رد: لا تقُل: (يَتَوجَّب)!
بارك الله فيكم.
لست أرى وجهًا لضعفها؛ إذ هناك كثيرٌ من الأوزان قياسية لم ترد سماعًا, ونقلك من المعجم ينقضه ما ذكره أصحاب معجم المنجد للغة العربية المعاصرة -على تجاوزات فيه- من جواز قول "متوجّب" وأنت تعرف أنها اسم فاعل من "يتوجّب" .
وأما قضيّة إتيانها لمعنى أكل الوجبة, فلعله من المسموع في كلام العرب, أو المنحوت من اسم العين, وهو: "الوجبة".
ولكن ؛ تعلم أن هناك ألفاظًا كثيرة في لغة العرب يأتي فعلها بصيغة واحدة يفرقها السياق والسباق, فمثلًا: شعر (يَشْعُرُ) من كتابة الشعر, ومن الشعور الداثر في النفس, وقس على قولي تكن علامة, وهي كثيرة جدًّا.
أما تسويغ إتيانها على "يتوجب" فهو آتٍ من صيغة "تفعّل" من الأفعال اللازمة والمتعدية على وزن "فعّل" , كمثل: قرّب, تقرّب. كرّم, تكرم, وسل, توسل, عرف, تعرف, وهلم جرّا.
ولعلك تلاحظ الفرق بين توجب التي بمعنى الوجوب, فهي لازمة.
و"توجب" التي للأكل, فهي متعديّة.
ولست أستحضر الآن الصياغة في هذه المسألة. ولكن؛ عنّ لي ما عنّ, ويبقى رأيًا مطروحًا.
بارك الله فيكم.
رد: لا تقُل: (يَتَوجَّب)!
وفقكم الله وسدد خطاكم
الوجه أنها خطأ؛ وليس لها أصل في كلام العرب.
وأما مجرد قياسية الوزن فلا يلزم منه أن يكون قياسيا في كل شيء، وإنما يستعمل عند عدم ورود السماع.
وأيضا فهذا الوزن (تفعّل) ليس قياسيا، وإلا جاز أن يقال: (تلزّم) بمعنى لزم، و(تصلّح) بمعنى صلح، و(تفسّد) بمعنى فسد، وغيرها كثير.
رد: لا تقُل: (يَتَوجَّب)!
وكتب الأخطاء الشائعة التي اطلعت عليها قطعت بخطأ هذا الاستعمال؛ كما فعل العدناني وهشام النحاس والزعبلاوي ومكي الحسني.
ولم يجزه إلا إميل يعقوب في معجم الخطأ والصواب، وهو متساهل كما هو واضح.
رد: لا تقُل: (يَتَوجَّب)!
قال إيميل يعقوب في معجم الخطأ والصواب (ص 264 - 265):
(( يخطّئ محمد العدناني من يقول: يتوجب عليه السفر، بحجة أن (توجب) تعني أكل مرة واحدة في اليوم والليلة.
ولكن ورد في اللغة (وجَّب) بمعنى ألزم، والوزن (تفعّل) قياسي من فعَّل، لذلك يصح القول (توجَّب) أو يتوجب عليه السفر )).
قلت:
في هذا الكلام نظر من أوجه:
أولا:
لم يذكر حجة على كون صوغ (تفعّل) قياسيا إلا مجرد الإحالة على المعجم الوسيط وهو تقليد محض لا يفيده شيئا في معرض الرد على العدناني، إلا أن يقال: إن العدناني أيضا يقلد المجمع في قراراته، ولكن الذي تبين لي أن العدناني يفرق بين ما ورد في المعجم الوسيط وما ورد في قرارات المجمع فيتابع الثاني دائما دون الأول.
ثانيا:
لو فرضنا أن صوغ تفعّل قياسي كما زعم، فحينئذ يكون معنى (توجّب): التزم؛ لأن هذا هو معنى المطاوعة من ألزم؛ تقول: ألزمته بكذا فالتزم هو بكذا، فلا معنى للاستدلال بذلك.
ثالثا:
اعلم -علمني الله وإياك- أن للمجمع قرارين في هذه المسألة: القرار الأول أن (تفعّل) يصاغ قياسا من (فعّل) إلا إذا كان مطاوعه ثلاثيا، وهذا هو القرار القديم، وبناء عليه لا يصح أن يصاغ (توجّب) هنا؛ لوجود الثلاثي (وجب)، وأما القرار الثاني فقد فتح الباب على مصراعيه وجعل صوغه قياسيا مطلقا، وهي عادة تكاد تكون مطردة للمجمع في مخالفة قراراته القديمة.
والله أعلم.