قصة البخاري رحمه الله مع البغادده. لشيخنا أبي إسحاق الحويني

قصة البخاري رحمه الله مع البغادده.
للبخاري في قصته المشهورة مع البغاددة ، لما دخل البخاري بغداد ، وكان البغاددة ينتقون الأفاضل ، والبخاري رجل ليس من بغداد إنما هو من بخارى وسمعته سبقته وكان اسمه يتردد في بغداد والناس كلها تنتظر متى يأتي البخاري بغداد ، فقد أتى البخاري بغداد فعقدوا له امتحانًا مشهورًا الذي رواه بن عدي وغيره ، بن عدي رواه في ذكر أسامي شيوخ البخاري ، له كتاب بهذا الاسم ، ذكره عن عدة من شيوخه أن البخاري لما أحل بغداد كتبوا له مائة حديث وقسموها على عشرة من الطلبة كل طالب معه عشرة أحاديث ، قلبوا أسانيدها ومتونها ، فيأتوا على الإسناد الأول ويركبون له أي متن ، والإسناد الثاني يركبون له أي متن آخر ، وطبعًا هذه معروفة عند العلماء بالحديث المقلوب ، ولو جاز هذا على راوي من الرواة يسقط حديثه ، كما يحدث في حديث المصر على الغلط كعلي بن عاصم وغيره علي بن عاصم الذين أسقطوا حديثه بسبب أنه كان يخطئ ويصر لا يرجع ، يعرفوه أنه أخطأ يصر على خطأه فيسقطون حديثه كله ما يقبلون منه حديثًا واحدًا .أنا لو قلت مثلًا عن مالك عن نافع عن ابن عمر أن النبي- صَلَّيْ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ- قال:" إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى " ، ماذا يكون هذا ؟ لأن حديث " إنما الأعمال بالنيات " ليس له إلا سند واحد فقط ، يأتي بغير ذلك يقول خطأ ، هم فعلوا مع البخاري هكذا أتوا " إنما الأعمال بالنيات " ركبوه علي سند مثلًا مثل هذه الأسانيد هكذا ، وأعطوا لكل واحد عشرة وقالوا للعشرة هؤلاء كل فترة واحد منكم يقرأ علي البخاري يقول له أسألك كم سؤال ، الحديث الذي رواه فلان عن فلان عن فلان أن النبي- صَلَّيْ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ- قال: كذا ، ما رأيك فيه ؟ إذا قال: جميل بارك الله فيك والكلام هذا فيكون انطلي عليه .فقام الأول فقرأ العشرة أحاديث البخاري يقول: لا اعرفه لا أعرفه لا أعرفه تمام العشرة لا أعرفه ، قام الثاني أتي العشرة لا أعرفه أيضًا ، الثالث ، الرابع ، العاشر ولا حديث البخاري عرفه ، الجماعة الذين يعملون قالوا هذا الذي يقول: البخاري الذي يقولون وباقعة الحفظ ، وجبل الحفظ ، وجبل نفخ فيه الروح لا يعلم شيء ، أما العالمون فقالوا: فطن الرجل الذين يعلمون حقيقة الأسانيد ، ولذلك بن صاعد يحي بن محمد بن صاعد كان يقول عن البخاري إذا ذكره الكبش النطاح .الكبش النطاح أي إذا دخل مع واحد في مبارزة يكسر رأسه لا أحد يعرف أن يثبت له البخاري كان ينقش الحديث علي صدره من أول مرة ، غاب ثمانية عشر يومًا يسمع ولا يكتب ، فزملاءه في الطلب والكلام هذا قالوا له: ظللت ثمانية عشرة يومًا لا تكتب ، ليس في أخر يوم الثمانية عشر ، لا ، مر يوم يومين يقولوا له: أكتب ، لا يريد أن يكتب ، يمر يومين أكتب لا يريد أن يكتب لحين ثمانية عشر يوم اكتب فقال لهم: قد أكثرتم علي ، كتبتم كم حديث ؟ ثلاثمائة أو أربعمائة ذكرهم ، قال الراوي هذا: حتى صرنا نحكم كتبنا من حفظه , فقال لهم البخاري: أظننتم أنني أضيع أيامي ؟ البخاري كان باقعة في الحفظ معروف ، المهم بعد انتهاء العاشر من الحديث رقم مائة , بدأ البخاري قال للأول: حديثك الأول إسناده مع الثاني ، وحديثك الثاني إسناده مع الرابع ، وحديث كذا إسناده كذا حتى رد جماهير المتون إلي أسانيدها ، فما قام من مجلسه إلا وقد أظعنوا له بالفضل ،.
الحافظ بن حجر يعلق علي هذا فيقول: ليس العجب أن يعرف البخاري الصواب فهذا يعرفه كل أحد ، لكن العجب أن يحفظ الخطأ علي ترتيب ما ألقوه . من الشريط التاسع من الشرح النفيس علي الباعث الحثيث للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

فيا ليتنا نظهر هذه المعجزات للغرب فينظر ما الذي دفع أولئك القوم إلى ما لا يقدر أصلاً على تصوّره !؟

جزاكم الله خيرا