-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
وما كان المالكي و أحزابه وأسلافه وأئمته
من القرامطة
والفاطميين
أكثر علماً وإدراكاً لأسرار التشريع
من أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم
وتابعيهم ،
ولكنها الفتنة بأبواب الشر
ومغاليق الخير ،
والتشبث بما فيه ترويج
البدع و المنكرات ،
ولكنه الزبد يذهب جفاء ،
والباطل يندمغ ،
فإذا هو زاهق ،
و يأبى الله إلا أن يتم نوره
ولو كره الكافرون .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
لا شك أن بعض الأزمنـة أفضل من بعض ،
وأن بعض الأمكنـة أفضل من بعض ،
إلا أن الفضل في ذلك
لا يكون بالرأي والقياس ،
ولا بالاستحسان ،
ولا بقول من ليس له اختصاص
في تبليغ رسالة إلهية ،
ولكن فضل ذلك يُؤخذ من رب العالمين ،
وممن يبلغ عن رب العالمين .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
فمتى وجدنا نصاً من كتاب الله
أو من سنة رسول الله ،
يقضي بتفضيل زمان أو مكان على غيرهما ;
أخذنا بذلك النص واقتصرنا عليه ،
ولم نوسع مدلوله
فيما لا يحتمله النص ،
فنقول كما يقول المالكي :
" هذا له خصوص ولنوعه عموم " ،
فنقع فيما وقع فيه من اللغط والغلط ،
والقول على الله وعلى رسوله
بالزور
والبهتان
والعدوان ،
نسأل الله لنا وله الهداية ،
والله المستعان .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
الدليل الثاني عشر
مناقشته ثم رده :-
وذكر المالكي الدليل الثاني عشر بقوله :
الثاني عشر :
إن المولد أمر يستحسنه العلماء والمسلمون في جميع البلاد ،
و جرى به العمل في كل صقع ،
فهو مطلوب شرعاً للقاعدة المأخوذة من حديث ابن مسعود الموقوف
( ما رآه المسلمون حسناً فهوعند الله حسن ،
وما رآه المسلمون قبيحاً فهو عند الله قبيح ) اهـ .
ونقول للمالكي :
من هم العلماء والمسلمون الذين يستحسنون المولد ؟
هل هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
قطعاً لا ..
هل هم التابعون ؟
قطعاً لا ..
هل هم تابعوا التابعين ؟
قطعاً لا ..
هل من العلماء والمسلمين من يقيم المولد
من أهل القـرون الثلاثة المفضلة ؟
قطعاً لا ..
مَن مِن علماء المسلمين الذين يستحسنون المولد ؟
هل هم أهل الحديث وشرّاحه
أمثال البخاري ومسلم
والنسائي وأحمد وابن ماجه
والترمذي وأبو داود والبيهقي والطبراني ،
وغيرهم من أئمة الحديث ورجاله
ممن عرفوا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
ونذروا أنفسهم لخدمتها والتبصير بها ،
ورد ما ليس منها مما يُراد أن يكون منها ؟
قطعاً لا ..
هل هم أئمة الفقهاء
أمثال أبي حنيفة ومالك والشافعي
وأحمد وابن حزم و الأوزاعي والثوري ،
وغيرهم من فقهاء الأمة وعلمائها ؟
قطعاً لا ..
هل هم علماء التفسير
أمثال ابن كثير وابن جرير والبغوي
والقرطبي وابن العربي ، وغيرهم ؟
قطعاً لا ..
هل هم قادة القرامطة والفاطميين والرافضة
بمختلف طوائفهـم ونحلهم ؟؟
اللهم نعم .
هل هم أهل الطُرُق الصوفية
من تيجانية وسنوسية ورفاعية وشاذلية ونقشبندية ونحوهم ؟
اللهم نعم ..
هل هم عوام مغرّر بهم
من المالكي وأحزابـه وأسلافـه من
دعاة البـدع والمحدثات؟
اللهم نعم .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
وإذا كان كذلك ;
ولا شك أن الأمر كما قلنا ،
والمالكي يعترف بأن المولد بدعة
باعتباره لم يكن في الصدر الأول من الإسلام ،
ولكنه يناقض نفسه
حينما يقول بأن المسلمين والعلماء قد استحسنوا المولد ،
والحال أن علية الأمة الإسلامية وصفوتها
ورعيلها الأول من أهل القرون الثلاثة المفضلة
من علماء وزهاد و عباد ،
من صحابة وتابعين وأتباع تابعين ،
لم يكن المولد على عهدهم
ولا عهد لهم به .
إنها المغالطة
إذا لم نقل أنه الجهل المركب منه .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
ثم مَن المسلمون المعتبرون في اعتبار الحُسْن والقبح
كما جاء به الأثر عن ابن مسعود رضي الله عنه ؟
هل هم القرامطة
والفاطميون
وأصحاب الطُرُق
ممن عشَّش الشيطان في عقولهم فأفسدها ،
فأصبح الحسن عندهم ما رآه الشيطان حسنا ،
والقبيح لديهم ما رآه قبيحا ؟.
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
هل يستطيع
المالكي وأحزابه وأعوانه وشيـوخه وأئمته
أن يأتوا لنا بقـول أو فعـل أو استحسان للموالد والاحتفال بها
من السلف الصالح
من الصحابة والتابعين وتابع التابعين ،
وصلحاء الأمة من فقهائها ومحدثيها ،
وزهّـادها وعبّـادها ؟ .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
لا شك أنهم سيعجزون
عن أن يأتوا بما تحديناهم أن يأتوا به ،
ولهذا نكتفي بهذا التحدي ،
لثقتنا الكاملة في جدواه ،
نكتفي بذلك عن أن ندخل مع المالكي
في مناقشة لأثر ابن مسعود رضي الله عنه ،
من حيث ثبوته ،
والمقصود به ،
وما ذكره أهل العلم بخصوصه .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
ونختم رد هذا الدليل
بما ذكره الشاطبي في هذا الخصوص،
فقد عقد الشاطبي رحمه الله
باباً في كتابه ( الاعتصام ) الجزء الثاني ،
ذكر فيه الفرق بين البدعة
وبين الاستحسان والمصالح المرسلة
اللذين أخذ بهما مجموعة من أهل العلم ،
واحتج بهما على مشروعية الابتداع أهل البدع ،
نقتطف من قوله رحمه الله
ما يتسع المجال لاقتطافه ،
ونحيل طالب الاستزاده والتحصيل
إلى الكتاب نفسه .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
قال رحمه الله :
الباب الثامن
في الفرق بين البدعوالمصالح المرسلة والاستحسان :
( هذا الباب يضطر إلى الكلام فيه عند النظر
فيما هو بدعة وما ليس ببدعة ،
فإن كثيراً من الناس عدوا أكثر المصالح المرسلة بدعاً ،
ونسبوها إلى الصحابة والتابعين ،
وجعلوها حجة فيما ذهبوا إليه
من اختراع العبادات .
وقوم جعلوا البدع تنقسم بأقسام أحكام الشريعة ،
فقالوا : إن منها واجب ومندوب ،
وعدوا من الواجب كتب المصحف وغيره ،
ومن المندوب الاجتماع في قيام رمضان على قارئ واحد .
وأيضاً فإن المصالح المرسلة
يرجع معناها إلى اعتبار المناسب
الذي لا يشهد له أصل معين ،
فليس له على هذا شاهد شرعي على الخصوص ،
ولا كونه قياساً بحيث إذا عرض على العقول تلقته بالقبول ،
وهذا بعينه موجود في البدع المستحسنة ،
فإنها راجعة إلى أمور في الدين مصلحية
– في زعم واضعيها –
في الشرع على الخصوص ،
وإذا ثبت هذا فإن كان اعتبار المصالح حقا ;
فاعتبار البدع المستحسنة حق ،
لأنهما يجريان في واد واحد ،
وإن لم يكن اعتبار البدع حقا ;
لم يصح اعتبار المصالح المرسلة )
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
– إلى أن قال -
( فلما كان هذا الموضع
مزلة قدم لأهل البدع ،
أن يستدلوا على بدعتهم من جهته ،
كان من الحق المتعين النظر في مناط الغلط ،
الواقع لهؤلاء ،
حتى يتبين أن المصالح المرسلة ليست من البدع ،
في ورد ولا صدر بحول الله ،
والله الموفق
فنقول :
المعنى المناسب الذي يربط به الحكم
لا يخلو من ثلاثة أقسام :
أحدها :
أن يشهد الشرع بقبوله ،
فلا إشكال في صحته ولا خلاف في إعماله ،
وإلا كان مناقضة للشريعة ،
كشريعة القصاص حفظاً للنفوس والأطراف ،
وغيرها .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
والثـاني :
ما شهد الشرع برده فلا سبيل إلى قبوله ،
إذ المناسبة لا تقتضي الحكم لنفسها ،
وإنما ذلك مذهب أهل التحسين العقلي ،
بل إذا ظهر المعنى ،
وفهمنا من الشرع اعتباره في اقتضاء الأحكام ;
فحينئذ نقبله ،
فإن المراد بالمصلحة عندنا ما فهم رعايته ،
في حق الخلق في جلب المصالح ودرء المفاسد
لا يستقل العقل بدركه على حال ،
فإذا لم يشهد الشرع باعتبار ذلك المعنى بل برده ;
كان مردوداً باتفاق المسلمين .
ومثاله ما حكى الغزالي عن بعض أكابر العلماء ،
أنه دخل على بعض السلاطين فسأله عن الوقاع في نهار رمضان ،
فقال : عليك صيام شهرين متتابعين ،
فلما خرج راجعه بعض الفقهاء ،
وقالوا له : القادر على إعتاق الرقبة كيف يعدل به إلى الصوم ،
والصوم وظيفة المعسرين ،
وهذا الملك يملك عبيداً غير محصورين .
فقال لهم : لو قلت عليك إعتاق رقبة لاستحضر ذلك وأعتق عبيداً مراراً ،
فلا يزجره إعتاق الرقبة ،
ويزجره صوم شهرين متتابعين .
فهذا المعنى مناسب
لأن الكفارة مقصود الشرع منها الزجر ،
والملك لا يزجره إلا صوم شهرين متتابعين .
وهذه الفتيا باطلة
لأن العلماء بين قائليّـن قائل بالتخيير ، وقائل بالترتيب ،
فيقدم العتق على الصيام ،
فتقديم الصيام بالنسبة إلى المفتى
لا قائل به )
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
- إلى أن قال : -
( الثالث :
ما سكتت عنه الشواهد الخاصة ،
فلم تشهد باعتباره ولا بإلغائه ،
فهذا على وجهين ،
أحدهما : ألا يرد نص على وفق ذلك المعنى ،
كتعليل منع القتل للميراث بالمعاملة ،
بنقيض المقصود ،
وعلى تقدير أن لم يرد نص على وفقه ،
فإن هذه العلة لا عهد بها في تصرفات الشرع بالنص ،
ولا بملائمها بحيث يوجد لها جنس معتبر ،
فلا يصح التعليل بها ،
ولا بناء الحكم عليها باتفاق
ومثل هذا تشريع من القائل به فلا يمكن قبوله .
والثاني : أن يلائم تصرفات الشارع ،
وهو أن يوجد لذلك المعنى جنس
اعتبره الشارع في الجملة ،
بغير دليل معين ،
وهو الاستدلال المرسل
المسمى بالمصالح المرسلة ) ،
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
- ثم ذكر عشرة أمثلة لتوضيح ذلك ،
ثم قال :
( فهذه أمثـلة عشرة ،
توضح لك الوجه العملي في المصالح المرسلة،
وتبيّن لك اعتبار أمور :
أحدها :
الملائمة لمقاصد الشرع
بحيث لا تنافي أصلاً من أصوله ،
ولا دليلاً من دلائله .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
الثاني :
أن عامة النظر فيها إنما هو فيما عقل منها ،
وجرى على وفق المناسبات المعقولة ،
التي إذا عرضت على العقول تلقتها بالقبول ،
فلا مدخل لها في التعبدات ،
ولا ما جرى مجراها من الأمور الشرعية ،
لأن عامة التعبدات
لا يعقل لها معنى على التفصيل ،
كالوضوء والصيام والصلاة في زمان مخصوص دون غيره ،
ونحو ذلك فليتأمل الناظر الموفق ،
كيف وضعت على التحكم المحض
المنافي للمناسبات التفصيلية .
ألا ترى أن الطهارات على اختلاف أنواعها
قد اختص كل نوع منها بتعبد مخالف جداً
لما يظهر لبادئ الرأي ،
فإن البول والغائط خارجان نجسان
يجب بهما تطهير أعضاء الوضوء دون المخرجين فقط ،
ودون جميع الجسد ،
فإذا خرج المنى أو دم الحيض وجب غسل جميع الجسد ،
دون المخرج فقط ،
ودون أعضاء الوضوء ...
ثم التراب ومن شأنه التلويث،
يقوم مقام الماء الذي من شأنه التنظيف ) .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
ثم استمر رحمه الله
في استعراض أنواع العبادة ،
من صلاة وصوم وحج وغير ذلك من أنواع العبادة ،
وأوضح أن التشريع فيها
أمر تعبدي
لا يعقل فيه معنى تفصيلي ،
ثم ذكر الأمر الثالث بقوله :
( الثالث :
أن حاصل المصالح المرسلة يرجع إلى حفظ أمر ضروري ،
ورفع حرج لازم في الدين ،
وأيضاً مرجعها إلى حفظ الضروري
من باب ما لا يتم الواجب إلا به ،
فهي إذاً من الوسائل ،
لأن المقاصد ورجوعها إلى رفع الحرج
راجع إلى باب التخفيف لا إلى التشديد )
- إلى أن قال -
( إذا تقررت هذه الشروط ;
عُلم أن البدع كالمضادة للمصالح المرسلة ،
لأن موضوع المصالح المرسلة
ما عُقل معناه على التفصيل ،
والتعبدات من حقيقتها
ألا يُعقل معناها على التفصيل )
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
- إلى أن قال -
( فإذا ثبت أن المصالح المرسلة
ترجع إما إلى حفظ ضروري ،
من باب الوسائل أو التخفيف ،
فلا يمكن إحداث البدع من جهتها ،
ولا الزيادة في المندوبات ،
لأن البدع من باب الوسائل ،
لأنها متعبد بها بالفرض ،
ولأنها زيادة في التكليف
وهو مضاد للتخفيف ،
فحصل من هذا كله
ألا تعلُّق للمبتدع
بباب المصالح المرسلة
إلا القسم الملغي باتفاق العلماء ،
وحسبك به متعلقاً ،
والله الموفق .
وبذلك كله يعلم من قصد الشارع
أنه لم يكل شيئاً من التعبدات
إلى آراء العباد
فلم يبقَ إلا الوقوف عند ما حده ،
والزيادة عليه بدعة،
كما أن النقصان منه بدعة )
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
- ثم قال -
( فصل
وأما الاستحسان
فلأن لأهل البدع أيضاً تعلقاً به،
فإن الاستحسان لا يكون إلا بمستحسن،
وهو إما العقل أو الشرع ،
أما الشرع فاستحسانه واستقباحه قد فرغ منهما ،
لأن الأدلة اقتضت ذلك ،
فلا فائدة لتسميته استحساناً ،
ولا لوضع ترجمة له زائدة
على الكتاب والسنة و الإجماع ،
وما ينشأ عنها من القياس والاستدلال ،
فلم يبق إلا العقل هو المستحسن ،
فإن كان بدليل
فلا فائدة لهذه التسمية لرجوعه إلى الأدلة ،
لا إلى غيرها ،
وإن كان بغير دليل
فذلك هو البدعة التي تستحسن ،
ويشهد لذلك قول من قال في الاستحسان
إنه يستحسنه المجتهد لفعله ،
ويميل إليه برأيه ،
قالوا وهو عند هؤلاء من جنس ما يستحسن في العوائد ،
وتميل إليه الطباع ،
فيجوز الحكم بمقتضاه ،
إذ لم يوجد في الشرع ما ينافي هذا الكلام .
ثم بين أن من التعبدات ما لا يكون عليه دليل ،
وهو الذي يسمى بالبدعة ،
فلا بد أن ينقسم إلى حسن وقبيح ،
إذ ليس كل استحسان حقا )
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
- إلى أن قال -
( وقد أتوا بثلاثة أدلة :
أحدها : قول الله سبحانه:
{ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ }[1] ،
وقوله :
{ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ }[2] ،
وقوله :
{.. فَبَشِّرْ عِبَادِ *
الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ }[3]
هو ما تستحسنه عقولهم .
والثاني :
قوله عليه السلام :
" ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن "
وإنما يعني بذلك ما رأوه بعقولهم ،
وإلا لو كان حسنه بالدليل الشرعي
لم يكن من حسن ما يرون ،
إذ لا مجال للعقول في التشريع على ما زعمتم ،
فلم يكن للحديث فائدة
فدل على أن المراد ما رأوه بعقولهم .
===========
[1] - سورة الزمر ، الآية : 55 .
[2] - سورة الزمر ، الآية : 23 .
[3] - سورة الزمر ، الآية : 18 .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
والثالث :
أن الأمة استحسنت دخول الحمام من غير تقدير أجرة ،
ولا تقدير مدة اللبث ،
ولا تقدير الماء المستعمل ،
ولا سبب ذلك
إلا أن المشاحة في فعله قبيحة في العادة ،
فاستحسن الناس تركه ،
مع أنا نقطع أن الإجارة المجهولة أو مدة الاستئجار ،
أو مقدار المشترى إذا جهل ;
فإنه ممنوع وقد استحسنت إجارته مع مخالفة الدليل ،
فأولى أن يجوز إذا لم يخالف دليل .
فأنت ترى أن هذا الموضع مزلة قدم أيضاً ،
لمن أراد أن يبتدع
فله أن يقول :
إن استحسنت كذا وكذا
فغيري من العلماء قد استحسن،
وإذا كان كذلك
فلابد من فضل اعتناء بهذا الفصل
حتى لا يغتر به جاهل
أو زاعم أنه عالم ) .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
ثم ذهب رحمه الله
في تعريف الاستحسان ومناقشة تعاريفه المختلفة ،
وأقوال أهل العلم في اعتباره وشروطه .
ثم قال بعد ذلك
( فإذا تقرر هذا
فلنرجع إلى ما احتجوا به أولاً
فإن من حد الاستحسان
بأن ما يستحسنه المجتهد
بفعله ويميل إليه برأيه .
فكان هؤلاء يرون هذا النوع من جملة أدلة الأحكام ،
ولا شك أن العقل يجوز أن يرد الشرع بذلك ،
بل يجوز أن يرد بأن ما سبق إلى أوهام العوام مثلاً ،
فهو حكم الله عليهم ،
فيلزمهم العمل بمقتضاه ،
ولكن لم يقع مثل هذا
ولم يُعرف التعبد به
لا بضرورة ولا بنظر
ولا بدليل من الشرع قاطع ولا مظنون ،
فلا يجوز إسناده لحكم الله
لأنه ابتداء تشريع من جهة العقل .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
وأيضاً فإنا نعلم أن الصحابة رضي الله عنهم ،
حصروا نظرهم في الوقائع التي لا نصوص فيها
في الاستنباط والرد ،
إلى ما فهموه من الأمور الثابتة ،
ولم يقل أحد منهم إني حكمت في هذا بكذا ،
لأن طبعي مال إليه ،
أو لأنه يوافق محبتي وحناني ،
ولو قال ذلك لاشتد عليه النكير ،
وقيل له من أين لك أن تحكم على عباد الله
بمحض ميل النفس وهوى القلب
هذا مقطوع ببطلانه .
بل كانوا يتناظرون
ويعترض بعضهم بعضا على مأخذ بعض ،
ويحصرون ضوابط الشرع .
وأيضاً فلو رجع الحكم إلى مجرد الاستحسان ;
لم يكن للمناظرة فائدة ،
لأن الناس تختلف أهواؤهم وأغراضهم
في الأطعمة والأشربة واللباس وغير ذلك ،
ولا يحتاجون إلى مناظرة بعضهم بعضاً ،
لم كان هذا الماء أشهى عندك من الآخر ،
والشريعة ليست كذلك .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
على أن أرباب البدع العملية
أكثرهم لا يحبون أن يناظروا أحداً ،
ولا يفاتحون عالماً ولا غيره
فيما يبتغون خوفاً من الفضيحة
ألا يجدوا مستنداً شرعياً ،
وإنما شأنهم إذا وجدوا عالماً أو لقوه أن يصانعوا ،
وإن وجدوا جاهلاً عامياً
ألقوا عليه في الشريعة الطاهرة إشكالات حتى يزلزلوهم ،
ويخلطوا عليهم ويلبسوا دينهم ،
فإذا عرفوا منهم الحيرة والالتباس ;
ألقوا إليهم من بدعهم على التدريـج شيئاً فشيئاً ،
وذموا أهل العلم بأنهم أهل الدنيا المنكبّون عليها ،
وأن هذه الطائفة هم أهل الله وخاصته .
وربما أوردوا عليهم من كلام غلاة الصوفية
شواهد على ما يلقون عليهم )
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
- إلى أن قال
( وأما الدليل الأول فلا متعلق به ،
فإن أحسن الاتباع
اتباع الأدلة الشرعية ،
وخصوصاً القرآن،
فإن الله تعالى يقول:
{ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا }[1] الآية ،
وجاء في صحيح الحديث الذي أخرجه مسلم ،
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبته :
" أما بعد فإن
أحسن الحديث كتـاب الله " ،
فيفتقر أصحاب الدليل
أن يبينوا أن ميل الطباع أو أهواء النفوس
مما أُنزل إلينا ،
فضلاً عن أن يكون من أحسنه .
==========
[1] - سورة الزمر ، الآية : 23 .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
وقوله :
{ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ }[1] الآية ،
يحتاج إلى بيان أن ميل النفوس يسمى قولاً ،
وحينئذ ينظر إلى كونه أحسن القول ،
كما تقدم ،
وهذا كله فاسد ،
ثم إنا نعارض هذا الاستحسان ;
بأن عقولنا تميل إلى إبطاله وأنه ليس بحجة ،
وإنما الحجة الأدلة الشرعية
المتلقاة من الشرع ،
وأيضاً
فيلزم عليه استحسان العوام ،
ومن ليس من أهل النظر ،
إذا فرض أن الحكم يتبع مجرد ميل النفوس وهوى الطبع ،
وذلك محال للعلم
بأن ذلك مضاد للشريعة
فضلاً عن أن يكون من أدلتها .
==========
[1] - سورة الزمر ، الآية : 18 .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
وأما الدليل الثاني
فلا حجة فيه
من أوجه :
أحدهما :
أن ظاهره يدل على أن ما رآه المسلمون حسناً فهو حسن ،
والأمة لا تجتمع على باطل ،
فاجتماعهم على حُسن شيء يدل على حسنه شرعاً ،
لأن الإجماع دليلاً شرعياً ،
فالحديث دليل الحكم عليكم
لا لكم .
والثاني :
أنه خبر واحد في مسألة قطعية فلا يُسمع .
والثالث :
أنه إذا لم يرد به أهل الإجماع وأريد بعضهم ;
فيلزم عليه استحسان العوام ،
وهو باطل بإجماع )
إلى أن قال
( فالحاصل أن تعلق المبتدعة بمثل هذه الأمور
تعلق بما لا يغنيهم ولا ينفعهم البتة ..)
إلى آخر ما ذكره .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
الدليل الثالث عشر
مناقشته ثم رده :-
وذكر المالكي الدليل الثالث عشر بقوله :
الثالث عشر :
أن المولد اجتماع ذكر وصدقة ومدح وتعظيم للجناب النبوي ،
فهو سنة ،
وهذه أمور مطلوبة شرعاً وممدوحة ،
وجاءت الآثار الصحيحة بها ، وبالحث عليها . اهـ .
ونقف مع المالكي في دليله هذا الوقفات التالية :-
الوقفة الأولى :
مع ما ذكره من أن المولد اجتماع ذكر وصدقة . إلى آخر قوله .
و نقول للمالكي :
إن الاحتفالات بالمولد تشتمل على اجتماع كما ذكر ،
ولكنها اجتماعات مشوبة بالمنكرات ،
ففيها الاختلاط بين الرجال والنساء ،
وفيها المعازف بمختلف أنواعها ،
وإذا كانت موالد المالكي لا تشتمل على شيء من ذلك
كما نفاه في رسالته هذه ;
فإنه أثبت لنا بطريق الاعتراف والإقرار
أن موالده تشتمل على تربية العقول
على الأوهام والتخيلات الباطلة ،
والاعتقادات السخيفة ،
حينما يعتقد من يحضر احتفالاته بالمولد
بحضور الحضرة النبوية ،
وتعين القيام لها ،
فاجتماع يشتمل على السخرية بالعقول ،
والأخذ بالاعتقادات السخيفة ،
يضاف إلى ذلك ما يحيط به من منكرات الاختلاط ،
والأغاني والإسراف في المآكل والمشارب ،
والاستجداء من هذه الاحتفالات ،
إلى غير ذلك
مما يعرفه المالكي وأحزابه داخل البلاد وخارجها .
هل يكون هذا الاجتماع بهذا الوضع المزري ،
وبهذه الحال السيئة مطلوب شرعاً مطلوب شرعاً ؟
سبحانك
هذا بهتان عظيم .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
وإذا كان هذا الاجتماع
يشتمل على ما يزعم المالكي
على الذكر والصدقة
ومدح وتعظيم الجناب النبوي ;
فإن الذكر يعني تلاوة كتب الموالد ودلائل الخيرات ،
وغير ذلك مما يصرخ بالشركيات
والبدعيات ،
والغلو في شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم
ورفع مقامه إلى مقام الربوبية والألوهية ،
والصدقة تعني تقديم موائد الأكل والشرب
للمشاركين في هذا الاحتفال ،
من برّ وفاجر ، وغني وفقير ،
وتعنى كما ذكره أهل العلم
والعارفون بخصائص الموالد ;
الاستجداء ،
حيث يتقدم الحاضرون لهذه الاحتفالات
بما تجود به نفوسهم المأخوذة
بدواعي التغرير
والتضليل
والإغراء الكاذب،
فيجتمع لدى المختص بجمع الأموال
ما يزيد بكثير عن المستلزمات المالية للاحتفال بالمولد ،
فيأخذه المالكي
وأحزابه زعماء الموالد وقادتها .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
أما المدح والتعظيم للجناب النبوي
فذلك بيت القصيد ،
إن لم يكن ذلك قميص عثمان .
ففي هذه الاحتفالات الترنم ببردة البوصيري
وغيرها من المدائح النبوية
التي ترفع مقام النبي صلى الله عليه وسلم
إلى مقام الربوبية والألوهيةكقوله :
يا أكرم الخلق مالي من ألوذ بـه
سواك عند حلول الحادث العمـم
إن لم تكن في معادي آخذاً بيدي
فضلاً وإلا فـقــل يا زلـة القــدم
فإن من جـودك الدنـيا وضرتهـا
ومن علومـك علم اللـوح والقـلـم
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
وقول البكري :
ولـُذْ به في كل ما تـرتـجي
فـإنــه المـأمــن والمــعـقــل
ونــادهِ إن أزمــة أنـشـبــت
أظفارها واستحكم المعضـل
يا أكـرم الخـلــق على ربـه
وخيــر من فـيهـم به يُـسـأل
قد مسني الكـرب وكم مـرة
فرّجتَ كـرباً بعـضه يعضل
عجّـل بإذهاب الذي أشتكي
فإن تـوقـفـت فمن ذا أســأل
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
إلى آخر ما في المدائح النبوية
من الغلو
والإطراء ،
والإفراط
ومخالفة أمر و رغبة رسول الله
صلى الله عليه وسلم ،
وحرصه الشديد في أن تعرف أمته قدره عند ربه ،
فلا تطريه وترفعه إلى مقام لا يرتضيه :
" لا تطروني
كما أطرت النصارى ابن مريم ،
إنما أنا عبد ،
فقولوا
عبدُ الله ورسوله " .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
فهل في مخالفة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
وهي في الإتيان بما يُغضب رسول الله ،
وهل الغلو في رسول الله
بما لا يرضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
هل في ذلك سنة ومطلوب شرعاً ؟
أم أن ذلك عين المحظور ،
وجوهر التنكب عن الصراط المستقيم ! .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
الوقفة الثانية :
عند قوله :
إن الآثار الصحيحة جاءت بها وبالحث عليها .
ونقول للمالكي :
إن كان قصدك أن ذكر الله تعالى ،
والتحدث بنعمه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،
والتصدق على من يستحق الصدقة ،
ومدح رسول الله صلى الله عليه وسلم
وتعظيمه بما لا يخرجه عن مقامه
ولا منزلته التي أنزلها الله إياها ;
إن كان قصدك أن هذه الأمور مأمور بها ومطلوبة شرعاً ;
فهذا حق وصدق وعدل .
إلا أن ذلك
ليس خاصاً
بليلة واحدة
في السنة ،
وإنما هي وغيرها مما أمر به في كتابه ،
أو على لسان رسوله صلى الله عليه و سلم ،
مطلوبة منا شرعاً
وفي كل وقت
وفي كل مكان
ومن كل فرد ،
وقد جاءت الأحاديث الصحيحة بمشروعيتها ،
وبالحث عليها ،
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
وهذا لا يعني أننا نُسلِّم للمالكي بدليله هذا ،
فقد وقفنا معه الوقفة الأولى
وبينا بُعْده عن مواطن الاستدلال
وأن الذكر والصدقة والمدائح النبوية
التي يُقام الاحتفال للمولد بها ;
ليست الأمور المطلوبة شرعاً ،
بحكم ما يخالطها ويمازجها من المنكرات
والشركيات
والتلاعب بالعقول ،
وإنما هي أمور محظورة شرعاً ،
تغضب الله وتغضب رسوله ،
وتتنافى مع مقتضى شهادة ألا إله إلا الله ،
وأن محمداً رسول الله ،
وتربي العقول على الأخذ بالخيالات
والترهات والوهميات ،
فهل خلط عقل المالكي
فالتبست عليه المتضادات ؟
أم أنه الهوى يُعمي ويُصم ؟ .
رحمك الله أيها الشاطبي ،
فحقاً ما قلت :
بأن أهل البدع لا يستطيعون المناظرة
ومقابلة الحجة بالحجة ،
لأنهم يُشرِّعون بعقولهم المجردة
عن أي مستند شرعي .
وهذا المالكي
من أجناس من قصدت
رحمك الله .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
الدليل الرابع عشر
مناقشته ثم ردّه :-
وذكر المالكي الدليل الرابع عشر بقوله :
الرابع عشر :
أن الله تعالى قال :
{ وَكُلاَّ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ }[1]،
يظهر منه أن الحكمة في قص أنباء الرسل عليه
تثبيت فؤاده الشريف بذلك ،
ولا شك أننا اليوم نحتاج إلى تثبيت أفئدتنا بأنبائه وأخباره ،
أشد من احتياجه هو صلى الله عليه وسلم .اهـ .
حقاً إننا محتاجون دائماً وأبداً
وفي كل وقت ،
وليس في ليلة واحدة
بعد مضي ثلاثمائة وأربع وخمسين ليلة ،
محتاجون إلى ما يثبت أفئدتنا
ويقوى عزائمنا ويزيد في إيماننا ،
وذلك باتباع أوامر الله تعالى
وأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم ،
وبالتزام الطاعة والعبادة
وفق ما شرعه صلى الله عليه وسلم ،
وما هو عليه من صبر وإيمان وجهاد ،
ورأفة تامة بأمته
وحرص منه صلى الله عليه وسلم على اهتدائها ،
وغير ذلك من جوانب الإشراق
في حياته صلى الله عليه وسلم .
==========
[1] - سورة هود ، الآية : 120 .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
لا شك أن في دراسة ذلك وتأمله ومتابعته
تقوية لأفئدتنا ، وزاداً لعزائمنا ،
وإيماناً بحكمة وجودنا في هذه الحياة ،
إلا أن ذلك ينبغي أن يكون
في كل وقت
وعلى أي حال وفي كل مناسبة ،
في مساجدنا ومدارسنا ومجالسنا وأجهزة إعلامنا ،
فنحن في أشد وأحوج إلى ما تقوى به عزائمنا ،
وتثبت به أفئدتنا ،
ولا شك أن أفئدتنا ستكون أشد زعزعة ،
وعزائمنا أكثر ضعفاً
إذا كنا لا نسمع أخباره صلى الله عليه وسلم ،
ولا تقص علينا سيرته صلى الله عليه وسلم
إلا مرة في السنة ،
فيها من التلاعب وتسفيه الأحلام ،
والسكوت على المنكرات أو المشاركة بها
ما يعرفه المالكي وأحزابه ،
فهل بعد هذا الجفاء جفاء ؟ ،
وهل بعد هذا الحرمان من حرمان ؟ ،
وهل بعد هذه القطيعة من قطيعة ؟ .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
لقد أمر الله تعالى أن تكون صلة عباده به قوية
ومتماسكة ومستمرة ،
فقد أوجب على عباده خمس صلوات في كل يوم وليلة ،
وجعل في الصلوات من الأذكار والأقوال
ما يرتفع بها ذكر رسوله صلى الله عليه وسلم ،
كما هو الواقع في التشهد الأول
وما فيه من سلام عليه صلى الله عليه وسلم ،
وشهادة له بالرسالة ،
وما في التشهد الثاني فوق ذلك
من الصلاة عليه وعلى آله
والدعاء لهم بالبركة .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
إن المالكي يتشدق
ويظن أنه بهذيانه في رسالته البتـراء
وفي غيرهـا من كتـبـه و رسائله ;
يعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يستحقه ،
وما يدري الجاهل المسكين
أنه بدعوته لإقامة الموالد
يُبعد الناس عن سيرة رسول الله ،
وعن جوانب الإشراق في حياة رسول الله ،
وعن موجبات الاتعاظ وأخذ العبر من جهاد رسول الله ،
حينما لا يكون تذكر ذلك
إلا في ليلة واحدة
بعد ثلاثمائة وأربع وخمسين ليلة ،
ينشغل فيهن الناس بأمور الدنيا وزخارفها ومتعها ،
وينسون ما سمعوه في ليلة المولد
إن سمعوا فيها حقاً وصدقاً ،
وما أقل ذلك وأندره .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
الدليل الخامس عشر
مناقشته ثم رده :-
وذكر المالكي الدليل الخامس عشر بقوله :-
الخامس عشر:
ليس كل ما لم يفعله السلف ولم يكن في الصدر الأول فهو بدعة منكرة سيئة
يحرم فعلها ويجب الإنكار عليها،
بل يجب أن يعرض ما أحدث على أدلة الشرع ،
فما اشتمل على مصلحة فهو واجب ،
أو على محرم فهو محرم ،
أو على مكروه فهو مكروه ،
أو على مباح فهو مباح ،
أو على مندوب فهو مندوب ،
وللوسائل حكم المقاصد .
ثم قسم العلماء البدعة إلى خمسة أقسام :
واجبة كالرد على أهل الزيغ وتعلم النحو ،
ومندوبة كإحداث الربط والمدارس والأذان على المنابر ،
وصنع إحسان لم يعهده في الصدر الأول ،
ومكروهة كزخرفة المساجد وتزويق المصاحف ،
ومباحة كاستعمال المنخل والتوسع في المآكل والمشارب،
ومحرمة وهي ما أحدث لمخالفة السنة ،
ولم تشمله أدلة الشرع العامة ،
ولم يحتو على مصلحة شرعية .اهـ .
الواقع أن العلماء رحمهم الله
لم يهملوا هذه المسألة
بل بحثوها وحققوها تحقيقاً ظهر منه
ما يعتبر بدعة وما لا يعتبر بدعة .
وقد سبق أن قدمنا في الفصل التمهيدي
للدخول مع المالكي في مناقشة أدلته وردها ;
قدمنا نصوصاً لأهل العلم والمحققين منهم
أمثال شيخ الإسلام ابن تيمية والشاطبي
والعز بن عبد السلام وابـن رجب ،
وغيرهـم مما يغـني عن إعادته .
تحدثوا رحمهم الله عن البدعة
وعن الإحداث في الدين ،
وفندوا رأي من يقسم البدعة إلى حسن وقبيح ،
وذكروا رحمهم الله أن النصوص النبوية في
رد البدعة والتحذير منها
نصوص عامة شاملة ،
لا يمكن أن يخرج من أجزائها أو أفرادها
ما يعتبر حسناً مشروعاً ،
لما في ذلك من الخلل والخطأ ،
والبعد عن روح التشريع ،
من اتهام الدين بالنقص
والرسول بالتقصير في أداء الرسالة ،
وزعزعة الإيمان بمقتضى مدلول قوله تعالى :
{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ
وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي
وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسَْلامَ دِينًا }[1].
==========
[1] - سورة المائدة ، الآية 3 .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
ولا شك أن ما أُحدث فينبغي عرضه على أدلة الشرع ،
فما اشتمل على مصلحة ظاهرة ،
وأدلة الشرع العامة تؤيده وتدعو إليه ،
كالرد على
أهل الزيغ والبدع والضلال ،
والنظر فيما يحفظ كتاب الله من جمع ونشر ،
وتصنيف علوم القرآن واللغة والحديث ،
ونحو ذلك مما تؤيده القواعد العامة للتشريع ;
فهذا ليس من قبيل الابتداع ،
ولا نقول بأن السلف الصالح لم يكن على عهد به ،
وقد أحدث بعدهم ،
فالعبرة من هذه الأمور المستحدثة بنتائجها،
ولا شك أن نتائجها محصلة لدى سلفنا الصالح،
فكتاب الله في صدروهم ،
وهم أهل اللغة سليقة ،
فليسوا في حاجة إلى علوم اللغة ،
إلى أن اختلت ألسنة أولادهم ،
بحكم اختلاطهم بالأعاجم ،
فأشار الخليفة الراشد على بن أبي طالب رضي الله عنه
بإيجاد علم النحو لحفظ اللسان العربي ،
ثم تتابعت علوم القرآن واللغة
تحقيقاً لضرورة العناية بكتاب الله
حفظاً وتعلماً وتعليماً ،
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
ورد سلفنا الصالح
على أهل الزيغ والضلال حاصل منهم بالفعل ،
فقد ردَّت عائشة رضي الله عنها على الحرورية ،
وردَّ علي بن أبي طالب رضي الله عنه على غلاة الشيعة ،
وأصل ذلك تحذير رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته
من دعاة السوء والضلال ،
من خوارج وغيرهم ،
وأنه إن أدركهم ليقاتلنهم .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
ولا نقول بأن إيقاف الربط ليس له عهد لدى سلفنا الصالح ،
فأين المالكي عن الصفة وأهل الصفة ،
فهي رباط على فقراء الصحابة ،
وهي أصل في مشروعية وقف الأربطة على الفقراء .
ولا نقول بأن المدارس محدثة ،
فأين المالكي عن دار الأرقم المدرسة الأولى في الإسلام ؟
فهي كذلك أصل في إيجاد مدارس
يتعلم فيها أبناء المسلمين أمور دينهم ودنياهم .
أما الأذان على المنابر
فلا يخفى أن الأذان شرع للإعلام بدخول وقت الصلاة ،
وأن المؤذنين في الصدر الأول من الإسلام
كانوا يؤذنون على سطوح المساجد والبيوت
ابتغاء التوسع في الإبلاغ ،
فإذا كان التوسع في الإبلاغ بدخول الوقت مطلباً شرعياً ;
فأي وسيلة إليه مطلوبة شرعاً ،
ولا تعتبر حدثاً لوجود أصلها في الجملة .
أما زخرفة المساجد والمصاحف
فالحمد لله على الإقرار بكراهيتها ،
مع أن النصوص النبوية متوفرة بمنع ذلك والحمد لله .
وأما الأمور المباحة مما لا يُـقصد باستعمالها أمر تعبدي ;
فهي مشمولة بالنص النبوي الكريم
" أنتم أعلم بأمور دنياكم " ،
فما استحدثه الناس في أمور حياتهم
مما لا يتعارض مع النصوص العامة
في مراعاة الاقتصاد والإباحة العامة ;
فلا يُعتبر بدعة ،
فقد عرّف العلماء البدعة
بأنها طريقة محدثة في الدين .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
وقد ذكر المالكي ما ذكره بعض أهل العلم
من أن البدعة تجري عليها الأحكام الخمسة :
الوجوب ، والاستحباب ، والإباحة ، والكراهة ، والحظر ،
وذكر أمثلة لكل نوع ،
وجرت مناقشته على تقسيم البدعة ،
ومناقشته على الأمثلة التي ذكرها للأحكام الأربعة ،
وبقي القسم الخامس المتعلق
بالتحريم لمخالفته السنة ،
ولأنه لا يحتوي على مصلحة شرعية ،
ولم تشمله أدلة الشرع العامة ،
ونقول إن هذا القسم الخامس
هو البدعة بعينها ،
وأن الموالد والاحتفال بها ولها;
من أمور البدعة محرّمة
لمخالفتها سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
لأن السنة في اصطلاح أهل العلم
هي أقوال الرسول وأفعاله وتقريراته ،
وما عدا ذلك
فهو عمل ليس عـليه أمر رسول الله
صلى الله عـليه وسلم
وإحداث في الديـن ما لـيس منه ،
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
وقد اعترف المالكي أن المولد بدعة ،
وأنه لم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
ولا عهد أصحابه
ولا عهد التابعين وتابعيهم ،
من القرون المفضلة الذين هم الصدر الأول للإسلام ،
والمولد بحكم ابتداعه
ونية التعبد به بلا مستند شرعي ; بدعة ،
وهو بحكم ما يشتمل عليه من المنكرات
في الاجتماع من اختلاط وغناء
وإسراف في المآكل والمشارب وانتهاك لحرمة العقول ،
حيث تُجبر على تصديق التخيلات والتوهمات والخرافات
من حضور الحضرة ،
ووجوب تقديم آيات الإجلال والتقدير بالقيام لها ،
واستشعار الرهبة والخشية والخشوع والتذلل
لتوهم حضورها ،
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
إن المولد بحكم ابتداعه
وبحكم ما يشتمل عليه مما ذكرنا ،
وما لم نذكره مما يعرفه المالكي وأحزابه ،
لا يكفي أن نقول إن أدلة الشرع العامة لا تشمله ،
ولم يحتو على مصلحة شرعية ،
ولكننا نقول إنه يشتمل على مخالفات شرعية ،
ومضار شرعية ،
وبدع ومنكرات وشركيات
تجعل المخلوق شريكاً للخالق
في مقاليد السموات والأرض،
وتجعل لرسول الله منزلة إلهية ،
حيث يكون من جوده الدنيا وضرتها
ومن علومه علم اللوح والقلم ،
وأن الخلق خلقوا لأجله ،
وأن ليلة مولده أفضل من ليلة القدر
التي نزلت بفضلها وتفضيلها على ألف شهر سورة كاملة ،
وأن قبره أفضل من الكعبة ،
إلى غير ذلك مما يقرأ ويعرض ويتلى
في احتفالات المولد .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
فهل يستطيع المالكي
وأحزاب المالكي ،
وأئمة المالكي
وشيوخ المالكي ،
ومن يسلك مسلك المالكي
أن يجدوا للاحتفالات بالمولد
في تقسيم البدعة إلى خمسة أقسام ؟،
وهل يجدون للمولد مكاناً غير القسم الخامس ،
لما فيها من مخالفة السنة ،
وانتـفاء أدلة الشرع العامة على مشروعيتها ،
وخلوها من المصالح العامة ؟
إنهم إن حكموا عقولهم العامة
وطوحوا بأهوائهم عرض الحيطان ;
فسيسلمون لنا بذلك ،
وإن ركبوا رؤوسهم
فسيأتون من القول بالعجب العجاب ،
ولكنه الزبد يذهب جفاء ،
والباطل يندفع
فيكون زهوقاً .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
الدليل السادس عشر
مناقشته ثم ردّه :-
وذكر المالكي الدليل السادس عشر بقوله :
السادس عشر : ليست كل بدعة محرمة ،
ولو كان كذلك لحرم جمع أبي بكر وعمر وزيد رضي الله عنهم القرآن ،
وكتبه في المصاحب خوفاً على ضياعه بموت الصحابة القرآء رضي الله عنهم ،
ولحرم جمع عمر رضي الله عنه الناس على إمام واحد في صلاة القيام ،
مع قوله نعمت البدعة هذه ،
وحرم التصنيف في جميع العلوم النافعة ،
ولوجب علينا حرب الكفار بالسهام والأقواس ،
مع حربهم لنا بالرصاص والمدافع والدبابات والطيارات والغواصات والأساطيل ،
وحرم الأذان على المنابر واتخاذ الربط والمدارس والمستشفيات والإسعاف ودار اليتامى والسجون ،
فمن ثم قيد العلماء رضي الله عنهم حديث كل بدعة ضلالة بالبدعة السيئة ،
ويصرح لهذا القيد ما وقع من أكابر الصحابة والتابعين ،
من المحدثات التي لم تكن في زمنه صلى الله عليه وسلم ،
ونحن اليوم قد أحدثنا مسائل كثيرة لم يفعلها السلف ،
وذلك كجمع الناس على إمام واحد في آخر الليل لأداء صلاة التهجد بعد صلاة التراويح ،
وكختم المصحف فيها ، وكقرآءة دعاء ختم القرآن ،
وكخطبة الإمام ليلة سبع وعشرين في صلاة التهجد وكنداء المنادي بقوله :
صلاة القيام أثابكم الله ، فكل هذا لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ،
ولا أحد من السلف ، فهل يكون فعلنا له بدعة ؟ .
هذا الدليل لنا مع صاحبه عدة وقفات :
الوقفة الأولى :
عند قوله ليست كل بدعة محرمة .
هذا القول قد تكرر منه عدة مرات في أدلته السابقة ،
وتكررت منا الإجابة عليه تبعاً لتكرار إيراده ،
ونقتصر الآن على القول
بأننا لا نسلم للمالكي قوله :
ليست كل بدعة سيئة ،
وسبق أن ذكرنا أقوال المحققين من أهل العلم
في ذلك أمثال شيخ الإسلام ابن تيمية وابن رجب
والشاطبي والعز بن عبد السلام ،
وردهم على من يقول بقول المالكي ،
بتقسيم البدعة إلى حسنة وقبيحة ،
وتمسكهم بعموم النصوص الدالة على الشمول والإطلاق ،
وانتفاء التخصيص أو القيد .
وذكرنا أن مَن يقسم البدعة إلى خمسة أقسام ،
لا يعني بالأقسام الأربعة : الوجوب ، الندب ، الإباحة ، الكراهة ;
البدعة الشرعية ،
وإنما يعني بذلك البدعة اللغوية ،
بدليل أن أمثلة الأقسام الثلاثة مندرجة تحت نصوص عامة ،
وخاصة من كتاب الله تعالى ،
ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ،
والقسم الرابع وهو الإباحة لا تعلق له بالدين ،
وإنما هو من أمور العباد الدنيوية المندرجة
تحت قوله صلى الله عليه وسلم :
أنتم أعلم بشئون دنياكم .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
أما القسم الخامس
وهو المحرم;
فهو البدعة الشرعية بعينها ،
سواء كان تحريمها لمخالفتها السنة ،
أو لانتفاء مشروعيتها من الأدلة الشرعية العامة ،
أو لخلوها من المصلحة
كما هو الحال في الموالد والاحتفال بها ،
فهي مخالفة للسنة
لكونها مما لم يكن عليه أمر هذا الدين
في الصدر الأول من الإسلام ،
ولاشتمالها على المدائح النبوية
المشتملة على الغلو
والإطراء
والإفراط ،
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
وقد تواترت النصوص الشرعية من الكتاب والسنة ،
على التزام القصد في الثناء ،
والنهي عن الغلو والتنطع ،
ومجاوزة الحد في المدح ،
وحماية جناب التوحيد ;
من أن يأتي العباد في تصرفاتهم
بما يخدش كمال التوحيد .
كما أن المصالح الشرعية منتفية عنها ،
و فيها من المضار والمنكرات
ما لا يخفى على عاقل منصف يحب الله ورسوله ،
ويعرف ما الله من حق ،
وما لرسوله من مقام .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
الوقفة الثانية :
عند اعتباره جمع القرآن من أبي بكر وعمر وزيد بن ثابت بدعة .
لا نعتقد أن أحداً من أهل العلم
ممن يُعتد بهم في علمهم وتقاهم وصلاحهم
وسلامة اعتقادهم
يرى أن جمع القرآن بدعة شرعية ،
لأن البدعة هي الطريقة المحدثة في الدين ،
على غير مثال ،
والله تعالى أمر بحفظ كتابه ،
وحض على ذلك رسول الله صلى الله وسلم ،
وأكد الله سبحانه وتعالى ضمان حفظه كتابه بقوله :
{ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }[1] ،
فعمل أبو بكر وعمر وعثمان
هو في الواقع تطبيق عملي لنصوص شرعية من الكتاب ،
والسنة تأمر بذلك وتؤكده ،
===========
[1] - سورة الحجر ، الآية : 9 .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
وفضلاً عن ذلك
فهو من عمل من أعمال الخلفاء الراشدين المهديين
من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
تلقته الأمة بالقبول والارتياح التامين ،
وقد سمى رسول الله صلى الله عليه وسلم
ما عليه الخلفاء الراشدون سنة ،
وأمرنا باتباع سنته وسنة خلفائه الراشدين ،
حيث يقول :
" عليكم بسنتي
وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ،
تمسكوا بها ،
وعضوا عليها بالنواجذ " .
فقد برأ صلى الله عليه وسلم
ما عليه الخلفاء الراشدون من الابتداع ،
وسمى ما هم عليه سنة ،
وطهَّرها من أن تكون من المحدثات .
فهل يستقيم للمالكي قول معتبر
في تشبيه عمل الصحابة
بعمل القرامطة والفاطميين
وأتباعهم أشياخ المالكي وأئمته؟
سبحان الله ! .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
أيها المنكح الثريا سهيلا
عمرك الله كيف يلتقيان
هي شامية إذا ما استقلت
وسهيل إذا استقل يماني
إن التشبيه لا يستقيم له
تشبيه الليل بالنهار،
والظلمات بالنور،
والجهل بالعرفان .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
الوقـفة الثالثـة :
عند اعتباره جمع عمر رضي الله عنه الناس على إمام واحد
في صلاة قيام الليل بدعة .
ما قلناه في اعتباره جمع القرآن بدعة في ردنا ذلك
نقوله في هذا ،
وإذا كان عمر رضي الله عنه يقول :
" نعمت البدعة هذه " ;
فقد أجمع أهل العلم ،
المعتد بهم على أن المراد ببدعة عمر ;
البدعة اللغوية ،
فعمر رضي الله عنه لم يبتدع هذه الصلاة ;
كما ابتدع أحزاب المالكي
صلاة الرغائب والفاتح لما أغلق ،
وغيرها من الصلوات المردودة على أصحابها
بأوزار ابتداعها ،
فأصل قيام الليل مشروع
من رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
فعن جبير بن نفير عن أبي ذر قال :
" صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يصل بنا
حتى بقي سبع من الشهر ،
فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل ،
ثم لم يقم بنا في الثالثة ،
وقام بنا في الخامسة حتى ذهب شطر الليل ،
فقلنا يارسول الله لو نفلتنا بقية ليلتنا هذه ؟
فقال إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف
كتب له قيام ليلة .
ثم لم يقم بنا حتى بقي ثلاث من الشهر ،
فصلى بنا في الثالثة ،
ودعا أهله ونساءه ،
فقام بنا حتى تخوفنا الفلاح .
فقلنا له وما الفلاح ؟
قال : السحور "
رواه الخمسة ، وصححه الترمذي .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
وعن عائشة رضي الله عنها
أن النبي صلى الله عليه وسلم
" صلى بالمسجد ، فصلى بصلاته ناس ،
ثم صلى الثانية فكثر الناس ،
ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة ،
فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
فلما أصبح قال :
رأيت الذي صنعتم ولم يمنعني من الخروج إليكم
إلا أني خشيت أن تفرض عليكم ،
وذلك في رمضان "
متفق عليه .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
وفي رواية
" كان الناس يصلون في المسجد بالليل أوزاع ،
يكون مع الرجل الشيء من القرآن
فيكون معه النفر الخمسة أو السبعة
أو أقل من ذلك أو أكثر ،
يصلون بصلاته ،
قالت :
فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنصب له حصيراً
على باب حجرتي ففعلت ،
فخرج إليهم بعد أن صلى عشاء الآخرة ،
فاجتمع إليه من في المسجد ، فصلى بهم .."
وذكرت القصة .
بمعنى ما تقدم
غير أن فيها أنه لم يخرج إليهم في الليلة الثانية ،
رواه أحمد .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
وعن عبد الرحمن بن عبد القادر قال :
خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه
في رمضان إلى المسجد ،
فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلى الرجل لنفسه ،
ويصلي الرجل بصلاته الرهط ،
فقال عمر إني أرى لو جمعت هؤلاء
على قارئ واحد لكان أمثل ،
ثم عزم فجمعهم على أُبي بن كعب ،
ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم ،
فقال عمر
" نعمت البدعة هذه "
رواه البخاري .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
فهذه الأحاديث الصحيحة الثابتة
صريحة في مشروعية قيام الليل ،
وأدائها جماعة ،
وإذا كان عمر رضي الله عنه قد جمع الناس وراء قارئ واحد ،
فقد اقتدى برسول الله صلى الله عليه وسلم ،
إذ أن حديث عائشة رضي الله عنها صريح
في أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
صلى بالمسلمين قيام رمضان ،
إلا أنه لم يداوم على ذلك
خشية أن يُفرض عليهم ،
فلما انتقل صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى ،
وانقطع الوحي ، واستقرت الشريعة ،
وصار الأمن مما كان يخشاه صلى الله عليه وسلم
من فرضه على الأمة ;
أنفذ عمر رغبة رسول الله
صلى الله عليه وسلم
في جمع الناس وراء إمام واحد .
فهل في هذا الإجراء من الخليفة الراشد
المأمورين باتباع سنته
مشابهة لما ابتدعه القرامطة والفاطميون
من الاحتفالات بذكرى المولد وغيره ؟
سبحانك
هذا ضلال مبين .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
الوقفة الرابعة :
عند اعتباره تصنيف العلوم النافعة ،
وحرب الكفار بالمعدات الحديثة ،
والأذان على المنابر ،
واتخاذ الربط والمدارس والمستشفيات ،
وغير ذلك من وجوه البر والإحسان ،
اتخاذ ذلك بدعة .
لقد سبقت منا مناقشة هذا الاعتبار في الدليل الخامس عشر ،
وقد مللنا التكرار ،
فيغني ذلك عن إعادته .
إلا أننا نذكر المالكي حينما يرى
أن محاربة الكفار بالمعدات الحديثة بدعة،
نذكره بقوله تعالى:
{ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ }[1] ،
فهل يكون في امتثال أمر الله ابتداع ؟
رحمك الله أيها الشاطبي ،
فقد أكدت لنا القول
بأن أهل البدع
لا يستطيعون المناظرة
مع أهل العلم
لفقرهم إلى ما يسندهم في بدعهم
من الأدلة الموجبة للإقناع .
===========
[1] - سورة الأنفال ، الآية : 60 .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
الوقفة الخامسة :
عند قوله :
ويصرح بهذا القيد ما وقع من أكابر الصحابة والتابعين من المحدثات ،
التي لم تكن في زمنه صلى الله عليه وسلم .
ونقول للمالكي إن كان قصدك من هذا
جمع القرآن ونشره ،
وجعل الناس وراء إمام واحد في قيام رمضان ،
وقتال أهل الردة ;
فقد مرت الإجابة عن ذلك
بما يغنى عن إعادته ،
وإن كان القصد أن الصحابة والتابعين
قد أحدثوا في الدين
ما لم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ;
فإن هذا كذب
وافتراء
وزور
وبهتان ،
فهم رضوان الله عليهم
أبعد الناس عن المخالفة ،
وأولى الناس بالاتباع والاقتداء ،
وأحرص الناس على الوقوف عند سنة رسول الله
صلى الله عليه وسلم ،
ونتحدى المالكي وأحزابه
وأبالسة الإنس والجن
من دعاة السوء والابتداع
أن ياتوا لنا بما يصدق عليه
أن يكون بدعة مما يدعيه المالكي
من إحداثات الصحابة وابتداعهم .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
سبحان الله ،
يروي أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم :
" من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ،
من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ،
إياكم ومحدثات الأمور
فإن كل محدثة بدعة
وكل بدعة ضلالة
وكل ضلالة في النار ،
عليكم بسنتي
وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي
تمسكوا بها
وعضوا عليها بالنواجذ ،
ما أحدث قوم بدعة
إلا رفع الله مثلها من السنة " .
وما روي موقوفاً على أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم
كقول ابن مسعود :
اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم ،
وقول حذيفة رضي الله عنه :
كل عبادة لم يتعبّدها أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم
فلا تعبّدوها ،
فإن الأول لم يدع للآخر مقالاً ،
فاتقوا الله يا معشر القرآء ،
وخذوا بطريق من كان قبلكم .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
سبحان الله ،
يروون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
الأحاديث الصحيحة الصريحة
في محاربة الابتداع والتحذير منه ،
ثم يبتدعون ! ،
إنه لبهتان عظيم ،
نشهد ببراءة أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم منه ،
ونسأله تعالى أن ينتقم لأصحاب رسول الله
ممن رماهم بهذا
البهت والافتراء .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
الوقفة السادسة :
عند قوله :
ونحن اليوم قد أحدثنا مسائل كثيرة لم يفعلها السلف
إلى آخر الدليل .
تمثيل المالكي على دعواه
بأننا في هذا العصر قد أحدثنا
بجمع الناس على إمام واحد آخر الليل
لأداء صلاة التهجد
مردود
بأن قيام رمضان ثابت
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قولاً وعملاً ،
فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم
الترغيب في قيام رمضان ،
فقد قال
من قام رمضان إيماناً واحتساباً
غفر له ما تقدم من ذنبه ،
ولم يعين صلى الله عليه وسلم صلاة محدودة للقيام ،
ولا وقتاً له معيناً من الليل ،
وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم
قام أول الليل ووسطه وآخره ،
وأنه صلى الله عليه وسلم صلاها جماعة .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
ففي كتاب قيام الليل
لأبي عبدالله محمد بن نصر المرزوي
قال :
باب صلاة النبي صلى الله عليه وسلم جماعة ليلاً
تطوعاً في شهر رمضان ،.
فذكر حديث عائشة رضي الله عنها ،
وحديث جبير بن نفير عن أبي ذر المتقدميّن مما أوردنا ،
وذكر حديث النعمان بن بشير بسنده ،
قال :
قمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهـر رمضان
ليـلة ثـلاث وعشريـن إلى نصف الليـل ،
ثم قمنا معه ليلة سبع وعشرين
حتى خفنا ألا ندرك الفلاح ،
وكنا نسميه السحور .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
وقال في باب اختيار قيام الليل على أوله :
طاووس سمع ابن عباس يقول :
دعاني عمر أتغذى عنده ، يعني السحر ،
فسمع هيعة الناس ،
فقال : ما هذا ؟
فقلت: الناس خرجوا من المسجد ،
قال ما بقي من الليل أفضل مما مضى.
وقال الحسن :
كان الناس يصلون العشاء في شهر رمضان
في زمان عمر بن الخطاب وعثمان بن عثمان ربع الليل الأول ،
ثم يقومون الربع الثاني ،
ثم يرقدون ربع الليل ويصلون فيما بين ذلك .
وكان علي بن أبي طالب إذا تعشى في شهر رمضان
هجع ثم يقوم إلى الصلاة فيصلي .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
فهذه الآثار صريحة
في أن قيام الليل غير محدد بوقت ،
ولا بعدد معين من الصلاة ،
وأن إقامة صلاة الليل جماعة
سواء كان ذلك في أول الليل أو وسطه أو آخره
ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
كما أن تعدد أداء صلاة القيام في رمضان
ثابت عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
وقد تلقت الأمة ذلك بالقبول ،
ولم يقل أحد من أهل العلم
أن قيام التهجد آخر الليل جماعة بدعة ،
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
إلا المالكي وأحزابه
ممن لا يعتد بهم في قول أو عمل ،
ولم يكن له ولأحزابه
قصد في محاربة الابتداع ،
وإنما قصده في ذلك
التلبيس والتدليس على الأمة
بمشروعية الابتداع ،
هداه الله وأعاده إلى الصواب .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
ومثـَّل المالكي للابتداع في زمننا
بختم القرآن في قيام الليل ،
وهذا أيضاً مردود
بالآثار الكثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
وعن أصحابه وتابعيهم ،
وكلها تنص على الترغيب
في تلاوة كتاب الله في قيام الليل
حسبما تقتضي بذلك أحوالهم وقواهم .
ففي قيام الليل لأبي عبدالله المروزي
تحت باب مقدار القرآءة في كل ركعة في قيام الليل
قال ما نصه :
( السائب بن يزيد :
أمر عمر بن الخطاب أبي بن كعب وتميم الداري
أن يقوما للناس في رمضان ،
فكان القارئ يقرأ بالمئتين ،
حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام ،
وما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر ) ،
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
إلى أن قال
( أبو داود سأل أحمد
عن الرجل يقرأ القرآن مرتين في رمضان ،
يؤم الناس ،
قال :
هذا عندي على قدر نشاط القوم ،
وإن فيهم العمال ،
وقال صلى الله عليه وسلم لمعاذ
أفتان أنت ؟ .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية
ما نصه :
( وأما قرآءة القرآن في التراويح
فمستحب باتفاق أئمة المسلمين ،
بل من أجلّ مقصود التراويح قرآءة القرآن فيها
ليسمع المسلمون كلام الله ،
فإن شهر رمضان فيه نزل القرآن ،
وفيه كان جبريل يدارس النبي صلى الله عليه وسلم القرآن ،
وكان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس ،
وإن أجود ما يكون في رمضان
حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن )[1] . اهـ .
==========
[1] - انظر 23 ، ص 122 من مجموع الفتاوى .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
وفي المغني لابن قدامة رحمه الله
ما نصه :
( وسُئل أبو عبدالله عن الإمام في شهر رمضان
يدع الآيات من السورة ،
ترى لمن خلفه أن يقرأها ؟
قال : نعم ، ينبغي أن يفعل ،
قد كانوا بمكة يوكلون رجلاً
يكتب ما ترك الإمام من الحروف وغيرها ،
فإذا كان ليلة الختمة أعاده ،
وإنما استحب ذلك لتتم الختمة ويكمل الثواب )[1] . اهـ .
==========
[1] - انظر ج 2 ، ص 172 من المغنى .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
وأما دعاء ختم القرآن في تراويح رمضان أو قيامه ،
فليس كما ذكره المالكي من الأمور المبتدعة ،
وإنما هو من أعمال السلف الصالح ،
وفي ذلك يقول ابن قدامة رحمه الله
في المغنى نقلاً عن إمام أهل السنة وقامع البدعة ،
الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه
ما نصه :
( قال الفضل بن زياد :
سألت أبا عبدالله أختم القرآن أجعله في الوتر أو في التروايح ؟
قال : اجعله في التراويح حتى يكون لنا دعاءين اثنين .
قلت : كيف أصنع ؟ ،
قال : إذا فرغت من آخر القرآن فارفع يديك قبل أن تركع ،
وادع بنا ونحن في الصلاة ،
وأطل القيام . قلت : بمَ أدعُ ؟ ،
قال : بما شئت .
قال : فقلت بما أمرني وهو خلفي يدعو ويرفع يديه .
قال حنبل سمعت أحمد يقول في ختم القرآن :
إذا فرغت من قرآءة { قل أعوذ بربِ الناس }
فارفع يديك بالدعاء قبل الركوع .
قلت : إلى أي شيء تذهب في هذا ؟،
قال: رأيت أهل مكة يفعلونه ،
وكان سفيان بن عيينة يفعله معهم بمكة .
قال العباس بن عبد العظيم :
وكذلك أدركنا الناس بالبصرة وبمكة .
ويروي أهل المدينة في هذا شيئاً ،
وذكر عن عثمان بن عفان )[1]. اهـ .
==========
[1] - انظر ج 2 ، ص 171 في المغنى .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
وأما نداء المنادى بقوله :
صلاة القيام أثابكم الله ،
فعلى فرض أنه بدعة ،
فليس لها وجود في غير الحرمين ،
ولعلها من بقايا أمور [ زيدت ]،
ورؤي أن الخطب في هذه يسير ،
فبقيت
مع أنها في الواقع مستندة إلى أصل
هو مشروعية الإبلاغ للدخول في وقت الصلاة ،
وهذا نوع من الإبلاغ ،
وفيه مصلحة شرعية ،
ويستند إلى أصل عام ،
ولا يترتب عليه من المنكرات شيء مطلقاً ،
كما أنه لا ينطبق عليه تعريف البدعة،
فليس الإبلاغ للدخول في الصلاة محدث في الدين ،
ومع ذلك فلو استغـنى عنه
واقتصر على ما عليه بقية البلاد
لكان ذلك أسلم و أكمل .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
إلا أننا لا نسلم للمالكي
تشبيهه هذه المسألة بالموالد والاحتفال بها ،
إلا مع الفارق الكبير ،
كالفارق بين السماء والأرض ،
والعلم والجهل ،
والنور والظلمات ،
والحق والباطل ،
لأن الموالد فضلاً عما هي في واقعها
بدعة واضحة جلية ;
فإنها تشتمل على منكرات وشركيات ،
لو كانت في حد ذاتها مشروعة
لاتجه القول بحرمتها
أشبه مسجد الضرار .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
الوقفة السابعة :
عن تساؤل المالكي في هذا الدليل ،
بعد إيراده جمع الناس على إمام واحد في التهجد ، وختم القرآن فيه ، ودعاء ختم القرآن ،
وإعلام الناس بالقيام ، واعتباره كل ذلك بدعاً ،
إذا اعتبرنا احتفاله بالمولد بدعة .
ونقول له :
إنك بتشبيهك هذه الأمور بالمولد بين أمرين :
إما أنك جاهل
وفاقد لحاسة الإدراك العلمية ;
لأنك تجمع في تشبيهك بين متضادين ومتناقضين ومتباينين ،
كمن يجمع بين الحق والباطل ،
والظلمات والنور ،
لأن هذه الأمور مؤصلة شرعاً ،
وقد تلقاها الخلف عن السلف الصالح ،
وذكر السلف الصالح مستندهم في اعتبارها
مما مر ذكره وإيضاحه .
أما الاحتفالات بالموالد فلم تُعرف
إلا بعد أن انقرضت القرون الثلاثة المفضلة بأهلها
أهل العلم والإيمان والتقى والصلاح والاتباع والاقتداء ،
ثم ابتدعها ونادى بها
من هو من شر خلق الله
القرامطة و الرافضة والفاطميون ،
وتلقاها عنهم
أهل التصوف والدجل
والغرام بالمحدثات ،
وجعلوا للاحتفالات بها
هيئة تشتمل على الكثير من المنكرات
مما مر ذكره و تكراره .
-
حوار مع [ المالكي ] في ردِّ ضلالاته ومنكراته
وإما أنك أيها المالكي
تدرك تنكبك عن الصرط السوي ;
إلا أنك تريد المغالطة ،
وإثارة الشبه ،
وبلبلة الأفكار
كما يفعل المغضوب عليهم
ممن عندهم علم لكنهم لم يعملوا به .
ولثقتنا بعلم المالكي وذكائه وقوة إداركه
وحبه للظهور ،
وابتغاء الوجاهة بأي وسيلة ;
فإننا نظن به الثانية ،
لتبقى له قاعدته الشعبية من الرعاع والسذج ،
تقدم له آيات الإجلال والتقدير
بالانحناءات
والخضوع ،
ولحس الأيدي ،
وتلمس البركات .
وإلا فنحن على ثقة كبيرة
من أنه يدرك أن الاحتفالات بالمولد
تجمع من المنكرات والشركيات
والوهميات والخيالات ما لا يخفى
مما مر ذكره وتكراره .
يُلاحظ في هذا ،
أن صاحب الرسالة البتراء
لم يذكر الدليل السابع عشر
لسهو أو غير ذلك
مما يعرفه المؤلف .