-
رد: فوائد وفرائد " المنهاج شرح صحيح مسلم ابن الحجاج " للإمام النووي رحمه الله !!!
اليوم : السبت
الموافق : 2/ شعبان / 1443 هجري
الموافق : 5/ مارس / 2022 ميلادي
تابع / شرح النووي ل صحيح مسلم " المنهاج "
(3/229)
وَلَمْ يُوجِبْ أَحَدٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ الدَّلْكَ فِي الْغُسْلِ وَلَا فِي الْوُضُوءِ إِلَّا مَالِكٌ وَالْمُزَنِيُّ وَمَنْ سِوَاهُمَا يَقُولُ هُوَ سُنَّةٌ لَوْ تَرَكَهُ صَحَّتْ طَهَارَتُهُ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَلَمْ يُوجِبْ أَيْضًا الْوُضُوءَ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ إِلَّا دَاوُدَ الظَّاهِرِيَّ وَمَنْ سِوَاهُ يَقُولُونَ هُوَ سُنَّةٌ فَلَوْ أَفَاضَ الْمَاءَ عَلَى جَمِيعِ بَدَنِهِ مِنْ غَيْرِ وُضُوءٍ صَحَّ غُسْلُهُ وَاسْتَبَاحَ بِهِ الصَّلَاةَ وَغَيْرَهَا وَلَكِنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يَتَوَضَّأَ كَمَا ذَكَرْنَا وَتَحْصُلُ الْفَضِيلَةُ بِالْوُضُوءِ قَبْلَ الْغُسْلِ أَوْ بَعْدَهُ وَإِذَا تَوَضَّأَ أَوَّلًا لَا يَأْتِي بِهِ ثَانِيًا فَقَدِ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ وُضُوءَانِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
..........
(3/230)
اخْتَلَفَ عُلَمَاءُ أَصْحَابِنَا فِي تَنْشِيفِ الْأَعْضَاءِ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ أَشْهَرُهَا أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ تَرْكُهُ وَلَا يُقَالُ فِعْلُهُ مَكْرُوهٌ وَالثَّانِي أَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَالثَّالِثُ أَنَّهُ مُبَاحٌ يَسْتَوِي فِعْلُهُ وَتَرْكُهُ وَهَذَا هُوَ الَّذِي نَخْتَارُهُ فَإِنَّ الْمَنْعَ وَالِاسْتِحْبَا بَ يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ ظَاهِرٍ وَالرَّابِعُ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ لِمَا فِيهِ مِنَ الِاحْتِرَازِ عَنِ الْأَوْسَاخِ وَالْخَامِسُ يُكْرَهُ فِي الصَّيْفِ دُونَ الشِّتَاءِ هَذَا مَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا وَقَدِ اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ وَغَيْرُهُمْ فِي التَّنْشِيفِ عَلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ أَحَدُهَا أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَهُوَ قَوْلُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ وَالثَّانِي مكروه فيهما وهو قول بن عمر وبن أَبِي لَيْلَى وَالثَّالِثُ يُكْرَهُ فِي الْوُضُوءِ دُونَ الغسل وهو قول بن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَقَدْ جَاءَ فِي تَرْكِ التَّنْشِيفِ هَذَا الْحَدِيثُ وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ
...
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(اغْتَسَلَ وَخَرَجَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ مَاءً وَأَمَّا فِعْلُ التَّنْشِيفِ فَقَدْ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مِنْ أَوْجُهٍ لَكِنَّ أَسَانِيدَهَا ضَعِيفَةٌ قَالَ التِّرْمِذِيُّ لَا يَصِحُّ فِي هَذَا الْبَابِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم شئ وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ عَلَى إِبَاحَةِ التَّنْشِيفِ بِقَوْلِ مَيْمُونَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَجَعَلَ يَقُولُ بِالْمَاءِ هَكَذَا يَعْنِي يَنْفُضُهُ قَالَ فَإِذَا كَانَ النَّفْضُ مُبَاحًا كَانَ التَّنْشِيفُ مِثْلُهُ أَوْ أَوْلَى لِاشْتِرَاكِهِم َا فِي إِزَالَةِ الْمَاءِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
..........
(3/233)
(دعا بشئ نَحْوَ الْحِلَابِ) هُوَ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ وَآخِرُهُ بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ وَهُوَ إِنَاءٌ يُحْلَبُ فِيهِ وَيُقَالُ لَهُ الْمِحْلَبُ أَيْضًا بِكَسْرِ الْمِيمِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ هُوَ إِنَاءٌ يَسَعُ قَدْرَ حَلْبَةِ نَاقَةٍ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ الصَّحِيحُ الْمَعْرُوفُ فِي الرِّوَايَةِ وَذَكَرَ الْهَرَوِيُّ عَنِ الْأَزْهَرِيِّ أَنَّهُ الْجُلَّابُ بِضَمِّ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَأَرَادَ بِهِ مَاءَ الْوَرْدِ وَهُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ وَأَنْكَرَ الْهَرَوِيُّ هَذَا وَقَالَ أَرَاهُ الْحِلَابَ وَذَكَرَ نَحْوَ مَا قَدَّمْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
,,,,,,,,
الجزء الرابع / تابع
(4/2)
قال العلماء والمستحب ان لاينقص في الغسل عن صاع ولافي الْوُضُوءِ عَنْ مُدٍّ وَالصَّاعُ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ بِالْبَغْدَادِي ِّ وَالْمُدُّ رِطْلٌ وَثُلُثٌ ذَلِكَ مُعْتَبَرٌ عَلَى التقريب لاعلى التَّحْدِيدِ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمَشْهُورُ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا وَجْهًا لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّ الصَّاعَ هُنَا ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ وَالْمُدُّ رِطْلَانِ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى النَّهْيِ عَنِ الْإِسْرَافِ فِي الْمَاءِ وَلَوْ كان على شاطيء الْبَحْرِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْإِسْرَافُ حَرَامٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
............
(4/4)
التَّعْلِيمِ بِالْوَصْفِ بِالْفِعْلِ فَإِنَّهُ أَوْقَعُ فِي النَّفْسِ مِنَ الْقَوْلِ وَيَثْبُتُ فِي الْحِفْظِ مَا لايثبت بِالْقَوْلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
........
(4/11)
وَالْمُسْتَفِيض ِ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ وَالْفُقَهَاءِ وَغَيْرِهِمْ ومعناه أحكم فتل شعري وقال الامام بن بري فِي الْجُزْءِ الَّذِي صَنَّفَهُ فِي لَحْنِ الْفُقَهَاءِ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ أَشُدُّ ضَفْرَ رَأْسِي يَقُولُونَهُ بِفَتْحِ الضَّادِ وَإِسْكَانِ الْفَاءِ وَصَوَابُهُ ضَمُّ الضَّادِ وَالْفَاءِ جَمْعُ ضَفِيرَةٍ كَسَفِينَةٍ وَسُفُنٌ وَهَذَا الَّذِي أَنْكَرَهُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَيْسَ كَمَا زَعَمَهُ بَلِ الصَّوَابُ جَوَازُ الْأَمْرَيْنِ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا مَعْنًى صَحِيحٌ وَلَكِنْ يَتَرَجَّحُ مَا قَدَّمْنَاهُ لِكَوْنِهِ الْمَرْوِيَّ الْمَسْمُوعَ فِي الرِّوَايَاتِ الثَّابِتَةِ الْمُتَّصِلَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.............
(4/12)
مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ أَنَّ ضَفَائِرَ الْمُغْتَسِلَةِ إِذَا وَصَلَ الْمَاءُ إِلَى جَمِيعِ شَعْرِهَا ظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ مِنْ غَيْرِ نَقْضٍ لَمْ يَجِبْ نَقْضُهَا وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إِلَّا بِنَقْضِهَا وَجَبَ نَقْضُهَا وَحَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَصِلُ الْمَاءَ إِلَى جَمِيعِ شَعْرِهَا مِنْ غَيْرِ نَقْضٍ لِأَنَّ إِيصَالَ الْمَاءِ وَاجِبٌ وَحُكِيَ عَنِ النَّخَعِيِّ وُجُوبُ نَقْضِهَا بكل حال عن الْحَسَنِ وَطَاوُسٍ وُجُوبُ النَّقْضِ فِي غُسْلِ الْحَيْضِ دون الجنابه ودليلنا حديث أم سلمه واذا كَانَ لِلرَّجُلِ ضَفِيرَةٌ فَهُوَ كَالْمَرْأَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاعْلَمْ أَنَّ غُسْلَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ مِنَ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْأَغْسَالِ الْمَشْرُوعَةِ سَوَاءٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا مَا سَيَأْتِي فِي الْمُغْتَسِلَةِ مِنَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهَا أَنْ تَسْتَعْمِلَ فِرْصَةً مِنْ مِسْكٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ صِفَةِ الْغُسْلِ بِكَمَالِهَا
......
-
رد: فوائد وفرائد " المنهاج شرح صحيح مسلم ابن الحجاج " للإمام النووي رحمه الله !!!
اليوم : الأحد
الموافق : 3/ شعبان / 1443 هجري
الموافق : 6 / مارس / 2022 ميلادي
تابع / المنهاج شرح النووي على صحيح مسلم "
(4/14)
" تطهري بها سبحان الله "
أَنَّ سُبْحَانَ اللَّهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَأَمْثَالِهِ يُرَادُ بِهَا التَّعَجُّبُ وَكَذَا لااله إِلَّا اللَّهُ وَمَعْنَى التَّعَجُّبِ هُنَا كَيْفَ يَخْفَى مثل هذا الظاهر الذي لايحتاج الْإِنْسَانُ فِي فَهْمِهِ إِلَى فِكْرٍ وَفِي هَذَا جَوَازُ التَّسْبِيحِ عِنْدَ التَّعَجُّبِ مِنَ الشَّيْءِ وَاسْتِعْظَامِه ِ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ عِنْدَ التَّثَبُّتِ عَلَى الشَّيْءِ وَالتَّذَكُّرِ بِهِ وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ اسْتِعْمَالِ الْكِنَايَاتِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَوْرَاتِ
...........
(4/17)
أَنَّ الِاسْتِحَاضَةَ جَرَيَانُ الدَّمِ مِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ فِي غَيْرِ أَوَانِهِ وَأَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ عِرْقٍ يُقَالُ لَهُ الْعَاذِلُ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ بِخِلَافِ دَمِ الْحَيْضِ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ قَعْرِ الرَّحِمِ وَأَمَّا حُكْمُ الْمُسْتَحَاضَة ِ فَهُوَ مَبْسُوطٌ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ أَحْسَنَ بَسْطٍ وَأَنَا أُشِيرُ إِلَى أَطْرَافٍ مِنْ مَسَائِلِهَا فَاعْلَمْ أَنَّ الْمُسْتَحَاضَة َ لَهَا حُكْمُ الطَّاهِرَاتِ فِي مُعْظَمِ الْأَحْكَامِ فَيَجُوزُ لِزَوْجِهَا وَطْؤُهَا فِي حَالِ جَرَيَانِ الدَّمِ عِنْدَنَا وعند جمهور العلماء حكاه بن المنذر في الاشراق عن بن عباس وبن الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَعَطَاءٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَقَتَادَةَ وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ وَبَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ وَالْأَوْزَاعِي ِّ وَالثَّوْرِيِّ وَمَالِكٍ وَإِسْحَاقَ وابي ثور قال بن الْمُنْذِرِ وَبِهِ أَقُولُ قَالَ وَرَوَيْنَا عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ لَا يَأْتِيهَا زَوْجُهَا وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ وَالْحَكَمُ وَكَرِهَهُ ابْنُ سيرين وقال أحمد لايأتيها الاأن يَطُولَ ذَلِكَ بِهَا وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ رَحِمَهُ الله تعالى أنه لايجوز وَطْؤُهَا إِلَّا أَنْ يَخَافَ زَوْجُهَا الْعَنَتَ وَالْمُخْتَارُ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنِ الْجُمْهُورِ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ مَا رَوَى عِكْرِمَةُ عَنْ حَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا كَانَتْ مُسْتَحَاضَةً وَكَانَ زَوْجُهَا يُجَامِعُهَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالْبَيْهَقِيّ ُ وَغَيْرُهُمَا بِهَذَا اللَّفْظِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ قال بن عَبَّاسٍ الْمُسْتَحَاضَة ُ يَأْتِيهَا زَوْجُهَا إِذَا صَلَّتْ الصَّلَاةُ أَعْظَمُ وَلِأَنَّ الْمُسْتَحَاضَة َ كَالطَّاهِرَةِ فِي الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَغَيْرِهِمَا فَكَذَا فِي الْجِمَاعِ وَلِأَنَّ التَّحْرِيمَ إِنَّمَا يَثْبُتُ بِالشَّرْعِ وَلَمْ يَرِدِ الشَّرْعُ بِتَحْرِيمِهِ وَاللَّهُ أعلم
............
(4/18)
أَنَّ مَذْهَبَنَا أَنَّ الْمُسْتَحَاضَة َ لَا تُصَلِّي بِطَهَارَةٍ وَاحِدَةٍ أَكْثَرَ مِنْ فَرِيضَةٍ وَاحِدَةٍ مُؤَدَّاةٍ كَانَتْ أَوْ مَقْضِيَّةٍ وَتَسْتَبِيحُ مَعَهَا مَا شَاءَتْ مِنَ النَّوَافِلِ قَبْلَ الْفَرِيضَةِ وَبَعْدَهَا وَلَنَا وَجْهٌ أَنَّهَا لَا تَسْتَبِيحُ أَصْلًا لِعَدَمِ ضَرُورَتِهَا إِلَيْهَا النَّافِلَةِ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ وَحُكِيَ مِثْلُ مَذْهَبِنَا عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَسُفْيَانِ الثوري وأحمد وابي ثور وقال أبوحنيفه طَهَارَتُهَا مُقَدَّرَةٌ بِالْوَقْتِ فَتُصَلِّي فِي الْوَقْتِ بِطَهَارَتِهَا الْوَاحِدَةِ مَا شَاءَتْ مِنَ الْفَرَائِضِ الْفَائِتَةِ وَقَالَ ربيعة ومالك وداود دم الاستحاضة لاينقض الْوُضُوءَ فَإِذَا تَطَهَّرَتْ فَلَهَا أَنْ تُصَلِّيَ بِطَهَارَتِهَا ماشاءت مِنَ الْفَرَائِضِ إِلَى أَنْ تُحْدِثَ بِغَيْرِ الِاسْتِحَاضَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
......
(4/22)*
قَوْلُهُ (وَفِي حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ زِيَادَةُ حَرْفٍ تَرَكْنَا ذِكْرَهُ) قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْحَرْفُ الَّذِي تَرَكَهُ هُوَ قَوْلُهُ اغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَتَوَضَّئِي ذَكَرَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ وَأَسْقَطَهَا مُسْلِمٌ لِأَنَّهَا مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ حَمَّادُ قَالَ النَّسَائِيُّ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ وَتَوَضَّئِي فِي الْحَدِيثِ غَيْرُ حَمَّادٍ يَعْنِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ فِي حَدِيثِ هِشَامٍ وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ ذِكْرَ الْوُضُوءِ مِنْ رِوَايَةِ عَدِيِّ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ وَحَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ وَأَيُّوبَ بْنِ أَبِي مَكِينٍ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَكُلُّهَا ضَعِيفَةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
............
(4/24)
قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قِيلَ إِنَّ بَنَاتَ جَحْشٍ الثَّلَاثَ زَيْنَبَ وَأُمَّ حَبِيبَةَ وَحَمْنَةَ زَوْجَ طَلْحَةِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ كُنَّ يَسْتَحِضْنَ كُلُّهُنَّ وَقِيلَ إِنَّهُ لَمْ يَسْتَحِضْ مِنْهُنَّ إِلَّا أُمُّ حَبِيبَةَ وَذَكَرَ الْقَاضِي يُونُسُ بْنُ مُغِيثٍ فِي كتابه الموعب فِي شَرْحِ الْمُوَطَّأِ مِثْلَ هَذَا وَذَكَرَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ اسْمُهَا
زَيْنَبُ وَلُقِّبَتْ إِحْدَاهُنَّ حَمْنَةُ وَكُنِّيَتِ الْأُخْرَى أُمُّ حَبِيبَةَ وَإِذَا كَانَ هَذَا هَكَذَا فَقَدْ سَلِمَ مَالِكٌ مِنَ الْخَطَأِ فِي تَسْمِيَةِ أُمِّ حَبِيبَةَ زَيْنَبَ وَقَدْ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَزْوَاجِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّ بَعْضَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَفِي أُخْرَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَكَفَ مَعَ بَعْضِ نِسَائِهِ وَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَأَمَّا قَوْلُهُ أُمُّ حَبِيبَةَ فَقَدْ قَالَ الدَّارَقُطْنِي ُّ قَالَ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ الصَّحِيحُ أَنَّهَا أُمُّ حَبِيبٍ بِلَا هَاءٍ وَاسْمُهَا حَبِيبَةُ قَالَ الدَّارَقُطْنِي ُّ قَوْلُ الْحَرْبِيِّ صَحِيحٌ وَكَانَ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِهَذَا الشَّأْنِ قَالَ غَيْرُهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أُمَّ حَبِيبٍ وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْغَسَّانِيُّ الصَّحِيحُ أَنَّ اسْمَهَا حَبِيبَةُ قَالَ وكذلك قاله الحميدي عن سفيان وقال بن الْأَثِيرِ يُقَالُ لَهَا أُمُّ حَبِيبَةَ وَقِيلَ أُمُّ حَبِيبٍ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَكْثَرُ وَكَانَتْ مُسْتَحَاضَةً قَالَ وَأَهْلُ السِّيَرِ يَقُولُونَ الْمُسْتَحَاضَة ُ أُخْتُهَا حَمْنَةُ بِنْتُ جحش قال بن عَبْدِ الْبَرِّ الصَّحِيحُ أَنَّهُمَا كَانَتَا تُسْتَحَاضَانِ قَوْلُهُ إِنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ جَحْشٍ خَتَنَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَحْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ
.........
-
رد: فوائد وفرائد " المنهاج شرح صحيح مسلم ابن الحجاج " للإمام النووي رحمه الله !!!
اليوم : الإثنين
الموافق : 11/ شعبان / 1443 هجري
الموافق : 14/ مارس / 2022 ميلادي
تابع " شرح النووي على صحيح مسلم ابن الحجاج رحمه الله "
(4/26)
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي سَبَبِ تَلْقِيبِهِ بِالرِّشْكِ فَقِيلَ مَعْنَاهُ بِالْفَارِسِيَّ ةِ الْقَاسِمُ وَقِيلَ الْغَيُورُ وَقِيلَ كَثِيرُ اللِّحْيَةِ وَقِيلَ الرِّشْكُ بِالْفَارِسِيَّ ةِ اسْمٌ لِلْعَقْرَبِ فَقِيلَ لِيَزِيدَ الرِّشْكُ لِأَنَّ الْعَقْرَبَ دَخَلَتْ فِي لحيته فمكثت فيها ثلاثة ايام وهو لايدري بِهَا لِأَنَّ لِحْيَتَهُ كَانَتْ طَوِيلَةً عَظِيمَةً جِدًّا حَكَى هَذِهِ الْأَقْوَالَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ وَغَيْرُهُ وَحَكَاهَا أَبُو عَلِيٍّ الْغَسَّانِيُّ وَذَكَرَ هَذَا الْقَوْلَ الْأَخِيرَ بِإِسْنَادِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
..............
(4/31)
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم ولايفضي الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَكَذَلِكَ فِي الْمَرْأَةِ مَعَ الْمَرْأَةِ فَهُوَ نَهْيُ تَحْرِيمٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ لَمْسِ عَوْرَةِ غَيْرِهِ بِأَيِّ مَوْضِعٍ مِنْ بَدَنِهِ كَانَ وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَهَذَا مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى وَيَتَسَاهَلُ فِيهِ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ بِاجْتِمَاعِ النَّاسِ فِي الْحَمَّامِ فَيَجِبُ عَلَى الْحَاضِرِ فِيهِ أَنْ يَصُونَ بَصَرَهُ وَيَدَهُ وَغَيْرَهَا عَنْ عَوْرَةِ غَيْرِهِ وَأَنْ يَصُونَ عَوْرَتَهُ عَنْ بَصَرِ غَيْرِهِ وَيَدِ غَيْرِهِ مِنْ قَيِّمٍ وَغَيْرِهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ إِذَا رَأَى مَنْ يُخِلُّ بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا أَنْ يُنْكِرَ عَلَيْهِ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْإِنْكَارُ
.......
(4/38)
قَوْلُ أَبِي الْعَلَاءِ أَنَّ السُّنَّةَ تَنْسَخُ السُّنَّةَ هَذَا صَحِيحٌ قَالَ الْعُلَمَاءُ نَسْخُ السُّنَّةِ بِالسُّنَّةِ يَقَعُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا نَسْخُ السُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَة ِ بِالْمُتَوَاتِر َةِ وَالثَّانِي نَسْخُ خَبَرِ الْوَاحِدِ بِمِثْلِهِ وَالثَّالِثُ نَسْخُ الْآحَادِ بِالْمُتَوَاتِر َةِ وَالرَّابِعُ نَسْخُ الْمُتَوَاتِرِ بِالْآحَادِ فَأَمَّا الثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ فَهِيَ جَائِزَةٌ بِلَا خِلَافٍ وَأَمَّا الرَّابِعُ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَ الْجَمَاهِيرِ وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ يَجُوزُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.............
(4/46)
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي اسْتِحْبَابِ غَسْلِ الْيَدِ قَبْلَ الطَّعَامِ وَبَعْدَهُ وَالْأَظْهَرُ اسْتِحْبَابُهُ أَوَّلًا إِلَّا أَنْ يَتَيَقَّنَ من نَظَافَةَ الْيَدِ مِنَ النَّجَاسَةِ وَالْوَسَخِ وَاسْتِحْبَابِه ِ بَعْدَ الفراغ الا أن لايبقى عَلَى الْيَدِ أَثَرُ الطَّعَامِ بِأَنْ كَانَ يَابِسًا وَلَمْ يَمَسُّهُ بِهَا وَقَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى لا يستحب غسل اليدللطعام إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى الْيَدِ أَوَّلًا قَذَرٌ وَيَبْقَى عَلَيْهَا بَعْدَ الْفَرَاغِ رَائِحَةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
........
(4/48)
فاختلف العلماء في أكل لحوم الجزور وذهب الاكثرون إلى أنه لاينقض الْوُضُوءَ مِمَّنْ ذَهَبَ إِلَيْهِ الْخُلَفَاءُ الْأَرْبَعَةُ الرَّاشِدُونَ أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وبن مسعود وابي بن كعب وبن عَبَّاسٍ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ وَأَبُو طَلْحَةَ وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ وَأَبُو أُمَامَةَ وَجَمَاهِيرُ التَّابِعِينَ وَمَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمْ وَذَهَبَ إِلَى انْتِقَاضِ الْوُضُوءِ بِهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُنْذِرِ وبن خُزَيْمَةَ وَاخْتَارَهُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ وَحُكِيَ عَنِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ مُطْلَقًا وَحُكِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ وَاحْتَجَّ هَؤُلَاءِ بِحَدِيثِ الْبَابِ وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَمْ فَتَوَضَّأَ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ
عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ فَأَمَرَ بِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا حَدِيثَانِ حَدِيثُ جَابِرٍ وَحَدِيثُ الْبَرَاءِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ أَقْوَى دَلِيلًا وَإِنْ كَانَ الْجُمْهُورُ عَلَى خِلَافِهِ وَقَدْ أجَابَ الْجُمْهُورُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِحَدِيثِ جَابِرٍ كَانَ آخِرَ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرْكُ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ وَلَكِنْ هَذَا الْحَدِيثُ عَامٌّ وَحَدِيثُ الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ خَاصٌّ وَالْخَاصُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا إِبَاحَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ دُونَ مَبَارِكِ الْإِبِلِ فَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَالنَّهْيُ عَنْ مَبَارِكِ الْإِبِلِ وَهِيَ أَعْطَانُهَا نَهْيُ تَنْزِيهٍ وَسَبَبُ الْكَرَاهَةِ مَا يُخَافُ مِنْ نِفَارِهَا وَتَهْوِيشِهَا عَلَى الْمُصَلِّي وَاللَّهُ أَعْلَمُ
...........
(4/49)
أَنَّ الْأَشْيَاءَ يُحْكَمُ بِبَقَائِهَا عَلَى أُصُولِهَا حَتَّى يُتَيَقَّنَ خِلَافُ ذَلِكَ وَلَا يَضُرُّ الشَّكُّ الطَّارِئُ عَلَيْهَا فَمِنْ ذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْبَابِ الَّتِي وَرَدَ فِيهَا الْحَدِيثُ وَهِيَ أَنَّ مَنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ حُكِمَ بِبَقَائِهِ عَلَى الطَّهَارَةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ حُصُولِ هَذَا الشَّكِّ فِي نَفْسِ الصَّلَاةِ وَحُصُولِهِ خَارِجَ الصَّلَاةِ هَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ
......ز
(4/55)
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي دِبَاغِ جُلُودِ الْمَيْتَةِ وَطَهَارَتِهَا بِالدِّبَاغِ عَلَى سَبْعَةِ مَذَاهِبَ أَحَدُهَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ جَمِيعُ جُلُودِ الْمَيْتَةِ إِلَّا الْكَلْبَ وَالْخِنْزِيرَ وَالْمُتَوَلِّد َ مِنْ أَحَدِهِمَا وَغَيْرِهِ وَيَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ ظَاهِرُ الْجِلْدِ وَبَاطِنِهِ وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْأَشْيَاءِ الْمَائِعَةِ وَالْيَابِسَةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَأْكُولِ اللَّحْمِ وَغَيْرِهِ وَرُوِيَ هَذَا الْمَذْهَبُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا والمذهب الثاني لايطهر شَيْءٌ مِنَ الْجُلُودِ بِالدِّبَاغِ وَرُوِيَ هَذَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ وَعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَهُوَ أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْن ِ عَنْ أَحْمَدَ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْن ِ عَنْ مَالِكٍ وَالْمَذْهَبُ الثَّالِثُ يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ جِلْدُ مَأْكُولِ اللَّحْمِ وَلَا يَطْهُرُ غيره وهومذهب الاوزاعي وبن الْمُبَارَكِ وَأَبِي ثَوْرٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ وَالْمَذْهَبُ الرَّابِعُ يَطْهُرُ جُلُودُ جَمِيعِ الْمَيْتَاتِ إِلَّا الْخِنْزِيرَ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْمَذْهَبُ الْخَامِسُ يَطْهُرُ الْجَمِيعُ إِلَّا أَنَّهُ يَطْهُرُ ظَاهِرُهُ دُونَ بَاطِنِهِ وَيُسْتَعْمَلُ فِي الْيَابِسَاتِ دُونَ الْمَائِعَاتِ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ لافيه وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ الْمَشْهُورُ فِي حِكَايَةِ أَصْحَابِهِ عَنْهُ وَالْمَذْهَبُ السَّادِسُ يَطْهُرُ الْجَمِيعُ وَالْكَلْبُ وَالْخِنْزِيرُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَهُوَ مَذْهَبُ دَاوُدَ وَأَهْلِ الظَّاهِرِ وَحُكِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَالْمَذْهَبُ السَّابِعُ أَنَّهُ ينتفع بجلود الميتة وان لم تدبغ ويجوزاستعمالها فِي الْمَائِعَاتِ وَالْيَابِسَاتِ وَهُوَ مَذْهَبُ الزُّهْرِيِّ وَهُوَ وَجْهٌ شَاذٌّ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا لَا تَفْرِيعَ عَلَيْهِ وَلَا الْتِفَاتَ إِلَيْهِ وَاحْتَجَّتْ كُلُّ طَائِفَةٍ مِنَ أَصْحَابِ هَذِهِ الْمَذَاهِبِ بِأَحَادِيثَ وَغَيْرِهَا وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ عَنْ دَلِيلِ بَعْضٍ وَقَدْ أوْضَحْتُ دَلَائِلَهُمْ فِي أَوْرَاقٍ مِنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ
..........
(4/56)
نَّ التَّيَمُّمَ ثَابِتٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ وَهُوَ خِصِّيصَةٌ خَصَّ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِهِ هَذِهِ الْأُمَّةَ زَادَهَا اللَّهُ تَعَالَى شَرَفًا وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي الْوَجْهِ واليدين سواء كان عن حدث أصغر أوأكبر وَسَوَاءٌ تَيَمَّمَ عَنِ الْأَعْضَاءِ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي كَيْفِيَّةِ التَّيَمُّمِ فَمَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ضَرْبَتَيْنِ ضَرْبَةٍ لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةٍ لِلْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفِقَيْنِ وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا مِنَ الْعُلَمَاءِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَالشَّعْبِيُّ وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَمَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَآخَرُونَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إِلَى أَنَّ الْوَاجِبَ ضَرْبَةٌ وَاحِدَةٌ لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ وَهُوَ مَذْهَبُ عَطَاءٍ وَمَكْحُولٍ وَالْأَوْزَاعِي ِّ وَأَحْمَدَ واسحاق وبن الْمُنْذِرِ وَعَامَّةِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَحُكِيَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ يَجِبُ مَسْحُ الْيَدَيْنِ إِلَى الْإِبْطَيْنِ هَكَذَا حَكَاهُ عَنْهُ أَصْحَابُنَا فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ لَمْ يَخْتَلِفْ أحد من العلماء في انه لايلزم مسح ماوراء المرفقين وحكى أصحابنا ايضا عن بن سِيرِينَ أَنَّهُ قَالَ لَا يُجْزِيهِ أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثِ ضَرَبَاتٍ ضَرْبَةٍ
لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةٍ ثَانِيَةٍ لِكَفَّيْهِ وَثَالِثَةٍ لِذِرَاعَيْهِ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ التَّيَمُّمِ عَنِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ وَكَذَلِكَ أَجْمَعَ أَهْلُ هَذِهِ الْأَعْصَارِ وَمَنْ قَبْلَهُمْ عَلَى جَوَازِهِ لِلْجُنُبِ وَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَلَمْ يُخَالِفْ فِيهِ أَحَدٌ مِنَ الْخَلَفِ وَلَا أَحَدٌ مِنَ السَّلَفِ إِلَّا مَا جَاءَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَحُكِيَ مِثْلُهُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ الْإِمَامِ التَّابِعِيِّ وَقِيلَ إِنَّ عُمَرَ وَعَبْدَ اللَّهِ رَجَعَا عَنْهُ
........
(4/68)
قَوْلُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا (كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ) هَذَا الْحَدِيثُ أَصْلٌ فِي جَوَازِ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ وَشَبَهِهَا مِنَ الْأَذْكَارِ وَهَذَا جَائِزٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي جَوَازِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ لِلْجُنُبِ وَالْحَائِضِ فَالْجُمْهُورُ عَلَى تَحْرِيمِ الْقِرَاءَةِ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا وَلَا فَرْقَ عِنْدَنَا بَيْنَ آيَةٍ وَبَعْضِ آيَةٍ فَإِنَّ الْجَمِيعَ يَحْرُمُ وَلَوْ قَالَ الجنب بسم الله أو الحمدلله وَنَحْوَ ذَلِكَ إِنْ قَصَدَ بِهِ الْقُرْآنَ حَرُمَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَصَدَ بِهِ الذِّكْرَ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا لَمْ يَحْرُمْ وَيَجُوزُ لِلْجُنُبِ وَالْحَائِضِ أَنْ يُجْرِيَا الْقُرْآنَ عَلَى قُلُوبِهِمَا وَأَنْ يَنْظُرَا في المصحف ويستحب لهما اذاأرادا الِاغْتِسَالَ أَنْ يَقُولَا بِسْمِ اللَّهِ عَلَى قَصْدِ الذِّكْرِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُكْرَهُ الذِّكْرُ فِي حَالَةِ الْجُلُوسِ عَلَى الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَفِي حَالَةِ الْجِمَاعِ
..........
(4/73)
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهَا عَلَى مَذَاهِبَ أَحَدُهَا أَنَّ النَّوْمَ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ عَلَى أَيِّ حَالٍ كَانَ وَهَذَا مَحْكِيٌّ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي مِجْلَزٍ وَحُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ وَشُعْبَةَ وَالْمَذْهَبُ الثَّانِي أَنَّ النَّوْمَ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ بِكُلِّ حَالٍ وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالْمُزَنِيِّ وَأَبِي عُبَيْدٍ الْقَاسِمِ بْنِ سَلَّامٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ وَهُوَ قَوْلٌ غَرِيبٌ لِلشَّافِعِيِّ قَالَ بن الْمُنْذِرِ وَبِهِ أَقُولُ قَالَ وَرُوِيَ مَعْنَاهُ عَنِ بن عَبَّاسٍ وَأَنَسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَالْمَذْهَبُ الثَّالِثُ أَنَّ كَثِيرَ النَّوْمِ يَنْقُضُ بِكُلِّ حَالٍ وَقَلِيلُهُ لَا يَنْقُضُ بِحَالٍ وَهَذَا مَذْهَبُ الزُّهْرِيِّ وَرَبِيعَةَ وَالْأَوْزَاعِي ِّ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْن ِ عَنْهُ وَالْمَذْهَبُ الرَّابِعُ أَنَّهُ إِذَا نَامَ عَلَى هَيْئَةٍ مِنْ هَيْئَاتِ الْمُصَلِّينَ كَالرَّاكِعِ وَالسَّاجِدِ والقائم والقاعد لاينتقض وضوؤه سَوَاءٌ كَانَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَإِنْ نَامَ مُضْطَجِعًا أَوْ مُسْتَلْقِيًا عَلَى قَفَاهُ انْتَقَضَ وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَدَاوُدَ وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ غَرِيبٌ وَالْمَذْهَبُ الْخَامِسُ أَنَّهُ لَا يَنْقُضُ إِلَّا نَوْمُ الرَّاكِعِ وَالسَّاجِدِ رُوِيَ هَذَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى والمذهب السادس أنه لا ينقض الانوم السَّاجِدِ وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ أَحْمَدَ رَضِيَ اللَّهُ عنه والمذهب السابع أنه لاينقض النَّوْمَ فِي الصَّلَاةِ بِكُلِّ حَالٍ وَيَنْقُضُ خَارِجَ الصَّلَاةِ وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ لِلشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَالْمَذْهَبُ الثَّامِنُ أَنَّهُ إِذَا نَامَ جَالِسًا مُمَكِّنًا مَقْعَدَتَهُ مِنَ الْأَرْضِ لَمْ يُنْتَقَضْ وَإِلَّا انْتُقِضَ سَوَاءٌ قَلَّ أَوْ كَثُرَ سَوَاءٌ كَانَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ خَارِجِهَا وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَعِنْدَهُ أَنَّ النَّوْمَ لَيْسَ حَدَثًا فِي نَفْسِهِ وَإِنَّمَا هُوَ دَلِيلٌ عَلَى خُرُوجِ الرِّيحِ فَإِذَا نَامَ غَيْرَ مُمَكِّنٍ الْمَقْعَدَةَ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ خُرُوجُ الرِّيحِ فَجَعَلَ
....
-
رد: فوائد وفرائد " المنهاج شرح صحيح مسلم ابن الحجاج " للإمام النووي رحمه الله !!!
اليوم / السبت
الموافق : 16/ شعبان / 1443 هجري
الموافق : 19/ مارس / 2022 ميلادي
تابع / شرح النووي على صحيح مسلم ابن الحجاج
................
(4/75)
وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ زَوَالَ الْعَقْلِ بِالْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ وَالسُّكْرِ بِالْخَمْرِ أَوِ النَّبِيذِ أَوِ الْبَنْجِ أَوِ الدَّوَاءِ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ سَوَاءٌ قَلَّ أَوْ كَثُرَ سَوَاءٌ كَانَ ممكن المقعدة أوغير مُمَكِّنِهَا قَالَ أَصْحَابُنَا وَكَانَ مِنْ خَصَائِصِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لاينتقض وضوؤه بالنوم مضطجعا للحديث الصحيح عن بن عَبَّاسٍ قَالَ نَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى سَمِعْتُ غَطِيطَهُ ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
..........
(4/76)
وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ كَانَتِ الْمُشَاوَرَةُ وَاجِبَةً عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْ كَانَتْ سُنَّةً فِي حَقِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا فِي حَقِّنَا وَالصَّحِيحُ عِنْدَهُمْ وُجُوبُهَا وَهُوَ الْمُخْتَارُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَشَاوِرْهُمْ في الامر وَالْمُخْتَارُ الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَمُحَقِّقُو أَهْلِ الْأُصُولِ أَنَّ الْأَمْرَ لِلْوُجُوبِ وَفِيهِ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْمُتَشَاوِرِ ينَ أَنْ يَقُولَ كُلٌّ مِنْهُمْ مَا عِنْدَهُ ثُمَّ صَاحِبُ الْأَمْرِ يَفْعَلُ مَا ظَهَرَتْ لَهُ مَصْلَحَةً وَاللَّهُ أَعْلَمُ
...........
(4/77)
صَحَّ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيّ ِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ رَأَى الْأَذَانَ فِي الْمَنَامِ فَجَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخْبِرُهُ بِهِ فَجَاءَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَقَدْ رَأَيْتُ مِثْلَ الَّذِي رَأَى وَذَكَرَ الْحَدِيثَ فَهَذَا ظَاهِرُهُ أَنَّهُ كَانَ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ فَيَكُونُ الْوَاقِعُ الْإِعْلَامَ أَوَّلًا ثُمَّ رَأَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ الْأَذَانَ فَشَرَعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ إِمَّا بِوَحْيٍ وَإِمَّا بِاجْتِهَادِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَذْهَبِ الْجُمْهُورِ فِي جَوَازِ الِاجْتِهَادِ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ هُوَ عَمَلًا بِمُجَرَّدِ المنام هذا ما لايشك فِيهِ بِلَا خِلَافٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ التِّرْمِذِيُّ ولايصح لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ هَذَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْءٌ غَيْرُ حَدِيثِ الْأَذَانِ وَهُوَ غَيْرُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ الْمَازِنِيِّ ذَاكَ لَهُ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَهُوَ عَمُّ عباد بن تميم
......
(4/78)
بْنِ تَمِيمٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم (يابلال قُمْ فَنَادِ بِالصَّلَاةِ) فَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيهِ حُجَّةٌ لِشَرْعِ الْأَذَانِ مِنْ قِيَامٍ وأنه لايجوز الْأَذَانُ قَاعِدًا قَالَ وَهُوَ مَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً إِلَّا أَبَا ثَوْرٍ فَإِنَّهُ جَوَّزَهُ وَوَافَقَهُ أَبُو الْفَرَجِ الْمَالِكِيُّ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ ضَعِيفٌ لِوَجْهَيْنِ أَحَدِهِمَا أَنَّا قَدَّمْنَا عَنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا النِّدَاءِ الْإِعْلَامُ بِالصَّلَاةِ لَا الْأَذَانُ الْمَعْرُوفُ وَالثَّانِي أَنَّ الْمُرَادَ قُمْ فَاذْهَبْ إِلَى مَوْضِعٍ بَارِزٍ فَنَادِ فِيهِ بِالصَّلَاةِ لِيَسْمَعَكَ النَّاسُ مِنَ الْبُعْدِ وَلَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِلْقِيَامِ فِي حَالِ الْأَذَانِ لَكِنْ يُحْتَجُّ لِلْقِيَامِ فِي الْأَذَانِ بِأَحَادِيثَ مَعْرُوفَةٍ غَيْرِ هَذَا وَأَمَّا قَوْلُهُ مَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً أَنَّ الْقِيَامَ وَاجِبٌ فَلَيْسَ كَمَا قَالَ بَلْ مَذْهَبُنَا الْمَشْهُورُ أَنَّهُ سُنَّةٌ فَلَوْ أَذَّنَ قَاعِدًا بِغَيْرِ عُذْرٍ صَحَّ أَذَانُهُ لَكِنْ فَاتَتْهُ الْفَضِيلَةُ وَكَذَا لَوْ أَذَّنَ مُضْطَجِعًا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْقِيَامِ صَحَّ أَذَانُهُ عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّ الْمُرَادَ الْإِعْلَامُ وَقَدْ حَصَلَ وَلَمْ يَثْبُتْ فِي اشْتِرَاطِ الْقِيَامِ شَيْءٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
......
(4/78)
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي لَفْظِ الْإِقَامَةِ فَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِنَا الَّذِي تَظَاهَرَتْ عَلَيْهِ نُصُوصُ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْإِقَامَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ كَلِمَةً اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَقَالَ مَالِكٌ رحِمَهُ اللَّهُ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ هِيَ عَشْرُ كَلِمَاتٍ فَلَمْ يُثَنِّ لَفْظَ الْإِقَامَةِ وَهُوَ قَوْلٌ قَدِيمٌ لِلشَّافِعِيِّ وَلَنَا قَوْلٌ شَاذٌّ أَنَّهُ يَقُولُ فِي الْأَوَّلِ اللَّهُ أَكْبَرُ مَرَّةً وَفِي الْآخَرِ اللَّهُ أَكْبَرُ وَيَقُولُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ مَرَّةً فَتَكُونُ ثَمَانِ كَلِمَاتٍ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الْإِقَامَةُ سَبْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً فَيُثَنِّيهَا كُلَّهَا وَهَذَا الْمَذْهَبُ شَاذٌّ قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَالَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ فِي الْحَرَمَيْنِ وَالْحِجَازِ وَالشَّامِ وَالْيَمَنِ وَمِصْرَ وَالْمَغْرِبِ
<<
(4/80)
عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ) اسْمُهُ سَمُرَةُ وَقِيلَ أَوْسٌ وقيل جابر وقال بن قُتَيْبَةَ فِي الْمَعَارِفِ اسْمُهُ سُلَيْمَانُ بْنُ سَمُرَةَ وهو غريب وأبو مَحْذُورَةَ قُرَشِيٌّ جُمَحِيٌّ أَسْلَمَ بَعْدَ حُنَيْنٍ وَكَانَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ صَوْتًا تُوُفِّيَ بِمَكَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَقِيلَ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ وَلَمْ يَزَلْ مُقِيمًا بِمَكَّةَ وَتَوَارَثَتْ ذُرِّيَّتُهُ الْأَذَانَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ
..........
(86)
قَالُوا وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ كَلِمَةٌ أَجْمَعُ لِلْخَيْرِ مِنْ لَفْظَةِ الْفَلَاحِ وَيَقْرُبُ مِنْهَا النَّصِيحَةُ
........
)90
أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقًا هُوَ بِفَتْحِ هَمْزَةِ أَعْنَاقًا جَمْعُ عُنُقٍ وَاخْتَلَفَ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ فِي مَعْنَاهُ فَقِيلَ مَعْنَاهُ أَكْثَرُ النَّاسِ تَشَوُّفًا إِلَى
رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّ الْمُتَشَوِّفَ يُطِيلُ عُنُقَهُ إِلَى مَا يَتَطَلَّعُ إِلَيْهِ فَمَعْنَاهُ كَثْرَةُ مَا يَرَوْنَهُ مِنَ الثَّوَابِ وَقَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ إِذَا أَلْجَمَ النَّاسَ الْعَرَقُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ طَالَتْ أَعْنَاقُهُمْ لِئَلَّا يَنَالَهُمْ ذَلِكَ الْكَرْبُ وَالْعَرَقُ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ سَادَةٌ وَرُؤَسَاءٌ وَالْعَرَبُ تَصِفُ السَّادَةَ بِطُولِ الْعُنُقِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَكْثَرُ أَتْبَاعًا وَقَالَ بن الْأَعْرَابِيِّ مَعْنَاهُ أَكْثَرُ النَّاسِ أَعْمَالًا قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ
>>>>>>>>>
)93(
اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلِ الْأَفْضَلُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَرْصُدَ نَفْسَهُ لِلْأَذَانِ أَمْ لِلْإِمَامَةِ عَلَى أَوْجُهٍ أَصَحُّهَا الْأَذَانُ أَفْضَلُ وَهُوَ نَصُّ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْأُمِّ وَقَوْلُ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا وَالثَّانِي الْإِمَامَةُ افضل وهونص الشَّافِعِيِّ أَيْضًا وَالثَّالِثُ هُمَا سَوَاءٌ وَالرَّابِعُ إِنْ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ الْقِيَامَ بِحُقُوقِ الْإِمَامَةِ وَجَمِيعِ خِصَالِهَا فَهِيَ أَفْضَلُ وَإِلَّا فَالْأَذَانُ قَالَهُ أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ وَأَبُو الْقَاسِمِ بْنِ كَجٍّ وَالْمَسْعُودِي ُّ وَالْقَاضِي حُسَيْنٌ مِنْ أَصْحَابِنَا وَأَمَّا جَمْعُ الرَّجُلِ بَيْنَ الْإِمَامَةِ وَالْأَذَانِ فَإِنَّ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا يستحب ان لا يَفْعَلَهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُكْرَهُ وَقَالَ مُحَقِّقُوهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ انه لابأس بِهِ بَلْ يُسْتَحَبُّ وَهَذَا أَصَحُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.....
(96)
وَتَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ وَاجِبَةٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ وَالْعُلَمَاءُ كَافَّةً مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ إِلَّا مَا حَكَاهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ رحمه الله وجماعة عن بن الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنِ وَالزُّهْرِيِّ وَقَتَادَةَ وَالْحَكَمِ وَالْأَوْزَاعِي ِّ أَنَّهُ سُنَّةً لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَأَنَّ الدُّخُولَ فِي الصَّلَاةِ يَكْفِي فِيهِ النِّيَّةُ وَلَا أَظُنُّ هَذَا يَصِحُّ عَنْ هَؤُلَاءِ الْأَعْلَامِ مَعَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ مَعَ حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قال مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطَّهُورُ وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ ولفظة التكبير الله اكبر فهذا يجزئ بالاجماع قال الشافعي ويجزي الله الاكبر لايجزي غيرهما وقال مالك لا يجزئ إِلَّا اللَّهُ أَكْبَرُ وَهُوَ الَّذِي ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُهُ وَهَذَا قَوْلٌ مَنْقُولٌ عَنِ الشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ وَأَجَازَ أَبُو يُوسُفَ اللَّهُ الْكَبِيرُ وَأَجَازَ أَبُو حَنِيفَةَ الِاقْتِصَارَ فِيهِ عَلَى كُلِّ لَفْظٍ فِيهِ تَعْظِيمُ اللَّهِ تَعَالَى كَقَوْلِهِ الرَّحْمَنُ أَكْبَرُ أَوِ اللَّهُ أَجَلُّ أَوْ أعْظَمُ وَخَالَفَهُ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ
........
(98)
واعلم ان تكبيرة الاحرام واجبة وما عدا سُنَّةٌ لَوْ تَرَكَهُ صَحَّتْ صَلَاتُهُ لَكِنْ فَاتَتْهُ الْفَضِيلَةُ وَمُوَافَقَةُ السُّنَّةِ هَذَا مَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً إلا واحمد بن حنبل رضي الله عنه في إِحْدَى الرِّوَايَتَيْن ِ عَنْهُ أَنَّ جَمِيعَ التَّكْبِيرَاتِ وَاجِبَةٌ وَدَلِيلُ الْجُمْهُورِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَ الْأَعْرَابِيَّ الصَّلَاةَ فَعَلَّمَهُ وَاجِبَاتِهَا فَذَكَرَ منها
تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا زَادَ وَهَذَا مَوْضِعُ الْبَيَانِ وَوَقْتُهُ وَلَا يَجُوزُ التَّأْخِيرُ عَنْهُ
.......
99
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَطَائِفَةٍ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِكُلِّ مُصَلٍّ مِنَ إِمَامٍ وَمَأْمُومٍ وَمُنْفَرِدٍ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَرَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ فَيَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حمده
فِي حَالِ ارْتِفَاعِهِ وَرَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ فِي حَالِ اسْتِوَائِهِ وَانْتِصَابِهِ فِي الِاعْتِدَالِ لِأَنَّهُ ثَبَتَ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم فَعَلَهُمَا جَمِيعًا وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي
..........
106
اجْتَمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ فِي رَكْعَتَيِ الصُّبْحِ وَالْجُمُعَةِ وَالْأُولَيَيْن ِ مِنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَعَلَى الْإِسْرَارِ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَثَالِثَةِ الْمَغْرِبِ وَالْأُخْرَيَيْ نِ مِنَ الْعِشَاءِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْعِيدِ وَالِاسْتِسْقَا ءِ وَمَذْهَبُنَا الْجَهْرُ فِيهِمَا وَفِي نَوَافِلِ اللَّيْلِ قِيلَ يَجْهَرُ فِيهَا وَقِيلَ بَيْنَ الْجَهْرِ وَالْإِسْرَارِ وَنَوَافِلُ النَّهَارِ يُسِرُّ بِهَا وَالْكُسُوفُ يُسِرُّ بِهَا نَهَارًا وَيَجْهَرُ لَيْلًا وَالْجِنَازَةُ يُسِرُّ بِهَا لَيْلًا وَنَهَارًا وَقِيلَ يَجْهَرُ لَيْلًا وَلَوْ فَاتَهُ صَلَاةُ لَيْلَةٍ كَالْعِشَاءِ فَقَضَاهَا فِي لَيْلَةٍ أُخْرَى جَهَرَ وَإِنْ قَضَاهَا نَهَارًا فَوَجْهَانِ الْأَصَحُّ يُسِرُّ وَالثَّانِي يَجْهَرُ وَإِنْ فَاتَهُ نهارية كالظهر فقضاها نهارا أسر وإن قَضَاهَا لَيْلًا فَوَجْهَانِ الْأَصَحُّ يَجْهَرُ وَالثَّانِي يُسِرُّ وَحَيْثُ قُلْنَا يَجْهَرُ أَوْ يُسِرُّ فَهُوَ سُنَّةٌ فَلَوْ تَرَكَهُ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَلَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ عِنْدَنَا
.........
115
حَدِيثُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ مِنَ السُّنَّةِ فِي الصَّلَاةِ وَضْعُ الْأَكُفِّ عَلَى الْأَكُفِّ تَحْتَ السُّرَّةِ ضَعِيفٌ مُتَّفَقٌ عَلَى تَضْعِيفِهِ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِي ُّ وَالْبَيْهَقِيّ ُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي شَيْبَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ الْوَاسِطِيِّ وَهُوَ ضَعِيفٌ بِالِاتِّفَاقِ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَالْحِكْمَةُ فِي وَضْعِ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى أَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى الْخُشُوعِ وَمَنَعَهُمَا مِنَ الْعَبَثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
........
120
لرَّاجِحُ فِي مَذْهَبِنَا وَهُوَ نَصُّ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَوْلُ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا أَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ إِذَا فَعَلَهُ مَنْ يَحْصُلُ بِهِ إِظْهَارُ هَذَا الشِّعَارِ سَقَطَ الْحَرَجُ عَنِ الْبَاقِينَ وَإِنْ تَرَكُوهُ كُلُّهُمْ أَثِمُوا كُلُّهُمْ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أصحابنا هي سنة وقال بن خُزَيْمَةَ مِنْ أَصْحَابِنَا هِيَ فَرْضُ عَيْنٍ لَكِنْ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فَمَنْ تَرَكَهَا وَصَلَّى مُنْفَرِدًا بِلَا عُذْرٍ أَثِمَ وَصَحَّتْ صَلَاتُهُ وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ هِيَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ وَقَالَ بِكُلِّ قَوْلٍ مِنَ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَة ِ طَوَائِفُ مِنَ الْعُلَمَاءِ
..........
123
قَوْلُهُ وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا مِمَّا اخْتَلَفَ الْحَافِظُ فِي صِحَّتِهِ فَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ الْكَبِيرِ عَنْ أَبِي دَاوُدَ السِّجِسْتَانِي ِّ أَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ لَيْسَتْ بِمَحْفُوظَةٍ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ وَأَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ وَالدَّارَقُطْن ِيِّ وَالْحَافِظِ أَبِي عَلِيٍّ النَّيْسَابُورِ يِّ شَيْخِ الْحَاكِمِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْحَافِظُ هَذِهِ اللَّفْظَةُ غَيْرُ مَحْفُوظَةٍ قَدْ خَالَفَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ فِيهَا جَمِيعَ أَصْحَابِ قَتَادَةَ وَاجْتِمَاعُ هَؤُلَاءِ الْحُفَّاظِ عَلَى تَضْعِيفِهَا مُقَدَّمٌ عَلَى تَصْحِيحِ مُسْلِمٍ لَا سِيَّمَا وَلَمْ يَرْوِهَا مُسْنَدَةً فِي صَحِيحِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.......
124
اعْلَمْ أَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عَقِبَ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ فِي الصَّلَاةِ فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَالْجَمَاهِيرُ إِلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ لَوْ تُرِكَتْ صَحَّتِ الصَّلَاةُ وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى إِلَى أَنَّهَا وَاجِبَةٌ لَوْ تُرِكَتْ لَمْ تَصِحَّ الصَّلَاةُ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَابْنِهِ عَبْدِ الله رضي الله عنهما وهو قول الشَّعْبِيُّ وَقَدْ نَسَبَ جَمَاعَةٌ الشَّافِعِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذَا إِلَى مُخَالَفَةِ الْإِجْمَاعِ وَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُمْ فَإِنَّهُ مَذْهَبُ الشَّعْبِيِّ كَمَا ذَكَرْنَا وَقَدْ رَوَاهُ عَنِ الْبَيْهَقِيِّ وَفِي الِاسْتِدْلَالِ لِوُجُوبِهَا خَفَاءٌ وَأَصْحَابُنَا يَحْتَجُّونَ بِحَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْمَذْكُورِ هُنَا أَنَّهُمْ قَالُوا كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ قولوا اللهم صلي عَلَى مُحَمَّدٍ إِلَى
آخِرِهِ قَالُوا وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ وَهَذَا الْقَدْرُ لَا يَظْهَرُ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ إِلَّا إِذَا ضُمَّ إِلَيْهِ الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ إِذَا نَحْنُ صَلَّيْنَا عَلَيْكَ فِي صَلَاتِنَا فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ إِلَى آخِرِهِ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ صَحِيحَةٌ رَوَاهَا الْإِمَامَانِ الْحَافِظَانِ أَبُو حَاتِمِ بْنُ حِبَّانَ بِكَسْرِ الْحَاءِ الْبُسْتِيُّ وَالْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِي صَحِيحَيْهِمَا قَالَ الْحَاكِمُ هِيَ زِيَادَةٌ صَحِيحَةٌ وَاحْتَجَّ لَهَا أَبُو حَاتِمٍ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَيْضًا فِي صَحِيحَيْهِمَا
.........
-
رد: فوائد وفرائد " المنهاج شرح صحيح مسلم ابن الحجاج " للإمام النووي رحمه الله !!!
اليوم : السبت
الموافق : ا/ رمضان / 1443 هجري
الموافق : 2/ ابريل / 2022 ميلادي
" تكملة لفوائد الإمام النووي لشرح صحيح مسلم "
124
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي آلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَقْوَالٍ أَظْهَرُهَا وَهُوَ اخْتِيَارُ الْأَزْهَرِيِّ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّهُمْ جَمِيعُ الْأُمَّةِ وَالثَّانِي بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ وَالثَّالِثُ أَهْلُ بَيْتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذُرِّيَّتُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.............
125
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْحِكْمَةِ فِي قَوْلِهِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ مَعَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلُ مِنْ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ أَنَّ نَبِيَّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ وَلِأَهْلِ بَيْتِهِ لِيُتِمَّ النِّعْمَةَ عَلَيْهِمْ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِهِ وَقِيلَ بَلْ سَأَلَ ذَلِكَ لِأُمَّتِهِ وَقِيلَ بَلْ لِيَبْقَى ذَلِكَ لَهُ دَائِمًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَيَجْعَلَ لَهُ بِهِ لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ كَإِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقِيلَ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقِيلَ سَأَلَ صَلَاةً يَتَّخِذُهُ بِهَا خَلِيلًا كَمَا اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي وَالْمُخْتَارُ فِي ذَلِكَ أَحَدُ ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ أَحَدِهَا حَكَاهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ مَعْنَاهُ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَتَمَّ الْكَلَامُ هُنَا ثُمَّ اسْتَأْنَفَ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ أَيْ وَصَلِّ عَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ
لَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ فَالْمَسْئُولُ لَهُ مِثْلُ إِبْرَاهِيمَ وَآلِهِ هُمْ آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نَفْسُهُ الْقَوْلُ الثَّانِي مَعْنَاهُ اجْعَلْ لِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ صَلَاةً مِنْكَ كَمَا جَعَلَتْهَا لِإِبْرَاهِيمَ وَآلِهِ فَالْمَسْئُولُ الْمُشَارَكَةُ فِي أَصْلِ الصَّلَاةِ لَا قَدْرِهَا الْقَوْلُ الثَّالِثُ أَنَّهُ عَلَى ظَاهِرهِ وَالْمُرَادُ اجْعَلْ لِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ صَلَاةً بِمِقْدَارِ الصَّلَاةِ الَّتِي لِإِبْرَاهِيمَ وَآلِهِ وَالْمَسْئُولُ مُقَابَلَةُ الْجُمْلَةِ فَإِنَّ الْمُخْتَارَ فِي الْآلِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّهُمْ جَمِيعُ الْأَتْبَاعِ وَيَدْخُلُ فِي آلِ إِبْرَاهِيمَ خَلَائِقُ لَا يُحْصَوْنَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَلَا يَدْخُلُ فِي آلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيٌّ فَطَلَبَ إِلْحَاقَ هَذِهِ الْجُمْلَةِ الَّتِي فِيهَا نَبِيٌّ وَاحِدٌ بِتِلْكَ الْجُمْلَةِ الَّتِي فِيهَا خَلَائِقُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.......
126
الَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَلَمْ يَجِئْ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ ذِكْرُ الرَّحْمَةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ وَقَعَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ الْغَرِيبَةِ قَالَ وَاخْتَلَفَ شُيُوخُنَا فِي جَوَازِ الدُّعَاءِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالرَّحْمَةِ فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْبَرِّ إِلَى أَنَّهُ يُقَالُ وَأَجَازَهُ غَيْرُهُ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ وَحُجَّةُ الْأَكْثَرِينَ تَعْلِيمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ الرَّحْمَةِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَذْكُرُ الرَّحْمَةَ
..........
136
جَوَازِ الْإِغْمَاءِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ وَلَا شَكَّ فِي جَوَازِهِ فَإِنَّهُ مَرَضٌ وَالْمَرَضُ يَجُوزُ عَلَيْهِمْ بِخِلَافِ الْجُنُونِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُ نَقْصٌ وَالْحِكْمَةُ فِي جَوَازِ الْمَرَضِ عَلَيْهِمْ وَمَصَائِبِ الدُّنْيَا تَكْثِيرُ أَجْرِهِمْ وَتَسْلِيَةُ النَّاسِ بِهِمْ وَلِئَلَّا يَفْتَتِنَ النَّاسُ بِهِمْ وَيَعْبُدُوهُمْ لِمَا يَظْهَرُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ وَالْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
...........
150
ي رِوَايَةٍ (أَقِيمُوا الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاكُمْ مِنْ بَعْدِي إِذَا رَكَعْتُمْ وَسَجَدْتُمْ) قَالَ الْعُلَمَاءُ مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِدْرَاكًا فِي قَفَاهُ يُبْصِرُ بِهِ مِنْ وَرَائِهِ وَقَدِ انْخَرَقَتِ الْعَادَةُ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا وَلَيْسَ يَمْنَعُ مِنْ هَذَا عَقْلٌ وَلَا شَرْعٌ بَلْ وَرَدَ الشَّرْعُ بِظَاهِرِهِ فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِهِ قَالَ الْقَاضِي قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ هَذِهِ
الرُّؤْيَةُ رُؤْيَةٌ بِالْعَيْنِ حَقِيقَةً وَفِيهِ الْأَمْرُ بِإِحْسَانِ الصَّلَاةِ وَالْخُشُوعِ وَإِتْمَامِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَجَوَازُ الْحَلِفِ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ لَكِنِ الْمُسْتَحَبُّ تَرْكُهُ إِلَّا لِحَاجَةٍ كَتَأْكِيدِ أَمْرٍ وَتَفْخِيمِهِ وَالْمُبَالَغَة ِ فِي تَحْقِيقِهِ وَتَمْكِينِهِ مِنَ النُّفُوسِ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا جَاءَ فِي الْأَحَادِيثِ مِنَ الْحَلِفِ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي لَأَرَاكُمْ مِنْ بَعْدِي أَيْ مِنْ وَرَائِي كَمَا فِي الرِّوَايَاتِ الْبَاقِيَةِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْدِ الْوَفَاةِ وَهُوَ بَعِيدٌ
.........
153
نَّ السُّنَّةَ فِي السَّلَامِ مِنَ الصَّلَاةِ أَنْ يَقُولَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ عن يمينه السلام عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ عَنْ شِمَالِهِ وَلَا يُسَنُّ زِيَادَةُ وَبَرَكَاتُهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ جَاءَ فِيهَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ وَأَشَارَ إِلَيْهَا بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَلَكِنَّهَا بِدْعَةٌ إِذْ لَمْ يَصِحَّ فِيهَا حَدِيثٌ بَلْ صَحَّ هَذَا الْحَدِيثُ وَغَيْرُهُ فِي تَرْكِهَا وَالْوَاجِبُ مِنْهُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ مَرَّةً وَاحِدَةً وَلَوْ قَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ بِغَيْرِ مِيمٍ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ تَسْلِيمَتَيْنِ
.........
169
وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْجِنَّ يُعَذَّبُونَ فِي الْآخِرَةِ عَلَى الْمَعَاصِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ من الجنة والناس أجمعين وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّ مُؤْمِنَهُمْ وَمُطِيعُهُمْ هَلْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَيُنَعَّمُ بِهَا ثَوَابًا وَمُجَازَاةً لَهُ عَلَى طَاعَتِهِ أَمْ لَا يَدْخُلُونَ بَلْ يَكُونُ ثَوَابُهُمْ أَنْ يَنْجُوا مِنَ النَّارِ ثُمَّ يُقَالُ كُونُوا ترابا كالبهائم وهذا مذهب بن أَبِي سُلَيْمٍ وَجَمَاعَةٍ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَهَا وَيُنَعَّمُونَ فِيهَا بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَغَيْرِهِمَا وَهَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ البصري والضحاك ومالك بن أنس وبن أبي ليلى وغيرهم
.........
182
قَوْلُهُ (فَافْتَتَحَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ) فِيهِ جَوَازُ قَوْلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَسُورَةِ النِّسَاءِ وَسُورَةِ الْمَائِدَةِ وَنَحْوِهَا وَمَنَعَهُ بَعْضُ السَّلَفِ وَزَعَمَ أَنَّهُ لَا يُقَالُ إِلَّا السُّورَةُ الَّتِي يَذْكُرُ فِيهَا الْبَقَرَةَ وَنَحْوُ هَذَا وَهَذَا خَطَأٌ صَرِيحٌ وَالصَّوَابُ جَوَازُهُ فَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحِ فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ مِنْ كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَلَامِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ وَيُقَالُ سورة بلا همز وبالهمز لغتان ذكرهما بن قُتَيْبَةَ وَغَيْرُهُ وَتَرْكُ الْهَمْزَةِ هُنَا هُوَ الْمَشْهُورُ الَّذِي جَاءَ بِهِ الْقُرْآنُ الْعَزِيزُ وَيُقَالُ قَرَأْتُ السُّورَةَ وَقَرَأْتُ بِالسُّورَةِ وَافْتَتَحْتُهَ ا وَافْتَتَحْتُ بِهَا
...........
184
قَوْلُهُ (إِنِّي لَأَتَأَخَّرُ عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ مِنْ أَجْلِ فُلَانٍ مِمَّا يُطِيلُ بِنَا) فِيهِ جَوَازُ التَّأَخُّرِ عَنْ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ إِذَا عُلِمَ مِنْ عَادَةِ الْإِمَامِ التَّطْوِيلُ الْكَثِيرُ وَفِيهِ جَوَازُ ذِكْرِ الْإِنْسَانِ بِهَذَا وَنَحْوِهِ فِي مَعْرِضِ الشَّكْوَى وَالِاسْتِفْتَا ءِ قَوْلُهُ (فَمَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَضِبَ فِي مَوْعِظَةٍ قَطُّ أَشَدَّ مِمَّا غَضِبَ يَوْمَئِذٍ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ)
.......
193
يُسْتَحَبُّ لِكُلِّ مُصَلٍّ مِنَ إِمَامٍ وَمَأْمُومٍ وَمُنْفَرِدٍ أَنْ يَقُولَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ وَيَجْمَعُ بَيْنَهُمَا فَيَكُونُ قَوْلُهُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فِي حَالِ ارْتِفَاعِهِ وَقَوْلُهُ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ فِي حال اعْتِدَالِهِ
........
194
(اللَّهُمَّ طَهِّرْنِي مِنَ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا كَمَا قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إثما قَالَ الْخَطِيئَةُ الْمَعْصِيَةُ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَالْإِثْمُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْآدَمِيِّ
......
196
وَقَوْلُهُ ذَا الْجَدِّ المشهور فيه بفتح الْجِيمِ هَكَذَا ضَبَطَهُ الْعُلَمَاءُ الْمُتَقَدِّمُو نَ وَالْمُتَأَخِّر ُونَ قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ وَمِنْهُمْ مَنْ رَوَاهُ بِالْكَسْرِ وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ هُوَ بِالْفَتْحِ قَالَ وَقَالَهُ الشَّيْبَانِيُّ بِالْكَسْرِ قَالَ وَهَذَا خِلَافُ مَا عَرَفَهُ أَهْلُ النَّقْلِ قَالَ وَلَا يعلم من قاله غَيْرَهُ وَضَعَّفَ الطَّبَرِيُّ وَمَنْ بَعْدَهُ الْكَسْرَ 2قَالُوا وَمَعْنَاهُ عَلَى ضَعْفِهِ الِاجْتِهَادُ أَيْ لَا يَنْفَعُ ذَا الِاجْتِهَادِ مِنْكَ اجْتِهَادَهُ إِنَّمَا يَنْفَعُهُ وَيُنْجِيهُ رَحْمَتَكَ وَقِيلَ الْمُرَادُ ذَا الْجَدِّ وَالسَّعْي التَّامِّ فِي الْحِرْصِ عَلَى الدُّنْيَا وَقِيلَ مَعْنَاهُ الْإِسْرَاعُ فِي الْهَرَبِ أَيْ لَا يَنْفَعُ ذَا الْإِسْرَاعِ فِي الْهَرَبِ مِنْكَ هَرَبُهُ فَإِنَّهُ فِي قَبْضَتِكَ وَسُلْطَانِكَ وَالصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ الْجَدُّ بِالْفَتْحِ وَهُوَ الْحَظُّ وَالْغِنَى وَالْعَظَمَةُ وَالسُّلْطَانُ أَيْ لَا يَنْفَعُ ذَا الْحَظِّ فِي الدُّنْيَا بِالْمَالِ وَالْوَلَدِ وَالْعَظَمَةِ وَالسُّلْطَانِ مِنْكَ حَظُّهُ أَيْ لَا يُنْجِيهُ حَظُّهُ مِنْكَ وَإِنَّمَا يَنْفَعُهُ وَيُنْجِيهُ الْعَمَلُ الصَّالِحُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خير عند ربك والله تعالى أعلم
.....
216
وَالْجُمْهُورِ أَنَّ الْمَشْرُوعَ تَسْلِيمَتَانِ ومذهب مالك رحمه الله تعالى في طَائِفَةُ الْمَشْرُوعِ تَسْلِيمَةٌ وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ عَنِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَمَنْ قَالَ بِالتَّسْلِيمَة ِ الثَّانِيَةِ فَهِيَ عِنْدَهُ سُنَّةٌ وَشَذَّ بَعْضُ الظَّاهِرِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّ ةِ فَأَوْجَبَهَا وَهُوَ ضَعِيفٌ مُخَالِفٌ لِإِجْمَاعِ مَنْ قبله والله أعلم
..........
217
قَالَ الْعُلَمَاءُ وَالْحِكْمَةُ فِي السُّتْرَةِ كَفُّ الْبَصَرِ عَمَّا وَرَاءَهُ وَمَنْعُ مَنْ يُجْتَازُ بِقُرْبِهِ وَاسْتَدَلَّ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْخَطَّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي لَا يَكْفِي قَالَ وَإِنْ كَانَ قَدْ جَاءَ بِهِ حَدِيثٌ وَأَخَذَ بِهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَهُوَ ضَعِيفٌ وَاخْتُلِفَ فِيهِ فَقِيلَ يَكُونُ مُقَوَّسًا كَهَيْئَةِ الْمِحْرَابِ وَقِيلَ قَائِمًا بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي إِلَى الْقِبْلَةِ وَقِيلَ مِنْ جِهَةِ يَمِينِهِ إِلَى شِمَالِهِ قَالَ وَلَمْ يَرَ مَالِكٌ
رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا عَامَّةُ الْفُقَهَاءِ الْخَطَّ هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي وَحَدِيثُ الْخَطِّ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَفِيهِ ضَعْفٌ وَاضْطِرَابٌ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ فَاسْتَحَبَّهُ فِي سُنَنِ حَرْمَلَةَ وَفِي الْقَدِيمِ وَنَفَاهُ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَقَالَ جُمْهُورُ أَصْحَابِهِ بِاسْتِحْبَابِه ِ وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ مُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ دَلِيلٌ عَلَى بُطْلَانِ الْخَطِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
..........
227
وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِمُرُورِ شَيْءٍ مِنْ هَؤُلَاءِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِمْ وَتَأَوَّلَ هَؤُلَاءِ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَطْعِ نَقْصُ الصَّلَاةِ لِشُغْلِ الْقَلْبِ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ إِبْطَالُهَا وَمِنْهُمْ مَنْ يَدَّعِي نَسْخَهُ بِالْحَدِيثِ الْآخَرِ لَا يَقْطَعُ صَلَاةَ الْمَرْءِ شَيْءٌ وَادْرَءُوا مَا اسْتَطَعْتُمْ وَهَذَا غَيْرُ مَرْضِيٍّ لِأَنَّ النَّسْخَ لَا يُصَارُ إِلَيْهِ إِلَّا إِذَا تَعَذَّرَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ وَتَأْوِيلِهَا وَعِلْمِنَا التَّارِيخَ وَلَيْسَ هُنَا تَارِيخٌ وَلَا تَعَذَّرَ الْجَمْعُ وَالتَّأْوِيلُ بَلْ يُتَأَوَّلُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مَعَ أَنَّ حَدِيثَ لَا يَقْطَعُ صَلَاةَ الْمَرْءِ شَيْءٌ ضَعِيفٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
"
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
ختم المجلد الرابع " شرح صحيح مسلم " للنووي رحمه الله
ويليه " المجلد الخامس "
نسأل الله التوفيق والثبات
-
رد: فوائد وفرائد " المنهاج شرح صحيح مسلم ابن الحجاج " للإمام النووي رحمه الله !!!
اليوم : الجمعة
الموافق : 14/ رمضان / 1443 هجري
الموافق : 15/ ابريل / 2022 ميلادي
تابع / فوائد الإمام النووي على صحيح مسلم
" المجلد الخامس "
......
(5/10)
وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي أَنَّ اسْتِقْبَالَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ هَلْ كَانَ ثَابِتًا بِالْقُرْآنِ أَمْ بِاجْتِهَادِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي وَجْهَيْنِ فِي ذَلِكَ لِأَصْحَابِنَا قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى الذي ذَهَبَ إِلَيْهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ كَانَ بِسُنَّةٍ لَا بِقُرْآنٍ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ فِيهِ دَلِيلٌ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ إِنَّ الْقُرْآنَ يَنْسَخُ السُّنَّةَ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْأُصُولِيِّين َ الْمُتَأَخِّرِي نَ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَالْقَوْلُ الثَّانِي لَهُ وَبِهِ قَالَ طَائِفَةٌ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ السُّنَّةَ مُبَيِّنَةٌ لِلْكِتَابِ فَكَيْفَ يَنْسَخُهَا وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ لَمْ يَكُنِ اسْتِقْبَالُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ بِسُنَّةٍ بَلْ كَانَ بِوَحْيٍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَمَا جَعَلْنَا القبلة التي كنت عليها الْآيَةَ وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي عَكْسِهِ وَهُوَ نَسْخُ السنة للقرآن فجوزه الاكثرون ومنعه الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَ
........
(ج5/20)
اعْلَمْ أَنَّ الْإِقْعَاءَ وَرَدَ فِيهِ حَدِيثَانِ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ سُنَّةٌ وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ النَّهْيُ عَنْهُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ من رواية علي وبن مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ أَنَسٍ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ رِوَايَةِ سَمُرَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَالْبَيْهَقِيّ ِ مِنْ رِوَايَةِ سَمُرَةَ وَأَنَسٍ وَأَسَانِيدُهَا كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حُكْمِ الْإِقْعَاءِ وَفِي تَفْسِيرِهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا لِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَالصَّوَابُ الَّذِي لَا مَعْدِلَ عَنْهُ أَنَّ الْإِقْعَاءَ نَوْعَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يُلْصِقَ أَلْيَتَيْهِ بِالْأَرْضِ وَيَنْصِبَ سَاقَيْهِ وَيَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ كَإِقْعَاءِ الْكَلْبِ هَكَذَا فَسَّرَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى وَصَاحِبُهُ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَامٍ وَآخَرُونَ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَهَذَا النَّوْعُ هُوَ الْمَكْرُوهُ الَّذِي وَرَدَ فِيهِ النَّهْيُ وَالنَّوْعُ الثَّانِي أَنْ يَجْعَلَ أَلْيَتَيْهِ عَلَى عَقِبَيْهِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَهَذَا هو مراد بن عَبَّاسٍ بِقَوْلِهِ سُنَّةُ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَالْإِمْلَاءِ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ فِي الْجُلُوسِ بين السجدتين وحمل حديث بن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَلَيْهِ جَمَاعَاتٌ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ مِنْهُمُ الْبَيْهَقِيُّ وَالْقَاضِي عِيَاضٌ وَآخَرُونَ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ الْقَاضِي وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالسَّلَفِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَهُ قال وكذا جاء مفسرا عن بن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مِنَ السُّنَّةِ أَنْ تَمَسَّ عَقِبَيْكَ أَلْيَيْكَ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ
.........
(5/19)
نَّ السُّنَّةَ فِيهِ الِافْتِرَاشُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُمَا سُنَّتَانِ وَأَيُّهمَا أَفْضَلُ فِيهِ قَوْلَانِ وَأَمَّا جِلْسَةُ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَجِلْسَةُ الِاسْتِرَاحَةِ فَسُنَّتُهُمَا الِافْتِرَاشُ وَجِلْسَةُ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ السُّنَّةُ فِيهِ التَّوَرُّكُ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
......
(5/22)
قَالَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى حُلْوَانُ الْكَاهِنِ مَا يَأْخُذُهُ الْمُتَكَهِّنُ عَلَى كِهَانَتِهِ وَهُوَ مُحَرَّمٌ وَفِعْلُهُ بَاطِلٌ قَالَ وَحُلْوَانُ الْعَرَّافِ حَرَامٌ أَيْضًا قَالَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعَرَّافِ وَالْكَاهِنِ أَنَّ الْكَاهِنَ إِنَّمَا يَتَعَاطَى الْأَخْبَارَ عَنِ الْكَوَائِنِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَيَدَّعِي مَعْرِفَةَ الْأَسْرَارِ وَالْعَرَّافُ يَتَعَاطَى مَعْرِفَةَ الشَّيْءِ الْمَسْرُوقِ وَمَكَانَ الضَّالَّةِ وَنَحْوِهِمَا وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ أَيْضًا فِي حَدِيثِ مَنْ أَتَى كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ بَرِئَ مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَانَ فِي الْعَرَبِ كَهَنَةٌ يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ كَثِيرًا مِنَ الْأُمُورِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّ لَهُ رِئْيًا مِنَ الْجِنِّ يُلْقِي إِلَيْهِ الْأَخْبَارَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَدَّعِي اسْتِدْرَاكَ ذَلِكَ بِفَهْمٍ أُعْطِيَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يُسَمَّى عَرَّافًا وَهُوَ الَّذِي يَزْعُمُ مَعْرِفَةَ الْأُمُورِ بِمُقَدِّمَاتِ أَسْبَابٍ اسْتَدَلَّ بِهَا كَمَعْرِفَةِ مَنْ سَرَقَ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ وَمَعْرِفَةِ مَنْ يُتَّهَمُ بِهِ الْمَرْأَةُ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَمِنْهُمْ مَنْ يُسَمِّي الْمُنَجِّمَ كَاهِنًا قَالَ وَالْحَدِيثُ يَشْتَمِلُ عَلَى النَّهْيِ عَنْ إِتْيَانِ هَؤُلَاءِ كُلِّهِمْ وَالرُّجُوعِ إِلَى قَوْلِهِمْ وَتَصْدِيقِهِمْ فِيمَا يَدَّعُونَهُ هَذَا كَلَامُ الْخَطَّابِيِّ وَهُوَ نَفِيسٌ
.....
5/24
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ قَاطِبَةً فَقِيهُهُمْ وَمُحَدِّثُهُمْ وَمُتَكَلِّمُهُ مْ وَنُظَّارُهُمْ وَمُقَلِّدُهُمْ أَنَّ الظَّوَاهِرَ الْوَارِدَةَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى فِي السَّمَاءِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السماء أن يخسف بكم الأرض وَنَحْوِهِ لَيْسَتْ عَلَى ظَاهِرِهَا بَلْ مُتَأَوَّلَةٌ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ فَمَنْ قَالَ بِإِثْبَاتِ جِهَةِ فَوْقُ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ وَلَا تَكْيِيفٍ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ وَالْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّم ِينَ تَأَوَّلَ فِي السَّمَاءِ
أَيْ عَلَى السَّمَاءِ وَمَنْ قَالَ مِنْ دَهْمَاءِ النُّظَّارِ وَالْمُتَكَلِّم ِينَ وَأَصْحَابِ التَّنْزِيهِ بِنَفْيِ الْحَدِّ وَاسْتِحَالَةِ الْجِهَةِ فِي حَقِّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى تَأَوَّلُوهَا تَأْوِيلَاتٍ بِحَسَبِ مُقْتَضَاهَا وَذَكَرَ نَحْوَ مَا سَبَقَ قَالَ وَيَا لَيْتَ شِعْرِي مَا الَّذِي جَمَعَ أَهْلَ السُّنَّةِ وَالْحَقِّ كُلَّهُمْ عَلَى وُجُوبِ الْإِمْسَاكِ عَنِ الْفِكْرِ فِي الذَّاتِ كَمَا أُمِرُوا وَسَكَتُوا لِحِيرَةِ الْعَقْلِ وَاتَّفَقُوا عَلَى تَحْرِيمِ التَّكْيِيفِ وَالتَّشْكِيلِ وَأَنَّ ذَلِكَ مِنْ وُقُوفِهِمْ وَإِمْسَاكِهِمْ غَيْرُ شَاكٍّ فِي الوجود والموجود وَغَيْرُ قَادِحٍ فِي التَّوْحِيدِ بَلْ هُوَ حَقِيقَتُهُ ثُمَّ تَسَامَحَ بَعْضُهُمْ بِإِثْبَاتِ الْجِهَةِ خَاشِيًا مِنْ مِثْلِ هَذَا التَّسَامُحِ وَهَلْ بَيْنَ التَّكْيِيفِ وَإِثْبَاتِ الْجِهَاتِ فَرْقٌ لَكِنْ إِطْلَاقُ مَا أَطْلَقَهُ الشَّرْعُ مِنْ أَنَّهُ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَأَنَّهُ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَعَ التَّمَسُّكِ بِالْآيَةِ الْجَامِعَةِ لِلتَّنْزِيهِ الْكُلِّيِّ الَّذِي لَا يَصِحُّ فِي الْمَعْقُولِ غَيْرُهُ وهو قوله تعالى ليس كمثله شيء عِصْمَةٌ لِمَنْ وَفَّقَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَهَذَا كَلَامُ الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ
.......
25
أَنَّ إِعْتَاقَ الْمُؤْمِنِ أَفْضَلُ مِنْ إِعْتَاقِ الْكَافِرِ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ عِتْقِ الْكَافِرِ فِي غَيْرِ الْكَفَّارَاتِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ الْكَافِرُ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ كَمَا وَرَدَ بِهِ الْقُرْآنُ وَاخْتَلَفُوا فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَالْيَمِينِ وَالْجِمَاعِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَالْجُمْهُورُ لَا يُجْزِئُهُ إِلَّا مُؤْمِنَةٌ حَمْلًا لِلْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَالْكُوفِيُّون َ يُجْزِئُهُ الْكَافِرُ لِلْإِطْلَاقِ فَإِنَّهَا تُسَمَّى رَقَبَةً قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْنَ اللَّهُ قَالَتْ فِي السَّمَاءِ قَالَ مَنْ أَنَا قَالَتْ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْكَافِرَ لَا يَصِيرُ مُؤْمِنًا إِلَّا بِالْإِقْرَارِ بِاللَّهِ تَعَالَى وَبِرِسَالَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِالشَّهَادَتَي ْنِ وَاعْتَقَدَ ذَلِكَ جَزْمًا كَفَاهُ ذَلِكَ فِي صِحَّةِ إِيمَانِهِ وَكَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ وَالْجَنَّةِ وَلَا يُكَلَّفُ مَعَ هَذَا إِقَامَةَ الدَّلِيلِ وَالْبُرْهَانِ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يَلْزَمُهُ مَعْرِفَةُ الدَّلِيلِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ
.........
26
الَ الْقَاضِي عِيَاضٌ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ العلماء برد السَّلَامَ فِي الصَّلَاةِ نُطْقًا مِنْهُمْ أَبُو هُرَيْرَةَ وَجَابِرٌ وَالْحَسَنُ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَقَتَادَةُ وَإِسْحَاقُ وَقِيلَ يَرُدُّ فِي نَفْسِهِ وَقَالَ عَطَاءٌ وَالنَّخَعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ يَرُدُّ بَعْدَ السَّلَامِ فِي الصَّلَاةِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا يَرُدُّ بِلَفْظٍ وَلَا إِشَارَةٍ بِكُلِّ حَالٍ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَمَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَجَمَاعَةٌ يَرُدُّ إِشَارَةً وَلَا يَرُدُّ نُطْقًا وَمَنْ قَالَ يَرُدُّ نُطْقًا كَأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ الْأَحَادِيثُ وَأَمَّا ابْتِدَاءُ السَّلَامِ عَلَى الْمُصَلِّي فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَا يُسَلِّمُ عَلَيْهِ فَإِنْ سَلَّمَ لَمْ يَسْتَحِقَّ جَوَابًا وَقَالَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَعَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رِوَايَتَانِ إِحْدَاهُمَا كَرَاهَةُ السَّلَامِ وَالثَّانِيَةُ جَوَازُهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ فِي الصَّلَاةِ شُغْلًا مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُصَلِّيَ وَظِيفَتُهُ أَنْ يَشْتَغِلَ بِصَلَاتِهِ فَيَتَدَبَّرَ مَا يَقُولُهُ وَلَا يُعَرِّجُ عَلَى غَيْرِهَا فَلَا يَرُدُّ سَلَامًا وَلَا غَيْرَهُ
.......
29
قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حيث لا ترونهم فَمَحْمُولٌ عَلَى الْغَالِبِ فَلَوْ كَانَتْ رُؤْيَتُهُمْ مُحَالًا لَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَالَ مِنْ رُؤْيَتِهِ إِيَّاهُ وَمِنْ أَنَّهُ كَانَ يَرْبِطُهُ لِيَنْظُرُوا كُلُّهُمْ إِلَيْهِ وَيَلْعَبَ بِهِ وِلْدَانُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ قَالَ الْقَاضِي وَقِيلَ إِنَّ رُؤْيَتَهُمْ عَلَى خَلْقِهِمْ وَصُوَرِهِمُ الْأَصْلِيَّةِ مُمْتَنِعَةٌ لِظَاهِرِ الْآيَةِ إِلَّا لِلْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ وَمَنْ خُرِقَتْ لَهُ الْعَادَةُ وَإِنَّمَا يَرَاهُمْ بَنُو آدَمَ فِي صُوَرٍ غَيْرِ صُوَرِهِمْ كَمَا جَاءَ فِي الْآثَارِ قُلْتُ هَذِهِ دَعْوَى مُجَرَّدَةٌ فَإِنْ لَمْ يَصِحَّ لَهَا مُسْتَنَدٌ فَهِيَ مَرْدُودَةٌ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَازِرِيُّ الْجِنُّ أَجْسَامٌ لَطِيفَةٌ رُوحَانِيَّةٌ فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ تَصَوَّرَ بِصُورَةٍ يُمْكِنُ رَبْطُهُ مَعَهَا ثُمَّ يَمْتَنِعُ مِنْ أَنْ يَعُودَ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ حَتَّى يَتَأَتَّى اللَّعِبُ بِهِ وَإِنْ خُرِقَتِ الْعَادَةُ أَمْكَنَ غَيْرُ ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ ذَكَرْتُ قَوْلَ أَخِي سُلَيْمَانَ صَلَاةُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ قَالَ الْقَاضِي مَعْنَاهُ أَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِهَذَا فَامْتَنَعَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ رَبْطِهِ إِمَّا أَنَّهُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ لِذَلِكَ وَإِمَّا لِكَوْنِهِ لَمَّا تَذَكَّرَ ذَلِكَ لَمْ يَتَعَاطَ ذَلِكَ لِظَنِّهِ أَنَّهُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ أَوْ تَوَاضُعًا وَتَأَدُّبًا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَدَّهُ اللَّهُ خَاسِئًا أَيْ ذَلِيلًا صَاغِرًا مَطْرُودًا مبعدا
......
-
رد: فوائد وفرائد " المنهاج شرح صحيح مسلم ابن الحجاج " للإمام النووي رحمه الله !!!
اليوم : السبت
الموافق : 13/ شوال / 1443 هجري
الموافق : 14/ مايو 5/ 2022 ميلادي
" ختم وتلخيص واستنباط الفوائد من شرح النووي على صحيح مسلم "
" المجلد الخامس "
(5/60
وَاعْلَمْ أَنَّ جُمْهُورَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ كَالْفَرْضِ وقال بن سِيرِينَ وَقَتَادَةُ لَا سُجُودَ لِلتَّطَوُّعِ وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ غَرِيبٌ عَنِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى
............
(5/61
جَوَازِ النِّسْيَانِ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَحْكَامِ الشَّرْعِ وَهُوَ مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ بَلْ يُعْلِمُهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ ثُمَّ قَالَ الْأَكْثَرُونَ شَرْطُهُ تَنَبُّهُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْفَوْرِ مُتَّصِلًا بِالْحَادِثَةِ وَلَا يَقَعُ فِيهِ تَأْخِيرٌ وَجَوَّزَتْ طَائِفَةٌ تَأْخِيرُهُ مُدَّةَ حَيَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاخْتَارَهُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَمَنَعَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ السَّهْوَ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَفْعَالِ الْبَلَاغِيَّةِ وَالْعِبَادَاتِ كَمَا أَجْمَعُوا عَلَى مَنْعِهِ وَاسْتِحَالَتِه ِ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَقْوَالِ الْبَلَاغِيَّةِ وَأَجَابُوا عَنِ الظَّوَاهِرِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ وَإِلَيْهِ مَالَ الاستاذ أبو إسحاق الإسفرائيني وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ فَإِنَّ السَّهْوَ لَا يُنَاقِضُ النُّبُوَّةَ وَإِذَا لَمْ يُقَرَّ عَلَيْهِ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ مَفْسَدَةٌ بَلْ تَحْصُلُ فِيهِ فَائِدَةٌ
......
62/5
قَالَ الْقَاضِي وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ السَّهْوِ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأُمُورِ الَّتِي لَا تَتَعَلَّقُ بِالْبَلَاغِ وَبَيَانِ أَحْكَامِ الشَّرْعِ مِنْ أَفْعَالِهِ وَعَادَاتِهِ وَأَذْكَارِ قَلْبِهِ فَجَوَّزَهُ الْجُمْهُورُ وَأَمَّا السَّهْوُ فِي الْأَقْوَالِ الْبَلَاغِيَّةِ فَأَجْمَعُوا عَلَى مَنْعِهِ كَمَا أَجْمَعُوا عَلَى امْتِنَاعِ تَعَمُّدِهِ وَأَمَّا السَّهْوُ فِي الْأَقْوَالِ الدُّنْيَوِيَّة ِ وَفِيمَا لَيْسَ سَبِيلُهُ الْبَلَاغُ مِنَ الْكَلَامِ الَّذِي لَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَحْكَامِ وَلَا أَخْبَارِ الْقِيَامَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا وَلَا يُضَافُ إِلَى وَحْيٍ فَجَوَّزَهُ قَوْمٌ إِذْ لَا مَفْسَدَةَ فِيهِ قَالَ الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَالْحَقُّ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ تَرْجِيحُ قَوْلِ مَنْ مَنَعَ ذَلِكَ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ فِي كُلِّ خَبَرٍ مِنَ الْأَخْبَارِ كَمَا لَا يَجُوزُ عَلَيْهِمْ خُلْفٌ فِي خَبَرٍ لَا عَمْدًا وَلَا سَهْوًا لَا فِي صِحَّةٍ وَلَا في مرض ولارضاء وَلَا غَضَبٍ وَحَسْبُكَ فِي ذَلِكَ أَنَّ سِيرَةَ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَلَامَهُ وَأَفْعَالَهُ مَجْمُوعَةٌ مُعْتَنًى بِهَا عَلَى مَرِّ الزَّمَانِ يَتَدَاوَلُهَا الْمُوَافِقُ وَالْمُخَالِفُ وَالْمُؤْمِنُ وَالْمُرْتَابُ فَلَمْ يَأْتِ فِي شَيْءٍ مِنْهَا اسْتِدْرَاكُ غَلَطٍ فِي قَوْلٍ وَلَا اعْتِرَافٌ بِوَهْمٍ فِي كَلِمَةٍ وَلَوْ كَانَ لَنُقِلَ كَمَا نُقِلَ سَهْوُهُ فِي الصَّلَاةِ وَنَوْمُهُ عَنْهَا وَاسْتِدْرَاكُه ُ رَأْيَهُ فِي تَلْقِيحِ النَّخْلِ وَفِي نُزُولِهِ بِأَدْنَى مِيَاهِ بَدْرٍ
.........
5/63
ذْهَبِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَالْجُمْهُورِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ أَنَّ مَنْ زَادَ فِي صَلَاتِهِ رَكْعَةً نَاسِيًا لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ بَلْ إِنْ عَلِمَ بَعْدَ السَّلَامِ فَقَدْ مَضَتْ صَلَاتُهُ صَحِيحَةً وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ إِنْ ذَكَرَ بَعْدَ السَّلَامِ بِقَرِيبٍ
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَهْلُ الْكُوفَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ إِذَا زَادَ رَكْعَةً سَاهِيًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَلَزِمَهُ إِعَادَتُهَا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنْ كَانَ تَشَهَّدَ فِي الرَّابِعَةِ ثُمَّ زَادَ خَامِسَةً أَضَافَ إِلَيْهَا سَادِسَةً تَشْفَعُهَا وَكَانَتْ نَفْلًا بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ فِي أَنَّ السَّلَامَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَيَخْرُجُ مِنَ الصَّلَاةِ بِكُلِّ ما ينافيها وأن الركعة الفردة لا تكون صَلَاةٍ قَالَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَشَهَّدَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّ الْجُلُوسَ بِقَدْرِ التَّشَهُّدِ وَاجِبٌ وَلَمْ يَأْتِ بِهِ حَتَّى أَتَى بِالْخَامِسَةِ وَهَذَا الْحَدِيثُ يَرُدُّ كُلَّ مَا قَالُوهُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَرْجِعْ مِنَ الْخَامِسَةِ وَلَمْ يَشْفَعْهَا وَإِنَّمَا تَذَكَّرَ بَعْدَ السَّلَامِ فَفِيهِ رد عليهم وحجة الجمهور ثُمَّ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُ أَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى وَجْهِ السَّهْوِ لَا تُبْطِلُ الصَّلَاةَ سَوَاءٌ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ إِذَا كَانَتْ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ فَسَوَاءٌ زَادَ رُكُوعًا أَوْ سُجُودًا أَوْ رَكْعَةً أَوْ رَكَعَاتٍ كَثِيرَةً سَاهِيًا فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ فِي كُلِّ ذَلِكَ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ اسْتِحْبَابًا لَا إِيجَابًا
..........
5/73
قَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي عَدَدِ سَجَدَاتِ التِّلَاوَةِ فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَطَائِفَةٍ أَنَّهُنَّ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَجْدَةً مِنْهَا سَجْدَتَانِ فِي الْحَجِّ وَثَلَاثٌ فِي الْمُفَصَّلِ وَلَيْسَتْ سَجْدَةُ صَادْ مِنْهُنَّ وَإِنَّمَا هِيَ سَجْدَةُ شُكْرٍ وَقَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَطَائِفَةٌ هِيَ إِحْدَى عَشْرَةَ أَسْقَطَ سَجَدَاتِ الْمُفَصَّلِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هُنَّ أَرْبَعَ عَشْرَةَ أَثْبَتَ سَجَدَاتِ الْمُفَصَّلِ وَسَجْدَةَ صَادْ وَأَسْقَطَ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ مِنَ الحج وقال أحمد وبن سُرَيْجٍ مِنْ أَصْحَابِنَا وَطَائِفَةٌ هُنَّ خَمْسَةَ عَشْرَةَ أَثْبَتُوا الْجَمِيعَ وَمَوَاضِعُ السَّجَدَاتِ مَعْرُوفَةٌ وَاخْتَلَفُوا فِي سَجْدَةِ حم فَقَالَ مَالِكٌ وَطَائِفَةٌ مِنَ السَّلَفِ وَبَعْضُ أَصْحَابِنَا هِيَ عَقِبَ قَوْلِهِ تَعَالَى إِنْ كنتم اياه تعبدون وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى والجمهور عقب وهم لا يسئمون وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.......
5/83
وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ الَّذِينَ يُعْتَدُّ بِهِمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ إِلَّا تَسْلِيمَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِنْ سَلَّمَ وَاحِدَةً اسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يُسَلِّمَهَا تِلْقَاءَ وَجْهِهِ وَإِنْ سَلَّمَ تَسْلِيمَتَيْنِ جَعَلَ الْأُولَى عَنْ يَمِينِهِ وَالثَّانِيَةَ عَنْ يَسَارِهِ وَيَلْتَفِتُ فِي كُلِّ تَسْلِيمَةٍ حَتَّى يَرَى مَنْ عَنْ جَانِبِهِ خَدَّهُ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا حَتَّى يَرَى خَدَّيْهِ مَنْ عَنْ جَانِبِهِ وَلَوْ سَلَّمَ التَّسْلِيمَتَي ْنِ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ أَوِ الْأُولَى عَنْ يَسَارِهِ وَالثَّانِيَةَ عَنْ يَمِينِهِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَحَصَلَتْ تَسْلِيمَتَانِ وَلَكِنْ فَاتَتْهُ الْفَضِيلَةُ فِي كَيْفِيَّتِهِمَ ا وَاعْلَمْ أَنَّ السَّلَامَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ وَفَرْضٌ مِنْ فُرُوضِهَا لَا تَصِحُّ إِلَّا بِهِ هَذَا مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هُوَ سُنَّةٌ وَيَحْصُلُ التَّحَلُّلُ مِنَ الصَّلَاةِ بِكُلِّ شَيْءٍ يُنَافِيهَا مِنْ سَلَامٍ أَوْ كَلَامٍ أَوْ حَدَثٍ أَوْ قِيَامٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُسَلِّمُ وَثَبَتَ فِي الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّ
......
5/85
بَعْضُ السَّلَفِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالتَّكْبِيرِ وَالذِّكْرِ عَقِبَ الْمَكْتُوبَةِ وَمِمَّنِ اسْتَحَبَّهُ مِنَ المتأخرين بن حزم الظاهري ونقل بن بَطَّالٍ وَآخَرُونَ أَنَّ أَصْحَابَ الْمَذَاهِبِ الْمَتْبُوعَةِ وَغَيْرَهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى عَدَمِ اسْتِحْبَابِ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالذِّكْرِ وَالتَّكْبِيرِ وَحَمَلَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى أَنَّهُ جَهَرَ وَقْتًا يَسِيرًا حَتَّى يُعْلِمَهُمْ صِفَةَ الذِّكْرِ لَا أَنَّهُمْ جَهَرُوا دَائِمًا قال فاختار للإمام والمأموم أن يذكر اللَّهَ تَعَالَى بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الصَّلَاةِ وَيُخْفِيَانِ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ إِمَامًا يُرِيدُ أَنْ يُتَعَلَّمَ مِنْهُ فَيَجْهَرُ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ قَدْ تُعُلِّمَ مِنْهُ ثُمَّ يُسِرُّ وَحُمِلَ الْحَدِيثُ عَلَى هَذَا وَقَوْلُهُ كُنْتُ أَعْلَمُ إِذَا انْصَرَفُوا ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَحْضُرُ الصَّلَاةَ فِي الْجَمَاعَةِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ لِصِغَرِهِ قَوْلُهُ أَخْبَرَنِي هَذَا أَبُو مَعْبِدٍ ثُمَّ أَنْكَرَهُ فِي احْتِجَاجِ مُسْلِمٍ بِهَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى ذَهَابِهِ إِلَى صِحَّةِ الْحَدِيثِ الَّذِي يُرْوَى عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مَعَ إِنْكَارِ الْمُحَدِّثِ لَهُ إِذَا حَدَّثَ بِهِ عَنْهُ ثِقَةٌ وَهَذَا مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ وَالْفُقَهَاءِ وَالْأُصُولِيِّ ينَ قَالُوا يُحْتَجُّ بِهِ إِذَا كَانَ إِنْكَارُ الشَّيْخِ لَهُ لِتَشْكِيكِهِ فِيهِ أَوْ لِنِسْيَانِهِ أَوْ قَالَ لَا أَحْفَظُهُ أَوْ لَا أَذْكُرُ أَنِّي حَدَّثْتُكَ بِهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ وَخَالَفَهُمُ الْكَرْخِيُّ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَقَالَ لَا يُحْتَجُّ بِهِ فَأَمَّا إِذَا أَنْكَرَهُ إِنْكَارًا جَازِمًا قَاطِعًا بِتَكْذِيبِ الرَّاوِي عَنْهُ وَأَنَّهُ لَمْ يُحَدِّثْهُ بِهِ قَطُّ فَلَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ به عند جميعهم لان حزم كُلِّ وَاحِدٍ يُعَارِضُ جَزْمَ الْآخَرِ وَالشَّيْخُ هُوَ الْأَصْلُ فَوَجَبَ إِسْقَاطُ
......
97/5
وقال مالك رضي الله عنه انه لا يستحب
دُعَاءُ الِافْتِتَاحِ بَعْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَدَلِيلُ الْجُمْهُورِ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ
...............
5/99
جَوَازِ قَوْلِ فَاتَتْنَا الصَّلَاةُ وَأَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ وَبِهَذَا قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَكَرِهَهُ بن سِيرِينَ وَقَالَ إِنَّمَا يُقَالُ لَمْ نُدْرِكْهَا وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا هَكَذَا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي أَكْثَرِ رِوَايَاتِهِ
.....
5/100
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ مَا أَدْرَكَهُ الْمَسْبُوقُ مَعَ الْإِمَامِ أَوَّلُ صَلَاتِهِ وَمَا يَأْتِي بِهِ بَعْدَ سَلَامِهِ آخِرُهَا وَعَكَسَهُ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَطَائِفَةٌ وَعَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ رِوَايَتَانِ كَالْمَذْهَبَيْ نِ وَحُجَّةُ هَؤُلَاءِ وَاقْضِ مَا سَبَقَكَ وَحُجَّةُ الْجُمْهُورِ أَنَّ أَكْثَرَ الرِّوَايَاتِ وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا وَأَجَابُوا عَنْ رِوَايَةِ وَاقْضِ مَا سَبَقَكَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَضَاءِ الْفِعْلُ لَا الْقَضَاءُ الْمُصْطَلَحُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَقَدْ كَثُرَ اسْتِعْمَالُ الْقَضَاءِ بِمَعْنَى الْفِعْلِ فَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فَقَضَاهُنَّ سبع سماوات وقوله تعالى فإذا قضيتم مناسككم وقوله تعالى فإذا قضيت الصلاة وَيُقَالُ قَضَيْتُ حَقَّ فُلَانٍ وَمَعْنَى الْجَمِيعِ الْفِعْلُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ مَعْنَاهُ إِذَا أُقِيمَتْ سُمِّيَتِ الْإِقَامَةُ تَثْوِيبًا لِأَنَّهَا دُعَاءٌ إِلَى الصَّلَاةِ بَعْدَ الدُّعَاءِ بِالْأَذَانِ
......
-
رد: فوائد وفرائد " المنهاج شرح صحيح مسلم ابن الحجاج " للإمام النووي رحمه الله !!!
اليوم : الأربعاء
الموافق : 17/ شوال / 1443 هجري
الموافق : 18/ مايو / 2022 ميلادي
تابع / شرح النووي
5/100
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ مَا أَدْرَكَهُ الْمَسْبُوقُ مَعَ الْإِمَامِ أَوَّلُ صَلَاتِهِ وَمَا يَأْتِي بِهِ بَعْدَ سَلَامِهِ آخِرُهَا وَعَكَسَهُ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَطَائِفَةٌ وَعَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ رِوَايَتَانِ كَالْمَذْهَبَيْ نِ وَحُجَّةُ هَؤُلَاءِ وَاقْضِ مَا سَبَقَكَ وَحُجَّةُ الْجُمْهُورِ أَنَّ أَكْثَرَ الرِّوَايَاتِ وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا وَأَجَابُوا عَنْ رِوَايَةِ وَاقْضِ مَا سَبَقَكَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَضَاءِ الْفِعْلُ لَا الْقَضَاءُ الْمُصْطَلَحُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَقَدْ كَثُرَ اسْتِعْمَالُ الْقَضَاءِ بِمَعْنَى الْفِعْلِ فَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فَقَضَاهُنَّ سبع سماوات وقوله تعالى فإذا قضيتم مناسككم وقوله تعالى فإذا قضيت الصلاة وَيُقَالُ قَضَيْتُ حَقَّ فُلَانٍ وَمَعْنَى الْجَمِيعِ الْفِعْلُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ مَعْنَاهُ إِذَا أُقِيمَتْ سُمِّيَتِ الْإِقَامَةُ تَثْوِيبًا لِأَنَّهَا دُعَاءٌ إِلَى الصَّلَاةِ بَعْدَ الدُّعَاءِ بِالْأَذَانِ
......
5/101
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ مِنَ السَّلَفِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ مَتَى يَقُومُ النَّاسُ لِلصَّلَاةِ وَمَتَى يُكَبِّرُ الْإِمَامُ فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَطَائِفَةٍ أَنَّهُ يستحب أن لا يَقُومَ أَحَدٌ حَتَّى يَفْرُغَ الْمُؤَذِّنُ مِنَ الْإِقَامَةِ وَنَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَعَامَّةِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُومُوا إِذَا أَخَذَ الْمُؤَذِّنُ فِي الْإِقَامَةِ وَكَانَ أَنَسٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَقُومُ إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَالْكُوفِيُّون َ يَقُومُونَ فِي الصَّفِّ إِذَا قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ فَإِذَا قَالَ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ كَبَّرَ الْإِمَامُ وَقَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ لَا يُكَبِّرُ الْإِمَامُ حَتَّى يَفْرُغَ الْمُؤَذِّنُ مِنَ الْإِقَامَةِ
............
5/113
وْلُهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ لَا يُسْتَطَاعُ الْعِلْمُ بِرَاحَةِ الْجِسْمِ جَرَتْ عَادَةُ الْفُضَلَاءِ بِالسُّؤَالِ عَنْ إِدْخَالِ مُسْلِمٍ هَذِهِ الْحِكَايَةَ عَنْ يَحْيَى مَعَ أَنَّهُ لَا يَذْكُرُ فِي كِتَابِهِ إِلَّا أَحَادِيثَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَحْضَةً مَعَ أَنَّ هَذِهِ الْحِكَايَةَ لَا تَتَعَلَّقُ بِأَحَادِيثِ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ فَكَيْفَ أَدْخَلَهَا بَيْنَهَا وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُ قَالَ سَبَبُهُ أَنَّ مُسْلِمًا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَعْجَبَهُ حُسْنُ سِيَاقِ هَذِهِ الطُّرُقِ الَّتِي
ذكرها لحديث عبد الله بن عمر وَكَثْرَةِ فَوَائِدِهَا وَتَلْخِيصُ مَقَاصِدِهَا وَمَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْفَوَائِدِ فِي الْأَحْكَامِ وَغَيْرِهَا وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا شَارَكَهُ فِيهَا فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ أَرَادَ أَنْ يُنَبِّهَ مَنْ رَغِبَ فِي تَحْصِيلِ الرُّتْبَةِ الَّتِي يَنَالُ بِهَا مَعْرِفَةَ مِثْلَ هَذَا فَقَالَ طَرِيقهُ أَنْ يُكْثِرَ اشْتِغَالَهُ وَإِتْعَابَهُ جِسْمَهُ فِي الِاعْتِنَاءِ بِتَحْصِيلِ الْعِلْمِ هَذَا شَرْحُ مَا حَكَاهُ الْقَاضِ
....
125
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَمَنْ بَعْدَهُمْ فِي الصَّلَاةِ الْوُسْطَى الْمَذْكُورَةِ فِي الْقُرْآنِ فَقَالَ جَمَاعَةٌ هِيَ الْعَصْرُ مِمَّنْ نُقِلَ هَذَا عَنْهُ عَلِيُّ بْنُ أبي طالب وبن مسعود وأبو أيوب وبن عمر وبن عَبَّاسٍ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَعَبِيدَةُ السَّلْمَانِيُّ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَقَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ والكلبي ومقاتل وأبو حنيفة وأحمد وداود وبن الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَ التِّرْمِذِيُّ هُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ لِصِحَّةِ الْأَحَادِيثِ فِيهِ قَالَ وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى أَنَّهَا الصُّبْحُ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ فِي الْعَصْرِ وَمَذْهَبُهُ اتِّبَاعُ الْحَدِيثِ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ هِيَ الصُّبْحُ مِمَّنْ نُقِلَ هَذَا عَنْهُ عُمَرُ بْنُ الخطاب ومعاذ بن جبل وبن عباس وبن عُمَرَ وَجَابِرٌ وَعَطَاءٌ وَعِكْرِمَةُ وَمُجَاهِدٌ وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَالشَّافِعِيُّ وَجُمْهُورُ أَصْحَابِهِ وَغَيْرُهُمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَقَالَ طَائِفَةٌ هِيَ الظُّهْرُ نَقَلُوهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَأَبِي سَعِيدٍ
وَالصَّحِيحُ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ قَوْلَانِ الْعَصْرُ وَالصُّبْحُ وَأَصَحُّهُمَا الْعَصْرُ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَمَنْ قَالَ هِيَ الصُّبْحُ يَتَأَوَّلُ الْأَحَادِيثَ عَلَى أَنَّ الْعَصْرَ تُسَمَّى وَسَطًا وَيَقُولُ إِنَّهَا غَيْرُ الْوُسْطَى الْمَذْكُورَةِ فِي الْقُرْآنِ وَهَذَا تَأْوِيلٌ ضَعِيفٌ وَمَنْ قَالَ إِنَّهَا الصُّبْحُ يَحْتَجُّ بِأَنَّهَا تَأْتِي فِي وَقْتِ مَشَقَّةٍ بِسَبَبِ بَرْدِ الشِّتَاءِ وَطِيبِ النَّوْمِ فِي الصَّيْفِ وَالنُّعَاسِ وَفُتُورِ الْأَعْضَاءِ وَغَفْلَةِ النَّاسِ فَخُصَّتْ بِالْمُحَافَظَة ِ لِكَوْنِهَا مُعَرَّضَةً لِلضَّيَاعِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا وَمَنْ قَالَ هِيَ الْعَصْرُ يَقُولُ إِنَّهَا تَأْتِي في وَقْتَ اشْتِغَالِ النَّاسِ بِمَعَايِشِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ وَأَمَّا مَنْ قَالَ هِيَ الْجُمُعَةُ فَمَذْهَبٌ ضَعِيفٌ جِدًّا لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنَ الْإِيصَاءِ بِالْمُحَافَظَة ِ عَلَيْهَا إِنَّمَا كَانَ لِأَنَّهَا مُعَرَّضَةٌ لِلضَّيَاعِ وَهَذَا لَا يَلِيقُ بِالْجُمُعَةِ فَإِنَّ النَّاسَ يُحَافِظُونَ عَلَيْهَا فِي الْعَادَةِ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهَا لِأَنَّهَا تَأْتِي فِي الْأُسْبُوعِ مَرَّةً بِخِلَافِ غَيْرِهَا وَمَنْ قَالَ هِيَ جَمِيعُ الْخَمْسِ فَضَعِيفٌ أَوْ غَلَطٌ لِأَنَّ الْعَرَبُ لَا تَذْكُرُ الشَّيْءَ مُفَصَّلًا ثُمَّ تُجْمِلُهُ وَإِنَّمَا تَذْكُرُهُ مُجْمَلًا ثُمَّ تُفَصِّلُهُ أَوْ تُفَصِّلُ بَعْضَهُ تَنْبِيهًا عَلَى فضيلته والله أعلم
زززز,,,,,,
133/5
يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ فِيهِ دَلِيلٌ لِمَنْ قَالَ مِنَ النَّحْوِيِّينَ يَجُوزُ إِظْهَارُ ضَمِيرِ الْجَمْعِ وَالتَّثْنِيَةِ فِي الْفِعْلِ إِذَا تَقَدَّمَ وَهُوَ لُغَةُ بَنِي الْحَارِثِ وَحَكَوْا فِيهِ قَوْلَهُمْ أَكَلُونِي الْبَرَاغِيثُ وَعَلَيْهِ حَمَلَ الْأَخْفَشُ وَمَنْ وَافَقَهُ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى وَأَسَرُّوا النجوى الذين ظلموا وَقَالَ سِيبَوَيْهِ وَأَكْثَرُ النَّحْوِيِّينَ لَا يَجُوزُ إِظْهَارُ الضَّمِيرِ مَعَ تَقَدُّمِ الْفِعْلِ وَيَتَأَوَّلُون َ كُلَّ هَذَا وَيَجْعَلُونَ الِاسْمَ بَعْدَهُ بَدَلًا مِنَ الضَّمِيرِ وَلَا يَرْفَعُونَهُ بِالْفِعْلِ كَأَنَّهُ لَمَّا قِيلَ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى قيل من هم قيل الذين ظلموا وَكَذَا يَتَعَاقَبُونَ وَنَظَائِرُهُ وَمَعْنَى يَتَعَاقَبُونَ تَأْتِي طَائِفَةٌ بَعْدَ طَائِفَةٍ وَمِنْهُ تَعَقُّبُ الْجُيُوشِ وَهُوَ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى ثَغْرِ قَوْمٍ وَيَجِيءَ آخَرُونَ وَأَمَّا اجْتِمَاعُهُمْ فِي الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ فَهُوَ مِنْ لُطْفِ اللَّهِ تَعَالَى بِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ وَتَكْرِمَةٌ لَهُمْ أَنْ جَعَلَ اجْتِمَاعَ الْمَلَائِكَةِ عِنْدَهُمْ وَمُفَارَقَتُهُ مْ لَهُمْ فِي أَوْقَاتِ عِبَادَاتِهِمْ وَاجْتِمَاعِهِم ْ عَلَى طَاعَةِ رَبِّهِمْ
......
138
قَوْلُهُ الْعِشَاءُ الْآخِرَةُ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ وَصْفِهَا بِالْآخِرَةِ وَأَنَّهُ لا كراهة
فِيهِ خِلَافًا لِمَا حُكِيَ عَنِ الْأَصْمَعِيِّ
......
146
قَالَ الْعُلَمَاءُ وَالْمَكْرُوهُ مِنَ الْحَدِيثِ بَعْدَ الْعِشَاءِ هُوَ مَا كَانَ فِي الْأُمُورِ الَّتِي لَا مَصْلَحَةَ فِيهَا أَمَّا مَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ وَخَيْرٌ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ وَذَلِكَ كَمُدَارَسَةِ الْعِلْمِ وَحِكَايَاتِ الصَّالِحِينَ وَمُحَادَثَةِ الضَّيْفِ وَالْعَرُوسِ لِلتَّأْنِيسِ وَمُحَادَثَةِ الرَّجُلِ أَهْلَهُ وَأَوْلَادَهُ لِلْمُلَاطَفَةِ وَالْحَاجَةِ وَمُحَادَثَةِ الْمُسَافِرِينَ بِحِفْظِ مَتَاعِهِمْ أَوْ أَنْفُسِهِمْ وَالْحَدِيثُ فِي الْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ وَالشَّفَاعَةِ إِلَيْهِمْ فِي خَيْرٍ وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْإِرْشَادِ إِلَى مَصْلَحَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَكُلُّ هَذَا لَا كَرَاهَةَ فِيهِ وَقَدْ جَاءَتْ أحَادِيثُ صَحِيحَةٌ بِبَعْضِهِ وَالْبَاقِي فِي مَعْنَاهُ
.......
5/150
إِنَّ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْمُنْفَرِدِ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا وَفِي رِوَايَةٍ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً
[650] وَفِي رِوَايَةٍ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً وَالْجَمْعُ بَيْنَهَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَهَا فَذِكْرُ الْقَلِيلِ لَا يَنْفِي الْكَثِيرَ وَمَفْهُومُ الْعَدَدِ بَاطِلٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الْأُصُولِيِّين َ وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ أَخْبَرَ أَوَّلًا بِالْقَلِيلِ ثُمَّ أَعْلَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِزِيَادَةِ الْفَضْلِ فَأَخْبَرَ بِهَا الثَّالِثُ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ الْمُصَلِّينَ وَالصَّلَاةُ فَيَكُونُ لِبَعْضِهِمْ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ وَلِبَعْضِهِمْ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ بحسب كمال الصلاة ومحافظته على هيآتها وَخُشُوعِهَا وَكَثْرَةِ جَمَاعَتِهَا وَفَضْلِهِمْ وَشَرَفِ الْبُقْعَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَهَذِهِ هِيَ الْأَجْوِبَةُ الْمُعْتَمَدَةُ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ الدَّرَجَةَ غَيْرُ الْجُزْءِ وَهَذَا غَفْلَةٌ مِنْ قَائِلِهِ فَإِنَّ فِي الصَّحِيحَيْنِ سَبْعًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً وَخَمْسًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً فَاخْتَلَفَ الْقَدْرُ مَعَ اتِّحَادِ لَفْظِ الدَّرَجَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
..........
5/163
الَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَفِيهِ أَنَّ الِاثْنَيْنِ يُكَوِّنَانِ صَفًّا وَرَاءَ الْإِمَامِ وَهَذَا مَذْهَبُنَا ومذهب العلماء كافة الا بن مَسْعُودٍ وَصَاحِبَيْهِ فَقَالُوا يُكَوِّنَانِ هُمَا وَالْإِمَامُ صَفًّا وَاحِدًا فَيَقِفُ بَيْنَهُمَا وَفِيهِ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَقِفُ خَلْفَ الرِّجَالِ وَأَنَّهَا إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا امْرَأَةٌ أُخْرَى تَقِفُ وَحْدَهَا مُتَأَخِّرَةً وَاحْتَجَّ بِهِ أَصْحَابُ مَالِكٍ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَشْهُورَةِ بِالْخِلَافِ وَهِيَ إِذَا حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا فَافْتَرَشَهُ فَعِنْدَهُمْ يَحْنَثُ وَعِنْدَنَا لَا يَحْنَثُ
.....
-
رد: فوائد وفرائد " المنهاج شرح صحيح مسلم ابن الحجاج " للإمام النووي رحمه الله !!!
اليوم : السبت
الموافق : 21 / مايو / 2022 ميلادي
الموافق : 20 / شوال / 1443 هجري
تابع /
5/95
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْقَصْرِ فِي السَّفَرِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ يَجُوزُ الْقَصْرُ وَالْإِتْمَامُ وَالْقَصْرُ أَفْضَلُ وَلَنَا قَوْلٌ أَنَّ الْإِتْمَامُ أَفْضَلُ وَوَجْهُ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ وَالصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْقَصْرَ أَفْضَلُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَكَثِيرُونَ الْقَصْرُ وَاجِبٌ وَلَا يَجُوزُ الْإِتْمَامُ وَيَحْتَجُّونَ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَبِأَنَّ أَكْثَرَ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ كَانَ الْقَصْرُ وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ وَمُوَافِقُوهُ بِالْأَحَادِيثِ الْمَشْهُورَةِ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ كَانُوا يُسَافِرُونَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمِنْهُمُ الْقَاصِرُ وَمِنْهُمُ الْمُتِمُّ وَمِنْهُمُ الصَّائِمُ وَمِنْهُمُ الْمُفْطِرُ لَا يَعِيبُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِأَنَّ عُثْمَانَ كَانَ يُتِمُّ وَكَذَلِكَ عَائِشَةُ وَغَيْرُهَا وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ وَهَذَا يَقْتَضِي رَفْعُ الْجُنَاحِ وَالْإِبَاحَةِ
.......
205/5
عُبَيْدِ اللَّهِ مُصَغَّرٌ وَأُمُّهُ مُلَيْكَةُ بِنْتُ جَرْوَلٍ الْخُزَاعِيُّ تَزَوَّجَهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَوْلَدَهَا ابْنَهُ عُبَيْدَ اللَّهِ وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَأُخْتُهُ حَفْصَةُ فَأُمُّهُمَا زَيْنَبُ بِنْتُ مَظْعُونٍ
.......
211
قَوْلُهُ يُصَلِّي عَلَى حِمَارٍ قَالَ الدَّارَقُطْنِي ُّ وَغَيْرُهُ هَذَا غَلَطٌ مِنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ قَالُوا وَإِنَّمَا الْمَعْرُوفُ فِي صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَاحِلَتِهِ أَوْ عَلَى الْبَعِيرِ وَالصَّوَابُ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْحِمَارِ مِنْ فِعْلِ أَنَسٍ كَمَا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ بَعْدَ هَذَا وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرِ الْبُخَارِيُّ حَدِيثَ عَمْرٍو هَذَا كَلَامُ الدَّارَقُطْنِي ِّ وَمُتَابِعِيهِ وَفِي الْحُكْمِ بِتَغْلِيطِ رِوَايَةِ عَمْرٍو نَظَرٌ لِأَنَّهُ ثِقَةٌ نَقَلَ شَيْئًا مُحْتَمَلًا فلعله كان لحمار مَرَّةً وَالْبَعِيرُ مَرَّةً أَوْ مَرَّاتٍ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ إِنَّهُ شَاذٌّ فَإِنَّهُ مُخَالِفٌ لِرِوَايَةِ الْجُمْهُورِ في البعيد والراحلة
وَالشَّاذُّ مَرْدُودٌ وَهُوَ الْمُخَالِفُ لِلْجَمَاعَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
......
214
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِسَبَبِ السَّفَرِ وَلَا الْمَطَرِ وَلَا الْمَرَضِ وَلَا غَيْرِهَا إِلَّا بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِعَرَفَاتٍ بِسَبَبِ النُّسُكِ وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِمُزْدَلِفَةَ بِسَبَبِ النُّسُكِ أَيْضًا وَالْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَسُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِ حُجَّةٌ عَلَيْهِ
.......
5/220
رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَقِيقٍ فَحَاكَ فِي صَدْرِي مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ فَأَتَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ فَسَأَلْتُهُ فَصَدَّقَ مَقَالَتَهُ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ الثَّابِتَةُ فِي مُسْلِمٍ كَمَا تَرَاهَا وَلِلْعُلَمَاءِ فِيهَا تَأْوِيلَاتٌ وَمَذَاهِبُ وَقَدْ قَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي آخِرِ كِتَابِهِ لَيْسَ فِي كِتَابِي حَدِيثٌ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى تَرْكِ الْعَمَلِ بِهِ إِلَّا حَدِيثَ بن عَبَّاسٍ فِي الْجَمْعِ بِالْمَدِينَةِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ وَحَدِيثَ قَتْلِ شَارِبِ الْخَمْرِ فِي الْمَرَّةِ الرَّابِعَةِ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي حديث شارب الخمر هو كما قاله فَهُوَ حَدِيثٌ مَنْسُوخٌ دَلَّ الْإِجْمَاعُ عَلَى نَسْخِهِ وأما حديث بن عَبَّاسٍ فَلَمْ يُجْمِعُوا عَلَى تَرْكِ الْعَمَلِ بِهِ بَلْ لَهُمْ أَقْوَالٌ مِنْهُمْ مَنْ تَأَوَّلَهُ عَلَى أَنَّهُ جَمَعَ بِعُذْرِ الْمَطَرِ وَهَذَا مَشْهُورٌ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الْكِبَارِ الْمُتَقَدِّمِي نَ وَهُوَ ضَعِيفٌ بِالرِّوَايَةِ الْأُخْرَى مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ وَمِنْهُمْ مَنْ تَأَوَّلَهُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي غَيْمٍ فَصَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ انْكَشَفَ الْغَيْمُ وَبَانَ أَنَّ وَقْتَ الْعَصْرِ دَخَلَ فَصَلَّاهَا وَهَذَا أَيْضًا بَاطِلٌ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ أَدْنَى احْتِمَالٍ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ لَا احْتِمَالَ فِيهِ فِي الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَمِنْهُمْ مَنْ تَأَوَّلَهُ عَلَى تَأْخِيرِ الْأُولَى إِلَى آخِرِ وَقْتِهَا فَصَلَّاهَا فِيهِ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهَا دَخَلَتِ الثَّانِيَةُ فَصَلَّاهَا فَصَارَتْ صَلَاتُهُ صُورَةَ جَمْعٍ وَهَذَا أَيْضًا ضَعِيفٌ أَوْ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ مخالف للظاهر مخالفة لا تحتمل وفعل بن عَبَّاسٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ حِينَ خَطَبَ وَاسْتِدْلَالُه ُ بِالْحَدِيثِ لِتَصْوِيبِ فِعْلِهِ وَتَصْدِيقُ أَبِي هُرَيْرَةَ لَهُ وَعَدَمُ إِنْكَارِهِ صَرِيحٌ فِي رَدِّ هَذَا التَّأْوِيلِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْجَمْعِ بِعُذْرِ الْمَرَضِ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا هُوَ فِي مَعْنَاهُ مِنَ الْأَعْذَارِ وَهَذَا قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَالْقَاضِي حُسَيْنٍ مِنْ أَصْحَابِنَا وَاخْتَارَهُ الْخَطَّابِيُّ وَالْمُتَوَلِّي وَالرُّويَانِيّ ُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَهُوَ الْمُخْتَارُ فِي تَأْوِيلِهِ لظاهر الحديث ولفعل بن عَبَّاسٍ وَمُوَافَقَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلِأَنَّ الْمَشَقَّةَ فِيهِ
أَشَدُّ مِنَ الْمَطَرِ وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ إِلَى جَوَازِ الْجَمْعِ فِي الْحَضَرِ لِلْحَاجَةِ لِمَنْ لا يتخذه عادة وهو قول بن سِيرِينَ وَأَشْهَبَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَحَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ عَنِ الْقَفَّالِ وَالشَّاشِيُّ الْكَبِيرُ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أصحاب الحديث واختاره بن المنذر ويؤيده ظاهر قول بن عباس أراد أن لا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ فَلَمْ يُعَلِّلْهُ بِمَرَضٍ وَلَا غَيْرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.......
5/230
أَمَّا مَا صَحَّ عَنِ بن عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ فِي الضُّحَى هِيَ بِدْعَةٌ فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ صَلَاتَهَا فِي الْمَسْجِدِ وَالتَّظَاهُرَ بِهَا كَمَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ بِدْعَةٌ لَا أَنَّ أَصْلَهَا فِي الْبُيُوتِ وَنَحْوِهَا مَذْمُومٌ أَوْ يُقَالُ قَوْلُهُ بِدْعَةٌ أَيِ الْمُوَاظَبَةُ عَلَيْهَا لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُوَاظِبْ عَلَيْهَا خَشْيَةَ أَنْ تُفْرَضَ وَهَذَا فِي حَقِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ ثَبَتَ اسْتِحْبَابُ الْمُحَافَظَةِ فِي حَقِّنَا بِحَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَأَبِي ذَرٍّ أو يقال أن بن عُمَرَ لَمْ يَبْلُغْهُ فِعْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الضُّحَى وَأَمْرُهُ بِهَا وَكَيْفَ كَانَ فَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى اسْتِحْبَابِ الضُّحَى وَإِنَّمَا نُقِلَ التوقف فيها عن بن مسعود وبن عُمَرَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
..............
انتهى المجلد الخامس ويليه المجلد السادس
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
-
رد: فوائد وفرائد " المنهاج شرح صحيح مسلم ابن الحجاج " للإمام النووي رحمه الله !!!
اليوم : السبت
الموافق : 27/ شوال / 1443 هجري
الموافق : 28/ يوليو / 2022 ميلادي
" المجلد السادس من شرح النووي على صحيح مسلم "
(6/15)
وَالْأَصَحُّ عِنْدَنَا جَوَازُ التَّنَفُّلِ مُضْطَجِعًا لِلْقَادِرِ عَلَى الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فِي الْبُخَارِيِّ وَمَنْ صَلَّى قَائِمًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَاعِدِ وَإِذَا صَلَّى مُضْطَجِعًا فَعَلَى يَمِينِهِ فَإِنْ كَانَ عَلَى يَسَارِهِ جَازَ وَهُوَ خِلَافُ الْأَفْضَلِ فَإِنْ اسْتَلْقَى مَعَ إِمْكَانِ الِاضْطِجَاعِ لَمْ يَصِحَّ قِيلَ الْأَفْضَلُ مُسْتَلْقِيًا وَأَنَّهُ إِذَا اضْطَجَعَ لَا يَصِحُّ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.....
(6/15)
الصَّوَابُ مَا قَالَهُ أَصْحَابُنَا أَنَّ نَافِلَتَهُ ص قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ ثَوَابُهَا كَثَوَابِهِ قَائِمًا وَهُوَ مِنَ الْخَصَائِصِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
......
6/20
وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَضْطَجِعُ بَعْدَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وفي حديث بن عَبَّاسٍ أَنَّ الِاضْطِجَاعَ كَانَ بَعْدَ صَلَاةِ اللَّيْلِ قَبْلَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ قَالَ وَهَذَا فِيهِ رَدٌّ عَلَى الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ فِي قَوْلِهِمْ أَنَّ الِاضْطِجَاعَ بَعْدَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ سُنَّةٌ قَالَ وَذَهَبَ مَالِكٌ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ إِلَى أَنَّهُ بِدْعَةٌ وَأَشَارَ إِلَى أَنَّ رِوَايَةَ الِاضْطِجَاعِ بَعْدَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ مَرْجُوحَةٌ
......
(6/27)
الْأُمَّةُ فَهُوَ تَطَوُّعٌ فِي حَقِّهِمْ بِالْإِجْمَاعِ وَأَمَّا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاخْتَلَفُوا فِي نَسْخِهِ فِي حَقِّهِ وَالْأَصَحُّ عِنْدَنَا نَسْخُهُ وَأَمَّا مَا حَكَاهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ مِنْ بَعْضِ السَّلَفِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْأُمَّةِ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ وَلَوْ قَدْرَ حَلْبِ شَاةٍ فَغَلَطٌ وَمَرْدُودٌ بِإِجْمَاعِ مَنْ قَبْلَهُ مَعَ النُّصُوصِ الصَّحِيحَةِ أَنَّهُ لَا وَاجِبَ إِلَّا الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ
......
6/28
وَكَانَ إِذَا غَلَبَهُ نَوْمٌ أَوْ وَجَعٌ عَنْ قِيَامِ الليل صلى من النهار ثنتي عَشْرَةَ رَكْعَةً هَذَا دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْأَوْرَادِ وَأَنَّهَا إِذَا فَاتَتْ تُقْضَى
<<
6/29
إِذَا رُوِيَ الْحَدِيثُ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا أَوْ مَوْصُولًا وَمُرْسَلًا حُكِمَ بِالرَّفْعِ وَالْوَصْلِ لِأَنَّهَا زِيَادَةُ ثِقَةٍ وَسَوَاءٌ كَانَ الرَّافِعُ وَالْوَاصِلُ أَكْثَرَ أَوْ أقَلَّ فِي الْحِفْظِ وَالْعَدَدِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي هَذَا الْإِسْنَادِ فَائِدَةٌ لَطِيفَةٌ وَهِيَ أَنَّ فِيهِ رِوَايَةَ صَحَابِيٍّ عَنْ تَابِعِيٍّ وَهُوَ السَّائِبُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَيَدْخُلُ فِي رِوَايَةِ الْكِبَارِ عن الصغار
.....
6/48
وَقَدْ جَاءَ فِي بعض روايات هذا الحديث قال بن عباس بت عند خالتي في ليلة كانت فِيهَا حَائِضًا قَالَ وَهَذِهِ الْكَلِمَةُ وَإِنْ لَمْ تصح طريقا فهي
حسنة المعنى جدا إذ لم يكن بن عَبَّاسٍ يَطْلُبُ الْمَبِيتَ فِي لَيْلَةٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا حَاجَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَلَا يُرْسِلُهُ أَبُوهُ إِلَّا إِذَا عَلِمَ عَدَمَ حَاجَتِهِ إِلَى أَهْلِهِ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يفعل حاجته مع حضرة بن عَبَّاسٍ مَعَهُمَا فِي الْوِسَادَةِ مَعَ أَنَّهُ كَانَ مُرَاقِبًا لِأَفْعَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَنَمْ أَوْ نَامَ قَلِيلًا جِدًّ
.....
6/62
وَالَّذِي نَقُولُهُ إِنَّ تَرْتِيبَ السُّوَرِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ فِي الْكِتَابَةِ وَلَا فِي الصَّلَاةِ وَلَا فِي الدَّرْسِ وَلَا فِي التَّلْقِينِ وَالتَّعْلِيمِ وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ نَصٌّ وَلَا حَدٌّ تَحْرُمُ مُخَالَفَتُهُ وَلِذَلِكَ اخْتَلَفَ تَرْتِيبُ الْمَصَاحِفِ قَبْلَ مُصْحَفِ عُثْمَانَ قَالَ وَاسْتَجَازَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْأُمَّةُ بَعْدَهُ فِي جَمِيعِ الْأَعْصَارِ تَرْكَ تَرْتِيبِ السُّوَرِ فِي الصَّلَاةِ وَالدَّرْسِ وَالتَّلْقِينِ قَالَ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّ ذَلِكَ بِتَوْقِيفٍ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّدَهُ لَهُمْ كَمَا اسْتَقَرَّ فِي مصحف عثمان وإنما اختلف الْمَصَاحِفِ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَهُمُ التَّوْقِيفُ وَالْعَرْضُ الْأَخِيرُ فيتأول قرأته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النِّسَاءَ أَوَّلًا ثُمَّ آلَ عِمْرَانَ هُنَا عَلَى أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ التَّوْقِيفِ وَالتَّرْتِيبِ وَكَانَتْ هَاتَانِ السُّورَتَانِ هَكَذَا فِي مُصْحَفِ أُبَيٍّ قَالَ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَقْرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ سُورَةً قَبْلَ الَّتِي قَرَأَهَا فِي الْأُولَى وَإِنَّمَا يُكْرَهُ ذلك ي رَكْعَةٍ وَلِمَنْ يَتْلُو فِي غَيْرِ صَلَاةٍ قَالَ وقد أباحه بعضهم وتأول نَهْيِ السَّلَفِ عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ مَنْكُوسًا عَلَى مَنْ يَقْرَأُ مِنْ آخِرِ السُّورَةِ إِلَى أَوَّلِهَا قَالَ وَلَا خِلَافَ أَنَّ تَرْتِيبَ آيَاتِ كُلِّ سُورَةٍ بِتَوْقِيفٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ الْآنَ فِي الْمُصْحَفِ وَهَكَذَا نَقَلَتْهُ الْأُمَّةُ عَنْ نَبِيِّهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْقَاضِي عِيَاضٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.........
63
وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا شَقَّ عَلَى الْمُقْتَدِي فِي فَرِيضَةٍ أَوْ نَافِلَةٍ الْقِيَامُ وَعَجَزَ عَنْهُ جَازَ لَهُ الْقُعُودُ وَإِنَّمَا لَمْ يقعد بن مَسْعُودٍ لِلتَّأَدُّبِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
.....
6/68
أَنَّ طُولَ الْعُمْرِ فِي الطَّاعَةِ فَضِيلَةٌ وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ يَنْتَقِلُ إِلَى خَيْرٍ لِأَنَّ الحي يستلحق بِهِ وَيَزِيدُ عَلَيْهِ بِمَا يَفْعَلُهُ مِنَ الطَّاعَاتِ
.............
76
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ جُمْهُورُ الْمُحَقِّقِينَ جَوَازُ النِّسْيَانِ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْتِدَاءٌ فِيمَا لَيْسَ
طَرِيقُهُ الْبَلَاغُ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا طَرِيقُهُ الْبَلَاغُ وَالتَّعْلِيمُ وَلَكِنْ مَنْ جَوَّزَ قَالَ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ بل لابد أَنْ يَتَذَكَّرَهُ أَوْ يَذْكُرَهُ وَاخْتَلَفُوا هَلْ مِنْ شروط ذلك الفور أم يصح على التَّرَاخِي قَبْلَ وَفَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَأَمَّا نِسْيَانُ مَا بَلَغَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَيَجُوزُ
.....
6/93
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَعَكَ أَعْظَمُ قُلْتُ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِيهِ حُجَّةٌ لِلْقَوْلِ بِجَوَازِ تَفْضِيلِ بَعْضِ الْقُرْآنِ عَلَى بَعْضٍ وَتَفْضِيلِهِ عَلَى سَائِرِ كُتُبِ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ وَفِيهِ خِلَافٌ لِلْعُلَمَاءِ فَمَنَعَ مِنْهُ أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِي ُّ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالْعُلَمَاءِ لِأَنَّ تَفْضِيلَ بَعْضِهِ يَقْتَضِي نَقْصَ الْمَفْضُولِ وَلَيْسَ فِي كَلَامِ اللَّهِ نَقْصٌ بِهِ وَتَأَوَّلَ هَؤُلَاءِ مَا وَرَدَ مِنْ إِطْلَاقِ أَعْظَمِ وَأَفْضَلِ فِي بَعْضِ الْآيَاتِ وَالسُّوَرِ بِمَعْنًى عَظِيمٍ وفاضل
وَأَجَازَ ذَلِكَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالْمُتَكَلِّم ِينَ قَالُوا وَهُوَ رَاجِعٌ إِلَى عِظَمِ أَجْرِ قَارِئِ ذَلِكَ وَجَزِيلِ ثَوَابِهِ وَالْمُخْتَارُ جَوَازُ قَوْلِ هَذِهِ الْآيَةِ أَوِ السُّورَةِ أَعْظَمُ أَوْ أفْضَلُ بِمَعْنَى أَنَّ الثَّوَابَ الْمُتَعَلِّقَ بِهَا أَكْثَرُ وَهُوَ مَعْنَى الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ الْعُلَمَاءُ إِنَّمَا تَمَيَّزَتْ آيَةُ الْكُرْسِيِّ بِكَوْنِهَا أَعْظَمَ لِمَا جَمَعَتْ مِنْ أُصُولِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ مِنَ الْإِلَهِيَّةِ والوحدانية وَالْحَيَاةِ وَالْعِلْمِ وَالْمُلْكِ وَالْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ وَهَذِهِ السَّبْعَةُ أُصُولُ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.....
94
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَمْ تَرَ آيَاتٍ أُنْزِلَتِ اللَّيْلَةُ لَمْ يُرَ مثلهن قط قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ فِيهِ بَيَانُ عِظَمِ فَضْلِ هَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ وَقَدْ سَبَقَ قَرِيبًا الْخِلَافُ فِي إِطْلَاقِ تَفْضِيلِ بَعْضِ الْقُرْآنِ عَلَى بَعْضٍ وَفِيهِ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى كَوْنِهِمَا مِنَ الْقُرْآنِ وَرُدَّ عَلَى مَنْ نسب إلى بن مَسْعُودٍ خِلَافَ هَذَا وَفِيهِ أَنَّ لَفْظَةَ قُلْ مِنَ الْقُرْآنِ ثَابِتَةٌ مِنْ أَوَّلِ السُّورَتَيْنِ بَعْدَ الْبَسْمَلَةِ وَقَدْ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى هَذَا كُلِّهِ
.....
95
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ قَالَ الْعُلَمَاءُ الْحَسَدُ قِسْمَانِ حَقِيقِيٌّ وَمَجَازِيٌّ فَالْحَقِيقِيُّ تَمَنِّي زَوَالِ النِّعْمَةِ عَنْ صَاحِبِهَا وَهَذَا حَرَامٌ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ مَعَ النُّصُوصِ الصَّحِيحَةِ وَأَمَّا الْمَجَازِيُّ فَهُوَ الْغِبْطَةُ وَهُوَ أَنْ يَتَمَنَّى مِثْلَ النِّعْمَةِ الَّتِي عَلَى غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ زَوَالِهَا عَنْ صَاحِبِهَا فَإِنْ كَانَتْ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا كَانَتْ مُبَاحَةً وَإِنْ كَانَتْ طَاعَةً فَهِيَ مُسْتَحَبَّةٌ وَالْمُرَادُ بِالْحَدِيثِ لَا غِبْطَةَ مَحْبُوبَةٌ إِلَّا فِي هَاتَيْنِ الْخَصْلَتَيْنِ وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا
.....
-
رد: فوائد وفرائد " المنهاج شرح صحيح مسلم ابن الحجاج " للإمام النووي رحمه الله !!!
........
البداية
6/116
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ هَلْ جَهَنَّمُ اسْمٌ عَرَبِيٌّ أَمْ عَجَمِيٌّ فَقِيلَ عَرَبِيٌّ مُشْتَقٌّ مِنَ الْجُهُومَةِ وَهِيَ كَرَاهَةُ الْمَنْظَرِ وَقِيلَ مِنْ قَوْلِهِمْ بِئْرٌ جَهَامُ أَيْ عَمِيقَةٌ فَعَلَى هَذَا لَمْ تُصْرَفْ لِلْعَلَمِيَّةِ وَالتَّأْنِيثِ وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ هِيَ عَجَمِيَّةٌ مُعَرَّبَةٌ وَامْتَنَعَ صَرْفُهَا لِلْعَلَمِيَّةِ وَالْعُجْمَةِ
..........
6/119
قَوْلُهَا وَهِمَ عُمَرُ تَعْنِي عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي رِوَايَتِهِ النَّهْيَ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا نَهَى عَنِ التَّحَرِّي قَالَ الْقَاضِي إِنَّمَا قَالَتْ عَائِشَةُ هَذَا لِمَا رَوَتْهُ مِنْ صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ
.......
120
أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلتَّابِعِ إِذَا رَأَى مِنَ الْمَتْبُوعِ شَيْئًا
يُخَالِفُ الْمَعْرُوفَ مِنْ طَرِيقَتِهِ وَالْمُعْتَادَ مِنْ حَالِهِ أَنْ يَسْأَلَهُ بِلُطْفٍ عَنْهُ فَإِنْ كَانَ نَاسِيًا رَجَعَ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ عَامِدًا وَلَهُ مَعْنًى مُخَصَّصٌ عَرَفَهُ التَّابِعُ وَاسْتَفَادَهُ وَإِنْ كَانَ مَخْصُوصًا بِحَالٍ يَعْلَمُهَا وَلَمْ يَتَجَاوَزْهَا وَفِيهِ مَعَ هَذِهِ الْفَوَائِدِ فَائِدَةٌ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّهُ بِالسُّؤَالِ يَسْلَمُ مِنْ إِرْسَالِ الظَّنِّ السَّيِّئِ بِتَعَارُضِ الْأَفْعَالِ أَوِ الْأَقْوَالِ وَعَدَمِ الِارْتِبَاطِ بِطَرِيقٍ وَاحِدٍ قَوْلُهَا فَأَشَارَ بِيَدِهِ فِيهِ أَنَّ إِشَارَةَ الْمُصَلِّي بِيَدِهِ وَنَحْوَهَا مِنَ الْأَفْعَالِ الْخَفِيفَةِ لَا تُبْطِلُ الصَّلَاةَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ أَتَانِي نَاسٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ بِالْإِسْلَامِ مِنْ قَوْمِهِمْ فَشَغَلُونِي عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ فَهُمَا هَاتَانِ فِيهِ فَوَائِدُ مِنْهَا إِثْبَاتُ سُنَّةِ الظُّهْرِ بَعْدَهَا وَمِنْهَا أَنَّ السُّنَنَ الرَّاتِبَةَ إِذَا فَاتَتْ يُسْتَحَبُّ قَضَاؤُهَا وَهُوَ الصَّحِيحُ
..........
122/6
قَالَ الْخَطَّابِيُّ صَلَاةُ الْخَوْفِ أَنْوَاعٌ صَلَّاهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَيَّامٍ مُخْتَلِفَةٍ وَأَشْكَالٍ مُتَبَايِنَةٍ يَتَحَرَّى فِي كُلِّهَا مَا هُوَ أَحْوَطُ لِلصَّلَاةِ وَأَبْلَغُ فِي الْحِرَاسَةِ فَهِيَ عَلَى اخْتِلَافِ صُوَرِهَا مُتَّفِقَةُ الْمَعْنَى ثُمَّ مَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً أَنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ مَشْرُوعَةٌ الْيَوْمَ كَمَا كَانَتْ إِلَّا أَبَا يُوسُفَ وَالْمُزَنِيَّ فَقَالَا لَا تُشْرَعُ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِأَنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ يَزَالُوا عَلَى فِعْلِهَا بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْآيَةِ تَخْصِيصَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ ثَبَتَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلُّوا كَمَا
رايتموني أصلي "
-
رد: فوائد وفرائد " المنهاج شرح صحيح مسلم ابن الحجاج " للإمام النووي رحمه الله !!!
اليوم / السبت
الموافق : 12/ ذو القعدة / 1443 هجري
الموافق : 11/ يونيو / 2022 ميلادي
باب الجمعة
........
6/133
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي غُسْلِ الْجُمُعَةِ فَحُكِيَ وُجُوبُهُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنَ السَّلَفِ حَكَوْهُ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ وَبِهِ قَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ وحكاه بن الْمُنْذِرِ عَنْ مَالِكٍ وَحَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَمَالِكٍ وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَفُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ إِلَى أَنَّهُ سُنَّةٌ مُسْتَحَبَّةٌ لَيْسَ بِوَاجِبٍ قَالَ الْقَاضِي وَهُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَاحْتَجَّ مَنْ أَوْجَبَهُ بِظَوَاهِرِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِأَحَادِيثَ صَحِيحَةٍ مِنْهَا حَدِيثُ الرَّجُلِ الَّذِي دَخَلَ وَعُمَرُ يَخْطُبُ وَقَدْ تَرَكَ الْغُسْلَ وَقَدْ ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ وَهَذَا الرَّجُلُ هُوَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ جَاءَ مُبَيَّنًا فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ عُثْمَانَ فَعَلَهُ وأقره عمر وحاضروا الْجُمُعَةِ وَهُمْ أَهْلُ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَمَا تَرَكَهُ وَلَأَلْزَمُوهُ وَمِنْهَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَوَضَّأَ فَبِهَا وَنِعْمَتْ وَمَنِ اغْتَسَلَ فَالْغُسْلُ أَفْضَلُ حَدِيثٌ حَسَنٌ فِي السُّنَنِ مَشْهُورٌ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَمِنْهَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوِ اغْتَسَلْتُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهَذَا اللَّفْظُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ لَكَانَ أَفْضَلَ وَأَكْمَلَ وَنَحْوَ هَذَا مِنَ الْعِبَادَاتِ
.......
6/140
وفيه دليل لمسئلة غَرِيبَةٍ حَسَنَةٍ وَهِيَ لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتَ طَالِقٌ فِي أَفْضَلِ الْأَيَّامِ وَفِيهَا وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا أَصَحُّهُمَا تَطْلُقُ يَوْمَ عَرَفَةَ وَالثَّانِي يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَهَذَا إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَأَمَّا إِنْ أَرَادَ أَفْضَلَ أَيَّامِ السَّنَةِ فَيَتَعَيَّنُ يَوْمُ عَرَفَةَ وَإِنْ أَرَادَ أَفْضَلَ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ فَيَتَعَيَّنُ الْجُمُعَةُ وَلَوْ قَالَ أَفْضَلُ لَيْلَةٍ تَعَيَّنَتْ لَيْلَةُ الْقَدْرِ وَهِيَ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَالْجُمْهُورِ مُنْحَصِرَةٌ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ
.......
6/144
وَقَدْ جَاءَ أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَمَرَهُمْ بِالْجُمُعَةِ وَأَعْلَمَهُمْ بِفَضْلِهَا فَنَاظَرُوهُ أَنَّ السَّبْتَ أَفْضَلُ فَقِيلَ لَهُ دَعْهُمْ قَالَ الْقَاضِي وَلَوْ كَانَ مَنْصُوصًا لَمْ يَصِحَّ اخْتِلَافُهُمْ فِيهِ بَلْ كَانَ يَقُولُ خَالِفُوا فِيهِ قلت ويمكن
أَنْ يَكُونَ أُمِرُوا بِهِ صَرِيحًا وَنُصَّ عَلَى عَيْنِهِ فَاخْتَلَفُوا فِيهِ هَلْ يَلْزَمُ تَعْيِينُهُ أَمْ لَهُمْ إِبْدَالُهُ وَأَبْدَلُوهُ وَغَلِطُوا فِي إِبْدَالِ
,,,,,,,,,
150/6
قَالَ الْقَاضِي ذَهَبَ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ إِلَى اشْتِرَاطِ الْخُطْبَتَيْنِ لِصِحَّةِ الْجُمُعَةِ وعن الحسن البصري وأهل الظاهر ورواية بن الْمَاجِشُونِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهَا تَصِحُّ بِلَا خُطْبَةٍ وحكى بن عَبْدِ الْبَرِّ إِجْمَاعَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الْخُطْبَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا قَائِمًا لِمَنْ أَطَاقَهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَصِحُّ قَاعِدًا وَلَيْسَ الْقِيَامُ بِوَاجِبٍ وَقَالَ مَالِكٌ هُوَ وَاجِبٌ لَوْ تَرَكَهُ أَسَاءَ وَصَحَّتِ الْجُمُعَةُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَالْجُمْهُورُ الْجُلُوسُ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ سُنَّةٌ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَلَا شَرْطٍ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ فَرْضٌ وَشَرْطٌ لِصِحَّةِ الْخُطْبَةِ قَالَ الطَّحَاوِيُّ لَمْ يَقُلْ هَذَا غَيْرُ الشَّافِعِيِّ وَدَلِيلُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ ثَبَتَ هَذَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ قوله ص صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي
......
-
رد: فوائد وفرائد " المنهاج شرح صحيح مسلم ابن الحجاج " للإمام النووي رحمه الله !!!
كتاب العيدين
6/155
اسْتِحْبَابُ قَوْلِ أَمَّا بَعْدُ فِي خُطَبِ الْوَعْظِ وَالْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ وَغَيْرِهَا وَكَذَا فِي خُطَبِ الْكُتُبِ الْمُصَنَّفَةِ وَقَدْ عَقَدَ الْبُخَارِيُّ بَابًا فِي اسْتِحْبَابِهِ وَذَكَرَ فِيهِ جُمْلَةً مِنَ الْأَحَادِيثِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي أَوَّلِ مَنْ تَكَلَّمَ بِهِ فَقِيلَ دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقِيلَ يَعْرُبُ بْنُ قَحْطَانَ وَقِيلَ قُسُّ بْنُ سَاعِدَةَ وَقَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ أَوْ كَثِيرٌ مِنْهُمْ إِنَّهُ فَصْلُ الْخِطَابِ الَّذِي أُوتِيَهُ دَاوُدُ وَقَالَ الْمُحَقِّقُونَ فَصْلُ الْخِطَابِ الْفَصْلُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ
......
164
نَوَافِلَ النَّهَارِ رَكْعَتَانِ وَأَنَّ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ لَا تَفُوتُ بِالْجُلُوسِ فِي حَقِّ جَاهِلِ حُكْمِهَا وَقَدْ أَطْلَقَ أَصْحَابُنَا فَوَاتَهَا بِالْجُلُوسِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْعَالِمِ بِأَنَّهَا سُنَّةٌ أَمَّا الْجَاهِلُ فَيَتَدَارَكُهَ ا عَلَى قُرْبٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَالْمُسْتَنْبَ طُ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ أَنَّ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ لَا تُتْرَكُ فِي أَوْقَاتِ النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ وَأَنَّهَا ذَاتُ سَبَبٍ تُبَاحُ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَيَلْحَقُ بِهَا كُلُّ ذَوَاتِ الْأَسْبَابِ كَقَضَاءِ الفائتة
<<
..........
171
دَلِيلٌ لِمَذْهَبِ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً أَنَّ خُطْبَةَ الْعِيدِ بَعْدَ الصَّلَاةِ قَالَ الْقَاضِي هَذَا هُوَ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ مِنْ مَذَاهِبِ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ وَأَئِمَّةِ)وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَئِمَّتِهِمْ فِيهِ وَهُوَ فعل النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الرَّاشِدِينَ بَعْدَهُ إِلَّا مَا رُوِيَ أَنَّ عُثْمَانَ فِي شَطْرِ خِلَافَتِهِ الْأَخِيرِ قَدَّمَ الْخُطْبَةَ لِأَنَّهُ رَأَى مِنَ النَّاسِ مَنْ تَفُوتُهُ الصَّلَاةُ وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ عُمَرَ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ وَقِيلَ إِنَّ أَوَّلَ مَنْ قَدَّمَهَا مُعَاوِيَةُ وَقِيلَ مَرْوَانُ بِالْمَدِينَةِ فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ وَقِيلَ زِيَادُ بِالْبَصْرَةِ فِي خلافة معاوية وقيل فعله بن الزُّهْرِيِّ فِي آخِرِ أَيَّامِهِ
........
178
أَنَّ الْمَفْسَدَةَ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ كَانَتْ مَأْمُونَةً بِخِلَافِ الْيَوْمَ وَلِهَذَا صَحَّ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لَوْ رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ لَمَنَعَهُنَّ الْمَسَاجِدَ كَمَا مُنِعَتْ نِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ
......
182
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْغِنَاءِ فَأَبَاحَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ وَحَرَّمَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَهْلُ الْعِرَاقِ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ كَرَاهَتُهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَاحْتَجَّ الْمُجَوِّزُونَ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَأَجَابَ الْآخَرُونَ بِأَنَّ هَذَا الْغِنَاءَ إِنَّمَا كَانَ فِي الشَّجَاعَةِ وَالْقَتْلِ وَالْحِذْقِ فِي الْقِتَالِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَا مَفْسَدَةَ فِيهِ بِخِلَافِ الْغِنَاءِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى مَا يَهِيجُ النُّفُوسَ عَلَى الشَّرِّ وَيَحْمِلُهَا عَلَى الْبَطَالَةِ وَالْقَبِيحِ قَالَ الْقَاضِي إِنَّمَا كَانَ غِنَاؤُهُمَا بِمَا هُوَ مِنْ أَشْعَارِ الْحَرْبِ وَالْمُفَاخَرَة ِ بِالشَّجَاعَةِ وَالظُّهُورِ وَالْغَلَبَةِ وَهَذَا لَا يُهَيِّجُ الْجَوَارِيَ عَلَى شَرٍّ وَلَا إِنْشَادُهُمَا لِذَلِكَ مِنَ الْغِنَاءِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالْإِنْشَادِ وَلِهَذَا قَالَتْ وَلَيْسَتَا بِمُغَنِّيَتَيْ نِ أَيْ لَيْسَتَا مِمَّنْ يتغنى
بِعَادَةِ الْمُغَنِّيَاتِ مِنَ التَّشْوِيقِ وَالْهَوَى وَالتَّعْرِيضِ بِالْفَوَاحِشِ وَالتَّشْبِيبِ بِأَهْلِ الْجَمَالِ وَمَا يُحَرِّكُ النُّفُوسَ وَيَبْعَثُ الهوى والغزل كما قيل الغنا فيه الزنى وَلَيْسَتَا أَيْضًا مِمَّنِ اشْتُهِرَ وَعُرِفَ بِإِحْسَانِ الْغِنَاءِ الَّذِي فِيهِ تَمْطِيطٌ وَتَكْسِيرٌ وَعَمَلٌ يُحَرِّكُ السَّاكِنَ وَيَبْعَثُ الْكَامِنَ وَلَا مِمَّنِ اتَّخَذَ ذَلِكَ صَنْعَةً وَكَسْبًا وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الْإِنْشَادَ غِنَاءً وَلَيْسَ هُوَ مِنَ الْغِنَاءِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ بَلْ هُوَ مُبَاحٌ وَقَدِ اسْتَجَازَتِ الصَّحَابَةُ غِنَاءَ الْعَرَبِ الَّذِي هُوَ مُجَرَّدُ الْإِنْشَادِ وَالتَّرَنُّمِ وَأَجَازُوا الْحُدَاءَ وَفَعَلُوهُ بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي هَذَا كُلِّهُ إِبَاحَةُ مِثْلَ هَذَا وَمَا فِي مَعْنَاهُ وَهَذَا وَمِثْلُهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ وَلَا يَخْرُجُ الشَّاهِدُ قَوْلُهُ أَبِمُزْمُورِ الشَّيْطَانِ
......
184
نَظَرُ الْمَرْأَةِ إِلَى وَجْهِ الرَّجُلِ الْأَجْنَبِيِّ فَإِنْ كَانَ بِشَهْوَةٍ فَحَرَامٌ بِالِاتِّفَاقِ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ وَلَا مَخَافَةَ فِتْنَةٍ فَفِي جَوَازِهِ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا أَصَحُّهُمَا تَحْرِيمُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَقُلْ للمؤمنات يغضضن من أبصارهن وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمِّ سَلَمَةَ وأم حبيبة احتجبا عنه أي عن بن أُمِّ مَكْتُومٍ فَقَالَتَا إِنَّهُ أَعْمَى لَا يُبْصِرُنَا فقال صلى الله عليه وسلم العمياوان أَنْتُمَا أَلَيْسَ تُبْصِرَانِهِ وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ
..
-
رد: فوائد وفرائد " المنهاج شرح صحيح مسلم ابن الحجاج " للإمام النووي رحمه الله !!!
كتاب الاستسقاء "
من " المنهاج للإمام النووي شرح مسلم "
كتاب
صلاة الاستسقاء
6/187
(كتاب صلاة الاستسقاء أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الِاسْتِسْقَاءَ سُنَّةٌ وَاخْتَلَفُوا هَلْ تُسَنُّ لَهُ صَلَاةٌ أَمْ لَا فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا تُسَنُّ لَهُ صَلَاةٌ بَلْ يُسْتَسْقَى بِالدُّعَاءِ بِلَا صَلَاةٍ وَقَالَ سَائِرُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ تُسَنُّ الصَّلَاةُ وَلَمْ يُخَالِفْ فِيهِ إِلَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَتَعَلَّقَ بِأَحَادِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا صَلَاةٌ وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِالْأَحَادِيثِ الثَّابِتَةِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى لِلِاسْتِسْقَاء ِ رَكْعَتَيْنِ وَأَمَّا الْأَحَادِيثُ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ الصَّلَاةِ فَبَعْضُهَا مَحْمُولٌ عَلَى نِسْيَانِ الرَّاوِي وَبَعْضُهَا كَانَ فِي الْخُطْبَةِ لِلْجُمُعَةِ
......
6/188
قَالَ أَصْحَابُنَا الِاسْتِسْقَاءُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ أَحَدُهَا الِاسْتِسْقَاءُ بِالدُّعَاءِ مِنْ غَيْرِ صَلَاةٍ الثَّانِي الِاسْتِسْقَاءُ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ أَوْ فِي أَثَرِ صَلَاةٍ مَفْرُوضَةٍ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنَ النَّوْعِ الَّذِي قَبْلَهُ وَالثَّالِثُ وَهُوَ أَكْمَلُهَا أَنْ يَكُونَ بِصَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ وَخُطْبَتَيْنِ وَيَتَأَهَّبُ قَبْلَهُ بِصَدَقَةٍ وَصِيَامٍ وَتَوْبَةٍ وَإِقْبَالٍ عَلَى الْخَيْرِ وَمُجَانَبَةِ الشَّرِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى
.....
188
وَاخْتَلَفُوا هَلْ هِيَ قَبْلَ الْخُطْبَةِ أَوْ بَعْدَهَا فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَالْجَمَاهِيرُ إِلَى أَنَّهَا قَبْلَ الْخُطْبَةِ وَقَالَ اللَّيْثُ بَعْدَ الْخُطْبَةِ وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ بِهِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى قَوْلِ الْجَمَاهِيرِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَلَوْ قَدَّمَ الْخُطْبَةَ عَلَى الصَّلَاةِ صَحَّتَا وَلَكِنَّ الْأَفْضَلَ تَقْدِيمُ الصَّلَاةِ كَصَلَاةِ الْعِيدِ وَخُطْبَتِهَا وَجَاءَ فِي الْأَحَادِيثِ مَا يَقْتَضِي جَوَازَ الْعِيدِ وَالتَّأْخِيرِ
.....
189
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ يُكَبِّرُ تَكْبِيرَاتٍ زَائِدَةً فِي أَوَّلِ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ كَمَا يُكَبِّرُ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ فقال به الشافعي وبن جرير وروي عن بن الْمُسَيَّبِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَمَكْحُولٍ وَقَالَ الْجُمْهُورُ لَا يُكَبِّرُ وَاحْتَجُّوا لِلشَّافِعِيِّ بِأَنَّهُ جَاءَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَمَا يُصَلِّي فِي الْعِيدِ وَتَأَوَّلَهُ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ كَصَلَاةِ الْعِيدِ فِي الْعَدَدِ وَالْجَهْرِ وَالْقِرَاءَةِ وَفِي كَوْنِهَا قَبْلَ الْخُطْبَةِ وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ فِي ذَلِكَ وَخَيَّرَهُ دَاوُدُ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَتَرْكِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ الْجَهْرَ بِالْقِرَاءَةِ وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ وَأَجْمَعُوا عَلَى اسْتِحْبَابِهِ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا يُؤَذَّنُ لَهَا وَلَا يُقَامُ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُقَالَ الصَّلَاةَ جَامِعَةً
.....
6/190
السُّنَّةُ فِي كُلِّ دُعَاءٍ لِرَفْعِ بَلَاءٍ كَالْقَحْطِ وَنَحْوِهِ أَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ وَيَجْعَلَ ظَهْرَ كَفَّيْهِ إِلَى السَّمَاءِ وَإِذَا دَعَا لِسُؤَالِ شَيْءٍ وَتَحْصِيلِهِ جَعَلَ بَطْنَ كَفَّيْهِ إلى السماء احتجوا بِهَذَا الْحَدِيثِ قَوْلُهُ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ دُعَائِهِ إِلَّا فِي الِاسْتِسْقَاءِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبْطَيْهِ هَذَا الْحَدِيثُ يُوهِمُ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَمْ يرفع ص إِلَّا فِي الِاسْتِسْقَاءِ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ بَلْ قد ثبت رفع يديه ص فِي الدُّعَاءِ فِي مَوَاطِنَ غَيْرِ الِاسْتِسْقَاءِ وَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَرَ وَقَدْ جَمَعْتُ مِنْهَا نَحْوًا مِنْ ثَلَاثِينَ حَدِيثًا مِنَ الصَّحِيحَيْنِ أَوْ أحدهما وذكرتها فِي أَوَاخِرِ بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ مِنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَيُتَأَوَّلُ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَرْفَعِ الرَّفْعَ الْبَلِيغَ بِحَيْثُ يُرَى بَيَاضُ إِبْطَيْهِ إِلَّا فِي الِاسْتِسْقَاءِ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ لَمْ أَرَهُ رَفَعَ وَقَدْ رَآهُ غَيْرُهُ رَفَعَ فَيُقَدَّمُ الْمُثْبِتُونَ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ وَهُمْ جَمَاعَاتٌ عَلَى وَاحِدٍ لَمْ يَحْضُرْ ذَلِكَ وَلَا بُدَّ مِنْ تَأْوِيلِهِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
......
191
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ سُمِّيَتْ دَارَ الْقَضَاءِ لِأَنَّهَا بِيعَتْ فِي قَضَاءِ دَيْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الَّذِي كَتَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَأَوْصَى ابْنَهُ عَبْدَ اللَّهِ أَنْ يُبَاعَ فيه ما له فان عجز ما له اسْتَعَانَ بِبَنِي عَدِيٍّ ثُمَّ بِقُرَيْشٍ فَبَاعَ ابْنُهُ دَارَهُ هَذِهِ لِمُعَاوِيَةَ وَمَالَهُ بِالْغَابَةِ قَضَى دَيْنَهُ وَكَانَ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ أَلْفًا وَكَانَ يُقَالُ لَهَا دَارُ قَضَاءِ دَيْنِ عُمَرَ ثُمَّ اقْتَصَرُوا فَقَالُوا دَارُ الْقَضَاءِ وَهِيَ دَارُ مَرْوَانَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ هِيَ دَارُ الْإِمَارَةِ وَغَلِطَ لِأَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّهَا دَارُ مَرْوَانَ فَظَنَّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَضَاءِ الْإِمَارَةُ وَالصَّوَابُ
......
-
رد: فوائد وفرائد " المنهاج شرح صحيح مسلم ابن الحجاج " للإمام النووي رحمه الله !!!
....
.....
كتاب الكسوف
6/193
نَّ صَلَاةَ الْكُسُوفِ رُوِيَتْ عَلَى أَوْجُهٍ كَثِيرَةٍ ذَكَرَ مُسْلِمٌ مِنْهَا جُمْلَةً وَأَبُو دَاوُدَ أُخْرَى وَغَيْرُهُمَا أُخْرَى وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَجُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ يُسَنُّ فِعْلُهَا جَمَاعَةً وَقَالَ الْعِرَاقِيُّون َ فُرَادَى وَحُجَّةُ الْجُمْهُورِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ فِي مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي صِفَتِهَا فَالْمَشْهُورُ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهَا رَكْعَتَانِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قِيَامَانِ وَقِرَاءَتَانِ وَرُكُوعَانِ وَأَمَّا السُّجُودُ فَسَجْدَتَانِ كَغَيْرِهِمَا وَسَوَاءٌ تَمَادَى الْكُسُوفُ أَمْ لَا وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَأَحْمَدُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَجُمْهُورُ عُلَمَاءِ الْحِجَازِ وَغَيْرُهُمْ وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ هُمَا رَكْعَتَانِ كَسَائِرِ النَّوَافِلِ عَمَلًا بِظَاهِرِ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ وَأَبِي بَكْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَحُجَّةُ الْجُمْهُورِ حَدِيثُ عَائِشَةَ من رواية عروة وعمرة وحديث جابر وبن عباس وبن عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهَا رَكْعَتَانِ فِي كُلِّ ركعة ركوعان وسجدتان قال بن عَبْدِ الْبَرِّ وَهَذَا أَصَحُّ مَا فِي هَذَا الْبَابِ قَالَ وَبَاقِي الرِّوَايَاتِ الْمُخَالِفَةِ مُعَلَّلَةٌ ضَعِيفَةٌ وحملوا حديث بن سَمُرَةَ بِأَنَّهُ مُطْلَقٌ وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ تُبَيِّنُ الْمُرَادَ بِهِ وَذَكَرَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَةٍ عَنْ عَائِشَةَ وعن بن عَبَّاسٍ وَعَنْ جَابِرٍ رَكْعَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ثلاث ركعات ومن رواية بن عَبَّاسٍ وَعَلِيٍّ رَكْعَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ أَرْبَعُ
......
6/200
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْخُطْبَةِ لِصَلَاةِ الْكُسُوفِ فقال الشافعي واسحاق وبن جَرِيرٍ وَفُقَهَاءُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ يُسْتَحَبُّ بَعْدَهَا خُطْبَتَانِ وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ لَا يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ وَدَلِيلُ الشَّافِعِيِّ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ بَعْدَ صَلَاةِ الْكُسُوفِ
............
6/218
وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ لَا تُسَنُّ لِكُسُوفِ الْقَمَرِ هَكَذَا وَإِنَّمَا تُسَنُّ رَكْعَتَانِ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ فُرَادَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ
<<
...........
-
رد: فوائد وفرائد " المنهاج شرح صحيح مسلم ابن الحجاج " للإمام النووي رحمه الله !!!
اليوم : الثلاثاء
الموافق : 21/ يونيو / 2022 ميلادي
الموافق : 22 / ذو القعدة / 1443 هجري
الموافق ختم كتاب الجنائز من شرح النووي على صحيح مسلم
المجلد السابع
(7/7)
سَحُولَ قَرْيَةٍ بِالْيَمَنِ تُعْمَلُ فِيهَا وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ السَّحُولِيَّةُ بِالْفَتْحِ مَنْسُوبَةٌ إِلَى سَحُولَ مَدِينَةٌ بِالْيَمَنِ يُحْمَلُ مِنْهَا هَذِهِ الثِّيَابُ وَبِالضَّمِّ ثِيَابٌ بِيضٌ وَقِيلَ إِنَّ الْقَرْيَةَ ايضا بالضم حكاه بن الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ
.......
7/8
الْحَدِيثُ الَّذِي فِي سُنَنِ أَبِي داود عن بن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ الْحُلَّةُ ثَوْبَانِ وَقَمِيصُهُ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ فَحَدِيثٌ ضَعِيفٌ لَا يَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ بِهِ لِأَنَّ يَزِيدَ بْنَ أَبِي زِيَادٍ أَحَدُ رُوَاتِهِ مُجْمَعٌ عَلَى ضعفه لا سيما وقد خالف بروايته الثقاة
......
7/11
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الدَّفْنِ فِي اللَّيْلِ فَكَرِهَهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ إِلَّا لِضَرُورَةٍ وَهَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا يُسْتَدَلُّ لَهُ بِهِ وَقَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ لَا يُكْرَهُ وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَجَمَاعَةً مِنَ السَّلَفِ دُفِنُوا لَيْلًا مِنْ غَيْرِ إِنْكَارٍ وَبِحَدِيثِ الْمَرْأَةِ السَّوْدَاءِ وَالرَّجُلِ الَّذِي كَانَ يَقُمُّ الْمَسْجِدَ فَتُوُفِّيَ بِاللَّيْلِ فَدَفَنُوهُ لَيْلًا وَسَأَلَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ فَقَالُوا تُوُفِّيَ لَيْلًا فَدَفَنَّاهُ فِي اللَّيْلِ فَقَالَ أَلَا آذَنْتُمُونِي قَالُوا كَانَتْ ظُلْمَةٌ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ وَأَجَابُوا عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ النَّهْيَ كَانَ لِتَرْكِ الصَّلَاةِ وَلَمْ يَنْهَ عَنْ مُجَرَّدِ الدَّفْنِ بِاللَّيْلِ وَإِنَّمَا نَهَى لِتَرْكِ الصَّلَاةِ أَوْ لِقِلَّةِ الْمُصَلِّينَ أَوْ عَنْ إِسَاءَةِ الْكَفَنِ أَوْ عَنِ الْمَجْمُوعِ كَمَا سَبَقَ وَأَمَّا الدَّفْنُ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهَا وَالصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ فِيهَا فَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهَا فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ لَا يُكْرَهَانِ إِلَّا أَنْ يَتَعَمَّدَ التَّأْخِيرُ إِلَى ذلك الوقت لغير سبب به قال بن عَبْدِ الْحَكَمِ الْمَالِكِيِّ وَقَالَ مَالِكٌ لَا يُصَلَّى عَلَيْهَا بَعْدَ الْإِسْفَارِ وَالِاصْفِرَارِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ أَوْ تَغِيبَ إِلَّا أَنْ يُخْشَى عَلَيْهَا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ عِنْدَ الطُّلُوعِ وَالْغُرُوبِ وَنِصْفِ النَّهَارِ وَكَرِهَ اللَّيْثُ الصَّلَاةَ عَلَيْهَا فِي جَمِيعِ أَوْقَاتِ النَّهْيِ وَفِي الْحَدِيثِ الْأَمْرُ بِإِحْسَانِ الْكَفَنِ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِإِحْسَانِهِ السَّرَفُ فِيهِ وَالْمُغَالَاةُ وَنَفَاسَتُهُ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ نَظَافَتُهُ وَنَقَاؤُهُ وَكَثَافَتُهُ وَسَتْرُهُ وَتَوَسُّطُهُ وَكَوْنُهُ مِنْ جِنْسِ لِبَاسِهِ فِي الْحَيَاةِ غَالِبًا لَا أَفْخَرَ مِنْهُ وَلَا أَحْقَرَ
........
7/15
وَفِيهِ دَلِيلٌ لِمَنْ يَقُولُ الْقِيرَاطُ الثَّانِي لَا يَحْصُلُ إِلَّا بِفَرَاغِ الدَّفْنِ كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ (حَتَّى تُوضَعَ فِي اللَّحْدِ) وَفِي رِوَايَةٍ بَعْدَهُ حَتَّى تُوضَعَ فِي الْقَبْرِ فِيهِ دَلِيلٌ لِمَنْ يَقُولُ يَحْصُلُ الْقِيرَاطُ الثَّانِي بِمُجَرَّدِ الْوَضْعِ فِي اللَّحْدِ وَإِنْ لَمْ يُلْقَ عَلَيْهِ التُّرَابُ وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ إِلَّا بِالْفَرَاغِ مِنْ إِهَالَةِ التُّرَابِ لِظَاهِرِ الرِّوَايَاتِ الْأُخْرَى حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا تُتَأَوَّلُ هَذِهِ الرِّوَايَةُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ يُوضَعُ فِي اللَّحْدِ وَيُفْرَغُ منه وَيَكُونُ الْمُرَادُ الْإِشَارَةَ إِلَى أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ قبل وصولها القبر
.......
7/22
قَوْلُهُ (صَلَّى عَلَى أَصْحَمَةَ النَّجَاشِيِّ) هُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَإِسْكَانِ الصَّادِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَتَيْ نِ وَهَذَا الَّذِي وَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ هُوَ الصَّوَابُ الْمَعْرُوفُ فِيهِ وَهَكَذَا هُوَ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ وَالْمَغَازِي وَغَيْرِهَا وَوَقَعَ فِي مسند بن أَبِي شَيْبَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ تَسْمِيَتُهُ صَحْمَةُ بِفَتْحِ الصَّادِ وَإِسْكَانِ الْحَاءِ وَقَالَ هَكَذَا قَالَ لَنَا يَزِيدُ وَإِنَّمَا هُوَ صَمْحَةُ يَعْنِي بِتَقْدِيمِ الْمِيمِ عَلَى الْحَاءِ وَهَذَانِ شَاذَّانِ وَالصَّوَابُ أَصْحَمَةُ بالألف قال بن قُتَيْبَةَ وَغَيْرُهُ وَمَعْنَاهُ بِالْعَرَبِيَّة ِ عَطِيَّةُ
.......
23
قَالَ الْعُلَمَاءُ
وَالنَّجَاشِيُّ لَقَبٌ لِكُلِّ مَنْ مَلَكَ الْحَبَشَةَ وَأَمَّا أَصْحَمَةُ فَهُوَ اسْمُ عَلَمٍ لِهَذَا الْمَلِكِ الصَّالِحِ الَّذِي كَانَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال المطرز وبن خَالَوَيْهِ وَآخَرُونَ مِنَ الْأَئِمَّةِ كَلَامًا مُتَدَاخِلًا حَاصِلُهُ أَنَّ كُلَّ مَنْ مَلَكَ الْمُسْلِمِينَ يُقَالُ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ مَلَكَ الْحَبَشَةَ النَّجَاشِيُّ وَمَنْ مَلَكَ الرُّومَ قَيْصَرُ وَمَنْ مَلَكَ الْفَرَسَ كِسْرَى وَمَنْ مَلَكَ التُّرْكَ خاقَانُ وَمَنْ مَلَكَ الْقِبْطَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ مَلَكَ مِصْرَ الْعَزِيزُ وَمَنْ مَلَكَ الْيَمَنَ تُبَّعُ وَمَنْ مَلَكَ حِمْيَرَ الْقَيْلُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَقِيلَ الْقَيْلُ أَقَلُّ دَرَجَةً مِنَ المَلِكِ
......
24
قَالَ الْقَاضِي اخْتَلَفَ الآثار في ذلك فجاء في رواية بن أَبِي خَيْثَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يكبر أربعا وخسما وَسِتًّا وَسَبْعًا وَثَمَانِيًا حَتَّى مَاتَ النَّجَاشِيُّ فَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا وَثَبَتَ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى تُوُفِّيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَاخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ فِي ذَلِكَ مِنْ ثَلَاثِ تَكْبِيرَاتٍ إِلَى تِسْعٍ وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ سِتًّا وَعَلَى سائر الصحابة خمسا وعلى غيرهم أربعا قال بن عَبْدِ الْبَرِّ وَانْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى أربع
....
34
نَصَّ الشَّافِعِيُّ وَجَمِيعُ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ عَلَى كَرَاهَةِ وَضْعِ قَطِيفَةٍ أَوْ مِضْرَبَةٍ أَوْ مِخَدَّةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ تَحْتَ الْمَيِّتِ فِي الْقَبْرِ وَشَذَّ عَنْهُمُ الْبَغَوِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا فَقَالَ فِي كِتَابهِ التَّهْذِيبِ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَالصَّوَابُ كَرَاهَتُهُ كَمَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ وَأَجَابُوا عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِأَنَّ شُقْرَانَ انْفَرَدَ بِفِعْلِ ذَلِكَ لَمْ يُوَافِقْهُ غَيْرُهُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَلَا عَلِمُوا ذَلِكَ وَإِنَّمَا فَعَلَهُ شُقْرَانُ لِمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ مِنْ كَرَاهَتِهِ أَنْ يَلْبَسَهَا أَحَدٌ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَلْبَسُهَا وَيَفْتَرِشُهَا فَلَمْ تَطِبْ نَفْسُ شُقْرَانَ أَنْ يَسْتَبْدِلَهَا أَحَدٌ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ فروى البيهقي عن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُجْعَلَ تَحْتَ الْمَيِّتِ ثَوْبٌ فِي قَبْرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.......
7/35
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ذَكَرَ مُسْلِمٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تَكْفِينَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِقْبَارَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ غُسْلَهُ وَالصَّلَاةَ عَلَيْهِ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ غُسِّلَ وَاخْتُلِفَ هَلْ صُلِّيَ عَلَيْهِ فَقِيلَ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ أَحَدٌ أَصْلًا وَإِنَّمَا كَانَ النَّاسُ يَدْخُلُونَ أَرْسَالًا يَدْعُونَ وَيَنْصَرِفُونَ وَاخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ فِي عِلَّةِ ذَلِكَ فَقِيلَ لِفَضِيلَتِهِ فَهُوَ غَنِيٌّ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَهَذَا يَنْكَسِرُ بِغُسْلِهِ وَقِيلَ بَلْ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ إِمَامٌ وَهَذَا غَلَطٌ فَإِنَّ إِمَامَةَ الْفَرَائِضِ لَمْ تَتَعَطَّلْ وَلِأَنَّ بَيْعَةَ أَبِي بَكْرٍ كَانَتْ قَبْلَ دَفْنِهِ وَكَانَ إِمَامَ النَّاسِ قَبْلَ الدَّفْنِ وَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُمْ صَلَّوْا عَلَيْهِ فُرَادًى فَكَانَ يَدْخُلُ فَوْجٌ يُصَلُّونَ فُرَادًى ثُمَّ يَخْرُجُونَ ثُمَّ يَدْخُلُ فَوْجٌ آخَرُ فَيُصَلُّونَ كَذَلِكَ ثُمَّ دَخَلَتِ النِّسَاءُ بَعْدَ الرِّجَالِ ثُمَّ الصِّبْيَانُ وَإِنَّمَا أَخَّرُوا دَفْنَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ إِلَى لَيْلَةِ الْأَرْبِعَاءِ أَوَاخِرَ نَهَارِ الثُّلَاثَاءِ لِلِاشْتِغَالِ بِأَمْرِ الْبَيْعَةِ لِيَكُونَ لَهُمْ إِمَامٌ يَرْجِعُونَ إِلَى قَوْلِهِ إِنِ اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ تَجْهِيزِهِ وَدَفْنِهِ وَيَنْقَادُونَ لِأَمْرِهِ لِئَلَّا يُؤَدِّي إِلَى النِّزَاعِ وَاخْتِلَافِ الْكَلِمَةِ وَكَانَ هَذَا أَهَمَّ الْأُمُورِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
......
36
أَنَّ السُّنَّةَ أَنَّ الْقَبْرَ لَا يُرْفَعُ عَلَى الْأَرْضِ رَفْعًا كَثِيرًا وَلَا يُسَنَّمُ بَلْ يُرْفَعُ نَحْوَ شِبْرٍ وَيُسَطَّحُ وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُ وَنَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْأَفْضَلَ عِنْدَهُمْ تَسْنِيمُهَا وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ
.......
39
قَالَ الْعُلَمَاءُ بَنُو بَيْضَاءَ ثَلَاثَةُ إِخْوَةٍ سَهْلٌ وَسُهَيْلٌ وَصَفْوَانُ وَأُمُّهُمُ الْبَيْضَاءُ اسْمُهَا دَعْدُ وَالْبَيْضَاءُ وَصْفٌ وَأَبُوهُمْ وَهْبُ بْنُ رَبِيعَةَ الْقُرَشِيُّ الْفِهْرِيُّ وَكَانَ سُهَيْلٌ قَدِيمَ الْإِسْلَامِ
هَاجَرَ إِلَى الْحَبَشَةِ ثُمَّ عَادَ إِلَى مَكَّةَ ثُمَّ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَشَهِدَ بَدْرًا وَغَيْرَهَا تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
.....
40
دَلِيلٌ لِلشَّافِعِيِّ وَالْأَكْثَرِين َ فِي جَوَازِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ فِي الْمَسْجِدِ وممن قال به أحمد واسحاق قال بن عَبْدِ الْبَرِّ وَرَوَاهُ الْمَدَنِيُّونَ فِي الْمُوَطَأِ عَنْ مالك وبه قال بن حبيب المالكى وقال بن أَبِي ذِئْبٍ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ عَلَى الْمَشْهُورِ عَنْهُ لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ بِحَدِيثٍ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَدَلِيلُ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ حَدِيثُ سُهَيْلِ بْنِ بَيْضَاءَ وَأَجَابُوا عَنْ حَدِيثِ سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ بِأَجْوِبَةٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ ضَعِيفٌ لَا يَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ بِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ هَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ تَفَرَّدَ بِهِ صَالِحٌ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالثَّانِي أَنَّ الَّذِي فِي النُّسَخِ الْمَشْهُورَةِ الْمُحَقَّقَةِ الْمَسْمُوعَةِ مِنْ سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَمَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ حِينَئِذٍ فِيهِ الثَّالِثُ أَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ الْحَدِيثُ وَثَبَتَ أَنَّهُ قَالَ فَلَا شَيْءَ لَوَجَبَ تَأْوِيلُهُ عَلَى فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِيُجْمَعَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْن ِ وَبَيْنَ هَذَا الْحَدِيثِ وَحَدِيثِ سُهَيْلِ بْنِ بَيْضَاءَ وَقَدْ جَاءَ لَهُ بِمَعْنَى عليه كقوله تعالى وان أسأتم فلها الرَّابِعُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى نَقْصِ الْأَجْرِ فِي حَقِّ مَنْ صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ وَرَجَعَ وَلَمْ يشيعها الىالمقبرة لِمَا فَاتَهُ مِنْ تَشْيِيعِهِ إِلَى الْمَقْبَرَةِ وَحُضُورِ دَفْنِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.....
41
(وَحَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ومحمد بن رافع قالا حدثنا بن أبي فديك أخبرنا الضحاك يعنى بن عُثْمَانَ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ) هَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا اسْتَدْرَكَهُ الدَّارَقُطْنِي ُّ عَلَى مُسْلِمٍ وَقَالَ خَالَفَ الضَّحَّاكَ حَافِظَانِ مَالِكٌ وَالْمَاجِشُونُ فَرَوَاهُ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ عَائِشَةَ مُرْسَلًا وَقِيلَ عَنِ الضَّحَّاكِ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَلَا يَصِحُّ إِلَّا مُرْسَلًا هَذَا كَلَامُ الدَّارَقُطْنِي ِّ وَقَدْ سَبَقَ الْجَوَابُ عَنْ مِثْلِ هَذَا الِاسْتِدْرَاكِ فِي الْفُصُولِ السَّابِقَةِ فِي مُقَدِّمَةِ هَذَا الشَّرْحِ فِي مَوَاضِعَ مِنْهُ وَهُوَ أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ الَّتِي زَادَهَا الضَّحَّاكُ زِيَادَةُ
ثِقَةٍ وَهِيَ مَقْبُولَةٌ لِأَنَّهُ حَفِظَ مَا نَسِيَهُ غَيْرُهُ فَلَا تَقْدَحُ فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.........
42
أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَكَذَا رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ النَّسَائِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ الْجُرْجَانِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ النَّيْسَابُورِ يُّ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجُرْجَانِيُّ كُلُّهُمْ عَنْ يُوسُفَ بْنِ سعيد المصيصى حدثنا حجاج عن بن جريج أخبرني عبد الله بن أبي ملكية وَقَالَ الدَّارَقُطْنِي ُّ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْغَسَّانِيُّ الْجَيَّانِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ أَحَدُ الْأَحَادِيثِ الْمَقْطُوعَةِ فِي مُسْلِمٍ قَالَ وَهُوَ أَيْضًا مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي وَهِمَ فِي رُوَاتِهَا وَقَدْ رَوَاهُ عبد الرزاق في مصنفه عن بن جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ قَالَ الْقَاضِي قَوْلُهُ إِنَّ هَذَا مَقْطُوعٌ لَا يُوَافَقُ عَلَيْهِ بَلْ هُوَ مُسْنَدٌ وَإِنَّمَا لَمْ يُسَمِّ رُوَاتَهُ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْمَجْهُولِ لَا مِنْ بَابِ الْمُنْقَطِعِ إِذِ الْمُنْقَطِعُ مَا سَقَطَ مِنْ رُوَاتِهِ رَاوٍ قبل التابعى قال القاضي ووقع في سنده إِشْكَالٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ قَوْلَ مُسْلِمٍ وَحَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ حَجَّاجًا الْأَعْوَرَ وَاللَّفْظُ لَهُ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ يُوهِمُ أَنَّ حَجَّاجًا الْأَعْوَرَ حَدَّثَ بِهِ عَنْ آخَرَ يُقَالُ لَهُ حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَلَيْسَ كَذَا بَلْ حَجَّاجٌ الْأَعْوَرُ هُوَ حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ
.......
45
دَلِيلٌ لِمَنْ جَوَّزَ لِلنِّسَاءِ زِيَارَةَ الْقُبُورِ وَفِيهَا خِلَافٌ لِلْعُلَمَاءِ وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ لِأَصْحَابِنَا أَحَدُهَا تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِنَّ لِحَدِيثِ لَعَنِ اللَّهُ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ وَالثَّانِي يُكْرَهُ وَالثَّالِثُ يُبَاحُ وَيُسْتَدَلُّ لَهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَبِحَدِيثِ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا وَيُجَابُ عَنْ هَذَا بِأَنَّ نَهَيْتُكُمْ ضَمِيرُ ذُكُورٍ فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ النِّسَاءُ عَلَى الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ الْمُخْتَارِ فِي الْأُصُولِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لِأُمِّي فَلَمْ يَأْذَنْ لِي وَاسْتَأْذَنْتُ هُ أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأَذِنَ لِي) فِيهِ جَوَازُ زِيَارَةِ الْمُشْرِكِينَ فِي الْحَيَاةِ وَقُبُورِهِمْ بَعْدَ الْوَفَاةِ لِأَنَّهُ إِذَا جَازَتْ زِيَارَتُهُمْ بَعْدَ الْوَفَاةِ فَفِي الْحَيَاةِ أَوْلَى وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وصاحبهما في الدنيا معروفا وَفِيهِ النَّهْيُ عَنِ الِاسْتِغْفَارِ لِلْكُفَّارِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ سَبَبُ زِيَارَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْرَهَا أَنَّهُ قَصَدَ قُوَّةَ الْمَوْعِظَةِ وَالذِّكْرَى بِمُشَاهَدَةِ قَبْرِهَا وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ فَزُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرِكُمُ الْمَوْتَ
.........
48
قَالَ الْقَاضِي مَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً الصَّلَاةُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَمَحْدُودٍ وَمَرْجُومٍ وَقَاتِلِ نَفْسِهِ وولد الزنى وَعَنْ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْإِمَامَ يَجْتَنِبُ الصَّلَاةَ عَلَى مَقْتُولٍ فِي حَدٍّ وَأَنَّ أَهْلَ الْفَضْلِ لَا يُصَلُّونَ عَلَى الْفُسَّاقِ زَجْرًا لَهُمْ وَعَنِ الزُّهْرِيِّ لَا يُصَلَّى عَلَى
<<
مرجوم ويصلى على المقتول في قصاص وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يُصَلَّى عَلَى مُحَارِبٍ وَلَا عَلَى قَتِيلِ الْفِئَةِ الْبَاغِيَةِ وَقَالَ قَتَادَةُ لا يصلى على ولد الزنى وَعَنِ الْحَسَنِ لَا يُصَلَّى عَلَى النُّفَسَاءِ تَمُوتُ مِنْ زِنًا وَلَا عَلَى وَلَدِهَا وَمَنَعَ بَعْضُ السَّلَفِ الصَّلَاةَ عَلَى الطِّفْلِ الصَّغِيرِ وَاخْتَلَفُوا فِي الصَّلَاةِ عَلَى السِّقْطِ فَقَالَ بِهَا فُقَهَاءُ الْمُحَدِّثِينَ وَبَعْضُ السَّلَفِ إِذَا مَضَى عَلَيْهِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَمَنَعَهَا جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ حَتَّى يَسْتَهِلَّ وَتُعْرَفَ حَيَاتُهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ وَأَمَّا الشَّهِيدُ الْمَقْتُولُ فِي حَرْبِ الْكُفَّارِ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ لَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَعَنِ الْحَسَنِ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.....
-
رد: فوائد وفرائد " المنهاج شرح صحيح مسلم ابن الحجاج " للإمام النووي رحمه الله !!!
السبت
26/ ذو القعدة / 1443 هجري
25/ 6/ 2022 ميلادي
كتاب الزكاة
( 7/55
وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَأَئِمَّةُ أَهْلِ اللُّغَةِ عَلَى أَنَّ الْأُوقِيَّةَ الشَّرْعِيَّةَ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا وَهِيَ أُوقِيَّةُ الْحِجَازِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَلَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ الْأُوقِيَّةُ وَالدَّرَاهِمُ مَجْهُولَةً فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُوجِبُ الزَّكَاةَ فِي أَعْدَادٍ مِنْهَا وَيَقَعُ بِهَا الْبِيَاعَاتُ وَالْأَنْكِحَةُ كَمَا ثَبَتَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ قَالَ وَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الدَّرَاهِمَ لَمْ تَكُنْ مَعْلُومَةً إِلَى زَمَانِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَأَنَّهُ جَمَعَهَا بِرَأْيِ الْعُلَمَاءِ وَجَعَلَ كُلَّ عَشَرَةٍ وَزْنَ سَبْعَةِ مَثَاقِيلَ وَوَزْنُ الدِّرْهَمِ سِتَّةُ دَوَانِيقَ قَوْلٌ بَاطِلٌ وَإِنَّمَا مَعْنَى مَا نُقِلَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْهَا شَيْءٌ مِنْ ضَرْبِ الْإِسْلَامِ وَعَلَى صِفَةٍ لَا تَخْتَلِفُ بَلْ كَانَتْ مَجْمُوعَاتٍ مِنْ ضَرْبِ فَارِسَ وَالرُّومِ وَصِغَارًا وَكِبَارًا وَقِطَعَ فِضَّةٍ غَيْرَ مَضْرُوبَةٍ وَلَا مَنْقُوشَةٍ وَيَمَنِيَّةٍ وَمَغْرِبِيَّةٍ فَرَأَوْا صَرْفَهَا إِلَى ضَرْبِ الْإِسْلَامِ وَنَقْشِهِ وَتَصْيِيرَهَا وَزْنًا وَاحِدًا لَا يَخْتَلِفُ وَأَعْيَانًا لِيُسْتَغْنَى فِيهَا عَنِ الْمَوَازِينِ فَجَمَعُوا أَكْبَرَهَا وَأَصْغَرَهَا وَضَرَبُوهُ عَلَى وَزْنِهِمْ قَالَ الْقَاضِي وَلَا شَكَّ أَنَّ الدَّرَاهِمَ كَانَتْ حِينَئِذٍ مَعْلُومَةً وَإِلَّا فَكَيْفَ كَانَتْ تُعَلَّقُ بِهَا حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى فِي الزَّكَاةِ وَغَيْرِهَا وَحُقُوقُ الْعِبَادِ وَلِهَذَا كَانَتِ الْأُوقِيَّةُ مَعْلُومَةً هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي
......
54
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي أَنَّهُ هَلْ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي كُلِّ مَا أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ مِنَ الثِّمَارِ وَالزُّرُوعِ وَالرَّيَاحِينِ وَغَيْرِهَا إِلَّا الْحَشِيشَ وَالْحَطَبَ وَنَحْوَهُمَا أَمْ يَخْتَصُّ فَعَمَّمَ أَبُو حَنِيفَةَ وَخَصَّصَ الْجُمْهُورُ عَلَى اخْتِلَافٍ لَهُمْ فِيمَا يَخْتَصُّ بِهِ
.....
61
قَوْلُهُ (مِنَ الْمُسْلِمِينَ) قَالَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ هَذِهِ اللَّفْظَةُ انْفَرَدَ بِهَا مَالِكٌ دُونَ سَائِرِ أَصْحَابِ نَافِعٍ وَلَيْسَ كَمَا قَالُوا وَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهَا مَالِكٌ بَلْ وَافَقَهُ فِيهَا ثِقَتَانِ وَهُمَا الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ وَعُمَرُ بْنُ نَافِعٍ فَالضَّحَّاكُ ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ وَأَمَّا عُمَرُ فَفِي الْبُخَارِيِّ قَوْلُهُ عَنْ مُعَاوِيَةَ أَنَّهُ كَلَّمَ النَّاسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ إِنِّي أَرَى أَنَّ مُدَّيْنِ مِنْ سَمْرَاءِ الشَّامِ يَعْدِلُ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ فَأَخَذَ النَّاسُ بِذَلِكَ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَأَمَّا أَنَا فَلَا أَزَالُ أُخْرِجُهُ كَمَا كُنْتُ أُخْرِجُهُ أَبَدًا مَا عِشْتُ فَقَوْلُهُ سَمْرَاءِ الشَّامِ هِيَ الْحِنْطَةُ وَهَذَا الْحَدِيثُ هُوَ الَّذِي يَعْتَمِدُهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُوَافِقُوهُ فِي جَوَازِ نِصْفِ صَاعٍ حِنْطَةٍ وَالْجُمْهُورُ يُجِيبُونَ عَنْهُ بِأَنَّهُ قَوْلُ صَحَابِيٍّ وَقَدْ خَالَفَهُ أَبُو سَعِيدٍ وَغَيْرُهُ مِمَّنْ هُوَ أَطْوَلُ صُحْبَةً وَأَعْلَمُ بِأَحْوَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِذَا اخْتَلَفَتِ الصَّحَابَةُ لَمْ يَكُنْ قَوْلُ بَعْضِهِمْ بِأَوْلَى مِنْ بَعْضٍ فَنَرْجِعُ إِلَى دَلِيلٍ آخَرَ وَجَدْنَا ظَاهِرَ الْأَحَادِيثِ وَالْقِيَاسَ مُتَّفِقًا عَلَى اشْتِرَاطِ الصَّاعِ مِنَ الْحِنْطَةِ كَغَيْرِهَا فَوَجَبَ اعْتِمَادُهُ وَقَدْ صَرَّحَ مُعَاوِيَةُ بِأَنَّهُ رَأْيٌ رَآهُ لَا أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَوْ كَانَ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ حَاضِرِي مَجْلِسِهِ مَعَ كَثْرَتِهِمْ فِي تِلْكَ اللَّحْظَةِ عِلْمٌ فِي مُوَافَقَةِ مُعَاوِيَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَذَكَرَهُ كَمَا جَرَى
......
7/77
وَفِي جَهَنَّمَ مَذْهَبَانِ لِأَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ اسْمٌ عَجَمِيٌّ فَلَا يَنْصَرِفُ لِلْعُجْمَةِ وَالْعِلْمِيَّة ِ قَالَ الْوَاحِدِيُّ
قَالَ يُونُسُ وَأَكْثَرُ النَّحْوِيِّينَ هِيَ أَعْجَمِيَّةٌ لَا تَنْصَرِفُ لِلتَّعْرِيفِ وَالْعُجْمَةِ وَقَالَ آخَرُونَ هُوَ اسْمٌ عَرَبِيٌّ سُمِّيَتْ بِهِ لِبُعْدِ قَعْرِهَا وَلَمْ يَنْصَرِفْ لِلْعِلْمِيَّةِ وَالتَّأْنِيثِ قَالَ قُطْرُبٌ عَنْ رُؤْبَةُ يُقَالُ بِئْرٌ جَهَنَّامٌ أَيْ بَعِيدَةُ الْقَعْرِ وَقَالَ الْوَاحِدِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ هِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنَ الْجُهُومَةِ وَهِيَ الْغِلَظُ يُقَالُ جهم الْوَجْهِ أَيْ غَلِيظُهُ وَسُمِّيَتْ جَهَنَّمُ لِغِلَظِ أَمْرِهَا فِي الْعَذَابِ
.....
-
رد: فوائد وفرائد " المنهاج شرح صحيح مسلم ابن الحجاج " للإمام النووي رحمه الله !!!
اليوم / الاثنين
الموافق : 19/ ذو الحجة / 1443 هجري
الموافق : 18/ يوليو / 2022 ميلادي
7/85
وَكَانَ أَحَبَّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءُ) اخْتَلَفُوا فِي ضَبْطِ هَذِهِ اللَّفْظَةِ عَلَى أَوْجُهٍ قَالَ الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّهُ رُوِّينَا هَذِهِ اللَّفْظَةُ عَنْ شُيُوخِنَا بِفَتْحِ الرَّاءِ وَضَمِّهَا مَعَ كَسْرِ الْبَاءِ وَبِفَتْحِ الْبَاءِ وَالرَّاءِ قَالَ الْبَاجِيُّ قَرَأْتُ هَذِهِ اللَّفْظَةَ عَلَى أَبِي ذَرٍّ الْبَرَوِيِّ بِفَتْحِ الرَّاءِ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَالَ وَعَلَيْهِ أَدْرَكْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ وَالْحِفْظِ بِالْمَشْرِقِ وَقَالَ لِي الصُّورِيُّ هِيَ بِالْفَتْحِ وَاتَّفَقَا عَلَى أَنَّ مَنْ رَفَعَ الرَّاءَ وَأَلْزَمَهَا حُكْمَ الْإِعْرَابِ فَقَدْ أَخْطَأَ قَالَ وَبِالرَّفْعِ قَرَأْنَاهُ عَلَى شُيُوخِنَا بِالْأَنْدَلُسِ وَهَذَا الْمَوْضِعُ يُعْرَفُ بِقَصْرِ بَنِي جَدِيلَةَ قِبْلِي الْمَسْجِدِ وَذَكَرَ مُسْلِمٌ رِوَايَةَ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ هَذَا الْحَرْفَ بَرِيحَاءَ بِفَتْحِ الْبَاءِ وكسر الراء وكذا سمعناه من أبي بحر عن العذرى والسمرقندى وكان عند بن سَعِيدٍ عَنِ الْبَحْرِيِّ مِنْ رِوَايَةِ حَمَّادٍ بِيرَحَاءَ بِكَسْرِ الْبَاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَضَبَطَهُ الْحُمَيْدِيُّ مِنْ رِوَايَةِ حَمَّادٍ بَيْرَحَاءَ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَالرَّاءِ وَوَقَعَ فِي كِتَابِ أَبِي دَاوُدَ جَعَلْتُ أَرْضِي بَارِيحَا لِلَّهِ وَأَكْثَرُ رِوَايَاتِهِمْ فِي هَذَا الْحَرْفِ بِالْقَصْرِ وَرُوِّينَاهُ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِنَا بِالْوَجْهَيْنِ وَبِالْمَدِّ وَجَدْتُهُ بِخَطِّ الْأَصِيلِيِّ وَهُوَ حَائِطٌ يُسَمَّى بِهَذَا الِاسْمِ وَلَيْسَ اسْمَ بِئْرٍ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.....
88
(عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ قَدِمَتَ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ رَاهِبَةٌ أَوْ رَاغِبَةٌ) وَفِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ رَاغِبَةٌ بِلَا شَكٍّ وَفِيهَا وَهِيَ مُشْرِكَةٌ فَقُلْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفَأَصِلُ أُمِّي قَالَ نَعَمْ صِلِي أُمَّكِ قَالَ الْقَاضِي الصَّحِيحُ رَاغِبَةٌ بِلَا شَكٍّ
وَأُمُّ أَسْمَاءَ اسْمُهَا قَيْلَةُ وَقِيلَ قَتِيلَةُ بِالْقَافِ وَتَاءِ مُثَنَّاةٍ من فوق وهي قَيْلَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْعُزَّى الْقُرَشِيَّةُ الْعَامِرِيَّةُ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي أَنَّهَا أَسْلَمَتْ أَمْ مَاتَتْ عَلَى كفرها والأكثرون على موتها مشركة
.......
90
نَّ الصَّدَقَةَ عَنِ الْمَيِّتِ تَنْفَعُ الْمَيِّتَ وَيَصِلُهُ ثَوَابُهَا وَهُوَ كَذَلِكَ بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ وَكَذَا أَجْمَعُوا عَلَى وُصُولِ الدُّعَاءِ وَقَضَاءِ الدِّينِ بِالنُّصُوصِ الْوَارِدَةِ فِي الْجَمِيعِ وَيَصِحُّ الْحَجُّ عَنِ الْمَيِّتِ إِذَا كَانَ حَجَّ الْإِسْلَامِ وَكَذَا إِذَا وَصَّى بِحَجِّ التَّطَوُّعِ عَلَى الأصح عندنا واختلف العلماء في الصوم إِذَا مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ فَالرَّاجِحُ جَوَازُهُ عَنْهُ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِيهِ وَالْمَشْهُورُ فِي مَذْهَبِنَا أَنَّ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ لَا يَصِلُهُ ثَوَابُهَا وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا يَصِلُهُ ثَوَابُهَا وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَمَّا الصَّلَاةُ وَسَائِرُ الطَّاعَاتِ فَلَا تَصِلُهُ عِنْدَنَا وَلَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَقَالَ أَحْمَدُ يَصِلُهُ ثَوَابُ الْجَمِيعِ كَالْحَجِّ
<<
92
قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ إِنَّ ثَوَابَ الْفَرْضِ يَزِيدُ عَلَى ثَوَابِ النَّافِلَةِ بِسَبْعِينَ دَرَجَةً وَاسْتَأْنَسُوا فِيهِ بِحَدِيثٍ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ) هُوَ بِضَمِّ الْبَاءِ وَيُطْلَقُ عَلَى الْجِمَاعِ وَيُطْلَقُ عَلَى الْفَرْجِ نَفْسِهِ وَكِلَاهُمَا تَصِحُّ إِرَادَتُهُ هُنَا وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُبَاحَاتِ تَصِيرُ طَاعَاتٍ بِالنِّيَّاتِ الصَّادِقَاتِ فَالْجِمَاعُ يَكُونُ عِبَادَةً إِذَا نَوَى بِهِ قَضَاءَ حَقِّ الزَّوْجَةِ وَمُعَاشَرَتَهَ ا بِالْمَعْرُوفِ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ أَوْ طَلَبَ وَلَدٍ صَالِحٍ أَوْ إِعْفَافَ نَفْسِهِ أَوْ إِعْفَافَ الزَّوْجَةِ وَمَنْعَهُمَا جَمِيعًا مِنَ النَّظَرِ إِلَى حَرَامٍ أَوَ الْفِكْرِ فِيهِ أَوِ الْهَمِّ بِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَقَاصِدِ الصَّالِحَةِ
.....
93
(قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَأْتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ قَالَ أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ) فِيهِ جَوَازُ الْقِيَاسِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً وَلَمْ يُخَالِفْ فِيهِ إِلَّا أَهْلُ الظَّاهِرِ وَلَا يُعْتَدُّ بِهِمْ وَأَمَّا الْمَنْقُولُ عَنِ التَّابِعِينَ وَنَحْوِهِمْ مِنْ ذَمِّ الْقِيَاسِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْقِيَاسَ الَّذِي يَعْتَمِدُهُ الْفُقَهَاءُ الْمُجْتَهِدُون َ وَهَذَا الْقِيَاسُ الْمَذْكُورُ فِي الْحَدِيثِ هُوَ مِنْ قِيَاسِ الْعَكْسِ وَاخْتَلَفَ الْأُصُولِيُّون َ فِي الْعَمَلِ بِهِ وَهَذَا الْحَدِيثُ دليل
.....
97
(مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلَانِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا وَيَقُولُ الْآخَرُ اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا) قَالَ الْعُلَمَاءُ هَذَا فِي الْإِنْفَاقِ فِي الطَّاعَاتِ وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَعَلَى الْعِيَالِ وَالضِّيفَانِ وَالصَّدَقَاتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ بِحَيْثُ لَا يُذَمُّ وَلَا يُسَمَّى سَرَفًا وَالْإِمْسَاكُ الْمَذْمُومُ هو الامساك عَنْ هَذَا
............
7/103
(حَتَّى رَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَهَلَّلُ كَأَنَّهُ مُذْهَبَةٌ) فَقَوْلُهُ يَتَهَلَّلُ أَيْ يَسْتَنِيرُ فَرَحًا وَسُرُورًا وَقَوْلُهُ مُذْهَبَةٌ ضَبَطُوهُ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَبِهِ جَزَمَ الْقَاضِي وَالْجُمْهُورُ مُذْهَبَةٌ بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ وَفَتْحِ الْهَاءِ وَبَعْدَهَا بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ وَالثَّانِي وَلَمْ يَذْكُرِ الْحُمَيْدِيُّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ غَيْرَهُ مُدْهُنَةٌ بِدَالٍ مُهْمَلَةٍ وَضَمِّ الْهَاءِ وَبَعْدَهَا نُونٌ وَشَرَحَهُ الْحُمَيْدِيُّ فِي كِتَابِهِ غَرِيبُ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ فَقَالَ هُوَ وَغَيْرُهُ مِمَّنْ فَسَّرَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ إِنْ صَحَّتِ الْمُدْهُنُ الْإِنَاءُ الَّذِي يُدْهَنُ فِيهِ وَهُوَ أَيْضًا اسْمٌ لِلنُّقْرَةِ فِي الْجَبَلِ الَّتِي يُسْتَجْمَعُ فِيهَا مَاءُ الْمَطَرِ فَشَبَّهَ صَفَاءَ وَجْهِهِ الْكَرِيمِ بِصَفَاءِ هَذَا الْمَاءِ وَبِصَفَاءِ الدُّهْنِ وَالْمُدْهُنُ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي الْمَشَارِقِ وَغَيْرُهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ هَذَا تَصْحِيفٌ وَهُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ فِي الرِّوَايَاتِ وَعَلَى هَذَا ذَكَرَ الْقَاضِي وَجْهَيْنِ فِي تَفْسِيرِهِ أَحَدُهُمَا مَعْنَاهُ فِضَّةٌ مُذْهَبَةٌ فَهُوَ أَبْلَغُ فِي حُسْنِ الْوَجْهِ وَإِشْرَاقِهِ وَالثَّانِي شَبَّهَهُ فِي حُسْنِهِ وَنُورِهِ بِالْمُذْهَبَةِ مِنَ الْجُلُودِ وَجَمْعُهَا مَذَاهِبُ وَهِيَ شَيْءٌ كَانَتِ الْعَرَبُ تَصْنَعُهُ مِنْ جُلُودٍ وَتَجْعَلُ فِيهَا خُطُوطًا مُذْهَبَةً يُرَى بَعْضُهَا إِثْرَ بَعْضٍ وَأَمَّا سَبَبُ سُرُورِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفَرَحًا بِمُبَادَرَةِ الْمُسْلِمِينَ إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَبَذْلِ أَمْوَالِهِمْ لِلَّهِ وَامْتِثَالِ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِدَفْعِ حَاجَةِ هَؤُلَاءِ الْمُحْتَاجِينَ وَشَفَقَةِ الْمُسْلِمِينَ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ وَتَعَاوُنِهِمْ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَيَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ إِذَا رَأَى شَيْئًا مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ أَنْ يَفْرَحَ وَيُظْهِرَ سُرُورَهُ وَيَكُونَ فَرَحُهُ
.....
114
مَوْلَى آبِي اللَّحْمِ) هُوَ بِهَمْزَةٍ مَمْدُودَةٍ وَكَسْرِ الْبَاءِ قِيلَ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَأْكُلُ اللَّحْمَ وَقِيلَ لَا يَأْكُلُ مَا ذُبِحَ لِلْأَصْنَامِ وَاسْمُ آبِي اللَّحْمِ عَبْدُ اللَّهِ وَقِيلَ خَلَفٌ وَقِيلَ الْحُوَيْرِثُ الْغِفَارِيُّ وَهُوَ صَحَابِيٌّ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ حُنَيْنٍ
........
120
لظِّلِّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى إِضَافَةُ مِلْكٍ وَكُلُّ ظِلٍّ فَهُوَ لِلَّهِ وَمِلْكِهِ وَخَلْقِهِ وَسُلْطَانِهِ وَالْمُرَادُ هُنَا ظِلُّ الْعَرْشِ كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ مُبَيَّنًا وَالْمُرَادُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِذَا قَامَ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ وَدَنَتْ مِنْهُمُ الشَّمْسُ وَاشْتَدَّ عَلَيْهِمْ حَرُّهَا وَأَخَذَهُمُ الْعَرَقُ وَلَا ظِلَّ هُنَاكَ لِشَيْءٍ إِلَّا لِلْعَرْشِ وَقَدْ يُرَادُ بِهِ هُنَا ظِلُّ الْجَنَّةِ وَهُوَ نَعِيمُهَا وَالْكَوْنُ فِيهَا كَمَا قال تعالى وندخلهم ظلا ظليلا قال القاضي وقال بن دِينَارٍ الْمُرَادُ بِالظِّلِّ هُنَا الْكَرَامَةُ وَالْكَنَفُ وَالْكَفُّ مِنَ الْمَكَارِهِ فِي ذَلِكَ الْمَوْقِفِ قَالَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ ظِلَّ الشَّمْسِ قَالَ الْقَاضِي وَمَا قَالَهُ مَعْلُومٌ فِي اللِّسَانِ يُقَالُ فُلَانٌ فِي ظِلِّ فُلَانٍ أَيْ فِي كَنَفِهِ وَحِمَايَتِهِ قَالَ وَهَذَا أولى الأقوال وَتَكُونُ إِضَافَتُهُ إِلَى الْعَرْشِ لِأَنَّهُ مَكَانُ التَّقْرِيبِ وَالْكَرَامَةِ وَإِلَّا فَالشَّمْسُ وَسَائِرُ الْعَالَمِ تَحْتَ الْعَرْشِ وَفِي ظِلِّهِ
.......
7/122
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ يَمِينُهُ مَا تُنْفِقُ شِمَالُهُ) هَكَذَا وَقَعَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ مُسْلِمٍ فِي بِلَادِنَا وَغَيْرِهَا وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ جَمِيعِ رِوَايَاتِ نُسَخِ مُسْلِمٍ لَا تَعْلَمَ يَمِينُهُ مَا تُنْفِقُ شِمَالُهُ وَالصَّحِيحُ الْمَعْرُوفُ حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ هَكَذَا رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَالْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْأَئِمَّةِ وَهُوَ وَجْهُ الْكَلَامِ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ فِي النَّفَقَةِ فِعْلُهَا بِالْيَمِينِ قَالَ الْقَاضِي وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْوَهَمُ فِيهَا مِنَ النَّاقِلِينَ عَنْ مُسْلِمٍ لَا مِنْ مُسْلِمٍ بِدَلِيلِ إِدْخَالِهِ بَعْدَهُ حَدِيثَ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ
......
123
قَالَ الْخَطَّابِيُّ الشُّحُّ أَعَمُّ مِنَ الْبُخْلِ وَكَأَنَّ الشُّحَّ جِنْسٌ وَالْبُخْلَ نَوْعٌ وَأَكْثَرُ مَا يُقَالُ الْبُخْلُ فِي أَفْرَادِ الْأُمُورِ وَالشُّحُّ عَامٌّ كَالْوَصْفِ اللَّازِمِ وَمَا هُوَ مِنْ قِبَلِ الطَّبْعِ قَالَ فَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ الشُّحَّ غَالِبٌ فِي حَالِ الصِّحَّةِ فَإِذَا شَحَّ فِيهَا وَتَصَدَّقَ كَانَ أَصْدَقَ فِي نِيَّتِهِ وَأَعْظَمَ لِأَجْرِهِ بِخِلَافِ مَنْ أَشْرَفَ عَلَى الْمَوْتِ وَآيَسَ مِنَ الْحَيَاةِ وَرَأَى مَصِيرَ الْمَالِ لِغَيْرِهِ فَإِنَّ صَدَقَتَهُ حِينَئِذٍ نَاقِصَةٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى حَالَةِ الصِّحَّةِ وَالشُّحُّ رَجَاءُ الْبَقَاءِ وَخَوْفُ الْفَقْرِ وَتَأْمُلُ الْغِنَ
........
125
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الصَّدَقَةِ بِجَمِيعِ مَالِهِ فَمَذْهَبُنَا أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ لِمَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ وَلَا لَهُ عِيَالٌ لَا يَصْبِرُونَ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يصبر على الاضاقة وَالْفَقْرِ فَإِنْ لَمْ تَجْتَمِعْ هَذِهِ الشُّرُوطُ فَهُوَ مَكْرُوهٌ قَالَ الْقَاضِي جَوَّزَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَأَئِمَّةُ الْأَمْصَارِ الصَّدَقَةَ بِجَمِيعِ مَالِهِ وَقِيلَ يَرُدُّ جَمِيعَهَا وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقِيلَ يَنْفُذُ فِي الثُّلُثِ هُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ الشَّامِ وَقِيلَ إِنْ زَادَ عَلَى النِّصْفِ رُدَّتِ الزِّيَادَةُ وَهُوَ مَحْكِيٌّ عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَالطَّبَرِيُّ وَمَعَ جَوَازِهِ فَالْمُسْتَحَبّ ُ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ وَأَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى الثُّلُثِ
.....
132
اسْمُ أَبِي إِدْرِيسَ عَابدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَاسْمُ أَبِي مُسْلِمٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثُوَبٍ بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَفَتْحِ الْوَاوِ وبعدها موحدة ويقال بن ثواب بفتح الثاء وتخفيف الواو ويقال بن أثوب ويقال بن عبد الله ويقال بن عوف ويقال بن مُسْلِمٍ وَيُقَالُ اسْمُهُ يَعْقُوبُ بْنُ عَوْفٍ وَهُوَ مَشْهُورٌ بِالزُّهْدِ وَالْكَرَامَاتِ الظَّاهِرَةِ وَالْمَحَاسِنِ الْبَاهِرَةِ أَسْلَمَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَلْقَاهُ الْأَسْوَدُ الْعَنْسِيُّ فِي النَّارِ فَلَمْ يَحْتَرِقْ فَتَرَكَهُ فَجَاءَ مُهَاجِرًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الطَّرِيقِ فَجَاءَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلَقِيَ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ وَعُمَرَ وَغَيْرَهُمَا مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمَعْرُوفُ وَلَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَأَمَّا قَوْلُ السَّمْعَانِيِّ فِي الْأَنْسَابِ إِنَّهُ أَسْلَمَ فِي زَمَنِ مُعَاوِيَةَ فَغَلَطٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ وَأَصْحَابِ التَّوَارِيخِ وَالْمَغَازِي وَالسِّيَرِ وغيرهم والله أعلم
...
7/156
خْلَدُ بْنُ خَالِدٍ الشَّعِيرِيُّ) هُوَ بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ مَنْسُوبٌ إِلَى الشَّعِيرِ الْحَبِّ الْمَعْرُوفِ وَهُوَ مَخْلَدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ أَبُو مُحَمَّدٍ بَغْدَادِيٌّ سَكَنَ طَرَسُوسَ رَوَى عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ هَمَّامٍ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ خَالِدٍ الصَّنْعانِيَّي ْنِ وَسُفْيَانَ رَوَى عَنْهُ مسلم وأبو داود وبن عَوْفٍ الْبَزْدَوِيُّ وَابْنُهُ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عَوْفٍ وَالْمُنْذِرُ بْنُ شَاذَانَ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَهُوَ ثِقَةٌ وَذَكَرَ هَذِهِ الْجُمْلَةَ مِنْ أَحْوَالِهِ الْحَافِظُ عَبْدُ الْغَنِيِّ الْمَقْدِسِيُّ وَذَكَرَهُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي كِتَابِهِ الْمَشْهُورِ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ مُخْتَصَرًا وَذَكَرَهُ الْحَافِظُ أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ طَاهِرِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الْمَقْدِسِيُّ فِي كِتَابِهِ رِجَالُ الصَّحِيحَيْنِ فَقَالَ مَخْلَدُ بْنُ خَالِدٍ الشَّعِيرِيُّ سَمِعَ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ فِي الزَّكَاةِ وَإِنَّمَا ذَكَرْتُ هَذَا كُلَّهُ لِأَنَّ الْقَاضِيَ عِيَاضٌ قَالَ لَمْ أَجِدْ أَحَدًا ذَكَرَ مَخْلَدَ بْنَ خَالِدٍ الشَّعِيرِيَّ فِي رِجَالِ الصَّحِيحِ وَلَا فِي غَيْرِهِمْ قَالَ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْحَاكِمُ وَلَا الْبَاجِيُّ وَلَا الْجَيَّانِيُّ وَمَنْ تَكَلَّمَ عَلَى رِجَالِ الصَّحِيحِ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الْمُؤْتَلِفِ وَالْمُخْتَلِفِ وَلَا مِنْ أَصْحَابِ التَّقْيِيدِ وَلَا ذَكَرُوا مَخْلَدَ بْنَ خَالِدٍ غَيْرَ مَنْسُوبٍ أَصْلًا وَبَسَطَ الْقَاضِي الْكَلَامَ فِي إِنْكَارِ هَذَا الِاسْمِ وَأَنَّهُ لَيْسَ فِي الرُّوَاةِ أَحَدٌ يُسَمَّى مَخْلَدَ بْنَ خَالِدٍ لَا فِي الصَّحِيحِ وَلَا فِي غَيْرِهِ وَضَمَّ إِلَيْهِ كَلَامًا عَجِيبًا وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ مِنَ الْعَجَائِبِ فَمَخْلَدُ بْنُ خَالِدٍ مَشْهُورٌ كَمَا ذَكَرْنَاهُ أولا وبالله
......
7/160
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ الْمَازِرِيُّ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَكْفِيرِ الْخَوَارِجِ قَالَ وَقَدْ كَادَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَكُونُ أَشَدَّ إِشْكَالًا مِنْ سَائِرِ الْمَسَائِلِ وَلَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا الْمَعَالِي وَقَدْ رَغَّبَ إِلَيْهِ الْفَقِيهُ عَبْدُ الْحَقِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فِي الْكَلَامِ عَلَيْهَا فَرَهَّبَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ وَاعْتَذَرَ بِأَنَّ الْغَلَطَ فِيهَا يَصْعُبُ مَوْقِعُهُ لِأَنَّ إِدْخَالَ كَافِرٍ فِي الْمِلَّةِ وَإِخْرَاجَ مُسْلِمٍ مِنْهَا عَظِيمٌ فِي الدِّينِ وَقَدِ اضْطَرَبَ فِيهَا قَوْلُ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِي ِّ وَنَاهِيكَ بِهِ فِي علم الأصول وأشار بن الْبَاقِلَّانِي ِّ إِلَى أَنَّهَا مِنَ الْمُعَوِّصَاتِ لِأَنَّ الْقَوْمَ لم يصرحوا بالكفر وانما قالوا أقوالا لا تُؤَدِّي إِلَيْهِ وَأَنَا أَكْشِفُ لَكَ نُكْتَةَ الْخِلَافِ وَسَبَبَ الْإِشْكَالِ وَذَلِكَ أَنَّ الْمُعْتَزِلِيّ َ مَثَلًا يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَالِمٌ وَلَكِنْ لَا عِلْمَ لَهُ وَحَيٌّ وَلَا حَيَاةَ لَهُ يُوقِعُ الِالْتِبَاسٌ فِي تَكْفِيرِهِ لِأَنَّا عَلِمْنَا مِنْ دَيْنِ الْأُمَّةِ ضَرُورَةً أَنَّ مَنْ قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَيْسَ بِحَيٍّ وَلَا عَالِمَ كَانَ كَافِرًا وَقَامَتِ الْحُجَّةُ عَلَى اسْتِحَالَةِ كَوْنِ الْعَالِمِ لَا عِلْمَ لَهُ فَهَلْ نَقُولُ إِنَّ الْمُعْتَزِلِيّ َ إِذَا نَفَى الْعِلْمَ نَفَى أَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى عَالِمًا وَذَلِكَ كُفْرٌ بِالْإِجْمَاعِ وَلَا يَنْفَعُهُ اعْتِرَافُهُ بِأَنَّهُ عَالِمٌ مَعَ نَفْيِهِ أَصْلَ الْعِلْمِ أَوْ نَقُولُ قَدِ اعْتَرَفَ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَالِمٌ وَإِنْكَارُهُ الْعِلْمَ لَا يُكَفِّرُهُ وَإِنْ كَانَ يُؤَدِّي إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِعَالِمٍ فَهَذَا مَوْضِعُ الْإِشْكَالِ هَذَا كَلَامُ الْمَازِرِيِّ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَجَمَاهِيرِ أَصْحَابهِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْخَوَارِجَ لَا يَكْفُرُونَ وَكَذَلِكَ الْقَدَرِيَّةُ وَجَمَاهِيرُ المعتزلة وسائل أَهْلِ الْأَهْوَاءِ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَقْبَلُ شَهَادَةَ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ إِلَّا الْخَطَّابِيَّة َ وَهُمْ طَائِفَةٌ مِنَ الرَّافِضَةِ يَشْهَدُونَ لِمُوَافِقِيهِم ْ فِي الْمَذْهَبِ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِمْ فَرَدَّ شَهَادَتَهُمْ لِهَذَا لَا لِبِدْعَتِهِمْ والله أعلم
........
176
حْرِيمِ الزَّكَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى آلِهِ وَهُمْ بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمُوَافِقِيهِ أَنَّ آلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُمْ بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ وَبِهِ قَالَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ هُمْ بَنُو هَاشِمٍ خَاصَّةً قَالَ الْقَاضِي وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ هُمْ قُرَيْشٌ كُلُّهَا وَقَالَ أُصْبَغُ الْمَالِكِيُّ هُمْ بَنُو قُصَيٍّ دَلِيلُ الشَّافِعِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَقَسَمَ بَيْنَهُمْ سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى وَأَمَّا صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ فَلِلشَّافِعِيّ ِ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَصَحُّهَا أَنَّهَا تَحْرُمُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَحِلُّ لِآلِهِ وَالثَّانِي تَحْرُمُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ وَالثَّالِثُ تَحِلُّ لَهُ وَلَهُمْ وَأَمَّا مَوَالِي بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ فَهَلْ تَحْرُمُ عَلَيْهِمُ الزَّكَاةُ فِيهِ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا أَصَحُّهُمَا تَحْرُمُ لِلْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ بَعْدَ هَذَا حَدِيثَ أَبِي رَافِعٍ وَالثَّانِي تَحِلُّ وَبِالتَّحْرِيم ِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَسَائِرُ الْكُوفِيِّينَ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وبالاباحة قال مالك وادعى بن بَطَّالٍ الْمَالِكِيُّ أَنَّ الْخِلَافَ إِنَّمَا هُوَ فِي مَوَالِي بَنِي هَاشِمٍ وَأَمَّا مَوَالِي غَيْرِهِمْ فَتُبَاحُ لَهُمْ بِالْإِجْمَاعِ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ بَلِ الْأَصَحُّ عِنْدَ أَصْحَابِنَا تَحْرِيمُهَا عَلَى مَوَالِي بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.......
188
مَذْهَبُ الْبُخَارِيِّ وَالْمُحَقِّقِي نَ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي إِطْلَاقِ رَمَضَانَ بِقَرِينَةٍ وَبِغَيْرِ قَرِينَةٍ وَهَذَا الْمَذْهَبُ هُوَ الصَّوَابُ
وَالْمَذْهَبَان ِ الْأَوَّلَانِ فَاسِدَانِ لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ إِنَّمَا تَثْبُتُ بِنَهْيِ الشَّرْعِ وَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ نَهْيٌ وَقَوْلُهُمْ إِنَّهُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى لَيْسَ بصحيح ولم يصح في شَيْءٌ وَإِنْ كَانَ قَدْ جَاءَ فِيهِ أَثَرٌ ضَعِيفٌ وَأَسْمَاءُ اللَّهِ تَعَالَى تَوْقِيفِيَّةٌ لَا تُطْلَقُ إِلَّا بِدَلِيلٍ صَحِيحٍ وَلَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ اسْمٌ لَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ كَرَاهَةٌ وَهَذَا الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ فِي الْبَابِ صَرِيحٌ فِي الرَّدِّ عَلَى الْمَذْهَبَيْنِ وَلِهَذَا الْحَدِيثِ نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ فِي الصَّحِيحِ فِي إِطْلَاقِ رَمَضَانَ عَلَى الشَّهْرِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الشَّهْرِ وَقَدْ سَبَقَ التَّنْبِيهُ عَلَى كَثِيرٍ مِنْهَا فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ وَغَيْرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.......
انتهى كتاب الزكاة ويليه كتاب " الصيام "
شرح النووي على صحيح مسلم
-
رد: فوائد وفرائد " المنهاج شرح صحيح مسلم ابن الحجاج " للإمام النووي رحمه الله !!!
كتاب الصيام
اليوم : الخميس
الموافق : 21/ يوليو / 2022
الموافق : 22 / ذو الحجة / 1443 هجري
........
كتاب الصيام
7/190
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ) الْمُرَادُ رُؤْيَةُ بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ كُلِّ إِنْسَانٍ بَلْ يَكْفِي جَمِيعَ النَّاسِ رُؤْيَةُ عَدْلَيْنِ وَكَذَا عَدْلٌ عَلَى الْأَصَحِّ هَذَا فِي الصَّوْمِ وَأَمَّا الْفِطْرُ فَلَا يَجُوزُ بِشَهَادَةِ عَدْلٍ وَاحِدٍ عَلَى هلال شَوَّالٍ عِنْدَ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ إِلَّا أَبَا ثَوْرٍ فَجَوَّزَهُ بِعَدْلٍ
.......
7/215
قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ الْقُبْلَةُ فِي الصَّوْمِ لَيْسَتْ مُحَرَّمَةً عَلَى مَنْ لَمْ تُحَرِّكْ شَهْوَتَهُ لَكِنَ الْأَوْلَى لَهُ تَرْكُهَا وَلَا يُقَالُ إِنَّهَا مَكْرُوهَةٌ لَهُ وَإِنَّمَا قَالُوا إِنَّهَا خِلَافُ الْأَوْلَى فِي حَقِّهِ مَعَ ثُبُوتِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْعَلُهَا لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُؤْمَنُ فِي حَقِّهِ مُجَاوَزَةُ حَدِّ الْقُبْلَةِ وَيُخَافُ عَلَى غَيْرِهِ مُجَاوَزَتُهَا كَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ كَانَ أَمْلَكَكُمْ لِإِرْبِهِ وَأَمَّا مَنْ حَرَّكَتْ شَهْوَتَهُ فَهِيَ حَرَامٌ فِي حَقِّهِ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَقِيلَ مَكْرُوهَةٌ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ قَالَ الْقَاضِي قَدْ قَالَ بِإِبَاحَتِهَا لِلصَّائِمِ مُطْلَقًا جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَدَاوُدُ وَكَرِهَهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ مَالِكٌ وَقَالَ بن عَبَّاسٍ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِي ُّ وَالشَّافِعِيُّ تُكْرَهُ لِلشَّابِّ دُونَ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ مالك وروى بن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ إِبَاحَتَهَا فِي صَوْمِ النَّفْلِ دُونَ الْفَرْضِ وَلَا خِلَافَ أَنَّهَا لَا تُبْطِلُ الصَّوْمَ إِلَّا أَنْ يَنْزِلَ الْمَنِيُّ بِالْقُبْلَةِ وَاحْتَجُّوا لَهُ بِالْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ فِي السُّنَنِ وَهُوَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَأَيْتَ لَوْ تَمَضْمَضْتَ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ الْمَضْمَضَةَ مُقَدِّمَةُ الشُّرْبِ وَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّهَا لَا تُفْطِرُ وَكَذَا الْقُبْلَةُ مُقَدِّمَةٌ لِلْجِمَاعِ فَلَا تُفْطِرُ وَحَكَى الْخَطَّابِيُّ وغيره عن بن مَسْعُودٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ مَنْ قَبَّلَ قَضَى يَوْمًا مَكَانَ يَوْمِ الْقُبْلَةِ
..............
225
حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ الْفَضْلِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَوَابُهُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ إِرْشَادٌ إِلَى الْأَفْضَلِ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَغْتَسِلَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلَوْ خَالَفَ جَازَ وَهَذَا مَذْهَبُ أَصْحَابِنَا وَجَوَابُهُمْ عَنِ الْحَدِيثِ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَكُونُ الِاغْتِسَالُ قَبْلَ الْفَجْرِ أَفْضَلَ وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِلَافُهُ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَيَكُونُ فِي حَقِّهِ حِينَئِذٍ أَفْضَلَ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ الْبَيَانَ لِلنَّاسِ وَهُوَ مَأْمُورٌ بِالْبَيَانِ وَهَذَا كَمَا تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ بَيَانًا لِلْجَوَازِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الثَّلَاثَ أَفْضَلُ وَهُوَ الَّذِي وَاظَبَ عَلَيْهِ وَتَظَاهَرَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ وَطَافَ عَلَى الْبَعِيرِ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الطَّوَافَ سَاعِيًا أَفْضَلُ وَهُوَ الَّذِي تَكَرَّرَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ وَالْجَوَابُ الثَّانِي لَعَلَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ أَدْرَكَهُ الْفَجْرُ مُجَامِعًا فَاسْتَدَامَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ عَالِمًا فَإِنَّهُ يفطر ولا صوم له والثالث جواب بن الْمُنْذِرِ فِيمَا رَوَاهُ عَنِ الْبَيْهَقِيِّ أَنَّ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ مَنْسُوخٌ وَأَنَّهُ كَانَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ حِينَ كَانَ الْجِمَاعُ مُحَرَّمًا فِي اللَّيْلِ بَعْدَ النَّوْمِ كَمَا كَانَ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ مُحَرَّمًا ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ وَلَمْ يَعْلَمْهُ أَبُو هُرَيْرَةَ فَكَانَ يُفْتِي بِمَا عَلِمَهُ حَتَّى بَلَغَهُ النَّاسِخُ فرجع إليه قال بن الْمُنْذِرِ هَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.....
222
أَجْمَعَ أَهْلُ هَذِهِ الْأَمْصَارِ عَلَى صِحَّةِ صَوْمِ الْجُنُبِ سَوَاءٌ كَانَ مِنَ احْتِلَامٍ أَوْ جِمَاعٍ وَبِهِ قَالَ جَمَاهِيرُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَحُكِيَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ إِبْطَالُهُ وَكَانَ عَلَيْهِ أَبُو هُرَيْرَةَ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ هُنَا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَقِيلَ لَمْ يَرْجِعْ عَنْهُ وليس بشيء وحكى عن طاوس وعروة والنخعى أن علم بجنابته لم يصح والا فيصح وحكى مثله عن أبي هريرة وَحُكِيَ أَيْضًا عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالنَّخَعِيِّ أَنَّهُ يُجْزِيهِ فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ دُونَ الْفَرْضِ وَحُكِيَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ يَصُومُهُ وَيَقْضِيهِ ثُمَّ ارْتَفَعَ هَذَا الْخِلَافُ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ بَعْدَ هَؤُلَاءِ عَلَى صِحَّتِهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَفِي صِحَّةِ الْإِجْمَاعِ بَعْدَ الْخِلَافِ خِلَافٌ مَشْهُورٌ لِأَهْلِ الْأُصُولِ وَحَدِيثُ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ حُجَّةٌ عَلَى كُلِّ مُخَالِفٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
.......
227
فِي هَذِهِ الرِّوَايَاتِ دَلَالَةٌ لِأَبِي حنيفة ومن يقول يجزئ عِتْقُ كَافِرٍ عَنْ كَفَّارَةِ الْجِمَاعِ وَالظِّهَارِ وَإِنَّمَا يَشْتَرِطُونَ الرَّقَبَةَ الْمُؤْمِنَةَ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ لِأَنَّهَا مَنْصُوصٌ عَلَى وَصْفِهَا بِالْإِيمَانِ فِي الْقُرْآنِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ يُشْتَرَطُ الْإِيمَانُ فِي جَمِيعِ الْكَفَّارَاتِ تَنْزِيلًا لِلْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَالْمَسْأَلَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى ذَلِكَ فَالشَّافِعِيُّ يَحْمِلُ الْمُطْلَقَ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَأَبُو حَنِيفَةَ يُخَالِفُهُ
.........
-
رد: فوائد وفرائد " المنهاج شرح صحيح مسلم ابن الحجاج " للإمام النووي رحمه الله !!!
اليوم : الأربعاء
الموافق : 5/ محرم / 1444 هجري
الموافق : 3/ اغسطس / 2022 ميلادي
" ختم كتاب الصيام من شرح النووي لصحيح مسلم "
.......
المجلد الثامن
كتاب الصيام
(8/ 12
من بن عَبَّاسٍ بِأَنَّ مَذْهَبَهُ أَنَّ عَاشُورَاءَ هُوَ الْيَوْمُ التَّاسِعُ مِنَ الْمُحَرَّمٍ وَيَتَأَوَّلُهُ عَلَى أَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ إِظْمَاءِ الْإِبِلِ فَإِنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّي الْيَوْمَ الْخَامِسَ مِنْ أَيَّامِ الْوِرْدِ رَبْعًا وَكَذَا بَاقِي الْأَيَّامِ عَلَى هَذِهِ النِّسْبَةِ فَيَكُونُ التَّاسِعُ عَشْرًا وَذَهَبَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ إِلَى أَنَّ عَاشُورَاءَ هُوَ الْيَوْمُ الْعَاشِرُ مِنَ الْمُحَرَّمِ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَخَلَائِقُ وَهَذَا ظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ وَمُقْتَضَى اللَّفْظِ وأمَّا تَقْدِيرُ أَخْذِهِ مِنَ الاظماء فبعيد ثم ان حديث بن عَبَّاسٍ الثَّانِي يَرُدُّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ قَالَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصُومُ عَاشُورَاءَ فَذَكَرُوا أَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى تَصُومُهُ فَقَالَ إِنَّهُ فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ يَصُومُ التَّاسِعَ وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الَّذِي كَانَ يَصُومُهُ لَيْسَ هُوَ التَّاسِعُ فَتَعَيَّنَ كَوْنُهُ الْعَاشِرَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَآخَرُونَ يُسْتَحَبُّ صَوْمُ التَّاسِعِ وَالْعَاشِرِ جَمِيعًا لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَامَ الْعَاشِرَ وَنَوَى صِيَامَ التَّاسِعِ
........
(8/14)
وَقَعَ فِي الْبُخَارِيِّ مِنْ رِوَايَةِ مُسَدَّدٍ وَهُوَ مَعْنَى مَا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَإِذَا سَأَلُونَا الطَّعَامَ أَعْطَيْنَاهُمُ اللُّعْبَةَ تُلْهِيهِمْ حَتَّى يُتِمُّوا صَوْمَهُمْ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ تَمْرِينُ الصِّبْيَانِ عَلَى الطَّاعَاتِ وَتَعْوِيدُهُمُ الْعِبَادَاتِ وَلَكِنَّهُمْ لَيْسُوا مُكَلَّفِينَ قَالَ الْقَاضِي وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّهُمْ مَتَى أَطَاقُوا الصَّوْمَ وَجَبَ عَلَيْهِمْ وَهَذَا غَلَطٌ مَرْدُودٌ بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ عَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ وَفِي رِوَايَةٍ يَبْلُغَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
......
8/15
قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ لَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ وَمَنْ بِهِ يُقْتَدَى نَهَى عَنْ صِيَامِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَصِيَامُهُ حَسَنٌ وَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَصُومُهُ وَأَرَاهُ كَانَ يَتَحَرَّاهُ فَهَذَا الَّذِي قَالَهُ هُوَ الَّذِي رَآهُ وَقَدْ رَأَى غَيْرُهُ خِلَافَ مَا رَأَى هُوَ وَالسُّنَّةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى مَا رَآهُ هُوَ وَغَيْرُهُ وَقَدْ ثَبَتَ النَّهْيُ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَيَتَعَيَّنُ الْقَوْلُ بِهِ وَمَالِكٌ مَعْذُورٌ فَإِنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ قَالَ الدَّاوُدِيُّ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ لَمْ يَبْلُغْ مَالِكًا هَذَا الْحَدِيثُ وَلَوْ بَلَغَهُ لَمْ يُخَالِفْهُ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَالْحِكْمَةُ فِي النَّهْيِ عَنْهُ أَنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَوْمُ دُعَاءٍ وَذِكْرٍ وَعِبَادَةٍ مِنَ الْغُسْلِ وَالتَّبْكِيرِ إِلَى الصَّلَاةِ وَانْتِظَارِهَا وَاسْتِمَاعِ الْخُطْبَةِ وَإِكْثَارِ الذِّكْرِ
.....
8/20
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ النَّهْيُ الصَّرِيحُ عَنْ تَخْصِيصِ لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ بِصَلَاةٍ مِنْ بَيْنِ اللَّيَالِي وَيَوْمِهَا بِصَوْمٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَى كَرَاهِيَتِهِ وَاحْتَجَّ بِهِ الْعُلَمَاءُ عَلَى كَرَاهَةِ هَذِهِ الصَّلَاةِ الْمُبْتَدَعَةِ الَّتِي تُسَمَّى الرَّغَائِبُ قَاتَلَ اللَّهُ وَاضِعَهَا وَمُخْتَرِعَهَا فَإِنَّهَا بِدْعَةٌ مُنْكَرَةٌ مِنَ الْبِدَعِ الَّتِي هِيَ ضَلَالَةٌ وَجَهَالَةٌ وَفِيهَا مُنْكَرَاتٌ ظَاهِرَةٌ وَقَدْ صَنَّفَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ مُصَنَّفَاتٍ نَفِيسَةً فِي تَقْبِيحِهَا وَتَضْلِيلِ مُصَلِّيهَا وَمُبْتَدِعِهَا وَدَلَائِلِ قبحها وبطلانها وتضلل فَاعِلِهَا أَكْثَرَ مِنْ أَنْ تُحْصَرَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
......
8/27
أَنَّ مَنْ تَصَدَّقَ بِشَيْءٍ ثُمَّ وَرِثَهُ لَمْ يُكْرَهْ لَهُ أَخْذُهُ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ بِخِلَافِ مَا إِذَا أَرَادَ شِرَاءَهُ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ لِحَدِيثِ فَرَسِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِيهِ دَلَالَةٌ ظَاهِرَةٌ لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ أَنَّ النِّيَابَةَ فِي الْحَجِّ جَائِزَةٌ عَنِ الْمَيِّتِ وَالْعَاجِزِ الْمَأْيُوسِ مِنْ بُرْئِهِ وَاعْتَذَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ مُخَالَفَةِ مَذْهَبِهِمْ لِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ فِي الصَّوْمِ عَنِ الْمَيِّتِ وَالْحَجِّ عَنْهُ بِأَنَّهُ مُضْطَرِبٌ وَهَذَا عُذْرٌ بَاطِلٌ وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ اضْطِرَابٌ وَإِنَّمَا فِيهِ اخْتِلَافٌ جَمَعْنَا بَيْنَهُ كَمَا سَبَقَ وَيَكْفِي فِي صِحَّتِهِ احْتِجَاجُ مُسْلِمٍ بِهِ فِي صَحِيحِهِ وَاللَّهُ أعلم
..........
8/43
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَاقْرَأِ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ ثُمَّ قَالَ فِي كُلِّ عِشْرِينَ ثُمَّ قَالَ فِي كُلِّ سَبْعٍ وَلَا تَزِدْ) هَذَا مِنْ نَحْوِ مَا سَبَقَ مِنَ الْإِرْشَادِ إِلَى الِاقْتِصَادِ فِي الْعِبَادَةِ وَالْإِرْشَادِ إِلَى تَدَبُّرِ الْقُرْآنِ وقد كانت للسلف عادات مختلفة فيما يقرؤون كُلَّ يَوْمٍ بِحَسَبِ أَحْوَالِهِمْ وَأَفْهَامِهِمْ وَوَظَائِفِهِمْ فَكَانَ بَعْضُهُمْ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ وَبَعْضُهُمْ فِي عِشْرِينَ يَوْمًا وَبَعْضُهُمْ فِي عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَبَعْضُهُمْ أَوْ أَكْثَرُهُمْ فِي سَبْعَةٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فِي ثَلَاثَةٍ وَكَثِيرٌ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَبَعْضُهُمْ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ وَبَعْضُهُمْ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ ثَلَاثَ خَتَمَاتٍ وَبَعْضُهُمْ ثَمَانِ خَتَمَاتٍ وَهُوَ
كْثَرُ مَا بَلَغْنَا وَقَدْ أَوْضَحْتُ هَذَا كُلَّهُ مُضَافًا إِلَى فَاعِلِيهِ وَنَاقِلِيهِ فِي كِتَابِ آدَابِ الْقُرَّاءِ مَعَ جُمَلٍ مِنْ نَفَائِسَ تَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يُسْتَكْثَرُ مِنْهُ مَا يُمْكِنُهُ الدَّوَامُ عَلَيْهِ وَلَا يَعْتَادُ إِلَّا مَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ الدَّوَامَ عَلَيْهِ فِي حَالِ نَشَاطِهِ وَغَيْرِهِ هَذَا إِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ وَظَائِفُ عَامَّةٌ أَوْ خَاصَّةٌ يَتَعَطَّلُ بِإِكْثَارِ الْقُرْآنِ عَنْهَا فَإِنْ كَانَتْ لَهُ وَظِيفَةٌ عَامَّةٌ كَوِلَايَةٍ وَتَعْلِيمٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلْيُوَظِّفْ لِنَفْسِهِ قِرَاءَةً يُمْكِنُهُ الْمُحَافَظَةَ عَلَيْهَا مَعَ نَشَاطِهِ وَغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ إِخْلَالٍ بِشَيْءٍ مِنْ كَمَالِ تِلْكَ الْوَظِيفَةِ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا جَاءَ عَنِ السَّلَفِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
......
44
لَى الْأَبِ تَأْدِيبَ وَلَدِهِ وَتَعْلِيمَهُ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ وَظَائِفِ الدِّينِ وَهَذَا التَّعْلِيمُ وَاجِبٌ عَلَى الْأَبِ وَسَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ قَبْلَ بُلُوغِ الصَّبِيِّ وَالصَّبِيَّةِ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَعَلَى الْأُمَّهَاتِ أَيْضًا هَذَا التَّعْلِيمُ إِذَا لَمْ يَكُنْ أَبٌ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّرْبِيَةِ وَلَهُنَّ مَدْخَلٌ فِي ذَلِكَ وَأُجْرَةُ هَذَا التَّعْلِيمِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ لِأَنَّهُ مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
..........
45
أَيَّامُ الْبِيضِ وَهِيَ الثَّالِثَ عَشَرَ وَالرَّابِعَ عَشَرَ وَالْخَامِسَ عَشَرَ وَقَدْ جَاءَ فِيهَا حَدِيثٌ فِي كِتَابِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ هِيَ الثَّانِي عَشَرَ وَالثَّالِثَ عَشَرَ وَالرَّابِعَ عَشَرَ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَلَعَلَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُوَاظِبْ عَلَى ثَلَاثَةٍ مُعَيَّنَةٍ لِئَلَّا يُظَنَّ تَعَيُّنُهَا وَنَبَّهَ بِسُرَّةِ الشَّهْرِ وَبِحَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ فِي أَيَّامِ الْبِيضِ عَلَى فَضِيلَتِهَا