تخريج حديث: ((من حلف بسورة من القرآن فعليه بكل آية منها يمين))

بسم الله الرحمن الرحيم

جاء هذا مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم / من طُرق:

الطَّريق الأول:
- مُرسل الحسن بن أبي الحسن البصري :

أخرجه:
أبو داود السِّجستاني في المراسيل [ح:386] :
حدثنا يحيى بن خلف -هو الجوباري- ، حدثنا عبد الأعلى -هو بن عبد الاعلى- ، حدثنا سعيد -هو بن ابي عروبة- ، عن قتادة/
و[ح:387] :
حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي -أبو اسحاق الفراء- ، حدثنا عيسى -بن يونس- ، عن عوف -الاعرابي-
والخلال في السُّنَّة [88/6 ح:1923] :
حدثونا عن هشيم ؛ قال: ثنا أبو بشر -صالح المُرِّي- , وعون -بن ابي شداد البصري-
وابن بطة في الإبانة [263/5 ح:2028] :
حدثني أبو صالح -محمد بن احمد بن ثابت العكبري- ، قال : حدثنا أبو الأحوص -ابن ابي القاسم العكبري- ، قال : حدثنا عمرو بن عون حدثنا هشيم ... فذكره

ورواه البيهقي في السنن الكبرى [43/10 ح:20391] من طريق شعيب بن أيوب -الصيرفيني- حدثنا أبو داود -الحفري-
و[ح:20392] من طريق علي بن الحسن -الدَّرَابْجِرْد ِيّ- حدثنا عبد الله بن الوليد العدني
كلاهما (أبو داود الحفري والعدني) = عن سفيان الثَّوري عن يونس -لعلَّه بن عُبيد-

خمستهم (قتادة وعوف وصالح وعون ويونس) = عن الحسن البصري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
-قال صالح وعون- ((من حلف بسورة من القرآن فبكل آية يمين))
-وقال الحفري عن سفيان- : ((... بكل آية كفارة ...)) -وقال العدني- : ((... بكلِّ آيةٍ يمينُ صَبرٍ...))
-وقال قتادة- ((من يحلف بسورةٍ من كتاب الله ، فعليه بكلِّ آيةٍ مِنها يمينُ صَبرٍ ، إن شاءَ بَرَّ فيها وإن شاءَ فجَرَ))

وخالفهم معمر بن راشد فقال:
أخبرني من سمع الحسن يقول: ((من حلف بسورة من القرآن فعليه بكل آية منها يمين صَبر))
أخرجه:
عبد الرزاق في المصنف [472/8 ح:15949]

والرَّاجح رواية الجماعة

الطَّريق الثَّاني:
- مُرسل مجاهد بن جبر:

أخرجه:
البيهقي في السنن الكبرى [43/10 ح:20393] من طريق عبد الله بن الوليد العدني
وعبد الرزاق في مصنفه [473/8 ح:15948]
كلاهما (عبد الرزاق والعدني) = عن الثَّوري
وابن ابي شيبة في المصنف [410/3 ح:12357] : حدثنا عبد الرحيم بن سليمان -الأشلّ-

*كلاهما (عبد الرحيم والثَّوري) = عن ليث -ابن ابي سليم- عن مجاهد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من حلف بسورة من القرآن فعليه بكل آية منها يمينُ صَبر ، فمن شاء برَّ ومن شاء فَجَر))

ورواه ابن ابي شيبة في المصنف [410/3 ح:12361] :
حدثنا حفص ، عن ليث ، عن مجاهد / موقوفاً عليه، وزاد فيه: ((ومن كفر بآية منه كفر به كله))

وليث ضعيف مضطرب الحديث وقد اختلط في آخره شديداً

الطَّريق الثالث:
- عطاء بن أبي مسلم الخراساني ، عن أبي هريرة

أخرجه:
إسحاق بن راهويه في مسنده [ح:442] ومن طريقه الطَّبراني في مسند الشَّاميِّين [312/3 ح:2371] / قال اسحاق:
أخبرنا كلثوم بن محمد بن أبي سدرة ، حدثنا عطاء بن أبي مسلم الخراساني ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من حلف بسورة من القرآن فعليه بكل آية منها يمين صبرٍ إِنْ فَجر)) جاء في طبعة البلوشي: ((صبران فجر)) والصواب في نظري = ما قُلتُه

وهذا إسناد ضعيف جدا / فيه ثلاث علل:
1- كلثوم بن ابي سدرة = ضعيف الحديث
ضعَّفه: أبو حاتم الرازي وغيره
2- شِدَّة ضعف حديثه عن عطاء خاصَّة / كما أشار إليه ابن حبان -رحمه الله- في ثقاته [ت:15005] قال: ((يعتبر حديثه إذا روى عن غير عطاء الخراساني))
3- الانقطاع بين عطاء وابي هريرة
قال ابن محرز: ((سمعت يحيى بن معين، وقيل له: عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ ُ حَدَّثَ، عَن أَبِي هُرَيْرَة، وابن عَبَّاس؟ فَقَالَ: مُرْسَلٌ.
قِيْلَ لَهُ: لَقِيَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَاب النَّبِيِّ عليه الْصَّلاَة والْسَّلاَم؟ فَقَالَ: ما سَمِعْتُ)) [معرفة الرجال/رواية ابن محرز ص188 ر:650] ونحو هذا قال اسحاق بن منصور عنه [المراسيل لابن ابي حاتم ص157]

الطَّريق الرابع:
- عبيد الله بن أبي جعفر عن صفوان بن سليم عن مكحول عن أبي هريرة:

أخرجه:
الطبراني في مسند الشاميين [329/4 ح:3463] :
حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح والمقدام بن داود
والمستغفري في فضائل القرآن [255/1 ح:233] :
أخبرنا أبو علي زاهر بن أحمد بن أحمد -الصواب في اسم جده: محمد- ، أَخْبَرَنا محمد بن المسيب بن إسحاق ، حَدَّثَنا حميد بن قتيبة -هو بن زنجويه النَّسائي-
*ثلاثتهم (بن زنجويه ويحيى بن عثمان والمقدام) قالوا = حدثنا -قال ابن زنجويه: أبو الاسود / وقال الآخرَين: النضر بن عبد الجبار- قال: حدثنا ابن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر عن صفوان بن سليم عن مكحول عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((من حلف بالشِّرك وهو كاذب فقد أشرك ، ومن حلف بالكُفر وهو كاذب فقد كَفر ، ومن حلف بسورةٍ من القرآن فإنَّ كُلَّ آيةٍ منها يَمينُ صَبر فمن شاء بَرَّ ومن شاء فَجَر))

وهذا إسنادٌ ضعيف جدا / -ابن لهيعة ضعيف مضطرب الحديث وقد اختلط في آخره
ومكحول هنا أحسبه الشَّاميّ = لم يسمع من أبي هريرة كما قال الدَّارقطني وغير واحد

الطَّريق الخامس:
- سليم بن عامر عن ثابت بن الضحاك الأنصاري:

أخرجه:
الطبراني في مسند الشَّاميين [283/3 ح:2267] :
حدثنا محمد بن سنان الشيزري ، حدثنا عبد الوهاب بن الضحاك ، حدثنا إسماعيل بن عياش حدثنا ثابت بن عجلان عن سليم بن عامر عن ثابت بن الضحاك الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من أصاب حدا فأقيم عليه حده فهو كفارته ومن أصاب حدا فمات منه وجد الله توابا رحيما ومن حلف بآية من كتاب الله كان عليه بكل آية منها يمين))

هذا إسناد ليس بشيئ / محمد بن سنان هذا فيه كلام وعبد الوهاب بن الضحاك = متروك الحديث

وقال الإمام البيهقي: ((هذا الحديث إنما روى من وجهين جميعا مرسلا وروى عن ثابت بن الضحاك موصولا مرفوعا وإسناده ضعيف)) [السنن الكبرى 43/10]

وجاء هذا الخبر موقوفاً على ابن مسعود -رضي الله عنه-
وقد رُوِيَ من طُرق:

أولها:
- طريق الاعمش عن عَبد اللهِ بْن مُرَّة عن ابي كَنف

أخرجه:
سعيد بن منصور في سننه [436/4 ح:142] (ومن طريقه البيهقي في الكبرى 43/10 ح:20394) عن إِسماعيل بن زكريا الخُلقانيّ
وابن ابي شيبة في المصنف [410/3 ح:12358] عن ابي معاوية الضرير
وعبد الرَّزّاق في مُصنَّفه [472/8 ح:15947] / ومُسدد في مسنده [كما في المطالب لابن حجر 557/8 ح:1768] و[إتحاف الخيرة للبوصيري ح:4812/1] (ومن طريقه اللالكائي في الاعتقاد 232/2 ح:379] عن يحيى بن سعيد القطان، كلاهما = (يحيى وعبد الرَّزاق) عن الثَّوريّ
وابن بطة في الابانة الكبرى [262/5 ح:2027] من طريق مُحاضِر بْن المُوَرِّع

*أربعتهم (أبو معاوية والثَّوري ومُحاضِر والخُلقاني) = عن الاعمش عن عَبد اللهِ بْن مُرَّة عن ابي كَنف قال: ((كنت أمشي مع عبد الله في سوق الرقيق / فسمع رجلا يحلف: "كلا وسورة البقرة" ، فقال عبد الله: أما إن عليه بكل آية منها يمين)) هذا لفظ أبي معاوية عند ابن ابي شيبة
وبنحوه الخُلقاني عن الاعمش وعبد الرزاق عن سفيان وزاد فيه : (( ... أتراه مُكَفِّراً ... ))
وقال يحيى عنه -سفيان- : ((من حلف بالقرآن فعليه بكل آية يمين))
ولعلَّ المحفوظ من هذا الطريق رواية أبي معاوية ومن تابعه / وأبو كَنف لا يُعرف

الطريق الثاني:
- أبي سنان ، عن عبد الله بن أبي الهذيل عن حنظلة بن خويلد:

أخرجه:
سعيد بن منصور في سننه [434/4 ح:141] (ومن طريقه البيهقي في الكبرى 43/10 ح:20395) حدثنا خالد بن عبد الله -الواسطيّ-
واللالكائي في الاعتقاد [231/2 ح:378] من طريق أبي الربيع الزَّهراني حدثنا أبو عوانة

ورواه ابن ابي شيبة في المصنف [410/3 ح:12359] حدثنا ابن فضيل ووكيع
والبيهقي في الكبرى [ح:20396] من طريق عبد الله بن الوليد العدني
وقال ابن حزمٍ في المحلى [33/8] : ((وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ مَهْدِيٍّ ... )) والبخاريّ في التاريخ الكبير [42/3 ت:162] (ولم يسُق متنه) عن أبي بكر بن ابي الاسود عن ابن مهدي
أربعتهم (ابن فضيل ووكيع وبن الوليد وابن مهدي) = عن سفيان الثَّوري

ورواه البخاريّ في التاريخ الكبير [42/3 ت:162] (ولم يسُق متنه) عن أبي بكر بن ابي الاسود عن ابن مهدي عن شعبة

ورواه مسعر فيما ذكره البيهقي في الكبرى (وغيره ... ) [43/10 ح:20395]

* خمستهم (الثَّوري وشعبة وخالد الواسطي وأبي عوانة ومسعر) = عن أبي سنان ، عن عبد الله بن أبي الهذيل / قال ابو عوانة وخالد الواسطيّ ومسعر = عن حنظلة بن خويلد
وقال شعبة = عن سُويد بْن حَنظَلة
وقال الثَّوري = عن عَبد اللهِ بْن حَنظَلة
أنه قال: ((خَرَجْتُ مَعَ ابْنِ مَسْعُودٍ حَتَّى أَتَى السُّدَّةَ سُدَّةَ السُّوقِ ، فَاسْتَقْبَلَهَ ا ، ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِهَا وَخَيْرِ أَهْلِهَا ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ أَهْلِهَا ، ثُمَّ مَشَى حَتَّى أَتَى دَرَجَ الْمَسْجِدِ ، فَسَمِعَ رَجُلاً يَحْلِفُ بِسُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ ، فَقَالَ : يَا حَنْظَلَةُ ، أَتَرَى هَذَا يُكَفِّرُ عَنْ يَمِينِهِ ؟ إِنَّ لِكُلِّ آيَةٍ كَفَّارَةً ، -أَوْ قَالَ- : يَمِينٍ))
وذكره أبو عوانة كذلك بنحوه وغيره / يزيد بعضهم فيه وينقص

وقد خالفهم في إسناده = جرير بن عبد الحميد فقال فيه:
عن أبي سنان ، عن عبد الله بن أبي الهذيل ، عن ابن مسعود
لم يذكر بين ابن ابي الهذيل وابن مسعود أحداً = وهو خطأ

قلتُ: أما الاختلاف في اسم الراوي عن ابن مسعود :
فإن شعبة معروف عند أهل هذا الفنّ أنه يخطئ في الاسماء ولهذا أمثلة عديدة
وأما سفيان الثَّوري فقد جزم بذلك وخطَّأ شعبة / كما رواه البخاري في التَّاريخ الكبير [42/3] عن ابْن أَبي الأَسود: حدَّثنا ابْن مَهدي، قَالَ: حَدَّثتُ سُفيان، عَنْ شُعبة، عَنْ أَبِي سِنان، عَنْ سُويد بْن حَنظَلة، فقال: من سُويد؟! هو عَبد اللهِ بْن حَنظَلة
وقد حكم أبو زرعة للثَّوري كما في علل ابن ابي حاتم [ ر:1332 ] قال عبد الرحمن:
((سئل أبو زرعة ، عن حديث ، رواه خالد الواسطي ، عن أبي سنان ، عن عبد الله بن أبي الهذيل عن حنظلة بن خويلد قال : أخذ بيدي ابن مسعود فسمع رجلا يحلف بسورة من القرآن فقال يا حنظلة ترى هذا يكفر عن يمينه إن عليه بكل آية كفارة.
ورواه جرير ، عن أبي سنان ، عن عبد الله بن أبي الهذيل ، عن ابن مسعود .
ورواه الثوري ، عن أبي سنان ، عن عبد الله بن أبي الهذيل , عن عبد الله بن حنظلة , عن ابن مسعود.
قيل لأبي زرعة : أيهما أصح ؟
قال الثورى أحفظهم كلهم))
وأما البخاري وغير واحد من الائمة فسمّوه = حنظلة بن خويلد / وهذا قول أبي عوانة وخالد الواسطيّ ومسعر -فيما يظهر من كلام البيهقي- ولعلَّ هذا هو الاقرب

وهذا الاسناد صحيح إلى ابن مسعود -رضي الله عنه- والله أعلم

الطريق الثالث:
أبو إسحاق عن أبي الأحوص

أخرجه:
عبد الرزاق في مُصنَّفه [473/8 ح:15950] عن ابن جريج قال أُخْبِرتُ عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن بن مسعود: ((أنه سمع رجلا يقول وسورة البقرة يحلف بها فقال أما إن عليه بكل حرف منها يمينا))

وروى الهروي في ذم الكلام [95/2] من طريق يحيى بن محمد بن عباد بن هانيء الشجري حدثني عبد الله بن محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي إسحاق السبيعي عن أبي الأحوص وعدة من أصحاب عبد الله أن عبد الله رضي الله عنه كان يقول: ((أيها الناس من قرأ منكم على حرف فلا يتحول منه إلى غيره فإنه من كفر بحرف منه فقد كفر به كله))
ويحيى بن محمد واه وعبد الله بن محمد بن عجلان ليس بشيئ

الطريق الرَّابع:
الاعمش عن ابراهيم النَّخعي

أخرجه:
سعيد بن منصور في سننه [438/4 ح:143] عن الخُلقاني
وابن ابي شيبة في المصنف [ح:12362] عن ابي معاوية
وعبد الرزاق في مصنفه [ح:15946] عن الثَّوري
وغيرهم ...
عن الأعمش عن إبراهيم قال: قال عبد الله: ((مَنْ حَلَفَ بِالْقُرْآنِ فَعَلَيْهِ بِكُلِّ آيَةٍ يَمِينٌ ، وَمَنْ كَفَرَ بِآيَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ فَقَدْ كَفَرَ بِهِ كُلِّهِ))

وهناك خلاف بين بعض اهل العلم في قبول مرسل ابراهيم النخعي عن ابن مسعود والأقرب أنه لا بأس به حتى يتبيَّن خلاف ذلك

هذا ما تيسَّر ذكره / وخلاصة البحث = أن الخبر ثابتٌ عن ابن مسعود -رضي الله عنه- = موقوفا عليه / ولا يصح رَفْعُه إلى النَّبيّ عليه الصَّلاة والسَّلام

والله أعلم.