الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. أما بعـد:
قال الموفق ابن قدامة رحمه الله تعالى في "العمدة" : ( ويباح للنساء كل ما جرت العادة بلبسه من الذهب والفضة ) أي : ولو كان كثيراً، وهذا مجمع عليه. أما الرجال فيحرم عليهم لبس الذهب، والأحاديث فيه كثيرة.
وقال : ( ويباح للرجال من الفضة الخاتم وحلية السيف والمنطقة ونحوها )
وهذا هو الراجح، خلافاً لمن أباح الفضة مما جرت العادة بلبسه للرجال مطلقاً، وأما ما رواه أبو هريرة t مرفوعاً: ( عليكم بالفضة فالعبوا بها لعباً )أحمد وأبو داود، فعلى فرض صحته فقد قال الشيخ محمد الأمين في "أضواء البيان" (2/132): ( الذي يظهر لي والله أعلم أن هذا الحديث لا دليل فيه على إباحة لبس الفضة للرجال، ومن استدل به على جواز لبس الرجال للفضة فقد غَلِط. بل معنى الحديث: أن الذهب كان حراماً على النساء، وأن النبي (ص) نهى الرجال عن تحلية نسائهم بالذهب وقال لهم: "العبوا بالفضة" أي حلوا نساءكم منها بما شئتم. ثم نسخ تحريم الذهب على النساء )، وقال: ( الذي يظهر لي من كتاب الله جل وعلا وسنة نبيه (ص): أن لبس الفضة حرام على الرجال، وأن مَن لبسها منهم في الدنيا لم يلبسها في الآخرة )..
وذكر - رحمه الله – حديث حذيفة ررر : ( الذهب والفضة والحرير والديباج هي لهم في الدنيا ولكم في الآخرة ) البخاري. فالذهب والحرير والديباج كلها يحرم لبسها بهذا العموم، فكذلك الفضة. وقد قال الله تعالى عن أهل الجنة : ففف عالِيَهُم ثيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وإِسْتَبْرَقٌ وحُلُّوا أساور من فضة ققق.
أما الخاتم فقد ثبت تختُّم النبي (ص) بالفضة، وأما حلية السيف فلأنّ قبيعة سيفه (ص) كانت من فضة، وأما المنطقة - وهي ما يشد به الوسط – فقد اتخذها الصحابة من الفضة.
والله تعالى أعلم.
وصلى الله وسلم على النبي الأكرم