قال الشيخ صالح الفوزان
ودِينُ الرُّسُلِ هو الإِسْلاَمُ، وهو الاسْتِسْلاَمُ للهِ بالتَّوْحِيدِ، والانْقِيادُ له بالطَّاعَةِ، والخُلُوصُ مِن الشِّرْكِ وأَهْلِهِ، هذا هو دِينُ الرُّسُلِ وهذا هو الإِسْلاَمُ.
وأمَّا الانْتِسَابُ إلى الإِسْلاَمِ في الظَّاهِرِ دونَ البَاطِنِ، أو الانْتِسَابُ إليه بالتَّسَمِّي فَقَطْ دونَ الْتِزَامٍ لأَحْكَامِهِ، أو الانْتِسَابُ إِلَيْهِ مَعَ ارْتِكَابِ مَا يُنَاقِضُهُ مِن الشِّرْكِ والوَثَنِيَّاتِ ، أو الانْتِسَابُ إِلَيْهِ دونَ مُوَالاَةٍ لأَِوْلِيائِهِ ومُعَادَاةٍ لأَِعْدَائِهِ، فَلَيْسَ هَذَا هو الإِسْلاَمَ الَّذي جَاءَتْ بِهِ رُسُلُ اللهِ، وإنَّما هو إسْلاَمٌ اصْطِلاَحيٌّ مُصْطَنَعٌ،لاَ يُغْنِي ولاَ يَنْفَعُ عندَ اللهِ -سُبْحَانَه وتَعَالَى-، ولَيْسَ هو دِينَ الرُّسُلِ.
الجَهْلُ بالتَّوْحِيدِ، والجَهْلُ بالشِّرْكِ، هذا هو الَّذي أَوْقَعَ كَثِيرًا مِن النَّاسِ في الضَّلاَلِ، وهو أَنَّهم يَجْهَلُونَ التَّوحِيدَ الصَّحِيحَ ويَجْهَلُونَ الشِّرْكَ، ويُفَسِّرُونَ كُلاًّ مِنْهُما بِغَيْرِ تَفْسِيرِه الصَّحِيحِ، هذا هو الَّذي أَوْقَعَ كَثِيرًا مِن النَّاسِ في الغَلَطِ والكُفْرِ والشِّرْكِ والبِدَعِ والمُحْدَثَاتِ إِلَى غَيْرِ ذلك، وذلك بسَبَبِ عَدَمِ مَعْرِفَةِ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ مِن تَوْحِيدِه وطَاعَتِهِ، ومَا نَهَى عنه مِن الإِشْرَاكِ بِهِ ومَعْصِيَتِهِ، فالعَوَامُّ لاَ يَتَعَلَّمُونَ، وغَالِبُ العُلَمَاءِ مُكِبُّونَ عَلَى عِلْمِ الكَلاَمِ والمَنْطِقِ الَّذي بَنَوْا عَلَيْهِ عَقِيدَتَهُم، وهو لاَ يُحِقُّ حَقًّا ولاَ يُبْطِلُ بَاطِلاً، بل هو كَمَا قَالَ بَعْضُ العُلَمَاءِ: (لاَ يَنْفَعُ العِلْمُ بِهِ، ولاَ يَضُرُّ الجَهْلُ بِهِ).
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف
إِذَا عَرَفْتَ هَذِه الأُمُورَ مَعْرِفَةَ قَلْبٍ
(أَفَادَكَ فَائِدَتَيْنِ) عَظِيمَتَيْنِ.
اقتباس:
قال الشيخ صالح الفوزان
العِلْمُ بِهَذِه الحَقَائِقِ يُفِيدُكَ فَائِدَتَيْنِ: -
الفَائِدَةُ الأُولَى: أَنَّكَ تَفْرَحُ بِفَضْلِ اللهِ، حَيْثُ مَنَّ عَلَيْكَ بِمَعْرِفَةِ الحَقِّ مِن البَاطِلِ، فإِنَّها نِعْمَةٌ عَظِيمَةٌ، حُرِمَ منها الكَثِيرُ مِن الخَلْقِ، قَالَ تَعَالَى: {قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} وفَضْلُ اللهِ هو الإِسْلاَمُ، ورَحْمَتُهُ هي القُرْآنُ {فَلْيَفْرَحُوا} فَرَحَ شُكْرٍ واعْتِرَافٍ بالنِّعْمَةِ، والفَرَحُ بِفَضْلِ اللهِ مَشْرُوعٌ؛ لأَِنَّه شُكْرٌ للهِ -سُبْحَانَه وتَعَالَى- عَلَى نِعْمَةِ التَّوْحِيدِ، ومَعْرِفَةِ الشِّرْكِ، وهذه نِعْمَةٌ إِذَا وُفِّقْتَ لَهَا؛ فإنَّه قَدْ جُمِعَ لَكَ الخَيْرُ كُلُّهُ، والفَرَحُ بالنِّعْمَةِ مَشْرُوعٌ، أَمَّا الفَرَحُ المَنْهِيُّ عنه فهو الفَرَحُ بالدُّنيا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إلاَّ مَتَاعٌ} فالفَرَحُ بالدُّنيا وحُطَامِها مَذْمُومٌ، أَمَّا الفَرَحُ بالدِّينِ والفَرَحُ بالعِلْمِ النَّافِعِ فَهَذَا مَشْرُوعٌ؛ لأَِنَّ اللهَ أَمَرَ بِهِ.
والفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّكَ إِذَا عَرَفْتَ التَّوْحِيدَ الصَّحِيحَ، وعَرَفْتَ الشِّرْكَ القَبِيحَ فَإِنَّ ذَلِكَ يُفِيدُكَ الخَوْفَ أَنْ تَقَعَ فِيمَا وَقَعَ فيه كَثِيرٌ مِن العَالَمِ بالمُخَالَفَةِ لِهَذَا الأَصْلِ، والوُقُوعِ في الشِّرْكِ وأَنْتَ لاَ تَدْرِي، فَلاَ تَأْمَنْ عَلَى نَفْسِكَ مِن الفِتْنَةِ، فَلاَ تَغْتَرَّ بِعَمَلِكَ أو بِفَهْمِكَ، ولكنْ قُلْ: (لاَ حَوْلَ ولاَ قُوَّةَ إلاَّ باللهِ) واسْأَلِ اللهَ الثَّبَاتَ، فإِنَّ إِبْرَاهِيمَ الخَلِيلَ الَّذي أَعْطَاهُ اللهُ مِن العِلْمِ واليَقِينِ مَا لَمْ يُعْطِ غَيْرَه إلاَّ نَبِيَّنَا، يَقُولُ: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ (35) رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ}فإِبْرَاهِيمُ لَمْ يَأْمَنْ عَلَى نَفْسِهِ الفِتْنَةَ مَعَ عِلْمِهِ ويَقِينِهِ، وهو الَّذي كَسَّرَ الأَصْنَامَ بِيَدِهِ، وأُلْقِيَ في النَّارِ بسَبَبِ ذلك، ومَعَ هَذَا يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ مِن الفِتْنَة.
فَلاَ تَغْتَرَّ بِعِلْمِكَ، وتَأْمَنَ عَلَى نَفْسِكَ مِن الفِتْنَةِ، ولكن كُنْ دَائِمًا عَلَى حَذَرٍ مِن الفِتْنَةِ بأَنْ لاَ تَزِلَّ بِكَ القَدَمُ، وتَغْتَرَّ بِشَيْءٍ يَكُونُ سَبَبًا لِهَلاَكِكَ وضَلاَلِكَ، فإِنَّ بَعْضَ المَغْرُورِينَ اليَوْمَ يَقُولُ: إِنَّ النَّاسَ تَجَاوزُوا مَرْحَلَةَ الجَهْلِ والبِدَائِيَّةِ ، وصَارُوا مُثَقَّفِينَ واعِينَ، لاَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَعُودُوا للوثَنِيَّةِ، أو نَحْوًا مِن هذا الكَلاَمِ الفَارِغِ، ولَمْ يَفْطِنْ لعِبَادَةِ الأَضْرِحَةِ الَّتِي تَنْتَشِرُ في كَثِيرٍ مِن البِلاَدِ الإِسْلاَمِيَّة ِ، ولَمْ يَنْظُرْ فِيمَا وَصَلَ إِلَيْهِ كَثِيرٌ مِن النَّاسِ مِن الجَهْلِ بالتَّوْحِيدِ.https://majles.alukah.net/t186447/