رد: مدارسة الأربعين النووية
- ومن فوائد هذا الحديث والذي قبله : فضيلة حسن الخلق ، حيث جعل النبي صلى الله عليه وسلم حسن الخلق هو البر .
- ومن فوائده أيضاً : أن ميزان الإثم أن يحيك بالنفس ولا يطمئن إليه القلب .
- ومن فوائده : أن المؤمن يكره أن يطلع الناس على عيوبه بخلاف المستهتر الذي لا يبالي ، فإنه لا يهتم إذا اطلع الناس على عيوبه .
- ومن فوائدها : فراسة النبي صلى الله عليه وسلم حيث اتى إليه وابصة رضي الله عنه فقال : ( جئت تسأل عن البر) ؟
- ومن فوائدها : إحالة حكم الشيء إلى النفس المطمئنة التي تكره الشر وتحب الخير ؛ لقوله : (البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب).
- ومن فوائد الحديثين أيضاً : أن الإنسان ينبغي له أن ينظر إلى ما يكون في نفسه دون ما يفتيه الناس به فقد يفتيه الناس الذين لا علم لهم بشيء لكنه يتردد فيه ويكرهه فمثل هذا لا يرجع إلى فتوى الناس له وإنما يرجع إلى ما عنده .
- ومن فوائدهما : أنه متى أمكن الاجتهاد فإنه لا يعدل إلى التقليد لقوله : (وإن أفتاك الناس وأفتوك ).
[للشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى ]
رد: مدارسة الأربعين النووية
الحديث الثامن والعشرون
عَن أَبي نَجِيحٍ العربَاضِ بنِ سَاريَةَ رضي الله عنه قَالَ: وَعَظَنا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَوعِظَةً وَجِلَت مِنهَا القُلُوبُ وَذَرَفَت مِنهَا العُيون. فَقُلْنَا: يَارَسُولَ اللهِ كَأَنَّهَا مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَأَوصِنَا، قَالَ: (أُوْصِيْكُمْ بِتَقْوَى اللهِ عز وجل وَالسَّمعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ تَأَمَّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلافَاً كَثِيرَاً؛ فَعَلَيكُمْ بِسُنَّتِيْ وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ المّهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فإنَّ كل بدعة ضَلالَةٌ ). رواه أبو داود والترمذي وقال : حديث حسن صحيح.
رد: مدارسة الأربعين النووية
- فقول العرباض : ( وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة ) ، وفي رواية أحمد وأبي داود والترمذي : ( بليغة )، وفي روايتهم أن ذلك بعد صلاة الصبح ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يعظ أصحابه في غير الخطب الراتبة ، كخطب الجمع والأعياد ، وقد أمره الله تعالى بذلك ، فقال : { وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا } ، وقال : { ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة }، ولكنه كان لا يديم وعظهم ، بل يتخولهم به أحيانا ، كما في " الصحيحين " عن أبي وائل ، قال : كان عبدالله بن مسعود يذكرنا كل يوم خميس ، فقال له رجل : يا أبا عبد الرحمن ، إنا نحب حديثك ونشتهيه ، ولوددنا أنك حدثتنا كل يوم ؟ فقال : ما يمنعني أن أحدثكم إلا كراهة أن أملكم ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتخولنا بالموعظة ، كراهة السآمة علينا . [ ابن رجب رحمه الله ]
- ومن فوائد هذا الحديث : حرص النبي صلى الله عليه وسلم على موعظة أصحابه كما أنه حريص على أن يعظهم أحيانا بتبليغهم الشرع ، فهو أيضا يعظهم مواعظ ترقق القلوب وتؤثر فيها . [ ابن عثيمين رحمه الله ]
- ومنها : أنه ينبغي للواعظ أن يأتي بموعظة مؤثرة في الأسلوب وكيفية الإلقاء ولكن بشرط ألا يأتي بأحاديث ضعيفة أو موضوعة ؛ لأن بعض الوعاظ يأتي بالأحاديث الضعيفة والموضوعة يزعم بأنها تفيد في تحريك القلوب ، ولكنها وإن أفادت في هذا تضر ، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين ). [ ابن عثيمين رحمه الله ]
- ومنها من فوائد هذا الحديث : أن العادة إذا أراد أن يفارق أصحابه وإخوانه فإنه يعظهم موعظة بليغة ، لقوله : كأنها موعظة مودع . [ ابن عثيمين رحمه الله ]
- ومنها : طلب الوصية من أصحاب العلم . [ ابن عثيمين رحمه الله ]
- ومنها : أنه لا وصية أفضل ولا أكمل من الوصية بتقوى الله عز وجل ، قال تعالى : { ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله } وتقوى الله سبق شرحها . [ ابن عثيمين رحمه الله ]
- ومنها : الوصية بالسمع والطاعة لولاة الأمور وإن كانوا عبيدا لقوله صلى الله عليه وسلم : ( والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد ) لأن السمع والطاعة لهم تنتفي به شرور كثيرة وفوضى عظيمة . [ ابن عثيمين رحمه الله ]
- ومن فوائد الحديث : ظهور آية من آيات الرسول عليه الصلاة والسلام حيث قال : ( من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا ) والذين عاشوا من الصحابة رأوا اختلافا كثيرا كما يعلم ذلك من التاريخ . [ ابن عثيمين رحمه الله ]
- وفي هذه الأزمان التي بعد العهد فيها بعلوم السلف يتعين ضبط ما نقل عنهم من ذلك كله ، ليتميز به ما كان من العلم موجودا في زمانهم ، وما حدث من ذلك بعدهم ، فيعلم بذلك السنة من البدعة .
وقد صح عن وابن مسعود رضي الله عنه أنه قال : إنكم قد أصبحتم اليوم على الفطرة ، وإنكم ستحدثون ويحدث لكم ، فإذا رأيتم محدثة ، فعليكم بالهدي الأول .
وابن مسعود قال هذا في زمن الخلفاء الراشدين .[ ابن رجب رحمه الله]
- ومن فوائد الحديث : لزوم التمسك بسنة الرسول عليه الصلاة والسلام لا سيما عند الاختلاف والتفرق ، ولهذا قال : ( فعليكم بسنتي ) . [ ابن عثيمين رحمه الله ]
- ومنها أنه ينبغي التمسك الشديد حتى يعض عليها بالنواجذ ، لئلا تفلت من الإنسان . [ ابن عثيمين رحمه الله ]
- ومن فوائد الحديث : التحذير من محدثات الأمور ، والمراد بها المحدثات في الدين ، وأما ما يحدث في الدنيا فينظر فيه إذا كان فيه مصلحة فلا تحذير منه ، أما ما يحصل في الدين فإنه يجب الحذر منه لما فيه التفرق في دين الله والتشتت وتضيع الأمة بعضها بعضا . [ ابن عثيمين رحمه الله ]
- ومن فوائد الحديث : أن كل بدعة ضلالة ، وأنه ليس في البدع ما هو مستحسن كما زعمه بعض العلماء ، بل كل البدع ضلالة فمن ظن أن بدعة من البدع حسنة فإنها لا تخلو من أحد أمرين :
إما أنها ليست بدعة وظنها هو أنها بدعة ، وإما أنها ليست حسنة وظن هو أنها حسنة ، وأما أن تكون بدعة وحسنة فهذا مستحيل ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( فإن كل بدعة ضلالة ) . [ ابن عثيمين رحمه الله ]
رد: مدارسة الأربعين النووية
الحديث التاسع والعشرون :
عَن مُعَاذ بن جَبَلٍ رضي الله عنه قَالَ: قُلتُ يَا رَسُولَ الله أَخبِرنِي بِعَمَلٍٍ يُدخِلُني الجَنَّةَ وَيُبَاعدني منٍ النار ، قَالَ: ( لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْ عَظِيْمٍ ، وَإِنَّهُ لَيَسِيْرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ : تَعْبُدُ اللهَ لا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئَا، وَتُقِيْمُ الصَّلاة، وَتُؤتِي الزَّكَاة، وَتَصُومُ رَمَضَانَ، وَتَحُجُّ البَيْتَ.
ثُمَّ قَالَ : أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الخَيْرِ : الصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الخَطِيْئَةَ كَمَا يُطْفِئُ المَاءُ النَّارَ، وَصَلاةُ الرَّجُلِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ ثُمَّ تَلا : (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ) حَتَّى بَلَغَ: ( يعملون)[السجدة:16-17]
ثُمَّ قَالَ: أَلا أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الأَمْرِ وَعَمُودِهِ وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ ؟ قُلْتُ: بَلَى يَارَسُولَ اللهِ، قَالَ: رَأْسُ الأَمْرِ الإِسْلامُ ، وَعَمُودُهُ الصَّلاةُ ، وَذروَةُ سَنَامِهِ الجِهَادُ.
ثُمَّ قَالَ: أَلا أُخبِرُكَ بِملاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ ؟ قُلْتُ:بَلَى يَارَسُولَ اللهِ. فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ وَقَالَ: كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا. قُلْتُ يَانَبِيَّ اللهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ ؟ فَقَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَامُعَاذُ. وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَو قَالَ: عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلسِنَتِهِمْ)
رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.