رد: استفسار فى لفظ الحديث
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد ...
فلا يخفى عليكم أخي الفاضل قولة علي بن المديني رحمه الله: "الباب إذا لم تُجمَع طُرُقه، لم يُتَبين خطؤه". أقول: وكذلك، الأدلة الشرعية إذا لم تجمع ألفاظها، لم يتبين المراد منها.
والحديث الذي نحن بصدده مشكل من جهة لفظه، بينا عند تتبع ألفاظ الحديث عند من خرجه من أصحاب الكتب، وجدنا الحديث قد رواه أحمد والبخاري بلفظ: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي إحدى عشرة ركعة، كانت تلك صلاته، تعني: بالليل، فيسجد السجدة من ذلك قدر ما يقرأ أحدكم خمسين آية قبل أن يرفع رأسه". وفي لفظ لأحمد: "فكانت تلك صلاته، يسجد في السجدة من ذلك قدر".
وهذان اللفظان يوضحان بجلاء أن المقصود جنس سجدات صلاة الليل المذكورة في أول الحديث، فالمعنى: كانت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالليل إحدى عشرة ركعة، وكان يطيل السجود فيها قدر ما يقرأ أحدكم خمسين آية، وعلى هذا المعنى كل من شرح الحديث.
وهذا هو الذي فهمه البخاري، حيث بوب عليه: "باب طول السجود في قيام الليل"، قال الحافظ في "الفتح": "أورد فيه حديث عائشة، وفيه: "كان يسجد السجدة من ذلك قدر ما يقرأ أحدكم خمسين آية"، وهو دال على ما ترجم له" اهـ.
فائدة: قال السبكي في "المنهل" (7/ 265): "وكان صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يطيل السجود في قيام الليل؛ للاجتهاد في الدعاء والتضرع إلى الله تعالى، والمبالغة في التواضع والتذلل إليه تعالى، والشكر على ما أنعم به عليه".
هذا ما أدى إليه علمي القليل، والله تعالى أعلى وأعلم.