الأب متى المسكين ،وكلمة حكيم فقيه..
الأب متى المسكين ،وكلمة حكيم فقيه..
العارفون بالنصرانيات يعلمون قدر الأب متى المسكين (ت 2006مـ) ،وأنه رجل فقيه عالم بدينه،وأنه يختلف تماماً عن البابا شنودة والذي هو في رتبة الوعاظ ونحوهم..
ولكن للأب متى صفة زائدة يُخالف فيها شنودة وهي أنه أيضاً رجل عاقل حكيم..
ولهذه الصفة شواهد كثيرة في كتب الأب متى ،لكني أكتفي اليوم بهذا الشاهد والذي يدل على فقه هذا الرجل وعقله وبصره بما يصلح أمته..
يقول الأب متى : (( إن أي استخدام لوسائل أخرى غير المناداة الحرة بالتوبة لدعوة الخطاة إلى الخلاص من خطاياهم هو عمل مستحيل؛لأنه ليس خلاص إلا بالتوبة،وكل وسيلة أخرى مثل ترغيب الناس بالمال أو بالهدايا أو بالأكل أو بالملابس أو بالمسليات = تُعتبر كلها وسائل غير مشروعة ،وكذلك محاولة إغراء وشراء ضمائر الناس لله بأموالنا وحاجات الدنيا.
كذلك كل محاولة لاستخدام السلطان سواء كان سلطان الدين أو السلطان الزمني أو استخدام التهديد أو الوعيد أو استخدام العقوبة أو المقاطعة لإجبار الخاطئ على التوبة = فكل هذا السلطان يُعتبر عمل اغتصاب وسلباً لمشيئات الناس واستعبادهم باسم الدين والكنيسة.
وهكذا تكون كل محاولة لكسب الإنسان الخاطئ إلى الله بطريق آخر غير الكرازة والمناداة الحرة لتوبة إرادية حرة ،يُعتبر خروجاً عن وسيلة الاختصاص في المسيحية.
وإذا عدنا إلى التاريخ نرى أنه على ممر العصور كانت الكنيسة ناجحة في تأدية رسالتها بقدر تمسكها بحدود اختصاصها غير متأثرة بالظروف الخارجية سياسية كانت أو اقتصادية أو اجتماعية ؛ففي أحلك أيام التعصب والاضطهاد الذي بلغ إلى استشهاد اثني عشر ألف نسمة في يوم واحد،وفي أعصب ظروف الاستبداد السياسي والعقائدي أيام حكم بيزنطة،بل وفي أشد أيام المجاعات والأوبئة= لم تتخلف الكنيسة عن تأدية رسالتها وتكميل البشارة بالإنجيل لدعوة الخطاة إلى التوبة وربح أبناء جدد للأب السمائي.
وعلى العكس من ذلك : يشهد التاريخ ويروي أنه كلما خرجت الكنيسة عن اختصاصات مسيحها وبدأت تنزع إلى السلطان الزمني وتُجيش الجيوش باسم الصليب وزاغت وراء أموال الأغنياء وارتمت في أحضان أصحاب النفوذ وحاولت محاولات جدية وعنيفة للجمع بين السلطان الديني والسلطان الزمني ودأبت على المطالبة بحقوق عنصرية وطائفية = كلما فشلت المسيحية في تأدية رسالتها ودب فيها الخصام والنزاع والوهن،وفقدت شكل مسيحها كمنادية بالتوبة ،وهكذا ضاع منها الخروف الضال .ولما انشغلت بأمجاد الدنيا = قُفل في وجهها باب الملكوت وصارت في حاجة لمن ينتشلها من ورطتها ويردها إلى حدود اختصاصاتها الأولى )).
قلتُ : وموطن الشاهد على الحكمة والعقل والفقه في هذا الكلام لا يخفى على ذي لب ،فهل يعقل النصارى كلام فقيههم ؛أم يستمرون في السير نحو الهاوية التي يقودهم إليها واعظهم ؟؟
رد: الأب متى المسكين ،وكلمة حكيم فقيه..
جزاك الله خيرا
لا شك أن متى المسكين كان عالما لاهوتيا من العيار الثقيل عند النصارى الأرثوذوكس، وكتابه في تفسير كتاب النصارى يراه عامة النصارى في مصر أعلى كتب النصرانية شأنا، وهو على رأس كتب التفسير عندهم.
ولكن اسمح لي - وليتسع صدرك لأخيك - أن أقف معك وقفات في هذا المقال.
/// لم يعجبني في مقالك أيها الفاضل أنك تقدم له على نحو يوهم القارئ بأن غرض المقال تزكية الرجل و"فقهه" و"حكمته" والاستشهاد على ذلك من كلامه! فأنت تقول:
اقتباس:
ولهذه الصفة شواهد كثيرة في كتب الأب متى ،لكني أكتفي اليوم بهذا الشاهد والذي يدل على فقه هذا الرجل وعقله وبصره بما يصلح أمته
فمعلوم أن علماء كل ملة يتفاوتون في العقل والعلم والنبوغ في الإحاطة بأمور ملتهم، وإنزال عظمائهم منازلهم عند مخاطبتهم = مصلحة دعوية تقدر بقدرها. ولكن هذا لا يحملنا على كتابة مقالات تبدو وكأنها مخصصة للاستشهاد على عقلهم وحكمتهم من كلامهم، إذ لو عقلوا حقا لأقروا بما عرفوه من الحق ولما استمروا في الجدال عن الباطل! فإذا كان المراد تقديم نص من النصوص مما قد يفيد بعض الدعاة وطلبة العلم في مخاطبة النصارى فكان يحسن التبنيه على ذلك بتقدمة تفيده في صدر المقال وعنوانه، مع تحرير الغاية الدعوية من ذلك، وكلام - ولو مختصر - في بيان أحسن الطرق أمام الداعية لاستخدام المنقولات من كلام هذا الرجل.. بارك الله فيك. وأقول هذا هو الأولى والأحسن، وإلا فمعلوم لطلبة العلم مرادك من وصف الرجل بما وصفته به، ومن عموم النقل من كلامه.
/// ثم إن محاججة النصارى بالنقل من نصوصهم استشهادا من شرطها أن يكون المنقول حقا في ذاته، وليس الحال كذلك ههنا، إذ الرب لم يأمرهم بكثير مما يدعوهم إليه متى في الكلام المنقول، والمسيح بريء من تلك الكنيسة وما فيها ومن فيها!
فقوله هذا (مثلا):
اقتباس:
كذلك كل محاولة لاستخدام السلطان سواء كان سلطان الدين أو السلطان الزمني أو استخدام التهديد أو الوعيد أو استخدام العقوبة أو المقاطعة لإجبار الخاطئ على التوبة = فكل هذا السلطان يُعتبر عمل اغتصاب وسلباً لمشيئات الناس واستعبادهم باسم الدين والكنيسة
لا يخفى على مثلك أننا لو أطلقناه على هذا الإطلاق لأسقطنا الاستتابة في شريعتنا، إذ فيها حبس وإلزام للواقع في الردة بإعلان التوبة وإلا قتل، كما هو معلوم.
فإن أردنا إلزام أمثال شنودة ببطلان ما يفعلون بما هو منصوص في ملتهم فلا نقتطف من كلام علمائهم ما يُثبت باطلا آخر عندهم، ولتنظر مشكورا غير مأمور في رسالة شيخ الإسلام لسرجون كيف خاطبه فيها بأمور هي من الحق الذي عندهم، ليلزمه بتغيير سياسته الفاسدة.. فهو خطاب سياسي (مع كونه لم يخل من الدعوة إلى الله)، أحسن فيه الشيخ رحمه الله اختيار مواطن الحق من ملتهم ليقيم بها الحجة على الملك.
/// وأما خاتمة المقال ففيها شيء من الاختلاط في تعيين المخاطب به، إذ تقول:
اقتباس:
،فهل يعقل النصارى كلام فقيههم ؛أم يستمرون في السير نحو الهاوية التي يقودهم إليها واعظهم ؟؟
فهل أنت تدعو عامة النصارى لقبول هذا الكلام؟ يعني هل المخاطب به عامة النصارى؟؟ أقول والله سواء عليهم تبعوا هذا أو تبعوا ذاك فهم إلى الهاوية ماضون ما لم يرحمهم ربهم! فكيف تدعو عامة النصارى - هكذا - للاتزام كلام هذا الرجل وتعاليمه؟ لو كان المقام مقام مخاطبة لرجل منهم ذي منصب سياسي كالأنبا شنودة - مثلا - وأردنا إلزامه بكلام علماء ملته - ننتقيه بما لا يكون باطلا في نفسه - لقبلنا هذا المسلك .. ولكن عامة النصارى لا سلطان لهم في الكنيسة وليسوا مخاطبين بالكلام المنقول، وليس من الدعوة في شيء أن يقال لهم إلزموا كلام هذا الرجل الحكيم (هكذا)!!
هذا ما بدا لي من مأخذ .. فما أحببت أن أكتمك ما أرى،
بارك الله فيك ونفع بك وبقلمك.
رد: الأب متى المسكين ،وكلمة حكيم فقيه..
معذرة أخي الكريم فالمقال أعمق من هذا الكلام السطحي الذي تكتبه والذي يدور معظمه حول سوء الفهم لمراد المقال ،أو الإلزام بما لا يلزم،أو الغفلة عن جهة السياسة الشرعية في المقال ،فلا بأس عليك من هذا المقال وعده إلى غيره ..
بارك الله فيك ونفع بك..
رد: الأب متى المسكين ،وكلمة حكيم فقيه..
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو فهر السلفي
معذرة أخي الكريم فالمقال أعمق من هذا الكلام السطحي الذي تكتبه والذي يدور معظمه حول سوء الفهم لمراد المقال ،أو الإلزام بما لا يلزم،أو الغفلة عن جهة السياسة الشرعية في المقال ،فلا بأس عليك من هذا المقال وعده إلى غيره ..
بارك الله فيك ونفع بك..
إنا لله وإنا إليه راجعون
لقد هممت والله بتحرير هذا الكلام وترك عبارة (حرره الإشراف) في مكانه، لما فيه من تسفيه لمن يخاطبك، هداك الله وعفا عنا وعنك!
أتحسب أني سأقرأ تعقيبك هذا فأقول لك "جزاك الله خيرا يا مولانا واعذرني لسفاهة عقلي وسامحني إن كنت عكرت مزاج فضيلتك؟؟؟"
أهذا ما تعلمناه في فقه الدعوة والحوار يا شيخنا؟؟
أم تراك تريد أن تكتب ولا يعقب على كلامك أحد؟؟
ما كان هذا ظني بك والله!
يا أبا فهر إن كان عندك ردٌّ علمي وبيان واضح لهذا "العمق" الذي تتكلم عنه فتفضل ببيانه كما يصنع طلبة العلم! وقد بينت لك ملاحظاتي بما أراه كافيا .. وبينت لك أنني لا أعترض على عموم الغاية المرادة من المقال، ولا تفوتني الغاية السياسية التي فيه، ولا أعترض على مطلق النقل عن كبير من علماء الملل لتلك الغاية، ولكنه الكبر يا أخي الكريم فاحذره .. فوالله ما أرى غيره يحملك على أن تقول لأخيك ما حاصله (هذا الكلام أعلى من رأسك التافه فانصرف إلى غيره)!
ووالله ما كنت أظن أن يخرج مثل هذا من مثلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
على أي حال سأعمل بما طالبتني به .. سأعدي مقالتك إلى غيرها ولن أرجع إلى هذه الصفحة ...
سامحك الله وأصلح حالي وحالك..
والسلام.
رد: الأب متى المسكين ،وكلمة حكيم فقيه..
وعليك السلام ورحمة الله وبركاته..
رد: الأب متى المسكين ،وكلمة حكيم فقيه..
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو فهر السلفي
معذرة أخي الكريم فالمقال أعمق من هذا الكلام السطحي الذي تكتبه والذي يدور معظمه حول سوء الفهم لمراد المقال ،أو الإلزام بما لا يلزم،أو الغفلة عن جهة السياسة الشرعية في المقال ،فلا بأس عليك من هذا المقال وعده إلى غيره ..
بارك الله فيك ونفع بك..
اذن اشرحه لنا بعمق - بارك الله فيك-
وخذني على قد عقلي يا أبا فهر السلفي..
لأني وبكل صراحة - أرجو المعذرة- كنت أتوقع أن يرد عليك بعض الاخوة في المنتدى بردود فيها شدة وقسوة، فتركت اتمام قراءة الموضوع ونزلت مباشرة للردود لأرى ما كتب فيها- لكوني رجحت أن أجد فائدة في الردود أكبر مما سأجده في الموضوع إن وجد!- فإذا بي أقف على رد الاخ ابو الفداء، ولا أخفيك أيضاً بأن الرد أعجبني وبشدة، وذلك لأمور أولها:
احسان ظنه بك
وثانيها: ردّ عليك بالتي هي أحسن، وبكل أدب وعلم.
ثالثها وأهمها: توجيهاته الرائعة لي ولك ولكل من سيقرأ الرد، فجزاه الله كل خير ونفع الله به، واقول كلمة وأقولها صادقا مع نفسي قبل أن أصدقك، لو كان بإمكاني لجلست لاطلب العلم بين يديه...
ثم كيف رددت نصحه وتوجيهه لك؟؟
بكل استعلاء وللاسف!، فلماذا يا أخي اصلح الله حالك، وهداني الله واياك.
وجزاكم الله كل خير.
رد: الأب متى المسكين ،وكلمة حكيم فقيه..
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو فهر السلفي
معذرة أخي الكريم فالمقال أعمق من هذا الكلام السطحي الذي تكتبه والذي يدور معظمه حول سوء الفهم لمراد المقال ،أو الإلزام بما لا يلزم،أو الغفلة عن جهة السياسة الشرعية في المقال ،فلا بأس عليك من هذا المقال وعده إلى غيره ..
بارك الله فيك ونفع بك..
ما يضيرك لو غلفت العلم بالأدب, في زمن نحن أحوج ما نكون إليه !!