بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد
كنت أستغرب عند بداية إقامتى فى بريطانيا أن المرأة هى التى تنفق على الرجل ، وكنت أشاهد هذه الظاهرة عندما أركب القطار أو أدخل المطعم ، إذ ليس فى قاموس الغربيين شئ اسمه (كرم) .. وبعد حين زال هذا الاستغراب ، وأخبرنى المرضى عن أسباب هذه الظاهرة ، وفهمت منهم بأن الرجل لا يحب الارتباط بعقد زواج ، ويفضل ما أسموه (صديقة ) والمرأة تسميه (صديقا) ، وليس هو أو هى من الصدق فى شئ ، وكم أساءوا لهذه الكلمة النبيلة ، فالصديق يعنى الصدق والمحبة والمروءة والنخوة والكرم والوفاء ، وما إلى ذلك من معانٍ طيبة كريمة .
والصديق عندهم يعيش مع امرأة شهوراً أو سنين ، ولا ينفق عليها ، بل هى تنفق عليه فى معظم الحالات وقد يغادر البيت متى شاء أو قد يطلب منها مغادرة بيته إن كانت تعيش معه فى بيته ، ولهذا فالمرأة عندهم تعيش عندهم فى قلق وخوف وتخشى أن يرتبط صديقها (!!) بامرأة ثانية ويطردها ، ثم لا تجد صديقاً آخر .
وكما يقولون "بالمثال يتضح المقال" فسوف أختار مثلاً واحداً من أمثلة كثيرة تبين وضع المرأة عندهم :
رأيت فى عيادة الأمـراض النفسية امرأة فى العشرينيات من عمرها ، وكانت حالتها النفسية منهـارة ، وبعد حين من الزمن شعُرت بشئ من التحسن ، وأصبحت تتحدث عن وعى ، فسألتُها عن حياتها فأجابت والدمـوع تنهمر من عينيها ، وقالت : مشكـلتى الوحيدة أننى أعيش بقلـق واضطـراب ، ولا أدرى متى سينفصل عنى صديقى ولا أستطيع مطالبته بالزواج منى ، لأننى أخشى من موقف يتخذه ونُصحت بالعمل على إنجاب طفل منه لعل هذا الطفل يرغبه فى الزواج ، وها أنت ترى الطفل ، كما أنت ترانى ولا ينقصنى جمال ، ومع هذا وذاك فأبذل كل السبل من تقديم خدمات ، وإنفاق مال ، ولم أنجح فى إقناعه بالزواج وهذا سر مرضى ، وسبب قهـرى أننى أشعر بأننى وحدى فى هذا المجتمع ، فليس لى زوج يساعدنى على أعباء الحياة ، ولى أهل ولكن وجودهم وعدمهم سواء ، وليتـنى بقيت بدون طفل ؛ لأننى لا أريد أن يتعذب ويشقى فى هذه الحياة كما تعـذبت وشقـيت .
وهذه المرأة المريضة ليست من شواذ المجتمع الغربى ، بل الشواذ هم الذين يعيشون حياة هادئة .. ومع ذلك ينقد الغربيون مجتمعاتنا الاسلامية ، ويزعمون بأن المرأة تعيش فى حياة بائسة محزنة ، ونحن لا يهمنا رأى الغرب بنا ولا نطلب منه شهادة حسن سلوك ، ولكن نريد من نسائنا أن يحمدن الله سبحانه وتعالى على نعمة الاسلام ، فلقد كانت فى الجاهلية ذليلة مهينة ، وجاء الاسلام ليرفع مكانتها وبفضل من الله سبحانه أصبح الرجل يبحث عن المرأة ، ويطلب الزواج منها ، وهى قد تقبل وقد ترفض ، ولأهلها دور كبير فى أمر زواجها ، وسواء كانت عند زوجها أو فى بيت أبيها فهى عزيزة كريمة ، والرجال هم الذين ينفقون عليها ، بل والذى نشكو منه فى بلادنا الغلو فى المهور والتكاليف الباهظة التى تفرض على الرجل حتى يحصل على زوجة فففيمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا على إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للايمان إن كنتم صادقين قققالحجرات : 17
منقول من كتاب "فاعتبروا يا أولى الأبصار" للدكتور / عبدالله الخاطر - يرحمه الله - . وهذا الكتاب ضمن سلسلة تصدر عن ( مجلة البيـان ) السعودية .
