رد: عُصَارَةُ أفْكَارٍ وَخَوَاطِرَ رَبِيعِيةٍ (مُتَجَدّدٌ)
كم تبدُو مُوحشًا أيّها اللّيلُ وأنتَ باسط سلطانَكَ على قلوبنا الظمأى في غربتنا هذه القاتمة ، ووحدَتنا الرّتيبة ، تبدو كوحش كسير يروم التهامَنا ونحن نرزح تحت رحمة جبروت ظلامك الدّامس لا حولَ لنا ولا قوة ، منتظرينَ بزوغَ فجر صادق ينبثقُ من بين شرايينك أيّها الرّهيب رغمًا عن أنفك ... وسنبتسمُ للشّمس وهي تُداعبُ بأشعتها السّحرية وجوهَنا الكالحةَ بأمل ...!
رد: عُصَارَةُ أفْكَارٍ وَخَوَاطِرَ رَبِيعِيةٍ (مُتَجَدّدٌ)
الكتابَـةُ كالمرأة ستجدها طوعَ بنانِكَ ، ورهنَ إشارتك ..إن منحتَها اهتمامَك ، وأظهرتَ لها شدّةَ شغفكَ بها ، وتعلّقكَ بروحها ، معترفًا أنَّك تضحّي بالغالي والنّفيس من أجل إرضاء قلبها ورعايته صباحَ مساءَ في غير ملل ولا ضجر ..أمّا إنْ كانَ الإهمال ديدنَك ، والتّجاهلُ سبيلَك ، قالباً ظَهْرَ المِجنّ لها في غير اكثرات فحينها انتظر الجفَافَ يا صديقي ...!
رد: عُصَارَةُ أفْكَارٍ وَخَوَاطِرَ رَبِيعِيةٍ (مُتَجَدّدٌ)
منَ الملاحظات التي سجّلتها عن بعض الباحثين في تراجم الرّجال ودراسة حياتهم ، لاسيما الشّعراء منهم ، أنّهم يميلون للكتابة عن شاعر مشهور أكثرَ من الكتابة عن شاعر مغمور خامل الذكر لا يعرفه إلا الخواص من الأدباء ، معَ علمهم المُسبق أنّ ذيّالك الشّاعر قد قتله غيرُهم بحثًا ودراسة ! ..فما الفائدة أن أتكلّمَ عن المتنبي مثلاً أو أبي تمام أو جرير أو الفرزدق أو المعرّي أو غيرهم من رموز الشّعر العربي الأصيل وقد سار بذكرهم الرّكبان ، وكُتبت فيهم المؤلفاتُ المستقلةُ ذوات العدد ....!
ومازلت أذكرُ أنّني اقتنيتُ قبلَ سنوات دراسةً عن شاعر عراقي معاصر لم أكن أعرفه من قبل ، ولما قرأتُ عنه وسبرت شيئًا من شعره الرّائق وشعوره الدّافق تأسفت تأسفاً شديداً على جهلي بهذا الرّجل الفذ ، والسّبب يرجع إلى ما أشرتُ إليه في هذه العجالة ، فهل من مُدَّكِر ؟!
رد: عُصَارَةُ أفْكَارٍ وَخَوَاطِرَ رَبِيعِيةٍ (مُتَجَدّدٌ)
يا من يحجّ كلّ عام ويعتمرُ كلّ سنة أترك المجالَ لغيركَ ليؤديَ فريضَته فإنّه لا يخفى عليكَ أنّه لم يعد متّسع لتلك الأراضي المقدسة أن تضمّ الجميع ...واجعل مالك الذي تحج به صدقة لأحد إخوانك الفقراء الذين لا يجدون قوتَ يومهم ، فإنّ التّعاونَ معهم من أفضل القربات ...وتذكّر قولَ العلماء : من السّنة ترك السّنة للتأليف بين القلوب ...!
رد: عُصَارَةُ أفْكَارٍ وَخَوَاطِرَ رَبِيعِيةٍ (مُتَجَدّدٌ)
رجعتُ القهقرى بذاكرتي إلى كتب التّاريخ التي كنت قرأت طرفًا منها لعلي أجد مثالاً للـ( كلب) علي جمعة الذي أباحَ دماء المصريين الشّرفاء ، وأفتى بقتلهم بدعوى أنّهم خوارج ، ولكن دونَ جدوى.. وجدت كل علماء السّوء الذين مرّوا عبر التّاريخ كانوا أقلَّ منه شرّاً ، ومن الحيْف والجور أن نقارنَ هذا بأولئكَ ...إلاّ أنني وجدت أقربَ مثال لذلك عالمَ سوء عاش في زماننا هذا واعترفَ بنفسه عن الباعث الذي دفعه ليكونَ بوقاً للطّواغيت ، وسنداً لهم ، ذكره الدّكتور الريسوني في كتابه [أبحاث في الميدان ص 117] قائلاً : وقد حُكيَ لي عن بعض العلماء الوافدين للعمل في المملكة العربية السعودية ، أنّ أحدَهم قال لزميله : يا فلانُ ، لقد أصبحتَ تقولُ في المسألة الفلانية كذا وكذا ، وهذا خلافُ ما كنتَ عليه ببلدك . وقولك الجديد كما تعلم قول ضعيف مرجوح عند العلماء ، فأجابَه : نعم هو قول ضعيف ، لكن قوّاه الرّيال السّعودي !
قلتُ : ويروق لي هنا أن أذكّر هذا السّامري وأمثالَه في كتابه الرّائع : [ شكرًا لكم أيها الأعداء ص 32] حيثُ يقول :
لا تسمح لقلبك أبدًا أن يفرحَ بموت مسلم عابد لله ، لمجرد خصومة بينك وبينه ، فإن أبى قلبُك إلاّ هذا ، فتخلَّ عنه ، فإنّه ليس قلبًا ، بل هو حجر من الحجارة ، بل الحجارة ألين منه وأرق .
رد: عُصَارَةُ أفْكَارٍ وَخَوَاطِرَ رَبِيعِيةٍ (مُتَجَدّدٌ)
البعضُ يعتقد أنّ بمجرد أن يؤلّف الكاتبُ كتاباً أو يُلقي محاضرةً ، أو تُسلّط عليه أضواءُ بعض القنوات النّطيحة ، والصّحف والمجلاّت المُتردّية قد صارَ منتظمًا في سِلك الذين كانوا قليلاً من اللّيل ما ينامون ابتغاءَ البحث والاستقصاء ، والتّعب من أجل الإبداع والتألق في سماء الأدب والعلم ، وهذا اعتقاد فاسد لا يقول به إلاّ من قلّ نصيبه من المعرفة بأحوال القوم ..فهناك كتّاب مشاهير يُشار إليهم بالبنان ، ولهم أسماء وازنة في عالم الكتابة ، ولكن إذا قرأت لهم بنفسك وبحياد ستجد أنّ التّفاهة ديدنهم ، وقلّة الحياء سبيلهم ، والجهل بأمور الدين أعمى بصرَهم وبصيرتهم ..ولعل خير مثال على ذلك مؤلف رواية ( الخبز الحافي ) ، و (زمن الأخطاء ) ، فمن يقرأ لهذا الرّجل وكان ذا فِطرة سليمة سيتمنى في قرارة نفسه أن يبقى جاهلا وخاملاً طولَ حياته خير له من أن ينزل لهذا الدّرك الهابط من الرّذيلة التي تلطّخ بها هذا المعتوه ، لاعناً في سرّه الإعلامَ الفاجرَ الذي لا يشيد ولا ينوّه إلا بأعمال أصحاب الشذوذ والانحراف ...!
رد: عُصَارَةُ أفْكَارٍ وَخَوَاطِرَ رَبِيعِيةٍ (مُتَجَدّدٌ)
قرأت الأعمالَ الكاملة للرّوائي نجيب محفوظ كلّها قبل سنوات ، فوجدت الرّجلَ ضائعاً ، سَبْهْللاً في أفكاره ...كفر بالله العظيم ، واستهزأ بأنبيائه الكرام في روايته الخبيثة ( أولاد حارتنا ) ، ووصف الله بأنه عجوز يعيش في قصر كبير وأنه سيموت في آخر الزمان ، انتبهت له لجنة نوبل اليهودية للأدب فمنحته جائزتها ، وهي راضية عنه كلّ الرّضا ...!
رد: عُصَارَةُ أفْكَارٍ وَخَوَاطِرَ رَبِيعِيةٍ (مُتَجَدّدٌ)
ما أجملَ بل ما أروعَ أن تكونَ بينَ يدَي شيخ عالم كبير قد تخطّى السّبعين من عمُره تقرأ عليه كتابًا في النّحو فيستشهد لكَ في مسألة من مسائله ببيت شعريّ غَزَلي من أشعار جميل بُثينة ، أو كُثيّر عزّة ، يردّده بشفتيه اليابستين مُنتشيًّا ، وأنت في قرارة نفسك تتمنّى وتشتهي لو يظلّ له مُردّداً ، وبعدَ انصرافه تذهبُ إلى حال سبيلك وصوته يرنّ في مسامعك :
ما كنتُ أدري قبلَ عزّةَ ما البكا ... ولا موجعاتِ القلب حتّى تولّتِ !
رد: عُصَارَةُ أفْكَارٍ وَخَوَاطِرَ رَبِيعِيةٍ (مُتَجَدّدٌ)
كثير من أدعياء الأدب لاسيما الذين يشقّون طريقَهم نحو ( الرّواية ) وكتابتها يتّخذون من قلّة الحياء ، و الاستعراء ركنًا هزيلاً يأوون إليه كلّما جنّ ليل الكبتِ على دنياهم ..يتمرّغون في أوحال الأعضاء التناسلية كالكلاب الشّاردة في بيداء حيوانيتها .. هدفُهم الشّهرة والمال ولو على حساب دينهم وأخلاقهم إن كان لهم دين أو أخلاق .. المهم أن يكونوا شيئا ذا بال ، يُشار إليهم بالبنان ، وتتداول أخبارهم الألسنة ، ولو باللّعن ! .. كما ذكرَ بعضُ المؤرّخين عن رجل في الزّمن السّالف أنّه بال في ماء زمزم على مرأى ومسمع من المسلمين حينذاك ..فأخذوه لتُضربَ عنقه ، فسُئل : ما حملكَ على ما صنعتَ ؟ فقال بوقاحة كوقاحة أدونيس بل كوقاحة يوسف السّباعي وهو يقدّم لروايته (أرض النّفاق) ! : أردتُ أن أدخلَ التّاريخ !
وها قد دخل فعلاً ، ولكن مصحوبًا بلعنة من الله تشيّعه كلّما جاء ذكرُه على ألسنة القرّاء ..!
رد: عُصَارَةُ أفْكَارٍ وَخَوَاطِرَ رَبِيعِيةٍ (مُتَجَدّدٌ)
ليسَ مهمًّا أن تكونَ قارئًا نهِمًا ، وأنت لا تستطيع دفعَ الشّبهات عن عقيدتك ، ولكنَّ المُهمَّ أن تكون فاهما لما تقرأ ، ذكيّا بحيث تكون ذا مستوى أكبر من أن يستطيع كاتب خبيث أن يمرّر لكَ أفكارَه المسمومة من حيث لا تدري !
رد: عُصَارَةُ أفْكَارٍ وَخَوَاطِرَ رَبِيعِيةٍ (مُتَجَدّدٌ)
قمّة البؤس أن تجدَ الزّهرة التي كانت تتفتّح في أيام خريفك، والتي كنتَ تسقيها بماء قلبك ردحًا من الزّمان، مستنشقًا عبيرهَا الفوّاح في سعادة غامرة ..تجدها وقد قطفها غيرك على حين غفلة من نشوتك المؤقتة، غير عابئ ولا مُبال بما يمكن أن يخلّفه من صدمات لنفسك المُتعبة !
رد: عُصَارَةُ أفْكَارٍ وَخَوَاطِرَ رَبِيعِيةٍ (مُتَجَدّدٌ)
بعضُ النّاس تكون لهم أفكار ناضجة يستشعرونها في أعماقهم ، ولكنّهم يفتقرون إلى القلم الذي يسجّلها ويجعلها مُشاعًةً للنّاس لينتفعوا بها ، والبعضُ الآخرُ يمتلكون القلم ولكن لهم أفكار لا قيمة لها تشعر وأنت تقرأها بأنّها مجردُ حبر على ورق ، أمّا إذا تدبّرتها وفتّشتَ في معانيها فإنّك لا تخرج منها بطائل ..ويا لسعادة من وفّقه الله للجمع بين نضج الأفكار وبلاغة القلم !