صلاتنا على نغمات الموسيقى

صلاتنا على نغمات الموسيقى

د. إبراهيم بن عبدالله المطلق / جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

الصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين وهي أعظم العبادات البدنية وهي الفريضة التي فرضت على نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم حينما عرج به إلى السماء وبلغ سدرة المنتهى وكلمه الله من دون واسطة ففرض عليه الصلاة مما يؤكد عظمتها وعلو قدرها ومكانتها وأهميتها.
وقد أثبتت النصوص الشرعية أن من صفات المؤمنين المحافظة على الصلاة وفي بيوت الله تعالى وأثبتت النصوص الشرعية أن من صفات المؤمنين الخشوع في الصلاة بل بيَّن الله عز وجل أن الخشوع في الصلاة من صفات المؤمنين وسبب فلاحهم فقال سبحانه: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} وقد ثبت عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أن الإنسان يكتب له من صلاته بقدر خشوعه فيها نصفها أو ثلثها أو ربعها ونحو ذلك.
ولذا كان السلف الصالح رضي الله عنهم إذا شرع أحدهم في صلاته كأن على رأسه الطير من شدة خشيته وطمأنينته كيف لا وقد أخبر الصادق المصدوق أن الله سبحانه وتعالى قبل المصلي يعني أمامه وفي قبلته ينظر إليه فإذا التفت المصلي التفت الله عنه قيل الالتفات الحسي وقيل التفات القلب بالانشغال والسهو والوسواس.يؤكد اهتمام السلف رضي الله عنهم بصلاتهم هدي النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام ومما يروى في هذا الشأن أن عروة بن الزبير رضي الله عنه مرضت قدمه فقرر الأطباء بترها وقيل لو شربت شيئا يعني مما يغيب الإحساس فقال ما كنت لأستعين بمعصية الله تعالى على شيء ولكن إذا دخلت في صلاتي فابتروها فبترت وهو ساجد رضي الله عنه لم يشعر بشيء من شدة خشوعه.
وإن مما ابتلي به المسلمون اليوم الانشغال عن الصلاة بحطام هذه الدنيا وملذاتها فتجد أحدهم يكبر مع الإمام تكبيرة الإحرام ثم لا يشعر إلا وقد سلم الإمام وإن من أعظم الرزايا وأشد البلايا التي شغلت المصلين عن خشوعهم في صلاتهم أجهزة الاتصال الحديثة والمعروفة بالنقال أو الجوال إذ إن الكثير من المصلين يجعل الجرس موسيقى ولا يغلق جهازه عند الصلاة فيأتيه اتصال أثناء الصلاة والناس ركوع أو سجود ويتأخر بإغلاقه فيؤذي المصلين ويشغلهم عن صلاتهم ويذهب خشوعهم ولقد شهدت عدة حالات مؤذية جدا ناهيك عن انشغاله هو بإغلاق جهازه مما يترتب عليه كثرة حركته في الصلاة ومن المعلوم أن كثرة الحركة في الصلاة من مبطلاتها ومما يترتب عليه أيضا ذهاب خشوعه عن الصلاة ومما يترتب عليه أيضا إيذاء جاره بحركته وانشغاله معه ناهيك أيضا عن إثمه بتعمد اختيار الموسيقى مع توفر الكثير من الأجراس غير الموسيقيةفيا ترى ما هو الحل الأنجع في القضاء على هذه البلوى التي ابتلي بها المصلون ويا ترى ما دور أئمة المساجد في الحد منها وتقليصها فحبذا لو أن إمام المسجد نبه المصلين قبل الصلاة ويا ترى ما دور الجهات الأخرى المسؤولة حيال هذه الظاهرة التي تعد في نظري من أخطر القضايا وأعظمها ضررا.
وفي الختام أضع هذه القضية بين يدي خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين حفظهما الله وسدد خطاهما وأناشدهما بما استرعاهما الله عز وجل وحملهما من الأمانة والمسؤولية فقد ثبت عن النبي الكريم قوله: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) وإن الله ليزع بالسلطان ما يزع بالقرآن وكما أن الناس يلزمون بإغلاق هواتفهم النقالة عند ركوبهم الطائرات حرصا على سلامتها وسلامتهم ويترتب على من يخالف أشد العقوبات وكذلك يلزمون بإغلاق هواتفهم عند المثول بين يدي مسؤول من البشر فيجب أن يلزموا بإغلاق هواتفهم عند دخول المساجد حفاظاً على مكانتها وقدسيتها وهيبتها ومكانة الصلاة فالمحافظة على سلامة هذه الشعيرة العظيمة والخشوع فيها والمثول بين يدي ملك الملوك أعظم وأجل.
جريدة الجزيرة - العدد 12125 - الجمعة 7 ذو القعدة 1426.

http://www.al-mutlaq.net/mutlaq_article_2005_12_09.php

بارك الله فيك.
ومن سوء التدبير أيضًا-فيما أرى والله أعلم- إبدال نغمات الهواتف المتنقلة بآيات قرآنية أو آذان، ولاأقول إن في هذا الصنيع امتهانًا لكلام الله تعالى لأنه يأتي من يقول: كلاّ! هذا ليس في نيتي، بل أنا معظّم لكلام الله عز وجل.
ولكن أقول إن من يصنع ذلك لا يأمن أن يُتصل به وهو في المرحاض مثلاً، وبعيد جدّا أن يستحضر إقفال هاتفه في كل مرة يذهب فيها إلى الخلاء.
فيصبح الأمر من المفارقات العجيبة: مزمار الشيطان يطنطن في المسجد، وكلام الله يتلى في الكنيف!
والله تعالى أعلم.