كلمةٌ مُضِيئَةٌ (( عن زخْرَفَةِ الْمَسَاجِد )) للشّيخ محمد بن الحُسين السُّلَيماني
كلمةٌ مُضِيئَةٌ (( عن زخْرَفَةِ الْمَسَاجِد )) للشّيخ محمد بن الحُسين السُّلَيماني
اشْتريتُ هذه الأيّام كتابا نفيساً في مجلد متوسط الحجم للعلاّمة علاء الدّين ابنِ العطّار الدّمشقِي [ المتوفى سنّة 724 هـ ] عصريّ شيخ الإسلام ابن تيميّة وبلديُّهُ إسمهُ : ((كتاب أَدبُ الخَطيب )) [ أوّل كتاب أفرِدَ في آداب خطيب الجمعة ] تحقيق وتعليق الشّيخ محمد بن الحسين السُّليماني / تقديم العلاّمة وحيد الدّين خان / فبينا أنا أقرأ مقدّمةَ محقّق الكتاب / أعجبتني كلمةٌ نفيسةٌ عن حال مساجِدنَا في الواقِع المعَاصِرِ التي زُخرفت كما زُخرفت معابد اليهود وكنائِس النّصَارَى / فأحببتُ نقلهَا هنا لنفاسَتِها ولتعمّ الفائِدة / قال حفِظهُ الله : ((وأذكرُ أنّنِي كنتُ في زيارَةِ عاصِمةِ دولَة عربية كُبرَى ، وأدرَكَتْنِي صلاةُ الْجُمُعَةِ ، فتوجّهتُ إلَى المسجِدِ الجامِعِ الذي يتوسّطُ مركزَ المدينَةِ ، وكانَ المَسْجِدُ تُحفةً فَنّيّةً في غايَة الجمالِ ، وقد جُوِّدَتْ خُطُوطُ جُدْرَانِهِ ونُمِّقَت تنْمِيقاً ، كما وُزّعتْ أقْوَاسُهُ وقِبَابُه وفضاءاته توزِيعاً بارِعاً ، بتوافُقٍ وانسِجَامٍ ، وزُخْرِفَ مِنبَرُهُ ، وطُعِمَ بالصّدَفِ والعاجِ والأبنوسِ ، وأنا لاَ أشكّ لحظةً أنّ هذا الذّوْقَ الفنيَّ الرّفيعَ ، المفْعَمَ بكَثيرٍ من المعانِي والإيمَانِ ، هو الذي أوحَى بهذه التّصاميم الرّائِعة ، إلاّ أنّ هذا مخَالفٌ أشدّ المخالفةِ لِهَدْيِ السّلف ، إذ تميّزت مَسَاجِدُ القرون المفضّلةِ بالبَسَاطَةِ في الشّكلِ ، على حِين زُخرِفت بالنّشَاطِ الدّعَوي ، والإبداعِ العلْمِي والإشْعاع الفِكرِي الذي تجسّدَ في عُلوم الإسلام .
أمّا خُطبةُ الجُمعةِ في هذا المسجِد الجامِع ، فكانت خُطبةً جُرّدت من قُدرَتِها على التّحريك والبناء والتّغيير ، فهي كلماتٌ محفوظةٌ ساكِنةٌ بارِدة ، رانَ عليها غُبار الزّمن وَالتَّكرار ، والعلاقةُ الآليةُ الرّتِيبةُ بينَ الإمامِ ووَظِيفَته ، إضافةً إلى فُقدانها بريقها الزّاهِي المعهود ، عند أئمّة السّلف الصّالح ، بل فقدتْ نقَاءَها وتوارَتْ خلْفَ حُجُبٍ صَفِيقَةً من البدَعِ والخُرافاتِ الممْجُوجةِ المُستنكرة ، ويطُولُ بنا الحديثُ لو رُحتُ أصِفُ ما شاهدتُه وسَمِعته من شِركيات وممارسَاتٍ فاقِدةٍ للبصَر والبصيرة ، وأنا حينَ أروِي هذا المشهدَ لا أريد أن أحرّك الهمومَ والحزنَ والأسَى ، وإنّما أريدُ أن أوقِظَ الإحسَاسَ بِضرورةِ العملِ الجادّ لإنهاءِ حالة الضّياع والرّتابة والكسَل والجُمود والجهلِ الذي يُخيِّمُ على بعضِ المساجِدِ ، وأعلمُ أنّه ليسَ باستطاعتنا معالجةَ هذا القصور المعيب بحركةٍ محدودةٍ وإجراءاتٍ جُزئيّةٍ ، فالأمرُ أكبرُ من أن يُعالَجَ على هذا النّحوِ فهو يستدعي نهضةً كُلِّيّةً شَامِلةً ، تعتَمِدُ على سَلامةِ المُعتقد ، واستِقَامةِ النّظرة ، وحُسنِ الفقه والدّرايةِ لواقع المجتمع .
وإلى أن نقومَ بهذا الفرضِ المُتعيّن ، يجبُ علينا أن نجتَهِدَ في نشر المفاهيم الإسلامية الأَصيلة ، ونحذِّرَ من آثار التّشويهِ والانحرافِ ، ونبثَّ الوَعيَ الإسلامي المُستَنِدَ إلى القرآن الكريم والسّنّة النبوية الشّريفة .)) اهـ ص 11 ط دار الغرب الإسلامي طُبع سنة 1996 م
قُلتُ : كُنتُ قرأتُ منذُ سنوات كلمةً طيّبةً تصبّ في هذا المضمار وهي للشّيخ حُسين العوَايشَة لعلّ من الخير حشْرُها هنا : (( ...أصبحت الزّينةُ هي الأمرُ المروم ، وغدَت الزّخرفتُ مبلغَ الهمّ ، وأضحت الشّهرةُ طموحَ الطّامِحين ، وسَمِعتَ في خُطبة الجمعة نصْبَ الفاعل ، ورفْع المفعول ، وضمّ المضاف إليه ، كل هذا وأنت ترى من حولك – أو في المسجد – من يجيد ومن يُدرّس النّحو واللغة ، ولكنّه عن مواضع العلم معزول !
فإذا قُمتَ إلى الصّلاة ، سَمعت الإخفاءَ إظهاراً ، والإظهار إخفاءً ، وسمعت ما لم تسمع من القُرّاء ، يفعلُ الإمامُ الخطيب ما يفعل ، وهو يعلم أنّ في المسجد شيوخاً وأساتذةَ في القراءة والتّرتيل .
فإذا ما خرجت من المسجد ، تمنّيتَ أن يكونَ ذلك مناماً .
شَغلتنا زخرفةُ المساجد عن عمل أهل المساجد الحقيقي ، وأبعدتنا تحلية المصاحف ، عمّا فيها من الأوامر والنّواهي .
تحرّينا النّقُوش ، وأغفلنا النّفوس ، وبالغنا في العناية بزينة الجُدران ، وأهملنا الإنسان .ما الحلّ ؟ ما العمل ؟ ما الدّواء ؟
ليسَ لنا إلاّ العودةُ لكتاب الله تعالى ، وسنّة رسُوله صلّى الله عليه وسلّم .)) اهـ بتصرّف يسير من رسالة [المظهرية الجوفاء وأثرها في دمار الأمّة ص 6 . 7 . 8] ط دار ابنُ حزم
استلّ هذه الفوائِد يراع ربيع الأديب غفر الله له ولوالديه وللمسلمين والمسلمات ...
رد: كلمةٌ مُضِيئَةٌ (( عن زخْرَفَةِ الْمَسَاجِد )) للشّيخ محمد بن الحُسين السُّلَيمان
رد: كلمةٌ مُضِيئَةٌ (( عن زخْرَفَةِ الْمَسَاجِد )) للشّيخ محمد بن الحُسين السُّلَيمان
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو عبد الرحمن الجزائري
جزاك الله خيرا
بارك الله فيك أخي
رد: كلمةٌ مُضِيئَةٌ (( عن زخْرَفَةِ الْمَسَاجِد )) للشّيخ محمد بن الحُسين السُّلَيمان
أيها الربيع الأديب تعصف بي مقالاتك ، ونقولاتك فجزاك الله خيرا يا أستاذي العزيز ...
رد: كلمةٌ مُضِيئَةٌ (( عن زخْرَفَةِ الْمَسَاجِد )) للشّيخ محمد بن الحُسين السُّلَيمان
شكرا لك أخي أبا مصعب وفقني الله وإياكم ...
رد: كلمةٌ مُضِيئَةٌ (( عن زخْرَفَةِ الْمَسَاجِد )) للشّيخ محمد بن الحُسين السُّلَيمان
جزاك الله خيراً أخانا ربيع
رد: كلمةٌ مُضِيئَةٌ (( عن زخْرَفَةِ الْمَسَاجِد )) للشّيخ محمد بن الحُسين السُّلَيمان
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رضا الحملاوي
جزاك الله خيراً أخانا ربيع
بارك الله فيك أخانا الحبيب رضا الحملاوي
رد: كلمةٌ مُضِيئَةٌ (( عن زخْرَفَةِ الْمَسَاجِد )) للشّيخ محمد بن الحُسين السُّلَيمان
أخي الكريم
ما اسم الدار التي طبعت الكتاب
أحسن الله إليك
رد: كلمةٌ مُضِيئَةٌ (( عن زخْرَفَةِ الْمَسَاجِد )) للشّيخ محمد بن الحُسين السُّلَيمان
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو عبد الرحمن الجزائري
أخي الكريم
ما اسم الدار التي طبعت الكتاب
أحسن الله إليك
اسمها أخي الفاضل : دار الغرب الإسلامي
بوركتَ
رد: كلمةٌ مُضِيئَةٌ (( عن زخْرَفَةِ الْمَسَاجِد )) للشّيخ محمد بن الحُسين السُّلَيمان
شكرا لك ... بارك الله فيك ...
زد على ذلك زخرفة القبور و الله المستعان
اللهم رد المسلمين إلى دينك ردا جميلا
رد: كلمةٌ مُضِيئَةٌ (( عن زخْرَفَةِ الْمَسَاجِد )) للشّيخ محمد بن الحُسين السُّلَيمان
بارك الله فيك أخي الرشيد
دمتَ في رعاية الله