للرفع
عرض للطباعة
للرفع
تابع الحلقة الحادية عشرة :
الأثر الحادي عشر :
يرويه مسلم رحمه الله عن ابن راهويه ـ وقد تقدم ذكره ـ ومحمد بن رافعت 124 ـ تقدم ذكره أيضا .
وعبد بن حميد هو عبد الحميد بن نصر الجوَّال ، الكَشي ـ بالفتح ثم مشددة ، أو الكِسي ـ بالكسر ثم مشددة ، كما في الأنساب للسمعاني 5 / 70 ، 78 ـ وكانت إليه الرحلة من أقطار الارض ، و كان جليل القدر، ممن جمع وصنف. وكسي : نسبة إلى بلدة بما وراء النهر، يقال لها: كس . وقد ذكر الحفاظ في تواريخهم أن اسم هذه البلدة كس، بكسر الكاف والسين غير المنقوطة، والنسبة إليها: كسي.غير أن المشهور: كش، بفتح الكاف والشين المنقوطة، والكشي: منسوب إلى قرية قريبة من سمرقند . ( نقلا من الأنساب ) .
وعبد بن حميد ت 249 صاحب المسند الكبير ، والمطبوع هو المنتخب ، وله تفسير كبير نافع جدا ، ولم يطبع ـ وهو على هامش أصل تفسير ابن أبي حاتم .
ـ وعبد الرزاق هو ابن همام الحميري ، أبو بكر الصنعاني ، ثقة حافظ مصنف شهير عمى فى آخر عمره فتغير ، وقيل : كان يتشيع . لكن قال عن نفسه : أفضل الشيخين بتفضيل على إياهما على نفسه ، و لو لم يفضلهما لم أفضلهما ، كفى بى آزرا أن أحب عليا ثم أخالف قوله .
وكان من أثبت الناس في حديث معمر بن راشد ، وعموما إذا حدث من كتبه كان حافظا ، وإذا حدث من حفظه ربما أخطأ ، وكان يحيى بن معين لا يحدث عنه إلا إذا حدث من كتبه.
ومعمر ـ تقدم ذكره ـ والزهري ثقة حافظ إمام جليل من جِلة التابعين وأكابرهم . وتقدم ذكره أيضا .
ـ عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود : ثقة فقيه أحد الفقهاء السبعة .
والفقهاء السبعة هم : سعيد بن المسيب ـ عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ـ خارجة بن زيد بن ثابت ـ القاسم بن محمد ـ سليمان بن يسار ـ أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ـ سالم بن عبد الله بن عمر .
وقيل : عروة بن الزبير ـ أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، مكان سليمان وخارجة ، وقيل غير ذلك .
وأصل الحديث الذي ذكره مسلم هنا مختصرا ، مطول عند البخاري في صحيحه عن ابن عباس قَالَ :
كُنْتُ أُقْرِئُ رِجَالًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مِنْهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَبَيْنَمَا أَنَا فِي مَنْزِلِهِ بِمِنًى وَهُوَ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّهَا إِذْ رَجَعَ إِلَيَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقَالَ : لَوْ رَأَيْتَ رَجُلًا أَتَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ الْيَوْمَ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ : هَلْ لَكَ فِي فُلَانٍ يَقُولُ : لَوْ قَدْ مَاتَ عُمَرُ لَقَدْ بَايَعْتُ فُلَانًا فَوَاللهِ مَا كَانَتْ بَيْعَةُ أَبِي بَكْرٍ إِلَّا فَلْتَةً فَتَمَّتْ فَغَضِبَ عُمَرُ ثُمَّ قَالَ : إِنِّي إِنْ شَاءَ اللهُ لَقَائِمٌ الْعَشِيَّةَ فِي النَّاسِ فَمُحَذِّرُهُمْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَغْصِبُوهُمْ (يُعْضِبُوهُمْ) أُمُورَهُمْ ، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ : فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَا تَفْعَلْ فَإِنَّ الْمَوْسِمَ يَجْمَعُ رَعَاعَ النَّاسِ وَغَوْغَاءَهُمْ فَإِنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ يَغْلِبُونَ عَلَى قُرْبِكَ حِينَ تَقُومُ فِي النَّاسِ وَأَنَا أَخْشَى أَنْ تَقُومَ فَتَقُولَ مَقَالَةً يُطَيِّرُهَا (يَطِيرُ بِهَا) عَنْكَ كُلُّ مُطَيِّرٍ وَأَنْ لَا يَعُوهَا وَأَنْ لَا يَضَعُوهَا عَلَى مَوَاضِعِهَا فَأَمْهِلْ حَتَّى تَقْدَمَ الْمَدِينَةَ فَإِنَّهَا دَارُ الْهِجْرَةِ وَالسُّنَّةِ فَتَخْلُصَ بِأَهْلِ الْفِقْهِ وَأَشْرَافِ النَّاسِ فَتَقُولَ مَا قُلْتَ مُتَمَكِّنًا فَيَعِي أَهْلُ الْعِلْمِ مَقَالَتَكَ وَيَضَعُونَهَا عَلَى مَوَاضِعِهَا فَقَالَ عُمَرُ : أَمَا وَاللهِ (أَمَ وَاللهِ) إِنْ شَاءَ اللهُ لَأَقُومَنَّ بِذَلِكَ أَوَّلَ مَقَامٍ أَقُومُهُ بِالْمَدِينَةِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فِي عُقْبِ (عَقِبِ) ذِي الْحَجَّةِ فَلَمَّا كَانَ يَوْمَُ الْجُمُعَةِ عَجَّلْنَا (عَجَّلْتُ)الرَّ وَاحَ (بِالرَّوَاحِ) حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ حَتَّى أَجِدَ سَعِيدَ بْنَ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ جَالِسًا إِلَى رُكْنِ الْمِنْبَرِ فَجَلَسْتُ حَوْلَهُ تَمَسُّ رُكْبَتِي رُكْبَتَهُ فَلَمْ أَنْشَبْ أَنْ خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَلَمَّا رَأَيْتُهُ مُقْبِلًا قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ لَيَقُولَنَّ الْعَشِيَّةَ مَقَالَةً لَمْ يَقُلْهَا مُنْذُ اسْتُخْلِفَ فَأَنْكَرَ عَلَيَّ وَقَالَ مَا عَسَيْتَ أَنْ يَقُولَ مَا لَمْ يَقُلْ قَبْلَهُ فَجَلَسَ عُمَرُ عَلَى الْمِنْبَرِ فَلَمَّا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُونَ قَامَ فَأَثْنَى عَلَى اللهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ : أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنِّي قَائِلٌ لَكُمْ مَقَالَةً قَدْ قُدِّرَ لِي أَنْ أَقُولَهَا لَا أَدْرِي لَعَلَّهَا بَيْنَ يَدَيْ أَجَلِي فَمَنْ عَقَلَهَا وَوَعَاهَا فَلْيُحَدِّثْ بِهَا حَيْثُ انْتَهَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ وَمَنْ خَشِيَ أَنْ لَا يَعْقِلَهَا فَلَا أُحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَكْذِبَ عَلَيَّ : إِنَّ اللهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَقِّ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ فَكَانَ مِمَّا (فِيمَا) أَنْزَلَ اللهُ آيَةَ (آيَةُ) الرَّجْمِ فَقَرَأْنَاهَا وَعَقَلْنَاهَا وَوَعَيْنَاهَا رَجَمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ فَأَخْشَى إِنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ وَاللهِ مَا نَجِدُ آيَةَ الرَّجْمِ فِي كِتَابِ اللهِ فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللهُ وَالرَّجْمُ فِي كِتَابِ اللهِ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى إِذَا أُحْصِنَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ أَوْ كَانَ الْحَبَلُ أَوِ الِاعْتِرَافُ ثُمَّ إِنَّا كُنَّا نَقْرَأُ فِيمَا نَقْرَأُ مِنْ كِتَابِ اللهِ أَنْ لَا تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ فَإِنَّهُ كُفْرٌ بِكُمْ أَنْ تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ أَوْ إِنَّ كُفْرًا بِكُمْ أَنْ تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ أَلَا ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تُطْرُونِي كَمَا أُطْرِيَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَقُولُوا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ ثُمَّ إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ قَائِلًا مِنْكُمْ يَقُولُ وَاللهِ لَوْ قَدْ مَاتَ عُمَرُ بَايَعْتُ فُلَانًا فَلَا يَغْتَرَّنَّ امْرُؤٌ أَنْ يَقُولَ إِنَّمَا كَانَتْ بَيْعَةُ أَبِي بَكْرٍ فَلْتَةً وَتَمَّتْ أَلَا وَإِنَّهَا قَدْ كَانَتْ كَذَلِكَ وَلَكِنَّ اللهَ وَقَى شَرَّهَا وَلَيْسَ مِنْكُمْ (فِيكُمْ) مَنْ تُقْطَعُ الْأَعْنَاقُ إِلَيْهِ مِثْلُ أَبِي بَكْر مَنْ بَايَعَ رَجُلًا عَنْ (مِنْ) غَيْرِ مَشُورَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَلَا يُبَايَعُ هُوَ وَلَا الَّذِي بَايَعَهُ تَغِرَّةً أَنْ يُقْتَلَا وَإِنَّهُ قَدْ كَانَ مِنْ خَبَرِنَا حِينَ تَوَفَّى اللهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْأَنْصَارَ خَالَفُونَا وَاجْتَمَعُوا بِأَسْرِهِمْ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ وَخَالَفَ عَنَّا عَلِيٌّ وَالزُّبَيْرُ وَمَنْ مَعَهُمَا وَاجْتَمَعَ الْمُهَاجِرُونَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقُلْتُ لِأَبِي بَكْرٍ يَا أَبَا بَكْرٍ انْطَلِقْ بِنَا إِلَى إِخْوَانِنَا هَؤُلَاءِ مِنَ الْأَنْصَارِ فَانْطَلَقْنَا نُرِيدُهُمْ فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنْهُمْ لَقِيَنَا مِنْهُمْ رَجُلَانِ صَالِحَانِ فَذَكَرَا مَا تَمَالَأَ (تَمَالَى) عَلَيْهِ الْقَوْمُ فَقَالَا أَيْنَ تُرِيدُونَ يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ فَقُلْنَا نُرِيدُ إِخْوَانَنَا هَؤُلَاءِ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَا : لَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَقْرَبُوهُمُ اقْضُوا أَمْرَكُمْ فَقُلْتُ وَاللهِ لَنَأْتِيَنَّهُ مْ فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَاهُمْ فِي
سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ فَإِذَا رَجُلٌ مُزَمَّلٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا فَقَالُوا هَذَا سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ فَقُلْتُ مَا لَهُ قَالُوا يُوعَكُ فَلَمَّا جَلَسْنَا قَلِيلًا تَشَهَّدَ خَطِيبُهُمْ فَأَثْنَى عَلَى اللهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَنَحْنُ أَنْصَارُ اللهِ وَكَتِيبَةُ الْإِسْلَامِ وَأَنْتُمْ مَعْشَرَ (مَعاشِرَ) الْمُهَاجِرِينَ رَهْطٌ وَقَدْ دَفَّتْ دَافَّةٌ مِنْ قَوْمِكُمْ فَإِذَا هُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يَخْتَزِلُونَا مِنْ أَصْلِنَا وَأَنْ يَحْضُنُونَا مِنَ الْأَمْرِ فَلَمَّا سَكَتَ أَرَدْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ وَكُنْتُ قَدْ زَوَّرْتُ مَقَالَةً أَعْجَبَتْنِي أُرِيدُ (أَرَدْتُ) أَنْ أُقَدِّمَهَا بَيْنَ يَدَيْ أَبِي بَكْرٍ وَكُنْتُ أُدَارِي مِنْهُ بَعْضَ الْحَدِّ فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى رِسْلِكَ فَكَرِهْتُ أَنْ أُغْضِبَهُ (أَعْصِيَهُ) فَتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَكَانَ هُوَ أَحْلَمَ مِنِّي وَأَوْقَرَ وَاللهِ مَا تَرَكَ مِنْ كَلِمَةٍ أَعْجَبَتْنِي فِي تَزْوِيرِي إِلَّا قَالَ فِي بَدِيهَتِهِ مِثْلَهَا أَوْ أَفْضَلَ مِنْهَا حَتَّى سَكَتَ فَقَالَ مَا ذَكَرْتُمْ فِيكُمْ مِنْ خَيْرٍ فَأَنْتُمْ لَهُ أَهْلٌ وَلَنْ يُعْرَفَ هَذَا الْأَمْرُ إِلَّا لِهَذَا الْحَيِّ مِنْ قُرَيْشٍ هُمْ (هُوَ) أَوْسَطُ الْعَرَبِ نَسَبًا وَدَارًا وَقَدْ رَضِيتُ لَكُمْ أَحَدَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ فَبَايِعُوا أَيَّهُمَا شِئْتُمْ فَأَخَذَ بِيَدِي وَبِيَدِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ وَهُوَ جَالِسٌ بَيْنَنَا فَلَمْ أَكْرَهْ مِمَّا قَالَ غَيْرَهَا كَانَ وَاللهِ أَنْ أُقَدَّمَ فَتُضْرَبَ عُنُقِي لَا يُقَرِّبُنِي ذَلِكَ مِنْ إِثْمٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَأَمَّرَ عَلَى قَوْمٍ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ تُسَوِّلَ إِلَيَّ (لِي) نَفْسِي عِنْدَ الْمَوْتِ شَيْئًا لَا أَجِدُهُ الْآنَ فَقَالَ قَائِلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ أَنَا جُذَيْلُهَا الْمُحَكَّكُ وَعُذَيْقُهَا الْمُرَجَّبُ مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ فَكَثُرَ اللَّغَطُ وَارْتَفَعَتِ الْأَصْوَاتُ حَتَّى فَرِقْتُ مِنَ الِاخْتِلَافِ فَقُلْتُ ابْسُطْ يَدَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ فَبَسَطَ يَدَهُ فَبَايَعْتُهُ وَبَايَعَهُ الْمُهَاجِرُونَ ثُمَّ بَايَعَتْهُ الْأَنْصَارُ وَنَزَوْنَا عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ قَتَلْتُمْ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فَقُلْتُ قَتَلَ اللهُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ قَالَ عُمَرُ وَإِنَّا وَاللهِ مَا وَجَدْنَا فِيمَا حَضَرْنَا (حَضَرَنَا) مِنْ أَمْرٍ أَقْوَى مِنْ مُبَايَعَةِ أَبِي بَكْرٍ خَشِينَا إِنْ فَارَقْنَا الْقَوْمَ وَلَمْ تَكُنْ بَيْعَةٌ أَنْ يُبَايِعُوا رَجُلًا مِنْهُمْ بَعْدَنَا فَإِمَّا بَايَعْنَاهُمْ (تَابَعْنَاهُمْ) عَلَى مَا لَا نَرْضَى وَإِمَّا نُخَالِفُهُمْ فَيَكُونُ فَسَادٌ (فَسَادًا) فَمَنْ بَايَعَ رَجُلًا عَلَى غَيْرِ مَشُورَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَلَا يُتَابَعُ هُوَ وَلَا الَّذِي بَايَعَهُ تَغِرَّةً أَنْ يُقْتَلَا .
فتح الله عليكم يا شيخ أبا مالك
بورك فيكم ، سعدت بمروركم الكريم ، لا حرمنا الله منك ومن فوائدك .
الأثر الثاني عشر :
قال مسلم رحمه الله :
- حدثنا أبو بكر بن نافع، ثنا عمر بن علي، عن هشام عن أبيه، عن عبدالله بن عمرو، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول، ثم لقيت عبدالله ابن عمرو على رأس الحول، فسألته، فرد علي الحديث كما حدث. قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: "إن الله جل و عز لا ينتزع العلم".أهـ
قلت : يرويه مسلم عن أبي بكر بن نافع ، وهو محمد بن أحمد بن نافع العبدى القيسي ، أبو بكر البصرى، مشهور بكنيته ، ت بعد 240 هـ ، صدوق .
وعمر بن علي هو المقدمي ت 190 أو بعدها ، ثقة إلا أنه كان يدلس تدليس السكوت ، قال ابن سعد : كان ثقة ، و كان يدلس تدليسا شديدا يقول : سمعت و حدثنا ، ثم يسكت ثم يقول : هشام بن عروة ، والأعمش . وقال عفان بن مسلم : كان رجلا صالحا ، ولم يكونوا ينقمون عليه غير التدليس ، وأما غير ذلك فلا ، و لم أكن أقبل منه حتى يقول " حدثنا " .
وقال أبو حاتم : محله الصدق ، ولولا تدليسه لحكمنا له إذا جاء بزيادة ، غير أنا نخاف أن يكون أخذه عن غير ثقة .
وهشام بن عروة ثقة جليل حجة وحديثه القديم أقوى .
وعروة بن الزبير أبوه أحد الفقهاء السبعة كما تقدم قريبا . وعبد الله بن عمرو الصحابي الجليل المعروف .
وبهذا الاسناد أخرجه مسلم ( 13 - م - ( 2673 ) وقال بعد ذكره بعض الأسانيد: وزاد في حديث عمر بن علي ثم لقيت عبدالله بن عمرو على رأس الحول فسألته فرد علينا الحديث كما حدث قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول .
والحديث أخرجه البخاري ( 100 ، 7307 ) ، ومسلم ( 2673 ) من طرق عن هشام بن عروة به .
وقوله : ( ثم لقيت عبد الله بن عمرو على رأس الحول فسألته ..) يبين سببه أن عائشة أنكرت ذلك كما في رواية مسلم في الصحيح 14 - ( 2673 ) : أن عائشة قالت لعروة : يا ابن أختي ، بلغني أن عبدالله بن عمرو مار بنا إلى الحج فالقه فسائله فإنه قد حمل عن النبي صلى الله عليه وسلم علما كثيرا ، قال : فلقيته فسألته عن أشياء يذكرها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال عروة : فكان فيما ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "إن الله لا ينتزع العلم من الناس انتزاعا ولكن يقبض العلماء فيرفع العلم معهم ويبقى في الناس رؤسا جهالا يفتونهم بغير علم فيضلون ويضلون ". قال عروة : فلما حدثت عائشة بذلك أعظمت ذلك وأنكرته قالت : أحدثك أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول هذا ؟
قال عروة : حتى إذا كان قابل قالت له : إن ابن عمرو قد قدم فالقه ثم فاتحه حتى تسأله عن الحديث الذي ذكره لك في العلم . قال : فلقيته فسألته ، فذكره لي نحو ما حدثني به في مرته الأولى قال عروة فلما أخبرتها بذلك قالت ما أحسبه إلا قد صدق أراه لم يزد فيه شيئا ولم ينقص .
الأثر الثالث عشر :
حدثنا إسحاق، أخبرنا مروان يعني - ابن معاوية - ثنا الأعمش، عن عمارة ابن عمير قال: إن كان أبو معمر عبدالله بن سخبرة ليلحق أبا برزة أن يسمع منه.أهـ
قلت : إسحاق بن راهويه ، تقدم ذكره .
ومروان بن معاوية هو الفزاري ، ثقة يدلس تدليس الشيوخ .
قال الذهبي في السير 9 / 53 : قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: ثِقَةٌ فِيْمَا رَوَى عَنِ المَعْرُوْفِيْن َ، وَضَعَّفَهُ فِيْمَا رَوَى عَنِ المَجْهُوْلِيْن َ.قُلْتُ: إِنَّمَا الضَّعفُ مِنْ قِبَلِهِم، كَانَ يَرْوِي عَنْ كُلِّ ضَرْبٍ، وَقَدْ كَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ مَع جَلاَلَتِه يَفْعَلُ كَذَلِكَ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ الجُنَيْدِ: قَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: كَانَ مَرْوَانُ يَلتَقِطُ الشُّيُوْخَ مِنَ السِّكَكِ.
وَقَالَ العِجْلِيُّ: ثِقَةٌ، ثَبْتٌ، مَا حَدَّثَ عَنِ المَعْرُوْفِيْن َ، وَمَا حَدَّثَ عَنِ المَجْهُوْلِيْن َ فَفِيْهِ مَا فِيْهِ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ، لاَ يُدْفَعُ عَنْ صِدْقٍ، وَتَكثُرُ رِوَايَتُهُ عَنِ الشُّيُوْخِ المَجْهُوْلِيْن َ.أهـ
ـ والأعمش ثقة حافظ ، ت 147 هـ ، إلا أنه يدلس ، وقد انتقى الشيخان حديثه .
ـ وعمارة بن عمير ثقة ثبت ، ت نحو المائة .
وعبد الله بن سخبرة أبو معمر ثقة من كبار التابعين .
وأبو برزة هو : نضلة بن عبيد بن عابد ، ت بعد 65 هـ ، وهو صحابي جليل ، روايته في الكتب الستة ( ع )
ولم أجد هذه الرواية بلفظها هكذا ، وإنما وجدت ابن أبي شيبة أخرجها بنحوها فقال : حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَن عُمَارَةَ ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ ، أَنَّهُ كَانَ يَتْبَعُ اللَّحْنَ فِي الْحَدِيثِ كَيْ يَجِيءُ بِهِ كَمَا سَمِعَ.أهـ
والأثر يدل على اعتناء التابعين رحمهم الله بالسماع والحفظ والضبط .
بارك الله فيكم ،، أريد معرفةكيفية تصنيف الراوي بهذا الشكل :
ثقه ثبت فيما روى عن المعروفين ..
وضعفه فيما روى عن المجهولين ..
إذن الراوي نحكم عليه أنه ثقه ، ما سبب قولهم : " وضعفه فيما روى عن المجهولين" فالضعف ليس في الراوي نفسه وإنما في جهالة الرواة المأخوذ من منهم ؟!
وفيكم بارك الله .
نعم هو ما قلتم ـ أحسن الله إليكم ـ لكن بعض أهل العلم كان يعيب على الراوي إذا أخذ عن كل من هب ودب ، ولذلك قال فيه ابن نمير : كان مروان يلتقط الشيوخ من السكك .
فبهذا عاب عليه ، وقد تعقب الذهبي كلام ابن المديني في تضعيفه فقال : إِنَّمَا الضَّعفُ مِنْ قِبَلِهِم، كَانَ يَرْوِي عَنْ كُلِّ ضَرْبٍ، وَقَدْ كَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ مَع جَلاَلَتِه يَفْعَلُ كَذَلِكَ.أهـ
وكأنه يقول له : فعلى هذا يلزمك أن تضعف الثوري ؛ لأنه كان يفعل ذلك أيضا.
وعندي تخريج آخر لكلام ابن المديني رحمه الله، وهو: أنه يريد تضعيف روايته إن روى عن المجهولين ، ولم يرد تضعيفه هو نفسه ، ولأنه أيضا مدلس فإذا روى عن المجهولين فإنه ربما يعمي على الناس ، وهذا تضعيف لروايته أيضا ، لكن يعاب عليه فعل هذا التدليس .
ثم وجدت كلام الذهبي في الميزان : ثقة عالم صاحب حديث، لكن يروى عمن دب ودرج، فيستأني في شيوخه.
وقال ابن حجر في تهذيبه : وقال الذهبى : كان ( ثقة ) عالما لكنه يروى عمن دب ودرج ، و كان فقيرا ذا عيال فكانوا يبرونه ـ يعني الذين يروي عنهم ، كأنه يجازيهم . اهـ .
تتمة :
وكما تعلمون قد يكون الراوي ثقة في الأصل ، لكنه ضعيف في راو معين إذا روى عنه ـ أو أكثر من راوي ـ فهو ثقة إلا في فلان ، كسفيان بن حسين هو ثقة إلا في الزهري ، وغير ذلك من الأمثلة .
الأثر الرابع عشر :
الحفظ من السماع أولى من اتباع القواعد في حال التأكد
14- حدثنا عمرو الناقد، ثنا سفيان بن عيينة، عن إسماعيل بن أمية، قال: كنا نرد نافعاً عن اللحن فيأبى إلى الذي سمع.
15- حدثنا الحلواني، ثنا سليمان بن حرب و عارم. قالا، ثنا حماد بن زيد، عن أشعث، عن إبراهيم بن ميسرة، عن مجاهد قال: صلى بنا مسلمة بن مخلد صلاة الصبح فقرأ بالبقرة، فما أسقط منها ألفاً و لا واواً، وأنا يومئذ غلام يافع.أهـ
الأثر الرابع عشر يرويه مسلم رحمه الله عن عمرو بن محمد بن بكير الناقد ت 232 هـ ، وقد أكثر مسلم عنه ، وهو ثقة حافظ .
وقال ابن حجر في تهذيبه 8 / 86 : أنكر علي بن المدينى عليه روايته عن ابن عيينة ، عن ابن أبى نجيح ، عن مجاهد ، عن أبى معمر ، عن ابن مسعود أن ثقفيا وقرشيا وأنصاريا عند أستار الكعبة . . . الحديث .
وقال : هذا كذب ; لم يرو هذا ابن عيينة عن ابن أبى نجيح .
قال الخطيب : والأصح أن حجاجا سأل أحمد عنه ، فقال أحمد ذلك . اهـ .
وسفيان بن عيينة ، إمام حافظ ، تقدم ذكره .
وإسماعيل بن أمية ثقة ثبت ، ت 144 تقريبا .
قال ابن عبد البر في الجامع لأخلاق الراوي : كان ممن يأبى أن ينصرف عن اللحن فيما روى عنهم نافع مولى ابن عمر، وأبو معمر، وأبو الضحى مسلم بن صبيح، ومحمد بن سيرين.
- ذكر أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن إسماعيل بن أمية، قال: كنا نرد نافعًا على إقامة اللحن في الحديث فيأبى.أهـ
وقد رواه ـ الأثر ـ الخطيب في الكفاية ص187، وفي الجامع "1062" 2/ 5 ـ كما ذكرنا آنفا ـ وابن أبي شيبة في المصنف "26458" 5/ 316، والقاضي عياض في الإلماع ص188 .
قال الجديع ـ غفر الله له ـ في تحرير علوم الحديث :
مسائل متممة لركن الضبط
المسألة الأولى : إصلاح الخطأ في السماع أو الكتاب هل ينافي الضبط ؟
قال أبو معمر عبد الله بن سخبرة الأزدي : " إني لأسمع الحديث لحناً ، فألحن ؛ اتباعاً لما سمعت ".
وقال إسماعيل بن أمية : " كنا نرد نافعاً عن اللحن ، فيأبى إلا الذي سمع ".
وقال عيسى بن يونس : قال رجل للأعمش : إن كان ابن سيرين ليسمع الحديث فيه اللحن ، فيحدث به على لحنه . فقال الأعمش : " إن كان ابن سيرين يلحن ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يلحن " ، يقول : قومه .
وقال الأوزاعي : لا بأس بإصلاح الخطأ واللحن والتحريف في الحديث ".
وقال الأوزاعي أيضاً : " أعربوا الحديث ، فإن القوم كانوا عرباً ".
وقال علي بن الحسن بن شقيق : قلت لعبد الله ( يعني ابن المبارك ) : الرجل يسمع الحديث فيه اللحن ، يقيمه ؟ قال : " نعم ، كان القوم لا يلحنون ".
وسئل أحمد بن حنبل : يجيء الحديث فيه اللحن وشيء فاحش ، فترى أن يغير ؟ أو يحدث به كما سمع ؟ قال : " يغيره _ شديداً _ ، إن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يكونوا يلحنون ، إنما يجيء اللحن ممن هو دونهم ، يغير _ شديداً " .
وقال عباس الدوري : قلت ليحيى ( يعني ابن معين ) : ما تقول في الرجل يقوِّم للرجل حديثه ، ينزع عنه اللحن ؟ فقال : " لا بأس به " .
وسئل النسائي عن اللحن في الحديث ؟ فقال : " إن كان شيئاً تقوله العرب وإن كان في غير لغة قريش فلا يغير ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكلم الناس بلسانهم ، وإن كان ما لا يوجد في كلام العرب فرسول الله صلى الله عليه وسلم لا يلحن ".
قال الحافظ الرامهرمزي : " أما تغيير اللحن ، فوجوبه ظاهر ؛ لأن من اللحن ما يزيل المعنى ويغيره عن طريق حكمه ، وكثير من رواة الحديث لا يضبطون الإعراب ولا يحسنونه ، وربما حرفوا الكلام عن وجهه ، ووضعوا الخطاب في غير موضعه ، وليس يلزم من أخذ عن هذه الطائفة أن يحكي ألفاظهم إذا عرف وجه الصواب ، إذا كان المراد من الحديث معلوماً ظاهراً ، ولفظ العرب به معروفاً فاشياً ، ألا ترى أن المحدث إذا قال : ( لا يؤم المسافر المقيم ) فنصب المسافر ورفع المقيم ..؛ كان قد أحال "
قلت : والقول بجواز نقل الحديث على المعنى بشروطه يصحح مذهب من قال : يغير اللحن ، بل ينبغي أن يجوزه حتى من أوجب اتباع اللفظ ؛ لما علل به أحمد والنسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يلحن ، فالذي يوجبه اتباع اللفظ أن يصلح اللحن ؛ ليأتي على وفاق لفظ النبي صلى الله عليه وسلم .
لكن قال القاضي عياض : " حماية باب الإصلاح والتغيير أولى ؛ لئلا يجسر على ذلك من لا يحسن ، ويتسلط عليه من لا يعلم " وبين أنه يحكى كما جاء ويبين .
وقال : " وأحسن ما يعتمد عليه في الإصلاح أن ترد تلك اللفظة المغيرة في أحاديث أخرى ، فإن ذكرها ، على الصواب في الحديث آمن أن يقول عن النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يقل بخلاف إذا كان إنما أصلحها بحكم علمه ومقتضى كلام العرب ".
الأثر الخامس عشر :
شيخ مسلم هو الحسن بن علي الحلواني ت 242 ، ثقة حافظ ، حدث عنه الجماعة سوى النسائي ، صاحب تصانيف .
ـ سليمان بن حرب ت 224 ( في نفس السنة التي توفي فيها عارم محمد بن الفضل ـ الآتي ـ وأبي عبيد القاسم بن سلام ) ، ثقة حافظ ، روى له ( ع ) من شيوخ البخاري ، ويروي عنه مسلم بواسطة .
ـ عارم متابع له ، وهو محمد بن الفضل السدوسى ، أبو النعمان البصرى ، المعروف بعارم ، ثقة ثبت ، تغير في آخر عمره ، كما قاله ابن حجر .
ـ حماد بن زيد بن درهم الأزدي الجهضمي ت 179 ، ثقة حافظ ، روى له ( ع ) .
ـ أشعث بن عبد الملك الحمراني ت 142 تقريبا ، ثقة فقيه ، ( منسوب إلى حمران مولى عثمان بن عفان ) .
ـ إبراهيم بن ميسرة الطائفي ، ت 132 ، وكان نزيلا بمكة ، قال عنه ابن عيينة : كَانَ عَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ يُحَدِّثُ بِالمَعَانِي، وَكَانَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مَيْسَرَةَ يُحَدِّثُ كَمَا سَمِعَ، كَانَ فَقِيْهاً.
ـ ومجاهد بن جبر إمام من أئمة المسلمين في العلم والتفسير ، ت 101 أو بعدها .
ومسلمة بن مخلد الأنصارى الزرقى رضي الله عنه ، له صحبة ، ولا صحبة لأبيه ، كما قاله الذهبي في السير ، سكن مصر، ووليها مرة من قبل معاوية .
قال موسى بن عُلي بن رباح عن أبيه عن مسلمة بن مخلد : ولدت حين قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، ومات وأنا ابن عشر سنين .
والأثر إسناده صحيح .
وفيه ـ حديث آخر ـ جواز قول القائل : فقرأ بالبقرة ، ولم يقل : سورة البقرة ، ، والأمر في ذلك واسع ، تقول : البقرة ، أو سورة البقرة ، وقد كره ذلك جماعة ، فقالوا : لابد أن يقال : السورة التي يذكر فيها البقرة ، وهو قول ضعيف .
قال النووي في شرح مسلم 6 / 46 : وفيه جواز قول سورة آل عمران وسورة البقرة وسورة النساء ونحوها وكرهه بعض المتقدمين وقال إنما يقال السورة التي يذكر فيها ال عمران والتي يذكر فيها البقرة والصواب الأول وبه قال عامة العلماء من السلف والخلف وتظاهرت عليه الأحاديث الصحيحة ولا لبس في ذلك .
وقال 6 / 76 : وفيه جواز قول سورة كذا كسورة البقرة ونحوها ولا التفات إلى من خالف في ذلك فقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة على استعماله .
يتبع بإذن الله ..
الأثر السادس عشر :
ـ محمد بن مهران الرازي أبو جعفر ، ثقة حافظ ، روى له ( خ م د ) ومات 239 هـ .
ـ وشيخه حاتم بن إسماعيل المدني ، أبو إسماعيل الحارثى مولاهم ، أصله من الكوفة ، روى له ( ع ) ت 186 هـ . وهو ثقة إذا حدث من كتابه ، أما إذا حدث من حفظه فيخطيء .
ـ أسامة بن زيد هنا هو أبو زيد الليثي المدني ، وهو صدوق يهم ، قد تكلم فيه جماعة ، ت 153 ، روى له ( خت م د ت س ق ).
وأسامة بن زيد ثلاثة :
1 ـ أسامة بن زيد الصحابي الجليل المعروف ، وهو ابن حارثة بن شراحيل الكلبى الأمير روى له ( ع ).
2 ـ أسامة بن زيد بن أسلم القرشى العدوى مولاهم ، أبو زيد المدنى ، مولى عمر بن الخطاب ، وهو ضعيف ، روى له ابن ماجه ( ق ) .
3 ـ أسامة بن زيد الليثى مولاهم ، أبو زيد المدنى ، وهو المقصود هنا في هذا الأثر .
ـ أما أبو بكر بن حفص ، فهو : عبد الله بن حفص بن عمر بن سعد بن أبى وقاص القرشى الزهرى ، أبو بكر المدني ، ثقة من صغار التابعين ، روى له ( ع ) .
ـ وسالم هو ابن عبد الله بن عمر ، ابن الصحابي الجليل ، وهو ثقة ثبت معروف ، من أثبت الناس في عبد الله ، إلا أن نافعا قد قدمه عليه غير واحد من أهل العلم ، وهنا في الأثر قدمه سالم على نفسه ، وقال : عليكم بنافع فإنه أحفظ لحديث عبدالله .
والأثر أخرجه ابيهقي في السنن الكبير 5 / 232 ، وابن عساكر في تاريخه 61 / 429 ، وغيرهما .
* مسألة الإشعار ( أشعار البدن أن يشق أحد جنبتي السنام حتي يسيل الدم ويجعل ذلك علامة لها يعرف بها أنها هدي )
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أشعر بدنته .
لكن اختلف أهل العلم فيها هل على الجانب الأيمن أو الأيسر ؟
ففي "صحيح مسلم" عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : صلى رسول الله صلى الله عليه و سلم الظهر بذي الحليفة ثم دعا بناقته فأشعرها في صفحة سنامها الأيمن وسلت الدم وقلدها نعلين ثم ركب راحلته فلما استوت به على البيداء أهل بالحج .
قال النووي في شرح مسلم : أما الاشعار فهو أن يجرحها في صفحة سنامها اليمنى بحربه أو سكين أو حديدة أو نحوها ثم يسلت الدم عنها وأصل الاشعار والشعور الاعلام والعلامة واشعار الهدى لكونه علامة له وهو مستحب ليعلم أنه هدى فان ضل رده واجده وان اختلط بغيره تميز ولأن فيه اظهار شعار وفيه تنبيه غير صاحبه على فعل مثل فعله وأما صفحة السنام فهي جانبه والصفحة مؤنثة فقوله الأيمن بلفظ التذكير يتأول على أنه وصف لمعنى الصفحة لا للفظها ويكون المراد بالصفحة الجانب فكأنه قال جانب سنامها الأيمن ففي هذا الحديث استحباب الاشعار والتقليد في الهدايا من الابل وبهذا قال جماهير العلماء من السلف والخلف ، وقال أبو حنيفة : الاشعار بدعة ؛ لأنه مثلة وهذا يخالف الأحاديث الصحيحة المشهورة في الاشعار وأما قوله : إنه مثلة فليس كذلك بل هذا كالفصد والحجامة والختان والكي والوسم وأما محل الاشعار : فمذهبنا ومذهب جماهير العلماء من السلف والخلف أنه يستحب الاشعار في صفحة السنام اليمنى وقال مالك : في اليسرى ، وهذا الحديث يرد عليه ، وأما تقليد الغنم فهو مذهبنا ومذهب العلماء كافة من السلف والخلف إلا مالكا فإنه لا يقول بتقليدها قال القاضي عياض ولعله لم يبلغه الحديث الثابت في ذلك قلت : قد جاءت أحاديث كثيرة صحيحة بالتقليد فهي حجة صريحة في الرد على من خالفها واتفقوا على أن الغنم لا تشعر لضعفها عن الجرح ولأنه يستتر بالصوف وأما البقرة فيستحب عند الشافعي وموافقيه الجمع فيها بين الاشعار والتقليد كالابل وفي هذا الحديث استحباب تقليد الابل بنعلين وهو مذهبنا ومذهب العلماء كافة فان قلدها بغير ذلك من جلود أو خيوط مفتولة ونحوها فلا بأس .
وقال ابن حجر في الفتح : .. وأخرج البيهقي من طريق ابن وهب عن مالك وعبد الله بن عمر عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يشعر بدنه من الشق الأيسر إلا أن تكون صعابا فإذا لم يستطع أن يدخل بينها أشعر من الشق الأيمن وإذا أراد أن يشعرها وجهها إلى القبلة وتبين بهذا أن بن عمر كان يطعن في الأيمن تارة وفي الأيسر أخرى بحسب ما يتهيأ له ذلك وإلى الإشعار في الجانب الأيمن ذهب الشافعي وصاحبا أبي حنيفة وأحمد في رواية وإلى الأيسر ذهب مالك وأحمد في رواية ولم أر في حديث ابن عمر ما يدل على تقدم ذلك على إحرامه وذكر بن عبد البر في الإستذكار عن مالك قال لا يشعر الهدي إلا عند الإهلال يقلده ثم يشعره ثم يصلي ثم يحرم وفي هذا الحديث مشروعية الإشعار وفائدته الإعلام بأنها صارت هديا ليتبعها من يحتاج إلى ذلك وحتى لو اختلطت بغيرها تميزت أو ضلت عرفت أو عطبت عرفها المساكين بالعلامة فأكلوها مع ما في ذلك من تعظيم شعار الشرع وحث الغير عليه وأبعد من منع الإشعار واعتل باحتمال أنه كان مشروعا قبل النهي عن المثلة فإن النسخ لا يصار إليه بالإحتمال بل وقع الإشعار في حجة الوداع وذلك بعد النهي عن المثلة بزمان وسيأتي نقل الخلاف في ذلك بعد باب .أهـ
وقال ابن عبد البر في التمهيد 17 / 231 : ..هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ الْمَحْفُوظُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشْعَرَ بَدَنَتَهُ مِنْ شِقِّهَا الْأَيْمَنِ ، وَرَأَيْتُ فِي كتاب ابْنِ عُلَيَّةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عن أَبِي حَسَّانَ الْأَعْرَجِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشْعَرَ بَدَنَةً مِنَ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ ثُمَّ سَلَتَ الدَّمَ عَنْهَا وَقَلَّدَهَا نَعْلَيْنِ وَهَذَا عِنْدِي مُنْكَرٌ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا وَالْمَعْرُوفُ فِيهِ مَا ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ الْجَانِبُ الْأَيْمَنُ لَا يَصِحُّ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ غَيْرُ ذَلِكَ إِلَّا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُشْعِرُ بَدَنَتَهُ مِنَ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ هَكَذَا رَوَى مَالِكٌ وَأَيُّوبُ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَجَمَاعَةٍ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ عَنْ عَطَاءٍ وَقَدْ رَوَى مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُشْعِرُ فِي الشِّقِّ الْأَيْمَنِ حِينَ يُرِيدُ أَنْ يُحْرِمَ وَرَوَى ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ قال : كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُشْعِرُ مِنَ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ وَرُبَّمَا أَشْعَرَ مِنَ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ وَهُوَ أَمْرٌ خَفِيفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا يَكْرَهُونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ رُبَّمَا أَشْعَرَ فِي السَّنَامِ وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ قَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا وَخَزَ فِي سَنَامِ بَدَنَتِهِ يُشْعِرُهَا قَالَ بِسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ تُشْعَرُ الْبُدْنُ مِنْ حَيْثُ تَيَسَّرَ) وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ أَكْرَهُ الْإِشْعَارَ لِأَنَّهُ تَعْذِيبٌ لِلْبُدْنِ فِي غَيْرِ نَفْعٍ لَهَا وَلَا لِصَاحِبِهَا لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من اتِّخَاذِ شَيْءٍ فِيهِ الرُّوحُ غَرَضًا (وَلِنَهْيِهِ عَنِ الْمُثْلَةِ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَسَائِرُ أَهْلِ الْعِلْمِ تُشْعَرُ الْبُدْنُ فِي الشِّقِّ الأيمن ..أهـ
الحلقة الثانية عشرة :
قال مسلم رحمه الله :
17 ـ حدثنا محمد بن أبي عمر، ثنا سفيان ، عن ابن شبرمة قال ، قال الشعبي : ما جالست أحداً مذ عشرين سنة حدث بحديث إلا و أنا أعلم به منه، و لقد نسيت من العلم ما لو قد حفظه أحد من الناس كان به عالماً .
18- حدثنا ابن أبي عمر: ثنا سفيان عن ابن شبرمة قال : قال الشعبي لشباك : أرد عليك؟ ما قلت لأحد قط : رد علي .أهـ
الأثر السابع عشر :
ابن أبي عمر العدني ، تقدم ذكره ، وسفيان هو ابن عيينة ، تقدم أيضا .
وابن شبرمة هو : عبد الله بن شبرمة بن الطفيل بن حسان الكوفي ، ثقة فقيه ، من صغار التابعين ت 144 هـ ، روى له : ( خت م د س ق ) .
والشعبي هو : عامر بن شراحيل ، ثقة إمام أحد الأعلام الحفاظ ، ت بعد 100 هـ ، روى له : (ع) ، وقد سمع الشعبي طائفة من الصحابة رضي الله عنهم ، ولم يسمع من أبي بكر وعمر وابن مسعود ومعاذ وعائشة وطلحة وعبادة ، كما ذكر العلائي في "جامع التحصيل" .
وهذا الأثر يدل على إتقان الشعبي وسعة علمه وحفظه .
والأثر أخرجه أبو زرعة الدمشقي في تاريخه 1 / 661 عن ابن أبي عمر العدني به ، وأخرجه الخطيب في تاريخه 12 / 229 ، وابن عساكر في تاريخ دمشق 25 / 351 وغيرهما من طريق سفيان به ، وإسناده صحيح .
ـ الأثر الثامن عشر :
ذكره مسلم بنفس الاسناد ، وقوله : قال الشعبي لشباك .
شباك هو : الضبي الكوفي الأعمى ، ثقة وكان يدلس . روى له : ( د س ق ) .
وهذا إسناد صحيح أيضا ، وفيه دلالة على حفظه الشديد رحمه الله .
تابع الحلقة الثانية عشرة :
الأثر التاسع عشر :
19- حدثنا عبد بن حميد، ثنا عبدالرزاق، أنا معمر، قال، قال قتادة لسعيد : أحفظ علي المصحف قال: فافتح سورة البقرة، فقرأها حتى ختمها. ثم قال: هل أسقطت شيئاً، قال سعيد: لا. فقال: أنا لصحيفة جابر أحفظ من سورة البقرة، و ما قرئ عليّ إلا مرة.أهـ
يرويه مسلم عن عبد بن حميد ، وقد سبق ترجمته .
وكذا عبد الرزاق وشيخه معمر .
أما قتادة فهو : ابن دعامة بن قتادة ، و يقال قتادة بن دعامة بن عكابة ، السدوسى ، البصري . ت 100 و بضع عشرة هـ بـ واسط روى له : ( ع ) وهو ثقة ثبت حافظ مشهور ، موصوف بالتدليس .
ـ وسعيد هو: ابن المسيب إمام التابعين ، أحد الفقهاء الكبار ، روى له : ( ع ) ت بعد 100 .
وقد تقدم الكلام عمن كره أن يقال : البقرة ، وعليه أن يقول : سورة البقرة .
قوله : صحيفة جابر ، هي الصحيفة التي كتبها سليمان بن قيس اليشكري ، كتب فيها أحاديث جابر ثم انتشرت بعد ذلك .
ـ وسليمان بن قيس اليشكري 80 هـ لازم جابر بن عبدالله في البصرة وكتب صحيفة حتى اشتهرت بصحيفة جابر ونقلها لتلاميذه فكان ممن حدث عنه الحسن البصري ، مجاهد بن جبر ، ومعمربن راشد . وقتادة السدوسي.
صحيفة جابر بن عبدالله رضي الله عنهما:
كان جابر بن عبدالله - رضي الله عنه - يكتب؛ فقد روى ابن أبي شيبة عن الربيع بن سعد أنه قال: رأيت جابراً يكتب عند ابن سابط في ألواح، وكان يأتي إليه عدد من التلاميذ ويكتبون عنه.
وعن عبدالله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب قال: كنت أنطلق أنا ومحمد بن علي أبو جعفر ومحمد بن الحنفية إلى جابر بن عبدالله، فنسأله عن سنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعن صلاته فنكتب عنه ونتعلم منه.
وهذا يرشح أنَّ حديث المناسك الكبير الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه هو مما كتبه أبو جعفر محمد بن علي عن جابر.
وكان سليمان بن قيس اليشكري عنده صحيفة عن جابر - رضي الله عنه.
وكان عند أبي الزبير صحيفة جابر بن عبدالله رضي الله عنهما.
وكان عند الحسن البصري صحيفة جابر أيضاً.
للرفع
بارك الله فيكم أخي الفاضل أبا مالك. سليمان بن قيس مات ولم يحدِّث بهذه الصحيفة، والناس أخذوها بعد موته ورووها بلا سماع. للمزيد: صحيفة سليمان بن قيس اليشكري
نعم بارك الله فيك أخانا الحبيب أحمد الأقطش ، لذا فإنني قلت : نقلها لتلاميذه ، ثم قلتُ : فكان ممن حدث عنه الحسن ..
على غرار قول الإمام أحمد رحمه الله :
وَقد حَدَّث عَنهُ الْجَعْد أَبُو عُثْمَان. فَقلت لَهُ: سمع مِنْهُ؟ قَالَ: يَقُول الْجَعْد: حَدَّث سُلَيْمَان، حَدَّث سُلَيْمَان. فَلَا أَدْرِي - يَعْنِي سمع مِنْهُ أم لَا». اهـ
جزاكم الله خيرا ، وأحسن إليك .
للمتابعة ...