-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
ومما تمسك به النووي
حديث كعب بن مالك في قصة توبته وفيه :
فقام إليّ طلحة بن عبدالله يهرول،
فصافحني وهنأني.
وأجاب عنه ابن الحاج ;
بأن طلحة إنما قام لتهنئته ومصافحته ،
ولو كان قيامه محل النزاع لما انفـرد به .
فلم ينقـل أن النبي صلى الله عليه وسلم قام له ،
ولا أمر به ،
ولا فعله أحد ممن حضروا ،
وإنما انفرد طلحة لقوة المودة بينهما ،
على ما جرى به العادة ،
أن التهنئة والبشارة و نحو ذلك ،
تكون على قدر المودة والخلطة ،
بخلاف السلام
فإنه مشروع على من عرفت
ومن لم تعرف .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
ومما تمسك به النووي حديث عائشة ،
قالت :
( ما رأيت أحداً كان أشبه سمتاً ودلاً وهدياً
برسول الله صلى الله عليه وسلم من فاطمة ،
كانت إذا دخلت عليه قام إليها ،
وأخذ بيدها فقبلها وأجلسها في مجلسه ،
وكان إذا دخل عليها قامت إليه
فأخذت بيده فقبلته وأجلسته في مجلسها ) .
أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم ،
وأجاب عنه ابن الحاج
باحتمال أن يكون القيام لها
لأجل إجلاسها في مكانه إكراماً لها ،
لا على وجه القيام المنازع فيه ،
لا سيما ما عرف من ضيق بيوتهم،
وقلة الفرش فيها ،
فكانت إرداة إجلاسه لها في موضعه
مستلزمة لقيامه .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
ومما تمسك به النووي
ما أخرجه أبو داود عن عمرو بن الحارث ،
أن عمر ابن السائب حدثه
أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جالساً يوماً ،
فأقبل أبوه من الرضاعة ،
فوضع له بعض ثوبه فقعد عليه ،
ثم أقبلت أمه فوضع لها شق ثوبه من جانبه الآخر ،
فجلست عليه ،
ثم أقبل أخوه من الرضاعة
فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأجلسه بين يديه .
وأجاب عنه ابن الحاج
بأن هذا القيام ،
لو كان محل النزاع
لكان الوالدان أولى به من الأخ ،
وإنما قام للأخ إما لأن يوسع له في الرداء أو المجلس .
قلت
هذا الحديث معضل
كما صرح به ابن المنذري في تلخيص السنن ،
فلا يصلح للاستدلال .
وتمسك النووي بروايات أخرى ،
وأجاب عنها ابن الحاج
بأنها ليست من محل النزاع .
والأمر كما قال ابن الحاج ،
وأجاب النووي عن أحاديث كراهية قيام الرجل للرجل ،
بما لا يشفي العليل ،
ولا يروي الغليل
كما بينه ابن الحاج مفصلاً .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
قلت
حديث أنس المذكور
يدل على كراهية القيام المتنازع فيه ،
وهو قيام الرجل للرجل عند رؤيته ،
وظاهر حديث عائشة يدل على جوازه ،
وجواب ابن الحاج عن هذا الحديث غير ظاهر ،
واختلف في وجه الجمع بينهما ،
فقيل حديث أنس محمول على كراهة التنزيه ،
وقيل هو محمول على القيام على طريق الإعظام ،
وحديث عايشة على القيام من سفر ،
أو للتهنئة لمن حدثت له نعمة ،
أو لتوسيع المجلس ،
فهو جائز بالإتفاق .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
نقل العيني في شرح البخاري
عن أبي الوليد بن رشد ،
أن القيام على
أربعة أوجه :
الأول محظور،
وهو أن يقع لمن يريد أن يُقام له تكبراً
أو تعاظماً على القائمين إليه.
والثاني مكروه ،
وهو أن يقع لمن لا يتكبر ولا يتعاظم على القائمين ،
ولكن يخشى أن يدخل نفسه لسبب ذلك ما يحذر ،
ولما فيه من التشبه بالجبابرة.
والثالث جائز،
وهو أن يقع على سبيل البر والإكرام
لمن لا يريد ذلك ،
ويؤمن معه التشبه بالجبابرة .
والرابع مندوب ،
وهو أن يقوم لمن قدم من سفر، فرحاً بقدومه ،
يُسلم عليه ،
أو إلى من تجددت له نعمة فيهنئه بحصولها ،
أو مصيبة فيعزيه بسببها ،
انتهى .
وقال الغزالي
القيام على سبيل الإعظام مكروه ،
وعلى سبيل البر والإكرام لا يُكره ،
قال الحافظ في الفتح
هذا تفصيل حسن ) اهـ [1] .
============
[1] - انظر الجزء الثامن " تحفة الأحوذي " ، ص 29 – 33 .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
وذكر الوجه الثالث بقوله :
الوجه الثالث :
ورد في الحديث المتفق عليه
قوله صلى الله عليه وسلم خطاباً للأنصار :
قوموا لسيدكم .
وهذا القيام كان تعظيماً لسيدنا سعد رضي الله عنه ،
ولم يكن من أجل كونه مريضاً ،
وإلا لقال قوموا إلى مريضكم ،
ولم يقل إلى سيدكم ،
ولم يأمر الجميع بالقيام ،
بل أمر البعض .اهـ .
هذا الحديث أجاب عنه ابن الحاج إجابة
ذكرها ابن حجر في الفتح فقال :
وقد اعترض عليه الشيخ أبو عبدالله بن الحاج ،
فقال ما ملخصه:
لو كان القيام المأمور به لسعد هو المتنازع فيه;
لما خص به الأنصار ،
فان الأصل في أفعال القُرَب التعميم ،
ولو كان القيام لسعد على سبيل البر والإكرام ،
لكان هو صلى الله عليه وسلم أول من فعله ،
وأمر به من حضر من أكابر الصحابة ،
فلمّا لم يأمر به ، ولا فعله ولا فعلوه ;
دل ذلك على أن الأمر بالقيام
لغير ما وقع فيه النزاع ،
وإنما هو لينزلوه عن دابته ،
لما كان فيه من المرض ،
كما جاء في بعض الروايات ،
ولأن عادة العرب أن القبيلة تخدم كبيرها ،
فلذلك خصَّ الأنصار بذلك دون المهاجرين ،
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
مع أن المراد بعض الأنصار لا كلهم ،
وهم الأوس منهم ،
لأن سعد بن معاذ كان سيدهم دون الخزرج ،
وعلى تقدير تسليم أن القيام المأمور به
حينئذ لم يكن للإعانة ;
فليس هو المتنازع فيه ،
بل لأنه غائب قدم ،
والقيام للغائب إذا قدم مشروع .
قال :
ويحتمل أن يكون القيام المذكور
إنما هو لتهنئته بما حصل له من تلك المنزلة الرفيعة ،
من تحكيمه والرضا بما يحكم به ،
والقيام لأجل التهنئة مشروع أيضاً .
إلى آخر ما ذكره مما يطول إيراده .[1] .
============
[1] - انظر الجزء 11 ، ص 51 ، فتح الباري شرح صحيح البخاري .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
فهذا الوجه والوجه الثاني والوجه الرابـع ;
كلها تدور حول حكـم القيـام للرجـل ،
للتقدير والإكرام والإجلال ،
ولا يخفى ما في المسألة من خلاف بين أهل العلم ،
و قد ذكر ابن حجر رحمه الله
في شرحه حديث الأمر بالقيام لسعد رضي الله عنه
ملخص ما في المسألة من خلاف ،
وما بين العالمين الكبيرين النووي وابن الحاج
من أخذ ورد في الموضوع ،
جرى منا ذكر ملخصه
فيما ذكره المباركفوري
في كتابه " تحفة الأحوذي " .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
ثم ذكر المالكي الوجه الخامس بقوله :
الوجه الخامس
قد يقال :
إن ذلك في حياته وحضوره صلى الله عليه وسلم ،
وهو في حالة المولد غير حاضر .
فالجواب عن ذلك :
إن قارئ المولد الشريف مستحضر له صلى الله عليه وسلم
بتشخيص ذاته الشريفة ،
فهو عليه الصلاة والسلام
قادم في العالم الجسماني من العالم النوراني ;
من قبل هذا الوقت بزمن الولادة الشريفة ،
وحاضر عند قول التالي :
فولد صلى الله عليه وسلم ، بحضور ظلي ،
هو أقرب من حضوره الأصلي ،
ويُؤيد هذا الاستحضار التشخيصي و الحضور الروحاني
أنه عليه الصلاة والسلام متخلق بأخلاق ربه ،
وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث القدسي :
أنا جليس من ذكرني .
وفي رواية أنا مع من ذكرني .
فكان مقتضى تأسيه بربه ، وتخلقه بأخلاقه ،
أن يكون صلى الله عليه وسلم حاضراً مع ذاكره
في كل مقام يذكر فيه بروحه الشريفة ،
ويكون استحضار الذاكر ذلك
موجباً لزيادة تعظيمه صلى الله عليه وسلم .اهـ .
لنا مع المالكي في هذا الوجه الذي ذكره
وقفتان :
الوقفة الأولى :
عند قوله :
قد يقال إن ذلك في حياته وحضوره صلى الله عليه وسلم
وهو في حالة المولد غير حاضر .
إننا نؤكد على المالكي
إن كان محباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم
ولسنـّة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولما يرغبه ،
وينشرح له صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم ;
أن يرجع إلى الأحاديث الصحيحة الثابتة
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
فيما رواه أنس وأبو أمامه ومعاوية ،
فهي صريحة في نهيه صلى الله عليه وسلم عن القيام ،
ومعرفة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
من أن ذلك
مما يكرهه صلى الله عليه وسلم ،
وأنهم لذلك لا يقومون له
إذا حضر مجلسهم ،
هذا في حياته صلى الله عليه وسلم ،
فإذا افترضنا أن روحه صلى الله عليه وسلم
تشترك مع المحتفلين بالمولد ;
فهل من الأدب مع روحه صلى الله عليه وسلم
أن نقابلها بما تكره ؟
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
ثم إننا نكرر ما قلناه
بأن المالكي يتخبط فيما يقول
- وإن كنا نعذره في ذلك ،
لأن هذه عادة وطريقة أهل البدع والمحدثات -
فتارة يقول إن القيام تعظيم لكمال تصوره صلى الله عليه وسلم في الذهن ،
ومثلنا لمسألة التصور والقيام تعظيماً لذلك التصور
بما يعطي الكفاية من الإزدراء والسخرية بعقول أهل هذا النظر .
وتارة يقول بحضور روحه الشريفة مجالس الذكر ،
وذكرنا خطأ هذا الاعتقاد
وخطورة القول به على العقيدة ،
وأنه أوسع الأبواب للدجل
والابتداع
والتخريف
وانتهاك حرمات العقول .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
الوقفة الثانـية :
عند قوله :
بأن مقتضى تأسيه بربه أن يكون حاضراً مع ذاكره
في كل مقام يذكر فيه بروحه الشريفة .
لا شك أن المالكي ينطلق بقوله هذا
من عقيدته أن لرسول الله صلى الله عليه وسلم
مقام ألوهية وربوبية ،
فهو يقول طالما أن الله تعالى يقول :
أنا جليس من ذكرني ،
أنا مع من ذكرني ،
فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم
بمقتضى تأسيه بربه كذلك ،
جليس من ذكره
وهو [ مع ] من ذكره .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
إن المالكي بما قرأناه له
في كتابه ( الذخائر المحمدية )
من أن الخلق خلقوا لأجل محمد ،
وأن محمداً له علم شامل ،
يعلم الروح
والأمور الخمسة التي اختص الله تعالى بعلمها،
وأن له مقاليد السموات والأرض ،
وأن له حق الإقطاع في الجنة ،
وأنه نور لا ظل له في شمس ولا قمر،
وأنه حيّ الآن تعرض عليه أعمال أمته ،
ويصلي في قبره بأذان وإقامة ،
ويصوم ويحج ،
إلى آخر ما ذكره
مما جرى استعراضه في كتابنا هذا ،
مما هو مناقض
لمقتضى قول الله تعالى:
{ سُبْحَانَ رَبِّي
هَلْ كُنْتُ إِلاَّ بَشَرًا رَسُولاً }[1] .
وقوله تعالى :
{ قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ
وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ
إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ
وَمَا أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ مُبِينٌ }[2] .
===========
[1] - سورة الإسراء ، الآية : 93 .
[2] - سورة الأحقاف ، الآية : 9 .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
إن المالكي بحكم عقيدته في رسول الله صلى الله عليه وسلم
ما ذكرناه عنه مما أورده في كتابه ،
وأشرنا إلى صفحات ذلك من الكتاب نفسه ;
لا يُستغرب منه
أن يجعل لرسول الله صلى الله عليه وسلم
من القدرة ما لله تعالى ،
فيقول :
بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم
معنا أينما كـنا ،
فهذا في معنى قوله :
( بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم حاضر مع ذاكره
في كل مقام يذكر فيه بروحه الشريفة ) اهـ .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
لا شك أنه صلى الله عليه وسلم متأدب بأدب القرآن ،
إلا أن ذلك مقيد بطاقته وقدرته البشرية ،
إلا فيما يثبت به النقل الصريح
من خصوصيات له صلى الله عليه وسلم ،
مما هو فوق الطاقة البشرية ،
فيجب إثبات ذلك والإيمان به
كمعجزة من معجزاته صلى الله عليه وسلم ،
ولا يجوز لنا إثبات خلاف ذلك
بطريق القياس
أو الأولوية
مما يخرجه عن محيط البشرية .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
مولـد ابن الدبيـع
وما فيه من منكرات
ثم انتقل المالكي إلى فصل ختامي ،
استعرض فيه الكتب المصنفة في قصة المولد ،
وأثنى على أصحابها .
وقد ذكر فيما ذكر أن قصة المولد عبارة عن استعراض
لسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم
من ولادته حتى وفاته .اهـ
وإذا كان كذلك ،
فنحن نعتز ونفتخر باقتناء الكتب المصنفة
في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
ونعتبر أسعد وقت
هو الوقت الذي نقضيه في تلاوة كتاب الله تعالى ،
ومدارسة سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
وما اشتملت عليه من جوانب الإشراق الصافية ،
من إيمان ثابت وصبر صادق ،
وتضحية بالغالي والنفيس ،
وجهاد في سبيل الله ،
ونصح للأمة ،
وأداء كامل للرسالة ،
وشكر لله تعالى ،
حتى تورمت قدماه صلى الله عليه وسلم من العبادة ،
واحتساب لما يناله من الأذى والمشقة
في سبيل إبلاغ الرسالة ،
وتفصيل لما أجمله كتاب الله ،
وبيان شامل لكل خير ينفع أمته ،
ولكل شر يضر أمته .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
وإذا كان من أهل العلم من ألف كتاباً
في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وشمائله ،
وما يتلى في بيوته من آيات الله والحكمة ،
وجاء من سمى ذلك مولداً ،
فإذا لم يشتمل ذلك الكتاب
على مثل ما اشتملت عليه كتب المالكي ،
وأخصها كتابه الذميم ( الذخائر المحمدية )
من المبتدعات
والشركيات
والمنكرات ،
ولم يقصد مؤلف ذلك الكتاب التاريخي لحياة رسول الله
صلى الله عليه وسلم
أن يتلى ليلة المولد ،
حيث إن في قصد ذلك اعترافاً بمشروعية مجالس المولد ،
المتفق عليها من القائلين بها أنفسهم أنها بدعة ،
إذا لم يكن شيء من ذلك ;
فهل يجوز الاعتراض على مؤلفات
في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ ،
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
وهل يجوز الاعتراض
على من استهدف في تأليفه
إظهار حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم للأمة ;
حتى يحصل لها الاقتداء والتأسي والاتعاظ والاعتبار ،
والتخلي بأخلاق الإسلام ،
والتأدب بآداب القرآن ،
ومحاولة التحلي بما تحلى به صلى الله عليه وسلم
من كريم الأخلاق ونبل الشمائل ؟ .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
وقد ذكر المالكي أن ممن ألف في قصص المولد :
الحافظ وجيه الدين عبدالرحمن الشيباني اليمني
المعروف بابن الدبيع ،
وقد صنف مولداً نبوياً مشهوراً في كثير من البلاد . اهـ .
لقد سُئل عن هذا المولد
الشيخ محمد رشيد رضا بسؤال هذا نصه :
من أحد أهالي جوهر في جنوب ميلاي ،
أنكر أحد طلبة العلم وهو رجل غريب قرآءة قصة الموالد النبوية للديبعي ،
ولعله غير المحدث بدعوى أن فيها كذباً وخرافات ،
والقصة المذكورة مما يداوم على قرآءتها للعوام
عدد وافر من الذين يعتقـد فيهم الولاية ،
يقـولـون للعوام أن روحانية المصطفى صلى الله عليه وسلـم
تحضره من أوله إلى آخره ،
وتحضر في غيره عند القيام فقط ،
فترى هجيري أهل هذه البلاد قصة المولد المذكورة ،
فهي قد مرت على سمع الجم الغفير من العلماء ،
ولم ينكرها غير الرجل المذكور ،
فهل هو مصيب ، أم لا ؟ .
فأجاب رحمه الله بقوله :
( الصواب ما قال ذلك الطالب الغريب ،
ولعله من الغرباء الذين ذكروا في حديث مسلم :
" يبدأ الدين غريباً وسيعود غريباً كما بدأ
فطوبى للغرباء " .
وقد قرأت طائفة من هذه القصة ،
فإذا بصاحبها يقول في فاتحتها :
فسبحانه تعالى من ملك ،
أوجد نور نبيه محمد صلى الله عليه وسلم من نوره ،
قبل أن يخلق آدم من الطين اللازب ،
وعرض فخره على الأشياء ،
وقال هذا سيد الأنبياء وأجل الأصفياء وأكرم الحبائب ،
قيل هو آدم أنيله به أعلى المراتب .
ثم ذكر إبراهيم وموسى وعيسى بمثل هذه الأسجاع الركيكة ،
فهذا كذب صريح على الله تعالى ،
لم يروه المحدثون .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
ثم رأيته يذكر في ( ص 6 – 7 )
حديثين أحدهما عن ابن عباس ، رفعه :
أن قريشاً كانت نوراً بين يدي الله تعالى
قبل أن يخلق آدم بألفي عام ،
يسبح الله ذلك النور ،
وتسبح الملائكة بتسبيحه ، إلخ .
وهذا كذب ظاهر أيضاً ،
وقريش كانت قبل الإسلام مشركة ،
وعند ظهور الإسلام
كان منها أشد الناس كفراً وإيذاءً للنبي صلى الله عليه وسلم ،
وصداً عن سبيل الله ،
فما معنى ذلك الأصل النوراني
الذي يناقضه هذا الفرع الظلماني ؟ ..
والثاني أثر عن كعب الأحبار لا يصح ،
وقد سماه مؤلف القصة حديثاً لجهله .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
أما قول
قراء هذه القصة من المحتالين على الرزق
بدعوى الولاية ;
أن روحانية المصطفى تحضر مجالسهم
التي يكذبون فيها عليه ;
فمثله كثير من أولئك الدجالين ،
ولا علاج لهذا الجهل إلا كثرة العلماء بالسنـّة ،
والدعاة إليها بين المسلمين ،
وذلك بساط قد طوي ،
وإن كثيراً من المسلمين ليعادوننا
ولا ذنب لنا عندهم ،
إلا الانتصار للسنـّة السنيـّة ،
والدعوة إلى الله ورسوله بالحق
لا بالأهواء ) [1] .
============
[1] - انظر الجزء 2 ، ص 464 من فتاوى محمد رشيد .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
فهذا مولد ابن الديبع ،
وهو المولد المشهور في كثير من البلدان ;
كما يذكر ذلك المالكي .
وقد اقتطف لناالشيخ محمد رشيد رحمه الله
مقتطفات قد تدل على صحة وحقيقة
ما يقوله السائل عن الطالب الغريب ;
بأن في قصة مولد ابن الديبع كذباً وخرافات ،
وقد يكون هذا المولد نموذجاً للموالد الأخرى .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
وقد تحصلنا على نسخة من مولد ابن الديبع ،
مما أخرجه وعلق عليه محمد علوي المالكي ،
وهو منسوب إلى الحافظ المحدث عبدالرحمن الشيباني ،
فوجدناه هو المولد الذي اطلع عليه
الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله ،
وسخر منه واستهزأ بمؤلفه ،
ووصفه بالجهل ،
وفيه الحديثان اللذان أنكرهما الشيخ محمد رشيد .
ولعل المالكي قد تصرف في الحديث الأول فحذف منه :
إن قريشاً كانت نوراً بين يدي الله تبارك وتعالى .
وقد رأينا في مولد السخاوي هذه العبارة مثبتة
من حديث ابن عباس ،
وذكره السخاوي عن القاضي عياض في الشفاء بلا سند .
ويظهر لنا أن المالكي حينما تصرف
بحذف ما حذف من الحديث ;
كان يقصد من ذلك تمرير هذا الحديث
دون أن يكون فيه
ما يلفت النظر .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
وسواء عندنا صدر ذلك المولد عن ابن الديبع المحدث الشهير ،
أم صدر عن غيره بذلك الاسم ،
أم انتحل اسم ابن الديبع ليكون في ذلك ترويج لهذا المولد ;
فالواجب على طالب العلم أن يعرف الرجال بالحق،
لا أن يعرف الحق بالرجال ،
ولعل الله سبحانه وتعالى يتيح لنا فرصة أخرى
لنتتبع كتب الموالد التي استعرضها المالكي ،
ونقول عن كل مولد ما يظهر لنا فيه من حق أو باطل ،
جاعلين في الاعتبار غض النظر عن مؤلفه مهما كان ،
فإن الرجال يعرفون بالحق
كما قلنا .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
وبعد ،
فقد انتهت وقفاتنا مع المالكي
في رسالته البتراء ،
ونكرر أسفنا وتأثرنا من القسوة
التي آثرنا أن يشتمل عليها أسلوبنا
في رد ترهاته وأباطيله ،
ويعلم الله أن الباعث لهذا الأسلوب القاسي
الغيرة لحق الله ،
والغضب مما يغضب الله ،
والتقرب إليه تعالى
برد ما ينافي تحقيق التوحيد وكماله ،
والاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم
في حماية جناب التوحيد ،
وسد كل ذريعة توصل إلى انتهاك حرماته ،
والتمعّـر غيرة لله
في نسبة ما هو محض حق الله لغير الله .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
نصيحتي للمالكي
وكم كنت أتمنى أن يكون المالكي
وهو يذكر أنه أحد أسباط رسول الله صلى الله عليه وسلم ;
أن يسلك مسالك جده صلوات الله وسلامه عـليه ;
في تقـدير الله حق قـدره ،
وإنزال رسول الله صلى الله عليه وسلم
المنزلة التي أنزله الله إياها ،
فلا إفراط ولا تفريط ،
ولا غلو ولا تنطع ،
ولا إطراء ولا تفيهق ،
فهو عبد الله ورسوله ،
أرسله الله رحمة للعالمين بشيراً ونذيراً ،
وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً :
{ قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ
وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ }[1] .
==========
[1] - سورة الأحقاف ، الآية : 9 .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
{ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ
يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ } [1] .
{ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي
هَلْ كُنْتُ إِلاَّ بَشَرًا رَسُولا } [2] .
{ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ
قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ } [3] .
==========
[1] - سورة الكهف ، الآية : 110 .
[2] - سورة الإسراء ، الآية : 93 .
[3] - سورة آل عمران ، الآية : 144 .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
( إياكم والغلو ،
فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو ) .
( لا تطروني
كما أطرت النصارى ابن مريم ،
إنما أنا عبد
فقولوا
عبدُ الله ورسوله ) .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
( قولوا بقولكم أو بعض قولكم
ولا يستهوينكم الشيطان ) .
( هلك المتنطعون .
هلك المتنطعون .
هلك المتنطعون ) .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
أنصح المالكي أن يتقي الله ربه ،
وأن يعرف قدر ربه الحيّ القيوم
مالك الملك ذي الجلال والإكرام ،
ربه الذي بيده ملكوت كل شيء ،
وهو يجير ولا يُجار عليه ،
أحاط بكل شيء علماً ،
وضمن لكل عامل حقه
{ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ
وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ }[1] ،
{ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا }[2] ،
صاحب الفضل والمنن والنعم ،
أياديه لا تُعَد،
ونعمه لا تحصى ،
فسبحانه من إله عظيم ،
وتعالى عما يقول الظالمون علواً كبيراً .
==========
[1] - سورة الزلزلة ، الآية : 7 – 8 .
[2] - سورة الكهف ، الآية : 49 .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
وأتمنى من المالكي
أن يجعل كتاب الله تعالى
منهاج حياته العلمية والعملية ،
وأن يجعل سنـّة رسوله صلى الله عليه وسلم
نبراساً يستضيئ به فيما يقوله ويفعله ،
وأن يجعل السلف الصالح
من صحابة وتابعين وأتباعهم
قدوته في الاتجاه ،
وأن يترسم نهج ما كان عليه صلى الله عليه وسلم وأصحابه ،
فذلك نهج الفرقة الناجية من النار .
إنه بذلك يضمن سعادة الدنيا والآخرة ،
ويرضي بهذا الاتجاه السليم طموحه ،
فإن الطموح النافع للعبد حقيقة
هو الطموح إلى ما فيه السعادة بالجنة
والنجاة من النار .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
وأنصح المالكي
أن يراجع مدلول قوله عليه الصلاة والسلام:
( من التمس رضا الله بسخط الناس ;
رضي الله عنه وأرضى الناس عنه ،
ومن التمس رضا الناس بسخط الله ;
سخط الله عليه وأسخط الناس عليه ).
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
وأنصح المالكي
أن يتنكب عن طرق البـدع والضلال ،
فهي معـاول هدم وتخريب ،
وتمكين لإبليس واتباع إبليس
أن يشوهوا محيا هذا الدين الحنيف ،
ويدخلوا فيه الأفكار الوهمية ،
والاستحسانات الصادرة من نفوس حاقدة ،
أو عقول ساذجة ،
مما يعتبر سبّـة على هذا الدين ،
وثغرات نقص وازدراء .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
فقد بالغ صلى الله عليه وسلم
في التحذير عن الابتداع مطلقاً ،
فقال :
( إياكم ومحدثات الأمور ،
فإن كل محدثة بدعة ،
وكل بدعة ضلالة ،
وكل ضلالة في النار ) .
وقال :
( من أحدث في أمرنا هذا
ما ليس منه
فهو رد ) .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
وقال :
( عليكم بسنتي
وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ،
عضّوا عليها بالنواجذ ) .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
وقال :
( تركتكم على المحجّة البيضاء
ليلها كنهارها
لا يزيغ عنها إلا هالك ) .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
وقال :
( افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة ،
وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة ،
وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة ،
كلها في النار
إلا واحدة ،
قلنا : من هي يا رسول الله ؟ ،
قال :
من كان على مثل
ما أنا عليه اليوم وأصحابي ) .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال :
خط رسول الله صلى الله عليه وسلم خطاً بيده ،
ثم قال: " هذه سبيل الله مستقيماً " ،
ثم خط خطوطاً عن يمين ذلك الخط وعن شماله،
ثم قال:
" وهذه السبل ليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه " ،
ثم قرأ :
{ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ
وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ
فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ }[1] ) .
رواه أحمد والنسائي والدارمي
وابن حاتم والحاكم وصححه .
============
[1] - سورة الأنعام ، الآية : 153 .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
وأتمنى من المالكي
وكل ما أتمناه نحوه في صالحه حالاً ومآلاً ;
أتمنى أن يتخلى عما هو عليه
من زعامة بدعية ،
تتضح آثارها فيما يقدمه أتباعه السذج
من الخضوع والخنوع،
المتمثل في لحس أياديه ،
والتماس البركات من أثوابه وآثاره ،
وما يقدمه لهم من المنكرات
والبدعيات
والشركيات ،
المتثمل نوعها في كتابه الذميم
( الذخائر المحمدية ) ،
فهذه زعامة وهمية
ترتكز على قواعد الضلال
والإضلال
والادعاء ،
وستكون عواقبها
عواقب بقاء أبي طالب على ملة عبد المطلب ،
وحينها سيتذكر المالكي
قول الله تعالى :
{ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ
يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ *
يَاوَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذ فُلانًا خَلِيلا *
لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي }[1] .
============
[1] - سورة الفرقان ، الآية : 27 – 29
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
وقبل أن أختم كتـابي هذا ;
يسرني إيراد خاتمـة ختـم بهـا فضيلة الشيـخ أبو بكـر الجزائري ،
كتابه الإنصاف فيما قيل في المولد من الغلو والإجحاف ،
فقد قال جزاه الله خيراً :
خـاتـمــة :-
لعل بعضاً ممن يقرأون هذه الرسالة قد يتساءلون قائلين :
إذا كان المولد النبوي الشريف
بدعة محرّمة كسائر البدع ;
لمَ سكت عنها العلماء وتركوها حتى ذاعت وشاعت ،
وأصبحت كجزء من عقائد المسلمين ،
أليس من الواجب عليهم أن ينكروها
قبل استفحال أمرها وتأصلها ؟
ولمَ لمْ يفعلوا ؟؟ .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
ونجيب الإخوة المتسائلين ،
فنقول :
لقد أنكر هذه البدعة العلماء من يوم ظهورها ،
وكتبوا في ردها الرسائل ،
ومن قُدِّر له الإطلاع على كتاب
المدخل لابن الحاج
عرف ذلك وتحققه .
ومن بين الردود القيمة
رسالة الشيح تاج الدين عمر بن علي اللخمي الإسكندري الفقيه المالكي ،
صاحب شرح الفاكهاني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني ،
والتي سماها
( المورد في الكلام على المولد )
وسنثبت نصها في هذه الخاتمة .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
غير أن الأمم في عصور انحطاطها
تضعف عن الاستجابة لداعي الخير والإصلاح ;
بقدر قوتها على الاستجابة لداعي الشر والفساد ،
لأن الجسم المريض يؤثر فيه أدنى أذى يصيبه ،
والجسم الصحيح لا يؤثر فيه إلا أكبر أذى وأقواه .
ومن الأمثلة المحسوسة
أن الجار الصحيح القوي تعجز عن هدمه المعاول والفؤوس ،
والجار المتداعي للسقوط يسقط بهبة ريح أو ركلة رجل .
ولذا فلا يدل بقاء هذه البدعة وتأصلها في المجتمع الإسلامي
على عدم إنكار العلماء لها ،
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
وها هي ذي رسالة تاج الدين الفاكهاني
في تقديمها شاهد على ذلك :
قال رحمه الله تعالى
بعد أن حمد الله وأثنى عليه بما هو أهله :
أما بعد :
فإنه قد تكرر سؤال جماعة من المباركين
عن الاجتماع الذي يعمله بعض الناس في شهر ربيع الأول
ويسمونه المولد ،
هل له أصل في الشرع ،
أو هو بدعة وحدث في الدين ؟؟
وقصدوا الجواب عن ذلك مبيناً ،
والإيضاح عنه معيناً
فقلت وبالله التوفيق :
لا أعلم لهذا المولد أصلاً في كتاب ولا سنة ،
ولم يُـنقل عمله عن أحد من علماء الأمة ،
الذين هم القدوة في الدين ،
المتمسكون بآثار المتقدمين ،
بل هو بدعة أحدثها المبطلون ،
وشهوة نفس اعتنى بها الأكالون ،
بدليل أنا إذا أدرنا عليها الأحكام الخمسة :
قلنا إما أن يكون واجباً أو مندوباً أو مباحاً أو مكروهاً أو محرماً ،
وليس هو :
بواجب إجماعاً ولا مندوباً ،
لأن حقيقة المندوب ما طلبه الشارع من غير ذم على تركه ،
وهذا لم يأذن فيه الشارع
ولا فعله الصحابة
ولا التابعون
ولا العلماء المتدينون فيما علمت .
وهذا جوابي عنه بيـن يدي الله تعـالى
إن عنه سُـئلت .
ولا جائزاً ولا بمباحاً ،
لأن الابتداع في الدين
ليس مباحاً بإجماع المسلمين .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
فلم يبقَ إلا أن يكون مكروهاً أو محرماً ،
وحينئذ يكون الكلام في فصلين ،
والتفرقة بين حالين :
أحدهما :
أن يعمله رجل من عين ماله لأهله وأصحابه في عياله،
لا يجاوزون في ذلك الاجتماع أكل الطعام ،
ولا يقترفون شيئاً من الآثام .
هذا الذي وصفناه بأنه
بدعة مكروهة وشناعة ،
إذ لم يفعله أحد
من متقدمي أهل الطاعة ،
الذين هم فقهاء الإسلام ،
وعلماء الأنام، سرج الأزمنة، وزين الأمكنة .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
والثاني :
أن تدخله الجناية ، وتقوى به العناية ،
حتى يعطي أحدهم الشيء ونفسه تتبعه ،
وقلبه يُؤلمه ويُوجعه ،
لما يجد من ألم الحيف .
وقد قال العلماء :
أخذ المال بالحياء كأخذه بالسيف ،
لا سيما إن انضاف إلى ذلك شيء من الغناء مع البطون الملآى ،
وآلات الباطل من الدفوف والشابات ،
واجتماع الرجال مع الشباب المرد ،
والنساء الفاتنات إما مختلطات بهم أو مشرفات ،
والرقص بالتثني والانعطاف ،
والاستغراق في اللهو
ونسيان يوم المخاف .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
وكذلك النساء إذا اجتمعن على انفرادهن ،
رافعات أصواتهن بالتهتيك والتطريب في الإنشاد ،
والخروج في التلاوة والذكر غير المشروع ، والأمر المعتاد ،
غافلات
عن قوله تعالى :
{ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَاد ِ } ،
وهذا الذي لا يختلف في تحريمه اثنان ،
ولا يستحسنه ذوو المروءة الفتيان ،
وإنما يحلو ذلك لنفوس موتى القلوب ،
وغير المستقلين من الآثام والذنوب .
وأزيدك أنهم يرونه من العبادات ،
لا من الأمور المنكرات المحرمات ،
فإنا لله وإنا إليه راجعون )[1] اهـ .
وأخيراً أتمنى من الله تعالى أن يهديه ، ويصلحه ،
ويردّه إلى جادة الصراط المستقيم ،
وآخر دعوانا
أن الحمد لله رب العالمين ،
وصلى الله على نبينا محمد
وعلى آله وأصحابه أجمعين .
حرر في 3 / 8 / 1402 هـ
أعـده وكـتبه
عبدالله بن سليمان بن منيع
القاضي بمحكمة التمييز بمكة المكرمة
وعضو هيئة كبار العلماء
===========
[1] - انظر : الإنصاف ، ص 53 – 55 . الشيخ أبو بكر الجزائري .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
شـكـر واعتـذار
قبل أن أضع القلم مودعاً القارئ العزيز ،
أجد ضميري يطالبني وبإلحاح بالغ
بأن أتقدم بشكري وتقديري إلى
الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد ،
وعلى رأسها سماحة رئيسها الجليل ،
العالم العامل ، المجاهد في الله حق جهاده ،
شيخنا عبد العزيز بن عبد الله بن باز ،
وفضيلة نائبه الصديق الشيخ ابراهيم بن صالح آل الشيخ ،
وفضيلة كاتبه وأمين سره التقي الصالح
إبراهيم بن عبدالرحمن الحصين ،
وفضيلة الدكتور الصديق الصدوق ،
والجندي المجهول في ميدان العلم والدعوة إلى الله
الشيخ محمد بن سعد الشويعر
رئيس تحرير مجلة البحوث الإسلامية .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
لهؤلاء جميعاً ولغيرهم
ممن كان له فضل النظر في هذا الكتاب قبل طبعه ،
وتقديم الملاحظة والتوجيه والاستدراك ،
وأخص منهم شيخنا الجليل عبد الرزاق عفيفي ،
والزميلين الشيخين :
الشيخ عبد الله بن عبدالرحمن بن بسام ،
والشيخ محمد بن صالح بن عثيمين .
أقدم لهؤلاء جميعاً شكري وتقديري ،
والابتهال إلى الله تعالى ألا يحرمهم أجر ما يقومون به
من مجهودات مشكورة في سبيل الدفاع عن
عقيدة أهل السنـّة والجماعة ،
وألا يحرمهم أجر ما قدموه لي من عون
في سبيل خروج هذا الكتـاب ،
كجزء من الدفاع عن هذه العقيدة ،
والإبقاء على صفائها ووضوحها
محجّـة بيضاء ، ليلها كنهارها ،
لا يزيغ عنها إلا هالك .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
وأكرر شكري وتقديري لفضيلة الدكتور محمد الشويعر ،
فقد قام بالعبء الأكبر في سبيل إخراج هذا الكتاب
في طبعة جيدة ومصححة ،
فجزاه الله خيراً ،
وثقّل بما قدمه موازينه يوم القيامة .
ولا أنسى
وأنا لا أزال في موضوع شكر من يستحق مني الشكر ;
أن أترحم على شيخنا الجليل الشيخ عبدالله بن حميد ،
وأدعو الله أن يسكنه فسيح جناته ،
وألا يحرمه أجر ما في هذا الكتاب ،
من دفاع عن العقيدة ،
ورد للمنكر والضلال .
فقد كان رحمه الله ،
وجعل قبره روضة من رياض الجنة ،
هو الموجه الأول لي في ذلك ،
وهو المشير عليَّ بتولي الرد على المالكي .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
وأعتذر للقارئ الكريم
عن القصور في إيفاء الموضوع ما يستحقه
من العناية العلمية في رد المنكر ،
لا سيما من كان من القرآء
على جانب قوي من الإحساس والشعور
بإنكار ما جاء به محمد علوي مالكي
من المنكرات والضلالات ،
فهذا مني جهد مقـل ،
وخير الصدقة جهد المقـل .
والله المستعان ،
وصلى الله على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
المؤلف
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
المراجع والمصادر
1 - القرآن الكريم .
2 - تفسير ابن كثير .
3 - تفسير ابن جرير الطبري .
4 - تفسير القرطبي .
5 - صحيح البخاري .
6 - صحيح مسلم .
7 - سنن النسائي .
8 - مسند الإمام أحمد .
9 - سنن أبي دواد .
10 - سنن الترمذي .
11 - سنن ابن ماجه .
12 - فتح الباري في شرح البخاري ،
لابن حجر العسقلاني .
13 - شرح صحيح مسلم ، للنووي .
14 - منتقى الأخبار للمجد وشرحه نيل الأوطار ، للشوكاني .
15 - قيام الليل ، لأبي عبدالله محمد بن نصر المروزي .
16 - جامع العلوم والحكم ، لابن رجب .
17 - تحفة الأحوذي ، للمباركفوري .
18 - كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد ،
للشيخ محمد بن عبدالوهاب .
19 - فتح المجيد في شرح كتاب التوحيد ،
للشيخ عبدالرحمن بن حسن .
20 - مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ،
جمع الشيخ عبدالرحمن بن قاسم .
21 - اقتضاء الصراط المستقيم ،
لشيخ الإسلام ابن تيمية .
22 - الإعتصام ، للشاطبي .
23 - المدخل ، لابن الحاج .
24 - تنبيه الغافلين ، لابن النحاس .
25 - المغنى ، لابن قدامه .
26 - فتاوى محمد رشيد رضا .
27 - الإنصاف فيما قيل في المولد من الغلو والإجحاف ،
لأبي بكر الجزائري .
28 - ملف قرارات هيئة كبار العلماء .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
الكتاب الثالث
في الرد على شركيات وضلالات
[ داعية الشرك الصوفي
محمد علوي مالكي ]
========
حوار مع المالكي
في ردِّ ضلالاته ومنكراته
فضيلة الشيخ :
عبدالله بن سليمان بن منيع
جزاه الله تعالى خير الجزاء
============
- مقدمة الكتاب
لسماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز .
- تقديم وإعذار بقلم المؤلف .
- مقتطفات من قرار هيئة كبار العلماء في حق المذكور .
- نماذج من ضلالات المالكي ومنكراته
منقولة من كتاب الذخائر المحمدية .
- تمهيد وتأصيل .
- رأي المالكي في حكم الاحتفال بالمولد ، ومناقشته .
- رأي المالكي أن الاحتفال بالمولد لا يلزم أن يكون في ليلة مخصوصة ،
ومناقشته بعدة وقفات .
- دعوى المالكي
أن الاحتفالات بالمولد نوع من أنواع الدعوة إلى الله ومناقشته .
- عقيدتنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم
طبقاً لما جاء في كتاب الله وسنة رسول الله .
- منزلة رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفوسنا .
- خيبة الأمل فيما عقدناه على المالكي من خير ونفع وصلاح .
- أدلة المالكي على جواز الاحتفال بالمولد ، ومناقشتها وردها :
- الدليل الأول :
الاحتفال بالمولد تعبير عن الفرحة بالمصطفى ،
ومناقشة المالكي بعدة وقفات انتهينا بها إلى بطلان ذلك الدليل .
- الدليل الثاني :
كان صلى الله عليه وسلم يعظم يوم ولادته بصيامه .
- مناقشة هذا الدليل بعدة وقفات انتهت إلى بطلانه .
- الدليل الثالث :
أن الفرح به صلى الله عليه وسلم مطلوب بأمر القرآن .
- مناقشته بذكر ما ذكره مشاهير المفسرين .
- الدليل الرابع :
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلاحظ ارتباط الزمان بالحوادث الدينية ،
وتمثيله بالأمر بصيام يوم عاشوراء .
- مناقشة هذا الدليل ورده .
- الدليل الخامس :
أن الاحتفال بالمولد بدعة حسنة .
- مناقشة هذا الدليل بعدة وقفات .
- الدليل السادس :
أن المولد يبعث على الصلاة والسلام المطلوبين .
- مناقشة هذا الدليل بعدة وقفات .
- الدليل السابع :
أن المولد يشتمل على شيئ من سيرة الرسول والتعريف به .
- مناقشة هذا الدليل ورده .
- الدليل الثامن :
أن الاحتفال بالمولد تعرض لمكافآته صلى الله عليه وسلم .
- مناقشة هذا الدليل بعدة وقفات .
- الدليل التاسع :
أن معرفة شمائله صلى الله عليه وسلم تستدعي كمال الإيمان به .
- مناقشة هذا الدليل ثم رده .
- الدليل العاشر :
أن تعظيمه صلى الله عليه وسلم مشروع .
- مناقشة هذا الدليل ثم رده .
- الدليل الحادي عشر :
أن اليوم الذي ولد فيه صلى الله عليه وسلم أفضل من يوم الجمعة ،
وقد جاءت النصوص بفضل يوم الجمعة .
- مناقشة هذا الدليل بعدة وقفات .
- الدليل الثاني عشر :
المولد أمر يستحسنه العلماء والمسلمون في جميع البلاد .
- مناقشة هذا الدليل ثم رده .
- الدليل الثالث عشر :
أن المولد اجتماع ذكر وصدقة .
- مناقشة هذا الدليل بعدة وقفات .
- الدليل الرابع عشر :
أن الله قص على نبيه صلى الله عليه وسلم أنباء الرسل لتثبيت فؤاده إلخ .
- مناقشة هذا الدليل ثم رده .
- الدليل الخامس عشر :
ليس كل ما لم يفعله السلف بدعة إلخ .
- مناقشة هذا الدليل ثم رده .
- الدليل السادس عشر :
ليست كل بدعة محرمة إلخ .
- مناقشة هذا الدليل بعدة وقفات .
- الدليل الثامن عشر :
احتجاجه بقول الشافعي ما أحدث وخالف نصاً فهو البدعة الضالة إلخ .
- مناقشة هذا الدليل ثم رده .
- الدليل التاسع عشر :
كل ما تشمله الأدلة الشرعية
ولم يقصد بإحداثه مخالفة ولم يشتمل على منكر فهو من الدين .
- مناقشة هذا الدليل ثم رده .
- الدليل العشرون :
الاحتفال بالمولد احياء لذكرة المصطفى صلى الله عليه وسلم إلخ .
- مناقشة هذا الدليل ثم رده .
- الدليل الحادي والعشرون :
مشروعية المولد إنما تكون فيما خلا من المنكرات المذمومة إلخ .
- مناقشة هذا الدليل ثم رده .
- افتراء المالكي على شيخ الإسلام ابن تيمية بإجازته المولد .
- رد ذلك عليه بنقل كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في البدعة ،
ورده تقسيمها وإنكاره لمجموعة من البدع ومنها بدعة المولد .
- مفهوم المولد في نظر المالكي .
- مناقشة هذا المفهوم بعدة وقفات .
- رأي المالكي في القيام في المولد .
- مناقشة هذا الرأي بعد وقفات .
- استحسان المالكي القيام في المولد
لمجموعة وجوه جرى مناقشتها ثم ردها .
مولد ابن الديبع ومافيه من منكرات .
فتوى الشيخ محمد رشيد رضا في حكم المولد بصفة عامة .
ورأيه في مولد ابن الديبع .
- نصيحتنا للمالكي .
فتوى للشيخ تاج الدين الفاكهاني في حكم المولد .
شكر واعتذار .
-المراجع
==============
ويليه الكتاب الرابع
بعون الله وتوفيقه
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
الكتاب الرابع
في الرد على شركيات وضلالات
[ داعية الشرك الصوفي
محمد علوي مالكي ]
========
الرد على الخرافيين
[ محمد علوي مالكي ]
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ،
وصلى الله وسلم على نبيِّنا محمَّد ،
وعلى آله ، وصحبه أجمعين
وبعد
أخي العزيز
وصلتنى رسالتكم ،
والحمد لله أنَّكم متمتِّعون بالصحة الجيدة ،
وأنَّكم مستمرون في الدراسة ،
ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يعينكم ،
وأنْ تعودوا إلى أهلكم ، وبلادكم ،
وأنتم في أحسن حال.
والذي دفعني إلى هذه الرسالة الشفوية إليكم :
هو ما كتبتم لي من السؤال
عن ما وقع عندنا هنا في المملكة
من فتنة أثارها المدعو محمد علوي مالكي ؛
وتقول لي :
إن "حوار مع المالكي"
الذي ألَّفه الشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع وصلكم ،
وقد استفدتم منه ،
وتعجبتم ، أو بتعبيركم "ذهلتم" من هذه الأمور ،
وهذه الشركيات ،
وهذه المنكرات ،
وكيف أن هذا الرجل يرتكبها ،
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
ولكن - كما تقولون – وصلكم كتاب ؛
بل بالأحرى عدة كتب أهمها :
كتاب "الرد على بن منيع"
الذي ألَّفه يوسف هاشم الرفاعي الكويتي ،
وتقول أيضاً :
أنَّه وصلكم أخيراً كتابان
ألَّف أحدَهما رجلٌ من البحرين سماه "إعلام النبيل" ،
والثاني : ألَّفه اثنان من المغاربة وسمَّياه
"التحذير من الاغترار بما جاء في كتاب الحوار" ،
وتطلب مني باعتباري – كما ذكرتَ –
متخصِّصاً في العقيدة ،
ومقيماً هنا في البلاد ؛
بأن أكتب إليك مرئياتي عن هذا الموضوع ،
وعن حقيقة الخلاف بيننا وبين الصوفية ،
وهل الصوفية تعتبر هي أهل السنة والجماعة
كما يزعم هؤلاء ؟
وبقية الأسئلة التي - إن شاء الله -
سآتي عليها من خلال هذه الرسالة .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
فأنا - يا أخي - أعتذر لك عن الكتابة ؛
لأنَّ مطلبك هذا الذي طلبتَه أن أكتبه ؛
يحتاج إلى رسالةٍ ،
وكما تعلم أنني مشغول جداً برسالتي التي أحضِّرها الآن ،
فكيف أستطيع أن أكتب لك رسالة أخرى
عن التصوف ، ونشأته ،
وعن الخلاف بيننا وبين أهله !!
هذا كلامٌ طويلٌ جدّاً ،
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
ونحن أحوج ما نكون
إلى المنهج العلمي ، التفصيلي ،
الذي ينبني على الأدلَّة ،
والذي يتثبت ،
والذي ينقل مِن كتب هؤلاء القوم ،
ويتتبع أصول هذه الفرق جميعاً ليردَّ عليها
ردّاً علميّاً ، صحيحاً ، سليماً ،
وهذا يتطلب جهداً كبيراً ،
وأمَّا مجرد خطبة عابرة ،
أو نقد عابر ؛
فهذا من الممكن أن يكون في وريقات ،
لكن الذي أراه أنَّنا – نحن –
أمام هجمة صوفيَّة شديدة .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
وكما ذكرتم لي سابقاً - عندكم في أمريكا -
تلاحظون أنَّ التصوف بدأ ينتشر ،
وبدأ كمحاولة للصدِّ عن سبيل الله تعالى !
أي أنَّ الأمريكي الذي يريد الدخول في الإسلام
يقال له :
ادخل في هذا الدين !
فيدخل في التصوف ،
فيُحرم المسلمون منه ، وربما ينفرون!
- كما حدثْتني عن بعضهم -
لأنَّه إذا رأى
ما في التصوف مِن الخرافات ؛
ينفر مِن الإسلام نهائيّاً وينفِّر غيره ،
ويقول لهم :
خرافات النصرانيَّة أخفُّ مِن خرافات الإسلام،
وهذا - والعياذ بالله –
مِن صور الصدِّ عن سبيل الله .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
ولاشك - يا أخي - لديَّ
أنَّ وراء ذلك مؤامرات يحيكها أعداء الإسلام من اليهود ، والنَّصارى ،
مستغلِّين هؤلاء الصوفيَّة
الذين كثيرٌ منهم
زنادقة متسترون
يريدون هدم الإسلام مِن الداخل ،
وعندما أقول ذلك
لا تفهم منِّي
أنَّني أقول إنَّ كلَّ مَن يحضر المولد زنديق !
أو كل مَن يحب الطرق الصوفية زنديق ! .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
ليس هذا هو المقصود ،
المخدوعون كثيرٌ بالدعوات ،
ولكن نحن نتحدث عن التصوف كفكرة ،
وكعقيدة لها جذورها القديمة ،
ولها فلسفاتها المستقلة ،
ونتحدث كيف دخلتْ في الإسلام ،
وكيف خُدع بها أكثر هذه الأمة ،
فالذي نحكم عليه هي الصوفيَّة ،
وأنتم تعرفون "الثيوصوفية" .
"الثيوصوفية"، هذه التي في أمريكا ،
والتي عرَّفها صاحب المورد العربي الإنجليزي
زهير بعلبكي
بأنَّها فرقة حديثة ، نشأت في الولايات المتحدة الأمريكية ،
وليست في الحقيقة حديثة
بالمعنى الذي ذكره "المورد" ،
"الثيوصوفية" قديمة ،
وسأتحدث عنها - إن شاء الله -
عندما أبدأ بموضوع
"نشأة التصوف".
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
لكن بخصوص سؤالكم أنت وزملائكم في المركز ،
وبعض إخوانكم في الله من المسلمين في أمريكا
عن حقيقة ما جرى مِن هذه المشكلة ،
وعن موقف هؤلاء الذي دافعوا عن المالكي بخرافاته،
وهو أنَّهم كثيرون -كما تقولون - .
أقول لكم - يا أخي - :
ما جرى مع المالكي ليس في حاجةٍ
إلى أن يدافع عنه أحد على الإطلاق،
لأنَّ المسألة :
مسألة اعتراف وإقرار ،
والاعتراف هو سيِّد الأدلة ،
هذه حقيقة معروفة ،
فمحمد علوي المالكي اعترف هو بنفسه
في محضرٍ رسمي
أمام الشيخ عبد الله بن حميد رحمه الله ،
والشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله ،
ورئيس الحرمين ،
وكُتب هذا الاعتراف في محضرٍ رسميٍّ ،
والمعاملات محفوظة ،
ولدى الإفتاء ،
ولدى مجلس القضاء الأعلى،
ولدى شئون الحرمين ،
معاملات ، وصور ، وملفات لهذه القضية ،
فيها اعترافات الرجل ،
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
الرجل معترف بأنه ألَّف "الذخائر" ،
وكتاب "الذخائر"
ليس هو الذي ألَّفه ؛
لانَّ كتاب "الذخائر" عندي ،
ومذكور فيه – وأنا الآن أفتحه أمامي –
ما يدل على أنَّ هذا الكتاب
مِن تأليف والده
في صفحة 33 منه ؛
لأنَّه يقول إنَّه سافر إلى المدينة ،
واطلع على المخطوط عام 1354هـ ،
فهذا على ما هو معروف من عُمُر محمد علوي مالكي
أنَّه لم يكن قد ولد في تلك الفترة ،
أو على أكثر تقدير أنَّه مازال طفلاً ؛
فالذي كتبه إذاً هو أبوه ،
المهمُّ أنَّه اعترف بأنَّه ألَّف هذا الكتاب ،
وأنَّه له ،
وما فيه من الأمور الشركية :
يقول :
إنَّني نقلتُها عن غيري ، وأخطأتُ !
وفاتني أن أنبِّه على أنَّها شركٌ
- يمكنك مراجعة صفحة (12) ،
وصفحة (13)
من كتاب الحوار للشيخ ابن منيع - .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
فما دام الرجل اعترف ،
ومادام المتهم المجرم الجاني اعترف ،
فما الدَّاعي إلى أن يأتي أحدٌ ويدافع عنه،
ممكن ادَّعى الإكراه !!؟
كان ينبغي ويجب عليه أن يبين ،
وأن يقول :
أنا أُكرهت على ذلك ،
وأن ينشر ذلك في داخل المملكة ،
أو في خارجها ،
أو يقوله للنَّاس إذا جلس معهم .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
أمَّا نحن فكما تعلم
كم يُقطع من الرقاب في الحدود ،
عندما تقطع رقاب ، أو أيدي ، أو يُجلد ،
بناء على الإقرار أمام قاضي عادي
في محكمةٍ شرعيَّةٍ من المحاكم في المملكة ؟
فينفَّذ الحدُّ على المجرم
بإقراره أمام هذا القاضي ،
ربما يكون قاضي حديث العهد ،
خرِّيج كليَّة ،
فما بالك برئيس مجلس القضاء الأعلى !؟
وبرئيس الإدارات العلمية ، والبحوث ، والإفتاء !؟
وبرئيس الحرمين الشريفين !؟
ومَن حضر معهم مِن العلماء
– وهم كبار العلماء في المملكة - !؟.
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
هل يخطر ببالكم – يا أخي –
أنَّ هؤلاء العلماء يتواطئون جميعاً ،
ويتفقون على أن يفتروا على الرجل محضَراً ،
وينسبوا إليه فيه أنَّه اعترف ،
وأنَّه أقـر أنَّ هذا شرك !؟
كيف يمكن هذا
وهُم سجَّلوا عليه اعترافه ،
وهم ليسوا محل التهمة ،
وليس هناك مِن داعٍ لأن يظلموه!؟
ولو أنَّه أنكر تأليف الكتاب بالمرَّة لقالوا ذلك ،
كما ذكروا أنَّه أنكر كتاب "أدعية وصلوات" – مثلاً - ،
ذكروا أنَّه أنكره في هذا المحضر ،
والمحضر أصبح الآن وثيقة تاريخية .
هذه الإدارات الثلاثة بالإضافة إلى مجلس الوزراء ؛
تحتفظ – جميعاً – بطبيعة الحال
بأرقام لهذا المحضر
وبملفات له .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
فمَن اعترف ،
ومَن أقر بأنَّ هذه الأمور شركٌ
لا يحقُّ له
- فضلاً عن أحدٍ من اتباعه الذين يعيشون في المغرب ،
أو في البحرين ،
أو في الكويت ، أو غيره -
أن يدافع عنه ،
أو أن يقول إنَّه مظلوم ،
أو أن يتنحَّل له العلل ، والمعاذير
- هذا بالنسبة له في ذاته -.
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
القضية الأخرى :
قد تكون قضية جزئيَّة ، أو فرعيَّة ،
لكنَّها مهمَّة من ناحية أخرى ،
وهى قضية نسب الرجل !!
تقولون :
أنَّه ما كان ينبغي للشيخ ابن منيع أن يشكك في نسب الرجل !
أنا أقول لكم - يا أخي - :
أنتم تعرفون الوضع عندنا هنا ،
تعرفون الأشراف المقيمين عندنا في الحجاز ،
وتعرفون كم مِن الأُسَر يتبرأ منها الأشراف
الموجودون حاليّاً في مكة ،
يتبرؤون مِن أُسَرٍ كثيرةٍ
ويقولون :
إنَّ هذه الأُسَر تدَّعي النَّسب لآل البيت
وليست منَّا !
إمَّا أنَّهم ليس عندهم شجرة،
أو أنَّ شجرتهم مكذوبة .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
وتعرفون ما فعله
" العبيديون القرامطة "
في بلاد المغرب
مِن ادعائهم النَّسب الشريف ،
وهم ليسوا منه،
فهذه - يا أخي - ليست القضية قذف
كما يزعم هؤلاء المغفلون ،
يقولون إنه قاذف !!
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
إذا جاءنا رجل مِن جنس القوقازي ،
أو الجنس الصيني ،
أو من أي بلدٍ ،
وادَّعى أنَّه مِن أهل البيت ؛
فنحن – على كلامه –
أمام خيارين :
إما أن نقول نعم ،
هذا مِن آل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم ،
وإما أن نقول لا ،
فيقولون : أنتم قذفتموه !
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
لا يا أخي
النسب هذا علمٌ معروفٌ ،
وفى علم النَّسب
يقال هذه القبيلة تنتسب إلى كذا ،
ولا تنتسب إلى كذا ،
وأخطأ من نسبها إلى كذا ،
أو ادِّعاؤه أنَّ فلاناً مِن قبيلة كذا ليس صحيحاً !
وإنما هو من قبيلة كذا .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
فهم الآن لم يقذفوا أمَّ رجل معين
بأنَّها - والعياذ بالله – زنت !
ليس هذا هو القذف ،
هذا تصحيحٌ للنَّسب ،
هذا تطهير لنفس النَّسب الشريف ،
وإلا لادَّعى كلُّ مدَّعٍ ما شاء،
والنَّسب هذا يترتب عليه إرثٌ ،
ويترتب عليه أحكامٌ مثل
- ما تعلم -
أنَّ آل البيت تحرُم عليهم الزكاة ،
ولهم الخمس ، ولهم كذا ،
كأحكام كثيرة تترتب ،
وتتوقف على ثبوت ذلك ،
فكون الإنسان يتأكد منه
هذا لا يعني القدح ،
ولا يعني الطعن ،
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
وكون الإنسان يشكِّك
فيمن هو أهلٌ لأن يُشكَّك في نسبه ؛
أنا أقول لك بصريح العبارة :
إنَّ الشيخ ابن منيع ربما ليس لديه الأدلَّة الكافية ،
أو القراءة الكافية عن بعضهم،
لكن أنا أقول إنَّه على حقٍّ ،
على حقٍّ في التشكيك في نسب المالكي ،
بدليل :
أولاً :
هناك أقرباء لمحمد علوي مالكي
موجودون الآن في مكة ،
وهم - مِن فضل الله -
معتزلون لشركياته ، وضلالاته ،
وهؤلاء يقولون :
نحن نعرف أنَّ جَدَّنا مِن المغرب ، وقدِم إلى مكة .
أمَّا قضية النَّسب ؛
فهذا أمر يعلمه الله سبحانه وتعالى ،
غير متأكدين ،
ولا يثبت ،
ولا يجزمون في ذلك ،
هؤلاء مِن نفس أسرته يجمعهم وإياه جَدٌّ واحدٌ .
هذا شيء .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
والشيء الآخر :
عندنا زعماء التصوف - يا أخي -
ننظر إلى تاريخهم ،
الرفاعي - مثلاً – كمثال : هاشم الرفاعي - الذي ردَّ على ابن منيع -
يسمِّي نفسه يوسف السيد هاشم الرفاعي ،
ويذكر في كتابه "استدلالات من كتاب" :
السيد أحمد الرفاعي مؤسس الطريقة الرفاعية،
أحمد الرفاعي هذا
يقول عنه الشعراني في "الطبقات الكبرى"
- وهو أكبر طبقات المتصوفة ، ومِن أوثق مراجعهم -
يقول في ترجمته :
ومنهم :
الشيخ أحمد بن أبي الحسين الرفاعي
رضي الله تعالى عنه ،
منسوبٌ إلى بني رفاعة - قبيلة من العرب - ،
وسكن أم عبيدة بأرض البطائح إلى مات بها رحمه الله !! .
انظر :
رفاعة القبيلة المعروفة عندنا الآن في الحجاز هنا ؛
هذه القبيلة
ما هي من قريش أصلاً ،
فكيف يكون الرفاعي قرشياً !
فضلاً عن أن يكون مِن آل البيت ؟
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
لو أنَّ رجلاً مِن أقرب النَّاس إلى آل البيت ،
مثلاً رجل من بني أميَّة
لا يجوز له أن يقول
أنا مِن آل محمد صلى الله عليه وسلم ،
بمعنى أنَّه من ذرية الحسن والحسين ، أو غيرها ،
وإن كان من نفس قريش ،
ومِن أسرةٍ قريبةٍ مِن آل البيت لا يجوز له ،
فكيف يجوز لرجل مِن "رفاعة" ؟
بل الرفاعي هو لم يدَّعِ – فيما أذكر - ،
وهذا الشعراني يقول إن رفاعة قبيلة من العرب
منسوب إليها هذا الرجل .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]
أيضاً :
الحافظ ابن كثير رحمه الله في "البداية والنهاية"
الجزء الثاني عشر في ترجمة أحمد الرفاعي ،
يقول :
إنَّه منسوب إلى رفاعة قبيلة مِن العرب ،
هذا الرجل يدَّعي له بعض الصوفية
أنَّه مِن آل البيت ويعملون له شجرة ،
ومنهم ابن الملقن – مثلاً -
في "طبقات الأولياء"
صفحة 93 ،
وأحد الرفاعية الموجودون في هذا العصر ،
الذي ألَّف كتاباً وهو "أبو الهدى الصيادي" عنه ؛
هؤلاء يقولون :
إنَّ الرجل مِن آل البيت ،
ويعملون له شجرة !
ويصرُّون على نسبته إليهم ،
ويضعون أمام اسمه كلمة السيِّد ،
أو سيدي ،
فإذاً نحن في الحقيقة من حقنا أن نشك ؛
لأن هناك سوابق .
-
[ 4 ] الرد على الخرافيين [ محمد علوي مالكي ]