سُوءُ أَدَبِ الْمُدَخِّنِينَ
سُوءُ أَدَبِ الْمُدَخِّنِينَ
بقَلَم / ربيع الأديب
ضِقْتُ ذَرْعاً بِسُوءِ أخْلاَقِ الْمُدَخِّنِين ، كَمَا ضَاقَ بِذَلِكَ كَثِيرٌ منْ أَصْحَابِ اْلفِطَرِ السَّلِيمَةِ ، فَأَصْبَحَ الْمُدَخّنُ - لِفَسَادِ فِطْرَتهِ – لاَ يَرَى بَأساً بِتَدْخِينِ سِجَارَتِهِ الْخَبِيثَةِ أَمَامَ الْمَلأِ مِنْ أمَّةِ مَحَمدٍ صَلّى اللهُ عليه وسَلّمَ ...هَذِهِ الأمّةُ التِي رُكْنُها السّادِسُ الأمرُ بِالمَعْرُوفِ والنّهي عنِ الْمُنْكَرِ ، يُدَخِّنُ أَمَامَ الْكَبِيرِ والصَّغِيرِ ولاَ يُبَالِي ، يُدْخِّنُ أَمَامَ الْمَرأةِ والشّيخِ العَجُوزِ ولاَ مُشْكِلَةَ لَدَيْهِ.. بلْ يُدَخِّنُ فِي مَجْلِسِ أبيهِ وأمِّهِ وأَولاَدِهِ وَزَوْجَتهِ ، وكأنَّ التَّدْخِينَ سُنّةٌ منْ سُنَنِ الْمُصْطَفَى - صَلَواتُ ربِّي وسَلاَمُهُ عَلَيْه -ِ الّتِي ينْبَغِي إحيَاؤُهَا فِي الْمَجَالِسِ وَالْمَحَافِلِ ليَقْتَدِيَ بِهِ الْحُضورُ وَالْجُمْهُورُ :
إِذَا اعْتَادَتِ النّفْسُ الرَّضَاعَ منَ الهوَى ... فإنَّ فِطَامَ النَّفْسِ عَنْهُ شَدِيدُ
وَمِمَّا زَادَنِي غَيْظاً وَحَنَقاً وَكَادَ أنْ يُخْرِجَنِي عَنْ طَورِي ...بلْ أخْرَجَنِي فِي كَثِيرٍ منَ المناسباتِ ..هوَ ذَلِكَ التّصَرفُ الأَرْعنُ منْ طَرفِ بَعضِ الْمُدَخِّنينَ الّذِينَ يَذْهَبُونَ لِزِيَارَةِ أقَارِبِهم ، فَمَا إنْ توضع مائِدةُ الشّاي أمَامَهم حَتّى يُخْرِجَ الْمَأفُونُ عُلْبَةَ السَّجَائِرِ بِزَهْوٍ وافْتِخَارٍ وَكَأنّهُ لَمْ يأتِ شَيْئاً نُكْراً ..مِمّا اضطّرَنِي فِي أحدِ المُناسَبَاتِ إلَى تَلْقِينِ دَرْسٍ قَاسٍ لأحَدِهِم ..لَنْ يَنْسَاهُ أبدَ الدَّهرِ إنْ كَانَ لهُ قلبٌ أو ألْقَى السَّمعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ..
لَقْدْ أسْمَعْتَ لَوْ نَادَيْتَ حيًّا ... ولَكنْ لاَ حَيَاةَ لِمنْ تُنَادِي
وَأعْرِفُ رَجُلاً - إن صحَّ هَذا الْوَصْفُ – مَا إنْ يَخْرُجُ مِنَ الْمَسْجِدِ بخُطُواتٍ يسِيرَةٍ جِدّاً حتّى يُشْعِلَ سِجَارَتَهُ ويَنْفُثُ دُخَّانها فِي وُجُوهِ الْمُصَلِّينَ والرُّكّعِ السّجُودِ ..أيُّ أخْلاقٍ هَذِه وأيُّ تَرْبِيةٍ تِلْكَ الّتي يَتَمتّعُ بها هذَ النّوعُ منَ النَّاسِ ...فِي الْحَقِيقَةِ هَذَا لَونٌ من ألْوانِ العَذابِ وضَرْبٌ منْ ضُرُوبِ الشَّقَاءِ :
ذُو الْعَقْلِ يَشْقَى فِي النَّعِيمِ بِعَقْلِهِ ... وأَخُو الْجَهَالةِ فِي الشَّقَاوَةِ يَنْعَمُ
والْمُصِيبَةُ الْعُظْمَى أنَّ أعْدَاءَ اللهِ منْ تُجَّارِ التَّدْخِينِ الْكِبار - لاَ رَحِمَ اللهُ فيهمْ مِغْرَزَ إِبْرَةٍ - قَدْ كَتَبُوا على ظَهْرِ عُلَبِ التَّدْخين عِنْدَنَا في الْمغْرِبِ هذِه العِبَارة " التَّدْخِينُ مُضِرٌّ بِالصِّحَّةِ قَانُون 15 / 91 " !! :
ثَعَالبُ نُكرٍ تُجيدُ النِّفَاقَ ... حَيْثُ تَرَى فُرْصَةً تُهْتَبَـلْ
فَيَأْتِي الْمُدَخِّنُ السَّاذِجُ مَسْرُوراً وكُلُّه ثَقةً ليَشْتَريَ عُلْبَةَ السّجَائِرِ الّتِي فيهَا حَتْفُهُ وَهَلاَكُهُ ..لِيكُونَ حِمَاراً فِي مِسْلاخِ إنْسَانٍ في نَظَرِ تجّار التِّبغِ والسّجَائِرِ ....
وَاهْجُرِ ( الْتِّبْغَ ) إِذَا كُنْتَ فَتًى ...كَيْفَ يَسْعَى فِي جُنُونٍ منْ عَقَلْ
وَبِسَبَبِ هَذِهِ الأخْلاقِ الّتِي لاَ تَمُتُّ للإسْلامِ بصِلَةٍ ولاَ بِسَبَب اضطَّرَ كَثيرٌ منَ المسْلِمينَ عِندنا في المغربِ أنْ يكْتُبَ عِبَارةً معَلَّقًةً علَى الجُدْرانِ يقُولُونَ فِيها لِلْمُدَخِّنِ السّيءِ التّرْبية " زِيَارَتُكَ تَسُرُّنَا وسِجَارَتُكَ تضُرُّنَا فَلاَ تُفْسِدِ الزِّيَارةَ بِالسِّجَارة " ...
أَخِي الْمُدَخِّن !! : هلْ يَسُرّكَ أنْ تَكُونَ مَوْضِعَ إهَانَةٍ منْ طَرفِ أعْداءِ الله الّذِينَ يَرْبَحُونَ الأمْوالَ الطّائِلَةَ مِنْ خِلاَلِ السّم اّلذِي تُدَخِّنُهُ أنتَ بِمَالِكَ الْخَاصّ ، ويقُولونَ لكَ بكُلِّ جُرْأةٍ " التّدخين مضِرٌّ بالصِّحة " !!! هل يُرضيكَ هَذَا :
مَنْ يَهُنْ يَسْهُلِ الْهَوانُ عَلَيْهِ ... مَا لِجُرْحٍ بِمَيِّتٍ إيلاَمُ
أَخِي الْمُدَخِّن !! : هَلْ مَاتَتْ فِيكَ نَخْوَةُ الرِّجَالِ حتَّى أَصبَحَ النَّاسُ يَجْتَنِبُونَ مُجَالَسَتَكَ كَمَا يَجْتَنِبُونَ الإِنْسَانَ الأجْرَبَ وَيَفِرُّونَ مِنْكَ فِرَارَهم منَ الْعَقْرَبِ ..وَأَنتَ راضٍ ومُطْمَئِنٌّ ..واللهِ يَا أخي إِنَّ أَعْظَمَ الْمُعَاقَبَةِ أَلاَّ يَشْعُرَ الْمُعَاقَبُ بِاْلعُقُوَبةِ . وَ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَقَعَ السُّرُورُ بِمَا هُوَ عُقُوبَةٌ ، كَالْفَرَحِ بِالْماَلِ الْحَرَامِ ، وَ التَّمَكُّنِ مِنَ الذُّنُوبِ . وَ مَنْ هَذِهِ حَالُهُ ، لاَ يَفُوزُ بِطَاعَةٍ .
سَارَتْ مُشّرِّقَةً وسِرْتَ مُغَرِّباً ... شَتَّانَ بيْنَ مُشَرِّقٍ ومُغَرِّبِ
فَمَثَلُ الْمُدَخِّنِ كَمَثَلِ رَجُلٍ مَشَى فِي طَرِيقٍ فَقِيلَ لَهُ : يَا هَذَا ، اِنْتَبِهْ ، فَإِنَّ أَمَامَكَ بِئْراً بَعِيدَةَ الْعُمْقِ ، فَبَدَلاً مِنْ أنْ يَأْخُذَ الْحَيْطَةَ لِنَفْسِهِ مِنَ السُّقُوطِ فِيهَا ، أَغْمَضَ عَيْنَيْهِ لِكَيْلاَ يَرَاهَا ، وَسَقَطَ فِيهَاً مُطْمَئِنّاً ، حَاسِباً أَنَّ فِي إغْمَاضِ عَيْنَيْهِ نَجَاةً لَهُ .
قَالَ ابنُ الجَوْزِي فِي صَيدِ الْخَاطِرِ :
مِنْ عَلاَمَةِ كَمَالِ اْلعَقْلِ : عُلُو اْلهِمَّةِ ! وَ الرَّاضِي بِالدُّونِ دَنِيءٌ
وَ لَمْ أَرَ فِي عُيُوبِ النَّاسِ شَيْئاً ... كَنْقْصِ اْلقَادِرِينَ عَلَى التَّمَامِ
أَخِي الْمُدَخِّنُ كُنْ ذَا همَّةٍ عَاليةٍ واسْتُرْ سِجَارَتَكَ سَتْرَ الْعَوْرَةِ بلْ اطْرَحْهَا طَرْحَ الْقُلاَمَةِ ، واعْصِ هَواكَ وتَوكّلْ عَلَى مَوْلاَكَ ، ورَمَضَان الكَريم عَلَى الأبواب فليَكُنْ لَكَ المُعِينَ عَلى ذَلِكَ بَعْدَ رَبّكَ ، ولاَ تَكُنْ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ :
وَمَنْ لم يُحبّ صُعُودَ الجِبَالِ... يَعِشْ أَبَدَ الدَّهْرِ بَيْنَ الحُفَرْ
أو :
وَمَــــا لِلْمَرْءِ خَيْرٌ فِي حَيَاةٍ ... إِذَا مَا عُدَّ مِنْ سَقْطِ المَتـَــاعِ
اللَّهمَّ اهْدِنَا وَاهدِ عُصَاةَ الْمُسْلِمينَ وخُذْ بِيَدِهمْ إلى بَرِّ الإيمَان والأمَانِ ...وَزَلْزِلِ الأرْضَ منْ تَحْتِ أَقْدَامِ الْكَفَرةِ الْفَجَرَةِ الّذِينَ يُرِيدُونَ منَ شَبَابِ الأمَّةِ أَنْ يَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً ، اللهُمَّ لاَ تُحَقِّقْ لِتُجَّارِ الخُمُورِ والْمُخَدِّرَات ِ والتِّبْغِ غَايَةً ولاَ تَرْفَعْ لَهُمْ رَايَةً وَعَجِّلْ لَهُمْ بِالنِّهَايَةِ إنَّكَ وَلِيُّ ذَلِكَ وَالقَادِرُ عَلَيْهِ ......
وكتبَ ربيع الأديب شعبان 1431 هـ
رد: سُوءُ أَدَبِ الْمُدَخِّنِينَ
دام غيثك أيها الربيع!
و لا أزال أصف المدخنين بأنهم أوقح الناس، لأنهم لا يبالون - إذا حضر شيطانهم و هاج نفوسَهم - المكان و لا الزمان و لا الأشخاص!!
و قد رأيتُ بعض الشباب في ساحة الحرم المكي - آمنه الله! - و هو يدخن و الناس تمرُّ حواليه غيرَ آبِهٍ بحرمة مكان و لا احترام القوم . . .
اللهم عافنا مما ابتليتَهم به، و اهدهم يا ربنا!
رد: سُوءُ أَدَبِ الْمُدَخِّنِينَ
كيف يتادب مع البشر وهو لايبالى برب البشر
عفا الله المسلمين من بلاء التدخين
جزاكم الله خيرا
رد: سُوءُ أَدَبِ الْمُدَخِّنِينَ
نصيحة بالغة.
متى رأيت مدخنا.. سأقول له: أنت قليل الأدب ومنحط.
عسى أن ينتهى. ودمت ربيعا للأدب الجم في توجيه النصح البليغ.
رد: سُوءُ أَدَبِ الْمُدَخِّنِينَ
جزاكم اللهُ خيْراً سُرِرْتُ بمرورِكم بارك الله فِي مسعاكم
رد: سُوءُ أَدَبِ الْمُدَخِّنِينَ
أنت صدقت؟!
وكأنك من كوكب آخر..
سوء أدب وقلة الأدب.. و و و.
يا أستاذ.. بينك من والده أو خاله أو عمه يدخن.. وأنت تقول وتقول.
يا أستاذ.. انصح بأدب.
فالأمر لا يستدعي هذا الأسلوب.
رد: سُوءُ أَدَبِ الْمُدَخِّنِينَ
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أسـامة
أنت صدقت؟!
وكأنك من كوكب آخر..
سوء أدب وقلة الأدب.. و و و.
يا أستاذ.. بينك من والده أو خاله أو عمه يدخن.. وأنت تقول وتقول.
يا أستاذ.. انصح بأدب.
فالأمر لا يستدعي هذا الأسلوب.
والله صدّقتُ !!! والآن وقع لي إحباط لأن الجِهْبِذ الكبير أسامة لم يُعجِبه موضوعي ، ومن الآن فصاعدا لن أفكر في كتابة أيّ مقال مادام الشّيخُ العلاّمةُ يقرأ لي ما أكتبه ...وسأكتب بياناً للأئمة والخطباء أنهاهم فيه عن ذكر الزّناة وشرّاب الخمور والمرابين والمدخنين والسّراق وهلمّ شرّا ، لأن الشيخ أسامة يقول إن آباء وأخوال وأعمام وأصهار هؤلاء العصاة يوجدون في خطب الجمع والمحافل العامة ، شكرا شيخي الفاضل على نصيحتك ..آه كم أنا ضال ومخطئ حينما كتبت هذا المقال ولم أدرِ أنّ الأمر بهذه الخطورة ...ولعلّك تذكر شيخي الأحاديث التي لعن فيها صلّى الله عليه وسلّم شارب الخمر وغيره من أصحاب المعاصي ، لعلّك تفيدني بما أؤّل به هذه الأحاديث .
دمت ودام الهطول المنتظر .
رد: سُوءُ أَدَبِ الْمُدَخِّنِينَ
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ربيع الأديب
...
يمكنك كتابة ما تريد، والتزام آداب النصح أمر يسير.
شعرت بأسف شديد لما أصابك من إحباط! :)
رد: سُوءُ أَدَبِ الْمُدَخِّنِينَ
حفظك الله أخي الفاضل / ربيع الأدب.
رد: سُوءُ أَدَبِ الْمُدَخِّنِينَ
الأخ الفاضل والأستاذ الكريم أبا الهمام البرقاوي ، سعدتُ كثيرا عندما رأيتك هنا ، فبارك الله فيك وجُزِيتَ خيرا / وأسأل الله أن يجعلك من الرّاسخين في العلم والفهم ...