(أنا) وأعوذ بالله من كلمة ( أنا ) !!د. عبدالعزيز الحربي

د. عبدالعزيز الحربي


ما أكثر الكلمات التي يقولها من يقولها تقليدًا لمن يسمع، بلا برهان من العقل، ولا دليل من الشرع، والمقلِّد ذاهل فيما يقلّد عن الحقيقة والصواب، ومن هذا هذه، أعني ( أعوذ بالله من قولة أنا)، وهي نوع من التواضع المزخرف ، ولا ذنب للفظة ( أنا ) إلا أنّ إبليس قالها في الاحتجاج على فضله على من خلق من تراب وهو آدم ، وذلك حين قال: ( أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ )، ولابن القيم تحذير منها ومن كلمة(لي) التي قالها فرعون، و( عندي ) قال قارون: ( إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي ) .
قال عبد العزيز: هذه المقولة من البدع اللفظية المعاصرة المتكلّفة؛ لأمور لا تخفى على أولي الألباب. أحدها: أنه لا معنى لأن يستعيذ المرء من لفظة بريئة من السوء والفحشاء في ذاتها ، ولا يفهم منها معنى إلا بتركيب..وهم يقولونها بعد النطق بها ، وفي كل سياق حتى لو كان الكلام في خير ، بل هو الغالب، بل الواقع يشهد أنها لا تقال إلا قبل كلام حسن .
الثاني: إما أن يكون قائل ذلك صادقا فيما يقول وإما لا يكون، فإن كان صادقا فلا معنى له، وحمد الله على تسديده في القول أولَى ، وإن كان كاذبا فاستعاذته تلبيس من تلبيس إبليس.
الثالث: إن كان إبليس قد قال:( أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ ) فقد قال النمرود:( أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ ) وهو أشد منه، وقال فرعون:( أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى) وهو أفظع منه.
الرابع:قال موسى كليم الله:( وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ )، وقال قبله إبراهيم خليل الله:( وَأَنَا عَلَى ذَلِكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ )، وقال نبينا http://majles.alukah.net/imgcache/broken.gif:( أنا النبي لا كذب)، وإبليس كاذب، ورسل الله صادقون، وهذه المقولة تقال في مقام الصدق لا في مقام الكذب، ولم يقولوها .
الخامس: ما بالهم لا يقولون: أعوذ بالله من كلمة (عندي)، ومن كلمة (لي) وهن ملزوزات في قرَنٍ، وكذلك (نحن) و( إنا) وتاء المتحدِّث؟
السادس: لم تحفظ – فيما نعلم – هذه الجملة عن صاحب من صحب النبي http://majles.alukah.net/imgcache/broken.gif ولا عالم أو فاضل متقدم، ولا يخلو كلام من ينطق باللسان العربي من( أنا) فهل غفلوا عنها أم الخلف أهدى ؟
السابع: إن كان في الألفاظ المفردة ما يصح الاستعاذة منه فهو كلمة ( لو ) التي تفتح عمل الشيطان، وأما (أنا) فبريء مما يقولون!

اعتاد الغالبية من الناس على التعوذ من كلمة أنا متجاهلين الحكم الشرعي في
ذلك على أن في الأمر تحريم ونهي مثل كلمة ( لو ) ولكن الحقيقة شتان بينهما
فكلمة أنا في الأصل مباحة ولم يرد في السنة التعوذ منها ولكن تكون تارة ً
مكروه وتارة أخرى محرمة و يبقى الأصل فيها الجواز.
فالتحريم يكون عندما يقصد من ورائها الغرور والتكبر لذا قال الرسول صلى الله
عليه وسلم ( أنا سيد ولد آدم ولا فخر ) فهنا ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم
أنه سيد ولد آدم ولكن من غير تفاخر وكبرياء .
أما بالنسبة للكراهية فلقد طرق أحد الصحابة باب منزل رسول الله صلى الله عليه
وسلم فقال الرسول من الطارق فأجاب الصحابي بقوله أنا أنا ولم يذكر اسمه ظنا ً
منه أن الرسول عرف الصوت فخرج الرسول صلى الله عليه وسلم وهو غضبان يقول أنا
أنا أنا أذكر اسمك يافلان فهنا أراد الرسول من الصحابي أن يفصح عن اسمه لكي
يتم التعرف عليه .
هذا والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد.

يحتجُّ بعض من لقيته يقول بمثل هذه العبارة السابقة أنَّ مردَّ ذلك لأنَّها كلمة إبليس اللعين حين احتجَّ على الله بعدم السجود لآدم إذ قال: (أنا خير منه).
ومن المعلوم أنَّه ليس كلُّ كلمة استخدمها إبليس أو أحد جنوده مما ينهى عنه *وعليه.. فلا حرج في استخدام كلمة (أنا) دون إردافها بالجملة المتقدمة!
نعم لا تشرع تزكية النفس وتعظيمها بالخطاب أو الحال، بأيِّ صورةً كان.
لكن.. لا يشرع أيضاً لمن أراد الخوف من تزكية النفس وتعظيمها أن يتبع كلَّما قال كلاماً بـ(أعوذ بالله من كلمة أنا)!
فيقول: أنا قد اتصلت عليك يا فلان (وأعوذ بالله من كلمة أنا)، أوأنا كلَّمتك قبل قليل (وأعوذ بالله من كلمة أنا)، أوأنا من سيوصل أبي إلى المكان الفلاني (وأعوذ بالله من كلمة أنا) ...
وهكذا مما سمعته بنفسي من أحد العامة يخاطبني مرَّة ويقرع أذني بهذه الجملة مرات حتى أملَّنيها.
وهذا هو المقصود به ههنا.
فالمسألة إذن في استعمال الكلمة مطلقاً، سواءٌ خشي على نفسه التزكية أو لم يخش ذلك.
وأما استعمال تاء المتكلم فلا بأس به، في مثل قول (قلت، وذكرت، وقد سبق أن بيَّنْتُ)؛ لأنَّ الأصل فيها عدم التعظيم أوالزهو بالنفس.
بخلاف (نا) أو نون الجمع فإنها موضوعةٌ للجمع أو التعظيم.
وبالله تعالى التوفيق..

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=23412

ورحم الله العلامة الابراهيمي اذ يقول في احد مفرداته أما انا ولا أعوذ بالله من كلمة أنا أو كما قال رحمه الله

اقتباس:

---

بخلاف (نا) أو نون الجمع فإنها موضوعةٌ للجمع أو التعظيم.

---

الشيخ الكريم عدنان البخاري لعلك تسمح لي بسؤال .

قد وجدتُ الشيخ ابن تيمية يستخدم هذه الـ ( نا ) مثلًا قي رسالته إلى أمه يوم أن كان في السجن و هي في ذلك الموضع ليست للجمع قطعًا ، فهل إستخدمت العرب (نا) لـ غير التعظيم إذا كان المتكلم فردا واحدًا ، ما مبرر إستخدامها إذا لم يكن من عادة العرب .

جزاك الله خيرا .

اقتباس:

---

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محبة الفضيلة

الشيخ الكريم عدنان البخاري لعلك تسمح لي بسؤال .
قد وجدتُ الشيخ ابن تيمية يستخدم هذه الـ ( نا ) مثلًا قي رسالته إلى أمه يوم أن كان في السجن و هي في ذلك الموضع ليست للجمع قطعًا ، فهل إستخدمت العرب (نا) لـ غير التعظيم إذا كان المتكلم فردا واحدًا ، ما مبرر إستخدامها إذا لم يكن من عادة العرب .
جزاك الله خيرا .

---

وإياك.. بارك الله فيك.
لا أدري، والله هل استخدمت كذلك أم لا.
وأما كلام شيخ الإسلام فلعله يقصد بـ(نا) هو ومن معه في السجن.
كما لو قال رجل لأمه: نحن في المدرسة في أحسن حال، يقصد نفسه ومن معه.
وفي الغالب أن مثل هذه الألفاظ لا يستخدمها كثير من الناس أحيانا إلا عفويا، بحيث إنه لا يعتاد الناس على سماعها منه ثم قد يطلقها احيانا في معرض كلام أونقاش أو نحو ذلك ويتكلم بها دون قصد التعالي والتعاظم.
وكما قال الإخوة في الموضوع الآخر الذي اقتبست منه ما سبق: إن مرد ذلك إلى شخصية المرء استخدم هذه الالفاظ ام لم يستخدمها.

( نا ) تستخدم أيضا في البحوث الأكاديمية ، وإن كانت تدل على الفرد الباحث ، ويقصد نفسه ولا تكون للتعظيم من شخصه طبعا ، ( ولا للجمع ) وإنما لمجرد أن العادة جرت على ذلك .
والله اعلم .

أحسنت الاختيار يا أخانا أبا بكر
جزاك الله خيرا

جزاكم الله خير الشيخ عدنان - وفقه الله - . الأخت الكريمة - وفقها الله - تقولين " جرت العادة " و لكن العادة أن يتكلم الشخص المفرد بـ (ت) المتكلم فيقول قرأتُ و طالعتُ و نظرتُ . أ ليس من الأولى تركها لأن لا أحد حقيق بها إلا الله ؟!

اقتباس:

---

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محبة الفضيلة

الأخت الكريمة - وفقها الله - تقولين " جرت العادة " و لكن العادة أن يتكلم الشخص المفرد بـ (ت) المتكلم فيقول قرأتُ و طالعتُ و نظرتُ . أ ليس من الأولى تركها لأن لا أحد حقيق بها إلا الله ؟!

---

الأمر عادي أختاه ، قلت جرت العادة في الكثير من البحوث العلمية ، ومن يقصد التعظيم بها ؟؟؟ طبعا لا ، مجرد تقليد أكاديمي والسلام .
ولكن لأول مرة أرى هذه المقارنة ( الأولى تركها .... ) ، أقصد لم تخطر على بالي سبحان الله !!!
أسأل الله أن يرزقنا الصواب .
والسلام عليكم ورحمة وبركاته .

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ يَعْنِي الْفَزَارِيَّ عَنْ يَزِيدَ وَهُوَ ابْنُ كَيْسَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ الْأَشْجَعِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ صَائِمًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَا قَالَ فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ جَنَازَةً قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَا قَالَ فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ مِسْكِينًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَا قَالَ فَمَنْ عَادَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ مَرِيضًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ

فى البخارى(
- بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِاللَّهِ / وعنده باب

- باب إِذَا قَالَ مَنْ ذَا فَقَالَ أَنَا.

6250-

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ : سَمِعْتُ جَابِرًا ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، يَقُولُ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي دَيْنٍ كَانَ عَلَى أَبِي فَدَقَقْتُ الْبَابَ فَقَالَ مَنْ ذَا فَقُلْتُ أَنَا فَقَالَ أَنَا أَنَا كَأَنَّهُ كَرِهَهَا.(فاءست خدام تلك الكلمة له ضوابط ومواضع والله الموفق)

حنفي شعبان هذ الحديث ليس مما يستدل به على كلمة انا انما ذكر بعض العلماء ان سبب كراهيته صلى الله عليه وسلم لذلك ان الرجل اذا دقّ الباب وقلت من قال لك: انا فانت لا تعرف من هو ولهذا المستحب ومن الادب ان يذكر اسمه فيقول فلان وليس انا والله اعلم.