رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
https://majles.alukah.net/imgcache/2021/01/27.jpg
تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثالث
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(227)
الحلقة (241)
صــ 388إلى صــ 395
2637 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا معاذ قال : حدثنا أبي ، عن قتادة عن الحسن وجابر بن زيد وعبد الملك بن يعلى أنهم قالوا - في الرجل يوصي لغير ذي [ ص: 388 ] قرابته وله قرابة ممن لا يرثه قال : كانوا يجعلون ثلثي الثلث لذوي القرابة ، وثلث الثلث لمن أوصى له به .
2638 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا حميد عن الحسن أنه كان يقول : إذا أوصى الرجل لغير ذي قرابته بثلثه فلهم ثلث الثلث ، وثلثا الثلث لقرابته .
2639 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن ابن طاوس ، عن أبيه قال : من أوصى لقوم وسماهم ، وترك ذوي قرابته محتاجين ، انتزعت منهم وردت إلى ذوي قرابته .
وقال آخرون : بل هي آية قد كان الحكم بها واجبا وعمل به برهة ، ثم نسخ الله منها بآية المواريث الوصية لوالدي الموصي وأقربائه الذين يرثونه ، وأقر فرض الوصية لمن كان منهم لا يرثه .
ذكر من قال ذلك :
2640 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد بن زريع قال : حدثنا سعيد عن قتادة في قوله : " كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين " ، فجعلت الوصية للوالدين والأقربين ، ثم نسخ ذلك بعد ذلك ، فجعل لهما نصيب مفروض ، فصارت الوصية لذوي القرابة الذين لا يرثون ، وجعل للوالدين نصيب معلوم ، ولا تجوز وصية لوارث .
2641 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر عن قتادة في قوله : " إذ ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين " قال : نسخ الوالدان منها ، وترك الأقربون ممن لا يرث .
2642 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج عن ابن جريج ، عن عكرمة عن ابن عباس قوله : " إن ترك خيرا الوصية للوالدين [ ص: 389 ] والأقربين " قال : نسخ من يرث ، ولم ينسخ الأقربين الذين لا يرثون .
2643 - حدثنا يحيى بن نصر قال : حدثنا يحيى بن حسان قال : حدثنا سفيان عن ابن طاوس ، عن أبيه قال : كانت الوصية قبل الميراث للوالدين والأقربين ، فلما نزل الميراث ، نسخ الميراث من يرث ، وبقي من لا يرث . فمن أوصى لذي قرابته لم تجز وصيته .
2644 - حدثني المثنى قال : حدثنا سويد بن نصر قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن إسماعيل المكي عن الحسن في قوله : " إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين " قال : نسخ الوالدين وأثبت الأقربين الذين يحرمون فلا يرثون .
2645 - حدثني المثنى قال : حدثنا سويد قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن مبارك بن فضالة عن الحسن في هذه الآية : " الوصية للوالدين والأقربين " قال : للوالدين منسوخة ، والوصية للقرابة وإن كانوا أغنياء .
2646 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله : " إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين " ، فكان لا يرث مع الوالدين غيرهم ، إلا وصية إن كانت للأقربين [ ص: 390 ] فأنزل الله بعد هذا : ( ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث ) [ سورة النساء : 11 ] ، فبين الله سبحانه ميراث الوالدين ، وأقر وصية الأقربين في ثلث مال الميت .
2647 - حدثني علي بن داود قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله : " إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين " ، فنسخ من الوصية الوالدين ، وأثبت الوصية للأقربين الذين لا يرثون .
2648 - حدثت عن عمار قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه عن الربيع قوله : " كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف " قال : كان هذا من قبل أن تنزل " سورة النساء " ، فلما نزلت آية الميراث نسخ شأن الوالدين ، فألحقهما بأهل الميراث ، وصارت الوصية لأهل القرابة الذين لا يرثون .
2649 - حدثني المثنى قال : حدثنا الحجاج بن المنهال قال : حدثنا حماد بن سلمة قال : أخبرنا عطاء بن أبي ميمونة قال : سألت مسلم بن يسار والعلاء بن زياد عن قول الله تبارك وتعالى : " إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين " ، قالا في القرابة .
2650 - حدثني المثنى قال : حدثنا الحجاج قال : حدثنا حماد ، عن إياس بن معاوية قال : في القرابة .
وقال آخرون : بل نسخ الله ذلك كله وفرض الفرائض والمواريث ، فلا وصية تجب لأحد على أحد قريب ولا بعيد .
ذكر من قال ذلك :
2651 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : [ ص: 391 ] " إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين " الآية ، قال : فنسخ الله ذلك كله وفرض الفرائض .
2652 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا ابن علية ، عن يونس عن ابن سيرين عن ابن عباس : أنه قام فخطب الناس هاهنا ، فقرأ عليهم " سورة البقرة " ليبين لهم منها ، فأتى على هذه الآية : " إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين " قال : نسخت هذه .
2653 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه عن ابن عباس قوله : " إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين " ، نسخت الفرائض التي للوالدين والأقربين الوصية .
2654 - حدثني محمد بن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال : حدثنا سفيان ، عن جهضم ، عن عبد الله بن بدر قال : سمعت ابن عمر يقول في قوله : " إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين " قال : نسختها آية الميراث . قال ابن بشار : قال عبد الرحمن : فسألت جهضما عنه فلم يحفظه .
2655 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا يحيى بن واضح قال : حدثنا الحسين بن واقد ، عن يزيد النحوي عن عكرمة والحسن البصري قالا " إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين " ، فكانت الوصية كذلك حتى نسختها آية الميراث .
2656 - حدثني أحمد بن المقدام قال : حدثنا المعتمر قال : سمعت أبي قال : زعم قتادة عن شريح في هذه الآية : " إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين " قال : كان الرجل يوصي بماله كله ، حتى نزلت آية الميراث .
2657 - حدثنا أحمد بن المقدام قال : حدثنا المعتمر قال : سمعت أبي قال : زعم قتادة : أنه نسخت آيتا المواريث في " سورة النساء " الآية في " سورة البقرة " في شأن الوصية .
2658 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى [ ص: 392 ] عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قول الله : " إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين " قال : كان الميراث للولد ، والوصية للوالدين والأقربين ، وهي منسوخة .
2659 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال : كان الميراث للولد ، والوصية للوالدين والأقربين ، وهي منسوخة ، نسختها آية في " سورة النساء " : ( يوصيكم الله في أولادكم ) [ سورة النساء : 11 ]
2660 - حدثني موسى بن هارون قال : حدثنا عمرو بن حماد قال : حدثنا أسباط عن السدي : " كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين " ، أما الوالدان والأقربون ، فيوم نزلت هذه الآية كان الناس ليس لهم ميراث معلوم ، إنما يوصي الرجل لوالده ولأهله فيقسم بينهم ، حتى نسختها " النساء " ، فقال : ( يوصيكم الله في أولادكم ) .
2661 - حدثني يعقوب قال : حدثنا ابن علية قال : حدثنا أيوب ، عن نافع : أن ابن عمر لم يوص ، وقال : أما مالي ، فالله أعلم ما كنت أصنع فيه في الحياة ، وأما رباعي فما أحب أن يشرك ولدي فيها أحد .
2662 - حدثني محمد بن خلف العسقلاني قال : حدثنا محمد بن يوسف قال : حدثنا سفيان ، عن نسير بن ذعلوق قال : قال عروة - يعني ابن ثابت - لربيع بن خثيم : أوص لي بمصحفك . قال : فنظر إلى أبيه فقال : ( وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ) [ سورة الأنفال : 75 ] .
2663 - حدثنا علي بن سهل قال : حدثنا يزيد ، عن سفيان عن الحسن بن عبد الله عن إبراهيم قال : ذكرنا له أن زيدا وطلحة كانا يشددان في الوصية ، فقال : ما كان عليهما أن يفعلا مات النبي صلى الله عليه وسلم ولم يوص ، وأوصىأبو بكر ، أي ذلك فعلت فحسن . [ ص: 393 ]
2664 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا الثوري ، عن الحسن بن عبد الله ، عن إبراهيم قال : ذكر عنده طلحة وزيد فذكر مثله .
وأما " الخير " الذي إذا تركه تارك وجب عليه الوصية فيه لوالديه وأقربيه الذين لا يرثون ، فهو : المال ، كما : -
2665 - حدثني المثنى بن إبراهيم قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، عن معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : " إن ترك خيرا " ، يعني مالا .
2666 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله : " إن ترك خيرا " ، مالا .
2667 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن أبي نجيح عن مجاهد : " إن ترك خيرا " ، كان يقول : الخير في القرآن كله : المال ( لحب الخير لشديد ) [ سورة العاديات : 8 ] ، الخير : المال - ( إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي ) [ سورة ص : 32 ] ، المال - ( فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا ) [ سورة النور : 33 ] ، المال و ( إن ترك خيرا الوصية ) ، المال .
2668 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : " إن ترك خيرا الوصية " ، أي : مالا .
2669 - حدثني موسى بن هارون قال : حدثنا عمرو بن حماد قال : حدثنا [ ص: 394 ] أسباط عن السدي إن ترك خيرا الوصية " ، أما " خيرا " ، فالمال .
2670 - حدثت عن عمار بن الحسن قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع : " إن ترك خيرا " قال : إن ترك مالا .
2671 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج عن عكرمة ، عن ابن عباس قوله : " إن ترك خيرا " قال : الخير المال .
2672 - حدثني المثنى قال : حدثنا سويد قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن الحسن بن يحيى عن الضحاك في قوله : " إن ترك خيرا الوصية " قال : المال . ألا ترى أنه يقول : قال شعيب لقومه : ( إني أراكم بخير ) [ سورة هود : 84 ] يعني الغنى .
2673 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : أخبرنا محمد بن عمرو اليافعي ، عن ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح تلا " كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا " ، قال عطاء : الخير فيما يرى المال .
ثم اختلفوا في مبلغ المال الذي إذا تركه الرجل كان ممن لزمه حكم هذه الآية .
فقال بعضهم : ذلك ألف درهم .
ذكر من قال ذلك :
2674 - حدثني المثنى قال : حدثنا الحجاج بن المنهال قال : حدثنا همام بن يحيى عن قتادة في هذه الآية : " إن ترك خيرا الوصية " قال : الخير ألف فما فوقه .
2675 - حدثني المثنى قال : حدثنا الحجاج قال : حدثنا حماد قال : أخبرنا هشام بن عروة ، عن عروة : أن علي بن أبي طالب دخل على ابن عم له يعوده ، فقال : إني أريد أن أوصي . فقال علي : لا توص ، فإنك لم تترك خيرا فتوصي .
قال : وكان ترك من السبعمائة إلى التسعمائة . [ ص: 395 ]
2676 - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال : أخبرنا ابن وهب قال : حدثني عثمان بن الحكم الحزامي وابن أبي الزناد عن هشام بن عروة ، عن أبيه عن علي بن أبي طالب : أنه دخل على رجل مريض ، فذكر له الوصية ، فقال : لا توص ، إنما قال الله : " إن ترك خيرا " ، وأنت لم تترك خيرا . قال ابن أبي الزناد فيه : فدع مالك لبنيك .
2677 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن منصور بن صفية ، عن عبد الله بن عيينة - أو : عتبة ، الشك مني - : أن رجلا أراد أن يوصي وله ولد كثير ، وترك أربعمائة دينار ، فقالت عائشة : ما أرى فيه فضلا .
2678 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه قال : دخل علي على مولى لهم في الموت وله سبعمائة درهم ، أو ستمائة درهم ، فقال : ألا أوصي؟ فقال : لا! إنما قال الله : " إن ترك خيرا " ، وليس لك كثير مال .
وقال بعضهم : ذلك ما بين الخمسمائة درهم إلى الألف .
ذكر من قال ذلك :
2679 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر عن قتادة عن أبان بن إبراهيم النخعي في قوله : " إن ترك خيرا " قال : ألف درهم إلى خمسمائة .
وقال بعضهم : الوصية واجبة من قليل المال وكثيره .
https://majles.alukah.net/imgcache/2021/01/28.jpg
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
https://majles.alukah.net/imgcache/2021/01/27.jpg
تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثالث
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(228)
الحلقة (242)
صــ 396إلى صــ 403
ذكر من قال ذلك : [ ص: 396 ]
2680 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر عن الزهري قال : جعل الله الوصية حقا ، مما قل منه أو كثر .
قال أبو جعفر : وأولى هذه الأقوال بالصواب في تأويل قوله : " كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية " ما قال الزهري . لأن قليل المال وكثيره يقع عليه " خير " ، ولم يحد الله ذلك بحد ، ولا خص منه شيئا فيجوز أن يحال ظاهر إلى باطن . فكل من حضرته منيته وعنده مال قل ذلك أو كثر ، فواجب عليه أن يوصي منه لمن لا يرثه من آبائه وأمهاته وأقربائه الذين لا يرثونه بمعروف ، كما قال الله جل ذكره وأمر به .
القول في تأويل قوله تعالى ( فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه )
قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بذلك : فمن غير ما أوصى به الموصي - من وصيته بالمعروف لوالديه أو أقربيه الذين لا يرثونه - بعد ما سمع الوصية ، فإنما إثم التبديل على من بدل وصيته .
فإن قال لنا قائل : وعلام عادت " الهاء " التي في قوله : " فمن بدله " ؟
قيل : على محذوف من الكلام يدل عليه الظاهر . وذلك هو أمر الميت ، وإيصاؤه إلى من أوصى إليه ، بما أوصى به ، لمن أوصى له .
ومعنى الكلام : " كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين " ، فأوصوا لهم ، فمن بدل ما أوصيتم به لهم بعد ما سمعكم توصون لهم ، فإنما إثم ما فعل من ذلك عليه دونكم . [ ص: 397 ]
وإنما قلنا إن " الهاء " في قوله : " فمن بدله " عائدة على محذوف من الكلام يدل عليه الظاهر؛ لأن قوله : "كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية " من قول الله ، وأن تبديل المبدل إنما يكون لوصية الموصي . فأما أمر الله بالوصية فلا يقدر هو ولا غيره أن يبدله ، فيجوز أن تكون " الهاء " في قوله : " فمن بدله " عائدة على " الوصية " .
وأما " الهاء " في قوله : " بعد ما سمعه " ، فعائدة على " الهاء " الأولى في قوله : " فمن بدله " .
وأما " الهاء " التي في قوله : " فإنما إثمه " ، فإنها مكني " التبديل " ، كأنه قال : فإنما إثم ما بدل من ذلك على الذين يبدلونه .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
2681 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد : " فمن بدله بعدما سمعه " قال : الوصية .
2682 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .
2683 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو صالح قال : حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : " فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه " ، وقد وقع أجر الموصي على الله وبرئ من إثمه ، وإن كان أوصى في ضرار لم تجز وصيته ، كما قال الله : ( غير مضار ) [ سورة النساء : 12 ]
2684 - حدثنا الحسين بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر عن قتادة في قوله : " فمن بدله بعدما سمعه " ، قال : من بدل الوصية بعد ما سمعها ، فإثم ما بدل عليه . [ ص: 398 ]
2685 - حدثني موسى بن هارون قال : حدثنا : عمرو بن حماد قال : حدثنا أسباط عن السدي : " فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه " ، فمن بدل الوصية التي أوصى بها ، وكانت بمعروف ، فإنما إثمها على من بدلها . إنه قد ظلم .
2686 - حدثني المثنى قال : حدثنا حجاج بن المنهال قال : حدثنا حماد ، عن قتادة : أن عطاء بن أبي رباح قال في قوله : " فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه " ، قال : يمضى كما قال .
2687 - حدثنا سفيان بن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن يزيد بن إبراهيم ، عن الحسن : " فمن بدله بعدما سمعه " ، قال : من بدل وصية بعد ما سمعها .
2688 - حدثني المثنى قال : حدثنا حجاج قال : حدثنا يزيد بن إبراهيم عن الحسن في هذه الآية : " فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه " ، قال : هذا في الوصية ، من بدلها من بعد ما سمعها ، فإنما إثمه على من بدله .
2689 - حدثنا ابن بشار وابن المثنى قالا حدثنا معاذ بن هشام قال : حدثني أبي ، عن قتادة ، عن عطاء وسالم بن عبد الله وسليمان بن يسار أنهم قالوا : تمضى الوصية لمن أوصى له به إلى هاهنا انتهى حديث ابن المثنى وزاد ابن بشار في حديثه قال قتادة : وقال عبد الله بن معمر : أعجب إلي لو أوصى لذوي قرابته ، وما يعجبني أن أنزعه ممن أوصى له به . قال قتادة : وأعجبه إلي لمن أوصى له به ، قال الله عز وجل : " فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه " .
[ ص: 399 ] القول في تأويل قوله تعالى ( إن الله سميع عليم ( 181 ) )
قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بذلك : " إن الله سميع " لوصيتكم التي أمرتكم أن توصوا بها لآبائكم وأمهاتكم وأقربائكم حين توصون بها ، أتعدلون فيها على ما أذنت لكم من فعل ذلك بالمعروف ، أم تحيفون فتميلون عن الحق وتجورون عن القصد؟ " عليم " بما تخفيه صدوركم من الميل إلى الحق ، والعدل ، أم الجور والحيف .
القول في تأويل قوله تعالى ( فمن خاف من موص جنفا أو إثما فأصلح بينهم فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم ( 182 ) )
قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في تأويل هذه الآية .
فقال بعضهم : تأويلها : فمن حضر مريضا وهو يوصي عند إشرافه على الموت ، فخاف أن يخطئ في وصيته فيفعل ما ليس له ، أو أن يعمد جورا فيها فيأمر بما ليس له الأمر به ، فلا حرج على من حضره فسمع ذلك منه أن يصلح بينه وبين ورثته؛ بأن يأمره بالعدل في وصيته ، وأن ينهاهم عن منعه مما أذن الله له فيه وأباحه له .
ذكر من قال ذلك :
2690 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله : " فمن خاف من موص جنفا أو إثما فأصلح بينهم فلا إثم عليه " ، قال : هذا حين يحضر الرجل وهو يموت ، فإذا [ ص: 400 ] أسرف أمروه بالعدل ، وإذا قصر قالوا : افعل كذا ، أعط فلانا كذا .
2691 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قوله : " فمن خاف من موص جنفا أو إثما " ، قال : هذا حين يحضر الرجل وهو في الموت ، فإذا أشرف على الجور أمروه بالعدل ، وإذا قصر عن حق قالوا : افعل كذا ، أعط فلانا كذا .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : فمن خاف - من أولياء ميت ، أو والي أمر المسلمين - من موص جنفا في وصيته التي أوصى بها الميت ، فأصلح بين ورثته وبين الموصى لهم بما أوصى لهم به ، فرد الوصية إلى العدل والحق ، فلا حرج ولا إثم .
ذكر من قال ذلك :
2692 - حدثني المثنى ، حدثنا أبو صالح كاتب الليث ، حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله : " فمن خاف من موص جنفا " - يعني : إثما - يقول : إذا أخطأ الميت في وصيته أو حاف فيها ، فليس على الأولياء حرج أن يردوا خطأه إلى الصواب .
2693 - حدثنا الحسن بن يحيى حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر عن قتادة في قوله : " فمن خاف من موص جنفا أو إثما " ، قال : هو الرجل يوصي [ ص: 401 ] فيحيف في وصيته ، فيردها الولي إلى الحق والعدل .
2694 - حدثنا بشر بن معاذ ، حدثنا يزيد بن زريع ، عن سعيد عن قتادة قوله : " فمن خاف من موص جنفا أو إثما " ، وكان قتادة يقول : من أوصى بجور أو حيف في وصيته فردها ولي المتوفى أو إمام من أئمة المسلمين ، إلى كتاب الله وإلى العدل ، فذاك له .
2695 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا عبد الرحمن بن سعد وابن أبي جعفر ، عن أبيه عن الربيع : " فمن خاف من موص جنفا أو إثما " ، فمن أوصى بوصية بجور ، فرده الوصي إلى الحق بعد موته ، فلا إثم عليه - قال عبد الرحمن في حديثه : " فأصلح بينهم " ، يقول : رده الوصي إلى الحق بعد موته ، فلا إثم عليه .
2696 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا قبيصة ، عن سفيان ، عن أبيه عن إبراهيم : " فمن خاف من موص جنفا أو إثما فأصلح بينهم " ، قال : رده إلى الحق .
2697 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال : حدثنا أبو أحمد الزبيري قال : حدثنا إسرائيل عن سعيد بن مسروق ، عن إبراهيم قال : سألته عن رجل أوصى بأكثر من الثلث؟ قال : ارددها . ثم قرأ فمن خاف من موص جنفا أو إثما " .
2698 - حدثنا عمرو بن علي قال : حدثنا خالد بن يزيد صاحب اللؤلؤ قال : حدثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس : " فمن خاف من موص جنفا أو إثما فأصلح بينهم فلا إثم عليه " ، قال : رده الوصي إلى الحق بعد موته ، فلا إثم على الوصي .
وقال بعضهم : بل معنى ذلك : فمن خاف من موص جنفا أو إثما في عطيته [ ص: 402 ] عند حضور أجله بعض ورثته دون بعض ، فلا إثم على من أصلح بينهم يعني : بين الورثة .
ذكر من قال ذلك :
2699 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا حجاج عن ابن جريج قال : قلت لعطاء قوله : " فمن خاف من موص جنفا أو إثما " ، قال : الرجل يحيف أو يأثم عند موته ، فيعطي ورثته بعضهم دون بعض ، يقول الله : فلا إثم على المصلح بينهم . فقلت لعطاء : أله أن يعطي وارثه عند الموت ، إنما هي وصية ، ولا وصية لوارث؟ قال : ذلك فيما يقسم بينهم .
وقال آخرون : معنى ذلك : فمن خاف من موص جنفا أو إثما في وصيته لمن لا يرثه ، بما يرجع نفعه على من يرثه ، فأصلح بين ورثته ، فلا إثم عليه .
ذكر من قال ذلك :
2700 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج قال : قال ابن جريج أخبرني ابن طاوس ، عن أبيه أنه كان يقول : جنفه وإثمه ، أن يوصي الرجل لبني ابنه ليكون المال لأبيهم ، وتوصي المرأة لزوج ابنتها ليكون المال لابنتها; وذو الوارث الكثير والمال قليل ، فيوصي بثلث ماله كله ، فيصلح بينهم الموصى إليه أو الأمير . قلت : أفي حياته أم بعد موته؟ قال : ما سمعنا أحدا يقول إلا بعد موته ، وإنه ليوعظ عند ذلك .
2701 - حدثني الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا ابن عيينة عن ابن طاوس ، عن أبيه في قوله : " فمن خاف من موص جنفا أو إثما فأصلح بينهم " ، قال : هو الرجل يوصي لولد ابنته .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : فمن خاف من موص لآبائه وأقربائه جنفا على بعضهم لبعض ، فأصلح بين الآباء والأقرباء ، فلا إثم عليه .
ذكر من قال ذلك : [ ص: 403 ]
2702 - حدثني موسى بن هارون قال : حدثنا عمرو بن حماد قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " فمن خاف من موص جنفا أو إثما فأصلح بينهم فلا إثم عليه " . أما " جنفا " : فخطأ في وصيته ، وأما " إثما " : فعمدا يعمد في وصيته الظلم . فإن هذا أعظم لأجره أن لا ينفذها ، ولكن يصلح بينهم على ما يرى أنه الحق ، ينقص بعضا ويزيد بعضا . قال : ونزلت هذه الآية في الوالدين والأقربين .
2703 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : " فمن خاف من موص جنفا أو إثما فأصلح بينهم فلا إثم عليه " ، قال : " الجنف " أن يحيف لبعضهم على بعض في الوصية ، " والإثم " أن يكون قد أثم في أبويه بعضهم على بعض ، " فأصلح بينهم " الموصى إليه بين الوالدين والأقربين - الابن والبنون هم " الأقربون " - فلا إثم عليه . فهذا الموصى الذي أوصى إليه بذلك ، وجعل إليه ، فرأى هذا قد أجنف لهذا على هذا ، فأصلح بينهم فلا إثم عليه ، فعجز الموصي أن يوصي كما أمره الله تعالى ، وعجز الموصى إليه أن يصلح ، فانتزع الله تعالى ذكره ذلك منهم ، ففرض الفرائض .
https://majles.alukah.net/imgcache/2021/01/28.jpg
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
https://majles.alukah.net/imgcache/2021/01/27.jpg
تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثالث
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(229)
الحلقة (243)
صــ 404إلى صــ 411
قال أبو جعفر : وأولى الأقوال في تأويل الآية أن يكون تأويلها : فمن خاف من موص جنفا أو إثما وهو أن يميل إلى غير الحق خطأ منه ، أو يتعمد إثما في وصيته ، بأن يوصي لوالديه وأقربيه الذين لا يرثونه بأكثر مما يجوز له أن يوصي لهم به من ماله ، وغير ما أذن الله له به مما جاوز الثلث أو بالثلث كله ، وفي المال قلة ، وفي الورثة كثرة فلا بأس على من حضره أن يصلح بين الذين يوصى لهم ، وبين ورثة الميت ، وبين الميت ، بأن يأمر الميت في ذلك بالمعروف ويعرفه ما أباح الله له في ذلك وأذن له فيه من الوصية في ماله ، وينهاه أن يجاوز في وصيته المعروف الذي قال الله تعالى ذكره في كتابه : " كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف ، وذلك هو " الإصلاح " الذي [ ص: 404 ] قال الله تعالى ذكره : " فأصلح بينهم فلا إثم عليه " . وكذلك لمن كان في المال فضل وكثرة وفي الورثة قلة ، فأراد أن يقتصر في وصيته لوالديه وأقربيه عن ثلثه ، فأصلح من حضره بينه وبين ورثته وبين والديه وأقربيه الذين يريد أن يوصى لهم ، بأن يأمر المريض أن يزيد في وصيته لهم ، ويبلغ بها ما رخص الله فيه من الثلث . فذلك أيضا هو من الإصلاح بينهم بالمعروف .
وإنما اخترنا هذا القول ، لأن الله تعالى ذكره قال : " فمن خاف من موص جنفا أو إثما " ، يعني بذلك : فمن خاف من موص أن يجنف أو يأثم . فخوف الجنف والإثم من الموصي ، إنما هو كائن قبل وقوع الجنف والإثم ، فأما بعد وجوده منه ، فلا وجه للخوف منه بأن يجنف أو يأثم ، بل تلك حال من قد جنف أو أثم ، ولو كان ذلك معناه لقيل : فمن تبين من موص جنفا أو إثما - أو أيقن أو علم - ولم يقل : فمن خاف منه جنفا .
فإن أشكل ما قلنا من ذلك على بعض الناس فقال : فما وجه الإصلاح حينئذ ، والإصلاح إنما يكون بين المختلفين في الشيء؟
قيل : إن ذلك وإن كان من معاني الإصلاح ، فمن الإصلاح الإصلاح بين الفريقين ، فيما كان مخوفا حدوث الاختلاف بينهم فيه ، بما يؤمن معه حدوث الاختلاف . لأن " الإصلاح " ، إنما هو الفعل الذي يكون معه إصلاح ذات البين ، فسواء كان ذلك الفعل الذي يكون معه إصلاح ذات البين - قبل وقوع الاختلاف أو بعد وقوعه .
فإن قال قائل : فكيف قيل : " فأصلح بينهم " ، ولم يجر للورثة ولا للمختلفين ، أو المخوف اختلافهم ذكر؟ [ ص: 405 ]
قيل : بل قد جرى ذكر الذين أمر تعالى ذكره بالوصية لهم ، وهم والدا الموصي وأقربوه ، والذين أمروا بالوصية في قوله : " كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف " ، ثم قال تعالى ذكره : " فمن خاف من موص " - لمن أمرته بالوصية له - " جنفا أو إثما فأصلح بينهم " - وبين من أمرته بالوصية له - " فلا إثم عليه " . والإصلاح بينه وبينهم ، هو إصلاح بينهم وبين ورثة الموصي .
قال أبو جعفر : وقد قرئ قوله : " فمن خاف من موص " بالتخفيف في " الصاد " والتسكين في " الواو " - وبتحريك " الواو " وتشديد " الصاد " .
فمن قرأ ذلك بتخفيف " الصاد " وتسكين " الواو " ، فإنما قرأه بلغة من قال : " أوصيت فلانا بكذا " .
ومن قرأ بتحريك " الواو " وتشديد " الصاد " ، قرأه بلغة من يقول : " وصيت فلانا بكذا " . وهما لغتان للعرب مشهورتان : " وصيتك ، وأوصيتك "
وأما " الجنف " ، فهو الجور والعدول عن الحق في كلام العرب ، ومنه قول الشاعر :
هم المولى وإن جنفوا علينا وإنا من لقائهم لزور
يقال منه : "جنف الرجل على صاحبه يجنف" - إذا مال عليه وجار - "جنفا" . [ ص: 406 ]
فمعنى الكلام من خاف من موص جنفا له بموضع الوصية ، وميلا عن الصواب فيها ، وجورا عن القصد أو إثما بتعمده ذلك على علم منه بخطأ ما يأتي من ذلك ، فأصلح بينهم ، فلا إثم عليه .
وبمثل الذي قلنا في معنى " الجنف " " والإثم " ، قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
2704 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه عن ابن عباس في قوله : " فمن خاف من موص جنفا " ، يعني بالجنف : الخطأ .
2705 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا جابر بن نوح ، عن عبد الملك عن عطاء : " فمن خاف من موص جنفا " ، قال : ميلا .
2706 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا عبد الملك ، عن عطاء مثله .
2707 - حدثنا عمرو بن علي قال : حدثنا خالد بن الحارث ويزيد بن هارون قالا حدثنا عبد الملك ، عن عطاء مثله .
2708 - حدثني يعقوب قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا جويبر عن الضحاك قال : الجنف الخطأ ، والإثم العمد .
2709 - حدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي قال : حدثنا [ أبو أحمد ] الزبيري قال : حدثنا هشيم ، عن جويبر ، عن عطاء مثله .
2710 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط عن السدي : " فمن خاف من موص جنفا أو إثما " ، أما " جنفا " فخطأ في وصيته ، وأما " إثما " : فعمدا ، يعمد في وصيته الظلم .
2711 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى [ ص: 407 ] عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : " فمن خاف من موص جنفا أو إثما " ، قال : خطأ أو عمدا .
2712 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا عبد الرحمن بن سعد وابن أبي جعفر عن أبي جعفر عن الربيع : " فمن خاف من موص جنفا أو إثما " ، قال : الجنف الخطأ ، والإثم العمد .
2713 - حدثنا عمرو بن علي قال : حدثنا خالد بن يزيد صاحب اللؤلؤ قال : حدثنا أبو جعفر ، عن الربيع بن أنس مثله .
2714 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا قبيصة ، عن سفيان عن أبيه عن إبراهيم : " فمن خاف من موص جنفا أو إثما " ، قال : الجنف : الخطأ ، والإثم العمد .
2715 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال : حدثنا أبو أحمد قال : حدثنا فضيل بن مرزوق عن عطية : " فمن خاف من موص جنفا " ، قال : خطأ " أو إثما " متعمدا .
2716 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا عبد الرزاق ، عن ابن عيينة عن ابن طاوس ، عن أبيه : " فمن خاف من موص جنفا ، قال : ميلا .
2717 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : " جنفا " حيفا " والإثم " ميله لبعض على بعض . وكله يصير إلى واحد ، كما يكون " عفوا غفورا " و" غفورا رحيما " .
2718 - حدثنا القاسم قال حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن [ ص: 408 ] جريج قال : قال ابن عباس : الجنف " الخطأ ، والإثم : العمد .
2719 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال : حدثنا الفضل بن خالد قال : حدثنا عبيد بن سليمان عن الضحاك قال : الجنف الخطأ ، والإثم العمد .
وأما قوله : " إن الله غفور رحيم " ، فإنه يعني : والله غفور للموصي فيما كان حدث به نفسه من الجنف والإثم ، إذا ترك أن يأثم ويجنف في وصيته ، فتجاوز له عما كان حدث به نفسه من الجور ، إذ لم يمض ذلك فيغفل أن يؤاخذه به " رحيم " بالمصلح بين الموصي وبين من أراد أن يحيف عليه لغيره ، أو يأثم فيه له .
[ ص: 409 ] القول في تأويل قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ( 183 ) )
قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بقوله : " يا أيها الذين آمنوا " ، يا أيها الذين آمنوا بالله ورسوله وصدقوا بهما وأقروا .
ويعني بقوله : " كتب عليكم الصيام " ، فرض عليكم الصيام .
و" الصيام " مصدر ، من قول القائل : " صمت عن كذا وكذا " - يعني : كففت عنه - " أصوم عنه صوما وصياما " . ومعنى " الصيام " ، الكف عما أمر الله بالكف عنه . ومن ذلك قيل : " صامت الخيل " ، إذا كفت عن السير ، ومنه قول نابغة بني ذبيان :
خيل صيام ، وخيل غير صائمة تحت العجاج ، وأخرى تعلك اللجما
ومنه قول الله تعالى ذكره : ( إني نذرت للرحمن صوما ) [ سورة مريم : 26 ] يعني : صمتا عن الكلام .
وقوله : " كما كتب على الذين من قبلكم " ، يعني فرض عليكم مثل الذي فرض على الذين من قبلكم . [ ص: 410 ]
قال أبو جعفر : ثم اختلف أهل التأويل في الذين عنى الله بقوله : " كما كتب على الذين من قبلكم " ، وفي المعنى الذي وقع فيه التشبيه بين فرض صومنا وصوم الذين من قبلنا .
فقال بعضهم : الذين أخبرنا الله عن الصوم الذي فرضه علينا ، أنه كمثل الذي كان عليهم ، هم النصارى . وقالوا : التشبيه الذي شبه من أجله أحدهما بصاحبه ، هو اتفاقهما في الوقت والمقدار الذي هو لازم لنا اليوم فرضه .
ذكر من قال ذلك :
2720 - حدثت عن يحيى بن زياد عن محمد بن أبان [ القرشي ] ، عن أبي أمية الطنافسي عن الشعبي أنه قال : لو صمت السنة كلها لأفطرت اليوم الذي يشك فيه ، فيقال : من شعبان ، ويقال : من رمضان . وذلك أن النصارى فرض عليهم شهر رمضان كما فرض علينا فحولوه إلى الفصل . وذلك أنهم كانوا ربما صاموه في القيظ يعدون ثلاثين يوما . ثم جاء بعدهم قرن فأخذوا بالثقة من أنفسهم ، فصاموا قبل الثلاثين يوما وبعدها يوما . ثم لم يزل الآخر يستن سنة القرن الذي قبله حتى صارت إلى خمسين . فذلك قوله : " كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم " ، [ ص: 411 ]
وقال آخرون : بل التشبيه إنما هو من أجل أن صومهم كان من العشاء الآخرة إلى العشاء الآخرة . وذلك كان فرض الله جل ثناؤه على المؤمنين في أول ما افترض عليهم الصوم . ووافق قائلو هذا القول القائلي القول الأول : أن الذين عنى الله جل ثناؤه بقوله : " كما كتب على الذين من قبلكم " ، النصارى .
https://majles.alukah.net/imgcache/2021/01/28.jpg
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
https://majles.alukah.net/imgcache/2021/01/27.jpg
تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثالث
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(230)
الحلقة (244)
صــ 412إلى صــ 419
ذكر من قال ذلك :
2721 - حدثني موسى بن هارون قال : حدثنا عمرو بن حماد قال : حدثنا أسباط عن السدي : " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم " ، أما الذين من قبلنا : فالنصارى ، كتب عليهم رمضان ، وكتب عليهم أن لا يأكلوا ولا يشربوا بعد النوم ، ولا ينكحوا النساء شهر رمضان . فاشتد على النصارى صيام رمضان ، وجعل يقلب عليهم في الشتاء والصيف . فلما رأوا ذلك اجتمعوا فجعلوا صياما في الفصل بين الشتاء والصيف ، وقالوا : نزيد عشرين يوما نكفر بها ما صنعنا! فجعلوا صيامهم خمسين . فلم يزل المسلمون على ذلك يصنعون كما تصنع النصارى ، حتى كان من أمر أبي قيس بن صرمة وعمر بن الخطاب ما كان ، فأحل الله لهم الأكل والشرب والجماع إلى طلوع الفجر . [ ص: 412 ]
2722 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه عن الربيع : " كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم " ، قال : كتب عليهم الصوم من العتمة إلى العتمة .
وقال آخرون : الذين عنى الله جل ثناؤه بقوله : " كما كتب على الذين من قبلكم " ، أهل الكتاب .
ذكر من قال ذلك :
2723 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد : " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم " ، أهل الكتاب .
وقال بعضهم : بل ذلك كان على الناس كلهم .
ذكر من قال ذلك :
2724 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر عن قتادة في قوله : " كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم " ، قال : كتب شهر رمضان على الناس ، كما كتب على الذين من قبلهم . قال : وقد كتب الله على الناس قبل أن ينزل رمضان صوم ثلاثة أيام من كل شهر .
2725 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد عن قتادة قوله : " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم " ، رمضان ، كتبه الله على من كان قبلهم .
قال أبو جعفر : وأولى هذه الأقوال بالصواب قول من قال : معنى الآية :
يا أيها الذين آمنوا فرض عليكم الصيام كما فرض على الذين من قبلكم من أهل الكتاب ، " أياما معدودات " ، وهي شهر رمضان كله . لأن من بعد إبراهيم [ ص: 413 ] صلى الله عليه وسلم كان مأمورا باتباع إبراهيم ، وذلك أن الله جل ثناؤه كان جعله للناس إماما ، وقد أخبرنا الله عز وجل أن دينه كان الحنيفية المسلمة ، فأمر نبينا صلى الله عليه وسلم بمثل الذي أمر به من قبله من الأنبياء .
وأما التشبيه ، فإنما وقع على الوقت . وذلك أن من كان قبلنا إنما كان فرض عليهم شهر رمضان ، مثل الذي فرض علينا سواء .
وأما تأويل قوله : " لعلكم تتقون " ، فإنه يعني به : لتتقوا أكل الطعام وشرب الشراب وجماع النساء فيه . يقول : فرضت عليكم الصوم والكف عما تكونون بترك الكف عنه مفطرين ، لتتقوا ما يفطركم في وقت صومكم .
وبمثل الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل :
ذكر من قال ذلك :
2726 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : أما قوله : " لعلكم تتقون " ، يقول : فتتقون من الطعام والشراب والنساء مثل ما اتقوا - يعني : مثل الذي اتقى النصارى قبلكم .
القول في تأويل قوله تعالى ( أياما معدودات )
قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره ، كتب عليكم أيها الذين آمنوا - الصيام أياما معدودات .
ونصب " أياما " بمضمر من الفعل ، كأنه قيل : كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم ، أن تصوموا أياما معدودات ، كما يقال : " أعجبني الضرب زيدا " . [ ص: 414 ]
وقوله : " كما كتب على الذين من قبلكم " من الصيام ، كأنه قيل : كتب عليكم الذي هو مثل الذي كتب على الذين من قبلكم : أن تصوموا أياما معدودات .
ثم اختلف أهل التأويل فيما عنى الله جل وعز بقوله : " أياما معدودات " .
فقال بعضهم : " الأيام المعدودات " ، صوم ثلاثة أيام من كل شهر . قال : وكان ذلك الذي فرض على الناس من الصيام قبل أن يفرض عليهم شهر رمضان .
ذكر من قال ذلك :
2727 - حدثنا المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح عن عطاء قال : كان عليهم الصيام ثلاثة أيام من كل شهر ، ولم يسم الشهر أياما معدودات . قال : وكان هذا صيام الناس قبل ، ثم فرض الله عز وجل على الناس شهر رمضان .
2728 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون " ، وكان ثلاثة أيام من كل شهر ، ثم نسخ ذلك بالذي أنزل من صيام رمضان . فهذا الصوم الأول ، من العتمة .
2729 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا يونس بن بكير قال : حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة . عن عمرو بن مرة ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن معاذ بن جبل : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فصام يوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر ، ثم أنزل الله جل وعز فرض شهر رمضان ، فأنزل الله : " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم " حتى بلغ : " وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين " . [ ص: 415 ]
2730 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر عن قتادة قال : قد كتب الله تعالى ذكره على الناس ، قبل أن ينزل رمضان ، صوم ثلاثة أيام من كل شهر .
وقال آخرون : بل الأيام الثلاثة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومها قبل أن يفرض رمضان ، كان تطوعا صومهن ، وإنما عنى الله جل وعز بقوله : كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم . . . أياما معدودات ، أيام شهر رمضان ، لا الأيام التي كان يصومهن قبل وجوب فرض صوم شهر رمضان .
ذكر من قال ذلك :
2731 - حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا محمد بن جعفر عن شعبة ، عن عمرو بن مرة قال : حدثنا أصحابنا : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم عليهم أمرهم بصيام ثلاثة أيام من كل شهر تطوعا لا فريضة . قال : ثم نزل صيام رمضان - قال أبو موسى : قوله : " قال عمرو بن مرة : حدثنا أصحابنا " [ ص: 415 ] يريد ابن أبي ليلى ، كأن ابن أبي ليلى القائل : " حدثنا أصحابنا " .
2732 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا شعبة قال : سمعت عمرو بن مرة قال : سمعت ابن أبي ليلى ، فذكر نحوه . [ ص: 417 ]
قال أبو جعفر : وقد ذكرنا قول من قال : عنى بقوله : " كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم " ، شهر رمضان .
وأولى ذلك بالصواب عندي قول من قال : عنى الله جل ثناؤه بقوله : " ( أياما معدودات ) ، أيام شهر رمضان . وذلك أنه لم يأت خبر تقوم به حجة بأن صوما فرض على أهل الإسلام غير صوم شهر رمضان ، ثم نسخ بصوم شهر رمضان ، وأن الله تعالى قد بين في سياق الآية ، أن الصيام الذي أوجبه جل ثناؤه علينا هو صيام شهر رمضان دون غيره من الأوقات ، بإبانته ، عن الأيام التي أخبر أنه كتب علينا صومها بقوله : " شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن " . فمن ادعى أن صوما كان قد لزم المسلمين فرضه غير صوم شهر رمضان الذين هم مجمعون على وجوب فرض صومه - ثم نسخ ذلك - سئل البرهان على ذلك من خبر تقوم به حجة ، إذ كان لا يعلم ذلك إلا بخبر يقطع العذر .
وإذ كان الأمر في ذلك على ما وصفنا للذي بينا ، فتأويل الآية : كتب عليكم أيها المؤمنون الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ، أياما معدودات هي شهر رمضان . وجائز أيضا أن يكون معناه : " كتب عليكم الصيام " ، كتب عليكم شهر رمضان .
وأما " المعدودات " : فهي التي تعد مبالغها وساعات أوقاتها . ويعني بقوله : " معدودات " ، محصيات .
[ ص: 418 ] القول في تأويل قوله تعالى ( فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين )
قال أبو جعفر : يعني بقوله جل ثناؤه : " فمن كان منكم مريضا " ، من كان منكم مريضا ، ممن كلف صومه أو كان صحيحا غير مريض وكان على سفر ، " فعدة من أيام أخر " ، يقول : فعليه صوم عدة الأيام التي أفطرها في مرضه أو في سفره ، " من أيام أخر " ، يعني : من أيام أخر غير أيام مرضه أو سفره .
والرفع في قوله : " فعدة من أيام أخر " ، نظير الرفع في قوله : " فاتباع بالمعروف " . وقد مضى بيان ذلك هنالك بما أغنى عن إعادته .
وأما قوله : " وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين " ، فإن قراءة كافة المسلمين : " وعلى الذين يطيقونه " ، وعلى ذلك خطوط مصاحفهم . وهي القراءة التي لا يجوز لأحد من أهل الإسلام خلافها ، لنقل جميعهم تصويب ذلك قرنا عن قرن .
وكان ابن عباس يقرؤها فيما روي عنه : " وعلى الذين يطوقونه " .
ثم اختلف قراء ذلك : " وعلى الذين يطيقونه " في معناه .
فقال بعضهم : كان ذلك في أول ما فرض الصوم ، وكان من أطاقه من المقيمين صامه إن شاء ، وإن شاء أفطره وافتدى ، فأطعم لكل يوم أفطره مسكينا ، حتى نسخ ذلك .
ذكر من قال ذلك : [ ص: 419 ]
2733 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا يونس بن بكير قال : حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن معاذ بن جبل قال : " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فصام يوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر ، ثم إن الله جل وعز فرض شهر رمضان ، فأنزل الله تعالى ذكره : " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام " حتى بلغ " وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين " ، فكان من شاء صام ، ومن شاء أفطر وأطعم مسكينا . ثم إن الله عز وجل أوجب الصيام على الصحيح المقيم ، وثبت الإطعام للكبير الذي لا يستطيع الصوم ، فأنزل الله عز وجل : " فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر " إلى آخر الآية .
2734 - حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا محمد بن جعفر عن شعبة ، عن عمرو بن مرة ، قال حدثنا أصحابنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم عليهم أمرهم بصيام ثلاثة أيام من كل شهر تطوعا غير فريضة . قال : ثم نزل صيام رمضان . قال : وكانوا قوما لم يتعودوا الصيام . قال : وكان يشتد عليهم الصوم . قال : فكان من لم يصم أطعم مسكينا ، ثم نزلت هذه الآية : " فمن شهد منكم فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر " ، فكانت الرخصة للمريض والمسافر ، وأمرنا بالصيام . قال محمد بن المثنى قوله : " قال عمرو : حدثنا أصحابنا " ، يريد ابن أبي ليلى . كأن ابن أبي ليلى القائل : " حدثنا أصحابنا " .
https://majles.alukah.net/imgcache/2021/01/28.jpg
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
https://majles.alukah.net/imgcache/2021/01/27.jpg
تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثالث
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(231)
الحلقة (245)
صــ 420إلى صــ 427
2735 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا شعبة قال : سمعت عمرو بن مرة قال : سمعت ابن أبي ليلى فذكر نحوه . [ ص: 420 ]
2736 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن إبراهيم عن علقمة في قوله : " وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين " ، قال : كان من شاء صام ، ومن شاء أفطر وأطعم نصف صاع مسكينا ، فنسخها : " شهر رمضان " إلى قوله : " فمن شهد منكم الشهر فليصمه " .
2737 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن إبراهيم بنحوه - وزاد فيه ، قال : فنسختها هذه الآية ، وصارت الآية الأولى للشيخ الذي لا يستطيع الصوم ، يتصدق مكان كل يوم على مسكين نصف صاع .
2738 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا يحيى بن واضح أبو تميلة قال : حدثنا الحسين ، عن يزيد النحوي عن عكرمة والحسن البصري قوله : " وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين " ، فكان من شاء منهم أن يصوم صام ، ومن شاء منهم أن يفتدي بطعام مسكين افتدى وتم له صومه . ثم قال : " فمن شهد منكم الشهر فليصمه " ، ثم استثنى من ذلك فقال : " ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر " .
2739 - حدثنا أبو هشام الرفاعي قال : حدثنا ابن إدريس قال : سألت الأعمش عن قوله : " وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين " ، فحدثنا عن إبراهيم عن علقمة . قال : نسختها : " فمن شهد منكم الشهر فليصمه " .
2740 - حدثنا عمر بن المثنى قال : حدثنا عبد الوهاب قال : حدثنا عبد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : نسخت هذه الآية - يعني : " وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين " - التي بعدها : " فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان [ ص: 421 ] مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر " .
2741 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا ابن إدريس قال : سمعت الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة في قوله : " وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين " ، قال : نسختها : " فمن شهد منكم الشهر فليصمه " .
2742 - حدثنا الوليد بن شجاع أبو همام قال : حدثنا علي بن مسهر ، عن عاصم عن الشعبي قال : نزلت هذه الآية : " وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين " ، كان الرجل يفطر فيتصدق عن كل يوم على مسكين طعاما ، ثم نزلت هذه الآية : " فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر " ، فلم تنزل الرخصة إلا للمريض والمسافر .
2743 - حدثنا هناد بن السري قال : حدثنا علي بن مسهر ، عن عاصم [ ص: 422 ] عن الشعبي قال : نزلت هذه الآية للناس عامة : " وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين " ، وكان الرجل يفطر ويتصدق بطعامه على مسكين ، ثم نزلت هذه الآية : " ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر " ، قال : فلم تنزل الرخصة إلا للمريض والمسافر .
2744 - حدثنا هناد قال : حدثنا وكيع ، عن ابن أبي ليلى قال : دخلت على عطاء وهو يأكل في شهر رمضان ، فقال : إني شيخ كبير ، إن الصوم نزل ، فكان من شاء صام ، ومن شاء أفطر وأطعم مسكينا ، حتى نزلت هذه الآية : " فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر " ، فوجب الصوم على كل أحد ، إلا مريض أو مسافر أو شيخ كبير مثلي يفتدي .
2745 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو صالح قال : حدثني الليث قال : أخبرني يونس عن ابن شهاب قال : قال الله : " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم " ، قال ابن شهاب : كتب الله الصيام علينا ، فكان من شاء افتدى ممن يطيق الصيام من صحيح أو مريض أو مسافر ، ولم يكن عليه غير ذلك . فلما أوجب الله على من شهد الشهر الصيام ، فمن كان صحيحا يطيقه وضع عنه الفدية ، وكان من كان على سفر أو كان مريضا فعدة من أيام أخر . قال : وبقيت الفدية التي كانت تقبل قبل ذلك للكبير الذي لا يطيق الصيام ، والذي يعرض له العطش أو العلة التي لا يستطيع معها الصيام .
2746 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه عن ابن عباس قال : جعل الله في الصوم الأول فدية طعام مسكين ، فمن شاء من مسافر أو مقيم أن يطعم مسكينا ويفطر ، كان ذلك رخصة له . فأنزل الله في الصوم الآخر : " فعدة من أيام أخر " ، ولم يذكر الله في الصوم الآخر فدية طعام مسكين ، فنسخت الفدية ، وثبت في الصوم الآخر : [ ص: 423 ] " يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر " ، وهو الإفطار في السفر ، وجعله عدة من أيام أخر .
2747 - حدثني أحمد بن عبد الرحمن بن وهب قال : أخبرني عمي عبد الله بن وهب قال : أخبرني عمرو بن الحارث قال : بكير بن عبد الله ، عن يزيد مولى سلمة بن الأكوع ، عن سلمة بن الأكوع أنه قال : كنا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من شاء صام ، ومن شاء أفطر وافتدى بطعام مسكين ، حتى أنزلت : " فمن شهد منكم الشهر فليصمه " .
2748 - حدثني المثنى قال : حدثنا سويد قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن عاصم الأحول عن الشعبي في قوله : " وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين " [ ص: 424 ] قال : كانت للناس كلهم : فلما نزلت : " فمن شهد منكم الشهر فليصمه " ، أمروا بالصوم والقضاء ، فقال : " ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر " .
2749 - حدثنا هناد قال : حدثنا علي بن مسهر ، عن الأعمش عن إبراهيم في قوله : " وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين " ، قال : نسختها الآية التي بعدها : وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون .
2750 - حدثنا هناد قال : حدثنا وكيع ، عن محمد بن سليمان ، عن ابن سيرين ، عن عبيدة : " وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين " ، قال : نسختها الآية التي تليها : " فمن شهد منكم الشهر فليصمه " .
2751 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال : حدثنا الفضل بن خالد قال : حدثنا عبيد بن سليمان عن الضحاك قوله : " كتب عليكم الصيام " الآية ، فرض الصوم من العتمة إلى مثلها من القابلة ، فإذا صلى الرجل العتمة حرم عليه الطعام والجماع إلى مثلها من القابلة . ثم نزل الصوم الآخر بإحلال الطعام والجماع بالليل كله ، وهو قوله : ( وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود ) إلى قوله : ( ثم أتموا الصيام إلى الليل ) ، وأحل الجماع أيضا فقال : ( أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم ) ، وكان في الصوم الأول الفدية ، فمن شاء من مسافر أو مقيم أن يطعم مسكينا ويفطر فعل ذلك ، ولم يذكر الله تعالى ذكره في الصوم الآخر الفدية ، وقال : " فعدة من أيام أخر " ، فنسخ هذا الصوم الآخر الفدية .
وقال آخرون : بل كان قوله : " وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين " ، حكما خاصا للشيخ الكبير والعجوز الذين يطيقان الصوم ، كان مرخصا لهما [ ص: 425 ] أن يفديا صومهما بإطعام مسكين ويفطرا ، ثم نسخ ذلك بقوله : " فمن شهد منكم الشهر فليصمه " ، فلزمهما من الصوم مثل الذي لزم الشاب إلا أن يعجزا عن الصوم ، فيكون ذلك الحكم الذي كان لهما قبل النسخ ثابتا لهما حينئذ بحاله .
ذكر من قال ذلك .
2752 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد بن زريع قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن عزرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : كان الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة وهما يطيقان الصوم ، رخص لهما أن يفطرا إن شاءا ويطعما لكل يوم مسكينا ، ثم نسخ ذلك بعد ذلك : " فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر " ، وثبت للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة ، إذا كانا لا يطيقان الصوم ، وللحبلى والمرضع إذا خافتا .
2753 - حدثني المثنى قال : حدثنا سويد قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن عروة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس : " وعلى الذين يطيقونه " ، قال : الشيخ الكبير ، والعجوز الكبيرة ثم ذكر مثل حديث بشر عن يزيد . [ ص: 426 ]
2754 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا معاذ بن هشام قال : حدثني أبي ، عن قتادة عن عكرمة قال : كان الشيخ والعجوز لهما الرخصة أن يفطرا ويطعما بقوله : " وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين " . قال : فكانت لهم الرخصة ، ثم نسخت بهذه الآية : " فمن شهد منكم الشهر فليصمه " ، فنسخت الرخصة عن الشيخ والعجوز إذا كانا يطيقان الصوم ، وبقيت للحامل والمرضع أن يفطرا ويطعما .
2755 - حدثني المثنى قال : حدثنا حجاج بن المنهال قال : حدثنا همام بن يحيى قال : سمعت قتادة يقول في قوله : " وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين " ، قال : كان فيها رخصة للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة وهما يطيقان الصوم أن يطعما مكان كل يوم مسكينا ويفطرا ، ثم نسخ ذلك بالآية التي بعدها فقال : " شهر رمضان " إلى قوله : " فعدة من أيام أخر " ، فنسختها هذه الآية . فكان أهل العلم يرون ويرجون الرخصة تثبت للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة إذا لم يطيقا الصوم أن يفطرا ويطعما عن كل يوم مسكينا ، وللحبلى إذا خشيت على ما في بطنها ، وللمرضع إذا ما خشيت على ولدها .
2756 - حدثت عن عمار بن الحسن قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه عن الربيع في قوله : " وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين " ، فكان الشيخ والعجوز يطيقان صوم رمضان ، فأحل الله لهما أن يفطراه إن أرادا ذلك ، وعليهما الفدية لكل يوم يفطرانه طعام مسكين ، فأنزل الله بعد ذلك : [ ص: 427 ] " شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن " ، إلى قوله : " فعدة من أيام أخر " .
وقال آخرون ممن قرأ ذلك : " وعلى الذين يطيقونه " ، لم ينسخ ذلك ولا شيء منه ، وهو حكم مثبت من لدن نزلت هذه الآية إلى قيام الساعة ، وقالوا : إنما تأويل ذلك : وعلى الذين يطيقونه - في حال شبابهم وحداثتهم ، وفي حال صحتهم وقوتهم - إذا مرضوا وكبروا فعجزوا من الكبر عن الصوم ، فدية طعام مسكين لا أن القوم كان رخص لهم في الإفطار - وهم على الصوم قادرون - إذا افتدوا .
ذكر من قال ذلك :
2757 - حدثني موسى بن هارون قال : حدثنا عمرو بن حماد قال : حدثنا أسباط عن السدي : " وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين " ، قال : أما الذين يطيقونه ، فالرجل كان يطيقه وقد صام قبل ذلك ، ثم يعرض له الوجع أو العطش أو المرض الطويل ، أو المرأة المرضع لا تستطيع أن تصوم ، فإن أولئك عليهم مكان كل يوم إطعام مسكين ، فإن أطعم مسكينا فهو خير له ، ومن تكلف الصيام فصامه فهو خير له .
https://majles.alukah.net/imgcache/2021/01/28.jpg
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
https://majles.alukah.net/imgcache/2021/01/27.jpg
تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثالث
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(232)
الحلقة (246)
صــ 428إلى صــ 435
2758 - حدثنا هناد قال : حدثنا عبدة ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة عن عزرة ، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : إذا خافت الحامل على نفسها ، والمرضع على ولدها في رمضان ، قال : يفطران ويطعمان مكان كل يوم مسكينا ، ولا يقضيان صوما . [ ص: 428 ]
2759 - حدثنا هناد قال : حدثنا عبدة ، . . . ، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس : أنه رأى أم ولد له حاملا أو مرضعا ، فقال : أنت بمنزلة الذي لا يطيقه ، عليك أن تطعمي مكان كل يوم مسكينا ، ولا قضاء عليك .
2760 - حدثنا هناد قال : حدثنا عبدة ، عن سعيد ، عن نافع ، عن علي بن ثابت ، عن نافع عن ابن عمر مثل قول ابن عباس في الحامل والمرضع . [ ص: 429 ]
2761 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد عن قتادة قال : ذكر لنا أن ابن عباس قال : لأم ولد له حبلى أو مرضع : أنت بمنزلة الذين لا يطيقونه ، عليك الفداء ولا صوم عليك . هذا إذا خافت على نفسها .
2762 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه عن ابن عباس قوله : " وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين " ، هو الشيخ الكبير كان يطيق صوم شهر رمضان وهو شاب ، فكبر وهو لا يستطيع صومه ، فليتصدق على مسكين واحد لكل يوم أفطره ، حين يفطر وحين يتسحر .
2763 - حدثنا هناد قال : حدثنا عبدة ، عن منصور عن مجاهد ، عن ابن عباس نحوه - غير أنه لم يقل : حين يفطر وحين يتسحر .
2764 - حدثنا هناد قال : حدثنا حاتم بن إسماعيل ، عن عبد الرحمن بن حرملة عن سعيد بن المسيب أنه قال في قول الله تعالى ذكره : " فدية طعام مسكين " ، قال : هو الكبير الذي كان يصوم فكبر وعجز عنه ، وهي الحامل التي ليس عليها الصيام . فعلى كل واحد منهما طعام مسكين : مد من حنطة لكل يوم حتى يمضي رمضان .
وقرأ ذلك آخرون : " وعلى الذين يطوقونه فدية طعام مسكين " ، وقالوا : إنه الشيخ الكبير والمرأة العجوز اللذان قد كبرا عن الصوم ، فهما يكلفان الصوم ولا يطيقانه ، فلهما أن يفطرا ويطعما مكان كل يوم أفطراه مسكينا . وقالوا : الآية ثابتة الحكم منذ أنزلت ، لم تنسخ ، وأنكروا قول من قال : إنها منسوخة .
ذكر من قال ذلك :
2765 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، حدثنا ابن جريج [ ص: 430 ] عن عطاء عن ابن عباس أنه كان يقرؤها : " يطوقونه " .
2766 - حدثنا هناد قال : حدثنا علي بن مسهر ، عن عصام ، عن عكرمة عن ابن عباس أنه كان يقرأ : " وعلى الذين يطوقونه فدية طعام مسكين " ، قال : فكان يقول : هي للناس اليوم قائمة .
2767 - حدثنا هناد قال : حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد عن ابن عباس أنه كان يقرؤها : "وعلى الذين يطوقونه فدية طعام مسكين" ، قال : وكان يقول : هي للناس اليوم قائمة .
2768 - حدثنا هناد قال : حدثنا قبيصة ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد عن ابن عباس أنه كان يقرؤها : "وعلى الذين يطوقونه " ، ويقول : هو الشيخ الكبير يفطر ويطعم عنه .
2769 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا عبد الوهاب قال : حدثنا أيوب عن عكرمة أنه قال في هذه الآية : " وعلى الذين يطوقونه " ، - وكذلك كان يقرؤها - : إنها ليست منسوخة ، كلف الشيخ الكبير أن يفطر ويطعم مكان كل يوم مسكينا .
2770 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة ، عن أبي بشر عن سعيد بن جبير أنه قرأ : " وعلى الذين يطوقونه " .
2771 - حدثنا هناد قال : حدثنا وكيع ، عن عمران بن حدير ، عن عكرمة قال : " الذين يطيقونه " يصومونه ، ولكن الذين " يطوقونه " ، يعجزون عنه .
2772 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا ابن جريج قال : حدثني محمد بن عباد بن جعفر ، عن أبي عمرو مولى عائشة أن عائشة كانت تقرأ : " يطوقونه " .
2773 - حدثنا الحسن قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا ابن جريج ، عن عطاء أنه كان يقرؤها " يطوقونه " . قال ابن جريج : وكان مجاهد يقرؤها كذلك . [ ص: 431 ]
2774 - حدثنا حميد بن مسعدة قال حدثنا بشر بن المفضل قال : حدثنا خالد عن عكرمة : " وعلى الذين يطيقونه " قال : قال ابن عباس : هو الشيخ الكبير .
2775 - حدثنا إسماعيل بن موسى السدي قال : أخبرنا شريك ، عن سالم ، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس : " وعلى الذين يطوقونه " قال : يتجشمونه يتكلفونه .
2776 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا ابن إدريس ، عن مسلم الملائي ، عن مجاهد عن ابن عباس في قوله : " وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين " ، قال : الشيخ الكبير الذي لا يطيق فيفطر ويطعم كل يوم مسكينا .
2777 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد وعطاء عن ابن عباس في قول الله : " وعلى الذين يطيقونه " ، قال : يكلفونه ، فدية طعام مسكين واحد . قال : فهذه آية منسوخة لا يرخص فيها إلا للكبير الذي لا يطيق الصيام ، أو مريض يعلم أنه لا يشفى .
2778 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن عمرو بن دينار ، عن عطاء عن ابن عباس قال : " الذين يطيقونه " ، يتكلفونه ، فدية طعام مسكين واحد ، ولم يرخص هذا إلا للشيخ الذي لا يطيق الصوم ، أو المريض الذي يعلم أنه لا يشفى - هذا عن مجاهد .
2779 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن [ ص: 432 ] ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن عباس أنه كان يقول : ليست بمنسوخة .
2780 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو صالح قال : حدثني معاوية عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله : " وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين " ، يقول : من لم يطق الصوم إلا على جهد ، فله أن يفطر ويطعم كل يوم مسكينا ، والحامل والمرضع والشيخ الكبير والذي به سقم دائم .
2781 - حدثنا هناد قال : حدثنا عبيدة ، عن منصور ، عن مجاهد عن ابن عباس في قول الله تعالى ذكره : " وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين " ، قال : هو الشيخ الكبير ، والمرء الذي كان يصوم في شبابه فلما كبر عجز عن الصوم قبل أن يموت ، فهو يطعم كل يوم مسكينا - قال هناد : قال عبيدة : قيل لمنصور : الذي يطعم كل يوم نصف صاع؟ قال : نعم .
2782 - حدثنا هناد قال : حدثنا مروان بن معاوية عن عثمان بن الأسود قال : سألت مجاهدا عن امرأة لي وافق تاسعها شهر رمضان ، ووافق حرا شديدا ، فأمرني أن تفطر وتطعم . قال : وقال مجاهد : وتلك الرخصة أيضا في المسافر والمريض ، فإن الله يقول : " وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين " .
2783 - حدثنا هناد قال : حدثنا أبو معاوية ، عن عاصم ، عن عكرمة عن ابن عباس قال : الحامل والمرضع والشيخ الكبير الذي لا يستطيع الصوم ، يفطرون في رمضان ، ويطعمون عن كل يوم مسكينا ، ثم قرأ : " [ ص: 433 ] وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين " .
2784 - حدثنا علي بن سعيد الكندي قال : حدثنا حفص عن حجاج ، عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي في قوله : " وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين " ، قال : الشيخ الكبير الذي لا يستطيع الصوم ، يفطر ويطعم مكان كل يوم مسكينا .
2785 - حدثني المثنى قال : حدثنا الحجاج قال : حدثنا حماد ، عن عمرو بن دينار ، عن عطاء عن ابن عباس قال : " وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين " ، قال : هم الذين يتكلفونه ولا يطيقونه ، الشيخ والشيخة .
2786 - حدثني المثنى قال : حدثنا الحجاج قال : حدثنا حماد ، عن الحجاج ، عن أبي إسحاق عن الحارث ، عن علي قال : هو الشيخ والشيخة .
2787 - حدثني المثنى قال : حدثنا حجاج قال : حدثنا حماد ، عن عمران بن حدير ، عن عكرمة أنه كان يقرؤها : " وعلى الذين يطيقونه " فأفطروا .
2788 - حدثني المثنى قال : حدثنا سويد قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن عاصم عمن حدثه عن ابن عباس قال : هي مثبتة للكبير والمرضع والحامل ، وعلى الذين يطيقون الصيام .
2789 - حدثنا المثنى قال : حدثنا سويد قال : حدثنا ابن المبارك عن ابن جريج قال : قلت لعطاء : ما قوله : " وعلى الذين يطيقونه " ؟ قال : بلغنا أن الكبير إذا لم يستطع الصوم يفتدي من كل يوم بمسكين . قلت : الكبير الذي لا [ ص: 434 ] يستطيع الصوم ، أو الذي لا يستطيعه إلا بالجهد؟ قال : بل الكبير الذي لا يستطيعه بجهد ولا بشيء ، فأما من استطاع بجهد فليصمه ، ولا عذر له في تركه .
2790 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال : أخبرني عبد الله بن أبي يزيد : " وعلى الذين يطيقونه " الآية ، كأنه يعني الشيخ الكبير - قال ابن جريج : وأخبرني ابن طاوس عن أبيه أنه كان يقول : نزلت في الكبير الذي لا يستطيع صيام رمضان ، فيفتدي من كل يوم بطعام مسكين . قلت له : كم طعامه؟ قال : لا أدري ، غير أنه قال : طعام يوم .
2791 - حدثني المثنى قال : حدثنا سويد قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن الحسن بن يحيى عن الضحاك في قوله : " فدية طعام مسكين قال : الشيخ الكبير الذي لا يطيق الصوم ، يفطر ويطعم كل يوم مسكينا .
قال أبو جعفر : وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية قول من قال : " وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين " ، منسوخ بقول الله تعالى ذكره : " فمن شهد منكم الشهر فليصمه " .
لأن " الهاء " التي في قوله : " وعلى الذين يطيقونه " ، من ذكر " الصيام " ومعناه : وعلى الذين يطيقون الصيام فدية طعام مسكين . فإذا كان ذلك كذلك ، وكان الجميع من أهل الإسلام مجمعين على أن من كان مطيقا من الرجال الأصحاء المقيمين غير المسافرين صوم شهر رمضان ، فغير جائز له الإفطار فيه والافتداء منه بطعام مسكين - كان معلوما أن الآية منسوخة .
هذا ، مع ما يؤيد هذا القول من الأخبار التي ذكرناها آنفا عن معاذ بن جبل وابن عمر وسلمة بن الأكوع : من أنهم كانوا - بعد نزول هذه الآية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم - في صوم شهر رمضان بالخيار بين صومه [ ص: 435 ] وسقوط الفدية عنهم ، وبين الإفطار والافتداء من إفطاره بإطعام مسكين لكل يوم; وأنهم كانوا يفعلون ذلك حتى نزلت : " فمن شهد منكم الشهر فليصمه " ، فألزموا فرض صومه ، وبطل الخيار والفدية .
https://majles.alukah.net/imgcache/2021/01/28.jpg
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
https://majles.alukah.net/imgcache/2021/01/27.jpg
تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثالث
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(233)
الحلقة (247)
صــ 436إلى صــ 443
فإن قال قائل : وكيف تدعي إجماعا من أهل الإسلام على أن من أطاق صومه ، وهو بالصفة التي وصفت ، فغير جائز له إلا صومه وقد علمت قول من قال : الحامل والمرضع إذا خافتا على أولادهما ، لهما الإفطار ، وإن أطاقتا الصوم بأبدانهما ، مع الخبر الذي روي في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الذي :
2792 - حدثنا به هناد بن السري قال : حدثنا قبيصة ، عن سفيان ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أنس قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتغدى ، فقال : " تعال أحدثك ، إن الله وضع عن المسافر والحامل والمرضع الصوم وشطر الصلاة " ؟ [ ص: 436 ]
قيل : إنا لم ندع إجماعا في الحامل والمرضع ، وإنما ادعينا في الرجال الذين [ ص: 437 ] وصفنا صفتهم . فأما الحامل والمرضع ، فإنما علمنا أنهن غير معنيات بقوله : ( وعلى الذين يطيقونه ) وخلا الرجال أن يكونوا معنيين به ، لأنهن لو كن معنيات بذلك دون غيرهن من الرجال ، لقيل : وعلى اللواتي يطقنه فدية طعام مسكين ، لأن ذلك كلام العرب ، إذا أفرد الكلام بالخبر عنهن دون الرجال . فلما قيل : " وعلى الذين يطيقونه " ، كان معلوما أن المعني به الرجال دون النساء ، أو الرجال والنساء . فلما صح بإجماع الجميع - على أن من أطاق من الرجال المقيمين الأصحاء صوم شهر رمضان ، فغير مرخص له في الإفطار والافتداء ، فخرج الرجال من أن يكونوا معنيين بالآية ، وعلم أن النساء لم يردن بها لما وصفنا : من أن الخبر عن النساء إذا انفرد الكلام بالخبر عنهن : " وعلى اللواتي يطقنه " ، والتنزيل بغير ذلك .
وأما الخبر الذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فإنه إن كان صحيحا ، فإنما معناه : أنه وضع عن الحامل والمرضع الصوم ما دامتا عاجزتين عنه ، حتى تطيقا فتقضيا ، كما وضع عن المسافر في سفره ، حتى يقيم فيقضيه - لا أنهما أمرتا بالفدية والإفطار بغير وجوب قضاء ، ولو كان في قول النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الله وضع عن المسافر والمرضع والحامل الصوم " ، دلالة على أنه صلى الله عليه وسلم إنما عنى أن الله تعالى ذكره وضع عنهم بقوله : " وعلى الذين يطيقونه [ ص: 438 ] فدية طعام مسكين " ، لوجب أن لا يكون على المسافر إذا أفطر في سفره قضاء ، وأن لا يلزمه بإفطاره ذلك إلا الفدية ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد جمع بين حكمه وبين حكم الحامل والمرضع . وذلك قول ، إن قاله قائل ، خلاف لظاهر كتاب الله ، ولما أجمع عليه جميع أهل الإسلام .
وقد زعم بعض أهل العربية من أهل البصرة أن معنى قوله : " وعلى الذين يطيقونه " ، وعلى الذين يطيقون الطعام . وذلك لتأويل أهل العلم مخالف .
وأما قراءة من قرأ ذلك : " وعلى الذين يطوقونه " فقراءة لمصاحف أهل الإسلام خلاف ، وغير جائز لأحد من أهل الإسلام الاعتراض بالرأي على ما نقله المسلمون وراثة عن نبيهم صلى الله عليه وسلم نقلا ظاهرا قاطعا للعذر . لأن ما جاءت به الحجة من الدين ، هو الحق الذي لا شك فيه أنه من عند الله . ولا يعترض على ما قد ثبت وقامت به حجة أنه من عند الله ، بالآراء والظنون والأقوال الشاذة .
وأما معنى " الفدية " فإنه : الجزاء ، من قولك : " فديت هذا بهذا " ، أي جزيته به ، وأعطيته بدلا منه .
ومعنى الكلام : وعلى الذين يطيقون الصيام جزاء طعام مسكين ، لكل يوم أفطره من أيام صيامه الذي كتب عليه .
وأما قوله : " فدية طعام مسكين " ، فإن القرأة مختلفة في قراءته . فبعض يقرأ بإضافة " الفدية " إلى " الطعام " ، وخفض " الطعام " - وذلك قراءة عظم قراء أهل المدينة - بمعنى : وعلى الذين يطيقونه أن يفدوه طعام مسكين . [ ص: 439 ] فلما جعل مكان " أن يفديه " " الفدية " أضيف إلى " الطعام " ، كما يقال " لزمني غرامة درهم لك " ، بمعنى : لزمني أن أغرم لك درهما .
وآخرون يقرأونه بتنوين " الفدية " ، ورفع " الطعام " ، بمعنى الإبانة في " الطعام " عن معنى " الفدية " الواجبة على من أفطر في صومه الواجب ، كما يقال : " لزمني غرامة ، درهم لك " ، فتبين " بالدرهم " عن معنى " الغرامة " ما هي؟ وما حدها؟ وذلك قراءة عظم قراء أهل العراق .
قال أبو جعفر : وأولى القراءتين بين الصواب قراءة من قرأ " فدية طعام " بإضافة " الفدية " إلى " الطعام " ، لأن " الفدية " اسم للفعل ، وهي غير " الطعام " المفدي به الصوم .
وذلك أن " الفدية " مصدر من قول القائل : " فديت صوم هذا اليوم بطعام مسكين أفديه فدية " ، كما يقال : " جلست جلسة ، ومشيت مشية " . " والفدية " فعل ، و" الطعام " غيرها . فإذ كان ذلك كذلك ، فبين أن أصح القراءتين إضافة " الفدية " إلى " الطعام " ، وواضح خطأ قول من قال : إن ترك إضافة " الفدية " إلى الطعام ، أصح في المعنى ، من أجل أن " الطعام " عنده هو " الفدية " . فيقال لقائل ذلك : قد علمنا أن " الفدية " مقتضية مفديا ، ومفديا به ، وفدية . فإن كان " الطعام " هو " الفدية " " والصوم " هو المفدي به ، فأين اسم فعل المفتدي الذي هو " فدية " إن هذا القول خطأ بين غير مشكل .
وأما " الطعام " فإنه مضاف إلى " المسكين " . والقرأة في قراءة ذلك مختلفون .
فقرأه بعضهم بتوحيد " المسكين " ، بمعنى : وعلى الذين يطيقونه فدية طعام [ ص: 440 ] مسكين واحد لكل يوم أفطره ، كما : -
2793 - حدثني محمد بن يزيد الرفاعي قال : حدثنا حسين الجعفي عن أبي عمرو أنه قرأ : " فدية " - رفع منون - " طعام " - رفع بغير تنوين - " مسكين " ، وقال : عن كل يوم مسكين . وعلى ذلك عظم قراء أهل العراق .
وقرأه آخرون بجمع " المساكين " ، " فدية طعام مساكين " بمعنى : وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مساكين عن الشهر ، إذا أفطر الشهر كله ، كما : -
2794 - حدثنا أبو هشام محمد بن يزيد الرفاعي ، عن يعقوب ، عن بشار ، عن عمرو ، عن الحسن : " طعام مساكين " ، عن الشهر كله .
قال أبو جعفر : وأعجب القراءتين إلي في ذلك قراءة من قرأ : " طعام مسكين " على الواحد ، بمعنى : وعلى الذين يطيقونه عن كل يوم أفطروه فدية طعام مسكين . لأن في إبانة حكم المفطر يوما واحدا ، وصولا إلى معرفة حكم المفطر جميع الشهر - وليس في إبانة حكم المفطر جميع الشهر ، وصول إلى إبانة حكم المفطر يوما واحدا ، وأياما هي أقل من أيام جميع الشهر - ، وأن كل " واحد " يترجم عن " الجميع " ، وأن " الجميع " لا يترجم به عن " الواحد " . فلذلك اخترنا قراءة ذلك بالتوحيد .
واختلف أهل العلم في مبلغ الطعام الذي كانوا يطعمون في ذلك إذا أفطروا .
فقال بعضهم : كان الواجب من طعام المسكين لإفطار اليوم الواحد نصف صاع من قمح .
وقال بعضهم : كان الواجب من طعام المسكين لإفطار اليوم ، مدا من قمح ومن سائر أقواتهم . [ ص: 441 ]
وقال بعضهم : كان ذلك نصف صاع من قمح ، أو صاعا من تمر أو زبيب .
وقال بعضهم : ما كان المفطر يتقوته يومه الذي أفطره .
وقال بعضهم : كان ذلك سحورا وعشاء ، يكون للمسكين إفطارا .
وقد ذكرنا بعض هذه المقالات فيما مضى قبل ، فكرهنا إعادة ذكرها .
القول في تأويل قوله تعالى ( فمن تطوع خيرا فهو خير له )
قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك . فقال بعضهم بما : -
2795 - حدثنا محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد وعطاء عن ابن عباس : " فمن تطوع خيرا " ، فزاد طعام مسكين آخر ، " فهو خير له وأن تصوموا خير لكم " .
2796 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن عمرو بن دينار ، عن عطاء ، عن ابن عباس مثله .
2797 - حدثنا هناد قال : حدثنا وكيع عن سفيان ، عن خصيف عن مجاهد في قوله : " فمن تطوع خيرا " ، قال : من أطعم المسكين صاعا .
2798 - حدثني المثنى قال : حدثنا سويد قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن معمر عن ابن طاوس ، عن أبيه : " فمن تطوع خيرا فهو خير له " ، قال : إطعام مساكين عن كل يوم ، فهو خير له .
2799 - حدثني المثنى قال : حدثنا سويد قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن حنظلة ، عن طاوس : " فمن تطوع خيرا " ، قال : طعام مسكين .
2800 - حدثني المثنى قال : حدثنا سويد قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن [ ص: 442 ] حنظلة ، عن طاوس نحوه .
2801 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن ليث عن طاوس : " فمن تطوع خيرا " ، قال : طعام مسكين .
2802 - حدثني المثنى قال : حدثنا حجاج قال : حدثنا حماد ، عن ليث عن طاوس مثله .
2803 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا عمرو بن هارون قال : حدثنا ابن جريج ، عن عطاء أنه قرأ : " فمن تطوع " - بالتاء خفيفة [ الطاء ] - " خيرا " ، قال : زاد على مسكين .
2804 - حدثني موسى بن هارون قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط عن السدي : " فمن تطوع خيرا فهو خير له " ، فإن أطعم مسكينين فهو خير له .
2805 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج قال : قال ابن جريج أخبرني ابن طاوس عن أبيه : " فمن تطوع خيرا فهو خير له " ، قال : من أطعم مسكينا آخر .
وقال آخرون : معنى ذلك ، فمن تطوع خيرا فصام مع الفدية .
ذكر من قال ذلك :
2806 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو صالح قال : حدثني الليث قال : أخبرني يونس عن ابن شهاب فمن تطوع خيرا فهو خير له " ، يريد أن من صام مع الفدية فهو خير له .
وقال آخرون : معنى ذلك : فمن تطوع خيرا فزاد المسكين على قدر طعامه .
https://majles.alukah.net/imgcache/2021/01/28.jpg
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد