-
رد: شرح كتاب العبودية
- ( فالعمل الصالح هو الإحسان وهو فعل الحسنات . و " الحسنات " هي ما أحبه الله ورسوله ) :
فلا يغتر الإنسان بما عليه الناس ، وإن كان يظهر عليهم العلم والفضل ، حتى يرى ما هم عليه هل يوافق السنة أو يخالفها ، فإن كان موافقا للسنة فهو إحسان وعمل صالح ، وأما إن كان مخالفا للسنة فهو ضلال وعمل فاسد ، وإن كان عليه من عليه من الناس . فلا يغتر أحد بالمظاهر ولا يحسن الظن ، مادام معه مقياس يقيس به الصحيح من الفاسد ، والسنة النبوية من البدعة ، والصحيح من السقيم وليس المقياس ما عليه الناس أو الكثرة فقط .
- فما خالف الكتاب والسنة فإنه ضلال ، وإن كان صاحبه يظن أنه حسن ، فالعبرة ليست بالظن ولا بالقصد ، بل العبرة بالمتابعة بصدق .
- هذا دعاء أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فيه شرطا قبول العمل قال : ( اللهم اجعل عملي كله صالحا ) هذا هو المتابعة وترك البدعة فيكون العمل صالحا إذا كان على سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ، ثم قال : ( واجعله لوجهك خالصا ) هذا هو الإخلاص بأن لا يكون فيه شرك .
-
رد: شرح كتاب العبودية
- قوله : ( وكلما ازداد العبد تحقيقا للعبودية ازداد كماله وعلت درجته ):
هذا فيه رد على الصوفية الذين يقولون : إن المخلوق إذا وصل إلى المعرفة وإلى مرتبة المشاهدة ، لم يعد بحاجة إلى العبادة ؛ لأنه كمل .
ونقول : إن العبد بحاجة إلى العبادة دائما ، ولا يستغني عن العبادة أبدا ، ولا يكمل إلا بالعبادة ، فليس هناك حالة لا يحتاج فيها إلى العبادة.
فالعبد بحاجة إلى العبادة دائما وأبدا ، لايستغني عنها في لحظة من اللحظات ، فهو عبد ، ولا يخرج عن العبودية ؛ ولهذا قال الله لنبيه : { واعبد ربك حتى يأتيك اليقين } .
- قوله تعالى : { وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين } ، فمن يستكبر عبادة الله فإن الله توعدهم بجهنم ، يدخلونها صاغرين بسبب أنهم استكبروا عن عبادة الله ، فلا أحد يستكبر عن عبادة الله جل وعلا إلا الأشقياء وأهل النار . ومن استكبر على الله أهانه ومن تواضع له رفعه .
- فقوله تعالى : { إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين } فيه ذم الخروج عن عبادة الله ، فالذي يخرج عن عبادة الله مستكبر ،والذي يعبد الله ويعبد معه غيره مشرك ، وكل من المشرك والمستكبر في نار جهنم .
-
رد: شرح كتاب العبودية
- فكل نبي يقول لقومه أول ما يبدأ : { اعبدوا الله } ، فيبدأ بالتوحيد ، وهكذا أتباع الرسل أول ما يبدؤون بالدعوة إلى التوحيد وإصلاح العقيدة ، ثم بعد ذلك يتوجهون إلى إصلاح بقية أمور الدين ، أما الذي يترك الدعوة إلى التوحيد ويدعو إلى أمور جانبية من أمور الدين فهذا مخالف لدعوة الرسل ، فالجمعيات والدعوات والدعاة الآن الذين لا يهتمون بالتوحيد ، ولا يدعون الناس إلى التوحيد وهم يشاهدون الشرك واقعا في الناس ولا ينكرونه ، هؤلاء مخالفون لدعوة الرسل ، فأول مراتب الدعوة وأول أوليات الدعوة ، الدعوة إلى التوحيد والنهي عن الشرك ..
- لما لعن الله إبليس بسبب تكبره عن أمر الله ، عند ذلك توعد الخبيث ذرية آدم ، بأنه سيهلكهم بالذنوب وبالكفر والمعاصي ، قال : { رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين }، فلا ينجو من الشيطان ومن تسلطه إلا من أخلص العبادة لله عز وجل .
- ( وقال تعالى : { إنه }) أي : الشيطان ، { ليس له سلطان } ، أي : قوة يصرف بها العبد المخلص لله عز وجل ، لأن الله عصمه من ذلك ، فهو ليس له سلطان { على الذين ءامنوا وعلى ربهم يتوكلون إنما سلطانه } ، أي : سلطان الشيطان ، { على الذين يتولونه }، أي : يطيعونه وينقادون له ، { والذين هم به مشركون } في عبادته هؤلاء يتسلط عليهم الشيطان .
- قوله : ( ومثل هذا كثير متعدد في القرآن ) : أي : وصف الله عباده المتقين والأبرار والصالحين بل والأنبياء والصالحين ، وصفهم بالعبودية كثير في القرآن ، وهذا يرد على الصوفية الذين يزعمون أن من الناس من يخرج عن عبودية الله ويستغني عنها .
-
رد: شرح كتاب العبودية
- قوله (ص): (( تعس عبدالدرهم )) أي : الذي يتعلق قلبه بالدرهم ، ويرضى له ويسخط له ، فهذا عبد الدرهم ، فالطمع بالشيء : عبودية لهذا الشيء ، وهي عبودية شرك أصغر ، (( تعس )) يعني : هلك ، دعا عليه النبي (ص) بالتعس وهو الهلاك ، قال تعالى : { والذين كفروا فتعسا لهم وأضل أعمالهم }، أي : هلاكا ، والدرهم من الفضة ، و (( تعس عبد الدينار )) والدينار من الذهب .
- قوله (ص) : (( تعس عبد القطيفة )) نوع من الفراش أي : يتعلق قلبه بطمع الدنيا ، إما بدرهم أو بدينار وإما بقطيفة .
- قوله (ص) : (( تعس عبد الخميصة ))، الخميصة كساء .
- قوله (ص) : (( تعس وانتكس )) كرر النبي (ص) الدعاء على من تعلق قلبه بأطماع الدنيا ، ويرضى لها ويغضب لها ، فالمؤمن لا يتعلق قلبه بحب المال ، فهو يحب المال ولكن لا يتعلق قلبه به بحيث يرضى له ويسخط .
- قوله (ص) : (( وإذا شيك ))، أي : أصابته شوكة ، (( فلا انتقش )) أي : لا يقدر على أخذ الشوكة من رجله ، فهذا دعاء من الرسول (ص) عليه بالعجز .
- قوله (ص) : (( إن أعطي رضي وإن منع سخط )) ، هذا سبب دعاء النبي (ص) عليه : أن سخطه ورضاه من أجل الدنيا ، يحب من أجلها ، ويبغض من أجلها ، ولا يحب من أجل الإيمان ولا يبغض من أجل الكفر والمعاصي .
- قوله : ( فسماه النبي صلى الله عليه وسلم عبد الدرهم وعبد الدينار وعبد القطيفة وعبد الخميصة ) :
فدل على أن العبودية قد تكون للمخلوقات إما عبودية عامة أو عبودية خاصة .
-
رد: شرح كتاب العبودية
- قوله :
العبــد حر ما قنع ... والحر عبد ما طمع
فالقناعة هي الحرية ، والطمع فهو رق ، فإذا طمعت فأنت رقيق لما طمعت به ، وإذا قنعت فإنك تستغني وتكون حرا ولا تتشوف إلى الأطماع ؛ ولهذا يقال : ( القناعة كنز لا ينفذ ) : فالقناعة كنز وهي غنى القلب ، والغنى غنى النفس ..
- ولهذا قال عمر : (( الطمع فقر )) : فلو حاز الدنيا كلها فإنه يظل يريد الزيادة ، وفي الصحيح : ( لو أن لابن آدم واديا من ذهب أحب أن يكون له واديان ولن يملأ فاه إلا التراب ويتوب الله على من تاب ) .
- قوله : ( فإذا طلب رزقه من الله صار عبدا لله ، فقيرا إليه ) : وهذا هو الواجب ، قال تعالى : { فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه } .
- قوله : ( وإن طلبه من مخلوق صار عبدا لذلك المخلوق فقيرا إليه ) :
لأنه يخضع له ويذل له ويلتمس رضاه ، ويخاف من سخطه عليه وغضبه ، ويذل له ويداريه ، وهو عبد مثله .
- وقال (ص) : (( إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله )) ، فإن الله هو الغني الحميد الذي عنده حوائجك ، ولا تسأل غيره ، واستغن بالله عن غيره ، وهذا توجيه لابن عباس ولغيره بأن يوجهوا سؤالهم لله سبحانه .
-
رد: شرح كتاب العبودية
- قوله : ( فكذلك طمع العبد في ربه ورجاؤه له يوجب عبوديته له ) :
أما طمع العبد فيما عند الله ورجاؤه له ورغبته فيما عند الله فتترسخ عقيدته ، لأن العبرة بالحاجة ، فإذا احتاج إلى أحد من الخلق تعلق قلبه به ، أما إذا علق الإنسان قلبه بالله وأنزل حوائجه بالله صار عبدا لله ، وإذا أنزل حوائجه بالمخلوقين صار عبدا لهم ، قال تعالى : { فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين } .
- قوله : ( وإن كان في الظاهر أميرا لهم مدبرا لهم منصرفا بهم ؛ فالعاقل ينظر إلى الحقائق لا إلى الظواهر ) :
فالملك إذا علق أمره بخدمه وعبيده وقوته وجيوشه وجنوده فإنه يكون عبدا لهم وإن كان ملكا في الظاهر .
- قوله : ( فإن أسر القلب أعظم من أسر البدن ) :
لأنه لما تعلق قلبه بها صار أسيرا ، وأسير البدن مكبل بالحديد أو بالحبال ، وأسير القلب مكبل بالحب وهو أشد من الحديد والحبل ؛ فقد يكون الإنسان موثق في بدنه ، ولكن قلبه حر قوي ؛ لأنه متعلق بالله سبحانه وتعالى ، فأسر القلب أشد من أسر البدن .
- قوله : ( فالحرية حرية القلب والعبودية عبودية القلب ) :
هذه هي القاعدة : الحرية حرية القلب ، والأعضاء تبع له ، والعبودية عبودية القلب والأعضاء تبع له ، فالمدار على القلوب .
-
رد: شرح كتاب العبودية
- قوله : [ كما أن الغنى غنى النفس قال النبي (ص): (( ليس الغنى عن كثرة العرض وإنما الغنى غنى النفس )) ].
فربما يكون كثير المال فقير النفس وربما يكون قليل المال غني النفس .
فكثير من الناس عنده الملايين والمليارات والأرصدة الضخمة ، ولكنه فقير القلب لا يجد لذة بأمواله ، ويريد دائما الزيادة ؛ لأن قلبه فقير ، لا يقنع بشيء ، وأما من رزق القناعة وغنى القلب ؛ فهو غني وإن لم يكن عنده إلا القليل من المال .
- قوله : ( فأما من استعبد قلبه صورة محرمة : امرأة أو صبيا ، فهذا هو العذاب الذي لا يدان فيه ) :
إذا تعلق قلبه بامرأة حتى وإن كانت زوجة له فهذا في تعلقه بالمرأة ذليل لها عبد لها .
- قوله : ( وهؤلاء من أعظم الناس عذابا وأقلهم ثوابا ) :
أي : الذين يعشقون الصور يكونون في عذاب دائم .
- والسبب في ذلك : ( فإن العاشق لصورة إذا بقي قلبه متعلقا بها ، مستعبدا لها اجتمع له من أنواع الشر والفساد ما لايحصيه إلا رب العباد ) :
ولذلك أمر الله بغض البصر ، قال الله سبحانه : { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون } ، فمن غض بصره فإن الله يزكي قلبه ويطهره من التعلق بهذه المعشوقات أو هذه المناظر الفاتنة ، فغض البصر ينير القلب ويزكيه ، وأما إطلاق البصر إلى ما حرم الله ؛ فإنه يؤثر في القلب ويعميه ، ويعلقه بما يعشق ، ولا يحصل له ذلك فيبقى في عذاب .
قد استشرى التعلق بالصور في وقتنا من خلال الصور الفاتنة التي تعرض في الجرائد والمجلات ، وأشد من ذلك في الفضائيات والإنترنت وفي شاشات التلفزيونات وفي الندوات والحفلات وفي الاختلاط بين الرجال والنساء متجملات متبرجات في هذه الوسائل وهذه الأمكنة المختلطة وكأنها أمنت الفتنة وذهبت الشهوة من الرجال والنساء ولم تذهب الشهوة ولم تؤمن الفتنة بل اشتدت ولكنها فقدت الغيرة وسرت فينا أخلاق الغرب والكفرة .
- قوله : ( ولو سلم من فعل الفاحشة الكبرى ... ) :
فالعاشق بين أمرين ، إذا تعلق قلبه بامرأة لا تحل له أو بصبي فإنه بين أمرين :
إما أن يقع في الفاحشة الكبرى والعياذ بالله .
وإما أن يبقى قلبه معلقا بهذه الصورة دائما وأبدا فيظل في عذاب ، وهذا أشد ممن وقع في الفاحشة ؛ لأن من وقع في الفاحشة يمكن أن تنتهي رغبته ويتوب إلى الله عز وجل ، ولكن من تعلق قلبه بهذه الصور والمعشوقات ؛ فإنه لا يتوب بل يزيد ذلك في قلبه ، ويؤثر فيه ؛ ولهذا جاء في الحديث : ( النظرة سهم من سهام إبليس مسمومة ) : لأنه يقع السم في قلبه من هذا السهم . ولا يقع في جسمه .
-
رد: شرح كتاب العبودية
- وقوله :
( قالوا جننت بمن تهوى فقلت لهم ... العشق أعظم مما بالمجانين
العشق لا يستفيق الدهر صاحبه ... وإنما يصرع المجنون في حين )
القائل يقول : العشق أشد من الجنون ؛ لأن العاشق لا يفيق الدهر كله ، بل قلبه متعلق بمعشوقه ، أما المجنون فإنه يصرع في بعض الأحيان ويفيق ، ولكن العاشق لا يستفيق أبدا ، فسكره مستمر ، نسأل الله العافية .
- لا علاج لهذا العشق و الغرام واتباع الهوى إلا بالرجوع إلى الله عز وجل ، وتعليق القلب بالله عز وجل ، وحينئذ يشفيه الله - جل وعلا - ويزيل عنه هذا البلاء إذا رجع وتاب إلى الله عز وجل .
فالذي يريد أن يعالج ما أصابه من العشق والهوى اللذين هما خطر عليه في حياته وأخلاقه ؛ لا يعالج هذا إلا بالتوبة والرجوع إلى الله وغض البصر ، والابتعاد عن مواطن الشر والفتنة والنظر في الشاشات الهابطة ، والامتناع عن الذهاب إلى معارض أسواق النساء ومتابعتهن ، فالإنسان يبتعد عن مواطن الفتنة وبذلك ينجو بإذن الله . لا تسلم من الشر إلا إذا تجنبت أسبابه .
ومن أعظم أسباب الفتنة اليوم : اختلاط النساء بالرجال في المكاتب ، والمستشفيات ، والمدارس ، ومواطن الأعمال ، والبيع والشراء والحفلات والندوات واللقاءات ، وهذا من أعظم أسباب الفتنة .
فمن أعظم أسباب الفتنة : اختلاط الرجال والنساء المتبرجات المتزينات بأنواع الزينة ! ، فالفتنة شديدة ؛ ولذلك تشتد غربة الدين في آخر الزمان ويكون القابض على دينه كالقابض على الجمر ، فهذه فتن عظيمة نسأل الله العافية منها ، وقد تلاحق الإنسان وهو في بيته وعلى فراشه بواسطة الفضائيات والشاشات والجوالات التي تعرض الجرائم والشرور على الناس ، وتدخل عليهم في بيوتهم . فالفتنة شديدة ، وغربة الدين شديدة ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ولذلك ضاع كثير من شباب الأمة بل ورجال الأمة ونساؤها .
-
رد: شرح كتاب العبودية
- قوله : ( ولهذا يكون قبل أن يذوق حلاوة العبودية لله والإخلاص له تغلبه نفسه على اتباع هواها ) :
يحصل عنده قبل ذلك ميل إلى الفتن ، ولكنه إذا ذاق حلاوة الإيمان والإخلاص لله ؛ فإنه يستقر قلبه مع الله سبحانه وتعالى ، فلا يلتفت إلى فتنة أو إلى مناظر سوء ، أو إلى لذة عاجلة ، وشهوة حاضرة ، وإنما ينظر إلى المستقبل والعواقب .
- قوله : ( وعبادة القلب لله مقصودة لذاتها . أما اندفاع الشر عنه فهو مقصود لغيره على سبيل التبع ) :
ترك المحرمات والمعاصي والمنكرات هذه وسيلة للغاية ، والغاية هي عبادة الله وحده لا شريك له .
- قوله : ( وبين أن ترك الفواحش من زكاة النفوس ) :
وتركها من قبل العبد ، فهو يزكي نفسه بذلك ، ثم الله - جل وعلا - يوفقه ويزكيه ويمنعه ويطهره من هذه الأمور .
-
رد: شرح كتاب العبودية
- عاد الشيخ رحمه الله إلى سياق كلامه الأول بأن الإنسان يكون رقيقا لرغبته ، وهواه ؛ ولذلك يخضع ويذل لمطامعه ، وإن كانت تضره ، ويخضع أيضا لمن يعينه على مطامعه ويكون رقيقا له حتى ولو كان ملكا أو رئيسا ، فإنه يخضع لخدمه وأعوانه الذين يعينونه على ما يريد ، فهو وإن كان في الظاهر سيدا لهم ، ولكنه رقيق لهم ، يلتمس رضاهم ، ولا يريد أن يبتعدوا عنه ؛ لأنه يستخدمهم لأغراضه وأهوائه ، وهم يتسلطون عليه ويتهددونه بهجره وتركه والبعد عنه إن لم يحقق لهم رغباتهم .
-
رد: شرح كتاب العبودية
- قال صلى الله عليه وسلم : ( أوثق عرى الإيمان الحب في الله ؛ والبغض في الله )( 1 ) العُروة هي ما يتمسك به الإنسان عند المخاطر وعند الأضرار لينجو من المكاره ، قال تعالى : { فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم }؛ لأن العرى قد لا تكون وثقى ، يتمسك بها الإنسان فتنصرم به وتنقطع فيهلك ، ولكن العروة الوثقى التي لا تنفصم هي الإيمان بالله والكفر بالطاغوت ، والطاغوت هو كل ما عبد من دون الله عز وجل ورضي بذلك أو دعا إليه .
فالإيمان له عرى يتمسك بها المسلم ، أوثقها الحب في الله والبغض في الله ، لا يحب إلا لله عز وجل ، و لا يبغض إلا لله ، لا يحب ولا يبغض من أجل الدنيا أو الهوى ، وإنما حبه وبغضه لأجل الله عز وجل ، وبذلك يكون تمسك بأوثق عرى الإيمان .
______________________________ __________
( 1 ) مصنف ابن أبي شيبة 7/ 229 ، الإمام أحمد ( 18524 )
-
رد: شرح كتاب العبودية
- قال صلى الله عليه وسلم : ( ثلاثٌ من كنَّ فيه وجد حلاوةَ الإيمانِ : من كان اللهُ ورسولُه أحبَّ إليه ممَّا سواهُما . ومن كان يحبَّ المرءَ لا يحبُّه إلَّا للهِ . ومن كان يكرهَ أنْ يرجع في الكفرِ بعد إذ أنقذَه اللهُ منه ، كما يكرهُ أنْ يلقى في النَّارِ ) .
الإيمان له حلاوة وله لذة ، وليس كل مؤمن يجد هذه اللذة وهذه الحلاوة ، إلا إذا استقر الإيمان وتوثق في قلبه ، فإنه يجد هذه الحلاوة وهذه اللذة ، وقد بينها النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث :
الأولى : ( من كان اللهُ ورسولُه أحبَّ إليه ممَّا سواهُما ) : أي : أحب إليه من والديه ومن أولاده ومن الدنيا وما فيها ، فالله ورسوله أحب إليه من كل شيء .
الثاني : ( ومن كان يحبَّ المرءَ لا يحبُّه إلَّا للهِ ) ، هذا هو الحب في الله ومن أجل الله عز وجل ، وهو تابع لمحبة الله ، ودليل على صدقها .
الثالثة : ( ومن كان يكرهَ أنْ يرجع في الكفرِ بعد إذ أنقذَه اللهُ منه ) ، فهو يكره كل ما خالف دين الإسلام من الأديان ، ولا يحب إلا دين الإسلام ، فلذلك يكره أن يعود في الكفر الذي هو ضد الإسلام ، بعد إذ أنقذه الله منه ، (كما يكرهُ أنْ يلقى في النَّارِ ) ، فلا أحد يحب أن يقذف في النار إلا في هذه الحالة ، فالمسلم الحق والمؤمن الحق يكره الكفر ، ويكره أن يعود إليه ، ويكره أهله ، كما يكره أن يقذف في النار ، فهذه الخصلة من وجدها في نفسه وجد حلاوة الإيمان ، والطمأنينة ، واللذة ، ومن فقدها أو فقد شيئا منها فإنه لا يجد حلاوة الإيمان أو يجد بعضها ولا يجدها كاملة ، وهنا استقرار إيماني ، لا يزحزحه شيء ، ولا يلتفت إلى من يلوم من الناس ، فلا تأخذه في الله لومة لائم ، هذا هو الذي استقر الإيمان في قلبه ، ووجد حلاوته فتمسك به ، واطمأن إليه .
-
رد: شرح كتاب العبودية
- قال الله - جل وعلا - : { يا أيها الذين ءامنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه } وعلاماتهم :
أولا : أنهم { أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لآئم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم } ، الشاهد في قوله { يحبهم ويحبونه } ، يحبهم الله جل وعلا ، وهم يحبون الله ، فمن أعظم صفاتهم محبتهم لله ومحبة الله لهم ، ومن صفاتهم أيضا أنهم :
{ أذلة على المؤمنين } : يعني : يلينون لإخوانهم المؤمنين ، ولا يتكبرون عليهم بل يتواضعون لهم .
ثانيا : وأنهم : { أعزة على الكافرين } فيهم قوة على الكافرين ، فيبغضونهم ويعادونهم ويقاتلونهم ، لأنهم يبغضونهم في الله عز وجل .
ثالثا : وأنهم { يجاهدون في سبيل الله } أي : يبذلون أنفسهم وأموالهم لأجل إرضاء الله سبحانه وتعالى ، ولأجل إعلاء كلمته ، وكون المسلم يبذل نفسه في سبيل الله ويُعرض حياته للموت والخطر ويدخل المعركة والسلاح ؛ دليل على صدق محبته لله عز وجل ، وأنه يحب الله أكثر مما يحب نفسه ؛ ولذلك قدم نفسه لله .
رابعا : وأنهم { لايخافون لومة لآئم } : لأنهم سيلقون من ينتقصهم ومن يلومهم ، ومن يتكلم فيهم ويستخف عقولهم ، ولكن لا يلتفتون إليه ، ولا تأخذهم في الله لومة لائم .
هذه صفات أولياء الله - سبحانه وتعالى - وعلامات الذين يحبونه حقا .
-
رد: شرح كتاب العبودية
- قوله : ( وذلك لأن الجهاد حقيقته الاجتهاد في حصول ما يحبه الله من الإيمان والعمل الصالح .. ) :
الجهاد بذل الوسع فيما يحبه الله وهو أنواع :
الأول : جهاد النفس .
الثاني : جهاد الشيطان .
الثالث : جهاد العصاة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
الرابع : جهاد المنافقين ، برد شبهاتهم وإبطال دعواهم .
الخامس : جهاد الكفار بالسلاح وخوض المعارك .
فمن قام بهذا الجهاد بأنواعه فهو المؤمن الإيمان الصادق .
فهو يجاهد لدفع هذه الأمور .
- ( ومعلوم أن المحبوبات لا تنال غالبا إلا باحتمال المكروهات ) :
فلا يحصل المحبوب عفوا ، بل لابد من تحمل المكروه في سبيله ، فالجنة محبوبة ، ولكن لا تحصل إلا بتحمل المشاق : والعمل الصالح ، والجهاد في سبيل الله ، والإنفاق ، والأعمال الصالحة ، فالمحبوب لا ينال إلا بتحمل المكاره ؛ ولهذا جاء في الحديث : (( حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات )) .
-
رد: شرح كتاب العبودية
- ولذلك : ( فالقلب لا يصلح ، ولا يفلح ، ولا يلتذ ولا يسر ، ولا يطيب ، ولا يسكن ، ولا يطمئن إلا بعبادة ربه ، وحبه والإنابة إليه ) :
فقلب المؤمن لا يطمئن ولا يسكن إلا بعبادة ربه ، كما قال - سبحانه وتعالى - : { الذين ءامنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب } ، فلا يطمئن المؤمن إلى شيء ، إلا إلى ربه سبحانه وتعالى ، أما بقية الأمور وإن مال إليها فإنه لا يطمئن إليها ، ولهذا قال :
( ولو حصل له كل ما يلتذ به من المخلوقات لم يطمئن ) : أي : لو حصلت له كل الملذات الدنيوية كلها من الملك والمال والولد والصحة والعافية وأنواع المأكولات والمشروبات ؛ فإنه لا يطمئن قلبه إليها ؛ لأنها على سبيل الزوال ولا يبقى إلا الله سبحانه وتعالى وما أريد به وجهه .
-
رد: شرح كتاب العبودية
- قوله : ( وكل من استكبر عن عبادة الله لابد أن يعبد غيره ) :
الإنسان أصله عبد ، فلابد أن يعبد شيئا يشبع غريزته ، فإما أن يعبد الله ، وإما أن يعبد غيره ... ؛ لأنه يحن إلى العبادة ، فلا يترك العبادة ، ولكن إن وفق لعبادة الله - عز وجل - وضع العبادة في موضعها وسعد في الدنيا والآخرة ، وأما إذا عبد غير الله فهو مشرك ، قال تعالى : { ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير } فالموحد لله مرتفع ؛ فإذا أشرك بالله انحط ولا يدري أن يقع !، { تهوى به الريح في مكان سحيق } أي : بعيد عن الحق والصواب.
- قوله : ( فإن الإنسان حساس يتحرك بالإرادة ) :
هو يريد أن يفعل فهو ليس جامدا بل خلقه الله متحركا حساسا لابد أن يتحرك بشيء : فإما أن يتحرك بالحق ، وإما أن يتحرك بالباطل .
-
رد: شرح كتاب العبودية
- خلق الله الإنسان لعبادته ، قال تعالى : { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } ، فإذا عبد غير الله صار مشركا ، حتى ولو عبدالله إذا عبد معه غيره صار مستكبرا عن عبادة الله مشركا ، فالكافر مستكبر عن عبادة الله التي خلق من أجلها ، والاستكبار والشرك متلازمان ، قال تعالى : { وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين } ، فالمستكبر إما أن يكون مستكبرا لا يعبد شيئا ، وإما أن يكون مستكبرا مشركا يعبد غير الله فيكون مستكبرا مشركا .
- قد وصف الله فرعون بالشرك وذلك في قوله تعالى : { وقال الملأ من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ويذرك وءالهتك } ، وفي قراءة ( إلاهتك ) يعني : وعبادتك ، والإله هو : المعبود ، فهم عبدوا فرعون وأحبوه حب عبادة واتخذوه ربا ، وذلك شرك بالله ؛ فهو أشرك نفسه مع الله جل وعلا . وقومه جعلوه شريكا لله و خوفوا فرعون من أن يسلبه إلهيته لما دعاه وقومه إلى عبادة الله .
- قوله : ( ولن يستغني القلب عن جميع المخلوقات ) :
لا يستغني القلب عن الخلق إلا إذا كان الله - جل وعلا - هو معبوده وحده لا شريك له ، حينئذ يستغني عن غير الله عز وجل ، ثم إذا ترك عبادة الله وكله الله للخلق ؛ لأنه بنفسه لا يستطيع أن يحقق ما يصبو إليه من الكبر ، فلا بد من الأعوان والأتباع والقوة ، فهو يحتاج إلى الناس ، لكن لو استغنى بالله لأغناه الله عن جميع الخلق ، وتولاه ونصره وأعزه ورفعه في الدنيا والآخرة . ولذلك قال :
( إلا بأن يكون الله هو مولاه الذي لا يعبد إلا إياه ... ) : هذا كمال العبودية لله عز وجل ، أن يحب الله ويعبده ، ثم يحب من يحبه الله ، ويحب ما يحبه الله من الأعمال ، ومن يحبه الله من الصالحين .
-
رد: شرح كتاب العبودية
أما الذي يترك الدعوة إلى التوحيد ويدعو إلى أمور جانبية من أمور الدين فهذا مخالف لدعوة الرسل ، فالجمعيات والدعوات والدعاة الآن الذين لا يهتمون بالتوحيد ، ولا يدعون الناس إلى التوحيد وهم يشاهدون الشرك واقعا في الناس ولا ينكرونه ، هؤلاء مخالفون لدعوة الرسل ، فأول مراتب الدعوة وأول أوليات الدعوة ، الدعوة إلى التوحيد والنهي عن
وهذا هو الحق جزاك الله خيرا موفثقة بإذن الله
-
رد: شرح كتاب العبودية
- قوله : ( والشرك غالب على النصارى ، والكبر غالب على اليهود ) : هما متلازمان لكن يغلب أحدهما عند الأمتين : اليهود والنصارى .
أولا : ( فالشرك يغلب على النصارى ) : قال تعالى في النصارى : { اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما آمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون } .فالنصارى أشركوا بالله حيث اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ، والأحبار هم : العلماء ، والرهبان هم : العباد ، واتخذوا المسيح أيضا ربا وإلها من دون الله عز وجل ...
ثانيا : ( الكبر غالب على اليهود ) : قال تعالى عنهم : { كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم فريقا كذبوا وفريقا يقتلون } ، فكلما جاء اليهود رسول يخالف أهواءهم فهم : إما أن يكذبوه ، وإما أن يقتلوه .
ومثلهم من ينتقد علماء الشريعة الآن ويقول : لا كهنوت في الإسلام ليس هناك أحد فوق النقد .
- قوله تعالى : { سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض } أي : إذا رأوا الدليل والبرهان لم يقبلوه والسبب هو الكبر ، فبسببه يصرفهم الله عن آياته ، فنتج عن ذلك ، { وإن يروا كل ءاية لا يؤمنوا بها } ، { وإن يروا سبيل الرشد } الذي جاءت به الرسل {لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي } الذي جاء به طواغيتهم { يتخذوه سبيلا } والسبب ، { ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين والذين كذبوا بآياتنا ولقاء الأخرة حبطت أعمالهم هل يجزون إلا ما كانوا يعملون } .
فالله أخبر أنه سيصرف عن آياته الذين يتكبرون ، فالذي يستكبر يصرفه الله عن الانتفاع بالآيات ، وهذا شأن الكفار والملاحدة والمنافقين في كل وقت ...
-
رد: شرح كتاب العبودية
موضوع جدير بالإهتام والمتابعة والإستفادة , فجزاك الله خيرا, أرجو من الإخوة أن يستفيدوا منه لسهولة الشرح وبساطة العبارة
موفقة مرة أخرى , ولكن لو حبذا تخريج بعض الأحاديث المذكورة تخريجا مجملا لإتمام الفائدة