هل هذا خطأ في: الدرر السنية في الاجوبة النجدية

جاء في الدرر السنية في الأجوبة النجدية (1/83-88)، رسالة ضمن رسائل الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب، قال الجامع إنها رسالة إلى أهل المغرب.
ولكن الرسالة كما يبدو – والله أعلم - ليست للشيخ بل هي للأمير عبد الله بن سعود، وذلك أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب لم يدخل مكة بعد دعوته، وآل سعود لم يستولوا على الحرمين إلا بعد سنوات من وفاة الشيخ رحمه الله، والرسالة أرسلت مع شيخ ركب المغربي لحجاج سنة: ( 1217هـ).
قال الجبرتي في "تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار" (2/588 دار الجيل بيروت)، في حوادث شهر صفر عام: (1218ه)ـ: (وحضر صحبة الحجاج كثير من أهل مكة هروبا من الوهابي ولغط الناس في خبر الوهابي، واختلفوا فيه فمنهم من يجعله خارجيا وكافرا وهم المكيون ومن تابعهم وصدق أقوالهم، ومنهم من يقول بخلاف ذلك لخلو غرضه، وأرسل إلى شيخ الركب المغربي كتابا ومعه أوراق تتضمن دعوته وعقيدته وصورتها)، ثم ذكر نص الرسالة الموجودة في الدرر السنية في الموضع المذكور أعلاه.
وبناءً على هذا النص وصلت الرسالة إلى المغاربة في نهاية سنة: (1217هــ)، أثناء موسم الحج، وبينها وبين وفاة الشيخ (11سنة)، لأنه رحمه الله توفي سنة:( 1206ه)ـ، ويبعد جداً أن يكون الشيخ رحمه الله كتب الرسالة في حياته إلى المغاربة ثم لم تصل إليهم إلى هذه المدة.
كما ذكر مؤرخو المغاربة أن رسائل آل سعود إلى الآفاق كانت بعد استيلائهم على الحرمين. ولم يستولوا على الحجاز إلا بعد وفاة الشيخ في أواخر دولة آل سعود الأولى. ثم إن جواب الرسالة وصلت إلى الأمير عبد الله بن سعود سنة: (1226هـ)، مع ولد السلطان المغربي في ركب الحجاج المغاربة.
قال أبو العباس الناصري الدرعي: (ولما استولى ابن سعود على الحرمين الشريفين بعث كتبه رسائله إلى الآفاق كالعراق والشام ومصر والمغرب يدعو الناس إلى اتباع مذهبه والتمسك بدعوته ولما وصل كتابه إلى تونس مفتيها نسخو منه إلى علماء فاس فتصدى للجواب عنه الشيخ العلامة الأديب أبو الفيض حمدون بن الحاج...
وفي هذه السنة أعني سنة ست وعشرين ومائتين وألف وجه السلطان المولى سليمان رحمه الله ولده الاستاد الأفضل المولى أبا إسحاق إبراهيم بن سليمان إلى الحجاج لأداء فريضة الحج مع الركب النبوي... واستصحب معه جواب السلطان فكان سبباً لتسهيل الأمر عليهم).
"الاستقصاء لأخبار دول المغرب الأقصى":(4/224-225، دار الكتب العلمية 1428هـ 2007م ).
ألا يدل هذا أن الرسالة للأمير عبد الله بن سعود، وأدرجت ضمن رسائل الشيخ خطأً.
خلاصة القول: هناك خطأ ولا محالة، إما عن الجبرتي في ذكره نص هذه الرسالة، وإما عن الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن قاسم، جامع الدرر، رحمه الله رحمة واسعة في إدراج الرسالة ضمن رسائل الشيخ. والله أعلم.
والموضوع يحتاج إلى مزيد من التنقيب والبحث وأحب أن يناقش الإخوة في المجلس.