قصة طريفة في جمع المخطوطات

يذكر ان الاستاذ داود الجلبي ( 1879 -1960)- وهو في الاصل طبيب - كان يخرج من داره الواقعة بمحلة المكاوي الى عيادته الخاصة بالسوق - السرجخانة - ويمر في طريقة بازقة ضيفة عند الجامع الكبير - الحدباء - فراى امراة توقد تنورها بمجموعة من المخطوطات وضعتها في سلة ظنا منها انها اوراق لاقيمة لها فارعبه ما راى فسارع الى مساومتها على ما معها من المخطوطات فاشتراها بربية - ايام الدولة العثمانية واحتلال بيطانيا للعراق -وكان ذلك الحدث دافعا له الى لم شتات المخطوطات المبعثرة في المدارس والمساجد والتكايا وحصرها وتصنيفها في كتاب مستقل بعنوان مخطوطات الموصل عام 1927 ذكر ذلك الاستاذ ابراهيم العلاف في بحث له يقول داود الجلبي رحمه الله مبينا عمله في جمع المخطوطات (طفت المدارس كلها وتصحفت كتبها واحداً واحداً ضابطاً اسماءها واسماء مؤلفيها ومواضيعها مع ذكر اسم التاريخ وتاريخ النسخة وبيان صفتها من كمال او نقصان وجودة خط اورداءته الى غير ذلك، ووصفت الكتب الهامة منها وصفاً علمياً مع ذكر أبعادها ونوع جلدها وورقها وعدد صحائفها وما في صدورها وآخرها من الكتابات ونقل شيء من اولها اومن ابحاثها الهامة وبيان مواضع ابوابها كل ذلك باطناب وايجاز حسب ما تستحقه، على أني اكتفيت بذكر اسماء الكتب التي لم تكن ذات شأن، وتصحفت المجاميع فطبعت ما حوت كل مجموعة من مختلف الكتب والرسائل، ونظمت فهارس للمكتبات التي لم أجد لها فهارس، وبعد ان فرغت من مدارس الموصل تناولت البحث عن مدارس ملحقاتها من اقضية ونواح وقرى… وراجعت رؤساء الاسر القديمة ومن سمعت بوجود خطية عنده.. فجاء كتابي هذا باحثاً عن مخطوطات الموصل جميعها على التقريب ولم يشذ منه الآ اللهم ما قد يحتمل ان يكون في زوايا بيوت بعض الناس...).
وكان هذا العمل الجبار مفدمة وتوطئة لعمل فهرس مخطوطات مكتبة الأوقاف العامة في الموصل من تاليف سالم عبد الرزاق أحمد والمكون من تسع مجلدات حوت مئات المخطوطات في شتى المجالات والفنون والعلوم ولازالت - والحمد لله - المكتبة على حالها لم تتعرض الى ما تعرضت له مكاتب بغداد ومخطوطاتها من نهب وسرقة وما سرق منه تم اعادته وضبطه اخبرني بذلك مدير المكتبة حاليا جزاه الله خيرا.