أي المفهومين أدق

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عند حديث النحاة عن ( لكن ) - بتشديد النون ، قالوا إن معناها الاستدراك، ثم فسره بعضهم بأن بأن تنسب لما بعدها حكماً مخالفاً لحكم ما قبلها، ولذلك لابد أن يتقدمها كلامٌ مُناقض لما بعدها نحو ما هذا ساكناً لكنه متحرك أو ضد له نحو ما هذا أبيضَ لكنه أسود قيل: أو خلاف نحو ما زيد قائماً، لكنه شارب .
وفسره بعضهم الآخر بأنه رفع ما يتوهم ثبوته أو نفيه مما قبلها.
فأي المفهومين أدق، حيث إني أرى أن المفهوم الأول أدق.

أخي عبد الراضي ،
السلامُ عليكم ورحمة اللهِ وبركاته ، وبعد :
فالاستدراكُ ـ يا أخي ـ يُرادُ به تعقيبُ الكلام بإزالةِ بعض الخواطرِ والأوهام التي ترِدُ على الذهن بسببه ، فإذا قلنا يا أخي : زيدٌ غنيٌّ فقد يفهمُ المستمعُ من هذه الجملةِ أنَّ زيدًا سعيدٌ ، ويَرِدُ هذا الخاطرُ على ذهنِه ، فإذا كانتِ الحقيقةُ مُخالفةً لذلك الذي يتبادرُ إلى الخاطرِ وجبَ أن نعقِّبَ على الجملة الأولى بقولنا : لكنَّه غيرُ سعيدٍ ؛ فنُزيل بذلكَ القولِ بعضَ الخواطر التي ترد على ذهن المستمع ، وكذلك إنْ قلْنا : الحديقة نظيفةٌ ، فقد يتبادرُ إلى الذهن مثلًا أنَّ البستانيَّ نشيطٌ ، فإذا أردنا أنْ ننفيَ ذلك الخاطرَ وجب التعقيب بقولنا : لكنَّ البستانيَّ مُهملٌ ،
هذا هو الاستدْراكُ ـ يا أخي ـ وأداتُه لكِنَّ ولكِنْ ، وهذا يقتضي أنْ يكُونَ ما بعْدَ ( لكن) مخالفًا لما قبلَها في الحكم إثباتًا ونفيًا ، والآنَ أسألُك أيُّ المفهومين أدقُّ ؟ إنْ كنتَ ترى الأوَّلَ أدقَّ فأنا أرى الثانيَ ؛ لأنَّ الأوَّلَ عندي ما هو إلا مقتضى الاستدراكِ لا مفهومُه ،
هذا والله أعلمُ ، والسلام .

سلام الله عليكما،
قرأت للعلامة محمد محى الدين رحمه الله:"الاستدراك هو تعقيب الكلام بنفي ما يتوهم ثبوته أوإثبات ما يتوهم نفيه"