حول الإدغام كبيرًا وصغيرًا
قال الشيخ علي بن أبي محمد بن أبي سعد الواسطي المعروف بالديواني:
إنَّما سُمِّي الإدغام الكبير كبيرًا لزيادة عملٍ فيه على الصغير في المثلين والمتقاربين ؛ تقول في الصغير : اضرب بِّعصاك ؛ فتُدْغِم ، وتقول في الكبير : لذهب بِّسمعهم ؛ فتحذف الحركة وتُدغِم ، فيزيد عليه بحذف الحركة ، وتقول في المتقاربين : قد تَّبين ؛ فتقلب الدال تاءً وتدغم وهما عمَلان ، وتقول في الكبير : من بعد ذَّلك ؛ فتحذف الحركة وتقلب الدال ذالاً وتدغم فذلك ثلاثة أعمال ، فيزيد عليه بحذف الحركة أيضًا فافهمْه ، ، والله أعلم .
قال:
فِي حَالَةِ الدَّرْجِ لِلتَّخْفِيفِ قَدْ وَرَدَا * * * هَذَا الكَبِيرُ أَبُو عَمْرٍو بِهِ انْفَرَدَا
لِخِفَّةٍ وَسُلُوكٍ مَذْهَبَ العَرَبِ الْـ * * * ـعَرْبَاءِ حَتَّى يَصِيرَ اللَّفْظُ مُتَّحِدَا
اعلم - وفَّقَكَ اللَّهُ تعالى - أنَّ للإدغام غرضًا وحقيقةً ومُوجبًا ومانعًا .
فأمَّا الغَرَضُ مِنْهُ فطلبًا للتخفيف ؛ لئلا يرتفع اللسانُ بالنطق في المخرج بالحرف ثم يرجِع إلى المخرج مرَّةً أُخرى وذلك ثقيل .
وأمَّا حقيقته ، فإنَّ الحرفين يصيرانِ حرفًا واحدًا مشدَّدًا مع أنَّ الحرفين ملفوظ بهما ؛ لقيام التَّشديد مقام الحرف الأول المدغم في الثاني ، وذلك مذهبُ العَرَبِ العَرْبَاءِ ؛ إذ لم يأت الإدغام في لغة من اللغات غير العربية .
وأمَّا مُوجبه فاجتماع المثلين أو المتقاربين من مخرج أو مخرجين .
رد: حول الإدغام كبيرًا وصغيرًا
عندي تساؤل بخصوص الإدغام سواء الكبير أو الصغير...
إذا كان الإدغامُ تخفيفًا ، فهل يصحُّ التَّعبير عنه بالتثقيل؟
إنما يُعبَّر بالتثقيل في نحو: فُتِحَتْ و فُتِّحَتْ
هذا لا غبارَ فيه.
وكذا في نحو: قدْرُه و قدَرُه.
أما الإدغام الكبير، والصغير، فلا يُناسبُ التَّعبير عنه بالتثقيل.
وقد قال الإمام الشاطبي:
ومن قبل أخرج شطأه قد تثقلا [في الكبير].
وشذا تثقُّلا [في الصغير].
رد: حول الإدغام كبيرًا وصغيرًا
كنت قرأت منذ سنوات قلائل ( كتاب الادِّغام من شرح السيرافي لكتاب سيبويه )
بتحقيق الدكتور سيف بن عبد الرحمن العريفي
أصدره مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية
وحقا وجدته ممتعا غاية الإمتاع غير أنه يرهق الذهن لكثرة دقائقه ودرره التي نثرها محققه في حواشي الكتاب .
وكم جثا هذا الكتاب على صدري الليالي الطوال إذ كنت ملازمه حتى عند الراحة من عناء الحركة والجلوس ( لضخامته وثقل وزنه )
فإن ستمائة صفحة من القطع الكبير تنوء بالشاب القويِّ الأمينِ فكيف بـشيخ قد وهن العظمُ منه .
رد: حول الإدغام كبيرًا وصغيرًا
في الحقيقة ..
التعبير عن الإدغام الصغير والكبير بأنه : إثقال أو تثقيل ... تعبيرٌ غير دقيق.
لكنهم استعملوه تجوُّزًا.
ولا يَمنعُ الإدغامُ إذْ هوَ عارضٌ * * * إمالةَ كالأبرارِ والنَّارِ أَثْقَلا
قال أبو شامة:
يُريدُ بالثِّقَل التَّشْديد الحاصِل بالإدْغام، ولم يُرِد أنَّهُ أثقلُ لفظًا من الإظهار؛ لأنَّه ما أُدغِمَ إلا طلبًا للخفَّة.
وقال الشيخ القاضي:
والمراد بكون الإدغام أثقل أنه مشدد لا أنه أثقل من الإظهار.
والله أعلم.