منهج المنذري في "مختصر صحيح مسلم"
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
ما هو المنهج الذي اتّبعه المنذري، رحمه الله، في "مختصر صحيح مسلم"؟ وأقصد بذلك: المعايير التي التزمها في اختيار حديث أو أحاديث من باب يضم أحاديث أُخَر في "صحيح مسلم".
وكنت في زمن مضى لاحظت بالاستقراء لجزء من الكتاب أنّ المنذري يعطي الأولوية للأحاديث التي تفرَّد بها مسلم عن البخاري أو عن غيره من المصادر، سواء تعلّق ذلك بطريق الرواية أو بالمتن أو لفظ منه. وهذا ما يفسّر عدم مطابقة الحديث أحيانًا لعنوان الباب.
فهل هذا صحيح مطّرد في الكتاب كلّه؟
وهل كُتِب في هذه المسألة شيء؟
جزاكم الله خيرًا.
رد: منهج المنذري في "مختصر صحيح مسلم"
منهج الإمام المنذري في «مختصر صحيح مسلم»
اختار الإمام المنذري رحمه الله منهجًا في الاختصار رأى أنه الأولى في كتابه، ولذا لم يتقيد بأصل الصحيح، وإنما تحرى ما يصل إلى هدفه الذي حدده في مختصره، وهو أن يكون «اختصارًا يسهله على حافظيه، ويقرّبه للناظر فيه، ورتبه ترتيبًا يسرع بالطالب إلى وجود مطلبه في مظنته».
ولعل أبرز ما تصرف فيه المنذري رحمه الله في مختصره على غير سياقة أصله ما يلي:
1- لم يتعرض الإمام المنذري رحمه الله لمقدمة «صحيح مسلم»، وإنما ابتدأ اختصاره من كتاب الإيمان، خلافًا لما صنعه أبو العباس القرطبي (ت 656هـ) في كتابه «تلخيص كتاب مسلم» فإنه لخص المقدمة تلخيصًا حسنًا، ولعل المنذري لحظ أن المقدمة مدخل للكتاب وليست أصلًا فيه، كما أن أحاديثها ليست في الغالب على شرط الصحيح، ولذا تجاوزها في اختصاره، إلا أحاديث قليلة ذكرها في ثنايا الكتاب، كما في رقم (1860، 1861).
2- ذكر الإمام المنذري أنه اختصر كتابه من «صحيح مسلم»، وأنه قد ضمنه جلَّ الأصل، وهذا صريح في أنّه قد حذف أشياء من أصل الصحيح، وهذا ظاهر من استعراض الكتاب، فأول حديث في «صحيح مسلم»، وهو حديث عمر ا في مجيء جبريل عليه السلام مما اختصره، كما أن عدد أحاديث المختصر بلغ (2177) حديثًا، بينما عدد أحاديث «صحيح مسلم» (3033) حديثًا، حسب ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي.
3- تصرف المنذري في ترتيب أحاديث «صحيح مسلم»، فقدّم وأخّر حسب اجتهاده، وما رأى أنه أولى به. وقد اختلف ترتيبه عن ترتيب أصله في مواضع منه، ويتضح ذلك بمقارنة ترتيب أحاديثه مع ترتيب الصحيح، كما في الجدول التالي على سبيل المثال:
رقم الحديث في مختصر المنذري*** رقم الحديث في صحيح مسلم
76 * * * * * * * * * * 3016
204 * * * * * * * * * *82
2135 * * * * * * * * * *158
2137 * * * * * * * * * *3028
2163 * * * * * * * * * *1808
2164 * * * * * * * * * *119
2170 * * * * * * * * * *449
2174 * * * * * * * * * *824
وانظر للشيخ الألباني /كلامًا أوسع عن ذلك في مقدمة تحقيقه (ص 26-27).
رد: منهج المنذري في "مختصر صحيح مسلم"
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
أحسن الله إليك، أخي الكريم.
الذي قصدتُه هو المنهج الداخلي الخفي، المتعلّق باختيار حديث أو أحاديث دون أخرى وردت في الباب نفسه من صحيح مسلم.
مثال:
"باب نزول المحصَّب يوم النفْر والصلاة فيه"، في مختصر صحيح مسلم للمنذري:
تجد فيه ثلاثة أحاديث (رقم: 747، 748، 749)، لا إشارة فيها للصلاة بالمحصَّب.
بينما الحديث الذي وردت فيه الإشارة إلى الصلاة بالمحصّب، في صحيح مسلم، هو حديث ابن عمر.
لماذا إذن أهمل المنذري حديث ابن عمر، مع أنّه مطابق لعنوان الباب، واختار غيره؟
وكنتُ جمعتُ لهذا المثال نظائر، لكنّني ضيّعتُ الملفّ...
فالمراد الوصول إليه هو المعايير التي وضعها المنذري لاختيار أحاديث دون أخرى في الباب نفسه من صحيح مسلم.
هذا هو السؤال.
وهذا لم يشر إليه المنذري ولا الألباني.
والله أعلم.
رد: منهج المنذري في "مختصر صحيح مسلم"
وهل التبويب للمنذري ؟ أم لصديق حسن خان نقله من تبويبات النووي . لأن المختصر جُرد من شرح صديق حسن خان على المختصر فيما أذكر والله أعلم
رد: منهج المنذري في "مختصر صحيح مسلم"
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
بل عناوين الأبواب للمنذري، تبع النووي في معظمعها، وبعضها مِن وضْعه. ومقدمة الشيخ الألباني للكتاب تؤيّد ذلك.
والألباني اعتمد على نسختين أخريين لمختصر المنذري، عدا المجرّد من "السراج".
جزاك الله خيرًا.
رد: منهج المنذري في "مختصر صحيح مسلم"
أحسن الله إليك
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الواحدي
مثال:
"باب نزول المحصَّب يوم النفْر والصلاة فيه"، في مختصر صحيح مسلم للمنذري:
تجد فيه ثلاثة أحاديث (رقم: 747، 748، 749)، لا إشارة فيها للصلاة بالمحصَّب.
بينما الحديث الذي وردت فيه الإشارة إلى الصلاة بالمحصّب، في صحيح مسلم، هو حديث ابن عمر.
لماذا إذن أهمل المنذري حديث ابن عمر، مع أنّه مطابق لعنوان الباب، واختار غيره؟
أما هذا المثال: فإن النزول بالمحصب ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بغض النظر هل هو سنة أم لا، وكان ابن عمر رضي الله عنهما يفعله ويراه سنة، ولذلك قال نافع في الطريق الذي بعده وهو الذي قصدته: (عن نَافِعٍ أَنَّ بن عُمَرَ كان يَرَى التَّحْصِيبَ سُنَّةً وكان يصلى الظُّهْرَ يوم النَّفْرِ بِالْحَصْبَةِ).
وأما لماذا لم يذكر المنذري الحديث الذي فيه الصلاة بالمحصب، فالظاهر أنه لم يذكره لأن الصلاة في المحصب وردت من فعل ابن عمر وليست مرفوعة، والله أعلم.
ولو أتحفتنا بأمثلة أخرى نستفيد، وفقك الله.
وبالنسبة للعناوين فهي للمنذري كما قلتَ، وقد اعتمدنا في إخراج مختصر المنذري على نسختين خطيتين أخرتين، وفيها إثبات العناوين كذلك.
رد: منهج المنذري في "مختصر صحيح مسلم"
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
جزاك الله خيرًا.
هذان مثالان استحضرتهما الآن:
*** باب: صلة الأم المشركة، من كتاب الزكاة:
ذكر حديث أسماء رضي الله عنها من طريق أبي بكر بن أبي شيبة (رقم: 531)، وليس فيه تصريح بشرك أمّها؛ بينما هو مصرَّح به في الحديث الذي يليه عند مسلم.
*** باب التحميد والتأمين، من كتاب الصلاة:
وفيه الحديث رقم 284، ولا إشارة فيه إلى التحميد.
والذي عند النووي: "باب التسميع والتحميد والتأمين"، وأحاديثه تطابق الباب.
والله أعلم...
رد: منهج المنذري في "مختصر صحيح مسلم"
أمثلة جيدة وتحتاج بحث.. وتكون نواة لدراسة ..
رد: منهج المنذري في "مختصر صحيح مسلم"
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الواحدي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
بل عناوين الأبواب للمنذري، تبع النووي في معظمعها، وبعضها مِن وضْعه
أثابكم الله شيخنا الفاضل
لكن ما مدرككم في متابعة المنذري النوويَ
وهل وقف المنذري على منهاج النووي
مع أن المنذري درج والنووي لم يجاوز ربع القرن
فهل صنف منهاجه قبل انقضاء سنة 656 واشتهر كتابه حتى وصل مصر وقرأه نزيلها المنذري ونسج على منواله في معظم تراجم أبواب مختصره
ومتى صنف مختصره
أنا في شوق إلى إفاداتكم
وجزاكم الله خيرا
رد: منهج المنذري في "مختصر صحيح مسلم"
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابن السائح
ما مدرككم في متابعة المنذري النوويَ
وهل وقف المنذري على منهاج النووي
مع أن المنذري درج والنووي لم يجاوز ربع القرن
فهل صنف منهاجه قبل انقضاء سنة 656 واشتهر كتابه حتى وصل مصر وقرأه نزيلها المنذري ونسج على منواله في معظم تراجم أبواب مختصره
ومتى صنف مختصره
لفتة مهمة، فلو قلنا: اتبع النوويُّ المنذري. فما الإشكال؟ خصوصا للسن، فكان للنووي 25عاما وقت وفاة المنذري، وظل بعده 20عاما.
وقد يكون المنذري والنووي أخذا العناوين ممن قبلها ممن اهتم بصحيح مسلم أو اختصره، وقد اختصره قبلهما ومن هو معاصر لهما، أو تكون العناوين من عمل غيرهما، أمر يحتاج لبحث.
رد: منهج المنذري في "مختصر صحيح مسلم"
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمود شعبان
لفتة مهمة، فلو قلنا: اتبع النوويُّ المنذري. فما الإشكال؟ خصوصا للسن، فكان للنووي 25عاما وقت وفاة المنذري، وظل بعده 20عاما.
وقد يكون المنذري والنووي أخذا العناوين ممن قبلها ممن اهتم بصحيح مسلم أو اختصره، وقد اختصره قبلهما ومن هو معاصر لهما، أو تكون العناوين من عمل غيرهما، أمر يحتاج لبحث.
للفائدة:
يُنظر هذا الموضوع:
رد: منهج المنذري في "مختصر صحيح مسلم"
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابن السائح
لكن ما مدرككم في متابعة المنذري النوويَ
وهل وقف المنذري على منهاج النووي
مع أن المنذري درج والنووي لم يجاوز ربع القرن
فهل صنف منهاجه قبل انقضاء سنة 656 واشتهر كتابه حتى وصل مصر وقرأه نزيلها المنذري ونسج على منواله في معظم تراجم أبواب مختصره
ومتى صنف مختصره
أنا في شوق إلى إفاداتكم
وجزاكم الله خيرا
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
متّعنا الله بأسماعنا وأبصارنا، وجعلها الوارثَ منّا.
جزاك الله خيرًا –شيخنا الفاضل- على لطيف إشاراتك وحصيف تنبيهاتك!
وقد كان ذلك تسمّحًا في اللفظ منّي لا يرتضى.. وكان القصد: الإشارة إلى الاتفاق بين كثير من تراجم الأبواب التي في مختصر مسلم وفي المنهاج.
وقد عَدَّ ابنُ ناصر النوويَّ في الطبقة التي تلي طبقة الزكيّ.
واحتمال استناد النوويّ إلى الزكيّ في وضع تراجم صحيح مسلم وارد.
ولكن، ما الذي يمنع احتمال اطّلاع الزكيّ على شرح النوويّ؟ فقد باشر الأوّلُ التأليف وعمره 25 سنة، أي عشر سنوات قبل وفاة الثاني. وهي مدّة كافية لإنجاز الكتاب (وفق الوتيرة المذهلة التي صنّف بها النوويُّ مؤلّفاته!)، وهي كافية أيضًا لانتشاره.
وهذه المسألة قد لا تكون ذات فائدة معتبرة، لاحتمال اعتمادهما في وضع تراجم صحيح مسلم على مصدر سابق؛ لكن لنتطرّق إليها على سبيل البحث والمدارسة. وهي تقتضي الجواب عن عدّة أسئلة:
_ متى فرغ النّووي من تصنيف شرحه لمسلم؟
_ متى فرغ المنذري من اختصاره لصحيح مسلم؟
_ هل اشتهر كتاب النووي وبلغ علماء مصر قبل وفاة المنذري؟
*** السؤال الأول له تعلّق بمؤلّفات النووي والقرائن الدالة على تاريخ فراغه من كلّ واحد منها، لأنني لم أهتد إلى ما يدلّ بلفظ صريح على تاريخ الفراغ من شرحه لصحيح مسلم. وعدم علمي بذلك لا يعني أنّه غير معلوم؛ لذا سأفتتح المدارسة بناءًا على ما أعلم.
يشير النووي في آخر "الأذكار" إلى أنه فرغ منه سنة 667.
ويشير في آخر "رياض الصالحين" إلى فراغه منه سنة 670.
وهو في شرحه لصحيح مسلم يحيل على الكتابين بلفظ ينمّ عن أنّه أتمّهما.
فهل يصح لنا استناج أنّه باشر شرح مسلم بعد عام 670؟
والجواب أنّ تينك القرينتين لا تقتضيان ضرورةً الجزم بأنّه ألّفه أو باشر تأليفه بعد تلك السنة، بالنظر إلى الاعتبار التالي:
وهو أنّ النووي يحيل في "الأذكار" و"رياض الصالحين" على شرحه لمسلم!
كما نجده في "التهذيب" يحيل على شرحه لمسلم، وفي شرحه لمسلم يحيل على "التهذيب"!
ويحيل في "التهذيب" على "الأذكار"، وفي "الأذكار" على "التهذيب"!
ويحيل في "الروضة" على "التهذيب"، وفي "التهذيب" على "الروضة"!
ويحيل في شرحه لصحيح مسلم على "الروضة"، وفيها على الشرح!
... إلى آخره.
وفي شرحه لصحيح مسلم (باب الأنفال/كتاب الجهاد) ما يؤكّد أنه لم يفرغ منه قبل سنة 674!
وفي "التهذيب" ما يؤكّد أنه لم يفرغ منه قبل عام 674!
وفي "الروضة" ما يؤكّد أنه لم يفرغ منه قبل سنة 673!
وهذا يعني أنّ النووي كان يتعهّد مصنفاته بالمراجعة والتنقيح والزيادة، وأنه ظلّ وفيًّا لهذا النهج إلى أن وافته المنيّة، رحمه الله.وهو أمر يصعّب محاولة الاهتداء إلى ترتيبها وفق التسلسل الزمني المرتبط بتاريخ الفراغ منها.
*** أمّا السؤال الثاني، فجوابه في مقدمة "مختصر سنن أبي داود" للمنذري، إذ يصرِّح فيها بإتمامه لمختصر مسلم، ويشير إلى أنّ الكتاب كان يدرّس في "الكاملية".
وتفيدنا المصادر أنّ المنذري تفرّغ للتأليف في العشرين سنة الأخيرة من عمره، وهذا يعني أنّ الفترة المشتركة بينه وبين النووي فيما يتعلّق بالتصنيف هي عشر سنوات.
ولكن إذا اعتبرنا أنّ المنذري كتب مقدمة المجتبى بعد فراغه من الكتاب، واستصحبنا أهمّيّة تعليقاته الحديثية وما تقتضيه من بحث وإدامة نظر، فإنّ هذا من شأنه أن يرجّح فراغه من مختصر مسلم قبل مباشرة النووي للتأليف.
*** وأمّا السؤال الثالث. فالجواب هو الإمكان.
ويشهد له ما كان بين "الأشرفية" و"الكاملية" من وشائج... لكن يعكِّر على هذا الشاهد افتراض العكس، وهو احتمال اشتهار "مختصر مسلم" ووصوله إلى دمشق! وقد كان المنذري أحد حفّاظ عصره... ويعكّر على هذا المعكّر أنّ النووي لا يشير في كتبه إلى المنذري إلا في موضع أو موضعين...
ويشهد له أيضًا ما حكي أنّ النّووي هَمَّ بغسل "الروضة" قبل وفاته بقليل وقال: "في نفسي منها أشياء"، فقيل له: "قد سارت بها الركبان".
ويشهد له أيضًا أنَّ المنذري كانت له عناية فائقة باقتناء الكتب ونَسخها. وهذا الشاهد لا يستقيم إلا إذا صحّ أنّ النووي فرغ من سرحه لصحيح مسلم قبل وفاة المنذري.
وكان في البال شاهد آخر، لكنّني عاجز عن استحضاره الآن... (ابتسامة)
وإذا تأمّلنا المسألة، علِمنا أنّ مدارها هو معرفة السابق من الشيخين إلى الفراغ من تأليفه.
بل لو توصّلنا في ذلك إلى دليل قطعي، واهتدينا إلى أنّ أحدهما وقف على كتاب الآخر، لما كان حجة للجزم بأنّه أخذ عنه تراجمه لأبواب صحيح مسلم، وذلك لاحتمال الاعتماد على مصدر سابق.
وتحديد المصدر السابق زمنًا مسألة تحتاج إلى تتبع ومقارنة لما وصلنا من شروح أو اختصارات لصحيح مسلم، وكذا مستخرج أبي نعيم.
والتشابه الذي بين تراجم النووي وتراجم المنذري تجده في كثير من الأحيان مخالفًا لما في المستخرج أو المفهم. وهذا يفتح الباب لعدة احتمالات، منها:
1_ أنّ النووي والمنذري اعتمدا على مصدر سابق، غير المستخرج؛ وقد يكون تحرير الإصفهاني.
2_ أنّ التشابه محض اتفاق، لأنّ مضامين بعض الأبواب تؤدّي لزامًا إلى وضع تراجم متشابهة. لكن يعكِّر عليه التطابق في اللفظ بين عدد من تراجم النووي ومثيلاتها لدى المنذري.
3_ أنّ المنذري لجأ إلى منهج النووي نفسه في وضع تراجم الأبواب، دون أن يطّلع على كتابه؛ إذ يقول النووي: "وقد ترجم جماعةٌ أبوابه بتراجم، بعضها جيِّدٌ؛ وبعضها ليسبجيِّد، إمَّا لقصور في عبارة الترجمة، وإمَّا لركاكة لفظها، وإمَّا لغير ذلك. وأنا، إنشاء الله، أحرص على التعبير عنها بعبارات تليق بها في موطنها". وهو منهج قائم على الانتقاء، والإضافة، وتوخّي استيعاب الترجمة للجامع بين أحاديث الباب.
4_ أنّ النووي اطَّلع على مختصر مسلم للمنذري، وانتقى من التراجم التي وضعها ما رآه موافقًا لمنهجه، فأثبتها كما هي أو تمّمها بما رآه مستوعبًا لجزئيات أخرى من أحاديث الباب أغفلها المنذري.
والمسألة تحتاج إلى تتبّع تامّ ومقارنة...
وما سبق ذكره لا يتضمّن جوابًا نهائيًا قاطعًا، بل مقدمات للبحث والمدارَسة، عساها تكون حافزًا لإثراء الموضوع...
ولك الشكر الجزيل شيخنا الفاضل "ابن السائح" على استدراكك. ونتمنّى أن تشفعه بإضافات تفيد في هذا الباب.
واعذرني إذ تأخّر جوابي، فقد تعرّض "الواصل الشابكي" عندي لاضطرابات وانقطاعات متعاقبة...
والله ولِيُّ التوفيق.
رد: منهج المنذري في "مختصر صحيح مسلم"
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وحي الله الأحبة الكرام.
حقيقي أخي الكريم.. المتتبع لمنهج هاذين الإمامين وماكانتهما العلمية.. وقدرتهما الفائقة على الإستقلالية التأليفية والاستنباطية.. يبعد جداً الظن بأن أحدهما قد اعتمد على الآخر أو حتى اقتبس منه واستفاد.
والمتطلع لصنيع الاثنين في مصنفاتهما يلمس هذا التميز والتفرد لكليهما.. ناهيك أن كتبهما منتشرة جداً مشهورة والمتطلع عليها يجد النفس التأليفي غير النفس.. مع بقاء الاتفاق على الغزارة والجودة والتحقيق.
كما أن المتتبع لتآليفهما رحمها الله يجد عدم التعرض الكبير لذكر بعضهما في كتبهما _ بل هو من النوادر بينهما _.. مع الشهادة الحقة الصادقة _ بإذن الله _ بأمانتهما وقدرتهما وصفاء نياتهما على أن يستفيد أحدهما من الآخر ويهضم حقه ويبخسه ولو حتى بالإشارة والإشادة.
هذا ما أحببت توضيحه مما جره الكلام بينكم.. فلم أكن قد اطلعت على الموضوع قبلاً.
والحمد لله رب العالمين
رد: منهج المنذري في "مختصر صحيح مسلم"
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
*** تنبيه:
في الطبعة التي بين يدي من "مختصر صحيح مسلم" للمنذري، بتحقيق الألباني (ص 13، الحديث رقم 17، باب: في الأمر بالإيمان والاستعاذة بالله عند وسوسة الشيطان):
"_ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلَّم: " لا يزال الناس يسألونكم عن العلم حتى يقولوا: هذا الله، فمن خلق الله؟" قال: "فبينا أنا في المسجد إذ جاءني ناس من الأعراب، فقالوا: يا أبا هريرة هذا الله فمن خلق الله؟ قال: فأخذ حصى بكفِّه فرماهم به، ثم قال: قوموا، قوموا، صدق خليلي صلّى الله عليه وسلّم."
والذي عند مسلم:
"_ عن أبي هريرة قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلَّم: "لا يزالون يسألونك يا أبا هريرة، حتىَّ يقولوا: "هذا الله، فمن خلق الله؟" قال: "فبينا أنا في المسجد، إذ جاءني ناسٌ مِن الأعراب فقالوا: "يا أبا هريرة! هذا الله، فمن خلق الله؟" قال: "فأخذ حصى بكفِّه فرماهم، ثم قال: قوموا، قوموا. صَدَق خليلي."
فهل الأمر كذلك في سائر طبعات مختصر مسلم؟ أم تمّ استدراكه؟
رد: منهج المنذري في "مختصر صحيح مسلم"
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الواحدي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
*** تنبيه:
في الطبعة التي بين يدي من "مختصر صحيح مسلم" للمنذري، بتحقيق الألباني (ص 13، الحديث رقم 17، باب: في الأمر بالإيمان والاستعاذة بالله عند وسوسة الشيطان):
"_ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلَّم: " لا يزال الناس يسألونكم عن العلم حتى يقولوا: هذا الله، فمن خلق الله؟" قال: "فبينا أنا في المسجد إذ جاءني ناس من الأعراب، فقالوا: يا أبا هريرة هذا الله فمن خلق الله؟ قال: فأخذ حصى بكفِّه فرماهم به، ثم قال: قوموا، قوموا، صدق خليلي صلّى الله عليه وسلّم."
هذا المتن مركب من متنين من صحيح مسلم (1/ 83/ الطبعة التركية):
الأول:
(رقم 135/ 215/ ترقيم عبد الباقي): حدثني عبد الوارث بن عبد الصمد قال: حدثني أبي عن جدي عن أيوب عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يزال الناس يسألونكم عن العلم حتى يقولوا هذا الله خلقنا فمن خلق الله قال وهو آخذ بيد رجل فقال صدق الله ورسوله قد سألني اثنان وهذا الثالث أو قال سألني واحد وهذا الثاني.
والآخر:
(رقم 135/ 216/ ترقيم عبد الباقي): وحدثني عبد الله بن الرومي حدثنا النضر بن محمد حدثنا عكرمة وهو ابن عمار حدثنا يحيى حدثنا أبو سلمة عن أبي هريرة قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزالون يسألونك يا أبا هريرة حتى يقولوا هذا الله فمن خلق الله قال فبينا أنا في المسجد إذ جاءني ناس من الأعراب فقالوا يا أبا هريرة هذا الله فمن خلق الله قال فأخذ حصى بكفه فرماهم ثم قال قوموا قوموا صدق خليلي.
/// إلا أن المنذري ساق المتن الأول (135/ 215) بعد الرواية المذكورة في المختصر، وفيه:
(17 ب)- عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يزال الناس يسألونكم عن العلم حتى يقولوا هذا الله خلقنا فمن خلق الله قال وهو آخذ بيد رجل فقال صدق الله ورسوله قد سألني اثنان وهذا الثالث أو قال سألني واحد وهذا الثاني.
/// وقد يمكن التثبت أكثر من أقدم نسخة من كتاب المنذري، وهي محفوظة في مكتبة الملك عبد العزيز بالرياض.
ينظر: http://www.al-madina.com/node/128192
رد: منهج المنذري في "مختصر صحيح مسلم"
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الواحدي
ولكن، ما الذي يمنع احتمال اطّلاع الزكيّ على شرح النوويّ؟ فقد باشر الأوّلُ التأليف وعمره 25 سنة، أي عشر سنوات قبل وفاة الثاني. وهي مدّة كافية لإنجاز الكتاب (وفق الوتيرة المذهلة التي صنّف بها النوويُّ مؤلّفاته!)، وهي كافية أيضًا لانتشاره.
بارك الله فيك شيخنا الفاضل
أرجو أن تتكرم بإحالتي على مصادر تدل عل ما سطرته
خاصة ما يتعلق بوفاة الأول قبل الثاني ؟ بعشر سنوات
وأظنه مصدرا مضنونا به على أهله : )
على أنه يظهر لي أنه وقع لكم قلب في تواريخ الرجلين أو أن الكلام عنهما بغير تعيين أدى إلى الإشكال لا يُحل حتى باستعمال اللف والنشر والقَشْر : )
وأرى أنه لا بد من قشر العشر
لأن المنذري مات قبل النووي بخمس وعشرين سنة
فمن أين جاءتنا العشر ونحن في أوائل العشر الأواخر من شوال
ابتسامة مع استسماحي إياك لأني باحثتك في فن أخشى أن تكون فيه مقاربا لأبي الفضل الأسيوطي : )
رد: منهج المنذري في "مختصر صحيح مسلم"
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الواحدي
_ متى فرغ المنذري من اختصاره لصحيح مسلم؟
بارك الله فيكم.
رد: منهج المنذري في "مختصر صحيح مسلم"
/// هلاَّ تأكد لنا الأخ الفاضل الأبياري من النص السابق من هذا المخطوط..
رد: منهج المنذري في "مختصر صحيح مسلم"
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابن السائح
بارك الله فيك شيخنا الفاضل
أرجو أن تتكرم بإحالتي على مصادر تدل عل ما سطرته
خاصة ما يتعلق بوفاة الأول قبل الثاني ؟ بعشر سنوات
وأظنه مصدرا مضنونا به على أهله : )
على أنه يظهر لي أنه وقع لكم قلب في تواريخ الرجلين أو أن الكلام عنهما بغير تعيين أدى إلى الإشكال لا يُحل حتى باستعمال اللف والنشر والقَشْر : )
وأرى أنه لا بد من قشر العشر
لأن المنذري مات قبل النووي بخمس وعشرين سنة
فمن أين جاءتنا العشر ونحن في أوائل العشر الأواخر من شوال
ابتسامة مع استسماحي إياك لأني باحثتك في فن أخشى أن تكون فيه مقاربا لأبي الفضل الأسيوطي : )
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
بل الذي أردتُه، حفظك الله، هو: "الثاني" بدل "الأوّل"؛ أي: " باشر الثاني التأليفَ وعمره 25 سنة، أي عشرَ سنوات قبل وفاة الأوّل." والسياق يوضح ذلك، إذ قلت بعد ذلك: " وهي مدّة كافية لإنجاز الكتاب (وفق الوتيرة المذهلة التي صنّف بها النوويُّ مؤلّفاته!)".
وكان محلّ اللفظين لقبان غير معروفين لهذين العلَمين، ثم عدلتُ عنهما في آخر لحظة خشية الالتباس، فطرأ الخطأ أثناء الاستبدال.
أمّا ما تفضّلت به من الإشارة إلى أنّ وفاة المنذري كانت قبل وفاة النووي بخمس وعشرين عامًا، فلم أجد لها تفسيرًا. ولعلّك تفيدنا بما يزيل الالتباس...
والذي وقفتُ عليه، على اشتهاره، هو وفاة المنذري سنة ست وخمسن وستمائة (656هـ)، ووفاة النووي سنة ست وسبعين وستمائة (676هـ). فالمدة الفارقة بين وفاة الرجلين هي 20 سنة، لا 25!
وأمّا "العَشر"، فعلّتها عملية حسابية خاطئة، بنيتها على الفرق بين وفاة المنذري وما ذُكر أنّه السن التي باشر فيها النووي التأليف. قبّح الله العجلة! وبمراجعتها يتبيّن أنّ النووي باشر التأليف في السنة التي توفي فيها المنذري، رحمهما الله. وهذا يُسقط كلَّ ما أوردتُه من احتمالات؛ وإن كنتُ أوردتُها من باب الافتراض الجدلي...
وأمّا أبو الفضل، رحمه الله، فله من الفضل ما لا يُنكَر، وكثير منّا عيال عليه؛ وإن قيل فيه ما قيل...
وأمّا المصادر، شيخنا المفضال، فيكفي أن تذكر ما استشكلتَه ممّا ورد لأبادر بإيراد مظانِّه.
جزاك الله خيرًا.
رد: منهج المنذري في "مختصر صحيح مسلم"
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إبراهام الأبياري
أحسن الله إليك أخانا "الأبياري"!
وما أوردتَه يسد باب الاحتمال والافتراض.
وإن كنتَ تملك صورةً عن المخطوط كاملا، فحبّذا لو تتحفنا بها. وإن آدك ذلك، فحبّذا لو تتأكّد لنا من عبارة "باب منه"؛ هل هي مطّردة قبل كل حديث أم لا؟ وحبّذا لو تراجع المشاركة رقم 15، وكذا مشاركة الأخ الفاضل الحمراني، فتفيدنا بما في المخطوط. بارك الله فيك.
وأذكِّر أنّ ما نحن فيه الآن إنّما وصلنا إليه استطرادًا، وكان أصل الموضوع: السؤال عن منهج المنذري في اختياره للأحاديث اختصارًا لصحيح مسلم.
جزاكم الله خيرًا.