عرض للطباعة
لفت نظري طريقة العلامة محود شاكر..أثناء قراءة كتابه الموسوم برسالة في الطريق إلى ثقافتنا
أنه يكرر الإحالة كثيرا..إلى ما ذكره هو آنفا في نفس الكتاب..ووجدته يفعل ذلك على نحو باهر..فيشعرك أنه يتكلم معك ..ولا يودك أن تغادر كتابه إلا وقد قرأته..على أحسن ما يكون من فهم ومتابعة وترابط..بل قل لا يريدك أن تنفك عن الكتاب إلا وقد فرغت منه على نفس واحد
ويبدو لي والله أعلم..أنه استقى هذه الطريقة الرائقة من القرآن الكريم..
فمن يعلم كاتبا..يشبهه في هذه الصنعة..فليقدمه لنا..
ويثري بالفوائد..
أحسن الله إليك.
هذه الطريقة تجدها غالباً في المؤلفات الموسوعية مثل المؤلفات في شروح كتب الحديث والفقه والتفسير؛ فتجد الشارح يقول مثلاً: وقد مر بنا شرح هذا الحديث في كتابِ كذا في بابِ كذا (وهذا ظاهر في فتح ابن حجر مثلا).
وكذا في تفسير الطبري، وابن تيمية في الفتاوى كثيراً ما يقول (وقد بُسط القول في هذه المسألة في غير هذا الموضع)، فهي إذاً طريقةٌ سلفية.
غير ان الفرق في نظري أن المعاصرين استفادوا من طباعة المؤلفات وسهولة مراجعة مؤلفاتهم عند صفّها وطباعتها فتكون بذاك إحالاتهم أدقّ.
وبمناسبة الحديث عن هذه المسألة، فإنها اليوم تدخل فيما أحسب ضمن منهجية البحث العلمي الشكلية في الاطروحات العلمية، فتجد الباحث يقسم بحثه إلى فصول تحتها مباحث وتحت المباحث مطالب، ويحيلك في الهامش إلى مظان أصل المسألة المتناولة أو متعلقها في مبحثٍ أو فصلٍ سابق.
والله أعلم.
وإليك أحسن..
أما الموسوعات..فلم أغفل الحاجة الماسة للإحالة إذ لا منودحة عنها..وليس فيها كبير فنّ
لكن الكتب المتوسطة والصغيرة..
ولا أعني الإحالة وحدها..فقد قصّرت عن توضيح مرادي
بل المراد تكرار الأمر والتأكيد..
فهذ قد يكون سببا في الإملال..
وقد يكون بديعا..
أما هذا الإمام العلامة محمود شاكر فقد أحسن صُنعًا بهذا العمل
فهذه الرسالة مُهمة جدًا ليستبين لأغرار الأمة الخطر المستشري من الاستعمار أو النهضة التي يُجعل أصلها نابليون , وكان محمود رحمه الله يتكلم من كبدٍ حرى , وقلبٍ مكلوم , وبصنيعه هذا لا يترك حرفًا إلا وهو متيقن أنك فهمت ما قبله لتربطه وتفهمه على وجهه الصحيح , ولذلك حينما قرأت الرسالة الموسومة بـ[ رسالة في الطريق إلى ثقافتنا ] قد يعتريني سرحان , ويأتي محمود ليقول ارجع وافهم !
رحمه الله أستاذ حتى في كتبه , وقد استفدت من هذا الصنيع أبلغ فائدة مما جعلني أكاد أهضم مادته جيدًا
نريد محمودًا آخر
رحمه الله