قال (79-80):" الثاني: أنه من الثابت أن مسلمًا عرض صحيحه على حافظين من كبار حفاظ الإسلام، هما أبو زرعة الرازي، ومحمد بن مسلم بن وارة، وعُرض عليهما. فانتقدا عليه أشياء يسيرة، والتزم بآراء أبي زرعة خاصة، واعتذر إلى ابن وارة بما أرضاه. فهل ينضافُ أبو زرعة وابن وارة إلى مسلم: على نقل الإجماع المنخرم بقول المحققين أو الجماهير، بل الجميع. . سواهم؟!! فيكون خفي عليهما من هذا الأصل العظيم ما كان خفي على مسلم من قبل!!! وخفي عليهما أنهما مخالفان لإجماع العلماء أيضًا!!!"
الجواب : لو توقف الشيخ عند قوله:" هل ينضافُ أبو زرعة وابن وارة إلى مسلم؟" لكان تساؤلا جيدا وموضوعا يصلح للبحث ، أما أن يفرض أنهما اطلعا على مقدمته ووافقاه، ويرد عليهما ما ورد على مسلم فهذه هي المصادرة في الدليل.
قال(80):" الثالث: أن مسلمًا انتهى من تصنيف كتابه سنة (250هـ) تقريبًا، كما يميل إليه بعض الباحثين. ويعني ذلك أن مسلمًا عاش بعد انتهائه منه أحدَ عشر عامًا، كان خلالها يروي كتابَه، ويسمعه منه الجَمُّ الغفير، إلى أن سمعه منه تلميذه أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن سفيان (ت 308هـ)، منتهيًا من قراءته عليه سنة (257هـ). وهو خلال هذه السنوات يقرأ الصحيح بنقل ذلك الإجماع الذي فيه، مجابهًا بذلك أهلَ عصره، دون نكير من أحد، ولا يُنبَّه مسلمٌ إلى خطئه الكبير بمخالفة المحققين والجماهير فيما ادّعى عليه الإجماع؟!!"
الجواب: لا نسلم أن مسلما حدث بكتابه منذ سنة خمسين ولا أنه انتهى منه في هذه السنة، فإن معتمد هؤلاء الباحثين قول أحمد بن سلمة النيسابوري:" كنت مع مسلم بن الحجاج في تأليف هذا الكتاب سنة خمسين ومائتين"فأين الدلالة على انتهائه منه هذا العام؟ وعدم العلم بمن انتقده في حياته ليس علما بالعدم، وهذا الوجه كله لا فائدة منه لأن انتقاد الرأي في حياة قائله وبعدها سواء.
قال (81)" الرابع: قوّة عبارات مسلم في نقل الإجماع، وثقته بذلك كل الثقة، واعتداده به غايةَ الاعتداد. مما لا يُمكن معه أن يكون نقلُه لهذا الإجماع فلتةً من غير رويّة، وزلّةً لم تسبقها أناة."
الجواب : قوة عبارات الإمام مسلم دون قوة عبارات الشيخ حاتم ومع ذلك فلا وزن لكثير مما ذكر في بحثه!! متى كانت قوة العبارات دليلا على صحة دعوى الإجماع ؟ أو دليلا على صحة القول ، نحن نرى قوة عبارات ابن حزم في مسائل الفقه لكن هذه القوة مما تشين بحوثه وهي لا ترهب إلا ضعاف الطلبة والمبتدئين، وكم من عبارة قوية لابن حبان في تجريح الرواة لم يأخذ بها العلماء، بل منهم من ردها بعبارات أقوى منها.
وتخطئة مسلم لا تعني أنه متسرع وغير متأن، وإن العالم قد يجتهد ويبحث وينظر ويعيد النظر ومع ذلك يخطئ كما أخطأ الشيخ حاتم حفظه الله .