رد: هل الشريعة التزمت مراعاة البديل ؟
ومن الامثلة على البدائل المباحة
فحرم علينا دعاء الاموت وامر بدعائه سبحانه وحرم بالكتاب الميتة والدم ولحم الخنزير وبالسنة سباع الوحش والطير وعوضنا من ذلك بهيمة الأنعام الثمانية الأزواج وسائر الوحش وصنوف الطير، وحرم علينا بالكتاب الميسر وبالسنة القمار، وعوضنا من ذلك اللهو بالرمي والسبق في خف اونصل اوحافروحرم علينا الربا وأحل البيع، وحرم السفاح وأحل النكاح، وحرم بالسنة الديباج والحرير، وعوضنا انواع الالبسة من القطن والكتان وغيرها وحرم بالكتاب الخمر وبالسنة المسكر، وعوضنا منهما صنوف الشراب من اللبن والعسل ونهى عن اعياد الكفار وابدلها باعياد الاسلام ونهى عن الاستقسام بالازلام وابدلنا صلاة الاستخارة
وأباحت لبس خاتم الفضة للرجال مقابل خاتم الذهب المحرم؛ ,ونهى عن مصاحبة الاشرار وامر بمصاحبة الاخيار
رد: هل الشريعة التزمت مراعاة البديل ؟
بارك الله فيكم.
/// فقد ظهر لي في مشاركة بعض الأفاضل شيء من الخلط بين معنى البديل التشريعي ومعنى الجزاء أو الأجر الذي أعده الله تعالى لمن ترك ما نهي عنه! فقوله عليه السلام "من ترك شيئا لله أبدله الله خيرا منه" لا ينزل منزل السنة التشريعية، بمعنى أنه يلزم أن يكون كل محرم في الشرع له فيما يقابله أمر مشروع يسد مسده! إنما هذا ينزل منزل السنة الكونية التي جعلها الله تعالى تفضلا على العباد، فمن ترك ما نهاه الله عنه وجد من منّ الله وفضله خيرا مما ترك.. إما من رزق يساق إليه أو غير ذلك، فضلا عن المثوبة في الآخرة.
وعليه فهذا النص وما يجري مجراه لا تعلق له بمادة البحث، فليتنبه لهذا.
وقد نحتاج إلى التفريق بين معنيين:
- لزوم وجود البديل المشروع للشيء المحرم، الذي يقوم مقامه ويسد مسده.
- لزوم تنصيص الشارع على البديل المشروع للشيء المحرم.
فأما من جهة مطلق وجود البديل المشروع فليس بلازم فيما يظهر لي! فلا إشكال عقلا ولا نقلا في أن يخاطب المكلف بالمنع من شيء لا بديل له!
وأما من جهة التنصيص:
/// فمن الظاهر الجلي أن الشارع لم يلتزم في كل نهي نص عليه بأن يصف للناس البديل المشروع أو يدلهم عليه.. وذلك لأن الأصل في الأشياء الإباحة، فالأمر في المباحات واسع، واستيفاء الحاجة منها موكول إلى الناس لا يحتاج إلى إرشاد من الوحي المنزل، فهم على دراية طبيعية بما تنقضي به حوائجهم منها. ولن يعجز العاقل إذا فقد طريقا عن أن يختار طريقا غيره!
/// إذا كان الأمر المنهي عنه وسيلة باطلة لقصد مشروع يحتاج الناس إليه، فقد ينص الشارع على بديل مشروع يتحقق به المراد وقد لا ينص.. ومثال النص عليه ما في حديث بلال، فالحال أنه رضي الله عنه كان يريد أن يتخلص من تمر قديم وينتفع به في الحصول على تمر جديد بدلا منه.. وهذا قصد مشروع لا إشكال فيه، ولكن وسيلته التي سلكها بلال هي عين الربا، فدله النبي عليه السلام على ما يتحقق به المقصود من غير الوقوع في الربا.. ولو أنه تركه في ذلك دونما دلالة لتحير ولربما ظن أن القصد نفسه (وهو التخلص من تمر قديم والحصول على تمر جديد في مكانه) هو الممنوع وليس الوسيلة، فلزم البيان من النبي عليه السلام.. وهو ما تحقق بذكر البديل. وأما مثال ما لم يذكر فيه البديل مع كون الحاجة تمس إليه والمقام مقام لا يجوز فيه تأخير بيان البديل إن وجد = فالمرأة التي تمعط شعرها، فنهاها عن الوصل للتجمل لزوجها، ومعلوم أنها دون هذا الوصل فإنه لا تحقيق لقصد إصلاح صورة الرأس والشعر للتجمل في حقها، ومعلوم أن الحاجة إلى ذلك واقعة عندها، ومع هذا فإنه لم يدلها على البديل إذ ليس ثم بديل!! ولعلها ليس أمامها إلا أن تغطي شعرها بغطاء للرأس أو نحو ذلك إن كان زوجها ينفر من منظره.. وهذا من ابتلاء المكلفين بالتكليف! فهذا الأمر ليس من الضرورات ولكنه من الحاجات التي لا يهلك الإنسان إن لم يف بها ولم يجد لها بديلا.
/// وفي جميع الأحوال فالذي يظهر لي من جملة ما في الباب من نصوص وقواعد أن المفتي ليس مطالبا ببيان البديل كقاعدة مطردة في كل حالة، ولكنه يجمل به ذلك أحيانا إن رأى أن المصلحة فيه.. والله أعلم.
رد: هل الشريعة التزمت مراعاة البديل ؟
أما الذي عندي = فهو إنه لايوجد في الشريعة هدم لباطل إلا وفيها إقامة لما هو أحسن منه من الحق..
أما التنصيص وإلزام المفتي = فبحث آخر..
رد: هل الشريعة التزمت مراعاة البديل ؟
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو الفداء
وأما مثال ما لم يذكر فيه البديل مع كون الحاجة تمس إليه والمقام مقام لا يجوز فيه تأخير بيان البديل إن وجد = فالمرأة التي تمعط شعرها، فنهاها عن الوصل للتجمل لزوجها، ومعلوم أنها دون هذا الوصل فإنه لا تحقيق لقصد إصلاح صورة الرأس والشعر للتجمل في حقها، ومعلوم أن الحاجة إلى ذلك واقعة عندها، ومع هذا فإنه لم يدلها على البديل إذ ليس ثم بديل!!
عدم العلم بالبديل ليس حجة على العلم بعدم البديل.
فلعل بديله :
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو الفداء
أن تغطي شعرها بغطاء للرأس أو نحو ذلك إن كان زوجها ينفر من منظره.
وقد قيل:
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو الفداء
لن يعجز العاقل إذا فقد طريقا عن أن يختار طريقا غيره!
رد: هل الشريعة التزمت مراعاة البديل ؟
أما القول المحقق فالألفاظ الشرعية أولى بالرعاية من غيرها.
قال تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (1) فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنّ َ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3) وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4) ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا (5)}
لا يقال: إن هذه بدائل كونية ومخارج قدرية لا أحكام شرعية دينية تكليفية !
لأن الغرض الصحيح من طلب البديل : إيجاد حل تسد به الحاجة من غير إغضاب الرب تعالى، ووجود أي مخرج يفي بالغرض كاف. بل لا يتم سد الحاجات أصلا إلا بالأمر الكوني القدري - لا بمجرد التكليف والتشريع.
رد: هل الشريعة التزمت مراعاة البديل ؟
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الرحمن السديس
اشتهر عند الناس: خاصتهم وعامته أن الشريعة راعت عند المنع إيجاد البديل، وقد دل على ذلك عدد من النصوص، حتى أصبح جمعٌ من الناس إن منع من شيء فيه خروج عن حدود الشرع، أول ما ينطق به ـ إن كان فيه بقايا خير ـ : لكن ما البديل ؟!
نقول له : البديل يا مسلم أن تلتزم بالحدود الشرعية. فليس هناك غير شيئين : (1) تعدى الحدود، و(2) الالتزام بالحدود. فبديل الأول هو الثاني، ولا يمكن غير ذلك أصلا. وقد جعل الله لكل شيء قدرا. بل نفس طلب بديل محرم هو تعد للحدود، ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه، وظلم العبد لنفسه لا يصلح عقلا وشرعا أن يكون مخرجا يبدل به صلاحها.. بخلاف الالتزام بالحدود، فإنه لا يؤدي إلا إلى صلاح النفس وزكاتها، وسعة الحياة وجمالها، فليس في الدين من حرج.
ثم نقول له: ومع التزامك بالحدود الشرعية وتوكلك على الله، سيجعل لك الرحمن مخرجا مما أنت عليه من المشاكل، وسيرزقك من حيث لا تحتسب، وسيجعل لك من أمرك يسرا، وسيكفر عنك سيئاتك ويعظم لك أجرا. فهو حسبك وحسيبك. وهذا وعده فلا يخلف.. إن الله بالغ أمره.
أفتطلب لهذا بديلا؟ أفتستبدل الذي أدنى بالذي هو خيرا؟؟
رد: هل الشريعة التزمت مراعاة البديل ؟
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نضال مشهود
عدم العلم بالبديل ليس حجة على العلم بعدم البديل.
أحسن الله إليك، أوافقك على هذا، وأنا إنما قلت أنه لا يلزم أن يكون هناك بديل في كل حالة، فقد تبحث أنت ولا توفق ويبحث غيرك ويوفق، وهذا ظاهر.
أما المثال الذي ذكرتُه على هذا من أن المرأة قد تضطر لستر شعرها المتمعط فإنه يرجح - في نظري - عدم وجود بديل لما نهاها الشرع عنه من وصل الشعر، فهي في جميع الأحوال لا تزال محتاجة لأن تجعل زوجها يتلذذ بشعرها كما يحب، ولا يمكنها ذلك، فلا يسعها حالئذ إلا ستره لمنع التأذي به، فتأمل!
رد: هل الشريعة التزمت مراعاة البديل ؟
اقتباس:
لا يقال: إن هذه بدائل كونية ومخارج قدرية لا أحكام شرعية دينية تكليفية !
بارك الله فيك، ليس في شيء مما سقتَه من الآيات أحكام تكليفية، فهي لا تقول للناس لا تفعلوا كذا ولكن افعلوا كذا بدلا منه، ولا تقرير فيها لمعنى أن الله كلما نهاهم عن شيء فهو يشرع لهم ولابد بديلا يحل محله ويقوم مقامه في كل حالة!! إنما هي تقرر لهم أن الله يبدلهم خيرا مما تركوا (تفضلا منه سبحانه من جهة التقدير والرزق، وليس بالضرورة من جهة التشريع)، وهذا المعنى ظاهر عند التأمل، والله أعلم!
ثم ها أنت تقول بنفسك:
اقتباس:
ثم نقول له: ومع التزامك بالحدود الشرعية وتوكلك على الله، سيجعل لك الرحمن مخرجا مما أنت عليه من المشاكل، وسيرزقك من حيث لا تحتسب، وسيجعل لك من أمرك يسرا، وسيكفر عنك سيئاتك ويعظم لك أجرا. فهو حسبك وحسيبك. وهذا وعده فلا يخلف.. إن الله بالغ أمره.
فهذا أيها الفاضل الحبيب هو عين ما أقصده، أن البديل ليس بالضرورة تشريعيا، أي أن يجد شيئا مباحا يوافق حاجته التي منعه منها التكليف الشرعي، وإنما سيجد - إن خضع والتزم - مصداق ما وعد الله به من خير ورزق ويسر من حيث لا يحتسب..
رد: هل الشريعة التزمت مراعاة البديل ؟