الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد رسول الله وعلى اله وصحبهبسم الله الرحمن الرحيم
المصائب : هي الأحوال المكروه نحو الأوجاع والأسقام والقحط والغلاء والغرق والصواعق و الخوف والفقر وحتى خدش عود وعثرة قدم وغيرها . وهذه كلها نتائج لما يقترفه المرء من ذنوب { وَمَا أصباكم مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ } الشورى 30
والله سبحانه أكرم من أن يثني عليكم العقوبة في الآخرة وما عفا الله عنه في الدنيا فالله أحلم من أن يعود بعد عفوه.والله سبحانه يعفو عن كثير من السيآت فلا يحاسب الناس عليها رحمة منه بهم بقول الله سبحانه { وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا } فاطر 45
عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لايصيب المؤمن شوكة فما فوقها إلا رفعه الله بها درجة وحط عنه بها خطيئة ) رواه مسلم
وروي إن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما كانت تصدع (وجع الرأس) فتضع يدها على رأسها وتقول بذنبي وما يغفر الله تعالى أكثر , ورؤي على كف شريح قرحة فقيل :بم هذا ؟ فقال بما كسبت يدي إشارة إلى الآية .
ويعزز هذا التفسير ما ورد في تفسير سورة الزلزلة { .... فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8) } فمن يعمل الشر يرى عقوبته في الدنيا ومن يعمل الخير يدخره الله له يوم القيامة .
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب , ولا هم ولاحزن , ولا أذى ولا غم , حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله من خطاياه ) رواه البخاري ومسلم .
ومن الناس إذا فعل ذنبا ثم حصل عليه مصائب وبلايا يشكر الله على هذا لأنه يقول : (علم الله بذنبي فعاقبني في الدنيا قبل الآخرة ) , وعقوبة الدنيا أهون من عقوبة الآخرة فيجعل ذلك نعمة يشكر الله عزوجل عليها .
والآية { ما أصباكم ..... } مخصوصة بأصحاب الذنوب من المسلمين وغيرهم فأن من لا ذنب له كألانبياء عليهم السلام قد تصيبهم مصائب ويكون ذلك لرفع درجاتهم أو لحكم أخرى خفيت علينا ,وأما الأطفال والمجانين فقيل غير داخلين في الخطاب لأنه للمكلفين , أما ما يصيبهم من المصائب فهو لحكم خفية .
وفي الآية { ما اصابكم .... } يتجلى عدل الله وتتجلى رحمته بهذا الإنسان الضعيف فكل مصيبة لها سبب مما كسبت يداه , ولكن الله لا يؤاخذه بكل ما اقترف , وهو يعلم ضعفه وما ركب في فطرته من دوافع تغلبه في أكثر الأحيان فيعفو عن كثير رحمة منه وسماحة .
والحمد لله رب العالمين
