المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد القادر الحنبلي
6289 - ( وَالَّذِي تَحْلِفُ بِهِ أُمُّ سَلَمَةَ ! إِنْ عليَّاً كَانَ أَقْرَبَ النَّاسِ
عَهْداً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَما كَانَ غَدَاةَ قُبِضَ ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ رسولاً وَأُرَاه
كان بَعَثَهُ فِي حَاجَةٍ له ، قَالَتْ : فَجَعَلَ يَقُولُ غَدَاةً بَعْدَ غَدَاةٍ :
أجَاءَ عَلِيٌّ ؟ أجَاءَ عَلِيٌّ ؟ (ثَلاثَ مَرَّاتٍ) ، فَجَاءَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ ،
فَلَمَّا جَاءَ ؛ عَرَفْنَا أَنَّ لَهُ إِلَيْهِ حَاجَةً ؛ فَخَرَجْنَا مِنَ الْبَيْتِ ، وَكُنَّا عُدْنَا
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ ، وَكُنْتُ مِنْ آخِرَ مَنْ خَرَجَ مِنَ
الْبَيْتِ ، ثُمَّ جَلَسْتُ أَدْنَاهُنَّ مِنَ الْبَابِ ، فَأَنْكَبَّ عَلَيْهِ عَلِيٌّ ، فجَعَلَ
يُنَاجِيه وَيُسَارُّهُ ، فَكَانَ اقرب (وفي لفظ : آخِرَ) النَّاسِ بِهِ عَهْداً بِرَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليٌّ ) .
منكر .
أخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده " (4/213/2) : أخبرنا جرير
عن المغيرة بن مقسم الضبي عن أم موسى عن أم سلمة أنها قالت : ... فذكره .
(13/630)
______________________________ __________
وتابعه ابن أبي شيبة في "المصنف" فقال (12/57) : حدثنا جرير بن
عبدالحميد ... به .
ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه أحمد في "المسند" (6/ 300) ، وكذا ابنه
في "زوائده" ، وفي "الفضائل" أيضاً (2/686/1171) ، ومن طريقه أيضاً أبو يعلى
في "مسنده" (12/364/6934) ، وكذا أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/250) ،
والطبراني أيضاً (23/375/887) - واللفظ الآخر له - ، وهذان الأخيران والنسائي
في (خصائص علي رضي الله عنه) (165/155 - تحقيق البلوشي) من طرق أخر
عن جرير ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (12/325 - 326) من طريق أحمد
وأبي يعلى ، والحاكم (3/138 - 139) من طريق أحمد ، وقال :
" صحيح الإسناد " ! ووافقه الذهبي!
قلت : وقلدهما جمع منهم المعلق على "الفضائل " ، والمعلق على "مسند أبي
يعلى" ، ولعل منهم الهيثمي ؛ فإنه قال (9/112) :
"رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني باختصار ، ورجالهم رجال الصحيح ؛ غير أم
موسى ، وهي ثقة"!
وأقول : لم يوثقها غير العجلي فيما ذكر الحافظ في ترجمتها من "التهذيب " ،
وذكر أنه قيل : اسمها : فاختة . وقيل : حبيبة . ولم أر لها ذكراً في "تاريخ ثقات
العجلي " ترتيب الحافظ الهيثمي ، لا في (الكنى) ولا في (الأسماء) منه ؛ لكن
قد أوردها السبكي في كتابه "ترتيب ثقات العجلي " ؛ فقال :
"كوفية تابعية ثقة" . وهي آخر ترجمة فيه .
(13/631)
______________________________ __________
وإذا تبين هذا ؛ فهو توثيق غير معتبر ؛ لما عرف عن العجلي من التساهل في
التوثيق كابن حبان ، فكيف يكون حال من لم يوثقه ابن حبان نفسه ؟! وقد أشار
إلى ذلك الدارقطني بقوله :
"يخرج حديثها للاعتبار" . ذكره الذهبي في "الميزان " .
بل فيه إشارة إلى أنها ممن يستشهد به ؛ ففي "اختصار علوم الحديث " لابن
كثير (ص 64) مانصه :
"ويغتفر في باب الشواهد والمتابعات من الرواية عن الضعيف القريب الضعف
- ما لا يغتفر في الأصول - كما يقع مثل ذلك - . ولهذا يقول الدارقطني في بعض
الضعفاء : يصلح للاعتبار . أو : لا يصلح أن يعتبر به . والله أعلم " .
ولا ينافي ذلك ما زاده الحافظ في "التهذيب " على الذهبي في نقله عن
الدارقطني :
"حديثها مستقيم ، يخرج ... " إلخ .
لأنه يحتمل أنه يعني حديثاً معيناً ؛ كما يقولون في كثير من الأحيان :
"لا يتابع على حديثه " . ويعنون : حديثاً خاصاً .
ويؤيد ما ذكرت أن الحافظ الناقل لهذه الزيادة لم يوثق أم موسى هذه ، وإنما قال
فيها :
"مقبولة" . فهذا بمعنى قول الدارقطني فيها :
لا يخرج حديثها للاعتبار" .
فصح قولي أن الدارقطني أراد بالجملة الزائدة حديثاً معيناً لها . والقواعد
(13/632)
______________________________ __________
العلمية الحديثية لا تساعد على توثيق مثلها ؛ فقد قال الذهبي قبيل ما نقله عن
الدارقطني :
"تفرد عنها مغيرة بن مقسم " .
ثم رأيت الخزرجي قد اختصر في كتابه "خلاصة تذهيب الكمال " عبارة
الدارقطني ، فقال :
"قال الدارقطني : حديثها مستقيم يعتبر به "!
فجعل الشطر الثاني من كلام الدارقطني تفسيراً للشطر الأول منه ، وذلك يعني
ما كنت انتهيت إليه أنه يستشهد بها ولا يحتج بها . والله سبحانه وتعالى أعلم .
ثم إن فِي حَدِيثِها علة أخرى غير تفرد المغيرة عنها ، وهي : عنعنة المغيرة في
كل المصادر المذكورة آنفاً ، فلا أدري كيف غفل عنها الذهبي وهو نفسه قد أورد
المغيرة هذا في "منظومته" في المدلسين ؟! وهي معروفة مطبوعة عدة طبعات ، وذكره
فيهم غيره من الحفاظ المتقدمين والمتأخرين ، وأورده خاتمتهم العسقلاني في الطبقة
الثالثة منهم الذين أكثروا التدليس ، فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا
فيه بالسماع ... " .
وقد عارض هذا الحديث ما صح من طرق عن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت :
"مات رسول الله بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بيتي ويومي ، وبين سحري ونحري " .
وفي رواية : "بين حاقنتي وذاقنتي " .
أخرجه الشيخان وغيرهما كأحمد (6/48 و64 و77 و121 و200) . وابن
سعد (2/260 - 261) .
وذكر الحافظ في "الفتح " (8/139) في شرح حديث عائشة هذا جملة من
(13/633)
______________________________ __________
الأحاديث معارضة له ساقها حديثاً حديثاً من طرق ، وقال :
"وكل طريق منها لا يخلو من شيعي ؛ فلا يلتفت إليها" .
قلت : وهي كلها من رواية ابن سعد عن الواقدي الكذاب بأسانيده وكلها
معلولة ، إلا طريق حبة العرني عن علي قال :
أسندته إلى صدري فسالت نفسه .
فإنها عند الحاكم في "الإكليل" ، قال الحافظ :
"وحبة ضعيف " .
قال الحافظ :
"ومن حديث أم سلمة قالت : علي آخرهم عهداً برسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . والحديث
عن عائشة أثبت من هذا ، ولعلها أرادت : (آخر الرجال به عهداً) " .
قلت : مثل هذا التأويل يمكن أن يصار إليه للجمع بين حديثين من قسم
المقبول - كما قرره الحافظ نفسه في "شرح النخبة" - ، أما التوفيق بين حديث عائشة
الصحيح وحديث أم سلمة المنكر ؛ فهو مرفوض .
المصدر/
السلسلة الضعيفة والموضوعة العلامة والمحدث للشيخ الالباني رحمه الله تعالى