السند إلى منتهاه.
ب*)عدالة الرواة: أي أن كل راو من رواته اتصف بكونه مسلماً بالغاً عاقلاً غير فاسق وغير مخروم المروءة.
ت*)ضبط الرواة : أي أن كل راو من رواته كان تام الضبط ، أما ضبط صدر أو ضبط كتاب .
ث*)عدم الشذوذ: أي أن لا يكون الحديث شاذاً،والشذوذ هو مخالفة الثقة لمن هو أوثق منه.
ج*)عدم العلة: أي أن لا يكون الحديث معلولا، والعلة سبب غامض خفي يقدح في صحة الحديث، مع أن الظاهر السلامة منه.
3- شروطه:
يتبين من شرح التعريف أن شروط الصحيح التي يجب توفرها حتى يكون الحديث صحيحاً خمسة وهي: { اتصال السند ـ عدالة الرواة ـ ضبط الرواة ـ عدم العلة ـ عدم الشذوذ }
فإذا اختل شرط واحد من هذه الشروط الخمسة فلا يسمي الحديث حينئذ صحيحاً .
4- مثاله:
ما أخرجه البخاري في صحيحه قال : " حدثنا عبدالله بن يوسف قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في المغرب بالطور "
أ*) سنده متصل : إذ أن كل راو من رواته سمعه من شيخه . وأما عنعنة
ب*) ولأن رواته عدول ضابطون : وهذا أوصافهم عند علماء الجرح والتعديل .
1- عبدالله بن يوسف : ثقة متقن
2- مالك بن أنس: إمام حافظ.
3- ابن شهاب الزهري : فقيه حافظ مٌتَّفق على جلالته وإتقانه .
4- محمد بن جبير : ثقة .
5- جٌبَير بن مٌطْعِم : صحابي
د) ولأنه غير شاذ : إذ لم يعارضه ما هو أقوى منه .
هـ) ولأنه ليس فيه علة من العلل .
5- حكمه :
وجوب : العمل به بإجماع أهل الحديث ومن يٌعْتَدَّ به من الأصوليين والفقهاء ، فهو حجة من حجج الشرع ، لا يَسَعٌ المسلم تركٌ العمل به.
6- المراد بقولهم: " هذا حديث صحيح " أو هذا حديث غير صحيح":
أ) المراد بقولهم: " هذا حديث صحيح " أن الشروط الخمسة السابقة قد تحققت فيه، لا أنه مقطوع بصحته . في نفس الأمر ، لجواز الخطأ والنسيان على الثقة .
ب) والمراد بقولهم: " هذا حديث غير صحيح " أنه لم تتحقق فيه شروط الصحة الخمسة السابقة كلها أو بعضها لا أنه كذب في نفس الأمر. لجواز إصابة من هو كثير الخطأ
7- هل يٌجْزَمٌ في إسناد أنه أصح الأسانيد مطلقاً ؟
المختار أنه لا يجزم في إسناد أنه أصح الأسانيد مطلقاً، لأن تفاوت مراتب الصحة مبني على تمكن الإسناد من شروط الصحة. ويندر تحقق أعلى الدرجات في جميع شروط الصحة . فالأولي الإمساك عن الحكم لإسناد بأنه أصح الأسانيد مطلقاً، ومع ذلك فقد نقل عن بعض الأئمة القول في أصح الأسانيد، والظاهر أن كل إمام رَجَّح ما قَويَ عنده ، فمن تلك الأقوال أن أصحها :
أ*) الزٌّهري عن سالم عن أبيه روي ذلك عن اسحق بن راهويه وأحمد .
ب*) ابن سيرين عن عَبِيْدة عن علي روي ذلك عن ابن المديني والفلاس .
ت*) الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبدالله روي ذلك عن ابن مَعين .
ث*) الزهري عن على بن الحسين عن أبيه عن على روي ذلك عن أبي بكر بن أبي شيبة .
ج*) مالك عن نافع عن ابن عمر روي ذلك عن البخاري.
8- ما هو أول مٌصَنَّف في الصحيح المٌجَرَّدِ ؟
أول مصنف في الصحيح المجرد صحيح البخاري . ثم صحيح مسلم . وهما أصح الكتب بعد القرآن ، وقد أجمعت الأمة على تلقي كتابيهما بالقَبول .
أ*) أيهما أصح: والبخاري أصحهما، وأكثرهما فوائد وذلك لأن أحاديث البخاري أشد اتصالا وأوثق رجالا، ولأن فيه من الاستنباطات الفقهية والنكت الحكيمة ما ليس في صحيح مسلم.
هذا وكون صحيح البخاري أصح من صحيح مسلم إنما هو باعتبار المجموع وإلا فقد يوجد بعض الأحاديث في مسلم أقوى من بعض الأحاديث في البخاري .
وقيل : إن صحيح مسلم أصح ، والصواب هو القول الأول .
ب*)هل استوعبا الصحيح أو التزماه ؟ لم يستوعب البخاري ومسلم الصحيح في صحيحيهما ، ولا التزماه ، فقد قال البخاري : " ما أدخلت في كتابي الجامع إلا ما صح وتركت من الصحاح لحال الطول "
ت*)هل فاتهما شيء كثير أو قليل من الصحيح ؟
1) قال الحافظ ابن الأخرم : لم يَفٌتْهما إلا القليل وأُنْكٍرَ هذا عليه .
2) والصحيح أنه فاتهما شيء كثير، فقد نقل عن البخاري أنه قال " وما تركت من الصحاح أكثر " وقال " أحفظ مائة ألف حديث صحيح ومائتي ألف حديث غير صحيح.
د) كم عِدَّة الأحاديث في كل منهما ؟
1- البخاري: جملة ما فيه سبعة آلاف ومائتان وخمسة وسبعون حديثاً بالمكررة، وبحذف المكررة أربعة آلاف.
2- مسلم: جملة ما فيه اثنا عشر ألفاً بالمكررة وبحذف المكررة نحو أربعة آلاف.
هـ) أين نجد بقية الأحاديث الصحيحة التي فاتت البخاري ومسلماً ؟
نجدها في الكتب المعتمدة المشهورة كصحيح ابن خزيمة وصحيح ابن حبان ومستدرك الحاكم والسنن الأربعة وسنن الدارقطني والبيهقي وغيرها .
ولا يكفي وجود الحديث في هذه الكتب ، بل لا بد من التنصيص على صحته ، إلا في كتاب من شَرَطَ الاقتصار على إخراج الصحيح ، كصحيح ابن خزيمة .
9- الكلام على مٌسْتَدْرَك الحاكم وصحيح ابن خٌزَيْمَةَ وصحيح ابن حِبّان :
أ) مستدرك الحاكم : هو كتاب ضخم من كتب الحديث ، ذكر مؤلفه فيه الأحاديث الصحيحة التي على شرط واحد الأحاديث الصحيحة عنده وان لم تكن على شرط واحد منهما ، مٌعَبِّراً عنها بأنها صحيحة الإسناد ، وربما ذكر بعض الأحاديث التي لم تصح ، لكنه نبه عليها ، وهو متساهل في التصحيح ، فينبغي أن يٌتَتَبَّع ويٌحْكَمَ على أحاديثه بما يليق بحالها ، ولقد تتبعه الذهبي وحكم على أكثر أحاديثه بما يليق بحالها ، ولا يزال الكتاب بحاجة إلى تتبع وعناية
ب) صحيح ابن حبان : هذا الكتاب ترتيبه مٌخْتَرَع ، فليس مرتباً على الأبواب ولا على المسانيد ، ولهذا أسماء " التقاسيم والأنواع " والكشف على الحديث من كتابه هذا عَسِر جداً ، وقد رتبه بعض المتأخرين
ج) صحيح ابن خزيمة : هو أعلى مرتبة من صحيح ابن حبان لشدة تحريه حتى أنه يتوقف في التصحيح لأدني كلام في الإسناد
10- المٌسْتَخْرَجَا ت على الصحيحين :
أ) موضوع المستخرج :
هو أن يأتي المصنِّف إلى كتاب من كتب الحديث ، فيخرِّج أحاديثه بأسانيد لنفسه من غير طريق صاحب الكتاب ، فيجتمع معه في شيخه أو من فوقه .
ب) أشهر المستخرجات على الصحيحين:
1- المستخرج لأبي بكر الاسماعيلي على البخاري .
2- المستخرج لأبي عوانة الاسفراييني على مسلم .
3- المستخرج لأبي نعيم الأصبهاني على كل منهما .
ج) هل التزم أصحاب المستخرجات فيها موافقة الصحيحين في الألفاظ ؟
لم يلتزم مصنفوها موافقتهما في الألفاظ ، لأنهم إنما يروون الألفاظ التي وصلتهم من طريق شيوخهم لذلك فقد حصل فيها تفاوت قليل في بعض الألفاظ .
وكذلك ما أخرجه المؤلفون القدامى في تصانيفهم المستقلة كالبيهقي والبغوي وشبههما قائلين : " رواه البخاري " أو " رواه مسلم " فقد وقع في بعضه تفاوت في المعني وفي الألفاظ ، فمرادهم من قولهم " رواه البخاري ومسلم " أنهما رويا أصله .
د) هل يجوز أن ننقل منها حديثاً ونعزوه إليهما ؟ بناء على ما تقدم فلا يجوز لشخص أن ينقل من المستخرجات أو الكتب المذكورة آنفاً حديثاً ويقول رواه البخاري أو مسلم إلا بأحد أمرين :
1- أن يقابِل الحديث بروايتهما .
2- أو يقول صاحب المستخرَج أو المصنِّف " أخرجاه بلفظه" .
هـ) فوائد المستخرجات على الصحيحين :
للمستخرجات على الصحيحين فوائد كثيرة تقارب العشرة ، ذكرها السيوطي في تدريبه
1-علو الإسناد: لأن مصنف المستخرج لو روي حديثاً من طريق البخاري مثلا لوقع أنزل من الطريق الذي رواه به في المستخرج.
2- الزيادة في قدر الصحيح : لما يقع من ألفاظ زائدة وتتمات في بعض الأحاديث.
3- القوة بكثرة الطرق : وفائدتها الترجيح عند المعارضة.
11- ما هو المحكوم بصحته مما رواه الشيخان ؟
مر بنا أن البخاري ومسلماً لم يُدْخِلا في صحيحيهما إلا ما صح وأن الأمة تلقت كتابيهما بالقبول . فما هي الأحاديث المحكوم بصحتها والتي تلقتها الأمة بالقبول يا تري ؟
والجواب هو : أن ما روياه بالإسناد المتصل فهو المحكوم بصحته . وأما ما حذف من مبدأ إسناده راو أو أكثر ـ ويسمي المٌعَلَّق
أ*) فما كان منه بصيغة الجزم: كقال وأمر وذكر، فهو حكم بصحته عن المضاف إليه.
ب*) وما لم يكن فيه جزم : كيروى ويذكر ويحكي ، وروي وذكر فليس فيه حكم بصحته عن المضاف إليه ، ومع ذلك فليس فيه حديث واه لإدخاله في الكتاب المسمي بالصحيح.
12- مراتب الصحيح:
مر بنا أن بعض العلماء ذكروا أصح الأسانيد عندهم ، فبناء على ذلك وعلى تمكن باقي شروط الصحة يمكن أن يقال أن للحديث الصحيح مراتب .
أ*) فأعلي مراتبه ما كان مروياً بإسناد من أصح الأسانيد ، كمالك عن نافع عن ابن عمر.
ب*)ودون ذلك رتبة ما كان مروياً من طريق رجال هم أدني من رجال الإسناد الأول ، كراوية سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة .
ث*)ودون ذلك رتبة ما كان من رواية من تحققت فيهم أدني ما يصدق عليهم وصف الثقة، كرواية سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة .
ويلتحق بهذه التفاصيل تقسيم الحديث الصحيح إلى سبع مراتب وهي:
1- ما اتفق عليه البخاري ومسلم ( وهو أعلى المراتب ).
2- ثم ما انفرد به البخاري.
3- ثم ما انفرد به مسلم.
4- ثم ما كان على شرطهما ولم يخرجاه .
5- ثم ما كان على شرط البخاري ولم يخرجه .
6- ثم ما كان على شرط مسلم ولم يخرجه
7- ثم ما صح عند غيرهما من الأئمة كابن خزيمة وابن حبان مما لا يكن على شرطهما.
13- شرط الشيخين:
لم يٌفصح الشيخان عن شرط شرطاه أو عيناه زيادة على الشروط المتفق عليها في الصحيح، لكن الباحثين من العلماء ظهر لهم من التتبع والاستقراء لأساليبهما ما ظنه كل منهم أنه شرطهما أو شرط واحد منهما.
وأحسن ما قيل في ذلك أن المراد بشرط الشيخين أو أحدهما أن يكون الحديث مروياً من طريق رجال الكتابين أو أحدهما مع مراعاة الكيفية التي التزمها الشيخان في الرواية عنهم.
14- معنى قولهم: " مٌتَّفَقُ عليه ":
إذا قال علماء الحديث عن حديث " متفق عليه " فمرادهم اتفاق الشيخين ، أي اتفاق الشيخين على صحته ، لا اتفاق الأمة إلا أن ابن الصلاح قال : " لكن اتفاق الأمة عليه لازِمُ من ذلك وحاصل معه ، لاتفاق الأمة على تلقي ما اتفقا عليه بالقبول
15- هل يشترط في الصحيح أن يكون عزيزاً ؟ :
الصحيح أنه لا يشترط في الصحيح أن يكون عزيزاً ، بمعنى أن يكون له إسنادان ، لأنه يوجد في الصحيحين وغيرهما أحاديث صحيحة وهي غريبة ،وزعم بعض العلماء ذلك كأبي على الجٌبَّائي المعتزلي والحاكم ، وقولهم هذا خلاف ما اتفقت عليه الأمة .
جزاك الله خيرا، ويضاف إلى ما تفضلت بإفادته؛ أن الحديث الذي يحكم عليه بأنه على شرط الشيخين صورته كالآتي:
إذا أخرج الشيخين لرواة الحديث أو أحدهما في أصل الصحيحين محتجا بهم ، لا في المتابعات أو الشواهد أو مقرونين بغيرهم من الرواة، أو في مقدمة صحيح الإمام مسلم ، على الهيئة التي ذكراها في كتابيهما ؛ أو كتاب أحدهما.
هذا مقصودهم بهذه العبارة ، ولا يشترط أن يكون كل رواة السند ممن أخرج لهم الشيخين أو أحدهما في الصحيح على الهيئة المذكورة بل يكفي ثلاثة منهم الموصلون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى مثل هذا المعنى ألف الحاكم " المستدرك "قال رحمه الله في (1/ 44) في بيان هذا المعنى من نفس الكتاب:
" وأنا أستعين الله على إخرج أحاديث رواتها ثقات ، وقد احتج بمثلها الشيخان رضي الله عنهما أو أحدهما، وهذا شرط الصحيح عند كافة فقهاء أهل الإسلام إن الزيادة في الأسانيد والمتون من الثقات مقبولة"
قلت: وهذه فائدة نفيسة فاغتنمها يرحمك الله.
وهناك فائدة أخرى في تخريح الحديث فإذا قال المحدث رواه النسائي مثلا ؛فقد رواه إما بنفس اللفظ أو بلفظ مشابه لأصل الحديث، والأولى والأجمل بالمحقق أن يبين اختلاف الألفاظ زيادة في الفائدة.
بارك الله فيكم
" قلت:
كذا اكتفى المؤلف الفاضل للحكم على الحديث بأنه على شرط الشيخين أو أحدهما بهذين الشرطين:
الأول: أن يكون رجال هذا الحديث من رجال الشيخين أو أحدهما.
الثاني: أن يراعي الكيفية التي التزمها الشيخان في الرواية عنهم...".
" وهذان الشرطان المذكوران شرطان صحيحان، إلا أنهما غير كافيين، بل هناك شروط أخرى اشترطها أهل العلم -عليهم رحمة الله تعالى- وهي:
الأول: أن يكون الرواة ممن أخرج لهم الشيخان أو أحدهما -بهذه الكيفية- احتجاجا، لافي الشواهد والمتابعات والتعاليق أو مقرونا.
الثاني: أن يكون الشيخان قد احتجا أو أحدهما برواة الحديث جميعا على نفس الكيفية، لكن إذا كان بعض رواة الحديث ممن احتج به البخاري فقط والبعض الآخر احتج به مسلم فقط، فليس هذا الحديث على شرطهما، ولا على شرط أحدهما...".
" قلت: وكذا؛ إذا روي الحديث بإسنادين: أحدهما على شرط البخاري، والآخر على شرط مسلم، لايقال في مثل هذا: (هو على شرطهما) حتى يكون الحديث قد تحقق فيه شرط الشيخين في إسناد معين.".
المصدر:إصلاح الاصطلاح للشيخ طارق بن عوض الله
جزاكم الله خيرا ؛ نعم ما ذكره الشيخ طارق بن عوض الله حفظه الله هو الذي عليه حذاق المحدثين جزاهم الله خيرا ، فلا يطلق وصف على شرط الشيخين حتى يتوفر فيه الشروط التي أشار إليها الشيخ جزاه الله خيرا.
وهنا فائدة أود الإشارة إليها وهي أن هذا الوصف ليس شرطا للصحيح ولا يلزم منه صحة الحديث؛ إذ قد يوجد سند على شرط الشيخين أو أحدهما ولكن فيه علة تقدح فيه مثل ضعف أحد رواة السند الزائد على رواة الشيخين أو أحدهما أوفيه انقطاع في هذا الجزء، أو وجود علة في المتن ؛ كالقلب أو الاضطراب أو نحوهما .
والمقصود أن هذا الوصف عند إطلاقه وحده بأن يقول المحدث : " هذا الحديث على شرط الشيخين " ويسكت المحث ؛ نعم يستفاد منه أنه حديث صحيح على شرط الشيخين إذا توفرت فيه شروطهما ، أما إذا لم يتوفر فيه شروطهما فينبغي أن يتعقب القول الأول بما يبين حال الحديث فيقول مثلا : " حديث على شرط الشيخين إلا أن فيه قلبا في المتن مثلا أو راوي ضعيف في بداية سنده المزيد وهكذا.
ولهذا يتعقب الشيخ الألباني رحمه الله الحاكم في المستدرك على إطلاقه هذا الوصف وليس متحقق فيه شروطهما مثال ذلك حديث: " لا يحلف عند هذا المنبر عبد ولا أمة على يمين آثمة ، ولو على سواك رطب ، إلا وجبت له النار "
فقال الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين ، فإن الحسن بن يزيد هذا هو أبو يونس القوي العابد "
ووافقه الذهبي فقال: " صحيح "
وتعقبهما الشيخ الألباني فقال في الإرواء (8/ 313ـ 314):
" قلت: وهذا هو الصواب أنه صحيح فقط، فإن أبا يونس هذا لم يخرج له من الستة سوى ابن ماجه، فليس على شرط الشيخين !"انتهى.
قلت: ولهذا ينبغي أخذ هذا الوصف بكثير من الحيطة والحذر خاصة ممن لم يعرف منهجه في إطلاق هذا الوصف من مصنف في تخريج السنة النبوية، فإن العلماء اختلفوا في بيان معنى هذا الوصف على أقوال، وقد أشار إلى بعضها ابن الصلاح في " المقدمة " إن لم تخني الذاكرة.
وذكر هذا الوصف في حديث صحيح توفرت فيه شروطهما، مما يزكي الحديث ويرفع من رتبة صحته، فإن الأمة الإسلامية قد تلقت كتابيها بالتسليم والقبول فهما أصح كتابين بعد كتاب الله تعالى.
وقد وجد العلماء كثيرا من الأحاديث الصحاح على شرطهما ولم يخرجاه في كتابيهما، فجزى الله الجميع خير الجزاء، ووفقنا وإياكم لأن نسير على آثارهم وتقتفي منهجهم، فإن الخير كل الخير في الاتباع.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري :
أن البخاري يذهب إلى جواز تقطيع الحديث ، إذا كان ما يفصله منه لا يتعلق بما قبله ولا بما بعده تعلقا يفضي إلى فساد المعنى ، فصنيعه كذلك يوهم من لا يحفظ الحديث أن المختصر غير التام ، لا سيما إذا كان ابتداء المختصر من أثناء التام كما وقع في هذا الحديث فإن أوله هنا قوله - صلى الله عليه وسلم - " أريت النار " إلى آخر ما ذكر منه ، وأول التام عن ابن عباس قال : خسفت الشمس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر قصة صلاة الخسوف ثم خطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - وفيها القدر المذكور هنا ،
فمن أراد عد الأحاديث التي اشتمل عليها الكتاب يظن أن هذا الحديث حديثان أو أكثر لاختلاف الابتداء ، وقد وقع في ذلك من حكى أن عدته بغير تكرار أربعة آلاف أو نحوها كابن الصلاح والشيخ محيي الدين ومن بعدهما ، وليس الأمر كذلك بل عدته على التحرير ألفا حديث وخمسمائة حديث وثلاثة عشر حديثا كما بينت ذلك مفصلا في المقدمة .
قال الشيخ طارق بن عوض الله:
قلت: لاشك أن (الصحيحين) لم يستوعبا الصحيح، ولاشك أيضا أن هذه الكتب التي ذكرها المؤلف الفاضل فيها من الصحيح الزائد على ما في (الصحيحين).
ولكن؛ اشتراط الشيخ لتصحيح الحديث أن ينص إمام على صحته أو يخرج في كتاب من شرط الاقتصار على الصحيح، اشتراط غير مسلَّم، إلا أن يكون ذلك في حق المقلد، أما غير المقلد فلا.
ثم مقتضى قول المؤلف الفاضل هذا:
أنه يؤخذ ما نص هؤلاء الذين سماهم وغيرهم على صحته أو وجد في كتاب من اشتراط الصحيح منهم أو من غيرهم.
وهذا لا أراه ينسجم مع ما قاله عقب ذلك مباشرة، عندما تكلم عن ( المستدرك) للحاكم، وعن (صحيحي: ابن خريمة وابن حبان)...
وقال الشيخ أيضا:
وينبغي لطالب العلم أن يعلم: أن الحاكم وابن حبان، بل وابن خزيمة أيضا، إنما يحكمون على الحديث بالصحة بناءا على ظاهر الإسناد غالبا، وليس من مذهبهم اشتراط التحقق من كون الحديث سالما من الشذوذ والعلة، نعم إذا ظهر لهم ذلك اعتمدوه، إلا أنهم لا يجعلونه شرطا واجبا توفره في كل حديث يحكمون له بالصحة.
ومعلوم أن تحقق هذين الشرطين أمر ضروري للحكم على الحديث بالصحة عندنا، فمعنى قبولنا لتصحيحهم من غير نظر، أننا سننقض ما أصلناه وقعدناه من شروط الصحيح.
كلام متين من شيخي الحبيب أبي معاذ.
بارك الله فيكم وفي شيخكم أبي معاذ
قال ابن حجر رحمه الله في النكت على كتاب ابن الصلاح:
(وهو ما يتعلق بالمستخرجات ففيه نظر – أيضا – لأن كتاب أبي عوانة وإن سماه بعضهم مستخرجا على مسلم فإن له فيه أحاديث كثيرة مستقلة في أثناء الأبواب، نبه هو على كثير منها، ويوجد فيها الصحيح والحسن والضعيف – أيضا – والموقوف.
وأما كتاب الإسماعيلي، فليس فيه أحاديث مستقلة زائدة، وإنما تحصل الزيادة في أثناء بعض المتون، والحكم بصحتها متوقف على أحوال رواتها.
فرب حديث أخرجه البخاري من طريق بعض أصحاب الزهري عنه – مثلا – فاستخرجه الإسماعيلي وساقه من طريق آخر من أصحاب الزهري بزيادة فيه، وذلك الآخر ممن تكلم فيه فلا يحتج بزيادته.
وقد ذكر المؤلف – بعدُ – أن أصحاب المستخرجات لم يلتزموا موافقة الشيخين في ألفاظ الحديث بعينها.
والسبب فيه أنهم أخرجوها من غير جهة البخاري ومسلم، فحينئذ يتوقف الحكم بصحة الزيادة على ثبوت الصفات المشترطة في الصحيح للرواة الذين بين صاحب المستخرج وبين من اجتمع مع صاحب الأصل الذي استخرج عليه، وكلما كثرت الرواة بينه وبين من اجتمع مع صاحب الأصل فيه افتقر إلى زيادة التنقير، وكذا كلما بعد عصر المستخرج من عصر صاحب الأصل كان الإسناد كلما كثرت رجاله احتاج الناقد له إلى كثرة البحث عن أحوالهم.
فإذا روى البخاري - مثلا –عن علي بن المديني عن سفيان بن عيينة عن الزهري حديثا، ورواه الإسماعيلي - مثلا – عن بعض مشايخه عن الحكم بن موسى عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن الزهري واشتمل حديث الأوزاعي على زيادة على حديث ابن عيينة، توقف الحكم بصحتها على تصريح الوليد بسماعه من الأوزاعي، وسماع الأوزاعي من الزهري؛ لأن الوليد بن مسلم من المدلسين على شيوخه وعلى شيوخ شيوخه.
وكذا يتوقف على ثبوت صفات الصحيح لشيخ الإسماعيلي، وقس على هذا جميع ما في المستخرج.
وكذا الحكم في باقي المستخرجات.فقد رأيت بعضهم حيث يجد أصل الحديث اكتفى بإخراجه ولو لم تجتمع الشروط في رواته.
بل رأيت في مستخرج أبي نعيم وغيره الرواية عن جماعة من الضعفاء، لأن أصل مقصودهم بهذه المستخرجات أن يعلو إسنادهم، ولم يقصدوا إخراج هذه الزيادات وإنما وقعت اتفاقا. والله أعلم.) ا. هـ
قال الشيخ طارق بن عوض الله:... وهو كلام قوي متبن ، حقيق بأن يوزن بماء الذهب، فرحمه الله، وبل بالمغفرة ثراه.
قال الشيخ طارق بن عوض الله:
... فالحاكم لم يراع في (المستدرك) هذين الشرطين أصلا(1)؛ فإنه خرج في كتابه لرواة ليس لهم ذكر في البخاري ولا في مسلم، ومن أخرج لهم البخاري ومسلم، لا يراعي في إخراجه لهم الكيفية التي راعاها الشيخان.
فإذا كان الراوي ممن في روايته تفصيل، كالمدلس والمختلط ونحوهما فإن الشيخين ينتقيان من حديثه ما ترجح لهما أنه مما حفظه، بينما الحاكم يخرج لأمثال هؤلاء دون مراعاة ذلك.
______________________________ __________
(1)الأول: أن يكون رجال هذا الحديث من رجال الشيخين.
الثاني: أن يراعى الكيفية التي التزمها الشيخان في الرواية عنهم.
في تدريب الراوي للسيوطي رحمه الله:
“فائدة : قال شيخ الإسلام : تقديم الحديث على السند يقع لابن خزيمة إذا كان في السند من فيه مقال فيبتدئ به ، ثم بعد الفراغ يذكر السند.
قال: وقد صرح ابن خزيمة بأن من رواه على غير ذلك الوجه لا يكون في حل منه.".
قال الشيخ طارق بن عوض الله:
واعلم أيضا؛ أن ابن خزيمة أحيانا يخرج الحديث مع قوله عليه: ( إن صح الخبر)، أو (وفي القلب منه) أو نحو ذلك، وهذه الأخبار التي قال فيها مثل ذلك لاينبغي أن يعتبر ابن خزيمة مصححا لها لمجرد أنه أدخلها في (صحيحه)؛ لأنه لم يسكت، بل بين بمثل قوله هذا أنها ليس من شرط كتابه.
قال الشيخ طارق بن عوض الله:
قلت:
لم يتعرض المؤلف الفاضل لحال الأحاديث التي يسندها الإمام مسلم رحمه الله في مقدمة (صحيحه) هل لها حكم أحاديث (الصحيح) أم لا؟
والظاهر من صنيع أهل العلم التفريق، وأن أحاديث مقدمة (صحيح مسلم) ليست من شرط مسلم في (الصحيح)، فلا تعامل معاملة أحاديث (الصحيح)، بل ينظر في أسانيدها ويحكم عليها بحسب ما تستحقه.
...ونص الإمام ابن القيم في (الفروسية)(ص:44) على ذلك، فقال:
(ومسلم لم يشترط في مقدمة كتابه ما اشترطه في الكتاب من الصحة؛ فلها شأن ولسائر كتابه شأن آخر، ولايشك أهل الحديث في ذلك) اهـ.