رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
الحديث الرابع والأربعون
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"إذا مات العبد انقطع عمله
إلا من ثلاث:
صدقة جارية،
أو علم ينتفع به،
أو ولد صالح يدعو له"
رواه مسلم.
دار الدنيا جعلها الله دار عمل،
يتزود منها العباد من الخير، أو الشر،
للدار الأخرى،
وهي دار الجزاء.
وسيندم المفرطون
إذا انتقلوا من هذه الدار،
ولم يتزودوا منها لآخرتهم ما يسعدهم،
وحينئذ لا يمكن الاستدراك.
ولا يتمكن العبد
أن يزيد حسناته مثقال ذرة،
ولا يمحو من سيئاته كذلك.
وانقطع عمل العبد عنه
إلا هذه الأعمال الثلاثة
التي هي من آثار عمله.
رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
الحديث الخامس والأربعون
عن أسمر بن مضرس:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو له"
رواه أبو داود.
يدخل في هذا الحديث:
السبق إلى جميع المباحات التي ليست ملكاً لأحد،
ولا باختصاص أحد.
فيدخل فيه:
السبق إلى إحياء الأرض الموات.
فمن سبق إليها باستخراج ماء،
أو إجرائه عليها،
أو ببناء: مَلَكها.
ولا يملكها بدون الإحياء.
لكن لو أقطعه الإمام أو نائبه،
أو تحجر مواتاً من دون إحيائه:
فهو أحق به، ولا يملكه.
فإن وجد متشوف للإحياء قيل له:
إما أن تعمرها،
وإما أن ترفع يدك عنها.
رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
الحديث السادس والأربعون
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"ألحَقوا الفرائض بأهلها.
فما بقى فهو لأوْلى رجل ذكر"
متفق عليه.
الحديث السابع والأربعون
عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"إن الله قد أعطى كل ذي حق حقَّه،
فلا وصية لوارث"
رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة.
هذان الحديثان اشتملا على جلّ أحكام المواريث،
وأحكام الوصايا
فإن الله تعالى فصَّل أحكام المواريث
تفصيلاً تاماً واضحاً،
وأعطى كل ذي حق حقه.
وأمر صلى الله عليه وسلم أن يلحق الفرائض بأهلها،
فيقدمون على العصبات.
فما بقي فهو لأوْلى رجل ذكر.
وهم العصبة من الفروع الذكور،
والأصول الذكور،
وفروع الأصول الذكور،
والولاء.
رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
الحديث الثامن والأربعون
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"ثلاثةٌ حقٌّ على الله عَوْنُهم:
المُكاتب يريد الأداء،
والمتزوج يريد العَفاف،
والمجاهد في سبيل الله"
رواه أهل السنن إلا النسائي.
وذلك:
أن الله تعالى وعد المنفقين بالخلف العاجل،
وأطلق النفقة.
وهي تنصرف إلى النفقات التي يحبها الله؛
لأن وعده بالخلف من باب الثواب
الذي لا يكون إلا على ما يحبه الله.
وأما النفقات في الأمور التي لا يحبها الله:
إما في المعاصي،
وإما في الإسراف في المباحات:
فالله لم يضمن الخلف لأهلها،
بل لا تكون إلا مغرماً.
وهذه الثلاثة المذكورة في هذا الحديث
من أفضل الأمور التي يحبها الله.
رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
الحديث التاسع والأربعون
عن عائشة رضي الله عنها قالت:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"يحرُم من الرَّضاعة ما يحرم من الولادة"
متفق عليه.
وذلك :
أن المحرمات من النسب بنص القرآن والإجماع:
الأمهات وإن عَلْون من كل جهة،
والبنات وإن نزلن من كل جهة،
والأخوات مطلقاً،
وبنات الأخوة،
وبنات الأخوات وإن نزلن،
والعمات،
والخالات.
فجميع القرابات حرام،
إلا بنات الأعمام،
وبنات العمات،
وبنات الأخوال،
وبنات الخالات.
وهذه السبع محرمات في الرضاع
من جهة المرضعة، وصاحب اللبن،
إذا كان الرضاع خمس رضعات فأكثر،
في الحولين.
رد: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
الحديث الخمسون
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"لا يَفْرِك مؤمنٌ مؤمنةً؛
إن كره منها خُلقاً
رضي منها آخر"
رواه مسلم.
هذا الإرشاد من النبي صلى الله عليه وسلم ،
للزوج في معاشرة زوجته
من أكبر الأسباب والدواعي
إلى حسن العشرة بالمعروف،
فنهى المؤمن عن سوء عشرته لزوجته.
والنهي عن الشيء أمر بضده.
وأمره أن يلحظ ما فيها من الأخلاق الجميلة،
والأمور التي تناسبه،
وأن يجعلها في مقابلة ما كره من أخلاقها؛
فإن الزوج إذا تأمل ما في زوجته
من الأخلاق الجميلة،
والمحاسن التي يحبها،
ونظر إلى السبب الذي دعاه
إلى التضجر منها وسوء عشرتها،
رآه شيئاً واحداً أو اثنين مثلاً،
وما فيها مما يحب أكثر.
فإذا كان منصفاً
غض عن مساوئها
لاضمحلالها في محاسنها.